Subjects
Text
إصدارات أنصار الإمام المهدي ع/ العدد (103) رسـالـــة في روايـة " كتاب الله و سنتي " بقلـــم الشيخ ناظم العقيلي الطبعة الأولى 1431هـ - 2010 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. من المعلوم أن الرسول محمداً ص خيرة خلق الله، وقد جاء بالشريعة الكاملة إلى يوم الدين، التي لا يوجد فيها ثغرة لإبليس وجنده إن طُبقت كما يريد الله تعالى. ومن المعلوم أيضاً أن الرسول محمداً ص قد صح عنه أنه قال: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولية عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته...) ([1]). ولا يخفى أن راعي الأمة الصالح الحكيم الرحيم هو رسول الله محمد ص، وكل راع كما يحرص على حماية رعيته في حياته ووجوده بينهم، يكون حرصه أشد عندما يهم بالغياب عنهم، بمعنى أنه لابد أن يضع لهم ما يضمن سلامتهم وهدايتهم وعدم تفرقهم وتناحرهم، فإن أهمل ذلك كان مُضيِّعاً لرعيته مُقصِّراً في أداء مسؤوليته. والرسول محمد ص سيد الخلق، وحاشاه أن يكون مُقصِّراً أو مُضيِّعاً لرعيته، فلم يترك أمته هملاً بلا راع ولا قيِّم ليحفظهم من الضياع والاختلاف والفتن وليقيم الحجة على الجميع، بل نص في مناسبات عديدة على سبيل الخلاص والهداية للأمة من بعد وفاته ص، وأحد تلك النصوص ما أكد عليه في حجة الوداع وعند غدير خم ، حيث صرح بأن تركته وخلافته في أمته في شيئين اثنين لا غير (كتاب الله) و (عترته أهل بيته)، وأكد على ضرورة التمسك بهما، وإنهما لا يفترقان إلى يوم القيامة. وللأسف الشديد أصرَّ أكثر أبناء العامة (أهل السنة) على تغييب هذا النص والحق الـمُعطى من الله تعالى لعترة المصطفى ص، ولم يكتفوا بذلك بل راموا استبداله بنص آخر يهدف إلى استبدال كلمة (عترتي) بـ (سنتي)، لغايات مذهبية وتعصبية لا تمت إلى الصواب بصلة، حتى يغفل الناس عن العترة ودورهم، والتأمل في هذا الحديث الشريف الذي قاله الرسول محمد ص في آخر أيام حياته وهو ينظر بعين الرحمة والعطف على أمته التي يراها ستبقى بدونه، والأعداء يحيطونها من كل جانب، بل تغلغل المنافقون إلى داخل الأمة، وهم يتربصون بالمسلمين الدوائر. فتجد الناس تلهج بقولهم قال الرسول ص: (إني تركت فيكم كتاب الله وسنتي...)، غافلين أو متغافلين عن أن الصحيح أن الرسول ص قال في حجة الوداع وفي غدير خم: (إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي...)، والغرض من تحريف هذا القول أو إخفائه وغض النظر عنه، هو لكي يُزوى حق العترة ودورهم ومقامهم في خلافة الرسول ص، عن عامة الناس ويبقى في طيات الكتب، ويُروَّج للبديل وإن كان هزيلاً لا قيمة له في ميزان القوم ! كما يقول الشاعر: وعين الرضا عن كل عيب كليلة * * * كما أن عين السخط تبدي المساويا فنحن عندما نصِّر على لفظ (كتاب الله وعترتي أهل بيتي)، ليس لأننا نرفض سنة الرسول محمد ص - والعياذ بالله - بل لا دين عندنا سوى كتاب الله وسنة رسوله ص وقد اتبعنا الرسول ص حتى في كيفية أخذ السنة ومن أين نأخذها، كما أن الذين روّجوا للفظ (كتاب الله وسنتي) ليس لأنهم حريصون على إتباع السنة، بل لإخفاء فضل العترة - أهل البيت ص - ومصادرة حقهم في خلافة الرسول ص وإضفاء الخلافة الشرعية على غيرهم بدون دليل ولا برهان، فلا يخفى أن عترة المصطفى ص هم معدن السنة، وأعلم الأمة بها، وهم حفظتها والأدلاء عليها، وكما يقال: (أهل البيت أدرى بما فيه)، وليس الآن محل تفصيل ذلك. وما أريد أن أقوله في هذه الرسالة، هو دعوة صادقة لكل المسلمين أن يتدبروا كلامي بعين الإنصاف والتجرد عن كل تعصب لا أكثر، وما أنا إلا ناقل للحقائق والبراهين، ومن الكتب المعتبرة لأبناء العامة (أهل السنة)، فالقراءة والإطلاع وحدها لا تكفي لمعرفة الحقيقة، إذا كان الإنسان يحمل حكماً مسبقاً، أو كان يرى بعين قد اُستدِل عليها ستار التعصب وعدم الإنصاف، لكي لا يكون القارئ مصداقاً لقول الشاعر: ومن يكن ذا فم مر مريض * * * يجد مراً به الماء الزلالا وليكن همّنا هو إثبات نص قول الرسول ص في حجة الوداع، وكذلك عند غدير خم وغيرها من المواقف، بدون تحريف أو تبديل، فهل قال: (كتاب الله وسنتي) أم قال: (كتاب الله وعترتي) ؟ ولنجعل الدليل العلمي والأخلاقي أمامنا لنستضيء به، لا أن نجعله خلفنا فنتيه في صحراء الجهل والفتن - والعياذ بالله - ولنتناسى تراثنا ولنقبل على الحق والحقيقة بصدور رحبة مهما كانت النتائج، فمن وجد الله لا يهمه إن ضيَّع كلَّ ما سواه، كما يقول سبط الرسول، الحسين ع في مناجاته: (ماذا وجد من فقدك، وماذا فقد من وجدك ؟). وبما أن العامة (أهل السنة) يعتمدون في الأخذ بالأحاديث على صحة الإسناد، وتتبع أحوال الرواة، وما قاله أئمة الجرح والتعديل فيهم، فسنلزمهم بذلك، وسنحاسب كل من الرواية التي بلفظ (كتاب الله وسنتي) والرواية التي بلفظ (كتاب الله وعترتي) بهذا المنهج، لنرى ما هي الرواية الصحيحة والمعتمدة ؟ أولاً: (كتاب الله وعترتي): أوصى الرسول محمد ص بعترته أو أهل بيته في عدة مناسبات، يهمني الآن اثبات اثنين منها فقط: المناسبة الأولى: في حجة الوداع يوم عرفة: عن جابر بن عبد الله، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: (يا أيها الناس إني تركت فيكم من [ما] إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي). رواه الترمذي في صحيحه: ج5 ص327 – 328 ح3874. ورواه الطبراني في المعجم الأوسط: ج5 ص89. وأيضاً رواه الطبراني بهذا اللفظ في المعجم الكبير: ج3 ص66 برقم 2680. وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة: برقم 1761 وشهد بصحته. وأيضاً صححه في كتاب صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم 3786. ورواه زيد بن ثابت عن رسول الله ص ولكن بدون ذكر المكان والزمان، هكذا: عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض). رواه أحمد بن حنبل في مسنده: ج5 ص181 – 182. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 ص162 – 163، وقال: (رواه أحمد وإسناده جيد). ورواه جلال الدين السيوطي في الجامع الصغير: ج1 ص402 برقم 2631. ورواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج1 ص172 برقم 872. وذكره الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير: ج1 برقم 4222، وشهد بصحته. المناسبة الثانية: في غدير خم: عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن، ثم قال: (كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض, ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيدي علي فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه). رواه النسَّائي في فضائل الصحابة: ص15، وفي السنن الكبرى: ج5 ص45 برقم 8148، وفي خصائص أمير المؤمنين ع: ص93. ورواه الطبراني في المعجم الكبير: ج5 ص166. ورواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج1 ص187 برقم 953. ورواه الحاكم النيسابوري في المستدرك: ج3 ص109 – 110، وفيه: (... كتاب الله وعترتي...) بدون ذكر ( أهل بيتي)، وكذلك بعض الاختلافات البسيطة ولعلها تصحيف، وقال الحاكم عن هذا الحديث: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله * (شاهده) حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل أيضا صحيح على شرطهما...). وصححة الألباني في