موسى (ع) المجاهد في سبيل الله المهاجر إلى الله والنبي الداعي إلى الله

موسى (ع) المجاهد في سبيل الله المهاجر إلى الله والنبي الداعي إلى الله

 

 

قال تعالى ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ * فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ * فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) القصص 14-22 .

دخل موسى (ع) معترك الحياة ، ليجد ظلم الطاغية فرعون للشعب المستضعف من بني إسرائيل والمصريين ، وموسى (ع) الطاهر النقي ، والنبي المخلص المنتظر الذي يعرفه بنو إسرائيل ، كيف يبقى في قصر فرعون ظهيراً له ، ولو بالسكوت على ظلمه ومكثراً لسواده ، فشاء الله أن تقع تلك الحادثة ، وهي قتل أحد زبانية فرعون وجنوده الظلمة ، وكان لهذه الحادثة وقع كبير في نفس موسى (ع) حيث التجأ إلى الحق ، يستغفره ويتوب إليه مما اعتبره ذنب ، وهو عيشه في قصر فرعون الطاغية والأب المربي لموسى (ع) ، ولما غفر له ربه سبحانه وتعالى عاهد الله على ما آتاه من نعمة المغفرة ، على أن لا يكون ظهيراً لمجرم وظالم ، ولو بمداهنته أو السكوت على ظلمه ، فكان لابد لموسى (ع) بعد هذه الحادثة أن يهاجر إلى الله ، فخرج من المدينة خائفا يترقب ، وغاب عن بني إسرائيل عشر سنين ، قضاها في ارض مدين يعيش حياة بسيطة وهادئة في أحضان نبي عظيم ، وهو شعيب (ع) ، يرعى قطيعاً من الأغنام ، ويتعلم الكثير ليعود بعد ذلك لبني إسرائيل قائداً ربانياً شجاعاً ونبياً يدعو إلى الله ، فيقود المؤمنين للنجاة من بطش فرعون  ، والاستضعاف والهوان الذي كانوا يلاقونه في مصر . وعبر موسى (ع) والمؤمنون البحر ، واغرق الله فرعون وجنوده ، ولكن بعد هذا العبور كان ما كان ، فتمرد بنو إسرائيل على الأوامر الآلهية ، وعصوا موسى وهارون (ع) ، وبعد أن رفض بنو إسرائيل الدخول إلى الأرض المقدسة ، وجهاد الجبابرة لنشر كلمة لا إله إلا الله ) ، والعبادة الخالصة لله ، كتب الله عليهم التيه أربعين سنة في صحراء سيناء ، وكم أوذي موسى وهارون (ع) خلال هذه المدة ، فاعترض الكثير منهم على موسى (ع) ، واستخفوا به واعترضوا على هارون ، وكونه نبي وخليفة لموسى (ع) ، فأمرهم الله أن يكتب كل رئيس سبط من أسباط بني إسرائيل اسمه على عصا يابسة ، وكتب هارون اسمه ، ووضع موسى (ع) العصي في ضجة الاجتماع ، وشاء الله أن تخضر العصا التي كتب عليها اسم هارون (ع) لتكون معجزة تؤيد نبوته وحقه في خلافة موسى (ع) ، لكنهم لم يتوقفوا عن إيذاء هارون (ع) والاستخفاف به ، حتى انهم لما صنعوا العجل وعبدوه واعترض عليهم هارون (ع) كادوا أن يقتلوه مع الفئة القليلة التي ناصرت الحق معه (ع) ، ولم يكتف اليهود بهذا ، بل حرّفوا التوراة بعد وفاة موسى وهارون (ع) ، وكتبوا بأيديهم الاثيمة فيها أن الذي صنع العجل ، وأضل بني إسرائيل هو هارون (ع) ( راجع التوراة سفر العدد ) . فانظر إلى مظلومية هذا النبي العظيم هارون (ع) ، وقارنها بمظلومية الوصي علي ابن ابي طالب (ع) سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا .