بحث:"سهو ونسيان المعصوم ج2"السيد احمد الحسن (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم ‏
والحمد لله رب العالمين ‏
وصلى الله على محمد وآل محمد ‏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏
كل عام وانتم بخير وعافية وأسال الله ان يوفقكم للصيام والقيام والدعاء في هذا الشهر الكريم
احب ان اتقدم بالشكر الجزيل لكل الاحبة الذين تكلفوا الحضور لمعهد الدراسات العليا لسماع البحث السابق. جزاكم الله ‏خيرا جميعا.‏
توكلنا على الله ‏
في هذا الملتقى المبارك اليوم سنكمل بحثنا السابق في السهو والنسيان وتعلقه بالمعصوم. في الملتقى السابق تكلمت عن ‏السهو والنسيان، تكلمت عن سهو ونسيان الانسان عموما وبينت ان هناك عقيدة يعتقدها بعضهم في ان المعصوم لا ‏ينسى ولا يسهو مطلقا أو في العبادة بالخصوص. وبينت انه لا يوجد اجماع لدى علماء الشيعة بخصوص هذه العقيدة. ‏بل بعض كبار علماء الشيعة لا يعتقدون بهذه العقيدة، وذكرت باختصار كلام الشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن، ‏وكلام الشيخ الطوسي، والسيد الخوئي بخصوص هذه العقيدة طبعا.‏
اذن هل السهو والنسيان ممتنع بالنسبة للمعصوم مطلقا أو في العبادة؟ بعضهم يعتقد بهذا ولكنه اعتقاد بلا دليل. وهم ‏يعتمدون على طرح اشكالات على المقابل وسنعرض إن شاء الله هذه الاقوال أو الاشكالات على الميزان العلمي لنرى ‏ان كان لها وزنا علميا ام انها مجرد اشكالات مبنية على مغالطات أو مجرد استحسانات. هذا مع انهم يحتاجون للدليل ‏القطعي لإثبات عقيدتهم في نفي السهو والنسيان عن المعصوم سواء مطلقا أم في العبادة بالخصوص، وهذا مفقود، فهم ‏لا يمتلكون دليلا عقليا تاما ولا روايات قطعية الصدور والمعنى ولا آية قرآنية قطعية المعنى بل الموجود عكس ما ‏يعتقدون.‏
فعقلا، المعصوم بشر (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ)، ولا يخرج عن حدود البشرية إلا بدليل قطعي والروايات كثيرة ‏وصحيحة في سهو المعصوم، والآيات كذلك بينت سهو المعصوم، وسنناقش إن شاء الله فيما تبقى من البحث المطروح ‏قرآنيا وروائيا وعقليا. ‏

أولا – الآيات القرآنية ‏
قال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً* فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن ‏سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً* قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ‏الْبَحْرِ عَجَباً) الآيات من سورة الكهف. والناسيان هنا هما خليفتان من خلفاء الله في ارضه اي معصومان، احدهما ‏موسى (عليه السلام)، موسى بن عمران والآخر يوشع بن نون وصيه. ولا يصح قول بعضهم ان معنى (نَسِيَا ‏حُوتَهُمَا) اي تركاه عن علم ومعرفة، حيث لو كان الامر كذلك لكان الكلام بعدها والسؤال عن الحوت لا معنى له، يعني ‏سفه لا معنى له أو انه سيكون نفس سبب السؤال عن الحوت نسيان وسهو لما فعلاه سابقا عن عمد وهو ترك الحوت ‏عند الصخرة. ‏
أيضًا في الآية الأخرى، اكد النسيان يوشع بن نون وانه نسيان وترك عن غفلة وليس ترك عن علم، حيث انه بين ان ‏سبب نسيانه الحوت هو الشيطان، اي الظلمة أو النقص التي في صفحة وجوده،‏ [..‏]‏ ‏السابق قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ ‏الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ ‏الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فالشيطان هنا هو الظلمة والنقص، فالنور الذي لا ظلمة فيه والكامل المطلق هو الله سبحانه وتعالى لا ‏غير. ‏
قال تعالى: (قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً* قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً ‏وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً* قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً* فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ ‏خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً* قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ‏وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) الآيات من سورة الكهف. في الآيات طلب العبد من نبي الله موسى (عليه السلام) ان لا ‏يسأله عن شيء حتى يبادر هو بإخباره عنه، وموسى تعهد ان يكون صابرا اي لا يسال العبد عن الامور التي ‏سيلاقونها في طريقهم، ولكن الذي حصل عكس ذلك فموسى لم يصبر كما وعد هو بذلك، وفي أول حادثة بادر بسؤال ‏العبد بل والاعتراض عليه وعلى فعله رغم ان موسى قال انه سيكون مطيع للعبد ولا يعصيه (وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً). ‏وهنا يتبادر امران وهما : ‏
