Subjects

Text

إصدارات أنصار الإمام المهدي ع/ العدد (122) دراسة في شخصية اليماني الموعـود (الحلقة الثالثة) اليماني والسفياني تأليف الشيخ ناظم العقيلي الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي: www.almahdyoon.org المدخل: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. عندما نسمع بعض مدعي العلم؛ وهو يتكلم عن ظهور الإمام المهدي ع، نجده يضع كيفية حتمية، ويجزم على أن الإمام المهدي ع يظهر ويقوم على وفق تلك الكيفية، والذي يخالف هذا يكون مبتدعاً ومنحرف التفكير ! أي إنهم يريدون من الإمام المهدي ع أن يكون تابعاً لتنظيرهم وتخرصهم، بل يريدون مشيئة الله تعالى خاضعة لمشيئتهم وهواهم وعقولهم الناقصة، بيد إننا نجد أصحاب الأمر - أهل البيت ص - قد وضعوا بعض الثوابت، ولكنهم قد أكدوا على أن كثيراً من الأمور خاضعة للبداء والتغيير، وإن الخلق سيمتحنون ويبتلون بلاءً شديداً، بحيث يسقط في هذا البلاء والامتحان أحذق الناس، ولا يبقى من القائلين بهذا الأمر؛ إلا كالكحل في العين وكالملح في الزاد. فقد أخبر أهل البيت ص، إن في زمن ظهور الإمام المهدي ع، ستتجه الناس إلى طلب الإمام المهدي ع من حيث لا ينال، وإنه ستظهر كثير من المفاجئات والامتحانات الشديدة، وإن مسألة قيام الإمام المهدي ع ستكون خافضة رافعة، وإنه سيدعو إلى أمر جديد على العرب شديد، وإلى أمر قد خفي وضل عنه جمهور الناس، من أقر به هدي ومن أنكره ضل وغوى، وإنه سيدعو إلى أمر غير الذي كان، وإن الناس لا يمكنها معرفة الإمام المهدي ع إلا أن يحتج هو عليهم بذلك ويدعوهم إليه ... الخ. والأمر المهم الآخر أنهم ص نبهوا وحذروا الأمة عن الجزم بشيء لم يرد الجزم به عن الله تعالى وعن محمد وآل محمد ص، بل أنهم ص نبهوا على إمكان حدوث البداء في إخباراتهم، فقد يخبروا عن شيء أنه يأتي من جهة المغرب مثلاً ويأتي من المشرق، وقد يقولوا في رجل معين قولاً ولا يكون فيه، بل يكون في ولده أو ولد ولده ... وفي كل ذلك لا يجوز للناس أن يُكذِّبوا ويَعترضوا؛ لأن الله يفعل ما يشاء. وورود هذه التحذيرات في مسألة الإمام المهدي ع تدل على وجود سر عظيم لم يكشف ولن يكشف إلا في وقته، لحكم وغايات .. أحدها غربلة الأمة وامتحانها كما امتحن الله تعالى الأمم السابقة ليعلم الصادقين من الكاذبين، قال الله تعالى: ﴿الم ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾([1]). ومنها الحفاظ على ثورة الإمام المهدي ع من الانكشاف للأعداء تماماً، وكذلك لتفويت الفرصة على المنتحلين والمزورين والكاذبين. ومن هنا نعرف أن هناك كثيراً من الصفحات المطوية أو المخفية أو المشفرة سوف تفتح وتتضح في عصر الظهور المقدس. ومن أهم الأمور التي خفيت على أكثر الناس، والتي جاءت الروايات فيها بالرمز أو التمويه أو الإجمال وحتى تعمد التستر على كثير من الحقائق والتفاصيل؛ من أهم هذه الأمور هو أمر اليماني والسفياني، وتفاصيلهما ووقت ومكان ظهورهما أو خروجهما ...، فتحديد هذه التفاصيل أو بعضها لا يمكن إلا باستقراء الروايات والتأمل فيها والجمع بينها، ومعرفة بعض الثوابت فيها لتكون أدوات إحكام لبعض ما تشابه منها، والأهم من هذا هو أن يكون الباحث منقاداً لكلام آل محمد ص، لا أن يكون قائداً لها بسبب الفهم المسبق، أو الهوى والتعصب لرأي أو جماعة ما. ولا أدعي أني قد أحكمت جميع هذه المسائل في بحثي هذا على نحو الجزم واليقين، ولكن يمكنني أن أقول بأن الله قد وفقني لإيضاح بعض الأمور وكشف بعض المستور، فإن أصبت في كلامي هذا فهو من الله ومن آل محمد ص، وإن أخطأت فهو من نفسي وتقصيري وقصوري، وأعوذ بالله من شر نفسي. وأقل ما يمكنني قوله؛ إن هذا البحث المختصر ينسف كثيراً من تخرصات بعض المتمحلين والمتخرصين، واثبات أن ما ادعوا كونه ثابتاً من الثوابت التي لا يمكن النقاش فيها، هو في الحقيقة وهم محض، بل وينم عن جهل وقصر باع وقلة إطلاع. نعم .. لا أنكر أني مقتنع بكل أو أغلب ما سأكتبه، أو على الأقل أصول المطالب، ولكن يبقى هذا قناعة كاتب يكتب ما توصل إليه، وعلى القارئ التأمل والنقد الصحيح، والعصمة لأهلها. وأقل ما أريد أن يعرفه القارئ هو أن كثيراً من الأمور لعلها تأتي خلاف ما يفهم الناس وتتوقع؛ لأن أهل البيت ص قد نبهوا على ذلك، وسيجد القارئ في هذا البحث الشواهد الروائية التي تبين عكس ما يتبجح به البعض ويراهن عليه، فسنجد مثلاً أن الروايات قد تطلق صفة [القائم] ولكن يراد منها اليماني وليس الإمام المهدي الحجة بن الحسن ع، وسنرى أن هناك أموراً كثيرة تخص اليماني والسفياني قد فهمت بصورة مغلوطة تفضي إلى التعارض بين الروايات، مما يحتم على الباحث المنصف أن يعيد النظر وفق ما يمليه عليه كلام محمد وآل محمد ص، لا وفق الموروث أو ما تمليه عليه العقول الناقصة فحسب. وأظن أن هذا المدخل بعمومه سيكون مدخلاً للحلقات الآتية من هذا البحث، فليكن حاضراً عند القارئ، ليعرف هدف الكاتب ومنهجه. والحمد لله وحده. القائم والسفياني في سنة واحدة: نصت عدة روايات على أن خروج اليماني والسفياني يكون في يوم واحد، وإنهما يتسابقان كفرسي رهان ... الخ، ومن ذلك نعرف أن اليماني هو الذي يقاتل السفياني ويهزمه، وخصوصاً في العراق، كما تصف الروايات تسابقهما إلى الكوفة، وأدلل على ذلك ببعض الروايات: عن أبي عبد الله ع، قال: (خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني، في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، وليس فيها راية أهدى من راية اليماني؛ لأنه يدعو إلى الحق) ([2]). عن الباقر ع: (... خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ...) ([3]). عن هشام، عن أبي عبد الله ع، قال: (اليماني والسفياني كفرسي رهان) ([4]). عن أبي الحسن الرضا ع أنه قال: (قبل هذا الأمر السفياني واليماني والمرواني وشعيب بن صالح، فكيف يقول هذا وهذا) ([5]). عن يعقوب السراج، قال: قلت لأبي عبد الله ع: متى فرج شيعتكم ؟ قال: فقال: (إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم، وطمع فيهم من لم يكن يطمع فيهم، وخلعت العرب أعنتها، ورفع كل ذي صيصية صيصيته، وظهر الشامي وأقبل اليماني وتحرك الحسني وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث رسول الله ص...) ([6]). عن عمار بن ياسر في خبر طويل: (... فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد ص، وتنزل الترك الحيرة، وتنزل الروم فلسطين، ويسبق عبد الله حتى يلتقي جنودهما بقرقيسا على النهر، ويكون قتال عظيم، ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء، ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا...) ([7]). أضف إلى ذلك الروايات التي تعد السفياني واليماني من ضمن العلامات المحتومة قبل قيام القائم ع، وبهذا يتبين أن مواجهة السفياني ستكون مع اليماني الموعود، وربما تقوم بعض الجهات بمساعدة اليماني، وإن التسابق إلى الكوفة، والقتال سيكون بين السفياني واليماني، وإنهما في سنة واحدة، وأرجو أن تحفظوا ذلك وتركزوا عليه؛ لأننا سنحتاجه بعد قليل. والآن نأتي إلى معرفة مدة السفياني من بداية خروجه إلى ذهاب ملكه؛ لأن هذه النقطة مهمة جداً لنعرف من هو القائم الذي سيقاتل السفياني، والذي يكون معه في سنة واحدة. فقد نصت روايات أهل البيت ص على أن مدته من بداية خروجه إلى ذهاب ملكه خمسة عشر شهراً، يقاتل فيها ستة أشهر ويملك تسعة أشهر. الشيخ النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ([8])، قال: حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة ([9]) من كتابه في رجب سنة خمس وستين ومائتين، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال ([10])، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون أبو إسحاق ([11])، عن عيسى بن أعين([12])، عن أبي عبد الله ع، أنه قال: (السفياني من المحتوم وخروجه في رجب، ومن أول خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً، ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً) ([13]). وعن أبي عبد الله ع: (إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدوا له تسعة أشهر)([14]). ويظهر لنا من هاتين الروايتين أن السفياني يقاتل ستة أشهر أول خروجه، ثم يملك الكور الخمس (دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين)، وبعد ذلك يملك تسعة أشهر لا يزيد عليها يوماً. والآن نأتي إلى معرفة الشهر الذي يخرج به السفياني حتى نعد له خمسة عشر شهراً، لنرى في أي شهر سينتهي حكم السفياني: عن أبي عبد الله ع: (السفياني لابد منه، ولا يخرج إلا في رجب ...) ([15]). وعن معلى بن خنيس، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (من الأمر محتوم، ومنه ما ليس بمحتوم، ومن المحتوم خروج السفياني في رجب) ([16]). وعن أبي عبد الله ع: (السفياني من المحتوم وخروجه في رجب ...) ([17]). وإلى الآن توصلنا إلى عدة نقاط ألخصها حتى لا يضيع الأمر على القارئ: اليماني والسفياني يتسابقان إلى الكوفة للقتال في وقت واحد وفي سنة واحدة. مدة خروج السفياني من أوله إلى آخره خمسة عشر شهراً، يقاتل ستة أشهر، ثم يملك الكور الخمس تسعة أشهر فقط. لا يخرج السفياني إلا في شهر رجب. والآن لنبدأ الحساب لمدة السفياني من شهر رجب إلى خمسة عشر شهراً: 1- رجب. 2- شعبان. 3- رمضان. 4- شوال. 5- ذو القعدة. 6- ذو الحجة. (بعد ذلك يملك السفياني الكور الخمس): 1- محرم. 2- صفر. 3- ربيع الأول. 4- ربيع الثاني. 5- جمادى الأولى. 6- جمادى الثانية. 7- رجب. 8- شعبان. 9- رمضان. الآن نأتي إلى معرفة هل إن السفياني يجتمع مع الإمام المهدي ع في سنة واحدة كما ذكرت إحدى الروايات أم لا ؟ أولاً أذكر الرواية ثم أعلق عليها: النعماني: بسنده عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال: (السفياني والقائم في سنة واحدة) ([18]). الكلام في احتمالين: الاحتمال الأول: أن يكون قصد الإمام ع أنهما في سنة واحدة، أي السنة الهجرية التي تبدأ من شهر محرم وتنتهي بذي الحجة. وعلى هذا الاحتمال لا يجتمع الإمام المهدي ع مع السفياني في سنة واحدة؛ لأن الإمام المهدي ع يقوم في محرم - حسب الروايات -، ولو حسبنا من بداية خروج السفياني - رجب - إلى محرم من نفس السنة، سيكون العدد ستة أشهر (رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة، محرم)، أي ستنتهي السنة بستة أشهر وتبدأ سنة جديدة بشهر محرم. ومحرم هذا لا يمكن أن يكون هو محرم الذي يقوم فيه الإمام المهدي ع؛ لأن من رجب إلى محرم هذا هي الفترة التي يقاتل فيها السفياني ثم يملك الكور الخمس بعدها تسعة أشهر، ثم إن السفياني بعد تملكه الكور الخمس يقصد العراق - كما سيأتي بيانه - ويتسابق مع اليماني والخراساني نحو الكوفة، وبعد قتال لثمانية أشهر أو تسعة يقضى على السفياني، وبعد ذلك يقوم القائم ع بمكة. إذن لا يبقى إلا أن نقول إن القائم لا يقوم في أول محرم الذي يعقب أول خروج السفياني - رجب - بل في محرم الثاني من السنة القابلة. وإذا حسبنا من أول خروج السفياني - رجب - إلى خمسة عشر شهراً سيكون نهاية ملكه في شهر رمضان، أي قبل قيام القائم ع بثلاثة أشهر وأيام، أي إن السفياني لا يجتمع مع الإمام المهدي ع في سنة واحدة. 1- رجب. 2- شعبان. 3- رمضان. 4- شوال. 5- ذو القعدة. 6- ذو الحجة. 7- محرم. 8- صفر. 9- ربيع الأول. 10- ربيع الثاني. 11- جمادى الأولى. 12- جمادى الثانية. 13- رجب. 14- شعبان. 15- رمضان. إذن فمن هو القائم الذي يكون في نفس السنة التي يخرج فيها السفياني ؟! الاحتمال الثاني: أن يكون قصد الإمام الباقر ع، إن السفياني والقائم يكونان في سنة واحدة أي (12) شهراً، بغض النظر عن بدايتها، أي لا يعتبر بالسنة أن تبدأ بمحرم وتنتهي بذي الحجة، بل يكفي مثلاً أن يخرج الإمام المهدي ع بعد (11) شهراً من خروج السفياني، فيصدق أنهما اجتمعا في سنة واحدة. وهذا الاحتمال اتضح جوابه من التعليق على الاحتمال الأول؛ لأن من بداية خروج السفياني في (رجب) إلى نهاية ملكه في (شهر رمضان) لا يجتمع مع الإمام المهدي ع، بل الإمام المهدي ع يقوم بعد ذهاب ملك السفياني بثلاثة أشهر وعشرة أيام: ( شوال، ذو القعدة، ذو الحجة، 10 محرم). إذن خرجنا بنتيجة من هذا الحساب، وهي أن الإمام المهدي ع والسفياني لا يكونان في سنة واحدة، فمن هو القائم المذكور في الرواية السابقة والذي يكون هو والسفياني في سنة واحدة ؟! وأعيد ذكر الرواية للفائدة: عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال: (السفياني والقائم في سنة واحدة). وإذا علمنا أن السفياني ينتهي ملكه قبل قيام الإمام المهدي ع، فمن هو القائم الذي يقاتله السفياني في الرواية الآتية: عن أبي عبد الله ع، قال: (إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا: صدق الله وقالوا: كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله ص، وقاتل معاوية علي بن أبي طالب ع، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي (عليهما السلام)، والسفياني يقاتل القائم ع) ([19]). وروي عن طرق العامة، عن أبي هريرة: (يخرج السفياني والمهدي كفرسي رهان، فيغلب السفياني على ما يليه، والمهدي على ما يليه) ([20]). وبعد ما تقدم يتضح لنا أن القائم الذي يقاتل السفياني ويتسابق معه كفرسي رهان ليس الإمام المهدي محمد بن الحسن ع، وإذا كان كذلك فلا يمكن أن يكون غير اليماني الموعود؛ لأن اليماني موصوف بأنه أهدى الرايات ومأمور بنصرته وأن الملتوي عليه من أهل النار ... الخ. وخصوصاً إذا قارنّا الروايات التي تقول بأن السفياني والقائم في سنة واحدة، وأن السفياني يقاتل القائم، مع روايات تسابق اليماني والسفياني: (خروج الثلاثة: السفياني والخراساني واليماني، في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، وليس فيها راية أهدى من راية اليماني؛ لأنه يدعو إلى الحق). (... خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ...). (اليماني والسفياني كفرسي رهان). وربما يتضح الآن جلياً القصد من كلام الإمام الصادق ع، عندما خرج أبو مسلم الخراساني وظن بعض الشيعة أنه اليماني، وأن الأمر سيؤول إلى الإمام الصادق ع، كما يأتي في الروايات الآتية: الكافي: بسنده عن المعلى بن خنيس، قال: (ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله ع حين ظهرت المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن يؤول هذا الأمر إليك فما ترى ؟ قال: فضرب بالكتب الأرض، ثم قال: أف أف ما أنا لهؤلاء بإمام، أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني) ([21]). فقد عرفنا بأن الذي يقاتل السفياني قائم غير الحجة محمد بن الحسن العسكري ع، وهذا القائم هو ممهد للإمام المهدي ع ولا يمكن أن يكون غير أهدى الرايات، وهو اليماني الموعود. وخصوصاً إذا عرفنا أن الإمام الصادق ع في الرواية السابقة، يشير الى أن صاحب الرايات الممهدة هو الذي يقتل السفياني. إذن، فالقصد من كلام الإمام الصادق ع: (أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني)، أي إن صاحب الرايات السود يقاتل ويقتل السفياني، وهذا - أي أبو مسلم الخراساني - لم يقاتل السفياني بل لم يخرج معه أو في وقته سفياني أصلاً. وهذا يؤكد أن الذي يقاتل السفياني هو قائم من آل محمد ص يمهد لقيام الإمام المهدي ع، أو يمهد لدولة العدل الإلهية بقيادة الإمام المهدي (روحي وأرواح العالمين له الفداء). وتعدد القوّام قبل قيام الإمام المهدي ع ورد في بعض الروايات: عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): (أن أمير المؤمنين ع حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم، فقال الحسين: يا أمير المؤمنين، متى يطهر الله الأرض من الظالمين، فقال أمير المؤمنين ع: لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام - ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل -، ثم قال: إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كوفان والملتان وجاز جزيرة بني كاوان، وقام منا قائم بجيلان، وأجابته الآبر والديلمان ظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات... ثم يقوم القائم المأمول، والإمام المجهول، له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله، يظهر بين الركنين في دريسين باليين، يظهر على الثقلين، ولا يترك في أرض دمين، طوبى لمن أدرك زمانه، ولحق أوانه، وشهد أيامه) ([22]). وعن أبي عبد الله ع: (... وإنه أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديث لا تحتملونه فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم، وهي آخر خارجة تكون...) ([23]). فقوله ع: (أول قائم يقوم)، يشير إلى أن هناك أكثر من قائم يقوم، وهذا أولهم ... والله العالم. وحول مسألة القائم الذي يقاتل السفياني أيضاً يتضح لنا مراد الإمام الصادق ع في الرواية الآتية: عن عبد الحميد بن أبي الديلم، قال: كنت عند أبي عبد الله ع فأتاه كتاب عبد السلام ابن عبد الرحمن بن نعيم، وكتاب الفيض بن المختار، وسليمان بن خالد يخبرونه أن الكوفة شاغرة برجلها وأنه إن أمرهم أن يأخذوها أخذوها، فلما قرأ كتابهم رمى به، ثم قال: (ما أنا لهؤلاء بإمام أما علموا أن صاحبهم السفياني) ([24]). وقوله ع: (أما علموا أن صاحبهم السفياني)، الذي يُفهم منه؛ أي إن صاحبهم هو الذي يقاتل أو يقتل السفياني أو يخرج معه ... الخ، وخصوصاً أن الكلام موجه إلى أهل الكوفة، والذي يتسابق مع السفياني إلى الكوفة هو اليماني والخراساني، وبما أن اليماني هو أهدى الرايات ويدعو إلى الحق وإلى صراط مستقيم ومأمور بطاعته والملتوي عليه من أهل النار، فلا يكون مصداقاً لهذا الكلام غيره ... والله العالم. وقريباً من ذلك ما ذكره الشيخ المنتظري في معنى هذه الرواية، حيث قال: (ولعل المراد أن صاحبهم القائم ع، المصاحب للسفياني بحسب الزمان) ([25]). وعلى أي حال تبين مما تقدم أن اليماني هو القائم الذي يقاتل السفياني وهو معصوم لا يدخل الناس في ضلال ولا يخرجهم من حق، وأن الإمام المهدي ع لا يكون مع السفياني في سنة واحدة، بل اليماني هو الذي يكون كذلك ...، وسيتبين الحال أكثر في مستقبل هذا البحث إن شاء الله تعالى. فإن قيل: إن الإمام المهدي الحجة بن الحسن ع أيضاً سيكون عند قيامه سفياني، وسيقاتله ويقضي عليه، كما تنص عليه بعض الروايات، فقد تكون الروايات التي تنص على أن القائم والسفياني في سنة واحدة، وأن القائم يقاتل السفياني؛ تقصد السفياني الموجود عند قيام الإمام المهدي ع بمكة في عاشوراء ؟ أقول: لا يخفى أن الرواية التي تنص على أن القائم والسفياني في سنة واحدة، ناظرة الى بداية خروج السفياني، والى الدلالة على وقت خروجه، وتزامنه مع القائم ع- في سنة واحدة -، وبداية خروج السفياني لا تكون مع قيام الإمام المهدي ع في سنة واحدة، كما تقدم بيانه. وبعبارة أخرى: إن الرواية بصدد التطرق الى المرحلة الأولى للسفياني، والتي هي أخطر وأشد مرحلة، وهي التي يُخرِّب فيها بلاد الشام وبغداد والكوفة وغيرها، فحتى لو قلنا بتعدد السفياني لا يضرنا هنا، لأن احتمال إرادة السفياني الثاني أول المرحلة الثانية للسفياني بعيد جداً، ثم إن القول بتعدد السفياني ليس بالضرورة أن يعني انفصال الاثنين بالظهور أو الحركة، بل الأقرب كون السفياني الأصل واحد والتعدد يرجع الى تعدد أمراء الجيش، كما سيأتي تفصيل هذا الموضوع وذكر كل الاحتمالات، في الحلقة الرابعة من هذا البحث. وأما الرواية التي تنص على أن القائم يقاتل السفياني، فهي وإن كانت تحتمل قصد الإمام المهدي الحجة بن الحسن ع، إلا أن الأقرب هو قصد اليماني الموعود، لأن ذروة القتال مع السفياني ستكون في مرحلة التمهيد على يد اليماني الموعود وأتباعه، أما بعد قيام الإمام المهدي ع بمكة، سيكون السفياني قد انتهى ملكه، وانكسرت شوكته، بحيث تفيدنا الروايات والأخبار، إن القضاء عليه سيكون بيسر ووقت قصير جداً على يد الإمام المهدي ع. ويتأكد هذا المعنى أكثر لو لاحظنا أن الرواية تقارن مقاتلة السفياني للقائم مع مقاتلة أبي سفيان لرسول الله ص، ومقاتلة معاوية (لعنه الله) لأمير المؤمنين ع، ومقاتلة يزيد (لعنه الله) للحسين ع، فمواجهة هؤلاء السفيانيين لأهل البيت ع كان في ذروة قوتهم، وفي بداية ظهور أمر كلٌ من رسول الله ص، وأمير المؤمنين ع، والحسين ع، وهذا ما ينطبق تماماً على مقاتلة السفياني لليماني الموعود؛ القائم الأول. هزيمة السفياني من الكوفة قبل قيام الإمام المهدي ع بمكة: ربما يقال: اثبتوا أولاً أن الإمام المهدي ع يمتنع قيامه بعد ستة أشهر من خروج السفياني في الشام، أي في شهر محرم الذي يأتي بعد شهر رجب بستة أشهر، فما المانع أن يقوم الإمام المهدي ع بمكة في عاشوراء في نفس الوقت الذي يتوجه به السفياني الى العراق ؟ أقول: الجواب عن هذا الإشكال رغم أنه تبين من عموم ما سبق، ولكن لا بأس من التركيز عليه هنا. فعند التأمل في عموم الروايات والأخبار، يتضح لنا أن السفياني يُهزم من العراق، وأيضاً في معركة اصطخر، قبل قيام الإمام المهدي بمكة في عاشوراء، بل ويهزم على يد رجل يسمى أو يوصف بـ (المهدي) أيضاً، وبذلك لا يمكن أن يقوم الإمام المهدي ع بمكة بعد ستة أشهر من خروج السفياني في الشام، أي في شهر محرم الذي يملك فيه السفياني الكور الخمس، وبعده يملك تسعة أشهر ويتوجه إلى العراق وإيران ...، وللتدليل على ذلك أذكر بعض الروايات: الرواية الأولى: عن جابر، عن أبي جعفر ع قال: (تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي ع بعث إليه بالبيعة) ([26]). وروى هذه الرواية السيد ابن طاووس بهذا اللفظ: عن جابر عن أبي جعفر ع، قال: (تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان الكوفة، فإذا ظهر المهدي بمكة بعثت إليه بالبيعة) ([27]). فمن المعلوم أن الرايات السود الممهدة، تأتي إلى الكوفة وتخوض معارك عنيفة مع جيش السفياني، كما تبينه الروايات، وتكون النتيجة هزيمة جيش السفياني، وكسر شوكته في الشرق، والرواية أعلاه تنص على أن الرايات السود تصل وتنزل الكوفة، ثم تقول الرواية: (فإذا ظهر المهدي بمكة بعثت إليه بالبيعة)، ولا يخفى أن الرواية واضحة المعنى؛ بأن ظهور المهدي ع بمكة متأخر عن خروج الرايات السود وعن وصولها إلى الكوفة، بل يستفاد منها أن ظهور المهدي ع بمكة، ليس قريباً أو بعد أيام معدودة من نزول الرايات السود الكوفة، وخصوصاً إذا لاحظنا الروايات الآتية، بل أحد الأخبار ينص على أن بين خروج الرايات السود وبين أن يسلم الأمر للمهدي ع ست سنين، كما سيأتي قريباً في الروايات الآتية. فإذا قلنا بأن الرايات السود تخرج نحو الكوفة في نفس وقت خروج السفياني نحو الكوفة - كما تشير إليه الروايات -، فهذا يعني أن السفياني عندما يسيطر على كور الشام الخمس، بعد قتال لستة أشهر : (رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة)، بعد تمام الشهر السادس، يتوجه السفياني نحو العراق، وفي العراق وإيران سيواجه السفياني معارك أهما مواجهته مع الرايات السود الممهدة، وهذه الرايات السود بعد أن تصل الى الكوفة - وهذا الوصول يعني أنها خاضت المعركة مع السفياني أو انتهت منها وهزمت السفياني - إذا بلغها أن المهدي ع قد ظهر بمكة بعثت إليه بالبيعة. فهل يمكن أن يكون كل ذلك يتحقق خلال عشرة أيام لا غير ؟! طبعاً، هذا إذا فرضنا أن خروج السفياني سيكون في بداية شهر رجب، أما إذا فرضنا أن خروج السفياني لا يكون في بداية شهر رجب، أي في منتصفه أو في نهايته، أو بعد العاشر من رجب، فهنا لا يتم للسفياني ستة أشهر إلا بعد العاشر من محرم، وبهذا لا يسيطر على الكور الخمس إلا بعد العاشر من محرم، وهذا يعني أنه لا يتوجه الى العراق إلا بعد العاشر من محرم، أي بعد قيام الإمام المهدي ع بمكة في عاشوراء. في حين أننا سمعنا أن الرايات السود التي تقاتل السفياني في المشرق، تنزل الكوفة ولما يظهر الإمام المهدي ع بمكة بعد ! الرواية الثانية: عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله ص: (تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس، ثم يمكثون ما شاء الله، ثم تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلاً من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق، ويؤدون الطاعة للمهدي) ([28]). وهذه الرواية تؤيد ما قلته في التعليق على الرواية الأولى، من أن الرايات السود تخرج على السفياني وجيشه عندما يتوجه الى العراق، وبعد وصولها الى الكوفة، إن بلغها أن المهدي ع قد ظهر بمكة، بعثت إليه بالبيعة، وهذا يعني أن قتال السفياني مع الرايات السود متقدم على ظهور الإمام المهدي ع بمكة، وقد تقدم أيضاً أن السفياني لا يتوجه إلى العراق إلا بعد أن يقاتل ستة أشهر في الشام، والستة أشهر لا تنتهي إلا في بداية شهر محرم، هذا إذا فرضنا أن السفياني يخرج في بداية شهر رجب، وإنه يتوجه إلى العراق بمجرد أن تتم له ستة أشهر، في حين أنه قد يتأخر لفترة معينة قد تكون أقل من شهر أو أكثر. والمحصلة؛ إنه على أحسن الاحتمالات لا توجد فترة بين بداية توجه السفياني الى العراق وبين ظهور الإمام المهدي ع بمكة إلا عشرة أيام لا غير، وهي لا تكفي لاستيعاب فترة توجه السفياني إلى العراق، ثم توجه الرايات السود إليه إلى أن تنزل الكوفة، وخصوصاً إذا عرفنا أن السفياني يصل الى الكوفة قبل الرايات السود، كما يستفاد من بعض الأخبار، منها الخبر الآتي: عن أرطأة، قال: (يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام، ويقتل من أهلها ستين ألفاً، ويمكث فيها ثماني عشرة ليلة يقسم أموالها ...) ([29]). الرواية الثالثة: عن محمد بن الحنفية، قال: (تخرج راية سوداء لبني العباس، ثم تخرج من خراسان أخرى سوداء، قلانسهم سود، وثيابهم بيض، على مقدمتهم رجل يقال له: شعيب بن صالح، أو: صالح بن شعيب من تميم، يهزمون أصحاب السفياني حتى ينزل بيت المقدس، يوطئ للمهدي سلطانه، ويمد إليه ثلاثمائة من الشام يكون بين خروجه وبين أن يسلم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهراً) ([30]). وهذه الرواية تعطينا تفاصيل أكثر عن الرايات السود، فهي تنص أن على مقدمة هذه الرايات قائد يسمى (شعيب بن صالح)، وإنه يهزم جيش السفياني حتى يصل الى بيت المقدس، وإن بين خروج الرايات السود بقيادة شعيب بن صالح وبين أن يسلم الأمر للمهدي ع اثنان وسبعون شهراً، وأقل ما يقال - حسب هذا الخبر - إن السفياني يهزم من العراق قبل قيام الإمام المهدي ع بمكة يقيناً، وهذا يعني أن الإمام المهدي ع لا يقوم بمكة في محرم الذي يسيطر فيه السفياني على الكور الخمس في الشام، بل في محرم آخر. الرواية الرابعة: عن رسول الله ص، أنه قال: (تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء) ([31]). وبيان هذه الرواية يعرف مما تقدم من التعليق على الروايات السابقة. الرواية الخامسة: عن جابر عن أبي جعفر ع، قال: (يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال، من خراسان برايات سود بين يديه شعيب بن صالح يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم) ([32]). وهي أيضاً تؤيد ما أفادته الروايات السابقة. الرواية السادسة: عن أمير المؤمنين ع: (تخرج رايات سود تقاتل السفياني، فيهم شاب من بني هاشم، في كتفه [كفه] اليسرى خال، وعلى مقدمته رجل من بنى تميم، يدعى شعيب بن صالح، فيهزم أصحابه) ([33]). وهي بمعنى ما تقدم تقريباً. الرواية السابعة: عن أمير المؤمنين ع: (إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة، بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود، على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر، فتكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود، وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه) ([34]). وهذه الرواية تتحفنا بشيء مهم جداً، وهو أن المهدي ع موجود وظاهر عند خروج الرايات السود من خراسان، وقبل وصولها إلى الكوفة، بينما الروايات والأخبار المتقدمة تبين وتنص على أن المهدي لا يظهر بمكة إلا بعد أن تصل الرايات السود إلى الكوفة، وأكيداً إن المهدي الأول غير الإمام المهدي ع الذي يقوم بمكة في عاشوراء، بعد هزيمة السفياني من العراق والمشرق عموماً. الرواية الثامنة: عن أمير المؤمنين ع: (إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشاً فخسف بهم بالبيداء، وبلغ ذلك أهل الشام، قالوا لخليفتهم: قد خرج المهدي فبايعه وادخل في طاعته وإلا قتلناك، فيرسل إليه بالبيعة، ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس، وتنقل إليه الخزائن، وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال حتى تبنى المساجد بالقسطنطينية وما دونها، ويخرج قبله رجل من أهل بيته بأهل الشرق ويحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس، فلا يبلغه حتى يموت([35])) ([36]). ومن هذه الرواية نعرف أن قبل قيام الإمام المهدي ع بمكة، يكون خروج لرجل من أهل بيته في المشرق، (ويخرج قبله رجل من أهل بيته بأهل الشرق ويحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس، فلا يبلغه حتى يموت). وهذا الرجل الممهد الذي من أهل بيت الإمام المهدي ع، يقاتل ثمانية أشهر في الشرق ويتوجه الى بيت المقدس، ومن الروايات المتقدمة والآتية نعرف أن هذا الرجل هو صاحب الرايات السود الذي يقاتل السفياني ويهزمه. فنعرف أن هذا الرجل المشرقي يقضي ثمانية أشهر في قتال السفياني وأتباعه ومؤيديه أو نظرائه، وهذه الثمانية أشهر كلها قبل قيام الإمام المهدي ع بمكة في العاشر من محرم، وهذه المدة متطابقة تماماً مع مدة ملك السفياني بعد أن يسيطر على الكور الخمس، وخصوصاً إن قلنا أن السفياني لا يتوجه إلى العراق بمجرد انتهاء قتاله في الشام في بداية شهر محرم، بل قد يتأخر ما يقارب الشهر. فيعتبر هذا الرجل المشرقي الذي من أهل بيت الإمام المهدي ع هو الذي يقاتل السفياني لمدة ثمانية أشهر ويهزمه من المشرق، وكل ذلك قبل قيام الإمام المهدي ع بمكة، فكيف يمكن القول بأن الإمام المهدي ع يقوم بمكة، في شهر محرم الذي يسيطر فيه السفياني على كور الشام الخمس، بعد قتال يدوم ستة أشهر ؟! الرواية التاسعة: عن عبد السلام ابن مسلمة سمع أبا قبيل: (يبعث السفياني جيشاً إلى المدينة، فيأمر بقتل كل من كان فيها من بني هاشم حتى الحبالى، وذلك لما يصنع الهاشمي الذي يخرج على أصحابه من المشرق، يقول: ما هذا البلاء كله وقتل أصحابي إلا من قبلهم، فيأمر بقتلهم، فيقتلون حتى لا يعرف (منهم) بالمدينة أحد، ويفترقوا منها هاربين إلى البوادي والجبال وإلى مكة حتى نساؤهم، ويضع جيشه فيهم السيف أياماً، ثم يكف عنهم، ولا يظهر بينهم إلا خائف حتى يظهر أمر المهدي بمكة، فإذا ظهر بمكة، اجتمع كل من شذ منهم إليه بمكة) ([37]). ويتبين من هذا