محطات على ضفاف الوصية المقدسة: المحطة التاسعة: الوصية المقدسة وطالع المشرق ؟!
قالوا: كنت تتحدث إلينا عن طالع المشرق، فلو أكملت حديثك لتتجلى لنا الحقيقة أكثر ؟
قلت: ذلك وصف جده أمير المؤمنين (ع) له كما عرفنا، وإنه لما كان وصي من الأوصياء فانه يسلك بمن يتبعه مناهج جده محمد (ص) ويسير فيهم بسيرته، وأيضاً لما كان عالما من علماء آل محمد (ع) (أطباء الأرواح) فانّ أتباعه سيتداوون من العمى والصمم والبكم الذي هو صفة غيرهم الصادين عنه.
قالوا: زدنا يرحمك الله ؟
قلت: أكيد أنّ الناس المتبعين له ليسوا كلهم مبتلين بعاهة فقدان البصر أو السمع أو النطق، ولكن هذا الطالع المشرقي لما يسير بأتباعه بسيرة آبائه الكرام فإنهم يرون ما لا يرى الناس ويسمعون ما لا يسمعه غيرهم ويتكلمون بالحق الذي لا يتكلم به سواهم.
قالوا: لو عرضت لنا ذكره من الوصية المقدسة ثم أكملت ما تريد قوله؟
قلت: هذا ما ورد في ختامها وهي تذكر الإمام المهدي (ع): ((.. ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين) له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين )) غيبة الطوسي: ص151 ح111. فقد ورد ذكر الوصي أحمد (ابن الامام المهدي) إنه أول مقرب الى أبيه وأول مؤمن به، وهذا يؤكد وجوده معه عند ظهوره.
قالوا: ومَنْ هم المقربون إلى الامام المهدي (ع) ؟
قلت: هم الـ (313) الوارد ذكرهم والتأكيد عليهم في الروايات الشريفة، والمهدي الأول أحمد أولهم، فالوصي لا يسبقه بالايمان بدعوة خليفة الله في زمانه أحد.
قالوا: وما هو دوره، خصوصاً وأنه يأتي قبل أبيه الإمام المهدي (ع) ؟
قلت: هو وصيه ورسوله إلى الناس عند إذن الله في قيام دولة العدل الالهي ونهاية دولة الظلم والجور، يأتيهم ممهداً لقيامها وجامعاً أنصار أبيه وجيشه الموعود.
قالوا: هذا يعني إنه يطّلع على حال أبيه الامام المهدي (ع) والامام بالنسبة إلى الناس لا زال غائباً، فهل هذا صحيح ؟
قلت: نعم، والروايات تدل على ذلك، أذكر لكم منها مثالاً:
عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (( إن لصاحب هذا الامر غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، ويقول بعضهم: قتل، ويقول بعضهم: ذهب، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره )) غيبة الطوسي: ص162. فالرواية تدل على أمرين:
الأول: إنّ الامام المهدي (ع) له ولد وذرية في زمن الغيبة الكبرى.
والثاني: إنّ هناك مولى يطلع على أمره.
وقد عرفنا من خلال الوصية المقدسة أنّ خليفته الذي يلي أمر الامام المهدي (ع) (وهو أمر الله) هو ابنه المهدي الأول أحمد (ع).
قالوا: قرأنا في رواية يبين فيها الامام الباقر (ع) كلام القائم (ع) مع بعض الناس، الى أن يقول: (( فيقول المولى الذي ولي البيعة: والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك. فيقول له القائم (ع): اسكت يا فلان ..)) بحار الانوار: ج52 ص343، فهل يعني الامام (ع) نفس المولى الذي تتحدث عنه ؟
قلت: نقلت لكم فيما مضى رواية تؤكد أنّ الذي يأخذ البيعة من الناس هو المهدي أحمد، وأعيدها لكم الآن: عن حذيفة بن اليمان قال: سمعت رسول الله (ص) يقول - وذكر المهدي-: (إنه يبايع بين الركن والمقام اسمه أحمد وعبد الله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها) غيبة الطوسي: ص454 ح463. وواضح أنّ هذه الأسماء هي أسماء المهدي الأول في الوصية المقدسة، فالمولى الذي يطلع على موضع الإمام المهدي (ع) في غيبته الكبرى ويأخذ البيعة من الناس هو لا غير.
قالوا: سمعناك تذكر ضمن أدواره أنه يجمع جيش أبيه، فهل تبين لنا ذلك بشكل أكثر وضوحاً ؟
قلت: هل تعرفون شيئاً عن قائد الجيش المشرقي الذي يمهد للإمام المهدي (ع) دولته وسلطانه ؟
قالوا: ننتظر منك التوضيح.
قلت: قد عرفتم من خلال ما تقدم أنه أحمد ابن الإمام المهدي (ع) وخليفته الذي يلي أمره، وليستقر الحق في قلوبكم هاكم اسمعوا ما قاله أئمة الهدى (ع):
عن الإمام الباقر (ع)، قال: (إن لله تعالى كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولا فضة، اثنا عشر ألفاً بخراسان شعارهم: "أحمد أحمد"، يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء، عليه عصابة حمراء، كأني أنظر إليه عابر الفرات، فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبواً على الثلج) منتخب الأنوار المضيئة: ص343.
وروى السيد ابن طاووس عن رسول الله (ص)، قال: (إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج، فإن فيها خليفة المهدي) الملاحم والفتن: ص54، المطبعة الحيدرية.
قالوا: أكيد هو نفسه الوصي أحمد، فهو الرجل من أهل بيت الامام (ع) الخارج قبله من المشرق، وهو خليفته بنص الوصية المقدسة، وهو الشاب الهاشمي الذي يقود جيش المشرق الممهد للامام المهدي (ع) دولته الالهية.
قلت: نعم، تماماً كما قلتم، ولأنه وصي من الاوصياء الواجبي الطاعة على الناس، أمرنا النبي (ص) وآله الطيبين (ع) بنصرته وإتيانه ولو حبواً على الثلج، ورفع اسمه المشرقيون شعاراً في الزحف للفتح الالهي الكبير، والحمد لله رب العالمين.