الأول: ان موسى ترك تنفيذ وعده للعبد عن علم وانتباه تام، وهذا يعني ان موسى وقع بالمحذور وخلف عن عمد وعده ‏وتعهده للعبد وخالف الله الذي وجهه للتعلم من العبد الذي وصفه بـ (عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا) وليس الاعتراض عليه ومجادلته ‏‏(فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً* قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ ‏رُشْداً)، وفي نهاية القصة صرح العبد بكل وضوح (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)، فموسى يعلم جيدا ان علم العبد من الله وهو ‏طلب منه ان يتبعه ليعلمه مما علمه الله. اي ان موسى (عليه السلام) بحسب هذا الفرض كان يسال ويعترض على ‏العبد وهو يعلم انه يسال ويعترض على الله وأيضا وهو يعلم انه يخالف وعده وتعهده. في الحقيقة هذه هي النتيجة التي ‏يصل لها من يحاولون تنزيه موسى أو المعصوم عموما من السهو والنسيان كما يدعون. فقد اتهموا موسى (عليه ‏السلام) وهو امام ونبي من اولي العزم بتهم عظيمة لا يمكن اتهام موسى (عليه السلام) بها بأي حال من الاحوال. ‏
الامر الثاني: ان موسى ترك وعده وتعهده عن غفلة، اي انه نسي أو غفل عن وعده وتعهده للعبد، وبالتالي فهو معذور ‏ولم يقع بالمحذور وهذا هو ما صرح به موسى بكل وضوح (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) وموسى كان في عبادة ‏كالصلاة والصيام والحج، فمرافقته، مرافقة موسى للعبد كانت بأمر تعبدي الهي وأيضا الايفاء بالتعهد والوعد عبادة ‏بالنسبة لموسى في هذا الموقف. ‏
ننتقل إلى آية أخرى في نفس هذا المطلب، قال تعالى : (سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى* إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى). ‏
يفسر بعضهم الآية في ان المعصوم لا يسهو في اي شيء مطلقا، مع ان الآية لا تدل على ما ذهبوا اليه، فالآية واضحة ‏‏(سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى) اي لا تنسى ما نقرؤك فمن يعديها لغير ما (نقرؤك) أو الوحي الالهي سيحتاج دليل على ما يقول ‏فما (نقرؤك) تشمل القرآن والوحي الالهي، وبهذا فالآية لا تدل على اكثر من امتناع سهو المعصوم في التبليغ أو في ‏حفظ ما يقرؤه الله سبحانه وتعالى بعد نزول هذه الآية طبعا، وهذا لا يشمل العبادة ولا غيرها. وعدم سهو المعصوم في ‏التبليغ عن الله سبحانه ليس موضع الخلاف بل اكثر من هذا، قوله تعالى : (إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ) وهو استثناء يدل على ان ‏المعصوم كغيره من البشر مبتلى بالسهو والنسيان وإنما يعصمه الله من السهو والنسيان في مواضع للضرورة والحاجة ‏لذلك فيكون المعنى (إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ) إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ ان تنساه من امور أخرى لا توجد حاجة وضرورة ان يعصمك الله ‏عن النسيان والسهو فيها كغيرك من البشر الذين يعرض لهم السهو والنسيان (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ).‏
اكتفي بالآيات، بما طرحت. انتقل في النقطة الثانية وأقول ثانيا في الروايات التي وردت.‏

الروايات ‏

الاشكالات على الروايات التي ذكرت السهو والنسيان بلا قيمة لأنها لا تتعدى الاشكال على بعض الاسانيد أو التعذر بالتقية ‏في محاولة للرد أو لرد الروايات الكثيرة في هذا الباب والتي لا يوجد ما يعارضها ورغم ان الامر كما تبين محسوم قرآنيا ‏ونحن لن نتطرق لتلك الاشكالات هنا بغير انها لو انها تمت، وهي غير تامة، فغاية ما يستفاد هو منع الاعتماد على تلك ‏الروايات مستقلة لإثبات عقيدة، وهذا الامر لن يثبت عقيدتهم بحال لأنهم بالنتيجة يحتاجون الدليل لإثبات عقيدة عدم سهو ‏خليفة الله أو المعصوم سواء عموما أم في العبادة كما يعتقدون.
