Subjects
-مقدمة المعلِّق
-الأسد والخروف في رؤيا يوحنا .. من هو ؟
-الغصن الخارج من جذع يسّى
-المرأة المتسربلة بالشمس والقمر
-كيف تم التبشير بعيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله)
-عدد الدجال أو الوحش
-الإسلام والعنف وحقوق المرأة
-نصيحة لكل مسيحي يريد التعرف على الحق
-مسألة الصلب وإنجيل يهوذا
-من هو الشبيه المصلوب ؟
-ملحق رقم (1)
هو الله سبحانه الواحد الأحد وكل من سواه خلقه
-ملحق رقم (2)
-الكلمة
-عمانوئيل أو الله معنا
-الله ظهر في الجسد
-الابن
-ملحق رقم (3)
إنجيل يهوذا
-ملحق رقم (4)
في بيان الفداء وحجر الزاوية
-ملحق رقم (5)
قصة عيسى وكيف شُبِّه لهم
-ملحق رقم (6)
جمعة صلب الحواري الثالث عشر (جمعة 13)
Text
إصدارات أنصار الإمام المهدي ( / العدد (154) الحَوَاريُّ الثالث عشر السيد أحمد الحسن (تعليق علاء السالم) الطبعة الأولى 1433 هـ - 2012 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. -مقدمة المعلِّق تعريف بصاحب الكتاب ودعوته الإلهية: السيد أحمد الحسن .. هو أحمد بن إسماعيل بن صالح بن حسين بن سلمان بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام. هو وصي ورسول الإمام المهدي محمد بن الحسن ( إلى الناس كافة، اليماني الموعود عند المسلمين الشيعة، والمهدي الذي بشر بولادته رسول الله / في آخر الزمان عند المسلمين السنة، والمعزي لأنبياء الله ورسله الذي وعد به نبي الله عيسى ( كما ورد في الإنجيل، والمنقذ الذي وعد بإرساله نبي الله إيليا ( عند اليهود. انطلق بدعوته الإلهية الكبرى عام 1999م في العراق (الشرق) عاصمة دولة العدل الإلهي، ومنه انتشرت إلى العالم كله، جاء الناس محتجاً عليهم بما احتج به أنبياء الله ورسله على أقوامهم: النص (الذي أوضحه لأهل الأديان وفق الكتب التي يعتقدون بها)، والعلم الذي تحدى به كبار علماء الأديان كلها، والدعوة إلى حاكمية الله، إضافة إلى تأييد الله سبحانه له بالملكوت عبر آلاف الرؤى الصادقة بالأنبياء والمرسلين التي تشهد له. وكان قد خطَّ بيمينه مجموعة من الكتب التي تحوي جوانب كبيرة من المعرفة الإلهية التي بدأ ببثها إلى الناس كان منها: (كتاب التوحيد، المتشابهات، اضاءات من دعوات المرسلين، رحلة موسى إلى مجمع البحرين، الجواب المنير عبر الأثير، النبوة الخاتمة، العجل، الجهاد باب الجنة، حاكمية الله لا حاكمية الناس)، وغيرها الكثير. أما هدف دعوته فهو الهدف من دعوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، أن ينتشر التوحيد على كل بقعة في هذه الأرض هدف الأنبياء والمرسلين هو هدفه، وبيان التوراة والإنجيل والقرآن وما اختُلف فيه .. أن تمتلئ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، أن يشبع الجياع ولا يبقى الفقراء في العراء، أن يفرح الأيتام بعد حزنهم الطويل وتجد الأرامل ما يسد حاجتها المادية بعز وكرامة، أن ... وأن ...، أن يطبق أهم ما في الشريعة العدل والرحمة والصدق. وقد التحق بركب هذه الدعوة المباركة الكثير من المؤمنين المنتشرين على مناطق كثيرة من العالم، للمزيد يرجى مراجعة الموقع الرسمي لأنصار الإمام المهدي ( ([1]). أحمد هو الـ (13) من الـ (24) شيخاً في نصوص الأديان: ورد في الإنجيل: «1 بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ، وَالصَّوْتُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَبُوق يَتَكَلَّمُ مَعِي قَائِلاً: اصْعَدْ إِلَى هُنَا فَأُرِيَكَ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا. 2 وَلِلْوَقْتِ صِرْتُ فِي الرُّوحِ، وَإِذَا عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَعَلَى الْعَرْشِ جَالِسٌ. 3 وَكَانَ الْجَالِسُ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهَ حَجَرِ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ، وَقَوْسُ قُزَحَ حَوْلَ الْعَرْشِ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهُ الزُّمُرُّدِ. 4 وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ. 5 وَمِنَ الْعَرْشِ يَخْرُجُ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ»([2]). وعن الجالس على العرش بإمكاننا أن نطالع في نصوص المسلمين (الشيعة) ما يؤكد أنّ رسول الله محمد / هو الجالس على العرش، وأما أصحاب العروش الأربعة والعشرين فهم خلفاؤه الطاهرون (12 إماماً + 12 مهدياً) كما نصّت على ذلك وصيته المقدسة، وهذا نصها: (... قال رسول الله / في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (: يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة، فأملا رسول الله / وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام، سمّاك الله تعالى في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك. يا علي، أنت وصيي على أهل بيتي حيّهم وميتهم وعلى نسائي فمن ثبتها لقيتني غداً ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي، فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد، فذلك إثنا عشر إماماً. ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين) له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين) ([3]). وهؤلاء الأئمة الأربعة والعشرون ورد ذكرهم عند المسلمين (السنة) أيضاً: عن كعب الأحبار، قال: (هم اثنا عشر، فإذا كان عند انقضائهم فيجعل مكان اثني عشر اثنا عشر مثلهم، وكذلك وعد الله هذه الأمة فقرأ: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم"، وكذلك فعل ببني إسرائيل) ([4]). بين يدي الكتاب (الحواري الثالث عشر) ([5]): إنّ صاحب هذا الكتاب - عزيزي القارئ - هو الوصي الثالث عشر كما نص على ذلك رسول الله محمد في وصيته المقدسة، والحواري الثالث عشر الذي وعد بعودته عيسى عند اقتراب القيامة الصغرى كما في الإنجيل، والسيد الذي يعود ثانية ويرفع راية للأمم كما نصّت التوراة. إنه المخلِّص إذن، والمنقذ العالمي الموعود الذي ينتظره أتباع الأديان جميعاً. وإذا كان مخطط الله سبحانه لرَجُلِ الخلاص في يومه الموعود سري للغاية، يقول الأسقف بولس الفغالي عن الختوم في سفر الرؤيا: (والختوم السبعة "عدد الكمال" تدلّ على أن مخطط الله سري جدًّا، وأن لا شيء يبدّله) ([6])، وإذا كان هذا الاعتراف هو ذاته الذي يؤمن به المسلمون ولا أقل الشيعة منهم كما بيَّن أئمة الهدى: عن مالك الجهني قال: (قلت: لأبي جعفر ( إنا نصف صاحب الأمر بالصفة التي ليس بها أحد من الناس، فقال: لا والله، لا يكون ذلك أبداً حتى يكون هو الذي يحتج عليكم بذلك ويدعوكم إليه) ([7]). أقول: إذا كان كذلك، فإنّ كشف السر من قبل ذلك الرجل (المخلِّص) سيكون بكل تأكيد علامة توصلنا إليه وأمارة تدلّنا عليه، ومن ثمَّ خلاصنا ونجاتنا بتصديقنا إياه وركوب سفينته قبل فاجعة الطوفان الثاني التي باتت قريبة إذا شاء الله إمضاء أمره. إنّ بيانات العالم والعبد الصالح على حدِّ وصف القرآن له، والعبد الأمين والحكيم على حد وصف الإنجيل، السيد أحمد الحسن، التي ضمّها هذا الكتاب وما احتواه من فكٍّ لأسرار مختومة ما كان لأحد أن يصل إليها لولا ارتباطه بالله، لبرهان ساطع على أحقيته وصدق دعوته المباركة. وبرغم وضوح كلامه ( وسطوع حجته في الكتاب، لكن حرصاً على زيادة التوضيح تم وضع بعض التعليقات المختصرة والضرورية قدر الإمكان، وكانت في بعضها تتعرض لنقل بعض أقوال علماء الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية لأنها تلزم أصحابها ومن يلتزم بها من جهة، كما أنّ عرضها ومقارنتها بما أوضحه السيد أحمد الحسن ( يوضح بجلاء بطلانها وخطأها، وأنّهم خاضوا في تلك الأسرار بجهل. ثم لا يفوتني أن أنبّه إلى أني انتفعت كثيراً في التعليق على هذا الكتاب من تعليقات الأخ الدكتور توفيق محمد المغربي التي كان قد وضعها على ذات الأجوبة التي طرحت في هذا الكتاب، فجزاه الله خيراً وختم له ولنا بخير. ختاماً، نسأل الله أن يمكّن لقائم آل محمد وينصره نصراً عزيزاً، ويهدي إليه من شاء الهداية من خلقه بفضله سبحانه، وأن يعفو عن تقصيرنا بحقه. والحمد لله رب العالمين. علاء السالم 15 نيسان 2012 م الموافق: 23 جمادي الأولى 1433 هـ -الأسد والخروف في رؤيا يوحنا .. من هو ؟ س1/ يُفسِّر السيد أحمد الحسن في بعض كتبه الأربعة والعشرين شيخاً في رؤيا يوحنا بـ (الأئمة الاثني عشر والمهديين الاثني عشر /) الوارد ذكرهم في وصية رسول الله محمد /. والسؤال الذي يُطرح: إنّ الأربعة والعشرين شيخاً قاموا بمخاطبة الخروف المصلوب الذي يتوسّطهم، فمن يكون يا تُرى ؟ الجواب: رؤيا يوحنا في الأصحاح الرابع: «1.... وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس. 3 وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد. 4 وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً. ورأيت على العروش أربعة وعشرين شيخاً جالسين متسربلين بثياب بيض وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب. 5 ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات ...». وفي الأصحاح الخامس: «1 ورأيت على يمين الجالس على العرش سفراً مكتوباً من داخل ومن وراء مختوماً بسبعة ختوم. 2 ورأيت ملاكاً قوياً ينادي بصوت عظيم من هو مستحق أن يفتح السفر ويفك ختومه. 3 فلم يستطع أحد في السماء ولا على الأرض ولا تحت الأرض أن يفتح السفر ولا أن ينظر إليه. 4 فصرت أنا أبكي كثيراً لأنه لم يوجد أحد مستحقا أن يفتح السفر ويقرأه ولا أن ينظر إليه. 5 فقال لي واحد من الشيوخ لا تبك. هو ذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا أصل داود ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة 6 ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض. 7 فأتى وأخذ السفر من يمين الجالس على العرش. 8 ولما أخذ السفر خرت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخا أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوة بخورا هي صلوات القديسين. 9 وهم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة 10 وجعلتنا لإلهنا ملوكا وكهنة فسنملك على الأرض. 11 ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف 12 قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة. 13 وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة. للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين. 14 وكانت الحيوانات الأربعة تقول آمين. والشيوخ الأربعة والعشرون خروا وسجدوا للحي إلى أبد الآبدين». وفي الأصحاح الرابع عشر: «ثم نظرت وإذا خروف واقف على جبل صهيون ومعه مائة وأربعة وأربعون ألفاً لهم اسم أبيه مكتوباً على جباههم ...» ([8]). من هذه النصوص يتبيَّن لك أنّ الذي رُمز له مرة بأنه أسد ومرة بأنه خروف مذبوح هو أحد الشيوخ الأربع والعشرين، حيث إنّ الجالس على العرش هو المهيمن على الرؤيا، وواضح في الرؤيا أنه الأفضل من الجميع مقاماً وعلو شأن، والشيوخ الأربع والعشرون الجالسون على العروش هم أقرب الموجودين في الرؤيا للجالس على العرش مقاماً كما هو واضح في الرؤيا. إذن، الخروف المذبوح ليس أفضل من الجالس على العرش ولا أفضل من الأربع والعشرين، مع أننا نرى في الرؤيا أنه استحق أخذ السفر وفك الختوم، فكيف استحق أخذ السفر دونهم وهم أقرب منه وأفضل منه ؟! إذن، لابد أن يكون الخروف المذبوح هو رمز لأحد الشيوخ الأربع والعشرين. أما أنهم خرّوا له وكلّموه ........ الخ، فهم خرّوا بمعنى أنهم هيّأوا ومهّدوا له ومؤمنين بالنتيجة وهي تطبيق حاكمية الله في أرضه. أما قولك: (إنّ هناك إشكالاً في كون أحد الشيوخ الأربع والعشرين هو نفسه من رمز له بالخروف وبالأسد فكيف يخاطب نفسه)، وهذا في الحقيقة لا يكاد يكون إشكالاً؛ لأننا نتكلم في رؤيا فلا إشكال أن يخاطب أحد الشيوخ الأربع والعشرون جهة منه رمز لها بالخروف وجهة أخرى رمز لها بالأسد .. الخ، ولو كان هذا الإشكال يصح لصح نقض الرؤيا؛ لأنها رمزت لمن غلب واستحق فتح السفر بالأسد ثم بيَّنت أنّ من أخذ السفر هو الخروف المذبوح: «هو ذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا أصل داود ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة 6 ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض. 7 فأتى وأخذ السفر من يمين الجالس على العرش». إذن، الخروف المذبوح والأسد رموز لمن غلب واستحق أخْذَ السفر وفكَّ ختومه وهو أحد الشيوخ الأربع والعشرين، ففي مقام الغلبة الذي يحتاج للقوة والشجاعة والإخلاص رمز له بالأسد، وفي مقام أخذ الختوم الذي يحتاج إلى التضحية رُمز له بخروف قائم كأنه مذبوح، وكلا الجهتين تخص نفس الشخص ([9])، ولا منافاة بينهما حيث إنّ قوة الروح نتيجة للتضحية والإخلاص والصبر على المظلومية. أما تفسيرهم الخروف المذبوح في الرؤيا بأنه عيسى (، فيبطله أنّ الجالس على العرش عندهم هو الله تعالى عن هذا علواً كبيراً ([10]). ولا يخفى ما في تفسيرهم هذا من حدِّ الله سبحانه ونقض ألوهيته المطلقة، وللتفصيل أكثر يمكنك قراءة كتاب التوحيد ([11]). أما عندنا، فالجالس على العرش هو محمد /، وحوله أربع وعشرون شيخاً على عروش أيضاً، وهم خلفاء الله في أرضه (الأئمة والمهديون) الذين ذكرهم رسول الله / في وصيته المقدسة ([12]). -الغصن الخارج من جذع يسّى: س2/ يُفسِّر القساوسة والكنيسة الغصن الذي ينبت من جذع يسى بالمسيح (، فهل هذا صحيح ؟ الجواب: سؤالك عن الغصن الوارد في اشعياء: إشعيا- الأصحاح الحادي عشر: «1 ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله 2 ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب. 3 ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولا يحكم بحسب سمع أذنيه. 4 بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه. 5 ويكون البر منطقة متنيه والأمانة منطقة حقويه 6 فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معاً وصبي صغير يسوقها. 7 والبقرة والدبة ترعيان. تربض أولادهما معاً والأسد كالبقر يأكل تبناً. 8 ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على حجر الأفعوان. 9 لايسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر. 10 ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجداً 11 ويكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه التي بقيت من أشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عيلام ومن شنعار ومن حماة ومن جزائر البحر. 12 ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض». تفسيرهم الغصن بأنه عيسى ( غير صحيح، والنص يأبى تفسيرهم ([13]) ويناقض عقيدتهم. فعيسى ( بحسب معتقدهم هو الرب المطلق نفسه، فكيف يخاف من الرب وتكون لذته في مخافة الرب ؟!! وربما يعلِّلون هذا باللجوء إلى عقيدة الأقانيم الثلاثة الباطلة والمتناقضة والتي بيَّنت بطلانها بالدليل في كتاب التوحيد ([14]). وعيسى لم يحكم ولم يقضِ بين الناس، فهو لم يتمكّن من إقامة العدل أو إنصاف المظلومين، فكيف ينطبق عليه النص أعلاه ([15]) ؟! وعيسى ( لم يتحقق في زمنه ما يصوّره النص من أنّ الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر، ويكون لهذه المعرفة أثر وهو أنّ الأغنياء يواسون الفقراء، وأنّ القوي يعين الضعيف، وأن تخلو الأرض من الظلم تقريباً ... الخ. النص كله تقريباً بعيد كل البعد عن عيسى ( وعن دعوته، فهل مثلاً جمع عيسى منفيي إسرائيل (يعقوب عندهم) ؟؟ وهل ضمَّ مشتتي يهوذا (ابن يعقوب عندهم) من أطراف الأرض؟؟ ولو قالوا: جمعهم وضمّهم بالإيمان به، أيضاً لا يصح؛ لأنّ دعوة عيسى ( إلى حين رفعه لم تتجاوز حدود مدن قليلة. بينما نجد النص يقول إنّ هذا الشخص يضم مشتتي يهوذا من أطراف الأرض، أي أنّ معنى النص: أنّ هذا الشخص يؤمن به في زمن بعثته أناس من كل دول العالم تقريباً بل ومن الدول النائية عن مكان بعثته بالخصوص (أطراف الأرض)([16]). «ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض»: وكلمة يهوذا معناها بالعربي: (حمد) أو أحمد. جاء في التوراة في سفر التكوين - الأصحاح التاسع والعشرون: «35 وحبلت أيضاً وولدت ابناً وقالت هذه المرة أحمد الرب. لذلك دعت اسمه يهوذا. ثم توقفت عن الولادة» ([17]). وكلمة إسرائيل معناها بالعربي: عبد الله ([18]). فيكون النص: «ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل "عبد الله" ويضم مشتتي يهوذا "أحمد" من أربعة أطراف الأرض». والمشتتون الذين يجتمعون كقزع الخريف من أطراف الأرض لنصرة القائم (المهدي الأول أحمد) هم أنصار الإمام المهدي( في آخر الزمان، كما هو معلوم من روايات محمد آل محمد /([19]). -المرأة المتسربلة بالشمس والقمر: س3/ أوضح السيد أحمد الحسن ( أنّ المرأة المتسربلة بالشمس والقمر في رؤيا يوحنا هي أم الإمام المهدي (، والقساوسة والكنيسة يقولون غير ذلك، كيف يثبت صحة قوله دونهم ؟ الجواب: أما سؤالك عن المرأة في رؤيا يوحنا: في رؤيا يوحنا- الأصحاح 12: «1 وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً. 2 وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد ........ 5 فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد ....... 11 وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت 12 من أجل هذا افرحي أيتها السماوات والساكنون فيها ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً 13 ولما رأى التنين أنه طرح إلى الارض اضطهد المرأة التي ولدت الابن الذكر ...... 17 فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله ....». أولاً: تفسير المرأة بأنها الكنيسة كما يُفسِّره المسيحيون عادة بيِّن البطلان، فيكفيه أنهم يفسّرون ولدها بأنه عيسى ( في حين الواقع أنّ عيسى ولد وبُعث ورُفع قبل أن تولد الكنيسة ويكون لها وجود ([20]) !! وكذا محاولة تفسيرها بمريم (عليها السلام) غير صحيح. ومن يطلب الحق فلينتبه أنه: لو كانت المرأة هي مريم (عليها السلام) فمن هو ولدها ؟ ومن الاثنا عشر كوكباً والشمس والقمر ؟ فهم إن قالوا إنّ المرأة في الرؤيا هي مريم (عليها السلام) سيحتاجون إلى خمسة عشر شخصية أخرى لتفسير الرؤيا بصورة صحيحة ([21]). وهل عيسى ( رعى أو سيرعى جميع الأمم بعصا من حديد ([22]) ؟!!! وهل لمريم نسل غير عيسى ( عُرف عنهم أنهم مكلَّفون من الله بحفظ وصايا الله، أي أنهم رسل أو خلفاء الله في أرضه وقادة للخير وطريق الله بحيث يكون شغل قادة الشر من شياطين الإنس والجن في مواجهتهم كما في الرؤيا ([23]) ؟ وأيضاً: الرؤيا عندما تبيّن أحداثاً فهي تُبيِّن أموراً غيبية تحدث في المستقبل عادة، وإلا فما معنى أن نرى ما حصل أمس في رؤيا لنخبر به الناس مثلاً ونحن أصلاً نعرفه، وأيّ فائدة ستترتب على إخبار الناس به ؟ ورؤيا يوحنا حصلت بعد أن ولدت مريم (عليها السلام) عيسى بوقت طويل، بل حتى بعد أن بعث عيسى وبعد أن أتم رسالته ورفع. إذن، فرؤيا يوحنا تتكلم عن أمر غيبي سيكون، وليس عن أمر تاريخي حصل وانتهى كما يفسرها من يقول: إنّ المرأة مريم (عليها السلام) ([24]). ما تقدم أمور جلية تنقض مسألة أنّ المرأة هي مريم (عليها السلام). ثانياً: بيان المعنى الصحيح: وقبل بيان معنى النص في الرؤيا يجب الالتفات إلى أنّ الرؤى هي كلمات الله، وبالتالي فهي كالقرآن والتوراة والإنجيل تجري في أحوال مجرى الشمس والقمر من حيث التجدد وانطباقها على أكثر من مصداق في أزمان مختلفة، ومن حيث كونها رموز ولها معانٍ متعددة فالشمس والقمر في الرؤيا يمكن أن يكونا الرسول والوصي، أو الأم والأب الجسمانيين، أو الأم والأب الروحانيين. وكذا في أحيان يمكن أن ترى شخصاً في الرؤيا والمراد ليس هو بل اسمه فقط، وربما ترى مدينة وليست هي المقصودة بل مدينة تشابهها في بعض صفاتها أو ربما اسمها، فالرؤى كلمات الله وربما جاءت برموز وبإشارات وبحكمة إلهية تماماً كما هو الوحي وكلام الأنبياء وكلام الله في كتبه المنزلة. إذا تبيَّن هذا، أقول: إنّ المرأة في رؤيا يوحنا ترمز إلى أُمِّ الإمام المهدي في زمن معين، فهي متسربلة ومحاطة بالشمس والقمر والاثني عشر، أي: بمحمد وعلي وفاطمة والأئمة من ولد فاطمة (عليها السلام) إلى الإمام المهدي أي أربعة عشر، والولد الذي تلده في الرؤيا هو المهدي الأول المذكور في وصية رسول الله محمد /، فيكون العدد خمسة عشر كما في الرؤيا، وشياطين الأنس والجن يحاربون نسلها؛ لأنهم خلفاء الله في أرضه. أما كون الولد ليس مباشرة منها، فما معنى أنها متمخضة وولدته ؟! فالجواب: أنها ولدت أبيه أو الأصل الذي جاء منه. ولابد من التنبيه: أنه لا مانع أن يكون هناك مصداق آخر للمرأة في زمن آخر ([25]) باعتبار أنها ولدت نفس الولد محور الرؤيا، فتكون المرأة فاطمة (عليها السلام) والخمسة عشر هم: أبيها وأمها وبعلها، والأئمة الأحد عشر من بنيها، والسر المستودع فيها أو المولود الثاني عشر من ولدها محور الرؤيا. -كيف تم التبشير بعيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله) س4/ إنّ أنبياء العهد القديم بشَّروا بالمسيح (، فأين التبشير بمحمد / فيه إن كان هو صاحب الدين الأزلي ؟ الجواب: هل المطلوب تبشير بالاسم الصريح أم بالرمز ؟! أعتقد أنّ مسألة خلوّ العهد القديم من اسم عيسى أو يسوع كمبشَّر به مسألة مفروغ منها، فلم يبقَ إلا الرمز. ونحن بيَّنا نصوصاً رمزية من العهد القديم تأويلها بالرسول محمد /، كما أنهم أوّلوا نصوصاً رمزية بعيسى ( ([26]). وقبل عرض بعض هذه النصوص، أقول: الدليل على الحجة أو خليفة الله في أرضه أو النبي المرسل بيَّناه واستدللنا عليه بالعقل والحكمة والنقل من التوراة والإنجيل والقرآن ([27]). فمن يطلب الحق من أهل الكتاب من اليهود والنصارى أو المسيحيين فلينظر إلى قانون معرفة الحجة الذي بيناه وفقراته الثلاث: (الوصية أو النص، والعلم والحكمة، والراية أو حاكمية الله)، ولينظر هل العقل والحكمة تقول بغيرها ([28]). وأيضاً: يُقلِّب التوراة وينظر هل أوصى الرسل لمن يخلفهم أم لم يوصوا ؟ وهذه بعض النصوص كمثال على وصايا الأنبياء بمن يخلفهم ([29]): التثنية - الأصحاح الواحد والثلاثين: «وقال الرب لموسى هوذا أيامك قد قربت لكي تموت. أدع يشوع وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه. فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الاجتماع 15 فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة». التثنية - الأصحاح الثالث والثلاثون: «1 وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته 2 فقال: جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم 3 فأحب الشعب. جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك» ([30]). الملوك الأول - الأصحاح الأول: «وقال الملك داود ادع لي صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع. فدخلوا إلى أمام الملك. 33 فقال الملك لهم خذوا معكم عبيد سيدكم وأركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به إلى جيحون 34 وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكاً على إسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليجي الملك سليمان. 35 وتصعدون وراءه فيأتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضا عني وإياه قد أوصيت أن يكون رئيساً على إسرائيل ويهوذا. 36 فأجاب بناياهو بن يهوياداع الملك وقال آمين. هكذا يقول الرب إله سيدي الملك. 37 كما كان الرب مع سيدي الملك كذلك ليكن مع سليمان ويجعل كرسيه أعظم من كرسي سيدي الملك داود». الملوك الأول - الأصحاح الثاني: «1 ولما قربت أيام وفاة داود أوصى سليمان ابنه قائلاً 2 أنا ذاهب في طريق الأرض كلها. فتشدد وكن رجلاً. 3 إحفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت. 4 لكي يقيم الرب كلامه الذي تكلم به عني قائلاً إذا حفظ بنوك طريقهم وسلكوا أمامي بالأمانة من كل قلوبهم وكل أنفسهم قال لا يعدم لك رجل عن كرسي إسرائيل» ([31]). ولينظروا أيضاً: هل استدل الأنبياء المرسلون بعلمهم وكونهم ينطقون بالحكمة، أم لا ([32]) ؟ وهل طالب الأنبياء بحاكمية الله في التوراة، أم لا ([33]) ؟ وينظروا إلى موسى ماذا فعل مع الذين آمنوا به وقبلوه غير أنه هاجر بهم من أرض الطاغوت ليطبّق فيهم حاكمية الله في أرض أخرى ([34]). إذن، المسألة محسومة لكل عاقل يطلب الحق، وهي لا تتعدى القانون الذي بيَّناه واستدللنا عليه من العقل والنقل من الأديان الإلهية الثلاثة. ومحمد / جاء بالوصية والنص من الذين قبله كما في التوراة والانجيل، وجاء بالعلم والحكمة، وبراية البيعة لله أو حاكمية الله التي طالب بها وشاء الله له أن يطبقها في بقعة من هذه الأرض. وهذا مثال من النص على رسول الله محمد / في العهد القديم: التكوين - الأصحاح الحادي والعشرون: «فبكر إبراهيم صباحاً وأخذ خبزاً وقربة ماء وأعطاهما لهاجر واضعاً إياهما على كتفها والولد وصرفها. فمضت وتاهت في برية بئر سبع. 15 ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار. 16 ومضت وجلست مقابله بعيداً نحو رمية قوس. لأنها قالت لا أنظر موت الولد. فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت. 17 فسمع الله صوت الغلام. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها مالك يا هاجر. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. 18 قومي احملي الغلام وشدي يدك به. لأني سأجعله أمة عظيمة. 19 وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء. فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. 20 وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. 21 وسكن في برية فاران». ولا أعتقد أنّ عاقلاً يقول إنّ عند الله كفاراً ومشركين وعبدة أصنام أمة عظيمة، أو أنّ الله يعتبر كثرة العدد أمة عظيمة، فالمراد من الأمة العظيمة - والعظمة لله سبحانه - هم الأنبياء والأوصياء /، أي المقصود بالأمة العظيمة من إسماعيل ( هم أنبياء وأوصياء / من ذريته، وهؤلاء هم محمد وآل محمد / بالخصوص خلفاء الله في أرضه ([35]). وهذا مثال من النص على رسول الله محمد / من العهدين القديم والجديد (التوراة والإنجيل): حبقوق - الأصحاح الثالث: «1 صلوة لحبقوق النبي على الشجوية 2 يا رب قد سمعت خبرك فجزعت. يا رب عملك في وسط السنين أحيه. في وسط السنين عرف. في الغضب أذكر الرحمة 3 الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه. 4 وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. 5 قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمى». المعنى: (الله جاء من تيمان): أي الله جاء من اليمن. و(القدوس من جبل فاران): أي القدوس جاء من مكة ([36]). وتعالى الله أن يوصف بالمجيء من السماء فكيف من الأرض ؟! لأنّ الإتيان والمجي تستلزم الحركة، وبالتالي الحدوث، وبالتالي نفي الألوهية المطلقة. فلا يمكن أن يعتبر أنّ الذي يجيء من تيمان أو اليمن هو الله سبحانه وتعالى، ولا الذي يجيء من فاران هو القدوس سبحانه وتعالى. هذا فضلاً عن الأوصاف الأخرى كاليد تعالى الله عنها علواً كبيراً «وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. 5 قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمى». بل الذي يجيء هو عبد الله محمد /، وآله / من بعده حيث إنهم من مكة ومحمد وآل محمد / يمانيون أيضاً. فمجيء محمد / هو مجيء الله؛ لأنّ محمداً هو الله في الخلق، ومحمد هو ظهور الله في فاران كما بيَّنته سابقاً في أكثر من موضع. وكون تيمان هي اليمن قد ورد حتى في الإنجيل على لسان عيسى ( عندما وصف ملكة اليمن بملكة التيمن (أو تيمان) ([37]). إنجيل متى - الأصحاح الثاني عشر: «ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا». إنجيل لوقا - الأصحاح الحادي عشر: «ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان». والعلم والحكمة التي جاء بها محمد / في القرآن لا يزال كل منصف يقول إنه حكمة بالغة لا يمكن أن تكون إلا منه سبحانه ([38]). وأيضاً محمد / طالب بحاكمية الله، بل ولما سنحت له الفرصة طبّق حاكمية الله وبيَّن بوضوح أنّ الحق في حاكمية الله، وأنّ كلَّ فرق المسلمين التي ستخرج عن حاكمية الله هي فرق ضالة. وحديث الفرقة الناجية أشهر من نار على علم، ومشهور في كتب السنة (تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة قيل يا رسول الله ! ما هذه الفرقة ؟ قال: من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ([39]). إذن، صفة الفرقة الناجية هي أنها عبارة عن قائد منصّب من الله كما كان رسول الله /، ومؤمنين بهذه القيادة الإلهية كما كان أصحاب رسول الله /. تبقى مسألة الإشكال والجدال، فهذا يقول لماذا محمد فعل كذا، ولماذا قال كذا، ولو كان رسول لما قال هذا ولما فعل ذاك، والقرآن مخالف لقواعد العربية، وإشكالات يمكن أن توجه نفسها إلى أيِّ رسول أو كتاب أو دين إلهي آخر، وهي مردودة ([40]). في حين أننا لابد أن نلتفت إلى أنّ من ينتقل إلى الإشكال قبل أن يرد الدليل وينقضه ويبيِّن أنه ليس دليلاً، فهو في الحقيقة قد أقرَّ الدليل والعقيدة التي يشكل عليها وأنفذها، وإنما هو بإشكاله في طور تجليتها وإظهارها؛ لأنّ الإشكالات لا تعدوا كونها إشكالات ترد ولا قيمة لها في الحقيقة، غير أنها أداة استخفاف طاغوتية يستعملها علماء الضلال والطواغيت لاستخفاف أتباعهم وإبقائهم على اتّباعهم وتقليدهم الأعمى ليحتفظوا بمناصبهم ودنياهم. وهم بعد أن تهدم عقيدتهم الباطلة وتسقط كل إشكالاتهم يعودون إلى أتفه إشكال هدفهم منه إثارة عواطف أتباعهم تجاه آبائهم وسلفهم، وهو إشكال فرعون على نبي الله موسى ( حيث كان قول فرعون: ﴿... فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه: 51]، فكان جواب موسى (: ﴿...عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ [طه: 52] ([41]). -عدد الدجال أو الوحش: س5/ على ذكر الإشكالات على رسول الله محمد /، ينقل البعض قول القمص زكريا بطرس حيث قام بحساب 666 في سفر الرؤيا فوجد ما يلي: (الشيطان يخرج من مكة)، ومقصوده واضح، فبماذا يجيب السيد أحمد الحسن ؟ الجواب: قولك إنّ شخصاً حسب أنّ الشيطان يخرج من مكة وأنها تساوي عدد الدجال أو الوحش كما في رؤيا يوحنا، فهذا كلام باطل وبلا قيمة؛ حيث إنّ النص يقول إنّ عدد اسم الوحش يساوي هذا العدد، فهل جملة (الشيطان يخرج من مكة) اسم لشخص، أم أنه فقط تجميع كلمات لتحامل شيطاني أعمى على رسول الله محمد / ؟!! هذا بغض النظر عن أنّ هذا الحساب المدعى مكذوب وغير صحيح. وهذا هو النص كاملاً ليتدبره كل منصف ويعرف الحقيقة: «1 ثم وقفت على رمل البحر. فرأيت وحشاً طالعاً من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. 2 والوحش الذي رأيته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً. 3 ورأيت واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي وتعجبت كل الأرض وراء الوحش 4 وسجدوا للتنين الذي أعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش. من يستطيع أن يحاربه. 5 وأعطي فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطي سلطاناً أن يفعل اثنين وأربعين شهراً. 6 ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء. 7 وأعطي أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم وأعطي سلطاناً على كل قبيلة ولسان وأمة. 8 فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حيوة الخروف الذي ذبح. 9 من له أذن فليسمع. 10 إن كان أحد يجمع سبيا فإلى السبي يذهب. وإن كان أحد يقتل بالسيف فينبغي أن يقتل بالسيف. هنا صبر القديسين وإيمانهم 11 ثم رأيت وحشاً آخر طالعاً من الأرض وكان له قرنان شبه خروف وكان يتكلم كتنين. 12 ويعمل بكل سلطان الوحش الأول أمامه ويجعل الأرض والساكنين فيها يسجدون للوحش الأول الذي شفي جرحه المميت. 13 ويصنع آيات عظيمة حتى إنه يجعل ناراً تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. 14 ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطي أن يصنعها أمام الوحش قائلاً للساكنين على الأرض أن يصنعوا صورة للوحش الذي كان به جرح السيف وعاش. 15 وأعطي أن يعطي روحاً لصورة الوحش حتى تتكلم صورة الوحش ويجعل جميع الذين لا يسجدون لصورة الوحش يقتلون. 16 ويجعل الجميع الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم 17 وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه. 18 هنا الحكمة. من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان. وعدده ستمئة وستة وستون» رؤيا يوحنا - الأصحاح الثالث عشر. مع العلم أنّ العدد مختلف فيه؛ لأنّ هناك نسختين أحدهما فيها العدد "666"، والأخرى العدد فيها "616" ([42]). فالمنصف والذي يريد الحق يتبيَّن بوضوح أنّ هذه طريقة شخص متحامل على رسول الله محمد /، ويريد السب والشتم فقط، ونحن نترفع عن هذا وفقكم الله. وأيضاً: يتبيَّن بوضوح أنّ هذا شخص يسلك طريق الشيطان، فمن ثمارهم تعرفونهم، وهذه هي ثمارهم؛ سب وشتم وألفاظ نابية، فمنها تعرفونهم، وتعرفون أنهم شياطين تستفزهم شياطين وينطقون عن الشيطان. كما يجب أن يلتفت الجميع أنه ليس من الإنصاف أن يُحَّمل محمد / أفعال الوهابيين من بعض أعراب الجزيرة ومن تبعهم، مع أنّ القرآن يذمهم ويذم أفعالهم الإجرامية ؟ إنّ من يُحَّمل محمداً / والإسلام ما يفعله الوهابيون، إذن فهو يُحَّمل من باب أولى عيسى ( والمسيحية والتوراة والإنجيل كل أفعال قسطنطين وأشباهه، أو على الأقل جرائم الكنيسة في القرون الماضية من قتل وتعذيب وإحراق مَنْ يخالفونهم أحياء تحت مسميات التجديف والهرطقة ومحاربة المسيحية والكنيسة والتي لا تقل عن جرائم الوهابيين بشاعة. -الإسلام والعنف وحقوق المرأة س6/ أيضاً: هناك مَنْ يشكل على الإسلام بالعنف لا اليوم فقط، بل من عهد النبي / وأنه انتشر بالسيف ؟ فكيف تُفسَّر هذه النصوص القرآنية التي تحث على القتل والإقصاء والتهميش (سورة آل عمران 85، 91، 83، سورة التوبة 29، النساء 91، سورة محمد 4) ؟ وكيف تُفسَّر آيات الإرث والشهادة والتي تنتهك الحقوق المدنية للمرأة ؟ الجواب: مسألة الجهاد في الدين الإلهي عموماً وليس في الإسلام فقط بيَّنتها في كتاب الجهاد باب الجنة ([43])، وأما الآيات التي في القرآن ويعتبرونها تحريضاً على العنف أو تهميشاً للآخرين: أولاً: آل عمران، ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [19]. ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [83]. ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [85]. المعنى: آل عمران، ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ( قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [83 - 85]. الآية 84 من سورة آل عمران تُبيِّن بوضوح معنى الإسلام في الآيات بأنه التسليم لله ولخليفة الله في أرضه في كل زمان، المنصب وفق قانون خلافة الله في أرضه الذي كان منذ اليوم الأول للإنسان الأول على هذه الأرض، وهو نبي الله آدم ( الذي نصّبه الله خليفة في أرضه. فهذه الآيات ليست بصدد تهميش أحد أو الحكم على أحد، إنما هي بصدد بيان قانون الإيمان المقبول عند الله وهو التسليم له ولخليفته في أرضه. أما إن كنت تعتبر أنّ وضع قانون للإيمان هو تهميش للآخرين الذين لا يقبلونه فمعنى كلامك أنّ كل أصحاب دين - باعتبار أنّ عندهم قانون إيمان - يهمّشون غيرهم بل يتعدى الأمر إلى كل مجموعة يؤمنون بفكر معيَّن ([44]). ثانياً: التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: 29]. المعنى: القرآن وحدة متكاملة وما يفعله الوهابيون لتمرير عقائدهم الباطلة وفتاواهم في قتل الناس، وما يفعله المسيحيون وغيرهم هذه الأيام للطعن في القرآن هو عملية اقتطاع آيات من كتاب هو عبارة عن وحدة متكاملة لا يمكن أن يؤخذ منها جزء بمعزل عن الكل أو بقية الأجزاء([45])، وقد بيَّن الله في القرآن أنه وحدة متكاملة لا يصح تجزئتها وأنّ من يجزئها هو شخص مغرض؛ إما أنه يريد الطعن بصورة عبثية عشوائية كمن يقول لمن قال: "لا إله إلا الله" أنت كافر وتنكر وجود الله لأنك قلت "لا إله"، وإما أنه شخص يريد أن يُمرِّر عقيدة أو فتوى فاسدة لغرض في نفسه كما فعل الوهابيون (أو المتسمون بالسلفية). وهذه آيات قرآنية تنهى عن هذا السلوك المنحرف المغرض في تجزئة القرآن: ﴿...أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة : 85]. ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ ( عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: 91 - 93]. أما الآية 29 من سورة التوبة، فنحتاج أن نقرأ الآيات بعدها لنتبيَّن لماذا حثَّ الله المؤمنين على القتال هنا ؟ التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [29 - 33]. إذن، الله يحث على قتالهم لأنهم هم من بدأ بالحرب ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، ولا أعتقد أنّ التحريض على قتل الآخر، أو أنّ التهيؤ لقتل الآخر، أو أنّ إعداد العدة لقتل الآخر ليس حرباً، وأعتقد أنّ إرادة إطفاء نور الله بأفواههم تحتمل هذه الأمور وأكثر ([46]). وإن كانت الآيات المتقدمة تحتمل الأخذ والرد وأنها متشابهة، فهناك آية واضحة ومحكمة تُبيِّن أنّ الله يحث المؤمنين على قتال من يقاتلونهم وينهى الله المؤمنين عن الاعتداء على الآخرين، والمتشابه يرجع إلى المحكم، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]. ثم إنّ فعل الرسول محمد / واضح، فاليهود - وهم أهل كتاب - كانوا يعيشون معه في المدينة بأمان ولم يمسهم بسوء حتى بدأوا هم بمحاربته وإعانة من يقاتلونه /. وأيضاً: يجب الانتباه أنّ الإسلام والدين الإلهي لا يعتبر أنّ الدين مفصول عن السياسة بل أنّ الحكم والسياسة جزء من الدين، وبالتالي فكثير من الآيات في القرآن هي عبارة عن قوانين عسكرية تُبيِّن حقوق الجندي في المعركة وما يجوز له أن يفعله تجاه من يقاتله، فالمؤمن لا يقتل - حتى من يقاتله - إلا بأمر الله ليؤجر، ولهذا شرَّع الله للمؤمنين في ساحة المعركة قتل من يقاتلهم وبيَّن هذا الأمر في آيات قرآنية، كما تسنُّ - الآن وقبل الآن- الدول القوانين لجيوشها وتُبيِّن فيها حقوق جنودها في ساحة المعركة وما يجوز وما لا يجوز .. إلخ. ثالثاً: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً﴾ [النساء: 91]. أين الإشكال في هذه الآية ؟ هي تحثُّ على مقاتلة الكافر المحارب الذي لا يكف يده عن أذى المؤمنين. إضافة إلى أنّ الآية التي قبلها من نفس السورة فيها بيان أيضاً لجواز مهادنة من يطلب السلام ولا يحارب المؤمنين ولا يطلب أذاهم: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾ [النساء: 90]. رابعاً: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 4]. المعنى: هذه الآية تُبيِّن بعض حقوق الجنود المؤمنين - في الجيش الإسلامي - أثناء الحرب وفي ساحة المعركة، وهو أنّ من حقهم أن يقتلوا الكافر الذي يقاتلهم ([47]). وتُبيِّن أنّ من حقهم أيضاً أخذ الأسرى وتعطيهم الحرية في التعامل مع الأسرى؛ فإما أن يطلقونهم بدون مقابل، أو يبادلونهم، أو يفدونهم .. الخ. فأين الإشكال في هذه الآية وقد قلنا إنّ القرآن عبارة عن قانون إلهي ليس للعبادة فقط، بل يُبيِّن أيضاً السياسة والحكم الإلهي وحقوق المؤمنين وما يجب عليهم .. الخ. خامساً: من يقول إنّ المرأة ظُلمت بتشريع معين مثل الإرث ([48]) أو الشهادة لابد أن يُبيِّن لنا ميزانه ووزنه القياسي الذي على أساسه يحدد العدل والظلم، وبالتالي قرَّر وقطع أنّ المرأة يجب أن تتساوى مع الرجل في كل شيء، مع أننا نرى جميعاً أنّ المرأة لا تساوي الرجل في كل شيء([49]). وأيضاً: من يريد أن يوجّه النقد لتشريع معين ضمن منظومة قانونية وتشريعية عليه أن يلاحظ هذا التشريع كجزء من هذه المنظومة، ولا يقتطع هذا الجزء ويعامله بمعزل عن المنظومة ككل. المفروض أن ينظر إلى حقوق المرأة وواجباتها في القانون الإلهي على الأقل، لا أن ينظر إلى الحقوق فقط ويقول إنّ المرأة أُعطيت حقوقاً أقل من الرجل في القانون الإلهي. لماذا لا ينظر إلى الواجبات ويقول إنّ الرجل حمُّل واجبات أكثر من المرأة في القانون الإلهي ؟ وكمثال: شخصان أحدهما كلَّفته ببناء ارتفاعه خمسة طوابق والآخر عشر طوابق، هل من العدل أن أعطيهما نفس كمية مواد البناء ونفس المبلغ للبناء؟ ولو أعطيت صاحب العشر ضعف صاحب الخمسة هل يصح أن يأتي شخص ويقول أنت ظالم لأنك لم تساوِ بين الاثنين وكلاهما يعمل عندك ؟ أعتقد أنّ من يقول إنّ المرأة ظُلمت بهذا التشريع، فكلامه وقراره ارتجالي بعيد عن البحث العلمي الدقيق. -نصيحة لكل مسيحي يريد التعرف على الحق: س7/ بماذا تنصح المسيحي للتعرف على الحق والتصديق بنبوة محمد / من خلال الإنجيل؟ الجواب: نصيحتي لكل مسيحي حر ليعرف الحق أن يجعل مقياسه قول عيسى (: «.. وكان يخرج شيطاناً وكان ذلك أخرس. فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس. فتعجب الجموع. 15 وأما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. 16 وآخرون طلبوا منه آية من السماء يجربونه. 17 فعلم أفكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. وبيت منقسم على بيت يسقط. 18 فإن كان الشيطان أيضاً ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته ...» الأصحاح الحادي عشر - إنجيل لوقا. فمن يؤمنون بالإنجيل ليقرأوا نصوصاً من القرآن ويتدبروها بإنصاف، ثم على ضوء النص الإنجيلي السابق: هل يمكنكم اعتبار هذه النصوص شيطانية كما يفعل الموتورون الذين لا همَّ لهم إلا سبّ محمد / ؟ وهذه أمثلة من النصوص القرآنية: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125]. ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾ [النساء: 36]. ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان: 18]. ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: 23]. فليقرأوا هذه الآيات من سورة الإسراء ويسألوا أنفسهم: هل الشيطان يدعو لعبادة الله وحده ؟ هل الشيطان يدعو لمكارم الأخلاق، والإحسان للوالدين وللفقراء، وإنفاق المال ومساعدة من يحتاج للمساعدة، وينهى عن القتل، وعن الزنا، وعن الاعتداء على مال اليتيم، ويأمر بالإيفاء بالوعد، والإيفاء بالكيل ؟ وإذا كان الشيطان يأمر بهذه الأخلاق الطيبة فالله سبحانه وتعالى يأمر بماذا عندهم ؟ أليست هذه هي وصايا كل الأنبياء وحكمتهم التي جاءوا بها من عند الله: ﴿لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ( رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ( وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً ( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ( وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ( وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ( وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ( وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ( ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً﴾ [الإسراء: 22 - 39]. عارٌ على المسيحيين وأيُّ عار وخزي أن يهملوا قول عيسى: «كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. وبيت منقسم على بيت يسقط. 18 فإن كان الشيطان أيضاً ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته»، ولا يجعلونه مقياساً يقايسون به ما جاء في القرآن ليعلموا أنه من عند الله. أليس هذا هو قياس عيسى (، فلماذا الإعراض عنه ؟! هل تؤمنون ببعض كتابكم وتكفرون ببعض ؟ انظروا للقرآن وتدبروا ما فيه من الحكمة والدعوة إلى الخير وإلى التحلي بالأخلاق الطيبة الكريمة، فكيف يكون من الشيطان السفيه الذي يدعو إلى الشر وإلى الأخلاق الذميمة، هل الشيطان منقسم على نفسه ؟ هل مملكة الشيطان منقسمة على نفسها ؟ أليس هكذا علمكم عيسى ( أن تميزوا الحق من الباطل. فهل أنتم غير قادرين على التمييز بين الحكمة والسفه، بين الخير والشر، بين الأخلاق الطيبة وبين الأخلاق الذميمة ؟ وهل أنتم تعتقدون أنّ الشيطان ومملكته منقسمة على نفسها، فمرة تدعو للخير ومرة للشر؟ مرة للأخلاق الكريمة ومرة للأخلاق الذميمة ؟ «كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. وبيت منقسم على بيت يسقط. 18 فإن كان الشيطان أيضاً ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته». كما أنصح كل مسيحي يخاف سوء العاقبة أن يلتفت إلى أنّ ما تطرحه كنائسهم الآن وهو أنّ عيسى ( لاهوت مطلق، قد خالفه فيما سبق كثير من المسيحيين ومنهم آريوس، وهم من كبار علماء المسيحيين، وكان ولا يزال كثير من المسيحيين كشهود يهوا لا يعتقدون بهذه العقيدة الباطلة السفيهة التي يردها الإنجيل والعقل. وقد بيَّنت بطلانها في كتاب التوحيد بنص إنجيلي لا يقبل التأويل واللبس، وبالدليل العقلي الواضح البيِّن ([50]). -مسألة الصلب وإنجيل يهوذا: س8/ وفيما يتعلق بمسألة الصلب، إلامَ يدعو السيد أحمد الحسن المسيحيين ؟ الجواب: ليلتفت المسيحيون إلى مسألة أنّ عيسى تعرّض للصلب باطلة، وقد بيَّنت بطلانها من الإنجيل وأقوال عيسى ( فيه، وطلبه من الله أن يجز عنه الصلب وعذابه ([51]). فإما أنّ الله قد استجاب دعاء عيسى ( ورفعه ونزل شبيه له، وهذا هو الصحيح. وإما أنّ الله لم يستجب دعاء عيسى (، ومعنى قولهم هذا: أنّ الله لا يعبأ بدعاء عيسى (. وأيضاً يتهمون عيسى ( بالسفه وضعف الإدراك وقلة المعرفة، وإلا فما معنى أن يطلب عيسى أن يجز الله عنه الصلب إذا كان قادراً أن يصبر على عذاب الصلب دون أن يشتكي، وهو يعلم أنّ مسألة الصلب مهمة في مسيرة الدين الإلهي ([52]). وأيضاً: فليلتفتوا إلى الوثيقة التاريخية (إنجيل يهوذا) ([53]) التي بيَّنتها الجمعية التاريخية الدولية، وهي إحدى المخطوطات الأثرية التي عُثر عليها في مصر، وتاريخها يعود إلى بداية القرن الثالث الميلادي، أي قبل الإسلام وقبل بعث محمد /. وفي هذه الوثيقة أنّ عيسى لم يصلب بل صُلب شخص آخر شبيه له. وما يهمنا هو أنّ مسألة الشبيه عموماً - بغض النظر عن المصداق - موجودة عند المسيحيين قبل أكثر من ألف وسبعمئة عام، وكما يقول المثل: (لا يوجد دخان من غير نار) فلو لم يكن للأمر أثر لما ظهر عند المسيحيين الأوائل وفي عقائدهم ([54]). فالسؤال الذي لابد أن يتنبّه له المسيحيون ويسألوا أنفسهم عنه هو: من أين أتت هذه الفرقة من المسيحيين القدماء بأنّ عيسى لم يصلب، وأنّ من صُلب هو شبيه له ؟ هل هي مجرد أفكار ؟ وهل هذه المسألة فكرية أم تاريخية نقلية ؟ هل يمكن مثلاً القول: إنّ هذه الفرقة اعتقدوا أنّ عيسى ( لم يصلب وأنّ من صُلب هو شبيه له دون أن يكون هناك نقل تاريخي وصلهم عن طريق بعض من عاشوا زمن الصلب ؟!!! أنصح كلَّ مسيحي حر أن لا يهتم لقول الكنيسة اليوم: إنّ من كتبوا هذا الانجيل أو هذا النص من المسيحيين الأوائل هم فرقة مهرطقة؛ لأنّ هذه الفرقة أيضاً لو سألتموهم في ذلك الزمان عن عقائد الكنيسة اليوم لقالوا: إنها هرطقة، ولو سألنا آريوس وأتباعه عن الكنيسة اليوم لقالوا: إنها مهرطقة، فشتم الكنيسة كل من يخالفها من المسيحيين بالهرطقة كما يفعلون اليوم مع شهود يهوا لا يقدم ولا يؤخر ولا يخفي الحقيقة التي تجلّت الآن بوضوح، وهي أنّ ما تقوله الكنيسة اليوم أمر مختلف فيه بين المسيحيين الأوائل، بل ولا يزال مختلف فيه إلى اليوم، وفرقة شهود يهوا المسيحية خير شاهد على هذا الاختلاف اليوم. والحقيقة الثابتة الآن - فيما يخص الصلب - أنّ هناك وثيقة تاريخية، وقد تم تحليلها من جهات عالمية مختصة بالآثار وبأحدث الطرق العلمية، وثبت أنها تعود لبداية القرن الثالث الميلادي، وفيها أنّ عيسى لم يصلب بل هناك شبيه صلب بدلاً عنه، فهل سيكتفي المسيحيون بتصريح الكنيسة: أنّ هذه الوثيقة تعود لفرقة مسيحية قديمة مهرطقة ؟!!! هل هذا الرد من الكنيسة رد علمي ؟! أليس مثلاً يمكن أن يقول لهم أي مخالف: لماذا لا تكونون أنتم من يهرطق ؟! أليس الصحيح الآن وبعد ظهور هذه الحقائق أن يُبحث موضوع الصلب بموضوعية وبعلمية وبعيداً عن التعصب والتقليد الأعمى ؟ وهذا نص من إنجيل يهوذا (وبحسب ترجمة حقَّقتها الكنيسة مع النص القبطي) يبيِّن بوضوح أنّ عيسى لم يصلب، بل هناك من شُبِّه به وصُلب بدلاً عنه: إنجيل يهوذا - المشهد الثالث: «وقال يهوذا: يا سيد، أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام ؟ أجاب يسوع وقال له: "تعالَ، أنه أنا [... سطرين مفقودين ..] لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله". وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل. أجاب يسوع وقال: "ستكون أنت الثالث عشر وستكون ملعوناً من الأجيال الأخرى - ولكنك ستأتي لتسود عليهم. وفي الأيام الأخيرة سيلعنون صعودك [47] إلى الجيل المقدس» »But you will exceed all of them. For you will sacrifice the man that clothes me«. «ولكنك ستفوقهم جميعاَ لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني. ويرتفع قرنك حالاً. ويضرم عقابك الإلهي. ويظهر نجمك ساطعاً. وقلبك [...] [57]». وفي النص المتقدم: أولاً: يهوذا يُشبَّه بعيسى ويُصلب بدلاً عنه ويضحي بنفسه. ثانياً: إنّ يهوذا سيأتي في آخر الزمان ليسود. فلابد أن يكون (يهوذا) المذكور في بعض نصوص (إنجيل يهوذا) كالنص المتقدم هو غير يهوذا الاسخريوطي ([55]) الذي سلَّم عيسى كما في نهاية إنجيل يهوذا: «واقتربوا من يهوذا وقالوا له: ماذا تفعل هنا ؟ أنت تلميذ يسوع، فأجابهم يهوذا كما أرادوا منه واستلم بعض المال وأسلمه لهم» إنجيل يهوذا - المشهد الثالث. ومع الالتفات إلى أنّ كلمة يهوذا تعني بالعربي الحمد أو أحمد ([56])، أي اسم المهدي أو المنقذ أو المعزي الموعود به في آخر الزمان، يتوضح أنّ المراد بيهوذا الآخر الذي شُبّه بعيسى وصُلب بدلاً عنه والذي خاطبه عيسى ( بأنه سيعود ويسود في آخر الزمان هو المنقذ والمعزي والمهدي (أحمد) المذكور في التوراة والإنجيل والقرآن ووصية رسول الله محمد / ([57]). -من هو الشبيه المصلوب ؟ س9/ من يطالع قضية الصلب والفداء في أقوال علماء الأديان يرى التخبط فيها واضحاً، فهل يمكن بيان القول الفصل فيها من خلال ما يعتقدون به من نصوص ؟ وما هو تفسير هذه الرواية: (.. قلت لأبي عبد الله (: لأي شيء سمي القائم ؟ قال: لأنه يقوم بعدما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه) ؟ الجواب: قال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: (وأما ما روي من الأخبار التي تتضمن أنّ صاحب الزمان يموت ثم يعيش أو يقتل ثم يعيش، نحو ما رواه: الفضل بن شاذان، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن قاسم الحضرمي، عن أبي سعيد الخراساني، قال: قلت لأبي عبد الله (: لأي شيء سمي القائم؟ قال: لأنه يقوم بعد ما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه. وروى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر ( يقول: مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه. وعنه، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن القاسم بن الربيع، عن علي بن خطاب، عن مؤذن مسجد الأحمر، قال: سألت أبا عبد الله ( هل في كتاب الله مثل للقائم ( ؟ فقال: نعم، آية صاحب الحمار أماته الله (مائة عام) ثم بعثه. وروى الفضل بن شاذان، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن الفضيل، عن حماد بن عبد الكريم، قال: قال أبو عبد الله (: إنّ القائم ( إذا قام قال الناس: أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل). ثم علّق الشيخ الطوسي رحمه الله عليها، فقال: (فالوجه في هذه الأخبار وما شاكلها أن نقول: بموت ذكره، ويعتقد أكثر الناس أنه بلي عظامه، ثم يظهره الله كما أظهر صاحب الحمار بعد موته الحقيقي. وهذا وجه قريب في تأويل هذا الأخبار، على أنه لا يرجع بأخبار آحاد لا توجب علماً عما دلّت العقول عليه، وساق الاعتبار الصحيح إليه، وعضده الأخبار المتواترة التي قدمناها، بل الواجب التوقف في هذه والتمسك بما هو معلوم، وإنما تأوّلناها بعد تسليم صحتها على ما يفعل في نظائرها ويعارض هذه الأخبار ما ينافيها) كتاب الغيبة للطوسي: ص423. الشيخ الطوسي فهم من ظاهر هذه الأحاديث ونظائرها التي كانت تُروى في عصره بأنها تعني أنّ هناك شخصاً يدخل للدنيا ويخرج منها مقتولاً، ثم يعود إليها بأن يحييه الله في الدنيا مرة أخرى فيكون هو القائم من آل محمد (المهدي، المنقذ، المخلِّص). قال الشيخ الطوسي رحمه الله في تقديم الروايات: (وأما ما روي من الأخبار التي تتضمن أنّ صاحب الزمان يموت ثم يعيش أو يقتل ثم يعيش). وبما أنّ الشيخ الطوسي فهم أنّ القائم المقصود بهذه الأخبار هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (، وبما أنه ليس لديه فهم يوفّق بين هذا الظاهر وبقية الأحاديث، فقد لجأ إلى التأويل تارة، وإلى كونها آحاد لا يحصل منها اليقين تارة أخرى، وإلى التوقّف في معناها أخيراً. وهو في كل الأحوال جزاه الله خيراً، مع أنّ تأويله لم يكن موفقاً ولا يمكن أن تقبله النصوص المتقدمة بحال، فكيف يكون قيام القائم من الموت مجرد ظهوره بعد موت ذكره مع أنّ المثل الذي ضُرِب له هو صاحب الحمار الذي ذكر الله موته وإحياءه بعد موته صريحاً في القرآن: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 259]. ثم مَنْ هم الذين يعتقدون بأنّ الإمام المهدي محمد بن الحسن ميت في زمن الظهور كما صرّح الشيخ الطوسي: (ويعتقد أكثر الناس أنه بلي عظامه) ؟!! فالشيعة يعتقدون بحياته، والسنة لا يعتقدون بوجوده أصلاً فكيف يعتقدون بموته ؟!!! إنّ الفهم الصحيح للأحاديث المتقدمة الذي لا يتعارض مع ما روي عنهم / هو أنّ المهدي القائم الذي يظهر يقول للناس إنه هو نفسه الشبيه الذي صُلب فلا يتعقّل بعض الناس هذا الأمر، وبالتالي يقولون له: إنّ الشبيه قد صُلب ومات على الصليب وانتهى أمره منذ دهر طويل (إنّ القائم ( إذا قام قال الناس: أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل). انتبه إلى وقت قولهم (إذا قام) وليس قبل هذا، أي أنه إذا قام يقول لهم شيئاً، فيقولون رداً عليه: (أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل). الآن، نقول: لماذا يصار إلى التأويل أو رد الأحاديث طالما أمكن جمع ظاهرها مع ما روي عنهم / ؟! خصوصاً إذا وجدنا أنّ هناك روايات ونصوصاً أخرى تنص على هذا الفهم للظاهر وتؤيده كما سيأتي. الحقيقة، إنه لا يوجد داعٍ وسبب راجح لصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها وما أشارت إليه وهو أنّ هناك صفة للقائم، هي أنه نزل إلى الدنيا وقُتل قبل أن يولد ويدخل فيها مرة أخرى ويكون هو القائم (المهدي أو المنقذ أو المخلص). وهذا الأمر وبيانه يشبه الرمز السري أو كلمة السر، فهو دليل على دعوى القائم نفسه، فالنصوص موجودة كوجود الأرقام والحروف وبمتناول الجميع ولكن من يمكنه أن يستخرج منها كلمة السر الصحيحة غير صاحبها ؟! كل من عداه لن يصلوا إلى الرمز؛ لأنّ أقوالهم لن تتعدى الاحتمالات والتخرصات المليئة بالمتناقضات لا أكثر ولا أقل، أما القائم فيأتي بهذا الرمز أو كلمة السر ويفتح بها السر ليتعرف عليه من يريد المعرفة ببساطة وجلاء ووضوح. ولقد بيَّنت مسألة المصلوب والشبيه في (المتشابهات - الجزء الرابع) ([58])، ولكن لا بأس أن أبيّنها هنا بصورة أخرى. أولاً: في القرآن: قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ [النساء: 157]. إذن، بحسب القرآن فإنّ عيسى ( لم يقتل ولم يصلب، بل هناك شخص شُبِّه به وصُلب مكانه. وأيضاً: الآية أعلاه تجيب بجواب واضح على سؤال مهم هو: هل هناك من لديه علم بسر قضية الصلب وما جرى فيها ؟ حيث إنّ جواب هذا السؤال يجعل تخرصات الناس - وخصوصاً من يدعون الإسلام - بلا قيمة، فالجواب من القرآن:﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾. إذن، هي قضية محصور علمها بالله سبحانه ومن اتصلوا بالله وهم حججه على خلقه، باعتبار أنه يُعرِّفهم ويُعلِّمهم بالحقائق المخفية والغيب إذا شاء سبحانه كما بيَّن تعالى في القرآن، قال تعالى: ﴿َعالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ( إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ( لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ [الجن: 26 - 28]. والآية واضحة أنّ الغيب الذي يعلمه الله يُعلم بعضه لرسله، وجميع خلفاء الله في أرضه هم رسل الله سبحانه إلى خلقه سواء الأنبياء والمرسلون قبل محمد /، أو محمد / والأئمة / من بعده، فكلهم إذن مشمولون بأنّ الله يُطلعهم على ما يشاء من الغيب. وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾، و(ما بين أيديهم) ليس ما يقبضون عليه بأيديهم، ولا (ما خلفهم) هو الواقع خلف ظهورهم، وإلا لما امتاز بعلمه سبحانه، بل المراد (بين أيديهم) أي المستقبل، و (ما خلفهم) أي أحداث الماضي، فالمراد بقوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أي يعلم علم الغيب الذي لا يعرفه الناس من أحداث المستقبل والماضي، وبتكملة الآية يتضح المراد أكثر بقوله: ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ﴾ أي من علم الغيب الذي بين أيديهم وخلفهم، ثم بيَّن تعالى أنه يُعلم بعض علم الغيب من يُريد من خلقه بما يُريد سبحانه ﴿إِلاَّ بِمَا شَاء﴾. النتيجة مما تقدم: القرآن يقرر أنّ الذي قتل وصلب ليس عيسى ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ﴾. إنّ تحديد الشخص المصلوب وما يحيط بتشبيهه بعيسى وكيف حدثت الحادثة، لا يعلمها الناس يهوداً ونصارى ومسلمين ([59]) وغيرهم، وإنّ من يخوضون فيها سيتخبطون بجهل لا أكثر ولا أقل ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾. إنّ الله يعلم الغيب وأحداث المستقبل والماضي ويُطلع على بعضها خلفاءه في أرضه. إذن، حادثة الصلب وما يحيط بها سر - ليس عند المسلمين فقط بل حتى عند المسيحيين وسيأتي الكلام بهذا الأمر - ولا يتيسر الوصول إلى حقيقته إلا لمن يطلعه الله عليه وهذا أمر يخص حجج الله، وبالتالي فالمرور إلى هذا السر بسلاسة ويسر دال على حجية من مر إليه لأنه قد جاء بكلمة السر أو كلمة المرور التي لا يأتي بها إلا من كان متصلاً بالله سبحانه. ثانياً: في الإنجيل: 1- عيسى يطلب أن لا يصلب ولا يكون هو المصلوب. «... 