أحكام متعلقة بمنى بعد العود - كتاب شرائع الإسلام

القول: في الأحكام المتعلقة بمنى بعد العود

وإذا قضى الحاج مناسكه بمكة من: طواف الزيارة، والسعي، وطواف النساء، فالواجب العود إلى منى للمبيت بها. فيجب عليه أن يبيت بها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر، فلو بات بغيرها كان عليه عن كل ليلة شاة، إلا أن يبيت بمكة مشتغلاً بالعبادة، أو يخرج من منى بعد نصف الليل بشرط أن لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر. ولو بات الليالي الثلاث بغير منى لزمه ثلاث شياة إن كان ممن غربت عليه الشمس في الليلة الثالثة وهو بمنى، أو من لم يتق الصيد والنساء لأن هؤلاء يجب عليهم المبيت في منى ليلة الحادي والثاني والثالث عشر.
ويجب أن يرمي كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة سبع حصيات، ويجب هنا - زيادة على ما تضمنته شروط الرمي - الترتيب: يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، ولو رماها منكوسة أعاد على الوسطى وجمرة العقبة.
ووقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها، ولا يجوز أن يرمي ليلاً إلا لعذر كالخائف والمريض والرعاة والعبيد.
ومن حصل له رمي أربع حصيات، ثم رمى على الجمرة الأخرى حصل بالترتيب فيعود إلى المتقدمة ويتم رمي ثلاثاً ويصح رميه. ولو نسي رمي يوم قضاه من الغد مرتباً بالفائت، ويعقب بالحاضر. ويستحب أن يكون ما يرميه لأمسه غدوة ، وما يرميه ليومه عند الزوال.
ولو نسي رمي الجمار حتى دخل مكة رجع ورمى، فإن خرج من مكة لم يكن عليه شئ إذا انقضى زمان الرمي، فإن عاد في القابل رمى، وإن استناب فيه جاز. ومن ترك رمي الجمار متعمداً وجب عليه قضاؤه، ويجوز أن يرمي عن المعذور كالمريض.
ويستحب أن يقيم الإنسان بمنى أيام التشريق، وأن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه، ويقف ويدعو، وكذا الثانية، ويرمي الثالثة مستدبر القبلة مقابلاً لها، ولا يقف عندها.
والتكبير بمنى مستحب، وصورته: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام.
ويجوز النفر في الأول: وهو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة لمن اجتنب النساء والصيد في إحرامه، والنفر الثاني: وهو اليوم الثالث عشر، فمن نفر في الأول لم يجز إلا بعد الزوال، وفي الثاني يجوز قبله.
ويستحب للإمام أن يخطب ويعلم الناس ذلك. ومن كان قضى مناسكه بمكة جاز أن ينصرف حيث شاء، ومن بقي عليه شئ من المناسك عاد وجوباً.
مسائل:
الأولى: من أحدث ما يوجب حدّاً أو تعزيراً أو قصاصاً ولجأ إلى الحرم ضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج، ولو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته فيه.
الثانية: يكره أن يمنع أحد من سكنى دور مكة.
الثالثة: يكره أن يرفع أحد بناءاً فوق الكعبة.
الرابعة: لا تحل لقطة الحرم قليلة كانت أو كثيرة، وتعرف سنة، ثم إن شاء تصدق بها ولا ضمان عليه، وإن شاء جعلها في يده أمانة.
الخامسة: إذا ترك الناس زيارة النبي (ص) أجبروا عليها، لما يتضمن من الجفاء المحرم.
ويستحب: العود إلى مكة لمن قضى مناسكه لوداع البيت، ويستحب أمام ذلك صلاة ست ركعات بمسجد الخيف، وأكده استحباباً عند المنارة التي في وسطه، وفوقها إلى جهة القبلة بنحو من ثلاثين ذراعاً، وعن يمينها ويسارها كذلك. ويستحب النـزول بمسجد الحصباء لمن نفر في الأخير، وأن يستلقي فيه.
وإذا عاد إلى مكة فمن السنة: أن يدخل الكعبة ويتأكد في حق الصرورة، وأن يغتسل ويدعو عند دخولها، وأن يصلي بين الاسطوانتين (كانتا مقابل باب الكعبة) على الرخامة الحمراء ركعتين: يقرأ في الأولى "الحمد وحم السجدة" وفي الثانية "عدد آيها"، ويصلي في زوايا البيت، ثم يدعو بالدعاء المرسوم. ويستلم الأركان، ويتأكد في اليماني. ثم يطوف بالبيت إسبوعاً، ثم يستلم الأركان والمستجار، ويتخير من الدعاء ما أحبه، ثم يأتي زمزم فيشرب منها، ثم يخرج وهو يدعو. ويستحب خروجه من باب الحنّاطين (ولا أثر له الآن فيخرج من باب يمكنه أن يرى منه الركن الذي فيه الحجر)، ويخر ساجداً، ويستقبل القبلة ويدعو، ويشتري بدرهم (2.5 غرام فضة) تمراً ويتصدق به احتياطاً لإحرامه.
ويكره الحج على الإبل الجلالة، ويستحب لمن حج أن يعزم على العود، والطواف أفضل للمجاور من الصلاة، وللمقيم بالعكس. ويكره المجاورة بمكة، ويستحب النـزول بالمعرس على طريق المدينة، وصلاة ركعتين به.
مسائل ثلاث:
الأولى: للمدينة حرم، وحده من عاير إلى وعير. ولا يعضد شجرة، ولا بأس بصيده إلا ما صيد بين الحرتين، وهذا على الكراهية المؤكدة.
الثانية: يستحب زيارة النبي (ص) للحاج استحباباً مؤكداً.
الثالثة: يستحب أن تزار فاطمة (ع) والأئمة (ع) بالبقيع.
خاتمـة:
تستحب المجاورة بها، والغسل عند دخولها، وتستحب الصلاة بين القبر والمنبر وهو الروضة، وأن يصوم الإنسان بالمدينة ثلاثة أيام للحاجة، وأن يصلي ليلة الأربعاء عند اسطوانة أبي لبابة، وفي ليلة الخميس عند الاسطوانة التي تلي مقام رسول الله (ص)، وأن يأتي المساجد بالمدينة كمسجد الأحزاب ومسجد الفتح ومسجد الفضيخ، وقبور الشهداء بـ (أحد) خصوصاً قبر حمزة عليه السلام . ويكره النوم في المساجد ويتأكد الكراهة في مسجد النبي (ص).


كتاب الحج - شرائع الإسلام