Subjects
-هذا الكتاب:
-الإهداء
-مقدمة
-جواب محمود الصرخي من كتابه:
-خلق الأرض:
-المتشابهات ج4 ص127- 137:
Text
إصدارات أنصار الإمام المهدي ع/ العدد (36) حجة الوصي وأوهام المدعي الجزء الأول مناظرة بين جوابين حول (خلق الأرض) جواب السيد أحمد الحسن اليماني الموعود وجواب مدعي الأعلمية (محمود الصرخي) طبعة مصححة الطبعة الثانية 1432 هـ - 2011 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org -هذا الكتاب: هو عبارة عن مناظرة بين جواب السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي، وجواب محمود الصرخي مدعي الأعلمية، وذلك بعد أن امتنع الجميع عن مناظرة السيد أحمد الحسن، فقمنا بجمع: بحث محمود الصرخي الموسوم (خلق الأرض) حرفياً. ويتلوه تعليق توضيحي للشيخ حيدر الزيادي حول جواب محمود الصرخي على السؤال (خلق الأرض). ويتلو التعليق جواب لنفس السؤال ونفس الآيات مأخوذ من كتاب المتشابهات الجزء الرابع ص 127 – 137 للسيد أحمد الحسن، ليتسنى للقارئ المقارنة بين الجوابين جواب السيد أحمد الحسن وجواب محمود الصرخي. أنصار الإمام المهدي (مكن الله في الأرض) غرة ذي الحجة/ 1426 هـ . ق -الإهداء إلى عباد الله حقاً حقاً ... إلى أولياء الله علانية وصدقاً ... إلى خلفاء الله الذين حاج بهم الملائكة ... إلى أنبياء الله ورسله وأوصيائهم من آدم إلى آخر المهديين ... إلى الصابرين على البلاء في جنب الله ... إلى المخذولين من الناس … والمنصورين من الله إلى خاذلي الشيطان … وناصري أمر الرحمن أهدي ثواب هذه السطور وأسأل الله أن يتوفني مسلماً ويحشرني مع أسيادي وأسياد الأنبياء والمرسلين (محمد وآل محمد ص). -مقدمة لابد لطالب الحق من التجرد عن عبودية الأصنام، والتوجه لعبودية الله بقلب فارغ من الشرك ومن الميل لعبادة الأصنام البشرية، ولا يمكن القلب أن يحتوي الأيمان والكفر بشكل صادق في آن واحد، ولابد أن يكون الكفر بالطاغوت أولاً ثم الأيمان بالله، ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ﴾([1]). فإذا تجرد الإنسان من كل قيود الشرك وتوجه بقلبه إلى الله تعالى متحرراً من قيود العاطفة والتعصب، وطلب الحق بموضوعية، ميزانه بذلك قولهم ص: (اعرف الحق تعرف أهله) ([2]). وقد مرت سنوات عديدة على دعوة السيد أحمد الحسن، أنزل خلالها إلى الساحة العلمية أجوبة فيها ردود حول بعض الآيات القرآنية التي وجهت إلى السيد أحمد الحسن ع، ومنها سؤال كان حول خلق الأرض، وقد وجه نفس السؤال إلى محمود الصرخي الذي يدعي الأعلمية، فارتأيت أنا العبد الفقير أن أجمع الجوابين في كتيب واحد لكي لا يتعسر على طالب الحق المقارنة بين الجوابين؛ لاستبيان الحقيقة، والتمييز بين الجواب الذي تخبط صاحبه العشواء وبين الجواب الذي يؤيده القرآن. قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾([3]). الشيخ حيدر الزيادي 29/ ذو القعدة/ 1426 هـ . ق -جواب محمود الصرخي من كتابه: بحث في التفسير: خلق الأرض وعلي في القرآن بسم الله الرحمن الرحيم -خلق الأرض: قال تعالى: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ( وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ .... (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾([4]). السؤال: من سياق الآيات الكريمات نعرف بأن الله سبحانه وتعالى قد خلق الأرض في يومين وقدر الأوقات لها في أربعة أيام. وأنه سبحانه خلق سبع سماوات في يومين بسكانها وأوقاتها، ونحن نعلم بأن في سماء الدنيا قد خلق من النجوم ما يقدر بالمليارات, ومن المجرات بالملايين, وبغض النظر عن العوالم الموجودة فيها وفي السماوات الست الباقية. فلماذا استغرق خلق الأرض لوحدها يومين وتقدير الأوقات فيها بأربعة أيام، بينما خلق السماوات الباقية والأجرام السماوية لم يستغرق سوى يومين ؟ بسمه تعالى: الله تعالى العالم بالعلة والحكمة من ذلك، ولا بأس عليك وعلينا الالتفات إلى عدة أمور في المقام: الأول: إن الآية الشريفة ليس فيها إشارة إلى خلق سكان السماوات وتقدير أقواتها، فسياق الآية أشار إلى مدة جعل الرواسي ومباركتها وتقدير أقواتها، أما بالنسبة إلى السماوات فقد أشار إلى مدة خلقهن أو قضائهن ولم يذكر مدة أخرى تشير إلى غير ذلك، هذا حسب ظاهر التفسير وهو يفيد ولو على نحو الأطروحة والاحتمال. الثاني: يحتمل أن إطلاق اليوم في هذه الآيات وغيرها إشارة إلى قطعة من الزمان (ليست اليوم الأرضي المعروف) وهذه القطعة الزمنية تحوي حادثة من الحوادث, فيكون النظر والمراد إلى القطعة الزمنية أو إلى الحادثة الواقعة فيها ويشهد لهذا قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾([5]). الثالث: ويتفرع عن الثاني احتمال أن يكون المراد باليومين هو أن الأرض عند تكوينها مرت بمرحلتين أو حالتين متغايرتين، كالحالة السائلة والحالة الصلبة، أو الغازية والصلبة. الرابع: علينا الأخذ بنظر الاعتبار تفسير الأرض والمعاني المطروحة المحتملة فيها، وكذلك تفسير السماء والأطروحات المحتملة في معناها. الخامس: الالتفات إلى إن العديد من التفاسير يشير إلى إن الأربعة أيام المذكورة في الآية تشمل اليومين لخلق الأرض فيكون تقدير الأوقات وغيره في يومين. * * * إلى هنا انتهى بحث محمود الصرخي الموسوم (خلق الأرض) نقلته حرفياً. ملاحظة: السائل أخطأ في قوله: (الأوقات، وأوقاتها) والصحيح كما في الآية (أَقْوَاتَهَا)، فجاراه محمود الصرخي في خطأه في خامساً فقال: (فيكون تقدير الأوقات) دون أن يلتفت، وعلى كل حال فلنقل خطأ مطبعي ونغض النظر. التعليق: بعد الإطلاع على السؤال الأول من كتاب محمود الصرخي (خلق الأرض وعلي في القرآن)، وكان النصف الأول من الكتيب الذي أشير على غلافه أنه بحث في التفسير، السؤال الذي يخص خلق الأرض، لابد من الالتفات فيه إلى أمور: أولاً: قول محمود الصرخي: الأول: إن الآية الشريفة ليس فيها إشارة إلى خلق سكان السماوات وتقدير أقواتها، فسياق الآية أشار إلى مدة جعل الرواسي ومباركتها وتقدير أقواتها، أما بالنسبة إلى السماوات فقد أشار إلى مدة خلقهن أو قضائهن ولم يذكر مدة أخرى تشير إلى غير ذلك، هذا حسب ظاهر التفسير وهو يفيد ولو على نحو الأطروحة والاحتمال. أقول: قوله الآية الكريمة ليس فيها إشارة، غير صحيح إذا كان المطلوب مجرد الإشارة، أما إذا كان محمود الصرخي يريد تصريحاً واضحاً مفصلاً بدقائق الأمور، عندها لا يحتاج السائل أن يسأل محمود الصرخي، وإليك الآية: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾([6]). فقضاهن سبع سماوات: فهنا الإشارة إلى خلقهن وإنجازهن، فقوله تعالى قضاهن وليس (قضائهن) أي من القضاء … كما كتب وظن محمود الصرخي … ولا أعلم من أين جاء محمود الصرخي بالهمزة ووضعها قبل النون، ليحول كلمة (قضاهن) في القرآن إلى (قضائهن). ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾: فهي آية وليست آيات كثيرة ليغفل محمود الصرخي عن هذا فهلا سأل نفسه قبل الجواب، مع أن الآية ذكرت أن أمر كل سماء أوحي فيها، وتمت جميعها في يومين والآية واضحة جداً جداً، فتبين التخبط والخلط الواضح في قول محمود الصرخي (... ولم يذكر مدة أخرى تشير إلى غير ذلك، هذا حسب ظاهر التفسير)، بل حسب ظاهر التفسير أن اليومين تتضمن خلق السماوات وأمرها لا فقط خلق السماوات. ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾: والسماء الدنيا آخر السماوات (أي سمائنا) وهي المزينة بالنجوم، وهذا آخر المطاف أي الزينة، أي إن الله تعالى لما خلق السماوات وأتمها خلقاً وأقواتاً وزينة وحفظاً وذلك تقديره جل وعلا، أي إن الحفظ موجود لكن لم يعمل حتى بعث محمد ص، فالمعروف لكل من اطلع ولو اطلاعاً بسيطاً على أي تفسير للقرآن يجد أن السماء لم تحفظ من الذين يسترقون السمع إلا بعد بعثة محمد ص، مع أن الحفظ كأمر (قوت) موجود ومخلوق وقد ذكرته هذه الآية، ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾. أقول: (الحفظ من ضمن اليومين أم من غير اليومين) ؟ وكل ذلك في اليومين. ومع أن سؤال السائل الذي سأل محمود الصرخي كان هكذا مضمونه: (لماذا خلق الأرض في أربعة أيام والسماء في يومين) ؟؟؟ نجد أن محمود الصرخي لم يجب بشيء يفيد السائل في النقطة أولاً، بل أخذ القارئ بعيداً عن سؤاله ولم يجبه ولن يجبه عما سأل وهذه الملاحظة موجودة في أكثر إجاباته، فانتبه لهذا الأمر وستلاحظ ذلك بنفسك. ثانياً: قول محمود الصرخي: الثاني: يحتمل أن إطلاق اليوم في هذه الآيات وغيرها إشارة إلى قطعة من الزمان (ليست اليوم الأرضي المعروف) وهذه القطعة الزمنية تحوي حادثة من الحوادث فيكون النظر والمراد إلى القطعة الزمنية أو إلى الحادثة الواقعة فيها، ويشهد لهذا قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾. أقول: فقوله قطعة من الزمن: ليس فيه أي جواب، ارجع إلى الجواب أيها القارئ هل فهمت أي جواب منطقي للسؤال ؟ والسؤال كان؛ لماذا السماء في يومين والأرض في أربعة ؟ فهل يقصد محمود الصرخي أن يومي السماء بالمتر مثلاً (أي كبار) وأيام الأرض الأربعة بالسنتمتر (أي صغار)، أم ماذا يا ترى ؟!! فالآية الكريمة لم تفرق بين هذه الأيام، اليومين والأربعة، بغض النظر عن كون اليوم أرضياً أو غيره. الآية التي استدل بها محمود الصرخي قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، فللآية تكملة ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾([7]). وهذه تشير إلى أيام الدول ومداولة الناس إياها إلى زمن دولة القائم ع واتخاذ الذين آمنوا شهداء على مرور الأزمنة وهم حجج الله ص، وكما في الروايات أن الأرض لا تخلو من حجة، فالآية التي استدل بها محمود الصرخي أجنبية عن الموضوع (وهو اختلاف اليوم عند الله - ومنها أيام الخلق - عن اليوم الأرضي المعروف). وعندما قرأت كلام سماحة المرجع الأعلم، كان جالس بالقرب مني صديق لا يجيد الكتابة بصورة صحيحة، فقلت له: بأي آية يستدل على أن الأيام التي خلق الله بها السماوات والأرض تختلف عن (اليوم الأرضي)، فقال صديقي الذي لا يجيد الكتابة، قوله تعالى، وذكر مضمون الآية: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾([8])، وقال شخص آخر حاضر الموقف، بقوله تعالى: ﴿... وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾([9]). فقلت: يا ليت سماحة المرجع الأعلم استشار صديقي هذا قبل الرد. فهي أقرب للاستدلال على اختلاف أيام خلق السماوات والأرض عن اليوم