Subjects

-القرآن يبين منهجي الحق والباطل:

-موازين مبتدعة:

-تجهيل الناس سلاح البائسين المغرضين:

-كيل الاتهامات سلاح المفلسين:

-قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين:

-ماذا قدّم الأنبياء، وماذا قدّم الحسين بكربلاء ؟

-أحمد الحسن (عليه السلام) يقدّم الدليل القطعي الواضح:

-قطعية القانون الإلهي:

-لننصف آل محمد (عليهم السلام):

-وقفات ومحاكمات مع السيد والي الزاملي:

-الوقفة الأولى: السيد والي الزاملي يقرّ بالفشل:

-الوقفة الثانية: معتوه يتخبط ويتهم بلا دليل:

-الوقفة الثالثة: سفيه يفحم نفسه:

-الوقفة الرابعة: تزكية الله وخلفائه أم تزكية الناس ؟

-الوقفة الخامسة: أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون:

-ختاماً:


Text

إصدارات أنصار الإمام المهدي ع/ العدد (193) هكذا يعرف الحق لا بالشبهات (عرض موجز لآلية معرفة الحق ورد بعض تخرّصات الجاهلين) بقلم الشيخ عبد العالي المنصوري الطبعة الأولى 1435 هـ - 2014 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن (عليه السلام) يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي: www.almahdyoon.org بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كلمة أتحصن بها من شر أعدائي من الأنس والجن، وأتقوّى بها وانتصر على الجاحدين والكافرين من الأنس والجن أجمعين إلى قيام يوم الدين. بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا * فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا * إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا * أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ (الكهف). -القرآن يبين منهجي الحق والباطل: ﴿أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ﴾ ([1]). ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ ([2]). ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ * أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ ([3]). ﴿وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ ([4]). ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ([5]). ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ ([6]). ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ * وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾([7]). ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي ...﴾ ([8]). -موازين مبتدعة: من المؤسف حقاً أن نجد اليوم الجهل الفظيع ـــ ومع تمادي العصور والدهور ــــ ممن يدعون أنهم يحملون كتاب الله سبحانه، وكلام النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته (عليهم السلام)، مع أنّهم لا يميزون بين الحجر والجوهر، والقشر واللب، فجعلوا المفاهيم الإسلامية الأصيلة بدعاً، والبدع المحدَثة ميزاناً !! فراح يتشدّق البعض بموازين غريبة، ويحث الناس على التمسك برموز موهومة ومتغيرة بحسب الأذواق، فلكل واحد منهم ميوله التي من خالفه فيها يعدّه مخالفاً للشريعة، وكأن الشريعة تبعاً لميول فلان أو غيره من الناس الذين أخلدوا إلى الأرض !! فجاءت البشرية لتجعل لها قادة واجبي الطاعة بحجة كونهم مراجع تقليد ! مع أنّ حق الطاعة المطلقة ثابت لله سبحانه بالذات، وقد أمر سبحانه بإطاعة خلفائه الذين يخلفونه في الأرض. واعتبروا التقليد عقيدة وخطاً أحمراً لا يمكن انتقاده ومناقشته، مع أنه خال من الدليل الشرعي بل والعقلي القطعي أيضاً؛ وذلك لكون العقيدة عندهم لا تثبت إلاّ بدليل قطعي الصدور والدلالة، ودونكم كتبهم فهل قدّموا دليلاً قطعياً على وجوب التقليد ؟ أو دليلاً عقلياً قطعياً على وجوب التقليد في الدين، مع أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: (إياكم والتقليد فإنه من قلد في دينه هلك، إنّ الله تعالى يقول: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ فلا والله ما صلّوا لهم ولا صاموا ولكنهم أحلوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً، فقلّدوهم في ذلك فعبدوهم وهم لا يشعرون)([9]). إنّ للشريعة قيّماً لم يخل منه زمن، ولن يبيعها بالدنيا كما باع الكثير دينه وآخرته كبلعم بن باعوراء والسامري وغيرهما. إلاّ أنّ القيّم استبدلته الأمم بالذنابى كما قالت سيدة النساء فاطمة (عليها السلام) في خطبتها في مسجد أبيها (صلى الله عليه واله)، فتقول: (استبدلوا الذنابى والله بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قوم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً) ([10]). فقد استبدلوا الأدنى بالذي هو خير،﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ ([11]). وهذه الحقيقة قد بينتها بضعة النبي (صلى الله عليه وآله) منذ سنين مضت ولا زالت ترن في مسامع الدهر وتراها متشخصة وماثلة أمام أعين ذوي البصائر، ينظرونها بقلوبهم وتعيها آذانهم، ولكن غابت عن مرضى القلوب؛ الصم البكم الذين لا يعقلون شيئاً؛ ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ﴾ ([12]). -تجهيل الناس سلاح البائسين المغرضين: المنطق القرآني يصدح قائلاً: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ * أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ ([13]). فالقرآن يحث على الاستماع وإتباع الحق، ومعنى ذلك أنه يحث على التحقق بعد الاستماع، والبحث بجدية وإنصاف وتروي؛ خصوصاً في المسائل المصيرية التي يحددها الإنسان بنفسه بغير اعتماد على الآخرين وبغير تأثر بالسلوك الجمعي أو الموروث المسبق، لنهي القرآن عن ذلك في العديد من آياته المباركة. ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ ([14]). ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ* فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ * وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ([15]). ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ ([16]). ومن هنا لنقارن بين خطابين: الخطاب الموافق للقرآن الذي يحث على الاستماع والتحقيق والتدقيق؛ ألا وهو خطاب السيد أحمد الحسن (عليه السلام) حيث يقول: (إقرؤوا إبحثوا دققوا تعلموا واعرفوا الحقيقة بأنفسكم لا تتكلوا على احد ليقرر لكم آخرتكم فتندموا غدا حيث لا ينفعكم الندم ...) ([17]). (..أيها الناس تَعَقَّلوا ولا تسمحوا لأحد أن يستخفكم حتى يضعكم في مصاف من كذبوا الرسل وخلفاء الله في أرضه وقالوا عن وحي الله بالرؤى والكشف بانه أضغاث أحلام فقص الله قولهم الخبيث الذي يكرره السفهاء اليوم دون تدبر؛ ﴿بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ﴾([18]). (ما بال الناس لا تلتفت ولا تنتبه أو على الأقل تتوجه للبحث بدل الإتباع والتقليد الأعمى لفقهاء الضلال ما بالهم يقعون في نفس الخطأ ويكررون نفس النتيجة دائماً ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ﴾ ([19]). الخطاب الذي ذمّه القرآن بقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ ([20]). وهنا ليوازن المنصف من يتبع وأي الخطابين يتبنى ؟ ولا شك أنّ المؤمن لا يتعدّى المنطق القرآني، إذن فالقرآن يحث على الاستماع والتدقيق والبحث وتقرير المصير بغض النظر عما يقوله الأكثرية وما تعارفت عليه؛ لكون الأكثرية لا تغني من الحق شيئاً، بل وقد ذمها القرآن: ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ ([21]). ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ([22]). ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾ ([23]). ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين﴾َ ([24]). ﴿ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ ([25]). ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾ ([26]). ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ...﴾ ([27]). هذا ما بينه كتاب الله الصادق عن الأكثرية، فهل لعاقل يجعلها ميزاناً، ويسير خلفهم أعمى ؟! بل ويسلم قياده لغيره ؟! يقول السيد أحمد الحسن اليماني (عليه السلام): (فقهاء الضلال أو كما يسميهم القرآن بالسادة أو الملأ لا يكادون يغيرون حتى العبارات التي يواجهون بها الأنبياء والأوصياء حتى قال تعالى: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ ([28])، فما بال الناس لا يلتفتون ويتعظون بمن سبقهم وينأون بأنفسهم عن هؤلاء وينجون أنفسهم من شباكهم. في هذه الآية يريد الله أن يلفت انتباه الناس إلى هذه الحقيقة وهي أن أسلوب فقهاء الضلال في مواجهة دعوات الأنبياء والأوصياء واحد فلا تتبعوهم وتقلدوهم كالعميان تصفحوا سيرة الأمم التي سبقتكم وكيف أضلهم العلماء غير العاملين وجعلوهم يحاربون الأنبياء والأوصياء وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً) ([29]). ويقول (عليه السلام): (هل سألتم القرآنَ من أوقدَ نارَ إبراهيم ؟ ومن أرادَ قتلَ عيسى (عليه السلام) ؟ ومن حاربَ نوحاً وهوداً وصالحاً وشعيبَ وموسى ويونسَ (عليهم السلام)، وكلَ الأنبياءِ والأوصياء عليهم السلام ؟ إذا لم تُنصفوا أنفسَكم وتُجيبوا على هذا السؤالَ الآن، فستجيبون عليه حتماً في النار بهذا الجواب: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ ([30]). ويقول (عليه السلام) في خطاب محرم: (لا يوجد عاقل يحترم عقله يعتقد أن من يواجه الدعوات الدينية الجديدة في المجتمعات شريحة أخرى غير رجال الدين الذين يصفهم الله بالقرآن بالملأ أو السادة ويصنفهم المجتمع المضلل عادة بأنهم أهل الاختصاص أو الأقدر على التشخيص وبالتالي يعتمد عليهم في معرفة أحقية أو بطلان الدعوة الدينية الجديدة في المجتمع التي جاء بها النبي أو الوصي ومع الأسف فإن الناس تقبل حكمهم دون تدبر أو تفكر أو بحث أو حتى الالتفات إلى أن هؤلاء الملأ أو السادة أو فقهاء الضلال هم المتضرر الأكبر من دعوات الأنبياء والأوصياء الإصلاحية وثوراتهم الكبرى فكيف يأمن الناس جانب علماء الدين ويجعلونهم هم الحكم على أحقية أو بطلان قضية مع أنهم احد الخصمين فيها وكيف يأمن الناس جانب هؤلاء مع أنهم يكررون دائما نفس الموقف لدعوات الأنبياء والأوصياء؛ ﴿قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾([31])، ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ ([32])، ﴿فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ (([33]، ﴿فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾([34](، ﴿وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾ ([35]). فحقاً إننا نعاني من المنطق الفرعوني الذي يريد الناس لا تفكر ولا تتدبر، ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ ([36]). لكي تبقى الناس في مستنقع الجهل لتبقى قيادتهم بيد فرعون ومن سار على نهجه ولكي يبقى المنتفعون وأصحاب المصالح مقامات شامخة وخطوطاً حمراء فوق النقد العلمي، وهذا هو التأليه والتقديس الباطل بعينه. وعن أبي بصير، قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ﴾، فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون) ([37]). وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (من أطاع رجلاً في معصية فقد عبده) ([38]). إذن فعلى الناس أن تتوجه للبحث العلمي لكون الأمر في غاية الخطورة؛ فهو إمّا الجنة وإمّا النار؛ وليكن موقف الحر بن يزيد الرياحي في كربلاء درساً لنا اليوم، حيث حسم موقفه في ساعات قصيرة بعد أن سمع المنطق الحسيني، فقال رحمه الله: (أخير نفسي بين الجنة والنار، ولن أختار على الجنة شيئاً)، وذهب منكساً رأسه خجلاً من إمامه لكونه جعجع به. فلماذا لا يمتلكنا الخجل، ونبتعد عن الأساليب القذرة البعيدة عن الإنصاف ؟ ولماذا ننكر بلا دليل ؟ ولماذا نرد بلا علم ؟ مع أنّ آيات الله عزّ وجل تصك أسماعنا: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ ([39]). إنّه ظلم مجحف بحق المعرفة التي حث عليها الله وخلفائه. ثم لماذا نترك غيرنا يقرّر لنا مصيرنا ؟ مع أنّه يعترف بفشله أمام الملأ كما ستأتي عبارته فانتظر. إذن أيها الفاشلون أتركوا الناس تبحث بأنفسها ولا تقرّروا لها مصيرها بعد اعترافكم بفشلكم. أيها الناس اسمعوا لما يقول لكم السيد أحمد الحسن (عليه السلام) لتعرفوا الراعي من الذئاب: (أيها الناس لا يخدعكم فقهاء الضلال وأعوانهم إقرؤوا إبحثوا دققوا تعلموا واعرفوا الحقيقة بأنفسكم لا تتكلوا على أحد ليقرّر لكم آخرتكم فتندموا غدا حيث لا ينفعكم الندم ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ ([40]). هذه نصيحتي لكم و والله إنها نصيحة مشفق عليكم رحيم بكم فتدبروها وتبينوا الراعي من الذئاب تفكروا وتبينوا على أي خط وأي منهج كان الحسين (عليه السلام) وعلى أي خط وأي منهج كان أعداؤه الذين قاتلوا الحسين (عليه السلام) كانوا على خط حاكمية الناس وكانوا يقولون بحاكمية الناس أمّا الحسين عليه السلام فكان على الخط الإلهي رغم قلة سالكيه خط حاكمية الله ومن المؤسف اليوم أن نجد الناس مضللين إلى درجة أنهم يسيرون ويؤيدون خط قتلة الحسين ثم يدعون أنهم يشايعون الحسين ويذهبون لزيارة الحسين ويحيون شعائر صورية لا قيمة لها إذا فرّغت من الهدف وهو إحياء الأمر الذي ثار لأجله الحسين (عليه السلام) أي حاكمية الله. فما بالك وهم اليوم يقيمون الشعائر الحسينية حاملين راية أعدائه وهي حاكمية الناس ومن ثم تكون النتيجة تحريف هدف الثورة الحسينية وجعل الحسين (عليه السلام) زورا وبهتانا مؤيدا وناصرا لحاكمية الناس أو خط الشورى والانتخابات وما أنتجه هذا الخط الباطل من أمثال يزيد. انه لأمر مؤلم أن ينجح فقهاء الضلال اليوم بتغييب وعي الناس إلى درجة أنّا نرى المقلدين المجهلين المضللين يحملون راية حاكمية الناس ومن ثم يذهبون إلى زيارة الحسين (عليه السلام) الذي ذبح لأجل نقض حاكمية الناس وإقامة حاكمية الله. هل يمكن أن يكون الإنسان متناقضا إلى درجة انه يرمي راية المقتول أرضا ويطؤها بقدمه ويحمل راية القاتل ثم يذهب بها ويقف على قبر المقتول ويترحم عليه ويلعن القاتل ؟ ثم لو شئنا تصنيف هكذا إنسان فعلى من سنحسبه ؟ هل سنقول هو مع القاتل وضد المقتول لأنه يحمل راية القاتل ويهين راية المقتول , أم نقول هو مع المقتول وضد القاتل لأنه يترحم على المقتول ويلعن القاتل ؟ يا أولي الألباب يا عقلاء تدبروا... حاكمية الناس ويزيد شيء واحد, حاكميه الناس ويزيد شيء واحد , وحاكمية الله والحسين شيء واحد أيضا فمن يحمل راية حاكميه الناس ويؤمن بها ويعمل بها هو حتما وقطعا مع يزيد وهو يزيدي حتى النخاع ولو زار الحسين كل يوم ولو قضى حياته وهو يبكي على مصاب الحسين (عليه السلام). لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل الحسين (عليه السلام) عن ثورته المباركة وهدفها المبارك وهو إقامة حاكمية الله في أرضه وفقهاء الضلال عندما أفتوا اليوم بوجوب الشورى والانتخابات وإنها سبيل شرعي للحكم وعندما أفتوا بشرعية الحكومات المترشحة عن الشورى والانتخابات فهم حتما يزيديون حتى النخاع وإذا كان إغفال تصنيفهم كيزيديين جريمة فان تصنيفهم على أنهم حسينيون هو أكبر جريمة ترتكب بحق الحسين (عليه السلام) وبحق ثورته المباركة وهدفها وهو نقض حاكمية الناس وتحقيق حاكمية الله في أرضه. لأن هذا التصنيف الظالم الجائر الذي يخالف أبسط معايير الإدراك عند الإنسان يهدف لقتل الحسين الذي فشل يزيد لعنه الله في قتله. بل إن الحسين في المواجهة الأولى التي استشهد فيها استطاع أن يحقق الكثير لحاكمية الله وقد تمكنت دماء الحسين (عليه السلام) من إبقاء وإنشاء الأمة الإسلامية الحقيقية الأمة الحسينية المحمدية التي تؤمن بحاكمية الله وتكفر بحاكمية الناس. وقد سموا على طول الخط بالرافضة لأنهم رفضوا حاكمية الناس طوال أكثر من ألف عام وهذه الأمة المباركة تتحمل من الطواغيت آلام حمل راية حاكمية الله ولكن للأسف اليوم تمكن إبليس بواسطة فقهاء الضلال من حرف الخلف من هذه الأمة عن دين سلفهم ومن سبقوهم من صالح هذه الأمة ممن كانوا يقرون حاكميه الله؛ ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾([41]). اليوم تمكن إبليس أخزاه الله من اختراق هذه الأمة الحسينية المحمدية بجنده من فقهاء الضلال الذين تسللوا إلى مواضع القيادة فيها وحققوا اليوم لإبليس هدفه بإضلال الأمة التي كانت تقر حاكمية الله طوال أكثر من ألف عام وجعلوها تقر حاكمية الناس وتنقض حاكمية الله. إن المصيبة التي نحن فيها اليوم هي أن قضية الحسين قد اختطفها حاملوا راية قتلة الحسين بالذات وأمسى اليوم المتحدث باسم الحسين هم قتلة الحسين وحاملو الراية التي قاتلت الحسين (عليه السلام) قبل أكثر من ألف عام وقتل الحسين (عليه السلام) وهو يجاهدها ويبين بطلانها وبطلان من أسسها بل هي الراية التي قاتلها علي (عليه السلام) وهي التي أبعدت عليا وجعلته مقعدا في داره قرابة خمسة وعشرين عاما بل وهي الراية التي قاتلها محمد (صلى الله عليه وآله) وكل من سبقه من الأنبياء والأوصياء إنها راية حاكميه الناس راية الأنا أو نحن أو السقيفة والشورى أو الانتخابات أو ما يريد الناس والتي هي قابلت دائما ما يريد هو أو رايته هو سبحانه راية حاكمية الله أو البيعة لله أو الراية التي حملها الأنبياء والأوصياء وسيحملونها إلى يوم القيامة. إن هذه المصيبة التي نحن فيها اليوم وهي اختطاف الثورة الحسينية من قبل أعدائها جعلت من الحتمي ضمن الخطة الإلهية إعادة ملحمة كربلاء من جديد لتراق دماء حسينية طاهرة فتكون سببا في إحياء هدف الثورة الحسينية من جديد وهو حاكمية الله فتفشل خطة إبليس لعنه الله وجنده من فقهاء الضلال أخزاهم الله فكانت مشيئة الله وكان ما حدث في محرم الحرام. وها هي الحقيقة تظهر جلية وتعلو وترتفع يوما بعد يوم ليراها كل الناس رغم كل حملات التضليل وتغييب الحقيقة التي مارسها فقهاء الضلال وأذنابهم الحمد لله الذي أخزى إبليس وجنده من فقهاء الضلال وخيب فعلهم ببقية طاهرة قبضوا على دينهم ودين سلفهم من شيعة محمد وآل محمد عليهم السلام كما يقبض على جمر الغضى فتحملوا ثقل وألم حمل هذه الرسالة الإلهية رغم قلة الناصر وكثرة العدو واستكلابه عليهم) ([42]). -كيل الاتهامات سلاح المفلسين: لقد اعتاد دعاة الشر على التهريج والتسقيط وكيل الاتهامات لتبرير وجودهم القائم على تجهيل الناس. وقد دفع الضريبة جميع خلفاء الله سبحانه نتيجة تنمرهم في ذات الله وبيان الحق والشهادة به وان كانت بدمائهم الزكية الطاهرة، والقرآن الكريم بين تلك المعاناة بشكل واضح وجلي يرفع الشبهة عن كل إنسان منصف. يقول سبحانه: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ * وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ([43]). فهذا حال الملأ وكبار القوم وذوي الوجاهات الذين تزعموا قيادة الناس وأصبحت الناس تتطلع إليهم، وإلى أفواههم وكلماتهم التي حاربوا بها خلفاء الله سبحانه، وكانت تلك المواجهة بينهم وبين خلفاء الله مدرسة لابد أن تتعلم منها الناس اليوم، فما قص الله في القرآن الكريم قصصهم إلاّ للاعتبار بها والتعرّف على معطياتها،﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ ([44]). وبهذا يحيى القرآن في قلب الإنسان ويكون متماشياً مع الزمن مهما تقادم، بعد أن جعله الجاهلون كتاباً كسائر الكتب الأدبية أو الجغرافية أو التاريخية البحتة، وهذا ما يجده القارئ عند اطلاعه على ما أسموها بتفاسير القرآن عند السنة والشيعة، فقد حجمّت تلك التفاسير دور القرآن وجعلوه كتاباً أرضياً بتفسيرهم له بما يرونه على الأرض، مع أنّ الله عز وجل يقول عن كتابه الكريم: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ([45]). فهو كتاب نزل من عنده سبحانه وفيه رموز ملكوتية لا يفهمها إلاّ من قرنه الله بالقرآن وهم عترة النبي (صلى الله عليه وآله) ؛ ولذا ورد النهي عن تفسيره بالأهواء والآراء. عن علي (عليه السلام)، قال: (اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون - إلى أن قال: - قالوا: فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف؟ فقال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد (صلى الله عليه وآله)([46]). وقال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) في حديث مع قتادة: (ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به) ([47]). إذن أيها الناس أنصفوا أنفسكم وتدبروا، وهذا ما دعاكم إليه السيد أحمد الحسن (عليه السلام) فيقول: (أنصفوا أنفسكم واعطفوا بقلوبكم على الحكمة، وتدبروا كلامي تدبر منصف، ولا تقطعوا رحم محمد (صلى الله عليه وآله) ، فإنها معلقة بالعرش تقول: يا رب صل من وصلني، واقطع من قطعني. بأي ثقلي الهدى تمسكتم : أبالقرآن أم بالعترة ؟! هل سألتم أنفسكم ، أما القرآن فقد نبذتموه وراء ظهوركم وجعلتموه أخف الأشياء في ميزانكم . وأما العترة فقد ذروتم حكمتهم اليمانية، ورواياتهم الربانية ذرو الريح للهشيم . فقبلتم ما وافق أهواكم وان قل رواته ، ونبذتم ما خالف آراءكم وان تواتر عنهم عليهم السلام. تقولون إنّ رواياتهم التي وصفوني بها ليست حجة، ووصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالأئمة وبي وبالمهديين ليست حجة، ومعرفة القرآن وطرق السماوات ليست حجة، فما أخف محمد (صلى الله عليه وآله) والقرآن والعترة في ميزانكم، وما أهونهم عند عقولكم ... لا تشاركوا في اغتيال الحسين (عليه السلام) ! لا تطلموا الصدور وتشقوا الجيوب وتسبلوا دمع العيون رياءً وكذباً وزوراً، لا تقيموا عزاء الحسين (عليه السلام) لتقتلوا الحسين (عليه السلام) من جديد لا تقولوا ما لا تفعلون ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ ([48]) ... لقد انتهكت حرمة الإسلام وحورب الإسلام طولاً وعرضاً فماذا بعد ؟!!! إذا كنتم حقا وصدقا تقولون للحسين (عليه السلام) يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً. فها هو الحسين حل بين أظهركم بولده الإمام المهدي (عليه السلام) يراكم ويرقب أفعالكم ويرتقب نصرتكم وينادي فيكم (أعنا تتخاذلون وعن نصرتنا تنكصون، حسبنا الله ونعم الوكيل) ... فليراجع كل عاقل نفسه فإن الفرص تمر مر السحاب (إذا كنتم تطلبون الحق) انصروا الحسين (عليه السلام) في هذا الزمان ولا تخافوا ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ ([49]) لا تخافوا من يقتل الجسد، ولكن خافوا من يستطيع أن يهلك الجسد والروح معاً في جهنم. وإذا كان قراركم هو خذلان الحسين في هذا الزمان، وإذا اخترتم ظلم أنفسكم فإني أحذركم وأنذركم عذاب الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة، ولا عذر لكم ولا عاذر) ([50]). فما هو ردكم أيها الناس ؟ يقول الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء: (أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم علي وحتى اعذر إليكم فان أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد وان لم تعطوني النصف عن أنفسكم فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين). ولما سمع الحر كلمات الحسين (عليه السلام) جاء إلى ابن سعد قائلاً: (ومالكم فيما عرضه عليكم من الخصال) ؟ أيها الناس لتكن هذه السيرة العطرة لخلفاء الله وشيعتهم لكم منهجاً بيناً واضحاً، كما ولتكن سيرة مخالفيهم معرّفاً تعرّفكم من ادعى التدين وراح يضلل الناس باسم الدين حفاظاً على دنيا زائفة. الدنيا التي من اجلها لم يقرّ علي بن أبي حمزة البطائني الواقفي وغيره بإمامة الإمام الرضا (عليه السلام)، وراحوا يلتمسون لهم شرعية من الشبهات، وحدّوا سلاح العناد والجدال والتعنت من أجل أن يصدّوا الناس عن الإيمان بعلي بن موسى الرضا (عليه السلام)، مع وضوح حجته. هذه الدنيا والمصالح الآنية التي أصبح علي بن أبي طالب ضحيتها، حتى قال عنه أهل الشام بعد أن سمعوا أنه قتل في المسجد؛ فقالوا: (وهل علي يصلي)، إنه سلاح المفلسين من الدليل العلمي. وهكذا نجد الزمان يعود علينا مرة أخرى بنفس الداء !! ومع معرفتنا بالدواء نتناساه حتى يستفحل بنا الداء إلى أن يتعذر إخراجه من البدن إلاّ بإزهاق النفس !! فلماذا ؟! أليس الله يقول: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ * أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ ([51]). فهذا هو المنطق القرآني الذي يحث على الاستماع وإتباع الحق !! فلماذا إذن نترك القرآن ونستمع إلى إمعات تتكلم بما لا تفقه أو تعرف الحق وتعاديه لمصالح دنيوية ؟! عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ألا أنبئكم بأخف الناس يوم القيامة ميزاناً، وأبينهم خسراناً؟ من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق) ([52]). بينما نجد منطق ذوي المصالح مختلف تماماً عن المنطق القرآني: منع الناس من الاطلاع والتحقيق: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ ([53]). ب. كتمان الحقيقة على الناس: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ ([54]). ج. تلبيس الحق بالباطل والباطل بالحق: ﴿وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون﴾ ([55]). د. الاتهام: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ([56]). ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ([57]). ﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ﴾ ([58]). -قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين: قال سبحانه: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ ([59]). لقد دعوناكم إلى أمر عقائدي والأمور العقائدية تثبت بالعلم وباليقين وبالقطع لا بالإشكالات والشبهات، ففرق بين الدليل العلمي وبين الإشكال الذي ينطق به الكثير. ولكي تتضح الفكرة بشكل جلي، أقول: إنّ خلفاء الله في أرضه من الأنبياء والرسل الماضين قد أثبتوا حقهم باليقين والعلم، ولم تكف عنهم ألسن الجاحدين والحاسدين والمغرضين، فقد تعرّضوا لأنواع التهم، فلم تخل سيرة نبي من الأنبياء من الاتهام بالجنون تارة وبالسحر أخرى وبالضلال ثالثة وهكذا توالت التهم حتى شهد القرآن بذلك كما تقدّمت بعض الآيات. وهكذا تعرّض النبي (صلى الله عليه وآله) لتلك الألسن العفنة وقاسى أشد المحن من أجل تبليغ الرسالة الإسلامية، وجاء من بعده وصية بالحق أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد شهد على وصايته في غدير خم قرابة ثمانية عشر ألفاً، وفي الوقت نفسه ارتد الناس عنه إلاّ أربعة !! وهكذا جاء من بعده ابنه الحسن المجتبى (عليه السلام) وعادت معه الكرّة مرة أخرى !! وكذا مع الحسين (عليه السلام)، وهكذا جميع خلفاء الله، حتى غُيب الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام) نتيجة إعراض الناس عنه !!! فلماذا هذه الانتكاسات مع خلفاء الله، حتى قال الله عزّ وجل: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ ([60]) ؟! فأحمد الحسن (عليه السلام) يقدم الدليل القطعي ويعارضوه بإشكالات وأوهام واتهام ؟! قدّم السيد أحمد الحسن (عليه السلام) دليل خلفاء الله؛ وهو (النص والعلم والبيعة لله)، فلم يرد مخالفوه إلاّ بالإشكال والظن والوهم، فهل يوجد عاقل يرفع يده عن العلم محتجاً بالظن والوهم والاتهام، وهل سيعذر من اتبع الإعلام المضلل كي يغطوا على أفعالهم في دين الله ؟ قدّم السيد أحمد الحسن (عليه السلام) السيرة العطرة التي يشهد بها القاصي ممن يعرفه قبل الداني، قدّم التواضع، قدّم الإنصاف حتى مع مخالفوه، قدّم الشجاعة التي يشهد بها القاصي والداني، قدّم الكرم، قدم الإيثار، فماذا قدم مخالفوه للأمة ؟! قدّم السيد أحمد الحسن (عليه السلام) العلم الذي أغناه به الله عن الناس، فبين المتشابهات وكتَب في مواضيع متعددة، في التفسير والعقيدة والأخلاق والسيرة وغيرها، مع أنه لطالما طلب منكم الرد عليه إلاّ أنه لم ينطق أحد !! فأحمد الحسن (عليه السلام) جاء بالدليل القطعي وجاءوا بالأوهام والشبهات، وسنعرف تفصيل ذلك قريباً وبعد فشلهم في الرد العلمي وعجزهم راحوا يسطرون اتهامات: إنه شخصية وهمية. إنه كان حياً ثم توفى. إنه عميل لإسرائيل. إنه جاهل لا يفقه شيء. إنه ولد في الستينات فكيف يكون ابن الإمام المهدي (عليه السلام). إن الإمام المهدي ليس لديه ذرية. لماذا مختفي ؟ نناظره هو دون سواه. لماذا لا يأتي بالمعجزة ؟ إذا كان وصياً للمهدي فليقلب لحيتي سوداء !! اليماني من اليمن. كيف يكون هو الإمام الثالث عشر ؟ لماذا يقرأ القرآن خطأ ؟ كيف يكون من البصرة ؟ ماذا تقولون لو مات قبل الإمام المهدي (عليه السلام). ليثبت نفسه وصياً بعلم الأعداد. وهكذا تتوالى الظنون والاحتمالات والشكوك !! مع أنهم لا يعرفون حتى اسمه مع ذكره بشكل رسمي في الموقع الرسمي وفي الإصدارات؟! أيها المنصفون؛ إنّ جميع هذه التهم والإشكالات والشبهات التي يثيرها هؤلاء المشوشون قد أجيب عنها وتم إيضاحها بأكثر من وجه ولكنهم لا يريدونكم تفهمون وتتعرفوا على الحقيقة، بل يريدون خلق العقبات الوهمية لصدكم عن الإيمان بالحق، فهم يكذبون كما شاهدتم، ويدلسون أيضاً، ويتهمون الناس بالباطل، ويلبسون الحق بالباطل لأجل إبعاد الناس عنه. وهكذا ضيعوكم بالتهم والإشكالات التي لا نهاية لها !! عن يونس بن يعقوب، قال: (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فورد عليه رجل من أهل الشام فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة أصحابك، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كلامك من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو من عندك ؟ فقال: من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن عندي، فقال أبو عبد الله: فأنت إذاً شريك رسول الله ؟ قال: لا، قال: فسمعت الوحي عن الله (عز وجل) يخبرك ؟ قال: لا، قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: لا، فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إليّ فقال: يا يونس بن يعقوب، هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم. ثم قال: يا يونس، لو كنت تحسن الكلام كلمته، قال يونس: فيالها من حسرة، فقلت: جعلت فداك، إني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول: ويل لأصحاب الكلام يقولون، هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما قلت: فويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون... الخ) ([61]). بربكم هل هذا هو الإنصاف ؟! -ماذا قدّم الأنبياء، وماذا قدّم الحسين بكربلاء ؟ انظروا أيها الناس ماذا قال نوح (عليه السلام) ..... وماذا قال له قومه، وبأي اتهام اتهموه ... انظروا إلى ما قال موسى (عليه السلام) ... وانظروا لما يقال له، وكيف توجه له الاتهامات ... انظروا ماذا قال محمد (صلى الله عليه وآله) ..... وماذا قيل له، وكيف اتهموه بالسحر والجنون والسفه وحاشاه وهو لسان الله الناطق بالصدق والحق. انظروا إلى ما قاله علي بن أبي طالب(عليه السلام).... وانظروا إلى ما قيل له، وما اتهموه به ... انظروا إلى ما قال الحسين في كربلاء ..... وانظروا ما قالوه له، وما اتهموه به ..... يقول السيد أحمد الحسن (عليه السلام): (ماذا قدم الحسين في كربلاء ليثبت انه خليفة الله في أرضه ؟ أيها الناس هل سألتم أنفسكم هذا السؤال قبل أن تتبعوا علماء الضلال إتباع أعمى دون تدبر أو تفكر ؟ ماذا قدم الحسين (عليه السلام) في كربلاء ؟ قدم وصية رسول الله صلى الله عليه وآله بأبيه وبأخيه وبه وبولده عليهم السلام وعرض علمه ومعرفته وقدم راية البيعة لله التي كان ينفرد بحملها في مواجهة راية حاكمية الناس التي كان يحملها الخط المواجه له والذي واجه جده وأباه وأخاه عليهم السلام من قبل ، ماذا قدم الحسين في كربلاء ؟ قدم رؤى أهل بيته وأصحابه وكشوفاتهم قدم رؤيا وهب النصراني عندما رأى عيسى (عليه السلام) يحثه على إتباع ونصرة الحسين (عليه السلام) قدم كشف الحر الرياحي عندما سمع هاتفا يبشره بالجنة وهو يخرج من الكوفة. واليوم أيها الناس بماذا أتيناكم ؟ هل أتيناكم ببدعة لم يأتي بها الأنبياء والأوصياء ورسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) والحسن والحسين والأئمة من أولاد الحسين (عليهم السلام) ؟ ﴿قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ﴾ ([62]) أم أتيناكم بما أتوا به ؟ لقد أتيناكم بأدلتهم وجئناكم بها واضحة وضوح الشمس لمن يطلب معرفة الحق. فهل وصية رسول الله وهي ذخر محمد (صلى الله عليه وآله) وآل محمد (عليهم السلام) بصاحب الحق اليماني وقائم آل محمد لا تكفي ؟ وهل العلم والمعرفة لا تكفي ؟ وهل الانفراد من بين كل أهل الأرض برفع راية حاكمية الله لا تكفي ؟ هذا الانفراد أليس آية من الله واضحة وضوح الشمس بعد أن أقر فقهاء الضلال حاكمية الناس وتخلوا عن حاكميه الله لم يبقى من يرفع راية حاكمية الله غير صاحب الحق وهذا الانفراد يرفع كل لبس او شبهة عن طالب الحق لان الأرض لا تخلو من الحق والحق في حاكمية الله. ألم نقدم اليوم ما قدم الحسين (عليه السلام) في كربلاء من رؤى وكشوفات كدليل تشخيص لصاحب الحق ؟ آلا يكفي تواتر آلاف الرؤى لأناس من بلدان مختلفة بالأنبياء والأوصياء وبمحمد صلى الله عليه وآله وآل محمد عليهم السلام وهم يحثون الناس على نصرة صاحب الحق اليماني وقائم آل محمد ؟ ألا يكفي تواتر رؤى المؤمنين والمؤمنات بالله وباليوم الآخر ؟ هل يعقل أيها الناس أنكم سلمتم قيادكم الى مسوخ شيطانية إلى درجة أنهم عندما يسخرون من الرؤى والكشوفات ويسمونها أحلاما ويسفهونها تتبعونهم دون أن تلتفتوا إلى أن الرؤى والكشوفات هي كلمات الله ووحي الله سبحانه وتعالى إلى عباده ! ألم تقرؤوا القران وتتفكروا في قصة يوسف (عليه السلام) وكيف اعتبر يعقوب (عليه السلام) وهو نبي وفي القران وهو كتاب الله أن رؤيا يوسف (عليه السلام) دليل تشخيص لمصداق خليفة الله وهو يوسف (عليه السلام) وحذر يوسف من قص رؤياه على إخوته لأنه سيشخصونه بهذه الرؤيا وبالتالي يمكن أن يقع له ما وقع لهابيل: ﴿َالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾([63]). أليس هذا إقراراً قرآنياً واضحاً بحجية الرؤيا في تشخيص مصداق خليفة الله في أرضه ألم يعتمد يوسف على رؤيا فرعون في تدبير اقتصاد دولة مصر وتوفير قوت الناس ألم يعرض الله نفسه كشاهد يبين خليفته في أرضه بالرؤيا والكشف التي هي طرق الوحي ؟ ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾([64])، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾([65]). وإلا فكيف يشهد الله وكيف يكلم الله عباده كافرهم ومؤمنهم ويشهد لهم ؟ ألم يشهد للحواريين الذين نصروا عيسى (عليه السلام) ؟ ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُون﴾([66]). ألم يعرض الله نفسه وملائكته وأوليائه كشهود بالرؤيا والكشف لصاحب الحق وخليفة الله في أرضه؟ ﴿لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً ﴾([67]). ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾([68]). إذاً أيها الناس تَعَقَّلوا ولا تسمحوا لأحد أن يستخفكم حتى يضعكم في مصاف من كذبوا الرسل و خلفاء الله في أرضه وقالوا عن وحي الله بالرؤى والكشف بانه أضغاث أحلام فقص الله قولهم الخبيث الذي يكرره السفهاء اليوم دون تدبر؛ ﴿بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ ﴾([69]). أيها الناس لا يخدعكم فقهاء الضلال وأعوانهم اقرؤوا ابحثوا دققوا تعلموا واعرفوا الحقيقة بأنفسكم لا تتكلوا على أحد ليقرّر لكم آخرتكم فتندموا غداً حيث لا ينفعكم الندم؛ ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾([70])). فأحمد الحسن اليماني (عليه السلام) قدّم النص الإلهي، والعلم الإلهي، وحاكمية الله؛ وهو القانون الذي يُثبت بالقطع واليقين خليفته في كل زمان..... وانظروا ماذا قدّم المخالفون له. قدموا تهماً، قدمواً شبهات، قدموا احتمالات، قدموا إشكالات لا تنتهي بل لا زالت تلاحق الإسلام عبر هذا الدهر الطويل !! فهل انتهت الإشكالات يوماً ؟ أم هل وقفت ألسن المغرضين عن الاتهام ؟ -أحمد الحسن (عليه السلام) يقدّم الدليل القطعي الواضح: علينا ابتداءً أن نفرق بين أمور: الدليل: وهو الأمر الذي يثبت أمر آخر تارة بالظن المعتبر شرعاً، كالروايات التي دلت على اعتبار الظن الناشئ من أخبار الثقات، وأخرى بالقطع واليقين كما في باب الاعتقادات. الإشكال: وينشأ من عدم فهم الدليل نتيجة أمور عديدة، ولا يفوتني هنا أن أنقل عبارة للسيد أحمد الحسن (عليه السلام) بهذا الصدد، فيقول في كتاب مع العبد الصالح: (في مناظراتهم دائماً ركّزوا على المثال في نقض الإشكال على الدليل المطروح، يعني مثلاً: تقول لهم هذا هو الدليل من كتبكم أن عمر اقتحم بيت الزهراء (عليها السلام) وأحرق باب دارها، يقولون لك: كيف وأين شجاعة علي بن أبي طالب، وكيف رضي أن تضرب الزهراء (عليها السلام) ويكسر ضلعها ؟ أنت هنا ركز، هم ماذا فعلوا ؟ أولاً: لم يردوا الدليل بدليل ينقضه، إذن ثبت الدليل وقد أقرّوا الأمر ابتداءً؛ لأنهم ذهبوا إلى الإشكال عليه لا نقضه بدليل مخالف، يعني هم لو كان عندهم دليل نقض لطرحوه، وبما أنهم لم يطرحوا دليلاً للنقض فقد لزمهم الدليل وأقروا به، وهم في مرحلة رفع الشبهات عن الدليل بطرح الإشكالات عليه. ركّز هنا، فأنت بهذا تحرجهم أيما إحراج؛ لأنّ معنى طرحهم الإشكال هو إقرارهم بالدليل، ومعنى طرحهم الإشكال هو أنهم فاقدون لدليل النقض، ومعنى طرحهم الإشكال أنهم في مرحلة تجلية الدليل ورفع الشبهات عنه ....) ([71]). ولا أظن بوجود عاقل بل من له مسكة عقل يجانب هذه الحقيقية التي بينها (عليه السلام)، فحقاً الإشكال: لا ينقض الدليل؛ بل هو إقرار بالدليل. إنّ طرح الإشكال يعني أن المستشكل في مرحلة تجلية وتوضيح الدليل ورفع الشبهة عنه. الدليل ينقض بدليل آخر يقابله لا بالاحتمالات والأوهام والشبهات. ج. القناعــة: وهي أمر نفسي يأتي متأخر عن الدليل، فتارة يقتنع الانسان بالدليل وتارة يرفضه ولا يقتنع به، الاّ ان رفضه لا يعني بطلان الدليل، بل الدليل قائم لكن النفوس المريضة لا تقتنع، فالخلل لا بالدليل بل الخلل في النفوس، فكم لله سبحانه وتعالى من دليل ناطق، ومع ذلك نجد العديد لا يؤمن بوجوده سبحانه، بينما نجد الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة يقول: (كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك !! متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيباً). إذن فالقناعة تابعة لنفس الإنسان؛ فالارض الطيبة ينبت فيها الزرع بينما الارض السبخة لا ينبت فيها الزرع ، ولا يعني وجود خلل في البذور بل في الأرض نفسها فهي لم تهيئ بعد للزرع، فعلى المزارع ان يبادر أولاً لتنظيف الأرض من الأملاح ومن ثم يبذرها. ومن هنا تقدم الكفر بالطاغوت على الايمان بالله سبحانه؛ ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾([72]). إذن فتمامية الدليل لا ربط له بالقناعة؛ لكون القناعة راجعة لنفس الإنسان، فمع تمامية الأدلة وإتقانها على نبوة النبي ص نجد العديد ينكر نبوته، ومع كثرة الأدلة على إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلاّ ان الكثير لم يقرّ بإمامته وخلافته للنبي ص بلا فصل. وهذا لا يقدح في نبوة النبي ص ولا في إمامة علي (عليه السلام) وأولاده الكرام؛ لأنّ الأدلة القطعية دلت على نبوته وعلى إمامتهم عليهم السلام. ومن هنا فمن قدم دليلاً قطعياً لا يمكن أن يخدش فيه الإشكال ولا القناعة، بل يبقى الدليل ثابت حتى يأتي دليل آخر ينقضه، وإلاّ فيكون الدليل حجة سواء اقتنع الناس أم لم يقتنعوا. وبعد هذا لنرى ما قدّم السيد أحمد الحسن (عليه السلام): قدّم النص عليه باسمه وصفته ومسكنه: وبإمكان الجميع أن يطالع إصدارات أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) في الموقع الرسمي لأنصار الإمام المهدي في الانترنت: (www.almahdyoon.or(?))