السلسلة الصحيحة: بعد أن صحح ذيله (من كنت مولاه فهذا علي مولاه...) برقم 1750. ورواه أيضاً مسلم في صحيحة، بسنده عن (يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم) بلفظ مختلف مع إثبات لفظ (... وأهل بيتي)، وليس لفظ (... وسنتي)، راجع صحيح مسلم: ج7 ص122 – 123، باب من فضائل علي ع. وروي أيضاً عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم بلفظ آخر، هكذا: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي; أحدهما أعظم من الآخر; كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما). رواه الترمذي في صحيحه: ج5 ص328 – 329 ح 3876. ورواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج1 ص173 برقم 873. ورواه عبد بن حميد بن نصر الكَسّي في منتخب مسنده: ص107 – 108 برقم 240. باختلاف يسير. وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: برقم 3788. ونجد أن بعض المسلمين دخل بينهم التشكيك بهذا الحديث - كحال البعض اليوم - كما يوحيه ما نقله الألباني عن ابن حنبل والطبراني والطحاوي، حيث قال: (... ثم أخرج أحمد (4/ 371) والطبراني (5040) والطحاوي من طريق علي بن ربيعة، قال: "لقيت زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج من عنده، فقلت له: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني تارك فيكم الثقلين (كتاب الله وعترتي) ؟ قال: نعم". وإسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح. وله طرق أخرى عند الطبراني (4969 - 4971 و 4980 - 4982 و 5040) وبعضها عند الحاكم (3/ 109 و 148 و 533). وصحح هو والذهبي بعضها...) راجع السلسلة الصحيحة للألباني ج4 في تعليقه على حديث رقم 1761. وأنا الآن لست بصدد الاستدلال بمضامين هذا الحديث، فهذا يحتاج بحثاً مستقلاً، وإنما بصدد إثبات أن الحديث بلفظ (كتاب الله وعترتي أو وأهل بيتي)، روي بأسانيد صحيحة عديدة وفي كتب صحيحة ومعتمدة ومشهورة، كصحيح مسلم، وصحيح الترمذي، وكتب النسّائي، ومسند أحمد بن حنبل وغيرها، بل اللفظ متواتر عن الفريقين وقطعي الصدور، وقد شهد بصحته حتى المتشددين كالألباني، كما تقدم بيانه باختصار. * * * ثانياً: (كتاب الله وسنتي): عُمْدة حجة من تمسك بهذا الحديث - بهذا اللفظ - هو ما رواه مالك مرسلاً في الموطأ، ووصله ابن عبد البر، وما أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك، وسأتعرض إلى أسانيد الحديث عند الحاكم وابن عبد البر، وأيضاً سأتتبع أسانيد غيرهما وإن كانت مرسلة كالذي أخرجه البيهقي وغيره، لكي لا تبقى حجة لمحتج ولا عذر لمعتذر. وسيتبين - إن شاء الله - مدى ضعف ووهن أسانيد هذا الحديث إلى درجة تثير الاستغراب مِن حال مَن يلهج به ويحاول ترويجه على أنه صحيح وثابت، في حين أنه غض النظر عن الحديث باللفظ الذي روي بعدة أسانيد صحيحة وفي كتب معتبرة. وقبل أن أشرع في نقد هذه الأسانيد المتهالكة في الضعف، أنبه على أمرين: الأول: أن الحديث بلفظ (كتاب الله وسنتي) لم يروَ في الصحيحين، بل ولا في الصحاح الستة، بل ولا حتى في مسند أحمد بن حنبل، ومسند أبي يعلى الموصلي، فهو مُعرض عنه ومتروك من قبل هؤلاء وغيرهم. ولو كان معتبراً ومقبولاً لنقلوه كما نقلوا حديث: (كتاب الله وعترتي، أو وأهل بيتي). الثاني: قد صرح بعض العلماء بغرابة الحديث بلفظ (... وسنتي)، كالحاكم النيسابوري في مستدركه بعدما نقل هذا الحديث حيث قال: (... وذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليها). وكذلك قال عنه أبو نصر السجزي ([2]) صاحب الإبانة: (غريب جداً)، حسب ما نقله عنه المتقي الهندي في كنز العمال ج1 ص187 – 188 برقم 955. والغريب - بالنسبة للمتن - هو: (ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها) ([3]). والآن نشرع في الوقوف على ضعف أسانيد الحديث بلفظ (كتاب الله وسنتي): أولاً: ما أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك: المستدرك للحاكم النيسابوري ج1 ص93: (حدثنا) أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أنبأ العباس بن الفضل الأسفاطي ثنا إسماعيل بن أبي أويس. (وأخبرني) إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني ثنا جدي ثنا ابن أبي أويس حدثني أبي، عن ثور بن زيد الديلي، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله ص خطب الناس في حجة الوداع فقال: (..... يا أيها الناس، إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه ص .......) وذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليها. أقول: سند هذا الحديث وان كان فيه (إسماعيل بن محمد بن الفضل بن الشعراني) الذي لم أجد له توثيقاً ولا تحسيناً بل ارتاب الحاكم النيسابوري في إدراكه الشيوخ، راجع ميزان الاعتدال للذهبي: ج1 ص247 – 248 برقم 939. وفيه أيضاً (عكرمة مولى ابن عباس)، متهم بالكذب وقلة العقل والدين، وإنه على مذهب الخوارج الحرورية، وكان يُكفر المسلمين ويتمنى قتلهم .. إلى غير ذلك مما نُقل عنه، تركه علماء كبار واحتقروه، راجع ترجمته المطولة في سير أعلام النبلاء للذهبي: ج5 ص12 – 19 برقم 9، تجد العجب العجاب .. اختار منها الآن جزءاً بسيطاً جداً مما قاله كبار العلماء عنه: (قال علي بن المديني: كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري. جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد، قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس، وعكرمة مقيد على باب الحش، قال: قلت: ما لهذا كذا، قال: إنه يكذب على أبي. مسلم الزنجي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم: أنه كان جالساً مع سعيد بن جبير، فمر به عكرمة ومعه ناس، فقال لنا سعيد: قوموا إليه واسألوه، واحفظوا ما تسألون عنه وما يجيبكم، فقمنا وسألناه فأجابنا، ثم أتينا سعيداً فأخبرناه، فقال: كذب. بشر بن المفضل، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم سألت عكرمة، أنا وعبد الله بن سعيد، عن قوله: (والنخل باسقات) قال: بسوقها كبسوق النساء عند ولادتها، فرحت إلى سعيد، فأخبرته، فقال: كذب، بسوقها: طولها. وقال مسلم بن إبراهيم، عن الصلت بن دينار، سألت ابن سيرين عن عكرمة فقال: ما يسوؤني أن يكون من أهل الجنة، ولكنه كذاب) انتهى. ويكفي أن علي بن عبد الله بن عباس قد ربطه عقوبة له؛ لأنه يكذب على أبيه، كما ذكر الذهبي عن يزيد بن أبي زياد أعلاه ! وقد ذكره الذهبي في ديوان الضعفاء والمتروكين ص278 برقم 2871 وقال عنه: (ثقة ثبت، وقد كذبه مجاهد وابن سيرين ومالك، وقيل كان يرى رأي الخوارج) انتهى. إلا أنه بغض النظر عن ذلك يكفينا الوقوف على ضعف (إسماعيل بن أبي أويس) الواقع في سند الحاكم أعلاه، وكذلك أبيه (أبو أويس عبد الله بن عبد الله) وسنختار بعض أقوال علماء الجرح والتوثيق فيهما عن كتب الذهبي: إسماعيل بن أبي أويس: ميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص222 – 223 برقم 854: (قال النسائي: ضعيف). (وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح). (وقال ابن عدي: قال أحمد بن أبي يحيى: سمعت ابن معين يقول: هو وأبوه يسرقان الحديث). (وقال الدولابي في الضعفاء: سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول: كذاب، كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب). (وقال العقيلي: حدثني أسامة الدقاق بصرى. سمعت يحيى بن معين يقول: إسماعيل ابن أبي أويس لا يساوي فلسين). (قلت: وساق له ابن عدي ثلاثة أحاديث، ثم قال: وروى عن خاله مالك غرائب لا يتابعه عليها أحد...) انتهى. أقول: وقد قيل بأنه مغفل ضعيف العقل ...