39 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً:"يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ ...» متى - الأصحاح 26. «... 35 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. 36 وَقَالَ:"يَا أَبَا الآبُ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ، فَأَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ ..» مرقس - الأصحاح 14. «... 41 وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42 قَائِلاً:"يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ ...» لوقا - الأصحاح 22. فكيف يرد الله طلب عيسى ودعاءه وتوسله أن لا يصلب ويدفع عنه الصلب ؟ وهل أنّ عيسى لا يستحق أن يجاب دعاؤه، أم لا يوجد عند الله بديل عن عيسى ( يصلب مثلاً ؟! إضافة إلى أنّ المسيحيين يعتقدون أنّ عيسى ( هو اللاهوت المطلق نفسه، وبالتالي فهم يحتاجون تعليل طلب عيسى ( المتقدم تعليلاً لا يوقعهم في تناقض ينفي لاهوته المطلق كما يعتقدون هم فيه، وهذا بعيد المنال. فهم لو قالوا: إنه طلب أن يُدفع عنه الصلب لجهله بحتمية الحدث، فقد نقضوا لاهوته المطلق؛ لأنهم وصفوه بالجهل وهو ظلمة، فتبيَّن أنه نور وظلمة وليس نوراً لا ظلمة فيه، وبالتالي انتقض لاهوته المطلق. وإن قالوا: إنه طلب أن يدفع عنه الصلب مع علمه بحتمية الحدث، فقد اتهموه بالسفه، وإلا فما معنى طلبه هذا مع علمه بحتمية الحدث ؟! وقولهم هذا ينفي لاهوته المطلق بل وينفي عنه ما دون ذلك وهو حكمة الأنبياء /. 2- المصلوب لا يقبل أن يقول إنه ملك بني إسرائيل. فلماذا لا يقبل لو كان هو نفسه عيسى ( الذي جاء يبلغ الناس بأنه ملك بني إسرائيل؟! أليس هذا يدل بوضوح على أنّ الذي أُلقي عليه القبض وصُلب شخص آخر غير عيسى ( ملك بني إسرائيل، لهذا هو لم يقبل أن يقول إنه ملك بني إسرائيل. «... فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت مَلِك اليهود فقال له يسوع: أنت تقول ...» إنجيل متى - الأصحاح 27. «.. فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول..» إنجيل مرقس- الأصحاح 15. «.. 33 ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أفأنت إذا مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق ..» إنجيل يوحنا - الأصحاح 18. 3- مخاطبة المصلوب لمريم أم عيسى (. يدل على أنه ليس ابنها، وإلا فهل يليق بابن أن يخاطب أمه (يا امرأة). نعم، يصح أن يخاطبها المصلوب بهذه الكلمة إذا لم يكن هو نفسه عيسى (، ومخاطبته لها بهذه الكلمة ليوضح أنها ليست أمه وأنه ليس عيسى ( ([60]). «25 وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية. 26 فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً قال لأمه يا امرأة هو ذا ابنك. 27 ثم قال للتلميذ هو ذا أمك» إنجيل يوحنا - الأصحاح 19. 4- بطرس يعرض أن يضع نفسه مكان عيسى للصلب وعيسى يُبيِّن له عجزه عن هذا الأمر. «وقال الرب لسمعان سمعان هو ذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. 32 ولكني طلبت من أجلك لكيلا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك. 33 فقال له يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت. 34 فقال أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني» إنجيل لوقا - الأصحاح 22. «قال له سمعان بطرس يا سيد إلى أين تذهب. أجابه يسوع حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ولكنك ستتبعني أخيرا. 37 قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات» إنجيل يوحنا - الأصحاح 13. في النصين المتقدمين من الإنجيل نفهم أنّ عيسى عرض بصورة أو بأخرى على الحواريين أن يفدوه، أو على الأقل نجد في النصوص أنّ عيسى ( يُبيِّن لبطرس وهو أفضل الحواريين أنه غير قادر أن يفدي عيسى (: «قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني ؟ الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات». إذن، هذا النص من إنجيل يوحنا يُبيِّن بوضوح أنّ عيسى ( طلب من بطرس أن يفديه، أو أنه ناقش عرض بطرس «أتضع نفسك عني؟»، ونجد أنّ عيسى أجاب على هذا السؤال بأنّ بطرس غير قادر على هذا الأمر: «الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات». وهذه المناقشة لم تأتِ من فراغ، فما الذي جعل بطرس يعرض هذا العرض لو لم يكن عيسى ( قد طرح هذا الأمر لهم ؟! وأيضاً: كلام بطرس «إني أضع نفسي عنك»، كيف يمكن فهمه بغير مسألة التشبيه، وإلا فكيف يضع بطرس نفسه مكان عيسى ( ليصلب إذا لم يُشبَّه به قبل هذا لكي يأخذه اليهود ويصلبوه على أنه عيسى ( نفسه، فالقوم يطلبون عيسى ( وليس بطرس، ولن يأخذوا بطرس ما لم يُشبه به. وأيضاً: رد عيسى ( لم يكن أنه لا يصح أن تفديني يا بطرس، أو لابد أن أُصلب أنا، أو أي جواب آخر غير أنك يا بطرس غير قادر على هذا الأمر، وهذا ينقلنا إلى التساؤل: إذا كان بطرس والحواريون عاجزين عن أن يضعوا أنفسهم مكان عيسى ( ويتحمّلوا الصلب، فهل لا يوجد عند الله أحد يؤدي هذه المهمة بعد أن طلب عيسى ( بوضوح أن يُدفَع عنه الصلب كما تقدم ؟! 5- «١١ فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: "اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟"» يوحنا - الأصحاح 18. هذا الكلام صدر من المصلوب أثناء القبض عليه، وهو كلام شخص قابل بمسألة الصلب ولا إشكال عنده معها، بل ويعتبر أنّ التردد في شرب كأس الصلب أمرٌ غير مقبول وغير وارد ولا مطروح بالنسبة له، ولا يمكن أن يفكر فيه «الكاس التي أعطاني الآب ألا أشربها ؟!!!»، لا يسأل فقط بل يتساءل بتعجب «ألا أشربها»، فكيف يمكن تصوّر أن يصدر هذا الكلام من نفس الشخص الذي كان قبل إلقاء القبض على المصلوب يقول: «يا أبا الآب كل شئ مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس» مرقس - الأصحاح 14 ؟! إذن، فهما شخصان مختلفان تماماً، فالشخص الذي أُلقي عليه القبض وصُلب شخص آخر غير عيسى ( الذي طلب أن لا يُصلَب. 6- ما موجود في إنجيل يهوذا. وهو إنجيل أثري عُثر عليه ويعود تاريخه إلى ما قبل الإسلام، فلا يمكن القدح به على أنه ملفّق من مسلمين، وبالتالي فهو إنجيل مسيحي وكان متداولاً بين المسيحيين الأوائل، واستنساخ وتداول إنجيل يهوذا بين بعض المسيحيين الأوائل دال على اختلافهم في هوية المصلوب في تلك الفترة. وهذا نص من إنجيل يهوذا يُبيِّن أنّ المصلوب ليس عيسى (، بل ويحدد اسم المصلوب وصفاته وصفة ذريته. إنجيل يهوذا - المشهد الثالث: «وقال يهوذا: يا سيد، أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام ؟ أجاب يسوع وقال له: "تعالَ، أنه أنا [... سطرين مفقودين..] لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله". وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل. أجاب يسوع وقال: "ستكون أنت الثالث عشر وستكون ملعوناً من الأجيال الأخرى - ولكنك ستأتي لتسود عليهم. وفي الأيام الأخيرة سيلعنون صعودك [47] إلى الجيل المقدس» »But you will exceed all of them. For you will sacrifice the man that clothes me«. «ولكنك ستفوقهم جميعاً لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني. ويرتفع قرنك حالاً. ويضرم عقابك الإلهي. ويظهر نجمك ساطعاً. وقلبك [...] [57]». وإضافة إلى أنّ النص يُبيِّن بوضوح أنّ المصلوب ليس عيسى «ولكنك ستفوقهم جميعاً لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني»، فإنه يطرح اسم المصلوب على أنه يهوذا. وأكيد أنّ يهوذا في هذا النص ليس يهوذا الاسخريوطي الخائن الذي ذهب لعلماء اليهود وجاء بالشرطة الدينية للقبض على المصلوب، فيهوذا الذي يُصلب بدل عيسى كما في نص إنجيل يهوذا هو إنسان صالح ويضحي بنفسه لأجل عيسى، بل ويصفه عيسى في إنجيل يهوذا بصفة لا يمكن أن يتصف بها يهوذا الاسخريوطي وهي أنه سيكون الثالث عشر؛ حيث أنّ الحواريين - كما اتفق الجميع - اثنا عشر فقط، وبعد خيانة يهوذا الاسخريوطي جاءوا ببديل عنه ليكمل العدد اثنا عشر، ولم يكونوا أبداً ثلاثة عشر، وهذا يجعل يهوذا المخاطب هنا غير يهوذا الاسخريوطي حتماً. هذا إضافة إلى عبارات جاءت في إنجيل يهوذا هي: «ولكنك ستأتي لتسود عليهم»: وهذه العبارة تجعل الأمر منحصراً بالمنقذ الذي يأتي في آخر الزمان ليملأ الأرض بالعدل، فيهوذا الاسخريوطي لا يأتي في آخر الزمان؛ لأنه باختصار شخص طالح ولد ومات في ذلك الزمان. «وقال يهوذا: يا سيد، أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام ؟ أجاب يسوع وقال له: "تعالَ، أنه أنا [... سطرين مفقودين..] لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله". وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل». «أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام»: الحكام يحكمون الجميع، فهل هناك معنى وحكمة في أن يسأل شخص عن نسله إذا كانوا تحت سيطرة الحكام ؟! إنّ هذا الكلام لن يكون له معنى إلا في حالة واحدة، وهي أنّ هؤلاء النسل الذين يسأل عنهم هم خلفاء الله في أرضه، وبالتالي فهو يسأل إن كانوا سيكونون تحت سيطرة الحكام الطواغيت، أم سيمكّنهم الناس من الحكم. إذن، (يهوذا) ليس المتوقع أن يسود هو فقط، بل نسله أيضاً خلفاء الله في أرضه، وهو يسأل عن خلفاء الله في أرضه من نسله، هل يمكن رغم تنصيبهم الإلهي أن يكونوا تحت سلطة وسيطرة الحكام الطواغيت كما كان حال كثير من خلفاء الله الذين سبقوهم كإبراهيم( وموسى وعيسى نفسه، أم أنّ الناس ستمكنهم من إجراء حاكمية الله على الأرض ؟ وفي هذا السؤال وجواب عيسى عليه عدة أمور تحتّم أنّ يهوذا هنا ليس هو الاسخريوطي، فيهوذا الاسخريوطي أصلاً ليس من خلفاء الله في أرضه، فلا معنى للسؤال لو كان السائل يهوذا الاسخريوطي. ويهوذا الاسخريوطي ليس له نسل بل مات بعد حادثة الصلب، فلا معنى للسؤال لو كان هو. «لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله»: كيف ليهوذا الاسخريوطي الطالح أن يرى الملكوت ؟ نعم، يمكن أن يرى الملكوت لو كان يهوذا هنا شخصاً إلهياً جاء من الملكوت وهو عائد إلى الملكوت بعد انتهاء مهمته في الصلب بدلاً عن عيسى (، فهو إذن ليس يهوذا الاسخريوطي. «وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل»: أي جيل أُبعد عنه يهوذا الاسخريوطي ؟!!! الحقيقة أنّ هذا الكلام لا يستقيم إلا في حالة واحدة، أن يكون يهوذا هنا ليس يهوذا الاسخريوطي بل هو شخص إلهي ملكوتي جاء في زمن وجيل عيسى وهو ليس زمانه وجيله، بل جاء لأداء مهمة ويعود من حيث جاء. وأيضاً: جاء بسبب دعاء عيسى ( أن يدفع عنه الصلب، لهذا صح أن يقول لعيسى ( «لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل». إذن، يهوذا المذكور في بعض نصوص إنجيل يهوذا كالنص المتقدم ليس يهوذا الاسخريوطي الذي خان عيسى وسلّمه لعلماء اليهود كما في نهاية إنجيل يهوذا: «واقتربوا من يهوذا وقالوا له: ماذا تفعل هنا ؟ أنت تلميذ يسوع، فأجابهم يهوذا كما أرادوا منه واستلم بعض المال وأسلمه لهم» إنجيل يهوذا - المشهد الثالث. بل يهوذا هذا كما وصفه إنجيل يهوذا إنسان صالح ومن خلفاء الله في أرضه، بل ويكون بعض ذريته خلفاء الله في أرضه. وأيضاً: هو لم يكن من جيل عيسى ولا من زمانه، أي أنه نزل من الملكوت في وقت عيسى. وإضافة إلى كل هذا، فإنّ النص يقول إنّ يهوذا هذا هو الذي سيملأ الأرض عدلاً ويسود في آخر الزمان. الآن، كل هذه الصفات التي جاءت ليهوذا الذي صُلب بدلاً من عيسى تنطبق على المنقذ الذي يأتي في آخر الزمان، فإذا سألنا أخيراً عن معنى كلمة (يهوذا) لنرى مَنْ يكون هذا الشخص؟ نجد أنّ كلمة يهوذا بالعربية تعني الحمد أو أحمد، وهذا المعنى تؤكده التوراة حيث جاء في التوراة: سفر التكوين - الأصحاح التاسع والعشرون «35 وحبلت أيضاً وولدت ابناً وقالت هذه المرة أحمد الرب. لذلك دعت اسمه يهوذا. ثم توقفت عن الولادة». إذن، يهوذا تعني أحمد وهو اسم المهدي أو المنقذ أو المعزي الموعود به في آخر الزمان، المذكور في التوراة والإنجيل والقرآن ووصية رسول الله محمد /. وأيضاً، في التوراة والإنجيل: المصلوب وصفت مواقفه وروي عنه كلام بعد إلقاء القبض عليه تدل على أنه شخص حكيم وراضٍ تمام الرضا بما يجري له، وأنه غير يهوذا الاسخريوطي حيث إنّ يهوذا الاسخريوطي شخص استحوذ عليه الشيطان فلا تصدر منه الحكمة، ولا يمكن أن يكون هادئاً ورابط الجأش وهو يساق ليصلب بدلاً عن عيسى ( الذي كفر به. في التوراة - سفر إشعيا، وفي أعمال الرسل - الأصحاح الثامن هذا النص: «... مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه ...». وإضافة إلى أنّ النص كما هو الواقع الذي حصل يدل على أنه ذهب بكل هدوء ورباطة جأش إلى العذاب والصلب، فهناك أمر آخر يدل عليه النص وهو أنه لم يتكلّم ولم يتظلّم ولم يُبيِّن حقه وأنه رسول، في حين أنّ عيسى ( بَكَّتَ العلماء والناس، ووعظهم وبيَّن حقه فلا يَصدِقُ عليه أنه ذهب إلى الذبح صامتاً. وفي الإنجيل: المصلوب يُبشِّر أحد اللذين صُلبا معه بأنه سيذهب للفردوس لأنه دافع عنه، فهل يمكن مع هذه الحكمة وهذا التبشير من المصلوب أن يكون هو يهوذا الاسخريويطي؟! وبما يُبشِّر يهوذا الاسخريوطي لو كان قد بدل الله شكله وسيق إلى الصلب بدلاً عن عيسى الذي كفر به، أليس لو كانت هذه حاله فهو يعلم يقيناً أنه ظالم وسيعاقب، فأي فردوس يُبشِّر بها من يدافع عنه ؟! «وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا. 40 فأجاب الآخر وانتهره قائلا أولا أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه. 41 أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله. 42 ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك. 43 فقال له يسوع الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس» إنجيل لوقا: 23. وفي إنجيل لوقا أيضاً: «33 وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى جُمْجُمَةَ صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ، وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 34 فَقَالَ يَسُوعُ: يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» إنجيل لوقا: 23. لا يمكن أن يصدر ما تقدم وما روي من الحكمة والمواقف الرصينة الثابتة للمصلوب وفي أصعب الظروف من سفيه أو شيطاني كافر والعياذ بالله كيهوذا الاسخريوطي كما يحلو لبعضهم تصوير الشبيه على أنه يهوذا الاسخريوطي، هكذا بدون أي دليل فقط ليضعوا شبيهاً لعيسى صُلب مكانه ([61]). وإضافة إلى كل ما تقدم، يجب الالتفات إلى أنّ يهوذا الاسخريوطي جاء ودلَّ الشرطة الدينية على المصلوب وألقوا القبض على الشبيه المصلوب، فكيف يكون يهوذا الاسخريوطي جاء مع الشرطة ودلَّهم على الشبيه وهو نفسه الشبيه، هل يهوذا الاسخريوطي شخصان مثلاً ؟ المفروض أن تكون الأطروحات أكثر تعقلاً، ولا تكون بهذا المستوى من السذاجة والتناقض، فكيف لشخص أن يعقل موقفاً يقف فيه يهوذا الاسخريوطي وهو مع الشرطة ويدلهم على الشبيه، وهو نفسه الشبيه ؟ فهو موجود في نفس المكان بشخصين وصورتين، وبحالتين متناقضتين تماماً !! ما هذا المستوى من الطرح، وأعجب كيف يقبله بعضهم وهو بهذا المستوى من التناقض!! إضافة إلى أنّ ما تقدم ينفي ما يقوله بعض المسلمين (بدون دليل) من أنّ المصلوب يهوذا الاسخريوطي، فإنه يوجد روايات بيَّنت أنّ الشبيه المصلوب شاب صالح شُبِّه بصورة عيسى، بل وروي عن النبي أنه من ذرية علي ( بالخصوص ([62]). النتيجة مما تقدم: إنّ في التوراة والأناجيل التي يعترف بها المسيحيون نصوصاً تدل على أنّ عيسى لم يصلب، وإن لم يكن كل من هذه النصوص كافٍ بمفرده فهي بمجموعها تمثّل دليلاً على أنّ المصلوب غير عيسى (. فعيسى يطلب من الله أن لا يصلب. والمصلوب يرفض أن يقول بلسانه إنه ملك بني إسرائيل مع أنّ عيسى ملك بني إسرائيل. والمصلوب يخاطب مريم أم عيسى ( (يا امرأة). وبطرس يعرض أن يضع نفسه مكان عيسى، أي يطلب أن يكون هو الشبيه «قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك»، وعيسى يرفض؛ لأنه يعلم أنّ بطرس عاجز عن هذا الأمر ويعطيه أمارة عجزه أنه سيتبرأ من المصلوب ثلاث مرات، وهي أكيد براءة من عيسى (. وبمقارنة كلام عيسى ( قبل أن يأتي الجنود ويلقوا القبض على المصلوب مع كلام المصلوب أثناء إلقاء القبض عليه، نعرف أنهما شخصان مختلفان تماماً، فهما يقفان موقفان مختلفان أزاء القبول بالصلب، فالشخص الذي يقول «الكاس التي أعطاني الآب ألا اشربها» لا يمكن أن يكون هو نفسه من قال قبل ساعات «يا أبا الآب كل شئ مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس». ومن إنجيل يهوذا: المصلوب ليس عيسى نفسه بل شبيه شُبِّه بعيسى (. المصلوب وُصِف بأنه الثالث عشر. المصلوب وُصِف بأنه سيأتي في آخر الزمان ليسود. المصلوب اسمه يهوذا (أحمد كما تبيَّن)، ولكن ليس يهوذا الاسخريوطي. المصلوب نزل من الملكوت وليس من جيل عيسى (. المصلوب له ذرية وهم خلفاء لله في أرضه. أيضاً: في التوراة والإنجيل وإنجيل يهوذا نصوص واضحة تبيِّن أنّ المصلوب لا يمكن أن يكون يهوذا الاسخريوطي، وفيها رد على من يقول إنّ المصلوب يهوذا الاسخريوطي. ثالثاً: في الروايات: 1- في كتب الشيعة: في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي جعفر (، قال: (إنّ عيسى ( وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال: إن الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي ؟ قال شاب منهم: أنا يا روح الله قال: فأنت هُوَ ذا ... ثم قال (: إن اليهود جاءت في طلب عيسى ( من ليلتهم … وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ( فقتل وصلب) تفسير القمي: ج1 ص103. وهذه الرواية تُبيِّن أنّ هناك آخر غير يهوذا الاسخريوطي هو من أُلقي عليه الشبه وصُلب، وهو بدرجة عيسى، وعيسى خليفة من خلفاء الله في أرضه ونبي وإمام ومن أُولي العزم من الرسل، فهذا الشبيه المصلوب إذن على الأقل خليفة من خلفاء الله في أرضه (فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي). وفيها أيضاً: إنّ هناك اثنا عشر حضروا مع عيسى في الوقت الذي كان فيه يهوذا عند علماء اليهود لتسليم عيسى لهم، فمن يكون الثاني عشر غير المصلوب الذي دخل وخرج دون أن يلفت انتباهاً، أو حتى يراه أحد في البداية غير عيسى (: «مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه». وهذا الأمر موجود وإن لم يكن بهذا الوضوح في الإنجيل الموجود الآن وقد تبيَّن فيما تقدم: «وقال الرب لسمعان سمعان هو ذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. 32 ولكني طلبت من أجلك لكيلا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك. 33 فقال له يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت. 34 فقال أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني» إنجيل لوقا - أصحاح 22. «قال له سمعان بطرس يا سيد إلى أين تذهب. أجابه يسوع حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ولكنك ستتبعني أخيرا. 37 قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات» إنجيل يوحنا - أصحاح 13. وروي ما يُبيِّن بأنّ الشبيه خليفة من خلفاء الله، وأنّ الذين رفضوه وقتلوه كفار والذين سيقبلونه عند عودته ويدافعون عنه مؤمنون أخيار: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (: (في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ فقالوا: لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الأموال والأنفس والأولاد، فقال الله: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ يعني في الدنيا بفتح القائم. وأيضاً قال: فتح مكة. قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ﴾ قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى( وصلبته، والتي آمنت هي التي [قبلت] ([63]) شبيه عيسى حتى لا يقتل، فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته وهو قوله: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾) تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي: ج2 ص365 - 366. مَنْ هم الذين يجب على الناس الإيمان بهم غير خلفاء الله في أرضه (والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل) ؟! إذن، فالرواية تُبيِّن بوضوح أنّ المصلوب خليفة من خلفاء الله في أرضه، ويجب على الناس الإيمان به ونصرته عند مجيئه إلى هذا العالم. وهذا موجود في الإنجيل، وقاله الشبيه المصلوب بوضوح تام: «أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا» إنجيل يوحنا - الأصحاح 18. أي إنه يُبيِّن أنه عند مجيئه إلى هذا العالم الجسماني في جيله وزمانه سيكون هناك من يدافعون عنه لكي لا يُسلَّم إلى يهود زمانه ويُصلب «لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا»، (والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل). وروي أنّ الشبيه المصلوب من ذرية رسول الله /: قال رسول الله محمد / وهو يدعو لعلي بن أبي طالب (: (اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسى (، اللهم إنك خليفتي عليه وعلى عترته وذريته الطيبة المطهرة التي أذهبت عنها الرجس والنجس) الغيبة للنعماني: ص144. 2- في كتب السنة: روى السنة في تفاسيرهم أنّ الذي صُلب ليس يهوذا الاسخريوطي، بل هو شاب كان مع الحواريين: [روى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن عيسى خرج على أصحابه لما أراد الله رفعه، فقال: أيكم يُلقى عليه شبهي، فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب، فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد القول، فقام الشاب، فقال عيسى: اجلس، ثم أعاد، فقال الشاب: أنا، فقال: نعم أنت ذاك، فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى، وجاء اليهود، فأخذوا الرجل، فقتلوه، ثم صلبوه. وبهذا القول قال وهب بن منبه، وقتادة، والسدي] زاد المسير في علم التفسير - ابن الجوزي. [حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿إنَّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ﴾ ... إلى قوله: ﴿وكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ أولئك أعداء الله اليهود اشتهروا بقتل عيسى بن مريم رسول الله، وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه. وذُكر لنا أن نبيّ الله عيسى بن مريم قال لأصحابه: أيكم يُقذف عليه شبهي فإنه مقتول؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا نبيّ الله. فقُتل ذلك الرجل، ومنع الله نبيه ورفعه إليه. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ قال: أُلِقي شبهه على رجل من الحواريين فقُتل، وكان عيسى بن مريم عَرَض ذلك عليهم، فقال: أيكم ألِقي شبهِي عليه وله الجنة ؟ فقال رجل: عليّ. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن القاسم بن أبي بزّة: أن عيسى ابن مريم قال: أيكم يُلقي عليه شبهِي فيُقتل مكاني ؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا رسول الله. فأُلقي عليه شبهه، فقتلوه، فذلك قوله: ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: بلغنا أن عيسى ابن مريم قال لأصحابه: أيكم يَنتدب فيلقى عليه شبهي فيقتل ؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا نبيّ لله. فألقي عليه شبه فقُتل، ورفع لله نبيه إليه. حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ﴿شُبِّهَ لَهُمْ﴾ قال: صلبوا رجلاً غير عيسى يحسبونه إياه. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ فذكر مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: صلبوا رجلاً شبهوه بعيسى يحسبونه إياه، ورفع الله إليه عيسى ( حياً] جامع البيان في تفسير القرآن - ابن جرير الطبري. [ثم أخبر سبحانه أنَّ بني إسرائيل ما قَتَلُوا عيسَىٰ، وما صَلَبوه، ولكنْ شُبِّه لَهُمْ، واختلفتِ الرُّوَاةُ في هذه القصَّة، والذي لا يُشَكُّ فيه أنَّ عيسَىٰ ( كان يَسِيحُ في الأَرْضِ ويدعو إلى اللَّه، وكانَتْ بنو إسرائيل تَطْلُبُه، ومَلِكُهُمْ في ذلك الزَّمَانِ يجعَلُ عليه الجَعَائِلَ، وكان عيسَىٰ قد ٱنضوَىٰ إليه الحواريُّون يَسِيرُونَ معه؛ حيثُ سار، فلَمَّا كان في بعض الأوقات، شُعِرَ بأمْر عيسَىٰ، فَرُوِيَ أنَّ رجلاً من اليهود جُعِلَ له جُعْلٌ، فما زال يَنْقُرُ عنه؛ حتى دلَّ علَىٰ مكانه، فلما أحَسَّ عيسَىٰ وأصحابُهُ بتلاحُقِ الطَّالبين بهم، دخلوا بَيْتاً بمرأى مِنْ بني إسرائيل، فرُوِيَ أنهم عَدُّوهم ثلاثةَ عَشَرَ، ورُوِيَ: ثمانيةَ عَشَرَ، وحُصِرُوا لَيْلاً، فرُوِيَ أنَّ عيسَىٰ فرق الحواريِّين عن نَفْسه تلك الليلةَ، ووجَّههم إلى الآفاقِ، وبقي هُوَ ورجُلٌ معه، فَرُفِعَ عيسَىٰ، وأُلْقِيَ شَبْهُهُ على الرجُلِ، فَصُلِبَ ذلك الرجُلُ] الجواهر الحسان في تفسير القرآن - الثعالبي. [فاجتمعت اليهود على قتله فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود، فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة ؟ فقال رجل منهم: أنا، فألقى الله عليه شبهه فقتل وصلب] تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل- النسفي. [...... امتثل والي بيت المقدس ذلك وذهب هو وطائفة من اليهود إلى المنزل الذي فيه عيسى ( وهو في جماعة من أصحابه اثني عشر أو ثلاثة عشر وقال سبعة عشر نفراً وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر ليلة السبت فحصروه هنالك. فلما أحس بهم وأنه لا محالة من دخلوهم عليه أو خروجه إليهم قال لأصحابه: أيكم يلقى عليه شبهي وهو رفيقي في الجنة ؟ فانتدب لذلك شاب منهم فكأنه استصغره عن ذلك، فأعادها ثانية وثالثة وكل ذلك لا ينتدب إلا ذلك الشاب، فقال: أنت هو وألقى الله عليه شبه عيسى حتى كأنه هو وفتحت روزنه من سقف البيت وأخذت عيسى ( سنة من النوم فرفع إلى السماء وهو كذلك كما قال الله تعالى: ﴿إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي﴾ الآية، فلما رفع خرج أولئك النفر فلما رأى أولئك ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى فأخذوه في الليل وصلبوه ووضعوا الشوك على رأسه ..... وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم أي رأوا شبهه فظنوه إياه] تفسير ابن كثير. إذن، النتيجة من التوراة والإنجيل والقرآن والعقل والروايات أنّ المصلوب ليس عيسى ولا يهوذا الاسخريوطي، ووجدنا روايات تقول إنه من ذرية رسول الله / وعلي (، وتشير إلى أنه خليفة من خلفاء الله، فماذا نفعل ؟ هل نبقى نجادل ونرد هذه الروايات ونمرر أوهامنا المبنية على الهوى لا غير والتي تعارض ما نقل في التوراة والإنجيل والروايات، وتعارض العقل أيضاً، ونقول إنّ المصلوب يهوذا الاسخريوطي، وأنها عنزة وإن طارت ؟!!! أم نقول: القول منا ما اتفقت عليه الكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن ونص عليه رسول الله وآل محمد / وهو أنّ المصلوب ليس عيسى (، والمصلوب إنسان صالح، والمصلوب خليفة من خلفاء الله في أرضه، والمصلوب من آل محمد / ومن ذرية علي (. وكل هذه الحقائق من النصوص من التوراة والإنجيل والقرآن وأقوال محمد وآل محمد /، ولا معارض معتبر لها. الآن، بعد أن أثبتنا أنّ عيسى لم يصلب ولم يقتل، وأنّ هناك شبيهاً صُلب وشخصّناه من التوراة والإنجيل والقرآن وأقوال محمد وآل محمد /، نعود إلى ما رواه الطوسي وهو أنّ الناس لا يتعقّلون مسألة التشبيه والصلب، أو لا يتقبّلون الشخص الذي يواجههم وأنه هو، فيبدؤون بالإشكال كما روى الطوسي رحمه الله عن أبي عبد الله (: (إنّ القائم ( إذا قام قال الناس: أنّى يكون هذا وقد بُليت عظامه منذ دهر طويل). أو لنكتب إشكالهم بصورة أخرى: كيف أنّ الشبيه المصلوب شخص نزل إلى الأرض بصورة معجزة وقُتل، وبعد ذلك يولد كطفل ويكبر حتى يكون هو القائم أو المهدي ؟!! والحقيقة، إنّ أصحاب هذا الاعتراض يطرحونه نتيجة عدم معرفتهم أو التفاتهم إلى أنّ الأرواح خُلقت قبل هذا العالم الجسماني، وهذا الأمر يثبته العقل والنقل: فالعقل: لا يقبل أنّ الروح الأدنى مقاماً خُلقت قبل الروح الأعلى مقاماً؛ لأنها متقوّمة بوجود الأعلى، وليس هذا موضع مناقشة وبيان كيفية صدور الخلق من الحقيقة المطلقة، ولكن لا بأس ببيان بسيط: فالصادر من الحقيقة المطلقة أو المخلوق الأقرب للحقيقة المطلقة لا يمكن تكراره، وإلا لكان هو نفسه الأول لا غير، ولهذا فالمخلوق الذي بعده يكون أبعد عن الحقيقة المطلقة من الأول أي دونه مقاماً، وبالتالي يتوسّط المخلوق الأول في خلق الثاني، أي كما قال تعالى (بيدي): ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص: 75]. وهكذا يكون المخلوق الأول بالنسبة للثاني يد الله، وأيضاً المخلوق الثاني بالنسبة للثالث يكون يد الله، أي أنها ليست يداً واحدة ولا اثنتين بل أيد كثيرة كما قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات: 47]. فالعقل يقول إنّ روح محمد / الأعلى مقاماً خُلق قبل روح آدم ( الأدنى مقاماً، ولا يوجد دليل عقلي يرد هذه الحقيقة. أما كون آدم خلق قبل محمد في هذا العالم الجسماني فلا يعني سبق روح آدم (؛ حيث إنه لا تلازم بين خلق الجسد وخلق الروح وهما في عالمين مختلفين. والقرآن يؤيد هذا الدليل الموافق للحكمة والعقل، قال تعالى: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص: 75]. وتعالى الله أن تكون له يد، وإنما (خلقت بيدي): أي بيد مخلوقة مثّلتْ قوته وإرادته وقدرته على الخلق في هذا المقام، وهذه اليد أو الروح المخلوق خلقت آدم أو توسّطت في خلق آدم (. إذن، هذا الروح سبق آدم (، وهذه اليد أو الروح المخلوق هو محمد / ومن شاء الله له أن يكون يداً له سبحانه لتنفيذ ما يريد من الخلق وفي الخلق ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات: 47]. فهؤلاء هم أيدي الله التي يخلق بها، وهم خلق الله الأوائل المقربون ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾ [النجم: 56]. وهم أصحاب المقام العالي غير المكلفين بالسجود لآدم (؛ لأنهم أعلى مقاماً منه ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص: 75]. العالون: أي الأرواح الذين خلقوا آدم، ولهذا فهم غير مكلَّفين بالسجود لآدم؛ لأنهم فوقه وأعلى مقاماً منه. أما النقل: ففيه بيان واضح أنّ روح محمد / وآل محمد / خُلقت قبل خلق آدم والخلق جميعاً، وقبل الأجسام أو هذا العالم الجسماني بأمد بعيد: من القرآن: وقال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: 81]. الآية في مقام الرد على من يقولون إنّ عيسى ( ابن الله، وملخص الرد هو: أنها تنفي هذه البنوّة باعتبار أنّ محمداً / المخلوق الأول وسَبَق عيسى وجوداً، وتسوق لهذا السبق بياناً هو السبق بالعبادة ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾، والنتيجة: فالآية واضحة في إثبات أنّ روح محمد / خُلقت قبل روح عيسى ( وآدم ( بل وقبل أرواح كل الخلق، وإلا لما صحَّ أن يوصف بأنه أول العابدين في مقام السبق الزمني أو الحدثي. ومن الروايات من طرق السنة والشيعة: عن المفضل قال: قال أبو عبد الله (: (إنّ الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلوات الله عليهم، فعرضها على السموات والأرض والجبال فغشيها نورهم ...) مجمع النورين للمرندي: ص272. قال الصادق (: (إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورَّث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة، ولم يورث الأخ من الولادة) بحار الأنوار: ج6 ص249. (حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن إبراهيم بن يحيى بن عجلان المروزي المقرئ قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر عبد الصمد بن يحيى الواسطي، قال: حدثنا الحسن بن علي المدني، عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب /، قال: (إنّ الله تبارك وتعالى خلق نور محمد / قبل أن خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار، وقبل أن خلق آدم ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان، وكل من قال الله عز وجل في قوله: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب – إلى قوله – وهديناهم إلى صراط مستقيم"، وقبل أن خلق الأنبياء كلهم بأربعمائة ألف وأربع وعشرين ألف سنة وخلق الله عز وجل معه اثني عشر حجاباً .......) الخصال للصدوق: ص482. عن أبي سعيد الخدري، قال: (كنا جلوساً مع رسول الله / إذ أقبل إليه رجل فقال: يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل لإبليس: ﴿أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾، فمن هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة ؟ فقال رسول الله: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين، كنا في سرادق العرش نسبح الله وتسبح الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بألفي عام، فلما خلق الله عز وجل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ولم يأمرنا بالسجود، فسجدت الملائكة كلهم إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد، فقال الله تبارك وتعالى: ﴿أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾، أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش، فنحن باب الله الذي يؤتى منه، بنا يهتدي المهتدون، فمن أحبنا أحبه الله وأسكنه جنته، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره، ولا يحبنا إلا من طاب مولده) بحار الأنوار: ج25 ص2. روى الصدوق رحمه الله في كتاب المعراج عن رجاله إلى ابن عباس، قال: (سمعت رسول الله / وهو يخاطب علياً ( ويقول: يا علي، إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء معه، فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله، فكنا أمام عرش رب العالمين نسبح الله ونقدسه ونحمده ونهلّله، وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرضين، فلما أراد أن يخلق آدم خلقني وإياك من طينة واحدة من طينة عليين وعجننا بذلك النور وغمسنا في جميع الأنوار وأنهار الجنة، ثم خلق آدم واستودع صلبه تلك الطينة والنور، فلما خلقه استخرج ذريته من ظهره فاستنطقهم وقررهم بالربوبية، فأول خلق إقرارا بالربوبية أنا وأنت والنبيون على قدر منازلهم وقربهم من الله عز وجل، فقال الله تبارك وتعال: صدقتما و أقررتما يا محمد ويا علي وسبقتما خلقي إلى طاعتي، وكذلك كنتما في سابق علمي فيكما، فأنتما صفوتي من خلقي، والأئمة من ذريتكما وشيعتكما وكذلك خلقتكم .......) بحار الأنوار: ج25 ص3. (أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (، عن آبائه /، عن أمير المؤمنين (، قال: كان ذات يوم جالساً بالرحبة والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله به، وأبوك يعذب بالنار ! فقال له: مه فض الله فاك، والذي بعث محمداً بالحق نبياً، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم، أبي يعذب بالنار وابنه قسيم النار ! ثم قال: والذي بعث محمداً بالحق نبياً، إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار: نور محمد / ونوري ونور فاطمة ونورَي الحسن والحسين ومن ولده من الأئمة، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز وجل من قبل خلق آدم بألفي عام) أمالي الطوسي: ص305، مائة منقبة لابن شاذان القمي: ص174، كنز الفوائد للكراجكي: ص80. عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (، قال: (كان الله ولا شيء معه، فأول ما خلق نور حبيبه محمد / قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام، فلما خلق الله تعالى نور نبينا محمد / بقي ألف عام بين يدي الله عز وجل واقفاً يسبحه ويحمده، والحق تبارك وتعالى ينظر إليه .........، فلما تكاملت الأنوار سكن نور محمد تحت العرش ثلاثة وسبعين ألف عام، ثم انتقل نوره إلى الجنة فبقي سبعين ألف عام، ثم انتقل إلى سدرة المنتهى فبقي سبعين ألف عام، ثم انتقل نوره إلى السماء السابعة، ثم إلى السماء السادسة، ثم إلى السماء الخامسة، ثم إلى السماء الرابعة، ثم إلى السماء الثالثة، ثم إلى السماء الثانية، ثم إلى السماء الدنيا، فبقي نوره في السماء الدنيا إلى أن أراد الله تعالى أن يخلق آدم( ........) بحار الأنوار: ج15 ص27 - 31. روى جابر بن عبد الله، قال: (قلت لرسول الله /: أول شيء خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر خلقه الله، ثم خلق منه كل خير، ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ثم جعله أقساماً، فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم، وأقام القسم الرابع في مقام الحب ما شاء الله، ثم جعله أقساماً فخلق القلم من قسم، واللوح من قسم والجنة من قسم. وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ثم جعله أجراء فخلق الملائكة من جزء والشمس من جزء والقمر والكواكب من جزء، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله، ثم جعله أجزاء فخلق العقل من جزء والعلم والحلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله، ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الأولياء والشهداء والصالحين) بحار الأنوار: ج25 ص22. عن محمد بن سنان عن ابن عباس، قال: (كنا عند رسول الله / فأقبل علي بن أبي طالب ( فقال له النبي /: مرحباً بمن خلقه الله قبل أبيه بأربعين ألف سنة، قال: فقلنا: يا رسول الله أكان الابن قبل الأب ؟ فقال: نعم، إنّ الله خلقني وعلياً من نور واحد قبل خلق آدم بهذه المدة ثم قسمه نصفين، ثم خلق الأشياء من نوري ونور علي( ، ثم جعلنا عن يمين العرش فسبّحنا فسبّحت الملائكة، فهلّلنا فهلّلوا، وكبّرنا فكبّروا، فكل من سبّح الله وكبّره فإن ذلك من تعليم علي () بحار الأنوار: ج25 ص24. عبد الله بن المبارك عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (أنه قال: (إنّ الله خلق نور محمد / قبل المخلوقات بأربعة عشر ألف سنة، وخلق معه اثني عشر حجاباً والمراد بالحجب الأئمة /) بحار الأنوار: ج25 ص21. أخرج أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن المغازلي الواسطي الشافعي في كتابه "المناقب" بسنده عن سلمان الفارسي، قال: (سمعت حبيبي محمد / يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل يُسبِّح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق آدم أودع ذلك النور في صلبه فلم يزل أنا وعلي شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففي النبوة وفي علي الإمامة) ينابيع المودة: ج1 ص47،والحديث عن سلمان انظره أيضاً في: تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص67، مناقب ابن المغازلي: ص87، فضائل الصحابة لابن حنبل:ج2 ص662، مناقب الخوارزمي: ص145. أخرج ابن المغازلي أيضاً، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي ذر، قال: (سمعت رسول الله / يقول: كنت أنا وعلي نوراً عن يمين العرش بين يدي الله عز وجل يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلم يزل أنا وعلي شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي) ينابيع المودة: ج1 ص47. وروى ابن عباس، قال: (سمعت رسول الله / يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم سلك ذلك النور في صلبه ولم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره في صلب عبد المطلب، ثم أخرجه من عبد المطلب فقسّمه قسمين؛ قسماً في صلب عبد الله، وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه لحمه لحمي ودمه دمي، فمن أحبه بحق أحبه ومن أبغضه فيبغضني أبغضه) نظم درر السمطين للزرندي الحنفي: ص79، وأخرجه أيضاً في كتابه معارج الوصول إلى معرفة آل الرسول: ص33. (أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال وأخبرنا عمر بن عاصم الكلابي، أخبرنا أبو هلال، عن قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث) الطبقات الكبرى: ج1 ص149. (حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم متى وجبت لك النبوة ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. هذا حديث حسن صحيح) سنن الترمذي: ج5 ص245. (حدثنا أبو النضر الفقيه وأحمد بن محمد بن سلمة العنزي، قالا: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن سنان العوفي، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفخر، قال: قلت لرسول الله متى كنت نبياً ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) المستدرك للحاكم: ج2 ص608. الآن، تبيَّن من القرآن والروايات أنّ محمداً وآل محمد / أرواحهم موجودة في زمن بعث عيسى بل قبل أن يولد عيسى، فهل هناك مانع أن يخلق لروح أحدهم بدناً جسمانياً، أو في الحقيقة هو يظهر في العالم الجسماني بصورة تشبه عيسى ( ويكون هذا الأمر بإرادة الله وبحوله وقوته على الأقل كما روي ظهور جبرائيل - وهو روح - لمحمد / في هذا العالم الجسماني بصورة دحية الكلبي ([64])، أقول: هل هناك مانع عقلي الآن بعد أن دلَّ النقل والعقل على هذا الأمر ؟ ثم من يرفض ويقول: هذا لا يعقل، هل لديه بديل تؤيده النصوص والعقل والحكمة كما هو الحال فيما تقدم ؟ أم مجرد عناد وجدل واتباع هوى لرفض الحق لا غير !! إنّ تقبّل الحقيقة كما هي ربما يكون فيه شيء من الصعوبة، خصوصاً مع وجود الجهل والشيطان وجنودهم الذين يعملون جاهدين لمنع الناس من الإنصات للحق ولسماع كلام الله والخضوع للدليل والتعرف على الحقيقة، ولكن عندما يُقام الدليل لإظهار الحقيقة على الناس العقلاء أن يقولوا نعم هذه هي الحقيقة لقد رأيناها بوضوح، وإلا فلن يكونوا أُناساً ولا عقلاء. * * * الملاحق -ملحق رقم (1) ملحق ([65]) رقم (1) هو الله سبحانه الواحد الأحد وكل من سواه خلقه الله سبحانه وتعالى رد في القرآن الكريم على الذين قالوا إن لله سبحانه ابناً انفصل عنه أو وُلِدَ منه أو صَدَرَ عنه بمعنى أنه لاهوت مطلق صدر عن لاهوت مطلق، أو الذين يقولون إنّ الإنسان المخلوق يمكن أن يرتقي حتى يكون موصولاً باللاهوت المطلق، أي إنّ حقيقة هذا الإنسان تكون اللاهوت المطلق؛ لأنه اتحد باللاهوت المطلق، وبهذا حسب تفكيرهم يكون اللاهوت المطلق قد نزل في الناسوت وبالجسد، أو بين الناس في إنسان منهم وهذا الإنسان يكون ابن الله. والحقيقة مع أنّ هذا الطرح العقائدي الذي تبنّاه العلماء غير العاملين باطل، ولكن الله سبحانه وتعالى ولرحمته خاطبهم وكلّمهم حتى في تفاصيل التنظير لهذا الاعتقاد، فتجده تعالى يفصل لهم ويبين لهم مواضع الخلل في عقيدتهم. قال تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: 101]. ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾: وهذا النقض التام الذي كلّمهم الله به لا يمكنهم ردّه بأي شكل أو صورة؛ حيث إنّ معناه: إنكم تقولون بوجود ولد له سبحانه وتعالى، وهذا الولد هو لاهوت مطلق (أي أنه كامل مطلق وغني مطلق لا يفتقر لغيره)، فإن قلتم: إنه صدر منه وحده سبحانه وتعالى، فهذا يعني أن الابن مطابق للأب تماماً - وبغض النظر عن أنّ الحقيقة البسيطة المطلقة يستحيل تعددها - فأيُّ معنى وأيُّ حكمة من هذا الصدور، مع عدم وجود أي تمايز أو اختلاف أو تغاير يمكن تصوره ؟! فهل تقولون: إنّ الأب غير حكيم ليصدر أو ليلد ابناً له لا فائدة له سبحانه أو لغيره من صدوره ؟! وإن قلتم بوجود الاختلاف أو التمايز أو التغاير - كما يصرّح النصارى اليوم أنّ الأقانيم متمايزة - فهذا يحتّم وجود لاهوت ثان ﴿..... صَاحِبَةٌ .....﴾ ليكون الابن صادراً عن الاثنين فلا يطابق أحدهما؛ لأنه صدر عنهما معاً، فهل أنتم تقولون بوجود اللاهوت الثاني (الصاحبة) الذي سبق الابن ([66]) ؟؟!!! فاعلموا أنكم إن قلتم بوجود الابن فلابد أن تقولوا بوجود اللاهوت الثاني (الصاحبة) قبله وإلا فكيف تقولون بوجود الابن (اللاهوت المطلق الذي صدر عنه) دون وجود اللاهوت المطلق الثاني (الصاحبة) ابتداءً معه سبحانه وتعالى، ووجود الإله المطلق الثاني (الصاحبة) ابتداءً معه سبحانه وتعالى محال؛ لأنّ اللاهوت المطلق حقيقة بسيطة مطلقة ولا يمكن أن تتعدد ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾. وقال تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: 91]. أي إن رتبتم ما توهمتوه من وجود الأقانيم الثلاثة (أو الأصول الثلاثة) بهذه الصورة، فقلتم بوجود الأب (الله سبحانه وتعالى)، واللاهوت المطلق الثاني الصاحبة (الابن)، ثم صدر عنهما اللاهوت المطلق الثالث (الاقنوم الثالث) الروح القدس، فالكلام يكون في وجود اللاهوت الثاني ابتداءً مع الله سبحانه وتعالى، فهل يوجد تمايز بينهما أم لا ؟ أي أنّ كليهما واحد ؟ فمن يختار أنّ كليهما واحد يعود عليه النقض السابق؛ لأن الصادر عنهما مطابق لكل واحد منهما، ومن يختار التمايز بينهما ستنتقض عنده ألوهية الثاني ألوهيةً مطلقة؛ لورود النقص عليه، فالتمايز لا يكون إلا بالكمال المطلق ﴿..... وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾. والعلماء غير العاملين لأنهم نكسوا فطرتهم وانقلبوا رأساً على عقب، قالوا إن لله ولداً سبحانه وتعالى عما يصفون ﴿أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ( وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الصافات: 151 - 152]. فلو أنهم عادوا إلى فطرة الله وتفكروا في آلاء الله لأنقذوا أنفسهم من هذا الهلاك المبين وتجنبوا الكلام فيما لا يعلمون، وكلام الإنسان فيما لا يعلم كذب ﴿إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾، قال تعالى: ﴿وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ( مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾ [الكهف: 4 - 5]. وأيضاً: نقض الله سبحانه وتعالى عليهم مبدأ تعدد اللاهوت المطلق من أساسه كيفما كان الاعتقاد به: قال تعالى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [يونس: 68]. ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾: ومبدأ هذا النقض على كل من قال بتعدد اللاهوت المطلق - سواء بالبنوة أم بصورة أخرى يتوهمها من ضل عن سواء السبيل- هو أنّ الله قد أودع في فطرة الإنسان ما يميز به بين الحكمة والسفه ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: 8]. فكل من استعمل هذا الميزان سيحكم بأن القول بتعدد اللاهوت مع عدم وجود مائز هو سفه ولا حكمة فيه. وبالتالي لا يبقى إلا القول بالتمايز، وهذا يُنقض بكلمة واحدة ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ فالتمايز في اللاهوت لا يكون إلا في الكمال، فيتعين فقر ونقص غيره فينتقض قول إن غيره لاهوت مطلق. أما بالنسبة لمسألة ارتقاء الإنسان، فإن الله خلق الإنسان وأودع فيه الفطرة التي تؤهله إلى الارتقاء حتى يكون أسماء الله وصورة الله وتجلي الله والله في الخلق، ولكنه مهما ارتقى لن يكون لاهوتاً مطلقاً ولا غنياً مطلقاً، بل يبقى مخلوقاً وفقيراً إلى الله سبحانه وتعالى ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [النور: 35]. يكاد لا أنه يضيء من نفسه فيكون لاهوتاً مطلقاً، فكل من سواه خلقه وفقراء إليه سبحانه وتعالى ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [مريم: 35]. وفي هذا النقض المتقدم الذي جاء في القرآن الكريم كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد. أما قولهم إنه واحد أحد مع قولهم بالأقانيم الثلاثة المتمايزة المستقلة بذاتها التي يرسل بعضها بعضاً حسب اعتقادهم وقولهم بوجود علاقة بينها كعلاقة البنوة والأبوة .... الخ، فهو قول يعلمون أنه سفيه ([67])، وإلا كيف تجتمع الوحدة الأحدية مع تعدده وتجزئته وتمايز أجزائه وإن لم يسموها أجزاء. ولو أعرضنا عن كل ما تقدم فبيان باطلهم يكفيه هذا البيان إن كانوا يعقلون، وهو: إنّ الله نور لا ظلمة فيه، وكل عوالم الخلق هي نور مختلط بالظلمة وموجودات ظهرت بتجلي نوره سبحانه في الظلمات، ولذا فلا يمكن اعتبار أن الله قد حل في مخلوق أو ظهر في مخلوق ظهوراً تاماً في عوالم الخلق - كما يدعون بعيسى وروح القدس - ؛ لأن معنى هذا أنها لا تبقى بل تفنى ولا يبقى إلا نور لا ظلمة فيه، أي لا يبقى خلق بل فقط الله سبحانه وهو نور لا ظلمة فيه، ولذا قلنا وكررنا إن محمداً يخفق بين اللاهوت والأنا والإنسانية، وأكدت هذا لكي لا يتوهم متوهم أن الله - وهو نور لا ظلمة فيه - يحل في عوالم الخلق تعالى الله علواً كبيراً، والأمر بيّن واضح فمعنى ظهور النور الذي لا ظلمة فيه في عوالم الخلق ظهوراً تاماً هو فناؤها واندثارها ولا يبقى لها اسم ولا رسم ولا معنى، بل لا يبقى إلا الله النور الذي لا ظلمة فيه تعالى الله علواً كبيراً. * * * -ملحق رقم (2) ملحق ([68]) رقم (2) بعض الكلمات في التوراة والإنجيل التي توهَّم بعضهم أنها تعني أنّ اللاهوت المطلق يحلُّ في عوالم الخلق بإنسان وبيان حقيقتها -الكلمة: في كتاب لاهوت المسيح لشنودة الثالث (بابا الأرثذوكس)، قال شنودة الثالث: الفصل الأول: لاهوته من حيث مركزه في الثالوث القدوس - هو اللوجوس (الكلمة). ( (يو1: 1) «في البدء كان الكلمة والكلمة عند الله. وكان الكلمة الله»، وهنا الحديث عن لاهوته واضح تماماً). الرد: قد بيَّنت في هذا الكتاب ([69]) أنّ عيسى ( عبد وليس لاهوتاً مطلقاً، وسيأتي فصل الخطاب ومن آية محكمة ثابتة من الإنجيل ([70])، وبالتالي هذا النص وغيره لا يصح تفسيره وفهمه بتكلّف على أنّ عيسى ( هو لاهوت مطلق حيث ثبت كما تقدم أنّ عيسى ( أو يسوع ( لا يمكن أن يكون نوراً لا ظلمة فيه، بل هو نور وظلمة، وما كان هذا حاله فهو مخلوق محتاج فقير إلى اللاهوت المطلق سبحانه. تفسير هذا النص: «في البدء كان الكلمة»: اللاهوت المطلق سبحانه لا بداية له ليقال في البدء، بل الذي في البدء هو المخلوق. إذن، فيسوع (عيسى () مخلوق وهذه الآية تُبيِّن بوضوح أنه مخلوق. نعم، يمكن أن يقال: إنّ المراد هنا المخلوق الأول أو العقل الأول فيتم نقاش هذا الأمر، هل أنّ يسوع (عيسى () هو الكلمة الأولى ؟ أم أنّ يسوع (عيسى () كلمة من كلمات الله المتأخرة عن الكلمة الأولى ؟ «والكلمة عند الله»: اللاهوت المطلق حقيقة غير مركّبة والقول بتركيبها أو ما يلزم من قوله تركيبها باطل، فالاعتقاد بأنّ المراد بقوله (والكلمة عند الله) أنّ الكلمة هي اللاهوت المطلق نفسه يعني أنّ اللاهوت المطلق مركب. أما الاعتقاد ([71]) بأنّ الكلمة هي الله - أي هو هي وهي هو بلا تمايز - مع أنه غير مركب يجعل هذا القول سفيهاً وخالياً من أي حكمة، فلا معنى للقول بأنّ الشيء عند نفسه. «وكان الكلمة الله»: هنا موضع الشبهة، وهنا المتشابه الذي وقع فيه شنودة كما وقع فيه من كان قبله، والحقيقة بعد أن تبيَّن أنّ الكلمة هو مخلوق ولا يمكن أن يكون هو نفسه اللاهوت المطلق، فلم يبقَ إلا أنّ الله هنا ليس هو اللاهوت المطلق، بل المراد (الله في الخلق) أي صورة الله كما ورد في التوراة أو العهد القديم، «26 وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» سفر التكوين - الأصحاح الأول، «فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه» سفر التكوين - الأصحاح الأول. -عمانوئيل أو الله معنا: «لذلك هو ذا السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية والكثيرة ملك أشور وكل مجده فيصعد فوق جميع مجاريه ويجري فوق جميع شطوطه. 8 ويندفق إلى يهوذا. يفيض ويعبر. يبلغ العنق ويكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل. 9 هيجوا أيها الشعوب وانكسروا وأصغي يا جميع أقاصي الأرض. احتزموا وانكسروا. احتزموا وانكسروا. 10 تشاوروا مشورة فتبطل. تكلموا كلمة فلا تقوم. لأن الله معنا» التوراة: إشعيا الأصحاح الثامن - العهد القديم والجديد: ج1 - مجمع الكنائس الشرقية. نعم، فالله مع الشعب المؤمن الموالي لخليفة الله في كل زمان. «وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل. 23 هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا» إنجيل متى: الأصحاح الأول - العهد القديم والجديد: ج2- مجمع الكنائس الشرقية. خليفة الله في أرضه هو ممثّل الله، وإذا كان هو يد الله ووجه الله فهو الله في الخلق، ولكنه ليس لاهوتاً مطلقاً بل هو مخلوق فقير محتاج، وهو ليس نوراً لا ظلمة فيه بل هو نور وظلمة. وحتى لو قُبِل كل ما أضيف إلى العهد الجديد من رسائل وأعمال لن يتمكن العلماء غير العاملين من إثبات أنّ إنساناً هو لاهوت مطلق، إلا أنهم يتبعون ما تشابه عليهم معناه ويأولونه بما يوافق أهواءهم، وإلا فهو معارض في نفس هذه الرسائل والأعمال بما لا يقبل الشك ومحكم وبيِّن أنّ عيسى ( أو يسوع ( عبدٌ مخلوق، بل ومعارض بالعهد القديم الذي يؤمنون به وبأقوال كل الأنبياء السابقين الذين يدّعون الإيمان بهم، ولم يدعِ عيسى ( (يسوع) ولا ادعى له الأوائل أنه لاهوت مطلق، بل إنّ الأمر طارئ وجاء بعد مئات السنين وثبت في مجمع نيقية عام 325 م ([72]). وقد عارضه كثيرون في حينها، وبعد أن تم إقراره في مجمع نيقية وإلى اليوم هناك من المسيحيين من لا يقبل به ولا يقر بهذا الانحراف العقائدي. -الله ظهر في الجسد: هذه إحدى الرسائل التي يستدل بها العلماء غير العاملين على ما ذهبوا إليه من ضلال وادعاء أن اللاهوت المطلق حل في الجسد. «1 بولس رسول يسوع المسيح بحسب أمر الله مخلصنا وربنا يسوع المسيح رجائنا 2 إلى تيموثاوس الابن الصريح في الإيمان نعمة ورحمة وسلام من الله أبينا والمسيح يسوع ربنا» رسالة بولس الرسول الأولى تيموثاوس الأصحاح الأول - العهد القديم والجديد: ج2 - مجمع الكنائس الشرقية. «16 وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الأمم أومن به في العالم رفع في المجد» رسالة بولس الرسول الأولى تيموثاوس الأصحاح الثالث - العهد القديم والجديد: ج2 - مجمع الكنائس الشرقية. أولاً: الأصحاح الأول من الرسالة لم يعطِ عيسى ( غير صفة الربوبية وهي صفة لا إشكال أن يتصف بها نبي ورسول، فهم / مربّو الناس وأولى بهذه الصفة من الأب الذي يتصف بها ويُسمّى نسبة لأسرته رباً. بل أيضاً: بيَّن الأصحاح أنّ الإرسال لا يكون إلا بأمر الله سبحانه، وأنّ عيسى مأمور (بحسب أمر الله). إذن، عيسى ( مأمور ويأتمر بأمر الله، هذا يعني أنّ الله أعلى وأعلم وأقدر منه، فيثبت أنّ عيسى ( يحتاج لغيره ويعتري صفحة وجوده النقص، وإلا فلا معنى لأن يكون مأموراً وهو كامل مطلق، فهذا مخالف للحكمة فماذا يمكن أن ينتفع الكامل المطلق من سواه ؟! أما ما ورد في هذه الرسالة نفسها في الأصحاح الثالث، فالمفروض - بعد أن افتتحت بما رأينا - أن يفهم من ظهور الله في الجسد هو تماماً كظهوره في كل العوالم المخلوقة وتجلّيه فيها وظهورها به سبحانه. نعم، هناك خصوصية لهذا القول هنا؛ لأنه يعني أنّ عيسى مثّل (طلعة الله في ساعير) أي أنه يد الله ووجه الله وصورة الله، ولكنه عبد مخلوق وليس الله سبحانه وتعالى، هناك فرق كبير بين الحقيقة والصورة تماماً كالفرق بين الشيء واللاشيء. فالله كما بيَّنت سابقاً تجلّى في عوالم الخلق وظهر فيها وأظهرها، وليس هذا يعني أنه حلَّ بها، أو أنها أصبحت لاهوتاً مطلقاً، أو أنّ بعضها ممكن أن يكون لاهوتاً مطلقاً مهما عظم نوره؛ لأنه يبقى مخلوقاً ويبقى نوراً مختلطاً بالظلمة، فأعلى مرتبة يمكن أن يرتقيها الإنسان هي أن يكون الله في الخلق ﴿..... يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ.....﴾ [النور:35]، يكاد يضيء من نفسه - ولهذا اشتبه على إبراهيم ( الأمر ابتداءً حتى عرّفه الله الحقيقة ([73]) - ولكن أبداً لا يضيء من نفسه. والحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى: (لم تسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن) بحار الأنوار: ج55 ص39، أي أنه يكون وجه الله ويد الله كما ورد في القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: 10]، ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 27]. وكما هو واضح في نصوص التوراة والإنجيل المتقدمة. -الابن: في التوراة والإنجيل: (أبي، أبوكم، الابن، الآب، أبناء الله). «....... هكذا قال رب الجنود هم يبنون وأنا أهدم ويدعونهم تخوم الشر والشعب الذي غضب عليه الرب إلى الأبد. 