، كما ويمكن الاطلاع على الصفحة الشخصية للسيد أحمد الحسن (عليه السلام)، وصفحات أنصاره على الفيسبوك، بل ويمكن طلب بعض الإصدارات من بعض المكاتب أيضاً. قدّم العلم والحكمة: وباستطاعة الجميع أن يقرأ ما كتبه السيد أحمد الحسن (عليه السلام) على الموقع الرسمي، فسيجد كتباً متنوعة ومختلفة وبعلوم لم يتعرّض إليها أحد من غير آل محمد عليهم السلام، فله إصدارات ناهزت الخمسين إصداراً وفي علوم متنوعة. قدّم حاكمية الله: التي تعني أن المقنن والمنفذ معصوم لكي يصل التشريع الإلهي إلى الناس بلا شائبة أهواء نفسية وأذواق شخصية. وهذه الثلاثة لا تجتمع إلاّ في حجج الله سبحانه بنص القرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام)، ومعنى كونها لا تجتمع إلاّ في حجة من حجج الله يعني أنّ دلالتها على مدعيها دلالة قطعية لا تختلف من زمن إلى زمن، فجميع خلفاء الله وحججه أتوا بها، كما أنها لا تتخلف عن أحدهم أبداً، فكل حجة لله لابد أن يحمل نصاً من الله سبحانه إمّا مباشرتاً وإمّا بواسطة الحجة السابق. فلنرى كيف يبين القرآن وعِدله العاصم من الضلال؛ الأمور التي ينفرد بها الحجة والخليفة الإلهي: القرآن: يقول سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ ([73]). الآيات الكريمات بينت أمور قطعية تثبت خليفة الله في كل زمان: الجعل: فالله عز وجل يقول: ﴿إني جاعل ... خليفة﴾، فالجعل بيده سبحانه لا بيد غيره، وإذا كان الجعل بيده فطبيعي يبين جعله بالنص على خليفته، فالنص منه سبحانه يثبت خليفته في أرضه. وبطبيعة الحال بما أن الجعل مختص به سبحانه والذي يكشف عنه النص، فيكون النص تشخيص لخليفة الله، وبما أن النص كاشف قطعي عن خليفة الله فلابد أن يحافظ الله سبحانه على النص من ادعاء المبطلين، وإلاّ فيلزم أن يكون النص ممكن الادعاء له من العابثين المبطلين، ونتيجته تظليل الناس باسم النص الإلهي؛ وهذا غير ممكن بالتأكيد عليه سبحانه لكونه قبيحاً؛ فلابد إذن من حفظه على النص المشخص لخليفته من ادعاء المبطلين. وهذه حقيقة يشهد لها التأريخ فضلاً عن الشرع فالواقع التأريخي يثبت عدم ادعاء النص التشخيصي، فلم تمتد إليه يد المبطلين. كما وأن الجعل مستمر لكون (جاعل) اسم فاعل يدل على الاستمرار والتجدد، فالجعل مستمر ولن ينقطع، بل الحاجة التي دعت لإرسال الرسل هي عينها تدعو لبقاء الخليفة الإلهي. العلم: ﴿وَعَلَّمَ آَدَمَ﴾، فالله هو الذي يعلم خليفته، فالعلم الإلهي مما تتقوم به خلافة الخليفة، وإلاّ فينتفي الهدف من الاستخلاف؛ لكون الاستخلاف يعني أنّ الله جعل خليفة يخلفه في أرضه ويبين لعباده، ولذا نجد القرآن يؤكد على علم خلفاء الله سبحانه، كما سترى في كلام خليفة الله المهدي (عليه السلام) في المتن. السجود: ويعني الطاعة، فخليفة الله لابد أن يكون مطاعاً لكونه خليفة لله سبحانه الواجب الطاعة، وقد أعطى حق الطاعة لخلفائه، وإلاّ فلا فائدة من الاستخلاف؛ إذ لا يمكن أن يستخلف الله سبحانه شخصاً ولم يوجب طاعته، كما ستعرف تفصيل ذلك في كلام خليفة الله المهدي (عليه السلام) في المتن. فهذه الأمور الثلاثة نجدها في كل خلفاء الله سبحانه، كالأنبياء والرسل وغيرهم، فلابد إذن من وجودها في كل مدعي للخلافة، كما وأنها كاشف قطعي عن أحقية الذي جاء بها؛ لعدم تواجدها في غير خليفة الله سبحانه. ب- الروايات: 1. روى الصفار في بصائر الدرجات بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (الامام يعرف بثلاث خصال: إنه أولى الناس بالذي كان قبله وعنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده الوصية، وهو الذي قال الله تعالى: ﴿إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ وقال: السلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور الملك حيث دار السلاح كما كان يدور حيث دار التابوت) ([74]). 2. عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رواية طويلة إلى أن يقول: ( ... ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله ورايته وسلاحه ...... وإياك وشذّاذ من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه،...) ([75]). 3. عن الحرث بن المغيرة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بم يعرف صاحب هذا الأمر؟ قال: (بالسكينة والوقار والعلم والوصية) ([76]). فهذه الروايات وغيرها كما اوردها الشيخ الكليني في الكافي تنص على أن الإمام وصاحب الأمر يعرف بثلاثة أمور: النص عليه والإيصاء به. يحمل العلم والحكمة. يحكم بما انزل الله سبحانه. وهي متطابقة تماماً مع القرآن الكريم: الله عز وجل نص على خليفته آدم (عليه السلام). وعلمه علماً فاق به الملائكة. أمر الملائكة بالسجود له، أي: بطاعته. وبعد ما تقدم ألفت القارئ إلى سؤال ستكون إجابته مصيرية؛ وهو: لو غضضنا الطرف عن جميع ما جاء به السيد أحمد الحسن (عليه السلام) من روايات تبين معالم شخصيته، واقتصرنا على الثلاثة التي احتج بها بكتاب الله قائلاً: إنّ القرآن يقضي ويحكم بيننا، وقد بيّن القرآن الأمور التي يتعين وجودها في كل خليفة إلهي؛ (النص، العلم، حاكمية الله) فهل سيثبت أنه حجة من الحجج أم لا ؟ وهل نكون محجوجين بعدم إتباعه مع احتجاجه بها ؟ بالتأكيد نكون محجوجين ويجب علينا الإيمان به؛ لكونه جاء بقانون الله الذي يثبت به خلفائه. وهذا القانون قطعي لا يختلف ولا يتخلف من زمن إلى آخر، فكما نص الله على آدم (عليه السلام) قد نص على الخلفاء من بعده على لسان خلفائه، فشيث وإبراهيم ويعقوب ويوسف وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام منصوص عليهم، وكذا آل محمد منصوص عليهم. كما أن جميع خلفاء الله حملوا علم الله سبحانه وكل خليفة بحسبه، إلى أن تصل إلى آل محمد الذين فاقوا جميع حجج الله بالعلم، فهم عيبة علم الله وتراجمة وحيه. وكذلك جميع خلفاء الله يطبقون قوانين الله سبحانه، ويحكمون بإذنه ويبينون أحكامه للناس. فبهذه جاء السيد أحمد الحسن (عليه السلام)، فإن كانت هذه ثبت بها الخلفاء السابقين فقطعاً يثبت بها أحقية السيد أحمد الحسن (عليه السلام) وكونه خليفة من خلفاء الله سبحانه، وإن لم يثبت بها فلا يثبتون بها الخلفاء السابقين أيضاً. ولكنهم ثبتوا بها، فيتعين بالقطع واليقين أنّ أحمد الحسن (عليه السلام) حجة من حجج الله وخليفة من خلفائه. -قطعية القانون الإلهي: لطالما سمعنا من العديد من دعاة العلم الفاشلين أنهم يقدحوا في النص الذي ادعاه السيد أحمد الحسن (عليه السلام)، وهو النص الوارد في غيبة الطوسي الذي هذا نصه: (أخبرنا جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين(عليه السلام)، قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه واله)- في الليلة التي كانت فيها وفاته - لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة، فأملا رسول الله (صلى الله عليه واله) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماماً سماك الله تعالى في سمائه: علياً المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك. يا علي، أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم، وعلى نسائي: فمن ثبتها لقيتني غداً، ومن طلقتها فأنا برئ منها، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي، فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد (عليه السلام) فذلك اثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أول المؤمنين) ([77]). وقد فصل القول فيها السيد أحمد الحسن (عليه السلام) في كتاب (الوصية الكتاب العاصم من الضلال)، وأثبت قطعيتها صدوراً ودلالتاً، كما وتعرض لتوثيق رواتها الشيخ ناظم العقيلي وأثبت أنها موافقة لروايات أهل البيت عليهم السلام واجتمعت فيها قرائن تفيد القطع بالصدور، في كتابيه: (دفاعاً عن الوصية، وانتصاراً للوصية). وقد جاء بمفاد الوصية العديد من الروايات التي تشخص هوية المهديين عليهم السلام، وهذا نص مقتبس من أحد إصدارات أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) يبين ذلك: (بيان شيء من هوية المهديين (عليهم السلام): ولنترك آل محمد (عليهم السلام) يبينون لنا هوية المهديين (عليهم السلام) ، من خلال عرضنا لكلماتهم (عليهم السلام) وهم يذكرون المهديين بعناوين مختلفة، وهي كالتالي: 1. من أهل البيت (عليهم السلام) ومن ذرية الإمام المهدي (عليه السلام): عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل أنه قال: (يا أبا حمزة، إنّ منا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين (عليه السلام)) ([78]). وعنه (عليه السلام): (إنّ منا بعد القائم (عليه السلام) اثني عشر مهدياً من ولد الحسين (عليه السلام)) ([79]). فنجد الإمام الصادق (عليه السلام) يصرح بكون المهديين الإثني عشر منهم فيقول (منّا)، بل ومن ذرية الحسين (عليه السلام) بالتحديد، بل ومن ذرية الإمام المهدي بالتحديد. عن الإمام الصادق (عليه السلام) في أحد الأدعية المشهورة: (اللهم كن لوليك القائم بأمرك محمد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ومؤيداً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طولاً وعرضاً وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين) ([80]). فالأئمة الوارثين هو (عليه السلام) وذريته، كما جاء في الدعاء عن الإمام المهدي (عليه السلام) في كيفية الصلاة على محمد وآل محمد إلى أن يصل إلى نفسه فيقول (عليه السلام): (... اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه وتسر به نفسه ... إلى قوله (عليه السلام): وصلّ على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده، ومدّ في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أقصى آمالهم دنيا وآخرة ...) ([81]). وجاء في دعاء الإمام الرضا (عليه السلام) للإمام المهدي في عصر الغيبة: (اللهم أعطه في نفسه وأهله وَوَلـَدِه وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه وتجمع له ملك المملكات كلها ... إلى أن يقول: اللهم صلّ على ولاة عهده والأئمة من بعده وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم وأعز نصرهم ...) ([82]). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين: أحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، ويقول بعضهم: قتل، ويقول بعضهم: ذهب حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلّع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره)([83]). ورواها النعماني بهذا اللفظ: (إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين: إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم يقول: قتل، وبعضهم يقول: ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره، إلا المولى الذي يلي أمره) ([84]). 2. الفاضلين الأمناء الخزنة: عن الإمام الرضا (عليه السلام)، قال: (اللهم صلّ عليه وعلى آله من آل طه ويس، واخصص وليك ووصي نبيك وأخا رسولك ووزيره وولي عهده إمام المتقين وخاتم الوصيين لخاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وآله) وابنته البتول وعلى سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وعلى الأئمة الراشدين المهديين السالفين الماضيين وعلى النقباء الأتقياء البررة الأئمة الفاضلين الباقين وعلى بقيتك في أرضك القائم بالحق في اليوم الموعود وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة ....) ([85]). 