اللقاء المباشر مع الامام احمد الحسن حول موجة الإلحاد التي غزت العالم - 18/12/2015
د. عبد الرزاق الديراوي : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مرحبا بكم اعزائي مشاهدي قناة المنقذ العالمي والتحية موصولة كذلك إلى الإخوة والأخوات المستمعين في غرف انصار الإمام المهدي ع في برنامج البالتلك. اسمحولي ان ارحب باسمكم واسمي بالسيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي في هذا اللقاء الخاص الذي يتناول مسائل الإلحاد التي خصص لها السيد أحمد الحسن كتابا منشورا بعنوان "وهم الإلحاد".
السلام عليكم سيدنا ورحمة الله وبركاته. قبل أن أبدأ بطرح الأسئلة أعطي الكلمة لكم سيدنا فتفضلوا.
الإمام أحمد الحسن ع : يا الله. بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حياكم الله د. عبدالرزاق الديراوي. ليس لدي شيء د.عبدالرزاق. نتوكل على الله واستمع إلى أسئلتكم إن شاء الله جزاكم الله خيرا
د.عبدالرزاق الديراوي : بسم الله الرحمن الرحيم. اذا سنبدأ بطرح الأسئلة إن شاء الله تعالى.
السؤال الأول: بدأت معركة الإيمان والإلحاد مع بدايات الوعي البشري وكان محورها دائما منطقة الغيب التي يحاول الايمان نقل الوعي اليها بينما يعمل الإلحاد على الحيلولة دون ذلك. في هذا التوصيف يمكن القول ان الإلحاد كان يخوض دائما معركة سهلة لا تكلفه سوى الإنكار الذي يمتلك رصيدا كبيرا في عقل وقلب الإنسان المنغمس في المادة، أما الإيمان فقد تمثلت خطته الأقوى بإثبات أن فهم هذا العالم المحسوس يقتضي منا افتراض حقائق ماورائية، لعل الإلحاد اليوم يسعى لإفشال هذه الخطة عبر محاولة تقديم تفسيرات مادية كاملة للكون والحياة. لا أدري ان كانت الصورة هي كما وصفتها ولكني أريد أن أسأل هل سيغير الإيمان أو يطور خطته لتشمل الدخول في منطقة يعتبرها غير المتدينين منطقتهم الخاصة وهل في كتاب وهم الإلحاد شيء من هذا؟ نستمع منكم الإجابة سيدنا .. تفضلوا
الإمام أحمد الحسن ع : حياكم الله. حقيقة الإيمان بوجود إله أو عدمه كلاهما يحتاج دليل اثبات .. يعني أقصد كلا الطرفين يحتاج دليل اثبات لما يتبناه من اعتقاد بوجود إله أو عدم وجود إله. اما ان كان الإنسان لا أدريا اي يقول أنه لا يعرف ان كان هناك إله ام لا فهكذا شخص لا يحتاج لدليل اثبات لعقيدته باعتبار أنه يعتقد بجهله بالواقع، ولكن أيضا يبقى بحاجة مناقشة ادلة الإثبات للجهل مقابلة له وبيان أنها غير كافية يعني يحتاج نقض ادلة اثبات وجود إله. وفي الحقيقة كان الإلحاد سابقا بمستوى اللاادرية اي بمعنى أنه ليس الحاد علمي ممنهج لديه طرح متكامل لإثبات عدم وجود إله وإنما فقط التركيز على نقض ادلة وجود إله وبطبيعة الحال يرافق ذلك مجموعة من الإشكالات على العدل الإلهي والكمال وما شابه من اشكالات على الدين عموما والكتب السماوية والأنبياء. ولهذا لم تكن هناك حاجة سابقا بالنسبة للخط الإيماني لأكثر من اثبات وجود الإله والرد على الإشكالات والنقوضات، أما اليوم فالأمر اختلف تماما، اليوم نحن نواجه الحاد علمي ممنهج بدقة عالية. فهناك اجابات هم يعتبرونها كافية للأسئلة الإنسانية الكبرى وبهذا ليس فقط بالنسبة لهم طبعا لا داعي لفرض وجود إله ـ كما ذكرت جنابكم ـ بل ان توفر هذه الإجابات، بالنسبة لهم طبعا، يثبت عدم وجود إله. يعني الأسئلة من قبيل ما هو مصدر الحياة على الأرض؟ كيف جاءت؟ وكيف تطورت وتعقدت وتنوعت؟ يوفر الإجابة عليها علم الأحياء التطوري وهو قادر على توفير اجابات علمية دقيقة خصوصا بعد تطور علم الجينات في الفترة الأخيرة.
أيضا الأسئلة من قبيل كيف ومن اين جاء الكون الجسماني الذي نعيش فيه؟ هناك إجابات لهكذا اسئلة يوفرها علم الفيزياء النظرية والكونية. فمثلا ميكانيك الكم في الفيزياء وخصوصا مبدأ الريبة او اللايقين لهايزنبرغ وهو مبدأ فيزيائي مشهور ومعروف وقد وقف ضده اينشتاين في وقته وقال مقولته المشهورة "الله لا يلعب النرد" ولكن هذا المبدأ الفيزيائي مثبت تجريبيا الآن وتبين أن اينشتاين مخطئ وغير مصيب في جدله في حينها. أقول أن هذا المبدأ الفيزيائي يقول أن الفراغ لا يمكن أن يكون خال تماما من اي تفاوتات كمومية لأنه لو كان كذلك، اي خال من التفاوتات الكمومية، فسيكون لدينا موضع حددت قيمته وسرعته وضبط على الصفر اي اصبحنا على علم ويقين بحال هذا الموضع في الكون وهذا يمثل انتهاكا لمبدأ اللايقين لهايزنبرغ الذي يقول أنه لا يمكن تحديد الموضع والسرعة او قيمة المجال ومعدل تغيره معا وبدقة لكم ما، فالنتيجة هي ان الفراغ الكوني الذي نعيش فيه مليء بالتفاوتات الكمومية وبالتالي يثبت أن الفراغ الكوني منتج لجسيمات من لاشيء ـ طبعا فيزيائيا وليس فلسفيا ـ وهذا الإثبات يكفي بالنسبة لبعض علماء الفيزياء الذي تبنوا الإلحاد طبعا للمجادلة بأنه لا يوجد اله لأن الكون نشا اصلا من حدث كمومي فإذا كانت الكموم تنتج من لاشيء اذن فالكون جاء من لاشيء .. هذه هي القضية التي يطرحونها ـ وحتى اكون واضح ـ فهذه القضية تمثل اخطر قضية واجهت الخط الإيماني إلى اليوم خصوصا أن من تبنوها اشخاص يشار لهم في هذا المجال أي في الفيزياء النظرية والفيزياء الكونية مثل ستيفن هوكنغ وستيفن واينبرغ وغيرهم كثير من علماء الفيزياء. طبعا يعزز هذه القضية بالنسبة لهم أيضا أن الكون الذي نعيش فيه طاقة انطلاقه فقط تسمح له بالإفلات من جاذبيته أي أن مجموع طاقته الكلية يساوي صفر، فطاقته الموجبة تساوي طاقته السالبة، وهذا معناه أنه لا يوجد شيء دخل للكون من خارجه ـ وطبعا هم حتى مسالة ضبط الثابت الكوني وضعوا اطروحات علمية لتفسيرها مثل فرض توفر احتمالات كثيرة لنشوء الكون حيث طرح هوكنغ نظرية أن الكون له بداية غير حدية أيضا هناك نظرية "ام" او الأوتار الفائقة ـ وعموما هم خلصوا إلى أن الكون الذي نعيش فيه مجرد نتاج تفاوتات كمومية في الفراغ وهكذا بحسبهم فقد وضعوا الإجابات الفيزيائية التي تفسر من اين جاء الكون دون الحاجة إلى فرض وجود إله وهي مدعمة بأدلة علمية ونتائج قياسات دقيقة بعض الأحيان. وهذه الإجابات العلمية كما تلاحظ هي في مستوى طرح بديل علمي للعلة على المستوى الأرضي والكوني، ولا يخفى على المستمعين الكرام أن اثبات وجود إله انما يدور حول كونه علة الوجود سواء الكوني او الأرضي فتحديد العلم للعلة على أنها ليست الله وإنما التفاوتات الكمية او الجاذبية على المستوى الكوني وكونها مركبات كيميائية على المستوى الأرضي ينهي بحسبهم اي مجال لفرض إله ويثبت عدم وجود إله. يعني هؤلاء العلماء الذي تبنوا الإلحاد العلمي امثال عالم الأحياء التطورية ريتشارد دوكنز او عالم الفيزياء النظرية ستيفن هوكنغ يريدون القول أن العلم مليء، ملأ الساحة واجاب على هذه الأسئلة الكبرى وبين العلل التي كانت مجهولة ولم يعد هناك فراغ يسمح لكم بحشر إلهكم فيه كعلة لحدوث شيء أو بدءه، هذا طبعا اضافة إلى أن الطرح الديني التقليدي الإسلامي والمسيحي واليهودي وكذا الأديان الشرقية الهندوسية وغيرها للبدايات سواء على المستوى الكوني أم الأرضي والإنساني يناقض الحقائق العلمية، مثلا الطرح الديني التقليدي يفترض أن الله صنع صنما طينيا ثم حوله إلى جسم انسان اسمه آدم، وهذا الطرح يناقض حقيقة علمية ثابتة اليوم وتدرس في كل الجامعات العريقة حول العالم وهي أن الإنسان الحديث الهوموسابينس هو نتاج تطوري لمليارات السنين، فالأمر بدأ بجزيء قابل لنسخ نفسه ثم خلية ثم خلية حقيقية النواة ثم اجسام متعددة الخلايا إلى أن وصل الأمر إلى الهومو بأنواعه ونحن الهوموسابينس عمرنا بحدود المئتي ألف عام فقط.