الأرضي المعروف من قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، فسماحة المرجع الأعلم محمود الصرخي بصدد أن يوصل فكرة؛ إن أيام الله ليس كأيام الناس … ولكن خانه التعبير … أليس كذلك ؟!!! ثالثاً: قول محمود الصرخي: الثالث: ويتفرع عن الثاني احتمال أن يكون المراد باليومين هو أن الأرض عند تكوينها مرت بمرحلتين أو حالتين متغايرتين، كالحالة السائلة والحالة الصلبة، أو الغازية والصلبة. أقول: هل سأل سماحة المرجع الأعلم محمود الصرخي نفسه أو نظر في الآية الكريمة قليلاً قبل أن يطرح هذا الاحتمال للأرض في يومين (حالتين متغايرتين)، فإذا كانت الآية تذكر أربعة أيام سواء للسائلين، يا سائلين (إن الله يقول عن هذه الأيام سواء أي متساوية) ولم يذكر أي تغاير فمن أين جاء محمود الصرخي الأعلم بالتغاير ؟ ﴿… وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾. ما هي أطروحة محمود الصرخي للسماوات السبع، فهي والأرض في سؤال واحد ؟ هل مرت السماوات بحالة سائلة أو صلبة أيضاً، أم مرت السماوات من الغازية إلى الغازية ؟!!! أم ماذا ... فهلا وضح لنا سماحة المرجع الأعلم الحالتين المتغايرتين التي تمر بهما السماوات. رابعاً: قول محمود الصرخي: الرابع: علينا الأخذ بنظر الاعتبار تفسير الأرض والمعاني المطروحة المحتملة فيها، وكذلك تفسير السماء والأطروحات المحتملة في معناها. أقول: السائل يسأل عن سبب خلق السماوات في يومين وخلق الأرض في أربعة أيام، فما الذي يمنع سماحة المرجع الأعلم من توضيح هذه المعاني والأطروحات وعلاقتها بالسؤال، فأما أن يكون محمود الصرخي يجهل المعاني وتركها مبهمة وطلب من السائل أن يبحث عنها في مصادر أخرى، وأما أن تكون هناك معانٍ وليس لها علاقة بالسؤال فاستحى سماحة المرجع الأعلم من ذكرها؛ لأنها تزيد في تفاهة الجواب. خامساً: قول محمود الصرخي: الخامس: الالتفات إلى أن العديد من التفاسير يشير إلى أن الأربعة أيام المذكورة في الآية تشمل اليومين لخلق الأرض فيكون تقدير الأوقات وغيره في يومين. أقول: إن هذا موجود في منتخب التبيان، وهو رأي صاحب التفسير، وإذا كان خلق الأرض في يومين وأقواتها أربعة أيام والسماوات يومين، فعندها يكون العدد ثمانية، ولكن الأولى بالمرجع الأعلم والأعلى والأفقه والأذكى محمود الصرخي أن يستشهد في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾([10]). أو قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...﴾([11]). أو قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...﴾([12]). أو قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...﴾([13]). أو قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...﴾([14]). أو قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...﴾([15]). أقول: كان أولى بمحمود الصرخي أن يستشهد بالآيات بدلاً من قوله: في العديد من التفاسير، على أن السماوات والأرض خلقت في ستة أيام. ولا أعتقد أنه يجهل أن 4 + 2 =6 وهذا لا يحتاج للاستشهاد بقول مفسر غير معصوم وهو إنسان يصيب ويخطئ بل قول الله أولى أن يكون الشاهد والدليل، ولكنه استشهد بآراء أصحاب التفاسير وأعرض عن قول الله في كتابه الكريم؛ لأن قلبه أشرب ... ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾([16]). فالسائل في النصف الأول من سؤاله كان متوهماً أي في قول السائل (فلماذا استغرق خلق الأرض لوحدها يومين وتقدير الأوقات فيها بأربعة أيام، بينما خلق السماوات الباقية والأجرام السماوية لم يستغرق سوى يومين). فجعلها يومين + بأربعة أيام + يومين = ثمانية أيام، و هذا خطأ واضح. ولكن ماذا ؟ انتهى البحث ولم نقف على جواب شافٍ لا من بعيد ولا من قريب، وفسر محمود الصرخي (الماءَ بعد الجهدِ بالماءِ) وأراد أن يوضح فأبهم، وأن يكحل عين السائل فأعماها. والحمد لله وحده. نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. وأذكر القارئ، كان مضمون سؤال السائل: لماذا الأرض وأقواتها في أربعة أيام، والسماوات السبعة وسماء الدنيا وزينتها وحفظها في يومين ؟ والسائل يريد جواب … يا محمود الصرخي. ولمقارنة جواب السيد أحمد الحسن بجواب محمود الصرخي، أنقل إلى الأخ القارئ جواب السيد أحمد الحسن حرفياً من كتاب المتشابهات ج4 ص127 – 137، وقد علق على هامش الكتاب الأستاذ ضياء الزيدي. جواب السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي ع -المتشابهات ج4 ص127- 137: سؤال/ 175: قال تعالى: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ ([17])، لماذا مدة خلق الأرض وأرزاقها أربعة أيام، بينما خلق السماوات في يومين مع أنّ السماوات أعظم؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين قال تعالى: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾. خَلق الأرض في يوم، وخَلَق أرزاقها في يوم، فالأرض بما فيها من جمادات في يوم، وما على الأرض من أحياء (نباتات وحيوانات) في يوم. وقال تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾. ﴿جَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾: وهي الجبال، وهي من ضمن اليوم الأول في العالم الجسماني، أي إنها (الجبال)، تجلت فيها (في الأرض)، من فوقها ( أي من السماء)، وإلا فإن الظاهر على سطح الأرض، أي فوقها من الجبال أقل بكثير من الغائر في باطن الأرض، فأكثر من ثلثي الجبل غائر في باطن الأرض، ولذا عبر عنها (رواسي)، أي هي سبب إرساء الأرض، فكأنها أوتاد للأرض تثبتها ﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾ ([18])، أي تثبت سطح الأرض وتمنعه عن الحركة مع حركة باطن الأرض المستمرة، قال تعالى: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ ([19])، أي هي متحركة ولكنها مع حركة الأرض فتمنع سطح الأرض عن الاختلال والانفصال عن باطن الأرض، فتكون حركة الأرض متزنة. ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾: وهو الماء، البركة النازلة من السماء، وهي من ضمن اليوم الأول في العالم الجسماني، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾ ([20]). ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾: في العالم الجسماني يومان فقط: يوم الأرض والماء، ويوم الأحياء (النبات والحيوان). وقوله تعالى: ﴿أربعة أيام﴾؛ لأن الرواسي وهي في العالم الجسماني، إنما هي ظهور للسماء الكلية، وهي رواسي الكون. وقوله تعالى: ﴿من فوقها﴾ أي إنّ السماء تجلت فيها. ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾: والبركة في العالم الجسماني هي: الماء، وإنما هو ظهور لبركة السماوات الستة، والبركة هي العلم في السماء. فهذان الأمران: ﴿وجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا﴾ و ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ إنما هما يومان للسماء السابعة الكلية، والسماوات الستة المثالية. ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ ([21]). ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾: وهي السماء السابعة الكلية، والسماوات الست المثالية دونها، والسماء الجسمانية (الأرض بمعناها الأوسع، حيث تشمل الشموس والكواكب). خلق السابعة في يوم، والملكوت في يوم، وسماء الأجسام في يوم، وأوحى في كل سماء أمرها في يوم. في يوم أوحى أمر السماء السابعة، وفي يوم أوحى أمر السماوات الملكوتية، وفي يوم أوحى أمر الملك. أي إنها (السماوات والأرضين) تمت في يومين: يوم للخلق، ويوم للأمر. ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً﴾: وهذا تابع إلى يوم الأرض الأول؛ لأن السماء الدنيا تنقسم إلى سمائين هما: (السماء الأولى المثالية) و (السماء الدنيا الجسمانية)، فهما سماء واحدة من جهة؛ لارتباط السماء الأولى بالعالم الجسماني، ارتباط تدبير مباشر. وسماءان؛ لأن الأولى: ملكوت الأجسام، فكلاهما يعبر عنه بالسماء الدنيا؛ لأن السماء الأولى ملكوت الأجسام، وهما مشتبكان تماماً. فالأنفس في السماء الأولى، وهي تدبر الأجسام في السماء الدنيا، فهل ترى انفصالاً بين نفس الإنسان وجسمه! وفي نفس الوقت أقول: ألا ترى الاختلاف بين نفس الإنسان وجسمه! ومما تقدم تعلم أن الأيام ستة، وهي: السماء السابعة خلقت في يوم، وقوتها (أمرها) في يوم. والسماوات الستة خلقت في يوم، وقوتها (أمرها) في يوم. والأرض (ومعها العالم الجسماني) في يوم، وقوتها في يوم. أو خُلق النور وأمره في يومين، وخُلق المثال (الملكوت) وأمره في يومين، وخلق الملك (الأجسام) وأرزاقها في يومين، ولابد من أن تترتب من العالي إلى السافل؛ لأن الملكوت تجلٍّ وظهور للنور وهكذا … ويجب ملاحظة أنّ السماء الأولى هي نهاية السماء الدنيا، أي إنّ السماء الدنيا تبدأ في هذا العالم الجسماني، وتنتهي في أول العالم الملكوتي الروحاني، أي إنّ نهايتها حلقة وصل، ونهايتها أو حلقة الوصل هي السماء الأولى، في الزيارة الجامعة: (… وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى …) ([22]). وفي القرآن: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ([23]). وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ﴾ ([24]). وفي الأولى عالما: الذر والرجعة، وفيها الأنفس، فالله سبحانه وتعالى لم ينظر إلى عالم الأجسام منذ أن خلقه كما قال رسول الله ص ([25])، إنما محط الاهتمام يبدأ من نهاية عالم الأجسام، وهي نهاية السماء الدنيا، وهذه النهاية هي السماء الأولى. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾ ([26]). السبع طرائق هي: (السماوات السبع) من السماء الأولى إلى السماء السابعة، وليست السماء الدنيا الجسمانية منها؛ لأنها ليست فوقنا بل نحن فيها، فهي محيطة بنا وهي (تحتنا وفوقنا وعن كل جهات الأرض)، ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ ([27])، وسيتبين لك فيما يأتي لِمَ أوردتُ هذه الآية في هذا الموضع. وهذا يعني أن السماوات إذا عُدَّتْ بهذا التفصيل تكون ثمانياً، وليست سبعاً، وإنما لم تُعد الدنيا الجسمانية؛ لأنها جزء من السماء الدنيا بما فيها من سماء أولى وسماء جسمانية، فإذا ذكرت الأولى أو الدنيا فهي من ضمنها؛ لأنها جزء منها أو تابعة لها. والسماء الجسمانية مرة تُعد هي (الأرض)، ومرة تُعد هي (السماء الدنيا)؛ لأنها الجانب المرئي منها. وفي السماء الجسمانية الأرض بل كل الأرضين السبع، وفي السابعة (جهنم)، كما أن الجنة في السماء الثانية، أما في الأولى فتوجد (الجنة الأرضية) وهي جنة آدم؛ لأن الأولى كما بينتُ إنما هي جزء من السماء الدنيا، وهي ملكوتها. عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن ميسر، قال: سألت أبا عبد الله ع عن جنة آدم ع، فقال: (جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً) ([28]). ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً﴾: والمصابيح هم الأنبياء والمرسلون والأوصياء ص يحفظون الذين يتبعونهم من وسوسة الشياطين بالتعاليم والأخلاق الإلهية التي يُعلِّمونها الناس. وظهورهم في السماء الجسمانية بالكواكب والشموس المضيئة، فما أكثر الظلام في السماء، وما أقل النجوم نسبة إلى الجزء المظلم، كما أن في الأرض ما أقل الأنبياء، وما أكثر من خالفهم وحاربهم وتخلف عنهم ولم ينصرهم. فقليل دائماً هم الأنبياء والأوصياء وأنصارهم، كـ (قلة النجوم في السماء الجسمانية). وفي نهاية حركة الفَلك الأعظم (أقصد قوس النـزول)، وبداية صعوده إلى جهة الآخرة، سيبدأ هذا العالم الجسماني بالتحول إلى جحيم ويستعر، فالذين اختاروا زخرف الأرض عقوبتهم إعادتهم إلى ما اختاروه، وعصوا الله من أجله، أو قل إبقاؤهم فيه؛ لأنه سيكون جهنم المستعرة بإعمالهم وأفعالهم وظلمهم. والآن تبين لك مناسبة الآية السابقة: ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾. وعند بداية صعود (قوس النزول) يبدأ (عالم الرجعة)، وهو عالم آخر وامتحان آخر لمن محض الإيمان ولمن محض الكفر، وعالم الرجعة يبدأ مع نهاية ملك المهدي الثاني عشر ع، وهو القائم الذي يخرج عليه الحسين ع ([29]). أما قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾، والتي يظن من يقرؤها أن (ثم) تدل على البَعدية: أي ثم بعد أن خلق الأرض وقدر فيها أقواتها … استوى إلى السماء … وهي في الحقيقة لا تدل على ذلك، بل معنى (ثم) هنا هو (التوبيخ) بالعطف على مجمل الكلام، وليس على خلق الأرض بالخصوص، أي إنّ العطف على معنى التوبيخ في الآيات المتقدمة، ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ …﴾، فمعناها هنا: (ثم أليس هو الذي استوى إلى السماء … فكيف تكفرون به). ولاحظ أن في هذه الآية الأخيرة ذكر السماء والأرض، قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾، فإذا كانت الأرض خلقت قبل ذلك، فما معنى أن يخلقها مرة أخرى ﴿ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾؟! بل المراد هنا توضيح الصورة بشكل آخر ومن جهة أخرى، حيث في الآيات السابقة ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ …﴾، تفصيل وذكر للنعم التي أسبغها سبحانه وتعالى، وفي هذه الآيات ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ …﴾ بيان لكيفية الخلق أي بيان لهذه الآية: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾. وهذه المراحل، أي خلق السماء السابعة، ثم السماوات الست، ثم عالم الأجسام، لابد أن يترتب بهذا التسلسل؛ لأنها تعتمد على بعضها، فلا يمكن خلق الست قبل السابعة، لأنها (أي السماوات الست) إنما خلقت من السابعة، ولا يمكن خلق الأجسام دون خلق السماوات الست؛ لأنها خلقت من السماوات الست، بل من الأولى بالخصوص المشتبكة معها (أي مع الأجسام ) ، والأولى هي عالم الذر وهي عالم الرجعة، فمنها دخلنا إلى عالم الأجسام بعد خلقنا في الذر، وسنخرج من عالم الأجسام إليها في عالم الرجعة، وهذا هو قوس النـزول، له