فالأصل في هذا الامر ان المعصوم أو خليفة الله بشر مثل ‏غيره ولا يخرج عنهم بحد إلا بدليل. هذا مع العلم انه لا توجد لديهم روايات تقول بمنع سهو المعصوم في العبادة سوى ‏رواية واحدة يتاولونها في ذلك وسنبين ان دلالتها غير تامة ولا قطعية على المعنى الذي يذهبون إليه بل ولا يمكن ان ‏ترجح كفتها عند معارضتها مع عدد كبير من الروايات الصحيحة.‏
امامي الآن عدد من الروايات بخصوص سهو ونسيان المعصوم واعتقد قراءتها ستأخذ وقت طويل، لهذا ساقرا بعضها ‏وأحيلكم إلى المصادر للإطلاع على المزيد، في الحقيقة هناك طائفتان من الروايات . ‏
الاولى، هي الروايات التي ذكرت سهو النبي (صلى الله عليه وآله) ومنها ما ذكره الشيخ الطوسي في كتابه تهذيب الاحكام ‏وهي ست روايات في الجزء الثاني من كتاب تهذيب الاحكام في الصفحات 180، 345 و346 و349 و350 و352.‏
أيضًا ما ذكره الشيخ الكليني في كتاب الكافي، هناك ثلاث روايات بهذا الخصوص في الجزء الثالث من الكافي في الصفحات ‏‏355، 356، 357‏
أيضًا هناك رواية بنفس المعنى في كتاب المحاسن للبرقي الجزء الأول الصفحة 260 ‏
وأيضا هناك رواية في كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق في الجزء الأول الصفحة 358 إلى 359‏
عموما الروايات كثيرة بهذا الخصوص لمن يريد البحث والتدقيق ويمكنكم الرجوع للطائفة التي ذكرت بالمصدر والصفحة ‏ولا باس ان نقرا رواية وردت في عيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق بسنده إلى ابي الصلت الهروي قال: (قلت للرضا ‏‏(عليه السلام) : يا بن رسول الله ان في سواد الكوفة قوما يزعمون أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يقع عليه السهو في ‏صلاته؟ فقال، كذبوا لعنهم الله ان الذي لا يسهو هو الله الذي لا اله هو). المصدر: عيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق – ‏الجزء الثاني ص 219‏

الآن ننتقل إلى الطائفة الثانية وهي الروايات التي ذكرت سهو الأئمة (عليهم السلام) ومنها : ‏
ما ذكره الطوسي في الاستبصار وفي تهذيب الأحكام: عن زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: (ان عليا (عليه السلام) ‏طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبني على واحد واضاف إليه ستا ثم صلى ركعتين خلف المقام، ثم خرج إلى ‏الصفا والمروة فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى الركعتين التين ترك في المقام الأول). المصدر: الاستبصار – الشيخ ‏الطوسي الجزء الثاني ص 218 إلى 219، تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي – الجزء الخامس ص 112.‏
ولا باس ان نذكر من صرح بصحة رواية زرارة - هذه الرواية، من صرحوا بصحتها - ممن صرحوا بصحة رواية زرارة : ‏
أولا، العلامة الحلي في منتهى المطلب – الجزء العاشر ص 379‏
المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان – الجزء السابع ص 110‏
محمد تقي المجلسي، الأول في روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه – الجزء الرابع ص 546‏
المحقق السبزواري في ذخيرة المعاد – الجزء الأول ص 636‏
السيد محمد العاملي في مدارك الاحكام – الجزء الثامن ص 168‏
السيد أحمد ابن زين الدين العلوي العاملي في مناهج الاخيار في شرح الاستبصار ص 458‏
الفاضل الهندي في كشف اللثام – الجزء الأول ص 336‏
السيد علي الطبطبائي في رياض المسائل – الجزء السادس ص 554‏
المحقق البحراني في الحدائق الناضرة – الجزء السادس عشر ص 201‏
المحقق النراقي في مستند الشيعة – الجزء الثاني عشر ص 190‏
