اعتذار عن ذنب وطلب دعاء بالذرية
السؤال/ 331: بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وأهل بيته الطيبين الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد .. السلام عليكم سيدي ومولاي يماني آل محمد ورحمة الله وبركاته.
سيدي ومولاي، العبد الذليل الحقير إلى الله من أنصارك وقد تشرفت بمبايعتك والآن أصبحت جندي من جنودك وأسأل الله العلي القدير أن يكتب لي الشهادة بين يديك إن شاء الله، وبفضل دعائكم لي سيدي أنا سوف أشرح لك قصتي.
أنا عبد عندي ذنوب كثيرة أيام الشباب وكان الشيطان (لعنه الله) مسيطر عليّ، هذه النفس الحقيرة ارتكبت خطأ مع امرأة عندما كان عمري 14، وقدمت اعتذاري لها عدة مرات ولكن لم تقبل اعتذاري، وطلبت براءة ذمتي مما بدر مني ولكن لن تفعل وأنا لحد الآن أحس بتأنيب الضمير، سيدي أقسم عليك بأمك الزهراء أن ترشدني إلى ما فيه خبر الآخرة، هذه أول مشكله.
سيدي ومولاي، أما المشكلة الثانية .......... سيدي أنا أعلم من الأنصار لا تقبل من أحد أن يخاطبك سيدي ومولاي ولكن لا أستطيع أن أخاطبك بخطاب آخر، سيدي ومولاي أريد منك حل لهاتين المشكلتين، هل من نصيحة، سيدي أقسم عليك بنحر الحسين أن تدعو لي بالتوفيق والذرية الصالحة، سيدي والله عندما كتبت هذه الرسالة وإن دموعي تسيل سيدي لا أريد شيئا من هذه الحياة الدنيا إلا طفل والله سيدي أخاف على نفسي أن أكون من الحساد، سيدي أقسم عليك مرة ثانية بنحر الحسين المظلوم العطشان أن تدعو لي الله جل جلاله بالذرية، أعتذر منك سيدي ومولاي كل الاعتذار على الإطالة.
سيدي هذا وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اللهُمّ صلّ على مُحَمّد وآل مُحَمّد الأئمة والمَهديين وسَلّم تَسليماً.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
بالنسبة للذنوب فإن الله تعالى قال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
فتوسل إلى الله أن يغفر لك ذنبك ويمنّ عليك برحمته، وادع بدعاء الإمام زين العابدين في يوم الاثنين وبهذا الدعاء بعد صلاة الليل وبعد صلاة الفجر: (الهي أسألك أن تتحمل عني كل دين في رقبتي لعبد من عبيدك، وأن تبعثني يوم القيامة وليس لأحد من عبيدك في رقبتي دين أو مظلمة يطالبني بها حتى ألقاك وأنت راض عني، يا رؤوف يا رحيم يا جواد يا كريم اغفر لي ذنوبي كلها جميعاً بجودك وكرمك، يا الله يا رحمن يا رحيم اغفر لي الذنب العظيم إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم، يا عظيم ما لي إله غيرك فادعوه ولا شريك لك فارجوه صل على محمد وآل محمد وخلصني مما أنا فيه ومما أخاف وأحذر بلطفك الخفي).
وأسأل الله أن يمكن عليك بالتوبة الصادقة ومغفرة من عنده لا تبقي عليك تبعة تطالب بها، وأن يمن عليك بذرية صالحة هو وليي وهو يتولى الصالحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وهذا سؤال وجوابه من المتشابهات فيه فائدة لك:
س/ قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. وقال تعالى: ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. فالآية الأولى تعد بمغفرة جميع الذنوب والثانية ببعض الذنوب، فكيف الجمع بين الاثنين ؟
ج/ بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
الذنوب بينكم وبين العباد لا تغتفر، إلا بإعادة الحقوق إلى أصحابها، وتحصيل براءة الذمة منهم، هذا قانون عام: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾، أي يغفر الله الذنوب التي بينكم وبينه، أما الذنوب مع العباد فلابد من تحصيل براءة الذمة وإعادة الحقوق لأصحابها، وفي دعاء يوم الاثنين، للإمام زين العابدين (ع):
(... وأسألك في مظالم عبادك عندي، فأيما عبد من عبيدك، أو أمَة من إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في نفسه أو في عرضه أو في ماله أو في أهله وولده، أو غيبة اغتبته بها، أو تحامل عليه بميل أو هوى، أو أنفة أو حمية أو رياء أو عصبية غائباً كان أو شاهداً، وحياً كان أو ميتاً، فقصرت يدي، وضاق وسعي عن ردها إليه، والتحلل منه. فأسألك يا من يملك الحاجات وهي مستجيبة لمشيئته، ومسرعة إلى إرادته أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترضيه عني بما شئت، وتهب لي من عندك رحمة إنه لا تنقصك المغفرة، ولا تضرك الموهبة يا أرحم الراحمين).
أي يغفر لكم بينكم وبين العباد بالدعاء والتوسل إليه سبحانه، بأن يكون هو الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها (إذا ضاق وسعي وقصرت يدي) وهذا هو القانون الخاص: (وبه يصبح غفران الذنوب جميعاً).
وهناك طريق لغفران الذنوب جميعاً يسير، قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
وعن أهل البيت (ع) هي: (في صلة الإمام)، وعنهم (ع) هي: (في صلة الرحم، والرحم رحم آل محمد خاصة)، فصلة الإمام يعبر عنها الله سبحانه وتعالى بأنها قرض له سبحانه وتعالى وهو الذي يسدده.
وصلة الإمام تكون بصور: منها: (الصلة بالمال)، و(الصلة بالعمل معه)، و(الجهاد بين يديه باللسان والسنان لإثبات حقه (ع)).
وأكيد أن العمل مع الإمام أفضل من إعطاء المال له؛ لأن العمل يرهق جسد الإنسان، وربما كان فيه هلاك جسده إذا جاهد بين يدي الإمام باللسان والسنان.
فكم هي الرحمة عظيمة إذا كان الحجة بين أظهر الناس، حيث فُتح هذا الباب العظيم، وهو أن يكون الإنسان بصلة الإمام (ع) قد أقرض الله، فيقف يوم القيامة بين يدي الله، فيوفيه الله هذا القرض، وهذا العبد لو جاء بعدد رمال البر ذنوباً، لغُفرت له؛ لأن له قرضاً عند الله ديان يوم الدين، وهو يعطي الكثير بالقليل، وعطاؤه بلا حساب فيسدد الله جميع ديون هذا العبد وذنوبه مع العباد ويدخله الجنة بغير حساب.
الجواب المنير عبر الأثير - الجزء الرابع