، وتضعيف النسائي له مفسر وليس مبهماً، فلا يُعارض بمن حاول تحسينه أو تقويته، فقد قال النسائي عندما سئل عن سبب تضعيفه له: (قال لي سلمة: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم) راجع سير أعلام النبلاء للذهبي: ج10 ص391 – 395 برقم 108. فالرجل يعترف بلسانه أنه يزور الأحاديث ويضعها كذباً.. ليصلح بين المختلفين.. حسب زعمه !!! ورغم أن الذهبي اعترف له بالعلم إلا أنه اعترف أيضاً بأنه ناقص الحفظ والإتقان، ولا يخفى أن نقص الحفظ والإتقان قادح في الراوي؛ لأن الرواية تعتمد بالأساس على الحفظ والإتقان، بل قال عنه الذهبي أنه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤديه أو أنه يقرأ من غير كتابه، مفسراً بذلك قول يحيى بن معين عنه بأنه: (صدوق ضعيف العقل ليس بذاك)، راجع سير أعلام النبلاء للذهبي: ج10 ص391 – 395 برقم 108. فالرجل ضعيف سيء الحفظ والإتقان بل وضَّاع ... فكيف يمكن أن يُعتمد عليه ؟! فإن قيل بأن البخاري ومسلم قد رويا له وهذا كاف في توثيقه ! أقول: الضعيف ضعيف سواء روى عنه البخاري أم لم يرو، فليس كل من روى عنه البخاري أو مسلم فهو ثقة عدل، بل قد رويا عن الضعفاء والفساق والمدلسين والمنحرفين كالخوارج، وقد ضعَّف بعض العلماء كثيراً من روايات صحيحي البخاري ومسلم، كالألباني أو غيره، وهذا ثابت وإن أخفاه بعض العلماء عن عامة الناس وتستر عليه. فكلمات أئمة الجرح والتعديل بحقه قاسية جداً، ويكفي فقط قول يحيى بن معين عنه بأنه (لا يساوي فلسين)، وأقل ما يستفاد منه أنه لا قيمة له في النقل ولا يحتج به، ناهيك عن باقي تضعيف العلماء. وإن شاء الله سأخصص بحثاً مختصراً في أثبات ضعف بعض الروايات في صحيحي مسلم والبخاري، وبيان جملة من الرواة الضعفاء جداً الذين اعتمد عليهم البخاري ومسلم في صحيحيهما، ولا أخرج شيئاً من جيبي، بل سأثبت ذلك بأقوال كبار علماء العامة (أهل السنة) توخياً للإنصاف وإقامة الحجة وبيان الحق لطلابه، إن شاء الله تعالى. ومع ذلك لا نُخلي القارئ ولو من رواية واحدة: ففي صحيح مسلم ج7 ص171، باب من فضائل أبي سفيان: (حدثني) عباس بن عبد العظيم العنبري وأحمد بن جعفر المعقري، قالا: حدثنا النضر (وهو ابن محمد اليمامي)، حدثنا عكرمة، حدثنا أبو زميل، حدثني ابن عباس، قال: (كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، ثلاث أعطنيهن، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها. قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك. قال: نعم. قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: نعم. قال أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك؛ لأنه لم يكن يسأل شيئاً إلا قال نعم). أقول: أفرد مسلم في صحيحة باباً لفضائل أبي سفيان، ولم يذكر إلا حديثاً واحداً وهو السابق، ولكن الفرحة لم تدم، فقد صرح أبناء العامة قبل الشيعة بأنه منكر، لا يصح، موضوع، مخالف لإجماع المسلمين قاطبة ! فالحديث اليتيم يُبيِّن أن رسول الله ص قد تزوج بأم حبيبة بنت أبي سفيان بعد فتح مكة ! وهذا مخالف لما أجمع عليه المسلمون بأنه تزوجها قبل ذلك بكثير، ولأدع علماء العامة (أهل السنة) هم من يُضعّفون ويُنكرون هذا الحديث من صحيح مسلم، وأختار بعض أقوالهم من كتاب (تهذيب سنن أبي داود)([4]) لابن القيم الجوزية: تهذيب سنن أبي داود ص101 – 102: (..... وَقَدْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيث جَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ, وَعَدُّوهُ مِنْ الْأَغْلَاط فِي كِتَاب مُسْلِم, قَالَ اِبْن حَزْم: هَذَا حَدِيث مَوْضُوع لَا شَكَّ فِي وَضْعه, وَالْآفَة فِيهِ مِنْ عِكْرِمَة بْن عَمَّار, فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَلِف فِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا قَبْل الْفَتْح بِدَهْرٍ وَأَبُوهَا كَافِر, وَقَالَ أَبُو الْفَرَج بْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَاب الْكَشْف لَهُ: هَذَا الْحَدِيث وَهْم مِنْ بَعْض الرُّوَاة, لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا تَرَدُّد, وَقَدْ اِتَّهَمُوا بِهِ عِكْرِمَة بْن عَمَّار رَاوِيه, وَقَدْ ضَعَّفَ أَحَادِيثه يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ, وَقَالَ: لَيْسَتْ بِصِحَاحٍ, وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل: هِيَ أَحَادِيث ضِعَاف, وَكَذَلِكَ لَمْ يُخَرِّج عَنْهُ الْبُخَارِيّ, إِنَّمَا أَخْرَجَ عَنْهُ مُسْلِم لِقَوْلِ يَحْيَى بْن مَعِين: ثِقَة. قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ هَذَا وَهْم, لِأَنَّ أَهْل التَّارِيخ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أُمّ حَبِيبَة كَانَتْ تَحْت عُبَيْد اللَّه بْن جَحْش, وَوَلَدَتْ لَهُ, وَهَاجَرَ بِهَا وَهُمَا مُسْلِمَانِ إِلَى أَرْض الْحَبَشَة, ثُمَّ تَنَصَّرَ, وَثَبَتَتْ أُمّ حَبِيبَة عَلَى دِينهَا, فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيّ يَخْطُبهَا عَلَيْهِ, فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا, وَأَصْدَقَهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم, وَذَلِكَ سَنَة سَبْع مِنْ الْهِجْرَة, وَجَاءَ أَبُو سُفْيَان فِي زَمَن الْهُدْنَة فَدَخَلَ عَلَيْهَا, فَنَحَّتْ بِسَاط رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَا يَجْلِس عَلَيْهِ, وَلَا خِلَاف أَنَّ أَبَا سُفْيَان وَمُعَاوِيَة أَسْلَمَا فِي فَتْح مَكَّة سَنَة ثَمَان, وَلَا يُعْرَف أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا سُفْيَان. وَقَدْ تَكَلَّفَ أَقْوَام تَأْوِيلَات فَاسِدَة لِتَصْحِيحِ الْحَدِيث كَقَوْلِ بَعْضهمْ: ....). وبعد أن ساق كل تأويلاتهم، قال ابن القيم: (وَهَذِهِ التَّأْوِيلَات فِي غَايَة الْفَسَاد وَالْبُطْلَان, وَأَئِمَّة الْحَدِيث وَالْعِلْم لَا يَرْضَوْنَ بِأَمْثَالِهَا, وَلَا يُصَحِّحُونَ أَغْلَاط الرُّوَاة بِمِثْلِ هَذِهِ الْخَيَالَات الْفَاسِدَة, وَالتَّأْوِيلَات الْبَارِدَة, الَّتِي يَكْفِي فِي الْعِلْم بِفَسَادِهَا تَصَوُّرهَا, وَتَأَمَّلْ الْحَدِيث ....... فَالْحَدِيث غَلَط لَا يَنْبَغِي التَّرَدُّد فِيهِ وَاَللَّه أَعْلَم). وقد توسع ابن القيِّم الجوزية في مناقشة هذا الحديث في كتابه (جَلاءُ الأفهامِ)، وذكر كل محاولات القوم في تصحيح هذا الحديث، ورد عليها بالتفصيل، وقال في نهاية كلامه: (وبالجملة فهذه الوجوه وأمثالها مما يُعلم بطلانها واستكراهها وغثاثتها، ولا تفيد الناظر فيها علماً، بل النظر فيها والتعرض لإبطالها من مثارات العلم، والله سبحانه أعلم. فالصواب أن الحديث غير محفوظ بل وقع فيه تخليط، والله أعلم) ([5]). وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج7 ص137، في معرض كلامه عن عكرمة بن عمار: (قلت: قد ساق له مسلم في الأصول حديثاً منكراً، وهو الذي يرويه عن سماك الحنفي، عن ابن عباس، في الأمور الثلاثة التي التمسها أبو سفيان، من النبي صلى الله عليه وسلم). وأعتقد أن ابن القيِّم والذهبي قد كفونا مؤونة إثبات بطلان هذا الحديث الذي في صحيح مسلم، ولدينا مزيد نتركه إلى مناسبات أخرى. وبعد أن ثبت ضعف (أسماعيل بن أبي أويس)، نأتي الآن لنرى حال أبيه الذي روى عنه في سند رواية الحاكم النيسابوري المتقدمة. أبو أويس عبد الله بن عبد الله: وحال (أبي أويس) أيضاً لا يُحسد عليه عند علماء الرجال كأبنه (إسماعيل بن أبي أويس)، فقد ضعَّفه ووهّاه أكثر العلماء بل لا يوجد من نص على ثقته - حسب تتبعي - وإليكم أقول العلماء عن ميزان الاعتدال للذهبي ج2 ص450 برقم 4402: (عبد الله بن عبد الله "عن، م تبعا" بن أبي عامر، أبو أويس المدني. عن الزهري، وغيره. وعنه ابنه إسماعيل بن أبي أويس). (قال أحمد ، ويحيى: ضعيف الحديث). (وقال يحيى - مرة: ليس بثقة. وقال - مرة: لا بأس به). (وقال - مرة: صدوق، وليس بحجة. وقال أحمد أيضاً: ليس به بأس). (وقال ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفاً). (وقال النسائي وغيره: ليس بالقوى). (وقال أبو داود: صالح الحديث). (وقال ابن معين أيضاً: هو مثل فليح، في حديثه ضعف). (وهو دون الدراوردي، وليس بحجة، هذه رواية معاوية عن ابن معين ...) انتهى. أضف إلى ما تقدم فو كابنه نسب إلى الوهم وسوء الحفظ، وإن كان متديناً، حسب ما نقله ابن حجر العسقلاني عن ابن عبد البر، في ترجمة (أبي أويس)، في كتابه (تهذيب التهذيب) ج5 ص245 – 247 برقم 477: (وقال ابن عبد البر لا يحكي عنه أحد حرجة في دينه وأمانته وإنما عابوه بسوء حفظه وإنه يخالف في بعض حديثه). إذن فالرجل ضعيف، ولا يحتج بحديثه، ودون توثيقه خرط القتاد. والآن نأتي إلى الوقوف على حال رواية الحاكم الثانية، والتي ساقها كشاهد لروايته الأولى: المستدرك للحاكم النيسابوري ج1 ص93: (وقد وجدت) له شاهداً من حديث أبي هريرة (أخبرنا) أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأ محمد بن عيسى بن السكن الواسطي، ثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا صالح بن موسى الطلحي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما؛ كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض). وهذا الحديث ضعيف أيضاً بـ (صالح بن موسى الطلحي) وسنأتي على ذكر طعن وتضعيف العلماء له من كتاب ميزان الاعتدال للذهبي ج2 ص301 – 302 برقم3831: (صالح بن موسى ..... الطلحي. كوفي ضعيف. يروى عن عبد العزيز بن رفيع). (قال يحيى: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه). (وقال البخاري: منكر الحديث). (وقال النسائي: متروك). (وقال ابن عدي: هو عندي ممن لا يتعمد الكذب). (قال أبو إسحاق الجوزجاني: ضعيف الحديث على حسنه). (وقال أبو حاتم: منكر الحديث جداً عن الثقات). (وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد) انتهى. فالرجل مفروغ من ضعفه .. فلا نستأهل الكلام. ثانياً: ما رواه البيهقي المتوفي سنة 458 هـ، في سننه وفي دلائل النبوة: فقد روى البيهقي، في سننه الكبرى ج10 ص114 برقم 20124، رواية الحاكم النيسابوري الثانية بسند آخر عن (صالح بن موسى الطلحي) .. وقد تقدم قبل قليل الكلام فيه فلا أعيد. وأيضاً روى في سننه الكبرى ج10 ص114، رواية الحاكم الأولى وبنفس سند الحاكم .. وأيضاً تقدم الكلام في سندها فلا أعيد. يبقى الكلام عن ما رواه في كتابه (دلائل النبوة): فقد روى هذا اللفظ بسندين كلاهما ضعيف ومرسل، فاستمعْ لما يُتلى: دلائل النبوة ([6]) للبيهقي ج5 ص447 – 448: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو جعفر البغدادي، حدثنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد، حدثنا أبي، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، فذكر قصة حجة الوداع، قال: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الراحلة، وجمع الناس وقد أراهم مناسكهم، فقال: (يا أيها الناس اسمعوا ما أقول لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في هذا الموقف)، ثم ذكر خطبته، وقال في آخرها: (اسمعوا أيها الناس قولي؛ فإني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا أبدا أمرين بينين: كتاب الله وسنة نبيكم) وكذلك ذكره أيضا موسى بن عقبة بمعناه. أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا أبو بكر بن عتاب، حدثنا القاسم الجوهري، حدثنا ابن أبي أويس، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، فذكره إلا أنه قال: (لن تضلوا بعده أبداً أمراً بينا: كتاب الله، وسنة نبيه) انتهى. أقول: هذا الحديث مرسل؛ لأن (عروة بن الزبير) من التابعين وليس من الصحابة وقيل أنه ولد في خلافة عثمان بن عفان وقيل في نهاية خلافة عمر، ولم يَذكرْ عروة راوي الحديث عن رسول الله ص. والمرسل في الأصل ضعيف مردود؛ لأنه غير متصل السند، وبخصوص مرسل التابعي فهو (ضعيف مردود) عند جمهور المحدثين وكثير من أصحاب الأصول والفقهاء، لاحتمال أن يكون واسطة التابعي المحذوفة أيضاً تابعي آخر وليس صحابياً ([7]). وهذا الاحتمال وارد في (عروة بن الزبير)؛ لأنه ولد في نهاية خلافة عمر أو في خلافة عثمان ([8])، وهناك كثير من التابعين هم أكبر منه، فربما روى عن تابعي. وعلى أي حال فما دام الاحتمال قائماً، يكون هذا الحديث ساقطاً عن الاعتبار والاحتجاج، هذا أولاً. وأما ثانياً: فسند الحديث إلى عروة بن الزبير فيه (ابن لهيعة) وهو عبد الله بن لهيعة، وقد أفرط كثير من العلماء في تضعيفه وتوهينه، ولم يمدحه إلا نوادر لا يمكن أن يصمد كلامهم أمام أئمة الجرح والتعديل من المتقدمين والمتأخرين، واليكم أقوال العلماء في تضعيفه باختصار عن كتاب ميزان الاعتدال للذهبي ج2 ص475 – 483 برقم 4530: (عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي ...). (قال ابن معين: ضعيف لا يحتج به). (الحميدي، عن يحيى بن سعيد - أنه كان لا يراه شيئاً). (نعيم بن حماد، سمعت ابن مهدي يقول: ما أعتد بشيء سمعته من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك ونحوه). (ابن المديني، عن ابن مهدي، قال: لا أحمل عن ابن لهيعة شيئاً). (قال يحيى بن بكير: احترق منزل ابن لهيعة وكتبه سنة سبعين ومائة. وقال عثمان بن صالح: ما احترق كتبه). (أحمد بن محمد الحضرمي، سألت ابن معين عن ابن لهيعة، فقال: ليس بقوي). (معاوية بن صالح، سمعت يحيى يقول: ابن لهيعة ضعيف). (قال يحيى بن سعيد: قال لي بشر بن السرى: لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفاً). (وقال ابن معين: هو ضعيف قبل أن تحترق كتبه وبعد احتراقها). (وقال أبو زرعة: سماع الأوائل والأواخر منه سواء، إلا أن ابن المبارك، وابن وهب كانا يتبعان أصوله ، وليس ممن يحتج به). (وقال النسائي: ضعيف). (وقال أبو حاتم: سمعت ابن أبي مريم يقول: حضرت ابن لهيعة في آخر عمره، وقوم بربر يقرءون عليه من حديث منصور، والأعمش، والعراقيين، فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، ليس هذا من حديثك، قال: بلى ، هذه أحاديث قد مرت على مسامعي. فلم أكتب عنه بعدها، يقول: يكون قد رواها وجادة). (وقال أحمد بن زهير، عن يحيى: ليس حديثه بذاك القوى). (وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: أمره مضطرب، يكتب حديثه للاعتبار). (وقال الجوزجاني: لا نور على حديثه، ولا ينبغي أن يحتج به). (وقال أبو سعيد بن يونس: قال النسائي يوماً: ما أخرجت من حديث ابن لهيعة قط إلا حديثاً واحداً.....). (وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيراً مما أكتب لاعتبر به ويقوى بعضه بعضاً...). (قال ابن حبان: قد سبرت أخباره في رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخر عنه موجودا وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيراً، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفي (ضعفاء) على أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فألزق تلك الموضوعات بهم...) انتهى. وكما ترى عزيزي القارئ، مدى قوة كلمات الجرح في حقه، ولم يمدحه أو يصدقه سوى ابن حنبل وابن وهب وبعض من لا يحتج بكلامهم في قبال جرح يحيى بن معين والنسائي وابن حبان وأبي زرعة وأبي حاتم الرازي وغيرهم. ولا يخفى أن قواعد القوم عند تعارض الجرح والتعديل؛ تحكم بتقديم الجرح، وخصوصاً إذا كان الجرح مُفسَّرَاً وليس مُبهَمَاً، ولا يخفى مما تقدم أن ابن حبان وغيره فسروا سبب تركهم وجرحهم لـ (عبد الله بن لهيعة)، بل الرجل متهم حتى بالوضع والتزوير. وعلى أي حال فهو ليس بالـمُتقِن، وحديثه لا يُحتج به، كما حكم بذلك الذهبي في تذكرة الحفاظ ج1 ص237 – 239 برقم 224، فراجع. وأما السند الآخر الذي ذكره البيهقي في دلائل النبوة فهو كالتالي: (أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا أبو بكر بن عتاب، حدثنا القاسم الجوهري، حدثنا ابن أبي أويس، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة فذكره ...). وفيه: إن هذا الإسناد أسوأ حالاً من الإسناد الأول من حيث الإرسال؛ لأنه ينتهي إلى (موسى بن عقبة) وهو من صغار التابعين، بل ويروي عن التابعين كعروة بن الزبير، كما ذكر ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء ج6 ص114 – 115 برقم 31. فهو ساقط عن الاحتجاج بالإرسال؛ لأن (موسى بن عقبة) لم يسنده إلى النبي ص، وهو ليس ممن عاصر النبي محمداً ص، وقد تقدم الكلام في مراسيل التابعين. أضف إلى ذلك ففيه أيضاً: (ابن أبي أويس)، وقد تقدم ذكر جرح العلماء له في التعليق على الرواية الأولى للحاكم النيسابوري، فليراجع. والنتيجة أن ما رواه البيهقي في دلائل النبوة ضعيف السند ومرسل، فلا يصلح للاستدلال به بوجه أبداً. وقد ذكر أيضاً بعد ذلك نفس رواية الحاكم الأولى سنداً ومتناً، وقد تقدم بيان حالها، فليراجع. ثالثاً: ما رواه مالك في الموطأ: كتاب الموطأ للإمام مالك ج2 كتاب القدر، باب النهي عن القول بالقدر ح3 ص899: وحدثني عن مالك، أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما مسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه). وغني عن البيان أن رواية مالك هذه مرسلة، فلا تصلح للاحتجاج أبداً، وقد احتج بعضهم بأن ابن عبد البر القرطبي المتوفى سنة 463 ه، قد وصل سندها إلى الرسول محمد ص، والآن نأتي الى سند ابن عبد البر القرطبي لنرى بضاعته: فقد رواه ابن عبد البر القرطبي في كتابه التمهيد ج24 ص331 بسندين: السند الأول: (حدثنا عبد الرحمن بن مروان، قال: حدثنا أحمد بن سليمان البغدادي، قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا صالح بن موسى الطلحي، قال: حدثنا عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد خلفت فيكم اثنتين لن تضلوا بعدهما أبدا كتاب الله وسنتي). ومن الواضح أن في هذا السند (صالح بن موسى الطلحي)، الذي تقدم إثبات ضعفه عند نقاش رواية الحاكم النيسابوري الثانية، فلا داع للإعادة. فهذا السند ساقط عن الاعتبار. السند الثاني: (وحدثنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الديبلي، قال: حدثنا علي بن زيد الفرائضي، قال: حدثنا الحنيني، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم). ويكفينا في هذا السند أن نتعرض إلى حال (كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف) لنعرف مدى تضعيف العلماء له، واليكم أقوالهم من كتاب ميزان الاعتدال للذهبي ج3 ص406 – 407 برقم 6943: (كثير بن عبد الله ... بن عمرو بن عوف بن زيد المزني المدني ...). (قال ابن معين: ليس بشيء). (وقال الشافعي وأبو داود: ركن من أركان الكذب، وضرب أحمد على حديثه). (وقال الدارقطني وغيره: متروك). (وقال أبو حاتم: ليس بالمتين). (وقال النسائي: ليس بثقة). (وقال مطرف بن عبد الله المدني: رأيته، وكان كثير الخصومة، لم يكن أحد من أصحابنا يأخذ عنه). (قال له ابن عمران القاضي: يا كثير، أنت رجل بطال تخاصم فيما لا تعرف، وتدعى ما ليس لك، وما لك بينة، فلا تقربني إلا أن تراني تفرغت لأهل البطالة). (وقال ابن حبان: له عن أبيه، عن جده - نسخة موضوعة). (وأما الترمذي فروى من حديثه: الصلح جائز بين المسلمين. وصححه، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي). (وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ...) انتهى. أقول: الحال كما ترون، فالرجل لم يسلم منه شيء بالمرة، ولو أن ابن عبد البر ترك الحديث مرسلاً لكان خيراً له، كما فعل مالك. وأحب أن أنبه على قول ابن حبان: (له عن أبيه، عن جده - نسخة موضوعة)، فهذا هو عين ما في سند ابن عبد البر الثاني، أي إنه يروي الحديث عن أبيه عن جده، فالظاهر أن هذا الحديث من نفس تلك النسخة المزورة، الموضوعة، على حد تعبير ابن حبان ! والغريب أن ابن عبد البر نفسه قال عنه: (مجمع على ضعفه) على ما نقله عنه ابن حجر في تهذيب التهذيب: ج8 ص377 – 378 برقم 753. وبعد أن انتهيت من بيان ضعف ما أخرجه الحاكم في مستدركه، وأيضاً ما أرسله مالك في الموطأ، وما أسنده ابن عبد البر القرطبي، وهذا هو العمدة عندهم وقد تبين وهنه الشديد، بقيت رواية مسندة ربما يتعلق بها غرقى المتعصبين، وهي رواية القاضي عياض بن موسى اليحصبي، فلنأتي عليها، فهي لا تختلف عن صويحباتها. رابعاً: رواية القاضي عياض اليحصبي المتوفى سنة 544 ه- في كتابه (الالماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع) ص 8 -9: وقال ع فيما أخبرنا به القاضي أبو علي الحسين بن محمد - رحمه الله - قراءة مني عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو الفضل أحمد بن أحمد الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا بنان بن أحمد القطان، أخبرنا عبد الله بن عمر بن أبان، أخبرنا شعيب بن إبراهيم، أخبرنا سيف بن عمر، عن أبان بن إسحاق الأسدي، عن الصباح بن محمد، عن أبي حازم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: (أيها الناس، إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي، فلا تفسدوه، وإنه لا تعمى أبصاركم ولن تزل أقدامكم، ولن تقصر أيديكم، ما أخذتم بهما). أقول: وهذا السند فيه عدة مجروحين، ولكن أكتفي فقط بذكر تضعيفات العلماء لـ (سيف بن عمر): سيف بن عمر: ميزان الاعتدال للذهبي ج2 ص255 – 256 برقم 3637: (سيف بن عمر (ت) الضبي الأسيدي [الأسدي]. ويقال التميمي البرجمي، ويقال السعدي الكوفي. مصنف الفتوح والردة وغير ذلك ....). (قال عباس، عن يحيى: ضعيف). (وروى مطين، عن يحيى: فلسٌ خير منه). (وقال أبو داود: ليس بشيء). (وقال أبو حاتم : متروك). (وقال ابن حبان : اتهم