5 فترى أعينكم وتقولون ليتعظم الرب من عند تخم إسرائيل 6 الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده. فإن كنت أنا أبا فأين كرامتي وإن كنت سيدا فأين هيبتي قال لكم رب الجنود أيها الكهنة المحتقرون اسمي» التوراة ملاخي: الأصحاح الأول - العهد القديم والجديد: ج1 - مجمع الكنائس الشرقية. «21 وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال. نعم أيها الآب لأن هكذا صارت المسرة أمامك. 22 والتفت إلى تلاميذه وقال كل شيء قد دفع إلي من أبي. وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له. 23 والتفت إلى تلاميذه على انفراد وقال طوبى للعيون التي تنظر ما تنظرونه. 24 لأني أقول لكم إن أنبياء كثيرين وملوكا أرادوا أن ينظروا ما أنتم تنظرون ولم ينظروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا» إنجيل لوقا: الأصحاح العاشر - العهد القديم والجديد: ج2 - مجمع الكنائس الشرقية. «1 قدموا للرب يا أبناء الله قدموا للرب مجداً وعزاً. 2 قدموا للرب مجد اسمه. اسجدوا للرب في زينة مقدسة» التوراة مزامير: المزمور التاسع والعشرون - العهد القديم والجديد: ج1 مجمع الكنائس الشرقية. «ولما رأى الجموع صعد إلى الجبل. فلما جلس تقدم إليه تلاميذه. 2 ففتح فاه وعلمهم قائلاً. 3 طوبى للمساكين بالروح. لأن لهم ملكوت السموات. 4 طوبى للحزانى. لأنهم يتعزون. 5 طوبى للودعاء. لأنهم يرثون الأرض. 6 طوبى للجياع والعطاش إلى البر. لأنهم يشبعون. 7 طوبى للرحماء. لأنهم يرحمون. 8 طوبى للأنقياء القلب. لأنهم يعاينون الله. 9 طوبى لصانعي السلام. لأنهم أبناء الله يدعون. 10 طوبى للمطرودين من أجل البر. لأن لهم ملكوت السموات. 11 طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين. 12 افرحوا وتهللوا. لأن أجركم عظيم في السموات. فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم» إنجيل متى: الأصحاح الخامس - العهد القديم والجديد : ج1 - مجمع الكنائس الشرقية. هذه الكلمات التي جاءت في التوراة أو الإنجيل واشتبهت في موارد على جاهلها وتأوّلها العلماء غير العاملين - ليدعوا بنوّة إنسان لله سبحانه أو ليدعوا الألوهية المطلقة لإنسان - لا تعني بأي شكل من الأشكال ألوهية إنسان ألوهية مطلقة، بل هي بمجموعها تنفي البنوة الحقيقية لأي إنسان ([74])، وإذا التفت إليها الإنسان بقلب مفتوح طالباً معرفة الحقيقة كما أرادها الله سبحانه وتعالى الذي خلقه، لرأى أنّ عيسى ( يحمد الله ويثني عليه قبل أن ينطق بهذه الكلمات، ولو نظر الإنسان بعين الإنصاف لعرف أنّ هذه الكلمات منطبقة على كل الأنبياء والمرسلين والأوصياء الذين كانوا حجج الله على خلقه وخلفاءه في أرضه، فكل حجة من حجج الله هو أعرف أهل زمانه بالله، فيصدق عليه أنه من يعرف الله دون من سواه من أهل زمانه، وأيضاً: يصدق أنه لا يعرف خليفة الله وحجة الله حق معرفته إلا الله الذي خلقه «وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له». وهذا تجده في قول رسول الله محمد / لوصيه علي بن أبي طالب (: (يا علي، ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك إلا الله وأنا) مختصر بصائر الدرجات: ص125. وأيضاً: لعرف الإنسان الحقيقة وهي أنّ الخلق كلهم عيال الله سبحانه وتعالى فهو يرحمهم كما يرحم الأب أبناءه، بل هو أرحم بالخلق من الأم بولدها الوحيد، وأكيد أنّ المخلصين من الأنبياء والأوصياء والأولياء / أحب الخلق إلى الله سبحانه، فهم أولى بأن يكون الله سبحانه وتعالى أباهم بهذا المعنى، ولأنهم أطاعوه ولم يعصوه سبحانه كما يطيع ويبر الابن الصالح أباه فيصح أنهم أبناء الله بهذا المعنى، وهم ليسوا لاهوتاً مطلقاً بل عباد مكرمون؛ لأنهم شاكرون ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ [الأنبياء: 26]. ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [الزمر: 4]. وقد بين القرآن أنهم / ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾، أي أنهم الله في الخلق، أي تجلي الله وصورة الله كما في الحديث عنهم /: (إنّ الله خلق آدم على صورته) الكافي: ج1 ص134، التوحيد للصدوق: ص103. «26 وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» التوراة: سفر التكوين - الأصحاح الأول. وليسوا الله سبحانه وتعالى وبالتالي، فإنّ النظر إليهم هو نظر إلى الله ومعاينتهم هي معاينة الله، وفي الإنجيل: «طوبى للأنقياء القلب. لأنهم يعاينون الله. 9 طوبى لصانعي السلام. لأنهم أبناء الله يدعون». وفي القرآن تجد نفس الكلام ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: 22 - 23]، عن أبي الصلت الهروي، عن الإمام الرضا (، قال: (قال النبي /: من زارني في حياتي أو بعد موتى فقد زار الله تعالى ودرجة النبي / في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى. قال: فقلت له: يا بن رسول الله /، فما معنى الخبر الذي رووه: إن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله تعالى ؟ فقال (: يا أبا الصلت، من وصف الله تعالى بوجه كالوجوه فقد كفر ولكن وجه الله تعالى أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم، هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز وجل وإلى دينه ومعرفته، وقال الله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ( ويَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، وقال عز وجل: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾) عيون أخبار الرضا (: ج2 ص106. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: 81]. ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾: أي أن محمداً / أقرب شيء إلى الله سبحانه، وأول مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، وأول من عبد الله سبحانه وتعالى فلو كان لله سبحانه وتعالى ولد (تعالى الله عن ذلك) لكان محمداً /؛ لأنهم يقولون إن أول ما صدر منه سبحانه وتعالى الولد أو الكلمة، فمحمد / الذي يقول أنا أقرب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى لم يقل أنا ابن انفصل عن الله سبحانه وتعالى، لم يقل أنا لاهوت مطلق، بل قال أنا عبد الله وابن عبد الله ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ [الأنبياء: 26]. فمن يبحث عن الحقيقة لابد له من تحري الدقة والإخلاص في البحث ليصل إلى الحقيقة وينجي نفسه من سخط الله سبحانه وتعالى ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً ( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ( أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً ( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ [مريم: 88 - 92]. انتهى كلام السيد أحمد الحسن (، وهذه نصوص من كتاب التوحيد أيضاً بعنوان: "نصوص التوراة والإنجيل تثبت أن الله واحد أحد غير مركب"، أنقلها تتميماً للفائدة: يقول (: (وهذه النصوص واضحة محكمة بيّنة، فلا معنى لتأوّلها لتوافق نصوص اشتبه على العلماء غير العاملين معناها فأضلوا خلق الله بتفسيرها بأهوائهم تفسيراً خاطئاً. بعض النصوص في التوراة (العهد القديم): «فَاعْلمِ اليَوْمَ وَرَدِّدْ فِي قَلبِكَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَعَلى الأرض مِنْ أَسْفَلُ. ليْسَ سِوَاهُ» تثنية 4: 39. «اسمعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ» تثنية 6: 4. «أَنَا أَنَا هُوَ وَلَيْسَ إِلٰهٌ مَعِي» تثنية 32: 39. «أَنَا ٱلأَوَّلُ وَأَنَا ٱلآخِرُ وَلاَ إِلٰهَ غَيْرِي» إشعياء 44: 6. «أَنَا الرَّبُّ صَانِعٌ كلَّ شَيْءٍ نَاشِرٌ السَّمَاوَاتِ وَحْدِي. بَاسِطٌ الأرض. مَنْ مَعِي؟» إشعياء 44: 24. «أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلَهَ آخَرَ غَيْرِي ؟ إِلَهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ. لَيْسَ سوَايَ» إشعياء 45: 1. «أَلَيْسَ إِلَهٌ وَاحِدٌ خَلَقَنَا؟» ملاخي 2: 10. «أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ. لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» خروج 20: 2 و3. بعض النصوص من الإنجيل (العهد الجديد): «بِالْحَقِّ قُلْتَ لأَنَّهُ اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ» مرقس12: 23. «وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلَهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ ؟» يوحنا 5: 44. نصوص من الرسائل التي أرفقوها مع الإنجيل: «لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ» رومية 3: 30. «وَأَنْ لَيْسَ إِلَهٌ آخَرُ إِلاَّ وَاحِداً» 1 كورنثوس 8: 4. «وَلَكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ» غلاطية 3: 20. «لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ» 1 تيموثاوس 3: 5. «أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ» يعقوب 2: 19). -ملحق رقم (3) ملحق ([75]) رقم (3) (إنجيل يهوذا) في أوائل السبعينيات من القرن الماضي اكتشف بعض الفلاحين المصريين في إحدى قرى محافظة المنيا على بعد تقريباً 300 كم جنوب القاهرة مخطوطة "انجيل يهوذا" مكتوباً باللغة القبطية على ورق البردي، وتنقلت المخطوطة بعد ذلك بين أيادي مختلفة لتجار آثار حتى وصلت إلى يد العلماء، الذين أخذوا في تجميعها فكانت "إنجيل يهوذا". تمت ترجمة الوثيقة من اللغة القبطية إلى اللغة الإنجليزية في نهاية عام 2005 وأفرج عن هذه الترجمة في 6 إبريل من عام 2006م، حيث أعلنت صحيفة الواشنطن تايمز في عددهـا الصادر في 7 إبريل 2006 أن الجمعية الجغرافية الدولية National Geographic أزاحت النقاب عن إحدى المخطوطات الأثرية أو الأناجيل التي يعود تاريخها إلى بداية القرن الثالث الميلادي. ومن أجل توثيق وصيانة وترجمة المخطوطة قامت الجمعية الجغرافية الوطنية ناشيونال جيوغرافيك سوسيتي he National Geographic Society بالتعاون مع مؤسسة ماسينياس للفنون العتيقة Maecenas Foundation for Ancient Art ومعهد ويت للكشوف التاريخية Waitt Institute for Historical Discovery بالتعاقد مع العالم السويسري رودلف كاسر وهو أحد أكبر العلماء في الدراسات القبطية ليقوم باستعادة وكتابة ونسخ وترجمة النص الموجود في المخطوطة. وبالفعل قامت اللجان العلمية والخبراء بتوثيق المخطوطة وتأكيد عمرها باستخدام أحدث أنظمة ووسائل وأدوات التدقيق: اختبار الكاربون لتحديد عمر ورق البردي: تم أخذ عينات من ورق البردي وإخضاعها لاختبارات من الكاربون المشع (كاربون 14) بجامعة أريزونا - تكسون، وأكدت النتائج أنّ تاريخ المخطوطة هو ما بين 220 و340 للميلاد، كما صرح بذلك تيم جول Tim Jull مدير مختبرات تحديد العمر بأريزونا، واختصاصي البحوث العلمية جريج هودنجس Greg Hodings. تحليل الحبر: قامت مؤسسة مككرون أسوشييتس المتخصصة في التحاليل الشرعية للحبر بإجراء اختبار نفاذية الحبر على عينات من الحبر المستخدم في كتابة الإنجيل وذلك بواسطة المايكروسكوب الإلكتروني ransmission electron microscopy tem وأعلنت المؤسسة في تقريرها عن تطابق عناصر ومكونات الحبر مع العناصر التي كانت تستخدم لصناعة الحبر المعروف في القرنين الثالث والرابع الميلاديين. وكشفت التحاليل الأخرى التي أجريت بواسطة مطياف رامان Raman spectroscopy أنّ الحبر المستخدم احتوى أيضاً على مكوّن معدني أصفر يشبه المادة المستخدمة في أحبار القرن الثالث الميلادي. اختبار التصوير الطيفي: تم إخضاع عينات من الوثيقة لاختبارات الصور ذات الأطياف المتعددة والتي أجريت في مختبرات الطيف المتعدد بجامعة بريغهام يونج بسويسرا، وكشفت الفحوصات التي أجريت على نبات البردي المكتوب عليه "إنجيل يهوذا" أن البردي استجاب لتلك الاختبارات بنفس الطريقة التي يستجيب بها البردي القديم. كما تبين من نتائج الاختبارات الأخرى المادية أو النصية أن هذه الوثيقة هي وثيقة أصلية مصرية يعود تاريخها إلى القرن الثالث أو الرابع الميلادي. تحليل السياق النصي والدلالي لانجيل يهوذا: قام ثلاثة من كبار العلماء (وهم: المؤرخ رودولف كاسر الأستاذ السابق بجامعة جنيف ورئيس لجنة ترجمة المخطوطات التي تم العثور عليها بنجع حمادي بمصر عام 1945 م، ومارفن ماير العالم المتخصص في دراسات الإنجيل بجامعة تشابمان أورانج - كاليفورنيا، وستيفن إيميل الأستاذ المتخصص في الدراسات القبطية "المسيحية المصرية" بجامعة منستر بألمانيا) بتحليل السياق النصي والدلالي لإنجيل يهوذا، وقد اتفق هؤلاء العلماء على أن المفاهيم اللاهوتية والتراكيب اللغوية هي مماثلة لتلك التي تضمنتها مخطوطات نجع حمادي، وذلك أن تلك المجموعة الكبيرة من المخطوطات والنصوص التي تم اكتشافها بنجع حمادي يعود تاريخها إلى نفس الفترة والتاريخ الذي كتب فيه إنجيل يهوذا. تحليل بليوغرافيا الخط وطريقة نسخ المخطوطة: قام ستيفن أيميل أستاذ الدراسات القبطية بجامعة منستر بألمانيا بتحليل بليوغرافيا الخط وطريقة نسخ مخطوطة إنجيل يهوذا وقدم التقويم التالي للوثيقة: "إن الطريقة التي كتبت بها مخطوطة إنجيل يهوذا تذكرني جداً بكتابات ومخطوطات نجع حمادي". وقد صرح بهذا الكلام وهو يشير إلى المخطوطات القديمة والشهيرة التي تم العثور عليها في منطقة نجع حمادي. كما ذكر أيميل أيضاً بأن أي مزور في العصر الحديث لن يتمكن من استنساخ أو تزوير وثيقة كهذه: "لكي يقوم مزور بتقليد أو تزوير مثل هذه الوثيقة فإنه يلزمه ليس فقط الحصول على مادة البردي الحقيقية وليس ببساطة أي بردي ولكن البردي القديم"، وأضاف: "وعليه أيضاً أن يعرف كيف يقلد طريقة الكتابة والخط القبطي القديم المستخدم خلال تلك الفترة القديمة. علماً بأن عدد العلماء المتخصصين في الدراسات القبطية هم عدد قليل ونادر". وأضاف أيميل قائلاً: "وعليه أيضاً أن يقوم بتأليف نص باللغة القبطية على أن يكون صحيحاً من حيث اللغة والأسلوب القبطي وأن يكون مقنعاً أيضاً. علماً بأن عدد العلماء المتخصصين الذين يمكنهم القيام بذلك هو أقل من من عدد العلماء الذين يمكنهم قراءة اللغة القبطية". وهذه بعض تصريحات علماء مسيحيين عن إنجيل يهوذا ([76]): تيري غارسيا، نائب الرئيس التنفيذي للجمعية الجغرافية الوطنية، يقول: (إنجيل يهوذا من أهم الاكتشافات التاريخية الدينية خلال الستون السنة الماضية لمخطوطة قديمة غير مذكورة في الكتاب المقدس. وقد تم أجراء مجموعة من الاختبارات لإثبات صحتها، بما في ذلك إشعاعيا، وتحليل الحبر المستخدمة، والتصوير الطيفي المتعدد، وتحليل النص والأسلوب اللغوي. وقال غارسيا: "لقد تم المصادقة عليها كعمل حقيقي من الأدب المسيحي القديم نوع ابوكريفا). إلين باجلز، أستاذة في جامعة برينستون، ومؤلفة معروفة لعدد من الكتب عن المسيحية المعرفية، تقول في بيان لها: (هذه الاكتشافات تنسف أسطورة تجانس الدين المسيحي، وتظهر حقاً كيف كانت الحركات المسيحية المبكرة متنوعة ورائعة). تيد ويت صاحب معهد ويت للاكتشافات التاريخية، والذي تبرع بمليون دولار للجمعية الجغرافية الوطنية لاستعادة إنجيل يهوذا والحفاظ عليه، وجعله مخطوطة متاحة للجمهور، يقول: (لم أكن أعرف الكثير عن الأيام المسيحية المبكرة حتى بحثنا في هذا الاكتشاف، وبالنسبة لي رائع جداً، ويمكنك السؤال عن الترجمة والتوضيح، ولكن من المستحيل القول إنه "إنجيل يهوذا" موضوع أو مختلق). وأما كارين ل. كنج، أستاذة في كلية اللاهوت في جامعة هارفارد، فهي تتساءل عن يهوذا في إنجيل يهوذا، وتحتمل أن لا يكون هو يهوذا الاسخريوطي الخائن، بل الميسر للخلاص والذي أمر صلبه ممكناً، تقول عن يهوذا: (هل هو الخائن، أو الميسر للخلاص ..). وكان الأحرى بعلماء الكنيسة أن يفعلوا كما فعلت كارين كنج لا أقل، ويبقوا ولو احتمالاً أن يكون يهوذا المصلوب في إنجيل يهوذا شخصاً آخر وليس هو يهوذا الخائن، ليدعوهم ذلك الاحتمال للبحث وطرح المسألة علمياً بدل أن يجعلوا من وهمهم مبرراً لرفض إنجيل يهوذا، وواضح أنّ ذلك نهجٌ بعيدٌ عن المصداقية والأمانة العلمية. * * * -ملحق رقم (4) في بيان الفداء وحجر الزاوية ([77]) (... دين الله كله يكاد يكون مسألة واحدة فتح بها خلق الإنسان الأرضي ذكرها تعالى بقوله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، والقرآن كله في الفاتحة والفاتحة في البسملة والبسملة في الباء والباء في النقطة والنقطة علي (، قال أمير المؤمنين: (أنا النقطة)، وماذا كان أمير المؤمنين علي ( غير أنه خليفة الله في أرضه ؟! إذن، فالنقطة والباء والبسملة والفاتحة والقرآن والدين كله هو خليفة الله في أرضه، والقرآن والدين كله هو العهد والميثاق الذي أُخذ على العباد بإطاعة خلفاء الله وأودعه الله في حجر الأساس أو الحجر الأسود أو حجر الزاوية أو الحجر المقتطع من محمد / لهدم حاكمية الشيطان والطاغوت، وقد ذكر هذا الحجر في الكتب السماوية وفي الروايات، وقريش عندما اختلفوا فيمن يحمل الحجر كانوا يعلمون أنّ هذا الحجر يشير إلى أمر عظيم ولهذا اختلفوا فيمن يحمله، وكانت مشيئة الله أنّ محمداً / هو من حمل الحجر ووضعه في مكانه لتتم آية الله، وإشارته سبحانه أنّ قائم الحق والعبد الذي أودعه الله العهد والميثاق الذي يشير له هذا الحجر سيخرج من محمد / الذي حمل الحجر. عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (، قَالَ: (إِنَّ قُرَيْشاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَدَمُوا الْبَيْتَ فَلَمَّا أَرَادُوا بِنَاءَهُ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَأُلْقِيَ فِي رُوعِهِمُ الرُّعْبُ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَيَأْتِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَطْيَبِ مَالِهِ وَلَا تَأْتُوا بِمَالٍ اكْتَسَبْتُمُوهُ مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ حَرَامٍ، فَفَعَلُوا فَخُلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بِنَائِهِ فَبَنَوْهُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَتَشَاجَرُوا فِيهِ أَيُّهُمْ يَضَعُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَحَكَّمُوا أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ /، فَلَمَّا أَتَاهُمْ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبَسَطَ ثُمَّ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ أَخَذَتِ الْقَبَائِلُ بِجَوَانِبِ الثَّوْبِ فَرَفَعُوهُ ثُمَّ تَنَاوَلَهُ / فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَخَصَّهُ اللَّهُ بِهِ) الكافي: ج4 ص217. فمحمد / حمل الحجر الأسود، وهذه إشارة أنّ القائم وحامل الخطيئة وحامل الراية السوداء التي تشير إليها سيخرج من محمد /. وأيضاً: محمد / هو من يحمله في صلبه؛ لأنه مستودع في فاطمة بنت محمد /، ولذا يكون حامل الخطيئة الحقيقي هو رسول الله محمد /. أما اللون الأسود الذي شاء الله أن يكتسي به هذا الحجر فهو يشير إلى ذنوب العباد ويذكرهم بخطاياهم لعلهم يتوبون ويستغفرون وهم في بيت الله، وهو نفسه لون رايات قائم الحق، قائم آل محمد السوداء، فالرايات السود تشير إلى الحجر والحجر يشير إليها، وكلاهما يشيران بلونهما الأسود إلى خطيئة نقض العهد والميثاق المأخوذ على الخلق في الذر. وأيضاً: يشيران إلى ما يتحمّله من عناء حامل هذه الخطيئة - وحامل الراية السوداء التي تشير إلى الخطيئة - العبد الذي أوكل بكتاب العهد والميثاق، وهو الحجر الأسود وهو قائم آل محمد. والحجر مرتبط بمسألة الفداء الموجودة في الدين الإلهي وعلى طول المسيرة المباركة لهذا الدين فدين الله واحد؛ لأنه من عند واحد، والفداء قد ظهر في الإسلام بأجلى صوره في الحسين (، وقبل الإسلام تجد الفداء في الحنيفية دين إبراهيم ( بإسماعيل، وتجده أيضاً بعبد الله والد الرسول محمد /، وأيضاً تجده في اليهودية دين موسى ( بيحيى بن زكريا (، وتجده في النصرانية بالمصلوب. وبغض النظر عن كون النصارى يتوهّمون أنّ المصلوب هو عيسى ( نفسه، فإنهم يعتقدون بأنّ المصلوب هو حامل الخطيئة، ومعتقداتهم وإن كان فيها تحريف ولكن هذا لا يعني أنها جميعاً جاءت من فراغ تام وليس لها أي أصل في دين الله سبحانه حُرِّفت عنه، بل كثير من العقائد المنحرفة في الحقيقة هي تستند إلى أصل ديني أخذه علماء الضلال غير العاملين وحرَّفوه وبنوا عليه عقيدة فاسدة. فقضية كون الرسل يتحمّلون بعض خطايا أممهم ليسيروا بالأمة ككل إلى الله موجودة في دين الله ولم تأتِ من فراغ، ويمكنك مراجعة نصوص التوراة مثلاً للاطلاع على تحمّل موسى ( عناءً إضافياً لما يقترفه قومه من الخطايا.ورسول الله محمد / تحمّل خطايا المؤمنين قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ [الفتح: 2]. وتفسيرها في الظاهر: أنه تحمّل خطايا أمته وغفرها الله له، عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: (قلت: لأبي عبد الله (: قول الله في كتابه ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾ قال: ما كان له من ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له) تفسير القمي: ج2 ص314. وتحمّل الرسل لخطايا أممهم لا يعني أنهم يتحمّلون خطيئة نقض العهد والميثاق عن منكري خلفاء الله الذين يموتون على هذا الإنكار، بل هم يتحمّلون خطيئة من غفل عن تذكّر العهد والميثاق ونقضه مدة من الزمن في هذه الحياة الدنيا، كما أنّ تحملهم لخطايا أممهم لا يعني أنهم يصبحون أصحاب خطيئة عوضاً عن أممهم، بل معناه: أنهم يتحمّلون أثقالاً إضافية وعناءً إضافياً في تبليغ رسالاتهم في هذه الدنيا للناس. وهذا طبعاً بإرادتهم هم؛ لأنهم هم من يطلب هذا، فالأب الرحيم بأبنائه يتحمّل نتائج أخطائهم في كثير من الأحيان، وإن كانت تسبب له عناءً ومشقة وربما الآلام والقتل في سبيل الله، كما هو الحال في الحسين (؛ وذلك لأنّ الأب يرجو صلاح أبنائه في النهاية، وربما كثيرون لا يتذكرون العهد حتى يراق دم أبيهم ولي الله فيكون سبباً لتذكرهم العهد والميثاق، ولهذا تجد الحسين ( الذي شاء الله أن يجعله سبباً لتذكّر عدد كبير من الخلق قد ترك الحج وأقبل يحث الخطى إلى مكان ذبحه (. أما علاقة الحجر بخطيئة آدم (، فهذا أمر قد تكفّل الأئمة / بيانه وإن كان ربما خفي فيما مضى على الناس لعلّة أرادها الله سبحانه، بل وعلاقة الحجر بخطايا الخلق أيضاً قد تكفّلوا بيانه وقد بيَّن هذا الأمر رسول الله محمد / بأوضح بيان بالعمل - عندما قبَّل الحجر - ولكنه بيان لمن لهم قلوب ويعون أفعال محمد / الحكيم الذي يعمل الحكمة، لا كعمر بن الخطاب الذي يصرح أنه لا يفهم لماذا رسول الله محمد / قبَّل الحجر ؟! ويصرح أنّ نفسه وحقيقته لا تتقبّل تقبيل الحجر، ولكنه يفعله فقط لأنه رأى رسول الله محمداً / يفعل ذلك أمام آلاف المسلمين، ولا يمكنه مخالفة محمد / لأنه يدعي أنه خليفته، فهو يسفّه فعل محمد / ويستنّ به مجبراً فأيّ مكر هذا، روى البخاري ومسلم وأحمد: (أن عمر جاء إلى الحجر فقبله وقال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك). وروى أحمد بسنده عن سويد بن غفلة، قال: (رأيت عمر يقبل الحجر ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولكني رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفياً). فعمر بن الخطاب عندما قبَّل الحجر صرّح بأنه كاره لهذا الفعل ومنكر له ومستخف بهذا الحجر وكونه الشاهد على العباد بالوفاء بالعهد والميثاق المأخوذ عليهم في الذر ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172]. وهذه إشارة جلية لمن لهم قلوب يفقهون بها، بأنّ عمر بن الخطاب منكر للعهد والميثاق المأخوذ، ولذا فنفسه تشمئز من الحجر الشاهد، وبالتالي يحاول عمر إنكار كون الحجر شاهداً حقيقياً، فيخاطب عمر بن الخطاب الحجر الشاهد والحجر الأساس والحجر الأسود بقوله: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع)، وبما أنّ الناس الذين كانوا يحيطون بعمر في هذا الموقف قد رأوا رسول الله محمداً / حفياً بهذا الحجر شديد الاهتمام به ويقبِّل هذا الحجر ويسجد عليه، بل هم أنفسهم قد ورثوا عن حنيفية إبراهيم ( تقديس هذا الحجر والاهتمام به، لذا تدارك عمر قوله بفعله فقبّل الحجر ولكن بعد ماذا ؟! بعد أن سفّه عمر تقبيل الحجر الأسود بأنه حجر لا يضر ولا ينفع، وبالتالي فلا حكمة في تقبيله، وبالتالي فإنّ عمر بقوله وفعله أراد أن يهمّش الحجر الأسود وينفي كونه شاهداً، ويجعل تقبيل رسول الله / للحجر وسجوده عليه أمراً مبهماً غير مفهوم خالياً من الحكمة. والحقيقة، إنه لو كان الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع لكان فعل رسول الله / - وحاشاه - خالياً من الحكمة، ولا يمكن أن يكون فعل رسول الله / له معنى وحكيماً إن لم يكن هذا الحجر يضر وينفع بإذن الله وبحوله وقوته سبحانه. إذن، فمشيئة الله أن يظهر ما يبطنه عمر من موقف تجاه الحجر أو العبد الموكل بالعهد والميثاق أو قائم آل محمد، وسبحان الله لا يضمر الإنسان سوءاً إلا أظهره الله في فلتات لسانه. وقد تكفّل رسول الله محمد / بيان أهمية الحجر الأسود وفضله بأقواله وأفعاله، ويكفي أن تعرف أنّ رسول الله / قبّله وسجد عليه، ولم يسجد رسول الله / على جزء من الكعبة غير الحجر الأسود، وبلغ عظيم هذا الأمر وأهميته أنّ رسول الله / قال: (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه، مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) المحاسن: ج1 ص65. والمراد بالركن أي الحجر الأسود؛ لأنه موضوع فيه، وتابع الأئمة / نهج رسول الله / في بيان أهمية الحجر بأقوالهم وأفعالهم، فبيّنوا أنّ الحجر هو حامل كتاب العهد والميثاق، وأنّ آدم قد بكى أربعين يوماً ونصب مجلساً للبكاء بقرب الحجر ليُكفِّر عن خطيئته في نقض العهد ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ [طه: 115]. وأنّ الحجر كان درّة بيضاء تضيء ولكنه في الأرض تحوّل للسواد بسبب خطايا العباد، فهذه الكلمات والأفعال المباركة التي كرروها مرات أمام أصحابهم كلها تأكيد وبيان لأهمية الحجر الأسود، ولعلاقة الحجر بالخطيئة الأولى، بل والخطايا على طول مسيرة الإنسانية في هذه الأرض .... ورسول الله محمد / دخل بيت الله فبدأ بالحجر وختم بالحجر، وأمر أصحابه أن يكون آخر عهدهم بالبيت استلام الحجر، بل ويستحب أن يستلم الحجر في كل طواف، ومس الحجر يُسبِّب غفران الذنوب وحط الخطايا، بل وسجد رسول الله محمد / على الحجر الأسود ووضع جبهته عليه بعد أن قبَّله، فماذا يمكن أن تفهم من هذا غير أنّ الحجر هو أهم ما في البيت. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (: (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ / الْحَجَّ فَكَتَبَ إِلَى مَنْ بَلَغَهُ كِتَابُهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ / يُرِيدُ الْحَجَّ يُؤْذِنُهُمْ بِذَلِكَ لِيَحُجَّ مَنْ أَطَاقَ الْحَجَّ ....... فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَذَكَرَ ابْنُ سِنَانٍ أَنَّهُ بَابُ بَنِي شَيْبَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، فَلَمَّا طَافَ بِالْبَيْتِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ( وَدَخَلَ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَرِزْقاً وَاسِعاً وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لِيَكُنْ آخِرُ عَهْدِكُمْ بِالْكَعْبَةِ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا) الكافي: ج4 ص249. وروى البهيقي عن ابن عباس، قال: (رأيت رسول الله (رضي الله عنه) سجد على الحجر). ولابد من الالتفات إلى أمر مهم جداً وهو أنّ رسول الله / قد سنّ ركعتي الطواف عند مقام إبراهيم، وكان رسول الله / والأئمة / يصلّون عند مقام إبراهيم ( والذي يقف في صلاته عند مقام إبراهيم ( يكون الحجر الأسود بين يديه وفي قبلته، وهذا يُبيِّن بوضوح تام انطباق هذه الآية على قائم آل محمد أو يوسف آل محمد أو الحجر الأسود ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: 4]. وقد بيَّنت سابقاً ما معنى هذا السجود عندما بيَّنت تأويل هذه الآية في الإمام المهدي (، ولكن السجود هنا عند تأويله في القائم يكون لفاطمة والسر المستودع فيها معاً، تماماً كما أنّ السجود للكعبة والحجر الأسود المودع فيها، فيكون هنا الشمس محمداً / والقمر علياً ( والأحد عشر كوكبا هم الأئمة / من ولد علي ( وفاطمة (عليها السلام) وهم: (الحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد)، وسجودهم بمعنى أنهم يُمهّدون للقائم ولإقامة العدل وإنصاف المظلوم، وبالخصوص أخذ حق صاحبة المظلومية الأولى والأعظم منذ خلق الله الخلق وإلى أن تقوم الساعة. أما سجود بقية الخلق ممن فرض عليهم أن يسجدوا إلى الكعبة وبالتالي إلى الحجر الأسود فهو بمثابة إشارة واضحة وبيان أنهم بأجمعهم يمهدون للقائم سواء شاءوا أم أبوا، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ [الحج: 18]. فالكل يُمهِّد للوارث أو القائم شاءوا أم أبوا، فالشمس والقمر والنجوم يمهدون للقائم، وأيضاً من حقَّ عليه العذاب يمهد للقائم وكلٌ بحسبه، فحركة الخلق ومسيرتهم العامة هي تمهيد للقائم الذي ينصف المظلومين، وإن كان أكثر الخلق يجهلون هذا، تماماً كطوافهم بالكعبة والحجر الأسود المودع فيها مع أنهم لا يكادون يفقهون شيئاً من طوافهم. أما في الأديان السابقة فقد ذكر الحجر أيضاً في التوراة والإنجيل: «قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية ومن قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى الأمة التي تعمل أثماره ومن سقط عليه هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه» إنجيل متى - الأصحاح الحادي والعشرون. فالحجر الذي تكلّم عنه عيسى ( هو في أمة أخرى غير الأمة التي كان يخاطبها، فالملكوت ينزع من الأمة التي كان يخاطبها عيسى ( وهم بنو إسرائيل والذين آمنوا بعيسى ( - لأنه كان يخاطب بهذا الكلام تلاميذه المؤمنين به وغيرهم من بقية الناس - ويعطى للأمة المرتبطة بالحجر التي تعمل أثمار الملكوت، فكلام عيسى ( واضح كل الوضوح أنه في بيان فضل حجر الزاوية، وأنّ الملكوت سينزع في النهاية ممن يدّعون اتباع عيسى، ويعطى لأمة الحجر وهم أمة محمد وآل محمد /، فعيسى ( ربط بحكمة بين الحجر وبين الأمة التي تعطى الملكوت في النهاية. وأيضاً: قابل هذه الأمة ببني إسرائيل ومن يدّعون اتباعه وبين أنهم لن يناولوا الملكوت في النهاية، فعيسى ( جعل الحجر علة إعطاء الملكوت لأمة أخرى غير الأمة التي تدّعي اتباع موسى ( وعيسى (، أي أنّ من يشهد لهم الحجر بأداء العهد والميثاق ومن ينصرونه هم من سيرثون الملكوت، سواء كان في هذه الأرض بإقامة حاكمية الله أم في السماوات عندما يكشف الله لهم عن ملكوته ويجعلهم ينظرون فيه، أم في النهاية عندما يسكنهم الله الجنان في الملكوت. ومن يريد أن يُفسِّر هذا الكلام بصورة أخرى ويقول: إنّ عيسى أراد بهذا الكلام نفسه ويصر على هذا القول، فإنه يغالط ولا يطلب معرفة الحقيقة، وإلا فليقرأ أصل القول وهو لداود ( في المزامير، فأيضاً يمكن أن يقول اليهود: إنّ داود قصد نفسه، وهكذا لا ينتهي الجدل. ولكن الحقيقة إنّ داود ( وعيسى ( أرادوا المخلِّص الذي يأتي باسم الرب في آخر الزمان، وقد بشَّر به عيسى ( في مواضع أخرى في الإنجيل وسمّاه المعزي والعبد الحكيم، وهنا سمّاه حجر الزاوية فيكون السؤال: مَنْ هو الذي عُرف أو يمكن أن يُعرَف بأنه حجر الزاوية ؟ هل أنّ داود أو عيسى (عليهما السلام) عُرفوا بأنهم حجر الزاوية في بيت الرب ؟ أو ذُكروا في موضع آخر على أنهم حجر الزاوية في بيت الرب ؟ وهل هناك حجر موضوع في زاوية بيت الرب أو الهيكل عند اليهود والنصارى يدل على داود أو عيسى (عليهما السلام) ؟ الحقيقة، إنّ هذا غير موجود ولكنه موجود في الأمة الأخرى من ولد إبراهيم (، وفي بيت الرب الذي بناه إبراهيم ( وإسماعيل ( ابنه، وموجود في الزاوية وبالذات الزاوية التي اسمها الركن العراقي، وكل هذه الأمور تشير إلى أمر واحد هو المخلِّص الذي يأتي في آخر الزمان أو الذي أشار إليه داود في المزامير أنه حجر الزاوية والآتي باسم الرب. «..... 19 افتحوا لي أبواب البر. أدخل فيها وأحمد الرب. 20 هذا الباب للرب. الصديقون يدخلون فيه. 21 أحمدك لأنك استجبت لي وصرت لي خلاصاً. 22 الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية. 23 من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا 24 هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. نبتهج ونفرح فيه. 25 آه يا رب خلص. آه يا رب أنقذ. 26 مبارك الآتي باسم الرب. باركناكم من بيت الرب .....» التوراة: مزامير - المزمور المئة والثامن عشر- العهد القديم والجديد: ج1 - مجمع الكنائس الشرقية: ص915. وللتأكيد أكثر على أنّ المراد بحجر الزاوية في التوراة وفي الإنجيل هو المخلِّص الذي يأتي في آخر الزمان وفي العراق وهو قائم الحق، أورد هذه الرؤيا التي رآها ملك العراق في زمن دانيال النبي ( وفسرها دانيال النبي (، وهي تكاد لا تحتاج إلى توضيح: وهذا قول دانيال النبي ( لملك العراق، وهو يخبره برؤياه وتفسيرها كما في التوراة الموجود: «.......31 أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك ومنظره هائل. 32 رأس هذا التمثال من ذهب جيد. صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس. 33 ساقاه من حديد. قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف. 34 كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما. 35 فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معا وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها. 36 هذا هو الحلم. فنخبر بتعبيره قدام الملك 37 أنت أيها الملك ملك ملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتدارا وسلطانا وفخرا. 38 وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعها. فأنت هذا الرأس من ذهب. 39 وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض. 40 وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شيء وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء. 41 وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين. 42 وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قوياً والبعض قصماً. 43 وبما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف. 44 وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد. 45 لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب. الله العظيم قد عرَّف الملك ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق وتعبيره يقين» التوراة: سفر دانيال - الأصحاح الثاني. إذن، فالحجر أو المخلِّص الذي ينقض هيكل الباطل وحكم الطاغوت والشيطان على هذه الأرض، ويكون في ملكه نشر الحق والعدل في الأرض يأتي في آخر الزمان، ويأتي في العراق كما هو واضح في رؤيا دانيال، وهو الحجر الذي ينسف الصنم أو حكم الطاغوت والأنا، بينما لا عيسى ( ولا داود ( أُرسلوا في العراق وفي آخر الزمان، فلا يمكن أن يكون أي منهما هو حجر الزاوية المذكور، بل تبيَّن بوضوح من كل ما تقدم أنّ حجر الزاوية في اليهودية والنصرانية هو نفسه الحجر الأسود الموضوع في زاوية بيت الله الحرام في مكة. فالحجر الأسود الموضوع في ركن بيت الله والذي هو تجلٍ ورمز للموكَّل بالعهد والميثاق، هو نفسه حجر الزاوية الذي ذكره داود وعيسى (عليهما السلام)، وهو نفسه الحجر الذي يهدم حكومة الطاغوت في سفر دانيال (، وهو نفسه قائم آل محمد أو المهدي الأول الذي يأتي في آخر الزمان كما روي عن رسول الله محمد / وأهل بيته /). * * * -ملحق رقم (5) قصة عيسى وكيف شُبِّه لهم ([78]) سؤال/ 179: ما هي قصة عيسى ( ؟ وكيف شبه لهم بقوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ [النساء: 157] ؟ (الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين. عيسى ( في الليلة التي رفع فيها واعد حوارييه، فحضروا عنده إلا يهوذا الذي دلَّ علماء اليهود على عيسى (، فقد ذهب إلى المرجع الأعلى لليهود، وقايضه على تسليم عيسى ( لهم. وكان بعد منتصف الليل أن نام الحواريون، وبقي عيسى (، فرفعه الله، وأنزل (شبيهه الذي صلب وقتل)، فكان درعاً له وفداءً، وهذا الشبيه هو من الأوصياء من آل محمد /، صُلب وقُتل وتَحمّل العذاب لأجل قضية الإمام المهدي (. وعيسى ( لم يصلب ولم يقتل، بل رُفع فنجّاه الله من أيدي اليهود وعلمائهم الضالين المضلين (لعنهم الله)، قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾. وفي الرواية في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي جعفر (، قال: (إنّ عيسى ( وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال: إنّ الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيُقتل ويُصلب ويكون معي في درجتي ؟ قال شاب منهم: أنا يا روح الله، قال: فأنت هُوَ ذا ...ثم قال (: إنّ اليهود جاءت في طلب عيسى ( من ليلتهم ... وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ( فقُتل وصُلب) تفسير القمي: ج1 ص103. فالإمام الباقر ( يقول: (اجتمع اثنا عشر)، بينما الذين جاؤوا من الحواريين هم (أحد عشر)، فيهوذا لم يأتِ، بل ذهب إلى علماء اليهود ليُسلِّم عيسى (، وهذا من المتواترات التي لا تُنكر، فالثاني عشر الذي جاء أو قل الذي نزل من السماء، هو الوصي من آل محمد /، الذي صُلِبَ وقُتِلَ، بعد أن شُبِّهَ بصورة عيسى (. وكانت آخر كلمات هذا الوصي عند صلبه هي: (إيليا، إيليا لما شبقتني)، وفي إنجيل متى: «… صرخ يسوع بصوت عظيم إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي، إلهي لماذا تركتني. فقوم من الواقفين هناك لمّا سمعوا، قالوا: إنه ينادي إيليا … وأما الباقون فقالوا أترك لنرى هل يأتي إيليا يخلصه. فصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت …» إنجيل متى -أصحاح 27، انتهى. والحقيقة، إنّ ترجمة الكلمات التي قالها هكذا: (يا علي يا علي لماذا أنزلتني)، والنصارى يترجمونها هكذا (إلهي، إلهي لماذا تركتني) كما تبيَّن لك من النص السابق من الإنجيل. والإنزال أو الإلقاء في الأرض من السماء قريب من الترك. ولم يقل هذا الوصي هذه الكلمات جهلاً منه بسبب الإنزال، أو اعتراضاً على أمر الله سبحانه وتعالى، بل هي سؤال يستبطن جوابه، وجّهه إلى الناس: أي افهموا واعرفوا لماذا نزلتُ ولماذا صُلبتُ، ولماذا قُتلتُ، لكي لا تفشلوا في الامتحان مرة أخرى إذا أُعيد نفس السؤال، فإذا رأيتم الرومان (أو أشباههم) يحتلون الأرض، وعلماء اليهود (أو أشباههم) يداهنونهم، فسأكون في تلك الأرض، فهذه سنة الله التي تتكرر، فخذوا عبرتكم وانصروني إذا جئت ولا تشاركوا مرة أخرى في صلبي وقتلي. كان يريد أن يقول في جواب السؤال البيَّن لكل عاقل نقي الفطرة: صُلبتُ وتحملتُ العذاب وإهانات علماء اليهود، وقُتلتُ لأجل القيامة الصغرى، قيامة الإمام المهدي (، ودولة الحق والعدل الإلهي على هذه الأرض. وهذا الوصي عندما سأله علماء اليهود والحاكم الروماني: هل أنت مَلِك اليهود ؟ كان يجيب: أنت قلت، أو هم يقولون، أو أنتم تقولون، ولم يقل نعم، جواب غريب على من يجهل الحقيقة، ولكنه الآن توضّح. فلم يقل: نعم، لأنه ليس هو مَلِك اليهود بل عيسى ( الذي رفعه الله، وهو الشبيه الذي نزل ليُصلب ويُقتل بدلاً عن عيسى (. وهذا نص جوابه - بعد أن الُقِيَ عليه القبض - من الإنجيل: «فأجاب رئيس الكهنة وقال له استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح، قال له يسوع: أنت قلت ..» إنجيل متى - إصحاح 26. «.. فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت مَلِك اليهود فقال له يسوع: أنت تقول ..» إنجيل متى – أصحاح 27. «.. فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول..» إنجيل مرقس- أصحاح15. «.. فقال الجميع أفأنت المسيح فقال لهم انتم تقولون إني أنا هو ..» إنجيل لوقا - أصحاح22. «.. 33 ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أفأنت إذا مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق ..» إنجيل يوحنا - إصحاح 18. وفي هذا النص الأخير بيَّنَ الوصي أنه ليس من أهل الأرض في ذلك الزمان، بل نزل إليها لإنجاز مهمة وهي فداء عيسى (، حيث ترى أنّ هذا الوصي يقول: «مملكتي ليست من هذا العالم»، «ولكن الآن ليست مملكتي من هنا»، «ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق». عن رسول الله /: (قال ينزل عيسى ابن مريم ( عند انفجار الصبح ما بين مهرودين وهما ثوبان أصفران من الزعفران، أبيض الجسم، أصهب الرأس، أفرق الشعر، كأن رأسه يقطر دهناً، بيده حربة، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويهلك الدجال ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف، وهو الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه، ويبسط في المغرب والمشرق الأمن من كرامة الحجة بن الحسن () ([79]). وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (: (.. ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب فويل لمصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل لواسط كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر يخبر، وعند ذلك خروج السفياني، ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر، فلا أرض تنبت ولا سماء تنزل، ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم ..) ([80]). وتوجد أحاديث كثيرة تدل على أنّ عيسى ( لم يُصلب ولم يُقتل، بل الذي صلب وقتل هو شبيه عيسى (. عن أبي عبد الله (، قال: (رفع عيسى ابن مريم ( بمدرعة من صوف من غزل مريم ومن خياطة مريم، فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيسى بن مريم ألق عنك زينة الدنيا) ([81]). وعن الرضا (، قال: (ما شُبِهَ أمر أحد من أنبياء الله وحججه / للناس إلا أمر عيسى بن مريم ( وحده، لأنه رفع من الأرض حياً وقُبض روحه بين السماء والأرض، ثم رفع إلى السماء وردّ إليه روحه وذلك قوله عز وجل: ﴿إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ﴾ آل عمران:55) ([82]). وعن النبي /، قال: (عيسى ( لم يمت وإنه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة) ([83]). والتَفِتْ إلى أنّ عيسى نبي مرسل، وقد طلب من الله سبحانه وتعالى أن يُعفى ويُصرف عنه الصلب والعذاب والقتل، والله سبحانه وتعالى لا يرد دعاء نبي مرسل، فالله استجاب له ورفعه وأُنزل الوصي الذي صُلب وقُتل بدلاً عنه، وفي الإنجيل عدة نصوص فيها دعاء عيسى ( بأن يُصرف عنه الصلب والقتل. وهي: «… ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس …» متى: 26. «… ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شئ مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس …» مرقس: 14. «… وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تُجز عني هذه الكأس …» لوقا: 22. وفي التوراة - سفر إشعيا، وفي الإنجيل أعمال الرسل - الإصحاح الثامن هذا النص: «.. مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه ..». وكل الأنبياء والأوصياء المرسلين تكلّموا، لم يذهب أحد منهم صامتاً إلى الذبح، بل هم أُرسلوا ليتكلموا ويُبكّتوا ويعظوا الناس، وعيسى ( بالخصوص كم بَكَّتَ العلماء والناس، وكم وعظهم فلا يَصدِقُ عليه أنه ذهب إلى الذبح صامتاً. بل هذا الذي ذهب إلى الذبح صامتاً هو الوصي (شبيه عيسى) الذي صُلب وقُتل دون أن يتكلم، أو يطلب من الله أن يُصرف عنه العذاب والصلب والقتل، ودون أن يتكلم مع الناس. بل إذا ألحّوا عليه وسألوه بإلحاح من أنت، هل أنت المسيح، لم يكن يجيبهم إلا بكلمة، أنت قلت. وهكذا ذهب إلى العذاب والصلب والقتل صامتاً راضياً بأمر الله، منفذاً لما أُنزل له، وهو أن يُصلب ويُقتل بدلاً من عيسى (. ولأنه أصلاً لم يكن وقته قد حان ليُرسل ويُبلغ الناس ويتكلم معهم، ذهب هكذا مثل شاة سيق إلى الذبح، مثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه. أرجو أن يستفيد كل مؤمن يريد معرفة الحقيقة من هذا الموقف، فهذا الإنسان نزل إلى الأرض، وصُلب وقُتل ولا أحد يعرف، لم يطلب أن يُذكر أو أن يُعرف، نزل صامتاً، وصُلب صامتاً، وقُتل صامتاً، وصعد إلى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا). * * * -ملحق رقم (6) جمعة صلب الحواري الثالث عشر (جمعة 13) ([84]) مرّت على الإنسانية قبل أيام قليلة (جمعة) تحمل رقم (13) من شهر نيسان 2012 م، وهي المسماة بجمعة الأحزان لدى جمهور كبير من المسيحيين (الأرثوذكس بالتحديد)، وبشكل عام فإنّ المطالع لسيرة ملايين البشر اليوم وفيما سبق يجدهم يتشاءمون من الجمعة التي تصادف 13، ويتصرفون فيها بشكل لم تعهده باقي أيامهم من ترك السفر أو التسوق أو قضاء حوائجهم فيها، فما قصة الإنسان مع هذه الظاهرة العالمية ؟ وقبل استشراف الإجابة عليها من كلمات الحواري السيد أحمد الحسن (، نود أن نتعرف على شيء من نظرة الإنسان لها: أما عند الغربيين، فإنهم بشكل عام يتشاءمون من جمعة تقع في الثالث عشر، وفي الثلاثينات مثلاً وفق صحيفة نيو يورك هيرالد New york Herald جاء أنّ المعدل اليومي للزواج في نيويورك وصل إلى 150 زيجة، فيما لا يكاد يتخطى ألـ 60 نهار الجمعة. فالخوف من مصادفة تاريخ 13 يوم جمعة ليس اعتيادياً عندهم أبداً، يقول الطبيب دونالد دوسي: (إن العوارض التي تصيب 21 مليون أميركي في مثل هذا اليوم تتراوح بين التوتّر الخفيف والاضطراب والإحساس القوي بالتشاؤم والذّعر. والبعض لا يترك سريره أو يغادر منزله، في حين يقوم آخرون بكل أنواع الطقوس لصد تأثيرات هذا اليوم). وفي دراسة أجرتها مجلة سميشونيان تبيَّن أنّ الشركات الأميركية تخسر كل يوم جمعة 13 في أي شهر 750 مليون دولار؛ لأن الناس لا تتسوق أو تسافر في يوم جمعة 13. كما أنه لا تستخدم نسبة كبيرة جداً من ناطحات السحاب والفنادق في الولايات المتحدة الرقم 13 في ترقيم طبقاتها وتقفز من 12 إلى 14، وأحياناً يستبدل الرقم 13 بالرقم 12A. وفي المستشفيات لا وجود لغرفة تحمل الرقم 13، أما شركات الطيران فلا تدخل هذا الرقم على رحلاتها. ثم إنّ الخوف من جمعة 13 ليس محصوراً بالولايات المتحدة، ففي القرن التاسع عشر مثلاً كانت شركة لويدز للتأمين البحري في لندن ترفض تأمين أي سفينة تبحر يوم جمعة 13، وحتى اليوم لا تحرّك البحرية الأميركية أي سفينة في هذا الموعد. ويرى بعضهم أنّ الخوف من جمعة 13 خوف غير مبرر، وأنّ ذلك أشبه بالدعاية الكاذبة، يقول الدكتور مارتين لوثركينج: (إن أكبر حاجات الإنسان هو أن يجعل نفسه فوق مستنقع الدعايات الكاذبة، فالأشخاص المصابون بالأمراض والضعف النفسي يستسلمون بسرعة إلى الخرافات، ويظلون في حالة قلق وخوف دائم). إنّ تحليل دكتور مارتين لهذه الظاهرة سرعان ما يكذّبه تصرف الإنسان نفسه، فإنّ لسان حال الناس يقر بصدق معتقدهم خصوصاً وإنهم تلقّوا ذلك وفق تجارب عاشوها عبر عصور مديدة، فالناس بطبعهم تجريبيون بمعنى أنهم إذا جرّبوا شيئاً ووجدوا أنّ له واقعاً فعلاً فكلهم يعتقدون به، حينها لا تنفعهم نصائح أدعياء العلم وإن كانوا يقدمون لأنفسهم بالعلامة أو الدكتور أو ما شابه. وبالتالي فمثل تلك النصائح لا تنفع في رفع الحزن الذي يخيم على الإنسان الغربي في جمعة 13. قريب من ذلك نجده لدى الإنسان الشرقي أيضاً، وإن كان قد سار مخطئاً كزميله الغربي لأبعد من جمعة 13 ليصور التشاؤم من نفس رقم (13) وليس فقط من جمعته. فما هي حقيقة تلك الظاهرة (حزن بني الإنسان في جمعة 13)، ولأي سبب كان كل ذلك الغم والحزن العميق فيها ؟ لنرى قبل كل شيء مثالاً لأيام حزن يعتقد بها المسلمون، وهنا نتذكر في مقدمتها يوم العاشر من المحرم مثلاً، فهو يوم شهادة الإمام الحسين (، خليفة الله في أرضه وريحانة نبيه المصطفى /، وقد ورد عن آل محمد / أنه يوم حزن ونهوا فيه عن قضاء الحوائج والانشغال بأمور الدنيا. وشبيه بذلك الحزن يجده الإنسان عند تذكره لقتل نبي الله يحيى بن زكريا ( وفصل رأسه عن جسده الشريف. فماذا حصل يا ترى في جمعة 13 شبيهاً بيوم العاشر من المحرم ويوم قتل يحيى بن زكريا ؟؟ وهل اتشح ذلك اليوم هو الآخر بدم خليفة من خلفاء الله في أرضه ليحاكي قلبُ الإنسان الذي يُخيِّم عليه حزن عميق في (جمعة 13) دمَ أبيه الذي أُريق على أرض المعصية والجحود، (وخليفة الله هو الأب الحقيقي كما هو معلوم) ؟ لا أعتقد أنّ الجواب سيبقى خافياً على ذهن القارئ لهذا السفر الجليل، فرقم (13) صار أمره واضحاً لدى أتباع الأديان، فعند المسلمين نجد أنه مقترن بـ (الوصي الثالث عشر) من أوصياء محمد / الذين ذكرهم في وصيته المقدسة وقد تقدمت، وهو الوصي أحمد. وأما عند المسيحيين فهو مقترن بالحواري الثالث عشر، مقترن بالخروف المذبوح الذي توسط (الشيوخ الأربعة والعشرين + الجالس على العرش) في رؤيا يوحنا اللاهوتي. فمجموعهم 25 شيخاً (رسول الله محمد / + الاثنا عشر إماماً والاثنا عشر مهدياً) ، ومن يتوسطهم هو الوصي (13). وعلى حد تعبير عيسى ( للمصلوب في إنجيل يهوذا: «ستكون أنت الثالث عشر .. ولكنك ستأتي لتسود عليهم .. ولكنك ستفوقهم جميعاً لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني». وقد تبيَّن في بحوث هذا الكتاب أنّ يهوذا المصلوب ليس هو الاسخريوطي الخائن، ومن يقول إنّ يهوذا الخائن رقمه 13 فهو مخطئ؛ لأنّ يهوذا لم يكن رقم 13، فواضح أنّ الحواريين كانوا 12، وبعد أن خرج يهوذا وخان وحصل الصلب بفترة اختير حواري جديد ليكمل العدد 12، وهذا يعني أنه لا يوجد شيء اسمه أنّ يهوذا الخائن هو حواري رقم 13 أصلاً، ومن يقول هذا فهو مغالط. إنه يهوذا الصالح إذن، و(يهوذا = أحمد بالعربية)، فهو الوصي والحواري الثالث عشر أحمد كما وضّحه هذا الكتاب. هذا بالنسبة إلى رقم (13) وصاحبه، لكن ماذا بالنسبة إلى (الجمعة) ؟ الجمعة هي (جمعة الأحزان أو الآلام)، وهي التي حصل فيها الصلب، وتُعرف بعدة أسماء أخرى أيضاً كالجمعة الحزينة أو الأليمة أو العظيمة أو جمعة الفداء، وهو يوم احتفال ديني بارز في المسيحية وعطلة رسمية في معظم دول العالم يسبق عيد الفصح، يتم من خلاله استذكار المصلوب وموته ودفنه، إذ يعتقد أغلب المسيحيين بحسب النصوص التي عندهم بأنّ الصلب حصل في يوم جمعة. وإذا عرفت هذا تعرف حينها سبب حزن ملايين الناس في (جمعة 13) بعد أن حار فيه العلماء وعجزوا عن تقديم تفسير مقنع ورصين لمثل هذه الظاهرة العالمية. ولأنّ يوم الجمعة كان هو اليوم الذي صُلب فيه شبيه عيسى (، ولأن الشبيه هو الوصي الثالث عشر (قائم آل محمد والمهدي الأول أحمد) كما أوضحته بحوث هذا الكتاب ([85])، كان ذات اليوم (أي الجمعة) مرتبطاً بدعوة الإمام المهدي ( وقيام القائم كما هو معروف عند الشيعة. ولأجل معرفة حقيقة هذه الظاهرة العالمية (جمعة 13) وحزن الناس فيها، كنت قد سألت السيد أحمد الحسن ( عنها، فكان نص جوابه أن قال: (الآن تقريباً ملايين البشر يتشاءمون من الجمعة التي تصادف 13، فالناس أغلبهم كما هو معلوم تجريبيون، يعني إذا جربوا شيئاً ووجدوا له واقعاً فعلاً فإنهم يعتقدون به، فهم بسبب تجاربهم وجدوا أنّ يوم الجمعة الذي يصادف 13 يوم ربما لا تقضى فيه بعض الأحيان حوائجهم بشكل ملفت للنظر فاعتقدوا بهذا. وهذه مسألة مروية حتى عن الأئمة / بالنسبة ليوم عاشوراء وأنه لا يخرج فيه المؤمن لقضاء حاجة أو ما شابه. وبالرغم من حزن الناس أو تشاؤمهم من جمعة 13 لكنهم قد يكونون غافلين عن السبب، فإنّ كثيراً من الأمور تفعلها الناس وهي غافلة عن حقيقتها وأصلها، مثلاً: الناس عندما يريدون الاستعاذة من الحسد يمسكون الخشب، وأصل هذا الأمر هو الاستعاذة بالصليب الذي صلب عليه شبيه عيسى لأنه من الخشب. وبخصوص ما نتحدث عنه (جمعة 13)، فأعتقد أنّ رقم 13 في الإسلام والمسيحية صار واضحاً، أما الجمعة فهناك جمعة الأحزان وهي التي حصل فيها الصلب، فأن يُصلب الوصي 13 في يوم الجمعة أليس هذا سبباً معقولاً لأن يعتبر الناس هذا اليوم يوماً مزعجاً باعتباره يوم حزين. ونحن لا نستدل بهذا الأمر، ولكنه بيان نبينه لمن يعتقدون به دون أن يفهموا أصل اعتقادهم وعدم ارتياحهم لجمعة رقم 13. طبعاً، هناك من ذهبوا بعيداً واعتبروا الأمر هو تشاؤم من الرقم 13، وهذا أمر لا علاقة لنا به، فنحن نتكلم عن معتقد يعتقد به ملايين البشر وهو أنّ الجمعة التي تصادف 13 يوم غير مريح بالنسبة لهم أو يخافون منه أو يعتبرونه يوم شؤم، وقد تبيَّن السبب الآن وهو أنه يوم حصل فيه صلب الوصي 13، يعني تماماً كما أنّ يوم العاشر من المحرم يوم حزن لأنه اليوم الذي قتل فيه الوصي الثالث (الحسين ()، والفرق فقط في أنّ جمعة 13 أخذت طابعاً أوسع واعتقد بها المتدين وغير المتدين) انتهى. وبهذا ظهر أنّ جمعة 13 تعني جمعة صلب الحواري والوصي الثالث عشر، فهي يوم قتله وإراقة دمه الطاهر، وأكيد أنّ الابن يعتصر قلبه حزناً وكمداً لإراقة دم أبيه. وها هو الأب (الوصي الثالث عشر) و(الحواري الثالث عشر) قد عاد ليسود ويرفع راية للأمم ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما وعد أنبياء الله ورسله، ويصرخ بأبنائه على هذه الأرض ليفيقوا قبل فوات الأوان، فهل من مدّكر !! والحمد لله رب العالمين.Footers
[1] . www.almahdyoon.org
[2] . رؤيا يوحنا - الأصحاح 4.
[3] . غيبة الطوسي: ح111، تحقيق عباد الله الطهراني، مؤسسة المعارف الإسلامية.
[4] . تفسير ابن أبي حاتم: ج8 ص2628 حديث رقم 14769.
[5] . انظر الملحق رقم (6): جمعة صلب الحواري الثالث عشر.
[6] .دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا.
[7] .الغيبة للنعماني: ص220.
[8] . عن الرقم المذكور (144.000) الذين يختم الخروف جباههم في الرؤيا بختم أبيه، قال بعض علماء الكنيسة: (نحن أمام الكنيسة شعب الله. هي تشمل عدداً كبيراً جداً، كما تضمّ جمهوراً كبيراً من كل أمّة وقبيلة وشعب ولسان (4) مفردات. هذا ما يدلّ على العالم كلّه بأقطاره الأربعة)، ولما كان الرقم المذكور في الرؤيا ضئيل جداً وفق تفسيرهم، قالوا إنّ: (العدد هو رقم رمزي) ليس إلا وغير مقصود حقيقة. هكذا بكل برود، فالتأويل بلا دليل سهل المؤونة عندهم. انظر: دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا لبولس الفغالي.
[9] .كون رموز الرؤيا المختلفة تشير إلى نفس الشخص من وجوه مختلفة أمر يعتقد به أيضاً العلماء المسيحيون، وكمثال أنقل نصين، أحدهما: للقس انطونيوس فكري، يقول: (.. هو أسد في قوته وملكه علينا وعلى كل الخليقة، ولكنه خروف في تقديمه نفسه ذبيحة على الصليب وحمله لخطايانا ..) شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - تفسير سفر الرؤيا 5.
والآخر: للدكتور وليم ماكدونالد، يقول: (في سفر الرؤيا يمثَّل ربنا كخروفٍ وكأسد معًا. فمن جهة كونه حمل الله فهو الحمل الذبيح الرَّافع خطايا العالم. وكالأسد، فهو القاضي المعاقب لأعدائه.إنه عند مجيئه الأول كان هو الحمل (الخروف)، وعند مجيئه الثاني سيكون الأسد) معهد عمواس للكتاب المقدس. ويقول الاسقف بولس الفغالي: (.. انتظرنا أسداً فإذا نحن أمام حمل. لماذا سمي يسوع "حمل" ؟ هناك ثلاثة أسباب ..) دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا.
[10] . يقول د. وليم ماكدونالد عن الجالس على العرش أيضاً: (يُرى الله ممسكًا سفرًا له سبعة ختوم تحفظه) معهد عمواس للكتاب المقدس. ومثله قول الاسقف بولس الفغالي عن العرش: (وإذا بعرش منصوب في السماء" (آ 2 ب). تشرف على كل هذا الفصل لفظة "عرش". ترد 14 مرّة، منها مرتين في صيغة الجمع حيث نرى عروشاً (الاثنا عشر) أخرى تحيط بالعرش الأول، عرش الله) دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا.
[11] .كتاب التوحيد للسيد أحمد الحسن، بيَّن فيه العقيدة الحقة باللاهوت وناقش فيه العقائد الباطلة التي يدين بها الكثير من أهل الأرض اليوم سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو غيرهم.
[12] . تقدم ذكر الوصية المقدسة التي نصّت على الائمة الاثني عشر والمهديين الاثني عشر.
[13] . يفسر علماء الكنيسة الآية: «ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله» بعيسى (، ويرون أنّ معنى القضيب والغصن واحد، وهو خلاف الحكمة بكل تأكيد. وكمثال لتفسيرهم أعرض ما قاله القمص تادرس يعقوب مصوراً انطباق النص على عيسى: (.. لم يقل ابن داود مع أنه شرعًا هو ابن داود، لكنه أراد تقديمه بصورة متواضعة جدًا، كقضيب وغصن من يسى الذي عاش ومات قليل الشأن) تفسير سفر أشعيا. وهم إذ يشكلون على اليهود تطبيقهم النص على "حزقيا" بلا دليل؛ ولأنه ولد قبل أن ينطق إشعيا به، نراهم يطبقون النص على عيسى ( بلا دليل أيضاً، وواضح أنّ الآية وما يليها آبٍ عن ذلك للأسباب التي بينها السيد أحمد الحسن، والذي بيّن معنى النص في كتاب آخر له قائلاً: (.. أما يسّى، وهو في التوراة معروف أنه والد نبي الله داود (. وأم الإمام المهدي ( من ذرية داود.. فالإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري ( من ذرية إسرائيل (يعقوب () من جهة الأم، ومن ذرية محمد / من جهة الأب، فيصدق عليه أنه قضيب من جذع يسّى. كما يصدق على المهدي الأول من المهديين الاثني عشر أنه غصن يخرج من ذاك القضيب من جذع يسّى؛ لأنه من ذرية الإمام المهدي) كتاب وصي ورسول الامام المهدي في التوراة والانجيل والقرآن.