3. القوّام بعد أبيهم (عليه السلام): عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في ذكر الكوفة، قال: (فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلاّ وصلّى فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين) ([86]). 4. ولاة عهد الإمام المهدي (عليه السلام): عن يونس بن عبد الرحمن: أنّ الرضا (عليه السلام) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا - وهو دعاء طويل نقلت منه موضع الحاجة -: (.... اللهم صلّ على ولاة عهده والأئمة من بعده، وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم، وأعز نصرهم، وتمم لهم ما أسندت إليهم من أمرك لهم، وثبت دعائمهم، واجعلنا لهم أعواناً وعلى دينك أنصاراً، فإنهم معادن كلماتك، وخزان علمك، وأركان توحيدك، ودعائم دينك، وولاة أمرك، وخالصتك من عبادك، وصفوتك من خلقك، وأولياؤك وسلائل أوليائك، وصفوة أولاد نبيك، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته) ([87]). 5. أئمة: عن حبّة العرني، قال: (خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحيرة فقال: لتصلن هذه بهذه - وأومى بيده إلى الكوفة والحيرة - حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير، وليبنين بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عجل الله تعالى فرجه؛ لأنّ مسجد الكوفة ليضيق عنهم، وليصلين فيه إثنا عشر إماماً عدلاً،....) ([88]). 6. أوصياء: في دعاء اليوم الثالث من شعبان المروي عن الحسن العسكري (عليه السلام) قال فيه: (... وسيد الأسرة - أي الحسين - الممدود بالنصرة يوم الكرة، المعوض من قتله أنّ الأئمة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في أوبته، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته، حتى يدركوا الأوتار، ويثأروا الثار، ويكونوا خير أنصار) ([89]). 7. شيعة أهل البيت (عليهم السلام): عن أبي بصير، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): (يا ابن رسول الله، إني سمعت من أبيك (عليه السلام) أنه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر إماماً، فقال الصادق (عليه السلام): إنما قال: اثنا عشر مهدياً، ولم يقل: اثني عشر إماماً، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا) ([90]). فجميع هذه الألفاظ تشير للمهديين الاثني عشر (عليهم السلام)، وهذا لا يشك فيه كل من عنده مسكة عقل. ومن خلال هذه التعابير التي تكشف عن كونهم من أهل البيت (عليهم السلام)، ومن ذرية الإمام المهدي (عليه السلام)، وهم ولاة العهد بعده، وهم أوصياؤه، وهم أئمة على الخلق بعده، وهم الأمناء على دين الله وخزنة علومه بعد أبيهم. وبما أنّ الخلافة والوصاية لا تثبت إلا بالنص الإلهي كما هو معلوم في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، فمن الطبيعي جداً أنّ هؤلاء ليسوا كسائر الناس، بل هؤلاء أوصياء قد اختارهم الله كي يكونوا خلفاء لله في أرضه، فمن الطبيعي أن تكون عندهم جميع ما تتقوم به خلافة الخليفة، إذن فهم أئمة على الناس. وكل من قال بغير ذلك فالنصوص المتقدمة حجة عليه، وهي واضحة وغير قابلة للرد. وعلى كل حال فمن أراد أن يدلس وينفي إمامة المهديين (عليهم السلام)، فلن يستطيع بتخرصاته واجتهاداته كما لم يستطع الغربال حجب ضوء الشمس. كما أنّ هويتهم بدت واضحة للقارئ الكريم، فهم حجج لله سبحانه استخلفهم الأرض بعد أبيهم الإمام المهدي (عليه السلام)، فلهم ما لخلفاء الله من وجوب الطاعة وغيرها من الأمور الثابتة لهم (عليهم السلام)، نعم يختلفون عن الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بالمقام، كما يختلف سائر خلفاء الله بذلك ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾([91]) ([92]). -لننصف آل محمد (عليهم السلام): وبعد هذا فلنلتفت بدقة بعيداً عن التعصب والعناد لكون المسألة مصيرية، ولابد فيها من مصارحة النفس وكسر الأنانية التي خسرت إبليس جميع أعماله فأصبح ملعوناً مطروداً من رحمته سبحانه، ولنترك التكبر أيضاً، وليكن شعارنا قول النبي (صلى الله عليه وآله): (أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) ([93]). وقول حفيده صادق العترة الهادية (عليهم السلام) حيث يقول: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْإِيمَانَ كُلَّهُ فَلْيَقُلِ الْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَمَا أَعْلَنُوا وَفِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وَفِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي) ([94]). وننظر لما قدّم السيد أحمد الحسن (عليه السلام) ونزنه بكلام الله عز وجل وبكلام النبي (صلى الله عليه وآله)، فإن وافقهما فهو الحق ولو انحرفت عنه الدنيا واتهمته بشتى التهم فلا ينقص من قدره شيء عند الله سبحانه، وإن لم يكن حقاً - وهيهات - نتجنب. تأمل عزيزي القارئ ماذا قدّم السيد أحمد الحسن (عليه السلام): السيد أحمد الحسن (عليه السلام) احتج بقانون معرفة الحجة وقد تقدم بيانه، فمن أراد فليتقدم ويناقش الدليل الذي جاء به السيد أحمد الحسن (عليه السلام)، ولا يجعل الشبهات عاذراً لسقطاته. السيد أحمد الحسن (عليه السلام) قدم دليل خلفاء الله فمن لم يؤمن به بحجة لا دليل لديه فهو حقاً غير مؤمن بخلفاء الله سبحانه. السيد أحمد الحسن (عليه السلام) جاء بالعلم الذي لن يستطع أحد ردّه، وباب الرد مفتوح للجميع، وقد تحدى الجميع للمناظرة العلمية إلاّ أنهم لا يريدون الخوض في ذلك خشية الفضيحة. السيد أحمد الحسن (عليه السلام) انفرد بحاكمية الله بخلاف غيره الذي انخرط بحاكمية الناس. السيد أحمد الحسن (عليه السلام) يشهد الله له بالرؤيا والكشف والنقر بكونه حقاً، ومخالفوه ذمهم النبي في روايات كثيرة. السيد أحمد الحسن (عليه السلام) موصوف في الروايات، وهذا تجده في اصدارات انصار الامام المهدي (عليه السلام) في الانترنت. -وقفات ومحاكمات مع السيد والي الزاملي: بعد أن اطلع القارئ الكريم على ما تقدّم أود أن أقف وقفات بكل حيادية وإنصاف ونحاكم أنا والقارئ الكريم بعض النصوص والعبارات التي ذكرها بعض مدعي العلم كي يبعد الناس عن الحق ويصدّهم عن دعوة السيد أحمد الحسن (عليه السلام). وحقاً إن جميع ما قاله ذلك المعتوه لا يستحق الوقوف عنده، لذا فأرجو أن يسامحني القارئ الكريم لكوني أثقلت عليه بنقل كلماته وناقشتها، ولكني أردت أن ترى الناس جهله وتفاهته حماقته، ولنتبع المشكك إلى باب داره، وحقاً أنّ الحماقة لا علاج لها. يقول عيسى بن مريم (عليه السلام): (داويت المرضى فشفيتهم بإذن الله، وأبرأت الأكمه والأبرص بإذن الله، وعالجت الموتى فأحييتهم بإذن الله، وعالجت الأحمق فلم أقدر على إصلاحه. فقيل: يا روح الله، وما الأحمق ؟ قال: المعجب برأيه ونفسه، الذي يرى الفضل كله له لا عليه، ويوجب الحق كله لنفسه ولا يوجب عليها حقاً، فذاك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته) ([95]). ويقول أحد الأدباء: لكل داء دواء يستطب به إلاّ الحماقة أعيت من يداويها -الوقفة الأولى: السيد والي الزاملي يقرّ بالفشل: نقل السيد والي الزاملي في مطلع أحد منشوراته كلاماً للغزالي وعلق عليه، وإلى القارئ الكريم نص ما نشره: (قال الغزالي: الإسلام قضية ناجحة ولكن ابتلي بمحام فاشل)؛ أقصد إنّ المسلمين فشلوا في عرض الإسلام كما جاء به رسول الإسلام بصورته الناصحة الذي أفشل الحضارات المادية واليوم يقف المسلم عاجزاً أمام التحديات التي نحج أعداء الإسلام في تسخير دمى متحركة تنشر أفكاراً غريبة القصد من ورائها الهاء المسلم عما يحدث من فضائع ترتكب باسم الإسلام). ومن حقنا أن نسأل من هو المحام الفاشل ؟ فهو لا يقصد أنّ المحام الفاشل آل البيت عليهم السلام، لكونهم امتداد للنبي (صلى الله عليه وآله) ، ولكونه يعتقد بإمامتهم بحسب الفرض. فينحصر مصداق المحام الفاشل بمن نصب نفسه محامياً عن الدين مع أنه لا يعرف من الدين شيئاً، بل واتخذ الدين غطاءً ليمرر به على الناس مآربه الشيطانية؛ كالقائل وأمثاله من الإمعات. فبعد اعترافكم بالفشل، وأن المسلم يقف عاجزاً أمام التحديات بسببكم، إذن لماذا لا توجهون المسلمين للعقيدة الحقة والإسلام الذي جاء به خير الورى محمد (صلى الله عليه وآله) ؟! عن المفضل انه كتب إلى أبى عبد الله (عليه السلام) فجائه هذا الجواب من أبي عبد الله (عليه السلام): (إنّ الدين واصل الدين هو رجل وذلك الرجل هو اليقين وهو الإيمان وهو إمام أمته وأهل زمانه فمن عرفه عرف الله ومن أنكره أنكر الله ودينه ومن جهله جهل الله ودينه وحدوده وشرايعه بغير ذلك الإمام) ([96]). وما دمتم فاشلين كيف تحث الناس على اتباع هؤلاء الفاشلين وتستمد منهم الشرعية فتقول في أحد منشوراتك البائسة: (نحن نستمد شرعية التحرك في التصدي من مراجعنا) ؟! فهل المراجع الذي تستمد منهم الشرعية محامٍ ناجح، أم محامٍ فاشل ؟ وإن كانوا محام ناجح فمن هو الفاشل الذي فشَل في عرض الإسلام بصورته الناصعة والذي بسببه أصبح المسلم عاجزاً أمام الأفكار الغريبة، لكي ينشغل عما يحدث من فضائع ترتكب باسم الإسلام ؟! نعم؛ حقاً أنها فضائع ترتكب باسم الإسلام، وأحدى الفضائع التي ابتلي بها الإسلام هي؛ أنتم الفاشلين البائسين الذين لا هم لكم إلاّ أنفسكم وإشباعها بالملذات، فلم تتركوا الإسلام والمسلمين على نقاء فطرتهم بل عمدتم لتظليلهم وتجهليهم لتسودوا عليهم وليمشوا خلفكم كما يمشي العبد خلف سيده ذليلاً منكسراً. ولقد ذكرني القائل بمقالة الحسين (عليه السلام) لمروان بن الحكم عندما طلب منه أن يبايع يزيد فقال أبو عبدالله (عليه السلام): (إنا للَّه وإنَّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ قد بُليت الأمة براعٍ مثل يزيد). فلو رفع العلماء غير العاملين أيديهم عن الأمة الإسلامية بل عن الناس جمعاء لاجتمعوا على كلمة سواء؛ ولكنهم كما وصفهم عيسى (عليه السلام) بقوله: (مثل علماء السوء مثل صخرة وقعت على فم نهر، لا هي تشرب ولا هي تترك الماء يخلص إلى الزرع) ([97]). فقطعتم طريق المؤمنين كما قال أمامنا العسكري (عليه السلام) لأبي هاشم الجعفري: (يا أبا هاشم، سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة، وقلوبهم مظلمة متكدرة، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر، والفاسق بينهم موقر، أمراؤهم جاهلون جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة [سائرون]، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، وأصاغرهم يتقدمون على الكبراء، وكل جاهل عندهم خبير، وكل محيل عندهم فقير، لا يميزون بين المخلص والمرتاب، لا يعرفون الضأن من الذئاب، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيم الله إنهم من أهل العدول والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا، ويضلون شيعتنا وموالينا، إن نالوا منصباً لم يشبعوا عن الرشاء، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين، والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم، وليصن دينه وإيمانه. ثم قال: يا أبا هاشم، هذا ما حدثني أبي، عن آبائه جعفر بن محمد (عليهم السلام)، وهو من أسرارنا، فاكمته إلا عن أهله) ([98]). فليس العلم يا من تدعيه مجرد مفاهيم مبعثرة بل العلم مبدأ ومنهج معرفي لا يعرفه كل من هب ودب، فلا ترمي الناس بحجر وبيتك من زجاج. فتعال وقدّم للناس الدليل العلمي الموافق لكتاب الله ولكلمات خلفائه لإبطال هذه الدعوة المباركة، ودون إبطالك لها خرط القتاد؛ لكونك أحد الفاشلين الذين تكلمت عنهم؛ ولكي أثبت فشلك وضحالة مستواك العلمي ليعرف القارئ المنصف الحقيقة، إني أدعوك للمناظرة الكتابية في الفيس بوك في صفحتي أو صفحة أخرى كما تختارها، أو مناظرة صوتية في إذاعة المنقذ العالمي المباركة، أو في برنامج البالتاك في غرفتنا أو في غرفة خاصة ويتم النقل منها، ولنترك السامع يحكم ! ليتبين المفلس منا؛ ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. وإن رفضت ما عرضته عليك؛ فأجبني كتابياً فيما تنشره عن ما يلي: 1. ما هو الدليل على وجوب التقليد؛ شريطة أن يكون الدليل قطعي الصدور والدلالة. 2. هل يجوز الاجتهاد والاستنباط أم لا، وما هو الدليل القطعي على ذلك. 3. هل يجب دفع الخمس في زمن الغيبة الكبرى لمن نصبوا أنفسهم نواباً (الفقهاء)، وما هو الدليل القطعي على ذلك ؟ وبانتظار الرد ............ ولا أدري أنّ هذه النقاط التي جاءت بعد كلمة الرد ستقف أم ستمتد إلى ما لا نهاية ؟ -الوقفة الثانية: معتوه يتخبط ويتهم بلا دليل: يقول والي الزاملي في أحد منشوراته: (إلاّ أنّ الحيرة الكبرى التي أصابت أتباع أهل البيت في الغيبة الكبرى للإمام الغائب الثاني عشر (عجل الله تعالى فرجه) وقد حذرتنا الروايات من المدعين الذين وجدوا لهم سنداً ودعماً من الدوائر المشبوهة والجهال وأصحاب الإيمان المستعار، وهم كثر، ومنهم من يسمى أحمد بن الحسن اليماني البصري، وباعتقادي أنّ النقاش في الروايات مع هذا المدعي المختفي تعطيه مساحة من التمدد وكسب الوقت، والمسألة ليست بهذا المستوى. وإنما المفروض كما يقال ثبت العرش ثم النقش لحد الآن، ويفترض النقاش يدور حول نسبه المدعى بأنه ابن الإمام المهدي (عليه السلام)، وردت قراءة عن نسبه، إننا نقول أن أحمد إسماعيل كاطع قد ادعى أنه من صلب الإمام المهدي (عج)، وفي سنة 1989- 1999 كان اسم أحمد هو (أحمد إسماعيل كاطع) وأمّه معروفة،... فإذن هو في هذه الفترة من صلب إسماعيل كَاطع ... فيأتي السؤال هنا: متى تزوج الإمام المهدي (عج) زوجة إسماعيل كاطع ومن أين خطبها ؟ هل كانت أم أحمد إسماعيل كاطع على ذمة إسماعيل عندما تزوجها الإمام المهدي (عج) .... إذا رجعنا إلى الوراء قليلاً نجد أن أحمد إسماعيل كاطع من مواليد الستينات، ومعنى هذا أن الإمام المهدي قد تزوج أمّه في الستينات ! فلماذا لم تخبر أم أحمد ابنها بأنها على ذمة رجل آخر غير أبيه؟ وأنه من ذرية رجل آخر، وليس من صلب إسماعيل كاطع ؟؟ هذه الأسئلة والاستفهامات واقعية ومنطقية، وتدور في خلد أذهان الناس، لكنهم لا يلتفتون إليها، إذا أغضضنا الطرف عن هذه الأسئلة، إلاّ أننا لا يمكن أن نغض الطرف عن أسئلة أخرى جوهرية قد تتسع وتضيق تبعاً للتأمل والتحليل، وحاصلها: 1. الجميع يعرف أنّ دور الإمام حفظ الشريعة، وهداية الناس، فهل يعقل أن يرتكب الإمام ما يخالف الشريعة ؟ وهل يعقل أن يتزوج بامرأة على ذمة رجل آخر ؟ انتهى الكلام، أقول من ثم ننتقل لمرحلة الإدعاء بالوصية ونناقشها. الرجل نجح في جر السجال إلى الكرامات والتفسير والعلم اللدني، هذه الشخصية إن لم تكن وهمية وتختفي ورائها مؤسسة ضخمة هدفها إلهاء الشيعة زيادة التصدع في صفهم المتصدع أساساً، فهي متقنة لفن السحر والاعتماد على الأحلام لإثبات معتقداتهم الزائفة، وإذا ما أردنا أن ننسف كل هذه الأباطيل فقد حسمت المرجعية أمرها بإصدار فتوى من المراجع الأربعة حول أكاذيب المدعي أحمد بن الحسن، وسنقدمها في هذه النشرة ونقدّمها إلى القراء الكرام الذين يلتزمون بالأحكام). وانتقل بعد هذا إلى بحث أخر بلا أن يذكر النقطة الثانية ؟! وحقاً لا أدري ما أقول، وكيف أصف القائل؛ فهو يكشف بكل وضوح عن تفاهة قائلة وتصيده وحبّه للاتهامات بلا خوف من الله سبحانه، مضافاً إلى خلوه من العلمية. وحسبكم هذا التفاوت بيننا فكل إناء بالذي فيه ينضح ولنلاحظ ما جاء في كلامه: أ– يقول: (وباعتقادي أنّ النقاش في الروايات مع هذا المدعي المختفي تعطيه مساحة من التمدد وكسب الوقت، والمسألة ليست بهذا المستوى. وإنما المفروض كما يقال ثبت العرش ثم النقش لحد الآن، ويفترض النقاش يدور حول نسبه المدعى بأنه ابن الإمام المهدي (عليه السلام). أقول: 1. إننا نتكلم عن رجل ادعى أنه رسولاً ووصياً للإمام المهدي (عليه السلام)، فلنغض النظر عن كونه ابن الإمام المهدي (عليه السلام)، فكيف يثبت أنه حق أم باطل ؟ هل احتجاجه بالنص يلزمنا أم لا ؟ فلنفرض أكثر من هذا، فلو لم ترد أي رواية فيه واحتج علينا بالقرآن وحده هل نكون محجوجين أم لا ؟ بالتأكيد سنكون محجوجين. 2. إنّ الزاملي يفترض أن يكون النقاش ابتداءً بالنسب، فلو ثبت نسبه بأي طريقه من طرق الإثبات وأنّه ابن الإمام المهدي (عليه السلام) فهل سيكون حجة ويجب إتباعه ؟ بالتأكيد لا يمكن؛ لأنّ الطرق التي تثبت النسب لا مدخلية لها بثبوت كونه حجة واجب الطاعة. فعن أي عرش ونقش تتحدث يا هذا ؟ أنك لا تعرف العرش من النقش. المفروض أن تعرف أنه حجة أم لا ؟ وبماذا يثبت الحجة ؟ هذا هو النقاش العلمي يا دعاة العلم وليس عندكم منه شيء. 3. يقول باعتقادي أن النقاش في الروايات مع هذا المدعي المختفي تعطيه مساحة من التمدد وكسب الوقت، والمسألة ليست بهذا المستوى ؟ إني حقاً لا أعرف أنّ الزاملي هل يعتقد بالإمام المهدي (عليه السلام) أم لا ؟ وإلاّ فبربكم دعوى ترتبط بالإمام المهدي (عليه السلام) لا تكون مهمة بحسب اعتقاده يقول: (والمسألة ليست بهذا المستوى) ؟ نعم؛ حقاً ليست مهمة بالنسبة له؛ لأنه وأشباهه لا يطيقون عدله (عليه السلام)، وإلاّ فلو فقد والي الزاملي درهماً لبحث عنه ولم تطمئن نفسه إلاّ أن يجده، وإن لم يجده فسيكون حزيناً، لكون المفقود عزيز عنده، فبالله عليكم إن كنا حقاً نتطلع لغائب عزيز لنا وسمعنا منه خبراً ألا نفزع لسماع ذلك الخبر ؟! فلماذا لا نفزع لمن قال لنا أنا وصي ورسول الإمام المهدي (عليه السلام) ونبحث في ما يقول بإنصاف علمي لنرى الحقيقة ؟! فهل هذا سلوك المنتظرين بجد لطلعة إمامهم؟! وأغلب الظن أنه يتجنب الخوض في الروايات لكونه لا يفقه معناها؛ لكون الروايات كلام المعصومين عليهم السلام وفيه من العمق ما لا يخفى، فأنى للزاملي وأشباهه من السفهاء أن يفقهوها ويعرفوها ؟ ب- يقول : (وردت قراءة عن نسبه، إننا نقول أن أحمد إسماعيل كاطع قد ادعى أنه من صلب الإمام المهدي (عج)، وفي سنة 1989- 1999 كان اسم أحمد هو (أحمد إسماعيل كاطع) وأمّه معروفة،... فإذن هو في هذه الفترة من صلب إسماعيل كَاطع ... فيأتي السؤال هنا: متى تزوج الإمام المهدي (عج) زوجة إسماعيل كاطع ومن أين خطبها ؟ هل كانت أم أحمد إسماعيل كاطع على ذمة إسماعيل عندما تزوجها الإمام المهدي (عج) .... إذا رجعنا إلى الوراء قليلاً نجد أن أحمد إسماعيل كاطع من مواليد الستينات، ومعنى هذا أن الإمام المهدي قد تزوج أمّه في الستينات ! فلماذا لم تخبر أم أحمد ابنها بأنها على ذمة رجل آخر غير أبيه؟ وأنه من ذرية رجل آخر، وليس من صلب إسماعيل كاطع؟؟). أقول: الذي يقرأ هذه العبارات يشم فيها رائحة الخبث والحسد الذي ملأ صدور القوم للسيد أحمد الحسن (عليه السلام)، وإلاّ هل تسمّى هذه مناقشة علمية عقائدية ؟! 1. يقول والي الزاملي بأن أحمد الحسن ادعى أنه من صلب الإمام المهدي (عليه السلام) وقصدك ابنه المباشر، طيب أين أدعى أحمد الحسن ذلك ؟ هذه كتب السيد أحمد الحسن (عليه السلام) ابحث فيها واعطنا انه ادعى انه الابن المباشر للإمام المهدي (عليه السلام)، ويكفي كذباً وتدليساً على الناس المساكين الذين أصبحوا ضحايا لكم طيلة سنين متمادية، وبنيتم دنياكم بأموال الفقراء الذين يحترمونكم ويثقون بكم لحسن ظنهم بكم ولا يعلمون أنك وأشباهك ذئاب ضارية، متى يكون عندكم حياء وخجل كما عند الرجال ؟! 2. بعد أن يكذب كذبته ويقول إن أحمد الحسن ادعى من صلب الإمام المهدي (عليه السلام) (أي ابنه المباشر) راح يخوض فيما بناه عليها وتصوره واستدعى لذهنه لكونه مشحوناً بهذه الترهات، فصوّر أنّ أم السيد أحمد الحسن (عليها وعليه السلام) ستكون متزوجة لشخصين في آن واحد ؟ حقاً أنها مصيبة ؟ إن كان مثل هذا وأشباهه يقودونها !! 3. إنه يجهل الاسم الحقيقي لجد السيد أحمد الحسن (عليه السلام)؛ مع أنه منشور في الموقع الرسمي وفي بداية بعض كتبه وهو (أحمد إسماعيل صالح حسين سلمان محمد بن الحسن العسكري (عليه السلام)، يأتي ويفتري أن على الناس وبلا حياء ولا رادع ويقول أحمد الحسن ادعى أنه الابن الصلبي للإمام المهدي (عليه السلام)، كما ويقول بأن اسم جده قاطع مع أنه لا يوجد في آبائه قاطع حتى في السجلات الرسمية في العراق، وهذه كذبة أخرى !! 4. ثم يتساءل متى تزوج الإمام المهدي (عليه السلام) !! لا أدري هل على الإمام قبل الزواج أن يخبر الزاملي وأشباهه من أشباه الرجال، وهل هم أولياء أمره ليعلمهم ؟! ج- وبعد ذلك يقول: (أقول من ثم ننتقل لمرحلة الإدعاء بالوصية ونناقشها. الرجل نجح في جر السجال إلى الكرامات والتفسير والعلم اللدني، هذه الشخصية إن لم تكن وهمية وتختفي ورائها مؤسسة ضخمة هدفها إلهاء الشيعة زيادة التصدع في صفهم المتصدع أساساً، فهي متقنة لفن السحر والاعتماد على الأحلام لإثبات معتقداتهم الزائفة، وإذا ما أردنا أن ننسف كل هذه الأباطيل فقد حسمت المرجعية أمرها بإصدار فتوى من المراجع الأربعة حول أكاذيب المدعي أحمد بن الحسن، وسنقدمها في هذه النشرة ونقدّمها إلى القراء الكرام الذين يلتزمون بالأحكام). أقول: 1. يقول الزاملي: (يقول الرجل نجح في جر السجال إلى الكرامات والتفسير والعلم اللدني)، وبكل بساطه أقول أيها القائل؛ أين قال أحمد الحسن (عليه السلام) العلم اللدني ؟ أدعوا جميع المنصفين أن يبحثوا في كتب السيد أحمد الحسن (عليه السلام) ليروا هل تعرّض إلى العلم اللدني ؟! ولن تجدوا وإنما هي كذبة أخرى تضاف إلى السابق. كما أنك يا زاملي إن كنت من أهل العلم فلماذا لا تتصدى لما كتبه السيد أحمد الحسن (عليه السلام)، بل لما كتبه أنصاره لأنك لا تفقه كلامه كما كان أصحاب عمر بن سعد لا يفقهون كلام الحسين قائلين: (ما نفقه ما تقول يابن فاطمة)، فها دونك كتب أنصاره فرد عليها علمياً إن استطعت ؟ 2. انتقل الزاملي إلى ما انطبعت عليه نفسه وسطر الاتهامات قائلاً: (هذه الشخصية إن لم تكن وهمية وتختفي ورائها مؤسسة ضخمة هدفها إلهاء الشيعة زيادة التصدع في صفهم المتصدع أساساً، فهي متقنة لفن السحر والاعتماد على الأحلام لإثبات معتقداتهم الزائفة). وجميع ما جاء في العبارة كذب محض؛ أما شخص وهمي تقف ورائه مؤسسة ضخمة هدفها النيل من التشيع؛ وإمّا شخصية ليست وهمية ولكنها متقنة لفن السحر !! وهذا القول ذكرني بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ ([99]). ثم يقول يعتمدون على الأحلام في إثبات معتقداتهم، وهذا كذب أيضاً، ويستطيع القارئ أن يرجع لكتبنا ليعرف اننا نقول بحجية الرؤيا في تشخيص مصداق خليفة الله، فإن كنا نثبت اعتقادنا بالأحلام فما حاجتنا إلى السيد أحمد الحسن (عليه السلام) إذن، فكلنا يكون إمام نفسه ! هذا كلام سفيه يدل على محتوى صاحبه. د- ثم بعد ما تقدم يقول: (وإذا ما أردنا أن ننسف كل هذه الأباطيل فقد حسمت المرجعية أمرها بإصدار فتوى من المراجع الأربعة حول أكاذيب المدعي أحمد بن الحسن، وسنقدمها في هذه النشرة ونقدّمها إلى القراء الكرام الذين يلتزمون بالأحكام). أقول: 1. عن أي أباطيل تتحدث يا هذا: فهل القول بكون الإمامة تثبت بالنص من الأباطيل ؟ هل القول بكون العلم الإلهي من مقومات الإمامة من الأباطيل ؟ هل القول بكون المشرع والمنفذ معصومان (حاكمية الله) من الأباطيل ؟ فإن كانت أباطيل فتعال وقدم للناس الحق، وبين لهم كيف ستعرف أنت وأشباهك من مدعي العلم اليماني إذا ظهر ؟ بل وكيف ستعرفون الإمام المهدي (عليه السلام) إذا ظهر ؟ مع أنك كتبت عن الانتظار وتفلسفت كثيراً؛ لكنك لم تبين للمنتظرين كيف يعرفون الذي ينتظرونه، فلمَ لا تبين لهم، فتعال وبين منهج في التعرف على الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، فكيف تعرفه ؟ 2. ألا تخجل مما تكتب ؟ وأما يستحون مراجعك أيضاً ؟ ففي حين أنهم مجمعون على حرمة التقليد في العقائد نجدهم يفتون لكم بالعقيدة وتقبلون منهم ؟ فأيكم يضحك على الآخر أهم يضحكون عليكم، أم أنتم تضحكون عليهم. إنّ الدعوة اليمانية مسألة عقائدية لكونها من مباحث الإمامة وهي من العقائد عندكم، فكيف لمراجعك يفتون في العقائد مع إنهم حرّموا التقليد فيها ؟ وكيف تحتج أنت بفتاواهم في مسألة عقائدية؟! بربكم كيف يكون اللعب بالدين واستغلال جهل الناس ؟!! يقول أحد الشعراء: فدع عنك الكتابة لست منها ولو سودت وجهك بالمداد -الوقفة الثالثة: سفيه يفحم نفسه: يقول السيد والي الزاملي في أحد منشوراته: (الروايات التي تفضح المدعين. وفي محاسن البرقي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "من أم قوماً وفيهم أعلم منه أو أفقه منه، لم يزل أمرهم في سفال إلي يوم القيامة ." (المحاسن، ج 1، ص 93) . هذا الواقع الذي نشيعه شجع المتسترين خلف دعوات الدين وانصاف المثقفين المستقطبين أعداء التشيع، نقول لهذا المشبوه: نتحداك أن تقول أنا موجود، وتحاور ابسط طلاب العلم المحصلين. و في البحار (ج 90، طبع بيروت، صفحات 44 و 45 و 64) عن تفسير النعماني عن أمير المومنين (عليه السلام) في بيان صفات إمام المسلمين: "و أما اللواتي في صفات ذاته فانه يجب أن يكون أزهد الناس، وأعلم الناس، واشجع الناس، و أكرم الناس، وما يتبع ذلك لعلل تقتضيه...