بالزندقة). (وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر .....). (مكحول البيروتي، سمعت جعفر بن ابان، سمعت ابن نمير يقول: سيف الضبي تميمي، كان جميع يقول: حدثني رجل من بنى تميم، وكان سيف يضع الحديث. وقد اتهم بالزندقة) انتهى. أقول: إلى الآن لم نجد هذا اللفظ يروى بسند خال عن متهم بالكذب أو الوضع، أو التضعيف القوي جداً، فما السر في ذلك يا ترى ؟! خامساً: رواية الدارقطني المتوفي 385 هـ، في سننه ج4 ص159 – 160 ح 4559: حدثنا أبو بكر الشافعي، نا أبو قبيصة محمد بن عبد الرحمن بن عمارة بن القعقاع، نا داود بن عمرو، نا صالح بن موسى، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض). ولسوء الحظ فإنها أيضاً مروية عن (صالح بن موسى الطلحي)، وقد تقدت نصوص العلماء في تضعيفه، عند الكلام عن رواية الحاكم النيسابوري، فلا أطيل بالإعادة. سادساً: وأخيراً بقي سند واحد، وهو أتعس حالاً مما سبقه، ذكره الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، المتوفي سنة 430 هـ، في كتابه (أخبار أصبهان) ج1 ص103، نختم به إن شاء الله تعالى: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن الخطاب، ثنا طالوت بن عباد، ثنا هشام بن سليمان، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك أن رسول الله ص قال: (قد تركت فيكم بعدي ما إن أخذتم لم تضلوا كتاب الله وسنة نبيكم ص). أقول: لا أريد الإطالة في نقد سند الحافظ الأصبهاني واقتصر فقط على بيان ضعف (يزيد الرقاشي) عند علماء أئمة الجرح والتعديل، فالرجل لم يوثقه أحد وكلمات العلماء فيه لاذعة جداً، واليكم طرفاً منها عن الذهبي ميزان الاعتدال ج4 ص418 برقم 9669: (يزيد بن أبان (ت، ق) الرقاشي البصري، أبو عمرو الزاهد العابد. عن أنس، وغنيم بن قيس، والحسن. وعنه حماد بن سلمة، ومعتمر بن سليمان، وجماعة). (وقال النسائي وغيره: متروك). (وقال الدارقطني وغيره: ضعيف). (وقال يزيد ابن هارون: سمعت شعبة يقول: لأن أزنى أحب إليّ من أن أحدث عن يزيد الرقاشي....). (قال أحمد: كان يزيد منكر الحديث، وكان سعيد يحمل عليه. وكان قاصاً). (وقال ابن الدورقي، عن ابن معين: في حديثه ضعف). (وقال الفلاس: حدثنا عبد الرحمن، عن الربيع بن صبيح عنه. وليس بالقوى ...) انتهى. وأيضاً لا بأس بنقل بعض ما ذكره ابن حجر في كتابه (تهذيب التهذيب) ج11 ص270 – 272 برقم 498 من أقوال العلماء في (يزيد الرقاشي): (قال ابن سعد: كان ضعيفاً قدرياً). (وقال عمرو بن علي كان يحيى بن سعيد: لا يحدث عنه، وكان عبد الرحمن يحدث عنه، وقال: كان رجلاً صالحاً وقد روى عنه الناس وليس بالقوي في الحديث). (وقال عبد الله بن إدريس: سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إليّ من أن أروي عن يزيد وأبان). (وقال أبو داود عن أحمد: لا يكتب حديث يزيد. قلت: فلم ترك حديثه لهوى كان فيه ؟ قال: لا، ولكن كان منكر الحديث وكان شعبة يحمل وكان قاصا). (وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: رجل صالح وليس حديثه بشيء). (وقال معاوية ابن صالح والدوري عن ابن معين: ضعيف. وكذا قال الدارقطني والبرقاني). (وقال يعقوب ابن سفيان فيه: ضعيف). (وقال أبو حاتم: كان واعظاً بكاء كثير الرواية عن أنس بما فيه نظر وفي حديثه ضعف). (وقال النسائي والحاكم أبو أحمد: متروك الحديث. وقال النسائي أيضاً: ليس بثقة). (وقال ابن حبان: كان من خيار عباد الله من البكائين بالليل لكنه غفل عن حفظ الحديث شغلاً بالعبادة حتى كان يقلب كلام الحسن فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة التعجب) انتهى. إذن فهذا السند في غاية الضعف والوهن بسبب (يزيد الرقاشي)، الذي بلغ الحال بشعبة بن الحجاج - وهو من أئمة الحديث والرجال - أن يقول فيه: (لأن أزني أحب إليّ من أن أروي عن يزيد وأبان) ! فضلاً عن سائر طعن العلماء بروايته. وكفى. فذلكة ما تقدم: لقد ثبت بالدليل الجلي، والبرهان الناصع، أن الرواية بلفظ (كتاب الله وسنتي)، قد رواها المنصوص على كذبهم، ووضعهم، وتركهم، وسوء حفظهم، والمضعفون أشد التضعيف، ومن لا وزن لهم عند علماء الجرح والتعديل، حتى وصل الحال أن منهم مَن لا يساوي فلساً أو فلسين، ومنهم مَنْ الزنا أفضل من الرواية عنه، على حد تعبير شعبة بن الحجاج ! وقد بان شدة ضعف عُمدة ما يستند إليه القوم وهو ما رواه مالك في الموطأ ووصله ابن عبد البر، وما رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك، وقد أردفت ذلك بمتابعة ما رواه البيهقي والقاضي عياض، والدارقطني، وحتى ما رواه الحافظ الاصبهاني، حتى لا أترك متنفساً لمعاند، وعسى أن أكون قد اجتهدت في النصيحة لمن يطلب الهدى والحق بصدق. فالأسانيد متهرئة جداً، كلما رُتقت من جانب فُتقت من عدة جوانب، بين النطيحة والمتردية، لا تقوم لها قائمة، ولا ترعى منها سائمة، عاطلة إن افترقت، متخاذلة إن اجتمعت، رَشُد من أعرض عنها، واشتد ضمأ من ارتوى منها ! فبربكم كيف يمكن أن يُعتمد عليها ويُروَّج لها، ويُغض النظر عن حديث (كتاب الله وعترتي)، الذي روى في أمهات الكتب من الصحاح والسنن والمسانيد المعتبرة، وبالأسانيد المشهود بصحتها وحجيتها من قبل كبار علماء العامة (أهل السنة) ؟! أضف إلى صحته عن طرق العامة (أهل السنة)، أجماع شيعة أهل البيت ع على صحته، فالحديث متواتر قطعي الصدور، فكيف يُدثر، ويُعوّل على حديث ضعيف، السند، غريب، شاذ، متروك، وعلى أقل تقدير لا يُحتج به ولا يُركن إليه، فضلاً عن أن يُعارض به ما تواتر وصح عن طرق الفريقين ؟! أين الإنصاف والأمانة العلمية ؟! وأين الوفاء لمحمد وآل محمد ص ؟! لماذا يُدثر كلام رسول الله ص، تماشياً مع الأهواء والرغبات والنعرات الجاهلية التي جاء رسول الله ص ليقضي عليها، ويقتلعها من الجذور ؟! وليعلم من يهمه المعاد، ويخشى رب العباد، أن من أراد سنة رسول الله، فليطلبها من بابها، وليلتمسها من حُفّاظها، وهم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وإن أحببتم أن تسمعونها من خاتم الأنبياء ص فاسمعوا: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ص: (أنا مدينة العلمِ وعليٌ بابها فمن أراد المدينة فليأتِ البابَ). رواه الحاكم النيسابوري بثلاثة أسانيد: ج3 ص126 – 127، ورواه الطبراني في المعجم الكبير: ج11 ص55، ورواه السيوطي في جامع الأحاديث: ج2 ص193 برقم 4783، ورواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج13 ص147 – 148 برقم 36463 ، والهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 ص114، وعده الشيخ يوسف المزي في تهذيب الكمال من مناقب الإمام علي ع ([9])، وغيرهم. وشهد بصحة هذا الحديث كل من: يحيى بن معين ([10]) المتوفي سنة 233 هـ ([11])، والحاكم النيسابوري ([12])، والسيوطي في الجامع الكبير ([13]). والمحدث أحمد بن محمد بن الصديق الغماري ([14])، وأخيه عبد الله الغماري ([15])، والمحدث علي بن محمد العلوي في دفع الارتياب ([16])، والمولوي حسن الزمان في القول المستحسن في فخر الحسن ([17])، والسقاف في تناقضات الألباني ([18])، وغيرهم. وشهد بحسنه كل من: الحافظ صلاح الدين أبو سعيد العلائي ([19])، وابن حجر الهيتمي ([20])، وابن حجر العسقلاني([21])، والزركشي في اللآلي المنثورة ([22])، والسخاوي في المقاصد الحسنة ([23])، والزرقاني في مختصر المقاصد ([24])، والشوكاني في الفوائد المجموعة ([25])، وابن طولون الصالحي في الشذرة([26])، ومحمد بن يوسف الصالحي في سبل الهدى والرشاد ([27])، والفتني في تذكرة الموضوعات ([28])، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب ([29])، وجلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء ([30])، وغيرهم. والحديث صريح في أن علي بن أبي طالب ع هو عيبة علم رسول الله ص، ومستودع سنته، وإنه الباب لعلم رسول الله ص، قال الله تعالى: ﴿...وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا...﴾([31]). فمن تمسك بالعترة وبسيدهم علي بن أبي طالب فقد تمسك بسنة رسول الله والعروة الوثقى، فكل الناس مأمورون بأخذ الحكمة من بابها وهو يعسوب الدين وأمير المؤمنين .. فهل تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟! عن حبشي بن جنادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي). رواه الترمذي في صحيحه: ج5 ص299 – 300 برقم 3803، والنسائي في السنن الكبرى: ج5 ص45 برقم 8147، وابن ماجة في سننه: ج1 ص44 ح119، وأحمد بن حنبل في مسنده: ج4 ص165، والطبراني في المعجم الكبير: ج4 ص16، والسيوطي في الجامع الصغير: ج2 ص177 ح 5595، والمتقي الهندي في كنز العمال: ج11 ص603 ح 32913، وغيرهم. وقد صحح هذا الحديث كل من: الترمذي في صحيحه ([32])، والدارقطني في الألزامات والتتبع ([33])، والوادعي في تعليقه على الألزامات والتتبع للدارقطني ([34]). وحكم بحسنه الألباني في كتابه (صحيح وضعيف سنن الترمذي) برقم 3719، وكذلك في (صحيح وضعيف الجامع الصغير) برقم 7540. وقول النبي ص: (... ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي)، صريح في أن علياً ع منصب من الله ورسوله ص للإمامة والتأدية عن رسول الله ص، وحصر هذا الأمر به دون غيره من الصحابة، ولا سيما إذا لاحظنا أن الاستثناء جاء من بعد النفي، مما يفيد الحصر. فإن قيل: ثبت أن الصحابة أيضاً قد رروا ما سمعوه إلى الناس، فكيف تقولون بحصر التأدية بعلي ع ؟ أقول: المقصود هنا ليس مطلق التأدية، بل التأدية المطلقة، أي إن تأدية الإمام علي ع باعتباره إمام، معصوم، منصب، حجة على الناس، فقوله كقول رسول الله ص لا يمكن أن يقاس بقول غيره، ولا يمكن أن يُشكك به، ولا يتطرق إليه احتمال الخطأ أو السهو أو النسيان، وهو أيضاً مُشرّع عن رسول الله ص أي هو الـمُكمِّل لرسالة الرسول محمد ص، بمعنى أنه المؤتمن والوارث لعلم الكتاب والدين والشريعة. ويتضح الأمر أكثر لو تأملنا في قول رسول الله ص: (ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي)، فالرسول ص يقول لا يؤدي (عني)، ثم يقول: إلا (أنا) أو (علي)، فلماذا ذكر نفسه بعد أداة الاستثناء مع علي ع ؟! هذا يكشف لنا أن المقصود بالتأدية هنا هو التأدية عن الله تعالى، بمعنى أن الذي يؤدي عن دعوة محمد ص ورسالته على نحو الهدى والحق الذي لا يشوبه أي ضلال أو انحراف أو خطأ، والذي يجب على الأمة امتثاله بدون أي تردد أو تشكيك أو معارضة، هو: (أنا) أو (علي). وأما سائر الرواة عن رسول الله ص، فهم يتطرق إليهم احتمال الوهم أو النسيان أو الخطأ أو عدم فهم ما قاله رسول الله ص ... الخ. وإذا اختلف الرواة أو المفسرون فيما بينهم فممكن أن تُرجح بعضهم على بعض أو تتركهم جميعاً أو ... أو...، أما إذا روى علي ع أو فسَّر أو حكم، فهو الحق الذي ما بعده إلا الضلال المبين، وإذا اختلفت السبل فالحق مع علي ع دون غيره، لأنه المنصوب لمهمة تأدية دين محمد ص على وجه التعيين. فمن أراد رسالة محمد ص وشريعته وسنته فعليه ببابها علي بن أبي طالب ع. عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان علي يقول في حياة رسول الله ص: (إن الله يقول أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به مني) ([35]). رواه النسّائي في السنن الكبرى: ج5 ص125 ح8450، والحاكم النيسابوري في المستدرك: ج3 ص126، والطبراني في المعجم الكبير: ج1 ص107 ح 176، والهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 ص134، وقال عنه: (رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح). والحديث صريح في وراثة الإمام علي ع للرسول محمد ص، هذه الوراثة التي لم يشركه فيها أحد من سائر الصحابة، فرغم سمو مقام الصحابة المنتجبين ص، إلا أنهم يبقون السفح وعلي بن أبي طالب القمة، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير. فمن رام أن ينتهل من تراث محمد ص فليطلبه من وارثه، نفس رسول الله، وأخيه، ووزيره، ووصيه، ويمينه، وحبيبه، الذي حُبَّه إيمان، وبغضه كفر ونفاق، زوج البتول، ووالد ريحانتي الرسول، أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، صاحب لواء الرسول ص في الدنيا والآخرة، علي بن أبي طالب ع. عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض). رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك: ج3 ص124، والهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 ص134، والطبراني في المعجم الأوسط: ج5 ص135، وفي المعجم الصغير: ج1 ص255، وجلال الدين السيوطي في الجامع الصغير: ج2 ص177 ح5594، والمتقي الهندي في كنز العمال: ج11 ص603 ح32912، والموفق الخوارزمي في المناقب: ص176ح214. وهذا الحديث صححه الحاكم النيسابوري، وتابعه الذهبي في تلخيص المستدرك. ومن هذا الحديث نعرف سيد العترة، وإنه المصداق الأول للثقل الثاني الذي أمر الرسول ص بالتمسك به مع القرآن، ومن هذا الحديث أيضاً نعرف أن حديث الثقلين هو بلفظ (كتاب الله وعترتي)، وأن العترة هي الباقية مع القرآن إلى يوم القيامة، وهي المختصة في معرفة وتفسير كتاب الله تعالى. فالرسول محمد ص قال عن الثقلين: (لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)، وهنا أيضاً قال عن علي ع والقرآن: (لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)، فهو سيد العترة وهو مع القرآن وباق مع القرآن إلى يوم القيامة، بروحه وسيرته وبذريته المعصومين، خلفاء النبي وأوصيائه ص. فمن أراد الامتثال لوصية الرسول محمد ص، وأن يفي بالعهد، فقد اختار الهدى والحق والنجاة في الدنيا والآخرة، وأما من أراد أن يتبع هواه وما وجد عليه آباءه وأجداده، فلا يحصد غير الندم والحسرة والخسران. وإن تعرضنا إلى روايات وراثة علي ع لكتاب الله وسنة نبيه لطال بنا المقام، وأحب أن أختم بالحديث الذي ينص فيه الرسول على وجوب الطاعة لعلي ع مطلقاً، وإن من أطاع علياً ع فقد أطاع الرسول ص ومن عصى علياً ع فقد عصى الرسول ص، وهذا مما ينفرد به أبو الحسن ع، ومنه يعرف أنه خليفة رسول الله حقاً، ومَن يجب طاعته كوجوب طاعة رسول الله ص، وخصوصاً بعد ملاحظة عشرات أو مئات الأدلة والمؤيدات لذلك. عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ص: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني) ([36]). وأخيراً .. أسأل الله أن يجمع أمة محمد ص على التمسك بالثقلين (الكتاب والعترة)، وأن يعيذها من الضلال والفتن ويختم لها على السعادة الأبدية، إنه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. تم تحرير هذه الأسطر بفضل الله تعالى في يوم الخميس: 24/ ذي القعدة/ 1431 هـ 21/ 10/ 2010 مFooters
[1] - صحيح البخاري: ج3 ص87 – 88.