وحقيقة هذا الطرح العلمي سواء على مستوى الأحياء التطورية ام على مستوى الفيزياء النظرية والكونية فرض علينا المواجهة وبيان الحق خصوصا مع خلو الساحة من أي طرح علمي رصين يثبت وجود إله حيث أن اعتماد غالبية المتدينين او المؤمنين بوجود إله على رفض نظرية التطور والحقائق العلمية الأخرى المثبتة ليس سوى هروب من الحقيقة كما أن الاعتقاد بأن النص الديني لا يمكن أن يتوافق مع نظرية التطور هو اكبر هدية تقدم للملحدين حيث أنهم بكل بساطة يستطيعون اثبات أن التطور حقيقة علمية لا تقبل الشك.
وأعتقد أن المواجهة الفكرية والعلمية اليوم مع الإلحاد العلمي بمستوى يحتاج تدخل إلهي، لهذا كان ما قمت به من تصدي لهذه القضية التي تعتبر القضية الأولى للدين والإيمان واعتقد كتاب وهم الإلحاد قلب الطاولة على الإلحاد وإلى اليوم بعد مرور فترة طويلة هي اكثر من كافية فاني لم أجد أي رد من الملحدين على ما طرحته في كتاب وهم الإلحاد لإثبات وجود إله من نفس المسائل العلمية التي تبنوها.
لكم المايك د. عبدالرزاق.
د.عبدالرزاق الديرواي : نعم جزاكم الله خير سيدنا. سؤالي الآخر سيدنا، الإحصائيات تشير إلى أن عدد الملحدين أو أعداد الملحدين صارت تنافس أعداد أصحاب الديانات الكبرى. إلى ماذا ترجعون أسباب انتشار الإلحاد في مجتمعات هذا اليوم خصوصا المجتمعات العربية منها وما هو السبيل الأمثل لمواجهة الإلحاد والملحدين وانتشال المغرر بهم من مستنقعات الالحاد؟
اترك لكم الجواب سيدنا تفضلوا
الإمام أحمد الحسن ع : حياكم الله. أعتقد أن الفضول أو البحث عن إجابات مقنعة أكيد هو سبب رئيسي لانتشار أي فكر أو ثقافة أو سلوك في المجتمع الإنساني عموما. فالإنسانية وصلت إلى ما هي عليه اليوم من معارف وعلوم بسبب الفضول الإنساني. ولهذا أقول ربما أهم أسباب انتشار الإلحاد تعود إلى أن الإنسان بطبيعته كائن فضولي ويريد أن يعرف كل شيء ويبحث عن إجابات وإذا لم يقتنع بالإجابة يبقى في حالة بحث مستمرة. والدين أو رجال الدين إذا لم يقدموا الاجابات المقنعة والصحيحة والدقيقة للناس فكثيرون سيبحثون عن الإجابة الصحيحة والدقيقة والمقنعة في جهة اخرى.
واليوم العلوم الاساسية كالفيزياء والرياضيات والكيمياء والأحياء بعد أن تسببت بهذا التقدم العمراني والتكنولوجي والصحي الكبير اصبحت تتمتع بثقة عالية في المجتمع الإنساني ومع مستوى التعليم الأكاديمي المرتفع عموما ومع توفر شبكة المعلومات اصبح الحصول على المعلومات واستيعابها يسير جدا لمن يريد فعلا الوصول إلى المعلومة والحقيقة. يعني باختصار يمكن أن نقول أن سبب رئيسي للإلحاد هو عدم وجود إجابات صحيحة ومقنعة لدى رجال الدين حول القضايا العلمية المعاصرة المرتبطة بنشوء الكون أو ظهور الحياة وتطورها وصولا إلى ظهور الإنسان على كوكب الارض وأيضا اعتقادهم أن الدين يتنافى مع بعض الأمور التي أصبحت علميا تعد من مبادئ العلوم الأساسية، فبالنسبة لبعض رجال الدين ليت الأمر اقتصر على عدم وجود الإجابات بل إن مواجهة بعض رجال الدين للإلحاد العلمي هي مواجهة بائسة ومزرية ومخجلة حقيقة وهي سبب إلحاد كثيرين أيضا يعني كمثال يردون نظرية التطور المثبتة اليوم بأدلة علمية قطعية في علم الجينات بإشكالات تافهة حد الإسفاف، وهكذا طرح عندما يواجه به شخص مطلع على علم الأحياء التطوري سيجعله يشفق على حال من يواجهه به وما هو عليه من جهل وربما سيجعله يبتعد عن الدين والإيمان تماما. بل نستطيع أن نقول أن رجال الدين عندما يقولون إن الدين يتعارض مع نظرية التطور يقدمون ـ كما قلت ـ يقدمون أكبر هدية للمنظرين للإلحاد لأنهم يستطيعون اثبات أن نظرية التطور صحيحة ولا غبار عليها اليوم، وبالتالي يتوصلون إلى نتيجة أن ما يتعارض معها هو الباطل وفي حالتنا طبعا هو الدين ووجود إله.
أيضا أحد أسباب الإلحاد هو الطرح الديني المتناقض أو الركيك، الطرح العقائدي والطرح الإيماني والذي يستغله الملحدون للطعن بالدين ـ ولا أريد أن أدخل في هذا الموضوع لأنه واسع جدا ـ هذه الأمور طبعا تشمل الجميع.
أما المسلمون السنة بالخصوص سواء كانوا ناطقين باللغة العربية أم بأي لغة اخرى فأعتقد هناك سبب اضافي أيضا وهو ما فعله ويفعله السلفيون من جرائم، فهؤلاء دينهم قائم على تكفير وقتل وانتهاك حرمة من يخالفهم متى ما سنحت لهم الفرصة، وقد سنحت لهم الفرصة هذه الفترة، ولكن تحت مراقبة عدسات الكامرات المتوفرة في كل مكان والتي تنقل كل ما يفعلون من جرائم والعالم يشاهد هذه الجرائم ويشاهدهم أيضا وهم يبررونها بأنها من الإسلام السني أو جزء من قانون الإيمان عندهم باعتبار انها مستندة لنصوص أو لتصرفات الحكام الذين يقدسهم السنة، مثل احراق الإنسان وهو حي، فقد فعلها أبو بكر بالفجاءة السلمي وكررها السلفيون اليوم وطبعا هذا جعل كثيرون ينفرون من دينهم، فبعض السنة شكلت لهم هذه التصرفات صدمة لم يتمكنوا من استيعابها فتوجهوا أما إلى دين آخر أو للإلحاد وأخذوا يطعنون بالإسلام وبالقرآن وبالرسول ويتهمونه بهذه الجرائم.
أما بالنسبة لمواجهة الإلحاد فأعتقد الإلحاد العلمي قضية فكرية وعلمية وهي تحتاج لمواجهة فكرية وعلمية، وهذه هي القضية الأهم والمحورية والتي يجب التركيز عليها ـ يعني أقصد الإلحاد العلمي ومواجهته علميا ـ وطبعا لابد أن تكون المواجهة بعد تصحيح الأخطاء الموجودة لا بالإصرار عليها، وليس عيبا أن تتم مراجعة الموروث الديني وتدقيقه ونقده بإنصاف وحيادية علمية ولكن العيب أن يستمر الإنسان في اللجاج والعناد والمكابرة والإصرار على منهج متهرئ مليء بالتناقضات، وأعتقد أن معهد الدراسات العليا يمكنه العمل بهذا الاتجاه لتوعية الناس وتعريفهم بالحقائق كما هي ورفع مستواهم المعرفي عموما .. نعم.
أما بالنسبة للجهات التي تسيء للدين من خلال ارتكابها للجرائم باسم الدين، فأعتقد الحل هو بيان براءة الدين منهم ومن سلوكهم، وكذلك توضيح حقيقة المسائل التي ينسبونها للدين مثل كون بعضها غير صحيحة أو انهم اخطئوا بالتأويل أو ما شابه، وطبعا البراءة بتحديدهم وتشخيصهم بعقائدهم وبمنابعهم، فغير صحيح ترديد بعضهم هذه الأيام مقولة "الإرهاب لا دين له" فهذه مقولة خاطئة وغير صحيحة ولا يقبلها شخص يمتلك عقل ويمكنه التفكير ويحترم عقله، فالإرهاب اليوم له دين وعقيدة وهي السلفية الوهابية ومنبعها السعودية، وحتى يمكن أن نقول أن كل سلفي وهابي هو إرهابي أو مشروع إرهابي مستقبلي، وقد كررت هذا الأمر مرارا. فهذه هي حقيقة عقائدهم وفتاوى كبار علمائهم ولا يمكنهم التنصل منها، وقد قامت دعوة ابن عبد الوهاب على أن من يخالفون دينه الوهابي فهم مشركون وقد استحل هو وآل سعود قتالهم ودماءهم ويمكنكم الاطلاع على تاريخ نجد لابن غنام، مؤرخ الدين الوهابي المعروف والذي يستهل كتابه بتكفير المسلمين ويأخذ بتعداد البلدان الإسلامية بلدا بلدا، فيعدد القطيف والبحرين ومصر والموصل وبغداد ويتكلم عن عامة السنة على انهم مشركون لأنهم يزورون القبور، كقبر أبو حنيفة والزبير الخ.. هذا فضلا عن الشيعة الذين قامت الدعوة الوهابية على معاداتهم وعموما إذا كان بعضهم اليوم يريد تغيير منهجهم الإجرامي فعليهم أن يتبرؤوا من السلفية الوهابية ويقوم بطرح سلفية تفتي بتجريم انتهاك دماء المخالفين لهم.