وأما إذا لم يكن عالماً بجميع ما فرضه الله تعالى في كتابه وغيره، قلب الفرائض، فأحل ما حرم الله، فضلَّ و أضلَّ. والثاني أن يكون أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وضروب أحكامه وامره و نهيه، وجميع ما يحتاج إليه الناس، فيحتاج الناس إليه، ويستغني عنهم ". ورواه عنه في المحكم والمتشابه . وفي الوسائل (ج 18، ص 564) بسنده عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : "من خرج يدعو الناس وفيهم من هو أعلم منه، فهو ضال مبتدع " الحديث . فهل هذا المبتدع الضليل الذي يقول أنا المهدي يستطيع أن يرتجل لنا خطبة من عشرة سطور من غير لحن، فضلاً عن العلوم الاخرى). هذا ما سطره والي الزاملي بين يدي القارئ الكريم، ولي عليه ملاحظات: أنه يصرّح بأنّ النبي (صلى الله عليه واله) يقول: (من أم قوماً وفيهم أعلم منه أو أفقه منه، لم يزل أمرهم في سفال إلي يوم القيامة). وبالتأكيد هذه حقيقة نطق بها النبي (صلى الله عليه واله)، ولكن: أ - كيف ثبتت عندك هذه الرواية بأنها صدرت من النبي (صلى الله عليه واله) لكي تحتج بها وترتب عليها أثر معرفي، فبين لنا منهجك في إثبات صدور الروايات، فإن كانت هذه الرواية حجة فلمَ لا تكون الروايات التي دلت على المهديين حجة، والروايات التي دلت على المهدي الأول حجة، والروايات التي دلت على وجود إمام ثالث عشر حجة وغيرها مما جاء في الروايات، فكيف تميز بين الروايات الصحيحة من غيرها، هل لديك ميزان أم بالذوق والهوى ؟ ب- كيف تميز العالم من الجاهل، والفقيه من غيره ؟ لكي نعرف الذي أمّ الناس هل هو أعلم وأفقه من كل أحد أم لا ؟ فهلاّ عرفتنا بميزانك في المعرفة للأعلم والأفقه لكي تميز الناس ؟ وهل الفقهاء الذين أمّوا الناس لسنين طويلة مع أن كل واحد منهم يدعي أعلميته على غيره يشملهم الحديث الذي ذكرته ؟ ما حال الناس الذين أتموا بهم مع اختلافهم وتناطح أرائهم ؟ مع أنك أقررت بكون هذا واقع فقلت: (هذا الواقع الذي نعيشه شجع المتسترين خلف دعوات الدين وإنصاف المثقفين المستقطبين أعداء التشيع)، فهل أنت ضمن هذا الواقع وفي سفال أم أنت خارج عنه ؟ إن قلت خارج عنه فتكون متناقضاً لكونك تدعوا إلى تقليد هؤلاء الذين بسببهم جاء الواقع الذي تتحدث عنه، بل وتجعل كلامهم فيصلاً بين الحق والباطل، فهل يوجد أدل من هذا على أنك في سفال ؟! يقول والي الزاملي: (نقول لهذا المشبوه: نتحداك أن تقول أنا موجود، وتحاور ابسط طلاب العلم المحصلين). ويقصد بالمشبوه السيد أحمد الحسن (عليه السلام)، (وحاشاك يبن الطاهرين)، فهو يتحدّاه أن يقول أنا موجود، مع أنّ السيد أحمد الحسن (عليه السلام) له موقع رسمي وإذاعة وصفحة فيسبوك وله كتبه التي تثبت أنه حقاً كالشمس في رابعة النهار، حقاً أمر عجيب !! كما ويقول أيضاً نتحداك أن تحاور أبسط طلاب العلم !! فإن كان السيد أحمد الحسن بهذا المستوى إذن ليبرز علمائك لمحاورته ومناظرته، فهو دعاكم لسنين ولا زال يدعوكم فما أخركم عن النزال ؟ ثم إنّ أحمد الحسن (عليه السلام) تشهد له شهادته العلمية الأكاديمية بكونه مهندس مدني، وتشهد له كتبه التي خطها وبين فيها ما لم تعرفوه ولم تسمعوا به، بل ويشهد الله عز وجل بصدقه، لكن أنتم من يشهد لكم ؟ ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾([100]). ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([101]). ثم يتابع ما تقدم قائلاً بعد نقله رواية تبين صفات الإمام من آل محمد عليهم السلام، ورواية أخرى فيقول: (فهل هذا المبتدع الضليل الذي يقول أنا المهدي يستطيع أن يرتجل لنا خطبة من عشرة سطور من غير لحن، فضلاً عن العلوم الأخرى). إن عشت أراك الدهر عجباً ! أجب الناس يا الزاملي عما تدعي، فقد ادعيت أن السيد أحمد الحسن (عليه السلام): مبتدع ضليل. يقول عن نفسه أنا المهدي. لا يستطيع أن يرتجل خطبة من عشرة أسطر. لا يعرف العلوم الأخرى. كيف تثبت أنه مبتدع ضال ؟ وأين قال أنا الإمام المهدي محمد بن الحسن (عليه السلام) ؟ وكيف لا يستطيع أن يرتجل ومن أين علمت ؟ وكيف لا يعرف العلوم الأخرى مع أنه كتب في علوم شتى ودونكم ما كتبه من كتب ؟ ألا يكفي تهريج بلا حياء وبلا مخافة الله سبحانه ؟ -الوقفة الرابعة: تزكية الله وخلفائه أم تزكية الناس ؟ يقول والي الزاملي: (نوجه سؤالاً إلى القراء الكرام حول هذا المبتدع، من يسمى أحمد بن الحسن: هل يستطيع أن يحصل على تزكية من علماء الشيعة في أي قطر من أقطار العالم؟ هذا أولاً. وثانيا: هل يحظى بثقة القواعد الشعبية المتدينة وليس المستفيدة من الدولار الذين يلهثون خلف مصالحهم، ولايعرفون خطر هذه الدعوة واسقاطاتها السلبية. هل يمكن التصديق بدعوة مختفٍ عن الأنظار، وتدار هذه المؤسسة من أشخاص نكرات؟ وهذه الرواية تفضح أكاذيبه، فلا نستبعد منه أن يدعي علم الأولين والآخرين، ولنقرأ هذه الروايه (ج 11، ص 28) بسند صحيح عن أبي عبدالله عن أبيه (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف". وفي تحف العقول (ص 375) عن الصادق (عليه السلام): "من دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه، فهو مبتدعٌ ضالٌ". فلا أوضح من ضلالة هذا المدعي مقام الإمامة، وهذا بحد الكفر، فلا مجاملة ولا تساهل مع أمثال هؤلاء، كما نحذر أبنائنا من شيعة أهل البيت من اليأس وخلط الأوراق عليهم بالبهتان والدجل، لأننا موعودون من أهل البيت العصمة والطهاره، يكثر الدجالون والمدعون كذباً وزوراً قبل قيام القائم، وقد ادعى النبوة مسيلمة الكذاب في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكذلك سجاح التميمية. فهذا الكذّاب ليس الأول ولا آخر في قائمة المدعين. إن الأمة الإسلامية تعيش حالة الضياع والخسران). أقول: 1. لا أدري كيف يمكن تحصيل التزكية من خصوم ألداء، ثم هل تزكية علماء الشيعة هي الملاك في كونه حقاً ؟ فلو زكى علماء الشيعة بالإجماع أحد هل يعني أنه حجة ؟ فالأولى أن نرى هل هؤلاء العلماء أزكياء لكي يزكوا لنا السيد أحمد الحسن (عليه السلام)، ومن زكاهم ؟ فهاك ما يقول خير الورى محمد (صلى الله عليه وآله): عن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) في حديث المعراج: (... قلت إلهي فمتى يكون ذلك (أي قيام القائم (عليه السلام)) فأوحى إليّ عز وجل ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر الفتك وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة الخونة) ([102]). إذن قبل أن تكون تزكيتهم هي الملاك عليك أن تثبت تزكيتهم، ولن تستطيع؛ مع أنّ هذا المنطق في غاية السفه؛ لكون تزكية الفقهاء لا تثبت أو تنفي حجية الحجة، وهذا أمر واضح. 2. يقول المتفيقه والي الزاملي: هل أحمد الحسن (عليه السلام) يحظى بقواعد شعبية متدينة ؟! وإني أقول له: هل كان نوح وموسى وعيسى ومحمد وعلي عليهم صلوات الله يحضون بقواعد شعبية متدينة ؟ ثم ما ربط القواعد الشعبية بالإثبات والنفي ؟ حقاً أمر غريب !! فسوى كان يحظى أم لم يحظى فهل هذا له مدخلية في إثبات ونفي كونه رسولاً ووصياً للإمام المهدي (عليه السلام) ؟!! 3. إن كثرة الدجالين لا يعني عدم وجود حق، بل لكثرة الدجالين لابد أن يضع الله الحكيم ميزاناً فيصلاً بين الدجال وغيره، فما هو الميزان الذي يكشف الدجال من غيره ؟ فهل يحق لشخص في زمن النبي ص لا يؤمن به متعللاً بكثرة مدعي النبوة كذباً ؟ فأنت تخلط الأوراق وتطالب بعدم خلطها ؟ وتتهم غيرك بالدجل والبهتان وأتباعه يلهثون خلف مصالحهم من الدولار وغيره من العملات، مع أن أتباعه قد خسروا دنياهم وبذلوا أموالهم من أجل دعوة الحق، كما فعلت خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها، فهم باعوا الدنيا وشروا الآخرة لا أنهم باعوا الآخرة بالدنيا كما فعلت أنت وأشباهك. ثم يفضح نفسه لكي يجد لها عذراً بقوله: كيف نؤمن بشخص مختفي عن الأنظار ؟ وبهذا هدم إمامة الإمام المهدي (عليه السلام) الغائب عن الأنظار لسنين طويلة، وفتح باباً للوهابية والمخالفين أن يهرجوا بنفس كلامه، فمن هو الذي تديره مؤسسات لأجل تصديع الصف الشيعي وتحريف عقيدتهم ؟ كما أن الرؤيا البصرية لا ربط لها بالإيمان وعدمه، فالإيمان له قانونه ولكنك تجهله فرحت تتخبط. 4. إن والي الزاملي حقاً فضح نفسه لعدم تفريقه بين الإدعاء للمقام وبين ادعاء النص التشخيصي والقانون الإلهي الذي يثبت به خلفاء الله ! فمسيلمة وغيره ادعوا مقام النبوة ولم يحتجوا بنصوص تدل على أنهم أنبياء، والسيد أحمد الحسن (عليه السلام) وأنصاره فرقوا بين الأمرين؛ فادعاء المقام ممكن، ولكن ادعاء القانون الإلهي الذي يثبت حجية الخليفة لا يمكن ادعائه، فراجع إصدارات أنصار الإمام المهدي (عليه السلام)، ودع التدليس على الناس والاستخفاف بعقولها. 5. يقول: إن الأمة الإسلامية تعيش الضياع والخسران، فنعم أوافقك في هذا لكن من هو السبب الذي أوصل الأمة إلى هذا الحال ؟ بنص رسول الله هم انته وأشباهك، عن النبي (صلى الله عليه واله): (سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه ومن الإسلام إلاّ اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود) ([103]). فأنتم رأس الفتنة والاختلاف ومنكم تخرج واليكم تعود، وها انتم جعلتم الأمة الإسلامية مزقاً لا يعرفون الحق من الباطل وضيعتموهم طيلة زمن طويل بفتاواكم المتناقضة وآراءكم الفاسدة. لقد اتهمت السيد أحمد الحسن (عليه السلام) بالكذب فهلا أثبتت كذبه للناس ! فهل دين الله يبيح لكم الاتهام، أم جعل في بعض الأحوال عاقبة الاتهام الجلد والتأديب ؟ فحقاً لا دين لكم كي تلتزموا بقوانينه. -الوقفة الخامسة: أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون: يقول والي الزاملي: (يجب الالتفات إلى رأي الفقهاء في هؤلاء المروجين للباطل: أولاً: يجب نصحهم وتحذريهم وإقامة الحجة عليهم، وتعريفهم ببطلان دعوتهم التخريبية، وخطر توجههم، فإذا أصروا على سلوك الطريق المنحرف، وصموا آذانهم واستمروا بدعوة الضلال والخروج عن منهج أهل البيت (عليهم السلام) لابد من مقاطعتهم وتحذير الناس من شرهم، ووضع ضوابط تجاههم: أولاً: الدعوة الى منعهم من دخول المراكز والمجمعات الإسلامية. ثانياً: التعريف بخروجهم عن مذهب الطائفة الشيعية. ثالثا: لا تجوز مجاملتهم ومزاورتهم. رابعا: يجب على العلماء والخطباء في الجالية الإسلامية أن يقوموا بحملة تثقيفية توعوية تعرف الناس بالفتن وسبل الخروج منها والتصدي لها، انطلاقاً من الحديث: (إذا ظهرت الفتن فعلى العالِم أن يُظهر علمه، وإلا فعليه لعنة الله). أقول: 1. توجد عندنا مكتبة بجوارك وهي مفتوحة وترحب بالجميع فهلاّ ذهبت ونصحت القائمين عليها، ألست نقلت حديثاً يلعن من لم يخرج علمه عند ظهور البدع، فأنت يمكنك الذهاب إلى المكتبة وتناقش وتنصح الأخوة وفقهم الله وسدد خطاهم لنرى هل سينطق لسانك أم يعقد ؟ 2. أنتم لا تقاطعون جميع أهل الأديان، فما الذي فعله أنصار السيد أحمد الحسن (عليه السلام) لتقاطعوهم ؟! ثم هل مقاطعتهم تنفع في ردعهم بنظرك ؟ وهل منعهم من الدخول في مراكزكم الإسلامية وعدم زيارتهم، هل هذه الأساليب تنفع في إبطال الدعوة المباركة ؟ فلماذا لم تنفع مقاطعة قريش لمحمد (صلى الله عليه واله) ولمن آمن به ؟ 3. إنك يا زاملي تحرض على التعريف بخروج أتباع السيد أحمد الحسن (عليه السلام) من الطائفة؛ فإن كنت تقصد الخروج من ما أنتم فيه من تقليد مبتدع وأهواء تتبع، فهو شرف عظيم، فأردت أن تذم لكنك مدحت. وإن كنت تقصد أنهم خرجوا عن مذهب التشيع، فأنت مخطئ لكون الإسلام ومذهب التشيع لا يمثله إلاّ محمد وآل محمد (عليهم السلام)، وأحمد الحسن وأتباعه لا يتكلمون إلاّ بكتاب الله وكلام محمد وآله (عليهم السلام)، فكيف يكونوا خارجين من التشيع إذن ؟! بل الأولى أن يقال إن الخارج من الإسلام ومن المذهب هو من يخالف كلام الله وخلفائه، وهما الحكم بيننا لنرى من الخارج طبقاً لما جاء فيهما ؟! ثم أنك تتكلم وكأنك الزعيم والمرشد الأعلى فتخرج من الطائفة من خالفك في المبدأ مع أنك رجل مغمور تعدو خلف دنياك وهمك شهواتك وبطنك، وقيمتك ما يخرج منها. فلا تغر بنفسك لكونك كتبت أسطر مبعثرة. فهاك نصيحة لعلها تنفعك وتصدك عن غيك وغرورك. يقول السيد أحمد الحسن (عليه السلام): (في التوراة مكتوب:توكل علي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك، في كل طريق اعرفني، وأنا أقوم سبيلك، لا تحسب نفسك حكيماً، أكرمني وأدب نفسك بقولي). -ختاماً: أدعو جميع المؤمنين الذين يتطلعون إلى أخرتهم ويخافون يوم الحساب أن يبحثوا بأنفسهم ويرجعوا إلى الله ليبين لهم الحق من الباطل، فهو هادي الحيارى الذين امتدت أيديهم إليه بالدعاء والابتهال لطلب الحق ونصرته. من أراد مناظرتنا فنحن بعون الله جاهزون. من أراد أن يرد فليرد على ما بيناه ولا يخوض في الإشكالات والشبهات فخوضه فيها يعكس سفاهته وعدم إدراكه، كما أنّ الإشكالات التي تورد على عقيدته لها جواباً فلنا أجوبة وليس جواباً واحداً، وعليه قبل الرد أن يطلع على ما نقول لكي لا يفضح. على المنصفين أن يتحلوا بالإنصاف العلمي لكوننا في بحث عقائدي ويتجنبوا التهريج وعدم التعقل وكيل الاتهامات واللغة المتدنية. على المنصفين أن لا ينقادوا خلف الاتهامات التي يشيعها المغرضون وليسألونا لكوننا نحن أصحاب الدعوة فنحن من يبينها لا يسمعوا من مخالفينا فقط، بل على الأقل ليسمعوا من الطرفين. ونسأل الله ان يحق الحق ويبطل الباطل بلطفه ومنه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. والسلام على المؤمنين والمؤمنات ورحمة الله وبركاته
Footers

[1] - الأنعام: 157.

[2] - الإسراء: 47.

[3] - الزمر: 17 - 19.

[4] - الزخرف: 30 – 31.

[5] - الاحقاف: 7 – 8.

[6] - السجدة: 3.

[7] - الأنفال: 31 – 32.

[8] - يونس: 15.

[9] - تصحيح الاعتقاد - للشيخ المفيد: ص73.

[10] - الاحتجاج: ج1 ص146.

[11] - البقرة: 61.

[12] - يونس: 42.

[13] - الزمر: 17 - 19.

[14] - الأحزاب: 67.

[15] - الصافات: 69- 71.

[16] - الزخرف: 22.

[17] - خطاب السيد أحمد الحسن في محرم سنة 1432.

[18] - الأنبياء: 5. خطاب السيد أحمد الحسن في محرم سنة 1432.

[19] - الأحزاب: 67.

[20] - فصلت: 26.

[21] - البقرة: 100.

[22] - الأنعام: 37.

[23] - الأنعام: 111.

[24] - الأعراف: 17.

[25] - الأعراف: 102.

[26] - يونس: 36.

[27] - الفرقان: 44.

[28] - الذاريات: 53.

[29] - خطاب السيد أحمد الحسن في محرم سنة 1432.

[30] - الأحزاب: 67.

[31] - الأعراف: 60 .

[32] - الأعراف:66.

[33] - هود: 27.

[34] - المؤمنون: 24.

[35] - ص: 6. خطاب السيد أحمد الحسن في محرم سنة 1432.

[36] - غافر: 29.

[37] - الكافي: ج2 ص398.

[38] - الكافي: ج2 ص398.

[39] - يونس: 39.

[40] - الأحزاب: 67

[41] - مريم: 59.

[42] - خطاب السيد أحمد الحسن في محرم لسنة 1432.

[43] - الأعراف:59 - 67.

[44] - يوسف:111.

[45] - الحشر: 21.

[46] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص186.

[47] - الكافي: ج8 ص312، وسائل الشيعة: ج27 ص185، بحار الأنوار: ج24 ص238.

[48] - الصف: 2- 3.

[49] - آل عمران: 139.

[50] - خطاب السيد أحمد الحسن إلى طلبة الحوزة العلمية: 8/ ربيع الثاني/ 1426.

[51] - الزمر: 18 - 19.

[52] - أمالي الشيخ الطوسي: ص51.

[53] - غافر: 29.

[54] - البقرة: 159.

[55] - البقرة: 42.

[56] - الأنعام: 8.

[57] - الأنعام: 25.

[58] - الأعراف: 109.

[59] - البقرة: 111.

[60] - يس: 30.

[61] - الكافي: ج1 ص171.

[62] - الأحقاف: 9.

[63] - يوسف: 5.

[64] - الإسراء: 96.

[65] - الفتح: 28.

[66] - المائدة: 111.

[67] - النساء: 166.

[68] - الرعد: 43.

[69] - الأنبياء: 5.

[70] - الأحزاب: 67.

[71] - مع العبد الصالح: ج1 ص95.

[72] - البقرة: 256.

[73] - البقرة: 30 – 34.

[74] - بصائر الدرجات: ص201.

[75] - تفسير العياشي: ج1 ص65، بحار الأنوار: ج52 ص222.

[76] - بصائر الدرجات: ص509، الخصال: ص200، الإمامة والتبصرة: ص138.

[77] - الغيبة للشيخ الطوسي: ص150.

[78] - غيبة الشيخ الطوسي: ص478، مختصر بصائر الدرجات: ص38، و: ص158، بحار الأنوار: ج53 ص145، معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): ج4 ص77، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة: ص362.

[79] - مختصر بصائر الدرجات: ص49، و: ص182، بحار الأنوار: ج53 ص 148.

[80] - بحار الأنوار: ج94 ص349، مكيال المكارم: ج2 ص38.

[81] - غيبة الطوسي: ص186، جمال الأسبوع: ص301.

[82] - جمال الأسبوع: ص309، مصباح المتهجد: ص409، مفاتيح الجنان: ص618.

[83] - غيبة الطوسي: ص162.

[84] - غيبة النعماني: ص176.

[85] - فقه الرضا: ص403 .

[86] - وسائل الشيعة الإسلامية: ج3 ص524.

[87] - مصباح المتهجد: ص409، مختصر بصائر الدرجات: ص192، جمال الأسبوع: ص309.

[88] - تهذيب الأحكام: ج3 ص253، بحار الأنوار: ج52 ص374، معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): ج3 ص112.

[89] - المصباح للكفعمي: ص543، مصباح المتهجد: ص826 .

[90] - كمال الدين وتمام النعمة: ص358، مختصر بصائر الدرجات: ص212، بحار الأنوار: ج53 ص115.

[91] - البقرة: 253.

[92] - المهديون الإثنا عشر خلفاء دولة العدل الإلهي: ص59 .

[93] - الوسائل: ج3 ص412.

[94] - الكافي: ج1 ص391.

[95] - العقل والجهل في القرآن والسنة: ص189.

[96] - بصائر الدرجات: ص549.

[97] - العلم والحكمة في الكتاب والسنة: ص446.

[98] - مستدرك الوسائل: ج11 ص380.

[99] - المدثر: 18- 30.

[100] - الانعام: 148.

[101] - الأحقاف: 4.

[102] - بحار الأنوار: ج52.

[103] - الكافي: ج8 ص479.