نزول منى وما بها من المناسك (الذبح) - كتاب شرائع الإسلام
القول: في نزول منى وما بها من المناسك
... وأما الثاني: وهو الذبح، فيشتمل على أطراف:
الأول: في الهدي.
وهو واجب على المتمتع، ولا يجب على غيره سواء كان مفترضاً أو متنفلاً. ولو تمتع المكي وجب عليه الهدي، ولو كان المتمتع مملوكاً بإذن مولاه كان مولاه بالخيار بين أن يهدي ، وأن يأمره بالصوم. ولو أدرك المملوك أحد الموقفين معتقاً لزمه الهدي مع القدرة، ومع التعذر الصوم.
والنية شرط في الذبح، ويجوز أن يتولاها عنه الذابح بشرط ان يكون مؤمناً، ويجب ذبحه بمنى. ولا يجزي واحد في الواجب إلا عن واحد، ويجزي البقر عن سبعة في الندب. ولا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي، بل يقتصر على الصوم. ولو ضل الهدي فذبحه غير صاحبه لم يجز عنه. ولا يجوز إخراج شئ مما يذبحه عن منى، بل يخرج إلى مصرفه بها.
ويجب ذبحه يوم النحر مقدماً على الحلق ، فلو أخره أثم وأجزأ. وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة جاز.
الثاني: في صفاته. والواجب ثلاثة:
الأول: الجنس، ويجب أن يكون من النعم: الإبل، والبقر، والغنم.
الثاني: السن، فلا يجزي من الإبل إلا الثني، وهو الذي له خمس ودخل في السادسة، ومن البقر والمعز ما له سنة ودخل في الثانية ، ويجزي من الضأن الجذع لسنته.
الثالث: أن يكون تاماً، فلا يجزي العوراء، ولا العرجاء البين عرجها، ولا التي انكسر قرنها الداخل، ولا المقطوعة الإذن، ولا الخصي من الفحول، ولا المهزولة وهي التي ليس على كليتها شحم.
ولو اشتراها على أنها مهزولة فخرجت كذلك لم تجزه، ولو خرجت سمينة أجزأته وكذا لو اشتراها على أنها سمينة فخرجت مهزولة، ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم يجزه.
والمستحب: أن تكون سمينة تنظر في سواد وتبرك في سواد وتمشي في مثله، وأن تكون مما عرّف به. وأفضل الهدي من البدن والبقر الإناث، ومن الضأن والمعز الذكران. وأن ينحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة، ويطعنها من الجانب الأيمن، وأن يدعو الله تعالى عند الذبح، ويترك يده على يد الذابح، وأفضل منه أن يتولى الذبح بنفسه إذا أحسن.
ويستحب أن يقسمه ثلاثاً يأكل ثلثه، ويتصدق بثلثه، ويهدي ثلثه. ويجب الأكل منه، ولو قليلاً. ويكره: التضحية بالجاموس، وبالثور، وبالموجوء.
الثالث: في البدل.
من فقد الهدي ووجد ثمنه ينتقل فرضه إلى الصوم، وإذا فقدهما صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج متتابعات، يوماً قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة. ولو لم يتفق اقتصر على التروية وعرفة، ثم صام الثالث بعد النفر. ولو فاته يوم التروية أخره إلى بعد النفر، ويجوز تقديمها من أول ذي الحجة بعد أن تلبس بالمتعـة. ويجوز صومها طول ذي الحجة، ولو صام يومين وأفطر
الثالث لم يجزه واستأنف، إلا أن يكون ذلك هو العيد فيأتي بالثالث بعد النفر.
ولا يصح صوم هذه الثلاثة إلا في ذي الحجة بعد التلبس بالمتعة، ولو خرج ذو الحجة ولم يصمها تعين الهدي في القابل. ولو صامها ثم وجد الهدي ولو قبل التلبس بالسبعة لم يجب عليه الهدي وكان له المضي على الصوم، ولو رجع إلى الهدي كان أفضل.
وصوم السبعة بعد وصوله إلى أهله، ولا يشترط فيها الموالاة، فإن أقام بمكة انتظر قدر وصوله إلى أهله ما لم يزد على شهر، ولو مات من وجب عليه الصوم ولم يصم وجب أن يصوم عنه وليه الثلاثة والسبعة.
ومن وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجد كان عليه سبع شياة، ولو تعين الهدي فمات من وجب عليه أخرج من أصل التركة.
الرابع: في هدي القران.
لا يخرج هدي القران عن ملك سائقه، وله إبداله والتصرف فيه وإن أشعره أو قلده، ولكن متى ساقه فلابد من نحره بمنى إن كان لإحرام الحج، وإن كان للعمرة فبفناء الكعبة بالحزورة.
ولو هلك لم يجب إقامة بدله، لأنه ليس بمضمون. ولو كان مضموناً كالكفارات وجب إقامة بدله. ولو عجز هدي السياق عن الوصول جاز أن ينحر أو يذبح، وُيعلَّم بما يدل على أنه هدي. ولو أصابه كسر جاز بيعه، والأفضل أن يتصدق بثمنه أو يقيم بدله، ولا يتعين هدي السياق للصدقة إلا بالنذر.
ولو سرق من غير تفريط لم يضمن. ولو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه أجزأ عنه. ولو ضاع فأقام بدله ثم وجد الأول ذبحه ولم يجب ذبح الأخير، ولو ذبح الأخير ذبح الأول ندباً، إلا أن يكون منذوراً. ويجوز ركوب الهدي ما لم يضر به، وشرب لبنه ما لم يضر بولده .
وكل هدي واجب كالكفارات لا يجوز أن يعطي الجزار منها شيئاً، ولا أخذ شئ من جلودها، ولا أكل شئ منها، فإن أكل تصدق بثمن ما أكل. ومن نذر أن ينحر بدنة فإن عين موضعها وجب، وإن أطلق نحرها بمكة.
ويستحب أن يأكل من هدي السياق، وأن يهدي ثلثه، ويتصدق بثلثه، كهدي التمتع، وكذا الأضحية.
الخامس: الأضحية.
ووقتها بمنى أربعة أيام، أولها يوم النحر، وفي الأمصار ثلاثة. ويستحب الأكل من الأضحية ولا بأس بادخار لحمها، ويكره أن يخرج به من منى، ولا بأس بإخراج ما يضحيه غيره.
ويجزي الهدي الواجب عن الأضحية، والجمع بينهما أفضل. ومن لم يجد الأضحية تصدق بثمنها، فإن اختلفت أثمانها جمع الأعلى والأوسط والأدنى، وتصدق بثلث الجميع.
ويستحب أن تكون الأضحية بما يشتريه، ويكره بما يربيه. ويكره أن يأخذ شيئاً من جلود الأضاحي، وأن يعطيها الجزار، والأفضل أن يتصدق بها.
كتاب الحج - شرائع الإسلام