انا أكتفي بهذا الكلام بخصوص السلفية الوهابية وجرائمهم، ولكن أعتقد الموضوع يحتاج حملات منظمة لتعرية إرهاب وإجرام الدين السلفي الوهابي الإرهابي عالميا حتى لا تختلط الأمور، ويعرف الناس في الغرب والشرق أن الدين السلفي الوهابي هو عبارة عن دين مبني على الجريمة والقتل والاعتداء على الآخرين، وأيضا حتى يتبين أن هؤلاء يمثلون المنهج السفياني الأموي المعادي للإسلام منذ اول يوم بعث فيه الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، في حين الإسلام الحقيقي متمثل بآل محمد فهم ورثة النبي محمد صلى الله عليه وآله نبي الإسلام. نعم ، لكم المايك.
د. عبدالرزاق الديرواي : جزاكم الله خير الجزاء سيدنا.
سؤالي الآخر سيدنا، هناك من يقول بأن إثبات وجود الله من خلال اثبات عجز علماء الأحياء عن تقديم تفسير لنشوء الحياة هو بمثابة لإثبات وجود إله يملا الثغرات التي ما أن يسدها العلم يوما حتى يختفي الإله المرتبط بها.
وهل المرور من خلال فكرة الإيثار الحقيقي المحايد غير المفسر ماديا لإثبات وجود ما هو غير مادي هو كذلك من قبيل إثبات إله الفراغات.
نسمع الجواب منكم سيدنا تفضلوا.
الإمام أحمد الحسن ع : حياكم الله.
فيما يخص فرضيات النشوء، ليس غايتي في كتاب وهم الإلحاد عندما قمت بمناقشة تفصيلية لفرضيات النشوء المطروحة هو رفض إمكانية النشوء، يعني نشوء الحياة، بل غاية ما اردت بيانه من مناقشتي لفرضيات النشوء هو بيان أنه لا توجد نظرية متكاملة وأيضا رددت على طرح بروفسور ريتشارد دوكنز في كتابه "صانع الساعات الأعمى" حول احتمالية حدوث النشوء رياضيا، وقد بينت بحسابات رياضية أنه أمر بعيد الحدوث بحسب الفرضيات المطروحة حاليا.
وقد ذكرت بوضوح في كتاب "وهم الإلحاد" بعد مناقشتي لفرضيات النشوء مباشرة أنه ليس غرضي من المناقشة هو رفض امكان نشوء الحياة فيما لو توفرت المادة والظروف والوقت.
أيضا شخصيا لم أعتبر عجز علماء الأحياء التطورية أو غيرهم عن تقديم نظرية نشوء متكاملة دليلا على وجود إله فهذا لم اقله اطلاقا، بل غاية ما قلت بهذا الصدد هو ان العجز عن تقديم نظرية نشوء متكاملة يبقي المجال مفتوحا، يعني يبقيه مفتوحا ـ لنا أو لغيرنا، لأي شخص ـ لفرض تدخل الغيب أو تدخل الإله ليفسر حدوث النشوء في موازاة تلك الفروض الصعبة، صعبة التحقق ! هذا كل ما قلته، وإذا كان شخص يقرأ كلامي ويفهم منه أن هذا هو دليلي في كتاب وهم الإلحاد على وجود إله فهو مخطئ.
أما إذا كان هناك شخص يريد أن يعرف الدليل الذي طرحته لإثبات وجود إله في كتاب "وهم الإلحاد" فيما يخص الحياة الأرضية، فالدليل هو أن التطور هادف، وقد فصلت هذا الدليل في كتاب "وهم الإلحاد" وبينت كيف أن التطور يهدف صنع آلة ذكاء فائق، لأن الذكاء هو افضل آلات البقاء وهو متفوق على كل الأسلحة، اسلحة البقاء البيولوجية الأخرى.
وملخص المسالة وحتى لا اطيل عليكم أنه طالما لدينا طفر جيني دائما في فترة ما من تاريخ التطور ـ تطور الحياة ـ لابد أن تنشأ خلايا تحسس وتتحسس المحيط، يعني تنشا خلية مثلا تتعرف على الضوء وأخرى على الصوت وأيضا اخرى تتعرف على الأجسام عند ملامستها ..الخ. وهذه المسالة حتمية، يعني لابد أن يصل لها التطور، طالما توفر الوقت الكافي لتأتي الطفرات الملائمة في البيئة الملائمة لتثبيت هذه الصفات في المجموعة الجينية. وأيضا طالما توفر لدينا الوقت الكافي فسيأتي الطفر الجيني بآلة تنظم عمل هذه المتحسسات مع بعضها البعض، وهذه الآلة هي آلة الذكاء، وطالما توفر لها الوقت الكافي فستستمر بالتطور ــ تقطيع بالصوت ـــ(ولن يوقف .. في النوع الى نوع ثاني ..الى من .. التكاثر فقط .. يرجع للكتاب ويطلع على التفصيل هناك).
أما ما يخص الإيثار الحقيقي المحايد، فقد ناقشته بالتفصيل في كتاب "وهم الإلحاد" وأيضا ليس غرضي من المناقشة وبيان الخطأ في آراء بروفيسور ريتشارد دوكنز هو اثبات أن هناك إله، لأن الإيثار الحقيقي المحايد لا يمكن تفسيره بيولوجيا أو حتى ثقافيا في الطبيعة، أبدا ليس هذا ما أردت ! وإنما فقط اردت بيان أن كل الأطروحات في تفسيره غير صائبة بما فيها أطروحة الميمات التي طرحها دوكنز في كتابه وبالنسبة لي هذا القدر يكفيني، اي كون الإيثار المحايد عصي على التفسير سواء في البيولوجيا التطورية أو البيولوجيا الاجتماعية، وبهذا فتحت المجال لفرض دخول شيء آخر في المعادلة خارج حدود المادة، اي فتحت المجال للفرض الغيبي أو باختصار فرض دخول النفس الآدمية، فهذا الفرض اصبح من حقنا لأننا اثبتنا استحالة التفسير المادي للإيثار الحقيقي المحايد. ولم أكتف بكون الفرض أصبح متاحا بل قدمت بعد ذلك ما يؤيد الفرض الذي طرحناه ويرجحه على أنه المفسر لمسألة الإيثار الحقيقي وكان ذلك بمناقشة الثقافة الإنسانية في بداياتها، والثقافة السومرية بالخصوص، وهي ثقافة ويغطي الدين جزء واسع منها، والرقم الطينية السومرية أكدت ان ثقافتهم وتطورها وسلوكهم الأخلاقي الإيثاري سببه التدخل الإلهي والدين. فنحن اذن لدينا ما سطره وقاله السومريون في رقمهم الطينية عن مصدر ثقافتهم وقفزتهم الحضارية والثقافية غير المسبوقة.
طبعا من يريد أن ينظر لما سطره السومريون على أنه خالي من اي قيمة واقعية وغير حقيقي وأنه محض تخيلات وأوهام فهذا شأنه ! ولكننا لا نقبل أن ننظر لشعب علم الإنسانية الكتابة وأسس التمدن والتكنولوجيا والرياضيات بهذه النظرة الساذجة المشحونة بالتكبر والتعالي.
نعم. لكم المايك
د.عبدالرزاق الديراوي : نعم جزاكم الله خير الجزاء. حقيقة بخصوص فكرة إله الثغرات كنا ننقض حجتهم في هذا الخصوص وربما واضح بالنسبة للجميع بأنها أصبحت لازمة يرددونها دائما ..
سؤالي الرابع: بقدر ما يحاول كتاب "وهم الإلحاد" تقويض التوظيف الايديولوجي الخاطئ للنظرية العلمية بقدر ما يهتم بإثبات النظرية العلمية نفسها، ولعل عنوان الكتاب الذي يتألف من جزئين نقضي هو وهم الالحاد وإثباتي هو آيات الربوبية في الكون يشير الى ذلك.
السؤال هل كان الاهتمام بتقديم إثباتات النظرية العلمية، نظرية التطور خاصة، سببه الرفض الذي تواجهه خاصة في العالم الاسلامي أم أن هناك أسبابا أخرى، خاصة أن تفسير بعض الآيات الواردة في الكتاب يصبح واضحا جدا على ضوء مقولات النظرية العلمية وهنا أيضا أريد أن اتفرع بخصوص الآيات المشار إليها فأقول : هناك من المتصيدين من يحاول انتقاد الكتاب ـ كتاب وهم الإلحاد ـ بدعوى أن هذه التفاسير لا تلزم الملحدين. فبماذا تجيبونه؟ اترك لكم المايك سيدنا تفضلوا
الإمام أحمد الحسن ع : حياكم الله.
