Subjects

-تقديم ..

-أحكام الصلاة والصيام في المناطق القطبية

-المثال الأول:

-المثال الثاني:

-المثال الثالث:

-وتوضيح ما تقدم باختصار:

-والملاحظ هنا:

-المناطق التي يكون فيها الليل أو النهار قصيرا جداً:

-المناطق التي يتأخر فيها مغيب حمرة الشفق:


Text

إصدارات أنصار الإمام المهدي ع / العدد (174) رسائل مقارنة / ج1 (أحكام الصلاة والصيام في القطب) بقلم الشيخ علاء السالم الطبعة الأولى 1434 هـ - 2013 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. -تقديم .. قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: 89]. (تبياناً لكل شيء)، بمعنى: أن ما من شيء إلا وله أصل يرجع إليه في كتاب الله، وهذا ما أكدته الروايات الشريفة، منها: عن الامام الصادق ع، قال: (إن الله تعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء، حتى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد أن يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن، إلا وقد أنزله الله فيه) [الكافي: ج1 ص59 ح1]. وعن المعلى بن خنيس، قال: قال أبو عبد الله ع: (ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل، ولكن لا تبلغه عقول الرجال) [الكافي: ج1 ص60 ح6]. وعن حماد، عن أبي عبد الله ع، قال: (ما من شيء إلا وفيه كتاب أو سنة) [الكافي: ج1 ص59 ح4]. وإذا كان الأمر كذلك، فكل واقعة (كانت أو تكون) يوجد لله سبحانه فيها حكم واضح وبيِّن، أهله يعرفونه وإن جهلته عقول الرجال، بل عُد هذا الأمر من عقائد الامامية الواضحة: يقول الشيخ المظفر: (ولابد أن يكون له في كل واقعة حكم، ولا يخلو شيء من الأشياء من حكم واقعي لله فيه وإن انسد علينا طريق علمه) [عقايد الامامية: ص47]. وبكل تأكيد أنّ من يُخطئ حكم الله ويشرع غيره ويحكم به وزره عظيم، قال تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]. ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45]. ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47]. ولهذا قال الإمام الصادق ع: (الحكم حكمان: حكم الله عز وجل، وحكم الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية) [الكافي: ج7 ص407]. وعنه ع قال: (من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عز وجل ممن له سوط أو عصا فهو كافر بما أنزل الله عز وجل على محمد ص) [الكافي: ج7 ص407 ح1]. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، حذّر الله سبحانه وخلفاءه الكرام من إتباع الظن والهوى في دينه، وضرورة التزام العلم فيه، وإلا فالصمت، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: 36]. ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ [النجم: 28]. عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ع، عن آبائه ص قال: (ليس لك أن تتكلم بما شئت؛ لأن الله عز وجل يقول: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ") [وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص30]. إنّ ترك الافتاء بدون علم أمر أكدته - إضافة إلى الكتاب الكريم - روايات كثيرة، هذا مثال منها: عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله ع عن مجالسة أصحاب الرأي فقال: (جالسهم، وإياك عن خصلتين تهلك فيهما الرجال: أن تدين بشيء من رأيك، أو تفتي الناس بغير علم) [وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص29]. ويحصل ذلك الأمر المنهي عنه إذا ما ترك الإنسان الاستناد إلى كتاب الله وسنة خلفائه: عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله ع: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها ؟ فقال: (لا، أما أنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله) [الكافي: ج1 ص46 ح11]. ويبقى أنّ الحل في مثل الأمور المشتبهة (غير المعلوم حكمها) يتمثل بالسكوت والصمت حتى يتم التعرف على الحق من أهله ص بعد سؤالهم: عن حمزة بن الطيار، أنه عرض على أبي عبد الله ع بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعاً منها قال: (كف واسكت، ثم قال: لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون، إلا الكف عنه والتثبت، والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد، ويعرفوكم فيه الحق، قال الله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون") [الكافي: ج1 ص40 ح10]. والسبب في ذلك واضح؛ إذ كل حق وصواب في عالم الخلق هم ص أصله ومعدنه وما سوى ذلك فباطل وضلال: عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر ع يقول: (ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب، ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حق، إلا ما خرج من عندنا أهل البيت، وإذا تشعبت بهم الأمور كان الخطأ منهم، والصواب من علي ع) [وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص68 – 69]. وإذا كان آل محمد ص لا يدخلون آراءهم في بيان أحكام دين الله سبحانه، فما بالك بآراء وظنون من سواهم !! عن داود بن أبي يزيد الأحول، عن أبي عبد الله ع، قال: سمعته يقول: (إنّا لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين، ولكنها آثار من رسول الله ص أصل علم، نتوارثها كابر عن كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضتهم) [بصائر الدرجات: ص320]. ولكن برغم هذا الوضوح الذي لا يخفى على من لديه أدنى تتبع وإلمام بكلام الأئمة الطاهرين ص، نجد أنّ أدعياء العلم من كلا الطرفين (الشيعي والسني) اقتحموا المنهي عنه وباشروا الإفتاء بغير علم، فكانت الظنون والآراء والتخرصات في دين الله. وواحدة من المسائل التي أصبحت مسرحاً لطرح الآراء والظنون من قبل فقهاء الشيعة والسنة في العصر الأخير هي (أحكام الصلاة والصيام في المناطق القريبة من القطب)، حتى وصل الأمر إلى إفتاء بعضهم بإسقاط الفريضتين أو أحدهما في بعض فروض المسألة !!. ولأنّ أساس هذه الرسالة مبني على الاختصار، اقتصرت على أخذ نماذج من فتاوى كبار فقهائهم الحاليين. كما أنّ الهدف لما كان نصرة الحق وصاحبه كان البحث مقارناً بين ظنون العلماء وتخرصاتهم التي أبدوها في المسألة المذكورة، وبين بيان السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي ع واليماني الموعود. عسى أن يكون ذلك محفزاً لطلاب الحق وسائر الناس للبحث والتدقيق والتأمل في الدعوة الإلهية الكبرى والالتحاق بركبها قبل فوات الأوان. ورجائي من عظيم الصفح والرحمة العفو والمغفرة والختام بخير، فهو أرحم الراحمين. والحمد لله رب العالمين. علاء السالم 25 محرم الحرام 1434 هـ -أحكام الصلاة والصيام في المناطق القطبية واضح لكل مسلم أنّ الصلاة والصيام عبادتان مهمتان وأساسيتان في دين الله سبحانه. قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً﴾ [النساء: 103]. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]. عن أبي جعفر ع، قال: (بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية) [الكافي: ج1 ص18 ح1]. وعن النبي ص قال: (بني الإسلام على خمسة: على أن يوحد الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج ..) [صحيح مسلم: ج1 ص34]. وواضح أيضاً: أنّ لكلٍّ منهما أحكاماً شرعية خاصة به، يجب توفرها ليحكم بعدها بصحة كلٍّ منهما وفراغ ذمة المكلَّف من عهدة التكليف بهما. وفيما يتصل بشرط الوقت، فمعلوم أنّ كلّاً من الصلاة والصيام مشروط بأوقات محددة. فبالنسبة إلى الصلاة هناك أوقات محددة تتعلق بالصلوات الخمس اليومية: فوقت صلاة الفجر: ما بين طلوع الفجر الثاني (الصادق) إلى طلوع الشمس. ووقت صلاة الظهرين: ما بين زوال الشمس إلى غروبها، وتختص صلاة الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها، وكذلك العصر من آخره، وما بينهما من الوقت مشترك. ووقت صلاة العشائين: ما بين غروب الشمس إلى انتصاف الليل، وتختص صلاة المغرب من أوله بمقدار ثلاث ركعات، ثم تشاركها صلاة العشاء حتى ينتصف الليل للمختار وإلى طلوع الفجر للمضطر. وتختص صلاة العشاء من آخر الوقت بمقدار أربع ركعات. وبالنسبة إلى الصيام، فمعروف أنه يجب على المسلم المكلف أن يمسك نهاره كله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. ثم إنّ معرفة مثل هذه الأوقات وتحديدها في البلدان الإسلامية كمنطقة الشرق الأوسط وما يجاورها - مثلاً - يتم بيسر وسهولة، سواء باشر المكلف بنفسه تحديد تلك الأوقات إن كان لديه اطلاع بشكل يتمكن من تحديدها وفق المقرر شرعاً، ولا أقلّ فإنّ تحديد طلوع الفجر (الصادق) وانتشاره في الأفق (وهو أمر يؤذن ببداية وقت صلاة الصبح أو بدء وقت الصيام)، أو شروق الشمس (وهو أمر يؤذن بانتهاء وقت صلاة الصبح)، وغروبها (وهو أمر يؤذن ببداية وقت صلاة المغرب أو انتهاء وقت الصيام) أمر يمكن التحقق منه بسهولة كما لا يخفى. إنّ اليسر في تحديد تلك الأوقات متحقق سواء باشر المكلف بنفسه التحديد كما قلنا، أو من خلال الاعتماد على جهات إسلامية متخصصة وموثوقة تكفيه تلك المهمة، بحيث يطمئن إلى فعلها وبالتالي يمكنه تأدية صلواته وصيامه على ضوء الأوقات المعينة من قبلها. ولكن، السؤال: ما حكم الصلاة والصيام في المناطق القطبية أو القريبة منها، والتي يختلف فيها وقت الليل والنهار عادة عمّا سواها من المناطق التي ينتظم فيها الوقت. إنّ تخصيص تلك المناطق بالسؤال سببه واضح؛ إذ لا يكون حال الليل والنهار فيها كحاله في بقية المناطق، كأنّ يكون ليلها دائماً أو نهارها، أو يستمر ليلها ونهارها لفترة طويلة كستة أشهر متواصلة من السنة، أو يكون طول الليل أو النهار فيها قصيراً جداً، وهكذا. ومن الطبيعي جداً أنّ لله سبحانه أحكاماً تخص المكلّف المقيم في تلك المناطق، تحدد له أوقات صلواته وصومه. والقول بغير هذا يعني: - إما أنّ دين الله فئوي، بمعنى أنه يشمل فئة من الناس دون أخرى. - وإما أنّ دين الله مناطقي، بمعنى أنه يخص منطقة دون أخرى. - وإما أنّ دين الله قاصر عن وفاء أحكامه بدعوة الإنسان إلى الله في كل الأرض. وليس بوسع المؤمن بالله الالتزام بأيٍّ من هذه اللوازم الفاسدة، والتي أقل ما يقال عن صاحبها إنه منكر لله بإنكار كتابه وضروريات دينه القويم. إذا توضح هذا، فالسؤال إذن: كيف يصلي الإنسان في تلك المناطق، وكيف له أن يحسب أوقات الصلوات الخمس اليومية ويوزع صلواته عليها وفق ذلك التحديد الذي يفترض أن يكون شرعياً ومقبولاً عند الله سبحانه ؟ وكذلك السؤال عن الصيام مبتدئه ومنتهاه. * * * كان لعلماء المسلمين (المتبرعين) أقوال عديدة وآراء مختلفة في بيان أحكام الصلاة والصيام في تلك المناطق، وسأعرض الآن بعض النماذج لفتاوى كبارهم في تلك المسألة ممّن ينتمون إلى المذهب السني أو الشيعي. وأطلقت عليهم صفة (متبرعين)؛ لأنّها الحقيقة المغيبة عن أذهان الناس، فكلا الطرفين تبرعوا من أنفسهم ولم يكلفهم الله سبحانه البيان ([1])، فراحوا يبدون آراءهم وظنونهم (بل أوهامهم) في دين الله وأحكامه، فتناطحت الآراء وتضاربت الفتاوى بشكل كبير، وهذا يكشف بوضوح أنّ ما قدّموه للناس من بضاعة لا تستند إلى الله سبحانه في مصدرها، وإلا لما كان هناك اختلاف وتضارب أبداً، قال تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82]. فعلوا ذلك مع علمهم بأنّ الإفتاء بغير علم عذابه جسيم كما عرفنا في المقدمة، وأزيد هنا ما ورد عن أبي عبيدة، قال: قال أبو جعفر ع: (من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه) [الكافي: ج7 ص409 ح2]. وعلى كل حال، فسأبدأ بطرح بعض فتاوى المدرسة السنية. 1. العلماء المتبرعون السنة: هذه بعض الفتاوى المتضمنة لبيان أحكام الصلاة والصيام في المناطق المذكورة: -المثال الأول: [المفتي: العلاّمة / محمد بن إبراهيم آل الشيخ رقم الفتوى: 3331 تاريخ الفتوى: 29/8/1425 هـ - 2004/10/13 السؤال: تقيم كريمتي وزوجها الآن في ألمانيا، وقد كتبت إليّ تستفهم عن الواجب عليها وعلى المسلمين هناك في شهر رمضان بالنسبة إلى الصيام، حيث تقول: إن الشمس تستمر طالعة 20 ساعة وتختفي أربع ساعات، فهل يلزمهم الصيام قبل طلوع الشمس بساعة ونصف وهو وقت طلوع الفجر وعلى ذلك فيصومون إحدى وعشرين ساعة ونصف، ويفطرون ساعتين ونصفًا أم ماذا ؟ وما حكم الصلاة أيضًا في هذه البلاد، وكذلك في البلاد التي تستمر فيها الشمس طالعة نحو ستة أشهر وتغيب نحو ستة أشهر؟ هذا يا صاحب الفضيلة ما نريد الاستفهام عنه فلعلنا نظفر في وقت قريب بما يزيل العقبات عن المقيمين في تلك البلاد ببيان حكم الله تعالى تيسيرًا عليهم وتبيانًا لسماحة الدين الحنيف. الجواب: فيما يختص بالبلاد التي تغيب فيها الشمس ستة أشهر أو نحو ذلك، اختلف الفقهاء في وجوب الصلاة على المقيمين بها وعدم وجوبها، فقال بعضهم: لا تجب عليهم الصلاة لعدم وجود السبب وهو الوقت، وقال بعضهم: تجب عليهم الصلاة وعليهم أن يقدروا لها أوقاتها بالقياس على أقرب البلاد التي تطلع فيها الشمس وتغرب كل يوم، والقول الأخير قول الشافعية وهو قول مصحح عند الحنفية وهو الذي اخترناه للفتوى مراعاة لحكمة تشريع الصلاة. وفيما يختص بصوم أهل هذه البلاد، فإنه واجب عليهم، وعليهم أن يتحروا عن دخول شهر رمضان وعن مدة الصيام فيه بالقياس على أقرب البلاد التي شهد أهلها الشهر وعرفوا وقت الإمساك والإفطار فيه، وهو كذلك مذهب الشافعية الذي اخترناه للفتوى. وأما البلاد التي تطلع فيها الشمس وتغرب كل يوم إلا أن مدة طلوعها تبلغ نحو عشرين ساعة، فبالنسبة للصلاة يجب عليهم أداؤها في أوقاتها لتميزها تميزًا ظاهرًا ـ وبالنسبة للصوم يجب عليهم الصوم في رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هناك، إلا إذا أدى الصوم إلى الضرر بالصائم وخاف من طول مدة الصوم الهلاك أو المرض الشديد، فحينئذ يرخص له الفطر، ولا يعتبر في ذلك مجرد الوهم والخيال وإنما المعتبر غلبة الظن بواسطة الأمارات أو التجربة أو إخبار الطبيب الحاذق بأن الصوم يفضي إلى الهلاك أو المرض الشديد أو زيادة المرض أو بطء البرء، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص فلكل شخص حالة خاصة. وعلى من أفطر في كل هذه الأحوال قضاء ما أفطره بعد زوال العذر الذي رخص له من أجله الفطرُ، والله تعالى أعلم. مصدر الفتوى: فتاوى شرعية وبحوث إسلامية: (ج1/ ص281 - 282)]. وهذا رابطها: http://www.islamli(?)ht.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&Itemid=0&catid=339&id=3331 -المثال الثاني: فتوى لهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء في مملكة آل سعود: [كيفية الصلاة والصوم في البلاد التي نهارها دائم أو ليلها دائم التالي: السؤال: بالنسبة للدول التي لا يحل فيها الظلام في فصل الصيف فكيف يصلون المغرب والعشاء ؟ وماذا يفعلون في شهر رمضان حيث يحل في ذلك الوقت، فكيف يصوموا ؟ الجواب: الحمد لله .. صدرت فتوى رقم (2769) من هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة في هذه المسألة بمثل ما ذكرناه، وهذا نص السؤال والجواب: الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده .. وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي الأمين العام لاتحاد الطلبة المسلمين بهولندا، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والسؤال نصه: نرجو من سماحتكم التفضل بموافاتنا بالفتوى اللازمة لكيفية تعيين أوقات صلاة المغرب والعشاء والصبح، وكذلك تعيين أول رمضان، وأول أيام عيد الفطر المبارك، ذلك أنه بالنسبة إلى حركة شروق وغروب الشمس في بلدان شمال أوربا والقريبة من القطب الشمالي تختلف عن مثيلتها في بلدان الشرق الإسلامي، والسبب في ذلك يرجع إلى وقت مغيب الشفق الأحمر والأبيض، فيلاحظ أن الشفق الأبيض في الصيف يمتد حتى يكاد يستغرق الليل كله فيصعب تحديد وقت العشاء وكذلك طلوع الصبح ؟ والجواب: لقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في بيان تحديد أوقات الصلوات، وتحديد بدء صباح كل يوم ونهايته في رمضان في بلاد مماثلة لبلادكم هذا مضمونه: بعد الاطلاع والدراسة والمناقشة قرر المجلس ما يلي: أولاً: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف ويقصر في الشتاء وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً ..... وهذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة. ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد ... ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء ... ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً ولا تطلع فيها الشمس شتاء، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض ..... فيجب على المسلمين في البلاد المسئول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة. وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب بلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار ويكون مجموعها أربعاً وعشرين ساعة لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال، وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء "فتاوى اللجنة الدائمة": (6 / 130 - 136)]. وهذا رابط الفتوى: http://islamqa.info/ar/ref/5842 -المثال الثالث: وما ورد في السؤال يكشف لكل قارئ هرج علماء آخر الزمان وتضييعهم لأتباعهم: [وقت صلاة العشاء في المناطق التي لا يغيب فيها الشفق إلا متأخراً السؤال: نحن طلاب سعوديون، مبتعثون للدراسة في بريطانيا، وبالتحديد: في مدينة "Birmin(?)ham" وتواجهنا في مثل هذه الأيام - ومع بداية فصل الصيف- مشكلة "طول الفترة بين دخول المغرب، ودخول العشاء". وفي كل عام تثار ضجة بين المسلمين فيما يفعلون، فبعض المساجد تصلي العشاء بعد90 دقيقة من دخول المغرب، والبعض ينتظر غياب حمرة الشفق لمدة تصل إلى 3 ساعات أحياناً !! مما يوقع الناس في حرج، خصوصاً مع قصر الليل. نحن المسلمون في سكن الكلية في مثل هذه الأيام نصلي العشاء في جماعتين، الأولى: تصلي بعد90 دقيقة، وتعتمد على ما يلي: أ. أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قد ذكر في إحدى خطبه أن أقصى مدة بين دخول المغرب والعشاء هي ساعة واثنين وثلاثين دقيقة. ب. بناء على فتوى من أحد المشايخ المشهورين في المملكة. ج. أن الشفق لا يغيب طوال الليل في بعض الأجزاء، وبعض الفصول من السنَة. د. أن بعض المساجد، والمراكز الإسلامية تعتمد نظام الـ90 دقيقة. ه.ـ أن الحرمين الشريفين تعتمد هذا النظام. أما الجماعة الأخرى: فتصلي متأخرة، بناء على ما يلي: أ. فتوى اللجنة الدائمة، بأن تصلى كل صلاة بتوقيتها الشرعي، حسب علامتها الشرعية (إذا تميز الليل من النهار). ب. فتوى من شيخ آخر مشهور، في السعودية، أكد فيها أن نظام الـ90 دقيقة اجتهاد خاطئ. ج. أن بعض المساجد، والمراكز الإسلامية، تفعل هذا. د. التقويم المعتمد من " رابطة العالم الإسلامي". وفي حقيقة الأمر- يا فضيلة الشيخ - أن تقويم" الرابطة" يوقعنا في حرج ومشقة في بعض فصول السنَة ... ونظراً لأننا لم نجد في الإنترنت، ولا غيره، بحثاً مؤصَّلاً في هذه المسألة، ولا فتوى واضحة فإننا- يا فضيلة الشيخ- ننتظر منكم البحث الكافي، والجواب الشافي، الذي نسأل الله أن يوحد به القلوب، ويجمعها على الحق، في هذه المسألة. وجزاكم الله خيراً. الجواب: الحمد لله أولاً: من شروط صحة الصلاة المتفق عليها بين أهل العلم: دخول وقت الصلاة ..... ثانياً: أول وقت صلاة المغرب: مغيب قرص الشمس في الأفق، وآخره - وبه يدخل وقت العشاء - : مغيب الشفق الأحمر .... وهذه المواقيت المحددة في الشرع إنما تكون في البلاد التي فيها الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة، ولا عبرة بطول النهار وقصَر الليل في هذه الحال، إلا أن يكون وقت العشاء لا يتسع لأداء الصلاة، فإن لم يتسع: فكأنه لا وقت لها، ويقدَّر بأقرب البلاد إليه مما فيه ليل ونهار يتسعان لأداء الصلوات الخمس. ومسألتكم هذه مما عُني بها العلماء، وتداولوها بينهم بالبحث والفتوى، وقد ألَّف بعضهم رسالة مستقلة فيها بعنوان "وقت صلاة العشاء ووقت الإمساك في المناطق التي لا يغيب فيها الشفق إلا متأخرًا ويطلع الفجر مبكراً" وهي لرئيس مركز البحوث الإسلامية في إستانبول، الدكتور "طيار آلتي قولاج"، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة إلى ثلاثة أقوال: القول الأول: الأخذ برخصة الجمع بين المغرب والعشاء؛ لوجود المشقة التي لا تقل عن المطر، وغيره من أعذار الجمع. والقول الثاني: تقدير وقت صلاة العشاء، ودعا بعضهم إلى جعل الاعتبار في هذا: مكة المكرمة، وممن قال بهذا القول صاحب الرسالة آنفة الذِّكر. والقول الثالث: الالتزام بالأوقات الشرعية للعشاء، وهي مغيب الشفق، ما دام الوقت يتسع لأداء الصلاة. وهذا القول الأخير هو الذي نراه راجحاً، وهو الذي تدل عليه النصوص النبوية، وبه يفتي هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، والشيخان: العثيمين، وابن باز، وغيرهم من أهل العلم. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "وهذه المواقيت المحددة: إنما تكون في مكان يتخلله الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة، سواء تساوى الليل والنهار، أم زاد أحدهما على الآخر زيادة قليلة أو كثيرة. أما المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة: فلا يخلو: إما أن يكون ذلك مطرداً في سائر العام، أو في أيام قليلة منه. فإن كان في أيام قليلة منه، مثل أن يكون المكان يتخلله الليل والنهار في أربع عشرين ساعة طيلة فصول السنة، لكن في بعض الفصول يكون فيه أربعاً وعشرين ساعة أو أكثر والنهار كذلك: ففي هذه الحالة إما أن يكون في الأفق ظاهرة حية يمكن بها تحديد الوقت، كابتداء زيادة النور مثلاً، أو انطماسه بالكلية، فيعلَّق الحكم بتلك الظاهرة، وإما أن لا يكون فيه ذلك فتقدر أوقات الصلاة بقدرها في آخر يوم قبل استمرار الليل في الأربع والعشرين ساعة أو النهار .... إما إذا كان المكان لا يتخلله الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة طيلة العام في الفصول كلها: فإنه يحدد لأوقات الصلاة بقدرها ... فإذا ثبت أن المكان الذي لا يتخلله الليل والنهار يقدر له قدره فماذا نقدره ؟ يرى بعض العلماء: أنه يقدر بالزمن المعتدل، فيقدر الليل باثنتي عشرة ساعة، وكذلك النهار؛ لأنه لما تعذر اعتبار هذا المكان بنفسه اعتبر بالمكان المتوسط، كالمستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز. ويرى آخرون: أنه يقدَّر بأقرب البلاد إلى هذا المكان، مما يحدث فيه ليل ونهار في أثناء العام؛ لأنه لما تعذر اعتباره بنفسه: اعتُبر بأقرب الأماكن شبهاً به، وهو أقرب البلاد إليه التي يتخللها الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة. وهذا القول أرجح؛ لأنه أقوى تعليلاً، وأقرب إلى الواقع". مجموع فتاوى الشيخ العثيمين: (12/ 197 - 198). وهو قول هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وأيدته اللجنة الدائمة للإفتاء .... وبالنظر في حال البلاد التي تدرسون فيها: نجد أن فيها ليلاً ونهاراً في أربع وعشرين ساعة، وقصَر وقت العشاء ليس بالقدر الذي لا يتسع لأداء الصلاة فيه، وعليه: فالمتعين في حقكم: أداء الصلوات في أوقاتها الشرعية. ثالثاً: إذا كان وقت العشاء يتأخر كثيراً بحيث يكون في أداء الصلاة في وقتها مشقة، فلا حرج حينئذ من الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم ..... وقد جاء في قرار "المجمع الفقهي الإسلامي" التابع لرابطة العالم الإسلامي: "تداول أعضاء المجلس في موضوع مواقيت الصلاة، والصيام في البلاد ذات خطوط العرض العالية، واستمعوا إلى الدراسات الشرعية، والفلكية المقدمة من بعض الأعضاء، والعروض التوضيحية للجوانب الفنية ذات الصلة التي تمت التوصية بها في الدورة الحادية عشرة للمجلس، وقرر ما يلي: "... ثالثاً: تقسم المناطق ذات الدرجات العالية إلى ثلاثة أقسام: المنطقة الأولى: وهي التي تقع ما بين خطي العرض (45)ْ درجة و (48)ْ درجة، شمالاً وجنوباً، وتتميز فيه العلامات الظاهرة للأوقات في أربع وعشرين ساعة، طالت الأوقات، أو قصرت. المنطقة الثانية: وتقع ما بين خطي عرض (48)ْ درجة و(66)ْ درجة شمالاً وجنوباً، وتنعدم فيها بعض العلامات الفلكية للأوقات في عدد من أيام السنة، كأن لا يغيب الشفق الذي به يبتدئ العشاء، وتمتد نهاية وقت المغرب حتى يتداخل مع الفجر. المنطقة الثالثة: وتقع فوق خط عرض (66)ْ درجة شمالاً وجنوباً إلى القطبين، وتنعدم فيها العلامات الظاهرة للأوقات في فترة طويلة من السنة نهاراً، أو ليلاً. رابعاً: والحكم في المنطقة الأولى: أن يلتزم أهلها في الصلاة بأوقاتها الشرعية، وفي الصوم بوقته الشرعي من تبيّن الفجر الصادق إلى غروب الشمس؛ عملاً بالنصوص الشرعية في أوقات الصلاة، والصوم، ومن عجز عن صيام يوم، أو إتمامه لطول الوقت: أفطر، وقضى في الأيام المناسبة ..." انتهى. وهذه الحالة هي التي وقع السؤال عنها كما هو بَيَّن. وفي قرار لاحق للمجمع الفقهي الإسلامي أكَّد على القرار السابق، ورخَّص لمن يجد مشقة في أداء صلاة العشاء أن يجمعها مع المغرب، وقد نصَّ على عدم جعل هذا ديدناً عامّاً، بل يكون فقط لأصحاب الأعذار، فقد جاء في ذلك القرار: "أما إذا كانت تظهر علامات أوقات الصلاة، لكن يتأخر غياب الشفق الذي يدخل به وقت صلاة العشاء كثيراً: فيرى "المجمع" وجوب أداء صلاة العشاء في وقتها المحدد شرعاً، لكن مَن كان يشق عليه الانتظار وأداؤها في وقتها - كالطلاب، والموظفين، والعمَّال أيام أعمالهم -: فله الجمع؛ عملاً بالنصوص الواردة في رفع الحرج عن هذه الأمة .... على ألا يكون الجمع أصلاً لجميع الناس في تلك البلاد، طيلة هذه الفترة؛ لأن ذلك من شأنه تحويل رخصة الجمع إلى عزيمة ..... والخلاصة: 1- في البلاد التي يوجد بها ليل ونهار في أربع وعشرين ساعة: يجب الالتزام بالصلوات في أوقاتها الشرعية، ولو طال الليل، أو قصر. 2- في البلاد التي لا يكون فيها ليل ونهار في أربع وعشرين ساعة: يُلتزم في صلواتها بأقرب مكان إليهم يوجد فيه ليل ونهار. 