هؤلاء عشرة، واكتفي بعشر اشخاص وعشر كتب، صرحوا عشر علماء بعشر كتب صرحوا بصحة الرواية المتقدمة حول ‏سهو امير المؤمنين (صلوات الله عليه) في طواف الحج أو طواف الفريضة. ‏

رواية ثانية، – الرواية أيضًا في نفس المصدر، تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي – عن معاوية بن وهب، عن ابي عبد الله ‏‏(عليه السلام) قال: (إن عليا (عليه السلام) طاف ثمانية فزاد ستة ثم ركع أربع ركعات). المصدر أيضًا تهذيب الاحكام – ‏الطوسي – الجزء الخامس ص 112.‏
وممن صرح بصحة رواية معاوية بن وهب: ‏
المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان – الجزء السابع ص 110‏
محمد تقي المجلسي الأول في روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه – الجزء الرابع ص 546‏
المحقق السبزواري في ذخيرة المعاد – الجزء الأول ص 636‏
المحقق البحراني في الحدائق الناضرة – الجزء السادس عشر ص 201‏
المحقق النراقي في مستند الشيعة – الجزء الثاني عشر ص 190‏
رواية الثالثة، الرواية عن محمد بن ادريس في آخر السرائر بسنده عن الفضيل، طبعا – عفوا - محمد بن ادريس في آخر ‏السرائر نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب بسنده إلى الفضيل، قال : (ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) السهو فقال: ‏وينفلت من ذلك أحد ؟ " يعني بتساؤل " ربما أقعدت الخادم خلفي يحفظ علي صلاتي). المصدر: وسائل الشيعة – المؤلف ‏الحر العاملي – الجزء الثامن ص 252‏
أيضًا لا باس، ممن صرح بصحة رواية الفضيل ‏
السيد عبد الاعلى السبزواري (رحمه الله) في كتاب مهذب الاحكام – الجزء الثامن ص 377‏
الرواية الرابعة، الرواية أيضًا في تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي : ‏
بسنده عن عبيد الله الحلبي قال: (سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول في سجدتي السهو: بسم الله وبالله وصلى الله على ‏محمد وعلى آل محمد قال: وسمعته مرة أخرى يقول فيهم: بسم الله وبالله والسلام عليه ايها النبي ورحمة الله وبركاته). ‏المصدر: تهذيب الاحكام – الشيخ الطوسي – الجزء الثاني ص 196‏
وممن صرح بصحة رواية الحلبي ‏
العلامة الحلي في منتهى المطلب – الجزء السابع ص 78‏
ابن العلامة محمد ابن الحسن ابن يوسف ابن مطهر الحلي في ايضاح الفوائد الجزء الأول ص 144‏
السيد محمد العاملي في مدارك الاحكام – الجزء الرابع ص 284‏
محمد تقي المجلسي الأول، في روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه – الجزء الثاني ص 412‏
العلامة المجلسي، في ملاذ الاخيار الجزء الرابع ص 161‏
المحقق البحراني، في الحدائق الناضرة – الجزء التاسع ص 334‏
الميرزا القمي في مناهج الاحكام ص 587‏
السيد عبد الاعلى السبزواري في مهذب الاحكام - الجزء الثامن ص 357‏
كل هؤلاء صرحوا بصحة رواية الحلبي التي ذكرتها.‏
أيضًا هناك رواية في عيون اخبار الرضا للصدوق ذكرت ان الامام ينسى ويسهو دون تفصيل والرواية تجدونها في عيون ‏اخبار الرضا للشيخ الصدوق – الجزء الأول ص 193، وأيضا في بحار الانوار – الشيخ المجلسي – الجزء الخامس ‏والعشرون ص 117.‏
وهناك روايات أخرى، ولكن اعتقد طال بنا المقام في هذا الموضع وأنا اكتفي بهذه الروايات ومن صححها.‏