بالنسبة لنظرية التطور، هناك من لايزال يرفضها لأسباب دينية، فقط لأسباب دينية لا غير، في كل العالم وليس في العالم الإسلامي والعربي فقط. وقد ذكرت بعض أدلة التطور في الكتاب لأني اعتقد أن الناس، كل الناس، تستحق أن تعرف الحقيقة كما هي، ومن لازالوا يرفضون التطور فهم مخطئون وعليهم مراجعة أنفسهم وزيادة اطلاعهم لأن التطور الآن أصبح حقيقة علمية لا غبار على صحتها خصوصا بعد ظهور علم الجينات وتطوره، فالأدلة الجينية على صحة التطور واضحة وجلية وهي بمثابة صور أو تسجيلات فيديوية تثبت أن السلف المشترك، تثبت أن السلف مشترك بين الإنسان وبقية الكائنات الحية سواء القردة العليا التي يصنف الإنسان على أنه منها أم غيرها من الحيوانات والنباتات، والأدلة بازدياد مستمر. والجينات كما تعلمون هي خريطة تنفيذ جسم الكائن الحي، يعني جينات الكائن الحي تحمل صورة مطابقة له داخليا وخارجيا مائة بالمائة وبالتالي الأدلة الجينية هي بمثابة صور وفيديويات، وكمثال توضيحي من الأدلة الجينية قد ذكرت في كتاب "وهم الإلحاد" الريتافيرس بمثابة صور للسلف المشترك ـ يعني كتقريب، كأن لدينا صور سلف الانسان قبل ستة ملايين سنة وصور سلف الشمبانزي والبونوبو قبل ستة ملايين سنة أيضا وعندما طابقنا الصور وجدنا أن هذا الشخص نفسه هو جد وسلف الإنسان وجد وسلف الشمبانزي والبونوبو ـ.
أحبتي لم يعد هناك مجال لإنكار السلف المشترك والتطور عموما، فما وصلت له الجامعات ومراكز البحوث، ما وصلنا له اليوم في إثبات نظرية التطور وصحتها هو تماما ما تم الوصول إليه عندما صعد رواد الفضاء وقاموا بالتقاط صور للأرض وهي تدور في الفضاء حول نفسها وحول الشمس كي يحسم ملف جدل بعض علماء الدين في حينها حول مسالة دوران الأرض حول الشمس، ومع هذا فقد اصر وعاند بعض الجهلة، فالأمر لم يحسم لدى علماء الوهابية رغم تلك الصور وبقوا يعتقدون بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض وأنتم تضحكون منهم ومن سفاهتهم ! فابن عثيمين مثلا قال الشمس تدور على الأرض وأن اختلاف الليل والنهار ليس بسبب دوران الأرض ولكنه بسبب دوران الشمس حول الأرض، وابن باز قال هذا أيضا.
الآن من يعتقد أن التطور غير صحيح حاله ليس بأحسن من حال علماء الوهابية السلفية الذين يعتقدون أن الشمس تدور حول الأرض رغم الصور التي التقطت من الفضاء للأرض وهي تدور حول الشمس !.
أنا ارجو من الذي يتصورون أن التطور غير صحيح مراجعة أنفسهم والإطلاع اكثر وقراءة الأدلة العلمية، وليس عيبا أن تصحح افكارك وعقائدك إن كنت على خطأ لكن العيب والعار أن تبقى ترتع في الجهل والعناد وترفض العلم والمعرفة.
أحبتي مسألة التطور مسألة حتمية، طالما هناك تمايز بين الأفراد تفرضه جيناتهم وطالما هناك تكاثر وطالما هناك طبيعة لها قوانين صارمة لا تسمح للأجسام او للأفراد الذين لا يتلاءمون معها بالتكاثر والازدهار وتمرير جيناتهم للأجيال اللاحقة، وهذه الأمور الثلاثة لم تخل منها الحياة على الأرض يوما لا في الماضي ولا في الحاضر. فالتطور مسألة حتمية حدثت في الماضي وهي تحدث اليوم أيضا، ومن لا يرغبون بالبحث فيكفيهم أن كل الجامعات ومراكز البحوث العريقة والتي لها تصنيف علمي عالي ومحترم حول العالم يعتبرون التطور المفسر الوحيد للحياة وتنوعها على الأرض.
اما الآيات، أنت لم تذكر الآيات، ربما تقصد قوله تعالى في سورة نوح (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) نوح:14 – 17 والآيات التي ذكرتها في كتاب "وهم الإلحاد" بهذا الخصوص، وهذه الآيات واضحة في دلالتها على التطور فهي تتكلم عن الخلق وتقول أنه لم يأت دفعة واحدة بل مر بأطوار. فالكلام واضح في الآية (قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا)، أيضا قوله تعالى (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا)، طبعا الكلام عن خلق الإنسان، واضح أن الآية تقول أنتم عبارة عن بذرة بذرت في هذه الأرض ونبتت وأنتجت وهذه البذرة ممكن أن نقول أنها الجينات او الخريطة الجينية التي تطورت حتى أصبحت تنتج اجسامنا عندما تنفذ في هذه الأرض. هذه الآيات تكاد تكون واضحة الدلالة على المعاني التي طرحتها، وأعتقد هناك أناس عقلاء منصفين يستطيعون الانتفاع منها لمعرفة احقية القرآن وأحقية الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، أما كون الملحدين أو غيرهم لا يقبلون أو يرفضون هذا التفسير لهذه الكلمات الواضحة ـ على الأقل بالنسبة لي ولكل عاقل لا (يجيد) العناد ـ فهذا أمر يخصهم، ولست ألزمهم القبول أو أفرض عليهم قبول المعنى الذي طرحته وأنا في غنى عن هذا ! يعني إذا كان القصد إثبات وجود الإله فقد بينت وطرحت أدلة واضحة وجلية لإثبات وجود الإله ومنها دليل أن التطور هادف وهو دليل جلي وواضح، فلا داعي للذهاب يمينا وشمالا فليردوا الدليل إن كان لديهم رد !
نعم . لكم المايك
د.عبدالرزاق الديراوي : نعم، جزاكم الله خيرا سيدنا.
سؤال آخر أيضا، من التحديات التي تواجه نظرية التطور، بحسب البعض، ما يسمى بلغز الأحافير الكامبرية أو العصر الكامبري الذي يمثل لحظة انفجار قياسا بما سبقه؛ فالحيوانات فيه يظهر كما لو أنها لم تتطور عن سلف سابق اي أننا امام ما يشبه ظهور مفاجئ لحيوانات معقدة لم نكتشف أسلافا لها. إذن هناك أسئلة لم تجب عنها نظرية التطور وهناك نقص في السجل الأحفوري قد يجعلنا غير مطمئنين لما تقوله النظرية، وأنا هنا أعبر عن وجهة نظر من يقولون أن هذا الأمر يمثل معضلة.
إذن اسمع منكم الجواب سيدنا، تفضلوا.
الإمام أحمد الحسن ع : يا الله. حياكم الله.
أبدا لا تحدي ولا شيء! ومعظم من يطرحون اشكال العصر الكامبري لإبطال التطور هم أصلا لا يعرفون شيء عن التطور وكيف يحدث وسرعته وبطأه وآلياته .. الخ. بالنسبة للعصر الكامبري هو عصر جيولوجي سبق ظهور الحيوانات البرية .. نعم، ما قلته أن العصر الكامبري هو عصر جيولوجي وقد امتد فترة عشرات ملايين السنين، وعشرات ملايين السنين هي أكثر من كافية لتنقرض آلاف الأنواع وتمتلئ الكرة الأرضية بآلاف الأنواع الأخرى؛ هذا هو ما حصل في الكامبري، فالأمر أن هناك حياة سبقت الانفجار الكامبري وكائنات الكامبري تطورت منها. نعم صحيح أن هناك متحجرات كثيرة وصلتنا تكشف تعقيد وتنوع احيائي في الإنفجار الكامبري حصل بسرعة ملحوظة جدا مقارنة بما سبقه من خمول في التنويع والتعقيد الحيواني. ولكن هناك نظريات وضعت في علم الأحياء التطوري لتفسير السرعة في تاريخ التطور عموما وليس فقط الإنفجار الكامبري، وقد ناقشت هذا الأمر في كتاب "وهم الإلحاد" تحت عنوان "الخريطة الجينية وقانونية عملها" وكذلك في موضوع "عدم ثبات سرعة التطور" وقد بينت أن الانتخاب الطبيعي لوحده غير كافي لتفسير هذا التغير في سرعة التطور. ولهذا ناقشت قانونية الخريطة الجينية ويمكنكم مراجعة التفصيل في كتاب "وهم الإلحاد".