[14] . أما تعليلهم لذة عيسى بمخافة الرب التي تحل عليه وربطها بمسألة الأقانيم، يقول القمص تادرس يعقوب في تفسيره: (.. حلول الروح القدس على المسيح يختلف عن حلوله علينا؛ بالنسبة له حلول أقنومي، واحد معه في ذات الجوهر مع الآب، حلول بلا حدود ..)، ويقول: (فحلول الروح القدس ليس حلولاً زمنيًا بل هو اتحاد أزلي بين الأقانيم الثلاثة ..).
وأما ما يتعلق بإبطال عقيدة الأقانيم الثلاثة، فبإمكان الجميع قراءة كلام السيد أحمد الحسن في ملحق رقم (1).
[15] . يعقّب القمص تادرس يعقوب على الآية "لا يقضي بحسب نظر عينيه" قائلاً: (يأخذ السيد المسيح موقفًا مضادًا لما حدث في أيام إشعياء إذ كان القضاة يحكمون حسب الوجوه. هذه الضربة "المحاباة" كثيرًا ما تُصيب الملتزمين بمسئوليات قيادية، وقد وقف الرب حازمًا ضد هذا الوباء، فكان يوبخ القيادات الدينية التي أُصيبت بالمحاباة والرياء مثل الفريسيين والصدوقيين والكتبة، بينما كان يدعو الأطفال إليه بلطف ويترفق بالخطاة والعشارين). وواضح أن ليٌّ النصوص هذا بعيد عن المنهج العلمي، فالنص يتحدث عن رجل يحكم ويقضي ويملأ الأرض معرفة وعدلاً لا عمّن يوبّخ ويتعامل بلطف.
[16] . يعترف علماء الكنيسة أنّ ما ذكر في النص لم يحصل في زمن عيسى (، لكنهم يزعمون حصوله على يد الكنيسة في المستقبل، هكذا بلا دليل. يقول القس انطونيوس فكري: (ويكون في ذلك اليوم = أي العصر الإنجيلي .. وهذا حدث يوم العنصرة ثم من خلال كرازة الرسل ثم عبر الكنيسة، ثم سيحدث أيضاً بإيمان اليهود في نهاية الأيام .. آية «12 ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض». الكنيسة ستضم الجميع الأمم مع اليهود الذين في الشتات) تفسير العهد القديم - إشعيا 11. وهو ربما يقصد كنيسة الارثوذكس، التي قال عنها بابا شنودة الثالث "الارثوذكسية القبطية هي كنيسة المسيح الوحيدة". في حين يرى بابا الفاتيكان بندكيت السادس عشر وفق وثيقة «دومينوس يزوس» أنّ "كنيسة المسيح الوحيدة هي الكنيسة الكاثوليكية"، وأنها دون غيرها تمتلك جميع وسائط الخلاص. وقد أثارت ردود فعل ليس آخرها ما نصح به كاهن الكنيسة الارثوذكسية (القمص مرقس عزيز) بابا الفاتيكان بالكف عن الهزل والإفاقة من الغيبوبة وألّا يكون ألعوبة بيد الشيطان. وأكيد أنّ الكنيسة التي تجمع الشتات بنظر مارتن لوثر (المنشق عن الكنيسة الكاثوليكية) هي كنيسته المصلحة، وهكذا.
[17] . جاء في قاموس الكتاب المقدس في شرح كلمة "يَهوذا ابن يعقوب": (اسم عبري معناه "حمد" وهو رابع أبناء يعقوب من ليئة، وولد في ما بين النهرين "تك 29: 35". وأعطي هذا الاسم لسبب شكر أمه عند ولادته).
[18] . وهو أمر واضح، وبينته الروايات أيضاً، منها على سبيل المثال ما رواه العياشي في تفسيره: (عن أبي داود عمن سمع رسول الله ض يقول: أنا عبد الله اسمي أحمد، وأنا عبد الله اسمي إسرائيل، فما أمره فقد أمرني، وما عناه فقد عياني) تفسير العياشي: ج1 ص44.
[19] . الروايات في ذلك كثيرة، هذا مثال منها: عن أبي خالد، عن الباقر ( في قول الله عز وجل: "فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً"، قال: الخيرات الولاية وقوله تبارك وتعالى: "أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا" يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، قال: وهم والله الأمة المعدودة، قال: يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف) الكافي - الشيخ الكليني: ج8 ص313. وهو ما يحصل اليوم، فقد آمن بالسيد أحمد الحسن أناس من بلدان وأديان وأجناس مختلفة، وأنصاره موزعون على مناطق عديدة من العالم كدول الشرق الأوسط والمغرب الغربي وشرق آسيا وروسيا ودول أوربية وغير أوربية كثيرة كبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسويد والنروج وهولندا وفنلندا وأسبانيا واستراليا وكندا وأمريكا والمكسيك والأرجنتين وغيرها.
[20] . يقول المفسر القس أنطونيوس فكري في شرحه: (والإمرأة هي الكنيسة. وهناك من قال أنها العذراء ... وهى حبلى = الكنيسة أم ولود، ولكن ولادتها لأبنائها تكون بصعوبة = تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد ... فولدت ابناً ذكراً = هو المسيح وهو ذكر لأنه عريس الكنيسة). ومثل ذلك يرى الاسقف بولس الفغالي فيقول: (المرأة هي الكنيسة التي تتجذّر في تاريخ إسرائيل. الكنيسة في بعدها السماوي تلتحف بالمجد. وتلبس الإكليل علامة الغلبة) دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا. هذا، ولكن مولد الكنيسة بحسب الرأي السائد في المسيحية كان في يوم الخمسين، ففي مذكرات تاريخ الكنيسة المسيحية للقمص ميخائيل جريس ورد: (7- أيام الانتظار ومولد الكنيسة .. بعد أن أرتفع السيد المسيح عن تلاميذه عند جبل الزيتون، وصعد إلى السماء، ورجعوا إلى أورشليم ... في اليوم الخمسين لقيامة السيد المسيح، وفي الساعة الثالثة بالتوقيت العبري "التاسعة صباحاً بتوقيتنا" أثناء احتفالات اليهود في أورشليم بأحد أعيادهم الكبرى وهو عيد الخمسين ... لقد أختار الرب هذه المناسبة عند اليهود موعداً لمولد كنيسته ..).
[21] . من يراجع كلمات المفسرين يلاحظ التخبط والاحراج الشديد في بيان ذلك، يقول الاسقف بولس الفغالي: (المرأة التي ولدت الطفل هي الشعب الذي يشعّ في مجد النعمة الإلهية (الشمس) والعهد (إثنا عشر). وينظر الكاتب في الوقت عينه إلى شعب العهد القديم وشعب العهد الجديد) دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا.
وأما القمص تادرس يعقوب، فيقول: (.. ويقول الأب هيبوليتس: [واضح جدًا أنه قصد بالمرأة المتسربلة بالشمس الكنيسة التي أمدها بكلمة الآب إذ بهاؤها يفوق الشمس]. ويشير بقوله "القمر تحت رجليها" إلى كونها قد تجلت بمجد سماوي يفوق القمر. كما تشير العبارة "وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا" إلى الإثنى عشر رسولاً الذين أقاموا الكنيسة).
[22] . واضح جداً أنّ عيسى ( لم يرعَ جميع الأمم بعصا من حديد فيما مضى، كما أنّ الكثير منهم ينكر مجيئه الثاني، فمتى سيرعاها إذن ؟! يقول انطنيوس فكري في شرحه: (فلا معني لما يقوله الالفيون الذين يؤمنون بأن المسيح سيأتي ثانية علي الارض ليحكم فترة 1000 سنة وفيها سيقيد الشيطان ويسود العالم السلام فيسكن الذئب مع الخروف ... الخ. فهذه التشبيهات رمزية وهي تشير للسلام الذي يسود قلوب المؤمنين والذي اتي به المسيح ملك السلام).
[23] . تمحّل بعضهم ليقول: (باقي نسل المرأة هم المسيحيون الذين شاركوا المصلوب، فدفعتهم هذه المشاركة إلى إعلان إيمانهم..) دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا لبولس الفغالي. وردّه واضح، وهو أنّ نسل المرأة المذكورين مكلفون من الله بحفظ وصاياه أي أنهم خلفاء لله ورسل منه وقادة للخير، وليس عامة المؤمنين.
[24] . يقول الاسقف بولس الفغالي عن فقرات الرؤيا: (.. فتجعلنا نعيش الأمور التي حصلت أو تعلن أموراً سوف تحصل. هي ترسل أنظارنا إلى الأمام لا إلى الوراء)، ثم يقول: (.. لا شكّ أن هناك عرضاً في ترتيب تاريخي (قبل وبعد)، ولكن النهاية موجودة في البداية وما يُروى في الماضي سيأتي في المستقبل. نحن في "أبدية" يتعاصر فيها كل شيء) دراسات في الكتاب المقدس - رؤيا القديس يوحنا.
وبذلك يظهر بطلان أقوال بعض مفسري الكتاب المقدس الذين فسروا الاثنا عشر كوكباً بأسباط العهد القديم ورسل العهد الجديد. كما أنّ عدة آيات واضحة من سفر الرؤيا تشير إلى أنها تتكلم عن أمر غيبي مستقبلي، ففي الاصحاح 1: «19 فاكتب ما رأيت وما هو كائن وما هو عتيد أن يكون بعد هذا». وفي الاصحاح 4: «1 بعد هذا نظرت واذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً اصعد الى هنا فاريك ما لابد أن يصير بعد هذا».
[25] . مسألة تعدد مصداق النبوءة أمر تقره الكنيسة أيضاً، وهذا مثال يتعلق ببيان مصداق "الابن المدعو عمانوئيل وأمه العذراء" في العهد القديم، ففي قاموس الكتاب المقدس ورد: (.. أن النبوة مزدوجة المرمى، كالكثير من نبوات العهد القديم، فعمانوئيل والعذراء رمزان، فالعذراء يرمز بها - في المرمى القريب - إلى امرأة إشعياء أو امرأة آحاز، وفي المرمى البعيد إلى العذراء مريم. و"عمانوئيل" يرمز في المرمى القريب إلى "مهيرشلال حاش بز" أو إلى "حزقيا"، أما في المرمى البعيد فإلى الرب يسوع. ولا شك في أن النبوة كانت - في مرماها البعيد - تتعلق بولادة الرب يسوع المسيح من مريم العذراء).
[26] . فمثلاً: من النصوص الأساسية التي يذكرها المسيحيون للتبشير بعيسى ( في العهد القديم، هو ما ورد في سفر اشعيا (7: 14)، ولكنه بالنهاية رمز ولا يتضمن تصريحاً بالاسم، قال المفسر د. وليم ماكدونالد في بيان اسم عيسى: (عندئذ أعلن الملاك جنس الطفل الذي سيولد، واسمه ومهمّته. ذلك أنّ مريم كانت ستلد ابنًا، وتدعو اسمه يسوع الذي يعني "يهوه (الربّ) هو الخلاص" أو "يهوه (الربّ) المخلص". فهو سيخلّص شعبه من خطاياهم تمامًا كما يُعلن اسمه). وعن نبوءة اشعيا يقول: (إنّ نبوّة إشعياء 7: 14 تضمّنت التنبؤ بميلاد فريد: «هوذا العذراء تحبل» وبجنس الطفل، «وتلد ابنًا»، وباسم الطفل، «وتدعو (هي) اسمه عمّانوئيل». وأضاف متّى قائلاً «عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا». هذا ولا يوجد أي دليل يشير إلى أنّ الرب يسوع دُعي عمّانوئيل أثناء وجوده على الأرض، فلقد كان دائمًا يُدعى يسوع ..) معهد عمواس للكتاب المقدس. فيتضح أن "عمانوئيل" رمز أوّلوه في"يسوع". وأما التصريح باسمه في العهد القديم فهو غير موجود، يقول قاموس الكتاب المقدس: (الصيغة العربية للاسم العبري "يشوع" لشخصين في العهد الجديد). وأما القديم فلا وجود له فيه.
[27] . أوضح السيد أحمد الحسن ( قانون معرفة خلفاء الله في أرضه في الكثير من كتبه المنشورة، وفي هذا الكتاب أشار إلى بعض النصوص أيضاً من التوراة والإنجيل. وأما من القرآن فهذا قوله ( في بيانه: (.. مقتضى الحكمة الإلهية هو وضع قانون لمعرفة خليفة الله في أرضه في كل زمان، ولابد أن يكون هذا القانون وضع منذ اليوم الأول الذي جعل فيه الله سبحانه خليفة له في أرضه، فلا يمكن أن يكون هذا القانون طارئاً في إحدى رسالات السماء المتأخرة عن اليوم الأول؛ لوجود مكلفين منذ اليوم الأول، ولا أقل أن القدر المتيقن للجميع هو وجود إبليس كمكلف منذ اليوم الأول، والمكلف يحتاج هذا القانون لمعرفة صاحب الحق الإلهي، وإلا فإنه سيعتذر عن إتباع صاحب الحق الإلهي بأنه لم يكن يستطيع التمييز، ولا يوجد لديه قانون الهي لمعرفة هذا الخليفة المنصب من قبل الله سبحانه وتعالى. والقدر المتيقن للجميع حول تاريخ اليوم الأول الذي جعل فيه الله خليفة له في أرضه هو: 1/ إن الله نص على آدم وإنه خليفته في أرضه بمحضر الملائكة وإبليس. 2/ بعد أن خلق الله آدم ( علَّمه الأسماء كلها. 3/ ثم أمر الله من كان يعبده في ذلك الوقت الملائكة وإبليس بالسجود لآدم ..) ثم ذكر الآيات من سورة البقرة (آية 30 فما بعد) وهي توضح ذلك. انظر: اضاءات في دعوات المرسلين/ الجزء الثالث - السيد أحمد الحسن.
[28] . يقول السيد أحمد الحسن ( في بيان قانون معرفة خليفة الله من جهة العقل والحكمة: (.. كما أنه وببساطة: أي إنسان يملك مصنعاً أو مزرعة أو سفينة أو أي شيء فيه عمال يعملون له فيه، لابد أن يُعيِّن لهم شخصاً منهم يرأسهم، ولابد أن ينص عليه بالاسم وإلا ستعمّ الفوضى، كما لابد أن يكون أعلمهم وأفضلهم، ولابد أن يأمرهم بطاعته ليحقق ما يرجو، وإلا فإن قَصَّر هذا الإنسان في أيٍ من هذه الأمور الثلاثة فسيجانب الحكمة إلى السفه، فكيف يُجِّوز الناس على الله ترك أيٍ من هذه الأمور الثلاثة وهو الحكيم المطلق) المصدر السابق.
[29] . الملاحظ للنصوص المذكورة يراها تشمل نوعين من النصوص:
الأول: النص المباشر من قبل خليفة الله على من يليه مباشرة كما في المثال الأول والثالث والرابع في نص موسى على وصيه يوشع ونص داود على خليفته سليمان. والثاني: النص غير المباشر، أي نص الخليفة الإلهي على من يأتي من بعده ولو بعد زمن كما في النص الثاني. وواضح أنّ كلا النوعين كافٍ في إثبات أحقية خليفة الله عند بيان حقه للناس، وقد رأينا تصريحات علماء الكنيسة بكفاية نص إشعيا وبشارته في المولود من العذراء في إثبات حق عيسى (. والقرآن يؤكد ذلك أيضاً، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ الصف: 6، مع أنّ أحمد / ليس الخليفة المباشر بعد عيسى (.
[30] . ذكر النص مجيء الرب وإشراقه وتلألؤه الحاصل في أماكن معينة (سيناء، ساعير، فاران). وتعالى الإله المطلق عن الإتيان والمجيء الملازم للحدوث، فلا يبقى إلا أن يكون ذلك بتجليه وظهوره بخاصة من خلقه. والآن، لو تجاوزنا سيناء التي كانت محل ظهور مجد الرب لموسى (، لنعرف إشراقه وطلوعه في ساعير (وهي القدس وما حولها)، فالحقيقة أنه لم يحصل ذلك في زمن موسى (، بل أنّ علماء الكنيسة يعتبرون النبوءة التي تذكر ساعير أمراً مستقبلياً ونصاً رمزياً في عيسى (.
وأما فاران فهي (مكة وما حولها)، التي نشأ فيها إسماعيل ( وبنى فيها مع أبيه الكعبة المشرفة وكانت موضع سكناه وبنيه، ومنها كان ظهور رسول الله محمد /، وسيتضح هذا أكثر عند بيان النص الأخير.
قال السيد أحمد الحسن (: (وردت هذه العبارة في دعاء السمات الوارد عن الأئمة /: ".. وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء، فكلّمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران (، وبطلعتك في ساعير، وظهورك في فاران ..". وطلعة الله في ساعير بعيسى (، وظهور الله في فاران بمحمد /. ولابد من الالتفات إلى أنّ عبارات الدعاء مرتّبة تصاعديّاً، فمن نبي "كلّمه الله" وهو موسى (، إلى نبي مثّل "طلعة الله" وهو عيسى (، إلى نبي مثّل "ظهور الله" وهو محمد /) كتاب النبوة الخاتمة - السيد أحمد الحسن.
[31] . إنّ هذه السنة الإلهية (وصايا خلفاء الله بمن يأتي بعدهم) الواضحة في النصوص المذكورة التي يؤمن بها اليهود والمسيحيون، قد أكدها القرآن كذلك، قال تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ البقرة: 132، وقال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ البقرة: 180، وعمل بها محمد / إذ أوضح في وصيته عند وفاته خلفاء الله من بعده وحددهم بأسمائهم.
[32] . نذكر هنا بعض الأمثلة من القرآن الكريم والعهدين القديم والجديد لإثبات ذلك:
* استدلال يوسف ( بالعلم والحكمة في تأويله رؤيا فرعون مصر، إذ ورد في سفر التكوين - الأصحاح 41: «15 فقال فرعون ليوسف: حلمت حلماً وليس من يعبره. وأنا سمعت عنك قولاً، إنك تسمع أحلاماً لتعبرها 16 فأجاب يوسف فرعون قائلاً: ليس لي. الله يجيب بسلامة فرعون»، ثم عبّرها له وقال: «33 فالآن لينظر فرعون رجلاً بصيراً وحكيماً ويجعله على أرض مصر». ومثله كانت رؤيا نوبخذنصر التي عجز أدعياء العلم وغيرهم عن تعبيرها فانزعج جداً وغضب، وبعد أن عبّرها له دانيال ( قال له: «... الله العظيم قد عرف الملك ما سياتي بعد هذا الحلم حق وتعبيره يقين 46 حينئذ خر نبوخذنصر على وجهه وسجد لدانيال وأمر بأن يقدموا له تقدمة وروائح سرور» سفر دانيال - الأصحاح 2.
* علم عيسى وحكمته، في إنجيل متى - الأصحاح 13: «54 ولما جاء إلى وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوات 55 أليس هذا ابن النجار أليست أمه تدعى مريم ..».
والنصوص في العهدين القديم والجديد كثيرة جداً. وأما القرآن فالآيات كثيرة أيضاً، فبالعلم والحكمة عُرف إبراهيم (: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾ مريم: 43. وموسى (: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ القصص: 14. وعيسى (: ﴿وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ الزخرف: 63. ومحمد /: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ الجمعة: 2.
[33] . حاكمية الله تعني بعبارة موجزة: أنّ الله سبحانه بيده أمر التشريع وكذلك تعيين المنفذ له، ولهذا كان خلفاء الله جميعاً كلهم معيّنون من الله ليس للناس في ذلك دخل أبداً، وواجبهم تجاههم هو الطاعة والتسليم، وهذه أمثلة من العهد القديم تشير إلى ذلك، فعن موسى ( ورد: «14 متى أتيت إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك وامتلكتها وسكنت فيها فان قلت اجعل علي ملكاً كجميع الأمم الذين حولي 15 فانك تجعل عليك ملكاً الذي يختاره الرب إلهك من وسط اخوتك تجعل عليك ملكاً لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك»سفر التثنية - الأصحاح 17.
وعن يشوع ( ورد: «1 وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى .... 10 فأمر يشوع عرفاء الشعب ...قائلاً 13 اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرب ... 16 فأجابوا يشوع قائلين كل ما أمرتنا به نعمله وحيثما ترسلنا نذهب 17 حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى 18 كل إنسان يعصى قولك ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل إنما كن متشدداً وتشجع» سفر يشوع - الأصحاح 1.
وبمثله صرح القرآن الكريم في آيات كثيرة، قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ آل عمران: 26، وقال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة﴾ البقرة: 30. ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾ النساء: 54.
[34] . ووعدهم أنهم إن أطاعوه كانوا أمة مقدسة: «5 فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب فإن لي كل الأرض 6 وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة ..» سفر الخروج - الأصحاح 19. ولكنهم تمردوا عليه ورفضوا أوامره، فكان نتيجة هذا العصيان أن الله عاقبهم بالتيه أربعين سنة: «11 لن يرى الناس الذين صعدوا من مصر من ابن عشرين سنة فصاعداً الأرض التي أقسمت لإبراهيم واسحق ويعقوب لأنهم لم يتبعوني تماماً 12ما عدا كالب بن يفنة القنزي ويشوع بن نون لأنهما اتبعا الرب تماماً 13فحمي غضب الرب على إسرائيل واتاههم في البرية أربعين سنة حتى فني كل الجيل الذي فعل الشر في عيني الرب» سفر العدد - الأصحاح 32.
يقول السيد أحمد الحسن (: (وكان نتيجة هذا التيه العقوبة الإصلاحية خروج أمة ربانية صالحة، وهم أبناء هؤلاء الفاسقين وأحفادهم، وقد حملوا كلمة لا إله إلّا الله مع يوشع بن نون وصي موسى (، وقاتلوا الجبابرة والطواغيت ونصروا دين الله في أرضه) كتاب العجل - الجزء الأول.
[35] . وليس بوسع أحد أن يصور أنّ كل بني إسرائيل هم المقصودون بالأمة العظيمة، إذ ورد في سفر العدد - الأصحاح 14: «11 وقال الرب لموسى حتى متى يهينني هذا الشعب وحتى متى لا يصدقونني بجميع الآيات التي عملت في وسطهم 12 إني أضربهم بالوبا وأبيدهم وأصيرك شعباً أبر وأعظم منهم». ومن الإنجيل نذكر مثالاً لمصداق العظمة عند الله سبحانه وتعالى: «30 فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله 31 وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع 32 هذا يكون عظيماً، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه» إنجيل لوقا - الأصحاح1. ومثل هذه العظمة ذكرت ليوحنا المعمدان (يحيى () أيضاً، فهما عظيمان لأنهما خليفتان لله. فالأمة العظيمة من ذرية اسماعيل ( هم محمد وآل محمد /، قال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾ النساء: 54.
[36] . ورد في سفر التكوين (21: 21) عن سكن إسماعيل (: «سكن في البرية وكان ينمو رامي قوس وسكن في برية فاران وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر». وفي (25: 18) منه ورد: «وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر». وحويلة كما في قاموس الكتاب المقدس: (مقاطعة في بلاد العرب .. والصلة بين حويلة وحضرموت وأماكن أخرى تشير إلى موقع في وسط البلاد العربية أو جنوبها). وكون حضرموت في اليمن لا شك فيه، وأما شور فهي جنوب فلسطين بمحاذاة مصر. فالمنطقة اذن محصورة بين حدود دولة اليمن الحالية وجنوب فلسطين. وهو ما كان يعرفه اليهود جيداً، لذا نجدهم استوطنوا تلك المنطقة وبنوا خيبر في المدينة المنورة شمال مكة التابعة يومذاك لليمن جغرافياً استقبالاً منهم للنبي المنتظر الموصوف بأنه يماني.
تعلّق الترجمة اليسوعية الكاثوليكية للكتاب المقدس على سفر التكوين (25: 18) قائلة: (أحفاد إسماعيل هم عرب الصحراء وحياتهم حياة الترحال والاستقلال وهذا يذكرنا بالعصر الجاهلي وشعره) هامش صفحة 91 - الطبعة السادسة. وهذا هو حال شبه الجزيرة العربية التي منها ظهر وجاء الرسول الأكرم محمد / وتلألأ نوره.
ثم إنّ تحديد برية فاران أمر غير محسوم لدى مفسري العهدين، وعلى من يصر منهم أنها جنوب سيناء أن يخبرنا عن حدث مهم غيَّر وجه الإنسانية ظهر من هناك بعد موسى وعيسى عليهما السلام بحيث استحق صاحبه أن يكون ظهوره ومجيئه بمثابة ظهور الله ومجيئه، وعليه أن يجيب عما ورد في سفر التكوين (17: 20): «وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا. اثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة»، فأين آثار تلك الأمة العظيمة في جنوب سيناء أو أنّ الله وحاشاه أخلف وعده بنظرهم ؟!!
قال السيد اليماني أحمد الحسن (: (إنّ مسألة اليماني ليست جديدة، بل محمد / أيضاً كان معروفاً عند أهل الكتاب ومبشراً به على أنه اليماني، لهذا ترك اليهود أرض الميعاد المهمة جداً عندهم واستوطن كثير منهم أرض اليمن، أي المسماة باليمن تاريخياً وليس حالياً فقط، والمدينة أيضاً من اليمن. ولا يزال اليهود في اليمن مستوطنين إلى اليوم؛ لأنهم أيضاً مبشرون باليماني وينتظرونه، أي بمحمد / وباليماني من ذريته، تماماً كالبشارة بأحمد وأنها تنطبق على أكثر من مصداق في أزمان مختلفة. فاليماني الأول محمد بُعث في اليمن أي في مكة لأنها من اليمن، واليماني الثاني من ذرية اليماني الأول يُبعث في المشرق في مسيرة عودة الإبراهيمية إلى موطنها الأصلي العراق. ولذا كان أكثر قبور الأئمة في العراق مع أنهم لم يولدوا في العراق، هذه مشيئة الله، ليثبتوا عودة الدين الإبراهيمي إلى العراق باليماني الموعود به في الديانات الثلاث..) رسالة في إثبات وحدة شخصية المهدي الأول والقائم واليماني - علاء السالم.
[37] . جاء في قاموس الكتاب المقدس: ("تِيمن": الصحراء الجنوبية، انظر تيمان) وفي شرح كلمة تيمان: (تَيْمان: اسم عبري معناه "اليميني أو الجنوبي").
[38] . كمثال: يقول الكاتب الفرنسي (موريس بوكاي) في كتابه (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم): «أما الوحي القرآني الذي نزل عقب ستة قرون من المسيح، فقد احتفظ بالعديد من تعاليم التوراة والإنجيل اللذين أكثر من ذكرهما، بل وفرض على كل مسلم الإيمان بالكتب السابقة (سورة 4 آية 136) كما أبرز المكانة المهمة التي شغلها في تاريخ الوحي رسل الله كنوح وإبراهيم وموسى؛ وعيسى الذي كان له من بينهم مقام مرموق؛ وقد أظهر القرآن ولادته - كما في الإنجيل - كحدث معجز، كما كرم والدته مريم تكريماً خاصاً وأطلق اسمها على السورة رقم "19". ولا مفر من الاعتراف بأن هذه التعاليم الإسلامية مجهولة على العموم في بلادنا الغربية، وقد يعجب البعض من هذا ! ولكن سرعان ما يزول ذلك إذا ذكرنا الطريقة التي لُقن بها العديد من الأجيال الغربية قضايا الإنسانية الدينية، والجهالة التي تُركوا فيها تجاه كل ما يخص الإسلام..».
[39] . حديث الفرقة الناجية مشهور وصحيح عند كل المسلمين (شيعة وسنة)، وقد ورد في: سنن أبي داود، وابن ماجة، وسنن البهيقي، والترمذي، وصحيح ابن حبان، ومسند أحمد بن حنبل، وغيرها الكثير.
[40] . وقد أجاب السيد أحمد الحسن وأنصاره الكثير من الشبهات في الكتب المنشورة في موقع الدعوة الرسمي، والإشكال مهما بلغ لا يمكن أن يواجه به دليل رسل الله، انظر: www.almahdyoon.org
[41] . (ما بال القرون الأولى، أي هل كان آباؤنا على خطأ ؟!) السؤال الذي يتردد على ألسنة المعترضين على أنبياء الله ورسله دائماً، فبدل أن يذعن الكبراء وأتباعهم لأدلة المرسلين يحملون الناس على مواجهة الرسل بهذه الكلمات، في ذات الوقت الذي يعجزون فيه على مواجهة بينات الرسل وحججهم، أو إقامة الدليل على ما هم عليه سوى إرث الآباء والأجداد.
[42] . تمكّن العلماء في جامعة أكسفورد باستخدام تقنيات تصوير متطورة قراءة أقسام من أقدم مخطوط لكتاب رؤيا يوحنا وهي البردية 115 (P115) التي اكتشفت في أوكسيرينخوس (البهنسا)، تعود القطعة لمنتصف القرن الثالث وفيها رقم الوحش (616) (χ ι c) باستعمال (ι) بدل (ξ) كما في معظم المخطوطات. ويعتقد ديفيد باركر أستاذ النقد النصي للعهد الجديد الباليوغرافيا في جامعة بيرمنغهام أن الرقم 616 هو الرقم الأصلي رغم أن الرقم (666) أسهل للتذكر، وقال: (إن العلماء ناقشوا كثيراً الموضوع وهناك اختلاف والذي يبدو الآن أن 616 هو الرقم الأصلي للوحش وهو الارجح بما أن المخطوطة تسبق بمائة سنة تقريباً النسخ الأخرى).
[43] .كتاب الجهاد باب الجنة للسيد أحمد الحسن، وهذا نص منه: (الجهاد في الأديان الإلهية: الجهاد أو القتال لإعلاء كلمة الله ونشر التوحيد والدين الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى قضية قررها الله سبحانه، وحث عليها المؤمنين وأوجبها عليهم وواعد من جاهد في سبيله الجنة وتوعّد من أعرض عن الجهاد بالنار. والأنبياء والمرسلون / هم حملة كلمة الله سبحانه وهم حملة راية الجهاد والقتال في سبيل الله سبحانه، وهذا تاريخ الأنبياء والمرسلين / بين يديك تصفّحه في التوراة والإنجيل والقرآن لتجد موسى ( يحمل سيفه ويتأهّب لدخول الأرض المقدسة، ويوشع بن نون ( يحمل سيفه ويدخل الأرض المقدسة، وداوود ( يقضي أيامه في القتال لإعلاء كلمة الله ونشر التوحيد ... ثم إنّ عيسى ( يقول لأتباعه: «من أراد أن يتبعني فليحمل خشبته على ظهره»، أي إنه يدعو للثورة على الظلم والفساد ويأمر أتباعه بالجهاد والقتال في سبيل الله، فالخشبة في ذلك الزمان نظير الكفن عندنا اليوم، أي كأنه يقول لأتباعه من أراد أن يتبعني فليحمل كفنه معه ...