[2] - هو الحافظ عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي السجزي، المتوفي سنة 444 هـ.
[3] - هذا هو نص تعريف الأستاذ محمود الطحان في كتابه تيسير مصطلح الحديث ص173.
[4] - لم أحصل على نسخة مطابقة للمطبوع في الترقيم لهذا الكتاب، فاضطررت إلى الاعتماد على نسخة الكترونية، وهي معتمدة في المواقع السنية المشهورة.
[5] - كتاب جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام، لابن القيم: ص272 – 286، تحقيق: زائد بن أحمد النشيري، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، مطبوعات مجمع الفقه الإسلامي – جدة.
[6] - دلائل النبوة – للبيهقي- تخريج وتعليق: الدكتور عبد المعطي قلعجي – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 1408 هـ - 1988 م.
[7] - راجع كتاب تيسير مصطلح الحديث للأستاذ محمود الطحان: ص71، طبع ونشر وتوزيع المركز الإسلامي للكتاب - إسكندرية-.
[8] - راجع تذكرة الحفاظ للذهبي: ج1 ص62 – 63 برقم 51.
[9] - تهذيب الكمال للمزي المتوفي 742 هـ : ج20 ص472 – 490، رقم الترجمة 4089.
[10] - يحيى بن معين إمام في الجرج والتعديل ويعد من المتشددين في الجرح، وهو أيضاً إمام في الحديث عن العامة، راجع ترجمته في تذكرة الحفاظ للذهبي: ج2 ص429 برقم 8437: (يحيى بن معين الإمام الفرد سيد الحفاظ أبو زكريا المري مولاهم البغدادي .... الخ).
[11] - راجع تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني: ج6 ص285 – 287، حيث ذكر ابن حجر: (... وقال القاسم بن عبد الرحمن الأنباري: سألت يحيى ابن معين عن حديث حدثنا به أبو الصلت عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا "أنا مدينة العلم" الحديث. فقال: هو صحيح).
[12] - المستدرك على الصحيحين: ج3 ص126 – 127.
[13] - قال السيوطي: (وقد كنت أجيب بهذا الجواب دهراً إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث على في تهذيب الآثار مع تصحيح الحاكم لحديث ابن عباس فاستخرت الله وجزمت بارتقاء الحديث من مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحة - والله أعلم)، نقله بعض العلماء منهم: أحمد بن الصديق المغربي في كتابه فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدبنة العلم علي: ص60 ونسبه للسيوطي، والمتقي الهندي في كنز العمال: ج13 ص148 – 149 برقم 36464، فإن كنز العمال يعتبر تجميعاً لجوامع السيوطي الحديثية كما صرح مؤلفه في المقدمة، ولكن نسب البعض هذا التصحيح للمتقي الهندي، وعلى أي حال فالسيوطي والهندي كلاهما من كبار المحدثين عند العامة، وأي واحد منهما قال هذا التصحيح فهو مؤيد للرواية.
[14] - أفرد كتاباً رائعاً جداً في تصحيح هذا الحديث وإخراج كل طرقه ورواته، والرد على من طعن بهذا الحديث من المتنطعين. وأسماه (فتح الملك العلي، بصحة حديث باب مدينة العلم علي)، ينبغي للجميع قرائته والاستفادة منه.
[15] - قال ذلك في تعليقه على المقاصد الحسنة للسخاوي: هامش ص98.
[16] - أفرد كتاباً في تصحيح هذا الحديث بعنوان (دفع الارتياب عن حديث الباب) وهو أيضا كتاب نافع جداً.
[17] - القول المستحسن في فخر الحسن المؤرخ 1312 هـ، لمؤلفه المولوي حسن الزمان: ص452 – 453، وقال عن الحديث: (... الحديث المشهور الذي صححه جماعات من الأئمة منهم أشد الناس مقالاً في الرجال سند المحدثين ابن معين ... قال الله تعالى: "واتوا البيوت من أبوابها" وهو أقوى شاهد لصحة رواية صححها الحاكم "فمن أراد العلم فيأت الباب" ...).
[18] - تناقضات الألباني الواضحات – حسن بن علي السقاف – دار النووي – الأردن – عمان – الطبعة الأولى – 1418 هـ - 1997 م: ج3 هامش الصفحة 82 برقم 52.
[19] - راجع كشف الخفاء للعجلوني: ج1 ص204.
[20] - الفتاوى الحديثية: ص123 وص192.
[21] - حكاه عنه غير واحد، منهم ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية: ص123، وعلي القاري المتوفي 1014 هـ، في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: ج11، كتاب المناقب – باب مناقب علي بن أبي طالب (: ص253، تحقيق الشيخ جمال عيتاني – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان – الطبعة الأولى – 1422 هـ - 2001 م .
[22] - اللآلي المنثورة في الأحاديث المشهورة - للزركشي محمد بن عبد الله بن بهادر - تحقيق محمد بن لطفي الصباغ: ص165.
[23] - المقاصد الحسنة للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي المتوفي سنة 902 هـ ـ تعليق عبد الله محمد الصديق - دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان - الطبعة الأولى - 1399هـ - 1979م: ص97 – 98 برقم 189.
[24] - مختصر المقاصد للإمام محمد بن عبد الباقي الزرقاني المتوفي سنة 1122 هـ - الطبعة الرابعة - المكتب الإسلامي - 1409 هـ: ص79 ح170.
[25] - الفوائد المجموعة للإمام محمد بن علي الشوكاني باب مناقب الخلفاء الأربعة وأهل البيت ... برقم 52 ص349.
[26] - الشذرة في الأحاديث المشتهرة لمحمد بن طولون الصالحي: ص130.
ولم استطع الحصول على نسخة الكتاب، فاضطررت أن اكتفي بمن نسبه إليه مع ذكر الصفحة من الكتاب.
[27] - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي المتوفي سنة 942 هـ - تحقيق: الدكتور مصطفى عبد الواحد - القاهرة - 1418هـ - 1997م: ج1 ص631.
[28] - تذكرة الموضوعات - لمحمد طاهر الهندي الفتني المتوفي 986 هـ - مصر - إدارة الطباعة المنيرية - 1343هـ - فصل فضل صحابته وأهل بيته: ص95.
[29] - كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب ( - للحافظ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي المقتول سنة 658 هـ - دار إحياء تراث أهل البيت / - طهران - الطبعة الثالثة لسنة 1404 هـ - تحقيق محمد هادي الأميني: باب 58 ص220 – 222.
[30] - تاريخ الخلفاء للسيوطي المتوفي 911 هـ - دار ابن حزم - بيروت - لبنان - الطبعة الاولى -1424هـ - 2003م: ص137.
[31] - البقرة: 189.
[32] - صحيح الترمذي: ج5 ص299 – 300 برقم 3803 وقال عنه: (هذا حديث حسن غريب صحيح).
[33] - الألزامات والتتبع للدارقطني المتوفي 385 هـ - دراسة وتحقيق الوادعي - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الثانية - 1405هـ - 1985م: ص94، حيث ذكر الدارقطني هذا الحديث من ضمن الأحاديث التي يلزم الشيخين إخراجها في صحيحيهما.
[34] - الألزامات والتتبع للدارقطني: هامش ص94 – 95، وقال عن الحديث: (والحديث على شرط الشيخين)، أي صحيح. وتوفي مقبل بن هادي الوادعي سنة 1422 هـ.
[35] - اللفظ للحاكم النيسابوري، والبقية أخرجوه بلفظ (ووارثه وابن عمه).
[36] - أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك: ج3 ص121، ط دار المعرفة - بيروت، وتابعه الذهبي فصححه في تلخيص المستدرك. وأيضاً رواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج11 ص614 ح32973.