فعموما سرعة التطور غير ثابتة والمسألة غير مقتصرة على الكامبري بل هناك مراحل كان فيها التطور سريعا وهناك مراحل كان فيها التطور بطيئا، وأيضا هذا التغير في سرعة التطور يمكن أن يفسر النقص في السجل الجيولوجي بالنسبة لعلماء التطور، السجل الأحفوري، لأن حركة التطور بسرعة عالية بمقاييس التطور يجعل مسألة الحصول على متحجرات انتقالية صعبة والسبب هو قصر الفترة الزمنية التي عاشت ووجدت فيها الكائنات الانتقالية بالمقياس الجيولوجي. وطبعا هذا الموضوع مرتبط بموضوع آخر طرحته في كتاب "وهم الإلحاد" وهو توفر الخريطة الجينية على قانون داخلي، فالأمر يعطينا دلالة واضحة على قانونية الخريطة الجينية لأن تغير السرعة في التطور أكيد أنه محكوم بقدر كبير بالطفر الجيني، وبالتالي فبما أن التطور متغير السرعة فإذن سرعة الطفر حتما متغيرة خلال مسير التطور، وهي متسارعة وسريعة في فترات معينة ـ أقصد الفترات الانتقالية بين الأنواع بالذات أو فترات التنويع ـ ، وهذا يضع علامة استفهام كبيرة وبالنسبة لي فقد طرحت تعليلا منطقيا لها وهو أن الكروموسومات يحكمها قانون يحدد سرعة طفرها وبمعنى أكثر وضوح أن الخريطة الجينية مقننة، ولهذا السبب فـهي تنتج طفرا كثيرا جدا وباتجاه معين في فترة زمنية معينة بحيث تضغط على مسير التطور فيها وتجعله يتسارع ومن ثم يسير بسرعة عالية حتى يصل إلى هدف محدد في فترة زمنية معينة من التطور، ويمكن أن نقول نوع أو أنواع جديدة ثم تعود سرعة الطفر إلى السكون أو السرعة البطيئة جدا ويعود معها التطور لأنه يعتمد عليها فبدون طفر جيني لا يوجد تطور. ولعل المثال المتطرف هنا ليس العصر الكامبري أو الإنفجار الكامبري بل ربما هو تطور دماغ الإنسان في ملايين السنين الأخيرة؛ والتعليل المنطقي لزيادة سرعة الطفر باتجاه زيادة حجم الدماغ عند الإنسان أو الهومو في ملايين السنين القليلة الأخيرة هو أن الطفر مقنن وهادف ومعتمد على قانون داخلي للخريطة الجينية وليس عشوائيا تماما أو معتمد على أسباب عشوائية فقط كالخطأ في النسخ الجيني والقصف الإشعاعي الكوني.
طبعا من يرغب بالإطلاع على التفصيل بخصوص سرعة التطور وآراء علماء التطور وما طرحته في كتاب "وهم الإلحاد" حول الموضوع فسيجد عند الرجوع للكتاب تفصيل وشرح أوسع إن شاء الله.
لكم المايك.
د.عبدالرزاق الديراوي : جزاكم الله خير الجزاء.
سؤالي الآخر، هناك من يقول بأن الأدلة والإثباتات التي قدمها التطوريون يمكن أن نستنتج منها وجود تطور صغروي أي تطور بعض الأجزاء أو الأعضاء أو تكيفها لتلائم (واقع) بيئي معين، ولكننا ـ والقول لهم ـ لا نستطيع أن نستدل منها على وجود تطور كبروي أو انتواع خاصة ونحن لا نشاهد هكذا تطور.
بماذا تجيبون هذا القول سيدنا، تفضلوا.
الإمام أحمد الحسن ع : يا الله.
هذا الكلام غير صحيح فالأدلة كلها تبين حدوث التطور وحدوث الانتواع؛ وكمثال الأدلة الجينية فهي أدلة تربط بين أنواع مختلفة فكيف يقول شخص أن الأدلة على التطور ليست بصدد اثبات حدوث الانتواع، يعني كلام بلا معنى ! هي أدلة التطور هي أدلة الانتواع.
الانتواع أو التنويع هو تحصيل حاصل لحدوث التطور داخل حدود النوع الواحد، المسألة مجرد مسألة وقت فقط. نحن لدينا طفر جيني وفيما إذا أضفنا له التكاثر والانتخاب الطبيعي فالنتيجة أنه سيؤدي إلى التمايز بين الأفراد لأنه يؤدي إلى ظهور صفات جديدة مميزة للكائن الحي مثل اختلاف في الحجم والطول والعرض والشكل ووجود الشعر في مكان واختفاؤه من مكان آخر والأنياب والمخالب .. الخ؛ ومع مرور الوقت تترسخ وتكبر هذه الاختلافات كنتيجة حتمية لتراكمها ومنطقيا وحتى بدون اللجوء إلى أي أدلة أخرى فانه مع مرور فترة زمنية كافية لتراكم الصفات والميزات الجديدة سيظهر لدينا نوع جديد. فمسألة كون التطور بحدود نفس النوع أو خارج حدود النوع هي مسألة وقت، يعني فقط توفر الوقت الكافي لتراكم الاختلافات حتى يصنف الكائن الحي في علم الأحياء على أنه نوع جديد. وحقيقة أنا بينت في كتاب "وهم الإلحاد" أن من يطرح أن التطور يتوقف بحدود النوع الواحد أو الفصيلة الواحدة هو المطالب بتقديم الدليل. فمن يقبل أن هناك إعادة تشكيل وهيكلة للكائن الحي مستمرة تبعا لمحيطه، بحيث أن هذه الهيكلة وإعادة التشكيل مسؤولة عن تمايز الدب القطبي ودب الشمس مع الاختلاف الفاحش بينهما شكلا وحجما ووزنا ولونا وفي نوع الغداء والأيض، ولكنه يرفض أن تصل إعادة التشكيل والهيكلة إلى حد التمايز الذي يجعلهما فصيلتين مختلفتين مثلا، فهكذا شخص يحتاج أن يقدم دليل على فرضه العبثي هذا لأن التنويع أو الانتواع والتصنيف هو تحصيل حاصل لتراكم إعادة التشكيل والهيكلة في الطبيعة، فهي عملية تعتمد على الطفر الجيني والطفر الجيني في الطبيعة قابل لتشكيل الأنواع والأجناس والفصائل نظريا عندما يتوفر له الوقت الكافي.
نعم، لكم المايك.
د.عبدالرزاق الديراوي : يمكن تصوير واحدة من مجادلات كتاب "وهم الإلحاد" من النحو الاتي : عاش الهوموسابينس سنين طويلة تقدر بعشرات الآلاف بمستوى من الوعي والحضارة لا يخرج عن حد البدائية ثم فجأة نقف مع السومريين وأسلافهم أمام ما يشبه المعجزة المعرفية، الأمر الذي يتعذر تفسيره ما لم نفترض دخول عنصر غير مادي في معادلة الوعي: هو عنصر الدين أو الاتصال بالسماء، ويقوي هذا أمور منها أن هذه الفترة التأريخية توافق تماما زمن النبوات ومنها إن المنطقة التي شهدت الطفرة المعرفية هي نفسها المنطقة التي عاش فيها الأنبياء، ومنها أخيرا وليس آخرا أن المضمون الديني يشكل واحدا من أهم مضامين الحضارة السومرية؛ هنا قد يتوجه الاشكال الآتي : إن هناك مضامين وصلتنا لا تتفق مع أهم المقولات الدينية وهي مقولة التوحيد وكذلك لم تكن الحضارة السومرية متفردة فهناك حضارات موازية كما يذهب بعض المؤرخين في الأقل كالحضارة الهندية والحضارة الصينية والحضارة المصرية، ووجود مثل هذه الحضارات إذا تعذر تفسيره بما فسر به المثال السومري فسيكون دالا على أن هناك تدرجا في الوعي وبدايات لم تصلنا، والأمر بالنتيجة مفسر ماديا ولا داعي لافتراض تدخل سماوي.
إذا لم أكن واهما في بعض أو كل هذا الذي قلته فما قولكم فيه سيدنا تفضلوا.
الإمام أحمد الحسن ع : يا الله. حياكم الله.
بالنسبة للتوحيد بمعنى الاعتقاد بلاهوت مطلق واحد يأله له الخلق لا يمكن الجزم بأن السومريين لا يعتقدون بهذا بناء على بعض النصوص التي أوردتنا منهم لأكثر من سبب، فمثلا ما وصلنا يمكن فهم بعضه بطريقة أخرى بمعنى أن اللاهوت والربوبية يمكن أن نفهمها بالمعنى الاشتقاقي الذي بينته في كتاب التوحيد، وبهذا لا محذور أن تنسب هذه الصفات للمخلوق. أيضا كل نص وصلنا فأكيد أنه كتب في فترة زمنية معينة ويمكن أن تكون تلك الفترة شهدت انحرافا عقائديا، وهم بهذا يسطرون عقيدتهم هم في تلك الفترة وليس العقيدة السومرية الأصلية، وهذا أمر وارد جدا في مسيرة الدين عموما.
أما الحضارات الأخرى كالحضارة الهندية والصينية والمصرية فهي كلها متأخرة عن الحضارة السومرية، وأيضا سكان تلك الحضارات كلهم منحدرون عن منطقة السومريين الأوائل، وهذا الأمر ثابت بحسب فحوصات جينية في مشروع الجينوم العالمي، وقد وضعت خريطة الهجرة الانسانية الأولى في كتاب "وهم الإلحاد" ويمكنكم الرجوع لها.
