Subjects
إهداء
-تقديم الكتاب
-التعريف بانجيل يهوذا
-مجموعة الاسئلة الاولى
-(الجهاد في الدين الالهي...)
-(المراة في دين الله...)
-(البشارات بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) ...).
-(كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب...)
-(عيسى (ع) ليس لاهوت مطلق...)
-(عيسى (ع) ليس هو المصلوب...)
-(إنجيل يهوذا... الشاهد للمصلوب أحمد)
-(تفسيرهم الغصن الوارد في اشعياء بأنه عيسى (ع) غير صحيح...)
-(الامرأة المتسربلة في رؤيا يوحنا...)
-(الشيوخ الاربعة والعشرون في رؤيا يوحنا اللاهوتي...)
-(عدد الوحش ؟!..)
-(تأويل رؤيا...)
-مجموعة الأسئلة الثانية
-(كشف السر: لأي شيء سمي القائم ؟ قال: لأنه يقوم بعدما يموت...)
-(كشف سر: من هو المصلوب...)
-(إنجيل يهوذا ... يبين من هو المصلوب)
-(أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل...)
-الملحق 1 : مجد الرب في سيناء
-الملحق 2 : صلاة حبقوق نبوؤات مستقبلية
-الملحق 3 : هو الله سبحانه الواحد الأحد وكل من سواه خلقه
-الملحق 4 : ما هي قصة عيسى (ع) وكيف شبه لهم ؟
-الملحق 5 : حجر الزاوية هو الحجر الاسود وهو يرمز للمعزي أحمد الحسن (ع)
-الملحق 6 : فلتعبر عني هذه الكاس تفسير المسيحيين
-الملحق 7 : نبوؤات سعير وفاران تفسير المسيحيين
-ملحق 8 : عدد الوحش
-ملحق 9 : ساعير هي أرض القدس وما حولها
-ملحق 10 : صورة لإنجيل يهوذا
Text
إصدارات أنصار الإمام المهدي ( / العدد (153) الحواريّ الثالث عشر للإمام أحمد الحسن جمعه وعلق عليه د. توفيق محمد المغربي الطبعة الأولى 1433هـ - 2012 م لمعرفة المزيد حول دعوة الإمام أحمد الحسن يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org -إهداء إلى خليفة الله إلى الإمام أحمد الحسن (ع) إليك يا مربي ومنقذ وفادي الأنبياء (عليهم السلام) والأوصياء (عليهم السلام) إليك أيها المظلوم الشريد الطريد المجهول قدره المغصوب حقه إليك يا من نزل صامتاً وتحمل العذاب صامتاً وصلب صامتاً وصعد إلى ربه صامتاً سيدي أيها الكريم بن الكرام .. تقبل مني أنا الجاهل المسكين وإن لم أكن أهلاً لذلك -تقديم الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً. بين يديك أيها القارئ قبس نور من الأسرار الإلهية التي كشفها ويكشفها الإمام أحمد الحسن اليماني ( وصي ورسول الإمام المهدي محمد بن الحسن ( والمهدي الأول المذكور في وصية رسول الله / ليلة وفاته ([1])، ورسول من عيسى ( للمسيحيين ورسول من إيليا ( لليهود، والذي جاء بالنصوص عليه من القرآن والروايات ومن التوراة والإنجيل، وجاء بعلم القرآن والتوراة والإنجيل، وكان هو الوحيد الذي يدعو إلى حاكمية الله في زمان لم يبقَ فيه أحد يرفع راية الحق إلا هو (. لقد جاء مؤيداً بآلاف الرؤى والكشوفات بالأنبياء والأوصياء والمعصومين في الملكوت يراها مئات الناس حول العالم ومن مختلف الأجناس والمذاهب يشهدون له أنه حق، وجاء مؤيداً بمعجزات وكرامات عديدة تماماً كمعجزات عيسى ( والحجج / السابقين ([2])، ومنها إحياء ميت، وشفاء مرضى مصابين بأمراض ميئوس من شفائها، والمعجزات كثيرة حصلت وتحصل الآن منها ما هو موثق بالصوت والصورة، وقد نقلت بعضها في الفضائيات مثل معجزة إحياء طفل ميت التي نقلتها قناة الديار، وأيضاً معجزة إبراء المدرّسة المصابة بمرض السرطان ([3]). الكتاب هو مجموعة مختارات من أجوبة الإمام أحمد الحسن ( على أسئلة وجهت له (، فيها رد شبهات حول الدين الإلهي، كمسألة الجهاد ومسألة حقوق المرأة، بيان محكم لأحقية النبي محمد /، فيها التأويل الصحيح لبعض النصوص والرؤى الخاصة بمحمد وآل محمد /، مع بيان بطلان تفاسير علماء المسيحيين ودرر وجواهر كثيرة أخرى أترك للقارئ إن شاء الله اكتشافها والاستنارة بمعانيها. وأركز على أهم محور في الكتاب وهو كشف الإمام أحمد الحسن ( عن أسرار وألغاز قضية الصلب والمصلوب شبيه عيسى ( وأحكم تماماً، وبما لا يبقي أي شك، مسألة أعجزت كل العلماء عبر التاريخ وجمع بإعجاز بين النقل من الإنجيل والتوراة والقرآن والروايات والعقل وبين ما تم اكتشافه مؤخراً من وثائق تاريخية حتى أصبح الأمر كأنه لا لغز فيه ومن ثم كان اختيار عنوان الكتاب (الحواري الثالث عشر). لا يخفى أهمية مسألة الصلب وكونها أساس عقيدة الكنيسة التي يحكمها قانون مجمع نيقية([4])، ولا بأس من بيان الأمر ولو باختصار شديد: تعتقد الكنيسة أنّ آدم ( (الإنسان) ارتكب خطيئة ([5]) ضد الله وهي لا محدودة، وبالتالي يلزمها إما عقوبة قتل الإنسان وفناؤه نهائياً (وهو ما لا يريده الله)، أو كفارة عنها بفداء لا محدود. فلأجل ذلك نزل اللاهوت المطلق (الابن) وتجسد وتألم وصلب فخلص الإنسان بدمه ([6]) ! وإذا ثبتت مسألة الشبيه تهدم كل عقيدة الكنيسة من أساسها فتنتفي الألوهية المطلقة المدعاة في عيسى ( ومسألة الأقانيم، وهذا هو السبب لعدم قبول علماء المسيحيين مناقشة المسألة بعلمية وجدية كما هو المفروض؛ لأن قضية الصلب كفداء من أحد خلفاء الله / - أخذ شبه عيسى ( - لقضية الله ورجاء أن يهتدي الناس لا تضر إيمان وعقيدة المسيحيين الأوائل ولا من جاء بعدهم إن كانوا وضعوها في نصابها الحقيقي واتبعوا تعاليم عيسى ( ([7]). نعم لو أنّ القتل لم يقع حقيقة أو لو أنه وقع على من لا يمثل نفس ما كان يمثله عيسى ( هنا يكون الأمر مختلفاً ويلزمه بطلان الاعتقاد والإغراء بالباطل تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ([8]). بلى هناك مانع عند من يعتقد أن عيسى ( هو لاهوت مطلق كما تقدم وهو مانع غير مقبول؛ لأنه مبني على باطل!! إذاً، ليس هناك دليل على المنع لا من العقل ولا من النقل بل إن الإنجيل يظهر لنا شخصيتين مواقفهما اتجاه قضية العذاب والصلب متباينين تماماً، والانتقال في النصوص مفاجئ بحيث يستوقف القارئ ويجعله متحيراً: فمن شخص وهو عيسى ( يتضرع ويبكي ويتوسل إلى الله أن يبعد عنه الكأس ويعرض الأمر على حوارييه، إلى شخص هادئ راض تماماً بأمر الله ويرفض حتى فكرة المناقشة في الأمر (كما سيأتي بيانه من الإمام أحمد الحسن ( في الكتاب) ! أما من التاريخ والواقع فهناك شواهد كثيرة على وجود طائفة من المسيحيين الأوائل - قبل الإسلام بقرون - كانوا يعتقدون بأنّ الصلب لم يقع حقيقة على عيسى ( كما سيأتي نقل لبعضها. وطبعاً هذا الاعتقاد لا يمكن أن يكون ناشئاً من فراغ. ثم عندنا وثائق شاهدة على وجود مسألة الشبيه بالتحديد كعقيدة قديمة، ومن بين هذه الوثائق المخطوطة التي تم اكتشافها مؤخراً وهي نسخة من إنجيل يهوذا. وقبل أن أعرض لتقديم إنجيل يهوذا واكتشاف المخطوطة وتوثيقها لابد من الوقوف على النتيجة لما تقدم، وهي أنّ مسألة الشبيه لا بد من البحث فيها بكل جدية وعلمية، وهذا الكتاب للإمام أحمد الحسن ( بين أيدي كل المسيحيين والعلماء وكلهم مدعو ليقرأه ويتدبره، وأقولها بيقين: لا يمكن أن يُرَدَّ من كلامه ( وطرحه ولا كلمة واحدة. فما طرح قديماً ويطرح الآن من علماء المسيحيين لدفع مسألة الشبيه المصلوب لا يقف أمام طرح الإمام ( الكامل المحكم. بل الدعوة موجهة أيضاً إلى المسلمين بل وكل الناس، والإمام أحمد الحسن ( بيّن أنّ ما يطرحه الكثير من علماء المسلمين سنة وشيعة لتفسير الحادثة وتحديد المصداق (أي الشبيه) أيضاً قاصر عن الفصل في الأمر، بل وبين سذاجة وتناقض طرح العديد من علماء المسلمين الذين يدافعون عن كون الشبيه هو يهوذا الاسخريوطي الخائن، وبيّن ( كيف أنّ هكذا طرحاً منقوض بالعقل والنقل ([9]). لقد تم إضافة عناوين - ليست من أصل الجواب من الإمام أحمد الحسن ( - وهي موضوعة بين قوسين لتمييزها عن كلام الإمام أحمد الحسن (، والهدف منها هو فهرسة الكتاب وتسهيل القراءة والبحث في فقرات هذا الكتاب المبارك وما يحويه من أسرار وعلوم خص بها الله محمد / وآل محمد / ويبثها اليوم قائمهم ويمانيهم والمعزي أحمد الحسن (. جمعتها وعلقت على بعض فقراتها وأسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يكون تعليقي منقصاً لقيمة المادة الحقيقية للكتاب، ولا صارفاً عن المعاني التي تنطوي عليها كلماته (، ولا ساتراً للحقائق التي أراد بيانها (. وأسأله سبحانه أن يجعل هذا الكتاب سبباً لهداية الناس ولمعرفة خليفته ووليه وحجته على الخلق إنه أرحم الراحمين. وأعتذر إلى الله ورسوله والإمام المهدي الأول ( من التقصير، وأسأل الله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر. يا عظيم، اغفر لي الذنب العظيم إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم. المذنب المقصر توفيق محمد المغربي 5 جمادى الأولى 1433 هـ . ق -التعريف بإنجيل يهوذا اكتشاف نسخة من إنجيل يهوذا تعود لما بين القرن الثالث والرابع من الميلاد ([10]) تنبيه: مع أن إنجيل يهوذا تم اكتشافه في السبعينيات من القرن المنصرم إلا أنه لم يخرج للعالم إلا بعد بداية دعوة الإمام أحمد الحسن ( ! في أوائل السبعينيات من القرن الماضي اكتشف بعض الفلاحين المصريين - في إحدى قرى محافظة المنيا على بعد تقريباً 300 كم جنوب القاهرة مخطوطة "إنجيل يهوذا" مكتوباً باللغة القبطية على ورق البردي (بطريقة الكشكول Codex)، ثم إنّ الفلاحين قاموا ببيعها لأحد التجار في الآثار، وتنقلت المخطوطة بعد ذلك بين أيادي مختلفة لتجار آثار، وحفظت البردية في خزينة أحد البنوك لعدة سنوات دون صيانة أو ترميم مما أدى إلى تآكلها. ثم شاء الله سبحانه وتعالى أن تصل المخطوطة إلى يد العلماء، الذين أخذوا في تجميعها بعد جهود كبيرة إلى أن تعرفوا على ما يسمى الآن بـ (إنجيل يهوذا). تمت ترجمة الوثيقة من اللغة القبطية إلى اللغة الإنجليزية في نهاية عام 2005، وأفرج عن هذه الترجمة في 6 إبريل من عام 2006 م، حيث أعلنت صحيفة الواشنطن تايمز (THE WASHINGTON TIMES) في عددها الصادر في 7 إبريل 2006 أن الجمعية الجغرافية الدولية (National Geographic) أزاحت النقاب عن إحدى المخطوطات الأثرية أو الأناجيل التي يعود تاريخها إلى بداية القرن الثالث الميلادي. من أجل توثيق وصيانة وترجمة المخطوطة قامت الجمعية الجغرافية الوطنية ناشيونال جيوغرافيك سوسيتي (The National Geographic Society) بالتعاون مع مؤسسة ماسينياس للفنون العتيقة (Maecenas Foundation for Ancient Art) ومعهد ويت للكشوف التاريخية (Waitt Institute for Historical Discovery) بالتعاقد مع العالم السويسري رودلف كاسر وهو أحد أكبر العلماء في الدراسات القبطية، ليقوم باستعادة وكتابة ونسخ وترجمة النص الموجود في المخطوطة، والتي تحتوي بالإضافة إلى إنجيل يهوذا إلى النص المسمى جيمس ورسالة بطرس لفيليب وجزءاً من النص الذي كان العلماء يطلقون عليه كتاب العنصر الآخر. وبالفعل قامت اللجان العلمية والخبراء بتوثيق المخطوطة وتأكيد عمرها باستخدام أحدث أنظمة ووسائل وأدوات التدقيق: اختبار الكاربون لتحديد عمر ورق البردي تم أخذ عينات من ورق البردي وإخضاعها لاختبارات من الكاربون المشع (كاربون 14) بجامعة أريزونا - تكسون، وأكدت النتائج أنّ تاريخ المخطوطة هو ما بين 220 و 340 للميلاد، كما صرح بذلك تيم جول (Tim Jull) مدير مختبرات تحديد العمر بأريزونا واختصاصي البحوث العلمية جريج هودنجس (Greg Hodings). تحليل الحبر قامت مؤسسة مككرون أسوشييتس المتخصصة في التحاليل الشرعية للحبر بإجراء اختبار نفاذية الحبر على عينات من الحبر المستخدم في كتابة إنجيل يهوذا، وذلك بواسطة المايكروسكوب الإلكتروني (transmission electron microscopy TEM)، وأعلنت المؤسسة في تقريرها عن تطابق عناصر ومكونات الحبر مع العناصر التي كانت تستخدم لصناعة الحبر المعروف في القرنين الثالث والرابع الميلاديين. كما كشفت التحاليل الأخرى التي أجريت بواسطة مطياف رامان (Raman spectroscopy) أن الحبر المستخدم احتوى أيضاً على مكون معدني أصفر يشبه المادة المستخدمة في أحبار القرن الثالث الميلادي. اختبار التصوير الطيفي تم إخضاع عينات من الوثيقة لاختبارات الصور ذات الأطياف المتعددة والتي أجريت في مختبرات الطيف المتعدد بجامعة بريغهام يونج بسويسرا، وكشفت الفحوصات التي أجريت على نبات البردي المكتوب عليه (إنجيل يهوذا) أن البردي استجاب لتلك الاختبارات بنفس الطريقة التي يستجيب بها البردي القديم. كما تم إخضاع بعض عينات الحبر لاختبارات الطيف المتعدد. وقد جاءت النتائج مطابقة لنفس مواصفات الحبر ذي المادة المعدنية الصفراء والأحبار الكربونية التي استخدمت في القرنين الثالث أو الرابع الميلادي. ومثلما تبين من نتائج الاختبارات الأخرى المادية أو النصية فإن نتائج اختبارات التصوير الطيفي المتعدد قد كشفت عن أن هذه الوثيقة هي وثيقة أصلية مصرية يعود تاريخها إلى القرن الثالث أو الرابع الميلادي. تحليل السياق النصي والدلالي لإنجيل يهوذا قام ثلاثة من كبار العلماء (وهم المؤرخ رودولف كاسر الأستاذ السابق بجامعة جنيف ورئيس لجنة ترجمة المخطوطات التي تم العثور عليها بنجع حمادي بمصر عام 1945. مارفن ماير العالم المتخصص في دراسات الإنجيل بجامعة تشابمان، أورانج، كاليفورنيا، وستيفن إيميل الأستاذ المتخصص في الدراسات القبطية (المسيحية المصرية) بجامعة منستر بألمانيا) بتحليل السياق النصي والدلالي لإنجيل يهوذا، وقد اتفق هؤلاء العلماء على أنّ المفاهيم اللاهوتية والتراكيب اللغوية هي مماثلة لتلك التي تضمنتها مخطوطات نجع حمادي، وذلك أن تلك المجموعة الكبيرة من المخطوطات والنصوص التي تم اكتشافها بنجع حمادي يعود تاريخها إلى نفس الفترة والتاريخ الذي كتب فيه إنجيل يهوذا. وقد صرح ستيفن إيميل حول إمكانية اختراع أو تلفيق مثل هذه الوثيقة بقوله: "ليس لديَ أدنى شك إطلاقاً في أن هذه المخطوطة هي عمل مصري أصلي وأثر قديم وأنها تحتوي على حقائق أصلية وقديمة تعود إلى عهد الكتابات الكنسية الأصلية الأبوكريفية القديمة". تحليل بليوغرافيا الخط وطريقة نسخ المخطوطة قام ستيفن إيميل أستاذ الدراسات القبطية بجامعة منستر بألمانيا بتحليل بليوغرافيا الخط وطريقة نسخ مخطوطة إنجيل يهوذا وقدم التقويم التالي للوثيقة: "إنّ الطريقة التي كتبت بها مخطوطة إنجيل يهوذا تذكرني جداً بكتابات ومخطوطات نجع حمادي"، وقد صرح بهذا الكلام وهو يشير إلى المخطوطات القديمة والشهيرة التي تم العثور عليها في منطقة نجع حمادي. "إنها لا تطابق أياً من تلك المخطوطات ولكنها مخطوطة تشبه تلك المخطوطات، وبما أن تاريخ مخطوطات نجع حمادي يعود بصورة تقريبية إلى النصف الثاني من القرن الرابع أو الربع الأول من القرن الخامس الميلادي فإنني أميل فوراً إلى القول إلى أن إنجيل يهوذا قد تمت كتابته وخطه في نفس تلك الفترة، ودعنا نقول حوالى العام 400 للميلاد". كما ذكر إيميل أيضاً بأن أي مزور في العصر الحديث لن يتمكن من استنساخ أو تزوير وثيقة كهذه. "لكي يقوم مزور بتقليد أو تزوير مثل هذه الوثيقة فإنه يلزمه ليس فقط الحصول على مادة البردي الحقيقية وليس ببساطة أي بردي ولكن البردي القديم "وأضاف:" وعليه أيضاً أن يعرف كيف يقلد طريقة الكتابة والخط القبطي القديم المستخدم خلال تلك الفترة القديمة. علماً بأن عدد العلماء المتخصصين في الدراسات القبطية هم عدد قليل ونادر. وأضاف إميل قائلاً: "وعليه أيضاً أن يقوم بتأليف نص باللغة القبطية على أن يكون صحيحاً من حيث اللغة والأسلوب القبطي وأن يكون مقنعاً أيضاً. علماً بأن عدد العلماء المتخصصين الذين يمكنهم القيام بذلك هو أقل من عدد العلماء الذين يمكنهم قراءة اللغة القبطية". * * * -مجموعة الأسئلة الأولى السلام عليكم ورحمة الله س1/ هناك مَنْ يشكل على الإسلام بالعنف لا اليوم فقط، بل من عهد النبي / وأنه انتشر بالسيف ؟ فكيف تُفسَّر هذه النصوص القرآنية التي تحث على القتل والإقصاء والتهميش (سورة آل عمران 85، 91، 83، سورة التوبة 29، النساء 91، سورة محمد 4) ؟ وكيف تُفسَّر آيات الإرث والشهادة والتي تنتهك الحقوق المدنية للمرأة ؟ ([11]) -(الجهاد في الدين الالهي...) جواب الإمام أحمد الحسن (ع): بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. مسألة الجهاد في الدين الإلهي عموماً وليس في الإسلام فقط بيَّنتها في كتاب الجهاد باب الجنة، وأما الآيات التي في القرآن ويعتبرونها تحريض على العنف أو تهميش الآخرين: أولاً: آل عمران، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (19). ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ (83). ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (85). المعنى: آل عمران، ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ( قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (83 – 84). الآية (84) من سورة آل عمران تبين بوضوح معنى الإسلام في الآيات بأنه التسليم لله ولخليفة الله في أرضه في كل زمان المنصب وفق قانون خلافة الله في أرضه الذي كان منذ اليوم الأول للإنسان الأول على هذه الأرض وهو نبي الله آدم ( الذي نصبه الله خليفته في أرضه. فهذه الآيات ليست بصدد تهميش أحد أو الحكم على أحد، إنما هي بصدد بيان قانون الإيمان المقبول عند الله وهو التسليم له ولخليفته في أرضه. أما إن كنت تعتبر أنّ وضع قانون للإيمان هو تهميش للآخرين الذين لا يقبلونه، فمعنى كلامك أنّ كل أصحاب دين - باعتبار أن عندهم قانون إيمان - يهمشون غيرهم بل يتعدى الأمر إلى كل مجموعة يؤمنون بفكر معين ([12]). ثانياً: التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: 29]. المعنى: القرآن وحدة متكاملة، وما يفعله الوهابيون لتمرير عقائدهم الباطلة وفتاواهم في قتل الناس وما يفعله المسيحيون وغيرهم هذه الأيام للطعن في القرآن هو عملية اقتطاع آيات من كتاب هو عبارة عن وحدة متكاملة لا يمكن أن يؤخذ منها جزء بمعزل عن الكل أو بقية الأجزاء ([13])، وقد بيّن الله في القرآن أنه وحدة متكاملة لا يصح تجزئتها، وإن من يجزئها هو شخص مغرض إما أنه يريد الطعن بصورة عبثية عشوائية كمن يقول لمن قال لا إله إلا الله أنت كافر وتنكر وجود الله؛ لأنك قلت لا إله، وإما أنه شخص يريد أن يمرر عقيدة أو فتوى فاسدة لغرض في نفسه كما فعل الوهابيون (أو المتسمون بالسلفية). وهذه آيات قرآنية تنهى عن هذا السلوك المنحرف المغرض في تجزئة القرآن: ﴿..... أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85]. الحجر، ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ ( عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: 91 – 93]. أما الآية 29 من سورة التوبة فنحتاج أن نقرأ الآيات بعدها لنتبين لماذا حث الله المؤمنين على القتال هنا ([14]) ؟ التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (29 – 33). إذن، الله يحث على قتالهم؛ لأنهم هم من بدأ بالحرب ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، ولا اعتقد أن التحريض على قتل الآخر أو أن التهيؤ لقتل الآخر أو أن إعداد العدة لقتل الآخر ليس حرباً، واعتقد أن إرادة إطفاء نور الله بأفواههم تحتمل هذه الأمور وأكثر. وإن كانت الآيات المتقدمة تحتمل الأخذ والرد وأنها متشابهة فهناك آية واضحة ومحكمة تبين أنّ الله يحث المؤمنين على قتال من يقاتلونهم وينهى الله المؤمنين عن الاعتداء على الآخرين، والمتشابه يرجع إلى المحكم. قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]. ثم إن فعل الرسول محمد / واضح، فاليهود - وهم أهل كتاب - كانوا يعيشون معه في المدينة بأمان ولم يمسهم بسوء حتى بدؤوا هم بمحاربته وإعانة من يقاتلونه صلى الله عليه وآله. وأيضاً يجب الانتباه أنّ الإسلام والدين الإلهي لا يعتبر أنّ الدين مفصول عن السياسة، بل إنّ الحكم والسياسة جزء من الدين وبالتالي فكثير من الآيات في القرآن هي عبارة عن قوانين عسكرية تبين حقوق الجندي في المعركة وما يجوز له أن يفعله تجاه من يقاتله، فالمؤمن لا يقتل - حتى من يقاتله - إلا بأمر الله؛ ليؤجر، ولهذا شرع الله للمؤمنين في ساحة المعركة قتل من يقاتلهم وبين هذا الأمر في آيات قرآنية، كما تسن - الآن وقبل الآن- الدول القوانين لجيوشها وتبين فيها حقوق جنودها في ساحة المعركة وما يجوز وما لا يجوز.. الخ. ثالثاً: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً﴾ [النساء: 91]. أين الإشكال في هذه الآية ؟ هي تحث على مقاتلة الكافر المحارب الذي لا يكف يده عن أذى المؤمنين. إضافة إلى أنّ الآية التي قبلها من نفس السورة فيها بيان أيضاً لجواز مهادنة من يطلب السلام ولا يحارب المؤمنين ولا يطلب أذاهم. ﴿إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾ [النساء: 90]. رابعاً: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 4]. المعنى: هذه الآية تبين بعض حقوق الجنود المؤمنين - في الجيش الإسلامي - أثناء الحرب وفي ساحة المعركة، وهو أنّ من حقهم أن يقتلوا الكافر الذي يقاتلهم، وتبين أن من حقهم أيضاً أخذ الأسرى وتعطيهم الحرية في التعامل مع الأسرى، فإما أن يطلقونهم بدون مقابل أو يبادلونهم أو يفدونهم .. الخ. فأين الإشكال في هذه الآية، وقد قلنا إنّ القرآن عبارة عن قانون إلهي ليس للعبادة فقط بل يبين أيضاً السياسة والحكم الإلهي وحقوق المؤمنين وما يجب عليهم .. الخ. -(المراة في دين الله...) خامساً: من يقول إنّ المرأة ظلمت بتشريع معين ([15]) مثل الإرث أو الشهادة لابد أن يبين لنا ميزانه ووزنه القياسي الذي على أساسه يحدد العدل والظلم وبالتالي قرر وقطع أنّ المرأة يجب أن تساوى مع الرجل في كل شيء، مع أننا نرى جميعاً أنّ المرأة لا تساوي الرجل في كل شيء ([16]). وأيضاً من يريد أن يوجه النقد لتشريع معين ضمن منظومة قانونية وتشريعية عليه أن يلاحظ هذا التشريع كجزء من هذه المنظومة ولا يقتطع هذا الجزء ويعامله بمعزل عن المنظومة ككل. المفروض أن ينظر إلى حقوق المرأة وواجباتها في القانون الإلهي على الأقل لا أن ينظر إلى الحقوق فقط ويقول إن المرأة أعطيت حقوق أقل من الرجل في القانون الإلهي، لماذا لا ينظر إلى الواجبات ويقول إن الرجل حمل واجبات أكثر من المرأة في القانون الإلهي ؟ وكمثال شخصين أحدهما كلفته ببناء ارتفاعه خمسة طوابق والآخر عشر طوابق هل من العدل أن أعطيهما نفس كمية مواد البناء ونفس المبلغ للبناء ؟ ولو أعطيت صاحب العشر ضعف صاحب الخمسة هل يصح أن يأتي شخص ويقول أنت ظالم لأنك لم تساوي بين الاثنين وكلاهما يعمل عندك ؟ أعتقد أن من يقول إنّ المرأة ظلمت بهذا التشريع فكلامه وقراره ارتجالي بعيد عن البحث العلمي الدقيق. -(البشارات بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) ...). س2/ إنّ أنبياء العهد القديم بشَّروا بالمسيح (، فأين التبشير بمحمد / فيه إن كان هو صاحب الدين الأزلي ؟ س3/ كيف يمكن للمتدين المسيحي الذي يؤمن بالإنجيل أن يؤمن بنبوة محمد / من خلال الإنجيل ؟ ج س2 - 3 ([17])/ هل المطلوب تبشير بالاسم الصريح أم بالرمز ([18]) ؟! أعتقد أنّ مسألة خلو العهد القديم من اسم عيسى أو يسوع كمبشر به مسألة مفروغ منها، فلم يبقَ إلا الرمز([19]). ونحن بينا نصوص رمزية من العهد القديم تأويلها بالرسول محمد /، كما أنهم أولوا نصوص رمزية بعيسى (. وقبل عرض بعض هذه النصوص أقول: الدليل على الحجة أو خليفة الله في أرضه أو النبي المرسل بيناه واستدللنا عليه بالعقل والحكمة والنقل من التوراة والإنجيل والقرآن. فمن يطلب الحق من أهل الكتاب من اليهود والنصارى أو المسيحيين فلينظر إلى قانون معرفة الحجة الذي بيناه وفقراته الثلاث: (الوصية أو النص، والعلم والحكمة، والراية أو حاكمية الله)، ولينظر هل العقل والحكمة تقول بغيرها. وأيضاً يقلب التوراة وينظر هل أوصى الرسل لمن يخلفهم أم لم يوصوا ([20]) ؟ وهذه بعض النصوص كمثال على وصايا الأنبياء بمن يخلفهم: التثنية - الأصحاح الواحد والثلاثين: «وقال الرب لموسى هوذا أيامك قد قربت لكي تموت. أدع يشوع وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه. فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الاجتماع 15 فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة» ([21]). التثنية - الأصحاح الثالث والثلاثون: «1 وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته 2 فقال. جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلالاً من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. 3 فأحب الشعب. جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك» ([22]). الملوك الأول - الأصحاح الأول: «وقال الملك داود ادع لي صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع. فدخلوا إلى أمام الملك. 33 فقال الملك لهم خذوا معكم عبيد سيدكم وأركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به إلى جيحون 34 وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكاً على إسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليجي الملك سليمان. 35 وتصعدون وراءه فيأتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضاً عني وإياه قد أوصيت أن يكون رئيساً على إسرائيل ويهوذا. 36 فأجاب بناياهو بن يهوياداع الملك وقال آمين. هكذا يقول الرب إله سيدي الملك. 37 كما كان الرب مع سيدي الملك كذلك ليكن مع سليمان ويجعل كرسيه أعظم من كرسي سيدي الملك داود». الملوك الأول - الأصحاح الثاني: «1 ولما قربت أيام وفاة داود أوصى سليمان ابنه قائلاً 2 أنا ذاهب في طريق الأرض كلها. فتشدد وكن رجلاً. 3 احفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت. 4 لكي يقيم الرب كلامه الذي تكلم به عني قائلاً إذا حفظ بنوك طريقهم وسلكوا أمامي بالأمانة من كل قلوبهم وكل أنفسهم قال لا يعدم لك رجل عن كرسي إسرائيل 5». ولينظروا أيضاً هل استدل الأنبياء المرسلين بعلمهم وكونهم ينطقون بالحكمة أم لا ([23]) ؟ وهل طالب الأنبياء بحاكمية الله في التوراة أم لا ([24]) ؟ وينظروا إلى موسى ماذا فعل مع الذين آمنوا به وقبلوه غير أنه هاجر بهم من أرض الطاغوت ليطبق فيهم حاكمية الله في أرض أخرى ([25]). إذن، المسألة محسومة لكل عاقل يطلب الحق وهي لا تتعدى القانون الذي بيناه واستدللنا عليه من العقل والنقل من الأديان الإلهية الثلاثة ([26]). ومحمد / جاء بالوصية والنص من الذين قبله كما في التوراة والإنجيل، وجاء بالعلم والحكمة وبراية البيعة لله أو حاكمية الله التي طالب بها، وشاء الله له أن يطبقها في بقعة من هذه الأرض. وهذا مثال من النص على رسول الله محمد / في العهد القديم: التكوين - الأصحاح الحادي والعشرون: «فبكر إبراهيم صباحاً وأخذ خبزاً وقربة ماء وأعطاهما لهاجر واضعا إياهما على كتفها والولد وصرفها. فمضت وتاهت في برية بئر سبع. 15 ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار. 16 ومضت وجلست مقابله بعيداً نحو رمية قوس. لأنها قالت لا أنظر موت الولد. فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت. 17 فسمع الله صوت الغلام. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها مالك يا هاجر. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. 18 قومي احملي الغلام وشدي يدك به. لأني سأجعله أمة عظيمة. 19 وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء. فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. 20 وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. 21 وسكن في برية فاران». ولا أعتقد أنّ عاقلاً يقول إن عند الله كفاراً ومشركين وعبدة أصنام أمةٌ عظيمةٌ أو أن الله يعتبر كثرة العدد أمة عظيمة، فالمراد من الأمة العظيمة والعظمة لله سبحانه هم الأنبياء والأوصياء /، أي المقصود بالأمة العظيمة من إسماعيل ( هم أنبياء وأوصياء / من ذريته، وهؤلاء هم محمد وآل محمد / بالخصوص خلفاء الله في أرضه ([27]). وهذا مثال من النص على رسول الله محمد / من العهدين القديم والجديد (التوراة والإنجيل): حبقوق - الأصحاح الثالث: «1 صلوة ([28]) لحبقوق النبي على الشجوية 2 يا رب قد سمعت خبرك فجزعت. يا رب عملك في وسط السنين أحيه. في وسط السنين عرف. في الغضب أذكر الرحمة 3 الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه. 4 وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. 5 قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمى». المعنى: الله جاء من تيمان، أي الله جاء من اليمن والقدوس من جبل فاران، أي القدوس جاء من مكة ([29]). وتعالى الله أن يوصف بالمجيء من السماء فكيف من الأرض؛ لأن الإتيان والمجيء تستلزم الحركة، وبالتالي الحدوث، وبالتالي نفي الألوهية المطلقة، فلا يمكن أن يعتبر أنّ الذي يجيء من تيمان أو اليمن هو الله سبحانه وتعالى، ولا الذي يجيء من فاران هو القدوس سبحانه وتعالى، هذا فضلاً عن الأوصاف الأخرى كاليد تعالى الله عنها علواً كبيراً «وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. 5 قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمى». بل الذي يجيء هو عبد الله محمد / وآله / من بعده، حيث إنهم من مكة ومحمد وآل محمد / يمانيون أيضاً. فمجيء محمد / هو مجيء الله؛ لأن محمد هو الله في الخلق، ومحمد هو ظهور الله في فاران كما بينته سابقاً في أكثر من موضع. وكون تيمان هي اليمن قد ورد حتى في الإنجيل على لسان عيسى ( عندما وصف ملكة اليمن بملكة التيمن (أو تيمان) ([30]). إنجيل متى - الأصحاح الثاني عشر: «ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا». إنجيل لوقا - الأصحاح الحادي عشر: «ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان». والعلم والحكمة التي جاء بها محمد / في القرآن لا يزال كل منصف يقول إنه حكمة بالغة لا يمكن أن تكون إلا منه سبحانه ([31]). وأيضاً محمد / طالب بحاكمية الله، بل ولما سنحت له الفرصة طبق حاكمية الله وبين بوضوح أنّ الحق في حاكمية الله وأن كل فرق المسلمين التي ستخرج عن حاكمية الله هي فرق ضالة، وحديث الفرقة الناجية أشهر من نار على علم، ومشهور في كتب السنة: (تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة. قيل يا رسول الله ! ما هذه الفرقة؟ قال: من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ([32]). إذن، صفة الفرقة الناجية هي أنها عبارة عن قائد منصب من الله كما كان رسول الله / ومؤمنون بهذه القيادة الإلهية كما كان أصحاب رسول الله /. تبقى مسألة الإشكال والجدال، فهذا يقول لماذا محمد فعل كذا، ولماذا قال كذا، ولو كان رسول لما قال هذا، ولما فعل ذاك، والقرآن مخالف لقواعد العربية، وإشكالات يمكن أن توجه نفسها إلى أي رسول أو كتاب أو دين إلهي آخر وهي مردودة ([33]). في حين أننا لابد أن نلتفت إلى أنّ من ينتقل إلى الإشكال قبل أن يرد الدليل وينقضه ويبين أنه ليس دليلاً فهو في الحقيقة قد أقرّ الدليل والعقيدة التي يشكل عليها وأنفذها، وإنما هو بإشكاله في طور تجليتها وإظهارها؛ لأن الإشكالات لا تعدوا كونها إشكالات ترد ولا قيمة لها في الحقيقة غير أنها أداة استخفاف طاغوتية يستعملها علماء الضلال والطواغيت لاستخفاف أتباعهم وإبقائهم على إتباعهم وتقليدهم الأعمى؛ ليحتفظوا بمناصبهم ودنياهم، وهم بعد أن تهدم عقيدتهم الباطلة وتسقط كل إشكالاتهم يعودون إلى أتفه إشكال هدفهم منه إثارة عواطف أتباعهم تجاه آبائهم وسلفهم، وهو إشكال فرعون على نبي الله موسى (، حيث كان قول فرعون: ﴿... فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه: 51]. فكان جواب موسى ( ([34]): ﴿.... عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ [طه : 52]. -(كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب...) نصيحتي لكل مسيحي حر ليعرف الحق أن يجعل مقياسه قول عيسى (: «... وكان يخرج شيطاناً وكان ذلك أخرس. فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس. فتعجب الجموع. 15 وأما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. 16 وآخرون طلبوا منه آية من السماء يجربونه. 17 فعلم أفكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. وبيت منقسم على بيت يسقط. 18 فإن كان الشيطان أيضاً ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته ........... » الأصحاح الحادي عشر - إنجيل لوقا. فمن يؤمنون بالإنجيل ليقرأوا نصوصاً من القرآن ويتدبروها بإنصاف، ثم على ضوء النص الإنجيلي السابق هل يمكنكم اعتبار هذه النصوص شيطانية كما يفعل الموتورون الذين لا هم لهم إلا سب محمد / ؟ وهذه أمثلة من النصوص القرآنية: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125]. ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً﴾ [النساء: 36]. ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان: 18]. ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: 23]. فليقرأوا هذه الآيات من سورة الإسراء ويسألوا أنفسهم: هل الشيطان يدعو لعبادة الله وحده، هل الشيطان يدعو لمكارم الأخلاق والإحسان للوالدين وللفقراء وإنفاق المال ومساعدة من يحتاج للمساعدة، وينهى عن القتل وعن الزنا وعن الاعتداء على مال اليتيم، ويأمر بالإيفاء بالوعد والإيفاء بالكيل، وإذا كان الشيطان يأمر بهذه الأخلاق الطيبة فالله سبحانه وتعالى يأمر بماذا عندهم ؟ أليست هذه هي وصايا كل الأنبياء وحكمتهم التي جاءوا بها من عند الله: ﴿لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ( رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ( وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً ( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ( وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ( وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ( وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ( وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ( ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً﴾ [الإسراء: 22 – 39]. عار على المسيحيين وأي عار وخزي أن يهملوا قول عيسى: «كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. وبيت منقسم على بيت يسقط. 18 فإن كان الشيطان أيضا ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته» ولا يجعلونه مقياساً يقايسون به ما جاء في القرآن ليعلموا أنه من عند الله. أليس هذا هو قياس عيسى (، فلماذا الإعراض عنه، هل تؤمنون ببعض كتابكم وتكفرون ببعض ؟ انظروا للقرآن وتدبروا ما فيه من الحكمة والدعوة إلى الخير وإلى التحلي بالأخلاق الطيبة الكريمة، فكيف يكون من الشيطان السفيه الذي يدعو إلى الشر وإلى الأخلاق الذميمة، هل الشيطان منقسم على نفسه، هل مملكة الشيطان منقسمة على نفسها، أليس هكذا علمكم عيسى ( أن تميزوا الحق من الباطل. فهل أنتم غير قادرين على التمييز بين الحكمة والسفه، بين الخير والشر، بين الأخلاق الطيبة وبين الأخلاق الذميمة ؟ وهل أنتم تعتقدون أنّ الشيطان ومملكته منقسمة على نفسها فمرة تدعو للخير ومرة للشر ؟ مرة للأخلاق الكريمة ومرة للأخلاق الذميمة ؟ «كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. وبيت منقسم على بيت يسقط. 18 فإن كان الشيطان أيضا ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته». -(عيسى (ع) ليس لاهوت مطلق...) كما انصح كل مسيحي يخاف سوء العاقبة أن يلتفت إلى أنّ ما تطرحه كنائسهم الآن وهو أنّ عيسى ( لاهوت مطلق قد خالفه فيما سبق كثير من المسيحيين، ومنهم اريوس وهم من كبار علماء المسيحيين ([35])، وكان ولا يزال كثير من المسيحيين كشهود يهوا لا يعتقدون بهذه العقيدة الباطلة السفيهة التي يردها الإنجيل والعقل، وقد بينت بطلانها في كتاب التوحيد بنص إنجيلي لا يقبل التأويل واللبس ([36])، وبالدليل العقلي الواضح البين([37]). -(عيسى (ع) ليس هو المصلوب...) وأيضاً: ليلتفت المسيحيون إلى مسألة أنّ عيسى تعرض للصلب باطلة، وقد بينت بطلانها من الإنجيل وأقوال عيسى ( فيه وطلبه من الله أن يجز عنه الصلب وعذابه ([38])، فإما أن الله قد استجاب دعاء عيسى ( ورفعه ونزل شبيه له وهذا هو الصحيح، وإما أنّ الله لم يستجب دعاء عيسى (، ومعنى قولهم هذا أنّ الله لا يعبا بدعاء عيسى (، وأيضاً يتهمون عيسى ( بالسفه وضعف الإدراك وقلة المعرفة وإلا فما معنى أن يطلب عيسى أن يجز الله عنه الصلب إذا كان قادراً أن يصبر على عذاب الصلب دون أن يشتكي، وهو يعلم أنّ مسألة الصلب مهمة في مسيرة الدين الإلهي ([39]). -(إنجيل يهوذا... الشاهد للمصلوب أحمد) وأيضاً فليلتفتوا إلى الوثيقة التاريخية (إنجيل يهوذا) التي بينتها الجمعية التاريخية الدولية وهي إحدى المخطوطات الأثرية التي عثر عليها في مصر وتاريخها يعود إلى بداية القرن الثالث الميلادي، أي قبل الإسلام وقبل بعث محمد /، وفي هذه الوثيقة أنّ عيسى لم يصلب بل صلب شخص آخر شبيه له، وما يهمنا هو أنّ مسألة الشبيه عموماً بغض النظر عن المصداق موجودة عند المسيحيين قبل أكثر من ألف وسبعمائة عام، وكما يقول المثل لا يوجد دخان من غير نار، فلو لم يكن للأمر أثر لما ظهر عند المسيحيين الأوائل وفي عقائدهم ([40]). فالسؤال الذي لابد أن يتنبه له المسيحيون ويسألوا أنفسهم عنه هو: من أين أتت هذه الفرقة من المسيحيين القدماء بأن عيسى لم يصلب وأن من صلب هو شبيه له ؟ هل هي مجرد أفكار ؟ وهل هذه المسألة فكرية أم تاريخية نقلية ؟ هل يمكن مثلاً القول إنّ هذه الفرقة اعتقدوا أنّ عيسى ( لم يصلب وأنّ من صلب هو شبيه له دون أن يكون هناك نقل تاريخي وصلهم عن طريق بعض من عاشوا زمن الصلب ؟!!!!! أنصح كل مسيحي حر أن لا يهتم لقول الكنيسة اليوم، إن من كتبوا هذا الإنجيل ([41]) أو هذا النص من المسيحيين الأوائل هم فرقة مهرطقة؛ لأن هذه الفرقة أيضاً لو سألتموهم في ذلك الزمان عن عقائد الكنيسة اليوم لقالوا إنها هرطقة، ولو سألنا اريوس وأتباعه عن الكنيسة اليوم لقالوا إنها مهرطقة، فشتم الكنيسة كل من يخالفها من المسيحيين بالهرطقة، كما يفعلون اليوم مع شهود يهوا لا يقدم ولا يؤخر ولا يخفي الحقيقة التي تجلت الآن بوضوح، وهي أن ما تقوله الكنيسة اليوم أمر مختلف فيه بين المسيحيين الأوائل، بل ولا يزال مختلف فيه إلى اليوم، وفرقة شهود يهوا المسيحية خير شاهد على هذا الاختلاف اليوم. والحقيقة الثابتة الآن - فيما يخص الصلب - أن هناك وثيقة تاريخية وقد تم تحليلها من جهات عالمية مختصة بالآثار وبأحدث الطرق العلمية وثبت أنها تعود لبداية القرن الثالث الميلادي، وفيها أن عيسى لم يصلب بل هناك شبيه صلب بدلاً عنه، فهل سيكتفي المسيحيون بتصريح الكنيسة: إن هذه الوثيقة تعود لفرقة مسيحية قديمة مهرطقة ؟!!! هل هذا الرد من الكنيسة رد علمي ؟! أليس مثلاً يمكن أن يقول لهم أي مخالف لماذا لا تكونون أنتم من يهرطق؟! أليس الصحيح الآن وبعد ظهور هذه الحقائق أن يبحث موضوع الصلب بموضوعية وبعلمية وبعيداً عن التعصب والتقليد الأعمى ([42]). وهذا نص من إنجيل يهوذا (وبحسب ترجمة حققتها الكنيسة مع النص القبطي) يبين بوضوح أنّ عيسى لم يصلب بل هناك من شبه به وصلب بدلاً عنه. إنجيل يهوذا - المشهد الثالث: «وقال يهوذا: يا سيد، أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام؟ أجاب يسوع وقال له: "تعالَ، أنه أنا [... سطرين مفقودين ..] لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله". وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل. أجاب يسوع وقال: "ستكون أنت الثالث عشر وستكون ملعوناً من الأجيال الأخرى - ولكنك ستأتي لتسود عليهم. وفي الأيام الأخيرة سيلعنون صعودك [47] إلى الجيل المقدس». ) But you will exceed all of them. For you will sacrifice the man that clothes me) «ولكنك ستفوقهم جميعاَ لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني. ويرتفع قرنك حالاً. ويضرم عقابك الإلهي. ويظهر نجمك ساطعاً وقلبك [...] [57]». وفي النص المتقدم: أولاً: يهوذا يشبه بعيسى ويصلب بدلاً عنه ويضحي بنفسه. ثانياً: إنّ يهوذا سيأتي في آخر الزمان ليسود ([43]). فلابد أن يكون يهوذا المذكور في بعض نصوص إنجيل يهوذا كالنص المتقدم هو غير يهوذا الاسخريوطي ([44]) الذي سلم عيسى كما في نهاية إنجيل يهوذا: «واقتربوا من يهوذا وقالوا له: ماذا تفعل هنا؟ أنت تلميذ يسوع ، فأجابهم يهوذا كما أرادوا منه واستلم بعض المال وأسلمه لهم» إنجيل يهوذا - المشهد الثالث. ومع الالتفات إلى أنّ كلمة يهوذا تعني بالعربي الحمد أو أحمد ([45]) أي اسم المهدي أو المنقذ أو المعزي الموعود به في آخر الزمان يتوضح أنّ المراد بيهوذا الآخر الذي شبه بعيسى وصلب بدلاً عنه والذي خاطبه عيسى ( بأنه سيعود ويسود في آخر الزمان هو المنقذ والمعزي والمهدي (أحمد) المذكور في التوراة والإنجيل والقرآن ووصية رسول الله محمد / ([46]). -(تفسيرهم الغصن الوارد في اشعياء بأنه عيسى (ع) غير صحيح...) س4/ يُفسِّر القساوسة والكنيسة الغصن الذي ينبت من جذع يسى ([47]) بالمسيح (، فهل هذا صحيح ؟ ج/ سؤالك عن الغصن الوارد في اشعياء: (1 ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله 2 ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب. 3 ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولا يحكم بحسب سمع أذنيه. 4 بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه. 5 ويكون البر منطقة متنيه والأمانة منطقة حقويه 6 فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معاً وصبي صغير يسوقها. 7 والبقرة والدبة ترعيان. تربض أولادهما معا والأسد كالبقر يأكل تبناً. 8 ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على حجر الأفعوان. 9 لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر. 10 ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجدا 11 ويكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه التي بقيت من أشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عيلام ومن شنعار ومن حماة ومن جزائر البحر. 12 ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض) اشعياء - الأصحاح الحادي عشر. تفسيرهم الغصن بأنه عيسى ( غير صحيح، والنص يأبى تفسيرهم ([48]) ويناقض عقيدتهم. فعيسى ( بحسب معتقدهم هو الرب المطلق نفسه فكيف يخاف من الرب وتكون لذته في مخافة الرب ([49])، وربما يعللون هذا ([50]) باللجوء إلى عقيدة الاقانيم الثلاثة الباطلة والمتناقضة والتي بينت بطلانها بالدليل في كتاب التوحيد ([51]). وعيسى لم يحكم ولم يقضي بين الناس ([52]) فهو لم يتمكن من إقامة العدل أو إنصاف المظلومين فكيف ينطبق عليه النص أعلاه. وعيسى ( لم يتحقق في زمنه ما يصوره النص من أنّ الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر ويكون لهذه المعرفة أثر وهو أنّ الأغنياء يواسون الفقراء وأن القوي يعين الضعيف وأن تخلوا الأرض من الظلم تقريباً.. الخ ([53]). النص كله تقريباً بعيد كل البعد عن عيسى ( وعن دعوته، فهل مثلاً جمع عيسى منفيي إسرائيل (يعقوب عندهم)، وهل ضم مشتتي يهوذا (ابن يعقوب عندهم) من أطراف الأرض، ولو قالوا جمعهم وضمهم بالإيمان به أيضاً لا يصح؛ لأن دعوة عيسى ( إلى حين رفعه لم تتجاوز حدود مدن قليلة. بينما نجد النص يقول إن هذا الشخص يضم مشتتي يهوذا من أطراف الأرض أي أن معنى النص أن هذا الشخص يؤمن به في زمن بعثته أناس من كل دول العالم تقريباً، بل ومن الدول النائية عن مكان بعثته بالخصوص (أطراف الأرض) ([54]). «ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض». وكلمة يهوذا معناها بالعربي (حمد) أو أحمد. جاء في التوراة في سفر التكوين - الأصحاح التاسع والعشرون: «35 وحبلت أيضاً وولدت ابناً وقالت هذه المرة أحمد الرب. لذلك دعت اسمه يهوذا. ثم توقفت عن الولادة». وكلمة إسرائيل معناها بالعربي عبد الله ([55]). فيكون النص: «ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل (عبد الله)». «ويضم مشتتي يهوذا (أحمد) من أربعة أطراف الأرض». والمشتتون الذين يجتمعون كقزع الخريف من أطراف الأرض لنصرة القائم (المهدي الأول أحمد) هم أنصار الإمام المهدي ( في آخر الزمان كما هو معلوم من روايات محمد آل محمد / ([56]). -(الامرأة المتسربلة في رؤيا يوحنا...) س5/ أوضح السيد أحمد الحسن ( أنّ المرأة المتسربلة بالشمس والقمر في رؤيا يوحنا هي أم الإمام المهدي (، والقساوسة والكنسية يقولون غير ذلك، كيف يثبت صحة قوله دونهم ؟ ج/ أما سؤالك عن المرأة في رؤيا يوحنا: في رؤيا يوحنا - الأصحاح 12: «1 وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً. 2 وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد .................... 5 فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد ................. 11 وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت 12 من أجل هذا افرحي أيتها السماوات والساكنون فيها ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالما أن له زماناً قليلاً 13 ولما رأى التنين أنه طرح إلى الأرض اضطهد المرأة التي ولدت الابن الذكر ............ 17 فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله ......». أولاً: تفسير المرأة بأنها الكنيسة كما يفسره المسيحييون ([57]) عادة بين البطلان، فيكفيه أنهم يفسرون ولدها بأنه عيسى (، في حين الواقع أنّ عيسى ولد وبعث ورفع قبل أن تولد الكنيسة ويكون لها وجود ! وكذا محاولة تفسيرها بمريم (عليها السلام) غير صحيح. ومن يطلب الحق فلينتبه أنه: لو كانت المرأة هي مريم (عليها السلام) فمن هو ولدها ؟ ومن الاثنا عشر كوكباً والشمس والقمر؟ فهم إن قالوا إنّ المرأة في الرؤيا هي مريم (عليها السلام) سيحتاجون إلى خمسة عشر شخصية أخرى لتفسير الرؤيا بصورة صحيحة ([58]). وهل عيسى ( رعى أو سيرعى ([59]) جميع الأمم بعصا من حديد ؟!!! وهل لمريم نسل غير عيسى ( عرف عنهم أنهم مكلفون من الله بحفظ وصايا الله ([60]) أي أنهم رسل أو خلفاء الله في أرضه وقادة للخير وطريق الله بحيث يكون شغل قادة الشر من شياطين الإنس والجن في مواجهتهم كما في الرؤيا ؟ وأيضاً الرؤيا عندما تبين أحداث فهي تبين أمور غيبية تحدث في المستقبل عادة، وإلا فما معنى أن نرى ما حصل أمس في رؤيا لنخبر به الناس مثلاً ونحن أصلاً نعرفه، وأي فائدة ستترتب على إخبار الناس به ([61])، ورؤيا يوحنا حصلت بعد أن ولدت مريم (عليها السلام) عيسى بوقت طويل، بل حتى بعد أن بعث عيسى، وبعد أن أتم رسالته ورفع. إذن، فرؤيا يوحنا تتكلم عن أمر غيبي سيكون وليس عن أمر تاريخي حصل وانتهى كما يفسرها من يقول إنّ المرأة مريم (عليها السلام). ما تقدم أمور جلية تنقض مسألة أنّ المرأة هي مريم (عليها السلام). ثانياً: بيان المعنى الصحيح: وقبل بيان معنى النص في الرؤيا يجب الالتفات إلى أنّ الرؤى هي كلمات الله، وبالتالي فهي كالقرآن والتوراة والإنجيل تجري في أحوال مجرى الشمس والقمر من حيث التجدد وانطباقها على أكثر من مصداق في أزمان مختلفة، ومن حيث كونها رموزاً ولها معاني متعددة، فالشمس والقمر في الرؤيا يمكن أن يكونا الرسول والوصي، أو الأم والأب الجسمانيين، أو الأم والأب الروحانيين، وكذا في أحيان يمكن أن ترى شخصاً في الرؤيا والمراد ليس هو بل اسمه فقط، وربما ترى مدينة وليست هي المقصودة بل مدينة تشابهها في بعض صفاتها، أو ربما اسمها. فالرؤى كلمات الله وربما جاءت برموز وبإشارات وبحكمة إلهية تماماً كما هو الوحي وكلام الأنبياء وكلام الله في كتبه المنزلة. إذا تبين هذا أقول: إنّ المرأة في رؤيا يوحنا ترمز إلى أم الإمام المهدي في زمن معين، فهي متسربلة ومحاطة بالشمس والقمر والاثنى عشر أي بمحمد وعلي وفاطمة والأئمة من ولد فاطمة (عليها السلام) إلى الإمام المهدي، أي أربعة عشر، والولد الذي تلده في الرؤيا هو المهدي الأول المذكور في وصية رسول الله محمد /، فيكون العدد خمسة عشر كما في الرؤيا، وشياطين الإنس والجن يحاربون نسلها؛ لأنهم خلفاء الله في أرضه. أما كون الولد ليس مباشرة منها فما معنى أنها متمخضة وولدته ؟! فالجواب أنها ولدت أبيه أو الأصل الذي جاء منه. ولابد من التنبيه أنه لا مانع أن يكون هناك مصداق آخر للمرأة في زمن آخر ([62]) باعتبار أنها ولدت نفس الولد محور الرؤيا، فتكون المرأة فاطمة (عليها السلام) والخمسة عشر هم أبيها وأمها وبعلها والأئمة الأحد عشر من بنيها والسر المستودع فيها أو المولود الثاني عشر من ولدها محور الرؤيا. -(الشيوخ الاربعة والعشرون في رؤيا يوحنا اللاهوتي...) س6/ يُفسِّر السيد أحمد الحسن في بعض كتبه الأربعة والعشرين شيخاً في رؤيا يوحنا بـ (الأئمة الاثني عشر والمهديين الاثني عشر /) الوارد ذكرهم في وصية رسول الله محمد /. والسؤال الذي يُطرح: إنّ الأربعة والعشرين شيخاً قاموا بمخاطبة الخروف المصلوب الذي يتوسّطهم، فمن يكون يا تُرى ؟ ج س6/ رؤيا يوحنا: في الأصحاح الرابع: «1 ................ وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس. 3 وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد. 4 وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً. ورأيت على العروش أربعة وعشرين شيخاً جالسين متسربلين بثياب بيض وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب. 5 ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات...». وفي الأصحاح الخامس: «1 ورأيت على يمين الجالس على العرش سفراً مكتوباً من داخل ومن وراء مختوماً بسبعة ختوم. 2 ورأيت ملاكاً قوياً ينادي بصوت عظيم من هو مستحق أن يفتح السفر ويفك ختومه. 3 فلم يستطع أحد في السماء ولا على الأرض ولا تحت الأرض أن يفتح السفر ولا أن ينظر إليه. 4 فصرت أنا أبكي كثيراً لأنه لم يوجد أحد مستحقاً أن يفتح السفر ويقرأه ولا أن ينظر إليه. 5 فقال لي واحد من الشيوخ لا تبك. هو ذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا أصل داود ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة 6 ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض. 7 فأتى وأخذ السفر من يمين الجالس على العرش. 8 ولما أخذ السفر خرت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخا أمام الخروف ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوة بخوراً هي صلوات القديسين. 9 وهم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة 10 وجعلتنا لإلهنا ملوكاً وكهنة فسنملك على الأرض. 11 ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف 12 قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة. 13 وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة. للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين. 14 وكانت الحيوانات الأربعة تقول آمين. والشيوخ الأربعة والعشرون خروا وسجدوا للحي إلى أبد الآبدين». وفي الأصحاح الرابع عشر: « ثم نظرت وإذا خروف واقف على جبل صهيون ومعه مائة وأربعة وأربعون ألفا لهم اسم أبيه مكتوبا على جباههم...». من هذه النصوص يتبين لك أنّ الذي رمز له مرة بأنه أسد ومرة بأنه خروف مذبوح هو أحد الشيوخ الأربعة وعشرين، حيث إنّ الجالس على العرش هو المهيمن على الرؤيا، وواضح في الرؤيا أنه الأفضل من الجميع مقاماً وعلو شأن، والشيوخ الأربعة والعشرون الجالسون على العروش هم أقرب الموجودون في الرؤيا للجالس على العرش مقاماً كما هو واضح في الرؤيا. إذن، الخروف المذبوح ليس أفضل من الجالس على العرش ولا أفضل من الأربعة والعشرين مع أننا نرى في الرؤيا أنه استحق أخذ السفر وفك الختوم فكيف استحق أخذ السفر دونهم وهم أقرب منه وأفضل منه. إذن، لابد أن يكون الخروف المذبوح هو رمز لأحد الشيوخ الأربعة والعشرين. أما أنهم خروا له وكلموه ........ الخ، فهم خروا بمعنى أنهم هيأوا ومهدوا له، ومؤمنون بالنتيجة وهي تطبيق حاكمية الله في أرضه ([63]). أما قولك إنّ هناك إشكالاً في كون أحد الشيوخ الأربعة وعشرين هو نفسه من رمز له بالخروف وبالأسد، فكيف يخاطب نفسه، وهذا في الحقيقة لا يكاد يكون إشكالاً؛ لأننا نتكلم في رؤيا، فلا إشكال أن يخاطب أحد الشيوخ الأربعة والعشرين جهة منه رمز لها بالخروف وجهة أخرى رمز لها بالأسد .. الخ، ولو كان هذا الإشكال يصح لصح نقض الرؤيا؛ لأنها رمزت لمن غلب واستحق فتح السفر بالأسد، ثم بينت أنّ من أخذ السفر هو الخروف المذبوح «هو ذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا أصل داود ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة 6 ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض. 7 فأتى وأخذ السفر من يمين الجالس على العرش». إذن، الخروف المذبوح والأسد رموز لمن غلب واستحق أخذ السفر وفك ختومه، وهو أحد الشيوخ الأربعة والعشرين، ففي مقام الغلبة الذي يحتاج للقوة والشجاعة والإخلاص رمز له بالأسد، وفي مقام أخذ الختوم الذي يحتاج إلى التضحية ([64]) رمز له بخروف قائم كأنه مذبوح، وكلا الجهتين تخص نفس الشخص ([65])، ولا منافاة بينهما حيث إنّ قوة الروح نتيجة للتضحية والإخلاص والصبر على المظلومية. أما تفسيرهم الخروف المذبوح في الرؤيا بأنه عيسى ( فيبطله أنّ الجالس على العرش عندهم هو الله - تعالى عن هذا علواً كبيراً -، ولا يخفي ما في تفسيرهم هذا من حد الله سبحانه ونقض ألوهيته المطلقة، وللتفصيل أكثر يمكنك قراءة كتاب التوحيد. أما عندنا فالجالس على العرش هو محمد / وحوله أربعة وعشرون شيخاً على عروش أيضاً، وهم خلفاء الله في أرضه الأئمة والمهديين الذين ذكرهم رسول الله / في وصيته المقدسة ([66]). -(عدد الوحش ؟!..) س 7/ على ذكر الإشكالات على رسول الله محمد /، ينقل البعض قول القمص زكريا بطرس حيث قام بحساب 666 في سفر الرؤيا فوجد ما يلي: (الشيطان يخرج من مكة)، ومقصوده واضح، فبماذا يجيب السيد أحمد الحسن ؟ ج/ قولك إن شخصاً حسب أن الشيطان يخرج من مكة وأنها تساوي عدد الدجال أو الوحش كما في رؤيا يوحنا فهذا كلام باطل وبلا قيمة، حيث إنّ النص يقول إنّ عدد اسم الوحش يساوي هذا العدد، فهل جملة (الشيطان يخرج من مكة) اسم لشخص أم أنه فقط تجميع كلمات لتحامل شيطاني أعمى على رسول الله محمد /، هذا بغض النظر عن أنّ هذا الحساب المدعى مكذوب وغير صحيح. وهذا هو النص كاملاً ليتدبره كل منصف ويعرف الحقيقة: «1 ثم وقفت على رمل البحر. فرأيت وحشاً طالعاً من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. 2 والوحش الذي رأيته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً. 3 ورأيت واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي وتعجبت كل الأرض وراء الوحش 4 وسجدوا للتنين الذي أعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش. من يستطيع أن يحاربه. 5 وأعطي فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطي سلطاناً أن يفعل اثنين وأربعين شهراً. 6 ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء. 7 وأعطي أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم وأعطي سلطاناً على كل قبيلة ولسان وأمة. 8 فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حيوة الخروف الذي ذبح. 9 من له أذن فليسمع. 10 إن كان أحد يجمع سبيا فإلى السبي يذهب. وإن كان أحد يقتل بالسيف فينبغي أن يقتل بالسيف. هنا صبر القديسين وإيمانهم 11 ثم رأيت وحشاً آخر طالعاً من الأرض وكان له قرنان شبه خروف وكان يتكلم كتنين. 12 ويعمل بكل سلطان الوحش الأول أمامه ويجعل الأرض والساكنين فيها يسجدون للوحش الأول الذي شفي جرحه المميت. 13 ويصنع آيات عظيمة حتى إنه يجعل ناراً تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. 14 ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطي أن يصنعها أمام الوحش قائلاً للساكنين على الأرض أن يصنعوا صورة للوحش الذي كان به جرح السيف وعاش. 15 وأعطي أن يعطي روحا لصورة الوحش حتى تتكلم صورة الوحش ويجعل جميع الذين لا يسجدون لصورة الوحش يقتلون. 16 ويجعل الجميع الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم 17 وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه. 18 هنا الحكمة. من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان. وعدده ستمئة وستة وستون» رؤيا يوحنا - الأصحاح الثالث عشر. مع العلم أنّ العدد مختلف فيه؛ لأن هناك نسختين أحدهما فيها العدد 666 والأخرى العدد فيها 616 ([67]). فالمنصف والذي يريد الحق يتبين بوضوح أنّ هذه طريقة شخص متحامل على رسول الله محمد / ويريد السب والشتم فقط، ونحن نترفع عن هذا وفقكم الله. وأيضاً يتبين بوضوح أنّ هذا شخص يسلك طريق الشيطان، فمن ثمارهم تعرفونهم وهذه هي ثمارهم سب وشتم وألفاظ نابية فمنها تعرفونهم وتعرفون أنهم شياطين تستفزهم شياطين وينطقون عن الشيطان. كما يجب أن يلتفت الجميع أنه ليس من الإنصاف أن يُحَّمل محمداً / أفعال الوهابيين من بعض أعراب الجزيرة ومن تبعهم، مع أنّ القرآن يذمهم ويذم أفعالهم الإجرامية ؟ إنّ من يُحَّمل محمداً / والإسلام ما يفعله الوهابيون إذن فهو يُحَّمل من باب أولى عيسى ( والمسيحية والتوراة والإنجيل كل أفعال قسطنطين وأشباهه، أو على الأقل جرائم الكنيسة في القرون الماضية من قتل وتعذيب وإحراق من يخالفونهم أحياء تحت مسميات التجديف والهرطقة ومحاربة المسيحية والكنيسة والتي لا تقل عن جرائم الوهابيين بشاعة. -(تأويل رؤيا...) س 8/ رأيت أني أمسح رأسي بالزيت، فقلت لقد أكثرت، ثم استدركت فقلت الزيت لا يضر بل ينفع ؟ علي المهدي / طالب جامعي - سوريا ج/ الشعر يعني أفكار الإنسان، والزيت يعني علم يرتب هذه الأفكار وينظمها بالصورة الصحيحة ويضعها على الطريق الصحيح والصراط المستقيم. وفقك الله وسدد خطاك وجميع المؤمنين والمؤمنات. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. * * * -مجموعة الأسئلة الثانية س 9/ من يطالع قضية الصلب والفداء في أقوال علماء الأديان يرى التخبط فيها واضحاً، فهل يمكن بيان القول الفصل فيها من خلال ما يعتقدون به من نصوص ؟ وما هو تفسير هذه الرواية: (.. قلت لأبي عبد الله (: لأي شيء سمي القائم ؟ قال: لأنه يقوم بعدما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه) ؟ بوعلي/ دبلوم - الكويت -(كشف السر: لأي شيء سمي القائم ؟ قال: لأنه يقوم بعدما يموت...) ج/ (قلت لأبي عبد الله (: لأي شيء سمي القائم ؟ قال: لأنه يقوم بعدما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه) غيبة الطوسي. قال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: وأما ما روي من الأخبار التي تتضمن أن صاحب الزمان يموت ثم يعيش أو يقتل ثم يعيش، نحو ما رواه: الفضل بن شاذان، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن قاسم الحضرمي، عن أبي سعيد الخراساني، قال: (قلت لأبي عبد الله (: لأي شيء سمي القائم ؟ قال: لأنه يقوم بعدما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه). وروى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر ( يقول: (مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه). وعنه، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن القاسم بن الربيع، عن علي بن خطاب، عن مؤذن مسجد الأحمر، قال: (سألت أبا عبد الله (: هل في كتاب الله مثل للقائم ( ؟ فقال: نعم، آية صاحب الحمار أماته الله "مائة عام" ثم بعثه). وروى الفضل بن شاذان، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن الفضيل، عن حماد بن عبد الكريم، قال: قال أبو عبد الله (: (إنّ القائم ( إذا قام قال الناس: أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل). ثم علق الشيخ الطوسي رحمه الله عليها، فقال: (فالوجه في هذه الأخبار وما شاكلها أن نقول: بموت ذكره، ويعتقد أكثر الناس أنه بلي عظامه، ثم يظهره الله كما أظهر صاحب الحمار بعد موته الحقيقي. وهذا وجه قريب في تأويل هذا الأخبار، على أنه لا يرجع بأخبار آحاد لا توجب علما عما دلت العقول عليه، وساق الاعتبار الصحيح إليه، وعضده الأخبار المتواترة التي قدمناها، بل الواجب التوقف في هذه والتمسك بما هو معلوم، وإنما تأولناها بعد تسليم صحتها على ما يفعل في نظائرها ويعارض هذه الأخبار ما ينافيها) كتاب الغيبة للطوسي: ص423. الشيخ الطوسي فهم من ظاهر هذه الأحاديث ونظائرها التي كانت تروى في عصره بأنها تعني أنّ هناك شخصاً يدخل للدنيا ويخرج منها مقتولاً ثم يعود إليها بأن يحيه الله في الدنيا مرة أخرى فيكون هو القائم من آل محمد (المهدي، المنقذ، المخلص)، قال الشيخ الطوسي رحمه الله في تقديم الروايات: (وأما ما روي من الأخبار التي تتضمن أن صاحب الزمان يموت ثم يعيش أو يقتل ثم يعيش)، وبما أنّ الشيخ الطوسي فهم أنّ القائم المقصود بهذه الأخبار هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (، وبما أنه ليس لديه فهم يوفق بين هذا الظاهر وبقية الأحاديث فقد لجأ إلى التأويل تارة وإلى كونها آحاد لا يحصل منها اليقين تارة أخرى، وإلى التوقف في معناها أخيراً، وهو في كل الأحوال جزاه الله خيراً مع أنّ تأويله لم يكن موفقاً ولا يمكن أن تقبله النصوص المتقدمة بحال، فكيف يكون قيام القائم من الموت مجرد ظهوره بعد موت ذكره، مع أنّ المثل الذي ضرب له هو صاحب الحمار الذي ذكر الله موته وإحياءه بعد موته صريحاً في القرآن: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة : 259]. ثم من هم الذين يعتقدون بأنّ الإمام المهدي محمد بن الحسن ميت في زمن الظهور كما صرح الشيخ الطوسي (ويعتقد أكثر الناس أنه بلي عظامه) ؟!! فالشيعة يعتقدون بحياته والسنة لا يعتقدون بوجوده أصلاً فكيف يعتقدون بموته ؟!!! إنّ الفهم الصحيح للأحاديث المتقدمة الذي لا يتعارض مع ما روي عنهم عليهم السلام هو أنّ المهدي القائم الذي يظهر يقول للناس إنه هو نفسه الشبيه الذي صلب فلا يتعقل بعض الناس هذا الأمر، وبالتالي يقولون له إنّ الشبيه قد صلب ومات على الصليب وانتهى أمره منذ دهر طويل، (إن القائم ( إذا قام قال الناس: أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل)، انتبه إلى وقت قولهم (إذا قام) وليس قبل هذا أي أنه إذا قام يقول لهم شيئاً، فيقولون رداً عليه (أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل). الآن نقول: لماذا يصار إلى التأويل أو ورد الأحاديث طالما أمكن جمع ظاهرها مع ما روي عنهم عليهم السلام ؟! خصوصاً إذا وجدنا أنّ هناك روايات ونصوص أخرى تنص على هذا الفهم للظاهر وتؤيده كما سيأتي، الحقيقة أنه لا يوجد داع وسبب راجح لصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها، وما أشارت إليه وهو أنّ هناك صفة للقائم، هي أنه نزل إلى الدنيا، وقتل قبل أن يولد، ويدخل فيها مرة أخرى، ويكون هو القائم (المهدي أو المنقذ أو المخلص). وهذا الأمر وبيانه يشبه الرمز السري أو كلمة السر، فهو دليل على دعوى القائم نفسه، فالنصوص موجودة كوجود الأرقام والحروف وبمتناول الجميع ولكن من يمكنه أن يستخرج منها كلمة السر الصحيحة غير صاحبها ؟! كل من عداه لن يصلوا إلى الرمز؛ لأن أقوالهم لن تتعدى الاحتمالات والتخرصات المليئة بالمتناقضات لا أكثر ولا أقل، أما القائم فيأتي بهذا الرمز أو كلمة السر ويفتح بها السر ليتعرف عليه من يريد المعرفة ببساطة وجلاء ووضوح. -(كشف سر: من هو المصلوب...) ولقد بينت مسألة المصلوب والشبيه في المتشابهات الجزء الرابع ولكن لا بأس أن أبينها هنا بصورة أخرى. أولاً: في القرآن: قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ [النساء : 157]. إذن، بحسب القرآن فإنّ عيسى ( لم يقتل ولم يصلب، بل هناك شخص شبه به وصلب مكانه. وأيضاً الآية أعلاه تجيب بجواب واضح على سؤال مهم، هو: هل هناك من لديه علم بسر قضية الصلب وما جرى فيها ؟ حيث إنّ جواب هذا السؤال يجعل تخرصات الناس - وخصوصاً من يدعون الإسلام - بلا قيمة، فالجواب من القرآن: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء: 157]. إذن، هي قضية محصور علمها بالله سبحانه ومن اتصلوا بالله وهم حججه على خلقه باعتبار أنه يعرّفهم ويعلّمهم بالحقائق المخفية والغيب إذا شاء سبحانه، كما بين تعالى في القرآن، قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ( إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ( لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ [الجن: 26 – 28]. والآية واضحة أنّ الغيب الذي يعلمه الله يعلم بعضه لرسله، وجميع خلفاء الله في أرضه هم رسل الله سبحانه إلى خلقه سواء الأنبياء والمرسلون قبل محمد / أو محمد / والأئمة من بعده /، فكلهم إذن مشمولون بأنّ الله يطلعهم على ما يشاء من الغيب. وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾ [البقرة: 255]. وما بين أيديهم ليس ما يقبضون عليه بأيديهم ولا ما خلفهم هو الواقع خلف ظهورهم وإلا لما أمتاز بعلمه سبحانه، بل المراد بين أيديهم أي المستقبل، وما خلفهم أي أحداث الماضي، فالمراد بقوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أي يعلم علم الغيب الذي لا يعرفه الناس من أحداث المستقبل والماضي، وبتكملة الآية يتضح المراد أكثر بقوله: ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ﴾ أي من علم الغيب الذي بين أيديهم وخلفهم، ثم بيّن تعالى أنه يُعلِّم بعض علم الغيب من يُريد من خلقه بما يُريد سبحانه ﴿إِلاَّ بِمَا شَاء﴾. النتيجة مما تقدم: القرآن يقرر أنّ الذي قتل وصلب ليس عيسى ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ﴾. إنّ تحديد الشخص المصلوب وما يحيط بتشبيهه بعيسى وكيف حدثت الحادثة لا يعلمها الناس يهوداً ونصارى ومسلمين ([68]) وغيرهم، وإنّ من يخوضون فيها سيتخبطون بجهل لا أكثر ولا أقل ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾. إنّ الله يعلم الغيب وأحداث المستقبل والماضي ويُطلع على بعضها خلفاءه في أرضه. إذن، حادثة الصلب وما يحيط بها سر - ليس عند المسلمين فقط بل حتى عند المسيحيين وسيأتي الكلام بهذا الأمر - ولا يتيسر الوصول إلى حقيقته إلا لمن يطلعه الله عليه، وهذا أمر يخص حجج الله، وبالتالي فالمرور إلى هذا السر بسلاسة ويسر دال على حجية من مر إليه؛ لأنه قد جاء بكلمة السر أو كلمة المرور التي لا يأتي بها إلا من كان متصلاً بالله سبحانه. ثانياً: في الإنجيل: عيسى يطلب أن لا يصلب ولا يكون هو المصلوب. «… ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس …» متى: 26. «... ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس ...» مرقس: 14. «... وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تُجز عني هذه الكأس ...» لوقا: 22. فكيف يرد الله طلب عيسى ودعاءه وتوسله أن لا يصلب ويدفع عنه الصلب، وهل أنّ عيسى لا يستحق أن يجاب دعاؤه، أم لا يوجد عند الله بديل عن عيسى ( يصلب مثلاً؟! إضافة إلى أنّ المسيحيين يعتقدون أنّ عيسى ( هو اللاهوت المطلق نفسه، وبالتالي فهم يحتاجون تعليل طلب عيسى ( المتقدم تعليلاً لا يوقعهم في تناقض ينفي لاهوته المطلق - كما يعتقدون هم فيه -، وهذا بعيد المنال، فهم لو قالوا إنه طلب أن يدفع عنه الصلب لجهله بحتمية الحدث فقد نقضوا لاهوته المطلق؛ لأنهم وصفوه بالجهل وهو ظلمة، فتبين أنه نور وظلمة وليس نور لا ظلمة فيه، وبالتالي انتقض لاهوته المطلق. وإن قالوا إنه طلب أن يدفع عنه الصلب مع علمه بحتمية الحدث فقد اتهموه بالسفه، وإلا فما معنى طلبه هذا مع علمه بحتمية الحدث ؟! وقولهم هذا ينفي لاهوته المطلق بل وينفي عنه ما دون ذلك وهو حكمة الأنبياء /. المصلوب لا يقبل أن يقول إنه ملك بني إسرائيل، فلماذا لا يقبل لو كان هو نفسه عيسى ( الذي جاء يبلغ الناس بأنه ملك بني إسرائيل ؟! أليس هذا يدل بوضوح أنّ الذي ألقي عليه القبض وصلب شخص آخر غير عيسى ( ملك بني إسرائيل لهذا هو لم يقبل أن يقول إنه ملك بني إسرائيل. «... فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت مَلِك اليهود فقال له يسوع: أنت تقول ...» إنجيل متى: إصحاح /27. «... فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول ...» إنجيل مرقس: إصحاح /15. «...33 ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أفأنت إذا مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق …» إنجيل يوحنا: أصحاح /18. مخاطبة المصلوب لمريم أم عيسى ( يدل على أنه ليس ابنها، وإلا فهل يليق بابن أن يخاطب أمه (يا امرأة). نعم يصح أن يخاطبها المصلوب بهذه الكلمة إذا لم يكن هو نفسه عيسى (، ومخاطبته لها بهذه الكلمة ليوضح أنها ليست أمه وأنه ليس عيسى ( ([69]). «25 وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية. 26 فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً قال لأمه يا امرأة هو ذا ابنك. 27 ثم قال للتلميذ هو ذا أمك» إنجيل يوحنا أصحاح 19. بطرس يعرض أن يضع نفسه مكان عيسى للصلب وعيسى يبين له عجزه عن هذا الأمر: «وقال الرب لسمعان سمعان هو ذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. 32 ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك. 33 فقال له يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت. 34 فقال أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني» إنجيل لوقا أصحاح 22. «قال له سمعان بطرس يا سيد إلى أين تذهب. أجابه يسوع حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ولكنك ستتبعني أخيراً. 37 قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات» إنجيل يوحنا أصحاح 13. في النصين المتقدمين من الإنجيل نفهم أنّ عيسى عرض بصورة أو بأخرى على الحواريين أن يفدوه، أو على الأقل نجد في النصوص أنّ عيسى ( يبين لبطرس وهو أفضل الحواريين أنه غير قادر أن يفدي عيسى (: «قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني ؟. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات»، إذن هذا النص من إنجيل يوحنا يبين بوضوح أنّ عيسى ( طلب من بطرس أن يفديه أو أنه ناقش عرض بطرس «أتضع نفسك عني ؟» ونجد أنّ عيسى أجاب على هذا السؤال بأن بطرس غير قادر على هذا الأمر «الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات»، وهذه المناقشة لم تأتِ من فراغ، فما الذي جعل بطرس يعرض هذا العرض لو لم يكن عيسى ( قد طرح هذا الأمر لهم ؟! وأيضا كلام بطرس «إني أضع نفسي عنك» كيف يمكن فهمه بغير مسألة التشبيه، وإلا فكيف يضع بطرس نفسه مكان عيسى ( ليصلب إذا لم يشبه به قبل هذا لكي يأخذه اليهود ويصلبوه على أنه عيسى ( نفسه، فالقوم يطلبون عيسى ( وليس بطرس ولن يأخذوا بطرس ما لم يشبه به، وأيضاً رد عيسى ( لم يكن أنه لا يصح أن تفديني يا بطرس أو لابد أن أصلب أنا، أو أي جواب آخر غير أنك يا بطرس غير قادر على هذا الأمر، وهذا ينقلنا إلى التساؤل: إذا كان بطرس والحواريون عاجزين عن أن يضعوا أنفسهم مكان عيسى ( ويتحملوا الصلب فهل لا يوجد عند الله أحد يؤدي هذه المهمة بعد أن طلب عيسى ( بوضوح أن يدفع عنه الصلب كما تقدم ؟! «فقال يسوع لبطرس اجعل سيفك في الغمد. الكاس التي أعطاني الآب ألا اشربها» يوحنا 18 – 11. هذا الكلام صدر من المصلوب أثناء القبض عليه، وهو كلام شخص قابل بمسألة الصلب ولا إشكال عنده معها، بل ويعتبر أنّ التردد في شرب كأس الصلب أمر غير مقبول وغير وارد ولا مطروح بالنسبة له ولا يمكن أن يفكر فيه، «الكاس التي أعطاني الآب ألا اشربها ؟!!!»، لا يسأل فقط بل يتسائل بتعجب (ألا اشربها)، فكيف يمكن تصور أنّ يصدر هذا الكلام من نفس الشخص الذي كان قبل إلقاء القبض على المصلوب يقول: «يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس» مرقس 14. إذن، فهما شخصان مختلفان تماماً، فالشخص الذي ألقي عليه القبض وصلب شخص آخر غير عيسى ( الذي طلب أن لا يصلب. -(إنجيل يهوذا ... يبين من هو المصلوب) ما موجود في إنجيل يهوذا وهو إنجيل أثري عثر عليه ويعود تاريخه إلى ما قبل الإسلام فلا يمكن القدح به على أنه ملفق من مسلمين، وبالتالي فهو إنجيل مسيحي وكان متداولاً بين المسيحيين الأوائل، واستنساخ وتداول إنجيل يهوذا بين بعض المسيحيين الأوائل دال على اختلافهم في هوية المصلوب في تلك الفترة، وهذا نص من إنجيل يهوذا يبين أنّ المصلوب ليس عيسى (، بل ويحدد اسم المصلوب وصفاته وصفة ذريته. إنجيل يهوذا - المشهد الثالث: «وقال يهوذا: يا سيد، أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام ؟ أجاب يسوع وقال له: "تعالَ، أنه أنا [... سطرين مفقودين..] لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله". وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل. أجاب يسوع وقال: "ستكون أنت الثالث عشر وستكون ملعوناً من الأجيال الأخرى – ولكنك ستأتي لتسود عليهم. وفي الأيام الأخيرة سيلعنون صعودك [47] إلى الجيل المقدس». )But you will exceed all of them. For you will sacrifice the man that clothes me( «ولكنك ستفوقهم جميعاً لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني. ويرتفع قرنك حالاً. ويضرم عقابك الإلهي. ويظهر نجمك ساطعاً وقلبك [...] [57]». وإضافة إلى أنّ النص يبين بوضوح أنّ المصلوب ليس عيسى «ولكنك ستفوقهم جميعاً لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني». فإنه يطرح اسم المصلوب على أنه يهوذا، وأكيد أنّ يهوذا في هذا النص ليس يهوذا الاسخريوطي الخائن الذي ذهب لعلماء اليهود وجاء بالشرطة الدينية للقبض على المصلوب، فيهوذا الذي يصلب بدل عيسى كما في نص إنجيل يهوذا هو إنسان صالح ويضحي بنفسه لأجل عيسى، بل ويصفه عيسى في إنجيل يهوذا بصفة لا يمكن أن يتصف بها يهوذا الاسخريوطي، وهي أنه سيكون الثالث عشر، حيث إنّ الحواريين كما اتفق الجميع اثنا عشر فقط، وبعد خيانة يهوذا الاسخريوطي جاءوا ببديل عنه ليكمل العدد اثنا عشر ولم يكونوا أبداً ثلاثة عشر، وهذا يجعل يهوذا المخاطب هنا غير يهوذا الاسخريوطي حتماً، هذا إضافة إلى عبارات جاءت في إنجيل يهوذا هي: «ولكنك ستأتي لتسود عليهم»: وهذه العبارة تجعل الأمر منحصراً بالمنقذ الذي يأتي في آخر الزمان ليملأ الأرض بالعدل، فيهوذا الاسخريوطي لا يأتي في آخر الزمان؛ لأنه باختصار شخص طالح ولد ومات في ذلك الزمان. «وقال يهوذا: يا سيد، أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام ؟ أجاب يسوع وقال له: "تعالَ، أنه أنا [... سطرين مفقودين..] لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله". وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل». «أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام» الحكام يحكمون الجميع فهل هناك معنى وحكمة في أن يسأل شخص عن نسله إذا كانوا تحت سيطرة الحكام ؟! إنّ هذا الكلام لن يكون له معنى إلا في حالة واحدة، وهي أنّ هؤلاء النسل الذين يسأل عنهم هم خلفاء الله في أرضه، وبالتالي فهو يسأل إن كانوا سيكونون تحت سيطرة الحكام الطواغيت أم سيمكنهم الناس من الحكم. إذن، (يهوذا) ليس المتوقع أن يسود هو فقط بل نسله أيضاً خلفاء الله في أرضه، وهو يسأل عن خلفاء الله في أرضه من نسله هل يمكن رغم تنصيبهم الإلهي أن يكونوا تحت سلطة وسيطرة الحكام الطواغيت كما كان حال كثير من خلفاء الله الذين سبقوهم، كإبراهيم ( وموسى وعيسى نفسه، أم أنّ الناس ستمكنهم من إجراء حاكمية الله على الأرض، وفي هذا السؤال وجواب عيسى عليه عدة أمور تحتم أنّ يهوذا هنا ليس هو الاسخريوطي. فيهوذا الاسخريوطي أصلاً ليس من خلفاء الله في أرضه، فلا معنى للسؤال لو كان السائل يهوذا الاسخريوطي. ويهوذا الاسخريوطي ليس له نسل، بل مات بعد حادثة الصلب فلا معنى للسؤال لو كان هو. «لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله»: كيف ليهوذا الاسخريوطي الطالح أن يرى الملكوت، نعم يمكن أن يرى الملكوت لو كان يهوذا هنا شخص إلهي جاء من الملكوت وهو عائد إلى الملكوت بعد انتهاء مهمته في الصلب بدلاً عن عيسى (، فهو إذن ليس يهوذا الاسخريوطي. «وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل»: أيُّ جيل أُبعد عنه يهوذا الاسخريوطي ؟!!!! الحقيقة أنّ هذا الكلام لا يستقيم إلا في حالة واحدة، أن يكون يهوذا هنا ليس يهوذا الاسخريوطي بل هو شخص إلهي ملكوتي جاء في زمن وجيل عيسى وهو ليس زمانه وجيله بل جاء لأداء مهمة ويعود من حيث جاء، وأيضاّ جاء بسبب دعاء عيسى ( أن يدفع عنه الصلب لهذا صح أن يقول لعيسى ( «لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل». إذن، يهوذا المذكور في بعض نصوص إنجيل يهوذا كالنص المتقدم ليس يهوذا الاسخريوطي الذي خان عيسى وسلمه لعلماء اليهود كما في نهاية إنجيل يهوذا: «واقتربوا من يهوذا وقالوا له: ماذا تفعل هنا ؟ أنت تلميذ يسوع، فأجابهم يهوذا كما أرادوا منه واستلم بعض المال وأسلمه لهم» إنجيل يهوذا - المشهد الثالث. بل يهوذا هذا كما وصفه إنجيل يهوذا إنسان صالح ومن خلفاء الله في أرضه، بل ويكون بعض ذريته خلفاء الله في أرضه، وأيضاً هو لم يكن من جيل عيسى ولا من زمانه أي أنه نزل من الملكوت في وقت عيسى، وإضافة إلى كل هذا فإنّ النص يقول إنّ يهوذا هذا هو الذي سيملأ الأرض عدلاً ويسود في آخر الزمان. الآن كل هذه الصفات التي جاءت ليهوذا الذي صلب بدلاً من عيسى تنطبق على المنقذ الذي يأتي في آخر الزمان، فإذا سألنا أخيراً عن معنى كلمة يهوذا لنرى من يكون هذا الشخص؟ نجد أنّ كلمة يهوذا بالعربية تعني الحمد أو أحمد، وهذا المعنى تؤكده التوراة، حيث جاء في التوراة – سفر التكوين - الأصحاح التاسع والعشرون: «35 وحبلت أيضاً وولدت ابناً وقالت هذه المرة أحمد الرب. لذلك دعت اسمه يهوذا. ثم توقفت عن الولادة»، إذن يهوذا تعني أحمد، وهو اسم المهدي أو المنقذ أو المعزي الموعود به في آخر الزمان المذكور في التوراة والإنجيل والقرآن ووصية رسول الله محمد /. وأيضاً في التوراة والإنجيل المصلوب وصفت مواقفه وروي عنه كلام بعد إلقاء القبض عليه تدل على أنه شخص حكيم وراض تمام الرضا بما يجري له، وأنه غير يهوذا الاسخريوطي، حيث إنّ يهوذا الاسخريوطي شخص استحوذ عليه الشيطان فلا تصدر منه الحكمة ولا يمكن أن يكون هادئاً ورابط الجأش وهو يساق ليصلب بدلاً عن عيسى ( الذي كفر به. في التوراة/ سفر إشعيا، وفي أعمال الرسل/ الأصحاح الثامن هذا النص: «... مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه ...». وإضافة إلى أنّ النص كما هو الواقع الذي حصل يدل على أنه ذهب بكل هدوء ورباطة جأش إلى العذاب والصلب، فهناك أمر آخر يدل عليه النص وهو أنه لم يتكلم ولم يتظلم ولم يبين حقه وأنه رسول، في حين أنّ عيسى ( بَكَّتَ العلماء والناس، ووعظهم وبين حقه فلا يَصدِقُ عليه أنه ذهب إلى الذبح صامتاً. وفي الإنجيل المصلوب يبشر أحد الذين صلبا معه بأنه سيذهب للفردوس؛ لأنه دافع عنه، فهل يمكن مع هذه الحكمة وهذا التبشير من المصلوب أن يكون هو يهوذا الاسخريوطي؟! وبما يبشر يهوذا الاسخريوطي لو كان قد بدل الله شكله وسيق إلى الصلب بدلاً عن عيسى الذي كفر به، أليس لو كانت هذه حاله فهو يعلم يقيناً أنه ظالم وسيعاقب، فأي فردوس يبشر بها من يدافع عنه ؟! «وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا. 40 فأجاب الآخر وانتهره قائلاً أولا أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه. 41 أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله. 42 ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك. 43 فقال له يسوع الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس» إنجيل لوقا 23. وفي إنجيل لوقا أيضاً: «33 وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى جُمْجُمَةَ صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ، وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 34 فَقَالَ يَسُوعُ: يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» إنجيل لوقا 23. لا يمكن أن يصدر ما تقدم وما روي من الحكمة والمواقف الرصينة الثابتة للمصلوب وفي أصعب الظروف من سفيه أو شيطاني كافر والعياذ بالله كيهوذا الاسخريوطي كما يحلوا لبعضهم تصوير الشبيه على أنه يهوذا الاسخريوطي هكذا بدون أي دليل فقط ليضعوا شبيهاً لعيسى صلب مكانه ([70]). وإضافة إلى كل ما تقدم يجب الالتفات إلى أنّ يهوذا الاسخريوطي جاء ودلّ الشرطة الدينية على المصلوب وألقوا القبض على الشبيه المصلوب، فكيف يكون يهوذا الاسخريوطي جاء مع الشرطة ودلهم على الشبيه وهو نفسه الشبيه، هل يهوذا الاسخريوطي شخصين مثلاً ؟ المفروض أن تكون الأطروحات أكثر تعقلاً، ولا تكون بهذا المستوى من السذاجة والتناقض، فكيف لشخص أن يَعقل موقفاً يقف فيه يهوذا الاسخريوطي وهو مع الشرطة ويدلهم على الشبيه وهو نفسه الشبيه؟ فهو موجود في نفس المكان بشخصين وصورتين، وبحالتين متناقضتين تماماً!! ما هذا المستوى من الطرح وأعجب كيف يقبله بعضهم وهو بهذا المستوى من التناقض؟ إضافة إلى أنّ ما تقدم ينفي ما يقوله بعض المسلمين (بدون دليل) من أنّ المصلوب يهوذا الاسخريوطي فإنه يوجد روايات بينت أنّ الشبيه المصلوب شاب صالح شبه بصورة عيسى ([71]). بل وروي عن النبي أنه من ذرية علي ( بالخصوص ([72]). النتيجة مما تقدم: إنّ في التوراة والأناجيل التي يعترف بها المسيحيون نصوص تدل على أنّ عيسى لم يصلب وإن لم يكن كل من هذه النصوص كافياً بمفرده فهي بمجموعها تمثل دليلاً على أن المصلوب غير عيسى (. فعيسى يطلب من الله أن لا يصلب. والمصلوب يرفض أن يقول بلسانه أنه ملك بني إسرائيل مع أنّ عيسى ملك بني إسرائيل. والمصلوب يخاطب مريم أم عيسى ( (يا امرأة). وبطرس يعرض أن يضع نفسه مكان عيسى أي يطلب أن يكون هو الشبيه «قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك»، وعيسى يرفض؛ لأنه يعلم أنّ بطرس عاجز عن هذا الأمر، ويعطيه امارة عجزه أنه سيتبرأ من المصلوب ثلاث مرات وهي أكيد براءة من عيسى (. وبمقارنة كلام عيسى ( قبل أن يأتي الجنود ويلقوا القبض على المصلوب مع كلام المصلوب أثناء إلقاء القبض عليه نعرف أنهما شخصان مختلفان تماماً، فهما يقفان موقفين مختلفين إزاء القبول بالصلب، فالشخص الذي يقول «الكاس التي أعطاني الآب ألا اشربها» ....لا يمكن أن يكون هو نفسه من قال قبل ساعات «يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس». ومن إنجيل يهوذا: المصلوب ليس عيسى نفسه بل شبيه شبه بعيسى (. المصلوب وصف بأنه الثالث عشر. المصلوب وصف بأنه سيأتي في آخر الزمان ليسود. المصلوب اسمه يهوذا (أحمد كما تبين) ولكن ليس يهوذا الاسخريوطي. المصلوب نزل من الملكوت وليس من جيل عيسى (. المصلوب له ذرية وهم خلفاء لله في أرضه. أيضاّ في التوراة والإنجيل وإنجيل يهوذا نصوص واضحة تبين أنّ المصلوب لا يمكن أن يكون يهوذا الاسخريوطي، وفيها رد على من يقول إنّ المصلوب يهوذا الاسخريوطي. ثالثاً: في الروايات: في كتب الشيعة: في تفسير علي بن إبراهيم، عن أبي جعفر (، قال: (إنّ عيسى ( وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً، فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال: إنّ الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي، قال شاب منهم: أنا يا روح الله، قال: فأنت هُوَ ذا ... ثم قال (: إنّ اليهود جاءت في طلب عيسى ( من ليلتهم ... وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ( فقتل وصلب) تفسير القمي: ج1 ص103. وهذه الرواية تبين أنّ هناك آخر غير يهوذا الاسخريوطي هو من ألقي عليه الشبه وصلب وهو بدرجة عيسى، وعيسى خليفة من خلفاء الله في أرضه ونبي وإمام ومن أولي العزم من الرسل، فهذا الشبيه المصلوب إذن على الأقل خليفة من خلفاء الله في أرضه «فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي». وفيها أيضاً أن هناك اثنا عشر حضروا مع عيسى في الوقت الذي كان فيه يهوذا عند علماء اليهود لتسليم عيسى لهم، فمن يكون الثاني عشر غير المصلوب الذي دخل وخرج دون أن يلفت انتباه أو حتى يراه أحد في البداية غير عيسى ( «مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه». وهذا الأمر موجود وإن لم يكن بهذا الوضوح في الإنجيل الموجود الآن وقد تبين فيما تقدم: «وقال الرب لسمعان سمعان هو ذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. 32 ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك. 33 فقال له يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت. 34 فقال أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني» إنجيل لوقا أصحاح 22. «قال له سمعان بطرس يا سيد إلى أين تذهب. أجابه يسوع حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ولكنك ستتبعني أخيراً. 37 قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات» إنجيل يوحنا أصحاح 13. وروي ما يبين بأن الشبيه خليفة من خلفاء الله وأنّ الذين رفضوه وقتلوه كفار والذين سيقبلونه عند عودته ويدافعون عنه مؤمنون أخيار. عن أبى الجارود، عن أبي جعفر ( في قوله: (﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، فقالوا: لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الأموال والأنفس والأولاد، فقال الله: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ - إلى قوله - الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصف: 10 – 13]. يعني في الدنيا بفتح القائم. وأيضاً قال فتح مكة قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ - إلى قوله - فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ﴾ [الصف: 14]، قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى ( وصلبته، والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل، (فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته وهو قوله: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾) تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي: ج2 ص365 – 366. من هم الذين يجب على الناس الإيمان بهم غير خلفاء الله في أرضه (والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل) ؟! إذن، فالرواية تبين بوضوح أنّ المصلوب خليفة من خلفاء الله في أرضه ويجب على الناس الإيمان به ونصرته عند مجيئه إلى هذا العالم. وهذا موجود في الإنجيل وقاله الشبيه المصلوب بوضوح تام: «أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا» إنجيل يوحنا: إصحاح /18. أي إنه يبين أنه عند مجيئه إلى هذا العالم الجسماني في جيله وزمانه سيكون هناك من يدافعون عنه؛ لكي لا يسلم إلى يهود زمانه ويصلب، «لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا»، (والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل). وروي أنّ الشبيه المصلوب من ذرية رسول الله /: قال رسول الله محمد / وهو يدعو لعلي ابن أبي طالب (: (اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسى (، اللهم إنك خليفتي عليه وعلى عترته وذريته الطيبة المطهرة التي أذهبت عنها الرجس والنجس) الغيبة للنعماني: ص144. في كتب السنة: روى السنة في تفاسيرهم أنّ الذي صلب ليس يهوذا الاسخريوطي، بل هو شاب كان مع الحواريين: (روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنّ عيسى خرج على أصحابه لما أراد الله رفعه، فقال: أيكم يُلقى عليه شبهي، فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب، فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد القول، فقام الشاب، فقال عيسى: اجلس، ثم أعاد، فقال الشاب: أنا، فقال: نعم أنت ذاك، فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى، وجاء اليهود، فأخذوا الرجل، فقتلوه، ثم صلبوه. وبهذا القول قال وهب بن منبه، وقتادة، والسدي) زاد المسير في علم التفسير - ابن الجوزي. (حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿إنَّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ﴾ ... إلى قوله: ﴿وكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ أولئك أعداء الله اليهود اشتهروا بقتل عيسى بن مريم رسول الله، وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه. وذُكر لنا أن نبيّ الله عيسى ابن مريم قال لأصحابه: أيكم يُقذف عليه شبهي فإنه مقتول ؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا نبيّ الله. فقُتل ذلك الرجل، ومنع الله نبيه ورفعه إليه. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ قال: أُلِقي شبهه على رجل من الحواريـين فقُتل، وكان عيسى ابن مريم عَرَض ذلك عليهم، فقال: أيكم ألِقي شبهِي عليه وله الجنة؟ فقال رجل: عليّ. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن القاسم بن أبي بزّة: أن عيسى ابن مريم قال: أيكم يُلقي عليه شبهِي فيُقتل مكاني؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا رسول الله. فأُلقي عليه شبهه، فقتلوه، فذلك قوله: ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: بلغنا أن عيسى ابن مريم قال لأصحابه: أيكم يَنتدب فيلقى عليه شبهي فيقتل ؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا نبيّ الله. فألقي عليه شبه فقُتل، ورفع الله نبيه إليه. حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ﴿شُبِّهَ لَهُمْ﴾ قال: صلبوا رجلاً غير عيسى يحسبونه إياه. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ فذكر مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: صلبوا رجلاً شبهوه بعيسى يحسبونه إياه، ورفع الله إليه ( السلام حياً) جامع البيان في تفسير القرآن - ابن جرير الطبري. (ثم أخبر سبحانه أنَّ بني إسرائيل ما قَتَلُوا عيسَىٰ، وما صَلَبوه، ولكنْ شُبِّه لَهُمْ، واختلفتِ الرُّوَاةُ في هذه القصَّة، والذي لا يُشَكُّ فيه أنَّ عيسَىٰ ( كان يَسِيحُ في الأَرْضِ ويدعو إلى اللَّه، وكانَتْ بنو إسرائيل تَطْلُبُه، ومَلِكُهُمْ في ذلك الزَّمَانِ يجعَلُ عليه الجَعَائِلَ، وكان عيسَىٰ قد ٱنضوَىٰ إليه الحواريُّون يَسِيرُونَ معه؛ حيثُ سار، فلَمَّا كان في بعض الأوقات، شُعِرَ بأمْر عيسَىٰ، فَرُوِيَ أنَّ رجلاً من اليهود جُعِلَ له جُعْلٌ، فما زال يَنْقُرُ عنه؛ حتى دلَّ علَىٰ مكانه، فلما أحَسَّ عيسَىٰ وأصحابُهُ بتلاحُقِ الطَّالبين بهم، دخلوا بَيْتاً بمرأى مِنْ بني إسرائيل، فرُوِيَ أنهم عَدُّوهم ثلاثةَ عَشَرَ، ورُوِيَ: ثمانيةَ عَشَرَ، وحُصِرُوا لَيْلاً، فرُوِيَ أنَّ عيسَىٰ فرق الحواريِّين عن نَفْسه تلك الليلةَ، ووجَّههم إلى الآفاقِ، وبقي هُوَ ورجُلٌ معه، فَرُفِعَ عيسَىٰ، وأُلْقِيَ شَبْهُهُ على الرجُلِ، فَصُلِبَ ذلك الرجُلُ) الجواهر الحسان في تفسير القرآن - الثعالبي. (فاجتمعت اليهود على قتله فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود، فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة ؟ فقال رجل منهم: أنا، فألقى الله عليه شبهه فقتل وصلب) تفسير مدارك التنزيل وحقائق التاويل - النسفي. (......... امتثل والي بيت المقدس ذلك وذهب هو وطائفة من اليهود إلى المنزل الذي فيه عيسى ( وهو في جماعة من أصحابه اثني عشر أو ثلاثة عشر وقال سبعة عشر نفراً وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر ليلة السبت فحصروه هنالك. فلما أحس بهم وأنه لا محالة من دخلوهم عليه أو خروجه إليهم قال لأصحابه أيكم يلقى عليه شبهي وهو رفيقي في الجنة ؟ فانتدب لذلك شاب منهم فكأنه استصغره عن ذلك فأعادها ثانية وثالثة وكل ذلك لا ينتدب إلا ذلك الشاب فقال: أنت هو وألقى الله عليه شبه عيسى حتى كأنه هو وفتحت روزنه من سقف البيت وأخذت عيسى عليه السلام سنة من النوم فرفع إلى السماء وهو كذلك كما قال الله تعالى "إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي" الآية فلما رفع خرج أولئك النفر فلما رأى أولئك ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى فأخذوه في الليل وصلبوه ووضعوا الشوك على رأسه ..... وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم أي رأوا شبهه فظنوه إياه) تفسير ابن كثير. إذن، النتيجة من التوراة والإنجيل والقرآن والعقل والروايات أنّ المصلوب ليس عيسى ولا يهوذا الاسخريوطي، ووجدنا روايات تقول إنه من ذرية رسول الله / وعلي (، وتشير إلى أنه خليفة من خلفاء الله، فماذا نفعل، هل نبقى نجادل ونرد هذه الروايات ونمرر أوهامنا المبنية على الهوى لا غير والتي تعارض ما نقل في التوراة والإنجيل والروايات وتعارض العقل أيضاً ونقول إنّ المصلوب يهوذا الاسخريوطي وأنها عنزة وإن طارت ؟!!!!!!!!!! أم نقول القول منا ما اتفقت عليه الكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن ونص عليه رسول الله وآل محمد / وهو أنّ المصلوب ليس عيسى (، والمصلوب إنسان صالح، والمصلوب خليفة من خلفاء الله في أرضه، والمصلوب من آل محمد / ومن ذرية علي (، وكل هذه الحقائق من النصوص من التوراة والإنجيل والقرآن وأقوال محمد وآل محمد / ولا معارض معتبراً لها. -(أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل...) الآن بعد أن أثبتنا أنّ عيسى لم يصلب ولم يقتل وأنّ هناك شبيه صلب وشخصناه من التوراة والإنجيل والقرآن وأقوال محمد وآل محمد /، نعود إلى ما رواه الطوسي، وهو أنّ الناس لا يتعقلون مسألة التشبيه والصلب أو لا يتقبلون الشخص الذي يواجههم وأنه هو، فيبدأون بالإشكال كما روى الطوسي رحمه الله: عن أبي عبد الله (: (إن القائم ( إذا قام قال الناس: أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل). أو لنكتب إشكالهم بصورة أخرى: كيف أنّ الشبيه المصلوب شخص نزل إلى الأرض بصورة معجزة وقتل وبعد ذلك يولد كطفل ويكبر حتى يكون هو القائم أو المهدي ؟!! والحقيقة أنّ أصحاب هذا الاعتراض يطرحونه نتيجة عدم معرفتهم أو التفاتهم إلى أنّ الأرواح خلقت قبل هذا العالم الجسماني، وهذا الأمر يثبته العقل والنقل. فالعقل: لا يقبل أنّ الروح الأدنى مقاماً خلقت قبل الروح الأعلى مقاماً؛ لأنها متقومة بوجود الأعلى، وليس هذا موضع مناقشة وبيان كيفية صدور الخلق من الحقيقة المطلقة ولكن لا بأس ببيان بسيط: فالصادر من الحقيقة المطلقة أو المخلوق الأقرب للحقيقة المطلقة لا يمكن تكراره وإلا لكان هو نفسه الأول لا غير، ولهذا فالمخلوق الذي بعده يكون أبعد عن الحقيقة المطلقة من الأول أي دونه مقاماً، وبالتالي يتوسط المخلوق الأول في خلق الثاني، أي كما قال تعالى (بيدي): ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص: 75]، وهكذا يكون المخلوق الأول بالنسبة للثاني يد الله، وأيضاً المخلوق الثاني بالنسبة للثالث يكون يد الله، أي أنها ليست يد واحدة ولا اثنتين بل أيد كثيرة كما قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات: 47]. فالعقل يقول إنّ روح محمد / الأعلى مقاماً خلق قبل روح آدم ( الأدنى مقاماً، ولا يوجد دليل عقلي يرد هذه الحقيقة، أما كون آدم خلق قبل محمد في هذا العالم الجسماني فلا يعني سبق روح آدم ( حيث إنه لا تلازم بين خلق الجسد وخلق الروح وهما في عالمين مختلفين. والقرآن يؤيد هذا الدليل الموافق للحكمة والعقل، قال تعالى: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص: 75]، وتعالى الله أن تكون له يد وإنما خلقت بيدي أي بيد مخلوقة مثلت قوته وإرادته وقدرته على الخلق في هذا المقام، وهذه اليد أو الروح المخلوق خلقت آدم أو توسطت في خلق آدم (. إذن، هذا الروح سبق آدم (، وهذه اليد أو الروح المخلوق هو محمد / ومن شاء الله له أن يكون يداً له سبحانه لتنفيذ ما يريد من الخلق وفي الخلق ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات: 47]، فهؤلاء هم أيد الله التي يخلق بها، وهم خلق الله الأوائل المقربون ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾[النجم : 56] وهم أصحاب المقام العالي غير المكلفين بالسجود لآدم (؛ لأنهم أعلى مقاماً منه، ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾[ص: 75]، العالين: أي الأرواح الذين خلقوا آدم، ولهذا فهم غير مكلفين بالسجود لآدم؛ لأنهم فوقه وأعلى مقاماً منه. أما النقل: ففيه بيان واضح أن روح محمد / وآل محمد / خلقت قبل خلق آدم والخلق جميعاً وقبل الأجسام أو هذا العالم الجسماني بأمد بعيد: من القرآن: وقال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ [الزخرف: 81]، الآية في مقام الرد على من يقولون إنّ عيسى ( ابن الله، وملخص الرد هو أنها تنفي هذه البنوة باعتبار أنّ محمداً / المخلوق الأول وسبق عيسى وجوداً، وتسوق لهذا السبق بياناً هو السبق بالعبادة ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾، والنتيجة فالآية واضحة في إثبات أنّ روح محمد / خلقت قبل روح عيسى ( وآدم (، بل وقبل أرواح كل الخلق وإلا لما صح أن يوصف بأنه أول العابدين في مقام السبق الزمني أو الحدثي. ومن الروايات من طرق السنة والشيعة: عن المفضل، قال: قال أبو عبد الله (: (إنّ الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلوات الله عليهم، فعرضها على السموات والأرض والجبال فغشيها نورهم ...) مجمع النورين للمرندي: ص272. قال الصادق (: (إنّ الله آخى بين الأرواح في الاظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخى بينهما في الاظلة، ولم يورث الأخ من الولادة) بحار الأنوار: ج6 ص249. حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن إبراهيم ابن يحيى بن عجلان المروزي المقرئ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر عبد الصمد بن يحيى الواسطي، قال: حدثنا الحسن بن علي المدني، عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: (إنّ الله تبارك وتعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل أن خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار، وقبل أن خلق آدم ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان، وكل من قال الله عز وجل في قوله: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب - إلى قوله - وهديناهم إلى صراط مستقيم"، وقبل أن خلق الأنبياء كلهم بأربع مائة ألف وأربع وعشرين ألف سنة، وخلق الله عز وجل معه اثني عشر حجاباً.............) الخصال للصدوق: ص482. عن أبي سعيد الخدري، قال: (كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل إليه رجل فقال: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله عز وجل لإبليس: "استكبرت أم كنت من العالين" فمن هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة ؟ فقال رسول الله: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين، كنا في سرادق العرش نسبح الله وتسبح الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بألفي عام، فلما خلق الله عز وجل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ولم يأمرنا بالسجود فسجدت الملائكة كلهم إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد، فقال الله تبارك وتعالى: "استكبرت أم كنت من العالين" أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش فنحن باب الله الذي يؤتى منه. بنا يهتدي المهتدون. فمن أحبنا أحبه الله وأسكنه جنته، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره، ولا يحبنا إلا من طاب مولده) بحار الأنوار: ج25 ص2. روى الصدوق رحمه الله في كتاب المعراج عن رجاله إلى ابن عباس قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يخاطب علياً ( ويقول: يا علي، إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء معه فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله، فكنا أمام عرش رب العالمين نسبح الله ونقدسه ونحمده ونهلله، وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرضين، فلما أراد أن يخلق آدم خلقني وإياك من طينة واحدة من طينة عليين وعجننا بذلك النور وغمسنا في جميع الأنوار وأنهار الجنة، ثم خلق آدم واستودع صلبه تلك الطينة والنور، فلما خلقه استخرج ذريته من ظهره فاستنطقهم وقررهم بالربوبية، فأول خلق إقراراً بالربوبية أنا وأنت والنبيون على قدر منازلهم وقربهم من الله عز وجل، فقال الله تبارك وتعالى: صدقتما وأقررتما يا محمد ويا علي وسبقتما خلقي إلى طاعتي، وكذلك كنتما في سابق علمي فيكما، فأنتما صفوتي من خلقي، والأئمة من ذريتكما وشيعتكما وكذلك خلقتكم..........) بحار الأنوار: ج25 ص3. أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (، عن أبائه عليهم السلام، عن أمير المؤمنين (، قال: (كان ذات يوم جالساً بالرحبة والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي أنزلك الله به، وأبوك يعذب بالنار ! فقال له: مه فض الله فاك والذي بعث محمداً بالحق نبياً، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم، أبي يعذب بالنار وابنه قسيم النار ! ثم قال: والذي بعث محمداً بالحق نبياً، إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار: نور محمد صلى الله عليه وآله، ونوري، ونور فاطمة، ونوريّ الحسن والحسين ومن ولده من الأئمة، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز وجل من قبل خلق آدم بألفي عام) أمالي الطوسي: ص305، مائة منقبة لابن شاذان القمي: ص174، كنز الفوائد للكراجكي: ص80. عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (، قال: (كان الله ولا شيء معه، فأول ما خلق نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام، فلما خلق الله تعالى نور نبينا محمد صلى الله عليه وآله بقي ألف عام بين يدي الله عز وجل واقفاً يسبحه ويحمده، والحق تبارك وتعالى ينظر إليه .................. فلما تكاملت الأنوار سكن نور محمد تحت العرش ثلاثة وسبعين ألف عام، ثم انتقل نوره إلى الجنة فبقي سبعين ألف عام، ثم انتقل إلى سدرة المنتهى فبقي سبعين ألف عام، ثم انتقل نوره إلى السماء السابعة، ثم إلى السماء السادسة، ثم إلى السماء الخامسة، ثم إلى السماء الرابعة، ثم إلى السماء الثالثة، ثم إلى السماء الثانية، ثم إلى السماء الدنيا، فبقي نوره في السماء الدنيا إلى أن أراد الله تعالى أن يخلق آدم ( ........) بحار الأنوار: ج15 ص27 – 31. ما رواه جابر بن عبد الله، قال: (قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: أول شيء خلق الله تعالى ما هو ؟ فقال: نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ثم جعله أقساماً، فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم، وأقام القسم الرابع في مقام الحب ما شاء الله، ثم جعله أقساماً فخلق القلم من قسم، واللوح من قسم والجنة من قسم. وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ثم جعله أجراء فخلق الملائكة من جزء والشمس من جزء والقمر والكواكب من جزء، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله، ثم جعله أجزاء فخلق العقل من جزء والعلم والحلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله، ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الأولياء والشهداء والصالحين) بحار الأنوار: ج25 ص22. وعن محمد بن سنان، عن ابن عباس، قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه آله فأقبل علي بن أبي طالب ( فقال له النبي صلى الله عليه وآله: مرحباً بمن خلقه الله قبل أبيه بأربعين ألف سنة، قال: فقلنا: يا رسول الله، أكان الابن قبل الأب ؟ فقال: نعم، إن الله خلقني وعلياً من نور واحد قبل خلق آدم بهذه المدة ثم قسمه نصفين، ثم خلق الأشياء من نوري ونور علي (، ثم جعلنا عن يمين العرش فسبحنا فسبحت الملائكة، فهللنا فهللوا، وكبرنا فكبروا، فكل من سبح الله وكبره فإن ذلك من تعليم علي () بحار الأنوار: ج25 ص24. عبد الله بن المبارك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين ( أنه قال: (إنّ الله خلق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل المخلوقات بأربعة عشر ألف سنة، وخلق معه اثني عشر حجاباً والمراد بالحجب الأئمة عليهم السلام) بحار الأنوار: ج25 ص21. * * * أخرج أبو الحسن علي بن محمد المعروف بابن المغازلي الواسطي الشافعي في كتابه "المناقب"، بسنده عن سلمان الفارسي، قال: (سمعت حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق آدم أودع ذلك النور في صلبه فلم يزل أنا وعلي شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي علي الإمامة) ينابيع المودة: ج1 ص47، والحديث عن سلمان أنظره أيضاً في: تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص67، مناقب ابن المغازلي: ص87 ، فضائل الصحابة لابن حنبل: ج2 ص662، مناقب الخوارزمي: ص145. أخرج ابن المغازلي أيضاً، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي ذر، قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً عن يمين العرش بين يدي الله عز وجل يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلم يزل أنا وعلى شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي) ينابيع المودة: ج1 ص47. وروى ابن عباس (رضي الله عنه)، قال: (سمعت رسول الله / يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم سلك ذلك النور في صلبه، ولم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره في صلب عبد المطلب، ثم أخرجه من عبد المطلب فقسمه قسمين؛ قسماً في صلب عبد الله، وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبه بحق أحبه، ومن أبغضه فيبغضني أبغضه) نظم درر السمطين للزرندي الحنفي: ص79، وأخرجه أيضاً في كتابه معارج الوصول إلى معرفة آل الرسول: ص33. (أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: وأخبرنا عمر بن عاصم الكلابي، أخبرنا أبو هلال، عن قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث) الطبقات الكبرى: ج1 ص149. حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد البغدادي، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: (قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم متى وجبت لك النبوة ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. هذا حديث حسن صحيح) سنن الترمذي: ج5 ص245. (حدثنا أبو النضر الفقيه وأحمد بن محمد بن سلمة العنزي، قالا: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن سنان العوفي، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفخر، قال: قلت لرسول الله متى كنت نبياً ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) المستدرك للحاكم: ج2 ص608. الآن تبين من القرآن والروايات أنّ محمداً وآل محمد / أرواحهم موجودة في زمن بعث عيسى بل قبل أن يولد عيسى، فهل هناك مانع أن يخلق لروح أحدهم بدن جسماني أو في الحقيقة هو يظهر في العالم الجسماني بصورة تشبه عيسى ( ويكون هذا الأمر بإرادة الله وبحوله وقوته على الأقل كما روي ظهور جبرائيل - وهو روح - لمحمد / في هذا العالم الجسماني بصورة دحية الكلبي ([73]). أقول: هل هناك مانع عقلي الآن بعد أنّ دل النقل والعقل على هذا الأمر ؟ ثم من يرفض ويقول هذا لا يعقل هل لديه بديل تؤيده النصوص والعقل والحكمة كما هو الحال فيما تقدم ؟ أم مجرد عناد وجدل وإتباع هوى لرفض الحق لا غير ! إنّ تقبل الحقيقة كما هي ربما يكون فيه شيء من الصعوبة خصوصاً مع وجود الجهل والشيطان وجنودهما الذين يعملون جاهدين لمنع الناس من الإنصات للحق ولسماع كلام الله والخضوع للدليل والتعرف على الحقيقة، ولكن عندما يقام الدليل لإظهار الحقيقة على الناس العقلاء أن تقول نعم هذه هي الحقيقة لقد رأيناها بوضوح، وإلا فلن يكونوا أناساً ولا عقلاء. والحمد لله رب العالمين. * * * -الملحق 1 : مجد الرب في سيناء في سفر الخروج الأصحاح 19: «1 في الشهر الثالث بعد خروج بني إسرائيل من أرض مصر في ذلك اليوم جاءوا إلى برية سيناء. 2 ارتحلوا من رفيديم وجاءوا إلى برية سيناء فنزلوا في البرية. هناك نزل إسرائيل مقابل الجبل 3 وأما موسى فصعد إلى الله. فناداه الرب من الجبل قائلاً هكذا تقول لبيت يعقوب وتخبر بني إسرائيل. 4 أنتم رأيتم ما صنعت بالمصريين. وأنا حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلي. 5 فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب. فإن لي كل الأرض. 6 وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة. هذه هي الكلمات التي تكلم بها بني إسرائيل 7 فجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاه بها الرب. 8 فأجاب جميع الشعب معاً وقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل. فرد موسى كلام الشعب إلى الرب. 9 فقال الرب لموسى ها أنا آت إليك في ظلام السحاب لكي يسمع الشعب حينما أتكلم معك فيؤمنوا بك أيضاً إلى الأبد. وأخبر موسى الرب بكلام الشعب. 10 فقال الرب لموسى اذهب إلى الشعب وقدسهم اليوم وغداً. وليغسلوا ثيابهم. 11 ويكونوا مستعدين لليوم الثالث. لأنه في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء. 12 وتقيم للشعب حدوداً من كل ناحية قائلاً احترزوا من أن تصعدوا إلى الجبل أو تمسوا طرفه. كل من يمس الجبل يقتل قتلاً. 13 لا تمسه يد بل يرجم رجماً أو يرمى رمياً. بهيمة كان أم إنساناً لا يعيش. أما عند صوت البوق فهم يصعدون إلى الجبل 14 فانحدر موسى من الجبل إلى الشعب وقدس الشعب وغسلوا ثيابهم. 15 وقال للشعب كونوا مستعدين لليوم الثالث. لا تقربوا امرأة. 16 وحدث في اليوم الثالث لما كان الصباح أنه صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جداً. فارتعد كل الشعب الذي في المحلة. 17 وأخرج موسى الشعب من المحلة لملاقاة الله. فوقفوا في أسفل الجبل. 18 وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار. وصعد دخانه كدخان الآتون وارتجف كل الجبل جداً. 19 فكان صوت البوق يزداد اشتداداً جداً وموسى يتكلم والله يجيبه بصوت 20 ونزل الرب على جبل سيناء إلى رأس الجبل. ودعا الله موسى إلى رأس الجبل. فصعد موسى. 12 فقال الرب لموسى انحدر حذر الشعب لئلا يقتحموا إلى الرب لينظروا فيسقط منهم كثيرون. 22 وليتقدس أيضاً الكهنة الذين يقتربون إلى الرب لئلا يبطش بهم الرب. 23 فقال موسى للرب لا يقدر الشعب أن يصعد إلى جبل سيناء. لأنك أنت حذرتنا قائلاً أقم حدوداً للجبل وقدسه. 24 فقال له الرب اذهب انحدر ثم اصعد أنت وهرون معك. وأما الكهنة والشعب فلا يقتحموا ليصعدوا إلى الرب لئلا يبطش بهم 25 ...». وأيضاً في سفر الخروج أصحاح 24: «1 قال لموسى اصعد إلى الرب أنت وهرون وناداب وابيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل. واسجدوا من بعيد. 2 ويقترب موسى وحده إلى الرب وهم لا يقتربون. وأما الشعب فلا يصعد معه. 3 فجاء موسى وحدث الشعب بجميع أقوال الرب وجميع الأحكام. فأجاب جميع الشعب بصوت واحد وقالوا كل الأقوال التي تكلم بها الرب نفعل. 4فكتب موسى جميع أقوال الرب. وبكر في الصباح وبنى مذبحا في أسفل الجبل واثني عشر عموداً لأسباط إسرائيل الاثني عشر. 5 وأرسل فتيان بني إسرائيل فاصعدوا محرقات وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران. 6 فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس. ونصف الدم رشه على المذبح. 7 وأخذ كتاب العهد وقرا في مسامع الشعب. فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. 8 وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال 9 ثم صعد موسى وهرون وناداب وابيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل. 10 ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة. 11 ولكنه لم يمد يده إلى اشراف بني إسرائيل. فرأوا الله وأكلوا وشربوا 12 وقال الرب لموسى اصعد إليّ إلى الجبل وكن هناك. فأعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم. 13 فقام موسى ويشوع خادمه. وصعد موسى إلى جبل الله. 14 وأما الشيوخ فقال لهم اجلسوا لنا ههنا حتى نرجع إليكم. وهوذا هرون وحور معكم. فمن كان صاحب دعوة فليتقدم إليهما. 15 فصعد موسى إلى الجبل. فغطى السحاب الجبل. 16 وحل مجد الرب على جبل سيناء وغطاه السحاب ستة أيام. وفي اليوم السابع دعي موسى من وسط السحاب. 17 وكان منظر مجد الرب كنار اكلة على رأس الجبل أمام عيون بني إسرائيل. 18 ودخل موسى في وسط السحاب وصعد إلى الجبل. وكان موسى في الجبل أربعين نهاراً وأربعين ليلة». * * * -الملحق 2 : صلاة حبقوق نبوؤات مستقبلية - يقول انطونيوس فكري : (آية (1): "صلاة لحبقوق النبي على الشجوية": صلاة لحبقوق النبي = كانت صلاة الأنبياء تعتبر نبوات تتحقق. ...... فهو رأى نهاية بابل الدولة التي ظلمت شعبه، بل من خلال هذه الرؤيا كشف الله له خلال الرموز خطته الخلاصية التي تمت بالصليب. ..... آية (3): "الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران سلاه جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه": .... وكأننا نرى النبي هنا يتذكر الأمجاد السابقة في سيناء أو أن الله يريه أن هذه الأمجاد سوف تتكرر ثانية وأنه سوف يخلص شعبه (راجع تث 2:33 خر20:19 + 17:24). هذه الآيات تشير لظهور الله في مجده أمام الشعب و"كما كان فهكذا يكون من جيل إلى جيل". وحين يأتي الله تمتلئ السموات من جلاله فهو ساكن في السموات، والسموات تشير للنفس البشرية التي إلتصقت بالله فتحولت لسماء. والأرض امتلأت من تسبيحه = هذا هو الجسد الذي يسبح الله. تيمان في أدوم وفاران في سيناء وقوله الله جاء من تيمان = أي ظهر وتجلي مجده في تيمان. ثم يقول والقدوس من جبل فاران. وحينما نعود لأصل الآية في كلمات موسى (تث 2:33) نجدها معكوسة، فموسى يقول جاء الرب من سيناء (حيث ظهر في مجده) وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران" فموسى يقصد أن مجد الرب سيظهر أولاً للشعب اليهودي في سيناء ثم يظهر بعد ذلك لسعير (رمز انتشار معرفة الله في الأمم). أما حبقوق فيبدأ بسعير رمز لدخول المسيحية للأمم ثم جبل فاران حيث كان الشعب اليهودي تائهاً وذلك رمزاً لإيمان اليهود في أواخر الأيام. والأرض امتلأت من تسبيحه = إشارة للكنيسة الممتدة في العالم. آية (4): "وكان لمعان كالنور له من يده شعاع وهناك استتار قدرته": كان لمعان كالنور = الله نور، بل موسى حين رأي على قدر ما يحتمل من مجد الله استنار وجهه، ولمع جلد وجهه. ونور الله يكشف الظلمة، وهكذا شريعة الله التي أخذوها على جبل سيناء، وحين ظهر لهم الله رأوا نوراً (خر10:24،17). وكأن النبي يريد أن يقول "حين سمعت بخبر الكلدانيين تصورت أن أمورنا في يدهم وهم خارجين عن سلطانك، لكن الآن قد علمت أنك تعلم كل شيء نورك يفضح هؤلاء السالكين في الظلمة. له من يده شعاع = هو البرق الذي يصاحب العاصفة، فالله على أعدائه يكون كعاصفة تدمرهم، وبرق يصعقهم. وهناك إستتار قوته = إن الله لا يتعامل مع أعداء شعبه كما نتصور نحن البشر أو نتمنى، فهو لا ينتقم منهم فوراً، بل يعطيهم فرصة [1] لعلهم يتوبون [2] يتم عمل التأديب فينا. وحينئذ سيدرك الكل قوة الله التي كانت مستترة إلى حين. لكن هذه الآية تشير لتجسد المسيح الذي هو نور من نور هو شعاع (نور) يد الله، فيد الله إشارة للمسيح (أش5:51) يقضيان فالمسيح هو الديان + أش9:51) لكن حين تجسد المسيح إستتر نور مجد لاهوته في جسده. وهو أيضاً كان مستتراً في نبوات العهد القديم. ومجد الله ظهر في المسيح لكن على قدر ما نحتمل) القس انطونيوس فكري - تفسير العهد القديم - سفر حبقوق 3. - يقول القمص تادرس يعقوب ملطي: (... يا رب قد سمعت خبرك فجزعت، يا رب عملك في وسط السنين أحيّه، في وسط السنين عّرِف، في الغضب أذكر رحمة" [1-2]. إذ وقف النبي على المرصد يترقب كلمة الله وإذ انتصب على البرج الإلهي متحصناً تهلّلت نفسه في داخله بالرغم من كل الظروف القاسية المحيطة به. وفيما كان النبي يئن من أجل شعب الله إذا بالله يكشف له خطّته الخلاصية عبر العصور التي تجلت على الصليب فتهلّل ممسكًا بقيثارة الروح ليضرب على أوتارها مزمور تسبحة، قائلاً: "يا رب قد سمعت خبرك (كلامك) فجزعت". وكأن يقول يا رب إذ سمعت كلامك امتلأت نفسي رهبة وخشية، كشفت ليّ أسرارك وأدركت أعمالك فصرت في دهشة ! لم تقف رؤيته عند حدود أعمال الله في عصره وإنّما امتدت ليراها عبر العصور، .......... 2. أعمال الله على جبل سيناء: انسحب قلب النبي حبقوق إلى عمل الله حين ارتفع موسى على الجبل ليتسلّم الشريعة فامتلأ الجبل بهاءً ومجداً، وأشرق الله بنوره على شعبه لينطلق قلبه ولسانه، نفسه وجسده بالفرح والتسبيح، قائلاً: "الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطّى السموات، والأرض امتلأت من تسبيحه". يُشير هنا إلى ظهور الله في مجده بطريقة ملوسة عندما استلم موسى الشريعة وكما قيل "نزل الرب على جبل سيناء" (خر 19: 20)، "وكان منظر مجد الرب كنار آكله على رأس الجبل" (خر 24: 17)، "جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأت من جبل فاران" (تث 33: 2). جاء في الترجمة السبعينيّة: "الله يأتي من الجنوب، والقدوس من الجبل المظلّل". ويعلّق القدّيس جيروم على هذه العبارة: "الله يأتي من الجنوب. هنا يُشير إلى المخلص، حيث ولد الله في الجنوب، لأن بيت لحم جنوب أورشليم". ويرى القدّيس ديديموس الضرير أن الجنوب يُشير إلى الرياح الحارة التي تهب على النفس فتلهبها بالروح، أو بالحب فلا يكون بارداً، أما الشمال فيُشير إلى الرياح الشماليّة الباردة التي تُشير إلى عمل الشيطان الذي يُفسد حرارة الروح، لذا في سفر النشيد طلبت العروس أن يُنزع عنها ريح الشمال الذي هو عمل إبليس، وتأتيها ريح الجنوب التي تُشير للمخلّص عريسها نفسه. يُكمّل النبي تسبحته، قائلاً: "وكان لمعان كالنور، له من يده شعاع، وهناك استَتار قدرته". كأنه يقول: كنت أظن أن الأمور تسير بلا تدبير، الشرّير يلتهم البار، وأمّة الكلدانيّين تبتلع بقيّة الشعوب، ليس من يُحاسبها ولا من يصدها، لكنني وقد أدركت أسرار معرفتك وجدتك النور الأزلي المُدرِك للأسرار الخفيّة، ليس شيء مخفيًا عن عينيك. تمد يدك للعمل وإذا بشعاع يصدر عنهما يفضح السالكين في الظلمة، عندئذ يدرك الكل قدرتك التي كانت مستترة إلي حين. جاءت العبارة "له من يده قرنان" أي نور قرون الشمس كما جاء في ترجمة اليسوعيّين، هذان القرنان اللذان في يده هما لوحا الشريعة اللذان تسلّمهما موسى النبي، وكما قيل: "عن يمينه نار شريعة لهم" (تث 23: 2)...) القمص تدرس يعقوب ملطي - تفسير العهد القديم - سفر حبقوق3. * * * -الملحق 3 : هو الله سبحانه الواحد الأحد وكل من سواه خلقه الله سبحانه وتعالى رد في القرآن الكريم على الذين قالوا إن لله سبحانه ابناً انفصل عنه أو وُلِدَ منه أو صَدَرَ عنه بمعنى أنه لاهوت مطلق صدر عن لاهوت مطلق، أو الذين يقولون إن الإنسان المخلوق يمكن أن يرتقي حتى يكون موصولاً باللاهوت المطلق، أي أن حقيقة هذا الإنسان تكون اللاهوت المطلق؛ لأنه اتحد باللاهوت المطلق، وبهذا حسب تفكيرهم يكون اللاهوت المطلق قد نزل في الناسوت وبالجسد، أو بين الناس في إنسان منهم وهذا الإنسان يكون ابن الله. والحقيقة مع أنّ هذا الطرح العقائدي الذي تبناه العلماء غير العاملين باطل، ولكن الله سبحانه وتعالى ولرحمته خاطبهم وكلمهم حتى في تفاصيل التنظير لهذا الاعتقاد، فتجده تعالى يفصل لهم ويبين لهم مواضع الخلل في عقيدتهم. قال تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام : 101]. ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾: وهذا النقض التام الذي كلمهم الله به لا يمكنهم رده بأي شكل أو صورة؛ حيث إنّ معناه: إنكم تقولون بوجود ولد له سبحانه وتعالى، وهذا الولد هو لاهوت مطلق (أي أنه كامل مطلق وغني مطلق لا يفتقر لغيره)، فإن قلتم إنه صدر منه وحده سبحانه وتعالى، فهذا يعني أن الإبن مطابق للأب تماماً - وبغض النظر عن أنّ الحقيقة البسيطة المطلقة يستحيل تعددها - فأي معنى ، وأي حكمة من هذا الصدور، مع عدم وجود أي تمايز أو اختلاف أو تغاير يمكن تصوره ؟! فهل تقولون إن الأب غير حكيم ليصدر أو ليلد ابناً له لا فائدة له سبحانه أو لغيره من صدوره؟! وإن قلتم بوجود الاختلاف أو التمايز أو التغاير - كما يصرح النصارى اليوم إن الأقانيم متمايزة - فهذا يحتم وجود لاهوت ثان ﴿..... صَاحِبَةٌ .....﴾ ليكون الابن صادراً عن الاثنين فلا يطابق أحدهما؛ لأنه صدر عنهما معاً، فهل أنتم تقولـون بوجود اللاهوت الثاني (الصاحبة) الذي سبق الابن ([74]) ؟؟!!! فاعلموا أنكم إن قلتم بوجود الابن فلابد أن تقولوا بوجود اللاهوت الثاني (الصاحبة) قبله وإلا فكيف تقولون بوجود الابن (اللاهوت المطلق الذي صدر عنه) دون وجود اللاهوت المطلق الثاني (الصاحبة) ابتداءً معه سبحانه وتعالى، ووجود الإله المطلق الثاني (الصاحبة) ابتداءً معه سبحانه وتعالى محال؛ لأن اللاهوت المطلق حقيقة بسيطة مطلقة ولا يمكن أن تتعدد ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾. وقال تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: 91]. أي إن رتبتم ما توهمتوه من وجود الأقانيم الثلاثة (أو الأصول الثلاثة) بهذه الصورة، فقلتم بوجود الأب (الله سبحانه وتعالى)، واللاهوت المطلق الثاني الصاحبة (الابن)، ثم صدر عنهما اللاهوت المطلق الثالث (الاقنوم الثالث) الروح القدس ، فالكلام يكون في وجود اللاهوت الثاني ابتداءً مع الله سبحانه وتعالى، فهل يوجد تمايز بينهما أم لا ؟ أي أنّ كليهما واحد ؟ فمن يختار أنّ كليهما واحد يعود عليه النقض السابق؛ لأن الصادر عنهما مطابق لكل واحد منهما، ومن يختار التمايز بينهما ستنتقض عنده ألوهية الثاني ألوهيةً مطلقة؛ لورود النقص عليه، فالتمايز لا يكون إلا بالكمال المطلق ﴿..... وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾. والعلماء غير العاملين لأنهم نكسوا فطرتهم وانقلبوا رأساً على عقب، قالوا إن لله ولداً سبحانه وتعالى عما يصفون ﴿أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ( وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الصافات: 151 – 152]. فلو أنهم عادوا إلى فطرة الله وتفكروا في آلاء الله لأنقذوا أنفسهم من هذا الهلاك المبين وتجنبوا الكلام فيما لا يعلمون، وكلام الإنسان فيما لا يعلم كذب ﴿إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾، قال تعالى: ﴿وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ( مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾ [الكهف: 4 – 5]. وأيضاً: نقض الله سبحانه وتعالى عليهم مبدأ تعدد اللاهوت المطلق من أساسه كيفما كان الاعتقاد به: قال تعالى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [يونس : 68]. ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾: ومبدأ هذا النقض على كل من قال بتعدد اللاهوت المطلق - سواء بالبنوة أم بصورة أخرى يتوهمها من ضل عن سواء السبيل- هو أنّ الله قد أودع في فطرة الإنسان ما يميز به بين الحكمة والسفه ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: 8]، فكل من استعمل هذا الميزان سيحكم بأن القول بتعدد اللاهوت مع عدم وجود مائز هو سفه ولا حكمة فيه. وبالتالي لا يبقى إلا القول بالتمايز، وهذا يُنقض بكلمة واحدة ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ فالتمايز في اللاهوت لا يكون إلا في الكمال، فيتعين فقر ونقص غيره فينتقض قول إن غيره لاهوت مطلق. أما بالنسبة لمسألة ارتقاء الإنسان، فإن الله خلق الإنسان وأودع فيه الفطرة التي تؤهله إلى الارتقاء حتى يكون أسماء الله وصورة الله وتجلي الله والله في الخلق، ولكنه مهما ارتقى لن يكون لاهوتاً مطلقاً ولا غنياً مطلقاً، بل يبقى مخلوقاً وفقيراً إلى الله سبحانه وتعالى ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [النور: 35]، يكاد لا أنه يضيء من نفسه فيكون لاهوتاً مطلقاً، فكل من سواه خلقه وفقراء إليه سبحانه وتعالى ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [مريم: 35]. وفي هذا النقض المتقدم الذي جاء في القرآن الكريم كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد. أما قولهم إنه واحد أحد مع قولهم بالأقانيم الثلاثة المتمايزة المستقلة بذاتها التي يرسل بعضها بعضاً حسب اعتقادهم وقولهم بوجود علاقة بينها كعلاقة البنوة والأبوة .... الخ، فهو قول يعلمون أنه سفيه ([75])، وإلا كيف تجتمع الوحدة الأحدية مع تعدده وتجزئته وتمايز أجزائه وإن لم يسموها أجزاء. ولو أعرضنا عن كل ما تقدم فبيان باطلهم يكفيه هذا البيان إن كانوا يعقلون، وهو: إنّ الله نور لا ظلمة فيه، وكل عوالم الخلق هي نور مختلط بالظلمة وموجودات ظهرت بتجلي نوره سبحانه في الظلمات، ولذا فلا يمكن اعتبار أن الله قد حل في مخلوق أو ظهر في مخلوق ظهوراً تاماً في عوالم الخلق - كما يدعون بعيسى وروح القدس - ؛ لأن معنى هذا أنها لا تبقى بل تفنى ولا يبقى إلا نور لا ظلمة فيه، أي لا يبقى خلق بل فقط الله سبحانه وهو نور لا ظلمة فيه، ولذا قلنا وكررنا إن محمداً يخفق بين اللاهوت والأنا والإنسانية، وأكدت هذا لكي لا يتوهم متوهم أن الله - وهو نور لا ظلمة فيه - يحل في عوالم الخلق تعالى الله علواً كبيراً، والأمر بيّن واضح فمعنى ظهور النور الذي لا ظلمة فيه في عوالم الخلق ظهوراً تاماً هو فناؤها واندثارها ولا يبقى لها اسم ولا رسم ولا معنى، بل لا يبقى إلا الله النور الذي لا ظلمة فيه تعالى الله علواً كبيراً. * * * -الملحق 4 : ما هي قصة عيسى (ع) وكيف شبه لهم ؟ السؤال/ ما هي قصة عيسى ( ؟ وكيف شبه لهم بقوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ [النساء: 157] ؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين. عيسى ( في الليلة التي رفع فيها واعد حوارييه، فحضروا عنده إلا يهوذا الذي دل علماء اليهود على عيسى (، فقد ذهب إلى المرجع الأعلى لليهود، وقايضه على تسليم عيسى ( لهم. وكان بعد منتصف الليل أن نام الحواريون، وبقي عيسى (، فرفعه الله، وأنزل (شبيهه الذي صلب وقتل)، فكان درعاً له وفداءً، وهذا الشبيه هو من الأوصياء من آل محمد /، صُلب وقُتل وتَحمل العذاب لأجل قضية الإمام المهدي (. وعيسى ( لم يصلب ولم يقتل، بل رُفع فنجاه الله من أيدي اليهود وعلمائهم الضالين المضلين (لعنهم الله)، قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾. وفي الرواية في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي جعفر (، قال: (إنّ عيسى ( وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال إنً الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي قال شاب منهم أنا يا روح الله قال فأنت هُوَ ذا ... ثم قال (: إنّ اليهود جاءت في طلب عيسى ( من ليلتهم ... وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ( فقتل و صلب) [تفسير القمي: ج1 ص103، بحار الأنوار: ج14 ص336 – 337، قصص الأنبياء للجزائري: ص473]. فالإمام الباقر ( يقول: (اجتمع اثنا عشر)، بينما الذين جاؤوا من الحواريين هم (أحد عشر)، فيهوذا لم يأتِ، بل ذهب إلى علماء اليهود ليُسلِّم عيسى (، وهذا من المتواترات التي لا تنكر، فالثاني عشر الذي جاء أو قل الذي نزل من السماء، هو الوصي من آل محمد /، الذي صُلِبَ وقُتِلَ، بعد أن شُبِهَ بصورة عيسى (. وكانت آخر كلمات هذا الوصي عند صلبه هي: (إيليا، إيليا لما شبقتني)، وفي إنجيل متى: «... صرخ يسوع بصوت عظيم إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي، إلهي لماذا تركتني. فقوم من الواقفين هناك لمّا سمعوا، قالوا: إنه ينادي إيليا … وأما الباقون فقالوا أترك لنرى هل يأتي إيليا يخلصه. فصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت …» [إنجيل متى: أصحاح /27] انتهى. والحقيقة أن ترجمة الكلمات التي قالها هكذا: (يا علي يا علي لماذا أنزلتني)، والنصارى يترجمونها هكذا (إلهي، إلهي لماذا تركتني) كما تبين لك من النص السابق من الإنجيل. والإنزال أو الإلقاء في الأرض من السماء قريب من الترك. ولم يقل هذا الوصي هذه الكلمات جهلاً منه بسبب الإنزال، أو اعتراضاً على أمر الله سبحانه وتعالى، بل هي سؤال يستبطن جوابه، وجهه إلى الناس: أي افهموا واعرفوا لماذا نزلتُ ولماذا صلبتُ، ولماذا قُتلتُ، لكي لا تفشلوا في الامتحان مرة أخرى، إذا أُعيد نفس السؤال، فإذا رأيتم الرومان (أو أشباههم) يحتلون الأرض، وعلماء اليهود (أو أشباههم) يداهنونهم، فسأكون في تلك الأرض فهذه سنة الله التي تتكرر، فخذوا عبرتكم وانصروني إذا جئت ولا تشاركوا مرة أخرى في صلبي وقتلي. كان يريد أن يقول في جواب السؤال البيَّن لكل عاقل نقي الفطرة: صُلبتُ وتحملتُ العذاب وإهانات علماء اليهود، وقُتلتُ لأجل القيامة الصغرى، قيامة الإمام المهدي (، ودولة الحق والعدل الإلهي على هذه الأرض. وهذا الوصي عندما سأله علماء اليهود والحاكم الروماني: هل أنت مَلِك اليهود ؟ كان يجيب أنت قلت، أو هم يقولون، أو أنتم تقولون، ولم يقل نعم، جواب غريب على من يجهل الحقيقة، ولكنه الآن توضح. فلم يقل: نعم، لأنه ليس هو مَلِك اليهود، بل عيسى ( الذي رفعه الله، وهو الشبيه الذي نزل ليُصلب ويُقتل بدلاً عن عيسى (. وهذا نص جوابه - بعد أن الُقِيَ عليه القبض - من الإنجيل: «فأجاب رئيس الكهنة وقال له استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح، قال له يسوع: أنت قلت ...» [إنجيل متى: أصحاح/ 26]. «... فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت مَلِك اليهود فقال له يسوع: أنت تقول ...» [إنجيل متى: أصحاح/ 27]. «... فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول ...» [إنجيل مرقس: أصحاح/ 15]. «... فقال الجميع أفأنت المسيح فقال لهم انتم تقولون إني أنا هو...» [إنجيل لوقا: أصحاح/ 22]. «...33 ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أفأنت إذا مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق ...» [إنجيل يوحنا: أصحاح/ 18]. وفي هذا النص الأخير بيَّنَ الوصي أنه ليس من أهل الأرض في ذلك الزمان، بل نزل إليها لإنجاز مهمة وهي فداء عيسى (، حيث ترى أن هذا الوصي يقول: (مملكتي ليست من هذا العالم)، (ولكن الآن ليست مملكتي من هنا)، (ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق). عن رسول الله /: (قال ينزل عيسى بن مريم ( عند انفجار الصبح مابين مهرودين وهما ثوبان أصفران من الزعفران، أبيض الجسم، أصهب الرأس، أفرق الشعر، كأن رأسه يقطر دهناً، بيده حربة، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويهلك الدجال ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف، وهو الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه، ويبسط في المغرب والمشرق الأمن من كرامة الحجة بن الحسن () [غاية المرام - السيد هاشم البحراني: ج7 ص93]. وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (: (... ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب فويل لمصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل لواسط كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر يخبر وعند ذلك خروج السفياني ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنزل، ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم ...) [الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص134]. وتوجد أحاديث كثيرة تدل على أنّ عيسى ( لم يصلب ولم يقتل، بل الذي صلب وقتل هو شبيه عيسى (. عن أبي عبد الله (، قال: (رفع عيسى ابن مريم ( بمدرعة من صوف من غزل مريم (عليها السلام) ومن خياطة مريم، فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيسى بن مريم ألق عنك زينة الدنيا) [بحار الأنوار: ج14 ص338]. وعن الرضا (، قال: (ما شُبِهَ أمر أحد من أنبياء الله وحججه / للناس إلا أمر عيسى بن مريم ( وحده؛ لأنه رفع من الأرض حياً وقُبض روحه بين السماء والأرض ثم رفع إلى السماء وردّ إليه روحه، وذلك قوله عز وجل: ﴿إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: 55]) [قصص الأنبياء للجزائري: ص474، نقلاً عن عيون الأخبار]. وعن النبي /، قال: (عيسى ( لم يمت وإنه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة) [بحار الأنوار: ج14 ص344]. والتَفِتْ إلى أنّ عيسى نبي مرسل وقد طلب من الله سبحانه وتعالى أن يُعفى ويُصرف عنه الصلب والعذاب والقتل، والله سبحانه وتعالى لا يرد دعاء نبي مرسل، فالله استجاب له ورفعه وأُنزل الوصي الذي صُلب وقُتل بدلاً عنه، وفي الإنجيل عدة نصوص فيها دعاء عيسى ( بأن يُصرف عنه الصلب والقتل. وهي: «... ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ...» [متى: 26]. «...ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس ...» [مرقس: 14]. «... وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تُجز عني هذه الكأس ...» [لوقا: 22]. وفي التوراة/ سفر إشعيا، وفي الإنجيل أعمال الرسل/ الإصحاح الثامن هذا النص: «... مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه ...». وكل الأنبياء والأوصياء المرسلين تكلموا، لم يذهب أحد منهم صامتاً إلى الذبح، بل هم أُرسلوا ليتكلموا ويُبكتوا ويعظوا الناس، وعيسى ( بالخصوص كم بَكَّتَ العلماء والناس، وكم وعظهم فلا يَصدِقُ عليه أنه ذهب إلى الذبح صامتاً. بل هذا الذي ذهب إلى الذبح صامتاً هو الوصي: (شبيه عيسى) الذي صُلب وقُتل دون أن يتكلم، أو يطلب من الله أن يُصرف عنه العذاب والصلب والقتل، ودون أن يتكلم مع الناس. بل إذا ألحّوا عليه وسألوه بإلحاح من أنت، هل أنت المسيح، لم يكن يجيبهم إلا بكلمة، أنت قلت. وهكذا ذهب إلى العذاب والصلب والقتل صامتاً راضياً بأمر الله، منفذاً لما أُنزل له، وهو أن يُصلب ويُقتل بدلاً من عيسى (. ولأنه أصلاً لم يكن وقته قد حان ليُرسل ويُبلغ الناس ويتكلم معهم، ذهب هكذا مثل شاة سيق إلى الذبح، مثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه. أرجو أن يستفيد كل مؤمن يريد معرفة الحقيقة من هذا الموقف، فهذا الإنسان نزل إلى الأرض، وصُلب وقُتل ولا أحد يعرف، لم يطلب أن يُذكر أو أن يُعرف، نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا) كتاب المتشابهات - الإمام أحمد الحسن (: جواب السؤال 179. * * * -الملحق 5 : حجر الزاوية هو الحجر الاسود وهو يرمز للمعزي أحمد الحسن (ع) هذا جواب أحد الأسئلة التي وردت عن طريق الإنترنت وفيه تفصيل عن الحجر الأسود وارتباطه بالمهدي أو القائم: س/ من هذا الرجل ؟ السلام على يماني آل محمد ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. في عام 1424هـ قمت بأداء مناسك الحج وكانت الحجة الثانية لي ولله الحمد ومعي زوجتي، وكنا مع أحد حملات الحج المشهورة في الأحساء، وكان لنا عبر وقصص في تلك الحجة المباركة، فعندما كانت ليلة عرفه حصلت حادثة لنساء الحملة فسمعوا ليلة عرفه بعد أعمال تلك الليلة صيحة قوية (صراخاً قوياً) تكرر مرتين أيقظ النائمة من نومها، والغريب أن بعض الجالسين من النساء لم يسمعوا تلك الصيحة، فهذه الصيحة أرعبت النساء وأخافتهم ولم يعرفوا من أين هذا الصوت. والقصة الثانية والأهم هي: عندما دخلت أنا وزوجتي الحرم لطواف الحج شاهدت زحاماً شديداً وخشيت أن لا أستطيع تطويف زوجتي طواف الحج، وقال لنا المرشد الديني للحمله: عندما تشاهدون زحاماً قولوا: يا عليم يا عظيم ينفك الزحام، حيث جربت هذا الذكر في طواف العمرة ولاحظت الزحام ينفك - عموماً - قلت مرة واحدة: يا عليم يا عظيم، وإذا برجل يأتي فوراً من بين الركن والمقام ويشق صفوف الحجيج بعد انتهائي من الذكر، وكأنه آتٍ لنا من طوافه أو قبل أن ينهي طوافه حيث لم يعبر الركن والمقام، واستقبلنا مخصوص والكعبة خلفه ولم يكن في طريقه لنا أحد من الحجيج، وقال لي: تعال خلفي أطوفكما وذهبت خلفه مع زوجتي وطوفنا طواف الحج ولم نشعر بأي زحام أو ضيق، وكان يقرأ أدعية وأذكار ومن بينها دعاء كميل وأنا أكثر الصلاة على محمد وآل محمد وأقول في نفسي: ربما يكون هذا المهدي محمد بن الحسن ( ولكن أقول: من أنا حتى يخرج لي المهدي ويطوفني ؟ وفي أثناء الشوط الأول من الطواف كانت زوجتي خلفي وقال لي: دع زوجتك أمامك، وأمرتها أن تكون أمامي وخلفه أي وسطنا وهو قصد أن يعلمني كيف أحافظ على زوجتي أثناء الطواف. وعند وصولنا إلى الحجر الأسود يشير إليه بيمينه ويقول: الله أكبر، وعندما انتهينا من الشوط السابع بعد مقام إبراهيم ( قلت له: أريد أن أطوف طواف النساء معك، فقال لي: إن شاء الله، وكأنه يودعني وقابلني بوجهه وهو يمشي عني إلى الوراء وكأنه أزاح تلك الآلاف من الناس وهو يمشي إلى الخلف، واتسع له المكان ومضى، وكأن الحجيج بحر وهو موجة قوية أزاحت مياه البحر. أما أوصاف هذا الرجل: فهو غائر العينين، مشرف الحاجبين، طويل نحيف، أسمر اللون، شعره أسود طويل، والغريب أنه يلبس لباساً أخضر فاتحاً يوم طواف الحج وعلى رأسه غطاء نسميه نحن بالخليجي الطاقية. سؤالي: من هو هذا الرجل ؟ هل هو يماني آل محمد / ؟ ومن أنا حتى يأتي يماني آل محمد (ع) ويطوفني ؟ أم هو الخضر بما أنه لابس لباساً أخضر، أم أنه من أنصار الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) ؟؟؟ وسألت أحد طلبة الحوزة وقال: إنه الإمام (ع)، وسألت أحد المؤمنين، وقال: ربما يكون الخضر (ع) أو أحد أعوان الإمام (ع). سمعت قصة حصلت لأحد الأنصار وقصها عليّ ووصفه لي وهي نفس الصفات التي رأيتها ولو رأيت الرجل الذي طوفني بعد هذه السنين عرفته من بين مليون رجل. والسلام على يماني آل محمد ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. مسلم أنصاري 40 سنة/ تحصيل ثانوي الأحساء - السعودية جواب الإمام أحمد الحسن (ع): بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. اعلم أنّ الله ذاكر من ذكره ويعطي الكثير بالقليل وأنت ذكرته سبحانه في بيته بإخلاص فذكرك وأعانك ويسر أمرك، أسأل الله أن يوفقك دائماً للإخلاص له سبحانه والعمل لما يرضيه، أما عبد الله الذي أعانك فهو أعانك بحول الله وقوته، وعندما أمره الله أن يعينك فالفضل كله لله سبحانه، فاشكر الله سبحانه وتعالى الذي منَّ عليك بهذا ولو أن الله أمره أن يخبرك باسمه لأخبرك. أما إن هذا العبد عندما كان يصل الحجر يقول: الله أكبر فهذا تكليفه هو، أما أنت وغيرك من الناس فتكليفكم أن تقولوا عند وصول الحجر: (اللَّهُمَّ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وأن علياً والأئمة من ولده حجج الله وأن المهدي والمهديين من ولده حجج الله - وتعدهم إلى حجة الله في زمانك - آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ). ودين الله كله يكاد يكون مسألة واحدة فتح بها خلق الإنسان الأرضي ذكرها تعالى بقوله: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، والقرآن كله في الفاتحة والفاتحة في البسملة والبسملة في الباء والباء في النقطة والنقطة علي (، قال أمير المؤمنين: (أنا النقطة)، وماذا كان أمير المؤمنين علي ( غير أنه خليفة الله في أرضه ؟! إذن، فالنقطة والباء والبسملة والفاتحة والقرآن والدين كله هو خليفة الله في أرضه، والقرآن والدين كله هو العهد والميثاق الذي أُخذ على العباد بإطاعة خلفاء الله وأودعه الله في حجر الأساس أو الحجر الأسود أو حجر الزاوية أو الحجر المقتطع من محمد / لهدم حاكمية الشيطان والطاغوت، وقد ذكر هذا الحجر في الكتب السماوية وفي الروايات، وقريش عندما اختلفوا فيمن يحمل الحجر كانوا يعلمون أن هذا الحجر يشير إلى أمر عظيم ولهذا اختلفوا فيمن يحمله ، وكانت مشيئة الله أن محمداً / هو من حمل الحجر ووضعه في مكانه لتتم آية الله، وإشارته سبحانه إن قائم الحق والعبد الذي أودعه الله العهد والميثاق الذي يشير له هذا الحجر سيخرج من محمد / الذي حمل الحجر. عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (، قَالَ: (إِنَّ قُرَيْشاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَدَمُوا الْبَيْتَ فَلَمَّا أَرَادُوا بِنَاءَهُ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَأُلْقِيَ فِي رُوعِهِمُ الرُّعْبُ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَيَأْتِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَطْيَبِ مَالِهِ وَلَا تَأْتُوا بِمَالٍ اكْتَسَبْتُمُوهُ مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ حَرَامٍ فَفَعَلُوا فَخُلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بِنَائِهِ فَبَنَوْهُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَتَشَاجَرُوا فِيهِ أَيُّهُمْ يَضَعُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ فَحَكَّمُوا أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ / فَلَمَّا أَتَاهُمْ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبَسَطَ ثُمَّ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ أَخَذَتِ الْقَبَائِلُ بِجَوَانِبِ الثَّوْبِ فَرَفَعُوهُ ثُمَّ تَنَاوَلَهُ / فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَخَصَّهُ اللَّهُ بِهِ) [الكافي: ج4 ص217]. فمحمد / حمل الحجر الأسود وهذه إشارة أنّ القائم وحامل الخطيئة وحامل الراية السوداء التي تشير إليها سيخرج من محمد /، وأيضاً محمد / هو من يحمله في صلبه؛ لأنه مستودع في فاطمة بنت محمد / ولذا يكون حامل الخطيئة الحقيقي هو رسول الله محمد /. أما اللون الأسود الذي شاء الله أن يكتسي به هذا الحجر فهو يشير إلى ذنوب العباد ويذكرهم بخطاياهم لعلهم يتوبون ويستغفرون وهم في بيت الله، وهو نفسه لون رايات قائم الحق، قائم آل محمد السوداء، فالرايات السود تشير إلى الحجر والحجر يشير إليها وكلاهما يشيران بلونهما الأسود إلى خطيئة نقض العهد والميثاق المأخوذ على الخلق في الذر، وأيضاً يشيران إلى ما يتحمله من عناء حامل هذه الخطيئة - وحامل الراية السوداء التي تشير إلى الخطيئة - العبد الذي أوكل بكتاب العهد والميثاق، وهو الحجر الأسود وهو قائم آل محمد. والحجر مرتبط بمسألة الفداء الموجودة في الدين الإلهي وعلى طول المسيرة المباركة لهذا الدين فدين الله واحد؛ لأنه من عند واحد، والفداء قد ظهر في الإسلام بأجلى صوره في الحسين (، وقبل الإسلام تجد الفداء في الحنيفية دين إبراهيم ( بإسماعيل، وتجده أيضاً بعبد الله والد الرسول محمد /، وأيضاً تجده في اليهودية دين موسى ( بيحيى بن زكريا (، وتجده في النصرانية بالمصلوب، وبغض النظر عن كون النصارى يتوهمون أن المصلوب هو عيسى ( نفسه، فإنهم يعتقدون بأن المصلوب هو حامل الخطيئة ومعتقداتهم وإن كان فيها تحريف ولكن هذا لا يعني أنها جميعاً جاءت من فراغ تام وليس لها أي أصل في دين الله سبحانه حرفت عنه، بل كثير من العقائد المنحرفة في الحقيقة هي تستند إلى أصل ديني أخذه علماء الضلال غير العاملين وحرفوه وبنوا عليه عقيدة فاسدة، فقضية كون الرسل يتحملون بعض خطايا أممهم ليسيروا بالأمة ككل إلى الله موجودة في دين الله ولم تأتِ من فراغ، ويمكنك مراجعة نصوص التوراة مثلاً للإطلاع على تحمل موسى ( عناءً إضافياً لما يقترفه قومه من الخطايا، ورسول الله محمد / تحمل خطايا المؤمنين قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ [الفتح: 2]. وتفسيرها في الظاهر: أنه تحمل خطايا أمته وغفرها الله له، عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: (قلت: لأبي عبد الله (: قول الله في كتابه ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾ قال: ما كان له من ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له) [تفسير القمي: ج2 ص314]. وتحمل الرسل لخطايا أممهم لا يعني أنهم يتحملون خطيئة نقض العهد والميثاق عن منكري خلفاء الله الذين يموتون على هذا الإنكار، بل هم يتحملون خطيئة من غفل عن تذكر العهد والميثاق، ونقضه مدة من الزمن في هذه الحياة الدنيا، كما أن تحملهم لخطايا أممهم لا يعني أنهم يصبحون أصحاب خطيئة عوضا عن أممهم، بل معناه ... أنهم يتحملون أثقالاً إضافية وعناءً إضافياً في تبليغ رسالاتهم في هذه الدنيا للناس، وهذا طبعاً بإرادتهم هم؛ لأنهم هم من يطلب هذا، فالأب الرحيم بأبنائه يتحمل نتائج أخطائهم في كثير من الأحيان، وإن كانت تسبب له عناءً ومشقة وربما الآلام والقتل في سبيل الله، كما هو الحال في الحسين (؛ وذلك لأن الأب يرجو صلاح أبنائه في النهاية، وربما كثيرون لا يتذكرون العهد حتى يراق دم أبيهم ولي الله فيكون سبباً لتذكرهم العهد والميثاق، ولهذا تجد الحسين ( الذي شاء الله أن يجعله سبباً لتذكر عدد كبير من الخلق قد ترك الحج وأقبل يحث الخطى إلى مكان ذبحه (. أما علاقة الحجر بخطيئة آدم ( فهذا أمر قد تكفّل الأئمة / بيانه وإن كان ربما خفي فيما مضى على الناس لعلة أرادها الله سبحانه، بل وعلاقة الحجر بخطايا الخلق أيضاً قد تكفلوا بيانه وقد بين هذا الأمر رسول الله محمد / بأوضح بيان بالعمل - عندما قبَّل الحجر - ولكنه بيان لمن لهم قلوب ويعون أفعال محمد / الحكيم الذي يعمل الحكمة، لا كعمر بن الخطاب الذي يصرح أنه لا يفهم لماذا رسول الله محمد / قبَّل الحجر ؟! ويصرح أن نفسه وحقيقته لا تتقبل تقبيل الحجر ولكنه يفعله فقط لأنه رأى رسول الله محمداً / يفعل ذلك أمام الآلاف المسلمين، ولا يمكنه مخالفة محمد / لأنه يدعي أنه خليفته ، فهو يسفه فعل محمد / ويستن به مجبراً فأي مكر هذا، روى البخاري ومسلم وأحمد: (أن عمر جاء إلى الحجر فقبله وقال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك). وروى أحمد بسنده عن سويد بن غفلة، قال: (رأيت عمر يقبل الحجر ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولكني رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفياً). فعمر بن الخطاب عندما قبل الحجر صرح بأنه كاره لهذا الفعل ومنكر له ومستخف بهذا الحجر وكونه الشاهد على العباد بالوفاء بالعهد والميثاق المأخوذ عليهم في الذر ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172]. وهذه إشارة جلية لمن لهم قلوب يفقهون بها، بأن عمر بن الخطاب منكر للعهد والميثاق المأخوذ ولذا فنفسه تشمئز من الحجرالشاهد، وبالتالي يحاول عمر إنكار كون الحجر شاهداً حقيقياً، فيخاطب عمر بن الخطاب الحجر الشاهد والحجر الأساس والحجر الأسود بقوله: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع)، وبما أن الناس الذين كانوا يحيطون بعمر في هذا الموقف قد رأوا رسول الله محمداً / حفياً بهذا الحجر شديد الاهتمام به ويقبل هذا الحجر ويسجد عليه، بل هم أنفسهم قد ورثوا عن حنيفية إبراهيم ( تقديس هذا الحجر والاهتمام به، لذا تدارك عمر قوله بفعله فقبل الحجر ولكن بعد ماذا ؟! بعد أن سفه عمر تقبيل الحجر الأسود بأنه حجر لا يضر ولا ينفع ، وبالتالي فلا حكمة في تقبيله، وبالتالي فإن عمر بقوله وفعله أراد أن يهمش الحجر الأسود وينفي كونه شاهداً، ويجعل تقبيل رسول الله / للحجر وسجوده عليه أمراً مبهماً غير مفهوم خالياً من الحكمة، والحقيقة أنه لو كان الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع لكان فعل رسول الله / - وحاشاه - خالياً من الحكمة ولا يمكن أن يكون فعل رسول الله / له معنى وحكيماً إن لم يكن هذا الحجر يضر وينفع بإذن الله وبحوله وقوته سبحانه. إذن، فمشيئة الله أن يظهر ما يبطنه عمر من موقف تجاه الحجر أو العبد الموكل بالعهد والميثاق أو قائم آل محمد، وسبحان الله لا يضمر الإنسان سوءاً إلا أظهره الله في فلتات لسانه. وقد تكفل رسول الله محمد / بيان أهمية الحجر الأسود وفضله بأقواله وأفعاله، ويكفي أن تعرف أن رسول الله / قبله وسجد عليه ولم يسجد رسول الله / على جزء من الكعبة غير الحجر الأسود، وبلغ عظيم هذا الأمر وأهميته أنّ رسول الله / قال: (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه، مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) [المحاسن: ج1 ص65]. والمراد بالركن أي الحجر الأسود؛ لأنه موضوع فيه، وتابع الأئمة / نهج رسول الله / في بيان أهمية الحجر بأقوالهم وأفعالهم، فبينوا أن الحجر هو حامل كتاب العهد والميثاق، وأن آدم قد بكى أربعين يوماً ونصب مجلساً للبكاء بقرب الحجر ليكفر عن خطيئته في نقض العهد ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ [طه: 115]. وإن الحجر كان درة بيضاء تضيء ولكنه في الأرض تحول للسواد بسبب خطايا العباد، فهذه الكلمات والأفعال المباركة التي كرروها مرات أمام أصحابهم كلها تأكيد وبيان لأهمية الحجر الأسود، ولعلاقة الحجر بالخطيئة الأولى بل والخطايا على طول مسيرة الإنسانية في هذه الأرض. عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: (سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (: لِأَيِّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللَّهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ تُقَبَّلُ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ وُضِعَ مِيثَاقُ الْعِبَادِ وَالْعَهْدُ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ، وَكَيْفَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ تُخْبِرُنِي جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَإِنَّ تَفَكُّرِي فِيهِ لَعَجَبٌ. قَالَ: فَقَالَ: سَأَلْتَ وَأَعْضَلْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَقْصَيْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ وَفَرِّغْ قَلْبَكَ وَأَصْغِ سَمْعَكَ أُخْبِرْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَهِيَ جَوْهَرَةٌ أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ (، فَوُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَفِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَرَاءَى لَهُمْ ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِمِ (، فَأَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَهُوَ وَاللَّهِ جَبْرَئِيلُ (، وَإِلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِمِ وَهُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافَاهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالشَّاهِدُ عَلَى مَنْ أَدَّى إِلَيْهِ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ، وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالِاسْتِلَامُ فَلِعِلَّةِ الْعَهْدِ تَجْدِيداً لِذَلِكَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، وَتَجْدِيداً لِلْبَيْعَةِ لِيُؤَدُّوا إِلَيْهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمِيثَاقِ، فَيَأْتُوهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُؤَدُّوا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَالْأَمَانَةَ اللَّذَيْنِ أُخِذَا عَلَيْهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ ؟ وَوَاللَّهِ مَا يُؤَدِّي ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا وَلَا حَفِظَ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا، وَإِنَّهُمْ لَيَأْتُوهُ فَيَعْرِفُهُمْ وَيُصَدِّقُهُمْ، وَيَأْتِيهِ غَيْرُهُمْ فَيُنْكِرُهُمْ وَيُكَذِّبُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ غَيْرُكُمْ، فَلَكُمْ وَاللَّهِ يَشْهَدُ وَعَلَيْهِمْ وَاللَّهِ يَشْهَدُ بِالْخَفْرِ وَالْجُحُودِ وَالْكُفْرِ، وَهُوَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجِيءُ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَعَيْنَانِ فِي صُورَتِهِ الْأُولَى يَعْرِفُهُ الْخَلْقُ وَلَا يُنْكِرُهُ، يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ وَجَدَّدَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ عِنْدَهُ بِحِفْظِ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَيَشْهَدُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ وَجَحَدَ وَنَسِيَ الْمِيثَاقَ بِالْكُفْرِ وَالْإِنْكَارِ، فَأَمَّا عِلَّةُ مَا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَهَلْ تَدْرِي مَا كَانَ الْحَجَرُ ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: كَانَ مَلَكاً مِنْ عُظَمَاءِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمِيثَاقَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الْمَلَكُ، فَاتَّخَذَهُ اللَّهُ أَمِيناً عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ فَأَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَأَوْدَعَهُ عِنْدَهُ وَاسْتَعْبَدَ الْخَلْقَ أَنْ يُجَدِّدُوا عِنْدَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ الْإِقْرَارَ بِالْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ يُذَكِّرُهُ الْمِيثَاقَ وَيُجَدِّدُ عِنْدَهُ الْإِقْرَارَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَلَمَّا عَصَى آدَمُ وَأُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ أَنْسَاهُ اللَّهُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وُلْدِهِ لِمُحَمَّدٍ / وَلِوَصِيِّهِ ( وَجَعَلَهُ تَائِهاً حَيْرَانَ، فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ حَوَّلَ ذَلِكَ الْمَلَكَ فِي صُورَةِ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ فَرَمَاهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ ( وَهُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ آنَسَ إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ جَوْهَرَةٌ وَأَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ لَهُ: يَا آدَمُ أَ تَعْرِفُنِي ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَجَلْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاكَ ذِكْرَ رَبِّكَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ ، فَقَالَ لآِدَمَ: أَيْنَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ ؟ فَوَثَبَ إِلَيْهِ آدَمُ وَذَكَرَ الْمِيثَاقَ وَبَكَى وَخَضَعَ لَهُ وَقَبَّلَهُ وَجَدَّدَ الْإِقْرَارَ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، ثُمَّ حَوَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جَوْهَرَةِ الْحَجَرِ دُرَّةً بَيْضَاءَ صَافِيَةً تُضِيءُ فَحَمَلَهُ آدَمُ ( عَلَى عَاتِقِهِ إِجْلَالًا لَهُ وَتَعْظِيماً، فَكَانَ إِذَا أَعْيَا حَمَلَهُ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ ( حَتَّى وَافَى بِهِ مَكَّةَ، فَمَا زَالَ يَأْنَسُ بِهِ بِمَكَّةَ وَيُجَدِّدُ الْإِقْرَارَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ أَخَذَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَفِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَلْقَمَ الْمَلَكَ الْمِيثَاقَ، وَلِذَلِكَ وَضَعَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ وَنَحَّى آدَمَ مِنْ مَكَانِ الْبَيْتِ إِلَى الصَّفَا وَحَوَّاءَ إِلَى الْمَرْوَةِ، وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ مِنَ الصَّفَا وَقَدْ وُضِعَ الْحَجَرُ فِي الرُّكْنِ كَبَّرَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَمَجَّدَهُ، فَلِذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ بِالتَّكْبِيرِ وَاسْتِقْبَالِ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مِنَ الصَّفَا، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهُ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ / بِالنُّبُوَّةِ وَلِعَلِيٍّ ( بِالْوَصِيَّةِ اصْطَكَّتْ فَرَائِصُ الْمَلَائِكَةِ، فَأَوَّلُ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى الْإِقْرَارِ ذَلِكَ الْمَلَكُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَشَدُّ حُبّاً لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ / مِنْهُ، وَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَأَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَهُوَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَعَيْنٌ نَاظِرَةٌ يَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ وَافَاهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَحَفِظَ الْمِيثَاقَ) [الكافي: ج4 ص184 – 186، علل الشرائع: ج2 ص429 – 431]. ورسول الله محمد / دخل بيت الله فبدأ بالحجر وختم بالحجر، وأمر أصحابه أن يكون آخر عهدهم بالبيت استلام الحجر، بل ويستحب أن يستلم الحجر في كل طواف، ومس الحجر يسبب غفران الذنوب وحط الخطايا، بل وسجد رسول الله محمد / على الحجر الأسود ووضع جبهته عليه بعد أن قبَّله، فماذا يمكن أن تفهم من هذا غير أن الحجر هو أهم ما في البيت. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (: (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ / الْحَجَّ فَكَتَبَ إِلَى مَنْ بَلَغَهُ كِتَابُهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ / يُرِيدُ الْحَجَّ يُؤْذِنُهُمْ بِذَلِكَ لِيَحُجَّ مَنْ أَطَاقَ الْحَجَّ ...................................... فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَذَكَرَ ابْنُ سِنَانٍ أَنَّهُ بَابُ بَنِي شَيْبَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ، فَلَمَّا طَافَ بِالْبَيْتِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ ( وَدَخَلَ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَرِزْقاً وَاسِعاً وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ ، فَجَعَلَ يَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لِيَكُنْ آخِرُ عَهْدِكُمْ بِالْكَعْبَةِ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا) [الكافي: ج4 ص249]. وروى البهيقي عن ابن عباس، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد على الحجر). ولابد من الالتفات إلى أمر مهم جداً وهو أنّ رسول الله / قد سن ركعتي الطواف عند مقام إبراهيم، وكان رسول الله / والأئمة / يصلون عند مقام إبراهيم ( والذي يقف في صلاته عند مقام إبراهيم ( يكون الحجر الأسود بين يديه وفي قبلته، وهذا يبين بوضوح تام انطباق هذه الآية على قائم آل محمد أو يوسف آل محمد أو الحجر الأسود ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: 4]. وقد بينت سابقاً ما معنى هذا السجود عندما بينت تأويل هذه الآية في الإمام المهدي (، ولكن السجود هنا عند تأويله في القائم يكون لفاطمة والسر المستودع فيها معاً، تماماً كما أن السجود للكعبة والحجر الأسود المودع فيها، فيكون هنا الشمس محمداً / والقمر علياً (، والأحد عشر كوكباً هم الأئمة / من ولد علي ( وفاطمة (عليها السلام)، وهم: (الحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد)، وسجودهم بمعنى أنهم يمهدون للقائم ولإقامة العدل وإنصاف المظلوم، وبالخصوص أخذ حق صاحبة المظلومية الأولى والأعظم منذ خلق الله الخلق وإلى أن تقوم الساعة. أما سجود بقية الخلق ممن فرض عليهم أن يسجدوا إلى الكعبة وبالتالي إلى الحجر الأسود فهو بمثابة إشارة واضحة وبيان أنهم بأجمعهم يمهدون للقائم سواء شاءوا أم أبوا، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ [الحج: 18]. فالكل يمهد للوارث أو القائم شاءوا أم أبوا، فالشمس والقمر والنجوم يمهدون للقائم، وأيضاً من حق عليه العذاب يمهد للقائم وكل بحسبه، فحركة الخلق ومسيرتهم العامة هي تمهيد للقائم الذي ينصف المظلومين، وإن كان أكثر الخلق يجهلون هذا، تماماً كطوافهم بالكعبة والحجر الأسود المودع فيها مع أنهم لا يكادون يفقهون شيئاً من طوافهم. أما في الأديان السابقة فقد ذكر الحجر أيضاً في التوراة والإنجيل: «قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية ومن قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى الأمة التي تعمل أثماره ومن سقط عليه هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه» [إنجيل متى: الأصحاح الحادي والعشرون]. فالحجر الذي تكلم عنه عيسى ( هو في أمة أخرى غير الأمة التي كان يخاطبها، فالملكوت ينزع من الأمة التي كان يخاطبها عيسى ( وهم بنو إسرائيل والذين آمنوا بعيسى ( - لأنه كان يخاطب بهذا الكلام تلاميذه المؤمنين به وغيرهم من بقية الناس - ويعطى للأمة المرتبطة بالحجر التي تعمل أثمار الملكوت، فكلام عيسى ( واضح كل الوضوح أنه في بيان فضل حجر الزاوية، وأن الملكوت سينزع في النهاية ممن يدعون اتباع عيسى، ويعطى لأمة الحجر وهم أمة محمد وآل محمد /، فعيسى ( ربط بحكمة بين الحجر وبين الأمة التي تعطى الملكوت في النهاية. وأيضاً قابل هذه الأمة ببني إسرائيل ومن يدعون اتباعه وبين أنهم لن يناولوا الملكوت في النهاية، فعيسى ( جعل الحجر علة إعطاء الملكوت لأمة أخرى غير الأمة التي تدعي اتباع موسى ( وعيسى (، أي أن من يشهد لهم الحجر بأداء العهد والميثاق ومن ينصرونه هم من سيرثون الملكوت، سواء كان في هذه الأرض بإقامة حاكمية الله أم في السماوات عندما يكشف الله لهم عن ملكوته ويجعلهم ينظرون فيه أم في النهاية عندما يسكنهم الله الجنان في الملكوت. ومن يريد أن يفسر هذا الكلام بصورة أخرى ويقول أن عيسى أراد بهذا الكلام نفسه ويصر على هذا القول فإنه يغالط ولا يطلب معرفة الحقيقة، وإلا فليقرأ أصل القول وهو لداود ( في المزامير، فأيضاً يمكن أن يقول اليهود إن داود قصد نفسه وهكذا لا ينتهي الجدل، ولكن الحقيقة إن داود ( وعيسى ( أرادوا المخلص الذي يأتي باسم الرب في آخر الزمان، وقد بشر به عيسى ( في مواضع أخرى في الإنجيل وسماه المعزي والعبد الحكيم ، وهنا سماه حجر الزاوية فيكون السؤال: من هو الذي عرف أو يمكن أن يعرف بأنه حجر الزاوية ؟ هل إن داود أو عيسى عليهما السلام عُرفوا بأنهم حجر الزاوية في بيت الرب ؟ أو ذكروا في موضع آخر على أنهم حجر الزاوية في بيت الرب ؟ وهل هناك حجر موضوع في زاوية بيت الرب أو الهيكل عند اليهود والنصارى يدل على داود أو عيسى عليهما السلام ؟ الحقيقة أنّ هذا غير موجود ولكنه موجود في الأمة الأخرى من ولد إبراهيم (، وفي بيت الرب الذي بناه إبراهيم ( وإسماعيل ( ابنه، وموجود في الزاوية وبالذات الزاوية التي اسمها الركن العراقي ([76])، وكل هذه الأمور تشير إلى أمر واحد هو المخلص الذي يأتي في آخر الزمان أو الذي أشار إليه داود في المزامير أنه حجر الزاوية والآتي باسم الرب. «......... 19 افتحوا لي أبواب البر. أدخل فيها وأحمد الرب. 20 هذا الباب للرب. الصديقون يدخلون فيه. 21 أحمدك لأنك استجبت لي وصرت لي خلاصاً. 22 الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية. 23 من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا 24 هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. نبتهج ونفرح فيه. 25 آه يا رب خلص. آه يا رب أنقذ. 26 مبارك الآتي باسم الرب. باركناكم من بيت الرب......» [التوراة - مزامير - المزمور المئة والثامن عشر - العهد القديم والجديد: ج1 - مجمع الكنائس الشرقية: ص915]. وللتأكيد أكثر على أنّ المراد بحجر الزاوية في التوراة وفي الإنجيل هو المخلص الذي يأتي في آخر الزمان وفي العراق وهو قائم الحق، أورد هذه الرؤيا التي رآها ملك العراق في زمن دانيال النبي ( وفسرها دانيال النبي ( وهي تكاد لا تحتاج إلى توضيح: وهذا قول دانيال النبي ( لملك العراق، وهو يخبره برؤياه وتفسيرها كما في التوراة الموجود: «...............31 أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك ومنظره هائل. 32 رأس هذا التمثال من ذهب جيد. صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس. 33 ساقاه من حديد. قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف. 34 كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما. 35 فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معا وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلا كبيرا وملأ الأرض كلها. 36 هذا هو الحلم. فنخبر بتعبيره قدام الملك 37 أنت أيها الملك ملك ملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتدارا وسلطانا وفخرا. 38 وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعها. فأنت هذا الرأس من ذهب. 39 وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض. 40 وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شئ وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء. 41 وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين. 42 وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قويا والبعض قصما. 43 وبما رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف. 44 وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد. 45 لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب. الله العظيم قد عرَّف الملك ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق وتعبيره يقين» [التوراة - سفر دانيال - الأصحاح الثاني]. إذن، فالحجر أو المخلص الذي ينقض هيكل الباطل وحكم الطاغوت والشيطان على هذه الأرض ويكون في ملكه نشر الحق والعدل في الأرض يأتي في آخر الزمان، ويأتي في العراق كما هو واضح في رؤيا دانيال، وهو الحجر الذي ينسف الصنم أو حكم الطاغوت والأنا، بينما لا عيسى ( ولا داود ( أرسلوا في العراق وفي آخر الزمان فلا يمكن أن يكون أي منهما هو حجر الزاوية المذكور، بل تبين بوضوح من كل ما تقدم أن حجر الزاوية في اليهودية والنصرانية هو نفسه الحجر الأسود الموضوع في زاوية بيت الله الحرام في مكة. فالحجر الأسود الموضوع في ركن بيت الله والذي هو تجلٍ ورمز للموكل بالعهد والميثاق، هو نفسه حجر الزاوية الذي ذكره داود وعيسى عليهما السلام، وهو نفسه الحجر الذي يهدم حكومة الطاغوت في سفر دانيال (، وهو نفسه قائم آل محمد أو المهدي الأول الذي يأتي في آخر الزمان كما روي عن رسول الله محمد / وأهل بيته /. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. * * * -الملحق 6 : فلتعبر عني هذه الكاس تفسير المسيحيين أمثلة من محاولات التفسير لدعاء عيسى ( أن يعبر عنه كاس العذاب والصلب مع مناقشة بعضها نص من تفسير القمص تدرس يعقوب ملطي لإنجيل لوقا يحتوي على اقتباسات لعدد من العلماء المسيحيين القدامى. يقول القمص تدرس يعقوب ملطي: (ثانياً: "وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلّى". وكأنه قد ترك الثمانية عند مدخل البستان والثلاثة في داخله، لكنه انطلق بعيدًا عنهم نحو رمية حجر كمن يدخل قدس الأقداس، لكي بصليبه يمزق الحجاب الحاجز، ويفتح الأبواب الدهرية لمؤمنيه. لماذا جثا على ركبتيه وصلّى ؟ أولاً، ليؤكد لنا ناسوتيته، فقد صار إنساناً بحقٍ، وليس كما ادعى بعض الغنوسيين أنه حمل جسداً خيالياً غير مادي. لقد شاركنا ناسوتيتنا، ودخل معنا في بوتقة الألم ليس مثلنا بسبب خطية ارتكبها، وإنما من أجل حبه لنا. كان متألما، لكنه في آلامه كان فريدًا، لأنه بلا خطية وحده. من هذا الجانب ومن جانب آخر أراد أن يعلمنا عمليًا ألا نكف عن الصلاة، خاصة وقت الضيق. أما انفصاله "نحو رمية حجر" فكما يقول القديس أغسطينوس أن "الحجر" هنا يذكرنا بالشريعة الموسوية التي نُقشت على حجر، فقد انفصل بهذا المقدار ليعلن أن غاية الشريعة هي السير نحو المسيح الذي ليس ببعيدٍ عنهم، لكن كان يمكنهم خلال ما ورد في الناموس أن يتعرفوا عليه ويقبلوه في حياتهم. هذا ويرى القديس غريغوريوس أسقف نيصص أن السيد جثا على ركبتيه وصلى بمفرده دون التلاميذ، لأنه لم يكن ممكنًا لهم أن يشاركوه هذه اللحظات التي حمل فيها ضعفنا، وشفع عنّا بدمه لدي الآب. وكأن عمله هذا كان فريدًا في نوعه. ثالثاً: "وصلى قائلاً: يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس، ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك". سبق لنا ترجمة مقال للقديس يوحنا الذهبي الفم ونشره في كتاب "الحب الإلهي" يفسر هذه الصلاة، لذا أكتفي هنا بتعليقات خفيفة لبعض الآباء في هذا الأمر: أ. يرى بعض الآباء أن تعبير "تجيز" أو "تعبر عني"، لا تعني امتناع السيد عن قبول الكأس، إنما يعلن أن كأس الألم تجتاز به أو تعبر دون أن يكون لها سلطان عليه. هكذا يليق بنا أن نطلب من الله أنه وإن سمح لنا بكأس الآلام، لكننا نطلب ألا يحطمنا الألم، ولا يحني نفوسنا بالضيق والتبرم، إنما يجتاز الألم كأمرٍ عابرٍ مؤقت يزكينا ويكلننا ! العبارة "لتعبر هذه الكأس" لا تعني أنها لا تقترب منه، فإنه ما كان يمكن للكأس أن تعبر به أو تجتازه ما لم تقترب منه أولاً ... فإنها إن لم تصل إليه لا تعبر عنه. القديس ديونسيوس السكندري. ب. يرى القديس أمبروسيوس أن ما حدث يؤكد أن السيد المسيح حمل جسداً حقيقياً، وأنه جاء نيابة عن البشرية يحقق إرادة الآب [888]. جوهر هذه الصلاة هو تصحيح السيد المسيح لوضعنا، فعوض العصيان الذي مارسه آدم الأول ويعيشه البشر، جاء آدم الثاني، نائبنا ليصحح موقفنا بتسليم الإرادة للآب، مع أن إرادته واحدة مع أبيه. وكما يقول القديس ديونسيوس السكندري: [إذ صار إنسانًا حمل ما هو للإنسان... وها هو يسأل الأمور الخاصة بالآب (إرادة الآب) مع أنه من جهة لاهوته إرادته واحدة مع الآب... بالتأكيد لم يطلب المخلص ما هو مستحيل ولا ما هو ليس بعملي، ولا ما هو مخالف لإرادة الآب.] ويقول القديس أمبروسيوس: [لا توجد إرادة للآب تختلف عن إرادة الابن، بل لهما مشيئة واحدة، لاهوت واحد، ومع ذلك تعلم الخضوع لله [889]]. ويقول القديس أغسطينوس: [أنه قادر أن يحضر جيوش من الملائكة ليهلك أعداءه، لكنه كان يجب أن يشرب الكأس التي يريد الآب أن يقدمها له. بهذا يقدم نفسه مثالاً لشرب هذه الكأس، مسلمًا إياها لتابعيه معلنًا نعمة الصبر بالكلمات كما بالعمل [890]]. يشجعنا القديس يوحنا الذهبي الفم على الإقتداء بالسيد المسيح، قائلاً: [إن سقطت في خوفٍ، فانطق بما قاله هو [891]]. رابعاً: "وظهر له ملاك من السماء يقويه". لم يكن السيد المسيح محتاجاً إلى ملاك يقويه، لكنه كممثل للبشرية حمل صورة ضعفنا، فقبل حضرة ملاك من السماء يخدمه. ما حدث للسيد كان لحسابنا نحن الذين نحتاج إلى الملائكة الذين يخدمون "العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 14). - لكي يظهر لنا قوة الصلاة فنمارسها أثناء صراعنا، ظهر ملاك لربنا ليقويه. الأب ثيؤفلاكتيوس. يرى البعض أن ملاكاً ظهر ليمجده، قائلاً له: "لك القوة يا رب، فإنك قادر أن تغلب الموت وتخلص البشرية الضعيفة. هذا ما قاله الأب ثيؤفلاكتيوس، ولعله لهذا السبب جعلت الكنيسة تسبحتها طوال أسبوع الآلام تحمل ذات الروح، إذ تردد: "لك القوة والمجد والبركة والعز إلى الأبد، آمين...". خامساً: "وإذ كان في جهاد كان يصلّي بأشد لجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض، ثم قام من الصلاة، وجاء إلى تلاميذه، فوجدهم نيامًا من الحزن فقال لهم: لماذا أنتم نيام؟ قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة". هذا وصف يسجله لوقا البشير بلغة الطب: "كان في جهاد"، فقد دخل السيد المسيح في صراع حقيقي حتى صار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض. لقد صار هابيل الجديد الذي تتقبل الأرض دمه، لكن الأول تقبلته كثمرة حسد وحقد في قلب قايين أخيه، أما الثاني فتتقبله ثمرة حب حقيقي نحو البشرية كلها. دم هابيل يطلب النقمة من قاتله، أما دم السيد المسيح فيطلب النعمة لكل مؤمن به. كان المعلم يصارع بحق، وكان التلاميذ في عجز غير قادرين حتى على مقاومة النوم، لذا جاء السيد يعاتبهم ويوصيهم بالسهر مع الصلاة حتى لا يدخلوا في تجربة. - لقد حمل في نفسه آلامي، لكي يمنحني فرحه ! بثقة اذكر حزنه، إذ أكرز بصليبه، كان يلزم أن يحمل الأحزان لكي يغلب... لقد أراد لنا أن نتعلم كيف نغلب الموت، بالأكثر نحطم الموت القادم (الأبدي). لقد تألمت أيها الرب لا بآلامك، وإنما بآلامي، إذ جُرح لأجل معاصينا... ليس بعيداً عن الحق أنه قد تألم من أجل مضطهديه، إذ يعرف أنهم يعانون العقوبة من أجل تدنيسهم للمقدسات. القديس أمبروسيوس. - كان العرق يتصبب كالدم وربنا يصلي، ممثلاً الاستشهاد الذي يحل بكل جسده، أي الكنيسة. القديس أغسطينوس. - فاضت قطرات العرق منه بطريقة عجيبة كقطرات دم، كما لو أنه استنزف دمه، مفرغًا ينبوع الخوف اللائق بطبيعتنا. - (لئلا تدخلوا في تجربة). من يثبت في التجربة ويحتملها، فمثل هذا وإن كان بالحقيقة يُجرب لكنه لا يدخل في تجربة، ولا يسقط تحتها. هكذا اقتاد الروح يسوع لا ليدخل في تجربة وإنما لكي يجربه الشيطان (مت 4: 1). وإبراهيم أيضاً لم يدخل في تجربة، ولا قادة الله في تجربة إنما جربه (امتحنه) دون أن يسحبه في التجربة (أي تحتها).. الشيطان يسحبنا بالقوة لكي يهلكنا، لكن الله يقودنا بيده ليدربنا على خلاصنا. القديس ديونيسيوس السكندري) القمص تدرس يعقوب ملطي - تفسير إنجيل لوقا 22 - الصديق المتألم. مناقشة نص من كتاب آلام المسيح والقيامة ـ دراسة في الأناجيل الأربعة ـ القس انطونيوس فكري. يقول القس انطونيوس فكري: (آية (39): "ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت". إنّ إرادة الآب وإرادة الابن واحدة فهما روح واحد، ولكنه جاء نيابة عنا نحن الذين رفضنا إرادة الله فخضع للصليب بسرور من أجل الطاعة للآب. وفي نفس الوقت كان المسيح يريد ذلك. ونرى في كلام المسيح أنه يعلن إرادة الآب المحب (يو16:3). لماذا طلب المسيح أن تعبر عنه الكأس [1] هل خاف ؟ [2] هل هو لا يعلم أنه سيقوم ؟ [3] هل إرادته غير الآب؟...). ثم يجيب عن أسئلته فيقول: ("1" لقد سلَّم المسيح نفسه بإرادته، فهو كان يمكنه الهرب وقت أن سقط الجند عند قوله أنا هو (يو6:18)، بل هو كان في إمكانه أن يؤذيهم كما سبق وفعل بشجرة التين بل هو قال لتلاميذه "قد إقترب الذي يسلمني" فلو أراد الهرب لهرب. وكان يمكنه أن يجتاز كما إجتاز من قبل دون أن يمسه أحد (لو29:4، 30+ لو53:22+ يو10:10+ في6:2-8+ يو17:10+ يو1:17+ مت21:16-23+ مت46:21+ يو44:7+ يو59:8) بل هو ثبت وجهه لينطلق إلى أورشليم حين تمت الأيام لارتفاعه (لو51:9). من هنا نفهم أنه لم يخاف الموت. وهناك من يسأل لماذا ذهب إلى بستان جثسيماني في جبل الزيتون ألا يعتبر هذا هروباً ؟ والإجابة أن اليهود كانوا لا يريدون إلقاء الأيدي عليه وسط المدينة حتى لا يحدث شغب كثير بسببه. والدليل أن يهوذا كان يريد أن يسلمه خارجاً عن الجمع، والمسيح كان يعلم أن يهوذا كان عارفاً بأنه يذهب إلى بستان جثسيماني (يو2:18). ولو حدث قتل وشغب لكان هذا دليلاً لليهود أن بسببه صار شغب وقتل وبالتالي فهو يستحق الموت، وتكون حجتهم أنهم قتلوه ليمنعوا الشغب. وهو ذهب للبرية أيضاً ليعطي فرصة لتلاميذه أن يهربوا بعد إلقاء القبض عليه (يو8:18، 9). فكان التلاميذ في ضعفهم سينكرون الإيمان كلهم كما فعل بطرس، فضلاً عن أن السيد كان قد إعتاد أن يصلي في البرية وهو لم يرد أن يصلي في العلية فيسمعونه، أي تلاميذه. ولو حدث القبض عليه في المدينة فسيدافع عنه أحباؤه، وهو لا يريد لأحد أن يدافع عنه. فهو يسلم نفسه بإرادته ولا يريد كرامة بشرية من أحد، كما أنه لا يريد أن يُقتل أحد بسببه). أقول: - إذا كان المسيح سلم نفسه بإرادته وهو كان يمكنه الهرب فهذا دليل على علمه بأهمية الصلب فكيف يطلب أن يبعد عنه هذا الأمر وفي نفس الوقت يسلم نفسه ؟! ثم إنّ هذا مصادرة على المطلوب؛ لأن الدعاء والتوسل سابق على ما يستشهد به القس من هدوء ورباطة جاش لمن سلم نفسه والذي سلم نفسه هو الشبيه الذي جاء استجابة لدعاء عيسى ( ولذلك فمواقفهما متباينة تماماً ! - ما قدمه القس انطونيوس فكري يعني أحد أمرين؛ إما أنّ المسيح ( سلم نفسه وهو مطمئن باستجابة الله لدعائه وأنه سينجيه منهم، أو أنّ الذي سلم نفسه غيره وهو الشبيه الذي نزل بعد دعاء المسيح (، وما عدى هذين الأمرين فيكون سفهاً منسوباً إلى عيسى ( وحاشاه ! قال القس انطونيوس فكري: ("2" هو أعلم تلاميذه بقيامته (مت21:16)، بل كان يعلم كل شيء، وعلم أن بطرس سينكره 3 مرّات، وعرف أن بطرس يصطاد سمكة بها استاراً (مت27:17) وهو علم حال السامرية وكان يعلم ضمائر الناس وتنبأ بما سيحدث لأورشليم وأعظم شيء في هذا المقال قوله ليس أحد يعرف الآب إلاّ الابن (مت27:11). إذاً هو كان عارفاً بما سيحدث له، فلماذا إذاً صلّى لتعبر عنه هذه الكأس؟ هو بهذا أظهر أنه إنسان كامل يضطرب ويحزن، كما كان يجوع ويعطش.. وهو بسماحه أظهر إضطرابه لنعرف إنسانيته ثم أظهر شجاعته بعد ذلك مع الجند. وكان إظهار اضطرابه ليستدرج الشيطان ليقترب منه فيغلبه الرب، فهو كان يخفي عن إبليس تدبيره. وهو صلَّى هكذا لنتعلم أن نصلي "لتكن مشيئتك"). أقول: - لو كان عالماً بأنّ العذاب سيقع عليه والصلب سيقع عليه وأن هذه إرادة الله ومشيئته فكيف يكون دعاؤه بما يخالف مشيئة الله، إن هذا إلا انتقاص من مقام ذلك النبي العظيم عيسى ( وحاشاه. - أما مسألة الاضطراب فالقس مرة يقول إنه فعلاً مضطرب كإنسان، ومرة هو ليس مضطرباً ولكن فقط يخادع ويكذب (وحاشاه) لاستدراج الشيطان، وهذا قول متناقض ومحاولة يائسة في غاية السفه مع الأسف وهذا هو الذي أشار إليه الإمام أحمد الحسن ( من قبل. - إن كان طلب عيسى ( على معرفة يقينية منه بحتمية وقوع الصلب عليه فهذا يناقض كونه خليفة الله ( وإرادته إرادة الله ومطيعاً لله، فلا يبقى إلا أمران: الأول: أن يكون عيسى ( أثناء طلبه لا يعلم هل الصلب حتمي الوقوع، وهذا يعني أنّ عيسى ( يجهل، وهذا يناقض عقيدة المسيحيين في ألوهيته. الثاني: يعلم يقيناً بوقوع الصلب ويعلم أيضاً يقيناً أنّ الذي سيقع عليه الصلب يمكن أن يكون هو كما يمكن أن يكون غيره، أي أنه يعلم من الله أنه يمكن له أن يطلب أن يكون غيره الذي ينفذ الأمر بدلاً عنه إن لم يستطع هو تحمل ذلك التكليف ... وهنا يكون طلب عيسى ( موافقاً للحكمة. قال القس انطونيوس فكري: ("3" السيد قال أنا والآب واحد (يو30:10) وكل ما للآب هو لي (يو15:16). فإذا كانا واحداً في الذات فهما واحداً في المشيئات. والمشيئة الإلهية اتحدت أيضاً بالمشيئة الإنسانية حين اتحد اللاهوت بالناسوت. وحتى قوله ما جئت لأصنع مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني (يو19:5،38:6) لا يعني وجود مشيئتان بل أن الجسد في ضعفه العادي يريد شيئاً ولكن المسيح لا ينفذه، لأن مشيئته هي أن يصنع مشيئة الآب بل حتى القديسين صار لهم نفس الوضع فهم لا يصنعون سوى مشيئة الله ولا يستجيبون لنداءات الجسد. فكم بالأكثر من اتحد لاهوته بناسوته. لكل هذا نرى أنه أطاع حتى الموت موت الصليب. أي إنسان منا إذا علم أن هناك ضيقة تنتظره من المؤكد سيضطرب ويتمنى ألا تحدث، ويصلي. وبعد فترة من الصلاة يقنعه الروح القدس بأن يسلم الأمور لله، فيقول "لتكن مشيئتك" والمسيح لأن إنسانيته كانت كاملة اضطرب إذ أتت الساعة بينما هو كان يعرفها. وصلى. ولكن لم يأخذ الأمر معه وقتاً ما بين "إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس" وبين "ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت" لقد أختزل الوقت إلى لا شئ. فإرادته هي إرادة الآب هي الإرادة الإلهية التي فيه..... ...... ... قصص حزن المسيح تختلف من إنجيل لآخر فلماذا ؟ لقد أخبر كل واحد من الإنجيليين بحال من أحواله، وبعضهم اشترك في بعض الأخبار. وعموماً هم اقتسموا الأخبار ومن هنا نرى تكامل الأربعة أناجيل ....) القس انطونيوس فكري - آلام المسيح والقيامة - دراسة في الأناجيل الأربعة - يوم الخميس من أحداث أسبوع الآلام: 4- يسوع المسيح في بستان جسثيماني. - الوقت مهما قصر بين الكلمتين ولو لآن فهو ليس منعدماً بل موجود، وفي هذه الفترة ولو قصيرة طلب المسيح ( أن يبعد عنه الأمر أي أن الإشكال المطروح لا يرتفع بقصر الوقت أو طوله !! - لقد بيّن السيد المسيح ( أنّ ما دعا به وهو أن يبعد عنه الله سبحانه العذاب والصلب هو إرادته، فهو رجاء ودعاء وميل لهذا الأمر، كما وبيّن بكل وضوح أنّ هذا الدعاء واقع ضمن إرادة الله المرضية بقوله: (ولكن لتكن إرادتك لا إرادتي،) أي أنّ هذا الإعفاء هو ضمن رضاك فهو عاجز عن تحمل الصلب وطلب بإذن من الله سبحانه وتعالى (لتكن إرادتك) أن يبعد عنه، وفي هذه الكلمات كفاية لمن طلب الحق. بقي شيء، وهو قول بعضهم أنّ الحزن والاضطراب إنما كان لأجل أنه حمل خطايا البشر، وهم يريدون بذلك أنّ عيسى ( لما قبل أن يتحمل عن قومه خطاياهم فهو تلبس بها فأصبح بذلك مذنباً وهذا ما جعله في هذه الحالة، فهو أيضاً مردود، ومن وجوه عديدة نكتفي بنقطتين لردها: أولاً: مسألة تحمل خليفة الله ( عن المؤمنين وعن من يرجى إيمانهم بغض النظر عن قصة الصلب لا تعني أنّ خليفة الله يصبح بذلك مذنباً والعياذ بالله، بل تعني أنه بقبوله ذلك باختياره يتحمل العناء والجهد ويصبر على قومه وعلى ما يعانيه من أجل هداية الناس، وقد تقدم شرح هذا الأمر بأفضل بيان في كلمات الإمام أحمد الحسن ( ضمن شرحه لقضية الحجر الأسود أو حجر الزاوية، فراجع. ثانياً: هذا الاعتقاد يناقض عقيدة المسيحيين بألوهية السيد المسيح ( المطلقة، فالخطايا إن حملها فعلاً وتلبست به تكون ظلمة، واللاهوت المطلق نور لا ظلمة فيه !!! * * * -الملحق 7 : نبوؤات سعير وفاران تفسير المسيحيين يتبنى بعض العلماء طرحاً خالياً من الدليل العلمي، بل ومنهم من يحرف الحقائق ويفسرون النص بأنه ظهور مجد الله في سيناء وسعير وفاران في زمن موسى (، وكمثال ننقل للقارئ بعض النصوص من كتب علماء الكنيسة: وقد بينا في الهامش عند احتجاج الإمام ( بنص موسى ( على عيسى ( ومحمد / بطلان هذا الطرح. القمص عبد المسيح بسيط يخفي وجود سعير في جبال فلسطين ويكتفي بذكر تعريف واحد لسعير : (أين تقع سعير ؟: يذكر الكتاب المقدس سعير بأنها أرض الحوريين "وَالْحُورِيِّينَ فِي جَبَلِهِمْ سَعِيرَ إِلَى بُطْمَةِ فَارَانَ الَّتِي عِنْدَ الْبَرِّيَّةِ" (تكوين14/6). وهم، الحوريين، أحد القبائل التي سكنت في محيط بحر الملح أو البحر الميت. ويقول لنا أنّها واقعة في أرض الأدوميّين التي منحها الرب لعيسو "وَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ رُسُلاً قُدَّامَهُ إِلَى عِيسُوَ أَخِيهِ إِلَى أَرْضِ سَعِيرَ بِلاَدِ أَدُومَ" (تكوين32/3)، "فَسَكَنَ عِيسُو فِي جَبَلِ سَعِيرَ. (وَعِيسُو هُوَ أَدُومُ)" (تكوين36/8)، "وَأَوْصِي الشَّعْبَ قَائِلاً: أَنْتُمْ مَارُّونَ بِتُخُمِ إِخْوَتِكُمْ بَنِي عِيسُو السَّاكِنِينَ فِي سَعِيرَ فَيَخَافُونَ مِنْكُمْ. فَاحْتَرِزُوا جِدّاً" (تثنية2/4)، وهي تقع في الجزء الشرقي مقابل صحراء العربة ببن البحر الميّت وإيلات علي البحر الأحمر "أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ حُورِيبَ عَلى طَرِيقِ جَبَلِ سَعِيرَ إِلى قَادِشَ بَرْنِيعَ" (تثنية1/2)، "ثُمَّ تَحَوَّلنَا وَارْتَحَلنَا إِلى البَرِّيَّةِ عَلى طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ كَمَا كَلمَنِي الرَّبُّ وَدُرْنَا بِجَبَلِ سَعِيرَ أَيَّاماً كَثِيرَةً" (تثنية2/1)، "فَعَبَرْنَا عَنْ إِخْوَتِنَا بَنِي عِيسُو السَّاكِنِينَ فِي سَعِيرَ عَلى طَرِيقِ العَرَبَةِ عَلى أَيْلةَ وَعَلى عِصْيُونَ جَابِرَ ثُمَّ تَحَوَّلنَا وَمَرَرْنَا فِي طَرِيقِ بَرِّيَّةِ مُوآبَ" (تثنية2/8). أي أنها تقع في الجزء الشرقي من البلاد فيما يُسمّى الآن بالأردن وهذا ينفي كونها هي فلسطين، بل الأردن، وينفي الزعم بأنّ الوحي نزل على المسيح فيها !! إذًا فنصّ الآيات المذكورة لا يُشير لا إلى التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن إنّما يصف، بأسلوب شعري، رحلة الخروج من مصر إلى أرض كنعان، بقيادة الله لشعبه، في الطريق من سيناء، إلي سعير، إلي فاران، إلي فلسطين، ولم يذهب الشعب في هذه الرحلة مطلقاً إلى مكّة أو الحجاز، كما يذكر الكتاب أن داود "وَقَامَ دَاوُدُ وَنَزَلَ إِلَى بَرِّيَّةِ فَارَانَ" (2صموئيل1/25؛1ملوك11/18)، ولا يذكر الكتاب مطلقًا أنّ داود غادر فلسطين إلي الحجاز!! إنما يُذَكّر نصّ الآيات، بما فعله الله مع شعب إسرائيل. القرينة هنا تدل على أن موسى في كلامه على هذه المواضع يذكّر بني إسرائيل كيف أضاء مجد الله إلي مسافات بعيدة عندما كانوا ضاربين خيامهم عند جبل سيناء، وتبين لنا الخرائط الجغرافية أنّ سيناء وسعير وفاران ثلاثة جبال متجاورة واقعة في شبه جزيرة سيناء وجنوب الأردن على بعد مئات من الأميال من مكة، كما بيّنا أعلاه، وكما هو مبيّن في الخريطة التي أمامنا، فضلاً على أن الذي جاء هو الرب (يهوه יְהוָה) وهو اسم الله ولا يُطلق على بشر) كتاب هل تنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر يأتي بعد المسيح؟ - فصل 6 - القمص عبد المسيح بسيط. عيب على من يدعي العلم وأنه رجل دين أن يخفي الحقائق هكذا !!!! يقول القمص تدرس يعقوب ملطي: (مباركة الشعب: "وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته". تعتبر هذه الآية عنواناً للأصحاح كله. تكشف عن حب موسى الأبوي واشتياقه نحو نموهم وخلاصهم، مع أنه يموت دون أن يشاركهم فيما ينالونه. "موسى رجل الله" هذا يظهر أن موسى ليس الكاتب نفسه. ولقد أطلق كالب هذا اللقب على موسى (يش 14: 6) ثم في عنوان مزمور 90 فقط. . مجد الله وسط شعبه: أظهر موسى النبي الأساس الذي عليه يتبارك إخوته ألا وهو إعلان مجد الله من أجلهم في مناطق متنوعة: في سيناء وفي سعير وفي جبل فاران وفي ربوات القدس. "فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس. وعن يمينه نار شريعة لهم". يبدأ البركة برؤيته للرب القادم من سيناء، كالشمس عند إشراقها بمجدٍ. يرى الله الذي يسلم شعبه شريعته أو وصيته، لكي يسلكوا بالقانون السماوي، فيتمتعوا بطبيعة ملائكية ويكون لهم شركة في الحياة السماوية المطوّبة. لقد وهبهم الشريعة النارية ليجعل منهم أشبه بكائنات نارية تتشبه بالله النار الآكلة. جاء في ترجوم أورشليم أن الله نزل ليقدم الشريعة، فقدمها على جبل سعير للأدوميين لكنهم رفضوها، لأنه جاء فيها وصية: "لا تقتل". ثم قدمها على جبل فاران للإسماعيليين فرفضوها، لأنه جاء فيها وصية: "لا تسرق". وإذ جاء إلى جبل سيناء لإسرائيل قالوا: "كل ما يقوله الرب نفعل". لقد تنازل الله ليقدم شريعته، ويتحدث مع شعبه في مجد وبهاء، إذ قيل: "أشرق" و"تلألأ". يرى البعض أيضًا الله إذ تنازل وقدم شريعته النارية لموسى على جبل سيناء أعلن بهاء مجده، فأشرق على جبل سعير وتلألأ على جبل فاران، وهما جبلان بعيدان عن بعضهما البعض. وكأن حلول مجد الله على جبل سيناء قد أبرق على كل المنطقة حتى صارت الجبال البعيدة مشرقة ومتلألئة. ويرى آخرون أن مجد الله نزل على جبل سيناء حيث استلم موسى النبي الشريعة، وهذا له الأولوية بكونه أهم حدث في تاريخ العهد القديم. كما أعلن مجده على جبل سعير، كما جاء في سفر القضاة: "يا رب بخروجك من سعير لصعودك من صحراء أدوم الأرض ارتعدت، السماوات أيضًا قطرت، كذلك السحب قطرت ماءً. تزلزلت الجبال من وجه الرب وسيناء هذا من وجه الرب إله إسرائيل" (قض 5: 4). كما ظهر مجد الرب في فاران حيث قيل: "ثم ظهر مجد الرب في خيمة الاجتماع لكل بني إسرائيل" (عد 14: 10). أتى من ربوات القدس تترجم السبعينية كلمة "القدس" إلى "ملائكة"، وهذا غالبًا هو المعنى الحقيقي (أع 7: 53). اختلف البعض في تفسير "ربوات القدس"، هل هي منطقة رابعة أعلن فيها الرب مجده، أم تشير إلى مجيء الرب في كل مرة هذا الذي يحوط به ربوات الملائكة القديسين، كما جاء في رسالة يهوذا عن مجيئه (يه 14). وقيل في المزامير: "مركبات الله ربوات ألوف مكررة" (مز 68: 17). ظهر الله لشعبه ليقدم لهم "الشريعة النارية"، لأنها قدمت في وسط النار (تث 4: 33)، وهي تعمل كالنار تأكل الشر، تبغي تنقية النفس من الفساد. وقد حلّ الروح القدس على كنيسة العهد الجديد في شكل ألسنة نارية (أع 2) ليقدموا الإنجيل الناري، ويحولوا النفوس إلى نيران حب متقدة نحو الله والناس. أما قوله "عن يمينه نار شريعة لهم"، فإن اليمين تشير إلى القوة كما إلى البركة، فبالشريعة نتمتع بقوة الله وننال يمين البركة. "فأحب الشعب جميع قديسيه في يدك، وهم جالسون عند قدميك يتقبلون من أقوالك". تشير اليد إلى الرعاية الإلهية، ففي سفر الرؤيا تظهر الكنائس السبع في يد الرب يسوع (رؤ 1: 16). يمينه متسعة تضم الكنيسة الجامعة منذ آدم إلى آخر الدهور، وكما يقول عن خرافه: "لا يخطفها أحد من يدي" (يو 10: 28). أما عن جلوس شعبه عند قدميه يتقبلون أقواله فيُشير إلى بقاء الشعب عند سفح الجبل ينتظر موسى النبي الذي ارتفع إلى القمة ليلتقي مع الله ويستلم الشريعة ويسلمها للشعب. بقاؤهم عند سفح الجبل حيث مجد الله العجيب، والجبل يدخن، أشبه بجلوس التلاميذ عند قدمي معلمهم يسمعون له بروح التواضع والرغبة في التعلم. ظهور الله المجيد (33: 2-5) بكونه الملك الحقيقي لكل الأسباط؛ عن يمينه دستوره شريعة نارية، قانونه "حبه لشعبه"، يحمل شعبه المقدس في يده، فلا يُحرم أحد من رعايته. هم يشتهون الجلوس عند قدميه أما هو فيحملهم في أحضانه بالحب. هذا والجلوس عند القدمين إشارة إلى الرغبة في التعلم والتلمذة. لقد أحب شعبه وأراد أن يقدم لهم شريعته، فلاق بهم أن يجلسوا عند قدميه بتواضع ليتمتعوا بها كميراث لهم، إذ يقول: "بناموسٍ أوصانا موسى ميراثًا لجماعة يعقوب. وكان في يشرون ملكًا حين اجتمع رؤساء الشعب أسباط إسرائيل معًا". ناموس الرب هو ميراثنا وكنزنا وغنانا. وكما يقول المرتل: "ورثت شهاداتك إلى الدهر، لأنها هي بهجة قلبي" (مز 119: 111). إذ اجتمع رؤساء الشعب كان موسى في وسطهم كملك أو قائد عام لكل إسرائيل، يقدم لهم شريعة ملك الملوك، لكن للأسف فيما بعد رفضوه. يقول الرب: "قلتم لي لا، بل يملك علينا ملك والرب إلهكم ملككم" (1 صم 12: 12). "كان في يشورون ملكًا" قد تشير إلى يهوه (قارن 1 صم 12: 12) أو الملك المسيا المذكور في عدد 3، أو عن موسى) تفسير العهد القديم والجديد - سفر التثنية الأصحاح 33 - القمص تدرس يعقوب ملطي. يقول القس انطونيوس فكري: (... آية1: و هذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته. موسى هنا يبارك شعبه قبل أن يتركهم ويموت كما بارك إسحق يعقوب وبارك يعقوب أولاده. ونجد هنا موسى لا ينطق سوى بالبركة للأسباط فموسى طالما نطق بالبركات لمن يُطيع وباللعنات لمن يعصى أوامر الناموس. ولكنه هنا يُصلى لأجل أن تحل البركة على كل شعبه، هو يتمنى ويرجو أن تحل البركة، بالرغم من أنهم طالما أساءوا إليه بل بسبب تذمرهم حرموه من دخول أرض الميعاد. لكنه الآن يُسامح الجميع ويُصلى من أجل الجميع. فهذه البركة هي صلوات ودعاء بالبركة لشعبه. هي حب متدفق لشعبه كأولاد له... .......... ... موسى رجل الله = هذه تظهر أن الإصحاح كتب بعد موت موسى. آية 2: فقال جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلالا من جبال فاران واتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. جاء الرب من سيناء = يقصد بمجيئه تجلى مجده وظهوره الإلهى في سيناء عند إعطاء الشريعة المُقدسة لشعبه. وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران = إن مجد الرب الذي تجلى على جبل سيناء بنار ورعود وبروق وأضواء لامعة باهرة، لم يقتصر ظهوره على جبل سيناء، بل انعكست أضواؤه البهية على الجبال القريبة والبعيدة. جبل سعير على الجانب الشرقى للعربة شمال شرق سيناء ومن رؤوس جبال سعير جبل هور. وقد إحتل الأدوميون (بنو عيسو) أرض سعير الجبلية (تك3:32). وجبل فاران هذا يقع في جنوب فلسطين وكان يسكنها الإسماعيلين. وتلألؤ مجد الرب على سيناء في إعطاء شريعته على الجبال الأخرى كان علامة على أن شريعة الرب فيها الضياء والهداية ليس لليهود وحدهم بل لجميع الشعوب التي ستقبل كلمة الرب يوماً ما ولاحظ التسلسل: سيناء ... حيث إسرائيل (أي نسل يعقوب). ثم سعير .... حيث أدوم (أخو يعقوب). ثم فاران ... حيث إسمعيل (عم يعقوب). ومن القصص المُسلية في التفاسير اليهودية لهذه الآية أن الله ذهب بشريعته إلى جبل سعير أولاً فرفضوها لأنهم وجدوا فيها وصية لا تقتل فذهب الله بشريعته إلى جبل فاران فرفضوها لأنهم وجدوا فيها وصية لا تسرق فذهب بها إلى اليهود في جبل سيناء فقبلوها. ولكن المعنى هو انتشار كلمة الله تدريجياً كما قال المسيح لتلاميذه أن يبدأوا بأورشليم أولاً ثم اليهودية ثم السامرة ثم إلى كل الأرض. ولاحظ أن كلمة الله وشريعة الله هي نار ونور يتلألأ ويمتد نوره والمنظر الرائع هنا أن النور يبدأ بظهوره على قمة أحد الجبال ثم يسقط على قمة أخرى فقمة ثالثة والقمم هي الكنائس التي تقبل المسيح. وأتى من ربوات القدس = وفي الترجمات الأخرى وأتى من بين ربوات القديسين أو مع ربوات القديسين والسبعينية تترجم القدس الملائكة (أع53:7 + عب3،2:2) والملائكة دعوا قديسين أو قدوسين (دا13:8 + مت 31:25) والملائكة ألوف ألوف وربوات ربوات. وقد تشتمل هذه الربوات على القديسين حيث كان لعازر في حضن إبراهيم. فالمسيح أتى من السماء حيث الملائكة لنشر شريعته وكرازته للعالم، ليسلك شعبه بحسب هذه الشريعة ويصير لهم حياة سماوية كالملائكة. وبهذا أتى المسيح ليصير كما في السماء كذلك على الأرض". وعن يمينه نار شريعة لهم = وفي ترجمات أخرى ومن يمينه خرجت نار الشريعة لهم. أي أن الله أعطاهم شريعته المُضيئة المُشرقة. وقوله عن يمينه يُشير للقوة والشخص المُتميز يكون موضعه على اليمين. والرب أعطى شعبه شريعته بيمينه لأنه يحبهم وقد جعلهم على يمينه. وكما يُعطى الإنسان عطاياه بيمينه هكذا يقدم الله أعظم عطية لشعبه أي شريعته، يقدمها بيمينه. وهي نار وهذه تُشير لقوة الشريعة وفاعليتها في تغيير القلوب وفي التطهير والتنقية وإذابة القلوب المتحجرة لمن يقبلها وهي لها قوتها في أن تحرق من لا يقبلها. آية 3: فأحب الشعب جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك. فأحب الشعب = الله أحب الشعب ودليل هذا أعماله العجيبة وشريعته المُنيرة، ورعايته الإلهية. جميع قديسيه في يدك = إن شعب الله هم قديسوه وهم في يده محروسون بقوته (يو28،27:10). هم جالسون عند قدميك = الشعب يشتهى الجلوس عند قدميه يتعلم وهو يحملهم في يديه إذاً هم في يديه محفوظين (ولاحظ أن يد الله تشير للمسيح) وعند قدميه فهو يعلمهم. وهذا المنظر رأيناه والمسيح جالس على الجبل يعظ ويُعلم (مت 5، 6، 7) وفي سفر الرؤيا وهو يحمل الملائكة في يده (الملائكة هم أساقفة الكنائس رؤ20،16:1) والشعب في العهد القديم كان تحت الجبل حينما أعطاهم الله الشريعة (خر20،19). آية 4: بناموس أوصانا موسى ميراثا لجماعة يعقوب. ميراثاً = فهو غالٍ وثمين ويتوارثه الخلف عن السلف وهو خير من ألوف ذهب وفضة (مز 72:119) والآب لا يورث ابنه إلا أغلى ما عنده. آية 5: 5- وكان في يشورون ملكا حين اجتمع رؤساء الشعب أسباط إسرائيل معاً. غالباً المقصود بأنه كان ملكاً هو موسى. فهو يقول في آية "4" بناموس أوصانا موسى". وكان في يشورون ملكاً. فالله أعطاه أن يكون ملكاً ورئيساً ومشرعاً لشعبه وهو الذي أعطاهم الشريعة...) تفسير العهد القديم والجديد - سفر التثنية الأصحاح 33 - القس انطونيوس فكري. * * * -ملحق 8 : عدد الوحش Centre for the Study of Ancient Documents, Stelios Ioannou School for Research in Classical and Byzantine Studies, 66 St Giles, Oxford, OX1 3LU http://www.csad.ox.ac.uk/POxy/beast616.htm The Other Number of the Beast: 616 P.Oxy. LVI 4499 The newest volume of Oxyrhynchus Papyri contains a fragmentary papyrus of Revelation which is the earliest known witness to some sections (late third / early fourth century). A detailed discussion of its place in the MS tradition is given in the printed volume. You will find images at 150dpi and 300dpi in the papyri section of this site, accessible from the main menu. One feature of particular interest is the number that this papyrus assigns to the Beast: 616, rather than the usual 666. (665 is also found.) We knew that this variant existed: Irenaeus cites (and refutes) it. But this is the earliest instance that has so far been found. The number — chi, iota, stigma (hexakosiai deka hex) — is in the third line of the fragment shown below. But why does it matter what the number is? For that, we have to turn to ancient Greek ideas -ملحق 9 : ساعير هي أرض القدس وما حولها في قاموس الكتاب المقدس تذكر ساعير في احتمالين على الأقل: (ساعير: أطلب "سعير ... (3) جبل في أرض يهوذا (يشوع 15: 10) بين قرية يعاريم وبيت شمس، وربما كان سلسلة الجبال التي تقع عليها قرية ساريس إلى الجنوب الغربي من قرية يعاريم وإلى الشمال الغربي من أورشليم . ولا زالت آثار الغابات التي كانت تنمو فوقه موجودة إلى اليوم) قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - ص 466 – 467. وأما في شرح كلمة (جبل سعير) فالقاموس يكتفي فقط بالجبل الواقع في أرض يهوذا: (جبل سَعير - كلمة عبرانية معناها "كثير الشعر": جبل في أرض يهوذا (يشوع 15: 10) بين قرية يعاريم وبيت شمس، وربما كان سلسلة الجبال التي تقع عليها قرية ساريس إلى الجنوب الغربي من قرية يعاريم وإلى الشمال الغربي من أورشليم. ولا زالت آثار الغابات التي كانت تنمو فوقه موجودة إلى اليوم). النص العبري وترجمته العربية وسعير من قاموس سترونغ: [[يش-15-10: وَامْتَدَّ التُّخُمُ مِنْ بَعَلَةَ غَرْباً إِلَى جَبَلِ سَعِيرَ, وَعَبَرَ إِلَى جَانِبِ جَبَلِ يَعَارِيمَ مِنَ الشِّمَالِ. (هِيَ كَسَالُونُ) وَنَزَلَ إِلَى بَيْتِ شَمْسٍ وَعَبَرَ إِلَى تِمْنَةَ. וְנָסַב֩ הַגְּב֨וּל מִבַּעֲלָ֥ה יָ֙מָּה֙ אֶל־הַ֣ר שֵׂעִ֔יר וְעָבַ֕ר אֶל־כֶּ֧תֶף הַר־יְעָרִ֛ים מִצָּפֹ֖ונָה הִ֣יא כְסָלֹ֑ון וְיָרַ֥ד בֵּֽית־שֶׁ֖מֶשׁ וְעָבַ֥ר תִּמְנָֽה׃ قاموس سترونغ H8165 שׂעיר (ώê‛îyr) say-eer' Formed like H8163; rough; {Seir} a mountain of Idumaea and its aboriginal {occupants} also one in Palestine: - Seir - من أرض الواقع: جبال وسط فلسطين التي تضم كتلتين جبليتين هما جبال نابلس والكرمل، وجبال القدس والخليل، وتضم هذه الجبال مرتفعات يزيد ارتفاعها على 1000م (جبل حلحول 1013م، جبل سعير 1018م) وتقع مدينة القدس في وسط هذه الجبال. http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=162854&m=1 صورة فوتوغرافية لبلدية سعير وصور من القمر الصناعي لبلدة سعير في فلسطين بين الخليل وبيت لحم. / / / -ملحق 10 : صورة لإنجيل يهوذاFooters
[1] - عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين (، قال: (قال رسول الله / في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (: يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة، فأملا رسول الله / وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام سمّاك الله تعالى في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي، فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك. يا علي، أنت وصيي على أهل بيتي حيّهم وميتهم وعلى نسائي، فمن ثبتها لقيتني غداً ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي. فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد فذلك إثنا عشر إماماً. ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين)، له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي وام أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين) الغيبة - الطوسي: ص107 - 108.
