معنى قول الامام احمد الحسن (ع) ان الوصية وصلت بسند صحيح ؟

القول موجود في بيان البراءة : ((لقد بشركم بي جدي رسول الله ( ص) وذكرني في وصيته باسمي وصفتي ، ووصلت لكم هذه الوصية بسند صحيح وذكرها علماء الشيعة في كتبهم))

وهذا نص سؤال ورد على الامام احمد الحسن (ع) وجوابه منه (ع) : 

س/ الأخ جعفر الشبيب يسأل عن معنى قول الإمام ع في أن رواية الوصية وصلت بسند صحيح.

أبو زينب. 

 

ج/ بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين سلم تسليما

 

قبل الجواب لابد من التنبيه أن الحجة لا يحتاج لمناهج وضعية منحرفة عن الحق ليثبت الحق وإنما رحمة بالناس يحتج على بعض المنحرفين بمنهجهم ويناقشه ويبين وهنه والقول الصحيح من السقيم ويلزمهم لعلهم يرجعون إلى الحق.

الرواية إذا كان رواتها شيعة عدولاً أو صادقين فهي صحيحة السند عندهم. 

إذن لصحة السند يكفي أن نثبت أن:

1- الرواة شيعة 

2- صادقون

ويكفي لثبوت أن رواة الوصية شيعة أن الشيخ الطوسي روى الوصية ضمن روايات الخاصة أي أن الشيخ الطوسي يعتبر رواتها من الخاصة (الشيعة) فقد قال الطوسي في الغيبة : ((فأما ما روي من جهة الخاصة فأكثر من أن يحصى، غير أنا نذكر طرفا منها ....)، ثم بعد سرد روايات الخاصة ومنها الوصية علق قائلا: ((أما الذي يدل على صحتها فإن الشيعة يروونها على وجه التواتر خلفاً عن سلف وطريقة تصحيح ذلك موجودة في كتب الإمامية في النصوص على أمير المؤمنين (ع) والطريقة واحدة)).

ويمكن مراجعة كتاب انتصارا للوصية للشيخ ناظم حفظه الله في إثبات أن رواة الوصية شيعة بالتفصيل.

أما الحكم بصدق الرواة أفرادا – ونحن يكفينا الصدق- فلا نحتاج فيه غير انه لم يثبت بدليل شرعي أن احدهم مقدوح فيه فالمؤمن صادق فيما يقول حتى يثبت كذبه بدليل شرعي.

فهم لا يقولون أن المؤمن كاذب حتى يثبت صدقه ومن يقول هذا فكلامه يعني انه يفسق أتباعه ويعتبرهم كذابين حتى يثبت كل فرد منهم صدقه بدليل؟!

أما من يقول منهم أن المؤمن مجهول الحال ظاهرا حتى يثبت صدقه، ويريدون انه لا يعرف حاله الظاهري صادق أو كاذب إلا بدليل شرعي.

فقولهم هذا مخالف للقرآن ولمنهج الرسول وسماعه من المؤمنين وتصديقه للمؤمنين دون أن يفحص عن أكثر من إيمانهم والآية القرآنية التي تبين سيرة الرسول في هذا الأمر واضحة جلية قال تعالى: ((وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) أي أن المعترضين على فعل رسول الله محمد (ص) قولهم كقول هؤلاء بمجهولية حال المؤمن وعدم الاعتماد على قوله حتى يثبت انه صادق بدليل، فهم ينتقدون الرسول محمداً (ص) لسماعه وتصديقه كلام أي مؤمن ((وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)) أي أن محمدا (ص) يسمع لكل مؤمن ويصدقه فيما يقول ولا يقول أن المؤمن مجهول الحال آو كاذب حتى يثبت صدقه بل عند الرسول كما في الآية المؤمن صادق حتى يثبت كذبه ((قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ))... (( وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ )) : أي يصدق المؤمنين، وهذا الحكم القرآني بصدق المؤمن ظاهرا وليس بمجهولية حاله كما يدعون يكفينا حيث أن رواة الوصية شيعة مؤمنين والمؤمن صادق ظاهرا كما في القرآن وبهذا فرواة الوصية شيعة صادقون ظاهرا وهذا يثبت صحة سندها لمن يلتزمون بمسألة السند وتصحيحه ويعتمدون ويعولون عليها، أما مسألة باطن المؤمن وكونه صادق أو كاذب على الحقيقة فهذه مسألة لم يكلف الله بها الناس ولا يعلمها غير رب الأرباب العالم بالبواطن ومن يشاء أن يعلمه.

اعتقد ما تقدم كاف ولكن للزيادة أضف أن قولهم بأن المؤمن كاذب ظاهرا حتى يثبت صدقه أو مجهول الحال ظاهرا حتى يثبت صدقه مخالف لسماحة شريعة الإسلام ويلزم منه تعطيل المحاكم الشرعية والقضاء والإيقاعات والعقود في كثير من الأحيان حيث لا تستطيع التوصل إلى شاهد على الزواج والطلاق والمرافعات إلا بشق الأنفس هذا إن حصل تسامح في شرط ثبوت العدالة والصدق عندهم وإلا فلا تثبت عدالة احد إلا عند الفاحص والمدقق نفسه بناءً على قولهم بان العدالة والصدق لا تثبت إلا بالفحص والتدقيق فالفاحص والمدقق نفسه يحتاج من يشهد له بالعدالة والصدق لتقبل شهادته عند غيره بحق شخص آخر وهكذا فالأمر يتسلسل ويبطل، فلا يمكن أن يثبت بهذا الطريق عدالة احد إلا من شهد له حجة من حجج الله ثبتت حجيته بالدليل أو تثبت للفاحص نفسه فقط ولا يمكن أن يفحص القاضي الشرعي عدالة كل الناس بنفسه إذن تعطلت الشهادة عند القضاة في الإسلام. 

إذن فقولهم بمجهولية حال المؤمن يجعل من العسير تحصيل الشهادات في المحاكم وما شابه من قضايا العقود والإيقاعات،

فقولهم باطل ومخالف لسيرة الرسول محمد (ص) والأئمة (ع) وللإسلام وسماحته وللقرآن ويسر أحكامه،

وأضف أن قولهم بمجهولية حال المؤمن يلزم منه عدم الاعتماد على سوق المؤمنين فضلا عن سوق المسلمين،

بينما الروايات اعتبرت الاعتماد على سوق المسلمين جائزاً، وفقهاؤهم يفتون بهذا.

أي أن الروايات عن الأئمة (ع) اعتبرت المسلم صادقا في قوله بذكاة السمك والذبائح وما شابه.

فما بالك بالمؤمن؟!!!

إذن فالصحيح أن نحكم بصدق المؤمن حتى يأتي دليل قطعي على كذبه.

أما من يصرون بعد هذا البيان على أن المؤمن مجهول الحال أو فاسق حتى تثبت عدالته أو صدقه فهذا شأنهم وهو عناد وتحكم بلا دليل بل الدليل قائم على أن المؤمن صادق ويصدق في قوله وليسمع أتباعهم قولهم وليعرفوا أنهم فسقة ونكرات مجهولي الحال وغير صادقين عند فقهاء الضلال حتى وان اثبتوا أنهم مؤمنون حيث يُلزمهم فقهاء الضلال أن يثبت كل فرد منهم عدالته والتي لا يمكن ثبوتها على طريقتهم بدليل منطقي صحيح حيث لو قالوا تثبت عدالة الشخص بشهادة عدول أو عدلين له فهؤلاء العدول يحتاجون لشهادة أيضا وهكذا يتسلسل الأمر ويبطل.

وفوق كل ما تقدم فهؤلاء الذين يتبجحون بعلم الرجال ليس لديهم مادة رجالية أصلا في الجرح والتعديل تغطي عددا معتدا به من صحابة محمد وآل محمد (ص) ليحق لهم أن يتكلموا في الجرح والتعديل فهم أصلا فاقدون لمادة الجرح والتعديل المعتد بها حيث هناك مئات الآلاف من صحابة الرسول والأئمة (ع) وليس لديهم في كتب رجال المتقدمين سوى ذكر عدد قليل جدا من هؤلاء وإذا كان الحال هذا، فأي رواية لا تعجب بعضهم ولا توافق أهواءهم يمكنهم ردها بسهولة بحجة أن هذا الراوي مجهول الحال أو لم يذكر في كتب رجال المتقدمين في حين أن الأكثرية لم يذكروا وفي حين أن الحقيقة التي لا يعلمها عامة الناس: أن هؤلاء أصلا ليس لديهم مادة توثيق معتد بها منطقيا يتحاكمون لها. ومن يريد التفصيل أكثر يمكنه الرجوع إلى ما فصله شيخ ناظم حفظه الله في هذا الأمر.

والحمد لله رب العالمين.

 

انتهى كلام الامام احمد الحسن (ع)