ثلاثة أركان، كما أن لقوس الصعود ثلاثة أركان، وبذلك تكون ستة، هي: (درع داود)، ودرع الأنبياء ودرع الأوصياء. أما الأيام الستة للخلق: فهي ليست أياماً بمعنى مدة زمنية، بل هي مراحل، أي في ست مراحل، وهي ضرورية ولابد منها، فلابد في المرحلة الأولى من خلق النور وأمره، ثم الملكوت وأمره، ثم الأجسام وأقواتها؛ لاعتماد كل مرحلة على المرحلة التي سبقتها. فهذه المراحل الستة حتمية، أي لابد من اليوم الأول (المرحلة الأولى) أن تُخلق السماء السابعة، وفي اليوم الثاني (المرحلة الثانية) يـُخلق أمرها؛ لأن أمرها منها خُلق، فلابد أن يتأخر عنها مرحلة ، ثم يُخلق منها ومن أمرها المثال (الملكوت) السماوات الست إلى الأولى (وهي نهاية السماء الدنيا)، ثم يخلق في الملكوت أمره؛ لأنه منه خلق ، ففي اليوم الثالث الملكوت، وفي الرابع أمره لاعتماد الملكوت على خلق السابعة (اليوم الأول) وأمرها (اليوم الثاني)، فيتحتم خلق الملكوت في المرحلة الثالثة ، ثم أمره في الرابعة؛ لاعتماده عليه ولأنه خلق منه. وهكذا اليوم الخامس والسادس، أي خلق عالم الأجسام أو الكون الجسماني، أو الأرض (بمعناها الأوسع) حيث تشمل الأرض التي نحن عليها وكل الكواكب والشموس، ثم يخلق فيه قوته؛ لأنه منه خلق. فالنبات من الأرض خلق وعليها ينبت، والحيوان من الأرض خلق وعليها يعيش ويقتات. وهذه الستة أيام أو الست مراحل حتمية ويحتاجها الخلق بترتيبها، فالداني يحتاج العالي ويفتقر إليه، فالأجسام (الملك) أو عالم الشهادة يفتقر إلى الملكوت، والملكوت يحتاج ويفتقر إلى النور (السابعة الكلية)، أي بعبارة أخرى : إنها جميعاً خلقت في يومين، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾. لأن خلق السماء السابعة وأمرها في يومين، والبقية منها، بل هي تجليها وظهورها، وما يُقضى في السابعة يحصل في الملكوت، وما يحصل في الملكوت يحصل في الملك، والرؤيا التي تراها وتحصل في الأجسام ما هي إلا أمر حصل في الملكوت، وبعد ذلك حصل في هذا العالم الجسماني. انتهى جواب السيد أحمد الحسن. أقول: الآن صار واضحاً لدى القارئ الفرق بين الجوابين. والحمد لله رب العالمينFooters
[1] - البقرة: 256.
[2] - بحار الأنوار: ج40 ص126.
[3] - آل عمران: 7.
[4] - فصلت: 9 – 12.
[5] - آل عمران: 140.
[6] - فصلت: 12.
[7] - آل عمران:140.
[8] - المعارج: 4.
[9] - الحج: 47.
[10] - ق: 38.
[11] - الحديد: 4.
[12] - السجدة: 4
[13] - الفرقان: 59.
[14] - هود: 7.
[15] - يونس: 3.
[16] - البقرة: 93.
[17] - فصلت : 9 – 12.
[18] - النبأ : 7.
[19] - النمل : 88.
[20] - الأعراف : 96.
[21] - فصلت : 11 – 12.
[22] - مفاتيح الجنان : ص620.
[23] - القصص : 70.
[24] - الواقعة : 62.
[25] - في تفسير الفاتحة للملا صدرا: قال رسول الله : (إن الله لم ينظر إلى الأجسام منذ خلقها).
[26] - المؤمنون : 17.
[27] - العنكبوت : 54.
[28] - الكافي : ج3 ص247.
[29] - والحديث الذي يشير إليه السيد ( هو هذا : (دخل علي بن أبي حمزة البطائني على أبي الحسن الرضا ( فقال له: (أنت إمام؟ قال: نعم. فقال له: أني سمعت جدك جعفر بن محمد ( يقول: لا يكون الإمام إلا وله عقب. فقال: أنسيت يا شيخ أو تناسيت ؟! ليس هكذا قال جعفر ( ، إنما قال جعفر (: لا يكون الإمام إلا وله عقب، إلا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي ( فانه لا عقب له. فقال له: صدقت جعلت فداك، هكذا سمعت جدك يقول) بحار الأنوار : ج25 ص251.