[2] - آمن ويؤمن بدعوة الإمام أحمد الحسن ( ناس من مختلف الأجناس والديانات (مسلمين شيعة وسنة، ويهود ومسيحيين)، وكثير منهم آمنوا بسبب التقائهم بالأنصار الذين في الخارج وبيّنوا لهم الدعوة، أو أنّهم اطلعوا على موقع الإنترنت، وكثير منهم رأوا رؤى في المنام فآمنوا أو أنّ لديهم دليلاً غيبياً، وهذه كمثال رسالة شخص مسيحي من مصر آمن بالدعوة وأرسلها إلى الإخوة الأنصار عبر الإنترنت:
(الاسم: عمانوئيل روفائيل. البلد: مصر.
نص الرسالة: (فخامة المندوب عن المنقذ، لديّ رسالة إليك كتبت قبل 322 عاماً من الأسقف سرخيس ميخا المعمدان محفوظة ومختومة رغم أني لم أستطيع حل ألغازها لكن اسم فخامتكم فيها واضح أرجو إبلاغي بالعنوان المناسب مع احتراماتي). عمانوئيل. العمر: 71) كتاب الجواب المنير عبر الأثير - للإمام أحمد الحسن (: ج2.
[3] - المعجزات التي تؤيد أحقية الإمام أحمد الحسن ( كثيرة جداً، ومنها ما تناقلته الفضائيات، وفيما يلي ننقل مثالين:
- معجزة إحياء ميت:
نقلت القناة الفضائية الديار في حلقة خاصة لبرنامج "بين الناس" (بتاريخ 31 يناير 2012) بعض المعجزات التي تؤيد صاحب الحق الإمام أحمد الحسن (، ومن بينها معجزة إحياء طفل ميت (الطفل علي سعدون) الذي سقط في النهر، ووالد هذا الطفل لم يكن مؤمناً بالإمام أحمد الحسن (، وكان قد طلب من قبل معجزة من الله ليعرف أحقية الدعوة المباركة، فأحيى الله سبحانه الطفل بعد ساعات من موته وبعد أن تيقن الاطباء من وفاته. وفي الملحق يوجد تفصيل أكثر للقصة وهي موثقة بالصوت والصورة ضمن إحدى فضائية الديار، وهذه المعجزة يتناقلها الناس في العراق وكثيرون يؤمنون لما تنقل لهم.
- معجزة إبراء مريض:
وأيضاً معجزات كثيرة لشفاء وإبراء مرضى، مثل قصة المدرّسة التي كانت مريضة بالسرطان وهي الآن قد شفيت تماماً، وقصتها باختصار: هي أنّ والدة المدرّسة بعد أن رأت معجزة الطفل الذي أحيي في قناة الديار بكت وتوسلت بأحمد الحسن ( وقالت: هذه ابنتي شابة وشعرها تساقط بسبب العلاج الكيمياوي، فرأت في الليل رؤيا أنها تزور الإمام الحسن العسكري ( وجاء في الرؤيا شخص وقال لها: سيتحقق ما تريدين وتشفى ابنتك، ورأت (في الرؤيا) ابنتها بقربها وهذا الشخص مسح على رأس ابنتها وقال لها: أنا السيد اليماني فقالت له: (من ؟) فقال لها: (أنا أحمد الحسن). فاستيقظت والدة المدرّسة من النوم وذهبت لفراش ابنتها وهي خائفة أن تكون ابنتها قد ماتت أو حصل لها شيء ما. فوجدت ابنتها مستيقظة وقد رأت أيضاً رؤيا بأنّ شخصاً جاءها ومسح على رأسها وقال لها: (أنا أحمد الحسن وأنت شفيتي واذهبي غداً للفحص الطبي لتعرفي أنت وأهلك). وبالفعل ذهبت وتأكدت أنها شفيت تماماً. وهذه المعجزة يشهد عليها أهل المدرّسة وهم بالعشرات، والذين لم يكونوا قبل المعجزة مؤمنين بالدعوة المباركة.
ومن أراد الاطلاع على المزيد ففي مواقع أنصار الإمام المهدي ( توجد مجموعة من الشهادات بالرؤى والكشوفات والآيات والمعجزات المؤيدة لدعوة الحق وصاحب الحق الإمام أحمد الحسن (.
[4] - جاء في قانون الإيمان: (نؤمن بإلهٍ واحد، آبٍ قادر على كل شيء، صانع كل الأشياء المرئيّة واللا مرئيّة. وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح، ابن الله مولود الآب الوحيد، أي من جوهر الآب، إله من إله، نور من نور، إلهٌ حق من إلهٍ حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي بواسطتهِ كل الأشياء وُجِدَت، تلك التي في السماء وتلك التي في الأرض. الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزلَ وتجسَّد، تأنَّس، تألَّم وقام في اليوم الثالث [و] صعدَ إلى السماوات، آتٍ ليدين الأحياء والأموات،...) ترجمة النص اليوناني لقانون الايمان لمجمع نيقية.
[5] - الحقيقة أنّ مفهوم الخطيئة ومفهوم الفداء فيهما خلل كبير عند المسيحيين، وقد بين الإمام أحمد الحسن ( الحق في المسألة - وسيأتي بيانه إن شاء الله في الكتاب الذي بين يديك -، فالخطيئة التي يحملها كل إنسان هي (الأنا والنفس) ومغفرتها تكون بقتلها (أي قتل الأنا والنفس)، وأما الفداء فليس تكفيراً عن خطيئة الإنسان، بل إنّ خلفاء الله / يتحملون العذاب والمظلومية والعناء والتعب، بل ربما حتى القتل لأجل أن يوصلوا الناس للحق ومعرفة الحق. ولمعرفة العقائد الحقة يمكن مراجعة كتب الإمام أحمد الحسن (، مثل كتاب التوحيد، والمتشابهات، وهي موجودة بالموقع الرسمي: www.almahdyoon.org
[6] - عقيدة الكنيسة مبنية على التصور أنّ الإله نزل وتجسد ليكفر عن خطيئة الإنسان، وذلك لاعتقادهم أنّ الإنسان (آدم () أخطأ ضد الله خطأًً غير محدود (لأن الله غير محدود) وهو أكله من الشجرة، ويعتقدون أنّ الله توعد آدم ( بالموت إن عصى، وأنه في نفس الوقت الله أحب الإنسان فلم يشأ أن يفنيه ويميته، وبالتالي حسب عقيدتهم يجب التكفير عن هذه الخطيئة اللا محدودة دون أن يموت ويفنى الإنسان نهائياً، ودون أن يخلف الله وعده بالعقوبة، فكان الحل هو أنه نزل وتأنس وتألم وفدى الإنسان وخلصه بدمه. (راجع مثلاً كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي للبابا شنودة الثالث - لا خلاص إلا بدم المسيح وحده).
[7] - يجب الانتباه إلى أمر مهم جداً، وهو أنّ عدم معرفة حقيقة من الذي تحمل العذاب والصلب لا يضر بإيمان من آمنوا بعيسى ( أنه نبي ورسول الله وآمنوا برسالته كاملة بما فيها من دعوة إلى التوحيد ومعرفة الله وبشارة باستمرارية الإرسال وبإقامة دولة العدل الإلهي في آخر الزمان ودعوة إلى مكارم الأخلاق والرحمة والرأفة والزهد ووووو ... حتى لو اعتقدوا أنّ عيسى ( هو الذي صلب بالفعل ما لم يكلفوا خلاف ذلك. أيضاً الذين كانوا مؤمنين بعيسى ( ورسالته ثم بعث محمد / فآمنوا به وبرسالته كاملة بما فيها من اخبار عن أنّ المصلوب ليس هو عيسى ( وإن لم يعرفوا أيضاّ هوية المصلوب. وبصورة أخرى أقول - ما هو الهدف من حادثة الصلب؟ والجواب هو أنّ الصلب وما سبقه من تعذيب وتحمل المظلومية يهدف إلى أمور ومنها: - إيقاظ الغافلين والناسين للعهد والميثاق الذي أخذه الله عليهم منذ خلقهم، وهو الإقرار لله بالربوبية والتوحيد ولأوليائه محمد / وآل محمد / بالولاية والطاعة ونصرتهم، ومنها: فضح ظلم وباطل علماء اليهود الذين يحرفون الأمة عن العقائد الحقة والشرائع الإلهية الصحيحة، ونبذهم حاكمية الله، والتسليم للطاغوت وحاكمية الناس، وبيان أنهم قتلة خلفاء الله من الأنبياء والأوصياء /. وهذه الأمور وغيرها كلها تتحقق سواء كان عيسى ( هو نفسه المصلوب أو شخص آخر شبيه له؛ لأن الأمر أمضاه الله سبحانه دون أن يطلعهم على الحقيقة فكانوا يظنون أن المصلوب هو عيسى (.
[8] - لو فرضنا أنّ الحادثة كلها خيلت مثلاً لمن شهدوها ولم يقع تعذيب ولا صلب حقيقي فلن يكون القاتل والظالم قاتلاً ولا ظالماً حقيقياً، ولا المقتول والمظلوم مقتولاً ومظلوماً حقيقياً، بل سينقلب الأمر تماماً وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وأيضاً لو فرضنا أنّ الحادثة وقعت حقيقة ولكن في حق شخص ليس يمثل خط عيسى ( وما أراد أن يبينه عيسى ( فهنا أيضاً لن تتحقق الأهداف وهذا واضح. إذاً لا يوجد مانع عقلي أن يكون الذي صلب شخصاً صالحاً شبه لهم ونفذ أمر الله سبحانه وتعالى فكان هو فداء لعيسى ( وفداء لقضية الله سبحانه وتعالى. والعهد القديم والجديد الذي يؤمن به المسيحيون أيضاً لا يمنعه، بل وفي الإنجيل قصة يوحنا المعمدان الذي قيل عنه أنه إيليا الذي سيأتي ويمهد الطريق للمسيح ( خير شاهد على ذلك، فالله سبحانه وتعالى وعدهم أن يبعث إيليا وفي الواقع بعث من مثل إيليا وأيضا عذب وسجن وقتل وصح أن يقال أنّ إيليا قد جاء وسجن وعذب وقتل.
[9] - على أي حال أنّ مسألة الصلب من (ألفها إلى يائها) قضية إلهية وسر من أسرار الله، وقد أعيت العلماء على اختلاف مواقفهم وبالتالي فإنّ فهمها والإحاطة بتفاصيلها يعتبر بحق (معجزة علمية)، وهي كذلك منذ بعثة محمد / الذي أظهرها جلياً للعالم بعد أن كانت محصورة بين المسيحيين، وهي أشبه بـ (سفر) سمعنا بوجوده ولم نتيقن بذلك إلا بعد أن جاء محمد / وأظهره لنا، فظهر السفر بعنوانه مكتوب على ظهره بكل وضوح وبما لا يقبل الشك، ولكن السفر ممتنعةٌ قراءةُ الحروف بداخله وممتنع فهم ما فيه. فهو كـ (سفر) لم يُعطَ لأحد أن يأخذه ويقرأه لا من أهل الأرض ولا من أهل السماوات ولا حتى لمن لهم نصيب في أعلى السماوات أي السماء السابعة وسماء العقل من الأنبياء والأوصياء / غير محمد وآل محمد / !
حتى كأنه سفر عليه سبع خواتيم (في كل عالم خاتم) لا يمكن أن يفكها إلا من أظهر السفر أي محمد / أو من يعطيه محمد / أن يفكها ! سفر لا يعرف ما فيه إلا الله سبحانه ومن هم علمهم فوق علم كل الخلق وهم محمد / وأوصياؤه الأربع وعشرون: الأئمة والمهديون /. وإذا كان الأمر كذلك وكان المصلوب يعرف أيضاً ما في السفر (لأن السفر هو سره هو) وكان علمه معجزاً لكل الخلق ومحجوباً على كل من هم دون محمد وآل محمد / (في العلم) كان المصلوب قطعاً منهم /. وقد تقدم بيان أنّ المصلوب لابد أن يكون أفضل من عيسى ( بل وأفضل من جميع الأنبياء والأوصياء غير محمد / وآل محمد /. ولما كان أن محمد / والأحد عشر إمام / قد مضوا ولم يبينوا السفر ولم يدعِ واحد منهم أنه هو الشبيه كان الأمر منحصراً في أن يكون الشبيه هو إما الإمام المهدي (، أو أحد المهديين (12). وقد جاء زمانه وحان وقت مملكته (دولة العدل الإلهي) وهو المهدي الأول أحمد (يهوذا) الطاهر المقدس اليماني الموعود الأسد من سبط يهوذا، وأخذ السفر وفك ختومه وها هو يقرأه علينا اليوم بكل وضوح ويبيّن أسراره وتفاصيله ويدفع ما تعارضت فيه الافهام واختلفت فيه العقول. وهو ذاك الأسد الغالب الذي انتصر وفاز وهو بالأمس ذلك القائم كخروف مذبوح (أي خاضع لأمر الله وطائع وراضي أن يكون فداء) الذي نزل إلى الأرض صامتاً وتحمل العذاب صامتاً وصلب وقتل صامتاً كشاة سيقت للذبح، هكذا لم يفتح فاه.
[10] - المعلومات حول اكتشاف نسخة إنجيل يهوذا وتوثيقها مستقاة مما نشرته الجمعية الجغرافية (National Geographic)، ويمكن الاطلاع على التفاصيل والمقال الأصلي على موقع الجمعية:
http://ngm.nationalgeographic.com/2006/05/judas-gospel/cockburn-text.html
[11] ـ ينبغي الإشارة إلى أنّ هذه الآيات تحديداً اختارها السائل وهو ليس من الأنصار، وجواب الإمام أحمد الحسن ( فيه الرد على عموم شبهة الحث على القتل والإقصاء والتهميش التي يمكن أن تطرح حول نصوص أخرى لم تَرِد في السؤال.
[12] - جاء في مقدمة كتاب قانون الإيمان للبابا شنودة:
(... وأهمية قانون الإيمان هو أن جميع كنائس العالم المسيحي تؤمن بقانون إيمان واحد تقره جميع الكنائس ولذلك كان لابد أن يضعه مجمع مسكوني يضم ممثلي كل الكنائس المسكونة.
القانون الذي بين أيدينا صيغ في مجمع نيقية المسكوني سنة 325 م وهو أول المجامع المسكونية، وذلك رداً على البدعة الأريوسية التي أنكرت لاهوت المسيح. وكان يمثل الكنيسة القبطية في ذلك المجمع البابا ألكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر. ومعه شماسه أثناسيوس الذي قام بصياغة كل بنود القانون وأضيف الجزء الخاص بلاهوت الروح القدس في مجمع القسطنطينية المسكوني الذي عقد سنة 381 م. رداً على مقدونيوس الذي أنكر لاهوت الروح.
كل كنائس العالم - وإن اختلفت في بعض العقائد - تؤمن بكل بنود قانون الإيمان. هذا وأية طائفة لا تؤمن بكل ما في قانون الإيمان لا تعتبر مسيحية. مثل شهود يهوه والسبتيين، الذين يؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه (حسب ترجمه خاصة بهم). ولكنهم لا يؤمنون بكل العقائد المسيحية التي وردت في قانون الإيمان ....) مقدمة كتاب قانون الإيمان للبابا شنودة.
إذاً قانون الإيمان - بحسب البابا شنودة - هو ما يحدد من يكون مسيحياً ومن تحرمه الكنيسة وإن كان يعتقد بالكتاب وخالف بعضاً من بنود القانون ... بل إنه صيغ أصلاً لإقصاء طائفة كبيرة من المسيحيين خالفت عقيدتها في السيد المسيح ( فهُمِّشوا وأُخرِجوا من دائرة المؤمنين بالسيد المسيح (، مثل آريوس فيما مضى وعدد كبير من كبار العلماء المسيحيين في وقته ومن كانوا يؤمنون بمثل ما يؤمن به آريوس، ومثل شهود ياهو اليوم وغيرهم الكثير ممن تسميهم الكنيسة بهراطقة !
[13] - استخدام الآية الواحدة بمعزل عن باقي الكتاب أمر يحذر من خطورته أيضاً المسيحيون ويرفضه علماءهم، ولذلك نجد مثلاً البابا شنودة عقد فصلاً خاصاً في كتابه (كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي) واسماه (خطورة استخدام الآية الواحدة)، وكذلك الأنبا بيشوي مطران دمياط في كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان حيث الفقرة 115 أيضاً تحمل نفس العنوان (خطورة استخدام الآية الواحدة).
وهذا نص كلام البابا شنودة: [في موضوع الخلاص أيها الإخوة - كما في أي موضوع آخر - احترسوا جداً من خطورة استخدام آية واحدة من الكتاب المقدس.
إن الكتاب المقدس ليس هو مجرد آية أو آيات، وإنما هو روح معينة تتمشى في الكتاب كله.
الشخص الجاهل يضع أمامه آية واحدة، أو أجزاء من آية، فاصلاً إياها عن ظروفها وملابساتها وعن المعنى العام كله، أما الباحث الحكيم، الذي يتوخى الحق فإنه يجمع كل النصوص التي تتعلق بموضوع بحثه، ويرى على أي شيء تدل ....
... لا يصح مطلقاً أيها الأحباء أن نسير بطريقة الآية الواحدة، فهي طريقة خاطئة وخطر وغير أرثوذكسية. إن أتاك أحد في يوم من الأيام بآية من الآيات، مهما كانت صريحة وواضحة، فقل له: أنا لا تنفعني الآية الواحدة (لنضع أمامنا جميع النصوص التي تتعلق بهذا الموضوع، ثم نتفاهم معاً (احترسوا من أن تخدعكم الآية الواحدة، فربما لها مناسبة معينة، وربما لها تكملة، وهذه التكملة هي التي توضح معناها ...] خطورة استخدام الآية الواحدة - كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي - البابا شنودة.
[14] - لابد من الالتفات أنّ الحث هنا على القتال هو أولاً بأمر من الله سبحانه وتعالى. وثانياً هو دفاعي، وجميع الأديان الإلهية تجيز الجهاد الدفاعي بل وتوجبه على المؤمنين، بل كلها تقر وجوب الجهاد والقتال الهجومي إن كان بأمر الله سبحانه كما سيتبين.
ومسألة الجهاد (جهاد النفس وجهاد العدو) في الدين الإلهي وحقيقته بينها الإمام أحمد الحسن ( في كتاب الجهاد باب الجنة، ولننقل هنا طرفاً مما جاء في هذا الكتاب ثم نورد بعض النصوص من العهد القديم والجديد، وكذلك مثال من أقوال علماء المسيحيين: قال الإمام أحمد الحسن (: (الجهاد في الأديان الإلهية:
الجهاد أو القتال لإعلاء كلمة الله ونشر التوحيد والدين الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى قضية قررها الله سبحانه، وحث عليها المؤمنين وأوجبها عليهم وواعد من جاهد في سبيله الجنة وتوعّد من أعرض عن الجهاد بالنار.
والأنبياء والمرسلون / هم حملة كلمة الله سبحانه وهم حملة راية الجهاد والقتال في سبيل الله سبحانه، وهذا تاريخ الأنبياء والمرسلين / بين يديك تصفّحه في التوراة والإنجيل والقرآن لتجد موسى ( يحمل سيفه ويتأهّب لدخول الأرض المقدسة، ويوشع بن نون ( يحمل سيفه ويدخل الأرض المقدسة، وداود ( يقضي أيامه في القتال لإعلاء كلمة الله ونشر التوحيد: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
وقال تعالى: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾.
وسليمان ( يخلفه ليبني هيكل العبادة بيد ويقاتل في سبيل إعلاء كلمة الله باليد الأخرى، قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾.
﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾.
والتوراة حافلة بمعارك داود وسليمان /.
ثم إنّ عيسى ( يقول لأتباعه: (من أراد أن يتبعني فليحمل خشبته على ظهره)، أي إنه يدعو للثورة على الظلم والفساد ويأمر أتباعه بالجهاد والقتال في سبيل الله، فالخشبة في ذلك الزمان نظير الكفن عندنا اليوم، أي كأنه يقول لأتباعه من أراد أن يتبعني فليحمل كفنه معه.
أمّا الرسول محمد / فقد قضى جل أيامه في المدينة المنورة بعد الهجرة في الجهاد والقتال في سبيل الله، وقضى أيامه في مكة يجاهد ويقاتل بالكلمة والحجة هو ومن آمن معه حتى عُذبوا وأُذوا وقتل منهم من قتل فذهب إلى ربّه شاهداً وشهيداً.
ولا شك أنّ سيرة الأنبياء والمرسلين / حجة ما بعدها حجة.
وأمر الله سبحانه وتعالى بالجهاد والقتال في سبيله لإعلاء كلمته سبحانه وتعالى والذي جاء به الأنبياء والمرسلون حجة ما بعدها حجة، فلم يبق للمتخلّف عن أمر الله سبحانه وتعالى عذر ولا عاذر، ولم يبق لمن ينكر أمر الله سبحانه وتعالى إلا أن يقال عنه أنه كافر، فبأي حديث بعد الله وآياته وسيرة أنبيائه ورسله تؤمنون.
والنصوص على الجهاد والقتال في سبيل الله في التوراة الموجودة حالياً التي يعترف بها اليهود والنصارى كثيرة جدّاً لا يسعها هذا البيان المختصر، ولكن لا بأس بإيراد نص منها لترتب فائدة على إيراده، ولعل الأفضل أن نعرّج على أول من توسع في الجهاد والقتال في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى بعد نبي الله موسى بن عمران ( الذي جاء بالتوراة وهو يوشع بن نون ( وصي موسى (.
جاء في التوراة (العهد القديم/ سفر يشوع: ص354 - 357): الإصحاح العاشر:
«(34) ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لخيش إلى عجلون فنزلوا عليها وحاربوها (35) وأخذوها في ذلك اليوم وضربوها بحد السيف وحرم كل نفس بها في ذلك اليوم حسب كل ما فعل بلخيش (36) ثم صعد يشوع وجميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون وحاربوها (37) وأخذوها وضربوها بحد السيف مع ملكها وكل مدنها وكل نفس بها. لم يبق شارداً حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس بها (38) ثم رجع يشوع وكل إسرائيل معه إلى دبير وحاربها (39) وأخذها مع ملكها وكل مدنها وضربوها بحد السيف وحرموا كل نفس بها. لم يبق شارداً، كما فعل بحبرون كذلك فعل بدبير وملكها وكما فعل بلبنة وملكها (40) فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها. لم يبق شارداً بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل (41) فضربهم يشوع من قادش برنيع إلى غزة وجميع أرض جوشن إلى جبعون (42) وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل (43) ثم رجع يشوع وجميع إسرائيل معه إلى المحلة إلى الجلجال».
الأصحاح الحادي عشر: «(1) فلما سمع يابين ملك حاصور أرسل إلى يوباب ملك مادون وإلى ملك شمرون وإلى ملك أكشاف (2) وإلى الملوك الذين إلى الشمال في الجبل وفي العربة جنوبي كنروت وفي السهل وفي مرتفعات دور غرباً (3) الكنعانيين في الشرق والغرب والأموريين والحثيين والفرزيين واليبوسيين في الجبل والحويين تحت حرمون في أرض المصفاة (4) فخرجوا هم وكل جيوشهم معهم شعباً غفيراً كالرمل الذي على شاطئ البحر في الكثرة بخيل ومركبات كثيرة جداً (5) فاجتمع جميع هؤلاء الملوك بميعاد وجاءوا ونزلوا معاً على مياه ميروم لكي يحاربوا إسرائيل (6) فقال الرب ليشوع لا تخفهم لأني غداً في مثل هذا الوقت أدفعهم جميعاً قتلى أمام إسرائيل فتعرقب خيلهم وتحرق مركباتهم بالنار (7) فجاء يشوع وجميع رجال الحرب معه عليهم عند مياه ميروم بغتة وسقطوا عليهم (8) فدفعهم الرب بيد إسرائيل فضربوهم وطردوهم إلى صيدون العظيمة وإلى مسرفوت مايم وإلى بقعة مصفاة شرقاً. فضربوهم حتى لم يبق لهم شارد (9) ففعل يشوع بهم كما قال له الرب. عرقب خيلهم وأحرق مركباتهم بالنار (10) ثم رجع يشوع في ذلك الوقت وأخذ حاصور وضرب ملكها بالسيف. لأن حاصور كانت قبلاً رأس جميع تلك الممالك (11) وضربوا كل نفس بها بحد السيف، حرموهم ولم تبق نسمة، وأحرق حاصور بالنار (12) فأخذ يشوع كل مدن أولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بحد السيف. حرمهم كما أمر موسى عبد الرب (13) غير أن المدن القائمة على تلالها لم يحرقها إسرائيل ما عدا حاصور وحدها أحرقها يشوع (14) وكل غنيمة تلك المدن والبهائم نهبها بنو إسرائيل لأنفسهم. وأمّا الرجال فضربوهم جميعاً بحد السيف حتى أبادوهم. لم يبقوا نسمة (15) كما أمر الرب موسى عبده هكذا أمر موسى يشوع وهكذا فعل يشوع. لم يهمل شيئاً من كل ما أمر به الرب موسى (16) فأخذ يشوع كل تلك الأرض الجبل وكل الجنوب وكل أرض جوشن والسهل والعربة وجبل إسرائيل وسهله (17) من الجبل الأقرع الصاعد إلى سعير إلى بعل جاد في بقعة لبنان تحت جبل حرمون ، وأخذ جميع ملوكها وضربهم وقتلهم (18) فعمل يشوع حرباً مع أولئك الملوك أياماً كثيرة (19) لم تكن مدينة صالحت بني إسرائيل إلا الحويين سكان جبعون بل أخذوا الجميع بالحرب (20) لأنه كان من قبل الرب أن يشدد قلوبهم حتى يلاقوا إسرائيل للمحاربة فيحرموا فلا تكون عليهم رأفة بل يبادون كما أمر الرب موسى (21) وجاء يشوع في ذلك الوقت وقرض العناقيين من الجبل من حبرون ومن دبير ومن عناب ومن جميع جبل يهوذا ومن كل جبل إسرائيل. حرمهم يشوع مع مدنهم (22) فلم يتبق عناقيون في أرض بني إسرائيل لكن بقوا في غزة وجت وأشدود (23) فأخذ يشوع كل الأرض حسب كل ما كلم به الرب موسى وأعطاها يشوع ملكاً لإسرائيل حسب فرقهم وأسباطهم، واستراحت الأرض من الحرب».
هذه صورة لجانب من الأيام التي قضاها يوشع بن نون ( في الجهاد والقتال لإعلاء كلمة الله ونشر دين الله والتوحيد على هذه الأرض) الإمام أحمد الحسن ( - كتاب الجهاد باب الجنة.
بعض النصوص في الجهاد من التوراة:
- إبراهيم ( أبو الأنبياء يقاتل ويخرج للجهاد دفاعاً عن لوط (:
«14: 14 فلما سمع ابرام أن أخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم إلى دان 14: 15 وانقسم عليهم ليلاً هو وعبيده فكسرهم وتبعهم إلى حوبة التي عن شمال دمشق 14: 16 واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا أخاه أيضاً وأملاكه والنساء أيضاً والشعب» العهد القديم - سفر التكوين - الأصحاح 14.
- موسى ( يبدأ ثورته الإلهية على الظلم بقتل أحد زبانية فرعون الطاغية المتسلط على رقاب الناس الذي كان يقتل ويسلب وينهب ويستضعف أهل الأرض دونما رادع:
«2: 11 وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في اثقالهم فرأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من إخوته 2: 12 فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل» العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 2.
وأيضاً بعد الخروج من مصر وعبور البحر: «17: 1 ثم ارتحل كل جماعة بني إسرائيل من برية سين بحسب مراحلهم على موجب أمر الرب ونزلوا في رفيديم ولم يكن ماء ليشرب الشعب .... 17: 8 وأتى عماليق وحارب إسرائيل في رفيديم 17: 9 فقال موسى ليشوع انتخب لنا رجالاً واخرج حارب عماليق وغداً أقف أنا على راس التلة وعصا الله في يدي 17: 10 ففعل يشوع كما قال له موسى ليحارب عماليق وأما موسى وهرون وحور فصعدوا على راس التلة 17: 11 وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب وإذا خفض يده أن عماليق يغلب 17: 12 فلما صارت يدا موسى ثقيلتين أخذا حجراً ووضعاه تحته فجلس عليه ودعم هرون وحور يديه الواحد من هنا والآخر من هناك فكانت يداه ثابتتين إلى غروب الشمس 17: 13 فهزم يشوع عماليق و قومه بحد السيف ...» العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 17.
ثم موسى ( يأمر (بأمر الله سبحانه وتعالى) يوشع ( وصيه وخليفته بالجهاد والقتال ودخول الأرض المقدسة، وقد تقدم ذكر النصوص في ما نقلناه من كتاب الإمام أحمد الحسن (.
الجهاد والقتال في الدين الإلهي من أقوال علماء المسيحيين:
- أولاً من قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة (قتل):
(القتل الجائز ويكون القتل حلالاً أو واجباً في الحالات الآتية كما ذُكِر من أحداث الكتاب:
أ- قتل من حُكِمَ عليه بالموت لأنه قتل أو عمل ذنباً آخر يستحق الإعدام مما ذكر في خر 21: 15 - 17 أو في لا 20: 10 و 24: 14 - 16 و 23 وغير ذلك (راجع مادة قصاص).
ب- إذا أدرك وليّ القتيل قاتله خارج مدن الملجأ وقبل أن يموت الكاهن العظيم الذي حدثت الجريمة في عهده. وتمنع الشريعة افتدائه (عد 35: 32).
ج- وتقضي الشريعة بقتل الأعداء في الحرب بلا هوادة. وقد أوصى بعض الأنبياء بتحريم بعض أعداء الله الاردياء أي أوصى بابادتهم هم ومواشيهم (1 صم 15: 3 وقض 5: 22-31) ....) قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة (قتل).
يقول القس انطونيوس فكري: (قد يتصور البعض أنه ما دمنا نحن نحيا في العهد الجديد فلا حاجة بنا للعهد القديم وهذا تصور خاطئ. ...
... نرى في العهد القديم حروب ودماء كثيرة، ولعنات أصابت البشر فنري غضب الله على الخطية. فنعرف قداسة الله وبغضه للخطية. ..) مقدمة عن العهد القديم - شرح الكتاب المقدس - القس أنطونيوس فكري.
الجهاد ومقاومة المحتل والعدو من الثوابت الفطرية ومن القيم الثابتة عالمياً:
الجهاد مسألة فطرية وغريزية حتى لدى الحيوانات فهي تدافع عن أعشاشها وأوكارها وجحورها.
ولا يختلف الناس في جواز القتال دفاعاً عن الأرض، وحتى القوانين العلمانية في الأمم المتحدة الآن تعتبر مقاومة المحتلين من قبل أهل البلد الأصليين مشروعة.
يقول البابا شنودة: (... ومن القيم الثابتة الأساسية التي تلزم لكل إنسان: محبة الوطن والدفاع عنه، والتضحية من أجله بالدم، إذا احتاج الأمر....) مقالة (القيم والمبادئ .. بين مسميات ومفاهيم) - مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 6/ 8/ 2006.
الآن نقول: إذا كان الله هو من أمر الأنبياء والرسل / بالجهاد في العهد القديم، واليهود والمسيحيون يؤمنون بهذا فهو إذاً من سنة الله، وسنته سبحانه وتعالى لا تتغير ولا تتبدل ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً:
- يقول البابا شنودة في الاستدلال على العقيدة من خلال العهد القديم:
(... يعترض البعض بأن الكهنوت أمر خاص بالعهد القديم فقط. وهذا يدعونا أن نطرح سؤالاً هاماً وهو:
- هل الله في العهد القديم غير الله في العهد الجديد ؟
أقول هذا، لأننا كلما نثبت عقيدة بآيات من العهد القديم، يتجرأ البعض على العهد القديم ويحقرونه ! ويعتبرون أن العهد القديم مجرد ناموس بعيد عن النعمة، ويتكلمون عنه بطريقة خالية من الاحترام اللائق بكلام الله. كما لو كانت تعاليم العهد القديم قد ألغيت ! أو أن العهد الجديد قد نسخ العهد القديم !!
وللأسف فإن بعض الذين يهاجمون العهد القديم يضعون في أغلفة كتبهم ومؤلفاتهم كليشيه كبير للآية المشهورة: "كل الكتاب موحى به من الله" .. فلماذا هذه الجرأة على العهد القديم، وهو جزء من الكتاب ؟ ثم هل الله في علاقته بالبشر قد تغير ؟
هل هو في العهد القديم يقبل وسطاء بينه وبين الناس، وفي العهد الجديد يرفض ؟ هوذا يعقوب الرسول يقول: إن الله "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1: 17). بل هو أمس واليوم وإلى الأبد.
والسيد المسيح نفسه حينما تعرض للعهد القديم، في العظة على الجبل، قال كلمات جميلة جداً، نذكر من بينها: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل.." (مت 5: 17، 18).
إذن لا نقول فقط إن العهد القديم لم يلغ، بل أنه حتى حرف واحد أو نقطه منه لا يمكن أن تزول ......) كتاب الكهنوت للبابا شنودة الثالث - فصل (ليس عند الله تغيير).
فمن يدعي أن الجهاد والقتال بأمر الله سبحانه وتعالى منحصر بزمان العهد القديم يناقض قول عيسى ( ويناقض اعتقاده، إن ما جاء من عقيدة وتشريع في العهد القديم هما حق ومن عند الله ... ولا يُلتفَت لمن يحاول أن يوهم عوام المسيحيين أن الجهاد بعد مجيء السيد المسيح ( انحصر في الجهاد الروحي فقط لعدم وجود دليل واحد على هذا الادعاء. وعلى أي حال ففي التوراة التي يؤمن بها المسيحيون الرد الكافي.
بالنتيجة: الجهاد والقتال أمر مشروع وقد تبين من العقل والواقع والنقل من التوراة والإنجيل وأيضاً من أقوال العلماء، بل وهو أمر فطري غريزي وتقره المجتمعات الإنسانية اللادينية أو العلمانية.
[15] - التشريع عند اليهود والمسيحيين أيضاً لا يساوي بين الجميع، وكمثال قانون الإرث لا يساوي بين المرأة والرجل في العهدين القديم والجديد:
(1. فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر بن جلعاد بن ماكير بن منسى، من عشائر منسى بن يوسف. وهذه أسماء بناته: محلة ونوعة وحجلة وملكة وترصة 2 ووقفن أمام موسى وألعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع قائلات 3 أبونا مات في البرية، ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح، بل بخطيته مات ولم يكن له بنون 4 لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن ؟ أعطنا ملكاً بين إخوة أبينا 5 فقدم موسى دعواهن أمام الرب 6 فكلم الرب موسى قائلاً 7 بحق تكلمت بنات صلفحاد، فتعطيهن ملك نصيب بين إخوة أبيهن، وتنقل نصيب أبيهن إليهن 8 وتكلم بني إسرائيل قائلاً: أيما رجل مات وليس له ابن، تنقلون ملكه إلى ابنته 9 وإن لم تكن له ابنة، تعطوا ملكه لإخوته 10 وإن لم يكن له إخوة، تعطوا ملكه لإخوة أبيه 11 وإن لم يكن لأبيه إخوة، تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه. فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء، كما أمر الرب موسى) العهد القديم والجديد - سفر العدد - أصحاح 27.
قال القمص تدرس يعقوب ملطي في تفسير الأصحاح:
(... قانون الميراث وإقامة يشوع: يحوي هذا الأصحاح أمرين جاءا في خاتمة حياة العظيم في الأنبياء موسى، هما قصة بنات صلفحاد وتعيين يشوع قائداً للشعب ...
... فألزم الله الجماعة كلها بقانون للميراث فيه يرث الابن أباه، فإن لم يكن للمتوفي ابناً فابنته، وإن لم يكن له ابنة فإخوته، أو أعمامه، أو أقرب من له في عشيرته.......
.... قانون الميراث: بسبب قضية بنات صلفحاد جاء قانون الميراث يعلن الورثة الشرعيّين كما قلنا الابن، فالبنت، فالإخوة، فالأعمام أو أقرب من في العشيرة) تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب - قانون الميراث وإقامة يشوع تفسير سفر العدد - أصحاح 27.
وكذلك القس انطونيوس فكري في تفسيره لنفس العدد يقول:
(... وكان قانون جديد أنه إن لم يكن للمتوفى ابن فترثه بنته وإن لم يكن له ابنة فإخوته أو أعمامه أو أقرب من لهُ في عشيرته ونلاحظ:
...... 4- نتيجة إصرار بنات صلفحاد على الحصول على نصيبهن، كان بركة هذا حصولهم على قانون جديد للميراث ...) شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري - تفسير سفر العدد - أصحاح 27.
فهذا مثال من تشريع يعتقد المسيحيون واليهود أنه تشريع وقانون إلهي.
وهذا التشريع لا يساوي في الميراث بين المرأة والرجل فهل هذا أيضاً يعتبر ظلم أو يكفي القول - كبعض من يفعل الآن - بأن الكنيسة لا توجب تطبيق القوانين بدعوى أن عيسى ( لم يحكم بين الناس ؟!
بل الحقيقة أنه لو تسنى لعيسى ( أن يحكم لحكم وقضى بحكم الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في الإنجيل:
(17 لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل 18 فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل 19 فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات) العهد الجديد - إنجيل متى - أصحاح 5.
فهل هذا التشريع والقانون الإلهي الذي جاء به موسى ( وأقره عيسى ( لأنه ضمن الناموس هل يمكن وصفه بأنه ظالم للمرأة لأنه لم يساوي بينها وبين الرجل ؟!
ثم حتى لو تنزلنا عن كون هذا التشريع لم يطبق من عيسى ( لعدم تمكن عيسى ( من إنفاذ الحكم فهل يعتبر المسيحيون اليوم أنّ هذا القانون كان ظالماً وهو من الله سبحانه وتعالى؟!
إذاً فكل التشريع الذي جاء به الأنبياء السابقون / قبل عيسى ( هو قانون إلهي ولا ينقض أبداً، وأما كون خلفاء الله / مثل عيسى ( لم يمكنهم أقوامهم من الحكم فلا ينقض هذه القوانين أو يجعلها ظالمة مثلاً، بل وحتى لما تنسخ الشرائع والأحكام الإلهية بأحكام إلهية أخرى فتبقى الأحكام المنسوخة عادلة وحق منه سبحانه وكلها واقعة ضمن شرع الله وإن تغيرت بعض التفاصيل بحسب الأزمنة والأقوام وبمقتضى الحكمة الإلهية.
[16] - لا يوجد عاقل يرى أنّ المرأة تساوي الرجل في كل شيء، ومع ذلك فلا بأس أن نعطي مثالاً من خلال هذه الفقرات من نص رسالة البابا شنودة الثالث عن رأى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في موضوع منح الكهنوت للنساء والتي قدمها الأنبا بيشوى في مؤتمر لامبث للأنجليكان بإنجلترا سنة 1988.
قال البابا شنودة الثالث: (.......... فإذا بحثنا فى الكتاب المقدس وتقاليد الكنيسة القديمة نجد ما يلي:
1- عدم قيام المرأة بالتعليم في الكنيسة: وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول: "لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت. لأن آدم جُبل أولاً ثم حواء. وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتن في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل" (1 تى2: 11 – 14).
ونلاحظ أن تعليم القديس بولس الرسول في هذا المجال قد قدم تبريراً لهذا المنع لا علاقة له بالظروف الاجتماعية السائدة في ذلك الزمان ولا بالظروف الخاصة للكنيسة التي كان يرعاها تلميذه تيموثاوس، بل استند إلى أمور تخص الرجل والمرأة منذ بداية الخليقة وحتى قبل خروج آدم وحواء من الفردوس بسبب الخطية. فإذا علمنا أن المرأة لا ينبغي أن تعلم في الكنيسة فمن باب أولى لا يجوز منحها درجات من درجات الكهنوت حيث أن الكاهن يمارس خدمة الأسرار إلى جوار التعليم وقيادة الكنيسة في حدود مسئوليته....
10- نتائج المبالغة في إعطاء حقوق للمرأة خارج إطار تعليم الكتاب:
نحن نرى العالم يندفع مسرعاً نحو تعديل ما يختص بالتعليم الكتابي. حتى وصل الأمر بالمدافعين عن حقوق المرأة إلى محاولة فرض الإنوثة على اسم الله نفسه. ومنع كلمة أبانا أو أبوكم السماوي وهنا تغيير للكتاب في مواضيع عديدة يختص بعضها بالأقانيم الإلهية وعلاقتها ببعضها، مثل علاقة الابن بالآب السماوي ويختص بعضها بالفداء وعمل المسيح الكفارى وأبوته الروحية كرئيس كهنة.
11- عقبات عملية
هناك عقبات عملية بالنسبة للمرأة فى فترات الحمل والولادة والرضاعة الأمور التي تأخذ بسببها بعض النساء الموظفات عطلات طويلة من وظائفهن. وربما يؤدى الانشغال بعمل الكهنوت إلى إهمال وظيفة ربة البيت تماماً بما في ذلك تربية الأطفال...) البابا شنودة - رأي الكنيسة الأرثوذكسية فى كهنوت المرأة - مؤتمر لامبث للأنجليكان بإنجلترا سنة 1988 - من الموقع الرسمي للانبا بيشوي http://www.metroplit-bishoy.org/arabic/dialogues.htm
إذاً فالمرأة أيضاً في العهدين القديم والجديد وفي اعتقاد الكنيسة اليوم أيضاً ليست مساوية للرجل في كل الحقوق، فهل يسمى هذا الأمر ظلماً مثلاً ؟!
[17] - ينبغي الالتفات إلى أن الإمام أحمد الحسن ( جعل الجواب عن السؤالين واحداً، وذلك لحكمة، فمسألة خلافة الله في الأرض ومنهج التعرف على المصداق في الخارج عقيدة والعقيدة لا تتبدل ولا تتغير في العهد القديم والعهد الجديد والقرآن !
[18] - بما أنّ المطلوب هو التبشير بمحمد / كما أنّ المسيح بشر به أنبياء العهد القديم فما لم يطالب به في النصوص على المسيح ( لا يجوز إذا المطالبة به في النص على محمد /.
[19] - كل النصوص التي يستدل بها على أحقية دعوة عيسى ( هي نصوص رمزية، واسم (يسوع) لا يوجد بشارة أو نص به لا حرفياً ولا معنى حرفي بأي صيغة كانت في العهد القديم.
ولا بأس أن نفصل الأمر قليلاً حتى يتضح:
- لو قلنا إنّ يسوع هو الصيغة العربية للاسم (يشوع) فهذه الصيغة لم ترد في العهد القديم المترجم إلى العربية ولا في أي صيغة أخرى للغات، وبالتالي فلا يوجد اسم (يسوع) في العهد القديم ولذلك نجد القاموس يقول: (الصيغة العربية للاسم العبري "يشوع" لشخصين في العهد الجديد) أي إن العهد القديم خالي من هذا الاسم الصريح ولا نجده إلا لشخصين وفي العهد الجديد فقط.
- لو تنزلنا وقلنا إن (يسوع) هي الصيغة العربية لـ (يشوع) فلم ترد نبوة بالصيغة العبرية المدعاة، أي لم ترد نبوة بالاسم الصريح (يشوع) في العهد القديم تحققت في السيد المسيح ( وبالتالي فخلو العهد القديم من الاسم الصريح أمر مفروغ منه.
- لو غضضنا النظر عن مناقشة أصل ومعنى الكلمة وجذورها فالإشكال هنا أنّ الصيغة العربية (كما يشهد بذلك الكتاب المقدس الموجود الآن) لاسم يشوع هي نفسها يشوع، كما هو الحال في اسم النبي يوشع بن نون الذي يسمى في العهد القديم يشوع وينطقه المسيحيون العرب اليوم أيضاً يشوع !
أيضاً جاء في قاموس الكتاب المقدس: (ومعنى الاسم "يهوه مخلص". يسوع المخلص: وقد تسمى يسوع حسب قول الملاك ليوسف (مت 1 : 21)، ومريم (لو 1 : 31). ويسوع هو اسمه الشخصي. أما المسيح فهو لقبه. وقد وردت عبارة "الرب يسوع المسيح" نحو 50 مرة في العهد الجديد. ويسوع المسيح أو المسيح يسوع، نحو مئة مرة. بينما وردت كلمة المسيح أيضاً بالمخلص (لو 2 : 11). ووردت لفظة يسوع وحدها على الأكثر في الأناجيل، ويسوع المسيح، والرب يسوع المسيح في سفر الأعمال والرسائل)
وأما كلمة يشوع في القاموس: (شرح كلمة يشوع بن نون الإنجليزية: Joshua أو Jehoshua أو Yehoshua. يشوع اسم عبري معناه "يهوه خلاص". واسمه في الأصل هوشع (عد 13: 8). يهوشوع (1 أي 7: 27)....).
وبالتالي فمرة نجد أنّ المعنى هو "مخلص" ومرة هو "يهوه مخلص". ومرة "يهوه خلاص".
وبقبول كل المعاني المذكورة مع تفاوتها لا توجد نبوة صريحة بنبي أو رسول يأتي يحمل حرفياً إحدى هذه المعاني مضافاً إلى أنها لو وجدت لكانت أيضاً محل نقاش؛ لأن للخلاص في العهد القديم معنى آخر غير المعنى الذي يعطى له في العهد الجديد:
جاء في قاموس الكتاب المقدس: [شرح كلمة خَلاص: يراد بالخلاص في العهد القديم النجاة من الشر أو الخطر (خر 14: 13 ومز 106: 8 - 10).
أما في العهد الجديد فقد خلع عليها معنى آخر، هو إنقاذ الخطاة بالإيمان بيسوع المسيح.
وهذا هو المراد عينه بعبارات "يوم الخلاص" (2 كو 6: 2) و "إنجيل الخلاص" (اف 1: 13) وعبارات أخرى غيرها. وينطوي تحت معنى الخلاص في العهد الجديد غفران الخطيئة والخلاص من ربقتها ونتائجها وتطهير النفس وافراح الأزلي (مت 1: 21 وعب 5: 9)] قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة خلاص.
بالنتيجة لم يبقَ إلا الرمز ولا يوجد نص صريح بالاسم ولا بالمعنى الحرفي للاسم بعد قبول كون يسوع هو صيغة عربية لكلمة يشوع.
أيضاً وقبل ذكر بعض النصوص التي يستدل بها المسيحيون على أنها ترمز إلى اسم السيد المسيح ( في العهد القديم لابد من الالتفات أنه لا يوجد دليل على أن عيسى ( (أو كما هو اسمه في الإنجيل يسوع) استدل أو طبق نبوءة من العهد القديم على اسمه ولا يوجد مثال واحد في الإنجيل - حتى إذا قبلنا كل ما أضيف إليه من رسائل - على احتجاج التلاميذ بإحدى النبوءات على اسم يسوع أثناء رسالته !
إذاً، فالأمر مفروغ منه ويبقى فقط الرموز التي استعملها كاتب إنجيل متى وكاتب إنجيل لوقا وتليها الرموز التي يستعملها بعض المسيحيين المتأخرين.
- عمانوئيل:
يذكر علماء المسيحيين هذه النبوة من (اش 7: 14، 9: 6و7) ضمن أهم النبوات ويدعون تحققها في النصوص من (مت 1: 18 وأيضاً لوقا 1: 26 - 35).
والنصوص هي:
- اش 7: 14: (ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل).
- اش 9: 6 - 7: (6. لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيباً مشيراً، إلها قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام 7 لنمو رياسته، وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته، ليثبتها ويعضدها بالحق والبر، من الآن إلى الأبد. غيرة رب الجنود تصنع هذا).
وننقل أيضاً التحقيق المذكور:
مت 1: 18: (أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف، قبل أن يجتمعا، وجدت حبلى من الروح القدس).
- لوقا 1: 26 - 35: (26 وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة 27 إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف. واسم العذراء مريم 28 فدخل إليها الملاك وقال: سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك. مباركة أنت في النساء 29 فلما رأته اضطربت من كلامه، وفكرت: ما عسى أن تكون هذه التحية 30 فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله 31 وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع 32 هذا يكون عظيما، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه 33 ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية 34 فقالت مريم للملاك: كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا 35 فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله).
مناقشة الاستدلال:
- الاستدلال بنبوة اشعيا ( بخصوص عمانوئيل غير تام، فمثلاً نجد بعض العلماء يقول: (هذا الإصحاح يختلط فيه نغمتي الرحمة والإنذار، فالله سمح ببدآية الحروب ضدهم مع بدآية حكم أحاز الذي مال للوثنية وازدادت خطاياه جداً. فارتجف أحاز وهنا نري الله الرحيم الذي يرحم ويشجع شعبه يرسل ليشجع أحاز ليجذبه. ومن (ص) 7 إلي 14: 28 جري في ملك أحاز بشأن محاربة ملكي أرام وإسرائيل لأورشليم. وسبب الحرب أن ملكي أرام وإسرائيل أرادا التحالف مع مصر ضد أشور، أما أحاز فرأي أن يتحالف مع أشور رافضاً مشورة ملكي أرام وإسرائيل فصعدوا عليه وحارباه ولكنهما لم يتمكنا من دخول أورشليم. وخاف أحاز خوفاً شديداً وأراد الاستعانة بأشور (2 مل 16: 5 – 18) وأرسل الله لأحاز إشعياء ليشجعه أن يتكل علي الله وينبئه بأن ملكي أرام وإسرائيل لن يفوزا عليه وأن الرب يخلصه منهما دون الاستعانة بملك أشور. بل سأل إشعياء أحاز أن يطلب آية ليتأكد من المعونة الإلهية لكنه رفض أن يسأل آية لأنه كان قد قرر الاستعانة بأشور. وقد قام ملك أشور بقتل ملك أرام وقام هوشع بقتل فقح بن رمليا ملك إسرائيل وملك مكانه. ونجد من آية (17) وما بعدها نبوءة بأن أرض يهوذا ستخرب عقاباً للملك وشعبه لعدم إيمانهم وستخربهم الأمة التي لجأوا إليها واستغاثوا بها................. (10) ثم عاد الرب فكلم أحاز قائلاً. كلم الرب أحاز بفم إشعياء. آية (11) اطلب لنفسك آية من الرب إلهك عمق طلبك أو رفعه إلى فوق. كأن الله يريد أن يقول لأحاز لماذا تطلب من ملك أشور ولا تطلب مني وجدعون طلب آية والله لم يحزن فهناك فرق بين طلب الآية في حالة عدم الإيمان وطلب الآية لزيادة الإيمان ولكن أحاز كان قد وضع ثقته في أشور ولم يثق بالله، لذلك قرر أن لا يطلب معونة من الله ولا حتي آية. عمق طلبك = أطلب ما تريد مهما كان صعبا. آية (12) فقال أحاز لا اطلب ولا أجرب الرب. هو جواب يدل علي عدم الثقة بالله تحت صورة مهذبة. فهو قد إتخذ قراراً باللجوء لأشور وليس هذا قداسة منه بأنه لا يريد أن يجرب الرب. آية (13) فقال اسمعوا يا بيت داود هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا الهي أيضا. توبيخ إشعياء لأحاز هنا راجع لرفض الاستعانة بالله. آية (14) لكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل. بضم هذه الآية مع (15، 16)
يكون المعني أنّ هناك عذراء ستتزوج (وقد تكون زوجة النبي وأشار إليها بقوله عذراء) وأنها ستلد أبنا وقبل أن يبلغ الصبي سن 3 سنوات يموت الملكين فقح ورصين. وسن 3 سنوات هو السن التي يميز فيها الصبي بين الخير والشر. ولكن صيغة الكلام يعطيكم السيد نفسه آية تدل على حادثة أعظم من المذكورة. هذه الآية إشارة واضحة لميلاد السيد المسيح من العذراء. لذلك قيل أن السيد يعطيكم نفسه آية، وآية: أي شيئاً عجيباً، وكان عجيباً أن يتجسد الله. والمسيح هنا منسوب لعذراء وليس لرجل لأنه ليس من زرع رجل، عكس كل المولودين نجدهم منسوبين إلي رجال. هنا نري أن السيد يعطي نفسه آية وليس آية من السماء أو الأرض بل هو نفسه يصير آية، يأتي ويتجسد لا ليخلص من أشور بل من الشيطان والخطية. عمانوئيل = الله معنا فهو سيوجد في وسطنا حينما يتجسد.
عذراء = توجد في العبرية 3 كلمات تعبر عن النساء. 1- بتولية = أي عذراء غير مخطوبة. 2- إيسا = أي سيدة متزوجة. 3- ألما = عذراء صغيرة قد تكون مخطوبة. والكلمة التي استخدمها إشعياء هي ألما وهي تتطابق مع وضع العذراء. آية (15، 16) زبداً وعسلاً يأكل متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير. لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير تخلى الأرض التي أنت خاش من ملكيها. زبداً وعسلاً يأكل = الزبد خلاصة الطعام الحيواني والعسل هو خلاصة الطعام النباتي.إذاً هو يشاركنا كل طعامنا فهو سيكون له ناسوت حقيقي مثلنا. وقد مات الملكين فعلاً قبل 3 سنوات فتغلث فلاسر قتل رصين وأخذ دمشق وهوشع بن إيلة فتن علي فقح وقتله بعد هذه النبوة بثلاث سنوات تماما. آية (17) يجلب الرب عليك وعلى شعبك وعلى بيت أبيك أياما لم تأتي منذ يوم اعتزال افرايم عن يهوذا أي ملك أشور. يتكلم الله هنا عن المخاوف الحقيقية وهي من أشور وليس المخاوف الوهمية من رصين وفقح. وكان ملك أشور بدآية ولكن أتي ملك بابل ليخرب خراباً تاماً.
لذلك فغالباً تشير هذه الآية لملك بابل بالأكثر وسمي ملك أشور: 1) لأن أشور بدأت التخريب أيام حزقيا إذ أحرقت 46 مدينة. 2) أن ملك بابل إمتلك أشور فصار ملكاً لأشور أيضاً. 3) كانت بابل غير معروفة في ذلك الوقت كدولة عظمي بل مملكة تحت حكم ملك أشور) شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري - اشعياء7 .
إذاً النص - مضافاً إلى كونه رمزياً - ظاهره أنه يشير إلى آية لآحاز ولا أقل هذا الاحتمال يحتاج أن يلغى بدليل قطعي وهو مفقود.
يقول القس انطونيوس فكري في تفسير التحقيق أي في تفسير متى:
(آية (21): "فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم". يسوع = هذا هو النطق اليوناني لاسم يشوع أو يهوشع أي الرب يخلص. يخلص شعبه (شعبه = أي كل من يقبله سواء يهود أو أمم) من خطاياهم = هو يستطيع أن يخلص القلب من محبة الخطية وسلطان الخطية وقوتها، وهو يخلصنا من عقوبة الخطية ويصالحنا مع الله الآب، وان عشنا في حضرة الله الآب تهرب الخطية. واليهود فهموا الخلاص بطريقة خطأ، فهم فهموا أن الخلاص يكون من الرومان أو من أي مصائب وقتية، ومازال البعض حتى الآن يفهمونها هكذا. وكان هذا هو الفهم الخاطئ لتلميذي عمواس (لو 21:24). آية (22): "وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل." لكي يتم ما قيل = أي أن المسيح جاء وتجسد في ملء الزمان، ولكن كان هذا في خطة الله الأزلية وسبق وكشفه على لسان النبي. آية (23): "هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويدعون اسمه عمانوئيل" الذي تفسيره: الله معنا." هذه أول نبوة من سلسلة نبوات أتى بها متى البشير ليثبت أن في المسيح تتحقق النبوات وأنه هو المسيا المنتظر. عمانوئيل = من الاسمين معاً عمانوئيل ويسوع نفهم أن المسيح هو الرب متجسداً) القس أنطونيوس فكري - تفسير إنجيل متى - الأصحاح 1.
وإذا رجعنا إلى قاموس الكتاب المقدس في شرح كلمة عَمانوئيل:
(... اسم عبري معناه "الله معنا"، وهو الابن الذي تحبل به العذراء وتلده (اش 7: 14). وستكون هناك دلائل تاريخية على مولده وعند مولده، تبرر تسميته "الله معنا"، لأنه قبل أن بعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير ستهجر أرض شمال فلسطين والشام وينقذ الله يهوذا من هذين العدوين (اش 7: 16 و 17). وسيأكل في أيام نموه زبداً وعسلاً (اش 7: 15) لقد تنبأ اشعياء بمولد عمانوئيل أي المسيح المنتظر قبل مولده بسبعة قرون وثلث وكانت تنبؤاته رمزاً للمسيح (مت 1: 22). "عمانوئيل" كلمة عبرية معناها "الله معنا" أو بالحري "معنا الله". وهو اسم رمزي. جاء في نبوة إشعياء لآحاز ملك يهوذا، كعلامة على أن الله سينقذ يهوذا من أعدائها (إش 7: 14 ، 8 و10). وقد جاء في إنجيل متى أنها كانت نبوة عن " الرب يسوع المسيح" (مت 1: 23).
لقد نطق إشعياء بهذه النبوة في حوالي 753 ق. م في أثناء مأزق حرج كان فيه الملك آحاز، حيث تحالف ضده فقح بن رمليا ملك إسرائيل ورصين ملك أرام، لأنهما أراداه أن ينضم إليهما في حلف ضد أشور - القوة الصاعدة - لكنه فضَّل الوقوف إلى جانب أشور (انظر 2 مل 16: 5-9، 2 أخ 28: 16-21). ولكن إشعياء النبي أكد لآحاز أنه ليس في حاجة إلى أن يخشى رصين وفقح، ولا إلى التحالف مع أشور، وقال له: "اطلب لنفسك آية" ليتأكد من صدق ما قاله النبي. ولكن آحاز - بدافع من عدم الإيمان، وتحت ستار التقوى الكاذبة - قال له: "لا أطلب ولا أجرب الرب" وعندئذ أعلن إشعياء أن السيد الرب نفسه سيعطيهم آية "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل"، وفي سنواته الباكرة ستنتهي الدولتان اللتان كان يخشاهما (أرام وإسرائيل). وهو ما تم على يد تغلث فلاسر الثالث ملك أشور الذي صعد إلى دمشق وفتحها وسبى أهلها وقتل رصين ملكها في 732 ق. م. وبعد ذلك بعشر سنوات حاصر شلمنأسر ملك أشور السامرة مدة ثلاث سنوات، وأخيراً سقطت في يد الأشوريين في 722. ق. م.
وتتباين الآراء حول من كان هذا "الابن المدعو عمانوئيل"، ومن أمه التي توصف بأنها "عذراء".
ويرى كثيرون من حيث أنها كانت علامة لآحاز، فلابد أنها كانت تشير أولاً إلى مرمى قريب يستطيع آحاز أن يميزه، وهناك أربعة آراء تدور حول هذا اللغز:
- يرى بعض المفسرين أن كلمة " عُلْمة" (العذراء) لا تدل على واحدة بالذات، بل هي اسم جنس، فيكون "عمانوئيل" في هذه الحالة رمزاً للجيل الجديد الذي ستتم النبوة في باكر أيامه. ولكن هذا التفسير لا يتفق مع ما جاء بالعهد الجديد، ويقطع الصلة بين هذه النبوة وسائر النبوات المتعلقة بالمسيا.
- إنها نبوة تشير إلى إحدى امرأتين: إما امرأة إشعياء، أو امرأة آحاز. وفي الحالة الأولى يكون المقصود "بعمانوئيل" هو "مهير شلال حاش بز" (إش 8: 1-4)، وأمه هي زوجة إشعياء الموصوفة بأنها "النبية" (إش 8: 3)، التي كان إشعياء على وشك الاقتران بها، أي أنها كانت مازالت عذراء في وقت النطق بالنبوة، ويؤيدون هذا الرأي بأن أولاد إشعياء كانوا رموزاً (انظر عب 2: 13 مع إش 8: 18).
- ويرى آخرون أن "العذراء" المقصودة هي إحدى زوجات آحاز، وأن الابن المقصود هو "حزقيا"، ولكن هذا الرأي تعترضه صعوبات خطيرة، فحزقيا كان قد وُلد فعلاً منذ نحو تسع سنوات قبل النطق بالنبوة (انظر 2 مل 16: 2 ، 18: 2)، بينما من الواضح أن النبوة لم تكن عن أمر قد حدث، بل عن أمر سيحدث.
- إن النبوة تشير إلى المستقبل البعيد، وبخاصة في ضوء ما جاء في إنجيل متى (1: 23) عن العذراء مريم وابنها يسوع الذي "يُدعى اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" لأنه كان هو الله الذي "ظهر في الجسد" (1 تى 3: 16)، والذي " فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" (كو 2: 9)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. ومع وأنه تفسير سليم بالنسبة لمرمى النبوة البعيد لكنه يتغاضى عن أن النبوة كانت علامة لآحاز.
- إن النبوة مزدوجة المرمى، كالكثير من نبوات العهد القديم، فعمانوئيل والعذراء رمزان، فالعذراء يرمز بها -في المرمى القريب- إلى امرأة إشعياء أو امرأة آحاز، وفي المرمى البعيد إلى العذراء مريم. و"عمانوئيل" - يرمز في المرمى القريب - إلى "مهيرشلال حاش بز" أو إلى "حزقيا"، أما في المرمى البعيد فإلى الرب يسوع.
ولاشك في أن النبوة كانت - في مرماها البعيد - تتعلق بولادة الرب يسوع المسيح من مريم العذراء، وهو ما نراه بكل وضوح في إنجيل متى حيث نقرأ: "هذا كله كان ليتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: "هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" (مت 1: 21-23). وهو الذي يقول عنه إشعياء أيضاً: "لأنه يولد لنا ولد، ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً، أباً أبدياً رئيس السلام" (إش 9: 6)، فهو وحده الذي يحق أن يقال عنه "الله معنا"، ولم يكن مولده خلاصاً من ضيقة وقتية، بل خلاصاً أبدياً من الخطية والموت) قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس - شرح كلمة عمانوئيل.
بالنتيجة النص رمزي وتأويله فيه مناقشة خصوصاً أن عيسى ( لم يحتج به، وبما أنّ النص الرمزي يرمز للمرموز إليه فلابد أن يكون هو من يحتج به وإلا فيكون الاحتجاج به مع كونه غير قطعي بلا قيمة علمية !!
- اسم "يسوع الناصري" أو "ناصري".
جاء في إنجيل متى: "وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة. لكي يتم ما قيل بالأنبياء أنه سيدعى ناصريا". هنا أيضاً لا يوجد نص واحد أو نبوءة تصرح أنّ النبي المنتظر أو المسيح المنتظر أنه سيدعى "ناصري".
يقول القس انطوينوس فكري: (... سيدعي ناصرياً = نشأ المسيح في الناصرة ليحمل اسماً مشتقاً من المكان الذي نشأ فيه، وصار اسمه الناصري ومنها اشتق اسم "نصارى" وهو لقب المسيحيين.
وذلك لأن ناصرة بالعبرية هي (NATZAR) وتعنى غصن، ومنها الكلمة العربية (ناضر). وقد سمى السيد المسيح في أكثر من نبوة في العهد القديم بالغصن = ما قيل بالأنبياء أنه سيدعى ناصرياً الأنبياء قالوا أنه غصن وهنا نرى تطبيق ثالث لفهم العهد القديم. راجع النبوات (إش 1:11-2+ أر 15:33+ زك 8:3، 12:6).
ولكن إشعياء تنبأ أن نور المسيح سيبدأ من الجليل حيث أسباط زبولون ونفتالي (إش 1:9-2) غصن = بعد أن قطعت شجرة داود (العائلة الملكية انتهت بموت صدقيا). نبت المسيح كغصن جديد في هذه الشجرة) شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس أنطونيوس فكري - متى 2 - تفسير إنجيل متى.
وأيضاً القمص تدرس يعقوب ملطي يقول في تفسيره: (.... العودة إلى الناصرة: أوحي للقدّيس يوسف أن ينصرف إلى ناحية الجليل، فأتى وسكن في مدينة يُقال لها "ناصرة"، لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيّدعي ناصريًا. يُعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم على هذا الحدث بقوله: [عاد يوسف إلى الناصرة، لكي يتجنب الخطر من ناحية، ومن ناحية أخرى لكي يبتهج بالسكنى في موطنه (101)] ذهابه إلى الناصرة، وهي بلد ليست بذي قيمة أراد به أن يحطّم ما اتسم به اليهود من افتخارهم بنسبهم إلى أسباط معيّنة، أو من بلاد ذات شهرة.
يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [لأن الموضع كان قليل الأهمّية، بل بالأحرى ليس فقط الموضع وإنما كل منطقة الجليل. لهذا يقول الفرّيسيّون: "فتش وانظر، إنه لم يقم نبي من الجليل" (يو 7: 52). إنه لم يخجل من أن يُدعى أنه من هناك، ليظهر أنه ليس بمحتاج إلى الأمور الخاصة بالبشر، وقد اختار تلاميذه من الجليل ... ليتنا لا نستكبر بسبب سموّ مولدنا أو غنانا، بل بالأحرى نزدري بمن يفعل هكذا. ليتنا لا نشمئز من الفقر، بل نطلب غنى الأعمال الصالحة. لنهرب من الفقر الذي يجعل الناس أشرارًا، هذا الذي يجعل من الغِنى فقراً (لو 16: 24)، إذ يطلب متوسّلاً بلجاجة من أجل قطرة ماء فلا يجد (102)].
