قوله تعالى : ﴿ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا...﴾

سؤال/ 156: قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ ، الآية تشعر بجواز الطواف، والمتعارف عن أعمال الحج أن الطواف واجب؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
المقصود بالحج هو: حج بيت الله الحقيقي، وهم محمد وآل محمد (ع)، فمن حج بيت الله وأتم العشر، (مقامات الإيمان والحج)، وحج بيت الله، وأصبح (منا أهل البيت) فله أن يأكل من ثمار شجرة علم آل محمد (ع). وهذا الجواز مقابل للمنع الذي منع به آدم (ع)، ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ ، وهي شجرة علم آل محمد (ع)، وليست الآية بحسب ظاهرها.
والصفا: علي (ع)، والمروة: فاطمة (ع) ([236]).
ولا ﴿جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ﴾: أي لا جناح عليه أن يأخذ منهما، فهما باب مدينة العلم (محمد (ص))، والأخذ منهما يكون بالأخذ من الأئمة والمهديين (ع)، ولابد للإنسان من السعي للوصول إلى الحج الحقيقي واستكمال درجات الإيمان العشرة، وبالتالي يكون بمرتبة: (منا أهل البيت)، فيكون له أن يأخذ من ثمار الشجرة المباركة.
أما في هذا العالم الجسماني فهذه الحالة الجسمانية وهي الذهاب إلى الكعبة وقصدها، فإنما تشير إلى الانصياع لهذا الأمر الإلهي، فهي واجبة؛ لأنها تمثل الائتمار بأمر الله.
أما الوصول الحقيقي في العوالم العلوية فهو إن تحقق - بفضل الله وسعي الإنسان - فهو الخير كله، وإن لم يتحقق فالإنسان بفضل إجابته دعاء (أقبل) فإنه يتقلب في جنات الله سبحانه وتعالى؛ لأنه سعى، ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ ، فالسعي واجب على الإنسان ومن بدايات السعي هو الحج في هذا العالم الجسماني.
ويبقى أنّ الإنسان يأخذ بقدر سعيه وبفضل الله عليه، فإن وصل وحج بيت الله الحقيقي، وكان ممن أكمل مراتب الإيمان العشرة، وكان منا أهل البيت بالحقيقة، جاز له قطف ثمار الشجرة والأكل منها، كما أنّ الذي يحج الكعبة يجوز له السعي بين الصفا والمروة، بل هي واجبة باعتبار ما قلت إنها مقدمات إجابة دعاء الله سبحانه عبده بالإقبال عليه سبحانه ([239]).


هامش:
[236]- مما ورد أن دابة الأرض - وهي إنسان كما توضح في مواضع متعددة من المتشابهات - تخرج بين الصفا والمروة أي علي وفاطمة عليهما السلام، فعن علي بن مهزيار عند لقائه بالإمام المهدي (ع) : (. . . فقلت يا سيدي متى يكون هذا الأمر؟ فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر واستدار بهما الكواكب والنجوم، فقلت: متى يا بن رسول الله؟ فقال لي: في سنة كذا وكذا تخرج دابة الارض من بين الصفا والمروة، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان، يسوق الناس إلى المحشر) غيبة الطوسي: ح228. ومعنى ذلك: أن هذا الإنسان يكون من علي وفاطمة عليهما السلام ويخرج منهما وكذا بينهما، فهو منهما لأنهما أبواه، وكذا يخرج بينهما في هذا العالم؛ لأن البصرة - التي ينتسب لها أول المهديين - تقع بين النجف حيث أمير المؤمنين (ع) والمدينة المنورة حيث موضع فاطمة عليها السلام، فيكون خروج دابة الأرض والمهدي الأول بين الصفا والمروة، والله أعلم وأحكم.
[239]- والحديث معروف : (إن الله عز وجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له : أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيماً وكرمتك على جميع خلقي ، قال : ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل فقال له: استكبرت، فلعنه ) أصول الكافي : ج1 ص31.

المتشابهات - الجزء الرابع