جاء في التوراة (العهد القديم/ سفر يشوع - الإصحاح العاشر) :«34 ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لخيش إلى عجلون فنزلوا عليها وحاربوها 35 وأخذوها في ذلك اليوم وضربوها بحد السيف وحرم كل نفس بها في ذلك اليوم حسب كل ما فعل بلخيش 36 ثم صعد يشوع وجميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون وحاربوها 37 وأخذوها وضربوها بحد السيف مع ملكها وكل مدنها وكل نفس بها. لم يبق شارداً حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس بها 38 ثم رجع يشوع وكل إسرائيل معه إلى دبير وحاربها 39 وأخذها مع ملكها وكل مدنها وضربوها بحد السيف وحرموا كل نفس بها. لم يبق شارداً، كما فعل بحبرون كذلك فعل بدبير وملكها وكما فعل بلبنة وملكها 40 فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها. لم يبق شارداً بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل 41 فضربهم يشوع من قادش برنيع إلى غزة وجميع أرض جوشن إلى جبعون 42 وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل 43 ثم رجع يشوع وجميع إسرائيل معه إلى المحلة إلى الجلجال» .... هذه صورة لجانب من الأيام التي قضاها يوشع بن نون ( في الجهاد والقتال لإعلاء كلمة الله ونشر دين الله والتوحيد على هذه الأرض).
[44] . كمثال: جاء في مقدمة كتاب قانون الإيمان للبابا شنودة: (... وأهمية قانون الإيمان هو أن جميع كنائس العالم المسيحي تؤمن بقانون إيمان واحد تقره جميع الكنائس، ولذلك كان لابد أن يضعه مجمع مسكوني يضم ممثلي كل الكنائس المسكونة.
القانون الذي بين أيدينا صيغ في مجمع نيقية المسكوني سنة 325 م وهو أول المجامع المسكونية، وذلك رداً على البدعة الآريوسية التي أنكرت لاهوت المسيح ..كل كنائس العالم - وإن اختلفت في بعض العقائد - تؤمن بكل بنود قانون الإيمان. هذا وأية طائفة لا تؤمن بكل ما في قانون الإيمان لا تعتبر مسيحية. مثل شهود يهوه والسبتيين، الذين يؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه "حسب ترجمه خاصة بهم". ولكنهم لا يؤمنون بكل العقائد المسيحية التي وردت في قانون الإيمان..).
[45] . استخدام الآية الواحدة بمعزل عن باقي الكتاب أمر يحذر من خطورته أيضاً المسيحيون ويرفضه علماؤهم، ولذلك نجد مثلاً البابا شنودة عقد فصلاً خاصاً في كتابه "كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي" وأسماه "خطورة استخدام الآية الواحدة"، وكذلك الأنبا بيشوي مطران دمياط في كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان حيث الفقرة 115 أيضاً تحمل نفس العنوان "خطورة استخدام الآية الواحدة". وهذا نص كلام البابا شنودة: (في موضوع الخلاص أيها الاخوة - كما في أي موضوع آخر - احترسوا جداً من خطورة استخدام واحدة من الكتاب المقدس. إن الكتاب المقدس ليس هو مجرد آية أو آيات، وإنما هو روح معينة تتمشى في الكتاب كله. الشخص الجاهل يضع أمامه آية واحدة، أو أجزاء من آية، فاصلا إياها عن ظروفها وملابساتها وعن المعنى العام كله، أما الباحث الحكيم، الذي يتوخى الحق فإنه يجمع كل النصوص التي تتعلق بموضوع بحثه، ويرى على أي شيء تدل ..).
[46] . ورد في قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة "قتل": (القتل الجائز: ويكون القتل حلالاً أو واجباً في الحالات الآتية كما ذُكِر من أحداث الكتاب ... ج- وتقضي الشريعة بقتل الأعداء في الحرب بلا هوادة. وقد أوصى بعض الأنبياء بتحريم بعض أعداء الله الأردياء أي أوصى بإبادتهم هم ومواشيهم..).
بل اعتبر علماء الكنيسة الجهاد ومقاومة المحتل والدفاع عن الأوطان قيم ثابتة وأساسية، قال الباب شنودة الثالث: (.. ومن القيم الثابتة الأساسية التي تلزم لكل إنسان: محبة الوطن والدفاع عنه، والتضحية من أجله بالدم، إذا احتاج الأمر) مقالة "القيم والمبادئ بين مسميات ومفاهيم" - منشور في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 6/ 8/ 2006.
[47] . وهذا أمر تقره فطرة الإنسان وجميع الكتب السماوية، وقد نقلنا بعض نصوص العهد القديم الذي يؤمن به اليهود والمسيحيون، وأيضاً هو أمر تقره جميع المجتمعات البشرية دينية كانت أو لا دينية.
[48] . ورد في العهد القديم: (1 فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر بن جلعاد بن ماكير بن منسى، من عشائر منسى بن يوسف. وهذه أسماء بناته: محلة ونوعة وحجلة وملكة وترصة 2 ووقفن أمام موسى وألعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع قائلات 3 أبونا مات في البرية ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح، بل بخطيته مات ولم يكن له بنون 4 لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن ؟ أعطنا ملكاً بين إخوة أبينا 5 فقدم موسى دعواهن أمام الرب 6 فكلم الرب موسى قائلاً 7 بحق تكلمت بنات صلفحاد، فتعطيهن ملك نصيب بين إخوة أبيهن، وتنقل نصيب أبيهن إليهن 8 وتكلم بني إسرائيل قائلاً: أيما رجل مات وليس له ابن، تنقلون ملكه إلى ابنته 9 وإن لم تكن له ابنة، تعطوا ملكه لإخوته 10 وإن لم يكن له إخوة، تعطوا ملكه لإخوة أبيه 11 وإن لم يكن لأبيه إخوة، تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه. فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء، كما أمر الرب موسى) سفر العدد - الأصحاح 27. هذا قانون الإرث الوارد في التوراة والذي يعتقد به اليهود والمسيحيون وليس فيه مساواة بين المرأة والرجل، بل فيه أنّ البنت لا ترث بوجود الابن. يقول القس انطونيوس فكري: (.. وكان قانون جديد أنه إن لم يكن للمتوفى ابن فترثه بنته وإن لم يكن له إبنة فإخوته أو أعمامه أو أقرب من لهُ في عشيرته) شرح الكتاب المقدس - تفسير سفر العدد.
[49] . رغم بداهة هذا الأمر، ولكني سأنقل نصاً للبابا شنودة الثالث: (.. فإذا بحثنا فى الكتاب المقدس وتقاليد الكنيسة القديمة نجد ما يلي: 1- عدم قيام المرأة بالتعليم في الكنيسة: وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول: "لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت. لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل". ونلاحظ أن تعليم القديس بولس الرسول في هذا المجال قد قدم تبريراً لهذا المنع لا علاقة له بالظروف الاجتماعية السائدة في ذلك الزمان ولا بالظروف الخاصة للكنيسة التي كان يرعاها تلميذه تيموثاوس، بل استند إلى أمور تخص الرجل والمرأة منذ بداية الخليقة ..... 11- عقبات عملية :هناك عقبات عملية بالنسبة للمرأة في فترات الحمل والولادة والرضاعة الأمور التي تأخذ بسببها بعض النساء الموظفات عطلات طويلة من وظائفهن. وربما يؤدي الانشغال بعمل الكهنوت إلى إهمال وظيفة ربة البيت تماماً بما في ذلك تربية الأطفال..) رأي الكنيسة الأرثوذكسية في كهنوت المرأة.
[50] . انظر الملحقين (1) و (2). وأما النص فقال ( في كتاب التوحيد ما يلي: (فصل الخطاب من الإنجيل"عيسى سلام الله عليه يجهل الساعة": عيسى يقول عن نفسه إنه يجهل الساعة التي تكون فيها القيامة الصغرى: «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب»، والجهل نقص بينما اللاهوت المطلق كامل مطلق لا يعتريه نقص أو جهل؛ لأنه نور لا ظلمة فيه، فالجهل يعتري المخلوق لوجود الظلمة في صفحة وجوده. إذن، عيسى ( نور وظلمة وهذا يثبت المطلوب أنّ عيسى ليس لاهوتاً مطلقاً، بل عبد مخلوق من ظلمة ونور، وليس نوراً لا ظلمة فيه تعالى الله علواً كبيراً. وفي هذا فصل الخطاب وبيان وموعظة لأولي الألباب..).
[51] . وهذه بعض أقواله: «.. ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ..» انجيل متى: 26. «.. ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شئ مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس ..». مرقس: 14. «.. وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تُجز عني هذه الكأس ..» لوقا: 22.
[52] . سيأتي مزيد توضيح عن مسألة الشبيه في الموضوع القادم، وبخصوص أهمية الصلب والفداء انظر الملحق رقم (4).
[53] . انظر ملحق رقم (3).
[54] . يعترف القمص عبد المسيح بسيط في كتابه "إنجيل يهوذا هل يؤثر اكتشافه على المسيحية" بأنّ هذا الانجيل موجود سنة 180 م، وهو رغم تعريضه به لكن يهمني الآن اعترافه بقدم الوثيقة، يقول في ذكر الفرقة المسيحية المعتقدة بما فيه: (كان أول من ذكر هذه الفرقة وعقائدها من آباء الكنيسة الأولى، وكتب عن تأليفهم لإنجيل يهوذا، هو القديس إيريناؤس أسقف ليون بالغال "فرنسا حالياً" سنة 180م، وهذا الرجل كان تلميذاً للقديس بوليكاربوس الذي كان بدوره تلميذاً للقديس يوحنا تلميذ المسيح). والتاريخ الذي يقدمه القمص يعني أنّ ما يعتقد به بعض المسيحيين مما هو وارد في إنجيل يهوذا كان قبل بزوغ الإسلام وقبل مجمع نيقية المعقود سنة 325 م، انظر الملحق رقم (2).
[55] .جدير ذكره أنّ ما دعا علماء الكنيسة إلى الطعن بإنجيل يهوذا هو حملهم "يهوذا" المذكور فيه على يهوذا الاسخريوطي، قال الانبا بيشوي: (237- كيف يكون يهوذا هو كاتبه ؟ كيف يكون يهوذا الإسخريوطي هو الذى كتبه ويهوذا كان قد انتحر بعد أن سلم السيد المسيح ؟ فمتى كتبه ؟ خاصة أنه كتب عن الساعات الأخيرة التي سبقت الصلب) سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان. وشبيه به قول العالم الكاثوليكي توماس دي وليامز "عميد كلية اللاهوت في جامعة ريجينا في روما" عن إنجيل يهوذا: (.. وثيقة ترسم يهوذا الاسخريوطي في ضوء إيجابي).
وأقل ما يقال عن هكذا فهم: إنه خيانة علمية وإيهام للناس؛ لأن إنجيل يهوذا ليس فيه تصريح بأنّ المدح المذكور فيه أو أنّ كاتبه هو "يهوذا الاسخريوطي" الخائن، إنما هذا فهم علماء الكنيسة ليس إلا. فاليقين بخيانة هذا اللعين يستدعي وفق الإنصاف والأمانة العلمية عدم حمل اسم "يهوذا" في هذه الوثيقة عليه، والبحث عن شخص آخر اسمه يهوذا كان موجوداً في وقت الصلب، بل كان هو المصلوب بدلاً عن عيسى ( بعد أن استجاب الله دعاءه وأبعد عنه كأس الصلب الذي طلب تنحيته عنه كما هو صريح إنجيل متى ومرقس ولوقا، وقد تقدمت النصوص.
[56] . تقدم بيان ما في قاموس الكتاب المقدس وشرحه كلمة "يَهوذا ابن يعقوب" وأنها بمعنى حمد، وسيأتي مزيد من التوضيح في معرفة الشبيه واسمه والنصوص المثبتة لهذه الحقيقة المخفية والتي تخبط في بيانها الجميع في النقطة اللاحقة.
[57] . للمزيد راجع كتاب وصي ورسول الإمام المهدي في التوراة والإنجيل والقرآن، ورسالة الهداية، للسيد أحمد الحسن، وكذا باقي كتبه التي كشفت الكثير من الحقائق الإلهية المجهولة لدى علماء الأديان.
وهذا رابط تحميلها: http://vb.al-mehdyoon.org/t4451.html
[58] . كتاب المتشابهات بأجزاء أربعة للسيد أحمد الحسن (، أوضح فيه ما تشابه في مسائل العقيدة، وفي الجزء الرابع تعرض إلى مسألة الشبيه المصلوب، انظر: الملحق رقم (5).
[59] . بالنسبة إلى المسيحيين، فيكفي في بيان اختلافهم وعدم اتضاح الحقيقة لهم وجود فرق منهم تؤمن بما في إنجيل يهوذا، وهم مسيحيون ولا تستطيع الكنيسة الحالية سلبهم هويتهم، للمزيد انظر ملحق رقم (3).
وأما بالنسبة إلى المسلمين، فأكتفي بنقل قول عالمين من علماء المسلمين:
الأول: للطبري السني (ت: 310 هـ) إذ يقول: (.. واختلف أهل التأويل فـي صفة التشبيه الذي شُبِّه لليهود فـي أمر عيسى، فقال بعضهم: لما أحاطت اليهود به وبأصحابه، أحاطوا بهم، وهم لا يثبتون معرفة عيسى بعينه، وذلك أنهم جميعاً حُوّلوا في صورة عيسى، فأشكل على الذين كانوا يريدون قتل عيسى، عيسى من غيره منهم، وخرج إليهم بعض من كان في البيت مع عيسى، فقتلوه وهم يحسبونه عيسى.. وقال آخرون: بل سأل عيسى من كان معه في البيت أن يُلْقَـى على بعضهم شبهه، فانتدب لذلك رجل فأُلقي عليه شبه، فَقُتل ذلك الرجل ورُفع عيسى ابن مريم () جامع البيان.
والثاني: للشيخ الطوسي (ت 460 هـ) حيث يقول: (واختلفوا في كيفية التشبيه الذي شبه لليهود في أمر عيسى فقال وهب بن منبه ...)، ثم نقل أقوال المفسرين في ذلك، انظر: التبيان: ج3 ص382 - 385.
فشخصية المصلوب ومجريات ما حصل إذن مجهولة لدى علماء المسلمين، تماماً كمجهوليتها لدى علماء الكنيسة، فهم وإن كانوا اليوم يتبنى أغلبهم القول بأنّ عيسى هو من صلب، إلا أنّ المسيحين الأوائل كان لديهم قول آخر، كما أنهم عاجزون في نفس الوقت عن التوفيق بين ذلك وبين نصوص إنجيلية توضح أنّ المصلوب شخص آخر كما بينها السيد أحمد الحسن في كتابه هذا بأروع بيان.
[60] . بالرغم من وضوح هذا، لكن علماء الكنيسة مرة أخرى يلجأون الى مسألة الاقانيم ليبرروا مخاطبة عيسى لأمه بيا امرأة، يقول القمص تادرس يعقوب في تفسيره: (لم يقل "يا أماه" بل "يا امرأة"، لأن ما يمارسه بخصوص تحويل الماء خمرًا لا يصدر بكونه إنسانًا أخذ جسدًا منها، وإنما بعمل لاهوته)، وكأنّ هذه العقيدة الباطلة شماعة يعلقون عليها أوهامهم متى ما شاءوا !!
[61] . وللمثال أنقل نصين، الأول: لبدر الدين العيني إذ يقول في بيان "وما قتلوه وما صلبوه لكن شبه لهم": (.. وذلك أنهم لما نصبوا له خشبة ليصلبوا عليها، ألقى الله تعالى شبه عيسى على الذي دلهم عليه، واسمه: يهوذا، وصلبوه مكانه، وهم يظنون أنه عيسى، ورفع الله عيسى إلى السماء ..) عمدة القاري في شرح صحيح البخاري: ج12 ص35.
الثاني: للمفسر الشيعي ناصر مكارم الشيرازي، إذ يقول: (يستنتج من نصوص جميع الأناجيل أن المقبوض عليه قد اختار الصمت أمام "بيلاطيس" الحاكم الرومي لبيت المقدس - آنذاك - ولم يتفوه إلا بالقليل دفاعا عن نفسه ويستبعد كثيرا أن يقع عيسى المسيح في خطر كهذا ولا يدافع عن نفسه بما يستحقه الدفاع عن النفس، وهو المعروف بالفصاحة والبلاغة والشجاعة والشهامة. ألا يحتمل في هذا المجال أن يكون شخص آخر - ك "يهوذا الأسخربوطي" الذي خان ووشى بعيسى المسيح وكان يشبهه كثيراً - قد وقع هو بدل المسيح في الأسر وأنه لهول الموقف قد استولى عليه الخوف والرعب، فعجز عن الدفاع عن نفسه أو التحدث أمام الجلادين بشئ..) تفسير الأمثل: ج3 ص529.
ويجيب مركز الأبحاث العقائدية التابع للسيستاني عن الشبيه فيقول: (.. من المسلَّم به أن إلقاء القبض على المسيح حصل نتيجة خيانة أحد الحواريين وهو يهوذا الاسخريوطي والقرآن الكريم يثبت أن المسيح الذي ألقي القبض عليه ثم صلب شُبِّه لهم، أي أن الله تعالى عاقب يهوذا الخائن وشبهه بالمسيح وصلب هو بدلاً عن المسيح: "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم" النساء: 157. وبذلك يتضح الغموض الإنجيلي والتناقض العجيب في بيان كيفية نهاية يهوذا حيث اختلفت الأناجيل في توبته وندمه وعدم ذلك، وكذلك اختلفوا في كيفية موته بل حتى في موته أصلاً، فلنا الحق أن نقول خائن مثل يهوذا كيف تغافل عنه المسيحيون آنئذٍ ولو بعد حين كيف تركوه وتركوا أخباره وتركوا معرفة مصيره الذي ينبغي الاهتمام به وجزائه وخزيه في الدنيا ليزداد الناس إيماناً واطمئناناً؟).
مركز الابحاث العقائدية التابع للسيستاني http://www.aqaed.com/faq/2052/
[62] .سيأتي بعد قليل بيان الروايات من كتب الشيعة والسنة.
[63] . في المصدر: (قلبت) والصحيح ما أثبتناه. وفي طبعة مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان، ط1 لسنة 1428 هـ - 2007 م، ص700 – 701، بلفظ (قبلت)، كما اثبتناه.
[64] .ظهور الروح أو الملاك في جسد أمر ثابت في العهدين القديم والجديد كظهوره لهاجر (انظر: تكوين - 16: 7)، ومريم ويعقوب، يقول انطونيوس فكري عند تفسير ظهور الملاك ليعقوب: (المخلوقات الروحية كالملائكة لا يمكننا أن نراها إلا إذا أخذت شكلاً محسوساً نراه بها، وذلك حين يريد الله ويسمح بذلك) تفسير لوقا - أصحاح1.
وأما مسألة ظهور جبرئيل ( بصورة دحية الكلبي فهو أمر معروف جداً عند جميع المسلمين، وسأكتفي بأمثلة مختصرة:
عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن أبي عبد الله (، قال: (إن أبا ذر أتى رسول الله / ومعه جبرئيل ( في صورة دحية الكلبي وقد استخلاه رسول الله، فلما رآهما انصرف عنهما ولم يقطع كلامهما ..) الكافي - الشيخ الكليني: ج2 ص587.
قال الشيخ المفيد: (وأما الروايات في رؤية الملائكة بصورة إنسان في الأمم السابقة وفي هذه الأمة فلا تعد ولا تحصى فقد روى رؤية بعض الصحابة جبرئيل بصورة دحية الكلبي ..) أوائل المقالات: ص288.
وروى النسائي في سننه: (أخبرنا محمد بن قدامة، عن جرير، عن أبي فروة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة وأبي ذر ... وإنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن الناس وجهاً .... وإنه لجبريل نزل في صورة دحية الكلبي) سنن النسائي: ج8 ص101 – 103.
وأخرج الألباني في السلسلة الصحيحة، عن ابن عمر قال: (كان جبريل يأتي النبي / في صورة دحية الكلبي) ج3 ص104 تحت رقم 111، وقال عنه: "وإسناده صحيح على شرط مسلم.
قال ابن حجر: (هل من الملائكة صحابة ؟ الملائكة أجسام نورانية قادرة على التشكيل والظهور بأشكال مختلفة، وهي تتشكل بأشكال حسنة، شأنها الطاعة وأحوال جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم حين تبليغه الوحي وظهوره في صورة دحية الكلبي تؤيد رجحان هذا التعريف للملائكة على غيره) الإصابة: ج1 ص9.
[65] . هذا الملحق هو نص ما ذكره السيد أحمد الحسن في كتاب التوحيد، وما فيه من تعليقات هي بقلمه (.
[66] . وهذا أيضاً أمر فطري وعقلي وهو أن الحقيقة البسيطة المطلقة لا يمكن أن ينفصل عنها شيء مغاير لها أو متميز عنها، ولا يمكن أن يكون فيها أقسام أو أجزاء أو أصول أو أقانيم كما يسمونها متمايزة؛ لأن هذا يعني أنها حقيقة مركبة وليست بسيطة، والتركيب دلالة الافتقار وينفي عنها الغنى، وبالتالي لينفصل شيء ما متميز عن الحقيقة البسيطة المطلقة لابد من وجود حقيقة بسيطة مطلقة أخرى، وهذا أمر محال؛ لأن الحقيقة البسيطة المطلقة واحدة ولا يمكن أن تتعدد.
[67] .ولهذا تجدهم دائماً يقولون: إن الثالوث غير معقول ولا يدرك بالعقل، ولكن يجب الإيمان به.
[68] . هذا الملحق هو نص ما ذكره السيد أحمد الحسن في كتاب التوحيد، وما فيه من تعليقات هي بقلمه (.
[69] . يقصد به كتاب التوحيد، (المعلِّق).
[70] . «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب» مرقس: 13.
[71] . في الحقيقة هم لا يعتقدون بهذا، بل يعتقدون بالتمايز ولكن لكثرة تخبطهم وأقوالهم واختلافاتهم في محاولة ترقيع الخلل في عقيدة اللاهوت عندهم اضطررت أن أرد على ما قالوا وما يحتمل أن يقولوا.
[72] .[حضر افتتاح المجمع الإمبراطور قسطنطين الأول وبدأ مجمع نيقية جلساته في 20 مايو325، عقد المجمع بناء على تعليمات من الإمبراطور قسطنطين الأول لدراسة الخلافات بين آريوس وأتباعه من جهة وبين كنيسة الإسكندرية ممثلة بالكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) وأتباعه من جهة أخرى، حول طبيعة يسوع هل هي نفس طبيعة الرب أم طبيعة البشر. أنكر آريوس ألوهية يسوع فاعتقد بأنه كان هناك وقت لم يكن يسوع موجوداً فيه، واعتبره رفيعا بين مخلوقات الله ومِنْ صُنْعِهِ، كما اعتبر أن الروح القدس من صُنْعِ الله أيضا. بينما أكد الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) على أن طبيعة المسيح هي من نفس طبيعة الله و تغلب رأي الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) بالاقتراع الذي كان تحت سلطة الإمبراطور قسطنطين المؤيد لبابا الإسكندرية ورفض آريوس واثنان من القساوسة بإصرار التوقيع من ثم تم نفيهم إلى اليرا (حالياً البلقان) وحرقت كتب آريوس و سمي مذهبه ببدعة آريوس ووصم أتباعه إلى اليوم بلقب أعداء المسيحية.
ونتج عن مجمع نيقية أول أشكال قانون الاعتقاد بألوهية المسيح ألوهية مطلقة وبدأت علاقة الكنيسة بالسلطة بالتشكل بعد أن كانت كياناً دينياً. وبعد ثلاثة قرون من تطور الفكر الكنيسي واختلاطة بالأفكار والأديان المحيطة في كل الاتجاهات ومنها الوثنية الرومانية الديانة السابقة لقسطنطين أصبحت الكنيسة المدعومة من الإمبراطور الروماني هي المرجع والسلطة في تحديد من يدخل في نطاق الإيمان من عدمه).
هذا الكلام تقريباً مطابق لكل ما ورد عن الكنيسة وتاريخياً عن هذا المجمع بتصرف طبعاً، فلا أعتقد أن باحثاً منصفاً سيغفل عن إسناد قسطنطين لإلكسندروس وتثبيت عقيدته الوثنية في المسيحية، فبعد أن كان نصف القساوسة المسيحيين يؤيدون آريوس جعلهم الخوف من بطش قسطنطين يتراجعون، ومن لا يعلم من هو قسطنطين وكيف كان جبارا ويبطش بمن خالفه، ولو كان أقرب الناس منه فليراجع تاريخ هذا الطاغية الذي نشر المسيحية المحرفة في أوربا، والذي لم يتوانَ عن قتل أرحامه وأقرب الناس منه أن خالفوه. بينما تجد قساوسة اليوم يغضون النظر عن تاريخ قسطنطين الدموي ويصورون قسطنطين بأنه حمل وديع عقد المجمع وأعطى الحرية للجميع من وافقه ومن خالفه، ورغم أن نفي واضطهاد آريوس وتحريم اعتقاده بعد المجمع كاف للتعرف على الغاية والهدف من عقد هذا المجمع وهما القضاء على آريوس والاعتقاد بأن المسيح مجرد مخلوق ونشر الاعتقاد الوثني بالمسيح وإنه هو الله.
وهذا هو ما أقر في مجمع نيقية:
(ترجمة النص اليوناني:
نؤمن بإلهٍ واحد، آبٍ قادر على كل شيء، صانع كل الأشياء المرئيّة واللامرئيّة، وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح، ابن الله، مولود الآب الوحيد، أي من جوهر الآب، إله من إله، نور من نور، إلهٌ حق من إلهٍ حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزلَ وتجسَّد، تأنَّس، تألَّم وقام في اليوم الثالث الذي بواسطتهِ كل الأشياء وُجِدَت، تلك التي في السماء وتلك التي في الأرض [و] صعدَ إلى السماوات، آتٍ ليدين الأحياء والأموات وبالروح القدس، أما أولئكَ الذين يقولون: "كان هناك وقتٌ فيهِ (الكلمة) لم يكن"، و: "قبل أن يكون مولوداً لم يكن" وبأنّهُ وُجِدَ ممّا هو غير موجود أو يقولون عن كيان ابن الله أنهُ من شخص أو جوهرٍ آخر أو (أنه "مخلوق "!( أو أنهُ متحولٌ أو متغَيِّرٌ، أولئكَ( الكنيسة الجامعة تحرمهم.
وقام جميع الأساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون الإيمان هذا فيما عدا اثنين منهم - وربما أكثر - بالإضافة طبعاً إلى آريوس وجماعته).
ويقول بابا الأرثوذكس في مصر شنودة الثالث في كتابه طبيعة المسيح (كان آريوس ينكر لاهوت المسيح، ويرى أنه أقل من الآب في الجوهر، وأنه مخلوق. وما زالت جذور الأريوسية قائمة حتى الآن. حتى بعد أن شجبها مجمع نيقية المسكونى سنة 325 م، ظل أريوس والأريوسيون من بعده سبب تعب وشقاق وشك للكنيسة المقدسة).
وطبعاً شنودة الثالث هنا يعرض بشهود يهوه المذهب المسيحي الذي أخذ بالانتشار بشكل كبير في العالم المسيحي وخصوصاً في الغرب وشهود يهوه لا يقرون بكثير من ضلالات الكنيسة من أمثال الثالوث وأن الكلمة هي الله وغيرها من البدع، ومما يدل على أن القول بلاهوت المسيح هو بدعة ثبتت في مجمع نيقية هو أن نصف الحاضرين في مجمع نيقية كانوا يؤيدون آريوس أو محايدين وإن الاعتقاد بأن عيسى ( (يسوع) مجرد مخلوق كانت هي المنتشرة والسائدة في عهد آريوس وهذا أمر يعترف به القساوسة في كتبهم وإلى اليوم:
جاء في أبحاث في المجامع المسكونية المسيحية - للمطران بيشوي: (...... 4- مجمع نيقية: 1 ظروف انعقاده .........
ب- أما السبب المباشر لعقد المجمع فقد كان بدعة أريوس، لأن الإمبراطورية كادت تنقسم بسبب تلك البدعة ...........
انعقد المجمع المسكوني بأمر الملك قسطنطين خوفاً من الانقسام الحاد الحادث في الإمبراطورية بسبب بدعة أريوس. وكان انعقاده سنة 325م في نيقية بعدد 318 أسقفاً، كما ذكر القديس أثناسيوس الذي كان شاهد عيان وأحد أعضاء المجمع فى خطاب له فى البداية كان 16 أسقفاً مؤيدين لأريوس، و22 أسقفاً مؤيدين للبابا ألكسندروس، والباقي لم يكن موقفهم قد تحدد بعد. أما بنهاية المجمع فقد ظل أسقفين فقط مؤيدين لأريوس وهما سيكوندوس وثيئوناس اللذين رفضا التوقيع على إيمان المجمع مع الكهنة الملتصقين بهما، وفى أيام القديس إبيفانيوس كانت توقيعات الـ 318 الحاضرين فى نيقية لازالت موجودة. هذا كان بفضل شرح القديس أثناسيوس للإيمان ورده على إفتراءات أريوس، وفى هذا نرى مدى عظمة الدفاع السكندرى في المجمع. ولم يكن الوصول لقرار المجمع بالأمر الهين بل استدعى الأمر مجهوداً رهيباً .............
5- مجمع نيقية: 2) آريوس وهرطقته.........
مر وقت كاد فيه العالم كله تقريباً أن يصير أريوسياً لولا أثناسيوس. ففي وقت من الأوقات عزل الإمبراطور البابا الروماني وعين آخر مكانه ليوقع على قانون الإيمان الأريوسي، ولما عاد البابا من سجنه إلى كرسيه وقّع على قانون الإيمان الأريوسي الذي كان قد رفض التوقيع عليه من قبل. هذه هي المرحلة التى لم يبقَ فيها سوى أثناسيوس وأساقفته في مصر وحدهم هم المتمسكون بالإيمان الصحيح. لذلك ليس غريباً أن يقول اشعياء النبي: "مبارك شعبى مصر" (أش19: 25). لكن فى أوقات أخرى كثيرة ساند كرسى روما البابا السكندري، مثل الباباوات معاصري البابا أثناسيوس الذين ساندوه.
انهارت المسيحية فى العالم كله وخضعت أمام الطغيان الأريوسي ولم يبقَ سوى كرسي الإسكندرية ممثلاً فى البابا السكندري المنفى وأساقفته المصريين. ونحن علينا أن نقتفي آثار خطوات آبائنا ..........] المجامع المسكونية المسيحية - المجامع المسكونية والهرطقات - المطران بيشوي.
[73] . اقرأ التفصيل في كتاب المتشابهات.
[74] . لأنّ بعضها تسمي جماعة بأنهم أبناء الله، فهل يكونون أبناء حقيقيين لله وآلهة على مبنى من اعتبر أنّ ذكر عيسى في الإنجيل بأنه ابن الله يدل على ألوهيته وبنوته الحقيقية لله ؟ تعالى الله.
[75] . هذا الملحق يحوي توثيق مختصر عن اكتشاف إنجيل يهوذا والتحقق منه وبعض أقوال علماء مسييحين فيه. (المعلق).
[76] . انظر الرابط التالي: http://www.religioustolerance.org/gospj4.htm
[77] . هذا الملحق هو نص أجابة السيد أحمد الحسن على سؤال، تم نقله والإجابة عليه حرفياً في كتاب التوحيد وكتاب الجواب المنير عبر الأثير - الجزء الرابع، وطرح هنا مختصراً للفائدة.
[78] . هذا الملحق مأخوذ من كتاب (المتشابهات - الجزء الرابع) للسيد أحمد الحسن.
[79] . غاية المرام - السيد هاشم البحراني: ج7 ص93.
[80] . الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص134.
[81] . بحار الأنوار: ج14 ص338.
[82] . قصص الأنبياء للجزائري: ص474، نقلاً عن عيون الأخبار .
[83] . بحار الأنوار: ج14 ص344.
[84] . هذا الملحق أعددته بما عرفته من كلمات الحواري والوصي الثالث عشر السيد أحمد الحسن (، (المعلق).
[85] . للمزيد يمكن الاطلاع على كتاب (أحمد الموعود ملتقى رسالات السماء وسفينة نجاة المختارين) أحد إصدارات انصار الامام المهدي (.