كلمة "ناصرة"، منها اشتقّت "نصارى" لقب المسيحيّين؛ وهي بالعبريّة Natzar وتعني غصن، ومنها الكلمة العربيّة "ناضر"، وقد سمّيَ السيّد المسيح في أكثر من نبوّة في العهد القديم بالغصن. فجاء في إشعياء النبي: "ويخرج قضيب من جذع يسّى، وينبت غصن من أصوله، ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوّة، روح المعرفة ومخافة الرب..." (إش 11: 1-2). وجاء في إرميا: "ها أيام تأتي يقول الرب، وأُقيم لداود غصن برّ، فيملك ملك، وينجح، ويُجري حقًا وعدلاً في الأرض" (راجع إر 33: 15) وفي زكريا: "هأنذا آتي بعبدي الغصن" (زك 3: 8)، "هوذا الرجل الغصن اسمه، ومن مكانه ينبت، ويبني هيكل الرب" (زك 6: 12) ... هكذا كان اليهود يترقّبون في المسيّا أنه يُدعى "الغصن"... أي "ناصري") شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي - تفسير إنجيل متى 2.
لا اعتقد أنّ الكلام المتقدم (بغض النظر عن صحته من عدمه) يحتاج إلى بيان إضافي على كون التفسير كله رمزي وقابل للنقاش، خصوصاً - كما سبق وإن قدمت - أنّ عيسى ( لم يحتج به فيكون علمياً وعلى أقل تقدير غير تام !!
فالنصوص إن انطبقت واقعاً حرفياً فلا نقاش فيه، وأما إن كانت نصوص رمزية فلابد أن يكون تأويلها من المرموز إليه نفسه أو من خليفة الله خليفة لله آخر غير المرموز إليه:
مثال النص على يوحنا المعمدان (يحيى ():
جاء في سفر ملاخي - الأصحاح 4:
(4: 4 اذكروا شريعة موسى عبدي التي أمرته بها في حوريب على كل إسرائيل الفرائض والأحكام 4: 5 هانذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف 4: 6 فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتي واضرب الأرض بلعن) سفر ملاخي - الأصحاح 4.
وفسر الملك (وهو معصوم وينقل كلام الله وتفسيره) للنبي زكريا ( الذي هو أيضاً معصوم إن الذي سيأتي بروح إيليا أو يمثل إيليا هو الولد الذي سيولد له أي يوحنا المعمدان ( يحيى ():
(1: 5 كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة ابيا وامرأته من بنات هرون و اسمها اليصابات 1: 6 وكانا كلاهما بارين امام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم 1: 7 ولم يكن لهما ولد إذ كانت اليصابات عاقراً وكانا كلاهما متقدمين في أيامهما 1: 8 فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله 1: 9 حسب عادة الكهنوت أصابته القرعة أن يدخل إلى هيكل الرب ويبخر 1: 10 وكان كل جمهور الشعب يصلون خارجاً وقت البخور 1: 11 فظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور 1: 12 فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف 1: 13 فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا 1: 14 ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته 1: 15 لأنه يكون عظيماً أمام الرب وخمراً ومسكراً لا يشرب ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس 1: 16 ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم 1: 17 ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً).
كما بيّن عيسى ( حقيقة نصين على يوحنا المعمدان (يحيى () ونص في نفسه (:
(11: 7 وبينما ذهب هذان ابتدا يسوع يقول للجموع عن يوحنا ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا أقصبة تحركها الريح 11: 8 لكن ماذا خرجتم لتنظروا إنساناً لابساً ثياباً ناعمة هوذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيوت الملوك 11: 9 لكن ماذا خرجتم لتنظروا نبياً نعم أقول لكم وأفضل من نبي 11: 10 فإن هذا هو الذي كتب عنه ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك 11: 11 الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه 11: 12 ومن أيام يوحنا المعمدان إلى الآن ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه 11: 13 لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنباوا 11: 14 وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي 11: 15 من له إذنان للسمع فليسمع) إنجيل متى - الأصحاح 11.
وإلا فكيف تكون رموزاً ونصوصاً على خلفاء الله / وخاصة بهم ودليلاً عليهم إن كان باستطاعة كل شخص أن يؤولها ويطبقها - بهواه - على من يريد ؟؟!! بل أنّ من يتبنى هكذا طرح ينقض الاحتجاج بالنصوص الإلهية ويلغي دور الرموز نهائياً !
[20] - خلافة الله في الأرض (سواء كانوا أنبياء أو ملوكاً أو كهنة أو قضاة) عقيدة ثابتة وهي اختيار من الله ودعوة منه وإرسال.
وأيضاً قانون معرفة هؤلاء الخلفاء لابد أن يكون واحد؛ لأنه من عند الواحد سبحانه وتعالى.
وبالتالي إذا أثبتنا ذلك القانون من خلال مثال أو أمثلة لتنصيب خلفاء الله علمنا قطعاً أنه لا يتخلف عن أحدهم أبداً.
إذاً بما أن العهد القديم والجديد نجد فيه أن الأنبياء قد أوصوا بمن يخلفهم فالوصية أو النص من الخليفة السابق على الخليفة اللاحق سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
أيضاً لا بد من الالتفات إلى أنّ النص من النبي السابق على من سيخلفه لا يكون فقط في حال النص على الخليفة المباشر، بل يمكن أن ينص على خلفاء متعديين وفي أزمنة مختلفة، وهذا ثابت من خلال التوراة والإنجيل، فموسى ( ينص على خليفته يشوع (، وأيضاً ينص على عيسى (، وكذلك على محمد /.
وأيضاً داود ( وهو نبي وملك ينص على وصيه وخليفته المباشر سليمان (، وأيضاً ينص على عيسى ( ومحمد / وعلى القائم ( المهدي الأول (.
[21] - لما اقتربت وفاة خليفة الله موسى ( أمره الله أن يقوم بأعمال ووصايا ختامية وبلغها موسى ( قومه:
(1 فذهب موسى وكلم بهذه الكلمات جميع إسرائيل 2 وقال لهم: أنا اليوم ابن مئة وعشرين سنة. لا أستطيع الخروج والدخول بعد، والرب قد قال لي: لا تعبر هذا الأردن 3 الرب إلهك هو عابر قدامك. هو يبيد هؤلاء الأمم من قدامك فترثهم. يشوع عابر قدامك، كما قال الرب 4 ويفعل الرب بهم كما فعل بسيحون وعوج ملكي الأموريين اللذين أهلكهما، وبأرضهما 5 فمتى دفعهم الرب أمامكم تفعلون بهم حسب كل الوصايا التي أوصيتكم بها 6 تشددوا وتشجعوا. لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم، لأن الرب إلهك سائر معك. لا يهملك ولا يتركك 7 فدعا موسى يشوع، وقال له أمام أعين جميع إسرائيل: تشدد وتشجع، لأنك أنت تدخل مع هذا الشعب الأرض التي أقسم الرب لآبائهم أن يعطيهم إياها، وأنت تقسمها لهم 8 والرب سائر أمامك. هو يكون معك. لا يهملك ولا يتركك. لا تخف ولا ترتعب).
وكذلك كتب هذه الوصايا وأمر - في موقف شبيه بموقف غدير خم الذي نصب فيه الرسول محمد / وصيه علي ( - أن يحتفظ بها كبار القوم ويبلغوها في حينها للأجيال الآتية الذين لم يشهدوا الموقف لتكون حجة عليهم:
(9 وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بني لاوي حاملي تابوت عهد الرب، ولجميع شيوخ إسرائيل 10 وأمرهم موسى قائلاً: في نهاية السبع السنين، في ميعاد سنة الإبراء، في عيد المظال 11 حينما يجيء جميع إسرائيل لكي يظهروا أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره، تقرأ هذه التوراة أمام كل إسرائيل في مسامعهم 12 اجمع الشعب، الرجال والنساء والأطفال والغريب الذي في أبوابك، لكي يسمعوا ويتعلموا أن يتقوا الرب إلهكم ويحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة 13 وأولادهم الذين لم يعرفوا، يسمعون ويتعلمون أن يتقوا الرب إلهكم كل الأيام التي تحيون فيها على الأرض التي أنتم عابرون الأردن إليها لكي تمتلكوها).
ثم أمر الله سبحانه وتعالى موسى ( أن يدعو يشوع ( لكي يوصيه ويخبره بما سيجري من بعده من الشعب:
(14 وقال الرب لموسى: هوذا أيامك قد قربت لكي تموت. ادع يشوع، وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه. فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الاجتماع 15 فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب، ووقف عمود السحاب على باب الخيمة). فبين موسى ( لقومه أنّ يشوع ( هو خليفته والقائم مقامه.
وينبغي الالتفات أيضاً إلى أمور، وهي:
- أولاً: اختصاص يشوع بوصايا موسى (. فيشوع افرز يشوع ؟؟؟ من بين الشعب وكذلك من بين الكهنة وجميع شيوخ بني إسرائيل ليوصيه الرب على لسان موسى ( أي أنه وصيه دون باقي الشعب (ادع يشوع، وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه)، وهذا دليل قطعي وحجة دامغة على أنّ يشوع وصي موسى وكي لا يتحجج أحد بعد ذلك ويقول الكل سمع وصية موسى ( ولا يوجد شيء يختص به يشوع دون بقية الشعب: (3: 16 فاجتمعوا على موسى وهرون وقالوا لهما كفاكما أن كل الجماعة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب) سفر العدد - أصحاح 16 !!!!!
- ثانياً: دخول الخيمة وعمود السحاب:
في هذا الموضع من التوراة تأكيد على أنّ يشوع ( ليس مجرد قائد عسكري مهمته الدخول إلى الأرض الموعودة، بل أنه نبي ( وخليفة موسى ( في كل ما كان يقوم فيه موسى (.
فالخيمة أو كما هو أيضاً اسمها عند اليهود والمسيحيين "بيت الرب" وخيمة الشهادة لم يكن مسموحاً لأحد أن يدخلها إلا بأمر الله سبحانه وتعالى !!!! ولا أعتقد أنّ إقامة يشوع في وسط "بيت الرب" مع موسى ( وإتيان عمود السحاب يمكن تفسيره بشيء آخر غير أنّ يشوع هو الوصي والخليفة الذي سيقوم مقام موسى ( وسط الشعب في خيمة موسى التي صارت بيت الرب.
- ثالثاً: ضلال قوم موسى ( أو بعضهم لتركهم العهد ووصايا موسى ( بالخصوص:
(16. وقال الرب لموسى: ها أنت ترقد مع آبائك، فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء آلهة الأجنبيين في الأرض التي هو داخل إليها في ما بينهم، ويتركني وينكث عهدي الذي قطعته معه 17 فيشتعل غضبي عليه في ذلك اليوم، وأتركه وأحجب وجهي عنه، فيكون مأكلة، وتصيبه شرور كثيرة وشدائد حتى يقول في ذلك اليوم: أما لأن إلهي ليس في وسطي أصابتني هذه الشرور).
ووجه الله هم الأنبياء / والأوصياء /، والتوجه لهم هو التوجه إلى الله، والتوجه لغيرهم هو توجه إلى آلهة أخرى، وأما كون الوصية هي العهد فأيضاً بقية فقرات الأصحاح تتكفل ببيانه:
(.... وأوصى يشوع بن نون وقال: تشدد وتشجع، لأنك أنت تدخل ببني إسرائيل الأرض التي أقسمت لهم عنها، وأنا أكون معك 24 فعندما كمل موسى كتابة كلمات هذه التوراة في كتاب إلى تمامها 25 أمر موسى اللاويين حاملي تابوت عهد الرب قائلا 26 خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم، ليكون هناك شاهداً عليكم 27 لأني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة. هوذا وأنا بعد حي معكم اليوم، قد صرتم تقاومون الرب، فكم بالحري بعد موتي 28 اجمعوا إلي كل شيوخ أسباطكم وعرفاءكم لأنطق في مسامعهم بهذه الكلمات، وأشهد عليهم السماء والأرض 29 لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به، ويصيبكم الشر في آخر الأيام لأنكم تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم 30......).
فموسى ( هنا يبين بوضوح أنّ مسألة القيادة وطاعة يشوع - عموماً - إلى أن يدخلوا أرض الموعد ليست هي المقصودة بنقض العهد؛ لأن الوعد بدخول الأرض سيتحقق بحسب ما أخبرهم / به !
وأما الشريعة فأيضاً لا يمكن تصور أنهم سينحرفون عنها بدون الانحراف عن خليفة موسى ( في تنفيدها وتفسيرها !
وبالتالي فالمقصود بنقض العهد هو نقض عهد الأوصياء / (هوذا وأنا بعد حي معكم اليوم، قد صرتم تقاومون الرب، فكم بالحري بعد موتي ...... لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به......).
فمقاومة الرب (أي مقاومة خليفته) وكم قاسى موسى ( منهم وكم كانت مقاومتهم واضحة وجلية في هارون ( خليفته في حياته.
قال الإمام أحمد الحسن (:
(ونجا بنو إسرائيل وعبروا البحر ووجدوا أنفسهم في صحراء مقفرة بعد أن كانوا يعيشون في وادي النيل الخصب، لكن موسى ( جاءهم بالبشارة والأمر الإلهي بالدخول إلى الأرض المقدّسة ووعدهم بالنصر من الله، وكان المفروض بعد كل تلك الآيات والمعجزات التي رأوها في مصر، وبعد أن انشق البحر وأغرق فرعون وجنوده أن لا يتردّدوا بالطاعة، وكان المفروض أن يوقنوا بالنصر، لكنّهم تمرّدوا ورفضوا الدخول إلى الأرض المقدّسة!!
ولعل أهم أسباب هذا الرفض هي:
1- ضعف إيمانهم بنبوة موسى ( ورسالته؛ فكان الكثير منهم يرونه كقائد لا كنبي عظيم، بل إنّ بعضهم تمرّد حتى على قيادته (.
2- ضعف التقوى والخوف من الله؛ حيث أدّى بهم إلى التمرّد والمعصية دون اكتراث.
3- ضعف النفوس والخوف من الطواغيت والخضوع والاستسلام لهم والأنس بالظلم، وبالتالي ترك الجهاد في سبيل الله.
4- الاهتمام بالحياة الدنيا أكثر من الآخرة؛ وبالتالي ترسخ حب الدنيا في نفوسهم والتمسك بالحياة بشكل غير طبيعي كما هو حال الكثير من المسلمين اليوم.
5- انتشار حب الذات بينهم؛ حتى إنّ بعضهم كان يرى نفسه أفضل من موسى وهارون عليهما السلام ولا يقبل قيادتهما له !! كما جاء في التوراة سفر العدد الإصحاح السادس عشر: «وأخذ قورح ابن يصهار ابن قهات ابن لاوي وادثان وابيرام أبناء الباب واون ابن قالت ابن داوبين 2 يقاومون موسى مع أناس من بني إسرائيل مئتين وخمسين رؤساء الجماعة مدعوين للاجتماع ذوي اسم 3 فاجتمعوا على موسى وهارون وقالوا لهما كفاكما أن كل الجماعة بأسرها مقدّسة وفي وسطها الرب فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب 4 فلما سمع موسى سقط على وجهه ….. 12 فأرسل موسى ليدعوا داثان وابرام ابني الياب فقالا لا نصعد 13 قليل إنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينا أيضاً ترأسا»...) كتاب التيه أو الطريق إلى الله - الإمام أحمد الحسن (.
[22] - النص الثاني الذي اختاره الإمام أحمد الحسن ( هو نص من موسى ( هذه المرة على بعض من سيخلفه من الأنبياء والأوصياء / في المستقبل البعيد وليس نص على الخليفة المباشر.
فما هو الدليل على أنه نص ووصية ؟ النص يتكلم عن أحداث معينة، وهي: (جاء الرب)، و (وأشرق لهم)، و (وتلالا)، و (وأتى)، وهذه الأحداث في أماكن معينة، وهي: (سيناء)، و (سعير)، و (جبل فاران)، و(ربوات القدس).
والمجيء والإتيان لا ينسبان إليه سبحانه وتعالى إلا على المجاز؛ لأن من يأتي ويجيء يعني يتحرك، والحركة هي الانتقال من مكان إلى آخر أو من زمان إلى آخر أو حال إلى آخر، وكل هذه الأمور تعني حدوث الحال اللاحق بعد السابق، والحدوث نفي للألوهية المطلقة وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فمجيء الرب إذاّ لا بد أن يكون هو مجيء خلق استحق أن يمثل الله سبحانه وتعالى وينسب فعله إلى الله وهو خليفة الله فيكون مجيئه هو مجيء الله. إذا عرفنا هذا فنعود إلى النص ونبحث عن ظهور ومجيء الرب في سيناء وفي سعير وفي فاران.
- سيناء: في سفر الخروج الإصحاح 19:
(1 في الشهر الثالث بعد خروج بني إسرائيل من أرض مصر في ذلك اليوم جاءوا إلى برية سيناء .......... فقال الرب لموسى اذهب إلى الشعب وقدسهم اليوم وغدا. وليغسلوا ثيابهم. 11 ويكونوا مستعدين لليوم الثالث. لأنه في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء. 12 وتقيم للشعب حدوداً من كل ناحية ....... وحدث في اليوم الثالث لما كان الصباح أنه صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جداً. فارتعد كل الشعب الذي في المحلة. 17 واخرج موسى الشعب من المحلة لملاقاة الله. فوقفوا في أسفل الجبل. 18 وكان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار. وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جداً. 19 فكان صوت البوق يزداد اشتداداً جداً وموسى يتكلم والله يجيبه بصوت 20 ونزل الرب على جبل سيناء إلى رأس الجبل. ودعا الله موسى إلى رأس الجبل. فصعد موسى. 21 فقال الرب لموسى انحدر حذر الشعب لئلا يقتحموا إلى الرب لينظروا فيسقط منهم كثيرون. 22 وليتقدس أيضاً الكهنة الذين يقتربون إلى الرب لئلا يبطش بهم الرب. 23 فقال موسى للرب لا يقدر الشعب أن يصعد إلى جبل سيناء. لأنك أنت حذرتنا قائلاً أقم حدوداً للجبل وقدسه. 24 فقال له الرب اذهب انحدر ثم اصعد أنت وهرون معك. وأما الكهنة والشعب فلا يقتحموا ليصعدوا إلى الرب لئلا يبطش بهم 25 ...).
وأيضاً في سفر الخروج أصحاح 24:
(1 قال لموسى اصعد إلى الرب أنت وهرون وناداب وابيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل. واسجدوا من بعيد. 2 ويقترب موسى وحده إلى الرب وهم لا يقتربون. وأما الشعب فلا يصعد معه............ 12. وقال الرب لموسى اصعد إلي إلى الجبل وكن هناك. فأعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم. 13 فقام موسى ويشوع خادمه. وصعد موسى إلى جبل الله. 14 وأما الشيوخ فقال لهم اجلسوا لنا ههنا حتى نرجع إليكم. وهوذا هرون وحور معكم. فمن كان صاحب دعوة فليتقدم إليهما. 15 فصعد موسى إلى الجبل. فغطى السحاب الجبل. 16 وحل مجد الرب على جبل سيناء وغطاه السحاب ستة أيام. وفي اليوم السابع دعي موسى من وسط السحاب. 17 وكان منظر مجد الرب كنار اكلة على رأس الجبل أمام عيون بني إسرائيل. 18 ودخل موسى في وسط السحاب وصعد إلى الجبل. وكان موسى في الجبل أربعين نهاراً وأربعين ليلة).
إذاً مجيء الرب من سيناء هو ظهوره لموسى ( وكلامه مع موسى ( (من خلال علي ()، وأيضاً مجيء موسى وكلامه مع قومه بما كلمه به الرب يصدق عليه مجيء الرب وكلام الرب مع الشعب.
وعموما فلا اعتقد أنّ هناك إشكال عند اليهود أو المسيحيين في كون هذه الفقرة أي "جاء الرب من سيناء" تعني تجلي وظهور الله في جبل سيناء، بل ولا إشكال في اعتبار كل الفقرة تشير إلى ظهور الله ومجد الله، ولا بأس من نقل مثالين من تفسير العهد القديم:
- يقول القس انطونيوس فكري: (... آية2: فقال جاء الرب من سيناء واشرق لهم من سعير وتلالا من جبال فاران واتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. جاء الرب من سيناء = يقصد بمجيئه تجلى مجده وظهوره الإلهى في سيناء عند إعطاء الشريعة المُقدسة لشعبه.....) تفسير الكتاب المقدس - سفر التثنية أصحاح 33 - انطونيوس فكري.
- يقول القمص تدرس يعقوب ملطي: (... مجد الله وسط شعبه: أظهر موسى النبي الأساس الذي عليه يتبارك إخوته ألا وهو إعلان مجد الله من أجلهم في مناطق متنوعة: في سيناء وفي سعير وفي جبل فاران وفي ربوات القدس. "فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس. وعن يمينه نار شريعة لهم". يبدأ البركة برؤيته للرب القادم من سيناء، كالشمس عند إشراقها بمجدٍ. يرى الله الذي يسلم شعبه شريعته أو وصيته، لكي يسلكوا بالقانون السماوي، فيتمتعوا بطبيعة ملائكية ويكون لهم شركة في الحياة السماوية المطوّبة. لقد وهبهم الشريعة النارية ليجعل منهم أشبه بكائنات نارية تتشبه بالله النار الآكلة.......) تفسير الكتاب المقدس - سفر التثنية أصحاح 33 - القمص تدرس يعقوب ملطي.
إذاً فالنص كما تقدم لا اختلاف في كونه يشير إلى ظهور الله وتجليه في أماكن مختلفة (سيناء وسعير وفاران).
الآن وحتى يتبين أنّ النص (... وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران...) هو في المستقبل نبحث إذا كانت هناك أحداث مشابهة للـ (مجيء من سيناء) في (سعير وفاران) وما وجه اختصاصهما بالذكر من موسى ( الناطق عن الله الحكيم المطلق.
- (وأشرق لهم من سعير):
فهل حدث ظهور في سعير في حياة موسى (، بل وظهور واضح لقوم موسى ( بحيث يصدق عليه أنه (أشرق لهم) ؟؟!! والحقيقة أنه لا يوجد شيء كهذا حصل في زمن موسى (.
يقول الانبا بيشوى وهو يتكلم عن ظهور الرب (ويقصد به عيسى () لموسى ( وقومه: [... ولم تكن كل هذه الظهورات لموسى وحده، بل في إحدى المرات ظهر له ومعه هارون وناداب وأبيهو وسبعون شيخاً من شيوخ بني إسرائيل. وقد ورد ذِكر هذا الظهور في سفر الخروج كما يلى: "وقال لموسى: اصعد إلى الرب أنت وهارون وناداب وأبيهو، وسبعون من شيوخ إسرائيل، واسجدوا من بعيد. ويقترب موسى وحده إلى الرب، وهم لا يقتربون، وأما الشعب فلا يصعد معه.. ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل، ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف، وكَذَات السماء في النقاوة. ولكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل، فرأوا الله وأكلوا وشربوا" (خر24: 1، 2، 9-11). هذه تقريباً هي المرة الوحيدة التي ظهر فيها الرب ظهوراً واضحاً أمام عدد كبير من شعب إسرائيل؛ مثلما ظهر لنبوخذ نصر ملك بابل ومن معه عند إلقاء الثلاثة فتية في أتون النار، إذ ظهر معهم في وسط الأتون شخص رابع قال عنه الملك (على حد تعبيره) إنه "شبيه بابن الآلهة" (دا 3: 25)] كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي - الانبا بيشوى.
إذاً فالأمر مفروغ منه، ومن يريد التفصيل فليراجع العهد القديم ويراجع كل الأسفار التي تتكلم عن حياة موسى ( وبني إسرائيل معه. فلا يوجد حدث واحد في حياة موسى ( يصدق عليه (أشرق لهم من سعير). وحتى لا يبقى مجال لأية شبهة أقول: إن قبل زمن موسى ( ذكرت سعير في (تك 14: 6 ): وهي في أيام إبراهيم (، والنص هنا بعيد عن ظهور الرب، وبعدها ذكرت سعير في (تك 32: 3)، ( تك 33: 14)، (تك 33: 16)، (تك 36: 8)، (تك 36: 9)، (تك 36: 20)، (تك 36: 21)، ( تك 36: 30): وهي في أيام يعقوب (، وكذلك هنا لا يوجد مصداق لكلام موسى ( عن الإشراق من سعير ثم في (عد 24: 18) والكلام فيها عن ما يسمى بنبوة بلعام ويعتبرها المسيحيون نصاً على عيسى (، فهي مؤيد لما نريد إثباته وعلى الأقل هي تشير إلى المستقبل لا إلى تحقق ظهور الله في سعير في زمن بلعام (المعاصر لموسى ()، أيضاً ذكرت سعير في سفر التثنية: (تث 1: 2) (تث 1: 44) وهي هنا المكان الذي كسر فيه بنو إسرائيل بعد ما عصوا (42 فقال الرب لي: قل لهم: لا تصعدوا ولا تحاربوا، لأني لست في وسطكم لئلا تنكسروا أمام أعدائكم 43 فكلمتكم ولم تسمعوا بل عصيتم قول الرب وطغيتم، وصعدتم إلى الجبل 44 فخرج الأموريون الساكنون في ذلك الجبل للقائكم وطردوكم كما يفعل النحل، وكسروكم في سعير إلى حرمة 45 فرجعتم وبكيتم أمام الرب، ولم يسمع الرب لصوتكم ولا أصغى إليكم)، ولا يمكن اعتباره بوجه مصداق لـ (أشرق لهم من سعير) وبعدها ذكرت سعير في سفر التثنية الأصحاح 2 بمثل هذا النص: (1 ثم تحولنا وارتحلنا إلى البرية على طريق بحر سوف كما كلمني الرب، ودرنا بجبل سعير أياما كثيرة 2 ثم كلمني الرب قائلاً 3 كفاكم دوران بهذا الجبل. تحولوا نحو الشمال 4 وأوص الشعب قائلاً: أنتم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير، فيخافون منكم فاحترزوا جدا 5 لا تهجموا عليهم، لأني لا أعطيكم من أرضهم ولا وطأة قدم، لأني لعيسو قد أعطيت جبل سعير ميراثا) فسعير هنا أصلاً ممنوعة عن بني إسرائيل.
وأما ذكر سعير بعد هذه النصوص فكله في زمن بعد وفاة موسى (.
بالنتيجة: إنّ (أشرق لهم من سعير) نص على ظهور الله أي تبشير بنبي في المستقبل، وكذلك بالنسبة لفاران، ومن يريد التفصيل فليفتش العهد القديم.
إِذاً ثبت أنّ إيراد الإمام أحمد الحسن ( لهذا النص هنا هو مثال لوصية الأنبياء / بمن يخلفهم وهو المطلوب.
وتحقيقها على أرض الواقع كان في مجيء عيسى ( من جبل ساعير، ومحمد / من جبل فاران.
فساعير هي أرض العبادة كما بينها الإمام أحمد الحسن ( وهي القدس وما حولها، ومع أنّ الكتاب ليس معقوداً لهذا التفصيل ولكن نقول: في العهد القديم جبل سعير ضمن أرض يهوذا وأيضاً في أرض الواقع توجد إلى الآن بلدة تحمل اسم سعير وهي من أقدم المدن في التاريخ، وقريب منها جبل أيضاً اسمه جبل سعير في شمال الخليل (أي حبرون) بين الخليل وبيت لحم وهو من أعلى الجبال في سلسلة جبال القدس والخليل.
وأيضاً الإنجيل ينقل أنّ مريم (عليها السلام) بشرت زكريا ( والياصابيت في جبال يهوذا قرب حبرون بمجيء عيسى (، وزكريا ( من هناك أعلن مجيء المسيح (، ويحيى ( خرج من هناك ممهداً لعيسى ( ومبشراً به .... فالنبي المقصود بـ (أشرق عليهم من سعير) هو عيسى (، وهذا ما بينه محمد / وآل محمد /.
وأما فاران فهي مكة وما حولها وهي سكنى إسماعيل ( وبنيه:
في العهد القديم: (سكن في البرية وكان ينمو رامي قوس وسكن في برية فاران وأخذت له امه زوجة من ارض مصر) سفر التكوين21:20.
من قاموس سترونغ فاران:
H6290 פּארן pâ'rân paw-rawn'. From H6286; ornamental; Paran, a desert of Arabia: - Paran
وأيضاً في سكنى ذرية إسماعيل (: (وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو اشور أمام جميع إخوته نزل) سفر التكوين 25: 18.
وحويلة: (مقاطعة في بلاد العرب، يسكن بعضها الكوشيون ويسكن البعض الآخر اليقطانيون، وهم شعب سامي (تكوين 7: 10 و1: 29 و1 أخبار 9: 1 و23). والصلة بين حويلة وحضرموت وأماكن أخرى تشير إلى موقع في وسط البلاد العربية أو جنوبها) قاموس الكتاب المقدس.
[23] - الأنبياء والمرسلين / كانوا يستدلون بعلمهم الإلهي وينطقون بالحكمة، وهذا أمر يعتقد به اليهود والمسيحيون ولا إشكال فيه ولا بأس بنقل بعض النصوص من العهد القديم والجديد كمثال:
من العهد القديم:
- استدلال يوسف ( بالعلم والحكمة: خليفة الله يوسف ( يفسر الرؤى بما علمه الله ويستدل بعلمه وحكمته وحسن تدبيره لاقتصاد مصر وسياسته.
سفر التكوين الأصحاح 41:
(1 وحدث من بعد سنتين من الزمان أن فرعون رأى حلماً: وإذا هو واقف عند النهر 2 وهوذا سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم، فارتعت في روضة 3 ثم هوذا سبع بقرات أخرى طالعة وراءها من النهر قبيحة المنظر ورقيقة اللحم، فوقفت بجانب البقرات الأولى على شاطئ النهر 4 فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم البقرات السبع الحسنة المنظر والسمينة. واستيقظ فرعون 5 ثم نام فحلم ثانية: وهوذا سبع سنابل طالعة في ساق واحد سمينة وحسنة 6 ثم هوذا سبع سنابل رقيقة وملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها 7 فابتلعت السنابل الرقيقة السنابل السبع السمينة الممتلئة. واستيقظ فرعون، وإذا هو حلم 8 وكان في الصباح أن نفسه انزعجت، فأرسل ودعا جميع سحرة مصر وجميع حكمائها. وقص عليهم فرعون حلمه، فلم يكن من يعبره لفرعون......... 9 ثم كلم رئيس السقاة فرعون قائلاً: أنا أتذكر اليوم خطاياي 10 فرعون سخط على عبديه، فجعلني في حبس بيت رئيس الشرط أنا ورئيس الخبازين 11 فحلمنا حلما في ليلة واحدة أنا وهو........ 12 وكان هناك معنا غلام عبراني ........ فعبر لنا حلمينا. عبر لكل واحد بحسب حلمه 13 وكما عبر لنا هكذا حدث. ..... 14 فأرسل فرعون ودعا يوسف....).
رؤيا الملك جعلها الله سبحانه سبباً يظهر به أحقية يوسف ( وتفوقه على كل الحكماء والعلماء، فلا أحد يعلم تأويلها.
(15 فقال فرعون ليوسف: حلمت حلماً وليس من يعبره. وأنا سمعت عنك قولاً، إنك تسمع أحلاما لتعبرها 16 فأجاب يوسف فرعون قائلاً: ليس لي. الله يجيب بسلامة فرعون).
يوسف ( يبين أنه مرسل من الله، وأن علمه هو علم إلهي، فهو مرسل من الله، ثم قص فرعون على يوسف رؤياه.
(25 فقال يوسف لفرعون: حلم فرعون واحد. قد أخبر الله فرعون بما هو صانع 26).
ويوسف يستمر في أداء رسالته ودعوته إلى الله مستغلاً هذا الأمر، كما ويبين أنّ علمه من الله:
(البقرات السبع الحسنة هي سبع سنين، والسنابل السبع الحسنة هي سبع سنين. هو حلم واحد 27 والبقرات السبع الرقيقة القبيحة التي طلعت وراءها هي سبع سنين، والسنابل السبع الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية تكون سبع سنين جوعا 28 هو الأمر الذي كلمت به فرعون. قد أظهر الله لفرعون ما هو صانع 29 هوذا سبع سنين قادمة شبعاً عظيماً في كل أرض مصر 30 ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعاً، فينسى كل الشبع في أرض مصر ويتلف الجوع الأرض 31 ولا يعرف الشبع في الأرض من أجل ذلك الجوع بعده، لأنه يكون شديدا جدا 32 وأما عن تكرار الحلم على فرعون مرتين، فلأن الأمر مقرر من قبل الله، والله مسرع ليصنعه).
ثم يوسف ( ينتقل إلى مرحلة أخرى ويبين أنه ذو علم إلهي لا ينحصر في تعبير الرؤيا فقط بل في حسن تدبيره وسياسته، فيبدأ بتنبيه فرعون لضرورة اختيار رجل بصير حكيم:
(33 فالآن لينظر فرعون رجلاً بصيراً وحكيماً ويجعله على أرض مصر).
ويكشف عن علمه بإعطاء فرعون صورة عن الخطة التي ينبغي تطبيقها لتدبير اقتصاد البلد:
(34 يفعل فرعون فيوكل نظاراً على الأرض، ويأخذ خمس غلة أرض مصر في سبع سني الشبع 35 فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة، ويخزنون قمحاً تحت يد فرعون طعاماً في المدن ويحفظونه 36 فيكون الطعام ذخيرة للأرض لسبع سني الجوع التي تكون في أرض مصر، فلا تنقرض الأرض بالجوع).
فعرف فرعون أنه أمام رجل عالم حكيم:
(37 فحسن الكلام في عيني فرعون وفي عيون جميع عبيده 38 فقال فرعون لعبيده: هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله 39 ثم قال فرعون ليوسف: بعد ما أعلمك الله كل هذا، ليس بصير وحكيم مثلك 40 أنت تكون على بيتي، وعلى فمك يقبل جميع شعبي إلا إن الكرسي أكون فيه أعظم منك 41 ثم قال فرعون ليوسف: انظر، قد جعلتك على كل أرض مصر ...... 46 وكان يوسف ابن ثلاثين سنة لما وقف قدام فرعون ملك مصر. فخرج يوسف من لدن فرعون واجتاز في كل أرض مصر 47 وأثمرت الأرض في سبع سني الشبع بحزم 48 فجمع كل طعام السبع سنين التي كانت في أرض مصر، وجعل طعاما في المدن. طعام حقل المدينة الذي حواليها جعله فيها 49 وخزن يوسف قمحاً كرمل البحر..... 53 ثم كملت سبع سني الشبع الذي كان في أرض مصر 54 وابتدأت سبع سني الجوع تأتي كما قال يوسف، فكان جوع في جميع البلدان. وأما جميع أرض مصر فكان فيها خبز 55 ولما جاعت جميع أرض مصر وصرخ الشعب إلى فرعون لأجل الخبز، قال فرعون لكل المصريين: اذهبوا إلى يوسف، والذي يقول لكم افعلوا 56 وكان الجوع على كل وجه الأرض، وفتح يوسف جميع ما فيه طعام وباع للمصريين. واشتد الجوع في أرض مصر 57 وجاءت كل الأرض إلى مصر إلى يوسف لتشتري قمحا، لأن الجوع كان شديدا في كل الأرض).
- استدلال دانيال ( بالعلم والحكمة:
سفر دانيال الأصحاح 2: (2: 1 وفي السنة الثانية من ملك نبوخذنصر حلم نبوخذنصر أحلاماً فانزعجت روحه وطار عنه نومه 2: 2 فأمر الملك بان يستدعى المجوس و السحرة والعرافون والكلدانيون ليخبروا الملك بأحلامه فاتوا ووقفوا أمام الملك 2: 3 فقال لهم الملك قد حلمت حلماً وانزعجت روحي لمعرفة الحلم...).
ولم يستطع أحد من العلماء والحكماء أن ينبئه برؤياه وبتعبيرها:
(...2:12 لأجل ذلك غضب الملك واغتاظ جداً وأمر بإبادة كل حكماء بابل 2: 13 فخرج الأمر وكان الحكماء يقتلون فطلبوا دانيال وأصحابه ليقتلوهم........ دخل اريوخ بدانيال إلى قدام الملك مسرعاً وقال له هكذا قد وجدت رجلاً من بني سبي يهوذا الذي يعرف الملك بالتعبير 2: 26 أجاب الملك وقال لدانيال الذي اسمه بلطشاصر هل تستطيع أنت على أن تعرفني بالحلم الذي رأيت وبتعبيره 2: 27 أجاب دانيال قدام الملك وقال السر الذي طلبه الملك لا تقدر الحكماء ولا السحرة ولا المجوس ولا المنجمون على أن يبينوه للملك 2: 28 لكن يوجد اله في السماوات كاشف الأسرار وقد عرف الملك نبوخذنصر ما يكون في الأيام الأخيرة حلمك ورؤيا راسك على فراشك هو هذا ............ الله العظيم قد عرف الملك ما سيأتي بعد هذا الحلم حق وتعبيره يقين 2: 46 حينئذ خر نبوخذنصر على وجهه وسجد لدانيال وأمر بأن يقدموا له تقدمة وروائح سرور 2: 47 فأجاب الملك دانيال وقال حقاً أن إلهكم اله الإله ورب الملوك وكاشف الأسرار إذ استطعت على كشف هذا السر 2: 48 حينئذ عظم الملك دانيال وأعطاه عطايا كثيرة وسلطه على كل ولاية بابل وجعله رئيس الشحن على جميع حكماء بابل 2: 49 فطلب دانيال من الملك فولى شدرخ وميشخ وعبد نغو على أعمال ولاية بابل أما دانيال فكان في باب الملك).
والنصوص كثيرة جداً في استدلال الأنبياء / بالعلم والحكمة: موسى ( وحكمته ويوشع ( وداود ( وسليمان ( (سفر الحكمة) ووووو ... الخ.
ومن العهد الجديد:
إنجيل متى:
(9: 35 وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم في مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب).
(13: 34 هذا كله كلم به يسوع الجموع بأمثال وبدون مثل لم يكن يكلمهم ......). 13: 53 و لما أكمل يسوع هذه الأمثال انتقل من هناك 13: 54 و لما جاء إلى وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوات 13: 55 أليس هذا ابن النجار أليست أمه تدعى مريم وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا 13: 56 اوليست أخواته جميعهن عندنا فمن أين لهذا هذه كلها 13: 57 فكانوا يعثرون به وأما يسوع فقال لهم ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته 13: 58 و لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم).
من إنجيل مرقس:
(1: 14 وبعدما اسلم يوحنا جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله 1: 15 ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالإنجيل..........1: 21 ثم دخلوا كفرناحوم وللوقت دخل المجمع في السبت وصار يعلم 1: 22 فبهتوا من تعليمه لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة).
(4: 1 وابتدأ أيضا يعلم عند البحر فاجتمع إليه جمع كثير حتى انه دخل السفينة وجلس على البحر والجمع كله كان عند البحر على الأرض 4: 2 فكان يعلمهم كثيرا بأمثال وقال لهم في تعليمه....).
(6: 1 وخرج من هناك وجاء إلى وطنه و تبعه تلاميذه 6: 2 ولما كان السبت ابتدأ يعلم في المجمع وكثيرون إذ سمعوا بهتوا قائلين من أين لهذا هذه وما هذه الحكمة التي أعطيت له حتى تجري على يديه قوات مثل هذه 6: 3 أليس هذا هو النجار ابن مريم و اخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان اوليست أخواته ههنا عندنا فكانوا يعثرون به 6: 4 فقال لهم يسوع ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته 6: 5 ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة غير انه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم 6: 6 وتعجب من عدم إيمانهم وصار يطوف القرى المحيطة يعلم).
(6: 34 فلما خرج يسوع رأى جمعا كثيرا فتحنن عليهم إذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدأ يعلمهم كثيراً).
(10: 1 وقام من هناك وجاء إلى تخوم اليهودية من عبر الأردن فاجتمع إليه جموع أيضا وكعادته كان أيضا يعلمهم 10: 2 فتقدم الفريسيون وسألوه هل يحل للرجل أن يطلق امرأته ليجربوه 10: 3 فأجاب......).
إنجيل لوقا:
(4: 14 و رجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل و خرج خبر عنه في جميع الكورة المحيطة 4: 15 و كان يعلم في مجامعهم ممجدا من الجميع 4: 16 وجاء إلى الناصرة حيث كان قد تربى و دخل المجمع حسب عادته يوم السبت و قام ليقرا 4: 17 فدفع إليه سفر اشعياء النبي و لما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه 4: 18 روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية 4: 19 واكرز بسنة الرب المقبولة 4: 20 ثم طوى السفر و سلمه إلى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه 4: 21 فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم 4: 22 وكان الجميع يشهدون له و يتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه و يقولون اليس هذا ابن يوسف 4: 23 فقال لهم على كل حال تقولون لي هذا المثل أيها الطبيب اشفي نفسك كم سمعنا انه جرى في كفرناحوم فافعل ذلك هنا أيضا في وطنك 4: 24 وقال الحق أقول لكم انه ليس نبي مقبولا في وطنه 4: 25 وبالحق أقول لكم إن أرامل كثيرة كن في إسرائيل في أيام إيليا حين أغلقت السماء مدة ثلاث سنين وستة أشهر لما كان جوع عظيم في الأرض كلها 4: 26 ولم يرسل إيليا إلى واحدة منها إلا إلى امرأة أرملة إلى صرفة صيدا 4: 27 وبرص كثيرون كانوا في إسرائيل في زمان اليشع النبي و لم يطهر واحد منهم إلا نعمان السرياني 4: 28 فامتلا غضبا جميع الذين في المجمع حين سمعوا هذا 4: 29 فقاموا وأخرجوه خارج المدينة و جاءوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتى يطرحوه إلى أسفل 4: 30 أما هو فجاز في وسطهم و مضى 4: 31 و انحدر إلى كفرناحوم مدينة من الجليل وكان يعلمهم في السبوت 4: 32 فبهتوا من تعليمه لان كلامه كان بسلطان).
(13: 22 واجتاز في مدن و قرى يعلم ويسافر نحو أورشليم).
(19: 47 وكان يعلم كل يوم في الهيكل و كان رؤساء الكهنة والكتبة مع وجوه الشعب يطلبون ان يهلكوه 19: 48 ولم يجدوا ما يفعلون لان الشعب كله كان متعلقا به يسمع منه).
(21: 37 وكان في النهار يعلم في الهيكل وفي الليل يخرج ويبيت في الجبل الذي يدعى جبل الزيتون 21: 38 وكان كل الشعب يبكرون إليه في الهيكل ليسمعوه).
(2: 40 وكان الصبي ينمو و يتقوى بالروح ممتلئا حكمة و كانت نعمة الله عليه 2: 41 وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح 2: 42 ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد 2: 43 وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم ويوسف وأمه لم يعلما 2: 44 وإذ ظناه بين الرفقة ذهبا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الأقرباء و المعارف 2: 45 ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه 2: 46 وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم 2: 47 وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته.........2: 52 وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة و القامة و النعمة عند الله والناس).
والنصوص كثيرة جداً، ونكتفي بهذا القدر.
[24] - حاكمية الله سبحانه وتعالى وبكل بساطة هي الاعتقاد أن الحكم والسياسة بشقيهما قانوناً وتنفيذاً من الله سبحانه وتعالى فالقانون الهي معصوم وكذلك المنفذ والحاكم الهي ومعصوم وكلاهما منصب من الله وواجب الطاعة. ودعوة الأنبياء والمرسلين / بالاعتقاد بحاكمية الله ومطالبتهم بها واضحة في التوراة :
فهذا موسى ( وبعده يشوع ( وداود ( وسليمان ( يبينون لبني إسرائيل أهمية حاكمية الله في الدين الإلهي ويثبتون هذه العقيدة في مواضع كثيرة ويطالبون بها وهذه بعض الأمثلة من العهد القديم:
ـ المثال الأول:
موسى ( يبين لقومه أن القانون والحكم والملك لله وهو من يقيم القاضي والحاكم والملك ويوصيهم بهذه العقيدة:
(17: 8 إذا عسر عليك أمر في القضاء بين دم ودم أو بين دعوى ودعوى أو بين ضربة وضربة من أمور الخصومات في أبوابك فقم واصعد إلى المكان الذي يختاره الرب إلهك 17: 9 اذهب إلى الكهنة اللاويين وإلى القاضي الذي يكون في تلك الأيام و اسأل فيخبروك بأمر القضاء 17: 10 فتعمل حسب الأمر الذي يخبرونك به من ذلك المكان الذي يختاره الرب وتحرص أن تعمل حسب كل ما يعلمونك 17: 11 حسب الشريعة التي يعلمونك والقضاء الذي يقولونه لك تعمل لا تحد عن الأمر الذي يخبرونك به يميناً أو شمالاً 17: 12 والرجل الذي يعمل بطغيان فلا يسمع للكاهن الواقف هناك ليخدم الرب إلهك أو للقاضي يقتل ذلك الرجل فتنزع الشر من إسرائيل 17: 13 فيسمع جميع الشعب ويخافون ولا يطغون بعد 17: 14 متى أتيت إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك وامتلكتها وسكنت فيها فإن قلت اجعل علي ملكاً كجميع الأمم الذين حولي 17: 15 فانك تجعل عليك ملكاً الذي يختاره الرب إلهك من وسط إخوتك تجعل عليك ملكاً لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك) العهد القديم - سفر التثنية - الأصحاح 17.
في التحاكم وإنفاذ القانون الإلهي وجه موسى ( للقاضي أو الكاهن المنصب من الله، ومعلوم أنّ القاضي المقصود به هنا الأنبياء المنصبون من الله سبحانه وتعالى لا القضاة الذي نصبوا أنفسهم أو ينصبهم الناس والذي عرفوا واشتهروا بالرشوة والظلم.
ولذلك قال: (... والى القاضي الذي يكون في تلك الأيام...)، ولا يعقل أنّ موسى ( يأمر بالرجوع إلى أي قاضي وهو ( الذي بين في الوصايا التي تقدم نقلها انحراف الأمة عن التشريع الإلهي.
ولا يعقل أنّ موسى ( الذي كان يقضي بنفسه أن يأمر بطاعة وإنفاذ حكم من يخطئ فيدخل الناس في باطل ويخرجهم من حق والمقصود بهم واضح في النصوص:
(2: 16 وأقام الرب قضاة فخلصوهم من يد ناهبيهم 2: 17 ولقضاتهم أيضاً لم يسمعوا بل زنوا وراء آلهة أخرى وسجدوا لها حادوا سريعاً عن الطريق التي سار بها آباؤهم لسمع وصايا الرب لم يفعلوا هكذا 2: 18 وحينما أقام الرب لهم قضاة كان الرب مع القاضي وخلصهم من يد أعدائهم كل أيام القاضي لان الرب ندم من أجل أنينهم بسبب مضايقيهم وزاحميهم 2: 19 وعند موت القاضي كانوا يرجعون ويفسدون أكثر من آبائهم بالذهاب وراء آلهة أخرى ليعبدوها ويسجدوا لها لم يكفوا عن أفعالهم وطريقهم القاسية) سفر القضاة - الأصحاح 2.
والملك أيضاً بين موسى ( أنه يجب أن يكون منصباً من الله (... فإنك تجعل عليك ملكاً الذي يختاره الرب إلهك...) ولا يُلتفَت لمن يدعي أن كل ملك يختاره الشعب هو مختار من الله بدعوى أن كل شيء في الخلق هو بأمر الله ومشيئته !!!! فهل يوجد شيء في الخلق بدون مشيئة الله ؟؟؟!!!! بل كل شيء بإذنه سبحانه ولكن كلامنا في تنصيب الله واختياره لا في مشيئته سبحانه، فالنص واضح ولا يمكن صرفه من الحكمة إلى السفه بهذه الطريقة وفي ما يلي نص يرد بكل وضوح عن هكذا ادعاء:
(28: 1 وإن سمعت سمعاً لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه التي أنا أوصيك بها اليوم يجعلك الرب إلهك مستعلياً على جميع قبائل الأرض 28: 2 وتأتي عليك جميع هذه البركات وتدركك إذا سمعت لصوت الرب إلهك ..... 28: 9 يقيمك الرب لنفسه شعباً مقدساً كما حلف لك إذا حفظت وصايا الرب إلهك وسلكت في طرقه 28: 10 فيرى جميع شعوب الأرض أن اسم الرب قد سمي عليك ويخافون منك ........ 28: 15 ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التي أنا أوصيك بها اليوم تأتي عليك جميع هذه اللعنات و تدركك 28: 16 ملعوناً تكون في المدينة وملعوناً تكون في الحقل ........ 28: 36 يذهب بك الرب و بملكك الذي تقيمه عليك إلى أمة لم تعرفها أنت ولا آباؤك وتعبد هناك آلهة أخرى من خشب وحجر) العهد القديم - سفر التثنية - الأصحاح 34.
- المثال الثاني:
يشوع يطالب بحاكمية الله ويذكر بأنه واجب الطاعة منصب من الله وبنص من موسى ( ومنفد لشريعة الله ولأوامر الله وقومه يقرون له بذلك:
(1: 1 وكان بعد موت موسى عبد الرب إن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى ..... 1: 10 فأمر يشوع عرفاء الشعب ......... 1: 12 ثم كلم يشوع الراوبينيين والجاديين ونصف سبط منسى قائلاً 1: 13 اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرب ............. 1: 16 فأجابوا يشوع قائلين كل ما أمرتنا به نعمله وحيثما ترسلنا نذهب 1: 17 حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى 1: 18 كل إنسان يعصى قولك ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل إنما كن متشددا وتشجع) العهد القديم - سفر يشوع - الأصحاح 1.
- وبعد يشوع أقام الله لهم أنبياء وحكاماً كما تقدم وعرفوا في التوراة باسم القضاة (أي رؤساء ومدافعين)، ومع الأسف كان بنو إسرائيل في زمان القضاة متمردين على أمر الله سبحانه وتعالى إلا في فترات قليلة:
(2:8 ومات يشوع بن نون عبد الرب ابن مئة و عشر سنين........... 2: 16 وأقام الرب قضاة فخلصوهم من يد ناهبيهم 2: 17 ولقضاتهم أيضاً لم يسمعوا بل زنوا وراء آلهة أخرى وسجدوا لها حادوا سريعاً عن الطريق التي سار بها آباؤهم لسمع وصايا الرب لم يفعلوا هكذا 2: 18 وحينما أقام الرب لهم قضاة كان الرب مع القاضي وخلصهم من يد أعدائهم كل أيام القاضي ..... 2: 19 وعند موت القاضي كانوا يرجعون ويفسدون أكثر من آبائهم .....) العهد القديم - سفر القضاة - الأصحاح 16.
وكمثال نبي الله صموئيل (إسماعيل) المذكور في التوراة أنه آخر القضاة وهو خليفة الله والملك المنصب من الله سبحانه وتعالى، والذي أمضى حياته يدعو إلى حاكمية الله ويقضي بأحكام الله (7: 15 وقضى صموئيل لإسرائيل كل أيام حياته 7: 16 وكان يذهب من سنة إلى سنة ويدور في بيت ايل والجلجال والمصفاة ويقضي لإسرائيل في جميع هذه المواضع 7: 17 وكان رجوعه إلى الرامة لأن بيته هناك وهناك قضى لإسرائيل وبنى هناك مذبحا للرب....) العهد القديم - سفر صموئيل - الأصحاح 7.
فصموئيل دعى إلى حاكمية الله وطالب بها وكان من نتائج دعوته ( والأنبياء الذين سبقوه ( إنّ في آخر أيام حياته عادوا وتابوا وظهر فيهم جيل صالح، وطلبوا منه أن يُعيِّن عليهم ملكاً ليقاتلوا تحت رايته، فعيَّن طالوت (شاؤل () بأمر الله سبحانه وتعالى، وكان طالوت (شاؤل) يأتمر بأمر نبي الله إسماعيل (، وبعد أن انتصر طالوت وجيشه على جالوت وجيشه أمر الله نبي الله إسماعيل ( أن يُعيِّن خليفته من بعده داود (:
(8: 4 فاجتمع كل شيوخ إسرائيل وجاءوا إلى صموئيل إلى الرامة 8: 5 وقالوا له هوذا أنت قد شخت وابناك لم يسيرا في طريقك فالآن اجعل لنا ملكاً يقضي لنا كسائر الشعوب ........ فقال الرب لصموئيل اسمع لصوتهم وملك عليهم ملكاً ........ 9: 15 والرب كشف إذن صموئيل قبل مجيء شاول بيوم قائلاً 9: 16 غدا في مثل الآن أرسل إليك رجلاً من أرض بنيامين فامسحه رئيساً لشعبي إسرائيل فيخلص شعبي .....10: 1 فأخذ صموئيل قنينة الدهن و صب على راسه وقبله وقال أليس لان الرب قد مسحك على ميراثه رئيسا......10: 6 فيحل عيلك روح الرب فتتنبا معهم و تتحول إلى رجل آخر..........10: 24 فقال صموئيل لجميع الشعب ارايتم الذي اختاره الرب انه ليس مثله في جميع الشعب فهتف كل الشعب و قالوا ليحي الملك ....) العهد القديم - سفر صموئيل الأول - الأصحاح 8 - 9 - 10.
وطلب هذه الجماعة من نبي الله صموئيل ( أن ينصب لهم ملكاً دليل وحجة دامغة على عقيدة حاكمية الله.
ورغم أن شاؤل ( (طالوت) قد تعرض لظلم كثير في النصوص الموجودة حالياً ولكن ما استشهدنا به في المقام هو التنصيب الإلهي في هذه القصة، وحتى لو ادعى بعضهم أنّ طالوت ( لم يكن معصوماً في كل حياته ولكن لا يمكن إنكار أنّ الله من نصبه، وهذا يثبت عقيدة حاكمية الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى والنبي صموئيل ( لا يفعل شيء غير صحيح أو يقر الناس على عقيدة غير صحيحة !!!!
أما من يشكل على كيف يكونون هم يعتقدون بحاكمية الله ويطلبون من صموئيل ملكاً آخر غيره فالأفضل هو أن أنقل هنا جواب للإمام أحمد الحسن ( على سؤال في كتاب الجواب المنير الجزء 5:
(السؤال/ 426: بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
السلام على أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي والتنزيل، من أراد الله بدأ بكم، ورد في الآية الكريمة: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...﴾.
1- من كان هذا النبي الكريم ؟ اسمه وصفته وحاله ؟
2- لماذا لم يختر الله هذا النبي ليكون هو الملك ؟
3- هل كان ملك طالوت هو ملك عام لبني إسرائيل أم فقط لقيادة الجيش ؟
4- هل كان طالوت ( حجة على هذا النبي المذكور في الآية ؟
المرسل: أبو يوسف - العراق
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
ج س1 - 2 - 3 - 4: النبي هو نبي الله صموئيل (إسماعيل) من ذرية يعقوب (، أما صفته وحاله؛ فهو مقارب لحالة إسماعيل بن نبي الله إبراهيم (، حيث كانت أمه حنة عقيماً أيضاً كمثل سارة (عليها السلام) زوجة نبي الله إبراهيم (، وقد نذرته لله سبحانه، وكان يخدم في بيت الله كمثل مريم (عليها السلام)، وقد بعثه الله نبياً لبني إسرائيل، وكان في زمانه بنو إسرائيل متمردين على أمر الله سبحانه، وفي آخر أيام حياته عادوا وتابوا وظهر فيهم جيل صالح، وطلبوا منه أن يُعيِّن عليهم ملكاً ليقاتلوا تحت رايته، فعيَّن طالوت بأمر الله سبحانه وتعالى، وكان طالوت يأتمر بأمر نبي الله إسماعيل (، وبعد أن انتصر طالوت وجيشه على جالوت وجيشه أمر الله نبي الله إسماعيل ( أن يُعيِّن خليفته من بعده داود (، الذي كان جندياً في جيش طالوت.
أما لماذا لم يكن نبي الله إسماعيل ( هو الملك، فهو كان نبياً وخليفة الله في أرضه وهو الملك المنصب من الله، ولكنهم أرادوا ملكاً يقاتلون تحت رايته ويقاتل معهم، لأنهم في ذلك الزمان كان الملك لابد أن يخرج بالجيش ويقاتل بنفسه، في حين أن نبي الله إسماعيل ( كان شيخاً كبيراً في السن وفي آخر أيام حياته، ولهذا فهم طلبوا منه هو ( أن يعين عليهم ملكاً له القدرة على القتال.
وفقكم الله لكل خير وجعلكم من المبصرين وممن يستمعون كلمات الله سبحانه ويعونها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد الحسن
جمادى الأول/ 1431 هـ) الإمام أحمد الحسن ( - كتاب الجواب المنير: ج 5.
إذاً الأنبياء / والمرسلون / في التوراة دعوا إلى حاكمية الله وطالبوا بها، والنصوص كثيرة جداً ونكتفي بهذا القدر ففيه كفاية إن شاء الله لمن يطلب الحق، ومن يريد التفصيل فليراجع العهد القديم.
[25] - إخراج موسى ( لبني إسرائيل من أرض مصر ليطبق فيهم حاكمية الله أي ليكون القانون والشريعة إلهية والحاكم والمنفذ (أي موسى ( أو هارون ( في غيباته) أيضاً بتنصيب واختيار من الله سبحانه وتعالى أمر واضح لمن يقرأ العهد القديم، وهذه بعض النصوص من سفر الخروج كمثال:
(7: 15 اذهب إلى فرعون في الصباح أنه يخرج إلى الماء وقف للقائه على حافة النهر والعصا التي تحولت حية تأخذها في يدك 7: 16 وتقول له الرب اله العبرانيين أرسلني إليك قائلاً اطلق شعبي ليعبدوني في البرية وهوذا حتى الآن لم تسمع ...) الخروج - الأصحاح 7.
(8: 1 قال الرب لموسى ادخل إلى فرعون وقل له هكذا يقول الرب اطلق شعبي ليعبدوني ...... 8: 20 ثم قال الرب لموسى بكر في الصباح وقف أمام فرعون انه يخرج إلى الماء وقل له هكذا يقول الرب اطلق شعبي ليعبدوني) الخروج - الأصحاح 8.
(9: 1 ثم قال الرب لموسى ادخل إلى فرعون وقل له هكذا يقول الرب اله العبرانيين اطلق شعبي ليعبدوني ...... 9: 13 ثم قال الرب لموسى بكر في الصباح وقف أمام فرعون وقل له هكذا يقول الرب اله العبرانيين اطلق شعبي ليعبدوني) الخروج - الأصحاح 9.
(10: 3 فدخل موسى وهرون إلى فرعون وقالا له هكذا يقول الرب اله العبرانيين إلى متى تابى أن تخضع لي اطلق شعبي ليعبدوني) الخروج - الأصحاح 10.
ولو كان المقصود بـ (يعبدوني) هنا هو الأعمال العبادية من صلاة وصوم وما شابهها فلا يحتاج إلى إطلاق الشعب، فهي عموماً يمكن إقامتها في كل مكان، وقد كان يوسف ( وذرية يعقوب ( من قبل يعبدون الله في أرض مصر! فالمقصود بـ (يعبدوني) هنا أي يكون لهم حاكم إلهي يطيعونه ويقتدون به ويقيم فيهم حاكمية الله:
(19: 1 في الشهر الثالث بعد خروج بني إسرائيل من أرض مصر في ذلك اليوم جاءوا إلى برية سيناء 19: 2 ارتحلوا من رفيديم وجاءوا إلى برية سيناء فنزلوا في البرية هناك نزل إسرائيل مقابل الجبل 19: 3 وأما موسى فصعد إلى الله فناداه الرب من الجبل قائلاً هكذا تقول لبيت يعقوب وتخبر بني إسرائيل 19: 4 انتم رأيتم ما صنعت بالمصريين وأنا حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم الي 19: 5 فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب فان لي كل الأرض 19: 6 وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة هذه هي الكلمات التي تكلم بها بني إسرائيل 19: 7 فجاء موسى ودعا شيوخ الشعب ووضع قدامهم كل هذه الكلمات التي أوصاه بها الرب 19: 8 فأجاب جميع الشعب معاً وقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل فرد موسى كلام الشعب إلى الرب) الخروج - الأصحاح 19.
إذاً هي المسألة مسألة عقائدية وهي حاكمية الله.
ولكن بني إسرائيل تمردوا عليه ورفضوا قتال الجبابرة فكان نتيجة هذا العصيان أن الله عاقبهم بالتيه أربعين سنة:
(32: 11 لن يرى الناس الذين صعدوا من مصر من ابن عشرين سنة فصاعدا الأرض التي أقسمت لإبراهيم واسحق ويعقوب لأنهم لم يتبعوني تماماً 32: 12 ما عدا كالب بن يفنة القنزي ويشوع بن نون لأنهما اتبعا الرب تماماً 32: 13 فحمي غضب الرب على إسرائيل واتاههم في البرية أربعين سنة حتى فني كل الجيل الذي فعل الشر في عيني الرب) العهد القديم - سفر العدد - الأصحاح 32.
قال الإمام أحمد الحسن (:
(وكان نتيجة هذا التيه العقوبة الإصلاحية خروج أمة ربانية صالحة، وهم أبناء هؤلاء الفاسقين وأحفادهم، وقد حملوا كلمة لا إله إلا الله مع يوشع بن نون وصي موسى (، وقاتلوا الجبابرة والطواغيت ونصروا دين الله في أرضه) الإمام أحمد الحسن ( - كتاب العجل: الجزء 1.
فموسى ( أخرج بني إسرائيل لتطبيق حاكمية الله فيهم وتربية جيل جديد صالح يؤمن بهذه العقيدة الحق:
(24: 1 وجمع يشوع جميع أسباط إسرائيل إلى شكيم ودعا شيوخ إسرائيل ورؤساءهم وقضاتهم وعرفاءهم فمثلوا أمام الرب ............. 24: 22 فقال يشوع للشعب انتم شهود على أنفسكم أنكم قد اخترتم لأنفسكم الرب لتعبدوه فقالوا نحن شهود 24: 23 فالآن انزعوا الآلهة الغريبة التي في وسطكم وأميلوا قلوبكم إلى الرب اله إسرائيل 24: 24 فقال الشعب ليشوع الرب إلهنا نعبد ولصوته نسمع 24: 25 وقطع يشوع عهدا للشعب في ذلك اليوم وجعل لهم فريضة وحكماً في شكيم 24: 26 وكتب يشوع هذا الكلام في سفر شريعة الله وأخذ حجراً كبيراً ونصبه هناك تحت البلوطة التي عند مقدس الرب 24: 27 ثم قال يشوع لجميع الشعب أن هذا الحجر يكون شاهدا علينا لأنه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به فيكون شاهداً عليكم لئلا تجحدوا إلهكم 24: 28 ثم صرف يشوع الشعب كل واحد إلى ملكه 24: 29 وكان بعد هذا الكلام أنه مات يشوع بن نون عبد الرب ابني مئة وعشر سنين 24: 30 فدفنوه في تخم ملكه في تمنة سارح التي في جبل افرايم شمالي جبل جاعش 24: 31 وعبد إسرائيل الرب كل أيام يشوع وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع والذين عرفوا كل عمل الرب الذي عمله لإسرائيل) العهد القديم - سفر يشوع - أصحاح 24.
[26] - بين الإمام أحمد الحسن ( في أكثر من موضع القانون الإلهي لمعرفة خلفاء الله من الأنبياء والمرسلين/، منها كتاب اضاءات من دعوات المرسلين / الجزء 3، وفيما يلي نص كلامه من الخطبة الموحدة لأنصار الإمام المهدي (:
(...لو كان إنسان يملك سفينة أو مصنع أو أي شيء يعمل فيه مجموعة من الناس أليس من المفروض أن يعين رباناً للسفينة أو مديراً للمصنع أو قائداً لهؤلاء الناس، ثم إن ترك هذا وغرقت السفينة أو تلف المصنع أو حدث ضرر ما ألا يوصف عمله هذا بالسفه أو عدم الحكمة ؟
ثم إن عيّن رباناً للسفينة أو مديراً للمصنع أو قائداً لهؤلاء الناس ولكنه لم يكن أعلمهم في قيادة السفينة أو إدارة المصنع أو قيادة هؤلاء الناس وحصل نقص في إنتاج المصنع أو حدث طارئ ما تسبب في ضرر معين كغرق السفينة بسبب جهل هذا القائد بقانون تشغيل المصنع أو معالجة الطارئ، ألا يوصف عمله هذا بالسفه أو مجانبة الحكمة، أليس من المفروض ومقتضى الحكمة اختيار أعلم الموجودين أو تزويد المختار بالعلم اللازم ليكون الأكفأ والأقدر على قيادة السفينة وإيصالها إلى بر الأمان وإدارة المصنع وتحقيق أفضل إنتاج.
ولو فرضنا أنّ هذا الإنسان عيّن رباناً للسفينة أو مديراً للمصنع أو قائداً لهؤلاء الناس، وكان أعلمهم وأقدرهم على قيادة السفينة وإدارة المصنع ولكنه لم يأمر الناس بطاعة هذا الربان أو المدير أو القائد وتصرف الناس كل بحسب هواه ورغبته؛ لأنهم غير مأمورين بطاعة القائد المعين، وحصلت فوضى أو أضرار بسبب عدم أمره للناس بطاعة الربان أو القائد، ألا يوصف بأنه جانب الحكمة إلى السفه، ثم ما فائدة تعيينه للقائد الأقدر إن لم يأمر الناس بطاعته.
لا أظن أن عاقلاً حكيماً سيقول غير هذا (يجب تعيين قائد، ويجب أن يكون لديه أو أن يزود بكل ما يحتاج من العلم، ويجب أن يُأمر الذين يقودهم بطاعته).
وهذا موجود في القرآن، فمع أول خليفة لله سبحانه في أرضه وضع هذا القانون، وهو قانون معرفة خليفة الله وحجته على عباده، بل هو قانون معرفة الله؛ لأن بمعرفة خليفة الله يعرف الله.
فتعيين الإمام والقائد وخليفة الله في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:30].
وكون هذا الخليفة هو الأعلم في قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة:31].
والأمر بطاعة هذا الخليفة في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر:29].
بل ومن يرجع للتوراة والإنجيل سيجد نصوصاً كثيرة تنطبق تماماً مع النص القرآني في بيان أنّ قانون معرفة خليفة الله أو قانون معرفة الله هو هذه الأمور الثلاثة التي بينتها...) انتهى.
[27] - في التوراة:
(1 وقال الرب لأبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك 2 فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك، وتكون بركة 3 وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض) العهد القديم - سفر التكوين الأصحاح 12.
والذي كان مقصوداً في هذا النص هو إبراهيم ( والأنبياء والأوصياء من ذرية إبراهيم ( ومن ذرية إسحاق ويعقوب وإسماعيل / ولا يمكن وصف كل بني إسرائيل بالأمة العظيمة عند الله:
(14: 11 وقال الرب لموسى حتى متى يهينني هذا الشعب وحتى متى لا يصدقونني بجميع الآيات التي عملت في وسطهم 14: 12 إني اضربهم بالوبا وأبيدهم واصيرك شعبا اكبر وأعظم منهم) العهد القديم - سفر العدد 14.
فهل يعقل أن يكون هؤلاء هم المقصودون بالعظمة عند الله ؟؟؟!!!
فالمقصود بهذه العظمة التي يهبها الله من يختار من عباده هم الأنبياء والأوصياء / وإن كانوا أغلب الأحيان قلة مستضعفة.
ومن الإنجيل نذكر مثالين لمصداق العظمة عند الله سبحانه وتعالى مع أنهما كانا مستضعفين: يحيى ( (أو يوحنا المعمدان كما هو اسمه في الإنجيل)، والمثال الآخر هو عيسى ( (أو يسوع كما هو اسمه في الإنجيل).
إنجيل لوقا:
(13 فقال له الملاك: لا تخف يا زكريا، لأن طلبتك قد سمعت، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا 14 ويكون لك فرح وابتهاج، وكثيرون سيفرحون بولادته 15 لأنه يكون عظيما أمام الرب، وخمراً ومسكراً لا يشرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس 16 ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم 17 ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته، ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء، والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يهيئ للرب شعبا مستعدا) إنجيل لوقا - الأصحاح 1.
فهل كان يوحنا عظيماً في أعين الناس، وهل كان قوياً مادياً، أم أنه كان وحيداً مستضعفاً في الأرض حتى سجنه أعداء الله ومضى مقتولاً مظلوماً ؟؟!!
يعلق القس انطونيوس فكري في تفسير هذا الأصحاح، قائلاً:
(عظيماً= العظمة ليست في الأعمال العظيمة وقوة الجسد، بل بالحياة الداخلية القوية. ويوحنا كنذير للرب لا يكون لملذات العالم أو بهجته موضع في قلبه أو في جسده، بل هو يكون مملوءاً بالروح القدس، ومملوءاً بالخمر السماوي أي الفرح السماوي، ومن امتلأ بالفرح الحقيقي لا يكون لديه فراغ لأفراح العالم المغشوشة. وهو عظيماً فهو يعمد المسيح) القس انطونيوس فكري - تفسير إنجيل لوقا - الأصحاح 1.
نعم يحيى ( كان عظيماً عند الله، وشهادة السيد المسيح ( في حقه تبين المراد من العظمة عند الله:
(11: 11 الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان و لكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه) إنجيل متى ـ الأصحاح 11.
وأيضاً في إنجيل لوقا - الأصحاح الأول:
(30 فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله 31 وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع 32 هذا يكون عظيماً، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه 33 ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية) إنجيل لوقا - الأصحاح 1.
وبذلك تبين بكل وضوح أنّ المقصود بالأمة العظيمة من إسماعيل ( هم محمد وآل محمد / بالخصوص خلفاء الله في أرضه، والمهدي الأول ( منهم الذي يأتي في آخر الزمان.
جاء في التوراة سفر دانيال - الأصحاح السابع: (والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسي العلي. ملكوته ملكوت أبدي وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون. إلى هنا نهاية الأمر) العهد القديم - سفر دانيال - الأصحاح 7.
[28] - معلوم أنّ صلوات الأنبياء / فيها نبوءات واخبارات غيبية: (كانت صلاة الأنبياء تعتبر نبوات تتحقق) تفسير العهد القديم والجديد للقس انطونيوس فكري - تفسير سفر حبقوق 3.
بل وإن كثيرين من المفسرين والعلماء المسيحيين رأوا في هذه النصوص نبوءات مستقبلية رغم اختلافهم في التفاسير، واختلافهم دليل على أنّ المفتاح في يد المرموز إليه، فمتى جاء هو يبين الرمز ويذكرهم بما قاله الأنبياء قبل السيد المسيح، ويذكرهم أيضاً بما قاله السيد المسيح (، ويبين لهم أنّ الأنبياء / نصوا عليه وكتبوا عنه وبينوا أمره، ويوجد في الملحق (2) أمثلة من أقوال بعض العلماء المسيحيين.
[29] - القدوس هو خليفة الله الحقيقي وهو محمد / وآل محمد الأئمة والمهديين /، ولا إشكال في إطلاق أسماء وأوصاف الله سبحانه وتعالى على خلفاء الله /؛ لأنهم صورة الله، ومحمد / وآل محمد / هم الله في الخلق، ولا يمكن نسبة المجيء والإتيان إليه سبحانه !!
[30] - جاء في قاموس الكتاب المقدس: ("تِيمن": الصحراء الجنوبية، انظر تيمان) وفي شرح كلمة تيمان: (تَيْمان: اسم عبري معناه "اليميني أو الجنوبي") قاموس الكتاب المقدس.
إذاً تيمان هي نفسها تيمن، وملكة التيمن هي ملكة سَبأ كما جاء على لسان عيسى ( في الإنجيل.
