محطات على ضفاف الوصية المقدسة: المحطة الثالثة: الوصية المقدسة من مختصات آل محمد (ع) وبها يُعرفون

قالوا: ذكرتَ لنا فيما مضى أنّ الوصية المقدسة من مختصات آل محمد (ع) وبها يحتجون وتعرف الناس أحقيتهم، وقد استفدتَ من ذلك أن رسول الله (ص) كتب وصيته عند وفاته، فهلا ذكرت لنا بعض الروايات المبينة لذلك ؟

قلت: هذا ما وعدتكم بالإتيان به، والروايات كثيرة هذا بعضها:

روى الشيخ الكليني بسنده: [عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَشْعَثِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: أتَرَوْنَ الْمُوصِيَ مِنَّا يُوصِي إِلَى مَنْ يُرِيدُ لَا واللَّه ولَكِنْ عَهْدٌ مِنَ اللَّه ورَسُولِه (ص) لِرَجُلٍ فَرَجُلٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الأَمْرُ إِلَى صَاحِبِه] الكافي: ج1 ص277.

 

قالوا: وهل المقصود بـ (عهد رسول الله "ص") الوصية ؟!

قلت: نعم، ولهذا نقل المجلسي عن ابن طاووس: [عن الكاظم، عن أبيه (ع) قال: قال عليّ بن أبي طالب (ع): كان في وصيّة رسول الله (ص) في أوّلها: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد محمّد بن عبد الله (ص) وأوصى به وأسنده بأمر الله إلى وصيّه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع)"، وكان في آخر الوصيّة: "شهد جبرئيل وميكائيل وإسرافيل على ما أوصى به محمّد (ص) إلى عليّ بن أبي طالب (ع)، وقبضه وصيّته ...."] بحار الأنوار: ج22 ص482.

 

قالوا: أكمل بقية الروايات التي تريد ذكرها في أن الوصية من مختصات آل محمد (ع).

قلت: روى الكليني أيضاً بسنده: [عن عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) ... قُلْتُ: فَإِنَّ النَّاسَ تَكَلَّمُوا فِي أَبِي جَعْفَرٍ (ع) ويَقُولُونَ كَيْفَ تَخَطَّتْ مِنْ وُلْدِ أَبِيه مَنْ لَه مِثْلُ قَرَابَتِه ومَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْه وقَصُرَتْ عَمَّنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْه، فَقَالَ: يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الأَمْرِ بِثَلَاثِ خِصَالٍ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِه: هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِالَّذِي قَبْلَه وهُوَ وَصِيُّه وعِنْدَه سِلَاحُ رَسُولِ اللَّه (ص) ووَصِيَّتُه وذَلِكَ عِنْدِي لَا أُنَازَعُ فِيه ...] الكافي: ج1 ص378.

وروى الشيخ الصدوق بسنده: [عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا (ع) يقول: ... والذي أكرمنا بعد محمد (ص) بالإمامة وخصنا بالوصية، إن زوار قبري لأكرم الوفود على الله يوم القيامة وما من مؤمن يزورني فيصيب وجهه قطرة من الماء إلا حرم الله تعالى جسده على النار] عيون أخبار الرضا (ع): ج2 ص248.

وروى الصفار بسنده: [عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد الله (ع) فأذن لي فسمعته يقول في كلام له: يا من خصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوى إلينا وجعلنا ورثة الأنبياء] بصائر الدرجات: ص149.

 

قالوا: هل تريد أن تنتهي إلى أن معرفة الإمام من آل محمد (ع) تكون من خلال اختصاصه بالوصية من بين أهل زمانه، أي أن الوصية تعرف بأحقيته وصدقه ؟

قلت: بلى، كما هم (ع) بينوا في روايات كثيرة ونقلت لكم بعضها.

 

قالوا: بما أننا ننتظر صاحب الأمر (ع) ونترقب أيامه، فهل بالوصية يُعرف حقه وصدقه ؟

قلت: نعم، فإنه (ع) من آل محمد (ع) الأوصياء فيخصه الله بما خص به آباءه قبله ويُعرف بما عرفوا به، وهو نص رسول الله (ص) أي وصيته المقدسة.

 

قالوا: وهل دلت الروايات على ذلك ؟

قلت: الروايات في ذلك كثيرة، وهذا مثال منها:

روى الشيخ الصدوق بسنده: [... عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): بم يعرف صاحب هذا الأمر ؟ قال: بالسكينة والوقار والعلم والوصية] الخصال: ص200.

وروى العياشي: [عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (ع) يقول: ... إياك وشذاذ من آل محمد، فانّ لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات، فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلا أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه، فانّ عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين، ثم صار عند محمد بن علي ويفعل الله ما يشاء ...] تفسير العياشي: ج1 ص65.

 

قالوا: ولكن الشيعة فيما مضى كانت تعرف الإمام اللاحق من آل محمد (ع) بتعيين السابق عليه، فيذكر الإمام الباقر (ع) ابنه الصادق (ع) إماماً من بعده، وهكذا ؟

قلت: إنّ معرفة الإمام (ع) تكون بالنص، قال الإمام علي بن الحسين (ع): (( الإمام منا لا يكون إلا معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، فلذلك لا يكون إلا منصوصاً )) بحار الأنوار: ج25 ص194. وللنص صورتان.

 

قالوا: وماذا تقصد بالنص ؟

قلت: هو قول الحجة الإلهي الذي يذكر ويعين فيه الخليفة أو الخلفاء من بعده باسمهم صريحاً. وبخصوص آل محمد (ع) فإنّ له وجهان:

الأول: نص النبي (ص) - وصيته - الذي ذكر فيه جميع الأوصياء من بعده إلى يوم القيامة.

الثاني: نص الإمام السابق على من يليه.

وكل منهما طريق كافٍ في إثبات أحقية الداعي الإلهي المحتج بأي منهما، وهو أمر يعرفه علماء الشيعة.

 

قالوا: بين لنا قول العلماء في ذلك ؟

قلت: هذا ما سأذكره في المحطة القادمة إن شاء الله تعالى.



المصدر : الفيس بوك .. الصفحة الرسمية للشيخ علاء السالم