وطبعا الحضارة السومرية كما بينت في كتاب "وهم الإلحاد" هي أقدم مما وصلنا بكثير، وسبب عدم عثورنا على الحضارة السومرية الأولى هو أنها كانت معتمدة على القصب، كما بينت النصوص بخصوص سفينة نوح أو أوتونبشتم أو زيوسودرا السومري. كما أن هذه الحضارة قد غمرت بالمياه عندما امتلئ الوادي الخصب الذي كان يعيش فيه السومريون الأوائل وتحول إلى الخليج الحالي. والسومريون في كتاباتهم التي وصلتنا تكلموا كثيرا عن أسلافهم السومريين الأوائل الذين كانوا يقطنون الوادي الخصب أو الخليج الحالي، وهم كما في الرقم الطينية يفتخرون بأسلافهم السومريين الأوائل وبحضارتهم وقيمهم الأخلاقية العليا وأكيد أن كتابات السومريين في رقمهم الطينية تمثل دليلا على وجود الحضارة السومرية المفقودة بالطوفان الذي غمر الوادي الخصب وأنشأ الخليج الحالي. وفي كتاب "وهم الإلحاد" ناقشت مؤشرات الطفرة في الادراك والفكر بالنسبة للسومريين مقارنة مع حال الهوموسابينس قبلهم، فالذي وصلنا من الحضارة السومرية من جهة المعايير الاخلاقية والسلوك الاجتماعي المنظم والأدب والإنتاج الصناعي والعلمي يؤشر حتما طفرة حضارية وثقافية بالنسبة للتاريخ الذي سبقهم وبالنتيجة نخلص إلى أن هناك طفرة في الفكر والإدراك لدى السومريين. وطبعا لا يمكن تحديد متى بدأت علميا بدقة ولكن يمكننا أن نقول وبثقة أنها بدأت من عند الأسلاف الذين ذكرهم السومريون وأنها امتداد لحضارة أولئك الأسلاف المفقودة.
وبالنسبة للنتيجة التي نريد الوصول لها هو أن هذه الطفرة الحضارية والثقافية تشير إلى أن هناك شيئا جديدا دخل في معادلة الهوموسابينس أدى إلى تغييره جذريا من كائن بدائي تسيطر عليه أنانية البقاء الجينية إلى إنسان واعي يحاول أن يكون إيثاريا مع الآخرين وحول رغبته في البقاء إلى رغبة في الخلود في عالم آخر مثالي وخال من الشر وممتلئ بالخير والأخلاق الطيبة كما نقرأ في ملحمة جلجامش.
لكم المايك.
د.عبدالرزاق الديراوي : نعم جزاكم الله خير الجزاء سيدنا.
سؤال آخر أيضا: يبني الملحدون قضيتهم على اساس أن القدرة التي يوفرها العلم على تفسير العالم وفق القوانين الكامنة فيه ودون الحاجة إلى افتراض وجود تدخل الهي مباشر يعني ـ بحسبهم ـ أن الله غير موجود، أو أننا لسنا بحاجة لافتراض وجوده. فهل هذه النتيجة منطقية وهل نحن مضطرون لتبني قضية مقابلة فنحاول إثبات أن هناك ثغرات في العلم لا يسدها سوى افتراض تدخل الهي لا يمر بالأسباب أو لا يعتمد على فكرة القوانين.
نسمع منكم الجواب سيدنا تفضلوا.
الإمام أحمد الحسن ع : حياكم الله.
استقراء واستنباط القوانين التي ينطوي عليها العالم أو تفسير العالم الذي نعيش فيه وفق قوانين علمية لا يعني بحال أننا نستغني عن البحث عن البدايات والأهداف؛ فوجود بدايات مفتوحة يدفعنا للبحث عما ورائها، ووجود اهداف تدفعنا للبحث عما ورائها وهي بالنتيجة توصلنا للأدلة على وجود الإله. وهذا هو ما بحثته في كتاب "وهم الإلحاد"، فأثبتت بحدود الحياة أن التطور هادف وهذا دليل واضح على ضرورة وجود اله وراء الهدف، وأيضا أثبتت فيما يخص الكون ككل أن الأمر بالنهاية يصل إلى الإله. وقد بينت بوضوح وبالأدلة العلمية أن النتائج التي توصل لها المنظرون للإلحاد العلمي غير صحيحة. قد جاهد ريتشارد دوكنز في أكثر من كتاب لبيان عدم وجود هدف وراء التطور ولكن في كتاب "وهم الإلحاد" أثبتت بصورة دقيقة وجود الهدف من التطور وبالتالي يثبت وجود الإله تبعا لاثبات الهدف.
أيضا بينت نقاط الضعف والأخطاء التي وقع فيها علماء الفيزياء الذين نظروا للإلحاد من أمثال هوكنغ، وأثبتت أنهم لم يتمكنوا من سد ثغرة البداية ومن ثم أثبتت وجود الإله بالدليل، وهم باختصار شديد اعتمدوا أولا على أن الكون طاقته صفر وهذا امر ثبت بالقياس وهذا يعني أن الكون ككل يساوي لا شيء حيث لم يدخل للكون شيء من خارجه وهذا معناه ـ بحسبهم ـ أنه لا داعي لفرض اي شيء غير الكون، اي الإله مثلا ـ حسبهم لا داعي لفرض الإله ـ لأنه أصلا لا يوجد شيء دخل للكون. ثم إنهم استفادوا من مبدأ اللايقين لهايزنبرغ على أن الفضاء مليء بالتفاوتات الكمومية التي تظهر من لا شيء، وبالتالي فبما أن الكون بدأ كحدث كمومي أو كحدث كمي فهو لا يحتاج احد ليبدأه، وخصوصا بعد أن فسر ستيفن هوكنغ قضية ضبط الثابت الكوني بكثرة الاحتمالات التي يتيحها كون له بداية غير حدية، عندما افترض أن الكون في بدايته الكمية عبارة عن فضاء من أربعة أبعاد مكانية بدل ثلاثة أبعاد مكانية وبعد زمان كما في نظرية اينشتاين النسبية العامة وكما هو الواقع الذي نعيشه الآن ـ يعني حياتنا ـ لكن الرجوع للبدايات، بدايات الكون، المستوى الكمي يكون أربع أبعاد مكانية. فنظرية هوكنغ تقول أننا كلما عدنا إلى بداية الكون، إلى المستوى الكمي، المستوى الدقيق جدا ـ نقول المستوى الكمي، ربما البعض لا ادري .. هي المصطلحات الفيزيائية .. المستوى الكمي بمعنى مستوى اللبتونات مثلا أو الكواركات .. أو الإلكترونات ربما الأكثرية يعرفون، يفهمون الإلكترون ـ فإن بعد الزمان عندما نعود إلى المستوى الكمي، عندما نعود في بداية الكون ـ بداية الكون هي في المستوى الكمي ـ فإن بعد الزمان يختفي، كلام هوكنغ هكذا، يقول بعد الزمان يختفي ويصبح بعدا مكانيا آخر، يأتينا عوض عن الزمان بعد مكاني يضاف للأبعاد المكانية الثلاثة الأخرى .. وطبعا هو يؤيد نظريته بالرياضيات، وعندما لا يكون هناك زمان في بداية الكون كذلك يصبح السؤال عن الماضي ـ بحسبه ـ قبل البداية بلا معنى! كما يصبح الكون مستغنيا بذاته ومعتمدا على الاحتمالات الواردة من داخله. وهكذا قام بحل اشكالية ضبط الثابت الكوني ومشكلة انهيار قوانين الفيزياء عند نقطة التفرد المفترضة بحسب نظرية الانفجار العظيم. وأصبحت لديه بداية كونية تعمل عندها قوانين الفيزياء كميكانيك الكم، وفي نفس الوقت تخلص هوكنغ ـ كما يتصور هو ـ من السؤال الملح : ماذا كان قبل الكون؟ أو من الذي بدأ الكون؟ فقد جعل الكون مكتفيا بنفسه ولا يحتاج احدا من خارجه ليبدأه. وقد قال في كتابه "التصميم العظيم" الكون محكوم بقوانين العلم وليس بحاجة لرب ليبدأه، وأيضا قال لو كان هناك متدينين لقالوا الرب حقا يلعب بالنرد. طبعا قال هذا الكلام وهو يبين ما طرحته نظريته من أن الاحتمالات الكثيرة جاءت كأحداث كمية من داخل الكون نفسه في بدايته عندما كان بالمستوى الكمي.
هذا ملخص لبعض ما طرحوه لتفسير عدم حاجة الكون للإله ليبدأ، وقد ناقشته وناقشت بقية كلامهم في كتاب "وهم الإلحاد" ورددته وأثبتت وجود الإله.