وفي شرح كلمة "ملكة سَبأ": (ويحتمل أن هذا هو اللفظ العربي للاسم شبا - يروي السفر المقدس أن ملكة سبا قد زارت الملك سليمان بعد أن سمعت عن حكمته (ملوك الأول 10). ويسميها المسيح ملكة التيمن، بمعنى ملكة الجنوب (متى 12: 42) ...) قاموس الكتاب المقدس.
(شرح كلمة "بلاد سَبأ": ويحتمل أن هذا هو اللفظ العربي للاسم شبا - بلاد سبا: في جنوب جزيرة العرب، ويردُ ذكرها في الكتاب مع مصر والحبشة، (مزمور 72: 10 وأشعياء 43: 3). أما سبا أو سبأ في ملوك الأول 10: 1 و 4 و 10 و 13 و 2 أخبار 9: 1 و 3 و 9 و 12 وأيوب 6: 19 فهي شبأ في الأصل العبراني، رغم أنها مترجمة سبا) قاموس الكتاب المقدس.
ومحمد وآل محمد الأئمة والمهديين / كلهم يمانية، فمحمد / من مكة ومكة من تهامة وتهامة من اليمن كما بينه الإمام أحمد الحسن ( وكما هو موجود في النصوص.
وسأنقل بعض كلمات الإمام أحمد الحسن ( في جواب عن سؤال حول شخصية اليماني الموعود وحدودها:
[يجب أولاً معرفة أنّ مكة من تهامة، وتهامة من اليمن، فمحمد وآل محمد / كلهم يمانية، فمحمد / يماني، وعلي ( يماني، والإمام المهدي ( يماني، والمهديون الإثنا عشر يمانية، والمهدي الأول يماني، وهذا ما كان يعرفه العلماء العاملون الأوائل (رحمهم الله)، ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾. وقد سمّى العلامة المجلسي (رحمه الله) في البحار كلام أهل البيت / بـ (الحكمة اليمانية)، بل ورد هذا عن رسول الله /، كما وسمّى عبد المطلب ( البيت الحرام بـ (الكعبة اليمانية)...] كتاب المتشابهات - الإمام أحمد الحسن (: ج4.
- عن رسول الله /، قال: (... إن خير الرجال أهل اليمن، والإيمان يمان وأنا يماني...) بحار الأنوار: ج 57 ص232، الأصول الستة عشر: ص81.
- في مقدمة بحار الأنوار سمى العلامة المجلسي كلام أهل البيت / بـ (الحكمة اليمانية) بحار الأنوار: ج1 ص1.
- ورد عن رسول الله / أنه قال: (الإيمان يماني والحكمة يمانية) الكافي: ج8 ص70 ح27.
- جاء في بحار الأنوار أن عبد المطلب ( سمّى البيت الحرام بـ (الكعبة اليمانية) بحار الأنوار: ج22، 51، 75.
- وفي الكافي: (... يا عيسى، دينه الحنيفية، وقبلته يمانية، وهو من حزبي وأنا معه ...) الكافي: ج8 ص139.
[31] - شهد لمحمد / ولما جاء به أي القرآن وسنته العديد من العلماء والمفكرين الغربيين غير المسلمين أو الذين اسلموا لاحقاً، واكتفي بنقل أمثلة ومن أراد التفصيل توجد كتب كثيرة خصصت لهذا الغرض:
- يقول الكاتب الفرنسي (موريس بوكاي) في كتابه (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم): (أما الوحي القرآني الذي نزل عقب ستة قرون من المسيح، فقد احتفظ بالعديد من تعاليم التوراة والإنجيل اللذين أكثر من ذكرهما، بل وفرض على كل مسلم الإيمان بالكتب السابقة (سورة 4 آية 136) كما أبرز المكانة المهمة التي شغلها في تاريخ الوحي رسل الله - كنوح وإبراهيم وموسى؛ وعيسى الذي كان له من بينهم مقام مرموق؛ وقد أظهر القرآن ولادته - كما في الإنجيل - كحدث معجز، كما كرم والدته مريم تكريماً خاصاً وأطلق اسمها على السورة رقم 19. ولا مفر من الاعتراف بأن هذه التعاليم الإسلامية مجهولة على العموم في بلادنا الغربية، وقد يعجب البعض من هذا! ولكن سرعان ما يزول ذلك إذا ذكرنا الطريقة التي لُقن بها العديد من الأجيال - الغربية - قضايا الإنسانية الدينية، والجهالة التي تُركوا فيها تجاه كل ما يخص الإسلام..) (23.. ص7..).
- يقول المستشرق الكندي (جيبون) في كتابه (محمد في الشرق): (إن دين محمد خالٍ من الشكوك والظنون، والقرآن أكبر دليل على وحدانية الله .. ومن يتهم محمداً أو دينه، فإنما ذلك من سوء التدبير، أو بدافع العصبية، وخير ما في الإنسان أن يكون معتدلاً في آرائه، ومستقيماً في تصرفاته) (17.. ص17).
- ويقول المستشرق الألماني (تيودور نولدكه) في كتابه (تاريخ القرآن): (نزل القرآن على نبي المسلمين، بل نبي العالم؛ لأنه جاء بدين إلى العالم عظيم، وبشريعة كلها آداب وتعاليم، وحري بنا أن ننصف محمداً في الحديث عنه؛ لأننا لم نقرأ عنه إلا كل صفات الكمال، فكان جديراً بالتكريم) (40.. ص83).
[32] - الحديث مشهور وثابت وجاء بعدة ألفاظ، منها: (وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً، قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)، قد حسَّنه الترمذي (2641) وحسَّنه ابن العربي في "أحكام القرآن" (ج3 ص432)، والعراقي في "تخريج الإحياء" (ج3 ص284)، والألباني في "صحيح الترمذي" وقال ابن تيمية بشهرته في مجموع الفتاوى (ج3 ص345)، وفي مجموع الفتاوى (ج24 ص171)، قال أيضا: (الحديث صحيح مشهور في السنن والمساند كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم ولفظه: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة افترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة"، وفي لفظ "على ثلاث وسبعين ملة"، وفي رواية "قالوا: يا رسول الله من الفرقة الناجية ؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"، وفي رواية قال "هي الجماعة يد الله على الجماعة"). قال بصحته أيضا بن باز: (وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث أنه قال: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" قيل: من هي يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي") فتاوى نور على الدرب - بن باز: ج4 ص265.
[33] - لو كان للإشكالات قيمة لكان لإشكال فرعون وغيره أن ينقض رسالة موسى (؛ لأنه عنده ثقل في اللسان.
قال الإمام أحمد الحسن ( في تفسير قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ( وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ( يَفْقَهُوا قَوْلِي ( وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي﴾:
(قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ( وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ( يَفْقَهُوا قَوْلِي ( وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي﴾.
وقال تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ( وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾ [الشعراء: 10 – 13].
دعاء موسى ( واضح بأنه طلب من الله الآتي:
اشْرَحْ لِي صَدْرِي.
وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي.
يَفْقَهُوا قَوْلِي.
وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي.
وفي الآيات علل موسى ( طلبه (حل عقدة لسانه) بأنه ليفقهوا ما يقول. وأيضاً علل طلبه أن يشرح صدره؛ لأنه يخاف أن يضيق صدره ولا ينطلق لسانه.
النتيجة الواضحة؛ إنّ هناك مشكلة في النطق وإيصال المعلومة للآخرين عند موسى (، وهذه المشكلة حلت جزئياً عند موسى (بالخصوص، وحلت كلياً في رسالة موسى ( ببعث هارون ( كوزير له يعينه على إيصال الرسالة.
فاستجابة الله لدعاء موسى ( قد تمت وبغاية الحكمة، فموسى أراد أن تتحسن قدرته على تبليغهم، وطلب أن يبعث معه هارون كوزير، وقد حسّن الله قدرة موسى ( على التبليغ بقدر معين، وأتمها بهارون (، فبعث الله هارون ( استجابة لطلب موسى (، وجعل بعثه في غاية الحكمة وهو أنه أتم به حل مشكلة موسى ( في تبليغ فرعون والقوم الذين أرسل إليهم موسى (، ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى﴾ [طه: 36].
وقد بيَّن تعالى أنّ هناك بقية من الخلل في بيان موسى ( لم ترفع عندما قص كلام فرعون: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف: 52].
وقال تعالى في قص قول موسى (: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ [القصص: 34].
إذن، موسى ( شخصياً بقي عنده شيء من الخلل في البيان، وهذه مشيئة الله ليكون هذا الخلل سبباً يتعلل به المدعون بالباطل من أمثال فرعون وجنده ومن استخفهم بأنهم أحق من موسى وبأنهم على الحق وأن موسى ( وحاشاه باطل: ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ( فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ [الزخرف: 51 – 54].
التفت إلى أنّ خطاب فرعون ديني لا يكاد يفرق عن خطاب فقهاء الضلال اليوم، فهو يقول الآتي: ﴿يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾: أي إنه يقول لقومه انظروا؛ إن الله نصرني ومكنني من حكم مصر ويسَّر أمور الحكم لي، فلو كان موسى ( هو الحق لكان الله مكنه ويسرها له. هذه هي المغالطة الدينية الأولى عند فرعون وفقهاء الضلال في كل زمان.
﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾: فرعون يقول إن موسى ( لا يكاد يبين، فلو كان مع الله سبحانه وتعالى لأصلح الله لسانه بصورة كاملة، ولم يعد هناك خلل عنده في النطق. إذن النتيجة؛ فرعون يعتبر نفسه أنه أفضل؛ لأنه أقدر على البيان ولا يوجد خلل في لسانه، وهذه المغالطة الثانية، وقد تنكبها فقهاء الضلال ومن يطبل لهم اليوم، وكأن فرعون إمامهم ومعلمهم، لا يكادون يفارقون أقواله وأفعاله.
﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾: فرعون قال وفقهاء الضلال ومن يتبعهم اليوم معه ويشاركونه في قوله: الذي يرسله الله والذي يرسله الإمام المهدي لابد أن يغنيه ويوفر له كل القدرة، من قدرة مالية وقدرة إعجازية يقهرنا بها على الإيمان.
هل تلاحظ الآية بوضوح وكيف أن فرعون قال قبل آلاف السنين قولاً، أعاده نفسه تماماً فقهاء الضلال اليوم ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾، معنى هذا فليأتِ بشيء خارج عن العادة فليأتنا بمعجز، فليثبت بالمعجز القاهر الواضح إن الله معه والملائكة معه.
هم يريدون أن يقهروا على الإيمان، فلا تنفعهم عصا تحولت أفعى؛ لأن هناك كثيرين غير موسى يفعلون هذا، فإذا كانوا سحرة فهو ساحر، وإن غلبهم فهو كبيرهم وأمهر منهم، ولكن أبداً لا يمكن أن يكون رسولاً من الله.
ولا تنفعهم يد بيضاء تشير لنقاء موسى (، وكيف تنفعهم ؟! ولو كانت تنفعهم لما احتاجوا لها، وهل طهارة ونقاء قلب موسى (كان خفياً عليهم وهم قد عاشروه وعرفوه قبل أن يُرسَل وبعد أن أرسل.
ولا ينفعهم نيل يتحول إلى اللون الأحمر، فيمكنهم الاحتجاج بسهولة أن هذا أمر طبيعي أن يصبغ النيل بالدم نتيجة معارك دموية حصلت على مجرى النيل قبل أن يصلهم، وببساطة يقولون وما علاقة موسى ( بهذا الأمر ؟! فالنتيجة من كان يريد التكذيب يعلل كل شيء بأي شيء، فهم استحبوا العمى والضلال على الإبصار والهدى، ولهذا فلا يحتاج فرعون وفقهاء الضلال للكثير بل يكفي كلمات قليلة، يكفي أن يقول فرعون إن موسى ( عنده خلل في إيصال الكلام، وموسى ( لم يأتِ بمعجزة بينة لا لبس فيها، ليجد فرعون وفقهاء الضلال أكثر الناس قد اتبعوهم وبغباء منقطع النظير كما هم دائماً وللأسف.
﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾. ويا له من استخفاف مرير جعل علياً ( يقول إنه يحس مرارته مغروسة كالنصل في فمه (وفي الحلق شجى).
إنه لأمر مرير حقاً، إنك تجد الله سبحانه وتعالى يفضح الفراعنة وفقهاء الضلال على رؤوس الأشهاد ويبين باطلهم بأيديهم وبأفعالهم وبتناقضاتهم وبسلوكهم المنحرف وبإتباعهم الأهواء وبطلبهم الدنيا ومع كل هذا يتبعهم الناس، ويعللون لهم بأعذار واهية تصرفاتهم وأقوالهم وسلوكياتهم المنحرفة المحرفة للشريعة.
والحمد لله رب العالمين) الإمام أحمد الحسن ( - الجواب المنير: ج5.
ومسألة ثقل لسان موسى ( وصعوبة بيان الرسالة الإلهية واستعانته بهارون ( موجودة في العهد القديم والجديد:
(6: 10 ثم كلم الرب موسى قائلاً 6: 11 ادخل قل لفرعون ملك مصر أن يطلق بني إسرائيل من أرضه 6: 12 فتكلم موسى أمام الرب قائلا هوذا بنو إسرائيل لم يسمعوا لي فكيف يسمعني فرعون وأنا اغلف الشفتين) العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 6.
وأيضاً:
(6: 28 وكان يوم كلم الرب موسى في أرض مصر 6: 29 إن الرب كلمه قائلاً أنا الرب كلم فرعون ملك مصر بكل ما أنا أكلمك به 6: 30 فقال موسى أمام الرب ها أنا أغلف الشفتين فكيف يسمع لي فرعون 7: 1 فقال الرب لموسى انظر أنا جعلتك إلهاً لفرعون وهرون أخوك يكون نبيك 7: 2 أنت تتكلم بكل ما أمرك وهرون أخوك يكلم فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه) العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 6 والأصحاح 7.
وأيضاً لو كان للإشكالات قيمة لكان لإشكالات الكتبة والفريسيين قيمة في رد رسالة عيسى (، فهل ينفع مثلاً أن يشكل أحد على عيسى ( بمثل ما تنقله الأناجيل من إشكالات اليهود وغيرهم حول أحوال عيسى (، أو من أين جاء، أو أعماله مثلاً في السبت:
- من إنجيل مرقس:
(2: 1 ثم دخل كفرناحوم أيضاً بعد أيام فسمع انه في بيت ...... 2: 5 فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك 2: 6 وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون في قلوبهم 2: 7 لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده ...... 2: 15 وفيما هو متكئ في بيته كان كثيرون من العشارين والخطاة يتكئون مع يسوع وتلاميذه لأنهم كانوا كثيرين وتبعوه 2: 16 وأما الكتبة والفريسيون فلما رأوه يأكل مع العشارين والخطاة قالوا لتلاميذه ما باله يأكل ويشرب مع العشارين والخطاة 2: 17 فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى لم آت لادعوا أبراراً بل خطاة إلى التوبة 2: 18 وكان تلاميذ يوحنا والفريسيين يصومون فجاءوا وقالوا له لماذا يصوم تلاميذ يوحنا والفريسيين وأما تلاميذك فلا يصومون...... 2: 24 فقال له الفريسيون انظر لماذا يفعلون في السبت ما لا يحل...) إنجيل مرقس - الأصحاح 2.
وهكذا فالإشكالات لا تنتهي:
(أ من الناصرة يخرج شيء صالح)، و (فتش وأنظر إنه لم يقم نبي من الجليل)، و (وهل المسيح من الجليل يأتي ألم يقل الكتاب إنه من نسل داوود من بيت لحم القرية التي كان داوود فيها يأتي المسيح) .... الخ.
ولكنها بدون أي قيمة؛ لأنه بعدما ثبت بالدليل أنّ عيسى ( نبي ومرسل بالقانون الإلهي فالإشكال لا ينقض الدليل أبداً !!
[34] - لما يأتي النبي أو الرسول ( ويبين للناس بطلان عقائدهم وتحريفهم لوصايا الأنبياء والسابقين، ماذا يكون جواب العلماء الذين يتصدون لقيادة حملة الإشكال والرد على المرسل ؟! آخر ما يذهبون إليه هو هل كل من مضى قبلنا كان ضالاً وكلهم في النار ؟! آباؤنا وأجدادنا كلهم في النار؟! فهذه العقائد التي تتكلم عنها وتقول إنها باطلة هي عقائد آبائنا وأجدادنا منذ قرون عديدة !!
لذلك فإشكال فرعون هو إشكال علماء الدين في كل زمن على خلفاء الله الذين يأتون كمصلحين ومنقذين.
فبدل أن يقدموا دليلاً على عقائدهم الباطلة أو يردوا الأدلة التي يقدمها المرسل يطرحون إشكالاً لاستعطاف الناس ومفاده (هل آباؤنا كلهم ضالون وماتوا على ضلال)، وهذا الرد في حد ذاته دليل على أنهم اقروا بحجج المرسل ولا يجدون ما يدفعونها به ويهربون إلى موضوع أجنبي عن موضوع البحث وهو أحقية المرسل أو بطلان عقائدهم.
لذلك كان جواب الله سبحانه وتعالى على لسان موسى ( في القرآن هو (علمها عند ربي)، وهو جواب في غاية الحكمة، وهو يعني (لا تسأل عن القرون الماضية؛ لأن السؤال عنها لا علاقة له بموضوع البحث الآن) !!
فموضوع البحث منفصل تماماً عن معرفة أحوال الناس في ما سبق، مضافاً إلى أنّ الناس ليسوا مكلفين بمعرفة أحوال الماضين ولا حكم الفترات بين إرسال الرسل /.
[35] - للفائدة انقل هنا كلام للإمام أحمد الحسن ( في هامش لأحد كتبه، وهو كتاب التوحيد حول مجمع نيقية:
[حضر افتتاح المجمع الإمبراطور قسطنطين الأول وبدأ مجمع نيقية جلساته في 20 مايو 325، عقد المجمع بناء على تعليمات من الإمبراطور قسطنطين الأول لدراسة الخلافات بين آريوس وأتباعه من جهة وبين كنيسة الإسكندرية ممثلة بالكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) وأتباعه من جهة أخرى، حول طبيعة يسوع هل هي نفس طبيعة الرب أم طبيعة البشر.
أنكر آريوس ألوهية يسوع فاعتقد بأنه كان هناك وقت لم يكن يسوع موجوداً فيه، واعتبره رفيعاً بين مخلوقات الله ومِنْ صُنْعِهِ، كما اعتبر أن الروح القدس من صُنْعِ الله أيضاً. بينما أكد الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) على أن طبيعة المسيح هي من نفس طبيعة الله وتغلب رأي الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) بالاقتراع الذي كان تحت سلطة الإمبراطور قسطنطين المؤيد لبابا الإسكندرية، ورفض آريوس واثنين من القساوسة بإصرار التوقيع، من ثم تم نفيهم إلى اليرا (حالياً البلقان) وحرقت كتب آريوس وسمي مذهبه ببدعة آريوس ووصم أتباعه إلى اليوم بلقب أعداء المسيحية.
ونتج عن مجمع نيقية أول إشكال قانون الاعتقاد بألوهية المسيح ألوهية مطلقة، وبدأت علاقة الكنيسة بالسلطة بالتشكل بعد أن كانت كياناً دينياً. وبعد ثلاثة قرون من تطور الفكر الكنيسي واختلاطة بالأفكار والأديان المحيطة في كل الاتجاهات ومنها الوثنية الرومانية الديانة السابقة لقسطنطين أصبحت الكنيسة المدعومة من الإمبراطور الروماني هي المرجع و السلطة في تحديد من يدخل في نطاق الإيمان من عدمه).
هذا الكلام تقريباً مطابق لكل ما ورد عن الكنيسة وتاريخياً عن هذا المجمع بتصرف طبعاً، فلا أعتقد أن باحثاً منصفاً سيغفل عن إسناد قسطنطين لإلكسندروس وتثبيت عقيدته الوثنية في المسيحية، فبعد أن كان نصف القساوسة المسيحيين يؤيدون آريوس جعلهم الخوف من بطش قسطنطين يتراجعون، ومن لا يعلم من هو قسطنطين وكيف كان جباراً ويبطش بمن خالفه، ولو كان أقرب الناس منه فليراجع تاريخ هذا الطاغية الذي نشر المسيحية المحرفة في أوربا، والذي لم يتوانَ عن قتل أرحامه وأقرب الناس منه أن خالفوه. بينما تجد قساوسة اليوم يغضون النظر عن تاريخ قسطنطين الدموي ويصورون قسطنطين بأنه حمل وديع عقد المجمع وأعطى الحرية للجميع من وافقه ومن خالفه، ورغم أن نفي واضطهاد آريوس وتحريم اعتقاده بعد المجمع كاف للتعرف على الغاية والهدف من عقد هذا المجمع وهما القضاء على آريوس والاعتقاد بأن المسيح مجرد مخلوق ونشر الاعتقاد الوثني بالمسيح وإنه هو الله.
وهذا هو ما أقر في مجمع نيقية: (ترجمة النص اليوناني:
نؤمن بإلهٍ واحد، آبٍ قادر على كل شيء، صانع كل الأشياء المرئيّة واللامرئيّة، وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح، ابن الله، مولود الآب الوحيد، أي من جوهر الآب، إله من إله، نور من نور، إلهٌ حق من إلهٍ حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزلَ وتجسَّد، تأنَّس، تألَّم وقام في اليوم الثالث الذي بواسطتهِ كل الأشياء وُجِدَت، تلك التي في السماء وتلك التي في الأرض [و] صعدَ إلى السماوات، آتٍ ليدين الأحياء والأموات وبالروح القدس، أما أولئكَ الذين يقولون: "كان هناك وقتٌ فيهِ (الكلمة) لم يكن"، و: "قبل أن يكون مولوداً لم يكن" وبأنّهُ وُجِدَ ممّا هو غير موجود أو يقولون عن كيان ابن الله أنهُ من شخص أو جوهرٍ آخر أو (أنه "مخلوق" ! (أو أنهُ متحولٌ أو متغَيِّرٌ، أولئكَ) الكنيسة الجامعة تحرمهم.
وقام جميع الأساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون الإيمان هذا فيما عدا اثنين منهم - وربما أكثر - بالإضافة طبعا إلى آريوس وجماعته).
ويقول بابا الأرثوذكس في مصر شنودة الثالث في كتابه طبيعة المسيح (كان آريوس ينكر لاهوت المسيح، ويرى أنه أقل من الآب في الجوهر، وأنه مخلوق. ومازالت جذور الأريوسية قائمة حتى الآن. حتى بعد أن شجبها مجمع نيقية المسكونى سنة 325 م، ظل أريوس والأريوسيون من بعده سبب تعب وشقاق وشك للكنيسة المقدسة).
وطبعاً شنودة الثالث هنا يعرض بشهود يهوه المذهب المسيحي الذي أخذ بالانتشار بشكل كبير في العالم المسيحي وخصوصاً في الغرب وشهود يهوه لا يقرون بكثير من ضلالات الكنيسة من أمثال الثالوث وأن الكلمة هي الله وغيرها من البدع، ومما يدل على أن القول بلاهوت المسيح هو بدعة ثبتت في مجمع نيقية هو أن نصف الحاضرين في مجمع نيقية كانوا يؤيدون آريوس أو محايدين وإن الاعتقاد بأن عيسى ( (يسوع) مجرد مخلوق كانت هي المنتشرة والسائدة في عهد آريوس وهذا أمر يعترف به القساوسة في كتبهم وإلى اليوم:
جاء في أبحاث في المجامع المسكونية المسيحية - للمطران بيشوي: (...... 4- مجمع نيقية : 1 ظروف انعقاده .......
ب- أما السبب المباشر لعقد المجمع فقد كان بدعة أريوس، لأن الإمبراطوريـة كادت تنقسم بسبب تلك البدعة ..........
انعقد المجمع المسكوني بأمر الملك قسطنطين خوفاً من الانقسام الحاد الحادث في الإمبراطورية بسبب بدعة أريوس. وكان انعقاده سنة 325 م في نيقية بعدد 318 أسقفاً، كما ذكر القديس أثناسيوس الذي كان شاهد عيان وأحد أعضاء المجمع في خطاب له في البداية كان 16 أسقفاً مؤيدين لأريوس، و22 أسقفاً مؤيدين للبابا ألكسندروس، والباقي لم يكن موقفهم قد تحدد بعد. أما بنهاية المجمع فقد ظل أسقفين فقط مؤيدين لأريوس وهما سيكوندوس وثيئوناس اللذين رفضا التوقيع على إيمان المجمع مع الكهنة الملتصقين بهما، وفى أيام القديس إبيفانيوس كانت توقيعات الـ 318 الحاضرين في نيقية لازالت موجودة. هذا كان بفضل شرح القديس أثناسيوس للإيمان ورده على افتراءات أريوس، وفى هذا نرى مدى عظمة الدفاع السكندرى في المجمع. ولم يكن الوصول لقرار المجمع بالأمر الهين بل استدعى الأمر مجهوداً رهيباً ...
5- مجمع نيقية: 2) آريوس وهرطقته ........
مر وقت كاد فيه العالم كله تقريباً أن يصير أريوسياً لولا أثناسيوس. ففي وقت من الأوقات عزل الإمبراطور البابا الروماني وعين آخر مكانه ليوقع على قانون الإيمان الأريوسي، ولما عاد البابا من سجنه إلى كرسيه وقّع على قانون الإيمان الأريوسي الذي كان قد رفض التوقيع عليه من قبل. هذه هي المرحلة التي لم يبقَ فيها سوى أثناسيوس وأساقفته في مصر وحدهم هم المتمسكون بالإيمان الصحيح. لذلك ليس غريباً أن يقول اشعياء النبي: "مبارك شعبى مصر" (أش19: 25). لكن في أوقات أخرى كثيرة ساند كرسى روما البابا السكندري، مثل الباباوات معاصري البابا أثناسيوس الذين ساندوه.
انهارت المسيحية في العالم كله وخضعت أمام الطغيان الأريوسي ولم يبقَ سوى كرسي الإسكندرية ممثلاً في البابا السكندري المنفى وأساقفته المصريين. ونحن علينا أن نقتفي آثار خطوات آبائنا ..........) المجامع المسكونية المسيحية - المجامع المسكونية والهرطقات - المطران بيشوي] من كتاب التوحيد للإمام أحمد الحسن (.
[36] - قال الإمام أحمد الحسن ( في كتاب التوحيد:
[(عيسى سلام الله عليه يجهل الساعة:
- عيسى يقول عن نفسه إنه يجهل الساعة التي تكون فيها القيامة الصغرى: (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب) (مرقس: 13)، والجهل نقص بينما اللاهوت المطلق كامل مطلق لا يعتريه نقص أو جهل؛ لأنه نور لا ظلمة فيه فالجهل يعتري المخلوق لوجود الظلمة في صفحة وجوده.
إذن، عيسى ( نور وظلمة وهذا يثبت المطلوب أنّ عيسى ليس لاهوتاً مطلقاً، بل عبد مخلوق من ظلمة ونور، وليس نوراً لا ظلمة فيه تعالى الله علواً كبيراً.
وفي هذا فصل الخطاب وبيان وموعظة لأولي الألباب، وهذا نص كلام عيسى ( كما جاء في إنجيل مرقس: «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب. 33 أنظروا. إسهروا وصلوا لأنكم لا تعلمون متى يكون الوقت. 34 كأنما إنسان مسافر ترك بيته وأعطى عبيده السلطان ولكل واحد عمله وأوصى البواب أن يسهر. 35 اسهروا إذاً. لأنكم لا تعلمون متى يأتي رب البيت أمساء أم نصف الليل أم صياح الديك أم صباحاً. 36 لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً. 37 وما أقوله لكم أقوله للجميع اسهروا» إنجيل مرقس الأصحاح 13...] كتاب التوحيد - الإمام أحمد الحسن (.
[37] - التفصيل في الملحق (2): "هو الله سبحانه الواحد الأحد وكل من سواه خلقه".
[38] - النصوص هي:
- (... ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس…) إنجيل متى: 26.
- (... ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس ...) مرقس: 14.
- (... وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تُجز عني هذه الكأس ...) لوقا: 22.
وهذه النصوص هي دعاء وتوسل من عيسى ( إلى الله سبحانه وتعالى أن يبعد عنه العذاب والصلب، وعيسى ( نبي ومستجاب الدعاء فلابد أن يكون قد أبعد عنه الصلب، وكل تفسير غير هذا مردود وغير مقبول، وفي الملحق (5) مناقشة لبعض التفاسير التي يحاول فيها علماء الكنيسة جاهدين تأويلها ولكن تأبى النصوص والعقل والحكمة ذلك التفسير، بل وعقيدتهم بألوهية عيسى ( ألوهية مطلقة (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً) تصطدم بهذه النصوص وتعارض تفسيرها.
وأيضاً يوجد في الملحق (3) بعنوان: ما هي قصة عيسى (، وكيف شبه لهم ؟ شرح لقضية الصلب والمصلوب أيضاً من الإمام أحمد الحسن (، وهو اقتباس من كتاب المتشابهات الجزء 4.
[39] - إنّ قضية الصُلب خاصة أو القتل وتَحمل العذاب والعناء والمظلومية عموماً هي ذات أهمية كبيرة في الدين الإلهي، ولأجل قضية الله سبحانه وتعالى العظمى، وهي إقامة حاكمية الله ودولة العدل الإلهي في الأرض، كما اعتقد أنّ أهمية مسألة الصلب بالخصوص كأمر عقائدي عند المسيحيين أمر مفروغ منه بغض النظر عن الخلل في فهم هدف الفداء، وكذا في اعتقادهم أنّ المصلوب هو عيسى (.
وقد بين الإمام أحمد الحسن ( هذا الأمر، وسننقل فيما يلي بعض النصوص منه ( ليستفاد منها من يريد معرفة الحقيقة.
وهذا نص مقتبس من كلماته المباركة حين تعرض للمسألة وهو يبين سر الحجر الأسود أو حجر الزاوية، وبيّن أهمية مسألة الفداء والتحمل في دين الله سبحانه وتعالى.
قال (: (والحجر مرتبط بمسألة الفداء الموجودة في الدين الإلهي وعلى طول المسيرة المباركة لهذا الدين، فدين الله واحد؛ لأنه من عند واحد، والفداء قد ظهر في الإسلام بأجلى صوره في الحسين (، وقبل الإسلام تجد الفداء في الحنيفية دين إبراهيم ( بإسماعيل، وتجده أيضاً بعبد الله والد الرسول محمد /، وأيضاً تجده في اليهودية دين موسى ( بيحيى بن زكريا (، وتجده في النصرانية بالمصلوب، وبغض النظر عن كون النصارى يتوهمون أن المصلوب هو عيسى ( نفسه، فإنهم يعتقدون بأن المصلوب هو حامل الخطيئة ومعتقداتهم وإن كان فيها تحريف ولكن هذا لا يعني أنها جميعاً جاءت من فراغ تام وليس لها أي أصل في دين الله سبحانه حرفت عنه، بل كثير من العقائد المنحرفة في الحقيقة هي تستند إلى أصل ديني أخذه علماء الضلال غير العاملين وحرفوه وبنوا عليه عقيدة فاسدة، فقضية كون الرسل يتحملون بعض خطايا أممهم ليسيروا بالأمة ككل إلى الله موجودة في دين الله ولم تأتِ من فراغ، ويمكنك مراجعة نصوص التوراة مثلاً للإطلاع على تحمل موسى ( عناءً إضافياً لما يقترفه قومه من الخطايا، ورسول الله محمد / تحمل خطايا المؤمنين قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ [الفتح: 2]. وتفسيرها في الظاهر: أنه تحمل خطايا أمته وغفرها الله له.
عن عمر بن يزيد بياع السابري، قال: (قلت: لأبي عبد الله (: قول الله في كتابه ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾ قال: ما كان له من ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له) تفسير القمي: ج2 ص314.
وتحمل الرسل لخطايا أممهم لا يعني أنهم يتحملون خطيئة نقض العهد والميثاق عن منكري خلفاء الله الذين يموتون على هذا الإنكار، بل هم يتحملون خطيئة من غفل عن تذكر العهد والميثاق ، ونقضه مدة من الزمن في هذه الحياة الدنيا، كما أن تحملهم لخطايا أممهم لا يعني أنهم يصبحون أصحاب خطيئة عوضا عن أممهم، بل معناه ... أنهم يتحملون أثقالاً إضافية وعناءً إضافياً في تبليغ رسالاتهم في هذه الدنيا للناس، وهذا طبعا بإرادتهم هم؛ لأنهم هم من يطلب هذا، فالأب الرحيم بأبنائه يتحمل نتائج أخطائهم في كثير من الأحيان، وإن كانت تسبب له عناءً ومشقة وربما الآلام والقتل في سبيل الله، كما هو الحال في الحسين (؛ وذلك لأن الأب يرجو صلاح أبنائه في النهاية، وربما كثيرون لا يتذكرون العهد حتى يراق دم أبيهم ولي الله فيكون سبباً لتذكرهم العهد والميثاق، ولهذا تجد الحسين ( الذي شاء الله أن يجعله سبباً لتذكر عدد كبير من الخلق قد ترك الحج وأقبل يحث الخطى إلى مكان ذبحه (....) ويوجد في الملحق (4) "حجر الزاوية هو الحجر الأسود وهو يرمز للمعزي أحمد الحسن (" نقلته كاملاً لعله ينتفع به بعض المؤمنين ومن يطلب الحق.
وقضية المنقذ المخلص العالمي الذي سيقيم دولة العدل الإلهي تحمل من أجلها خلفاء الله / العناء، وكان أكبرهم نصيباً في التحمل والتضحية محمد / وآل محمد /، فكما أنّ أوضح موقف للفداء قبل الإسلام هو موقف الصلب فإن من أظهر وأوضح مواقف الفداء لقضية الله سبحانه في الإسلام هي فداء الحسين ( الذي ذبح في كربلاء، وذبح رضيعه، وقتل أهل بيته وأصحابه، وسبيت نساؤه.
وأنقل هذا النص من الإمام أحمد الحسن ( جواباً على هذا السؤال:
س/ لماذا أخرج الحسين ( طفله عبد الله الرضيع ( إلى جيش يزيد (لعنه الله) ليطلب له الماء ؟ وهل كان يعلم ( أنهم سوف يقتلونه ؟
قال (: (الحسين ( أخرج رضيعه ليطلب له الماء، وكان يعلم أنه يقتل.
واعلم أنّ للباطل جولة وللحق دولة، ولكي تتم جولة الباطل فلابد لجند الشيطان (لعنه الله) أن يخوضوا في كل هاوية مظلمة، ولابد لهم أن يستفرغوا ما في جعبتهم وهم يخوضون المعركة مع جند الله.
واعلم أنّ مصاب الحسين ( قد خفّف عنكم الكثير الكثير مما لا طاقة لكم على حمله من ظلم الظالمين، لتنالوا رضا الله سبحانه، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار.
لقد فدى الحسين ( دماءكم بدمه الشريف المقدس، وفدى نساءكم وأعراضكم بخير نساء العالمين من الأولين والآخرين بعد أمها فاطمة (عليها السلام)، وهي زينب (عليها السلام)، وفدى أبناءكم بالرضيع.
والإمام المهدي ( وأنا العبد الفقير المسكين أكثر خلق الله رقابنا مثقلة بفضل الحسين (، ودين الحسين ( قد أثقل ظهري، ولا طاقة لي بوفائه إلا أن يوفيه الله عني.
واعلم أنّ الإمام المهدي ( عندما يقول للحسين (: (لأبكينك بدل الدموع دماً)، يقولها على الحقيقة لا المبالغة، وهذا لأنّ الحسين ( فدى قضية الإمام المهدي ( بدمه الشريف وبنفسه المقدسة، فجعل نفسه فداء لقضية الإمام المهدي (، فهو ذبيح الله، أي كما أنك عندما تبني بيتاً تفدي له كبشاً، كذلك الله سبحانه وتعالى لما بنى عرشه وسماواته وأرضه جعل فداءها الحسين (.
وقضية الإمام المهدي ( هي قضية الله وخاتمة الإنذار الإلهي، وهي قضية عرش الله سبحانه وملكه وحاكميته في أرضه، قال تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ (الصافات: 107) أي بالحسين (، والمفدى هو الإمام المهدي (، فسلام على ذبيح السلام والحق والعدل.
واعلم أنّ علياً الأكبر ( ذبيح الإسلام، كما أنّ الحسين ( ذبيح الله، والحمد لله وحده) المتشابهات - الإمام أحمد الحسن (: ج4 س123.
[40] - توجد الآن وثائق قديمة تحتوي على مجموعة نسخ هي ترجمة لاتينية لخمسة كتب، اسمها المتداول "ضد الهرطقات" (Adversus haereses)، كتبها إيريناؤس أسقف ليون بالغال (فرنسا حالياً)، وتعود على الأقل إلى سنة 180 م، ومن ضمنها وثيقة (هي عبارة عن الجزء الأول لكتاب ضد الهرطقات)، يذكر فيها الاسقف إيريناؤس وجود "إنجيل يهوذا".
طبعاً الأسقف كتبها لنقد هذا الإنجيل، واعتبره تاريخاً وهمياً أو ملفقاً - وهذا رأيه - ولكن ما يهمنا هو إثبات وجوده في تلك الفترة على الأقل.
- ثم هناك وثيقة تاريخية تعود إلى القرن الثالث أو بداية القرن الرابع، وهي هذه المخطوطة القبطية التي تم اكتشافها وتوثيقها.
وبضم هذين الأمرين نصل إلى النتائج التالية:
أولاً: وجود "إنجيل يهوذا" قبل سنة 180 م.
وهذا مثال لاعتراف علماء الكنيسة (وهو للقمص عبد المسيح بسيط أبو الخير في كتابه إنجيل يهوذا - هل يؤثر اكتشافه على المسيحية ؟! -) بأن إنجيل يهوذا قديم وأنّ هناك وثيقة تاريخية وهي ضمن مجموعة سميت بـ (كتاب ضد الهرطقات الجزء 1) تعود إلى القرن الثاني ميلادي وبالضبط إلى سنة 180 م تذكر وجود هذا الإنجيل وتسميه تاريخاً ملفقاً.
يقول القمص عبد المسيح بسيط: (وكان أول من ذكر هذه الفرقة وعقائدها، من آباء الكنيسة الأولى، وكتب عن تأليفهم لإنجيل يهوذا، هو القديس إيريناؤس أسقف ليون بالغال (فرنسا حالياً) سنة 180م، وهذا الرجل كان تلميذاً للقديس بوليكاربوس الذي كان بدوره تلميذاً للقديس يوحنا تلميذ المسيح، فقال: "يقول الذين يدعون قاينيين أن قايين كان من العالم السامي للقوة المطلقة ويعترفون أن عيسو وقورح وأهل سدوم وأمثال هؤلاء الأشخاص مختصين بأنفسهم. ويضيفون في هذه الرواية أن الخالق (إله العهد القديم - يهوه) كان يكرههم بشدة ومع ذلك لم يتعرض أحد منهم لضرر لأن صوفيا (الحكمة) كان من عادتها اختطاف الذين يخصونها منهم لذاتها. ويعلنون أن يهوذا الإسخريوطي الخائن كان يعرف هذه الأشياء، فقد كان وحده الذي يعرف الحق كما لم يعرفه أحد. فقد أُكمل سر الخيانة بواسطته، كل الأشياء، سواء السمائية أو الأرضية وضعت في الحيرة.
ولذا فقد لفقوا تاريخا مزيفاً أسموه إنجيل يهوذا") كتاب "إنجيل يهوذا هل يؤثر اكتشافه على المسيحية" - القمص عبد المسيح بسيط.
وبالطبع الأسقف هنا يعرض بإنجيل يهوذا وبالمسيحيين الذين كانوا يعتقدون بما فيه والقمص عبد المسيح بسيط أيضاً في كتابه يحاول جاهداً إثبات عدم صحة هذا الإنجيل، وفي محاولته هذه أقر بقدم العقيدة التي تحملها الوثيقة !
وما يهمنا في المقام من نقل أقواله تحديداً هو: أنّ وثيقة الأسقف إيريناؤس أسقف ليون بالغال تثبت أنّ إنجيل يهوذا موجود على الأقل بتاريخ 180 م.
ثانياً: وجود مسألة الشبيه بدل عيسى ( عند مجموعة من المسيحيين قبل الإسلام وقبل مجمع نيقية !
- عندنا الآن اليقين بوجود مسيحيين قبل بعثة الرسول محمد / (أي قبل بداية القرن السابع ميلادي) يعتقدون بمضمون إنجيل يهوذا، ومن ضمن هذه معتقداتهم أنّ عيسى ( لم يصلب ولكن الذي صلب هو شخص آخر بغض النظر عن المصداق أي بغض النظر عن هوية المصلوب.
وهذا يعني أنّ هناك جذوراً لهذا الأمر، بل وتعني بالخصوص أنّ مسألة الشبيه مطروحة منذ القدم ولم تكن محسومة.
- أيضاً لا بد من الانتباه إلى أنّ وجود نسخة قبطية لهذا الإنجيل كتبت بعد 300 سنة من الميلاد تقريباً تعني قطعاً وجود طائفة لا بأس بها يعتقدون بما فيها أو لا أقل يدرسونها ويترجمونها وينسخونها، وهذه قرينة قوية على أنّ المسألة ليست مما يستهان به، وأنها ذات صدى عند المسيحيين، وما يزيد الاستنتاج قوة هو أنّ علماء مثل أسقف ليون كتبوا كتباً للتعريض بمن يعتقدون بهذا الإنجيل، فكيف رد الأسقف على إنجيل يهوذا ؟! فإما أن يكون:
قد وصلته نسخة منه.
أو أنه رد على كتاب وعقيدة لا يعرفها أو يعرف ما نقل له منها، وهذا غير مقبول من عالم يحترم نفسه !!
وعلى أي حال لابد أن يكون قد أحس بأهمية الرد على المعتقدين بصحة إنجيل يهوذا أو لنقل ضرورة التعريض بالكتاب وبمن يعتقدون به !
أما مناقشة الأسقف للكتاب وعقيدة القائلين بصحته فلا يستفاد منها إلا ما هو مؤيد للطرح الذي تقدم، وذلك أنّ العالم المسيحي لم ينقل فقرات الإنجيل التي تناولها، وبالتالي إما:
أن يكون إنجيل يهوذا مشهوراً بدرجة أن الأسقف لا يجد حاجة للنقل.
أو أنه غير مشهور ومع ذلك يرد عليه دون أمانة النقل !
والاحتمال الثاني يعني أن لا قيمة علمية لكلام الأسقف وتبقى فقط شهادته التاريخية بوجود إنجيل يهوذا في تلك الفترة هي القيمة الوحيدة لما كتب عنه !
والحاصل هو: أنه لا يوجد شيء يدفع كون هذه العقيدة موجودة منذ البداية بل الدليل على عكسه موجود وهو نفس هذه النسخة لإنجيل يهوذا، والذي ينقل كلمات من فترة ما قبل الصلب مع عدم وجود معارض حقيقي لما في الأناجيل الأخرى كما سيتبين، بل إن مادة إنجيل يهوذا تعتبر صورة أخرى مخفية بقدر ما ومشار إليها في الأناجيل المعتمدة اليوم كما سيأتي بيانه من الإمام أحمد الحسن (.
[41] - هل يصح إطلاق اسم "إنجيل" على هذه الوثيقة التاريخية أم هو لفظ خاص بما تعتبره الكنيسة كتاباً رسمياً أي الأناجيل الأربعة ؟! فلا بد للإجابة أن نعرف معنى كلمة "إنجيل" ومن ثم معرفة هل يصدق هذا المفهوم على الوثيقة القبطية المكتشفة.
أولاً: ما المقصود بكلمة "إنجيل" ؟
وربما كان الأفضل للإجابة على هذا السؤال هو أن نترك لعلماء المسيحيين القلم، فهو ألزم وأنصف:
- جاء في شرح كلمة "الإِنْجيل / الأناجيل" من قاموس الكتاب المقدس:
(من اللفظ اليوناني أونجليون ومعناه "خبر طيب" ........
...... وقد استعمل جستن مارتر (الشهيد) كلمة إنجيل عن الكتابات التي تتضمن الشهادة الرسولية ليسوع، في عصر مبكر أو في سنة 150 ميلادية تقريباً. والكلمة العربية للإنجيل، وهي بشارة، تشمل هذا المعنى أيضاً أي أنها كتاب رسولي يختص بحياة المسيح على الأرض) قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة إنجيل.
إذاً الإنجيل هو بشارة وأخبار طيبة ونقل لحياة السيد المسيح (.
فالسؤال الثاني الذي يطرح نفسه الآن هو:
ثانياً: هل الأربعة أناجيل تنقل صورة واحدة لعيسى ( (يسوع)، أو أنها تنقل وجوها متكاملة لحياة السيد المسيح (، وهل أنها تنقل (أي الأناجيل الأربعة) كلها نفس الأخبار الطيبة، أو أن هناك أخبار طيبة امتازت بها بعض الأناجيل عن الأخرى ؟
- جاء في شرح كلمة "الأناجيل الأربعة القانونية" من قاموس الكتاب المقدس:
نسب الكتاب المسيحيون في القرن الثاني الميلادي، الأربعة الأناجيل إلى متى ومرقس ولوقا ويوحنا. وقد تسلمت الكنيسة هذه الكتابات كسجلات يوثق بها وذات سلطان إذ تحتوي على شهادة الرسل عن حياة المسيح وتعاليمه.
وبدأ الكتاب المسيحيون من القرن الثاني الميلادي باقتباس هذه الأناجيل وشرحها وقاموا بعمل ترجمات منها إلى لغات متنوعة كالسريانية والقبطية واللاتينية، ..........
ولكل من الأناجيل الأربعة خاصياته المميزة له التي تفرد بها بسبب غرض الكاتب في كتابته والأشخاص الذين كتب إليهم كما كانت ماثله في ذهنه.
فقد كتب متى وجهة النظر اليهودية، وهو يقدم لنا يسوع كالمسيا الملك الذي تمت فيه نبوات العهد القديم.
ومرقس يكتب للأمم وربما كان يقصد الرومانيين منهم بوجه خاص، وهو يقدم لنا فوق كل شيء قوة المسيح للخلاص كما تظهر في معجزاته.
أما لوقا، وهو يكتب للمثقفين من اليونان، يكتب لهم في لغة بأسلوب أكثر روعة مما كتب غيره من كتبة الأناجيل، ويُظهر لنا تأثير الرسول بولس في إبراز نعمة المسيح التي تشمل الساقطين والمنبوذين والفقراء والمساكين بعطفه.
أما قصد يوحنا الخاص فهو في أن يُظهر يسوع كالكلمة المتجسدة الذي يعلن الآب للذين يقبلونه (يو 20 : 30 و 31).
ويوجد بين الأناجيل الثلاثة الأولى كثير من التشابه ولكنها تختلف عن أنجيل يوحنا من عدة أوجه. وبما أن متى ومرقس ولوقا يقدمون حياة المسيح من وجهات نظر متشابهة على وجه العموم لذا فقد أطلق على هذه الأناجيل الثلاثة اسم "الأناجيل المتشابهة" أو Synoptic وهي مأخوذة من كلمة Synopsis اليونانية التي تعني "النظر معاً" وهؤلاء يركزون كتاباتهم حول تبشير المسيح ومناداته في الجليل بينما يركز يوحنا أنجيله حول عمل المسيح في اليهودية. ويقدم الثلاثة الأول تعليم المسيح عن الملكوت، وأمثاله وتعليمه للشعب، أما (يوحنا) فيسجل لنا تعليم المسيح عن نفسه في أحاديث مستفيضة، وتشترك الأناجيل الأربعة في الشيء الكثير بحيث يؤيدون الواحد الآخر، ويختلفون عن بعضهم البعض بحيث يكمل الواحد منهم الآخر ويتممه. أما المصادر التي استقى منا البشيرون الأربعة المعلومات التي ضمنوها في أناجيلهم في مصادر موثوق بها. فقد كان متى ويوحنا رسولين اتبعا يسوع ولذا فمعرفتهما بالحوادث التي سجلاها هي معرفة شخصية. أما مرقس فقد كان رفيقاً لبطرس وقد ذكر بياس حوالي سنة 140 ميلادية أن مرقش ضمَّن في أنجيله ما وعظ به بطرس عن يسوع. ويحقق لنا لوقا نفسه بأنه استقى معلوماته من شهود عيان (لو 1 : 1 - 4) ولذا فإننا نجد في الأناجيل شهادة الرسل..........) قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة "الأناجيل الأربعة القانونية".
- أيضاً هذا نص مقتبس من جواب للكنيسة القبطية على إحدى الأسئلة الموجهة عبر موقع الأنبا تاكلا التابع للكنيسة (من سلسلة سنوات مع إيميلات الناس من موقع الأنبا تاكلا):
(قصة حياة السيد المسيح:
1- الإنجيل كما دونه متى - مت: .... ويصف إنجيل متى شخص وعمل المسيا الملك.
2- الإنجيل كما دونه مرقس - مر: ... ويعطى نظرة واضحة وسريعة عن حياة المسيح ويركز على معجزات المسيح، وينتهي هذا الإنجيل إلى الحديث عن نهاية الزمان وعن ما سيحدث عند رجوع المسيح.
3- الإنجيل كما دونه لوقا - لو: يبنى لوقا إنجيله على الحقائق التاريخية، ونظرا لتدقيقه في تسلسل الأحداث الصحيحة....
4- الإنجيل كما دونه يوحنا - يو: .... وهو إضافة جديدة للثلاثة أناجيل فهو أسهلها في القراءة، وأعمقها علماً ودرساً ويقدم المسيح بكونه الكلمة الأزلي ....) جواب من الكنيسة الارتودوكسية القبطية على سؤال: ما هو الكتاب المقدس ؟ وما هي أقسامه ؟ - موقع الانبا تاكلا.
http://st-takla.org/FAQ-Questions-VS-Answers/01-Questions-Related-to-The-Holy-Bible__Al-Ketab-Al-Mokaddas/001-What-is-the-Holy-Bible.html
إذاً كل واحد من الأناجيل الأربعة ينقل صورة من تاريخ حياة وسيرة السيد المسيح عيسى ( وهي تلتقي في أمور وتختلف في أخرى وتتكامل ! فهل يمكن الإعراض عن إنجيل يوحنا مثلا لأنه انفرد ببشارة المعزي دون الأناجيل الثلاثة الأخرى أو هل يمكن الفصل بين الأناجيل الأربعة و الاكتفاء بواحد منها ؟؟!!
أكيد لا، بل لكي نفهم الحقيقة كاملة علينا أن نعرف صور جميع الجوانب وليس فقط بعضها، ولتحقيق هذا الأمر لا بد لنا أن نجمع كل الأناجيل لكي نحصل على صور كل جوانب الحقيقة. أما إهمال وتكذيب بعض الإنجيل سيجعل ما يصل لنا - على الأقل - حقيقة ناقصة وغير كاملة.
وبالتالي فعلينا إذاً أن نجمع كل الأناجيل وندرس كل ما فيها دراسة موضوعية مع الابتعاد عن التعصب لفكرة مسبقة، وهكذا فقط يمكن أن نصل في الأخير إلى الحقيقة كاملة.
ثالثاً: هل حمل لنا إنجيل يهوذا أخباراً طيبة ؟ وهل ينقل لنا صورة وجانب آخر من الحقيقة أو أنه يعارض الأناجيل الأخرى ؟
- حمل لنا إنجيل يهوذا "أخباراً طيبة" عن زمن الظهور المقدس وعن المخلص القادم أحمد (يهوذا) لكي نتعرف عليه في هذا الزمان:
(وقال يهوذا: يا سيد، أيمكن أن يكون نسلي تحت سيطرة الحكام؟ أجاب يسوع وقال له: "تعالَ، أنه أنا [... سطرين مفقودين..] لكنك ستحزن كثيراً عندما تري الملكوت وكل أجياله".....
وعندما سمع ذلك قال له يهوذا: "ما الخير الذي تسلمته أنا ؟ لأنك أنت الذي أبعدتني عن ذلك الجيل ؟". أجاب يسوع وقال: "ستكون أنت الثالث عشر، وستكون ملعوناً من الأجيال الأخرى - ولكنك ستأتي لتسود عليهم. وفي الأيام الأخيرة سيلعنون صعودك إلى الجيل المقدس.....
"ولكنك ستفوقهم جميعاً لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني. ويرتفع قرنك حالاً. ويضرم عقابك الإلهي. ويظهر نجمك ساطعاً وقلبك) إنجيل يهوذا.
وأكيد أنّ هذه بشارة وخبر طيب للمنقذ والمخلص الذي يأتي آخر الزمان ليقيم دولة العدل الإلهي وحاكمية الله في الأرض !
- من جهة أخرى ينقل لنا إنجيل يهوذا جانباً آخراً مخفي بقدر ما (ولكن مشار إليه) في الأناجيل الأخرى، وهي حقيقة الصلب، وإنجيل يهوذا يجيب على أسئلة بقيت دون إجابة علمية منذ قرون، ففي الحقيقة إنجيل يهوذا يكمل الأناجيل الأخرى بل وبدونه يكون في الأناجيل تعارض مع اعتقاد المسيحيين بصلب عيسى (.
إِذاً صح أن تكون هذه الوثيقة إنجيلاً ولزم دراسته وجمعه مع الأناجيل الأخرى لمعرفة الحقيقة. وكل من رفضوا هذا الإنجيل إنما رفضوه لسبب واحد وهو صرف اسم يهوذا مباشرة إلى يهوذا الخائن، بل وحتى من يدافعون عن هذا الإنجيل من المسلمين أغلبهم وقعوا في نفس الخطاء.
فهل يعقل أن يُرفض هذا الإنجيل فقط لأن طائفة من الناس اساؤوا فهما ؟؟؟!!! فالبحث العلمي المنصف والجدي يرفض موقف علماء الكنيسة كما يرفض الطرح الساذج والمتناقض لعلماء المسلمين في أنّ الإنجيل هو إنجيل يهوذا الخائن، ولعل هذا الطرح الخالي من الدليل واللامعقول والمجانب للحكمة كان من أهم الأسباب في خلط الأمور.
نعم، إنجيل يهوذا يحمل إجابات على جانب خفي في الأناجيل الأخرى، وإجابات على مسألة المصلوب التي بينّا أنها موجودة عند بعض المسيحيين الأوائل قبل بعثة رسول الإسلام محمد / والمعارضة هي في أن يكون مصداق الشبيه هو الخائن، وهذا أمر لا مناقشة فيه بل هو واضح لكل عاقل.
ولكن إن كان يهوذا هو رجل صالح ومن خلفاء الله وشخصية أخرى حملت نفس الاسم فهل يوجد تعارض، أم أنّ إنجيل يهوذا يصبح متكاملاً ومتناسقاً تماماً مع الأناجيل الأخرى؟؟!!
[42] - هذا مثال من موقف الكنيسة اتجاه إنجيل يهوذا، وهو كما سيتضح خالي من الموضوعية والمنهج العلمي في البحث والنقد، وكذلك يتبين من خلاله عدم الأمانة والدقة في النقل لا أقل يمكن أن يوصف بالتحريف إن كان قائله ينسب إلى أهل العلم.
يقول الانبا بيشوي: (...236- إنجيل يهوذا المزعوم.
ظهر في الآونة الأخيرة مخطوط على ورق البردي مكتوب عليه باللغة القبطية اسم إنجيل يهوذا. وهذا الموضوع أثار ضجة كبيرة لذلك نحتاج إلى توضيح بعض الأمور التي تخصه.
إنجيل يهوذا المزعوم:
كُتب إنجيل يهوذا في منتصف القرن الثاني الميلادي باللغة اليونانية. وقد تم العثور على نسخة من هذا الإنجيل في جبل كرارة بجانب المنيا في صعيد مصر، بطريق الصدفة. وهذه النسخة التي تم العثور عليها مكتوبة على ورق البردي باللغة القبطية وترجع لعام 300 م، وهى ليست النسخة الأصلية، لكنها النسخة الوحيدة الموجودة في العالم حالياً. هذه النسخة بها كثير من الأجزاء المفقودة، وهى متهالكة تماماً. لكن في نهايتها مكتوب بوضوح باللغة القبطية عبارة "إنجيل يهوذا".
صدرت كثير من الكتب في الخارج عن هذا المكتشف، وقد حصلت على البعض منها. من ضمن هذه الكتب كتاب بعنوان The Lost Gospel أي "الإنجيل المفقود". كاتب هذا الكتاب لا يؤيد إنجيل يهوذا أو يعتبره إنجيلاً حقيقياً، لكنه يتحدث من الناحية التاريخية والعلمية ويترك للقارئ اختيار الاتجاه الذى يناسبه. وعلى غلاف نفس الكتاب مكتوب أيضاً The Quest for The Gospel of Judas Iscariot بمعنى "حول إنجيل يهوذا الإسخريوطى". أي أن الكتاب يشمل المناقشات والحوارات والتساؤلات حول هذا الموضوع.
هناك كتاب آخر على سبيل المثال باسم The Gospel of Judas أي "إنجيل يهوذا" (اقرأ مقالاً آخرا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وهذا الكتاب ليس له اتجاه علمي مجرد لكنه يميل إلى رفض كتاب "إنجيل يهوذا" وإثبات أنه غير صحيح.
حينما نقول إن هذا الإنجيل هو غير صحيح لا نقصد بذلك أن المخطوط ملفق فى هذه الأيام أو أنه ليس مخطوطاً أثرياً. هو مخطوط قديم وهو حقاً قديم، ومكتوب باللغة القبطية، لكن كاتبه ليس هو يهوذا الإسخريوطى.
237- كيف يكون يهوذا هو كاتبه ؟!
كيف يكون يهوذا الإسخريوطى هو الذي كتبه ويهوذا كان قد انتحر بعد أن سلم السيد المسيح ؟ فمتى كتبه ؟ خاصة أنه كتب عن الساعات الأخيرة التي سبقت الصلب.
مشكلة هذا الإنجيل المزعوم هى أن كاتبه يدَّعى أن يهوذا كان قد أخذ أمراً من السيد المسيح نفسه بأن يسلمه وقال له يسوع أنه سوف يكون ملعوناً من الناس لكنه سوف يسيطر عليهم وفي النهاية سوف يأخذ أمجاداً عظيمة لأنه سيعمل عملاً كبيراً وهو أنه سيضحى بيسوع وبذلك تتم ذبيحة الفداء. وبذلك يكون قد عمل عملاً عظيماً هو أنه أي يهوذا صار هو السبب في خلاص البشرية.
يدَّعى الكاتب أن يسوع قال ليهوذا أنه سوف يتخطى التلاميذ جميعاً ويتفوق عليهم جميعاً لأنه سوف يضحى بالإنسان الذي يلبسه. هذا نص ورد في إنجيل يهوذا، ولدينا النص الكامل المترجم من القبطية إلى الإنجليزية لهذا الإنجيل. ......) كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان - الأنبا بيشوي مطران دمياط.
إذاً هذا مثال من موقف الكنيسة القبطية الارتودوكسية وفيه إفصاح بسبب رفض الإنجيل: (حينما نقول أن هذا الإنجيل هو غير صحيح لا نقصد بذلك أن المخطوط ملفق فى هذه الأيام أو أنه ليس مخطوطاً أثرياً. هو مخطوط قديم وهو حقاً قديم، ومكتوب باللغة القبطية، لكن كاتبه ليس هو يهوذا الإسخريوطى).
أي أنّ الرفض هو أن يكون الكاتب والمقصود بيهوذا هو الخائن وهذا أمر لا نقاش فيه ولا أدري كيف يقع علماء الكنيسة بهكذا خطأ علمي واضح البطلان ؟!
والظاهر أحد أمرين: إما أنهم لم يدرسوا أساساً هذه الوثيقة، أو أنهم يتعمدون الإيهام بأنّ الوثيقة تصرح بأنّ يهوذا الممدوح فيها هو يهوذا الخائن، وفي كلتا الحالتين يكونون مجانبين للأمانة العلمية والبحث الموضوعي والجدي !
ثم يكمل الانبا بيشوي: (...... 239- كاتب إنجيل يهوذا من طائفة القاينيين.
الكاتب في الحقيقة هو من طائفة غنوسية اسمها طائفة القاينيين Canians، وأصحاب هذه الطائفة يدافعون عن قايين ابن آدم الذي قتل أخاه هابيل ويبررونه ويبرئونه، كما يبرئون السادوميين أي أهل سدوم وعمورة الذين عاشوا في أيام نوح وكانوا يمارسون الشذوذ الجنسى. ويبرئون قورح وداثان وأبيرام الذين قدموا ناراً غريبة في أيام موسى النبي فانشقت الأرض وابتلعتهم أحياء ونزلوا أحياء إلى الهاوية، لأنهم كانوا ينافسون هارون الكاهن في كهنوته والله هو الذي اختار هارون. كما قاموا بعمل ثورة ضد موسى النبي. وهم يبرئون عيسو الذي باع البكورية لأجل أكلة عدس، والمعروف أن يعقوب هو الذي أخذ البركة... تبرئة قايين.. تبرئة عيسو.. تبرئة السادوميين.. تبرئة قورح وداثان وأبيرام.. كل مجرم أو شرير أو قاتل أو منحرف في تاريخ البشرية يثبتون أنه بطل وأن الذين حكموا عليه أو أدانوه هم المخطئين.
إنجيل يهوذا مملوء بالهزء والسخرية على تلاميذ المسيح الأحد عشر الباقين. بمعنى أن المسيح اختار اثنى عشر تلميذاً لم يخرج منهم سوى واحد فقط صالح.... هل هذا يعقل ؟!!! السيد المسيح قال "أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ! قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ" (يو 6: 70-71). لكن هل يعقل أن يختار أحد عشر من الفاشلين وواحد فقط صالح ؟!؟ فما الداعي لهم إذن ؟!؟
لكنه اختار يهوذا مع جملة الاثنى عشر لكي يرينا ما الذي يعمله الخائن، ولكي يكون هذا هو الدور الذي يقوم به، مع أن المسيح لم يدفعه لذلك بل عاتبه بقوله: "إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ" (مت 26: 24).
الغنوسيون لم يقوموا بكتابة إنجيل يهوذا فقط لكنهم كتبوا إنجيل فيلبس وإنجيل بطرس وإنجيل المصريين وإنجيل مريم وإنجيل أعمال الرسل وكتبوا كثير من الكتب التي قد تصل إلى خمسين كتاباً وادعوا أنها أسفار مقدسة أو أناجيل. إلا أن القديس إيرينئوس حوالي عام 180 م كتب عن هذا الإنجيل وقال إنه إنجيل مملوء بالخرافات التاريخية fictitious history أي تاريخ خرافي. وقال إن الكنيسة لم تقبل سوى أربعة أناجيل فقط هي: متى ومرقس ولوقا ويوحنا. وقد كتبت هذه الأناجيل حسب ما هو مقرر تاريخياً بحسب رأى العلماء بين عامي 65 و95 م. ولدينا بالفعل نسخة من إنجيل يوحنا ترجع إلى حوالي 200 م وقصاصات من إنجيل يوحنا من عام 125 م.
أما عن إنجيل يهوذا فليس لدينا شيء منه قبل عام 300 م. والنسخة الوحيدة هي الترجمة القبطية التي تم العثور عليها مؤخراً. والمعروف أن زمن كتابة هذا الإنجيل المزعوم لا يتخطى إلى الوراء عام 150 م. أما الأناجيل المعروفة فكتبت بين عامي 65 و95 م) كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان - الأنبا بيشوي مطران دمياط.
هذا إذاً هو الأسلوب الذي يستعمله علماء الكنيسة للرد على هذه الوثيقة: "نسبة كاتبيها للهرطقة" بكل بساطة وبدون أدنى دليل !!!!!!!
فهل قول أسقف ليون غير المستند إلى دليل علمي وكتاباته الخالية حتى من نقل موثق لمن انتقدهم ووصفهم بالهرطقة ووصفه إنجيل يهوذا بالتاريخ الوهمي دون تقديم حجة، بل ولا حتى نقل لمحتواه يعتبر دليلاً أو شيئاً ذا قيمة يستدل به ؟؟؟!!!
ثم لو بحثنا قليلاً عن الغنوصية أو الغنوسية لوجدنا أنه لفظ استعملته الكنيسة ولم تعطه أي تعريف واضح، بل كل ما ذكر أو نسب إلى الغنوسية هو مجرد أقوال غير مستندة لدليل ولا حتى مرجع موثق ينقل عقائدهم بالتفصيل !
ومن يتتبع الأمر يمكنه بسهولة أن يجد أنّ علماء الكنيسة جعلوا هذا اللفظ أي "غنوسية" جامع بين طوائف كثيرة وجدت في نفس زمان تواجد الرسل ولا يجمعها إلا شيء واحد وهو "إنكار تألم السيد المسيح ( وصلبه على الحقيقة" كما يصرح بذلك مثلاً القس عبد المسيح بسيط في أحد كتبه من سلسلة علم اللاهوت الدفاعي: (.... الفصل السادس: ما جاء بالكتب الغنوسية والفكر الغنوسي وموقف الكنيسة منها.
....... 1- ما هي الغنوسية وما هو الفكر الغنوسي وكيف واجهته الكنيسة.
الغنوسية هي فكر شبه واحد لفرق متعددة، وقد وُصف هذا الفكر بالفكر الدوسيتي، أي الخيالي، كما وُصفت هذه الفرق بالغنوسية، أي محبة المعرفة. ولذا سنعرف الدوسيتية، الفكر الدوسيتي أولاً، ثم نشرح الغنوسية.
(1) الدوسيتية - Docetism:
الدوسيتية كما جاءت في اليونانية "Doketai - δοκεται"، من التعبير "dokesis - δοκεσις" و "dokeo - δοκεο" والذي يعني "يبدو"، "يظهر"، "يُرى"، وتعني الخيالية Phantomism، وهي هرطقة ظهرت في القرن الأول، على أيام رسل المسيح وتلاميذه...) كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح رداً على كتاب شفرة دافنشي - القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير.
لا يعطي القس هنا أي مصدر موثق لعقائد الفرق المذكورة والتي ينتقدها ويكتفي فقط بالتعريض بهم.
ومع ذلك يستفاد من كلامه أمر تاريخي يقر به، وهو: أن أحد المعتقدات لهذه الفرق هي مسألة التشبيه في قضية الصلب كما عبر هو عنها وإن حاول صرف المعنى إلى الخيال ("يبدو"، "يظهر"، "يُرى") !!
يكمل القس عبد المسيح بسيط في نفس الكتاب قائلاً: (... ... وقد جاءت من خارج المسيحية، وبعيداً عن الإعلان الإلهي، وخلطت بين الفكر الفلسفي اليوناني، الوثني، والمسيحية وقد بنت أفكارها على أساس أن المادة شر، وعلى أساس التضاد بين الروح وبين المادة التي هي شر، في نظرها، ونادت بأن الخلاص يتم بالتحرر من عبودية وقيود المادة والعودة إلى الروح الخالص للروح السامي، وقالت أن الله، غير مرئي وغير معروف وسامي وبعيد جدا عن العالم، ولما جاء المسيح الإله إلى العالم من عند هذا الإله السامي ومنه، وباعتباره إله تام لم يأخذ جسدا حقيقيا من المادة التي هي شر لكي لا يفسد كمال لاهوته، ولكنه جاء في شبه جسد، كان جسده مجرد شبح أو خيال أو مجرد مظهر للجسد، بدا في شبه جسد، ظهر في شبه جسد،، ظهر كإنسان، بدا كإنسان، وبالتالي ظهر للناس وكأنه يأكل ويشرب ويتعب ويتألم ويموت، لأن الطبيعة الإلهية بعيدة عن هذه الصفات البشرية.
بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه.
ولم يكونوا مجرد جماعة واحدة بل عدة جماعات، فقال بعضهم:
1- أن الأيون Aeon، إي الإله، المسيح، جاء في شبه جسد حقيقي.
2- وأنكر بعضهم اتخاذ أي جسد أو نوع من البشرية على الإطلاق. أي كان روحاً إلهياً وليس إنساناً فيزيقياً.
3- وقال غيرهم أنه اتخذ جسداً نفسياً Psychic، عقلياً، وليس مادياً.
4- وقال البعض أنه اتخذ جسداً نجمياً Sidereal.
5- وقال آخرون أنه اتخذ جسداً ولكنه لم يولد حقيقة من امرأة.
وجميعهم لم يقبلوا فكرة أنه تألم ومات حقيقة، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد رؤيا....) كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح رداً على كتاب شفرة دافنشي - القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير.
وكما تقدم فقد تبين للقارئ بكل وضوح خلو كلام القس من المنهج العلمي الجدي، فهو في مقام المفروض ان يعطي الدليل على بطلان معتقدات هذه الفرق ولا يكفي وصفهم بالهرطقة فبوسع أي إنسان أن يصف أي دين أو معتقد بهذه الطريقة وهذا أسلوب مرفوض علمياً. ويكفي أن يرد كلام القس بما أشار إليه الإمام أحمد الحسن (، وهو أن هؤلاء المسيحيين أيضاً لو تعرض عليهم عقائد الكنيسة يمكن أن يكتفوا بوصفها بالهرطقة !!
ولكن ما يهم من الكلام المتقدم هو تصريحه (وإن كان هناك محاولة منه لإخفاء الحقيقة) بأن هذه الفرق كلها لم تقبل فكرة أن المسيح تألم ومات حقيقة (وجميعهم لم يقبلوا فكرة أنه تألم ومات حقيقة، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم) وتطرح فكرة الشبيه والتشبيه (بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه).
يكمل القس:
(... وكان أول من استخدم تعبير الدوسيتية "Doketai - δοκεται" هو سيرابيون أسقف إنطاكية (190 - 203 م) في معرض حديثه عن إنجيل بطرس الأبوكريفي، المنحول والمزور، ويقول عنه وعنهم.
"لأننا حصلنا على هذا الإنجيل من أشخاص درسوه دراسة وافيه قبلنا، أي من خلفاء أول من استعملوه الذين نسميهم دوكاتي "Doketai - δοκεται"، (لأن معظم آرائهم تتصل بتعليم هذه العقيدة، فقد استطعنا قراءته ووجدنا فيه أشياء كثيرة تتفق مع تعاليم المخلص الصحيحة، غير أنه أضيف إلى تلك التعاليم إضافات أشرنا إليها عندكم".
كما أشار إليهم القديس أغناطيوس الإنطاكي (35 - 107)، وحذر المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلاً:
"إذا كان يسوع المسيح - كما زعم الملحدون الذين بلا إله - لم يتألم إلا في الظاهر، وهم أنفسهم ليسو سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد"، "وهو إنما أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص، تألم حقا وقام حقا، وآلامه لم تكن خيالا، كما أدعى بعض غير المؤمنين، الذين ليسو سوى خيالات"، "لو أن ربنا صنع ما صنعه في الخيال لا غير لكانت قيودي أيضا خيالا".
كما ذكرهم أيضاً القديس أكليمندس الإسكندري مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية سنة 216 م وذكر مؤسسهم، كجماعة، في القرن الثاني بالقول أن شخص معين هو جولياس كاسيانوس (Julias Cassianus) مؤسس الخيالية. ويصفهم العلامة هيبوليتوس (استشهد سنة 235 م) باعتبارهم فرقة غنوسية. وقال القديس جيروم (متوفى سنة 420م) عن بداية ظهورهم وفكره بأسلوب مجازي أنه "بينما كان الرسل أحياء وكان دم المسيح ما يزال ساخناً (Fresh) في اليهودية، قيل أن جسده مجرد خيال"....
........ ...(2) الغنوسية Gnosticism:
كان الفكر الدوسيتي بالدرجة الأولى هو فكر الغنوسية الرئيسي....) كتاب مريم المجدلية وعلاقتها بالمسيح رداً على كتاب شفرة دافنشي - القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير.
