الحج بالنيابة - كتاب شرائع الإسلام

القول: في النيابة

وشرائط النائب ثلاثة: الإسلام، وكمال العقل، وأن لا يكون عليه حج واجب فلا تصح نيابة الكافر لعجزه عن نية القربة، ولا نيابة المسلم عن الكافر، ولا عن المسلم المخالف إلا أن يكون أباً للنائب، ولا نيابة المجنون لانغمار عقله بالمرض المانع من القصد، وكذا الصبي غير المميز، ويصح نيابة المميز.
ولابد من نية النيابة وتعيين المنوب عنه بالقصد، وتصح نيابة المملوك بإذن مولاه. ولا تصح نيابة من وجب عليه الحج واستقر إلا مع العجز عن الحج ولو مشياً، وكذا لا يصح حجه تطوعاً، ولو حج عن غيره لم يجز عن أحدهما.
ويجوز لمن حج أن يعتمر عن غيره إذا لم تجب عليه العمرة، وكذا لمن اعتمر أن يحج عن غيره إذا لم يجب عليه الحج. وتصح نيابة من لم يستكمل الشرائط وإن كان حجه صرورة.
ويجوز أن تحج المرأة عن الرجل وعن المرأة، ومن استؤجر فمات في الطريق فإن أحرم ودخل الحرم فقد أجزأت عمن حج عنه، ولو مات قبل ذلك لم يجز، وعليه أن يعيد من الأجرة ما قابل المتخلف من الطريق ذاهباً وعائداً. ويجب أن يأتي بما شرط عليه من تمتع، أو قران، أو إفراد.
ولو شرط الحج على طريق معين لم يجز العدول إن تعلق بذلك غرض، وإذا استؤجر بحجة لم يجز أن يؤجر نفسه لأخرى حتى يأتي بالأولى. ولو صد قبل الإحرام ودخول الحرم استعيد من الأجرة بنسبة المتخلف، ولو ضمن الحج في المستقبل لم يلزم إجابته. وإذا استؤجر فقصرت الأجرة لم يلزم الإتمام، وكذا لو فضلت عن النفقة لم يرجع المستأجر عليه بالفاضل.
ولا يجوز النيابة في الطواف الواجب للحاضر إلا مع العذر كالإغماء والبطن وما شابههما، ويجب أن يتولى ذلك بنفسه. ولو حمله حامل فطاف به أمكن أن يحتسب لكل منهما طوافه عن نفسه. ولو تبرع إنسان بالحج عن غيره بعد موته برأت ذمته.
وكل ما يلزم النائب من كفارة ففي ماله، ولو أفسده حج من قابل، ولا يعاد بالأجرة عليه. وإذا أطلق الإجارة اقتضى التعجيل ما لم يشترط الأجل. ولا يصح أن ينوب عن اثنين في عام. ولو استأجراه لعام صح الأسبق، ولو اقترن العقدان وزمان الإيقاع بطلا. وإذا أحصر تحلل بالهدي ويطاف عنه طواف النساء، ولا قضاء عليه.
ومن وجب عليه حجان مختلفان كحجة الإسلام والنذر، فمنعه عارض جاز أن يستأجر أجيرين لهما في عام واحد.
ويستحب أن يذكر النائب من ينوب عنه باسمه في المواطن كلها، وعند كل فعل من أفعال الحج والعمرة، وأن يعيد ما يفضل معه من الأجرة بعد حجه، وأن يعيد المخالف حجه إذا استبصر. ويكره أن تنوب المرأة إذا كانت صرورة.
مسائل ثمان:
الأولى: إذا أوصى أن يحج عنه ولم يعين الأجرة انصرف ذلك إلى أجرة المثل، وتخرج من الأصل إذا كانت واجبة، ومن الثلث إذا كانت ندباً. ويستحقها الأجير بالعقد، فإن خالف ما شرط له أجرة المثل.
الثانية: من أوصى أن يحج عنه ولم يعين المرات، فإن لم يعلم منه إرادة التكرار اقتصر على المرة، وإن علم إرادة التكرار حج عنه حتى يستوفي الثلث من تركته.
الثالثة: إذا أوصى الميت أن يحج عنه كل سنة بقدر معين فقصر جمع نصيب سنتين واستؤجر به لسنة، وكذا لو قصر ذلك أضيف إليه من نصيب الثالثة.
الرابعة: لو كان عند إنسان وديعة ومات صاحبها وعليه حجة الإسلام، وعلم أن الورثة لا يؤدون ذلك جاز أن يقتطع قدر أجرة الحج فيستأجر به، لأنه خارج عن ملك الورثة.
الخامسة: إذا عقد الإحرام عن المستأجر عنه ثم نقل النية إلى نفسه لم يصح، فإذا أكمل الحجة لم تقع عن المستأجر عنه ولا يستحق الأجرة ولا تجزي عن أحدهما.
السادسة: إذا أوصى أن يحج عنه وعين المبلغ، فإذا كان بقدر ثلث التركة أو أقل صح واجباً كان أو مندوباً، وإن كان أزيد وكان واجباً ولم يجز الورثة كان أجرة المثل من أصل المال، والزائد من الثلث. وإن كان ندباً حج عنه من بلده إن احتمل الثلث، وإن قصر حج عنه من بعض الطريق، وإن قصر عن الحج حتى لا يرغب فيه أجير صرف في وجوه البر.
السابعة: إذا أوصى في حج واجب وغيره قدم الواجب ، فإن كان الكل واجباً وقصرت التركة قسمت على الجميع بالحصص .
الثامنة: من عليه حجة الإسلام ونذر أخرى، ثم مات بعد الاستقرار أخرجت حجة الإسلام من الأصل، والمنذورة من الثلث. ولو ضاق المال إلا عن حجة الإسلام اقتصر عليها، ويستحب أن يحج عنه النذر.


كتاب الحج - شرائع الإسلام