فـ هوكنغ هنا افترض تعدد الاحتمالات بناء على مبدأ اللايقين لهايزنبرغ لحل اشكالية الاحتمالية في أن يظهر كوننا هذا الذي نعيش فيه بالذات للوجود. ومبدأ اللايقين يقول أن جسيما كميا واحدا يمكن أن يدخل من عدة ثقوب في صفيحة ما في وقت واحد طالما لم يكن هناك مشاهد ـ اي لا يوجد إنسان يراقب هذا الجسيم ـ لأنه مع وجود المشاهد يتشخص الجسيم وهو يمر من احد الثقوب فقط، وبالنسبة لبداية الكون ـ بما أنها حدث كمي ـ فإذن ينطبق عليها هذا القانون وتكون بداية الكون عبارة عن انطلاق بكل الاتجاهات المحتملة، يعني سيكون لدينا عدد هائل من الأكوان الممكنة التحقق، وطبعا بهذه الحالة سيكون كوننا واحد من هذه الاحتمالات وقد تشخص كوننا بالنسبة لنا لأننا وجدنا أنفسنا فيه نشاهده ونرصده ـ هذا بحسب المبدأ الذي تكلمت عنه، مبدأ اللايقين لهايزنبرغ .. النتيجة لأننا نرصده تشخص ـ لكن في الحقيقة لمجرد الافتراض، افتراض أن التواريخ المتعددة أو الاحتمالات المتعددة الأخرى للكون ستختفي لمجرد أننا وجدنا هنا لنرصد ونشاهد الكون سيجعل لوجودنا اهمية لا تتناسب مع ما يفترضه الإلحاد. وقد قلت في كتاب "وهم الإلحاد" إذا كان انهيار دالة الموجة سببه المشاهد أو تسجيل الحدث الكمي من قبل الملاحظ، كما في تفسير كوبنهاغن، فهذا يعني أنه لولا وجود الإنسان أو الكائن الذكي لما كان هناك كون. فالكون يدين بوجوده لمشاهدتنا له، حيث أن الكون كله عبارة عن منظومة لها دالة موجية واحتمالات كثيرة وإنما هو موجود فقط عندما نشاهده وتنهار دالة الموجة ويتشخص في الواقع. وهذه المسالة تعني أننا نحن البشر ـ أو لنقل الذكاء ـ يمثل المحور الذي وجد من اجله الكون.
أيضا يجب الانتباه إلى أن فرض هوكنغ حتى يبدأ ويكون الكون مستغنيا بذاته، وبورود الاحتمالات من داخله، أو كما سماها هوكنغ "رميات النرد" سيحتاج من قبل أن يتوفر له فضاء مهما كان متناهيا في الصغر وحتى لو كان مفردة كما في الفروض الأخرى، يعني حتى يمكن أن نحصل على تفاوتات كمومية تخرج الكون إلى الوجود وإلا فأين ستكون هذه التفاوتات الكمومية إذا لم يكن هناك موضع لتحدث فيه. وهذا ينقل السؤال عن البداية لما قبل هذا الفضاء أو الموضع، فأما أن يكون هذا الكون الأولي حادثا وعندها سيكون هناك من أوجد الكون أو يكون قديما ولكنه في نفس الوقت محلا للحوادث وهذا محال ! لأن ما كان محلا للحوادث فهو حادث. وبهذا تبقى الحاجة لفرض الإله بحسب الطرح المتقدم وتبقى الحاجة للرب، وإن لم تكن هذه الحاجة على مستوى الطاقة والمادة الكونية، فهي تبقى على مستوى الفضاء الكوني المؤهل لظهور التفاوتات الكمومية فيه، مهما كان هذا الفضاء متناهيا في الصغر. هذا اضافة إلى أنه، إلى أن نفس هذه التفاوتات الكمومية غير معللة وإنما فقط مبدأ اللايقين يقرر وجودها دون معرفة سببها ومصدرها! وإذا كنا نحن لم نجد لها مصدرا من كوننا فهذا لا يعني أنها غير معللة، بل غاية ما في الأمر أن مصدرها ممكن أن يكون من خارج كوننا، وقد ناقشت هذا الأمر في كتاب وهم الإلحاد وأوضحت أن فرض الأكوان المتعددة هو الصحيح؛ اما سؤالك عن الحاجة لإثبات أن هناك ثغرات في العلم لا يسدها سوى افتراض تدخل الهي لا يمر بالأسباب، فاعتقد نحن لسنا بحاجة لإثبات أن هناك امور غير مفسرة أو لم يتمكن العلم من تفسيرها إلى اليوم أو ثغرات .. أو ثغرة لم يسدها العلم، وبالتالي نقول ـ بصورة اعتباطية ـ أنه بما أن هناك ثغرة لم يسدها العلم اليوم اذن فنحن بحاجة لفرض اله لسدها ! كما أن هذا الطريق لن يوصل لإثبات قطعي لوجود الإله. وبالنسبة لي، بحثت في كتاب وهم الإلحاد امور علمية كثيرة وليس كل شئ بحثته هدفي منه إثبات وجود اله، يعني اظهار لبعض الثغرات بعض الأحيان هو فقط ليطلع القارئ ويكون محيطا بالمتوفر على الساحة العلمية وما عجز العلم عن تغطيته حتى يستطيع الوصول إلى نتائج صحيحة ودقيقة، وليس هدفي إثبات وجود اله من خلال مناقشة تلك الثغرات، فقد أثبتت وجود الإله بأدلة قطعية سواء على مستوى الحياة الأرضية ام على مستوى الكون ككل. فمن يريد من الملحدين الرد على ما طرحته في الكتاب عليه أن يذهب مباشرة إلى ما قلت أنه الدليل على وجود الإله ويرد عليه، لا أن يذهب إلى بياني للثغرات التي لم يتمكن العلم من تغطيتها إلى اليوم أو التي بينت استحالة أن يغطيها العلم يوما ثم يقول أن أحمد الحسن يثبت وجود الإله من خلال إثبات وجود ثغرات لم يغطيها العلم ! فهذا بالنسبة لكل عاقل ومنصف واضح أنه محاولة خداع والتفاف على الدليل أو لعله بعض الأحيان بسبب جهلهم بما طرحته بالكتاب وعدم استيعابهم له.
لكم المايك.
د.عبدالرزاق الديراوي : نعم، البعض ينقل افكار كتاب وهم الالحاد في محاضراته ولقاءاته دون ان يشير الى المصدر. وفي الفترة الاخيرة ألفت كتب تناولت مسالة الايثار الحقيقي المحايد كصفة اخلاقية مميزة للانسان تعجز عن تفسيرها الاطروحات البيولوجية بعبارات ـ اي ينقل يعني يتناول هذه المسالة بعبارات ـ تكاد تكون نفس عبارات السيد احمد الحسن في كتابه وهم الالحاد. فما تعليقكم على ذلك سيدنا؟ تفضلوا
الإمام احمد الحسن (ع) : يا الله، حياكم الله،
هذا امر يحدث كثيرا، وليست هذه المرة الاولى التي تتم بها سرقة طرح او افكار او نتاج الاخرين دون الاشارة اليهم، فليست هي المرة الاولى، ولست أول من يحدث معه ذلك. وأعتقد التصرف الصحيح هو ان يقوم المؤمنون والمنصفون بفضح هؤلاء بالادلة وبيان ان تصرفهم غير اخلاقي.
ليس لدي شيء آخر بهذا الخصوص.
لكم المايك دكتور عبد الرزاق.
د.عبدالرزاق الديراوي : نعم . جزاكم الله خير الجزاء.
-السؤال قبل الأخير : الإيثار الحقيقي المحايد كما بيّن السيد أحمد الحسن، دليل على دخول أمر في معادلة الإنسان من خارج الطبيعية المادية. أي الروح أو النفس، فهو لا يمكن أن يفسر بيولوجيا، كما بيّن السيد ومن خلال البحث التاريخي أن نشأة هذا الخلق الإيثاري كانت من الدين ومن ممثلي الدين الحقيقيين أي الأنبياء والرسل عليهم السلام.
السؤال هو :
إن البعض يعترض بالقول إن الإيثار ظهر صدفة، أو كنتاج ثانوي لتطور الذكاء وآلياته، أو كنتاج خلل في آليات التعاون، وهو صفة نادرة بل ربما غير موجودة نهائيا عند البشر. فالناس لايمارسون إيثارا حقيقيا. بل دائما تكون هناك أنانية متخفية فيه -أي في الإيثار- وهذا يعني : إنها قد تمت محاربتها -أي هذه الصفة صفة الإيثار المحايد- قد تمت محاربتها ولذلك انقرضت، أو إنها في طور الإنقراض. فما جوابكم سيد على هذا الطرح؟ نستمع منكم تفضلوا.
الإمام احمد الحسن (ع) : يا الله، حياكم الله.
الإيثار المفسر في علم الأحياء التطوري هو إيثار الأقارب والإيثار التبادلي بأنواعها، وهي مفسرة جينيا لأنه طالما أن هذه الأنواع من الإيثار تجذب منفعة للجينات الفردية للبقاء والإنتقال عبر الأجيال فأكيد أن الجينات التي تسببها سيتم تثبيتها بالإنتخاب الطبيعي في المجموعة الجينية الفردية. ومثال هذه الأنواع من الإيثار : هو إيثار الأبوين لصغارهم. حيث أنه إيثار تدفعهم له الجينات التي قامت ببناء أجساد أنانية تحقق مصلحتها الفردية، ومن مصلحتها الفردية الإعتناء بالصغار ورفاههم بما يحقق بلوغهم وقدرتهم على التكاثر ونقل هذه المجموعة الجينية التي يحملونها إلى الأجيال اللاحقة. أما الإيثار الحقيقي المحايد فهو نوع الايثار الذي لايمكن تصور أنه يجلب أي منفعة للمجموعة الجينية الفردية بل هو يلحق ضرر بالغ بها، وربما يؤدي إلى إندثارها عندما يكون العمل الإيثاري تضحية بالحياة دون جلب أي منفعة للجينات مثلا. ولهذا لا يمكن وضع تفسير بيولوجي لهكذا نوع ايثار. وقد شرحت الأمر بالتفصيل في كتاب وهم الإلحاد أما التفسيرات الأخرى لهكذا نوع من الإيثار فكلها تواجه نفس المشكلة. فالمسألة أنه لا يمكن مرور مجموعة جينية للأجيال اللاحقة في الطبيعة طالما أنها تحمل هكذا نوع من الإيثار. سواء حملته كإرث جيني أم حتى كإرث ثقافي عارض على الأجسام التي هي عبارة عن مستعمرات جينية , والسبب إن هذا النوع من الإيثار سيؤدي إلى إنقراض تلك المجموعة الجينية في الطبيعة طبعا. ولن يسمح لها بالإستمرار في الأجيال اللاحقة. ولهذ فالأمر محسوم كيف ما كان التفسير المادي للإيثار الحقيقي المحايد النتيجة واحدة وهي أنه لا يمكنه المرور في الطبيعة.