في الحقيقة هذه النصوص هي توثيق لما تقدم بيانه، أي وجود مسيحيين أوائل لم يكونوا يعتقدون بأن المسيح ( تألم وصلب حقيقة، وبالتالي فالمسألة خلافية وليست من المجمع عليها أو المسلمات التي أقيم الدليل القطعي عليها. بل وحتى مسألة تخيل وقوع الصلب على شخص المسيح ( يمكن الجمع بينها وبين قطعية وقوع حادثة الصلب من خلال وجود شبيه.
[43] - لا بأس بتفصيل بعض الأمور في نقاط:
- أولاً: يهوذا ليس من أهل هذه الأرض: (انظر، لقد أُخبرت بكل شيء، ارفع عينيك وانظر إلى السحابة والنور بداخلها والنجوم المحيطة بها. النجم الذي يقود الطريق هو نجمك ورفع يهوذا عينيه ورأى السحابة المنيرة ودخل فيها وهؤلاء الواقفون على الأرض سمعوا صوتا آتيا من السحابة قائلا جيل عظيم) إنجيل يهوذا المشهد الثالث.
النص أعلاه حدث قبل الصلب. ويبين كيف أنّ يهوذا يدخل في سحابة من النور ويرفع أمام عيسى ( بعد أن كلمه.
وهذا يبين بشكل واضح أنه ليس من أهل ذلك الزمان، وليس من أهل الأرض، وليس هناك معنى لهذا المشهد غير هذا الأمر.
وهذا يفسر تماماً ما خفي فهمه من بعض أجوبة المصلوب في الإنجيل:
(18: 33 ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له أنت ملك اليهود 18: 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني) إنجيل يوحنا - الأصحاح 18.
(18: 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود ولكن الآن ليست مملكتي من هنا) إنجيل يوحنا - الأصحاح 18.
فالمصلوب ملك وله مملكة ولكن (الآن ليست مملكتي من هنا) أي أنّ مملكته في زمان آخر، ثم لو كان المصلوب هو نفسه عيسى ( فكيف يعاتب خدامه بأنهم لم يجاهدوا كي لا يسلم لليهود وهو من أمرهم بعدم مقاتلة اليهود؟؟!!:
(18: 10 ثم إن سمعان بطرس كان معه سيف فاستله وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى وكان اسم العبد ملخس 18: 11 فقال يسوع لبطرس اجعل سيفك في الغمد الكأس التي أعطاني الاب ألا اشربها) إنجيل يوحنا - الأصحاح 18.
فهل يعقل أن يعاتب السيد المسيح ( تلاميذه والمؤمنين به بعدم الجهاد إن كان هو قد أمرهم بالكف عن ذلك ؟؟!!!!
بل أنّ الذي أمر بطرس أن يرجع سيفه إلى غمده هو ذلك الشخص الذي جاء ليقبض عليه ويتألم ويصلب، وهو كان في مقام بيان أن وقت سيادته (مملكته) في زمن آخر:
(الآن ليست مملكتي من هنا) ................. (ولكنك ستأتي لتسود عليهم).
وهذا ما اشرنا إليه فيما تقدم من أنّ إنجيل يهوذا يكمل الأناجيل الأخرى ولا يعارضها، بل يعطي صورة أخرى ويوضح ما كان خفياً بقدر ما في الأناجيل الأخرى.
فهذه الفقرات من إنجيل يوحنا تشهد تعارض الاعتقاد أنّ المسيح هو المصلوب، وقد حاول الكثير من العلماء المسيحيين تأويلها وإخفاء التعارض بدون جدوى.
وهذا مثال من كلام للانبا بيشوي يحاول دفع التناقض ولكن النصوص والعقل تأبى ذلك:
(... ...163- مملكتي ليست من هذا العالم:
"مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36).
حينما وقف السيد المسيح ليحاكم أمام بيلاطس الحاكم الروماني، وسأله بيلاطس: "أنت ملك اليهود ؟.. أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا" (يو18: 33-36).
ليس هناك شك في أن السيد المسيح هو الملك الآتي باسم الرب ولهذا فعند دخوله إلى أورشليم "ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لأجل جميع القوات التي نظروا. قائلين: مبارك الملك الآتي باسم الرب. سلام في السماء ومجد في الأعالى" (لو19: 37، 38).
"وكانوا يصرخون أوصنا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل. ووجد يسوع جحشاً فجلس عليه كما هو مكتوب: لا تخافي يا ابنة صهيون، هوذا ملكك يأتي جالساً على جحش أتان. وهذه الأمور لم يفهمها تلاميذه أولاً. ولكن لما تمجد يسوع حينئذ تذكروا أن هذه كانت مكتوبة عنه وأنهم صنعوا هذه له" (يو12: 13-16).
في بشارة الملاك للعذراء القديسة مريم بميلاد السيد المسيح قال لها: "هذا يكون عظيماً وابن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 32، 33).
وحينما جاء المجوس من المشرق قالوا: "أين هو المولود ملك اليهود. فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له" (مت2: 2).
وعلى الصليب "كان عنوان مكتوب فوقه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية: هذا هو ملك اليهود" (لو23: 38).
وفى سفر الرؤيا كتب يوحنا الرسول عن السيد المسيح "وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب" (رؤ19: 16).
ملكوت الله.
الله هو الملك الحقيقي. ...
كان ينبغي أن يملك الله نفسه لكي يحرر شعبه من خطاياهم ويمنحهم ميراث الحياة الأبدية.
لهذا جاء السيد المسيح إلى العالم. وحينما سأله بيلاطس "أفأنت إذاً ملك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق. كل من هو من الحق يسمع صوتي" (يو18: 37).
ولكن المُلك الذي يليق بالله هو المُلك السمائي وليس المُلك الأرضي، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لأن عرش الله هو في السماء. وحينما مَلك السيد المسيح في مجيئه إلى عالمنا، فقد ملك على خشبة الصليب معلقاً بين الأرض والسماء .. مؤكداً هذه الحقيقة أن مملكته ليست من هذا العالم.
لقد رفضت الأمة اليهودية ملكها واقتادته إلى موت الصليب .. تماماً مثلما رفضت الرب قديماً في أيام صموئيل النبي من أن يملك عليها ولكن الرب المرفوض قد جعل ملكه العجيب فوق خشبة الصليب. لأن المحبة المرفوضة استطاعت أن تملك .. وأن تنتصر .. وأن تتألق .. وأن تجتذب الجميع ..
لهذا قال السيد المسيح: "أنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلى الجميع" (يو12: 32). حقاً صار المَلِك المرفوض أكثر جاذبية من كل ملوك الأرض. لأن محبته قد فاقت كل توقعات بني البشر.
أخيراً أمكن للبشرية أن تدرك مقدار حب الله لها في المسيح. وأن تسعى نحوه في فرح وشكر ليملك عليها .. ولا يكون مرفوضاً فيما بعد.. لأنه قد صالحها لنفسه، محرراً إياها من الموت والهلاك الأبدي.
حقاً لقد صارت الكنيسة عروساً للمسيح تقبل ملكه الروحي وتنتظر ملكوته السماوي وتعلن مجده وخلاصه في كل الأرض .. تحمل سماته .. وتعانق صليبه .. ولا تسعى نحو الملك الأرضي لأن ملكها هو في السماء حيث يجلس عن يمين العظمة في الأعالي.
السيد المسيح لم يطلب لنفسه مُلكاً .. بل إنه حينما رفض المُلك إلى المنتهى، فقد ملك هناك .. في نفس الموضع الذي أعلن فيه العالم رفضه له كمَلِك .. لأنه صار هو المَلِك المصلوب.
وكان عنوان علته الذي صلب بسببه مكتوباً فوقه على الصليب "يسوع الناصري ملك اليهود. فقرأ هذا العنوان كثيرون من اليهود لأن المكان الذي صلب فيه يسوع كان قريباً من المدينة. وكان مكتوباً بالعبرانية واليونانية واللاتينية. فقال رؤساء كهنة اليهود لبيلاطس: لا تكتب ملك اليهود بل إن ذاك قال أنا ملك اليهود. أجاب بيلاطس ما كتبت قد كتبت" (يو19: 19-22). كانت هذه هي تهمته .. وهي سبب موته .. وموته كان سبباً في تحقيقها؛ لأن الرب بالصليب قد صنع أمجادًا يحتار فيها عقل البشر، وترتفع بسببها قلوبهم نحو أمجاد السماء) كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - الأنبا بيشوي.
وطبعاً كل ما ذكره الانبا بيشوي لا يمكن قبوله بوجه، وذلك لأسباب وهي:
- النصوص ذكرت أنّ المسيح ( ملك وهي نصوص يحتج بها، فكيف أنكر السيد المسيح (لو كان هو المصلوب) كونه هو ملك اليهود المبشر به ؟؟؟!!!
- لو كان المصلوب اكتفى بقوله مملكتي ليست من هذا العالم لكان هناك مجال لاحتمال صحة الانبا بيشوي أي قبول تفسير المملكة بأنها مملكة في السماء وليست في الأرض ولكن:
قوله: (الآن ليست مملكتي من هنا) أي أن القضية زمانية أي زمان مملكتي على الأرض ليس الآن!
وقوله: (لو كانت مملكتي من هنا لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم لليهود) أي أن الكلام عن مملكة أرضية وفيها جهاد اليهود لكي لا يسلم لهم ... فهل يعتقد الانبا بيشوي وعلماء التفسير أنّ الملكوت فيه جهاد ويهود ويمكن أن يقبض اليهود على عيسى ( إن لم يجاهد خدامه ؟؟؟!!!
اعتقد أنّ الأمر واضح ولا يحتاج إلى كل هذا العناء والجهد، وهو:
إنّ الاعتقاد بأنّ عيسى ( هو الناطق بهذه الكلمات مشكل وهو سبب التناقض والحل قد تقدم بيانه، وهو أنّ الناطق بتلك الكلمات شخص له مملكة ولكن ليست من ذلك الزمان جاء لمهمة الفداء وهو يهوذا الذي قال له عيسى ( إنه سيلقى عليه شبهه ويفديه ثم يعود في زمن مملكته ليسود !!
- ثانياً: يهوذا يدخل في السحابة المنيرة:
- السحابة والنور بداخلها: السحابة النيرة في العهد القديم والجديد ترمز لظهور مجد الله سبحانه وتعالى وتجليه وهي مرتبطة بخلفاء الله /.
في العهد القديم:
(33 وأقام الدار حول المسكن والمذبح ووضع سجف باب الدار. وأكمل موسى العمل 34 ثم غطت السحابة خيمة الاجتماع وملا بهاء الرب المسكن. 35 فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الاجتماع. لأن السحابة حلت عليها وبهاء الرب ملا المسكن. 36 وعند ارتفاع السحابة عن المسكن كان بنو إسرائيل يرتحلون في جميع رحلاتهم. 37 وان لم ترتفع السحابة لا يرتحلون إلى يوم ارتفاعها. 38 لأن سحابة الرب كانت على المسكن نهارا. وكانت فيها نار ليلا أمام عيون كل بيت إسرائيل في جميع رحلاتهم) العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 40.
وأيضاً في سفر العدد أصحاح 9 و 10 وفي الأصحاح 11:
(24 فخرج موسى وكلم الشعب بكلام الرب وجمع سبعين رجلا من شيوخ الشعب وأوقفهم حوالي الخيمة.25 فنزل الرب في سحابة وتكلم معه وأخذ من الروح الذي عليه وجعل على السبعين رجلاً الشيوخ. فلما حلت عليهم الروح تنباوا ولكنهم لم يزيدوا) العهد القديم - سفر العدد - الأصحاح 11.
وفي الأصحاح 16:
(41 فتذمر كل جماعة بني إسرائيل في الغد على موسى وهرون قائلين أنتما قد قتلتما شعب الرب. 42 ولما اجتمعت الجماعة على موسى وهرون انصرفا إلى خيمة الاجتماع وإذ هي قد غطتها السحابة وتراءى مجد الرب. 43 فجاء موسى وهرون إلى قدام خيمة الاجتماع. 44 فكلم الرب موسى قائلاً 45 اطلعا من وسط هذه الجماعة فاني أفنيهم بلحظة. فخرا على وجهيهما) العهد القديم - سفر العدد - أصحاح 16.
- في العهد الجديد:
من إنجيل متى:
(1 وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبل عال منفردين. 2 وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. 3 وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه. 4 فجعل بطرس يقول ليسوع يا رب جيد أن نكون ههنا. فان شئت نصنع هنا ثلاث مظال. لك واحدة ولموسى واحدة ولإيليا واحدة. 5 وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا. 6 ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جداً. 7 فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا. 8 فرفعوا أعينهم ولم يروا أحداً إلا يسوع وحده) إنجيل متى - أصحاح 17.
(2 وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عال منفردين وحدهم. وتغيرت هيئته قدامهم 3 وصارت ثيابه تلمع بيضاء جداً كالثلج لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض مثل ذلك. 4 وظهر لهم إيليا مع موسى. وكانا يتكلمان مع يسوع. 5 فجعل بطرس يقول ليسوع يا سيدي جيد أن نكون ههنا. فلنصنع ثلاث مظال. لك واحدة ولموسى واحدة ولإيليا واحدة. 6 لأنه لم يكن يعلم ما يتكلم به إذ كانوا مرتعبين. 7 وكانت سحابة تظللهم. فجاء صوت من السحابة قائلاً هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا. 8 فنظروا حولهم بغتة ولم يروا أحداً غير يسوع وحده معهم) إنجيل مرقس - أصحاح 9.
بل وفي أعمال الرسل فيما يعتقده المسيحيون أنّ رفع يسوع كان في السحابة:
(9 ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم. 10 وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض 11 وقالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء. إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء) أعمال الرسل 1.
وفي سفر الرؤيا أصحاح 14:
(14 ثم نظرت وإذا سحابة بيضاء وعلى السحابة جالس شبه ابن إنسان له على رأسه اكليل من ذهب وفي يده منجل حاد).
وكون السحاب المنير أو من نور أو النير مرتبط بمجد الله وبالعوالم السماوية أمراً معروفاً في العهد القديم والجديد ولا إشكال فيه عند علماء المسيحيين، وهذا نص مقتبس من قاموس الكتاب المقدس جاء فيه:
(شرح كلمة سَحاب/ سحابة
... وقد قاد الله بني إسرائيل بعمود من السحاب وهم في طريق خروجهم من أرض مصر، وهو سحاب معجزي غير معتاد (خروج 13: 21 و 22). وعندما يجيء المساء كان الله يرسل النور فيه ليضيء لهم. وكان السحاب يستر مجد الله (خروج 16: 10) كما وقد ظللت سحابة المسيح والرسل الثلاثة على جبل التجلي (متى 17: 5). وعندما انتهت خدمة المسيح على الأرض صعد على سحابة (أعمال 1: 9) وسيأتي ثانية على سحاب المجد (متى 24: 30) ويكون ذلك لدينونة الأمم (رؤيا 14: 14)...
...... ... أولاً- السحاب في فلسطين:
لم ترد في الكتاب المقدس سوى إشارات قليلة إلى ارتباط السحب بالظواهر الجوية. ...
...... ...ثانياً- الاستعمالات المجازية للسحاب:
يكثر في الكتاب المقدس استخدام "السحاب" استخداماً رمزياً في صور مجازية رائعة، وبخاصة في سفر أيوب.
(1) ففي العهد القديم كان الرب "يهوه" يستعلن بمجده في السحاب، فيقول: "ها أنا آت إليك في ظلام السحاب" (خر19: 9، انظر أيضاً 24: 16، 34: 5). وقد ملأ مجده المكان في السحاب، حيث التفتوا "فإذا مجد الرب قد ظهر في السحاب" (خر16: 10، انظر أيضاً 40: 38، عد10: 34). ويقول النبي: "التحفت بالسحاب حتى لا تنفذ الصلاة" (مراثي3: 44) و"كان لما خرج الكهنة من القدس أن السحاب ملأ بيت الرب" (1مل8: 10).
ونقرأ في العهد الجديد، أن ابن الإنسان سيأتي على السحاب، فيقول: "ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير" (مت 24: 30، انظر أيضاً 26: 64، مرقس13: 26، 14: 62، لو 21: 27). وفوق جبل التجلي ظللت الرب ومعه موسى وإيليا "سحابة نيرة" (مت17: 5)، كما أن الرب يسوع المسيح عند صعوده أخذته سحابة عن أعين الرسل (أع1: 9). وسيأتي ثانية مع السحاب (رؤ1: 7). "ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس4: 17).
(2) عمود السحاب: كان عمود السحاب رمزاً لوجود الله وسط شعبه وقيادته لهم في رحلاتهم إلى أرض الموعد: "أنت برحمتك الكثيرة لم تتركهم في البرية، ولم يزل عنهم عمود السحاب نهاراً لهدايتهم في الطريق" (نح9: 19)...
...... (7) السحاب والرؤي: ارتبطت السحب بالعديد من الرؤي، فقد رأى حزقيال: "وإذا بريح عاصفة جاءت من الشمال، سحابة عظيمة" (حز1: 4). ويقول يوحنا الرائي: "ثم نظرت وإذا سحابة بيضاء ، وعلى السحابة جالس شبه ابن الإنسان"...) قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة سحاب.
إذاً، فمن السحابة كان يتجلى مجد الله أي علي ( ويكلم الرب موسى (، ولا بد أن ننتبه أنّ موسى ( لم يستطع أن يدخل في السحابة؛ لأنه كان بجسده من هذا العالم، أما الإنجيل فينقل دخول عيسى ( فيها بعد رفعه أي بعد أن صار من العالم الآخر، وإنجيل يهوذا يخبر أنّ يهوذا الشبيه دخل في السحابة وارتفع أي أنه ليس من هذا العالم.
- ثالثاً: النجم الذي يقود الطريق هو نجم يهوذا:
(انظر، لقد أُخبرت بكل شيء، ارفع عينيك وانظر إلى السحابة والنور بداخلها والنجوم المحيطة بها. النجم الذي يقود الطريق هو نجمك ورفع يهوذا عينيه ورأي السحابة المنيرة ودخل فيها) إنجيل يهوذا المشهد الثالث.
لا أعتقد أنه يخفى على أحد أنّ النجم يرمز للقيادة وأيضاً إلى الدليل والهادي إلى الطريق وأنه اقترن استعماله في النصوص سواء التوراة أو الإنجيل، بل وفي القرآن أيضاً وروايات أهل البيت / بخلفاء الله من الأنبياء والمرسلين /:
في القاموس للكتاب المقدس شرح كلمة نجم المشرق:
(... واعتقد معظم الناس أنه كان ظاهرة خارقة، فوق الطبيعة المألوفة، قصد الله منها إرشاد المجوس إلى مزود المسيح الطفل، تتمة لنبؤة بلعام التي كانوا يعرفونها (عد 24: 17). وقد أدى النجم مهمته وقاد المجوس من موطنهم إلى بلاد الفرس إلى القدس إلى بيت لحم. ...... هو النجم الذي ظهر للمجوس في المشرق، فجاءوا إلى أورشليم "قائلين: أين هو المولود ملك اليهود، فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له ؟ فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم: أين يولد المسيح ؟ فقالوا له: في بيت لحم اليهودية". "فدعا هيرودس المجوس سرّاً، وتحقق منهم زمان النجم الذي ظهر ثم أوصاهم أن يعودوا إليه ليخبروه بما يجدونه. وفي ذهابهم إلى بيت لحم "إذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق حيث كان الصبي. فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً" (مت 2: 1 - 10)....) قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة نجم الشرق.
(شرح كلمة نجم/ نجوم
...كما رمز إلى النجوم بالرؤساء وخدمة الدين والملائكة (دا 8: 10 رؤ 1: 16 و 20 واي 38: 7). المسيح سمي كوكب الصبح المنير (رؤ 22: 16) وكوكب يعقوب (عو 24: 17)...
...... ... وورد في الكتاب المقدس ذكر بعض النجوم بوجه خاص:
أولاً: نجوم رمزية: كوكب الصبح (2 بط 1: 19) أنه رمز لمجيء المسيح الثاني الذي يبدد الظلمة، ويستعمله كاتب سفر الرؤيا (رؤ 2: 28) بمعنى الزمن الذي ينير كالنجوم في عالم البشر المظلم. ثم أنه استعمله في رؤ 22: 16 رمزاً للمسيح الذي هو النور الهادي إلى الحياة الصالحة.
ثانياً: النجم الذي ظهر للمجوس (نجم المشرق)...) قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة نجم.
الآن في السماء النجم الذي يقود الطريق هو نجمة الجدي (انظر، لقد أُخبرت بكل شيء، ارفع عينيك وانظر إلى السحابة والنور بداخلها والنجوم المحيطة بها. النجم الذي يقود الطريق هو نجمك ورفع يهوذا عينيه ورأي السحابة المنيرة ودخل فيها) إنجيل يهوذا المشهد الثالث.
وقد بيّن في ما مضى الإمام أحمد الحسن ( هذا الارتباط، وبيّن أنّ النجوم المحيطة هي تشير إلى محمد وآل محمد /، وأنّ نجمة الجدي ترمز إليه بالتحديد أي الشبيه (المهدي الأول أحمد ().
وإليكم نص جوابه ( من كتاب المتشابهات الجزء الرابع رداً على سؤال حول معنى قوله تعالى في القرآن: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾.
قال (: (الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين.
النجوم هم: آل محمد /، قال رسول الله /: (إنّ أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء).
أما مواقع النجوم في السماء ففيها آية من آيات الله سبحانه وتعالى، فالنجوم السبعة الدالة على نجمة الجدي في السماء يمثلون آل محمد /، فالثلاثة الأولى تمثل: (محمداً وعلياً وفاطمة /)، أما الأربعة البقية فهي دالة بحسب ترتيبها؛ الاثنان الأقرب إلى الثلاثة هما (الحسن والحسين عليهما السلام)، والاثنان الأخريان أحدهما تدل على (الأئمة الثمانية)، والأخرى تدل على الإمام المهدي (، وهما الأقرب إلى نجمة الجدي.
وكل هذه النجوم هي دالة على الجدي في السماء. والجدي هو دليل القبلة، فبه يستدل الناس على القبلة في الليل المظلم، والقبلة هي جهة السجود إلى الله سبحانه وتعالى، فنجمة الجدي هي الدالة على الإمام المهدي (، أي المعرِّفة به، وهذا شأن النجوم في السماء.
ونجمة الجدي هي النجمة الوحيدة الثابتة في السماء، وهي لا تتحرك؛ لأنها واقعة على محور دوران الأرض.
قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ( فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ…﴾ [الواقعة : 76 – 81]، أي إنّ هذا القسم قسم بنجمة الجدي، وهو المهدي الأول الدال على الإمام المهدي، والنجوم الدالة عليها هم: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة والإمام المهدي /، وهم / النجوم الدالة على نجمة الجدي أو المهدي الأول، ذلك أنهم عرَّفُوا الناس به من خلال كلامهم والروايات التي وردت عنهم، وكذلك من خلال الرؤى التي يراها المؤمنون بهم /، وهم يشيرون إلى إتباع المهدي الأول؛ لأنه نجمة الجدي الدالة على القبلة، أي إنه الدليل إلى الإمام المهدي (، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾.
وفي آية أخرى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ( عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ﴾، أي هو المهدي الأول واليماني.
﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾: أي إنه القرآن الناطق؛ لأن أول المهديين ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾: لا يعرف شيئاً من حقيقته إلا المطهرون، وهم الثلاث مائة وثلاثة عشر أصحاب الإمام المهدي (.
﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ﴾: أي بهذا الحديث أنتم شاكون.
وقال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾.
﴿وَالْفَجْرِ﴾: هو الإمام المهدي (، ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾: هم الأئمة /، عبر عنهم الليالي لأنهم عاشوا في دولة الظالمين.
﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر﴾: الشفع علي وفاطمة عليهما السلام، والوتر هو رسول الله /، عبر عن علي وفاطمة عليهما السلام بالشفع؛ لأنهما نور واحد، وعبر عن رسول الله / بالوتر؛ لأنه لا نظير له في الخلق.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾: أي إذا انقضت دولة الظالمين والظلم والظلام المرافق لها، كأنها ليل يمضي ويذهب عند بزوغ فجر الإمام المهدي (.
﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾: قسم هو المهدي الأول، أي هل في ذلك دلالة وبيان كافٍ في معرفة المهدي الأول.
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ( وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ( وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ( الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ ( فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر: 6 – 14]، أي إنّ (روح المهدي الأول) هي من جند الله، وكانت مع علي بن أبي طالب ( عندما أنزل جند الله من الملائكة العذاب بعاد وثمود وفرعون، الذين طغوا في البلاد.
وملائكة الله وجنود الله يأتمرون بأمر المهدي الأول، كما أنه يأتمر بأمر الإمام المهدي (، حتى يصل الأمر إلى علي (، وهكذا علي ( يأتمر بأمر محمد /، ومحمد بأمر الله.
فالذي أنزل العذاب بالأمم المتمردة هو الله سبحانه وتعالى، وهو محمد /، وهو علي ( وهو الإمام المهدي ( ...، وهو المهدي الأول ...، وهم ملائكة الله الذين يأتمرون بأمر جند الله سبحانه وتعالى) المتشابهات - للإمام أحمد الحسن (: ج4.
[44] - ممكن أن يشكل معترض بأن إنجيل يهوذا مسمى باسم يهوذا الاسخريوطي الكامل، وسنبين من خلال معنى الاسخريوطي أنّ يهوذا الآخر أيضاً ممكن أن يطلق عليه اسم يهوذا الاسخريوطي.
- معنى الاسخريوطي: ("يهوذا الإسخريوطي Judas Iscariot" - ومعنى الاسم يهوذا "رجل من قريوت" وهو واحد من تلاميذ المسيح الاثني عشر، وهو الذي أسلم المسيح. وقد تم انتخاب متياس الرسول بديلاً له لاحقاً.
أولاً: قصة حياة يهوذا الإسخريوطي:
كان يهوذا - كما يدل لقبه - مواطناً من قريوت ولا نعلم على وجه اليقين أين تقع قريوت (يش 15: 25)، ولكن من المحتمل أنها كانت تقع في جنوبي اليهودية حيث توجد "خرابة القريتين") قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِي/ يهوذا سمعان الإسخريوطي.
أيضاً:
(مدينة في جنوب يهوذا (يش 15: 25) وظن بعضهم أن يهوذا الاسخريوطي كان منها فيكون اسمه من "ايش" العبرانية بمعنى رجل "وقريوتي" نسبة لقريوت) قاموس الكتاب المقدس ـ شرح كلمة - مدينة قَريوت جنوب يهوذا.
ومن قاموس سترونج:
(معني اسخريوطي
G2469
Ἰσκαριώτης
Iskariōtēs
is-kar-ee-o'-tace
Of Hebrew origin (probably [H377] and [H7149]); inhabitants of Kerioth; Iscariotes (that is, Keriothite), an epithet of Judas the traitor: - Iscariot.
فهي كلمة مستمدة من أصل عبري.
H377
אישׁ
'ı̂ysh
eesh
Denominative from H376; to be a man, that is, act in a manly way: - show (one) self a man.
H377
אישׁ
'ı̂ysh
BDB Definition:
1) (Hithpalel) to be a man, show masculinity, champion, great man
يكون رجل من صفة الرجولة والاحترام والبطولة والشجاعة).
فإذاً معنى الاسخريوطي هو الرجل الشجاع والبطل إذ حتى وإن سمي (بإنجيل يهوذا الاسخريوطي) وليس فقط بـ (إنجيل يهوذا) كما هو اسمه الحقيقي فلا يكون هناك إشكال في التسمية كون يهوذا الآخر أيضاً اسخريوطي بالمعنى الذي وضحناه من الترجمات، أي الرجل البطل والقوي والشجاع، ولا دخل للاسم بالخيانة وبالتالي فالاسم معناه لا إشكال فيه بل بالعكس هو وصف جيد ما دام ليس خاصاً بيهوذا الاسخريوطي الخائن.
[45] - جاء في قاموس الكتاب المقدس في شرح كلمة - يَهوذا ابن يعقوب:
(اسم عبري معناه "حمد" وهو رابع أبناء يعقوب من ليئة، وولد في ما بين النهرين (تك 29: 35). وأعطي هذا الاسم لسبب شكر أمه عند ولادته).
وقاموس سترونج أيضاً يصرح أنّ من معاني الكلمة أحمد وحمد:
Strong’s number G2455 Ἰούδας Judah or Judas = "he shall be praised" Of Hebrew origin יְהוּדָה (H3063)
Strong’s number H3063 יְהוּדָה : Judah = "praised" 1) - throw, shoot, cast a) (Qal) to shoot (arrows) b) (Piel) to cast, cast down, throw down c) (Hiphil) - give thanks, laud, praise- tconfess, confess (the name of God) d) (Hithpael) - confess (sin) 2) - give thanks
Root Word (Etymology) : From יָדָה (H3034)
Strong's Number H03034 יָדָה : Definition :- to throw, shoot, cast -(Qal) to shoot (arrows) - (Piel) to cast, cast down, throw down - (Hiphil) - to give thanks, laud, praise - to confess, confess (the name of God) - (Hithpael) - to confess (sin) - to give thanks
[46] - للتفصيل راجع كتاب وصي ورسول الإمام المهدي ( في التوراة والإنجيل والقرآن للإمام أحمد الحسن (، وأيضاً رسالة الهداية، وباقي كتب أدلة الدعوة اليمانية المباركة.
[47] - الإشارة هنا إلى سؤال سابق في الجواب المنير للإمام أحمد الحسن (، وكان بخصوص فقرة وردت في زيارة من كتاب المزار لمحمد بن المشهدي: ص660. وهذا نص السؤال والجواب منه (:
( السؤال/ 218: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة في لجنة الإجابة، أريد جواب السيد أحمد الحسن ( على السؤال التالي وإن كان قد أجابه أو أشار إليه سابقاً في إصداراتكم أرجو التدليل عليه و.. وشكراً.
السؤال: ورد في زيارة أم القائم (عليها السلام): (السلام عليك أيتها المنعوتة في الإنجيل)، أين ورد هذا النعت في الإنجيل؟ والصلاة والسلام على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً .. وجزاكم الله خير الجزاء.
المرسل: أحمد - العراق
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
هذا هو وصف أم القائم (عليها السلام):
«رؤيا يوحنا اللاهوتي: الأصحاح الثاني عشر: (1) وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً (2) وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد (3) وظهرت آية أخرى في السماء. هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان (4) وذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها إلى الأرض. والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت (5) فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد. واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه (6) والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من الله لكي يعولوها هناك ألفا ومئتين وستين يوماً (7) وحدثت حرب في السماء. ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وحارب التنين وملائكته (8) ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء (9) فطرح التنين العظيم الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان الذي يضل العالم كله طرح إلى الأرض وطرحت معه ملائكته (10) وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً في السماء الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه لأنه قد طرح المشتكي على إخوتنا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً (11) وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت (12) من أجل هذا افرحي أيتها السموات والساكنون فيها. ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالما أن له زمانا قليلاً (13) ولما رأى التنين أنه طرح إلى الأرض اضطهد المرأة التي ولدت الابن الذكر (14) فأعطيت المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير إلى البرية إلى موضعها حيث تعال زمانا وزمانين ونصف زمان من وجه الحية (15) فألقت الحية من فمها وراء المرأة ماء كنهر لتجعلها تحمل بالنهر (16) فأعانت الأرض المرأة وفتحت الأرض فمها وابتلعت النهر الذي ألقاه التنين من فمه (17) فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم .......... ». أحمد الحسن) انتهى السؤال والجواب من كتاب الجواب المنير للإمام أحمد الحسن (.
[48] - لابد من الانتباه إلى أمور:
أولاً: تفسير الغصن بعيسى ( غير مستند إلى دليل بما أنّ النص لم يفسره عيسى ( في نفسه ولا ادعى أنه نبوءة تخصه، وبالتالي فهو تفسير علماء غير معصومين لنبوة المفروض أنها رمز محفوظ لصاحب الرمز ولما يأتي المرموز إليه هو يحتج به.
ثانياً: النص فيه ثلاث رموز وهي: "قضيب" و"جذع يسى" و "غصن من أصوله":
(1 ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله).
وكل واحد من هذه الثلاثة رموز مرتبط بالاثنين ولا يمكن الفصل بينها ولا جعلها رموزاً لنفس الشخصية، بل هناك ثلاث شخصيات وأيضاً نحن نعلم يقينا أنّ هناك فرق بين أصل الشجرة وجذعها والأغصان، فمن يقول إن الغصن هو نفسه القضيب من الجذع فهو قطعاً يجعل النص بلا حكمة ويحرف المعنى المقصود إذ يلغي الخصوصية بدون دليل مضافاً إلى أن ذكر "الغصن" وأنه "ينبت" جاء بعد ذكر "القضيب" ووصفه أنه "يخرج": (ويخرج قضيب...... وينبت غصن) !!
قال الإمام أحمد الحسن (:
(... أما يسّى، وهو في التوراة معروف أنه والد نبي الله داود (.
وأم الإمام المهدي (عليها السلام) من ذرية داود (.
وقصتها باختصار شديد: (إنها أميرة جدها قيصر الروم، رأت في المنام نبي الله عيسى ( ووصيه شمعون الصفا والرسول محمداً، وخطبها الرسول محمد / من عيسى ( لولده الإمام الحسن العسكري (، فقال عيسى( لشمعون الصفا أو سمعان بطرس: قد جاءك شرف عظيم؛ لأنها من ذرية شمعون الصفا (سمعان بطرس) وصي عيسى (، ورأت بعد ذلك رؤيات كثيرة، وعرّضت نفسها للسبي، وحصلت لها معجزات كثيرة حتى وصلت إلى دار الإمام علي الهادي (، فزوجها من ابنه الإمام الحسن العسكري (، وولدت له الإمام محمد بن الحسن المهدي (.
فالإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري ( من ذرية إسرائيل (يعقوب () من جهة الأم، ومن ذرية محمد / من جهة الأب، فيصدق عليه أنه قضيب من جذع يسّى.
كما يصدق على المهدي الأول من المهديين الاثني عشر أنه غصن يخرج من ذاك القضيب من جذع يسّى؛ لأنه من ذرية الإمام المهدي () الإمام أحمد الحسن ( ـ كتاب وصى ورسول الإمام المهدي ( في التوراة والإنجيل والقرآن.
أما التفسير الذي يقدمه المسيحيون عادة لهذا النص فغير صحيح وسأكتفي بمثالين:
- تفسير القس انطونيوس فكري:
(..... آيات (1-5) ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله .......
......كعادة إشعياء نجده بعد أن تكلم عن التهديدات ضد شعبه نجد أنه في (10: 33، 34) انتقل إلي خراب أشور ويوضح هنا أن هذا رمزاً لعمل الله الخلاصى وظهور ربنا يسوع المسيح. نجده ينهي الإصحاح العاشر بقطع أغصان الأشرار ويبدأ هنا في (ص) (11) بخروج قضيب من جذع يسي أي أبن لداود. وهذه الآيات واضح أنها علي السيد المسيح ولكن اليهود يطبقونها علي حزقيا مع أنه ولد قبل نطق إشعياء بها.
من جذع يسي = نسبة السيد المسيح هنا إلي يسي وليس لداود الملك تشير لإتضاعه. والسيد المسيح بإتضاعه سحق تشامخ الأعداء وكبريائهم الذي صوره في (10:33) بغصون مرتفعة .......
قضيب من جذع يسي = قضيب أي فرع. فعائلة داود والتي قطعت بموت صدقيا أيام سبي بابل مشبهة بشجرة قطعت أغصانها ولكن بعد فترة طويلة يخرج من هذه الشجرة غصن أخضر، هو المسيح ابن داود. وصدقيا كان اخر ملك من نسل داود، حتى ظهر المسيح أبن داود...) القس أنطونيوس فكري - تفسير سفر أشعياء - الأصحاح 11.
- يقول القمص تدرس يعقوب ملطي:
(......1. ظهور ابن يسى:
في الأصحاح التاسع تحدث عن المخلص بكونه المولود العجيب: "لأنه يولد لنا ولد... ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً" (إش 9: 6)، أما هنا فيؤكد ناسوته بكونه الملك ابن يسى: "ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله" [1]. لم يقل ابن داود مع أنه شرعاً هو ابن داود، لكنه أراد تقديمه بصورة متواضعة جداً، كقضيب وغصن من يسى الذي عاش ومات قليل الشأن. والعجيب أن نسل داود الملك ضعف جدًا حتى جاء يوسف والقديسة مريم فقراء للغاية.
بينما يتحدث الوحي في الأصحاح السابق عن آشور - يمثل عدو الكنيسة - كأغصان مرتفعة وقوية (إش 10: 33) يظهر المسيا كقضيب أو غصن متواضع. أراد أن يسحق الكبرياء محطم البشرية باتضاعه. وكما تقول عنه الكنيسة في جمعة الصلبوت: "أظهر بالضعف (الصليب) ما هو أعظم من القوة".....) القمص تادرس يعقوب - اشعياء 11 - تفسير سفر أشعياء - المسيا والعصر المسياني.
يعني تفسريهم يتجاهل مسألة القضيب والغصن الذي ينبت من أصول ذلك الجذع، وعلى أي حال فلو تنزلنا وقبلنا بقولهم في هذا المقام فلا أقل أنه لا يوجد مانع أو شيء يحصر تحقق نص في أزمان مخلتفة ومصاديق مختلفة وقد تبين أنّ المهدي الأول المعزي مصداق واضح وجلي لهذا الوصف، بل وسيأتي ما يحصر النص فيه دون عيسى ( مضافاً إلى أنّ عيسى ( لم يحتج بهذا النص ولا ادعاه في نفسه.
[49] - (2 ويحل عليه ........ روح المعرفة ومخافة الرب 3 ولذته تكون في مخافة الرب.....) اشعياء 11.
[50] - لنقف مع ما تقوله التفاسير المعتمدة في هذا الأمر.
يقول القس انطونيوس فكري:
(لذته تكون في مخافة الرب = الناس لذتهم في إشباع شهواتهم أما هو فقال عن نفسه من منكم يبكتني علي خطية. هي ليست مخافة الرعب ولكن مخافة من لا يريد أن يجرح مشاعر أبيه، وهذا ما يعطيه لنا الروح القدس).
وللنقل أيضاً كلام للقمص تدرس يعقوب ملطي يصرح بلجوئه إلى الاقانيم بصورة أوضح:
- القمص تدرس يعقوب ملطي فيقول:
(2. المخلص وروح الرب: "ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب" [2]. إذ جاء السيد المسيح ممثلاً للبشرية حلّ عليه الروح القدس الذي ليس بغريب عنه، لأنه روحه. حلول الروح القدس على المسيح يختلف عن حلوله علينا؛ بالنسبة له حلول أقنومي، واحد معه في ذات الجوهر مع الآب، حلول بلا حدود. ..........
كلمة الله هو الحكمة عينها والفهم والقوة ... فحلول الروح القدس ليس حلولاً زمنيًا بل هو اتحاد أزلي بين الأقانيم الثلاثة.
بالتجسد الإلهي قَبِل ربنا يسوع ظهور الروح القدس حاّلا عليه لكي يهبنا نحن فيه، كأعضاء جسده، عطية الروح القدس واهب الحكمة والفهم والمشورة والقوة والمعرفة ومخافة الرب........
............ ...... يقول "لذته His breath تكون في مخافة الرب" [3]. حاسة الشم هي أسرع حاسة في حياة الإنسان، يلزم أن تمتص مع بقية الحواس بالمخافة الإلهية. هنا يجب أن نميز بين ثلاثة أنواع من الخوف: خوف العبيد، خوف الأجراء، وخوف البنين. فالعبيد يخافون سادتهم لئلا يقتلوهم، والأجراء يخافون العاملين لديهم لئلا يحرموهم الأجر أو المكافأة، أما الأبناء فيخافون لئلا تجرح مشاعر آبائهم. هذا الخوف السامي الذي يهبه روح الرب لنا حتى نهاب الله ليس خشية العقوبة ولا الحرمان من المكافأة وإنما لأننا أبناء لا نريد أن نجرح مشاعر محبته).
- أقول: أولاً: لو قلنا إن المخافة هي مراعاة عدم جرح مشاعر الرب فهذا - مضافاً إلى أنه يستلزم الجهل بإرادة الله أي نقضاً للألوهية المطلقة التي يدعيها المسيحيون في عيسى ( - يعني وجود احتمال وإمكان صدور ما يخالف إرادة الله من هذا الشخص وإلا فلا معنى لجرح المشاعر إن لم يكن تمايز وتعارض واختلاف! وإرادة الله حق ومخالفتها باطل ونقص وظلمة
ثانياً: اللاهوت المطلق سبحانه وتعالى ليس له مشاعر كمشاعر الخلق إنما جعل أشياء سبباً لاستحقاق رضاه ورحمته، وأخرى سبباً لغضبه وسخطه، والمخافة تكون من أولياء الله في مخالفة إرادته المرضية سبحانه وتعالى وهذا هو المقصود.
ثالثاً: من لا يريد جرح مشاعر شخص لا يصدق عليه أنه يخافه، بل هو عادة يكون إما مساوي لذلك الشخص أو فوقه ويقال إنه يخاف عليه أو يخاف على مشاعره، وهذا كله بعيد عن معنى كلمة "روح مخافة الرب"، وأيضاً عن معنى "لذته في مخافة الرب"، فالنص لا يقبل هذا التأويل البعيد عن الصواب ولا يبقى إلا مسألة المساواة والتفوق ولا أحد يقول بأفضلية الابن فلم يبقى إلا المساواة وهو ما بين بطلانه الإمام أحمد الحسن ( في كتاب التوحيد والذي نقلنا بعضاً منه في الملحق (2).
[51] - انظر الملحق (2).
[52] - معلوم أنّ عيسى ( لم يتمكن من الحكم ومع ذلك نجد علماء الكنيسة يحاولون أن يعطوا تأويلات بعيدة عن العقل وتأباها النصوص.
يقول القمص تدرس يعقوب ملطي مثلاً:
(......"لا يقضي بحسب نظر عينيه، إنما حسب الأعمال الداخلية بكونه فاحص القلوب والعارف بالأفكار والنيات. يأخذ السيد المسيح موقفًا مضادًا لما حدث في أيام إشعياء إذ كان القضاة يحكمون حسب الوجوه. هذه الضربة "المحاباة" كثيراً ما تُصيب الملتزمين بمسئوليات قيادية، وقد وقف الرب حازمًا ضد هذا الوباء، فكان يوبخ القيادات الدينية التي أُصيبت بالمحاباة والرياء مثل الفريسيين والصدوقيين والكتبة، بينما كان يدعو الأطفال إليه بلطف ويترفق بالخطاة والعشارين.
ج. رفض الوشايات البشرية: "لا يحكم بحسب سمع أذنيه".
د. اهتمامه بالمساكين والبائسين والمظلومين......).
أقول: إنّ النص واضح في أن الشخص الموصوف سيحكم ويقضي بين الناس والحكم والقضاء هو إنفاذ التشريع وليس فقط توبيخ القضاة والحكام فهذا لا يسمى قضاءً ولا حكماً إنما يكون تبكيتاً ونصحاً وأمراً بالمعروف، ولكن أبداً لا يمكن أن يطلق عليه قضاءً أو حكماً.
أما قول القمص أنه لا يفعل كما كان يفعل القضاة في زمن اشعياء ففيه أن القضاة منهم غير المنصبين من الله ومنهم المنصبون منه سبحانه كالذين كانوا بين موسى ( إلى زمن الملوك مثل صموئيل (، وبعد ذلك داوود ( وسليمان ( وغيرهم، فكان المحقون منهم يوبخون ويعظون أيضاً إضافة إلى قضاءهم وحكمهم، ومنهم من كانت له السلطة لينفذ الحكم ومنهم من كان يقضي للمؤمنين دون أن تكون له السلطة أن ينفذ الحكم، أما عيسى ( فلم ينقل عنه أمر كهذا بل هو ( نظراً لصعوبة الظروف المحيطة به وبرسالته لم يتسنى له أن يحكم.
أما "رفض الوشايات البشرية" فهو منهج والكلام في الحكم وليس في طريقته، وبالتالي فهذا لا ينفع القس ولا من يقول بمثل تأويله، فعيسى ( لم يحكم ولم يقضِ بين الناس ولا يمكن أن يكون مصداقاً للنص !!
[53] - هنا يبين الإمام ( أولاً أمر مهم، وهو أنّ العدل والإنصاف للمساكين سببه امتلاء الأرض بمعرفة الرب كما توضحه لام التعليل الداخلة على (أن الأرض تمتلئ من معرفة الرب) في النص أي أن المقصود من هذه الأوصاف هو شخص ينشر العلم والحكمة أثناء رسالته، وعيسى ( لم يتسنى له ذلك في زمانه والنص مقيد بـ (في ذلك اليوم) والمسيحيون يقرون هذا الأمر ويقولون إن تحققه إنما هو في الكنيسة وفي المستقبل.
يقول القس أنطونيوس فكري:
(الأرض تمتلئ من معرفة الرب = ليست المعرفة الفلسفية بل معرفة روحية إختبارية. كما تعطي المياه البحر = نبوة عن إمتداد الكرازة وعمل الروح القدس.
فيسكن ..... = حرف الفاء يعني ارتباط ما هو ات بما جاء قبله. والآيات (1 – 5) السابقة تتكلم عن ميلاد المسيح وعمله الخلاصي، بل وعمل الروح القدس مع الكنيسة، والذي حل علي المسيح لحساب الكنيسة. ولذلك حل علي الكنيسة بعد ذلك. وبالتالي فلا معني لما يقوله الالفيون الذين يؤمنون بأن المسيح سيأتي ثانية علي الارض ليحكم فترة 1000 سنة وفيها سيقيد الشيطان ويسود العالم السلام فيسكن الذئب مع الخروف ..... الخ. فهذه التشبيهات رمزية وهي تشير للسلام الذي يسود قلوب المؤمنين والذي اتي به المسيح ملك السلام. وهذا السلام ليس كما يعطي العالم (يو 14: 27).
آية (10) يكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون محله مجدا.
راية للشعوب = أقتبس بولس الرسول هذه الآية عندما تحدث عن تمجيد الأمم لله من أجل رحمته عليهم.
(رو 12،6:15) ولقد صار السيد نفسه راية حينما علق على الصليب باسطاً يديه ليضم العالم كله في أحضانه. وستجتمع حوله كل الشعوب ويكون في وسطهم. ....
...آية (11) ويكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه التي بقيت من أشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عيلام ومن شنعار ومن حماة ومن جزائر البحر.
ويكون في ذلك اليوم = أي العصر الإنجيلي. .... (وهذا حدث يوم العنصرة ثم من خلال كرازة الرسل ثم عبر الكنيسة، ثم سيحدث أيضاً بإيمان اليهود في نهاية الأيام. وفتروس هي مصر العليا وكوش هي الحبشة وعيلام هي الفرس أو إيران وشنعار هي بابل (كل ذلك رمز للأمم التي ستدخل للمسيحية).
آية (12) ويرفع رآية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض.
الكنيسة ستضم الجميع الأمم مع اليهود الذين في الشتات) القس انطونيوس فكري - تفسير العهد القديم - اشعياء 11.
إذاً عدم تحقق النص في زمن عيسى ( مفروغ منه !!
وسواء من المسيحيين من يقولون بتحققه في المجيء الثاني أو الذين يقولون بتحققه من خلال الكنيسة في المستقبل يعترفون أنّ النبوءة لم تتم في عيسى ( مع أنّ النص يصف أموراً ويحددها بـ "ذلك اليوم" أي في زمن بعثة ذلك الشخص، فتكون بذلك كل التفاسير غير صحيحة.
وما يهمنا في المقام هو القدر المتيقن وهو المشترك بين الأقوال أي أن تلك الصفات المذكورة تبقى نبوءات ونصوص لزمن متأخر عن رسالة عيسى ( بل وبعد رفعه بزمن طويل.
[54] - وقد تحقق هذا الأمر على أرض الواقع، فالمؤمنون بالإمام أحمد الحسن ( يتوزعون على كل أطراف الأرض من استراليا وآسيا والعراق والجزيرة العربية ومصر وإيران وأمريكا وكندا واروبا والصين والميكسيك والمغرب العربي ووو... ومنهم من كان سنياً أو شيعياً، ومنهم من كان مسيحياً، ومنهم من كان يهودياً، فالحمد لله رب العالمين.
ومشتتي يهوذا (أحمد) هم أنصار الإمام المهدي ( كما في رؤيا يوحنا: (ثم نظرت وإذا خروف واقف على جبل صهيون ومعه مائة وأربعة وأربعون ألفاً لهم اسم أبيه مكتوبا على جباههم ...) رؤيا يوحنا - الأصحاح 14.
والمهدي الأول اليماني أحمد هو الذي يجمع أنصار أبيه الإمام المهدي (. (راجع رسالة الهداية للإمام أحمد الحسن ().
[55] - روى العلامة المجلسي نقلاً عن تفسير العياشي:
- عن هارون بن محمد الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله ( عن قول الله: ("يا بني إسرائيل" قال: هم نحن خاصة).
- عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (، قال: سألته عن قوله: (يا بني إسرائيل) قال: (هي خاصة بآل محمد).
- عن أبي داود، عمن سمع رسول الله / يقول: (أنا عبد الله اسمي أحمد، وأنا عبد الله اسمي إسرائيل، فما أمره فقد أمرني، وما عناه فقد عناني) تفسير العياشي - محمد بن مسعود العياشي - ج 1 - ص 44.
[56] - الروايات كثيرة جداً بهذا الخصوص، وهذا طرف منها على سبيل المثال لا الاستقصاء:
- روى الشيخ الكليني: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد، عن أبي جعفر ( في قول الله عز وجل: ("فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا"، قال: الخيرات الولاية، وقوله تبارك وتعالى: "أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً" يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، قال: وهم والله الأمة المعدودة، قال: يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف) الكافي - الشيخ الكليني: ج8 ص313.
- روى السيد ابن طاووس: (قال: حدثنا علي بن الحسن الذهلي، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي بن أبي طالب ، قال : ينقص الإسلام حتى لا يقال: لا إله إلا الله، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فإذا فعل ذلك بعث الله قوماً يجتمعون كما تجتمع قزع الخريف، والله إني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم) الملاحم والفتن - السيد ابن طاووس: ص340.
- العلامة المجلسي: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (، يقول: (... ويخرج المهدي منها على سنّة موسى خائفاً يترقب حتى يقدم مكة، ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء وهو جيش الهملات خسف بهم، فلا يفلت منهم إلا مخبر، فيقوم القائم بين الركن والمقام فيصلي وينصرف، ومعه وزيره. فيقول: يا أيها الناس، إنا نستنصر الله على من ظلمنا وسلب حقنا، من يحاجنا في الله فأنا أولى بالله، ومن يحاجنا في آدم فأنا أولى الناس بآدم .... ويجئ والله ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضاً، وهي الآية التي قال الله: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فيقول رجل من آل محمد / وهي القرية الظالمة أهلها.
ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله / ورايته وسلاحه، ووزيره معه، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كلهم اسمه اسم نبي. ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله / ورايته وسلاحه، والنفس الزكية من ولد الحسين، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره، وإياك وشذاذ من آل محمد / فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات، فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه، فإنّ عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ثم صار عند محمد بن علي، ويفعل الله ما يشاء. فألزم هؤلاء أبداً، وإياك ومن ذكرت لك...) بحار الأنوار: ج52 ص222، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري: ج2 ص101.
- جاء في معجم أحاديث الإمام المهدي ( لعلي الكوراني: (642 إذا قام قائم أهل محمد، جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب، فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة، وأما الابدال فمن أهل الشام) معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ علي الكوراني العاملي: ج3 ص101.
- وفي تفسير الميزان للطباطبائي: (في قوله: (لئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) قال: العذاب خروج القائم ( والأمة المعدودة أهل بدر وأصحابه. أقول: وروى هذا المعنى الكليني في الكافي والقمي والعياشي في تفسيريهما عن علي والباقر والصادق عليهم السلام. وفي المجمع قيل: إن الأمة المعدودة هم أصحاب المهدي ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كعدة أهل بدر يجتمعون ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف قال: وهو المروى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام) تفسير الميزان - السيد الطباطبائي: ج10 ص181.
[57] - معروف أن الكنيسة لم توجد قبل يوم الخمسين وهو عيد ميلادها عند المسيحيين اليوم.
جاء في مذكرات في تاريخ الكنيسة المسيحية للقمص ميخائيل جريس ميخائيل: (... 7- أيام الانتظار ومولد الكنيسة ... بعد أن أرتفع السيد المسيح عن تلاميذه عند جبل الزيتون، وصعد إلى السماء، ورجعوا إلى أورشليم ....
...... ... في اليوم الخمسين لقيامة السيد المسيح، وفي الساعة الثالثة بالتوقيت العبري (التاسعة صباحاً بتوقيتنا) أثناء احتفالات اليهود في أورشليم بأحد أعيادهم الكبرى - وهو عيد الخمسين - .... لقد أختار الرب هذه المناسبة عند اليهود موعداً لمولد كنيسته، حيث تتم رموز وإشارات...
....... العيد التأسيسي للكنيسة:
لا شك أن الله الذي يتمم كل أموره بحكمة، أختار مناسبة هذا العيد اليهودي ليجعل منه عيداً لمولد الكنيسة... كانت فرصة هذا العيد اليهودي أكثر ملاءمة لتأسيس الكنيسة المسيحية من عدة وجود، بالنظر للمدلولات اليهودية للعيد ...) جاء في مذكرات في تاريخ الكنيسة المسيحية للقمص ميخائيل جريس ميخائيل.
إذاّ كما بينه الإمام أحمد الحسن ( تفسير المرأة بالكنيسة واضح البطلان، بل حتى القول بأن الكنيسة وجدت يوم ولد عيسى ( أو كما هم يصفونها بأنها هي عيسى ( وهو الكنيسة وهو رأسها على حد تعبيرهم، كما في قاموس المصطلحات الكنسية في شرح "كنيسة - بيع:
(... تاريخ تأسيس الكنيسة: ومن الجدير بالذكر أن تأسيس الكنيسة ليس كما يظن البعض أنه يوم البندقسطي (يوم الخمسين، يوم حلول الروح القدس)، ولكن مادامت الكنيسة هي جسم المسيح، والمسيح هو الرأس؛ إذن بدأت الكنيسة المسيحية بميلاد السيد المسيح؛ بميلاد الرأس...) طقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - قاموس المصطلحات الكنسية.
فهذا القول أيضاً لا ينفعهم؛ لأن المرأة إن فسروها بالكنيسة فتكون ولدت مع ولادة عيسى ( وليست هي من ولدته !!!!
ولذلك تجد بعضهم يحاول جاهداً أن يخلط بين العهد القديم والجديد كي يصحح القول إن عيسى ( ولد من "كنيسة العهد القديم"، ثم إنّ هذه "الكنيسة" أصبحت هي "كنيسة العهد الجديد"، ومع أن هذا الأمر باطل ويكفي في بطلانه أنه لا يوجد شيء اسمه كنيسة العهد القديم وكنيسة العهد الجديد ولكن اضطررنا أن نرد على هذا القول والتأويل البعيد كي لا يبقى مجال للشبهة.
- يقول القس أنطونيوس فكري:
(... والإمرأة هي الكنيسة. وهناك من قال أنها العذراء ....... وهي حبلى = الكنيسة أم ولود، ولكن ولادتها لأبنائها تكون بصعوبة = تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد = هكذا قال بولس الرسول "يا أولادي الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غل19:4). وبالنسبة لكنيسة العهد القديم فقد كانت تصرخ لتلد المسيح قائلة ليتك تشق السموات وتنزل (أش1:64) والمسيح أتى فعلا منهم وبالذات من سبط يهوذا. واليهود كانوا فعلا متلهفين لمجيء هذا المخلص الذي وُعِدوا به زمنا طويلا، بل حتى السامريين كانوا ينتظرونه كما قالت السامرية للسيد "أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي" (يو25:1).... فولدت ابناً ذكراً = هو المسيح وهو ذكر لأنه عريس الكنيسة) شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس أنطونيوس فكري الرؤيا 12 - تفسير سفر الرؤيا.
وهذا مثال آخر لهذا الطرح المتناقض للقمص تدرس ينقل فيه تفسير العلماء القدامى فيقول:
(من هي هذه المرأة التي لها هذا الوصف ؟ والتي ولدت الابن ؟ والتي قاومها إبليس وقد هربت منه ؟ والتي لا يزال يقاومها ويقاوم نسلها إلى أن يُطرح في البحيرة المتقدة بالنار ؟
أقرَّ آباء الكنيسة الأولى أن هذه المرأة التي ولدت لنا الرب يسوع هي الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين منذ عهد الآباء، أي منذ آدم إلى نهاية الدهور.
- يقول الأسقف فيكتورينوس: [إنها كنيسة الآباء والأنبياء والقديسين والرسل التي كانت تتسم بالتنهدات والآلام حتى رؤية السيد المسيح، ثمرة شعبها بالجسد الذي وعدوا به زمنًا طويلاً، آخذًا الجسد من نفس الشعب. والتحافها بالشمس يشير إلى رجاء القيامة في ظلمتهم.
والقمر (تحت رجليها) يشير إلى سقوط أجساد القديسين تحت إلزاميّة الموت غير المنتهي... وهم منيرون كالقمر في ظلمتهم.
والأكاليل من الإثنى عشر كوكباً هو جوقة الآباء الذين منهم أخذ السيد المسيح جسداً].
...... بدأت الكنيسة بآدم ودخل في عضويتها الآباء مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب وأخنوخ ... وفي وقت الناموس انضم إلى عضويتها الشعب اليهودي ومعه بعض الأممين الداخلين الإيمان. في هذه الفترة جاء ربنا يسوع متجسداً من الكنيسة، كنيسة العهد القديم، من اليهود، لكن خرج اليهود كيهودٍ من العضوية في الكنيسة، ... وبهذا فإن الحديث عن المرأة يخص الكنيسة الواحدة التي فوق حدود الزمن والجنس. فالحديث في هذا الأصحاح يخص الكنيسة منذ نشأتها إلى نهاية الأجيال.
وحينما نقول "الكنيسة" لا نستطيع أن نفصلها عن العذراء مريم التي ارتبطنا بها في شخص السيد المسيح كأم جميع الأحياء. فهي أيضاً كما يقول الآباء الأولون هي المرأة الملتحفة بالشمس والقمر تحت رجليها، إذ سكنها ربنا يسوع شمس البرّ، ونالت مجداً سماوياً ... التي ولدت الابن البكر.
وبنفس الروح وبغير أي تعريج نقول إن ما رآه الرسول في هذا الإصحاح يخص كنيسة العهد الجديد، لأنها غير منفصلة عن كنيسة العهد القديم، ولا مستقلة عنها، بل ينسب لها آباء العهد القديم والأنبياء والناموس والمواعيد. فإذ جاء ربنا يسوع متجسداً من العذراء مريم أو من اليهود، إلا أنه يمكننا أن نقول أنه جاء متجسدًا من الكنيسة التي تعتز بعضوية العذراء مريم، والتي امتدت إلى الوراء حتى حملت في عضويتها جميع الذين جاء الرب منهم متجسداً.
ويقول الأب هيبوليتس: [واضح جداً أنه قصد بالمرأة المتسربلة بالشمس الكنيسة التي أمدها بكلمة الآب إذ بهاؤها يفوق الشمس.
ويشير بقوله "القمر تحت رجليها" إلى كونها قد تجلت بمجد سماوي يفوق القمر. كما تشير العبارة "وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً" إلى الإثنى عشر رسولاً الذين أقاموا الكنيسة....) القمص تدرس يعقوب ملطي - تفسير سفر الرؤيا - الأصحاح 12.
والخلل في تفسير المرأة بالكنيسة (أي العهد الجديد) تبين بطلانه وتفسيرها بمريم (عليها السلام) أيضاً باطل كما سيأتي في الفقرة التالية من كلام الإمام أحمد الحسن ( !
ويبقى القول الثالث أي المرأة التي ولدت عيسى ( هي جماعة المؤمنين من العهد القديم، ثم هي نفسها (أي المرأة) جماعة المؤمنين في العهد الجديد وهذا أيضاً باطل:
فلو قلنا إن المرأة ترمز إلى الكنيسة في العهد القديم بالمعنى الذي يدعون أي "جماعة المؤمنين" وقلنا إن عيسى ( ولد منها، فيكون الإشكال هنا - إضافة إلى الحاجة إلى تحديد الشخصيات الـ15 أخرى - أن جماعة المؤمنين بعد عيسى ( لا يصح أن يقال عنها أنها ولدت عيسى (، وتطبيق الرؤيا على الزمن بعد عيسى ( يحتاج إلى مصاديق جديدة.
فنحن نقول بإمكان تعدد الأزمنة والتي تتحقق فيها الرؤيا ولكن باختلاف الأزمنة تختلف المصاديق أيضاً، وبالتالي على هذا القول سيحتاجون بالإضافة إلى 15 شخصية لتفسير الرؤيا قبل ولادة عيسى ( و16 شخصية بعد عيسى ( أي بعد أن أصبحت "جماعة المؤمنين" في العهد الجديد هي المصداق للمرأة، فمن هو المولود الذكر ومن هو باقي نسلها من خلفاء الله /، ومن هي الشمس والقمر والـ 12 كوكباً ؟؟؟؟
[58] - إن قالوا إنّ المرأة هنا هي مريم (عليها السلام) فيبقى تحديد الشمس والقمر والاثنا عشر كوكباً (امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها اكليل من اثني عشر كوكباً) أي 14 شخصية أخرى، ثم تبقى شخصية أخرى ناقصة على الأقل؛ لأن المرأة ولدت ولداً ذكراً (فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد)، وعندها نسل غير هذا الولد أيضاً خليفة الله (12: 13 ولما رأى التنين انه طرح إلى الأرض اضطهد المرأة التي ولدت الابن الذكر ..... 12: 17 فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح).
فإذا قالوا إنّ الولد هو عيسى ( فمن هو "باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله" والذين يكون هَمُّ قوى الشر فيهم خاصة ؟؟؟!!!
ولما نراجع التفسير نجد العلماء المسيحيين في إحراج كبير، فهم بين من يحاول تجاهل خصوصية النص ومن يتجاهل النص تماماً:
يقول القس انطونيوس فكري: (آية 17 "فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح" التنين يغضب ممن يحفظ وصايا الله. ولكن بحفظنا وصايا الله نثبت في المسيح، وحينما يثير التنين حربا علينا يغلبه المسيح الذي نحن ثابتون فيه).
أي أنه يتجاهل خصوصية لفظ "باقي نسلها" في حال كان تفسير المرأة بمريم (عليها السلام) !!!!
وأما القمص تدرس يعقوب ملطي فيكتفي بالسكوت عن الأمر تماماً: ("فأعانت الأرض المرأة، وفتحت الأرض فمها، وابتلعت النهر الذي ألقاه التنين من فمه. فغضب التنين على المرأة، وذهب ليصنع حربًا مع باقي نسلها، الذين يحفظون وصايا الله، وعندهم شهادة يسوع المسيح" [16 - 17]. ولعل الإعانة تكون بإثارة الحرب بين بعض الممالك مما يفسد قوة ضد المسيح ويهز كيانه "راجع تفسير رؤ 9") انتهى.
[59] - النص المقصود هو:
(5:12 فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد، واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه) سفر الرؤيا - الأصحاح 12.
[60] - الإمام ( يشير هنا إلى هذا النص:
(12: 17 فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح) سفر الرؤيا - الأصحاح 12.
[61] - هذه بعض النصوص من نفس سفر رؤيا يوحنا تظهر بشكل واضح أن الرؤيا تتكلم عن المستقبل وعن نبوءات قادمة:
في سفر الرؤيا الأصحاح 1: (1: 3 طوبى للذي يقرا وللذين يسمعون أقوال النبوة و يحفظون ما هو مكتوب فيها لان الوقت قريب...... 1: 11 قائلاً أنا هو الإلف والياء الأول والآخر والذي تراه اكتب في كتاب وأرسل إلى السبع الكنائس التي في آسيا إلى افسس وإلى سميرنا وإلى برغامس وإلى ثياتيرا وإلى ساردس وإلى فيلادلفيا وإلى لاودكية ...... 1: 19 فاكتب ما رأيت وما هو كائن وما هو عتيد إن يكون بعد هذا) سفر الرؤيا - الأصحاح 1.
وفي الأصحاح 4: (4: 1 بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً اصعد إلى هنا فاريك ما لا بد أن يصير بعد هذا).
وفي الأصحاح 21: (21: 5 ... وقال لي اكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة 21: 6 ثم قال لي قد تم أنا هو الألف والياء البداية والنهاية أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجاناً 21: 7 من يغلب يرث كل شيء وأكون له إلهاّ وهو يكون لي ابناً) سفر الرؤيا - الأصحاح 21.
إذاً، هي أقوال نبوة ويجب كتابتها وحفظها.
أيضاً كون الرؤيا تخبر عن أمور مستقبلية لا خلاف فيه، بل كل المسيحيين متفقين على هكذا قول سواء من اتخذ الطريق الحرفي أو الرمزي والروحي لتفسيرها فلا أقل أنّ الجميع يعتقد بوجود أمور كثيرة ذكرتها الرؤيا، كنبوءات وإن كان بعضهم يفسر فقرات أخرى على كونها تحققت قبل الرؤيا نفسها.
وبغض النظر عن صحة التفاسير أو خطئها فاحتواء الرؤيا على الكثير من الرموز المختلف في تأويلها أمر واضح.
يقول القس انطونيوس فكري:
(- طرق تفسير سفر الرؤيا:
هناك من يستعمل سفر الرؤيا ليستخرج منه مواعيد وأوقات لبعض الأحداث وهناك من يفسره حرفياً مثلما فعلت بعض الطوائف فقالوا إن عدد من يدخل السماء 144000 حرفياً على أن يكونوا من طائفتهم. وقال البعض أن المسيح سيأتي ليحكم على الأرض لمدة 1000 سنة يقيد فيها الشيطان وتسيل فيها الجبال خمراً ولبناً.
- وهناك تفسير روحي يستفيد منه الجميع وهذا ما تتبعه كنيستنا ...
...... - الأسلوب الرمزي أو الشفري:
كان لابد من استخدام هذا الأسلوب .... بل إن غموض سفر الرؤيا يزيده جلالاً فلا تنكشف معانيه إلا في الوقت الذي يريده الله، أما لو عرفت هذه الأسرار مبكراً فقد يفسدها إبليس....
...... إن كل محاولة لفهم السفر فهماً حرفياً هي محاولة فاشلة، ولكن كما قيل في سفر الرؤيا نفسه "طوبى لمن يحفظ أقوال هذا الكتاب ويقرأه ويسمعه" (رؤ 3:1 + 9:22) إذاً علينا أن نفهمه روحياً أي محاولة فهمه بطريقة تجعلنا نقترب من الله فنتجنب ما يحذرنا منه وننفذ كل وصية فيه، ونخشى غضبه ونتشبه بالسمائيين فنسبح الله مثلهم، ونشعر باقتراب الدينونة فنقدم توبة وهذه التوبة تفرح السمائيين، بل تجعلنا معهم ومن صفوفهم ونحفظ السفر بمعنى أن نتذكر كل ما قيل فيه حتى لو لم نفهمه تماماً، حتى نفهم الرسائل الشفرية التي فيه حينما يحين الوقت وننفذها فننجو .... وسفر الرؤيا يعتبر السفر النبوى في العهد الجديد....) القس انطونيوس فكري - مقدمة تفسير سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي.
إذاً سفر الرؤيا في اعتقاد المسيحيين:
- يخبر عن أمور مستقبلية.
- يجب حفظه كوصايا إلهية.
- رموزه غير مفهومة وتنكشف وتفهم حينما يحين وقتها.
بالنتيجة: هي نبوءات ورموز خاصة بالمرموز إليه، وصاحبها الذي سيفك الختوم ويكشف أسرارها في حينها وهو المعزي (.
[62] - مسألة تعدد المصاديق لنبوءة معينة أمر تقره الكنيسة، أيضاً ولا إشكال فيه، فنجد مثلاً: (وتتباين الآراء حول من كان هذا "الابن المدعو عمانوئيل"، ومن أمه التي توصف بأنها "عذراء".
ويرى كثيرون من حيث أنها كانت علامة لآحاز، فلابد أنها كانت تشير أولاً إلى مرمى قريب يستطيع آحاز أن يميزه، وهناك أربعة آراء تدور حول هذا اللغز:
(1) يرى بعض المفسرين أن كلمة " عُلْمة" (العذراء) لا تدل على واحدة بالذات، بل هي اسم جنس، فيكون "عمانوئيل" في هذه الحالة رمزاً للجيل الجديد الذي ستتم النبوة في باكر أيامه. ولكن هذا التفسير لا يتفق مع ما جاء بالعهد الجديد، ويقطع الصلة بين هذه النبوة وسائر النبوات المتعلقة بالمسيا.
(2) إنها نبوة تشير إلى إحدى امرأتين: إما امرأة إشعياء، أو امرأة آحاز. وفي الحالة الأولى يكون المقصود "بعمانوئيل" هو "مهير شلال حاش بز" (إش 8: 1-4)، وأمه هي زوجة إشعياء الموصوفة بأنها "النبية" (إش 8: 3)، التي كان إشعياء على وشك الاقتران بها، أي أنها كانت مازالت عذراء في وقت النطق بالنبوة، ويؤيدون هذا الرأي بأن أولاد إشعياء كانوا رموزاً (انظر عب 2: 13 مع إش 8: 18).
ويرى آخرون أن "العذراء" المقصودة هي إحدى زوجات آحاز، وأن الابن المقصود هو "حزقيا"، ولكن هذا الرأي تعترضه صعوبات خطيرة، فحزقيا كان قد وُلد فعلاً منذ نحو تسع سنوات قبل النطق بالنبوة (انظر 2 مل 16: 2 ، 18: 2)، بينما من الواضح أن النبوة لم تكن عن أمر قد حدث، بل عن أمر سيحدث.
(3) إن النبوة تشير إلى المستقبل البعيد، وبخاصة في ضوء ما جاء في إنجيل متى (1: 23) عن العذراء مريم وابنها يسوع الذي "يُدعى اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا" لأنه كان هو الله الذي "ظهر في الجسد" (1 تى 3: 16)، والذي " فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" (كو 2: 9). ومع أنه تفسير سليم بالنسبة لمرمى النبوة البعيد لكنه يتغاضى عن أن النبوة كانت علامة لآحاز.
(4) إن النبوة مزدوجة المرمى، كالكثير من نبوات العهد القديم، فعمانوئيل والعذراء رمزان، فالعذراء يرمز بها -في المرمى القريب- إلى امرأة إشعياء أو امرأة آحاز، وفي المرمى البعيد إلى العذراء مريم. و "عمانوئيل" - يرمز في المرمى القريب - إلى "مهيرشلال حاش بز" أو إلى "حزقيا"، أما في المرمى البعيد فإلى الرب يسوع.
ولاشك في أن النبوة كانت -في مرماها البعيد- تتعلق بولادة الرب يسوع المسيح من مريم العذراء،...) قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة عَمانوئيل.
[63] - ولزيادة فائدة أنقل هذا النص من كتاب المتشابهات للإمام أحمد الحسن (:
(سؤال/ 89: ما معنى الآية: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾؟
الجواب:
هذه رؤيا رآها يوسف ( وقد تحققت، ومعناها: الشمس والقمر يعقوب ( وراحيل أم يوسف، والأحد عشر كوكباً إخوة يوسف، وسجودهم ليوسف ( أي إنّ يوسف قبلة لهم.
والقبلة تقصد ويحجّ إليها، وقد تحقق هذا فقد قصدوا في النهاية يوسف (، وحجوا إليه واستقروا معه في مصر، وبقيت ذرية يعقوب ( في مصر إلى أن بعث موسى ( وأخرجهم من مصر، هذا فيما مضى وخبر من كان قبلكم.