يبقى في هذا الباب انه هل توجد روايات تنفي السهو والنسيان – يعني تؤيد عقيدتهم، العقيدة التي يعتقدونها – هل لديهم ‏روايات؟ الآن نحن طرحنا الروايات التي بالضد من عقيدتهم، الروايات كثيرة جدا وأنا قرأت عينة منها ولم اقراها كلها، انا ‏احلتكم إلى المصادر. الآن هل توجد لديهم روايات تنفي السهو والنسيان؟ في الحقيقة لا توجد روايات في السهو والنسيان ‏عن خليفة الله أو المعصوم لا مطلقا ولا في العبادة حتى يتم مناقشة هل انها تفيد اليقين والاعتقاد ام لا . فالأمر اصلا معدوم. ‏نعم هناك رواية واحدة تنفي ان رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) سجد سجدتي السهو ونفيهما لا يلزم بالضرورة نفي ‏السهو في العبادة.‏
الرواية ذكرها الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، الرواية أيضًا عن زرارة قال: (سالت ابا جعفر (عليه السلام): هل سجد ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) سجدتي السهو قط؟ فقال: لا ولا يسجدهما فقيه). المصدر : تهذيب الاحكام – الشيخ الطوسي ‏‏– الجزء الثاني ص 350 إلى 351‏
ولا شك ان كلامنا ليس في هل ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يسجد سجدتي السهو، فلا اشكال ان كان رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) لم يسجد سجدتي السهو في أمر معين، مثل السهو في عدد الركعات، ليس كل سهو الصلاة أو في عدد ‏الركعات يتطلب سجدتي السهو دائمًا حتى يقال ان هناك ملازمة بين نفي سجدتي السهو عن النبي محمد (صلى الله عليه ‏وآله) في أمر ما وبين نفي السهو عن النبي في العبادة.‏
ونفس الرواية اعلاه تنفي سجدتي السهو قط عن الفقيه وليس رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة فقط وهذا يعني ان ‏سجدتي السهو المنفيتان تتعلقان بفعل يمكن ان يعالجه المتفقه في دينه دون الحاجة لفعل آخر يوجد سجدتي السهو وكمثال ‏من شك بين الاثنين والأربع، بنى على الاربع وتشهد وسلم واتى بركعتين من قيام فلا حاجة لسجدتي السهو. ‏
اضف ان هذه الرواية الواحدة غير كافية اليقين اللازم للاعتقاد فهي رواية آحاد ومن يستدلون بها يستدلون بفهمهم المغلوط ‏لها وهذا ربما حتى غير كاف لإثبات جزئية في الاحكام الفقهية، فما بالك والأمر عقائدي ويحتاج إلى دليل قطعي وهو مفقود ‏عندهم، فليس لديهم دليل عقلي تام ولا روايات متواترة أو مقطوع بصحتها ولا دليل قرآني محكم بل الموجود بالضد من ‏هذا الاعتقاد، ولم اجد رواية غير هذه الرواية لها علاقة بالموضوع المطروح هنا اي نفي السهو عن المعصوم في العبادة، ‏لكن هناك من يريد ان يثبتها عنزة ولو طارت، فذهب لروايات بعيدة عن موضوع نفي السهو عن خليفة الله أو المعصوم ‏في العبادة. ومع اني لم اجد شيء ذو قيمة علمية لارد عليه وإنما فقط تخبط عشوائي، وهذا رأيي بكلامهم، وتحميل الكلام ‏اكثر مما يحمل من معنى، وحقيقة من المخجل ان يصل الامر بالإنسان في اثبات الاعتقاد إلى هذا المستوى المتدني فيجعل ‏عصمة روح القدس من السهو دليلا على عصمة المعصوم من السهو في العبادة لان المعصوم مؤيد بروح القدس، في ‏الحقيقة هذا اسفاف لان المسالة ليست كلام في عصمة روح الامام المجردة أو روح القدس المجرد، أو المجرد من السهو ‏وإنما الكلام في حال الامام في هذه الحياة الدنيا، والإمام في هذه الحياة الدنيا لديه جسد كثيف ودماغ محدود القدرة كغيره من ‏البشر وهذا الجسد يحجبه عن العوالم الاخرى وهذا الجسد هو السبب الرئيسي لسهو ونسيان اي انسان وبالتالي فعصمة ‏الروح المجردة من السهو لأنها غير مشغولة بالشواغل المادية مثلا، لا يعني بحال عصمة الانسان المركب من الروح ‏والجسد في هذا العالم المادي.‏
إلى هنا اكتفي من البحث في النقل وأحيل البحث في العقل والإشكالات العقلية إلى الملتقى القادم إن شاء الله تعالى. وأسال الله ‏لي ولكم التوفيق والسداد والعصمة هو وليي وهو يتولى الصالحين.‏

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