أما مسألة إن الإيثار الحقيقي المحايد غير موجود أو منقرض فهذا غير صحيح، ومسألة إثبات وجوده وانتشاره بين البشر مسألة بسيطة جدا يمكن معرفتها مثلا من خلال تصرفات بعض الأفراد الذين يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين، لإنقاذ آخرين لا تربطهم بهم أي علاقة قرابة ولا يرجون من وراء عملهم أي منفعة. حتى أن بعضهم غير متدينين واعتقد شبكات التواصل الإجتماعي في الإنترنت مليئة بفيديويات توثق هذه التصرفات وعموما المسالة لا تنتهي بطرح اشكالات عبثية من بعض الملحدين المصابين بوهم المعرفة والعلم في حين هم جهلة لايكاد بعضهم يحسن الكلام في هذه المسائل العلمية. مسألة أن البشر يمارسون الإيثار الحقيقي المحايد يقرها كبار علماء الأحياء التطورية مثل ريتشارد دوكنز ويمكنكم الرجوع لكتبه، وهو ملحد بل ويتبنى محاربة الدين. فلو كان من السهل علميا إنكار إن البشر يمارسون الإيثار الحقيقي المحايد لما تأخر دوكنز في إنكاره، ولكنه اضطر في كتبه لمناقشته ومحاولة تعليله، وقد ناقشت أطروحات دوكنز وتعليلاته ورددتها وبيّنت أنها غير دقيقة. ومن يريد تفصيل يمكنه الرجوع لكتاب وهم الإلحاد.
حياكم الله دكتور لكم المايك.
د.عبدالرزاق الديراوي : جزاكم الله خيرا سيدنا.
السؤال الأخير :
يقول توصل العلماء في مجال الطب وعلم الأعصاب إلى نتائج ترجح وبدرجة عالية أن الحيوانات أيضا لها لديها أحلام. التجارب التي أجراها باحثون في جامعة شيكاغو بينت أن الفئران والقطط والكلاب بل حتى الطيور تحلم وتعيد محاكاة تجاربها اليومية، وهذا يدل أن الحلم ليس خاصية للإنسان. وقد يُفهم منه أنه آلية صنعتها وبنتها الجينات في أجسادنا ولها حتما فوائد تطورية.
في كتاب وهم الإلحاد بيّن السيد أحمد الحسن أن الرؤى قد أُحدثت في زمن متأخر عن إنفصال الإنسان عن الأسلاف المشتركة، وتحديدا في زمن بعثة النبي آدم عليه السلام، فما هو المقصود من الرؤى التي أُحدثت ؟ هل هي فقط الرؤى التي تُخبر عن الغيب وعن عوالم غيبية ؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف نبين هذا المعنى لملحد لا يُؤمن بالغيب؟
نسمع منكم الجواب سيدنا تفضل.
الإمام احمد الحسن (ع) : يا الله
حياكم الله
اعتقد لا اشكال ان تكون عند بعض الحيوانات احلام، فالاحلام، انواع وعلى الاقل كل البشر يشخصون نوعين منها :
الاولى هي الاحلام التي تمثل محاكاة ماضي الانسان يعني كونك ترى احلام متعلقة باحداث او افكار مرت بك سابقا، يعني طالما هناك احداث مرت بك او افكار او تصورات تدور في ذهنك ...
ـــــ
((...........انقطاع للصوت.......)
نعم، ما قلته هو ان الاحلام نوعين وتكلمت عن النوع الاول من الاحلام
(..........انقطاع للصوت..........)
الان هل هناك صوت ام نؤجل السؤال ؟
نؤجل الجواب ام ان هناك صوت الان ؟)
ـــــ
طيب،
سأجيب على سؤالك إن شاء الله حول الأحلام وكون هناك أحلام لدى بقية الحيوانات. نعم.
أنا قلت أنه لا إشكال أن تكون للحيوانات الأخرى أحلام. الأحلام أنواع. وعلى الأقل البشر يشخصون نوعين منها، النوع الأول تلك الأحلام اللي تمثل محاكاة ماضي الإنسان، ترى أحلام متعلقة بأحداث وبأماني وأفكار مرّت بك، يعني طالما ان هذه الاحداث مر بك سابقا أو التصورات التي تدور في ذهنك فيمكن أن ترى أحلام بخصوص تلك الأحداث أو الأفكار أو التصورات أو الأماني. وهذا النوع من الأحلام يمكن أن يشاركنا فيه الحيوان. لأنه عبارة عن استخراج معلومات من الذاكرة، وترتيبها بصورة منظمة، أو حتى غير منظمة. وهذا عمل يمكن أن يقوم به الجزء من الدماغ المسؤول عن الأحلام عموما. والدماغ مشترك بين الإنسان وبقية الحيوانات.
أما النوع الثاني من الأحلام فهي تلك الأحلام التي تحوي إخبارات غيبية، لأنها تمثل صورا من المستقبل. يعني أنت ترى أمورا في الأحلام، ثم بعد يوم أو شهر أو سنة أو أي مدة معينة تتحقق تلك الأمور وتصبح واقع تراه بعينك في هذا العالم، وهذا هو النوع الذي نتكلم عنه ونعتبره دليلا على حقيقة الغيب ووجود الله سبحانه وتعالى. وتفسيرات فرويد وغيره من علماء النفس يمكن أن تضع تفسيرا للنوع الأول من الأحلام، أي التي لها علاقة بالأفكار أو الأماني أو الهواجس أو بماضي الإنسان ولكنها عاجزة عن تفسير النوع الثاني، فالرؤى التي تمثل إخبارات غيبية بعضها مرمز بحيث يفهمها الرائي فقط عندما تتحقق، وبعضها لا علاقة لها بأفكاره أو هواجسه ومخاوفه أو أمانيه أو حتى بحياته في الفترة التي رآها فيها وبعضها يتحقق بعد فترات طويلة ...الخ، وعموما فهذا النوع من الرؤى لا يمكن أن يستوعبه تفسير فرويد أو تفسيرات علماء النفس، وكثير من الملحدين كما لاحظت يتخبطون في محاولة للخلط بين النوعين، وحقيقة لم أجد أي نقاش علمي له قيمة للإعتراض على الرؤى أو الأحلام التي تتحقق في المستقبل، باستثناء إعتراض يُوجه بناء على ميكانيك الكم ومبدأ اللايقين ونظرية العوالم المتعددة، بإعتبار أن الحدث المستقبلي له تواريخ مستقبلية عديدة في عدة عوالم ويتحقق أحدها ويتشخص بالمستقبل، وبالتالي يمكن معرفة أحد هذه التواريخ المحتملة بحسب ميكانيك الكم، وهم يحتملون أن الرؤى المستقبلية كذلك.
ولكن في الحقيقة أن الرؤى المستقبلية تحتوي رموز، وهذه الرموز ربما لايعرف دلالتها ومعناها حتى الرائي نفسه، وبعض الرؤى المستقبلية لا يفهمها ويعرف دلالتها الرائي حتى يراها تتحقق أمامه كما قلت، فيعرف أن ما تحقق في الواقع هو عبارة عن الرؤية أو الحلم الذي رآه في الماضي. في الحقيقة أن هذه المسألة لايمكن أن يفسرها ميكانيك الكم بحال ولهذا تبقى الأحلام أو الرؤى المستقبلية دلالة واضحة على وجود الله سبحانه وتعالى.
يا الله.
انا انتهيت من الاجابة ان شاء الله وارجوا ان تكون الاجابات واضحة ومفهومة واشكر لكم صبركم وحسن استماعكم وجزاكم الله خير جزاء المحسنين.
سابقى لدقائق استمع لكم وحياكم الله جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د.عبدالرزاق الديراوي : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
شكرا جزيلا سيدنا أتعبناك وأخذنا من وقتك الثمين. إن شاء الله يعني ..إذا شاء الله سبحانه وتعالى أن تتكرر مثل هذه اللقاءات في مرات لاحقة إن شاء الله تعالى.
إخواني وأعزائي مشاهدينا في قناة المنقذ العالمي وكذلك الأخوة المستمعين في غرف أنصار الإمام المهدي سلام الله تعالى عليه إلى هنا نكون قد وصلنا الى ختام هذا اللقاء الخاص مع السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي سلام الله تعالى عليه. نسأل الله تعالى أن تتكرر مثل هذه اللقاءات في الأيام المقبلة وحتى يتحقق هذا الأمر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته