محطات على ضفاف الوصية المقدسة: المحطة الثانية عشرة: الوصية المقدسة والمحتج بها اليوم ؟!
قالوا: مَنْ احتج بالوصية اليوم حتى تكفيه دليلاً على صدقه ؟
قلت: السيد أحمد الحسن (ع) وصي ورسول الإمام المهدي (ع) واليماني الموعود، فإنه احتج بوصية جده محمد (ص) لإثبات صدقه وأحقية دعوته اليمانية المباركة.
قالوا: وما يدرينا أنه صاحبها، فما أكثر من اسمهم (أحمد) في هذا الزمان، وهل بمجرد أنّ اسمه وافق اسم أول المهديين في الوصية صار هو المقصود، إنّا لا نسلّم لكم بذلك !!
قلت: المفروض أنكم (وبعد معرفتكم بما تقدم ذكره في المحطات الماضية وبالخصوص المحطة السابقة) لا تتفوهوا بذلك، فقد توضح لكم أنّ الوصية من مختصات الأوصياء ومفصل أساسي في قانون الله في حججه على خلقه، كما أنها كتاب عاصم من الضلال لمن تمسك به، فلو أمكن لغير (الوصي أحمد) الوارد ذكره فيها الاحتجاج بها على الناس فستكون والحال هذه سبباً في ضلالهم، وهو أمر محال بكل تأكيد؛ لأنه يعني نسبة الكذب أو الجهل أو العجز لله تعالى الذي وعد على لسان نبيه (ص) بأنها عاصمة لمن تمسك بها من الضلال، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
إنّ الوصية حق يحتج بها صاحب الحق فقط.
قالوا: وكم حق من حقوق آل محمد الأوصياء (ع) تراه بيد غيرهم مغتصب ظلماً وزوراً، ورحم الله القائل: (أرى فيئهم في غيرهم متقسماً ... وأيديهمُ من فيئهم صفراتِ)، فلم لا تكون الوصية كباقي حقوقهم (ع) ؟!!
قلت: الوصية ليست حقاً يمكن أن يغتصب أو يلُتفت إليه من قبل غير الأوصياء، وهذا ما تمَّ بيانه، وهو بكلِّ وضوح مَعْلَمٌ من معالم الرحمة الإلهية بالعباد فما عليهم إلا أن يتمسكوا بها وبالمحتج بها والله سبحانه هو الضامن لهم هدايتهم. فليس حال الوصية المقدسة حال ما افترضه الله للإمام المعصوم من مال أو ألقاب مثلاً والتي نرى سرقتها جهاراً من قبل مافيات السلب والنهب المعروفة، وإلا فها هي الوصية المقدسة ليلة الوفاة نقلها الشيخ الطوسي رحمه الله في كتابه قبل أكثر من ألف عام، ورغم كل االادعاءات الكاذبة المتمثلة بالنيابة العامة للامام المغيب (ع) مرة أو ادعاء المهدوية أو الامامة مرة أخرى، ولكن أبداً لم يأتِ مدعٍ باطل ويرفع الوصية المشار لها دليلاً على دعواه ؟! أفلا يكون ذلك منبهاً لأصحاب القلوب السليمة على أنّ الوصية المقدسة حريم خليفة الله الذي لن يُؤذَن لأحد - غير الأوصياء - تخطيه واقتحامه أبداً، ولهذا أطلقها آل محمد (ع) صرخة مدوية في سماء المنتظرين ممن أرادوا نصرة ابنهم صاحب راية الهدى وجعلوا الوصية المقدسة طريق تعرفهم عليه.
قالوا: ما تقوله أمر ليس بوسعنا ردّه، ولكن الشك لا زال يأخذ من نفوسنا مأخذاً كبيراً، الشك في أنّ أحمد الحسن هو نفسه أحمد المذكور في الوصية المقدسة ؟
قلت: أراكم تتحججون بالشك بعد أن أحاطت الحجة بأعناقكم، وكلامكم هذا ذكرني بما قاله علماء اليهود والنصارى للامام الرضا (ع) لما بين لهم الحجة على أحقية جده رسول الله (ص) وكيف انه الوحيد الذي احتج بالنصوص التي ذكره فيها موسى وعيسى عليهما السلام، ولما اقروا له بتلك النصوص لم يبق لديهم الا التعلل بالشك، وانه ما يدريهم ان محمدا المذكور في تلك النصوص هو محمد جدك ؟!! وهذا محل الشاهد من المناظرة:
(( فلما سمع الجاثليق ورأس الجالوت ذلك علما أنّ الرضا (ع) عالم بالتوراة والإنجيل، فقالا: والله لقد أتى بما لا يمكننا رده ولا دفعه إلا بجحود الإنجيل والتوراة والزبور، وقد بشّر به موسى وعيسى (عليهما السلام) جميعاً، ولكن لم يتقرر عندنا بالصحة إنه محمد هذا، فأما اسمه محمد فلا يصح لنا أن نقر لكم بنبوته، ونحن شاكون إنه محمدكم. فقال الرضا (ع): احتججتم بالشك، فهل بعث الله من قبل أو من بعد من آدم إلى يومنا هذا نبياً اسمه محمد، وتجدونه في شيء من الكتب التي أنزلها على جميع الأنبياء غير محمد ؟ فأحجموا عن جوابه ..)) [بحار الأنوار: ج49 ص75 فما بعد].
ونحن نقول لمن يشك في أنّ أحمد الحسن هو نفسه أحمد المذكور في الوصية: ((احتججتم بالشك فهل بعث الله من قبل أو من بعد من غيبة الامام المهدي (ع) إلى يومنا هذا رجلاً اسمه (أحمد) واحتج عليكم بوصية محمد (ص) أو تجدونه في شيء من الروايات التي ذكرها محمد وآل محمد (ص) غير أحمد الحسن)) !!
ومن ردَّ هذا الاحتجاج فليعلم أنه بذلك قد ردَّ على الامام الرضا (ع)، ويكفيه عاراً أن يكون خصمه آل محمد (ع)، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قالوا: وهل دليل السيد أحمد الحسن (ع) هو الوصية المقدسة فقط ؟
قلت: أدلته كثيرة وهي موضحة ومبينة في الكتب المنشورة في الموقع الرسمي للدعوة اليمانية المباركة التي بلغت (180) اصداراً، كان للسيد أحمد الحسن (ع) منها ما يقرب من (50) اصداراً، وقد تناولت مختلف جوانب المعرفة الالهية، وبوسع الجميع الاطلاع عليها، لكن كلامنا في هذه المحطات كان في بيان الاحتجاج بالوصية المقدسة وقد رأينا أنها لو كانت وحدها فقط لكفته صدقاً وحقاً.
إنّ محمداً وآل محمد (ص) لم يدخروا شيئاً يُعرِّف بابنهم صاحب راية الهدى إلا وبيّنوه، فقد ذكروا اسمه ونسبه وصفته ومسكنه وحجته بل حتى شمائله من رأسه إلى أخمص قدميه، بعشرات الروايات الشريفة المبثوثة في كتب المسلمين.
وإذا كان النص والعلم دليل الأوصياء فيما سبق فهو ذاته الدليل الذي احتج به السيد أحمد الحسن (ع) على الناس اليوم، وإذا كان من ضمن أدلتهم (ع) المعاجز والكرامات التي أيد الله بها خلفاءه فهي ذاتها أيضاً المعاجز والكرامات التي أيد بها وليه أحمد الحسن كإحياء موتى أو شفاء مرضى، وهي منشورة أيضاً بل تم اذاعتها من قبل قنوات فضائية محايدة أمام ملايين الناس.
بل لو كان فقط شهادة الله سبحانه له بآلاف الرؤى الصادقة بمحمد وعلي وفاطمة وآلهما الطيبين وموسى وعيسى وابراهيم ونوح وغيرهم صلوات الله عليهم جميعاً بل بملائكته المقربين عليهم السلام، وكلها تشهد بصدق داعي الله السيد أحمد الحسن، لو كان هذه فقط لكفاه صدقاً، لأنه تواتر شهادات إلهية عظيمة بخلق لا يمتثل بهم الشيطان أبداً، ويستحيل تواطؤ أصحاب الرؤى على الكذب بعد كونهم من خلفيات عقائدية مختلفة ومن جنسيات وقوميات ولغات وبلدان مختلفة. أفلا يكفي طالب الحق هذه الشهادات ليؤمن باليماني الموعود قبل فوات الأوان ؟!
وإذا كان كل هذا لا يكفي للتصديق به، فماذا بقي بأيدي الناس تؤمن به ليثبت السيد أحمد الحسن حقه لهم من خلاله ؟!!
أفيقوا يرحمكم الله.