3- في البلاد التي يتصل بها الشفق إلى الفجر، أو يغيب ولا يتسع الوقت لصلاة العشاء: يُلتزم بأقرب مكان إليهم يوجد فيه متسع من الوقت لصلاتها. 4- يجوز لأهل الأعذار الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء إن تعذر عليهم انتظار وقت العشاء. والله أعلم]. وهذا رابط الفتوى: http://islamqa.info/ar/ref/135415 -وتوضيح ما تقدم باختصار: إنّ الآراء التي تضمنتها الفتاوى المتقدمة تتلخص في أنّ: المناطق القطبية التي ليلها دائم أو نهارها، فيها آراء: الرأي الأول: لا تجب الصلاة على المكلفين لانعدام الوقت. وبطبيعة الحال لا يجب الصيام كذلك. الرأي الثاني: تجب عليهم الصلاة والصيام، ويقوم المكلفون بتقدير وقت للصلاة وتوزيعه على الصلوات الخمس، على أن يكون ذلك التقدير والتوزيع بحسب أقرب البلاد إليهم التي يكون فيها ليل ونهار ويكون هو مقياسهم في الصلاة والصيام. وها هنا سؤال: إذا كان النهار طويلاً والمكلف يتضرر من صيامه، فماذا يفعل ؟ أجابوا: يمكنه الإفطار والقضاء في وقت آخر. ولم أرَ - وفق الفتاوى التي تم عرضها لا أقل - أنّ أحدهم أفتى بوجوب انتقال المكلف من تلك المناطق إلى مناطق أخرى يكون فيها ليل ونهار منتظمين، كما أفتى به بعض مراجع الشيعة كالسيد السيستاني. ولا أنهم اكتفوا بالفدية مع سقوط الصيام في بعض فروض المسألة، كما أفتى به الأخير في بعض الحالات، كما سيتضح لاحقاً. الرأي الثالث: التفصيل بين ما إذا كان انعدام (الليل أو النهار) مطرداً في جميع أيام السنة، أو كانت تلك الظاهرة في أيام قليلة منها، ولكلِّ فرض من الفرضين حكم خاص به، كما قرأناه في رأي ابن عثيمين المتقدم. -والملاحظ هنا: إنّ التقدير لأوقات الصلاة وفق الرأي الثاني كان على ضوء المقايسة إلى أقرب البلاد التي يكون فيها ليل ونهار خلال الأربع وعشرين ساعة (وهو ما أفتى به أيضاً الكثير من مراجع الشيعة المعاصرين كالسيد السيستاني كما سنعرف بعد قليل). في حين أنّ صاحب القول الثالث يرى أنّ ظاهرة انعدام الليل أو النهار في بعض المناطق: إما يكون في أيام قليلة من السنة، وحينئذٍ يكون تقدير الوقت بمقايسة أيام الظاهرة بآخر يوم سبق حدوثها، فيعمل المكلف بنفس توقيتات ذلك اليوم الأخير. أو يكون ظاهرة عامة في السنة كلِّها، وحينئذٍ يكون تقدير الوقت عبر احتمالين: الأول: الاعتدال، أي أن يُحسب لكل من الليل والنهار اثنا عشرة ساعة. الثاني: المقايسة بأقرب البلدان التي فيها ليل ونهار. ولم يوضح صاحب هذا القول أنه بناء على الاحتمال الأول (الاعتدال)، كيف سيتم احتساب الاثني عشرة ساعة المختصة بالليل وتمييزها عن الاثني عشرة ساعة المختصة بالنهار، والحال أنّ الاربع وعشرين ساعة كلها إما ليل دائم أو نهار دائم حسب الفرض !! فهل سيتم ذلك عبر المقايسة بأقرب البلدان (خصوصاً وأنّ ابن عثيمين ذكر أنّ المقايسة إلى أقرب البلدان أرجح وأقرب إلى الواقع)، وماذا إذا كان أقرب البلدان إلى تلك المنطقة لا يزيد طول النهار فيه عن ثلاث ساعات أو أربع مثلاً ؟؟ أو أنّ المقايسة لا تصح في هذا الفرض ويتم اللجوء إلى القرعة مثلاً للفصل بين ساعات الليل والنهار ؟!! أو يُنتهى إلى طريق ثالث كالإتيان ببطريق يعيش في تلك المناطق القطبية وقياس درجة حرارته ثم احتساب الاثني عشرة ساعة للّيل ببدء انخفاض درجة حرارته مثلاً ؟!! وهكذا يمكن تصور احتمال رابع وخامس ما دامت القضية أصبحت - بنظرهم - مجرد طرح آراء واحتمالات لا يهم مصدرها أو دليلها الذي استندت إليه، فالخطب هيِّن بعد أن كان المفتي مأجوراً على كل حال، فهو مجتهد وله أجران إن صادف وأصابت رميته وأجر إن لم يحالفه الحظ وأخطأت لعوار وما شابه !!!. الرأي الرابع: إنّ الحكم له علاقة بدرجة دوائر العرض بالإضافة إلى نفس الظاهرة، فالمنطقة الواقعة على دائرة عرض (66)ْ شمالاً وجنوباً باتجاه القطبين، يختلف الحكم فيها عن المناطق الواقعة على دوائر عرض أقل من ذلك. -المناطق التي يكون فيها الليل أو النهار قصيرا جداً: وفي هذه الحالة أفتوا بأنّ المكلف يعمل على ضوء التوقيتات المعروفة شرعاً بالنسبة للصلاة، ويصوم نهاره ولو كان ساعة واحدة، أما متى يبدأ إمساك الصيام وكيف يتم تحديد وقت صلاة الفجر في حالة عدم تمييز الفجر الصادق قبل شروق الشمس ؟؟ الحقيقة أنهم لم يوضحوا ذلك، ولم يتعرضوا لإمكان تمييز الفجر الصادق من قبل المكلف من عدمه، والمهم في نظرهم أن يكون هناك شروق للشمس وغروب لها فقط. وهذا باطل بكل تأكيد، وسيتضح (عند استعراض جواب قائم آل محمد ع لاحقاً) أنّ لتميز الفجر الصادق من عدمه وطول الليل أو النهار دخالة في تحديد الوقت الشرعي لصلاة الفجر والذي يترتب عليه وقتها وابتداء الصيام كما هو معلوم. -المناطق التي يتأخر فيها مغيب حمرة الشفق: بحسب الفتاوى المتقدمة عرفنا أنّ وقت صلاة العشاء لدى علماء أهل السنة هو ذهاب حمرة الشفق، ولما كان حال المناطق القطبية أو القريبة منها يختلف عن بقية المناطق، كما في حالة اتصال الشفق (بعد غروب الشمس) بطلوع الفجر (من اليوم التالي)، أو حالة تأخره إلى أن لم يتبقَ من طلوع الفجر وقت يكفي لأداء صلاة العشاء، أو حالة تأخر غياب الشفق طويلاً وكان هناك عسر في انتظاره غيابه ؟ في مثل هذه الحالات ماذا يصنع المكلف ؟ أفتوا أن هناك آراء ثلاثة: الأول: الأخذ برخصة الجمع بين المغرب والعشاء. ولكن بشرط ان لا يكون الجمع عادة مستمرة. وأكيد أنّ واحدة من أوجه هذا الاشتراط هو عدم التشبه بالروافض، باعتبار شرعية الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء عندهم. الثاني: تقدير وقت صلاة العشاء، ويكون التقدير بالمقايسة إلى أقرب المناطق التي يكون فيها مغيب للشفق بعد الغروب. بل حدد بعضهم أنّ المقايسة تكون إلى مدينة مكة المكرمة تحديداً دون غيرها من المناطق. الثالث: الالتزام بالأوقات الشرعية للعشاء وهي مغيب حمرة الشفق - بنظرهم - ما دام الوقت يتسع لأداء الصلاة. بمعنى: أنّ الشفق ما دام أنه سيغيب ولو متأخراً فيبقى المكلف ينتظر إلى وقت غيابه ثم يصلي العشاء، فلو فرض أنّ منتصف الليل هو الساعة الثانية عشرة ليلاً ومغيب الشفق هو في الساعة الثانية عشرة إلا ربع فإن المكلف يصلي في ربع الساعة الأخير من الوقت ولا يمكنه أداؤها قبل ذلك. بل ربما يرى بعضهم أنّ انتظار مغيب حمرة الشفق يمتد بامتداد الوقت الاضطراري لصلاة العشاء (أي إلى طلوع الفجر)، بمعنى: أنّ الشفق إذا كان لا يغيب قبل منتصف الليل كما لو كان مغيبه قبل الفجر بساعة مثلاً، فإنّ المكلف يبقى ينتظر إلى ذلك الوقت ثم يصلي العشاء بعد مغيبه. * * * كان هذا عرضاً موجزاً مدعوماً بالأمثلة التي تتضمن الفتاوى التي أفتى بها علماء أهل السنة في بيان الأحكام الشرعية التي تخص المناطق القريبة من القطب والصيام كذلك. ولا يقال: إنّ الأمثلة التي قدمت تعود إلى شيوخ السلفية الحديثة (أعني الوهابيين)، فإنّ حال علماء الأزهر في مصر لا يختلف كثيراً، وقد قرأت لهم فتاوى لا تضيف شيئاً جديداً غير ما تقدم ذكره، فهو يقع ضمنه بكل تأكيد، وبوسع كل أحد معرفة ذلك من خلال مراجعة فتاواهم. وقد توضح أنّ المطروح كله لا يعدو أن يكون مجرد آراء وتخرصات وظنون بل أوهام يضرب بعضها بعضاً، وهي نتيجة طبيعية يصل إليها كل من حاد عن الصراط الحق والمنهل العذب الذي حدد رب العباد معالمه وأمر خلقه بالانتهال منه. وقبل عرض فتاوى كبار علماء الشيعة في الوقت الراهن ومراجعهم الدينيين (والتي تقع هي الأخرى ضمن ذات إطار الفتاوى السابقة قذة بقذة ونعل بنعل كما سنرى)، أعرض سؤالاً وجواباً لعلماء أهل السنة أيضاً يوضح الأهمية التي تنطوي عليها معرفة أحكام الصلاة والصيام في المناطق القريبة من القطب؛ ذلك أنّ بعض المغرضين - أخزاهم الله - جعله إحدى أبواب الطعن بدين الله الحق ونهجه القويم. [إشارات نبوية في كيفية صلاة وصيام أهل القطبين الثلاثاء: 11 رمضان 1430 - 1/ 9/ 2009 رقم الفتوى: 126398 السؤال: شبهة من ملحد تقول: نعلم أنه في بعض مناطق الأرض كسيبيريا والقطب الشمالي لا تشرق عليها الشمس إلا مرة واحدة. فإذا كان الله هو منزل الشرائع التي تعتمد على الوقت كالصلوات والصيام .. الخ، فكيف لم ينبه أنبياءه على هذه المناطق إلا إذا كان لا يعرف عنها شيئاً لأن منزل الشرائع ليس الله سبحانه وتعالى عما يصفون. أعلم أن الحكم الشرعي هو اتباع أقرب بلد يوجد به ليل ونهار دائم، ولكن سؤالي ليس عن الحكم الشرعي ولكن عن جواب هذه الشبهة وهي أن الذي أنزل الشرائع تجاهل بعض الشعوب التي لا يوجد عندها ليل ونهار دائم أو نهار طويل جدا يصل إلى 22 ساعة ؟ الاجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمن الأمور الواضحة لكل ذي عقل أن الأحداث والأحوال والوقائع متجددة لا تنحصر، ولما كانت الشريعة حاكمة على كل ذلك وكان لابد أن يكون في أدلتها وفاء بهذا كله، كان من إعجازها أن تأتي نصوصها المحصورة في عددها بمعان غير محصورة في دلالتها. وقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فما بالنا بكتاب الله عز وجل ... فالسنة من جملة الوحي، فلا يصح أن يقال للحكم الشرعي الذي دلت عليه السنة: إنه لم يبينه الله تعالى ... وأمر آخر لابد من الانتباه إليه، وهو أن النصوص الشرعية تتفاوت دلالتها من حيث الوضوح، فبعض المسائل تحتاج لاجتهاد في الاستنباط، كما أشار إليه قوله تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ. {النساء: 83}. ولذلك أمر الله تعالى بسؤال أهل العلم فقال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. {النحل: 43}. وإذا علم هذا، فإنا نقول: قد جاءت الإشارة في السنة النبوية لكيفية تعامل أهل المناطق المسؤول عنها مع العبادات المرتبطة بسير الشمس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث أصحابه عن المسيح الدجال قالوا: ما لبثه في الأرض ؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، فقيل: يا رسول الله، اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال: لا، اقدروا له قدره. رواه مسلم. فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوما واحدا يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع الفجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعا وعشرين ساعة ..]. وهذا رابط السؤال والجواب: http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?pa(?)e=showfatwa&Option=FatwaId&Id=126398 وبعد مطالعتي لهذا الجواب: 1- تذكرت القول: (فر من المطر فوقف تحت الميزاب)، فالجواب كان لدفع شبهة بعض الملحدين، ولكن لو أنّ ذلك الملحد أو غيره أراد أن يراجع فتاوى علماء الدين (الذين يزعمون أنهم من أهل الذكر الذين أمر الله بالرجوع إليهم وسؤالهم كما ورد في الجواب)، وأنّ سنة النبي تضمنت الجواب لمثل الأسئلة التي تخص المناطق القريبة من القطب من ناحية الصلاة والصيام، كما ورد في الجواب، فماذا سيجد حينها ؟ واضح أنه لا يجد سوى آراء وتخرصات وأوهام لا تنتهي كما رأيناها لدى علماء السنة، ومثلها عند مراجع الشيعة. وحينها ماذا سيقول عن الدين الذي يدعو إليه هؤلاء ؟!! لو كان منصفاً فلا أظنه يعدو قول: لو كان هؤلاء علماء ربانيين فعلاً ويمثلّون دين الله لما رأيناهم بهذه الحالة المزرية، فالله سبحانه واحد ودينه واحد وحكمه في كل قضية واحد كذلك، فلم كل هذا الهرج والضجيج إذن !! قال تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82]. فما كان من الله ليس فيه أيُّ اختلاف، وما فيه اختلاف يكشف عن أن الحق سبحانه ليس مصدره، وهل غير الحق سبحانه إلا الهوى والأوهام الفاسدة الضالة المضلة !! 2- إنّ الإشارة النبوية إذا كانت قد أتت - كما يزعم المجيب - بخصوص المناطق القريبة من القطب، فلِمَ كل هذه الآراء في كل فرع من فروع المسألة إذن، والتي وصل بعضها إلى إسقاط فريضة الصلاة والصيام كما قاله بعض علماء السنة، أو الصيام كما قاله بعض علماء الشيعة ؟!! وأنا لا أنكر أنّ الدين وشريعة الله السمحاء كفيلة بإجابة أيِّ سؤال في كل زمان ومكان، ولكني أنكر أن يكون هؤلاء المجتهدون أهلاً للإجابة وبيان الأحكام بما في ذلك الأحكام المتعلقة بمسألتنا (مورد البحث)، إنما ذلك للإمام من آل محمد ص والذي لا تخلو منه برهة زمنية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بنص حديث الثقلين الشريف. 3- إني لما قرأت آية الذكر في الجواب، وتفسيرها بأهل العلم (طبعاً يقصدون أنفسهم أعني عوران الوهابية ومن لف لفهم)، تذكرت استدلال الكثير من مراجع الشيعة بنفس الآية وتفسيرهم لها بأهل العلم أيضاً، (وهم يقصدون بذلك أنفسهم كما هو معلوم) !! فكلٌّ يجر النار إلى قرصه، يحصل هذا على مسمع ومرأى الجميع ولا مستنكر ولو كان السطو على حساب سرقة مقامات الطاهرين ومختصاتهم التي لا يشاركهم فيها أحد !! قال تعالى: ﴿.. الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً﴾ [الطلاق: 10 - 11]. فواحدة من صفات النبي الخاتم ص أنه ذكر رسول، وإذا كان ص (ذكر) بنص الكتاب فـ (أهل الذكر) هم آله وأوصياؤه الطاهرون ص بكل وضوح. ولا يقال: إنّ هذا تفسير بالرأي كما فعل الآخرون، لأني أجيبه بأنّ كتاب (بصائر الدرجات للصفار) وحده فقط ورد فيه (28) رواية توضح أنّ أهل الذكر المسؤولين في الآية هم آل محمد ص خاصة لا غير، ألا يكفيكم هذا ؟!! وهذا مثال منها: عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله ع في قول الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾، قال: (الذكر محمد ص ونحن أهله ونحن المسؤلون) [بصائر الدرجات: ص60]. عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ من هم ؟ قال: نحن، قال: قلت علينا أن نسألكم ؟ قال: نعم، قلت: عليكم أن تجيبونا ؟ قال: ذلك إلينا) [بصائر الدرجات: ص59]. وقبل ذكر إجابة الإمام من أهل الذكر الذين أمرنا الله سبحانه بسؤالهم، أعني قائم آل محمد ويمانيهم السيد أحمد الحسن ع، أعرض الآن ما أجاب به مراجع الشيعة عن الأسئلة المتعلقة بأوقات الصلاة والصيام في المناطق القريبة من القطب. 2. العلماء المتبرعون الشيعة: هذه حزمة من الفتاوى التي توضح رأي كبار علماء الشيعة المعاصرين في حكم الصلاة والصيام في المناطق القريبة من القطب: 1- السيد السيستاني: يقول في المسائل المنتخبة: [88- إذا فرض كون المكلّف في مكان نهاره ستة أشهر وليله ستّة أشهر مثلاً، فالأحوط لزوماً له في الصلاة ملاحظة أقرب الأماكن التي لها ليل ونهار في كلّ اربع وعشرين ساعة، فيصلّي الخمس على حسب أوقاتها بنيّة القربة المطلقة، وأمّا في الصوم فيجب عليه الانتقال إلى بلد يتمكّن فيه من الصيام إمّا في شهر رمضان أو من بعده، وإن لم يتمكّن من ذلك فعليه الفدية بدل الصوم. وأمّا إذا كان في بلد له في كلّ اربع وعشرين ساعة ليل ونهار - وإن كان نهاره ثلاث وعشرين ساعة وليله ساعة أو العكس - فحكم الصلاة يدور مدار الأوقات الخاصة فيه، وأمّا صوم شهر رمضان فيجب عليه أداؤه مع التمكّن منه ويسقط مع عدم التمكّن، فإن تمكّن من قضائه وجب، وإلاّ فعليه الفدية بدله]. وهذا يعني أنّ السيد السيستاني يرى أنّ المناطق القريبة من القطب: إما ينعدم فيها الليل أو النهار، أو يوجد ولكن أحدهما قصير وقته. ففي الحالة الأولى: يكون حكم الصلاة هو ملاحظة أقرب البلاد التي يكون فيها ليل ونهار والقياس عليه، كما سمعناه من ابن عثيمين وغيره فيما تقدم، ولكن الجديد الآن: إنّ نية الصلاة تكون بنحو (القربة المطلقة)، أي لا يحدد فيها كونها أداء أو قضاء مثلاً. وأما حكم الصوم، فيوجب السيد السيستاني على المكلف الانتقال إلى بلد آخر، أما متى ينتقل ؟ فهل يجب عليه الانتقال في يوم التاسع والعشرين أو الثلاثين من شهر شعبان مثلاً، أو أنّ الوجوب موسع في وقته ويتضيق في اليوم الأخير من شعبان، أو أنّ المكلف له أن يختار أيّ وقت يشاء لانتقاله ؟ يجيب السيد السيستاني أنه بالخيار، بمعنى أنه لو حلّ شهر رمضان على أهل الأرض فمن يعيش في تلك المناطق له أن ينتقل إلى بلد آخر ويصوم أيام الشهر الفضيل فيه، وله أيضاً أن يأكل ويشرب ويفعل باقي المفطرات في أيام شهر رمضان ويؤجل الصيام إلى وقت آخر يكون بعد انتقاله من مكانه متى ما سنحت له الفرصة. وأما إذا لم يتمكن من الانتقال أصلاً، فيتبرع له السيستاني بإسقاط الصوم عنه بالمرة، ويكتفي بإعطاء الفدية بدلاً عنه !! وإن سأل أحد: على أيِّ أساس شرعي استند السيد السيستاني في إسقاط الصيام عن المكلفين في مثل هذه الحالة ؟ فهل لنا مثلاً أن نعرف الآية أو الرواية التي استند إليها في حكمه هذا، خصوصاً وأنهم يزعمون أنهم يفتون الناس على ضوء الكتاب والسنة وأنهم رواة الحديث المقصودون بتوقيع الإمام المهدي ع؟!! الجواب: لا يوجد شيء من هذا القبيل، وسنسمع فتاوى وأحكام بنحو آخر من مراجع شيعية أيضاً يفتون بخلاف ذلك، وهذا يوضح أنهم يطرحون آراء وظنوناً واحتمالاتٍ لا أقل ولا أكثر، تماماً كحال نظرائهم من علماء السنة، هذا أولاً. وثانياً: إنّ المتتبع لروايات آل محمد ص في مسائل إسقاط الصوم لا يجد أنّ هذا المورد منها. نعم، يجد مثل حالة الرجل أو المرأة الكبيرين في السن، أو المرضى الذين لا يبرؤون ولا يتمكنون من الصيام. وإذا لم يكن لدى السيد السيستاني دليل شرعي على رأيه هذا، لم يبق إلا أنه استند إلى القياس الذي دعاه إلى تشبيه حال المكلف في مثل المناطق المذكورة بمن ورد النص الشرعي بسقوط الصيام عنهم، أليس كذلك ؟!! خصوصاً وأنّ القياس كان مستنده في الصلاة أيضاً كما رأينا. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا إذن ينزعج بعض أتباعهم لما نقول لهم: إنّ القوم ركبوا مراكب العامة واتبعوا ذات النهج فانتهوا إلى نفس النتيجة المعلوم حالها للجميع ولا ينكرها إلا مكابر يريد أن يغطي الشمس بغربال، ومعلوم أنّ الشريعة إذا قيست محق الدين كما أخبرنا آل محمد ص. وأما في الحالة الثانية (أي المناطق القطبية التي يطول فيها الليل أو النهار): فقد حكم السيد السيستاني أن الصلوات يكون وقتها بحسب ما هو موجود فيها من شروق وغروب، حتى لو كان النهار طوله ساعة كما يقول. وعليه، فآخر وقت صلاة الفجر سيكون قبل شروق الشمس، وأما بدايته فلم يتعرض له في فتاواه السابقة ولكنه حدده (في فتوى آتية له) بأنه يكون قبيل طلوع الشمس، وكأنه لا يرى دخالة للفجر الصادق الذي يمكن تحققه في بعض الحالات ويكون هو بداية وقت صلاة الفجر والإمساك، لا أنّ الوقت قبيل الطلوع، فحالة قصر النهار المفروضة في كلام السيستاني تارة يفترض فيها وجود فجر صادق، وأخرى لا. وتشخيص هذا مهم جداً في تحديد الحكم الشرعي ومعرفة بداية وقت صلاة الفجر، وأيضاً معرفة بداية الإمساك في الصيام، كما هو معلوم للجميع. وأما وقت صلاة الظهرين، فإنه يراه بعد مرور نصف ساعة عن شروق الشمس، بل لا مانع بنظر السيد السيستاني أن يكون الزوال بعد مرور خمس دقائق من شروق الشمس في نهار لا يزيد طوله عن عشرة دقائق، والتي تكفي بنظره لاحتسابها يوماً للصيام أيضاً بلا ذكر للفجر الصادق ودوره في تحديد مسار الحكم مرة أخرى (كما يفتي بذلك بعد قليل). يقول ذلك، في ذات الوقت الذي يرى فيه مرجع شيعي آخر (السيد صادق الشيرازي) أنّ النهار الذي تشرق فيه الشمس ثلاث أو أربع ساعات (فضلاً عما هو دونه) لا يكفي لاعتباره يوماً في الصيام، ولا يحقق بنظره غرض الصوم المأمور به شرعاً (وسنرى كلامه لاحقاً). ولو عكسنا الفرض (أي افترضنا أنّ النهار طوله ثلاث وعشرون ساعة، والليل طوله ساعة واحدة)، فماذا ستكون النتيجة حينها وفق ما أفتى به السيد السيستاني ؟ النتيجة: بالنسبة إلى وقت صلاة الفجر، فآخر وقتها يكون قبل شروق الشمس، وأما بدايته فلا أحد يعلم بها. وهل سيكون حينذاك فجر صادق يعتمده المكلف في تحديد بداية وقت صلاة الفجر والإمساك، أم أنّ هناك ضابطة أخرى في بيان بداية الوقت ؟ مرة أخرى لا أحد يعلم. وأما وقت صلاة الظهرين، فالمفروض أنه يكون عند الزوال، ولكن إذا لم يتمكن المكلف من ذلك لطول النهار فيمكنه الاكتفاء بقضائها في وقت آخر (هذا ما يفتي به بعد قليل). وأما الصيام، فباعتبار أنّ اليوم ساعاته طويلة فمن لا يتحمل ذلك يمكنه الإفطار والقضاء بعد ذلك إن تمكن، وإلا فيُسقط عنه السيد السيستاني متبرعاً فريضة الصيام ويكتفي بالفدية، كما تبرع العالم السني بإسقاط فريضة الصلاة في بعض فروض المسألة كما لاحظناه سابقاً. وعلى أي حال، فهذه جملة أخرى من فتاوى السيستاني المرتبطة ببحثنا مما هو منشور في الموقع الرسمي التابع له: [السؤال: نحن مجموعة من العراقيين نسكن في شمال السويد مدينة يليفاري و٦٠ كيلومتر داخل القطب الشمالي والتي لا تغيب فيها الشمس ونعاني من مشكلة مواقيت الصلاة للمغرب والعشاء ؟ الجواب: في الأيام التي لا تغيب فيها الشمس يجب على الأحوط أداء الصلوات حسب أوقات أقرب مكان لهم فيه الليل والنهار. السؤال: توجد بعض المناطق في السويد لا تغرب عنها الشمس لمدة ٥۲ يوماً وفي مناطق أخرى يكون طول النهار فيها ۲۳ ساعة وفي اخرى يكون طول النهار ۱۷ ساعة ما حكم الصلاة والصيام في تلك المناطق ؟ الجواب: أما المناطق التي لا تغرب عنها الشمس أياماً فالأحوط وجوباً بالنسبة للصلاة مراعاة أوقات الأماكن القريبة اليهم مما له نهار وليل في اربع وعشرين ساعة. وبالنسبة للصوم يجب الانتقال إلى بلد آخر في شهر رمضان أو بعده لقضاء الصوم، فإن لم يتمكن فعليه الفدية عن كل يوم اطعام مسكين واحد. وأما في مناطق التي يكون النهار فيها ۲۳ ساعة فعليه أن يصلي العشائين بعد غروب الشمس والصبح قبيل طلوعه، وأما الظهر فإن لم يتمكن منه في اليوم الطويل فعليه القضاء. السؤال: ما هو حكم وقت الصلوات والصيام التي يؤديها الشخص في مناطق تكون فيها مدة الليالي والأيام ستة أشهر كما في القطب الجنوبي والقطب الشمالي ؟ الجواب: إذا فرض كون المكلف في مكان نهاره ستة أشهر وليله ستة أشهر مثلاً، فالأحوط له في الصلاة ملاحظة أقرب الأماكن التي لها ليل ونهار في كل أربع وعشرين ساعة، فيصلي الخَمس على حسب أوقاتها بنية القربة المطلقة. وأما في الصوم فيجب عليه الانتقال إلى بلد يتمكن فيه من الصيام إما في شهر رمضان أو من بعده، وإن لم يتمكن من ذلك فعليه الفدية بدل الصوم. السؤال: في بعض الدول الغربية يكون الفاصل الزمني بين الغروب وطلوع الشمس عشرة دقائق فكيف تكون الصلاة ؟ الجواب: يصلي العشائين أولاً ثم يصلي الصبح في الفترة المذكورة، ومع ضيق الوقت يقتصر على الواجبات فقط. السؤال: ما حكم من كان في بلد تشرق الشمس فيه لمدة عشرة دقائق فقط ؟ الجواب: إذا كان هناك شروق وغروب فهناك زوال أيضاً فيصلي الظهر عند منتصف الوقت ما بين شروق الشمس وغروبها وإذا لم يسع الوقت الإتيان بهما قبل الغروب حتى مع الاقتصار على الأقل الواجب فليأتي بصلاة العصر بعد صلاة الظهر بقصد القربة المطلقة. وبالنسبة للصيام فالظاهر الاجتزاء بصيام الفترة ما بين الفجر إلى الغروب الذي يعد نهاراً في شهر رمضان وإن قصرت. السؤال: یوجد في دولة السوید او مكان آخر منطقة یكون النهار عندهم ساعة واحدة في الیوم ولمدة ستة أشهر، وفي فصل آخر یكون اللیل عندهم ساعة واحدة في الیوم، فكیف یكون الصوم عندهم والصلاة ؟ الجواب: حكم الصلاة فیها یدور مدار الاوقات الخاصة من الفجر والزوال والغروب. وأما صوم شهر رمضان فعلی المكلف اداؤه مع التمكن منه ویسقط مع عدم التمكن فان تمكن من قضائه وجب وإلا فعلیه الفدیة بدله]. وهذا رابط الفتاوى المتقدمة: http://www.sistani.or(?)/index.php?p=297396&id=268&perpa(?)e=55 [السؤال: اني اسكن في مدینة تقع بالقطب الشمالي المنجمد، وهنا یستمر النهار عندنا اربعة شهور بالشتاء واربعة شهور بالصیف واربعة اشهر لیل بالشتاء، فكیف نصلي صلاة الفجر والمغرب والعشاء بالصیف، وعكسها بالشتاء؟ اما الشهرین المتبقیان من السنة فلا یكون هناك لیل كامل وانما حالة تشبه الغروب او اكثر بقلیل فلا نعرف وقت صلاة الفجر؟ الجواب: اذا لم یكن غروب وشروق أصلاً فالمتبع أوقات أقرب بلد الیكم یكون لدیهم لیل ونهار وان كان قصیراً، وأما اذا كان غروب وشروق وإن كان قصیراً فالمغرب والعشاء بعد الغروب والصبح قبیل الطلوع]. وهذا رابط الفتوى على موقعه الرسمي: http://www.sistani.or(?)/index.php?p=297396&id=542 [السلام عليكم الصلاة في القطب والأماكن التي لا تشرق بها الشمس كيف تكون من حيث الأوقات؟ وكذلك الصلاة في الأماكن التي تشرق بها الشمس لفترة من الزمن دون أن تغيب كيف تكون ؟ وكذا الاماكن التي تشرق بها الشمس لفترة وجيزة كيف تكون ؟ وشكراً لكم. باسمه تعالى الصلاة والصوم في بلدان فيها ستة أشهر ظلام وستة أشهر شمس الاحوط في الصلاة ملاحظة أقرب الاماكن التي لها ليل ونهار في كل اربع وعشرين ساعة فيصلي الخمس على حسب اوقاتها بنية القربة المطلقة. وأما في الصوم فيجب عليه الانتقال الى بلد يتمكن فيه من الصيام اما في شهر رمضان او من بعده وان لم يتمكن من ذلك فعليه الفدية بدل الصوم. ودمتم موفقين arabic@alsistani.or(?) مكتب السيد السيستاني (دام ظله) - قسم الاستفتاءات]. والجواب هذا وإن كان يتضمن بعض شقوق السؤال كما هو واضح، ولكن بقية آراء السيد السيستاني اتضحت بما قدمناه في فتاواه التي تم عرضها. 2- الشيخ بشير النجفي: [السؤال: في البلاد التي أقيم فيها تغيب الشمس لمدة طويلة قد تتجاوز الشهر أو الشهرين فكيف نقيم صلاتنا ؟ الجواب: يمكنك الاعتماد على مواقيت أقرب الأماكن إليك التي لها ليل ونهار في مدار أربع وعشرين ساعة فتصلي الفرائض الخمس بنية القربة المطلقة. ولا يجوز لك أن تقيم في مثل هذا البلد إذا كنت قادراً للإقامة في بلد تتمكن فيه من أداء الواجبات الشرعية بصورة طبيعية. والله العالم]. وهذا رابط فتواه على موقعه الرسمي: http://www.alnajafy.com/list/maind-4-1-491-119.html والإضافة التي في هذه الفتوى هي: إنّ وجوب انتقال المكلف من تلك المناطق لا يختص بالصيام كما كان رأي السيد السيستاني وإنما يشمل الصلاة أيضاً، وبالتالي فيجب بنظر الشيخ النجفي إخلاء تلك المناطق من البشر مطلقاً عند المكنة وتركها للبطاريق فقط؛ باعتبار أنّ تلك المساحة من الأرض لا يمكن تطبيق العبادات بصورة صحيحة ومرضية لله فيها !! 3- السيد محمد سعيد الحكيم: [س3: إذا كنت في بلد وكانت الشمس تطلع فيه باليوم الواحد نصف ساعة فكيف يكون ترتيب أوقات الصلاة وكيف يكون الصوم ؟ ج3: أما صلاتا الظهرين فتجبان بمرور الشمس على دائرة نصف النهار الذي هو الزوال. وأما صلاة المغرب والعشاء فتجبان بغيبوبة الشمس، وإذا كان البياض في جانب المشرق يغيب بعد مغيب الشمس فيمتد وقتها إلى نصف الليل وإن طال، وتجب صلاة الصبح بظهوره بعد غيبوبته ويمتد وقتها إلى طلوع الشمس، وإذا كان البياض المذكور لا يغيب فالأحوط وجوباً المبادرة للعشائين وعدم تأخيرهما عن غيبوبة الشمس كثيراً، وتأخير الصبح إلى قبيل طلوع الشمس وعدم تقديمها عنه كثيراً. وأما الصوم فمع غيبوبة البياض بعد غياب الشمس يبدأ بظهور البياض وينتهي بغياب الشمس، والأحوط استحباباً الاستمرارية إلى غياب الحمرة المشرقية. وأما مع عدم غيبوبة البياض فيشكل مشروعية الصوم، والأحوط الابتداء بالإمساك عند ظهور البياض في أقرب منطقة من مكان المكلف والانتهاء به عند غياب الشمس في مكان المكلف]. ومحصل كلامه هو هذا: اليوم الذي يكون طول نهاره نصف ساعة، فإن أوقات الصلاة فيه تكون بالنحو التالي: وقت الظهرين عند الزوال، وربما يكون تحديده بنظره بعد مرور ربع ساعة مثلاً أو ما يقاربها. ووقت العشائين يكون بعد غروب الشمس الذي يتحقق بعد الزوال بربع ساعة أخرى. وأما وقت الفجر: فإن كان هناك بياض يخرج في الأفق بعد الظلام فوقتها يبدأ من حين طلوعه إلى طلوع الشمس، وإلا فوقتها يبدأ قبيل طلوع الشمس ولا ينبغي أن يتقدم عن الطلوع كثيراً !! وأما الصيام، فمع وجود البياض المذكور يبدأ الصوم بظهوره إلى حين غروب الشمس، وإن لم يكن هناك بياض فإنّ السيد الحكيم يشكل على مشروعية الصيام في مثل تلك الحالة، والاكتفاء بالإشكال يعني عدم وضوح الحكم عنده وأنّ ظنه لم يسعفه في الانتهاء إلى نتيجةٍ ما، فيتبرع لمقلديه بإسقاط فريضة الصيام عنهم. ثم إنه لم يوضح هل أنّ ذلك الإشكال يؤدي إلى إسقاط فريضة الصيام وقضائه والفدية بحيث إنّ التبرع شملها جميعها، أو أنّ الذي تشكل مشروعيته هو الصوم أداءً فقط ويجب عليه القضاء فيما بعد (كما أفتى به في حالة انعدام الليل)، أو أنّ الواجب هو الفدية فقط كما انتهى إلى ذلك السيستاني في بعض الفروض، أو ماذا بالضبط ؟!! ثم يرى أنّ الاحتياط يقتضي أن يعمل المكلف الخلطة والتشكيلة التالية: أن يقيس المكلف حاله من حيث بداية الإمساك بأقرب بلد إليه يكون فيه بياض قبل شروق الشمس، وأما من حيث وقت الإفطار فإنه يعتمد على مغيب الشمس في مكانه هو لا المكان الذي شرع في الإمساك على ضوئه. هذا في حالة وجود ليل ونهار ولكن أحدهما قصير. وله فتوى أخرى تخص حالة انعدام الليل أو النهار تماماً في تلك المناطق، وفيها يحدد أوقات الصلاة والصيام بالنحو التالي: بالنسبة لوقت صلاة الظهرين فهو عند الزوال الذي يعرف بارتفاع الشمس وميلانها بعد الارتفاع. وأما باقي أوقات الصلوات، فإنّ الاحتياط الوجوبي بنظر السيد سعيد الحكيم يقتضي أن يأتي بها مرددة بين الأداء لهذا اليوم أو القضاء لليوم السابق، فمثلاً: إذا أراد أن يصلي الصبح من يوم الجمعة فإنّ نيته فيها مرددة بين أن تكون صلاة صبح يوم الجمعة وبين أن تكون قضاء لصلاة صبح يوم الخميس، وهكذا الحال في صلاة العشائين. كما أنّ تحديد وقت العشائين - وفق الاحتياط الوجوبي بنظره أيضاً - هو دخول الشمس في نصف الدائرة الأسفل، ووقت الفجر بخروجها منه. وأما الصوم فيسقط أداؤه عن المكلف ويقضيه في باقي أيام السنة. هذا في حالة النهار الدائم. وأما في حالة الليل الدائم: فيرى السيد الحكيم أنه لا يتحقق حينئذٍ شيء من أوقات الصلوات الخمس اليومية، وبالتالي يأتي المكلف بصلواته كلها بنفس النية السابقة المرددة بين الأداء لهذا اليوم أو القضاء ليوم سابق، وتوزع الصلوات الخمس على ساعات الليل الأربعة والعشرين بما يناسب موقع الشمس من دائرة الأفق !! وإذا سأله أحد: كيف يتحدد موقع الشمس والحال أنها غائبة وليل المنطقة دائم ؟ يجيبه أنّ ذلك يظهر بالتأمل، ورحمة الله واسعة. وأما الصيام فهو ساقط عن المكلف بنظر السيد الحكيم بكل تأكيد، وله أن يسرح ويمرح في أيام شهر رمضان ثم يقضيه متى ما شاء فيما بعد. وهذا نص فتواه: [س11: في بعض بلاد النرويج يتلاشى الليل تماماً من شهر تموز إلى منتصف آب فيكون الوقت كله نهاراً خلال اليوم .. فما هو حكم الصيام إذا صادف شهر رمضان ؟ وما هو حكم مواعيد الصلاة ؟ ج11: أما مواعيد الصلاة فالظاهر تحقق وقت صلاة الظهرين بانحراف الشمس عن دائرة نصف النهار في منتهى ارتفاعها ضمن دائرة شروقها المحيطة بالأفق، فيجب الإتيان بهما، كما أن الأحوط وجوباً الإتيان ببقية الصلوات برجاء المطلوبية مردداً بين الأداء لصلاة اليوم والقضاء لصلاة اليوم السابق. وحينئذ إذا كان المراد بتلاشي الليل عدم غيبوبة قرص الشمس فالأحوط وجوباً الإتيان بصلاة العشائين بعد دخول الشمس في نصف الدائرة الأسفل، والإتيان بصلاة الصبح قبل خروجها عن النصف المذكور. وإن كان المراد بتلاشي الليل عدم غيبوبة البياض الذي يكفي في تحقق الفجر مع غيبوبة الشمس في الأفق فالأحوط وجوباً الإتيان بصلاة العشائين بعد غيبوبتها في الأفق قبل وصولها إلى دائر نصف الليل في منتهى نزولها في الأفق، والإتيان بصلاة الصبح قبل ظهورها في الأفق بعد قوة نور الفجر. وأما الصوم فيشكل مشروعيته أداءً لو صادف شهر رمضان في الزمن المذكور سواءً لم تغب الشمس أصلاً أم غابت ولم يتحقق بغيبوبتها ظلام يبدأ من بعده نور الفجر، بل اختلط ضياء الشفق بضياء الفجر من دون تمييز بينهما. وحينئذ يتعين القضاء في الفصول التي يتميز فيها الليل عن النهار ويبدأ فيها الفجر بعد اشتداد الظلام، هذا وفي مثل هذه البلاد كما تمر فترة يتلاشى فيها الليل كذلك تمر فترة فيما يقابلها من السنة يتلاشى فيها النهار بغيبوبة الشمس في تمام دورة الأرض، وفي مثل هذه الفترة لا يتحقق وقت شيء من الصلوات حتى صلاتي الظهرين، فاللازم حينئذ الإتيان بالصلوات الخمس بالنية التي تقدمت سابقاً موزعة على ما يناسبها من موقع الشمس من دائرة الأفق. ويظهر ذلك بالتأمل. أما الصوم فلا يشرع أداءً، بل يتعين قضاؤه في الوقت المتقدم من فصول السنة]. وهذا رابط فتوتيه المتقدمتين على موقعه الرسمي: http://www.alhakeem.com/arabic/pa(?)es/qعesans/list(?)roعp_qعes.php?Where=10 4- الشيخ مكارم الشيرازي: ويطالعنا في فتوى له منشورة على موقعه الرسمي برأي جديد غير ما تقدم: [س: ما حکم صلاة وصوم وقبلة من یذهب إلى القطب مسافراً أو مکلفاً بواجب وظیفي وقصد الاقامة مدّة طویلة علماً أن اللیل في القطب طوله ستة أشهر وکذلك النهار ؟ ج: یجب علیه العمل وفق المناطق المعتدلة، وقد ذکرنا تفاصیل هذا الموضوع في کتاب الصلاة والصوم في القطبین. أمّا القبلة في المناطق القطبیة فلا صعوبة فیها وذلك بالوقوف باتجاه أقرب نقطة إلى مکة ..]. هذا رابطها: http://makarem.ir/websites/arabic/estefta/?it=720&mit=498 والجديد هذه المرة: إنّ الشيخ مكارم اعتبر مدار تحديد أوقات الصلاة والصيام في المناطق التي يدوم فيها الليل أو النهار ستة أشهر هو القياس على المناطق المعتدلة، أي التي يعتدل فيها الليل والنهار، وليس على أقرب المناطق كما أفتى غيره ممن تقدم ذكرهم. وله نظير في أقوال علماء السنة المتقدمة، إذ عرفنا أنّ بعضهم اعتبر المقايسة على مدينة مكة وليس على أقرب المناطق إلى القطب، والفرق أنّ ذاك خصّ مكة بالذكر وهذا اعتبر مطلق المناطق المعتدلة وللمكلف أن يختار أيها شاء. ولا بأس على ما يبدو بنظره التفاوت الموجود بين نفس المناطق المعتدلة، فمن يصوم نهاراً طوله خمس عشرة ساعة وآخر أقل من ذلك بساعة مثلاً، فيمكنه وفق منحة الشيخ مكارم أن يختار الأقل بعد كون كلا المنطقتين معتدلتين في ليلهما ونهارهما. وهكذا الحال بالنسبة إلى أوقات الصلوات، والحمد لله على كل حال. 5- الشيخ وحيد الخراساني: وله رأي جديد أيضاً غير ما تقدم. فبعد أن ذكر قول السيد الخوئي رحمه الله في المسألة 58 من المسائل المستحدثة: (إذا فرض كون المكلف في مكان نهاره ستة أشهر وليله ستة أشهر مثلاً وتمكن من الهجرة إلى بلد يتمكن فيه من الصلاة والصيام وجبت عليه، وإلا فالأحوط هو الإتيان بالصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة). قال مضيفاً عليه: [والإتيان بقضائها في أوقاتها، وعليه قضاء الصيام] منهاج الصالحين - الشيخ وحيد الخراساني: ج2 ص490. فهو بالإضافة إلى إيجابه الهجرة من تلك المناطق عند التمكن وإخلاء تلك المنطقة كما سمعناه من الشيخ بشير النجفي، يرى أيضاً أنّ ما يؤديه المكلف من صلوات موزعة على الساعات الأربعة والعشرين مكلف كذلك بقضائها، بمعنى أنه كما يجب عليه أداء الصلاة أثناء حصول الظاهرة يجب عليه قضاؤها فيما بعد بنظر الشيخ. ولم يوضح كيفية التوزيع، وهل سيكون بالتأمل كما اقترحه السيد سعيد الحكيم، أو أنّ هناك طريقة أخرى للتوزيع المذكور !! وأما الصيام، فإنه يجب على المكلف قضاؤه كذلك في مثل الحالة المذكورة، ولكن هل يجب عليه الأداء أيضاً ويكون حاله كحال الصلاة، أو أن الشيخ الخراساني يتبرع كما تبرع غيره بإسقاط فريضة الصيام عن المكلف أداءً وبقائها قضاءً يؤديه فيما بعد ؟! وعلى أي حال، فقوله فيه إضافة جديدة. 6- السيد كاظم الحائري: [السؤال: ما هو حكم الصلاة والصوم في المناطق التي لا تغرب الشمس فيها في عدّة أيّام بل عدّة شهور ؟ الجواب: يصحّ إلحاق ذاك البلد بأقرب بلد إليه تغرب فيه الشمس يوميّاً. السؤال: بعض المناطق وفي بعض فصول السنة لا يظهر في الاُفق حالة الفجر الشرعي وإن كان للشمس طلوع وغروب، بل بعد سقوط القرص تبقى حالة المغرب حتّى تطلع الشمس مرّة اُخرى، فيتّصل فيها بين العشاءين إلى ما بين الطلوعين من دون أن يمرّ بظلمة الليل، فما هو حكم بداية وقت صلاة الصبح وبداية الإمساك للصائم في هذه المناطق ؟ الجواب: يصحّ إلحاق ذاك البلد بأقرب نقطة يوجد فيه الفجر]. وهذا رابط فتاواه على موقعه الرسمي: http://www.alhaeri.or(?)/main.php#dalil وواضح أنه يرى إلحاق تلك المناطق وقياسها بأقرب البلاد إليها، سواء كان ذلك في تحديد الشروق أم الغروب أم الفجر، وأكيد أنّ حال الصيام كذلك. 7- السيد صادق الشيرازي: [سؤال 12: ما رأيكم في حكم الصوم والصلاة لمن يسافر إلى البلدان التي لا تغيب فيها الشمس إلا ساعة أو ساعتين أو لا تشرق إلا كذلك ؟ الجواب: يصوم ويصلي بحسب توقيت مكة المكرمة، أو البلدان المتوسطة الآفاق ... فقه السياحة والسفر / أحكام السفر]. وهذا رابط فتواه: http://www.s-alshirazi.com/library/etc/siyahat-safar/07.htm وهذا رأي جديد أيضاً كما هو واضح. فمن سبقوه من المجتهدين جعلوا المقايسة بأقرب البلدان أو بالمناطق المعتدلة إنما تكون في حالة دوام الليل أو النهار في تلك المناطق، وأما في حالة وجود شروق وغروب فيكون التوقيت معتمداً عليهما بالنحو الذي نقلنا آراءهم فيها. ولكن الشيرازي يرى أنّ المقايسة تكون حتى في حالة وجود نهار وليل ساعات أحدهما قليلة، كما أنّ المقايسة تكون وفق المناطق المعتدلة فقط. 8- السيد محمد صادق الروحاني: يقول: [(مسألة 8): إذا فرض كون المكلف في مكان نهاره ستة أشهر وليله ستة أشهر مثلاً وتمكن من الهجرة إلى بلد يتمكن فيه من الصلاة والصيام وجبت عليه. وإلا فالأحوط هو الاتيان بالصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة. ويمكن ان يقال: إن المدار على البلدان المتعارفة المتوسطة مخيراً بين أفراد المتوسط، أو إن المدار على أقرب البلاد المعتدلة إليه، أو بلده الذي كان متوطناً فيه] [المسائل المنتخبة: ص490]. وواضح أنّ السيد الروحاني - وهو أحد مراجع الشيعة أيضاً - يتعرض لحالة انعدام الليل أو النهار في المناطق القطبية، (ويبدو أنه يرى أنّ هذه الحالة وحالة قصر النهار أو الليل واحدة في الحكم) [انظر: المسائل المستحدثة: ص177]، ويفتي بوجوب الهجرة من تلك المنطقة إلى منطقة يتمكن فيها من أداء الصلاة والصيام فيها بشكل طبيعي. وأما إذا لم يتمكن من الهجرة فيضع المرجع بين يدي مقلديه عدة خيارات، ويبدو بحسب الفتوى أن المقلد بوسعه اختيار أيها يشاء، والخيارات هي: الأول: الإتيان بالصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة. أما كيف ؟ فلم يوضح، والظاهر أنّ الأمر موكول إلى المكلف نفسه فيقوم بتحديد وقت كل صلاة بحسب نظره وتأمله كما قال بذلك السيد سعيد الحكيم في أحد فروض المسألة، أو ربما يتم اختراع طريقة تنفع في ذلك !! الثاني: يصلي ويصوم بالقياس إلى البلدان التي يعتدل فيها الليل والنهار، وهو بالخيار في اختيار أيها يشاء. الثالث: إن المقياس اقرب البلاد إليه، وليس المناطق المعتدلة. الرابع: إنّ المدار على بلده الذي كان مستوطناً فيه قبل انتقاله إلى المناطق القطبية. أقول: هل يرى المؤمن بالله والخائف من ربه الحسيب مثل هذه الأقوال إفتاء وبيانا لإحكام الشريعة المقدسة ؟! الحقيقة الواضحة إن هذه الأقوال لا تعدو أن تكون مجرد أراء واحتمالات يضعها المرجع بين يدي مقلديه، وهي تجمع آراء المراجع الآخرين، الذين يفكرون بذات الطريقة التي يفكر بها السيد الروحاني وينتهجون ذات النهج، ثم يترك الحرية لمقلديه أن يختاروا أي رأي يريدون، وأما كيف يتم تحديد واحد من الخيارات التي تبرع بها السيد المرجع لمقلديه ؟ إن ذلك يتم عبر وسائل عدة، ربما يكون القرعة إحداها، أو أي وسيلة يتم بها الترجيح !! * * * وبكل تأكيد سنجد آراءً جديدة أخرى لو استمرت قائمة عرض الآراء لمراجع التقليد لدى الشيعة، ولكن فيما عرضناه كفاية تناسب هذه الرسالة المبنية على الإيجاز أصلاً. وربما أول ما يتبادر السؤال عنه الآن: إننا نعرف بكل تأكيد السبب في تعدد آراء علماء السنة، بعد اعتقادهم المعروف بتأخير من قدّمهم الله سبحانه، فانتهوا إلى التشريع وفق الظنون والأوهام والأهواء فتعدد الآراء وتشابكت الظنون في المسألة الواحدة فضلاً عن الدين بجميع أحكامه وعقائده. ولكن: ما هو السبب في وجود ذات المشكلة عند عرض فتاوى الفقهاء الذين ينسبون ظاهراً إلى التشيع ؟! والجواب: إنّ النتيجة تُنبئ كل منصف أنهم أيضاً تركوا الانتهال من النبع الصافي، ولم يقفوا عند الحدود التي رسمها أئمة الهدى ص لشيعتهم، فأسسوا القواعد الظنية التي انتهت بهم إلى التشريع وفق الآراء والظنون والأوهام أيضاً فتشابهت نتيجة الفريقين إلى حد كبير كما رأينا. عن أبي عبد الله ع، قال: (من شك أو ظن فأقام على أحدهما فقد أحبط الله عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة) [الكافي: ج2 ص294 ح8]. وكما كرّرت الآية الكريمة لدى عرض فتاوى علماء أهل السنة في مسألتنا مورد البحث، أجد أنّ من الإنصاف في البحث العلمي إعادتها الآن؛ لأنّ السبب موجود أيضاً: قال تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82]. فلو كان الله سبحانه وخلفاؤه الكرام المستند الذي استند إليه هؤلاء العلماء في ما أبدوه من آراء لما اختلفت أقوالهم في المسألة الواحدة وتناطحت وضرب بعضها بعضاً، هذا وأئمتنا ص قالوا إنّ لله في كل واقعة حكماً واحداً ومن أخطأه فقد حكم بحكم الشيطان وأهل الجاهلية، وحيث إنها تعددت واختلفت فهي إذن ليست مستندة إلى دين الله الحق وأسسه الرصينة التي لا توصل إلا إلى حق وصدق ويقين. وهذه قائمة بالآراء التي استعرض فتاوى أصحابها من علماء الشيعة: في حالة انعدام الليل أو النهار في المناطق القطبية: أولاً: الصلاة .. وفيها آراء: الأول: تكون الصلاة بملاحظة أقرب البلاد التي يكون فيها ليل ونهار خلال الأربعة وعشرين ساعة، ولا يجب عليه الانتقال إلى بلد آخر لأجل الصلاة بصورة طبيعية، ولا القضاء في وقت آخر. وبهذا الرأي أفتى السيد السيستاني والحائري. الثاني: تكون الصلاة بالقياس إلى أقرب المناطق كالرأي الأول، مع عدم جواز الإقامة في تلك المناطق، ولكن لا يجب عليه القضاء في وقت آخر. وبهذا أفتى الشيخ بشير النجفي. الثالث: يضيف على ما سبق القضاء في وقت آخر بالإضافة إلى الأداء من خلال مقايسة تلك المنطقة بأقرب منطقة فيها ليل ونهار خلال اليوم. وبهذا أفتى الشيخ وحيد الخراساني. الرابع: المقايسة لا تكون إلى أقرب المناطق وإنما إلى المناطق المعتدلة كمكة مثلاً أو كربلاء، كما لا يجب على المكلف الانتقال إلى بلد آخر أو القضاء. وبهذا الرأي أفتى السيد صادق الشيرازي والشيخ مكارم الشيرازي. الخامس: التفصيل بالنحو التالي: في حالة انعدام النهار: لا يتحقق شيء من أوقات الصلاة، ولا تقاس بأقرب المناطق إليها، وإنما توزع أوقات الصلوات الخمس اليومية على الساعات الأربعة والعشرين بما يناسب موقع الشمس من الأفق، وأنّ ذلك يعرف بالتأمل. وفي حالة انعدام الليل: فارتفاع الشمس يكون وقت صلاة الظهر، وأما بقية الصلوات يؤتى بها بنية مرددة بين أن تكون أداءً لهذا اليوم أو قضاءً لليوم السابق. وبه أفتى المرجع السيد محمد سعيد الحكيم. السادس: إن تمكن من الهجرة إلى مكان آخر فبها، وإلا فبوسع المكلف أن يعمل بأحد الخيارات التالية: أن يأتي بالصلوات الخمس موزعة على الأربع وعشرين ساعة، أو يقيس حاله بالبلدان المعتدلة، أو يقيس حاله بأقرب البلاد المعتدلة إليه وليس مطلق البلاد المعتدلة، أو يقيس حاله بالبلد الذي كان مستوطناً فيه سابقاً دون غيره. وبه أفتى السيد الروحاني. ثانياً: الصيام .. وفيه آراء أيضاً: الأول: يجب عليه الانتقال إلى بلد آخر ومع عدم التمكن يسقط عنه الصيام. وبه أفتى السيد السيستاني. الثاني: إذا تمكن من الهجرة فيهاجر من تلك المنطقة، وإلا فيجب عليه قضاء الصيام فيما بعد. وبه أفتى الشيخ وحيد الخراساني. الثالث: يكون الصيام بالقياس إلى أقرب المناطق، مع عدم جواز الإقامة في تلك المناطق، ولا يجب عليه القضاء. وبه أفتى الشيخ بشير النجفي. الرابع: يكون الصيام بمقايسة تلك المنطقة بأقرب المناطق إليها، هذا فقط. وبه أفتى السيد كاظم الحائري. الخامس: يكون الصيام في تلك المناطق بحسب المناطق المعتدلة. وبه أفتى الشيخ مكارم الشيرازي. السادس: يشكل مشروعية الصوم أداءً، ويتعين القضاء في فصول السنة الأخرى التي يتميز فيها الليل عن النهار. وبه أفتى السيد محمد سعيد الحكيم. السابع: يجب عليه الهجرة من تلك البلاد إن تمكن، وإلا فيقدر لصيامه وقتاً، والتقدير يكون: إما بالقياس على أقرب البلاد المعتدلة إليه، أو القياس بمطلق البلاد المعتدلة، أو بموطنه السابق. وبه أفتى السيد محمد صادق الروحاني. في حالة قصر الليل أو النهار في المناطق القطبية: أولاً: الصلاة .. وفيها آراء: الأول: إنها تكون وفق الأوقات الخاصة بتلك المنطقة بلا أي تفصيل آخر. وبخصوص صلاة الظهر فإذا لا يتمكن من أدائها لطول النهار فيكتفي بالقضاء فقط. وبه أفتى السيد السيستاني. الثاني: إنها تكون وفق مدينة مكة المكرمة أو غيرها من المناطق المعتدلة. وبه أفتى السيد صادق الشيرازي. الثالث: إنها تكون وفق أقرب بلد، فمثلاً: لو انعدم الأفق أو الفجر اعتبر في معرفة الوقت المقايسة بأقرب بلد فيه أفق وفجر. وبه أفتى السيد كاظم الحائري. الرابع: رأي السيد سعيد الحكيم، حيث يرى أنّ أوقات الصلاة في تلك المناطق في الحالة المذكورة تكون وفق تفصيل خاص وقد أوضحنا تفصيله فيما سبق عند نقل فتواه. الخامس: إن تمكّن من الهجرة فبها، وإلا يقدر أوقات الصلاة وفق عدة خيارات. وقد تقدّمت في فتوى السيد الروحاني. ثانياً: الصيام .. وفيه آراء أيضاً: الأول: يجب عليه الانتقال إلى بلد يتمكن فيه من الصيام؛ إما في شهر رمضان أو من بعده، وإن لم يتمكن من ذلك فعليه الفدية بدل الصوم. وبهذا أفتى السيد السيستاني. الثاني: يصوم وفق مدينة مكة المكرمة أو غيرها من المناطق المعتدلة. وبه أفتى السيد صادق الشيرازي. الثالث: يصوم وفق أقرب بلد إليه فيه فجر، فيما لو كان هناك شروق وغروب للشمس ولكن ليس فيه فجر. وبه أفتى السيد كاظم الحائري. الرابع: التفصيل بالنحو التالي: إن كان هناك بياض بعد غياب الشمس فالصوم يبدأ منه إلى حين مغيب الشمس، وإن لم يكن كذلك فهناك إشكال في مشروعية الصوم !! وبه أفتى السيد سعيد الحكيم. الخامس: إن تمكّن من الهجرة فبها، وإلا يضع السيد الروحاني بين يديه عدة خيارات يمكن أن يختار ما شاء منها، وقد تقدمت. * * * ثم إننا قد عرفنا، من خلال استعراض آراء العلماء، أن بعضهم - سواء كانوا شيعة أو سنة - لم يفرق بين حكم الصلاة والصيام في تلك المناطق، وكذلك لم يفرق بين حالة قصر النهار أو الليل وحالة دوام أحدهما. وعلى هذا القول، فإذا ما أردنا معرفة عدد الآراء في المسألة مورد البحث، فسيكون عددها (23) رأياً تقريباً لدى علماء الشيعة فقط، بل لدى ثمانية منهم. وإذا ما ضممنا لها آراء بعض علماء السنة في هذه الرسالة أيضاً، فسيكون المجموع قريباً من الـ (30) رأياً، كلُّ واحد منها يرى صاحبه أنه حكم شرعي لنفس المسألة !!. وأكيد أننا لو أردنا استقصاء جميع الآراء والمقترحات التي يقدمها علماء الشيعة والسنة لكانت ثمرة ذلك بلوغ عدد الفتاوى رقماً يستحق أن يُسطَّر في موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية. ولكل عاقل بعد هذا أن يعرف حال أمة هذا حال علمائها في مسألة شرعية واحدة، والحمد لله على كل حال. وأخيراً .. ولأجل زيادة نفع طلاب الحق، أنقل حواراً حصل بين أحد مراجع الدين الشيعة وتلامذته، وهو يوضح لهم فتواه في بعض الفروع التي ترتبط بمسألة الصلاة والصيام في المناطق القريبة من القطب، وكيفية الوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها. وأزعم أنّ هذا في غاية الأهمية؛ لأنه يسهم في توضيح شيء من طبيعة السير والتحليل العلمي الذي ينتهجه المجتهدون اليوم في فتاواهم التي يقدمونها إلى الناس، ويصورون أنها أحكام دينية يوجبون على المسلمين العمل بها. والحوار ينقله وكيل المرجعية السيد (علي القطبي الموسوي)، وهذا نصه مع التعليق باختصار على بعض فقراته: [نهار شهر رمضان الطويل على المبنى الفقهي للسيد الشيرازي (دام ظله( علي القطبي الموسوي 21/07/2012 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين. على ضوء المسائل المستحدثة حول صيام المسلمين في شمال أوروبا، حيث يطول النهار إلى أكثر من عشرين ساعة مع وجود الصائمين والصائمات الّذين يعملون ساعات طويلة في النهار كذلك وجود الأبناء والبنات صغار السن وهم ينوون صيام شهر رمضان، وحيث تزايدت رسائل الإستفتاء للسيد المرجع الشيرازي (دامت تسديداته) وإلى وكلائه في أنحاء العالم حول هذا الموضوع. أرسل لي سماحة الشيخ الحجة جلال معاش ممثل المرجع الديني الإمام السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) رسالتين حول المبنى الفقهي والحكم التفصيلي لدى سماحة المرجع الديني السيّد صادق الشيرازي (دام ظله) في هذا الشأن. الرسالة الأولى: الصوم في أوروبا كيف يحدّد القاطنون في أوروبا وقت الإمساك عن المفطرات، علماً بأن أذان المغرب عندهم في 11.30 وأذان الفجر في 3 صباحاً أو أقل ؟ إذا كان طول النهار أكثر من 18 ساعة، فالصائم يكون مخيّراً بين فروض ثلاث: أولاً: أن يصوم بحسب أفق بلدهم بأن يمسك قبل طلوع فجرهم ويفطر بعد مغربهم إن أمكنه ذلك بلا حرج. ثانياً: أو يصوم بحسب طلوع فجرهم من حيث الإمساك بأن يمسك قبله ولكن يفطر بحسب أفق كربلاء المقدسة مثلاً بعد أذان مغرب كربلاء، ويجوز العكس. ثالثاً: أو يصوم بحسب طلوع فجرهم يعني يمسك قبله ثم يحسب مثلاً ساعات نهار كربلاء المقدسة من أذان الفجر إلى أذان المغرب ويفطر بعده، مثلاً إذا كان نهار كربلاء 16 ساعة أفطر بعد مضي 16 ساعة على صومه وإن لم يؤذن المغرب في كربلاء. الرسالة الثانية: الليلة الأولى هلّ هلال الشهر المبارك وقد كان طلاب الفضيلة والعلم يحسبون اللحظات ليوافيهم هذا الشهر المبارك ويتجدّد لقاءهم ببحث ليالي الشهر المبارك الذي يتم بحضور من المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله. فاجتمعوا في بيته المتواضع، فرحّب سماحته بهم وبارك لهم حضور هذا الشهر العظيم، ودعا لهم وللجميع بالتوفيق والتقوى. ثم استعدّ للإجابة على أسئلة الفضلاء والحضور ومناقشتها معهم، فكان أصل البحث العلمي في الجلسة الأولى من شهر رمضان المبارك حول اختلاف الافق وطول النهار في بعض البلدان والمناطق كالبلاد الأوروبية، وكيفية الصوم في تلك النقاط من العالم. فسأل أحد الفضلاء من سماحة المرجع الشيرازي دام ظله قائلاً: يكون النهار في بعض البلاد طويلاً، خصوصاً في فصل الصيف حيث يكون طول النهار 21 ساعة أو أكثر، فكيف يصوم أهل تلك البلاد ؟ أجاب سماحته: في البلاد التي يكون فيها النهار غير متعارف كما إذا كان أكثر من 18 ساعة فإن أهل تلك البلاد يصومون حسب أفق البلاد المتعارفة مثل العراق أو إيران. وذلك بأن يصوموا حسب فجرهم ويفطروا بعد مضي ساعات نهار كربلاء المقدسة - مثلاً - وإنّما حدّدناه بأن يكون أكثر من 18 ساعة، لأن النهار المتعارف في البلاد المتعارفة قد يصل ساعات النهار فيها إلى ما يقرب من 18 ساعة]. أقول: ليلاحظ الجميع أنّ سبب التحديد ليس بالاستناد إلى آية أو رواية، إنما قوله إنّ هذا هو المتعارف !! [وسئل سماحته: لماذا خصّصتم غير المتعارف بكونه أكثر من 18 ساعة ؟ قال سماحته: إنّ منشأ الخلاف هو: هل ان موضوعات الأحكام لها إطلاق، وهل تشمل المتعارف وغير المتعارف، أم تخصّ المتعارف فقط ؟ على سبيل المثال: قوله تعالى: «أَتِمُّواْ الصِّيامَ إِلَي الَّليلِ»، فهل المقصود إدامة الصيام إلى الليل، وهو كل نهار وكل يوم متعارف أم غير متعارف، أم أنه يشمل المتعارف فقط ؟ وما الحكم في بعض مناطق الكرة الأرضية التي تكون ستة أشهر فيها نهاراً، وستة أشهر ليلاً ؟ أو بالعكس، فإن في بعض المناطق يكون النهار فيها في فصل الشتاء ثلاث أو أربع ساعات، فهل يصوم أهل تلك المناطق ثلاث أو أربع ساعات فقط ؟ إنه لأمر مضحك أن يصوم الإنسان ثلاث أو أربع ساعات في اليوم فقط، فإنه مخالف لحكمة الصوم، فإن بعض الراويات تقول: «جعل الصيام ليتحسّس الغني بجوع الفقير وعطشه». فلابد من أن يكون المقصود من النهار هو المتعارف، لا الطويل جدّاً ولا القصير جدّاً، وقد اتفق الفقهاء جميعاً على ان الاحكام كلّها مترتبة على الأمور المتعارفة، فتقدير الكرّ بالشبر، والنزح بالدلو يعني: الشبر المتعارف، والدلو المتعارف، وهكذا. وعليه: فإن الأصل العام هو المتعارف، لأن الناس سيقعون في الحرج إذا طالت مدّة الصيام إلى 21 ساعة. وحتى أهل تلك المناطق يعلمون أن هكذا مدة (21 ساعة) هي مدّة غير متعارفة، لأن طول النهار في تلك المناطق في بعض فصول السنة يكون أربع ساعات، وأحياناً عشر ساعات. ولكن في البلاد المتعارفة يصل طول النهار أحياناً إلى ما يقرب من 18 ساعة]. أقول: لاحظ الجميع طبيعة الاستدلال الذي قدّمه المرجع على عدم اعتبار اليوم ذي الثلاث ساعات يوماً في الصيام، وهو: إنّ مثل هذا الاعتبار أمر مضحك !! ثم إنّ الحكمة (في الرواية) التي قدمها تبريراً لصنيعه، أمر غريب فعلاً، فهل يفتي السيد الشيرازي ببطلان صيام من لا يجوع أثناء صيامه في غير المناطق القطبية باعتبار أنّ مدار الصحة بنظره هو الجوع !!. [وسئل سماحته: لماذا يجب أن يكون بداية الصيام في تلك المناطق من أول فجر المناطق ذاتها ؟ أجاب سماحته: قال الله تعالى في كتابه الكريم: «كلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّى يتَبَينَ لَکُمُ الْخَيطُ الأَبْيضُ مِنَ الْخَيطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ»، فلا إشكال أن يكون الإمساك من بداية النهار ومن أول الفجر، لأن الفجر يعني النور الذي يشع باقتراب الشمس من الأفق، وهذا العنوان حاله كحال «الغروب» لا يعدّ غير متعارف، وأما «اليوم» فهو غير المتعارف وكذلك «الليل». وعقّب سماحته موضّحاً أيضاً: إن الأدلة كقوله تعالى: «أَتِمُّواْ الصِّيامَ إِلَي الَّليلِ» منصرفة إلى اليوم والنهار الكامل المتعارف. ولذلك إن كان طول النهار 19 أو 20 ساعة فسيكون غير متعارف، وفي غير المتعارف يجب أن يكون الصيام بالمقدار المتعارف]. طيب، هل الله سبحانه أو خلفاؤه الكرام قالوا لكم إنّ اليوم ينصرف فقط إلى ما كان مقداره 18 ساعة، بحيث ان من كان نهاره عشرين ساعة يصوم بمقدار 18 ساعة ويفطر قبل ساعتين من مغيب الشمس ؟؟ هل بيّنوا ذلك ثم أنتم أفتيتم على ضوء كلامهم ؟! الجواب: لا، إذن ماذا سنقول عن هذا القول الذي أبداه المرجع الشيرازي ؟ أكيد نقول عنه رأي وظن واحتمال منه هو، بل وهم قدمه لمقلديه وأفتى على ضوئه. وما يؤكد ذلك أكثر، وجود الآراء الأخرى التي اقترحها بقية المراجع، وقد عرفنا فيما سبق أنّ السيد السيستاني اكتفى بصيام يوم قدره عشرة دقائق فضلاً عن الأربع ساعات. يكمل السيد الشيرازي فيقول: [وخلاصة القول: هنا مسألتان: الأولى: في الصيام متى يجب الرجوع إلى النهار المتعارف ؟ الجواب: عندما يكون النهار غير متعارف، أي إذا كان النهار ثلاث أو أربع ساعات، أو بالعكس بأن كان النهار أكثر من 18 ساعة كما لو كان 21 ساعة أو أكثر، يعني ان المناطق التي يكون النهار فيها الآن 21 ساعة، ففي فصل الشتاء يكون النهار ثلاث ساعات، بحيث إن الشمس لا ترتفع حتى إلى وسط السماء، وتشرق من زاوية، وبمجرد أن ترتفع قليلاً تغرب من زاوية اُخرى قريبة لزاوية طلوعها. الثانية: في المناطق التي يكون النهار فيها غير متعارف كم ساعة يجب أن يكون الصيام ؟ الجواب: يشرع بالصيام من فجر تلك المناطق وبمقدار ساعات نهار إحدى المدن الإيرانية أو العراقية أو مدن الحجاز. لنفرض أن مدّة صيام أهل المناطق التي يكون النهار فيها متعارفاً هو 15 أو 16 أو 17 ساعة، فيكون الصوم بحسب طلوع فجرهم من حيث الإمساك بأن يمسك قبله ولكن يفطر بعد مضي تلك الساعات، مخيّراً بينها بأن يختار ساعات يوم كربلاء المقدّسة مثلاً]. هذا رأي يقترحه السيد الشيرازي، والدليل على أنه مجرد رأي وظن منه: أولاً: عدم الدليل عليه كما رأينا. وثانياً: سبق أن استعرضنا آراء وظنون أخرى اقترحها مراجع آخرين، كان منها: القياس على أقرب بلد إليه، أو القياس إلى أقرب معتدل إليه، أو القياس الى موطنه السابق، وغيرها من الاراء التي عرضنا فيما مضى. وهذا يكشف لك فقدانهم للدليل الشرعي وإلا لما رأينا هذه الاقتراحات التي لا تنتهي. ثالثاً: إنّ السيد الشيرازي نفسه ينقل عن أحد المراجع قبوله بالتقدير الذي هو رفضه، إذ يكمل كلامه السابق فيقول: [كان لي حديث مع أحد المرحومين من المراجع، قبل وصوله للمرجعية، بأنه: ما الحيلة في الأيام التي يكون النهار فيها ثلاث أو أربع ساعات ؟ فقال: علينا أن نصوم تلك الثلاث أو الأربع ساعات. قلت له: أليس مضحكاً أن يقال لكم أمسكوا عن المفطرات لمدّة ثلاث ساعات أو أربع ؟ وكون هذا الأمر مضحكاً يعني أنه غير متعارف. وانبرى أحد الفضلاء وسأل من سماحة المرجع الشيرازي دام ظله قائلاً: بما إن الإسلام هو دين عالمي، ودين لكل الأزمنة وإلى يوم القيامة، لكنه لا توجد آية أو رواية تشير إلى ذلك، كما إن الفقهاء قد اختلفوا في هذا المجال ؟ أجاب سماحته: أولاً: لم تكن هذه المسألة حينها محل ابتلاء. وثانياً: جاء في الروايات الشريفة عن أهل البيت صلوات الله عليهم: »علينا إلقاء الأصول وعليکم التفريع«، وإن اختلاف فتاوى الفقهاء هو في اختلاف استظهارهم منها، والاختلاف مسألة طبيعية، كمسألة اختلاف الأطباء في بعض المسائل الواضحة. وقد أرجع الفقهاء الاختلاف إذا كان مرتبطاً بالموضوعات الخارجية في أي مورد كان، أرجعوه إلى المتعارف. فعلى سبيل المثال: تكرّر في «الجواهر» كلمة: «عرفاً» أو «المتعارف» كثيراً، ولكن لم يوجد في الروايات الشريفة أثر لها]. أقول: من قال إنّ التفريع المأذون به في الرواية يعني تبرع المجتهد باقتراح ظني وتقديمه إلى الناس بعنوان أنه حكم شرعي، ويتبرع غيره بتقديم ظن آخر، وهكذا تتحول الشريعة بنظرهم إلى مجموعة ظنون واقتراحات ينطح بعضها بعضاً كما هو حاصل اليوم !! ثم إذا كان الشيرازي وغيره يرون أنّ المسألة لم تتعرض لها النصوص الشرعية بالخصوص سواء كانت آيات أو روايات، (ويرى أنّ أول من اقترحها هو صاحب العروة الوثقى كما سيأتي في كلامه)، فمن كلّفهم إذن بإبداء ظنونهم واقتراحاتهم وتصويرها دين مقدس يجب على مقلديهم الأخذ به رغم اختلاف تلك الظنون بل تناقضها أحياناً كثيرة ؟! ولا أقل من اعتبار مثل تلك المسائل شبهة لا يعرف القول الحق فيها، وقد أمر الأئمة الطاهرون شيعتهم بالوقوف عند الشبهات كما هو معلوم في رواياتهم الشريفة. [وسأل أحد الفضلاء الحضور من سماحة المرجع الشيرازي وقال: قد يكون سبب تعجّبنا أو استغرابنا من القول بصيام ثلاث أو أربع ساعات في المناطق التي يكون النهار فيها ثلاث أو أربع ساعات، هو لأننا لم نأنس ذلك، فلو أن هذا القول كان هو جواب رسول الله صلى الله عليه وآله لمن استفسر عن ذلك لكان متعارفاً ؟ أجاب سماحته: الصوم أوجبه الله تعالى علينا في النهار، والنهار من حيث عدد الساعات مختلف على ثلاثة أقسام، وشمول الإطلاق لكل هذه الأقسام الثلاثة غير متعارف ..... وسأل أحد الفضلاء الحضور قائلاً: ماذا سيكون المتعارف بالنسبة إلى الصلاة في المناطق التي يكون النهار فيها ستة أشهر، والليل ستة أشهر، هل سيكون المتعارف خلال السنة الواحدة هو الصلوات الخمس ليوم واحد ؟ قال سماحته: ذكر هذه المسألة في العروة ولم تطرح من قبل، ووافق عليه أكثر العلماء وقبلوا هذا القول من صاحب العروة، إلاّ اثنين حيث خالفا. واستمر السائل بقوله: كيف تكون الصلاة لمن يعيشون في هذه المناطق ؟ أجاب سماحته: يقيمون الصلاة حسب المناطق المتعارفة، أي يقسمون خمس صلوات على 24 ساعة، ولذلك فإنه لا يمكن عدّ اُفق تلك المناطق ملاكاً، ولا يشمله الإطلاق. ولذا قال بعض الفقهاء كالمرحوم الشيخ في مسألة رؤية الفجر، في قوله سبحانه: «حَتَّي يتَبَينَ لَکُمُ الْخَيطُ الأَبْيضُ مِنَ الْخَيطِ الأَسْوَدِ» إنه إذا كان لشخص ما عين غير متعارفة وقويّة كعين «زرقاء اليمامة» التي كانت ترى الشيء من بُعد أربعة فراسخ، فإن مثل هذا الشخص قد يرى الفجر قبل الجميع بنصف ساعة، فهل عليه أن يمسك قبل الجميع ؟ أو يعمل بالمتعارف عليه ؟ وكذلك إن كانت عين أحد الأشخاص ضعيفة، فهل يمسك بعد إمساك الجميع بنصف ساعة لأنه يرى الفجر بعد مرور نصف ساعة من رؤية باقي الناس، ولا أحد يسمح لنفسه أن يقول له: أمسك بعد إمساك الجميع، مع ان الآية الكريمة تقول: «حتى يتبيّن لكم»، وهذا الشخص من المسلمين ولم يتبيّن له. إلاّ أنه لم يقل له أحد من الفقهاء ذلك مما يعلم بأن هذا الملاك هو الذي عمل به الفقهاء جميعاً. وأضاف سماحته: دلوك الشمس يعني وصول الشمس إلى قمة الرأس، بينما في المناطق التي نهارها ثلاث أو أربع ساعات لا ترتفع الشمس فيها إلى قمة الرأس، بل الشمس بعد شروقها من زاوية ترتفع قليلاً وتغرب في زاوية اُخرى دون أن تصل إلى قمة الرأس، وفي بعض المناطق بعد أن تطلع الشمس ترتفع بمقدار قليل جدّاً وتتحرّك بين الآفاق وتغرب في الاُفق بنفس الزاوية، ولا ترتفع ولا تصل إلى وسط السماء، ويكون النهار الواحد في تلك المناطق بمدة ستة أشهر من شهورنا المتعارفة، وكذلك بالنسبة لليل في تلك المناطق فإنه يكون الليل الواحد بمقدار ستة أشهر فلا يكون لهم دلوك أصلاً، ومع هذا كله لم يقل الفقهاء: بما أنه لا يوجد دلوك فلا تجب عليهم الصلاة]. أقول: المفروض أننا لم ننسَ ما قاله السيد محمد سعيد الحكيم بان من اليسير جدا معرفة الزوال في مناطق نهارها اقل من النهار الذي يرفض الشيرازي إمكانية تحقق الزوال فيه. [وسأل أحد الفضلاء أيضاً: في المناطق التي نهارها 20 ساعة، فهل على أهل تلك المناطق أن يصلّوا فريضة المغرب أو العشاء مثلاً في النهار على أساس حساب المقدار المتعارف للمدن الاُخرى ؟ أجاب سماحته: هذا هو أصل بحثنا العلمي، ولكن في مقام الفتوى قد يوجد حل في بعض الموارد، وفي بعضها لا يوجد حلّ. وهناك حلّ بالنسبة إلى الصلاة وهو ان على من يعيش في الآفاق غير المتعارف نهارها أن يصلّوا بوقت الصلاة بحسب شروقهم وغروبهم حتى وان تأخر مثل صلاة المغرب والعشاء عن نهار البلاد المتعارفة، فإنه يجب عليهم أن يؤخّروا وقت أداء فريضتي المغرب والعشاء إلى ليلهم كي تطابق الوقت الشرعي مع اُفق بلدهم]. لا أعرف وجهاً شرعياً يبيِّن لنا الفرق بين مقامي البحث والفتوى كما هو نهج الكثير من المراجع اليوم، فتراه يفتي بغير النتيجة التي توصل إليها في بحثه العلمي والشرعي المزعوم، والحال أنّ بحثه إن كان فعلاً بحثاً علمياً ومبني على ضوء الأدلة الشرعية، فلماذا يسمح لنفسه أن يفتي بخلافه ؟!! ولكن الحقيقة، إنه يعرف قبل غيره أن بحثه - ولا أقل في أغلبه - عبارة عن ظنون في ظنون، ومثله ما يفتي به. [إذن، بما أن هذه الألفاظ منصرفة إلى المتعارف، فيجب العمل بالمتعارف. وإذا صار المتعارف هو الملاك، وكان باستطاعة الشخص أن يصوم 20 ساعة، فإنه يجوز له أن يصوم النهار كله وهو الأحوط استحباباً. أما إذا لم نقل بذلك، فإنّ علينا أن نقبل أحد الأمرين التاليين اللذين قال به بعض: 1ـ يجب عليهم الهجرة من تلك المناطق، ولا يجوز لهم البقاء فيها. 2ـ أن نقول لهم: لا تصوموا في مثل هذه الأيام، واقضوا ذلك في الأيام القصيرة. لكن كلا الأمرين فيهما إشكال واضح]. وهذا رابط الكلام: http://www.alnoor.se/article.asp?id=161889 إنّ هذا النموذج من الاستدلال الذي (ينتج الفتاوى) لم يختص به السيد الشيرازي بكل تأكيد، فحال الاخرين ليس بأحسن من هذا. ومن ثم فمن الطبيعي جداً أن يكون الطعام الذي تنتجه هذه المعامل (التي استعيض بها عن خلفاء الله) فاسداً ومسموماً؛ لأنه مطعّم بهوى وظنون واحتمالات نهى الله تعالى عنها، ولهذا كانت سبباً في تشتيت الأمة وتمزيقها بل حملها على رفض دعوة الحق التي لا ينصرها إلا قلة مستضعفة كان من صفتها أنها كالملح في الزاد وكالكحل في العين، كما نص آل محمد ص على ذلك بعشرات الروايات، ولكن ما أكثر العبر وأقل المعتبرين. * * * حكم الله .. كما بينه السيد أحمد الحسن ع: عن أمير المؤمنين ع في وصيته لكميل بن زياد، قال: (يا كميل، لا غزو إلا مع إمام عادل، ولا نفل إلا من إمام فاضل. يا كميل، هي نبوة ورسالة وإمامة، وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو مبتدعين، إنما يتقبل الله من المتقين. يا كميل، لا تأخذ إلا عنا تكن منا) [وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص30]. وعن عبيدة السلماني قال: سمعت علياً ع يقول: (يا أيها الناس، اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون فانّ رسول الله ص قد قال قولاً آل منه إلى غيره، وقد قال قولاً من وضعه غير موضعه كذب عليه، فقام عبيدة وعلقمة والأسود وأناس معهم فقالوا: يا أمير المؤمنين، فما نصنع بما قد خبرنا به في المصحف ؟ فقال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد) [وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص26]. ولأنّ قائم آل محمد ويمانيهم ص فرع وغصن طاهر من تلك الشجرة المباركة التي طهرها الله وأذهب عنها كل رجس، ولأنّ صاحب راية الهدى يعرف بسؤاله عن الحلال والحرام، كان للسيد أحمد الحسن ع جواب على ذات السؤال الذي أجابه المتخطبون فيما سبق، وهذا نص السؤال والجواب: [س10/ الصلاة في القطب والأماكن التي لا تشرق بها الشمس لفترة من الزمن، أو التي تشرق بها الشمس لفترة من الزمن دون أن تغيب، أو التي تشرق بها لفترة وجيزة ... الخ، كيف تكون ؟ ج/ بالنسبة للصلاة في الأماكن المذكورة: إنْ تميَّز عنده شروق وغروب صحيحان كليان، أي مع ظلام وضوء وفجر صادق، فيعمل بحسبهما كما مبيَّن في الشرائع. وإن تميَّز عنده شروق وغروب ولم يتميَّز عنده ظلام وضوء (فجر صادق) قبل الشروق، فصلاة المغرب وقتها غروب الشمس، وصلاة الفجر وقتها من ساعة ونصف قبل شروق الشمس إلى شروقها، هذا إن كان وقت الليل أو غياب الشمس أكثر من ساعة ونصف. أما إن كان وقت الليل أو غياب الشمس ساعة ونصف أو أقل، فصلاة الفجر وقتها يمتد من بعد الغروب وما يكفي لأداء صلاتي المغرب والعشاء إلى ما قبل شروق الشمس، والإمساك وقته إلى ما قبل شروق الشمس ولو بلحظة سواء كان غروب الشمس ساعة أو عشر ساعات. وإن لم يتميَّز عنده شروق وغروب: فهو إما يكون ليلاً مستمراً أو نهاراً مستمراً 24 ساعة، وفي كلا الحالين يقسم الوقت إلى 12 ساعة نهاراً و12 ساعة ليلاً. أما كيف يحددهما، أي حدود كل 12 ساعة ؟ ففي النهار المستمر يمكنه أن يحدد منتصف النهار لليوم من أعلى نقطة لقرص الشمس خلال ذلك اليوم، فتكون هذه النقطة هي منتصف النهار أي منتصف ألـ 12 ساعة. أما إن كان ليلاً مستمراً أي أنه لا يوجد شروق للشمس فيكون الوقت الأكثر إضاءة هو منتصف النهار، أي منتصف الـ 12 ساعة. وهذا منتصف النهار هو وقت الزوال أي يصلي فيه الظهرين. فوقت صلاة الفجر يمتد من قبل الشروق المفروض بساعة ونصف إلى الشروق. ويصلي المغرب عند وقت الغروب المفروض. والصيام يعتمد على وقتي طلوع الفجر والغروب أو وقتي صلاة الفجر وصلاة المغرب] الأجوبة الفقهية - الصلاة. والجواب واضح في بيان أنّ الصلاة في تلك المناطق يكون على ثلاث حالات تعتمد على وجود الشروق والغروب الصحيحين الكليين (أي اللذين يصاحبان وجود ظلام وفجر صادق قبل شروق الشمس)، والحالات هي: الأولى: أن يتميَّز لدى المكلف شروق وغروب صحيحان كليان، وفي هذه الحالة يكون العمل على طبق الأحكام المبينة في كتاب (شرائع الإسلام: ج1) ، أي: إنّ وقت صلاة الفجر: ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس. ووقت صلاة الظهرين: ما بين زوال الشمس إلى غروبها، وتختص صلاة الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها، وكذلك العصر من آخره. ووقت صلاة العشائين: ما بين غروب الشمس إلى انتصاف الليل، وتختص صلاة المغرب من أوله بمقدار ثلاث ركعات، ثم تشاركها صلاة العشاء حتى ينتصف الليل للمختار وإلى طلوع الفجر للمضطر. وتختص صلاة العشاء من آخر الوقت بمقدار أربع ركعات. وبالنسبة إلى الصيام، فيجب على المكلف أن يمسك نهاره من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. الثانية: أن يتميَّز لدى المكلف شروق وغروب ولكنهما ليس صحيحين كليين، (أي لا يصاحبهما ظلام وفجر صادق قبل الشروق)، وهنا صورتان: الصورة الأولى: أن يكون طول الليل أكثر من ساعة ونصف، وفي هذه الصورة يكون وقت صلاة المغرب عند غروب الشمس، وهو وقت الإفطار أيضاً. وأما صلاة الفجر فتكون قبل شروق الشمس بساعة ونصف إلى وقت شروقها، فلو فرض أن شروق الشمس يكون في تلك المناطق في الساعة (7:00) صباحاً، فهذا يعني أنّ بداية وقت الصلاة والإمساك يكون في الساعة (5:30) صباحاً. الصورة الثانية: أن يكون طول الليل ساعة ونصف أو أقل، وفي هذه الصورة يكون غروب الشمس وقتاً لصلاة المغرب والإفطار. وأما وقت صلاة الفجر فيكون بعد الغروب وما يكفي لأداء صلاتي المغرب والعشاء إلى شروق الشمس، بمعنى أن الغروب في تلك المناطق لو كان في الساعة (4:00)، ويحتاج المكلف إلى عشر دقائق لأداء صلاتي المغرب والعشاء، فهذا يعني أنّ وقت صلاة الفجر يكون بين الساعة (4:10) إلى شروق الشمس، وهو بحسب المثال يكون في الساعة (5:30) فما دون. وأما الإمساك فيكون وقته قبل طلوع الشمس ولو بلحظة. وأما وقت الصلاة فتكون عند الزوال في الصورتين. الثالثة: أن لا يتميَّز لدى المكلف شروق وغروب، وهنا صورتان أيضاً: الصورة الأولى: أن يكون الحال نهاراً مستمراً، وهنا يقسم الوقت بالانتصاف، فيكون لكل من النهار والليل 12 ساعة. أما كيف يحدد الأوقات ؟ الجواب: بتحديد وقت الزوال، ووقته يكون عند صيرورة قرص الشمس في أعلى نقطة في السماء في ذلك اليوم، فلو فرض أنّ ذلك يكون في الساعة (12:00) ظهراً، فسيكون الشروق المفترض للشمس قبله بست ساعات تقريباً، أي في الساعة (6:00) صباحاً، ويكون وقت طلوع الفجر (لبداية صلاة الفجر والإمساك) قبل الشروق المفروض بساعة ونصف، أي في الساعة (4:30) صباحاً إلى وقت شروقها أي الساعة (6:00) صباحاً. وأما وقت الغروب المفروض فسيكون بعد وقت الزوال بست ساعات تقريباً، أي في الساعة (6:00) مساء، وهو وقت لصلاة المغرب والإفطار أيضاً. الصورة الثانية: أن يكون الحال ليلاً مستمراً، وهنا يقسم الوقت بالانتصاف أيضاً، فيكون لكل من الليل والنهار 12 ساعة. أما كيف يحدد الأوقات ؟ الجواب: بتحديد وقت الزوال أيضاً، ووقته يكون في الوقت الأكثر إضاءة من الليل، فتلك النقطة منه تكون هي الزوال، وما بعدها بست ساعات تقريباً يكون وقت الغروب المفروض، وما قبلها بست ساعات تقريبا يكون وقت الشروق المفروض، وما قبله بساعة يكون وقت صلاة الفجر إلى وقت الشروق المفروض، كما تقدم بيانه في الصورة السابقة. وواضح لكل منصف، إنّ هذا الجواب المحكم من قائم آل محمد ص: 1- لا يشذ عنه فرض من الفروض التي يمكن حصولها في تلك المناطق، فكل فرض يحصل هناك يندرج تحت حالة من تلك الحالات الثلاث، ومن ثم يمكن معرفة الحكم الإلهي المختص بها. في حين لم نجد نصاً لعالم (سواء كان سنياً أم شيعياً) يتضمن مثل هذا. 2- إنه بيان للحكم الإلهي بشكل يحافظ على واجبينِ مهمَينِ بنظر الإسلام وهما الصيام والصلاة، وليس كما رأيناه في فتاوى بعض العلماء الذين تبرعوا وأسقطوا الفريضتين معاً أو أحدهما عن سكان تلك المناطق. 3- كما أنه بيان لا يتصادم مع يسر الشريعة وسماحتها، بخلاف الكثير من الفتاوى السابقة التي أوجب أصحابها على سكان تلك المناطق الهجرة منها وتركها وإخلائها، بحجة عدم إمكان تطبيق فرائض الله فيها !! 4- وضوح الجواب وقطعيته، بمعنى أنّ صاحبه ع لم يورده بنحو الاحتمال والتردد أبداً، كما رأيناه في الفتاوى التي ساق أصحابها الحكم في الكثير منها بنحو الاحتمال مرة، أو التردد والإشكال أخرى، حتى سمعنا بعضهم يقول: هذا أرجح أو أحوط، وبعض يقول في المشروعية إشكال، وثالث يطرحها بنحو (يمكن أن يقال) وما شابه. والخلاصة: إننا قرأنا ما أفتى به علماء المسلمين، ورأينا عمق الاختلاف وتعدد الآراء فيها، مع أنهم لم يتعرّضوا إلى جميع فروض المسألة (مورد البحث)، ولا أنّ كلَّ واحد منهم أفتى بكل فرض أفتى به الآخر، وإلا لكانت الآراء الثلاثين التي عرفناها أربعين بل أكثر ربما، هذا فقط بالنسبة لمن تعرضنا لفتاواهم في هذه الرسالة. وإلى جميع من يدعي علماً أقول: هل بوسع واحد منهم - أو من أتباعهم - أن يؤشر على ثغرة واحدة ينطوي عليها جواب القائم السيد أحمد الحسن ع، كما عرّت الثغرات والهفوات لباس فتاواهم التي لا تعدو أن تكون مجرد آراء وتخرصات في دين الله !! بانتظار إجابة واحد منهم إن كان لديه جواب، أو يلوذ جميعهم بالصمت كعادتهم !! عن يونس بن ظبيان، عن الصادق ع في حديث قال: (لا تغرنك صلاتهم وصومهم وكلامهم ورواياتهم وعلومهم فإنهم حمر مستنفرة، ثم قال: يا يونس إن أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فانا ورثنا وأوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب ..) [وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص72]. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
Footers

[1] . لست في هذه الرسالة بصدد استعراض الأدلة المزعومة من قبلهم في شرعية ما يفعلون، أو شرعية رجوع الناس إليهم وأخذ الفتاوى الظنية منهم، فذاك أوكله إلى دراسة أخرى، على أنّ المكتبة اليمانية المباركة ضمّت بين طياتها بعض الكتب القيمة في إبطال هذه المزاعم التي جعلت الأمة طرائق قدداً.