أما فيما بقى، فالشمس: رسول الله محمد /، والقمر: علي (، والأحد عشر كوكباً هم: فاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي /، أما يوسف فهو الإمام المهدي (.
وسجودهم له: أي إنه يُقصد إليه وقبلتهم التي يرومون الوصول إليها صلوات الله عليهم فهو خاتمهم، والإمام المهدي ( هو المنفذ لشريعة الله في أرضه، والرسول محمد / جاء بالشريعة الإسلامية ليطبقها وينفذها في النهاية الإمام المهدي (، فالرسول / والإمام علي ( وفاطمة (عليها السلام) والأئمة / جميعهم ممهدون لدولة لا إله إلا الله التي سيقيمها الإمام المهدي ( على الأرض، بل إنه صلوات الله عليه قبلة جميع الأنبياء والمرسلين، فجميعهم مهدوا ويمهدون لإعلاء كلمة الله، والإمام المهدي ( هو من سيعلي كلمة الله، فهو قبلة لهم من حيث إنه منفذ شريعة الله.
ولا تتوهم أنّ القبلة أفضل ممن يستقبلها على الدوام، فرسول الله محمد / يستقبل الكعبة وهو أفضل منها قطعاً. وقد رآه رسول الله / في المعراج هو والأئمة / وقد ميزه رسول الله / عنهم، فقال ما معناه: وقائمهم في أوسطهم وكأنه كوكب دري؛ وذلك لأن نوره سيشرق على كل بقعة في الأرض وسلطانه سيهيمن على كل الأرض، قال تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾، ورب الأرض: هو الإمام المهدي ( كما ورد عنهم /) الإمام أحمد الحسن ( - المتشابهات: الجزء 3.
[64] - اخذ الختوم يحتاج إلى التضحية، وهو واضح من النص نفسه:
(9 ... مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك...).
[65] - كون الرؤيا فيها رموز مختلفة وتشير إلى نفس الشخص ولكن من وجوه مختلفة أمراً يكاد يكون متفقاً عليه ولا إشكال فيه ويعتقد به أيضاً العلماء المسيحيون، وكمثال ننقل اقتباساً من كلام القس انطونيوس فكري حول اختلاف الرموز باختلاف المراد أن يرمز له لنفس الشخص في سفر الرؤيا بغض النظر عن المصداق:
(آية 6 "ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض".
فنظرت ... وإذا خروف = القسيس قال له هوذا الأسد ... ونظر فوجد خروف. فهل هو أسد أم خروف ؟!
1. هو أسد في قوته وملكه علينا وعلى كل الخليقة، ولكنه خروف في تقديمه نفسه ذبيحة على الصليب وحمله لخطايانا. ...
2. الذي يتحكم في الأحداث ويفتح الختوم أي يسيطر على الأحداث هو قوي جداً كأسد. وهو أحبنا حتى سفك الدم لأجلنا كخروف. فلماذا الخوف فالأحداث التي ستجري في المستقبل هي في يد من أحبنا حتى الدم كخروف وهو قوى جدا كأسد. أي هو ليس ضعيفا في حبه لنا بل قادر كأسد أن يحمينا.
3. كان في صراعه ضد الخطية والموت كأسد على الصليب وكحمل في فدائه ... وكرمز لقوة عمل المسيح على صليبه كان للمذبح 4 قرون والقرون علامة القوة. فهو حمل كذبيح. أسد في قوته.
......
5. هو غلب كأسد فصار له الحق أن يفتح السفر، .... فمن يفك السفر ينبغي أن يكون قد غلب....) القس أنطونيوس فكري - شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - تفسير سفر الرؤيا 5.
[66] - نص رواية وصية رسول الله / المقدسة:
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين /، قال: (قال رسول الله / في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (: يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة، فأملا رسول الله / وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام سمّاك الله تعالى في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي، فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك. يا علي، أنت وصيي على أهل بيتي حيّهم وميتهم وعلى نسائي، فمن ثبتها لقيتني غداً ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي. فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد فذلك إثنا عشر إماماً. ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين)، له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين) الغيبة - الطوسي: ص107 - 108.
[67] - تمكن العلماء في جامعة أكسفورد باستخدام تقنيات تصوير متطورة قراءة أقسام من أقدم مخطوط لكتاب رؤيا يوحنا وهي البردية 115 (P115) التي اكتشفت في أوكسيرينخوس (البهنسا).
تعود القطعة لمنتصف القرن الثالث وفيها رقم الوحش 616 χ ι ϲ باستعمال ι بدل ξ كما في معظم المخطوطات.
يعتقد ديفيد باركر أستاذ النقد النصي للعهد الجديد الباليوغرافيا في جامعة بيرمنغهام أن الرقم 616 هو الرقم الأصلي رغم أن الرقم 666 أسهل للتذكر.
وقال: إن العلماء ناقشوا كثيراً الموضوع وهناك اختلاف والذي يبدو الآن أن 616 هو الرقم الأصلي للوحش وهو الأرجح بما أن المخطوطة تسبق بمائة سنة تقريبا النسخ الأخرى.
[68] - وكمثال على اختلاف الأقوال في المسألة ننقل مثالين لأقوال علماء المسلمين من السنة والشيعة:
- من السنة:
قال الطبري في تفسيره: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وبِقَوْلِهمْ ﴿أنَّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ﴾. ثم كذّبهم الله في قِيلهم، فقال: ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ يعني: وما قتلوا عيسى وما صلبوه، ولكن شبّه لهم.
واختلف أهل التأويل في صفة التشبيه الذي شُبِّه لليهود في أمر عيسى، فقال بعضهم: لما أحاطت اليهود به وبأصحابه، أحاطوا بهم، وهم لا يثبتون معرفة عيسى بعينه، وذلك أنهم جميعاً حُوّلوا في صورة عيسى، فأشكل على الذين كانوا يريدون قتل عيسى، عيسى من غيره منهم، وخرج إليهم بعض من كان في البيت مع عيسى، فقتلوه وهم يحسبونه عيسى..... وقال آخرون: بل سأل عيسى من كان معه في البيت أن يُلْقَى على بعضهم شبهه، فانتدب لذلك رجل، فأُلقي عليه شبه، فَقُتل ذلك الرجل ورُفع عيسى ابن مريم عليه السلام) جامع البيان في تفسير القرآن - الطبري (ت 310 هـ).
- من الشيعة:
الشيخ الطوسي في تفسيره البيان: (قوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ( بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ (157) آية. [المعنى]: هذه الآية عطف على ما قبلها وتقديره، فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق، وقولهم: قلوبنا غلف وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، أنزلنا من العذاب، وأوجبنا لهم من العقاب، لأن اخبارهم أنهم قتلوا المسيح يقيناً، وما قتلوه، كفر من حيث هو جرأة على الله في قتل أنبيائه، ومن دلت المعجزات على صدقه، ثم كذبهم الله في قولهم: إنا قتلناه فقال: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم". واختلفوا في كيفية التشبيه الذي شبه لليهود في أمر عيسى فقال وهب بن منبه: أتى عيسى ومعه سبعة عشر من الحواريين في بيت فأحاطوا بهم، فلما دخلوا عليهم صيرهم الله كلهم على صورة عيسى فقالوا لهم سحرتمونا ليبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعاً، فقال عيسى لأصحابه: من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة، فقال رجل منهم: أنا، فخرج إليهم فقال: أنا عيسى، وقد صيره الله على صورة عيسى، فأخذوه وقتلوه، وصلبوه. فمن ثم شبه لهم، وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى، وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى، ورفع الله عيسى من يومه ذلك. وبه قال قتادة والسدي وابن إسحاق ومجاهد وابن جريج، وان اختلفوا في عدد الحواريين، ولم يذكر أحد غير وهب أن شبهه ألقي على جميعهم، بل قالوا: ألقي شبهه على واحد، ورفع عيسى من بينهم قال ابن إسحاق: وكان اسم الذي القي عليه شبهه سرجس، وكان أحد الحواريين، ويقال: إن الذي دلهم عليه وقال هذا عيسى أحد الحواريين أخذ على ذلك ثلاثين درهماً، وكان منافقاً، ثم إنه ندم على ذلك فاختنق حتى قتل نفسه، وكان اسمه بودس زكريا بوطا، وهو ملعون في النصارى، وبعض النصارى يقول: إن بودس زكريا بوطا هو الذي شبه لهم فصلبوه، وهو يقول: لست بصاحبكم الذي دللتكم عليه. قال الطبري: الأقوى قول ابن المنبه، وهو أن سبعة عشر القي على جماعتهم شبه عيسى، لأنه لو كان ألقي على واحد منهم مع قول عيسى أيكم يلقى عليه شبهي وله الجنة، ثم رأوا عيسى قد رفع من بين أيديهم لما اشتبه عليهم، وما اختلفوا فيه، وان جاز ان يشتبه على أعدائهم من اليهود الذين لم يكونوا يعرفونه، لكن لما ألقي شبهه على جميعهم، فكان يرى كل واحد بصورة عيسى، فلما قتل واحد منهم اشتبه الحال عليهم. وهذا الذي ذكره قريب. وقال الجبائي: وجه التشبيه أن رؤساء اليهود اخذوا إنسانا فقتلوه وصلبوه على موضع عال، ولم يمكنوا أحدا من الدنو منه فتغيرت حليته وتنكرت صورته. وقالوا: قتلنا عيسى، ليوهموا بذلك على عوامهم، لأنهم كانوا أحاطوا بالبيت الذي فيه عيسى فلما دخلوه كان رفع عيسى من بينهم، فخافوا أن يكون ذلك سبب إيمان اليهود به، ففعلوا ذلك. والذين اختلفوا غير الذين صلبوا من صلبوه، وهم باقي اليهود، فان قيل: هل يجوز أن يلقي الله شبه زيد على عمر حتى لا يفصل الناظر اليهما بينهما، كما كان يفصل قبل إلقاء الشبه ؟ قيل: ذلك مقدور لله بلا خلاف، ويجوز أن يفعله عندنا تغليظا للمحنة، وتشديدا للتكليف، وإن كان ذلك خارقا للعادة، يجوز أن يجعل ذلك معجزة أو كرامة، لبعض أوليائه الصالحين، أو الأئمة المعصومين /. وعند المعتزلة لا يجوز ذلك إلا على يدي الأنبياء أو في وقتهم، لأنه لا يجوز خرق العادة عنهم إلا على يده. وقد قيل: إن أصحاب عيسى ( تفرقوا عنه حتى لم يبق غير عيسى، وغير الذي القي شبهه عليه، فلذلك اشتبه على النصارى، فان قيل: كيف يجوز من الخلق العظيم أن يخبروا بالشئ على خلاف ما هو به، وقد علمنا كثرة اليهود والنصارى، ومع كثرتهم أخبروا أن عيسى صلب وقتل، فكيف يجوز ان يكونوا مع كثرتهم كذابين ؟ ولئن جاز هذا لم نثق بشئ من الأخبار أصلا ويؤدي ذلك إلى قول السنمية ! قلنا: هؤلاء القوم دخلت عليهم الشبهة، لان اليهود لم يكونوا يعرفون عيسى، وإنما أخبروا أنهم قتلوا واحدا، وقيل لهم انه عيسى، فهم في ذلك صادقون، وان لم يكن المقتول عيسى. وأما النصارى فاشتبه عليهم، لأنه كان ألقي شبهه على غيره، فلما رأوا من هو في صورته مقتولا، ظنوا انه عيسى، فلم يخبر أحد من الفريقين بما ظن أن الأمر على ما اخبر به، فلا يؤدي ذلك إلى بطلان الأخبار بحال.
وقوله: "وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً" يعني به الذين أحاطوا بعيسى وأصحابه حيث أرادوا قتله لأنهم كانوا قد عرفوا عدة من في البيت، فلما دخلوا عليهم فقدوا واحداً منهم، فالتبس عليهم أمر عيسى بفقدهم واحدا من العدة، وقتلوا من قتلوا على شك منهم في أمر عيسى. هذا على قول من قال: لم يتفرق أصحابه حتى دخل عليهم اليهود وأما من قال تفرقوا عنه، فإنه يقول: اختلافهم كان بأن عيسى هل كان في من بقي في البيت أو كان في الذين خرجوا. فاشتبه الأمر عليهم. قال الزجاج: وجه اختلاف النصارى أن: منهم من ادعى انه له لا يقتل، ومنهم من قال قتل، فكذب الله الجميع. وقوله: "إلا اتباع الظن" استثناء منقطع. وتقديره لم يكن لهم بمن قتلوه علم لكنهم اتبعوه ظنا منهم انه عيسى، ولم يكن به. وقوله: "وما قتلوه يقيناً" معناه وما قتلوا ظنهم الذي اتبعوا المقتول الذي قتلوه، وهم يحسبونه عيسى يقيناً إنه عيسى، ولا انه غيره، لكنهم كانوا منه على ظن وشبهة، كما يقول القائل: ما قتلت هذا الأمر علما، وما قتلته يقينا: إذا تكلم فيه بالظن على غير يقين. فالهاء في (قتلوه) عائدة على الظن. وقال ابن عباس وجويبر وما قتلوا ظنهم يقيناً. وحكى الزجاج عن قومهم: أن الهاء. راجعة إلى عيسى (. نفى الله عنه القتل على وجه التحقيق واليقين. وقال السدي: وما قتلوا أمره يقيناً إن الرجل هو عيسى (، وقوله: "بل رفعه الله إليه" يعني بل رفع الله المسيح إليه، ولم يقتلوه، ولم يصلبوه، لكن الله رفعه وطهره من الذين كفروا وقوله: "كان الله عزيزاً حكيماً" معناه لم يزل الله عزيزاً منتقماً من أعدائه كانتقامه من الذين أخذتهم الصاعقة بظلمهم، وكلعنه من نقض ميثاقه وفعل ما قصه الله، حكيماً في أفعاله وتدبيراته وتصريفه خلقه في قضائه، واحذروا أيها السائلون محمداً إن ينزل عليكم كتاباً من السماء - حلول عقوبته بكم، كما حل بأوائلكم الذين فعلوا فعلكم في تكذيبهم رسلي وافترائهم على أوليائي. وبه قال ابن عباس. وقوله: "بل رفعه الله") التبيان - الشيخ الطوسي: ج3 ص382 – 385.
ويتبين من هذا النقل أنّ هذه المسألة وما يحيط بها وتحديد شخصية المصلوب هو علم خاص به سبحانه ومن هو متصل به سبحانه فقط !!
[69] - لا إشكال في كون لفظ (يا امرأة) في كمال الأدب، بل ربما استعمل في كثير من اللغات للتعبير عن الاحترام ولكن بالنسبة لامرأة أجنبية، أما بالنسبة للأم فهو في غاية الجفاء، ولا يصح أن ينسب إلى نبي عظيم وموصوف بالبار لوالدته في الإنجيل والقرآن، فهل يعقل أن ينادي السيد المسيح ( أمه بنفس ما ينادي به الأجنبيات:
(حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ» فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ) إنجيل متى - الأصحاح 15.
(فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ !») إنجيل لوقا - الأصحاح 13.
(قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ) إنجيل يوحنا - الأصحاح 4.
(قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ«: يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ) إنجيل يوحنا - أصحاح 20.
فهل يكون هذا من الاحترام أو من الجفاء أن يجعل السيد المسيح أمه كغيرها من الأجنبيات في خطابها، وأقل ما يمكن أن يوصف به ولد ينادي أمه هكذا هو قلة التقدير لأمه وحاشا السيد المسيح ( البار الصالح النبي العظيم من هكذا تصرف أن ينسب إليه!!
قال القمص تدرس يعقوب ملطي:
(لم يقل لها: "يا أماه" بل "يا امرأة"، ليس استخفافًا بها، ولا جحداً لأمومتها، وإنما لكي لا يزداد جرحها كأم تسمع ابنها في اللحظات الأخيرة قبيل موته.
ولعله أراد أن يؤكد لها أنه ليس من هذا العالم، فيخاطبها ليس من خلال العلاقات الدموية المجردة، وإنما كممثلةٍ للكنيسة موضوع حبه الفائق....) القس تدرس يعقوب ملطي - تفسير إنجيل يوحنا 19.
بل لو كان عيسى ( هو المتكلم ونادى أمه بـ (يا امرأة) فسيكون إضافة إلى ما في ذلك من جفاء في غاية القسوة !!!!
ثم ما يطرحه القس كاحتمال ثاني (لعله أراد أن يؤكد لها أنه ليس من هذا العالم) معارض تماماً لاحتماله الأول الذي يصوره على أنه غاية اللطف في الرحمة بأمه !!!
فهل هذا الموقف - بحسب القس - كان بحسب ناسوته أو لاهوته ؟؟؟!!! هل يعقل هكذا تناقض وتخبط؟؟؟!!!
وفي تفسير الأصحاح الثاني من نفس الإنجيل قال القمص تدرس يعقوب ملطي:
(... "قال لها يسوع: ما لي ولك يا امرأة ؟ لم تأتِ ساعتي بعد"....
... يتعجب البعض كيف يدعو يسوع أمه "يا امرأة" لكن هذه الدهشة تزول حين نراه علي الصليب يكرر: "يا امرأة هوذا ابنك"، فهو يتحدث معها في بدء خدمة الآيات التي تمثل إشارة لبدء حمل الصليب، حيث يُستعلن شخصه فتثور قوى الظلمة ضده لتخطط لموته.
فهو لا يتحدث معها بكونها أمه، لأنه ليس من حقها أن تحدد ساعة الصليب، إنما هذا حق الآب الذي أرسله. فقد جاء يتمم مشيئة الآب ببذل ذاته من أجل خلاص العالم.
...... ... لم يقل "يا أماه" بل "يا امرأة"، لأن ما يمارسه بخصوص تحويل الماء خمراً لا يصدر بكونه إنساناً أخذ جسداً منها، وإنما بعمل لاهوته. حقاً ليس انفصال بين لاهوته وناسوته، وما يمارسه السيد المسيح هو بكونه كلمة الله المتجسد، لكن بعض الأعمال هي خاصة به كابن الله الوحيد، والبعض بكونه ابن الإنسان. ....) القمص تدرس يعقوب ملطي - تفسير العهد القديم والجديد - إنجيل يوحنا الأصحاح 2.
إذاً، ثبت أنّ مناداة السيد المسيح ( للسيدة مريم (عليها السلام) جفاء وأمر غير صحيح، بل هو يعني تنكره لها، ولذلك يلجؤون إلى مسألة لاهوت وناسوت الأقنوم الثاني الباطلة لتأويل هذا التنكر والجفاء !!!! فعيسى ( مخلوق وليس لاهوتاً مطلقاً وبالتالي فالذي تكلم كان رجلاً أجنبياً عن السيدة مريم (عليها السلام) وهو الشبيه يهوذا (أحمد) ليس الخائن ولكن يهوذا الروح الثالث عشر.
وأما القس انطونيوس فكري فلا يعطي أي تفسير ويكتفي بمحاولة صرف انتباه القارئ عن هذا الأمر:
(... آية (26): "فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً قال لأمه يا امرأة هوذا ابنك."
يا امرأة هو ذا ابنك = صارت أماً للتلميذ الذي يحبه يسوع بل هي صارت أماً لكل كنيسة يسوع، جسده. والمسيح هنا يسميها امرأة وهذه صفة الأم، أم الكنيسة جسد ابنها يسوع. فنحن بالمعمودية بالروح القدس نصير جسد المسيح وبهذا أيضاً صار يوحنا أخاً للمسيح، لقد رفعه المسيح الذي صار بكراً بين إخوة كثيرين (عب11:2). كلٌ منا ابن لحواء وابن للعذراء مريم لقد سميت حواء امرأة وصارت أماً للعالم والعذراء سميت امرأة لكونها صارت أم الكنيسة) القس انطونيوس فكري - تفسير إنجيل يوحنا 19.
فحتى لو قبلنا بتأويله فما هو المانع أن يناديها "أمي" ثم يجعل يوحنا يعتني بها بل ويسمي يوحنا أيضاً ابنها وهي أمه؟؟!!
إذاً تبين أنّ هذه المناداة من المصلوب للسيدة مريم (عليها السلام) إشارة منه أنه ليس هو عيسى ( كما بين ذلك من خلال نصوص أخرى لا يمكن تفسيرها إلا بأنّ المصلوب كان شبيهاً لعيسى ( وليس هو نفسه، وهذه الصورة هي التي يوفرها إنجيل يهوذا فلا يكون متعارضاً مع الأناجيل الأخرى، بل مبيناً لها ومكملاً ومجيباً عن الإشكالات المطروحة عليها.
[70] - من علماء المسلمين نكتفي بذكر مثالين من الذين قالوا إن الذي صلب بدل من عيسى ( الأول من السنة والثاني من الشيعة ثم ننقل طرح مركز الأبحاث العقائدية التابع لأعلى هيئة مرجعية الممثلة بالسيستاني وفقهاء النجف وقم:
- قال الشيخ العلامة بدر الدين العيني: (... حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ........ قلت: فتح لي هنا معنى من الفيض الإلهي، وهو: أن المراد من كسر الصليب إظهار كذب النصارى حيث ادعوا أن اليهود صلبوا عيسى عليه الصلاة والسلام على خشب، فأخبر الله تعالى في كتابه العزيز بكذبهم وافترائهم، فقال: "وما قتلوه وما صلبوه لكن شبه لهم" (النساء: 751). وذلك أنهم لما نصبوا له خشبة ليصلبوا عليها، ألقى الله تعالى شبه عيسى على الذي دلهم عليه، واسمه: يهوذا، وصلبوه مكانه، وهم يظنون أنه عيسى، ورفع الله عيسى إلى السماء، ثم تسلطوا على أصحابه بالقتل والصلب والحبس حتى بلغ أمرهم إلى صاحب الروم) عمدة القاري في شرح صحيح البخاري - العيني: ج12 ص35.
- الشيخ ناصر مكارم الشيرازي يجعل الأطروحة أن يكون الشبيه هو الخائن محتملة ويدافع عن الاحتمال المتناقض والساذج:
(...... 4- يستنتج من نصوص جميع الأناجيل أن المقبوض عليه قد اختار الصمت أمام "بيلاطيس" الحاكم الرومي لبيت المقدس - آنذاك - ولم يتفوه إلا بالقليل دفاعاً عن نفسه ويستبعد كثيراً أن يقع عيسى المسيح ( في خطر كهذا ولا يدافع عن نفسه بما يستحقه الدفاع عن النفس ، وهو المعروف بالفصاحة والبلاغة والشجاعة والشهامة.
ألا يحتمل في هذا المجال أن يكون شخص آخر - ك "يهوذا الأسخربوطي" الذي خان ووشى بعيسى المسيح ( وكان يشبهه كثيراً - قد وقع هو بدل المسيح في الأسر.
وأنه لهول الموقف قد استولى عليه الخوف والرعب، فعجز عن الدفاع عن نفسه أو التحدث أمام الجلادين بشيء....) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ج3 ص529 – 530.
فلا أدري كيف وقع الشيخ الشيرازي في هكذا خطأ مع أنّ المنقول في الأناجيل وفي روايات أهل البيت / - إن كان اطلع الشيخ الشيرازي عليها - عن الشخص الذي ألقي عليه القبض ثم تعرض للمحاكمة ثم التعذيب ثم الصلب مواقف وأقوال لا تحتاج إلى عناء للقطع بدفع الاحتمال ؟؟؟!!!
ولننقل الآن كلاماً لمركز الأبحاث العقائدية التابع للمرجع السيستاني وهو يجعل المصلوب هو الخائن بدون أي دليل:
السؤال هو: (لقد قرأت أنّ المسيحيين يعتقدون بأن إنجيل برنابا هو إنجيل محرف ولا يمكن الاعتداد به ! إلا يوجد مصدر آخر لإثبات عدم صلب المسيح ( ؟).
الجواب من مركز الأبحاث العقائدية التابع للمرجع السيستاني:
(... توجد أدلة وشواهد كثيرة بالإضافة إلى ما ذكرناه في الجواب السابق بالنسبة إلى عدم صلب المسيح ( نذكر منها مثلاً لا حصراً:
أولاً: إن صلب المسيح لم يشهده أي مسيحي، بل أثبت الإنجيل نفسه بأن الحواريين قد تفرقوا عن المسيح وآخرهم سمعان بطرس حينما أنكره ثلاث مرات بعد إلقاء القبض على المسيح (ظاهراً وذلك ما أخبره به المسيح صورة وسنذكر النص الإنجيلي في ذلك كله. فعلى ذلك الظاهر وما بثته الحكومات أنهم صلبوا المسيح فتكلم الناس بذلك وتناقلوه وصدقوه.
ثانياً: من المسلَّم به أن إلقاء القبض على المسيح حصل نتيجة خيانة أحد الحواريين وهو يهوذا الاسخريوطي والقرآن الكريم يثبت أن المسيح (الذي ألقي القبض عليه ثم صلب شُبِّه لهم، أي أن الله تعالى عاقب يهوذا الخائن وشبهه بالمسيح وصلب هو بدلاً عن المسيح: "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم" النساء: 157.
وبذلك يتضح الغموض الإنجيلي والتناقض العجيب في بيان كيفية نهاية يهوذا حيث اختلفت الأناجيل في توبته وندمه وعدم ذلك، وكذلك اختلفوا في كيفية موته بل حتى في موته أصلاً، فلنا الحق أن نقول خائن مثل يهوذا كيف تغافل عنه المسيحيون آنئذٍ ولو بعد حين كيف تركوه وتركوا أخباره وتركوا معرفة مصيره الذي ينبغي الاهتمام به وجزائه وخزيه في الدنيا ليزداد الناس إيماناً واطمئناناً ؟.....) مركز الأبحاث العقائدية التابع للسيستاني:
http://www.aqaed.com/faq/2052/
[71] - أما الروايات فهي موجودة عند كل المسلمين سنة وشيعة، وهذه بعض الأمثلة منها:
عند السنة:
- جاء في كتاب فتاوى وأحكام لابن جبرين: (على من ألقي شبه عيسى (.
[س 14]: هل الرواية التي تقول: إن شبه عيسى ( ألقي على الرجل الذي أراد الوشاية به صحيحة أم لا ؟
الجواب: المشهور أن الذي شبه لهم شاب من الحواريين أتباع عيسى؛ فقد ذكر ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (إن اليهود سعوا في قتله عند أحد ملوكهم، فأرسل من يطلبه فلما أحس بهم قال لأصحابه: أيكم يلقى عليه بشبهي وهو رفيقي في الجنة ؟ فانتدب لذلك شاب منهم. فقال: أنت هو، وألقى الله عليه شبه عيسى حتى كأنه هو، فرفع عيسى إلى السماء، فلما رفع خرج أولئك النفر، فلما رأوا ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى فأخذوه وصلبوه).
ثم ذكر الرواية بذلك عن ابن عباس عند ابن أبي حاتم ثم ذكر عن وهب بن منبه عند ابن جرير أن الذي شبه لهم هو شمعون أحد الحواريين وكان اليهود قد أخذوه وقالوا: هذا من أصحاب عيسى فجحد ثم أخذه آخرون فجحد، ثم قال لهم: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح ؟ فجعلوا له ثلاثين درهماً فأخذها ودلهم عليه، وكان شبه عليهم قبل ذلك، فأخذوه وربطوه بالحبل وجعلوا يقودونه ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها، فرفعه الله وصلبوا ما شبه لهم. ثم ذكر أن بعض النصارى قال إنه (ليودس ركريا يوطا) وهو الذي شبه لهم فصلبوه وهو يقول: إني لست بصاحبكم، أنا الذي دللتكم عليه. والله أعلم أي ذلك كان) فتاوى وأحكام في نبي اللّهِ عِيسَى عليه السَّلام - للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين:
http://ibn-jebreen.com/?t=books&cat=6&book=3&toc=174&page=166&subid=32498
قال ابن كثير في تفسيره: (قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلاً من الحواريين يعني فخرج عليهم من عين في البيت ورأسه يقطر ماء فقال: إن منكم من يكفر بي اثني عشر مرة بعد أن آمن بي قال: ثم قال أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له: اجلس. ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب فقال: اجلس. ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال: أنا فقال: هو أنت ذاك فألقى عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء قال: وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه ... ... وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ورواه النسائي عن أبي كريب عن أبي معاوية بنحوه وكذا ذكره غير واحد من السلف أنه قال لهم أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني وهو رفيقي في الجنة) تفسير القرآن - بن كثير: ص588.
وقال ابن كثير في كتاب البداية والنهاية (ج2 ص85): إسناده صحيح على شرط مسلم، وفي فتح القدير (ج1 ص800) للشوكاني رجاله رجال الصحيح ورقيت قصته عليه السلام من طرق بألفاظ مختلفة.
عند الشيعة:
- في تفسير علي بن إبراهيم، عن أبي جعفر الصادق (، قال: (إن عيسى ( وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال: إن الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي، قال شاب منهم: أنا يا روح الله قال فأنت هُوَ ذا ... ثم قال (: إنّ اليهود جاءت في طلب عيسى ( من ليلتهم ... وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ( فقتل وصلب) تفسير القمي: ج1 ص103.
تعليق:
المستفاد من الروايات السابقة هو أنّ الذي ألقي عليه الشبه شاب صالح هو اختار وقبل ما عرضه عيسى ( على حوارييه، فهذا الشاب رضي أن يتحمل ما لم يقدر عليه عيسى ( ولا حواريوه.
ولنلاحظ أيضاً أنّ في الروايات التي ذكرناها (وفي غيرها أيضاً) عدد الحاضرين عند عيسى ( هم 12، ومعلوم أنّ يهوذا الاسخريوطي كان عند اليهود حينها، والشخص الذي اختاره التلاميذ ليكمل العدد 12 بدل يهوذا الاسخريوطي لم يتم اختياره إلا بعد حادثة الصلب.
[72] - توجد على الأقل روايتين تبين أنّ المصلوب من ولد علي ( ورسول الله /:
- الرواية الأولى:
قال رسول الله محمد / وهو يدعو لعلي ابن أبي طالب (: (اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسى (، اللهم إنك خليفتي عليه وعلى عترته وذريته الطيبة المطهرة التي أذهبت عنها الرجس والنجس) الغيبة للنعماني: ص144.
والرواية محكمة واضحة لا تحتاج إلى بيان، فرسول الله / يبين أنّ شبيه عيسى ( سيكون من نسل علي (.
- الرواية الثانية:
في تفسير علي بن إبراهيم: ("يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة" قال (الباقر (): التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى وصلبته، والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل، "فأيدنا الذين آمنوا" هي التي لم تقتل شبيه عيسى على الأخرى فقتلوهم "على عدوهم فأصبحوا ظاهرين") وأيضاً موجودة هذه الرواية في بحار الأنوار - العلامة المجلسي: ج14 ص337.
فالباقر ( يقول إنّ الطائفة التي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى ( حتى لا يقتل، فلا يمكن تفسير الطائفة المؤمنة هنا أنها في زمن السيد المسيح (، وبيان ذلك من خلال أمور، وهي:
- الشبيه لم يكن مرسلاً إلى الناس، بل جاء لمهمة وهي فداء عيسى ( وتحمل العذاب والصلب صامتاً، فهو لم يكن صاحب دعوة كي يقال إن هناك من آمن به وهناك من كفر به.
- الشبيه لم يذكر لمن قتلوه أنه شبيه عيسى (، بل هو قبل أن يلقى عليه الشبه ليؤخذ على أنه عيسى (، ولم يطلب من أحد أن يدافع عنه لكي لا يقتل، وقد جاء في الإنجيل.
- لم يدافع عن الشبيه ( أحد من المسيحيين، ولا قاتلت طائفة مؤمنة للدفاع عنه ضد من أرادوا قتله ( أو من قتلوه ( !!!!
- بعد الصلب كانت الطائفة المؤمنة بعيسى ( مضطهدة ولم تظهر على اليهود ولا على الرومان الذين قتلوا الشبيه (، فلا يمكن حتى تأويل الرواية بأن المقصود هو ظهور المؤمنين بعيسى ( على الكفار، بل ولم يقاتل أحد ممن كانوا مع عيسى ( ولا المسيحيون إلا بعد سنين عديدة، ولا يصدق على من شنوا الحروب الصليبية مثلاً أنهم الطائفة المؤمنة كيف وهم يعتقدون بتعدد اللاهوت المطلق سبحانه وتعالى !!
إذاً الرواية كلها أجنبية عن زمن بعثة عيسى ( ... فالباقر ( يتكلم عن مجيء شبيه عيسى ( كصاحب دعوة يدعو الناس للإيمان به ؟!
أي إنه رسول معصوم ( يأتي بعد زمن عيسى ( ويبين للناس أنه هو الشبيه ( ! وفي زمان دعوته سيكون قتال وانتصار الطائفة المؤمنة به على الكافرة وتكون ظاهرة ... ومعلوم أنّ الفتح والظهور إنما كان في زمن الرسول محمد / ويكون في زمن القائم (، ورسول الله / لم يدعي أنه الشبيه بل هو / بيّن أنّ الشبيه سيكون في ذريته وذرية علي ( في الرواية الأولى، إذاً الشبيه هو من أوصياء رسول الله / من الأئمة والمهديين /.
وفي الإنجيل نص يبين أيضاً أنّ الزمن الذي نزل فيه لفداء عيسى ( ليس هو المقصود في رواية الباقر ( المتقدمة: (...33 ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أفأنت إذا مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق …) إنجيل يوحنا: إصحاح 18.
[73] - إمكانية ظهور الروح في جسد مسألة ثابتة في العهد القديم والجديد، كما هي ثابتة عند المسلمين في القرآن والروايات عند السنة والشيعة.
في العهد القديم: ظهر لهاجر (عليها السلام) (تكوين 16: 7)، ولجدعون في سفر القضاة (قضاة 6:12)، وغيرهم.
وفي العهد الجديد: ظهر الملك لمريم (عليها السلام) يبشرها بعيسى (، وليعقوب ( قبل ذلك يبشره بيحيى (.
قال القس انطونيوس فكري معلقاً على ظهور الملاك ليعقوب (: (آية (11): "فظهر له ملاك الرب واقفاً عن يمين مذبح البخور" المخلوقات الروحية كالملائكة لا يمكننا أن نراها إلا إذا أخذت شكلاً محسوساً نراه بها، وذلك حين يريد الله ويسمح بذلك، فجسدنا الكثيف لا يعاين الروحيات ولا حتى أن يشعر بها) القس انطونيوس فكري - تفسير لوقا - الأصحاح 1.
أما عن ظهور جبرائيل ( في صورة دحية الكلبي فهو أيضاً معروف:
- عند السنة:
من أقوال علماء السنة:
قال محمد بن سعد في الطبقات الكبرى: (دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج وهو زيد مناة بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وأسلم دحية بن خليفة قديماً ولم يشهد بدراً وكان يشبه بجبرائيل، قال: أخبرنا يعلى بن عبيد وعبيد الله بن موسى والفضل بن دكين قالوا: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي، قال: شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمية، فقال: دحية الكلبي يشبه جبرائيل، وعروة بن مسعود الثقفي يشبه عيسى بن مريم، وعبد العزى يشبه الدجال. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن يزيد بن الوليد، عن أبي وائل، قال: كان دحية الكلبي يشبه بجبرائيل، وكان عروة بن مسعود مثله كمثل صاحب يس، وكان عبد العزى بن قطن يشبه بالدجال. قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، عن أبيه، عن بن شهاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشبه من رأيت بجبرائيل دحية الكلبي. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر، عن بن عمر، عن النبي، قال: كان جبرائيل يأتي النبي في صورة دحية الكلبي. قال: أخبرنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا عبد الله بن عمر، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: وثب رسول الله وثبة شديدة فنظرت فإذا معه رجل واقف على برذون وعليه عمامة بيضاء قد سدل طرفها بين كتفيه ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع يده على معرفة برذونه فقلت: يا رسول الله، لقد راعتني وثبتك من هذا، قال: ورأيته، قلت: نعم، قال: ومن رأيت، قلت: رأيت دحية الكلبي، قال: ذاك جبرائيل () الطبقات الكبرى - محمد بن سعد: ج4 ص249 – 250.
قال العيني: (العاشر ما قيل ما حقيقة تمثل جبريل عليه الصلاة والسلام له رجلاً. أجيب بأنه يحتمل أن الله تعالى أفنى الزائد من خلقه ثم أعاده عليه ويحتمل أن يزيله عنه ثم يعيده إليه بعد التبليغ نبه على ذلك إمام الحرمين وأما التداخل فلا يصح على مذهب أهل الحق. الحادي عشر ما قيل إذا لقي جبريل النبي عليه الصلاة والسلام في صورة دحية فأين تكون روحه فإن كان في الجسد الذي له ستمائة جناح فالذي أتى لا روح جبريل ولا جسده وإن كان في هذا الذي هو في صورة دحية فهل يموت الجسد العظيم أم يبقى خاليا من الروح المنتقلة عنه إلى الجسد المشبه بجسد دحية.
أجيب بأنه لا يبعد أن لا يكون انتقالها موجب موته فيبقى الجسد حيا لا ينقص من مفارقته شيء ويكون انتقال روحه إلى الجسد الثاني كانتقال أرواح الشهداء إلى أجواف طير خضر وموت الأجساد بمفارقة الأرواح ليس بواجب عقلا بل بعادة أجراها الله تعالى في بني آدم فلا يلزم في غيرهم) عمدة القاري - العيني: ج1 ص45 – 46.
قال ابن حجر: (هل من الملائكة صحابة ؟ الملائكة أجسام نورانية قادرة على التشكيل والظهور بأشكال مختلفة، وهي تتشكل بأشكال حسنة، شأنها الطاعة وأحوال جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم حين تبليغه الوحي وظهوره في صورة دحية الكلبي تؤيد رجحان هذا التعريف للملائكة على غيره) الإصابة - ابن حجر: ج1 ص9 – 10.
وفي الجزء الثاني قال: (دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس بن الخزرج بفتح المعجمة وسكون الزاي ثم جيم بن عامر بن بكر بن عامر الأكبر بن عوف الكلبي صحابي مشهور، أول مشاهده الخندق وقيل أحد ولم يشهد بدراً، وكان يضرب به المثل في حسن الصورة وكان جبرائيل ( ينزل على صورته، جاء ذلك من حديث أم سلمة ومن حديث عائشة، وروى النسائي بإسناد صحيح عن يحيى بن معمر عن بن عمر رضي الله تعالى عنهما كان جبرائيل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي، وروى الطبراني من حديث عفير بن معدان عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان جبرائيل يأتيني على صورة دحية الكلبي، وكان دحية رجلاً جميلاً، وروى العجلي في تاريخه عن عوانة بن الحكم، قال: أجمل الناس من كان جبرائيل ينزل على صورته، قال: بن قتيبة في غريب الحديث) الإصابة - ابن حجر: ج2 ص321 – 322.
أما الروايات فكثيرة نذكر منها طرفاً:
روى البخاري في صحيحه: (حدثني عباس بن الوليد النرسي، حدثنا معتمر، قال: سمعت أبي، حدثنا أبو عثمان، قال: أنبئت أن جبريل ( أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يحدث ثم قام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: من هذا أو كما قال، قال قالت: هذا دحية، قالت أم سلمة: أيم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وسلم يخبر عن جبريل أو كما قال قال فقلت لأبي عثمان ممن سمعت هذا قال من أسامة بن زيد) صحيح البخاري - البخاري: ج4 ص185، ورواه أيضاً مسلم في صحيحه: ج7 ص144.
وروى النسائي في سننه: (أخبرنا محمد بن قدامة، عن جرير، عن أبي فروة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة وأبي ذر ... وإنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن الناس وجهاً ....... وإنه لجبريل ( نزل في صورة دحية الكلبي) سنن النسائي - النسائي: ج8 ص101 – 103.
روى الحاكم النيسابوري بسنده عن عائشة أنها قالت: (إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان عندها فسلم علينا رجل من أهل بيت ونحن في البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فزعا فقمت في أثره فإذا دحية الكلبي، فقال: هذا جبرئيل يأمرني أن أذهب إلى بني قريظة ........ وخرج النبي صلى الله عليه وآله فمر بمجالس بينه وبين قريظة فقال: هل مر بكم من أحد، قالوا: مر علينا دحية الكلبي على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج، قال: ليس ذلك بدحية ولكنه جبرئيل ...... هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فإنهما قد احتجا بعبد الله بن عمر المري في الشواهد ولم يخرجاه) المستدرك - الحاكم النيسابوري: ج3 ص34 – 35.
وروى حديثا آخر أيضاً عن عائشة قالت: (... رأيت رجلاً يوم الخندق على صورة دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه على دابة يناجي رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى رأسه عمامة قد أسدلها عليه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فإن ذلك جبريل (عليه الصلاة والسلام) أمرني أن أخرج إلى بني قريظة. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) المستدرك - الحاكم النيسابوري: ج4 ص193 – 194.
وفي مجمع الزوائد عن عائشة قالت: (... فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على بنى غنم وهم جيران المسجد قال من مر بكم فقالوا مر بنا دحية الكلبي وكان دحية تشبه لحيته ووجهه جبريل () مجمع الزوائد - الهيثمي: ج6 ص136 – 137.
(عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت رجل فوثب وثبة شديدة وخرج إليه فاتبعه فإذا هو متكئ معتم مرخ عمامته بين كتفيه، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: وثبت وثبة وخرجت فإذا هو دحية الكلبي قال: ورأيته، قلت: نعم، قال: ذاك جبريل ( أمرني أن أخرج إلى بني قريظة) مجمع الزوائد - الهيثمي: ج6 ص140 – 141.
(عن ابن عباس، قال: كنت مع أبي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده رجل يناجيه، فكان كالعرض عن أبي فخرجنا من عنده فقال أبي: أي بني، ألم تر إلى ابن عمك كالعرض عنى، فقلت: يا أبت، إنه كان عنده رجل يناجيه، قال: فرحنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبي: يا رسول الله، قلت لعبد الله كذا وكذا فأخبرني أنه كان عندك رجل يناجيك فهل كان عندك أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهل رأيته يا عبد الله، قلت: نعم، قال: فإن ذلك جبريل ( هو الذي شغلني عنك.
رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجالهما رجال الصحيح. وعن ابن عباس، قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب بيض وهو يناجى دحية بن خليفة الكلبي وهو جبريل ( وأنا لا أعلم فلم يسلم، فقال جبريل: يا محمد، من هذا، قال: هذا ابن عمي هذا ابن عباس، قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده لو سلم علينا رددنا عليه، فلما رجعت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تسلم، قلت: بأبي وأمي رأيتك تناجى دحية بن خليفة فكرهت أن تنقطع عليكما مناجاتكما، قال: وقد رأيته، قلت: نعم) مجمع الزوائد - الهيثمي: ج9 ص276.
روى الألباني: (دحية الكلبي يشبه جبريل...) الراوي: الشعبي، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الرقم 3362، حكم المحدث: صحيح.
الألباني عن صحيح النسائي: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكاناً من طين كان يجلس عليه، وإنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه إذ أقبل رجل أحسن الناس وجهاً وأطيب الناس ريحاً كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم في طرف البساط، فقال: السلام عليك يا محمد، فرد عليه السلام، قال: أدنو يا محمد، قال أدنه فما زال يقول أدنو مراراً ويقول له ادن حتى وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا محمد، أخبرني ما الإسلام ؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان. قال: إذا فعلت ذلك فقد أسلمت، قال: نعم. قال: صدقت، فلما سمعنا قول الرجل صدقت، أنكرناه. قال: يا محمد، أخبرني ما الإيمان ؟ قال: الإيمان بالله وملائكته والكتاب والنبيين وتؤمن بالقدر. قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت، قال رسول الله: نعم. قال: صدقت، قال: يا محمد، أخبرني ما الإحسان ؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: صدقت. قال: يا محمد، أخبرني متى الساعة، قال: فنكس فلم يجبه شيئاً، ثم أعاد فلم يجبه شيئاً، ثم أعاد فلم يجبه شيئاً، ورفع رأسه فقال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن لها علامات تعرف بها، إذا رأيت الرعاء البهم يتطاولون في البنيان، ورأيت الحفاة العراة ملوك الأرض، ورأيت المرأة تلد ربها خمس لا يعلمها إلا الله "أن الله عنده علم الساعة". إلى قوله: "إن الله عليم خبير" ثم قال: لا والذي بعث محمداً بالحق هدى وبشيراً، ما كنت بأعلم به من رجل منكم، وإنه لجبريل ( نزل في صورة دحية الكلبي) الراوي: أبو ذر وأبو هريرة، صحيح النسائي، صححه الألباني برقم 5006.
السيوطي: (كان جبرائيل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي) الراوي: عبد الله بن عمر، السيوطي، الخصائص الكبرى ج1 ص121، إسناده صحيح.
الألباني: (أشبه من رأيت بجبريل دحية الكلبي) الألباني - صحيح الجامع: لرقم 987، حكم المحدث: صحيح.
- عند الشيعة:
أقوال العلماء:
قال الشيخ المفيد رحمه الله: (وأما الروايات في رؤية الملائكة بصورة إنسان في الأمم السابقة وفي هذه الأمة فلا تعد ولا تحصى فقد روى رؤية بعض الصحابة جبرئيل بصورة دحية الكلبي ...) أوائل المقالات - الشيخ المفيد: ص288.
قال السيد المرتضى رحمه الله: ([تمثل جبرئيل في صورة دحية الكلبي] نزول جبرئيل ( بالوحي في صورة الكلبي كيف كان يتصور بغير صورته، ثم هو القادر عليها أو القديم تعالى يشكل وليست صورة جبرئيل، فإن كان الذي من القرآن من صورة غير جبرئيل ففيه ما فيه، وإن كان من جبرئيل فكيف يتصور بصورة البشر. وهذه القدرة قد رويت أن إبليس يتصور وكذلك الجن. أريد توضيح أمر الفلك وما كان يسمعها جبرئيل من الوحي أمن الباري تعالى أم من [وراء] حجاب، وكيف كان يبلغه وهو جبرئيل يعلم من صفات الباري أكثر مما نعلمه أو مثله، وأين محله من السماء، وهل القديم إذا خطر ببال جبرئيل يكون متحيراً فيه مثلنا ويكون سبحانه لا تدركه الأوهام، أو منزه علينا وجميع الملائكة أيضاً.
(الجواب) وبالله التوفيق: إن نزول جبرئيل ( بصورة دحية كان لمسألة من النبي صلى الله عليه وآله لله تعالى في ذلك، فأما تصوره فليس بقدرته بل الله تعالى يصوره كذلك حقيقة لا شكلاً (والذي كان يسمعه النبي صلى الله عليه وآله من القرآن من جبرئيل في الحقيقة كان، فأما إبليس والجن فليس يقدران على التصور. وكل قادر بقدرة فحكمهم سواء في أنهم لا يصح أن يصوروا نفوسهم، بل اقتضت المصلحة أن يتصور بعضهم بصورة يصوره الله تعالى للمصلحة. فأما جبرئيل ( وسماعه الوحي فيجوز أن يتكلم الله تعالى بكلام يسمعه فيعلمه، ويجوز أن يقرأه من اللوح المحفوظ. فأما ما يعلم جبرئيل من صفات الله تعالى، وطريقه الدليل، وهو والعلماء فيه واحد. فأما محله من السماء، فقد روي أنه في السماء السابعة. فأما ما يخطر بباله، فلا يجوز أن يتجوز فيه، لأن جبرئيل ( معصوم لا يصح أن يفعل قبيحاً) رسائل المرتضى - الشريف المرتضى: ج4 ص25 – 26.
قال الشيخ الطوسي رحمه الله: (قال الله تعالى: "ولو أنزلنا ملكاً" في صورته "لقضي الأمر" أي لقامت الساعة أو وجب استئصالهم، ثم قال: "ولو جعلناه ملكاً لجعلناه" في صورة رجل، لأن أبصار البشر لا تقدر على النظر إلى صورة ملك على هيئته للطف الملك وقلة شعاع أبصارنا وكذلك كان جبرائيل ( يأتي النبي صلى الله عليه وآله في صورة دحية الكلبي، وكذلك الملائكة الذين دخلوا على إبراهيم في صورة الأضياف حتى قدم إليهم عجلاً جسداً، لأنه لم يعلم أنهم ملائكة، وكذلك لما تسور المحراب على داود الملكان كانا في صورة رجلين يختصمان إليه. وقال بعضهم: المعنى لو جعلنا مع النبي ملكا يشهد بتصديقه "لجعلناه رجلاً" والأول أصح) التبيان - الشيخ الطوسي: ج4 ص83 – 84.
قال الشيخ الطبرسي: ("ولو جعلناه ملكاً" أي: ولو جعلنا الرسول ملكاً كما اقترحوه، "لجعلنه رجلاً" لأرسلناه في صورة رجل كما كان ينزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أعم الأحوال في صورة دحية الكلبي ...) تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي: ج1 ص554 – 555.
وفي موضع آخر قال: (وما مر في تفسير هذه الآية من أن الله ألقى شبه عيسى على غيره، فإن ذلك من مقدور الله بلا خلاف بين المسلمين فيه، ويجوز أن يفعله الله سبحانه على وجه التغليظ للمحنة، والتشديد في التكليف، وإن كان ذلك خارقاً للعادة، فإنه يكون معجزاً للمسيح، كما روي أن جبرائيل كان يأتي نبينا في صورة دحية الكلبي) تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي: ج3 ص234.
- سئل مركز الأبحاث العقائدية التابع للسيستاني:
(س/ ...عن (دحية الكلبي)، هل تمثل الأمين جبرائيل ( بصورته، وكما قال السيد الإمام الخميني (قدس سره) في أربعون حديثاً في صفحة 378: "كان يتمثل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المثال المقيد دائماً وفي المثال المطلق مرتين وفي عالم الملك حينا وفي عالم الملك في صورة دحية الكلبي رضيع رسول الله صلى عليه وآله وسلم الذي كان أجمل الناس"، سؤال هل يحتاج جبرائيل ( أن يتمثل بصورة دحية طيب أين وجه جبرائيل بل كان دحية 14 سنة مشرك قبل أن يدخل السلام).
الجواب من مركز الأبحاث العقائدية:
(ج/ ... ذكر الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه (التوحيد: ص255) بسنده عن أمير المؤمنين ( أنه قال في قوله تعالى: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم: 16- 17) أنه رأى جبرائيل ( في صورته مرتين، هذه المرة ومرة أخرى، وذلك أن خلق جبرائيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين (انتهى). وقد جاء في شرح أصول الكافي للمازندراني ج5 ص 118 نقلاً عن السهيلي في كتابه الروض الأنف: أنواع الوحي سبعة: الأول: الرؤيا الصادقة ...... الرابع: إنه يمثل له الملك رجلاً كما كان يأتيه في صورة دحية الكلبي، وكان دحية حسن الهيئة وحسن الجمال. الخامس: أن يتراءى له جبرئيل ( في صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح ينتثر منها اللؤلؤ والياقوت .... وأما نزول جبرئيل ( بصورة دحية فقد كان لمسألة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لله تعالى في ذلك وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يحب هذا الرجل فكان يتصور له جبرئيل بصورته ليستأنس برؤيته. (رسائل المرتضى: ج4 ص25، الرد على فتوى ابن جبرين للأحسائي: 34)...) مركز الأبحاث العقائدية التابع للسيستاني - السؤال: عن حالات تمثل جبرئيل للنبي /:
http://www.aqaed.com/faq/2761/
- الروايات عند الشيعة:
- تفسير علي بن إبراهيم: (... فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبله حارثة بن نعمان فقال له: ما الخبر يا حارثة ؟ قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله هذا دحية الكلبي ينادي في الناس ألا لا يصلين العصر أحد إلا في بني قريظة، فقال: ذاك جبرئيل ادعوا لي علياً، فجاء علي ( فقال له: ناد في الناس لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، فجاء أمير المؤمنين ( فنادى فيهم ...) تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي: ج2 ص189.
- روى الشيخ الكليني والشيخ الصدوق: (علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن أبي عبد الله (، قال: إن أبا ذر أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه جبرئيل ( في صورة دحية الكلبي وقد استخلاه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رآهما انصرف عنهما ولم يقطع كلامهما، فقال جبرئيل (: يا محمد، هذا أبو ذر قد مر بنا ولم يسلم علينا أما لو سلم لرددنا عليه، يا محمد إن له دعاء يدعو به معروفاً عند أهل السماء فسله عنه إذا عرجت إلى السماء، فلما ارتفع جبرئيل جاء أبو ذر إلى النبي فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما منعك يا أبا ذر أن تكون سلمت علينا حين مررت بنا ؟ فقال: ظننت يا رسول الله أن الذي [كان] معك دحية الكلبي قد استخليته لبعض شأنك، فقال: ذاك جبرئيل ( يا أبا ذر، وقد قال: أما لو سلم علينا لرددنا عليه، فلما علم أبو ذر أنه كان جبرئيل ( دخله من الندامة حيث لم يسلم عليه ما شاء الله ...) الكافي - الشيخ الكليني: ج2 ص587، الأمالي - الشيخ الصدوق: ص426.
- روى الشيخ الطوسي: (حدثني جماعة، عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري، عن خاله، عن الأشعري، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن أسباط، عن داود، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (، قال: ............ فقالت أم سلمة: فسألت فاطمة هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك ؟ قالت: نعم، فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي، فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط، فقلت: ما هذا ؟ فقالت: كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقول لي: يا فاطمة، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك، فاطرح له الوسادة فيجلس عليها، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه، فسأل علي ( رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل () الأمالي - الشيخ الطوسي: ص40 – 42.
وروى أيضاً: (عن أبي المفضل، قال: حدثنا عبد الله ابن سليمان بن الأشعث السجستاني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد النهشلي شاذان، قال: حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز، قال: حدثنا مندل بن علي العنزي، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيته، فغدا إليه علي ( في الغداة، وكان يحب أن لا يسبقه إليه أحد، فدخل فإذا النبي (صلى الله عليه وآله) في صحن الدار، وإذا رأسه في حجر دحية بن خليفة الكلبي، فقال: السلام عليك، كيف أصبح رسول (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: بخير، يا أخا رسول الله. فقال علي (: جزاك الله عنا أهل البيت خيراً. قال له دحية: إني أحبك، وإن لك عندي مديحة أهديها إليك. أنت أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، وسيد ولد آدم ما خلا النبيين والمرسلين، لواء الحمد بيدك يوم القيامة، تزف أنت وشيعتك مع محمد (صلى الله عليه وآله) وحزبه إلى الجنان، قد أفلح من والاك، وخاب وخسر من خلاك، محبو محمد (صلى الله عليه وآله) محبوك، ومبغضوه مبغضوك، لا تنالهم شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله)، ادن من صفوة الله. فأخذ رأس النبي ( فوضعه في حجره، فانتبه النبي ( فقال: ما هذه الهمهمة، فأخبره الحديث، فقال: لم يكن دحية، كان جبرئيل ( سماك باسم سماك الله (تعالى) به، وهو الذي ألقى محبتك في قلوب المؤمنين، ورهبتك في صدور الكافرين) الأمالي - الشيخ الطوسي: ص604.
روى القاضي النعمان المغربي: ("الحسين" بن الحكم الحبري، بإسناده، عن ربيعة السعدي، قال: لما كان من أمر عثمان ما كان بايع الناس علياً (، وكان حذيفة اليماني على المدائن يوم قتل عثمان، فبعث إليه علي ( بعهده، وأخبره بما كان من أمر الناس وبيعتهم إياه. فنادى حذيفة الصلاة فاجتمع الناس، فقام فيهم خطيباً، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وذكر النبي صلى الله عليه وآله بما هو أهله، وأخبرهم بأمر علي وما كتب به إليه، وقال: قد والله وليكم أمير المؤمنين حقاً، ورددها سبع مرات، ويحلف لهم بالله على ذلك، فقام إليه رجل، فقال: أيها الأمير، متى كان أمير المؤمنين اليوم حين ولي، أو قد كان قبل ذلك، فإنا نسمعك كررت ذلك سبعاً تحلف عليه، ولا أظن ذلك إلا لأمر تقدم عندك فيه. قال له حذيفة: إن شئت أخبرتكم وإلا فبيني وبينك علي ( فإنه أعلم الناس بما أقوله. قال: فخبرني. فقال حذيفة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول لنا: إذا رأيتم دحية الكلبي عندي جالساً فلا يقربني أحد منكم، وكان جبرائيل يأتيه في صورة دحية الكلبي وأني أتيته يوماً لأسلم عليه فرأيته نائماً ورأسه في حجر دحية الكلبي، فغمضت عيني ورجعت فلقيني علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، فقال لي: من أين جئت ؟ قلت: من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبرته الخبر. فقال لي: ارجع معي فلعلك أن تكون لنا شاهداً على الخلق، فمشى ومشيت معه حتى أتينا باب النبي صلى الله عليه وآله فجلست من وراء الباب، ودخل علي (صلوات الله عليه) فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فأجابه دحية الكلبي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يا أمير المؤمنين ادن مني فخذ رأس ابن عمك من حجري فأنت أولى به مني. فوضع رأس النبي صلى الله عليه وآله في حجر علي (، ثم نظرت فلم أره. ومكث النبي صلى الله عليه وآله ملياً ثم انتبه، فنظر إلى علي (. فقال: يا علي، من حجر من أخذت رأسي ؟ قال: من حجر دحية الكلبي يا رسول الله. قال: بل أخذته من حجر جبرائيل، فأي شيء قلت حين دخلت ؟ وما الذي قال لك ؟ قال: قلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال لي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين ادن مني فخد رأس ابن عمك من حجري فأنت أولى به مني. فقال: صدق، أنت أولى (بي) منه فهنيئاً لك يا علي رضي عنك أهل السماء وسلمت عليك الملائكة بإمرة المؤمنين، فلهنك هذه الفضيلة والكرامة من الله عز وجل. وما لبث أن خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فرآني من وراء الباب، فقال لي: يا حذيفة، أسمعت شيئاً ؟ فقلت: إي والله سمعته، وأخبرته الخبر. فقال لي: حدث بما سمعت من جبرائيل () شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي: ج1 ص200 – 202.
[74] - وهذا أيضاً أمر فطري وعقلي وهو أنّ الحقيقة البسيطة المطلقة لا يمكن أن ينفصل عنها شيء مغاير لها أو متميز عنها، ولا يمكن أن يكون فيها أقسام أو أجزاء أو أصول أو أقانيم كما يسمونها متمايزة؛ لأن هذا يعني إنها حقيقة مركبة وليست بسيطة، والتركيب دلالة الافتقار وينفي عنها الغنى، وبالتالي لينفصل شيء ما متميز عن الحقيقة البسيطة المطلقة لابد من وجود حقيقة بسيطة مطلقة أخرى، وهذا أمر محال؛ لأن الحقيقة البسيطة المطلقة واحدة ولا يمكن أن تتعدد.
[75] - ولهذا تجدهم دائماً يقولون: إنّ الثالوث غير معقول ولا يدرك بالعقل، ولكن يجب الإيمان به.
[76] - للكعبة أربعة أركان: ركن شرقي ويسمى الركن العراقي، وأيضاً يعرف بركن الحجر الأسود، وركن شمالي ويسمى الركن الشامي، وركن غربي ويسمى الركن الغربي، وركن جنوبي ويسمى الركن اليماني. ويطلق على الركنين الذين على جانبي باب الكعبة أي الركن العراقي والركن الشامي اسم (العراقيان)، ويطلق على الركن الشامي والركن الغربي: الشاميان، ويطلق على الركن اليماني والركن العراقي الذي فيه الحجر الأسود: اليمانيان. ويبدأ الطواف في الحج من الركن العراقي الذي فيه الحجر الأسود، بحيث تكون الكعبة على يسار الشخص، ويتوجه نحو الركن الشامي ثم الغربي ثم اليماني ثم عندما يبلغ الركن العراقي يكون قد أتم شوطاً من الطواف ... وهكذا. ومن ذلك نعرف أن الركن الذي فيه الحجر الأسود يسمى بالركن العراقي وركن الحجر الأسود وباليماني، وأيضاً بالشرقي لأنه واقع إلى جهة الشرق. ولكن الآن الوهابيون وأمثالهم ... خصوا الركن الشامي باسم الركن العراقي .. وأطلقوا على الركن العراقي الذي فيه الحجر الأسود اسم (الركن) أو (ركن الحجر الأسود)، وأطلقوا اسم (الشامي) على الركن المغربي، وبقى الركن اليماني على اسمه بدون تغيير. أي أنهم رفعوا اسم (الركن العراقي) من ركن الحجر الأسود .. وخصوه بالركن الشامي ، ولكن كلام العلماء القدماء وغيرهم يشهد على ان ركن الحجر الأسود يسمى بـ (الركن العراقي)، والآن اذكر شواهد من بعض كلمات العلماء (شيعة وسنة):
1- الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد ص 27، قال: (... وأهل العراق يتوجهون إلى الركن العراقي وهو الركن الذي فيه الحجر وأهل اليمن إلى الركن اليماني وأهل المغرب إلى الركن الغربي و أهل الشام إلى الركن الشامي ...).
وأيضاً الشيخ الطوسي في الاقتصاد ص257، قال: (... فأهل العراق ومن يصلي إلى قبلتهم يتوجهون إلى الركن العراقي، وعليهم التياسر قليلا، وليس على من يتوجه إلى غير هذا الركن ذلك، فإن أهل اليمن يتوجهون إلى الركن اليماني، وأهل المغرب إلى الركن المغربي ، وأهل الشام إلى الركن الشامي ...).
2- المحقق الحلي في شرائع الإسلام ج1 ص52، قال: (... وأهل كل إقليم يتوجهون إلى سمت الركن الذي على جهتهم: فأهل العراق إلى العراقي، وهو الذي فيه الحجر، وأهل الشام إلى الشامي. والمغرب إلى المغربي. واليمين إلى اليماني ...).
3- وجاء في تعليق السيد الشيرازي على شرائع الإسلام على هذه المسألة بالذات، هامش رقم 48: (الركن العراقي هو الركن الذي فيه الحجر الأسود، والذي بعده - على ترتيب الطواف - هو الركن الشامي، ثم المغربي، ثم اليماني).
وأيضاً علق الشيرازي على قول المحقق الحلي في الشرائع: (... ويستقبل الركن العراقي ...) ج1 ص204، هامش رقم 381 قائلاً: (وهو الركن الذي فيه الحجر الأسود).
4- العلامة الحلي في تذكرة الفقهاء (ط.ج) ج8 ص86، قال: (... ويجب أن يبتدئ في الطواف من الحجر الأسود الذي في الركن العراقي، فإن البيت له أربعة أركان: ركنان يمانيان، وركنان شاميان ...).
5- السيد ابن طاووس في: فلاح السائل ص129، قال: (... وأهل العراق يتوجهون إلى الركن العراقي وهو الركن الذي فيه الحجر وأهل اليمن إلى الركن اليماني وأهل المغرب إلى الركن الغربي وأهل الشام إلى الركن الشامي ...).
6- السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: ج7 ص169، قال: (مساحة الكعبة الشريفة: قال طول البيت من ركن الحجر وهو الركن العراقي إلى الركن الشامي 25 ذراعاً ومثله الطول الآخر وهو من الركن المغربي إلى اليماني وعرضه من الشامي إلى المغربي 20 ذراعا وعليه الميزاب وعرضه الآخر من اليماني إلى العراقي 21 ذراعاً وسمكه ثلاثون ذراعاً).
7- الشيخ الجواهري في جواهر الكلام: ج7 ص378، قال في معرض كلامه في أحد المواضيع: (... هذا كله في الركن العراقي، وأما الركن الثاني من ركني الباب فهو لأهل الشام وغيرهم ...). ومن المعلوم أن ركني الباب أي باب الكعبة هما ركن الحجر الأسود (العراقي)، والثاني هو الركن الشامي، فخص ركن الحجر الأسود باسم (الركن العراقي).
8- المحقق السبزواري في ذخيرة المعاد (ط.ق): ج1 ق3 ص634، قال: (... ويستحب أيضاً في الطواف (التزام الأركان) جميعاً (خصوصاً العراقي واليماني) اختلف الأصحاب في هذه المسألة في موضعين (الأول) المشهور بين الأصحاب استحباب التزام الأركان كلها ويتأكد استحباب التزام الركن العراقي واليماني). والذي يتأكد استحباب التزامه مع الركن اليماني هو ركن الحجر الأسود بلا خلاف .. إذن، فقد خص المحقق السبزواري ركن الحجر الأسود بـ (الركن العراقي).
9- السيد علي الطباطبائي في رياض المسائل: ج3 ص121، قال: (... "فأهل المشرق" وهم: أهل العراق ومن والاهم، وكان في جهتهم إلى أقصى المشرق وجنبيه مما بينه وبين الشمال أو الجنوب إلى الركن الذي يليهم، وهو الركن العراقي الذي فيه الحجر الأسود. وأهل المغرب إلى الغربي، وأهل الشام إلى الشامي، وأهل اليمن إلى اليمني ...).
10- المصطلحات - إعداد مركز المعجم الفقهي: ص1220: (الركن العراقي: الركن الذي فيه الحجر الأسود وسمي بذلك لأنه يقابله جهة العراق. والذي بعده على ترتيب الطواف هو الركن الشامي، ثم بعد الطواف حول حجر إسماعيل يأتي الركن المغربي ثم الركن اليماني).
11- الدكتور أحمد فتح الله في معجم ألفاظ الفقه الجعفري: ص211 – 212، قال: ("الركن العراقي" الركن الذي فيه الحجر الأسود، وسمي بذلك لأنه يقابله جهة العراق. والذي بعده على ترتيب الطواف هو الركن الشامي، ثم بعد الطواف حول حجر إسماعيل يأتي الركن المغربي ثم الركن اليماني).
12- محيي الدين النووي في شرح مسلم: ج8 ص94 – 95، قال: (... والمراد بالركنين اليمانيين الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود ويقال له العراقي لكونه إلى جهة العراق وقيل للذي قبله اليماني لأنه إلى جهة اليمن ويقال لهما اليمانيان تغليبا لأحد الاسمين .... قال العلماء: ويقال للركنين الآخرين اللذين يليان الحجر بكسر الحاء الشاميان لكونهما بجهة الشام قالوا فاليمانيان باقيان على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم بخلاف الشاميين فلهذا لم يستلما واستلم اليمانيان لبقائهما على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم ثم إن العراقي من اليمانيين اختص بفضيلة أخرى وهي الحجر الأسود فاختص لذلك مع الاستلام بتقبيله ووضع الجبهة عليه بخلاف اليماني والله أعلم ...).
13- جلال الدين السيوطي في الديباج على مسلم: ج3 ص280، قال: (... إلا اليمانيين بتخفيف الياء في الأشهر وهما الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود ويقال له العراقي لكونه إلى جهة العراق وذلك إلى جهة اليمن فغلب على التثنية ...).
14- العيني في عمدة القاري: ج3 ص26، قال: (... واليمانيين، الركن اليماني والركن اليماني الذي فيه الحجر الأسود، ويقال له الركن العراقي لكونه إلى جهة العراق، والذي قبله يماني لأنه من جهة اليمن. ويقال لهما: اليمانيان تغليبا لأحد الاسمين، وهما باقيان على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم).
15- أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود: ج5 ص131، قال: (... والمراد بالركنين اليمانيين الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود ويقال له العراقي لكونه جهة العراق، وقيل للذي قبله اليماني لأنه جهة اليمن ...).
16- الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد: ج8 ص464، قال: (... وثبت عنه: أنه استلم الركن اليماني، ولم يثبت عنه أنه قبله، ولا قبل يده حين استلامه. وقول ابن عباس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الركن اليماني، ويضع خده عليه، رواه الدارقطني، من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز. قال ابن القيم: (المراد بالركن اليماني ها هنا الحجر الأسود، فإنه يسمى الركن اليماني مع الركن الآخر يقال لهما: اليمانيان، ويقال له مع الركن الذي يلي الحجر من ناحية الباب العراقيان ، ويقال للركنين اللذين يليان الحجر الشاميان، ويقال للركن اليماني، والذي يلي الحجر من ظهر الكعبة الغربيان، ولكن ثبت عنه أنه قبل الحجر الأسود، وثبت عنه أنه استلمه بيده ، فوضع يده عليه ثم قبلها).
وغير تلك الأقوال كثير تركته للاختصار، ومنها نعرف اختصاص ركن الحجر الأسود بـ (الركن العراقي)، نعم يطلق عليه مع الركن الشامي اسم (العراقيان)، ولكن عند الافراد فركن الحجر الأسود يطلق عليـه (الركن العراقي)، والركن الشامي معروف بـ (الركن الشامي).
وجاء في روايات أهل البيت / ما يؤكد ذلك: الاستبصار للشيخ الطوسي: ج2 ص216 – 217، بـ 141 ح743، وأيضاً رواه في تهذيب الأحكام : ج5 ص106 ح343: أحمد بن محمد بن عيسى عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: (قلت للرضا ( استلم اليماني والشامي والغربي ؟ قال: نعم).
وهو يدل على أن الركن العراقي مفروغ من جواز استلامه لأن فيه الحجر الأسود، فسأل بن أبي محمود عن بقية الأركان، وسمى الشامي بـ (الشامي) وهو الذي يسميه البعض اليوم بـ (العراقي) كما وجدت في بعض مخططات أبناء العامة للكعبة. ومن الرواية نعرف أن الأركان الأربعة معروفة بـ (1- الركن العراقي - ركن الحجر الأسود - ، 2- الركن الشامي، 3- الركن الغربي ، 4- الركن اليماني).
بل جاء لفظ هذه الرواية في وسائل الشيعة (الإسلامية) للحر العاملي: ج9 ص423 ح17910: عن إبراهيم بن أبي محمود قال: (قلت للرضا (: استلم اليماني والشامي والعراقي والغربي ؟ قال: نعم). أي انه سأل عن استلام كل الأركان الأربعة، ونجده قد سمى الركن الجنوبي باسمه وهو (اليماني)، وسمى الركن الشمالي باسمه هو (الركن الشامي)، وسمى الركن الغربي باسمه هو (الركن الغربي)، فلم يبق إلا الركن الذي فيه الحجر الأسود وهو (الركن العراقي).
وقد قال الشيخ الطوسي في الجمع بين الروايتين الآتيتين:
عن محمد بن يحيى عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: (كان رسول الله / لا يستلم إلا الركن الأسود واليماني ويقبلهما ويضع خده عليهما ورأيت أبي يفعله).
عن جميل بن صالح عن أبي عبد الله (، قال: (كنت أطوف بالبيت فإذا رجل يقول: ما بال هذين الركنين يستلمان ولا يستلم هذان؟ فقلت: إن رسول الله / استلم هذين ولم يعرض لهذين فلا تعرض لهما إذا لم يعرض لهما رسول الله /، قال: جميل، ورأيت أبا عبد الله ( يستلم الأركان كلها).
فقال الشيخ الطوسي: (فلا تنافي بين هذين الخبرين والخبر الأول لأنهما تضمنا حكاية فعل رسول الله /، ويجوز أن يكون رسول الله / لم يستلمهما لأنه ليس في استلامهما من الفضل والترغيب في الثواب ما في استلام الركن العراقي واليماني، ولم يقل إن استلامهما محظور أو مكروه ولأجل ما قلناه حكى جميل أنه رأى أبا عبد الله ( يستلم الأركان كلها فلو لم يكن جائزا لما فعله () الاستبصار للشيخ الطوسي: ج2 ص216 - 217، بـ 141. فعبر عن الركن الأسود الذي جاء في الرواية الأولى بـ (الركن العراقي)، لأنه هو الذي فيه الحجر الأسود. (اللجنة العلمية).