شرائط وجوب حجة الإسلام - كتاب شرائع الإسلام

القول: في حجة الإسلام

وشرائط وجوبها خمسة:
الأول: البلوغ وكمال العقل، فلا يجب على الصبي، ولا على المجنون.
ولو حج الصبي أو حج عنه أو عن المجنون، لم يجز عن حجة السلام. ولو دخل الصبي المميز والمجنون في الحج ندباً، ثم كمل كل واحد منهما وأدرك المشعر أجزأ عن حجة الإسلام. ويصح إحرام الصبي المميز وإن لم يجب عليه، ويصح أن يحرم عن غير المميز وليه ندباً، وكذا المجنون.
والولي: هو من له ولاية المال كالأب، والجد للأب، والوصي. وللأم ولاية الإحرام بالطفل، ونفقته الزائدة تلزم الولي دون الطفل.
الثاني: الحرية، فلا يجب على المملوك ولو أذن له مولاه، ولو تكلفه بإذنه صح حجه، ولكن لا يجزيه عن حجة الإسلام، فإن أدرك الوقوف بالمشعر معتقاً أجزأه. ولو أفسد حجه ثم أعتق مضى في الفاسد وعليه بدنة وقضاه، وأجزأ عن حجة الإسلام. وإن أعتق بعد فوات الموقفين وجب عليه القضاء، وأجزاه عن حجة الإسلام.
الثالث: الزاد والراحلة، وهما يعتبران فيمن يفتقر إلى قطع المسافة، ولا تباع ثياب وآلات مهنته، ولا خادمه، ولا دار سكناه للحج.
والمراد بالزاد: قدر الكفاية من القوت والمشروب ذهاباً وعوداً، وبالراحلة: راحلة مثله. ويجب شراؤهما أو يكون معه ثمن الزاد، ويؤجر الراحلة ولو كثر الثمن مع وجوده.
ولو كان له دين وهو قادر على اقتضائه وجب عليه، فإن منع منه وليس له سواه سقط الفرض. ولو كان له مال وعليه دين بقدره لم يجب، إلا أن يفضل عن دينه ما يقوم بالحج. ولا يجب الاقتراض للحج، إلا أن يكون له مال بقدر ما يحتاج إليه زيادة عما استثناه.
ولو كان معه قدر ما يحج به فنازعته نفسه إلى النكاح لم يجز صرفه في النكاح وإن شق تركه وكان عليه الحج. ولو بذل له زاد وراحلة ونفقة له ولعياله وجب عليه، ولو وهب له مال لم يجب عليه قبوله.
ولو استؤجر للمعونة على السفر وشرط له الزاد والراحلة أو بعضه، وكان بيده الباقي مع نفقة أهله وجب عليه، وأجزأه عن الفرض إذا حج عن نفسه.
ولو كان عاجزاً عن الحج فحج عن غيره لم يجزه عن فرضه، وكان عليه الحج إن وجد الاستطاعة.
الرابع: أن يكون له ما يمون عياله حتى يرجع فاضلاً عما يحتاج إليه، ولو قصر ماله عن ذلك لم يجب عليه.
ولو حج عنه من يطيق الحج لم يسقط عنه فرضه، سواء كان واجد الزاد والراحلة أو فاقدهما. ولو تكلف الحج مع عدم الاستطاعة يجزيه، ولا يجب على الولد بذل ماله لوالده في الحج.
الخامس: إمكان المسير، وهو يشتمل على: الصحة، وتخلية السرب، والاستمساك على الراحلة، وسعة الوقت لقطع المسافة.
فلو كان مريضاً بحيث يتضرر بالركوب لم يجب، ولا يسقط باعتبار المرض مع إمكان الركوب. ولو منعه عدو، أو كان معضوباً لا يستمسك على الراحلة، أو عدم المرافق مع اضطراره إليه سقط الفرض.
ويجب الاستنابة مع المانع من مرض أو عدو، فإن حج نائباً واستمر المانع فلا قضاء، وإن زال وتمكن استحب له ببدنه. ولو مات بعد الاستقرار ولم يؤد قضي عنه. ولو كان لا يستمسك خلقة يسقط الفرض عن نفسه وماله. ولو احتاج في سفره إلى حركة عنيفة للالتحاق أو الفرار فضعف سقط الوجوب في عامه، وتوقع المكنة في المستقبل. ولو مات قبل التمكن والحال هذه لم يقض عنه.
ويسقط فرض الحج لعدم ما يضطر إليه من الآلات كأوعية الماء وأوعية الزاد. ولو كان له طريقان فمنع من إحداهما سلك الأخرى، سواء كانت أبعد أو أقرب. ولو كان في الطريق عدو لا يندفع إلا بمال يجب التحمل مع المكنة. ولو بذل له باذل وجب عليه الحج لزوال المانع، نعم لو قال له: أقبل وادفع أنت لم يجب.
وطريق البحر كطريق البر، فإن غلب ظن السلامة، وإلا سقط. ولو أمكن الوصول بالبر والبحر، فإن تساويا في غلبة السلامة كان مخيراً، وإن اختص أحدهما تعين، ولو تساويا في رجحان العطب سقط الفرض.
ومن مات بعد الإحرام ودخول الحرم برأت ذمته، وإن كان قبل ذلك قضيت عنه إن كانت مستقرة، وسقطت إن لم تكن كذلك. ويستقر الحج في الذمة إذا استكملت الشرائط وأهمل.
والكافر يجب عليه الحج ولا يصح منه، فلو أحرم ثم أسلم أعاد الإحرام، وإذا لم يتمكن من العود إلى الميقات أحرم من موضعه. ولو أحرم بالحج وأدرك الوقوف بالمشعر لم يجزه إلا أن يستأنف إحراماً آخر، وإن ضاق الوقت أحرم ولو بعرفات.
ولو حج المسلم ثم ارتد لم يعد. ولو لم يكن مستطيعاً فصار كذلك في حال ردته وجب عليه الحج وصح منه إذا تاب. ولو أحرم مسلماً ثم ارتد ثم تاب لم يبطل إحرامه.
ولا يشترط في وجوب الحج الرجوع إلى الكفاية من صناعة أو مال أو حرفة. وإذا اجتمعت الشرائط فحج متسكعاً، أو حج ماشياً، أو حج في نفقة غيره أجزأه عن الفرض.
ومن وجب عليه الحج فالمشي أفضل له من الركوب إذا لم يضعفه، ومع الضعف الركوب أفضل.
مسائل أربع:
الأولى: إذا استقر الحج في ذمته ثم مات قضي عنه من أصل تركته، فإن كان عليه دين وضاقت التركة قسمت على الدين وعلى أجرة المثل بالحصص.
الثانية: يقضي الحج من أقرب الأماكن.
الثالثة: من وجب عليه حجة الإسلام لا يحج عن غيره لا فرضاً ولا تطوعاً، وكذا من وجب عليه بنذر أو إفساد.
الرابعة: لا يشترط وجود المحرم في النساء، بل يكفي غلبة ظنها بالسلامة، ولا يصح حجها تطوعاً إلا بأذن زوجها، ولها ذلك في الواجب كيف كان، وكذا لو كانت في عدة رجعية، وفي البائنة لها المبادرة من دون إذنه.


كتاب الحج - شرائع الإسلام