الخبر أن قتال الرايات السود مع السفياني وهزيمته يكون قبل ظهور الإمام المهدي ع بمكة، وهو يؤيد ما سبق وما يأتي. الرواية العاشرة: عن الإمام علي ع، قال: (إذا هزمت الرايات السود خيل السفياني التي فيها شعيب بن صالح تمنى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكة ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي ركعتين بعد أن ييأس الناس من خروجه لما طال عليهم من البلاء، فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيها الناس ألح البلاء بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وبأهل بيته خاصة، قهرنا وبغي علينا) ([38]). والرواية صريحة الدلالة على أن الإمام المهدي ع لا يقوم بمكة، إلا بعد أن تهزم الرايات السود السفياني وجيشه، بقيادة شعيب بن صالح. الرواية الحادية عشر: عن رسول الله ص: (... تدخل مدينة الزوراء، فكم من قتيل وقتيلة ومال منتهب وفرج مستحل، رحم الله من آوى نساء بني هاشم يومئذ وهن حرمتي، ثم ينتهي إلى ذكر السلطان بذي الغريين، فيخرج إليهم فتيان من مجالهم عليهم رجل يقال له صالح، فتكون الدائرة على أهل الكوفة، ثم تنتهي إلى المدينة فتقتل الرجال وتبقر بطون النساء من بني هاشم، فإذا حضر ذلك فعليكم بالشواهق وخلف الدروب، وإنما ذلك حمل امرأة، ثم يقبل الرجل التميمي شعيب بن صالح، سقى الله بلاد شعيب، بالراية السوداء المهدية بنصر الله وكلمته حتى يبايع المهدي بين الركن والمقام) ([39]). وبمقارنة هذه الرواية مع ما تقدم، يتضح أن فتنة السفياني تستمر في المشرق تسعة أشهر (حمل امرأة)، ثم يكون النصر لشعيب بن صالح، صاحب الراية المهدية، الى أن يبايع الإمام المهدي ع في مكة، وهذا يدل على أن فتنة السفياني تنقضي من المشرق، وبعدها يقوم القائم ع بمكة. الرواية الثانية عشر: عن أبي جعفر ع، أنه قال: (لا بد من رحى تطحن فإذا قامت على قطبها وثبتت على ساقها بعث الله عليها عبداً عنيفاً خاملاً أصله، يكون النصر معه أصحابه الطويلة شعورهم، أصحاب السبال، سود ثيابهم، أصحاب رايات سود، ويل لمن ناواهم، يقتلونهم هرجاً، والله لكأني أنظر إليهم وإلى أفعالهم، وما يلقى الفجار منهم والأعراب الجفاة يسلطهم الله عليهم بلا رحمة فيقتلونهم هرجاً على مدينتهم بشاطئ الفرات البرية والبحرية، جزاء بما عملوا وما ربك بظلام للعبيد) ([40]). ولا يخفى أن أصحاب الرايات السود في هذه الرواية، هم أنفسهم أصحاب الرايات السود في الروايات المتقدمة، ونصرهم يتم قبل قيام الإمام المهدي ع بمكة. الرواية الثالثة عشر: عن عبد الله بن أبي منصور البجلي قال: سألت أبا عبد الله ع عن اسم السفياني فقال: (وما تصنع باسمه ؟ إذا ملك كور الشام الخمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين، فتوقعوا عند ذلك الفرج، قلت: يملك تسعة أشهر ؟ قال: لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً) ([41]). ومن المعلوم - مما تقدم - أن السفياني يملك الكور الخمس بعد تمام شهر ذي الحجة وبداية شهر محرم، والرواية الشريفة أعلاه تقول عند ذلك توقعوا الفرج أي قيام الإمام المهدي ع، لا أنه سيقوم عند ذلك، فالرواية واضحة في التراخي الزمني، وخصوصاً إن تأملنا ما سبق من الروايات. إذن فقد تبين بوضوح تام؛ إن السفياني يخرج في شهر رجب، ويقاتل ستة أشهر في الشام يسطر فيها على الكور الخمس، (1- رجب. 2- شعبان. 3- رمضان. 4- شوال. 5- ذو القعدة. 6- ذو الحجة)، فإذا كان خروجه في أول شهر رجب، فستنتهي الستة أشهر في نهاية شهر ذي الحجة وبداية شهر محرم الحرام، ثم يملك تسعة أشهر، يتوجه فيها الى توسعة نفوذه في المشرق ( العراق وإيران وغيرهما)، (1- محرم. 2- صفر. 3- ربيع الأول. 4- ربيع الثاني. 5- جمادى الأولى. 6- جمادى الثانية. 7- رجب. 8- شعبان. 9- رمضان). فينتهي ملكه في نهاية شهر رمضان، ثم يقوم الإمام المهدي ع بمكة، بعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام، ( 1- شوال. 2- ذو القعدة. 3- ذو الحجة. 4- العاشر من شهر محرم). بقيت مسألة لابد من بيانها: وهي معرفة وقت تحرك السفياني إلى العراق، ومتى يكون خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد ؟ وهل أن اليماني يظهر مع أول خروج السفياني في رجب، أم ماذا ؟ وللإجابة على ذلك لابد أن نستعرض الروايات أولاً، والروايات والأخبار مستفيضة على أن السفياني لا يتوجه إلى العراق إلا بعد أن يملك الكور الخمس وبعد الانتصار على الأبقع والأصهب ... الخ، فاستمع وتدبر: عن الباقر ع: (... ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه، ثم يقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسياء، فيقتتلون بها فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً ...) ([42])، ([43]). فالأمر واضح في الرواية السابقة، وهو أن السفياني لا يتوجه إلى العراق إلا بعد القضاء على الأبقع والأصهب، وبعد سيطرته على المنطقة، وسيتضح الأمر أكثر من خلال ما يأتي. عن عمار بن ياسر أنه قال: (... ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك، رجل أبقع، ورجل أصهب، ورجل من أهل بيت أبي سفيان يخرج في كلب، ويحضر الناس بدمشق، ويخرج أهل الغرب إلى مصر. فإذا دخلوا فتلك إمارة السفياني، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد ص،... ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء، ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني، فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا. ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد ص ويقتل رجلاً من مسميهم ...) ([44]). وعن جابر، عن أبي جعفر ع: (إذا ظهر السفياني على الأبقع وعلى المنصور والكندي والترك والروم، خرج وصار إلى العراق ...) ([45]). وعن جابر، عن أبي جعفر ع، قال: (إذا ظهر الأبقع مع قوم ذوي أجسام فتكون بينهم ملحمة عظيمة، ثم يظهر الأخوص السفياني الملعون فيقاتلها جميعاً فيظهر عليهما جميعاً... ثم يسير إلى العراق وترفع قبل ذلك ثنتا عشرة راية بالكوفة معروفة منسوبة ...)([46]). وعن علي بن أبي طالب ع، قال: (... فيفاجئهم السفياني في عصائب أهل الشام، فتختلف الثلاث رايات، رجال ولد العباس هم الترك والعجم، وراياتهم سوداء، فيقتل فيما بينهم ستون ألفاً، فيغلب السفياني وإنه ليعدل فيهم حتى يقول القائل والله ما كان يقال فيه إلا كذب، والله إنهم لكاذبون، لو يعلمون ما تلقى أمة محمد ص منه ما قالوا ذلك.... فيجيش جيشين: جيش إلى المدينة وجيش إلى المشرق، فأما جيش المشرق فيقتلون بالزوراء سبعين ألفاً، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة، ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقاً ...)([47]). فهذه الروايات وربما توجد غيرها لم أحط بها في هذه العجالة، كلها تبين أن السفياني لا يتوجه إلى العراق إلا بعد أن يقضي على الأبقع والأصهب وربما غيرهم، وحتى يملك الكور الخمس، وقد علمنا أنه بعد أن يملك الكور الخمس يملك تسعة أشهر. وهذا يعني أن السفياني يخرج في الشام ويبقى يقاتل هناك ستة أشهر وبعد ذلك يتوجه إلى العراق، والروايات تنص على أنه عندما يتوجه إلى العراق أو إلى الكوفة بالخصوص، يخرج معه في نفس اليوم والشهر والسنة اليماني والخراساني، يتسابقون إلى الكوفة كخيل الرهان. إذن يتبين أن خروج الثلاثة في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، متأخر عن بداية خروج السفياني في الشام، فالخروج هنا هو الخروج إلى العراق، وهو متأخر عن بداية خروج السفياني بستة أشهر - كما تقدم مراراً -. وهذا يؤكد لنا أن القائم الذي يقاتل السفياني، أو الذي يكون معه في نفس السنة، ليس هو محمد بن الحسن العسكري ع؛ لأن السفياني هنا قد خرج ستة أشهر يقاتل، وبعد أن ملك الكور الخمس يتجه نحو العراق، ثم بعد تسعة أشهر ينتهي ملكه ويقضى عليه، وتقدم أن نهاية ملكه تكون في شهر رمضان تقريباً، أي يكون قد مضى على أول خروج السفياني خمسة عشر شهراً وقضي عليه، وإلى الآن لم يقم الإمام المهدي ع؛ لأن الروايات تنص على أنه يقوم في محرم، أي بعد القضاء على السفياني بثلاثة أشهر وأيام، فكيف يقاتله أو يكون معه في سنة واحدة ؟! وقد اضطربت الأقلام في بيان ومعرفة معنى خروج اليماني والسفياني ... في يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة .. حيث توهموا أن هذا الخروج هو بداية خروج السفياني واليماني، وقبل ذلك لا أثر لهما على الساحة .. وهذا وهم واشتباه كبير؛ لأن الروايات لا علاقة لها ببدء وجود اليماني والسفياني والخراساني .. بل تعرضت إلى خروجهم على دولة بني العباس في العراق على أنه في يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة - هذا الخروج بالتحديد -، أما قبل ذلك فالروايات لم تحدد خروجهم أو ظهورهم في زمن واحد أبداً، ولنتأمل في أكثر الروايات تفصيلاً لذلك: الشيخ النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ([48])، قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي ([49]) من كتابه: قال: حدثنا إسماعيل بن مهران ([50])، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة ([51])، عن أبيه ووهيب بن حفص ([52])، عن أبي بصير ([53])، عن أبي جعفر محمد بن علي ع، أنه قال: (... ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا كان كذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة وخرج السفياني. وقال: لابد لبني فلان من أن يملكوا، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم، وتشتت أمرهم، حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من هنا، وهذا من هنا، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنهم لا يبقون منهم أحداً. ثم قال ع: خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم. ثم قال لي: إن ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار، وكرجل كانت في يده فخارة وهو يمشي إذ سقطت من يده وهو ساه عنها فانكسرت، فقال حين سقطت: هاه - شبه الفزع - فذهاب ملكهم هكذا أغفل ما كانوا عن ذهابه ...) ([54]). الشيخ الطوسي ([55]): عن (الفضل بن شاذان) ([56])، عن سيف بن عميرة ([57])، عن بكر بن محمد الأزدي ([58])، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (خروج الثلاثة: الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، وليس فيها راية بأهدى من راية اليماني يهدي إلى الحق) ([59]). فنرى التأكيد كله منصباً على خروج الثلاثة عند اختلاف بني فلان - بني العباس - ونحو العراق أو الكوفة بالخصوص، وهذا الخروج ليس بداية ظهور وخروج السفياني واليماني على الساحة .. وقد تقدم بيان أن السفياني خارج قبل هذا الوقت بستة أشهر في الشام وقد خاض حروباً كثيرة وشديدة وسيطر على عدة دول ! ولا يفوتني أن أعرج على كتاب الكوراني (عصر الظهور) لنرى كيف بنى أفكاره في هذه المسألة على وهم، وجعل من هذا الوهم مقياساً للحقائق، فهو كحاطب ليل لا يدري أين يضع فأسه ! قال الكوراني في كتابه عصر الظهور ص112 – 113: (فعن الإمام الصادق ع قال: (ومن المحتوم خروج السفياني في رجب) البحار: ج52 ص249، وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي ع بنحو ستة أشهر؛ لأنه ع يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم من تلك (السنة). ويعني أيضاً أن سيطرة السفياني على منطقة بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي ع، الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق، ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته. وعلى هذا، تكون مراحل حركة السفياني ثلاثة: مرحلة تثبيت سلطته في الستة أشهر الأولى، ثم مرحلة غزوه ومعاركه في العراق والحجاز، ثم مرحلة تراجعه عن التوسع في العراق والحجاز، ودفاعه أمام زحف جيش المهدي عما يبقى في يده من بلاد الشام، وعن إسرائيل والقدس) انتهى. فلاحظ؛ إن الكوراني قال أولاً إن خروج السفياني قبل ظهور الإمام المهدي ع بستة أشهر، ثم ينقض قوله هذا عندما يقول إن حركة السفياني على ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى تثبيت سلطته في ستة أشهر .. والمرحلة الثانية هي مرحلة غزوه ومعاركه في العراق والحجاز. وعلى هذا لابد أن يقوم الإمام المهدي ع عند نهاية أول مرحلة من مراحل السفياني - الستة أشهر - أي إن الإمام المهدي ع يقوم قبل أو عند توجه السفياني نحو العراق. وهذا ما لا يقوله حتى الكوراني نفسه، والروايات خلافه، حيث أنها بيَّنت أن السفياني يقاتل ستة أشهر في الشام وبعد ذلك يتوجه نحو العراق، وبعد تملكه الشامات يبقى تسعة أو ثمانية أشهر حتى يهلك، ونجد أن السفياني يتوجه إلى العراق بعد الستة أشهر، والإمام المهدي ع غير قائم، بل ويخوض الحروب في العراق وغيره وما زال الإمام المهدي ع غير قائم، بل وتمضي خمسة عشر شهراً على خروج السفياني، وأيضاً الإمام المهدي ع غير قائم في الوقت الذي حدده الكوراني، وهو العاشر من محرم. فكيف يحدد الكوراني خروج السفياني قبل قيام الإمام المهدي ع بستة أشهر، ثم يحدد الفترة التي يسيطر فيها السفياني على الشام فقط بستة أشهر .. حيث قال نصاً: (أن سيطرة السفياني على منطقة بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي ع، الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق، ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته). وإرسال الجيش إلى العراق ثم إلى الحجاز يكون في المرحلة الثانية - حسب تصنيف الكوراني – وهذه المرحلة تبدأ بعد الستة أشهر التي يسيطر فيها السفياني على الشام، وقبل قيام الإمام المهدي ع في عاشوراء، فأين هو زمن المرحلة الثانية ؟! نعم .. هنا تشابه البقر على الكوراني أكيداً .. لأن الستة أشهر التي هي من بداية خروج السفياني إلى قيام الإمام المهدي ع في عاشوراء - على رأي الكوراني - تنتهي فقط بسيطرة السفياني على الشام وحينئذ تبدأ المرحلة الثالثة - من مراحل الكوراني - بقيام الإمام المهدي ع في عاشوراء .. وكما قدمت تبقى المرحلة الثانية بلا وقت أصلاً؛ لأننا حتى لو قلنا بأن السفياني يخرج في بداية رجب فلا تتم له ستة أشهر إلا بنهاية ذي الحجة، وعندئذ يبقى على قيام الإمام المهدي ع عشرة أيام لا غير، فهل أن السفياني يتوجه نحو العراق والري وغيرها ويخوض معاركه الطاحنة فيها و.. و.. كلها في عشرة أيام ؟!! وليس هذا نهاية خبط الكوراني .. بل تعال معي إلى الصفحة (142) من كتابه عصر الظهور، حيث يقول: (وتكون نهاية السفياني أن يقبض عليه أحد جنود الإمام المهدي فيقتلونه عند بحيرة طبرية أو عند مدخل القدس كما تذكر الروايات. وينهون ذلك حياة طاغية استطاع في خمسة عشر شهراً أن يرتكب من الجرائم ما لا يستطيع أن يرتكبه غيره في سنين طويلة). وهنا الكوراني ينص على أن مدة السفياني من خروجه إلى هلاكه خمسة عشر شهراً، وأكيداً أنه اعتمد على الرواية التي تفصل مدة السفياني بأنه يخرج في رجب ومن بداية خروجه إلى نهاية ملكه خمسة عشر شهراً يقاتل فيها ستة أشهر في الشام ثم يملك تسعة أشهر. فأقول: قال الكوراني في الصفحة (112): (فعن الإمام الصادق ع قال: (ومن المحتوم خروج السفياني في رجب)، وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي ع بنحو ستة أشهر؛ لأنه ع يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم من تلك "السنة") انتهى. وإصرار الكوراني على أن الإمام المهدي ع يقوم في محرم الذي من نفس سنة شهر رجب الذي يخرج فيه السفياني؛ أوقعه في متاهات لا مخرج منها، لأن من خروج السفياني في رجب إلى ستة أشهر هي الفترة التي يقاتل فيها السفياني حتى يسيطر على الكور الخمس في الشام، والروايات تؤكد على أن هلاك السفياني بعد ذلك بتسعة أو ثمانية أشهر، بينما الكوراني توهم أن بعد نهاية الستة أشهر بعشرة أيام يقوم الإمام المهدي ع في عاشوراء من نفس السنة، في حين أننا نجد الروايات تبين أن في أيام قيام القائم ع يخسف بجيش السفياني أو بالسفياني وجيشه .. وعلى فرض تعدد السفياني، فأيضاً تبين الروايات بأن هلاكه لا يطول بعد قيام الإمام المهدي ع في مكة أكثر من شهر .. وإن تنزلنا نعطي للكوراني شهرين أو ثلاثة .. فأيضاً لا تبلغ مدة السفياني خمسة عشر شهراً من بداية خروجه في رجب إلى نهاية ملكه، بل تكون مدته كلها ثمانية أشهر أو تسعة، في حين إننا نجد الروايات تصرح بأن ملكه فقط تسعة أشهر، فضلاً عن قتاله قبل ملكه أو سيطرته ستة أشهر، بل إننا نجد أن السفياني يهزم من العراق ومن الري .. قبل محرم الذي يقوم فيه الإمام المهدي ع، ونعرف أيضاً أنه يخسف بجيشه قبل العاشر من محرم أو بعده بأيام، وعندئذ يكون ملك السفياني قد تهرأ ولم يبق منه إلا القليل، ثم إن الإمام المهدي ع يُجْهِز عليه في مدة يسيرة، فهل كل هذا يتحقق في عشرة أيام، أو أقل إن قلنا إن السفياني لا يخرج في بداية شهر رجب ؟! فإذا سرنا على كلام الكوراني فتكون معارك السفياني واليماني والخراساني وكثير من الأحداث في العراق وفي إيران وغيرهما تكون في أو بعد محرم الذي يقوم فيه الإمام المهدي ع؛ لأن الروايات مجمعة على أن السفياني لا يتوجه إلى العراق إلا بعد أن يسيطر على كور الشام الخمس (دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين)، وسيطرته على تلك الكور يكون في ستة أشهر: عن أبي عبد الله ع أنه قال: (السفياني من المحتوم، وخروجه في رجب، ومن أول خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً، ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً) ([60]). وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع أنه قال: (إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدوا له تسعة أشهر...) ([61]). وعن عبد الله بن أبي منصور البجلي، قال: (سألت أبا عبد الله ع عن اسم السفياني فقال: وما تصنع باسمه ؟ إذا ملك كور الشام الخمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين، فتوقعوا عند ذلك الفرج، قلت: يملك تسعة أشهر ؟ قال: لا، ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوماً) ([62]). إذن فلا محيص من التنازل عن كون الإمام المهدي ع يقوم في شهر محرم الذي هو بعد ستة أشهر من شهر رجب الذي يخرج فيه السفياني، وإلا فلا تستقيم الأحداث أبداً؛ لأن من المقطوع به أن غزو السفياني للعراق يكون قبل قيام الإمام المهدي ع بعدة أشهر، وعلى حساب الكوراني يكون توجه السفياني نحو العراق عند أو بعد قيام الإمام المهدي ع؛ لأنه حصر مدة خروج السفياني قبل قيام الإمام المهدي ع بنحو ستة أشهر فقط، وكما تقدم أن هذه الستة أشهر هي الفترة التي يقاتل فيها السفياني في الشام حتى يسيطر على الكور الخمس ثم بعد ذلك يتوجه إلى العراق وإلى غيره ويستمر ملكه في الشام بعد سيطرته تسعة أو ثمانية أشهر .. أي تكون مدة السفياني من بداية خروجه إلى نهاية ملكه خمسة عشر شهراً. عن الباقر ع: (... ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه، ثم يقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسياء، فيقتتلون بها فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً ...) ([63]). إذن فكيف يقول الكوراني إن السفياني يخرج قبل قيام الإمام المهدي ع بستة أشهر فقط؟! وإذا تبيَّن ما تقدم، وهو أن الإمام المهدي ع لا يمكن أن يكون قيامه بعد خروج السفياني - في رجب - بستة أشهر فقط، وبعد سماع اعتراف الكوراني بأن بقاء السفياني خمسة عشر شهراً، يتبين أن الكوراني قد غفل عن أمر آخر، وهو أن بقاء السفياني - على حسابه - لا يبقى إلا سبعة أو ثمانية أو تسعة أشهر على أكثر التقادير .. وعلى أي حال لا يصل إلى خمسة عشر شهراً؛ لأنه لا يبقى تسعة أشهر بعد قيام الإمام المهدي ع في محرم، حسب ما تفيده الروايات المتكاثرة، فأين هي الخمسة عشر شهراً ... وأين هي التسعة أشهر التي يملك فيها السفياني بعد أن يقاتل ستة أشهر ؟!!! وأكيداً أن الكوراني سيذهل عندما يتضح له أن السفياني الذي يخرج في رجب ويبقى خمسة عشر شهراً، تتم سيطرته على الشام في شهر محرم، ثم يملك تسعة أشهر يتوجه فيها إلى توسيع ملكه نحو العراق وإيران والحجاز ... وتنتهي التسعة أشهر، والى الآن لم يقم الإمام المهدي ع؛ لأنه على هذا لا يقوم في محرم الذي يلي رجب الذي يخرج فيه السفياني، بل في محرم الذي بعده أي بعد سنة كاملة بعد سيطرت السفياني على الشام، وإذا حسبنا تسعة أشهر من محرم - بداية ملك السفياني - يكون هلاك السفياني في شهر رمضان أي قبل محرم الثاني بأكثر من ثلاثة أشهر. وإن قلت: إن هناك روايات تنص على أن السفياني موجود عند قيام الإمام المهدي ع في العاشر من محرم بمكة ؟ أقول: نعم .. وسيأتي الكلام عن ضرورة القول بتعدد السفياني بوجه ما، بل حتى تعدد القائم، في الحلقة الرابعة إن شاء الله تعالى، وقد تقدم بيان ذلك مختصراً. بقي أن نعرف: إذا قلنا بأن السفياني يتوجه إلى العراق بعد أن يقاتل في الكور الخمس ستة أشهر - من رجب إلى محرم -، وإن اليماني يتسابق معه إلى الكوفة في هذا الوقت كما تنص الروايات، فهل هذا يعني أن اليماني وكذلك الخراساني غير ظاهرين وغير خارجين قبل توجه السفياني إلى العراق ؟ وبعبارة أخرى: هل هذا يستلزم أن لا وجود لليماني - ظهوراً أو خروجاً - قبل توجه السفياني إلى العراق؛ لأن الروايات تصف خروجهم هذا في سنة واحدة وشهر واحد ويوم واحد ؟ الجواب: ربما تنبه القارئ الفطن من خلال ما تقدم إلى عدم وجود أي ملازمة بين بداية خروج الثلاثة (اليماني والخراساني والسفياني)، نعم خروجهم المسلح نحو الكوفة يكون في يوم واحد، ولكن الخروج إلى الكوفة شيء، والخروج قبل ذلك شيء آخر، فقد تبين بأوضح صورة أن السفياني خارج قبل ذلك بستة أشهر. فالظاهر أن الروايات التي تنص على خروج هؤلاء الثلاثة إلى الكوفة في وقت واحد، قد أوهمت الجميع بأن لا وجود لهم قبل ذلك الوقت، في حين أن هذا الأمر مسكوت عنه، بل إنه مخالف للروايات التي يتضح منها أن السفياني خارج قبل ذلك بكثير. فغاية ما تدل عليه روايات خروج الثلاثة؛ هو تحديد خروجهم إلى الكوفة في يوم واحد وتسابقهم إليها، أما خروجهم قبل ذلك فمصرح به بالنسبة للسفياني ومسكوت عنه بالنسبة لليماني والخراساني، بل سيأتي - إنْ شاء الله - أنَّ خروج اليماني قبل ذلك مشار إليه في روايات كثيرة، وأيضاً يستفاد ذلك مما تقدم من هذا البحث. وقول الباقر ع: (... فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه ...)، ليس بالضرورة أن يكون هذا الخروج محصوراً بالخروج الذي يزامن توجه السفياني إلى الكوفة، فقد يكون اليماني خارجاً قبل ذلك. كما أن خروج السفياني عندما يذكر في بقية الروايات لا يعني بالضرورة أنه توجهه إلى الكوفة، بل قد يراد منه بداية خروجه في رجب والذي يستمر إلى خمسة عشر شهراً، وسيأتي إن شاء الله التركيز على ذلك. فلا يمكن الجزم بأن اليماني الموعود مهمته مقتصرة على مواجهة السفياني وطرده من العراق، فقد يكون قبل ذلك عنده مهام أخرى، كما أن للسفياني قبل ذلك حروب طاحنة ولمدة ستة أشهر، وبهذا ينفك تماماً التلازم بين خروج اليماني والسفياني، إلا في توجههما إلى العراق أو الكوفة كما تقدم. وقد ذكر الكوراني رواية واعترف بصحة سندها، تدل على ذلك، في كتابه عصر الظهور، حيث قال: (... ولكن توجد رواية أخرى صحيحة السند عن الإمام الصادق ع تقول: "يخرج قبل السفياني مصري ويماني") ([64]). وعليه فيكون هذا اليماني الأول ممهداً لليماني الموعود ... أما وقت خروج هذا اليماني الأول، فقد حددت الرواية الشريفة أنه قبل السفياني فقط. وقد يكون قبله بمدة قليلة أو سنين طويلة. والله العالم) ([65]). وهنا الكوراني التجأ إلى القول بأن اليماني في هذه الرواية هو يماني ممهد لليماني الموعود، لتوهمه بأن اليماني الموعود لا يظهر إلا مع توجه السفياني نحو العراق، وبعد اتضاح عدم الملازمة بين خروج السفياني واليماني، لا يلتفت إلى هذا التأويل الاضطراري. فيمكن القول بأن اليماني ظاهر قبل خروج السفياني في رجب، وربما قبل ذلك بسنين، نظراً إلى وصف اليماني بأنه صاحب دعوة (يدعو إلى صاحبكم) و (يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم)، واتضح أن الطريق المستقيم هو ولاية أمير المؤمنين ع. ولا يخفى أن هكذا دعوة تأتي بكل الحق وبالدين الإلهي الخالص، في وسط الزمان الذي وصف بأنه مملوء بالفتن والانحرافات، وكثرة الرايات الضالة، وفساد فقهاء الدين وإتباع الناس لهم، وامتلاء الأرض ظلماً وجوراً ... الخ، فلابد أن تحتاج هكذا دعوة إلى وقت طويل لكي تستطيع أن تبرهن على فساد الواقع الديني والسياسي والاجتماعي وانحرافه، وتثبت الدين الحق الذي جاء به الرسول محمد ص وأهل بيته ص، مع ملاحظة أن هكذا دعوة تخرج في هكذا مجتمع حتماً ستعامل على أنها دين جديد وبدعة وانحراف عما تعارف عليه الناس من دين الفقهاء، كما روي عن الرسول محمد ص وعن أهل بيته في روايات متواترة، اقتصر على اثنتين منها: عن أبي جعفر ع: (إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله ص، وإن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) ([66]). وعن جابر، عن أبي جعفر ع، قال: (يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤن يتقرؤن ويتنسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير، يتبعون زلات العلماء وفساد علمهم...) ([67]). فكم يحتاج اليماني الموعود لكي يثبت زيف هؤلاء الفقهاء وابتعادهم عن الدين، وكم يحتاج لكي يُقنع أتباعه بدعوته ويرسخ إيمانهم بها، ويربيهم تربية تؤهلهم إلى أن يكونوا الثلة التي تمهد لدولة العدل الإلهي ... ؟؟؟ في حين نجد أن جيش السفياني يجتمع بيسر وسهولة وبأقصر مدة وبأعداد مهولة، كما نسمعه في خبر طويل عن الإمام علي ع: (... ثم يخرج إلى الغوطة، فما يبرح حتى يجتمع الناس إليه، وتتلاحق به أهل الضغائن، فيكون في خمسين ألفاً، ثم يبعث إلى كلب، فيأتيه منهم مثل السيل،... ثم يرجع إلى دمشق، وقد دان له الخلق فيجيش جيشين...) ([68]). نعم، فما أكثر أتباع الباطل ومريديه، وما أقل أتباع الحق المرّ الثقيل ومتبعيه. قال تعالى: ﴿... وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾([69]). وإبليس وأتباعه من الإنس والجن قطاع طريق الحق والعدل، قال تعالى حكاية عن كلام إبليس (لعنه الله): ﴿قالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾([70]). هذا الصراط المستقيم الذي يدعو إليه اليماني الموعود في آخر الزمان، كما قال الأئمة ع: (يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم). إشكال: قد يُشكل البعض قائلاً: جاءت عدة روايات تحذر الأمة من الخروج والتزام الصمت والسكينة حتى يخرج السفياني ... فكيف يقال بأن اليماني قد يكون ظاهراً قبل خروج السفياني؟! أقول: سيتضح الجواب عن هذا الإشكال من خلال الموضوع الآتي، فتأمل. تكليف الأمة عند خروج السفياني: عندما نطالع الروايات التي تعظ المؤمنين وتحثهم على الانتظار والسكون والتريث، لا يعني هذا أنها تحرم الثورة في وجه الطغاة والدفاع عن الدين والمال والعرض والنفس، بل عند التحقيق نجدها إما تحث على التحرز عن رايات الضلال وطلاب الجاه والأموال والترؤس، والتمسك بحاكمية الله أي ولاية الأئمة ص والانقياد لهم في كل الشؤون، وإما تبين أن لا فرج ولا تمكين إلا بقيام القائم ع، وإن الخارج قبل ذلك فمصيره القتل، وطبعاً هذا لا يعني بالضرورة أنه ليس قتلاً في سبيل الله، وإنما تلك النصوص بصدد الحفاظ على الشيعة وإبعادهم عن الغوغاء التي لا تجلب نفعاً وتؤدي إلى هلاكهم بلا فائدة تذكر، أو التنبيه على أن الثائر قبل قيام القائم ع مصيره القتل دون تحقيق المراد، ولا تتحقق دولة عدل قبل قيام الإمام المهدي ع ... الخ. وسنأتي على سرد بعض الروايات التي تتكلم عن ذلك ومناقشتها والخروج بنتيجة منها إن شاء الله تعالى: عن سدير قال: قال أبو عبد الله ع: (يا سدير، ألزم بيتك وكن حلساً من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك) ([71]). ومناقشة هذه الرواية في نقاط: عند مقارنة هذه الرواية مع روايات أخرى - كما سيأتي - يتبين أنها لا تعني النهي عن الثورة في وجوه الظالمين أبداً، بل تعني النهي عن اتباع الرايات الضالة أو التي ظاهرها الدعوة للرضا من آل محمد ص وباطنها الدعوة للتسلط والترؤس بلا حق، حيث روي عن أهل البيت ص الرضا بثورة زيد بن علي ع والترحم عليه، وكذلك ثورة الحسين صاحب فخ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله. ربما تقصد - كما هو ظاهر - عصر الظهور للإمام المهدي ع والتحذير عن اتباع الرايات الضالة وأهل الفتن، والإرشاد إلى انتظار قائم آل محمد ع، وعدم اتباع أي راية إلا ما أمر به الأئمة ص وارشدوا إليه، كراية اليماني الموعود، وما يؤيد أنها أكثر انطباقاً على عصر الظهور هو ذكر خروج السفياني الذي هو من علامات قيام القائم ع. من النقطة الثانية يتبين أن اليماني غير مقصود من مفهوم عموم هذه الروايات؛ لأن اليماني مأمور بنصرته وعدم الالتواء عليه، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى. قول الإمام ع: (واسكن ما سكن الليل والنهار)، ما المقصود منه ؟ وما هو حقيقة الليل والنهار في هذه الرواية ؟ فهناك رواية عن الإمام الصادق ع تشبه هذه ولكن ذكر فيها: (اسكنوا ما سكنت السماء والأرض)، وبيَّن الإمام الرضا ع بأنها ليس على ظاهرها، وإن المقصود منها ما سكنت السماء من النداء والأرض من الخسف بالجيش، فما هو المراد يا ترى من سكون الليل والنهار في هذه الرواية ؟ قول الإمام ع: (فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك)، ما هي الغاية من الرحيل هنا ؟ لا يخفى أن الرواية توحي بصورة واضحة إلى أن القصد من الرحيل هو للقتال ولنصرة قائم آل محمد ع - وكما سيتضح أكثر من الروايات الآتية - أي إن الرواية تبين أن القتال الأكبر سيكون عند خروج السفياني وعلى الجميع النفير ولو مشياً على الأقدام، وهذا يعني التأكيد على وجوب النهوض، وأن لا مجال للتسويف والاعتذار. وهذا طبعاً لا يعني نفي وجود قائم للحق قبل خروج السفياني، تجب مناصرته واتباعه والإيمان به، فقد روي: (إن قبل السفياني مصري ويماني)، وإن قبله (رجل يدعو إلى آل محمد ص)، وغير ذلك. بل إن الأمر بالنفير عند خروج السفياني يستلزم وجود ممثل وقائم لآل محمد ع قبل ذلك؛ لأن خروج السفياني في شهر رجب ويستمر إلى خمسة عشر شهراً، فإلى من تنفر الناس والإمام المهدي ع ما زال غائباً ؟! في حين إننا نجد التشديد على الإسراع بالرحيل عند خروج السفياني، ويحدد الإمام ع غاية الرحيل والنفير بقوله: (فارحل إلينا)، ولا يخفى أن عند خروج السفياني ما زال الإمام المهدي ع محتجباً عن عموم الناس، فإلى من يكون الرحيل ؟ ومن هو الممثل لآل محمد ص عند خروج السفياني، وما أو من المقصود من قول الإمام ع (إلينا) ؟ الكليني: علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (... إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شيء تخرجون، ولا تقولوا خرج زيد فإن زيداً كان عالماً وكان صدوقاً ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد ص، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه، فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم إلى الرضا من آل محمد ص فنحن نشهدكم إنا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا إلا مع من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه، إذا كان رجب ([72]) فأقبلوا على اسم الله ( وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك أن يكون أقوى لكم وكفاكم بالسفياني علامة) ([73]). وهذه الرواية فيها تفسير لكثير من الروايات، وهنا تعليق في عدة نقاط: قول الإمام ع: (إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شيء تخرجون)، هنا الإمام الصادق ع يحث الناس على التأمل في دعاوى المدعين، وإلى أي شيء يدعون وعلى أي شيء يكون الخروج والقتال، وهذا يعني أن ليس كل من يخرج ثائراً على الطواغيت لا يجوز نصرته. قول الإمام ع: (ولا تقولوا خرج زيد فإن زيداً كان عالماً وكان صدوقاً ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد ص ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه). لا يخفى أن كلام الإمام يوحي بأنه في مقام صد الناس عن اتباع بعض الدعاة آنذاك، كأبي مسلم الخراساني وغيره، فقد توهم بعض الشيعة بأنه راية حق ويجب نصرته، وانخدعوا بالشعار الذي رفعه وهو الرضا من آل محمد ع. فالإمام الصادق ع يقول لهم: لا تحتجوا وتقولوا إن زيداً قد خرج بثورة فلماذا لا يخرج غيره؟ ثم يبدأ الإمام بتعداد الصفات التي كان يتحلى بها زيد ع والتي أخرجته من دائرة الثوار المنحرفين فقال: (كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد ص ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه). إذن فالصفات التي يجب أن يتحلى بها الثوّار لكي لا يكونوا من رايات الضلال هي: أ- أن يكون عالماً، حتى يكون قادراً على تدبير أمر الثورة والإحاطة بمكر الطغاة... الخ، أو أن يكون عالماً بمعنى أنه من أهل البيت ص، كما كان سلمان الفارسي ع، حيث قال الإمام الصادق ع: (وإنما صار سلمان من العلماء؛ لأنه امرؤ منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء) ([74]). بل وصف الإمام الرضا ع زيداً ع بأنه عالم من علماء آل محمد ص بقوله: (... فإنه كان من علماء آل محمد، غضب لله ( فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله...) ([75]). ب- أن يكون صادقاً، لتجنب الكاذبين والذين يقولون ما لا يفعلون، والذين يستحمرون الناس باسم الدين ليترأسوا عليهم، ويَصْفو لهم الجاه والمال والمنصب والدنيا الرخيصة. ج- (ولم يدعكم إلى نفسه)، وهذا يعني أن كل من يدعو إلى نفسه فهو طاغوت يعبد من دون الله، فيجب على المؤمنين الحذر من هؤلاء الذي يريدون بناء مرجعياتهم وأحزابهم باسم الدين وباسم آل محمد ص وهم منهم براء. د- (إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد ص)، أي إن الدعوة إلى آل محمد ص مشروعة، ولكن يجب أن تكون مقرونة بالعلم والصدق والوفاء، فما أكثر المدعين وأقل الصادقين. هـ- (ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه)، وهذه شهادة إلى الثائر زيد بن علي ع بأنه راية حق، وإنه استشهد في سبيل الله، ولو ظفر وانتصر لسَّلم الأمر إلى أهله وهم آل محمد ص. وهو غير مشمول بالروايات التي تنهى عن الخروج قبل خروج القائم ع. وبما أن هذا البحث هو للتكلم عن اليماني الموعود فأقول: اليماني الموعود عالم وصادق ويدعو إلى آل محمد ص، وسيفي بما يدعو إليه، من تسليم النصر إلى الحجة ابن الحسن ع، وقد ثبت مما تقدم من هذا البحث أن اليماني الموعود هو قائم من آل محمد ع ومعصوم، وإنه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، ومأمور بطاعته ومنهي عن مخالفته، فالذي يدعو إلى الحق وطريق مستقيم ... كيف لا يكون عالماً وصدوقاً ووفياً وراية حق ؟! إذن فلا يكون اليماني مشمولاً بتلك الروايات، ويمكن أن يكون موجوداً، بل لابد أن يكون موجوداً قبل خروج السفياني بسنين؛ لأنه صاحب دعوة، وقد تقدم أن هذه الدعوة تحتاج إلى وقت طويل لإثبات عقيدتها وما تدعو إليه ولتفنيد الواقع الديني المنحرف، لتستقطب أنصارها وإعدادهم الإعداد الذي يؤهلهم أن يكونوا جنوداً لدولة العدل الإلهي، الذين وصفهم الله تعالى بقوله: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً﴾([76]). حيث جاء تفسير ذلك عن الإمام الصادق بأن هؤلاء الجنود مبعوثون من قبل الله وقبل قيام القائم ع: (... ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ﴾ قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ع فلا يدعون وتراً لآل محمد إلا قتلوه، ﴿وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً﴾ خروج القائم ع) ([77]). قول الإمام ع: (فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم إلى الرضا من آل محمد ص فنحن نشهدكم إنا لسنا نرضى به)، الظاهر أن الإمام ع يتكلم عن راية كانت موجودة تدَّعي الدعوة إلى الرضا من آل محمد ص، وربما يكون هو أبو مسلم الخراساني، وهنا انتفى شرط من شروط راية الحق التي ذكرها الإمام قبل قليل عن زيد الشهيد ع، وهي الدعوة إلى آل محمد ص ورضاهم بها أو إجازتهم لها، حيث روي أن ثورة زيد كانت بإجازة من الإمام الصادق ع. عن الإمام الرضا ع في كلام له مع المأمون العباسي: (... ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهما السلام) أنه سمع أباه جعفر بن محمد بن علي ص يقول: رحم الله عمى زيداً، إنه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، ولقد استشارني في خروجه فقلت له: يا عم، إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك، فلما ولى قال جعفر بن محمد: ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه... وكان زيد والله ممن خوطب بهذه الآية: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾([78])) ([79]). وعن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن آبائه، عن علي ص، قال: قال رسول الله ص للحسين ع: (يا حسين، يخرج من صلبك رجل يقال له: زيد يتخطا هو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غراً محجلين يدخلون الجنة بلا حساب) ([80]). وعن عبد الله بن سيابة، قال: (خرجنا ونحن سبعة نفر فأتينا المدينة فدخلنا على أبي عبد الله الصادق ع فقال لنا: أعندكم خبر عمى زيد ؟ فقلنا: قد خرج أو هو خارج، قال: فإن أتاكم خبر فاخبروني. فمكثنا أياماً فأتى رسول بسام الصيرفي بكتاب فيه: أما بعد، فإن زيد بن علي ع قد خرج يوم الأربعاء غره صفر فمكث الأربعاء والخميس وقتل يوم الجمعة وقتل معه فلان وفلان. فدخلنا على الصادق ع فدفعنا إليه الكتابة فقرأه وبكى ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله احتسب عمي إنه كان نعم العم، إن عمي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا، مضى والله عمى شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول الله ص وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم) ([81]). قول الإمام ع: (... وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا ...). وهنا يبين الإمام ع انتفاء صفة الوفاء لهذا الذي يدعي الدعوة إلى الرضا من آل محمد ص، بل إنه متمرد وعاصٍ للائمة ص، وهو مفرد بلا أتباع، فكيف إذا صار متبوعاً وخفقت حوله الرايات والألوية، فأكيد سيكون أكثر عصياناً وتمرداً على أهل البيت ص. أما بالنسبة إلى اليماني الموعود، فأهل البيت ص هم من شهدوا له بأنه يدعو إلى الإمام المهدي ع، وإنه أهدى الرايات، وإنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم، وإن الملتوي عليه من أهل النار، إذن فهو من علماء آل محمد ص، بل هو القائم الذي يمهد لدولة العدل الإلهي، وقد وصف في بعض الروايات بأنه القائم (القائم والسفياني في سنة واحدة)، (السفياني يقاتل القائم)، حيث تبين مما سبق أن السفياني ينتهي ملكه قبل قيام الإمام المهدي ع فلا يجتمع معه في سنة واحدة ولا يقاتله – على تفصيل قد سبق -، فمن هو هذا القائم غير اليماني الموعود؟ قول الإمام ع: (... إلا مع من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه ...). كلام الإمام هذا جاء مباشرة بعد قوله ع: (وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا)، أي إنه استثنى من هؤلاء الذين لا يطيعون آل محمد ع إن ظفروا بالنصر ولا يسلمون الأمر إليهم، استثنى من ذلك من اجتمع بنو فاطمة معه، ثم يقسم الإمام ع بأن صاحبنا فقط من اجتمع بنو فاطمة عليه ! وطبعاً الإمام ع يقصد عصر الظهور المقدس، بدليل أنه بعد ذلك ذكر خروج السفياني ومتى يلتحق المؤمنون بالقائم ع، أو متى ينفروا للقتال. فلنا أن نتساءل: من هم بنو فاطمة الذين يكون اجتماعهم على صاحب الرايات دليلاً على أنه الحق والوفي والمطيع لآل محمد ص ؟ ولا يمكن أن يكون الجواب غير أن بني فاطمة هم الأئمة ص، وليس كل من انتسب إلى فاطمة الزهراء ص، فما أكثر الضالين والمنحرفين والفاسقين ممن ينتسب إلى فاطمة الزهراء ص. بل روي أن أشد الناس عداءً للإمام المهدي ع هم بنو فاطمة ص: النعماني: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس ([82])، قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي([83])، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ([84])، عن محمد بن سنان ([85])، عن محمد بن يحيى الخثعمي ([86])، قال: حدثني الضريس ([87])، عن أبي الخالد الكابلي ([88])، قال: (لما مضى علي بن الحسين ع دخلت على محمد بن علي الباقر ع، فقلت له: جعلت فداك، قد عرفت انقطاعي إلى أبيك وأنسي به ووحشتي من الناس. قال: صدقت - يا أبا خالد - فتريد ماذا ؟ قلت: جعلت فداك، لقد وصف لي أبوك صاحب هذا الأمر بصفة لو رأيته في بعض الطرق لأخذت بيده. قال: فتريد ماذا، يا أبا خالد ؟ قلت: أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه. فقال: سألتني والله - يا أبا خالد - عن سؤال مجهد، ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثاً به أحداً، ولو كنت محدثاً به أحداً لحدثتك، ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة) ([89]). ومما يؤيد ذلك الرواية الآتية: عن أبي بكر الحضرمي، قال: (دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله ع وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان، فقلنا: ما ترى ؟ فقال: اجلسوا في بيوتكم ! فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح). فهنا الصادق ع يقول: (إذا رأيتمونا)، أي نحن أهل البيت ص، لا مطلق من ينتسب إلى فاطمة الزهراء ص، وسوف يأتي تمام التعليق على هذه الرواية عند ذكرها، وسأبين كيفية اجتماع أهل البيت على رجل في آخر الزمان إن شاء الله تعالى. بعد أن بيَّن الصادق ع لأصحابه أن الراية الممهدة الحقة هي من اجتمع عليها بنو فاطمة ص، أردف قائلاً: (إذا كان رجب فأقبلوا على اسم الله ( وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك أن يكون أقوى لكم وكفاكم بالسفياني علامة). فلاحظ تحديد وقت الإقبال على نصرة صاحب الرايات الذي يجتمع عليه آل محمد ص، وهو (شهر رجب)، وهو نفسه الشهر الذي يبدأ به خروج السفياني - كما تقدم شرحه -، وكما هو معلوم أن في هذا الوقت لا يكون الإمام المهدي ع ظاهراً، حتى يقول أحد بأن النهضة والنفير تكون إليه ! وتراخي أمر النفير إلى شهر شعبان أو إلى رمضان، ربما لما روي من أن السفياني في بداية خروجه ينشغل بغير الشيعة لشهر أو شهرين، أو لانشغاله في السيطرة على الكور الخمس لستة أشهر، فيكون هناك متسع لشهر أو شهرين، بالنسبة إلى النفير والنهضة بالسلاح إلى صاحب الرايات أو أهدى الرايات وهو اليماني الموعود، ولا ننسى أن النهضة والنفير إلى القتال لا يعني أنه بداية ظهور اليماني الموعود، بل إن هذا - أي رجب أو شعبان أو رمضان - هو آخر وقت للانضمام إلى جيش اليماني؛ لأن بعد ذلك بفترة قصيرة يتوجه السفياني إلى العراق ويبدأ القتال بينه وبين اليماني الموعود، واجتماع الجيش من مختلف البلاد لابد أن يكون قبل ذلك بأشهر حتى يتم الاجتماع والتحضير. وهذا يعني أن اليماني قد ظهر قبل ذلك بفترة طويلة وأعلن دعوته واستقطب المؤمنين المنتظرين حقاً لقيام الإمام المهدي ع، ولا يخفى أن حال اليماني في هذا الوقت كمن يبحث عن حفنة درر في مئات الأطنان من الحصى، فكم يحتاج من الوقت إلى جمعهم، في وسط هذا الجو المملوء بالفتن والاضطراب الديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي ؟ وقول الصادق ع: (وكفاكم بالسفياني علامة)، علامة على من ؟ إن قال أحد إنه علامة على الإمام المهدي ع، أقول: إن كلام الصادق ع هنا عن صاحب الرايات الذي يجتمع عليه آل محمد، وكيفية النفير والرحيل إلى نصرته في رجب، وفي هذا الوقت - كما قلت مراراً - ما زال الإمام المهدي ع غير ظاهر للناس، مع أن مدة السفياني من بداية خروجه إلى ذهاب ملكه خمسة عشر شهراً، وقيام الإمام المهدي ع بعد ذلك بعدة أشهر، فهل تبقى الناس تائهة في الصحراء أكثر من سنة ونصف ؟! مع أننا نرى الصادق ع أعطاهم آخر فرصة للنفير والرحيل بعد صيام شهر رمضان، أي لا يوجد تراخي بعد ذلك في الأمر، فلابد بعد شهر رمضان من ترك البلاد والأهل وشد الرحال إلى صاحب الرايات. وبهذا يتبين أن قوله ع: (وكفاكم بالسفياني علامة)، أي علامة على صاحب الرايات الذي يجتمع عليه آل محمد ص والذي يكون خروجه للقتال مزامناً أو قريباً من خروج السفياني. ومنه نعرف أن قبل هذا الوقت ربما لا يكون هناك وجوب بترك البلاد والأهل والنفير إلى القتال، أي يكون المؤمنون - أتباع صاحب الرايات - في بلادهم وبين أهليهم، إلى أن تحين ساعة الصفر، وعندها لابد من شد الرحال على الجميع وبلا استثناء لخوض المعركة الحاسمة مع السفياني وأمثاله، أي إن الشيعة قبل ذلك لا يوجد عندهم نفير عام ما دام السفياني لم يخرج. وبعد أن تم التعليق على الرواية السابقة بتوفيق الله، نأتي إلى رواية أخرى: عن الفضل الكاتب، قال: (كنت عند أبي عبد الله ع فأتاه كتاب أبي مسلم فقال: ليس لكتابك جواب اخرج عنا - إلى أن قال - إن الله لا يعجل لعجلة العباد، ولإزالة جبل عن موضعه أهون من إزالة ملك لم ينقض أجله - إلى أن قال - قلت: فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك ؟ قال: لا تبرح الأرض يا فضيل حتى يخرج السفياني، فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا - يقولها ثلاثاً - وهو من المحتوم) ([90]). قول الصادق ع: (لا تبرح الأرض يا فضيل حتى يخرج السفياني)، يدل على ما قلته في التعليق على الرواية السابقة قبل قليل، بأنه قبل خروج السفياني لا يوجد نفير وقتال عام، ووجوب ترك البلاد والأهل وشد الرحال، (لا تبرح الأرض). وهذا لا يدل أبداً على عدم ظهور اليماني قبل ذلك والتبشير بدعوته إلى آل محمد ص، بل ظهوره قبل ذلك أمر لا مناص منه، وتقدم شرح ذلك. قول الصادق ع: (فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا - يقولها ثلاثاً - وهو من المحتوم)، وهنا يعيد السؤال نفسه مرة أخرى كما سيعيدها مرات أخرى: إلى من تكون الإجابة (فأجيبوا إلينا)، والإمام هنا يكررها ثلاثاً للتأكيد، في حين أنه عند خروج السفياني لا تكون هناك راية تمثل آل محمد ص، إلا راية اليماني الموعود ؟ وعن يونس بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا وجيشاً إليكم، فإذا كان كذلك فأتونا على كل صعب وذلول) ([91]). (فإذا كان كذلك)، أي إذا خرج السفياني (فأتونا على كل صعب وذلول)، والصعب هو الخيل أو الجمال التي لا يمكن ركوبها بسهولة، والذلول عكسها، وفي هذا تأكيد على ضرورة النفير عند خروج السفياني، والغاية أيضاً يحددها الصادق ع بقوله: (فأتونا) ! وعن محمد بن مسلم، قال: (سمعت أبا جعفر الباقر ع يقول:... وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم، وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم. فقال له بعض أصحابه: فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك ؟ قال: يتغيب الرجل منكم عنه، فإن حنقه وشرهه فإنما هي على شيعتنا، وأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى) ([92]). وقول الباقر ع: (وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم)، الظاهر أن له علاقة - كما قدمت - بقول الصادق ع في أحد الروايات السابقة: (إذا كان رجب فأقبلوا على اسم الله (، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في أهاليكم فلعل ذلك أن يكون أقوى لكم وكفاكم بالسفياني علامة). فالظاهر أن قول الباقر ع: (يتغيب الرجل منكم عنه)، في أول خروج السفياني عندما يكون منشغلاً بغير الشيعة، فمن كان في معرض خطر السفياني في أول خروجه فعليه أن يتغيب عنه ولا يتعرض له إلى أن يرحل ويلتحق باليماني، فبقية الروايات كلها ناطقة بالحث على الرحيل والنفير عند خروج السفياني، مع وجود مهلة لشهر شعبان ورمضان... والله العالم. وعن خلاد الصائغ، عن أبي عبد الله ع أنه قال: (السفياني لا بد منه، ولا يخرج إلا في رجب. فقال له رجل: يا أبا عبد الله، إذا خرج فما حالنا ؟ قال: إن كان ذلك فإلينا) ([93]). وهذه الرواية هي كسابقاتها تبين أن خروج السفياني في رجب ويجب عندئذ الرحيل إلى أهل البيت ص للنصرة، (فإلينا) ! وعن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن الرضا ع: (إن عبد الله بن بكير كان يروي حديثاً وأنا أحب أن أعرضه عليك، فقال: ما ذلك الحديث ؟ قلت: قال ابن بكير: حدثني عبيد بن زرارة، قال: كنت عند أبي عبد الله ع أيام خرج محمد بن عبد الله بن الحسن إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك إن محمد بن عبد الله قد خرج فما تقول في الخروج معه ؟ فقال: اسكنوا ما سكنت السماء والأرض. فقال عبد الله بن بكير: فإن كان الأمر هكذا أو لم يكن خروج ما سكنت السماء والأرض فما من قائم وما من خروج ؟ فقال أبو الحسن ع: صدق أبو عبد الله ع وليس الأمر على ما تأوله ابن بكير، إنما عنى أبو عبد الله ع اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش) ([94]). وفي هذه الرواية لا يمكن المصير إلى الفهم المتعارف عن النداء وحتى الخسف؛ لأنه قد تقدم أن اليماني يظهر حتى قبل السفياني، والسفياني يظهر في رجب والشيعة مأمورة بالرحيل والنفير إلى القتال وترك البلاد والأهل عند خروج السفياني في رجب، بينما الصيحة تكون في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان، وهل هو شهر رمضان الذي يعقب رجب الذي يخرج فيه السفياني، أي هل هو شهر رمضان من نفس سنة خروج السفياني في رجب ؟ الجواب: كلا؛ لأن الظاهر من الروايات أن قيام القائم ع يكون في العاشر من محرم الذي يعقب شهر رمضان الذي تكون فيه الصيحة - وسيأتي بيان ذلك -، أي بعد الصيحة بثلاثة أشهر ونصف تقريباً، وفي محرم هذا يكون قد مضى على خروج السفياني ستة أشهر وأيام – إن سرنا على الفهم الخاطئ -: (رجب + شعبان + رمضان + شوال + ذو القعدة + ذو الحجة + 10 محرم). وفي هذا الوقت (10 محرم)، يكون الإمام المهدي ع غير ظاهر، بل أن السفياني في هذا الوقت قد ملك الكور الخمس، ويبقى بعد ذلك تسعة أشهر، وبعد تملكه الكور الخمس يتوجه إلى العراق وتكون المواجهة هناك بينه وبين اليماني، والثابت من خلال الروايات أن الإمام المهدي ع غير قائم في فترة قتال السفياني مع اليماني في العراق، وقد تقدم بيان ذلك بالتفصيل فلا أعيد. إذن الصيحة تكون في شهر رمضان الذي في السنة التي تعقب سنة خروج السفياني في رجب: (.... رجب: خروج السفياني/ شعبان/ رمضان/ شوال/ ذو القعدة/ ذو الحجة/ محرم: ملك السفياني للكور الخمس/ صفر/ ربيع الأول/ ربيع الثاني/ جمادى الأولى/ جمادى الثانية/ رجب/ شعبان/ رمضان: الصيحة ونهاية ملك السفياني/ شوال/ ذو القعدة/ ذو الحجة: مقتل النفس الزكية/ محرم: قيام القائم ع ...). فإذا كان معنى الرواية السابقة: (اسكنوا ما سكنت السماء من النداء ...)، الصيحة في شهر رمضان، فماذا نصنع بالروايات المتواترة التي تحث المؤمنين على النهوض والنفير عند خروج السفياني في رجب، والذي هو قبل صيحة شهر رمضان بخمسة عشر شهراً تقريباً ؟!! إذن فلابد أن يكون هناك نداء قبل صيحة شهر رمضان بوقت طويل، وسيأتي بيان أن الصيحة متعددة وليست واحدة، وربما هناك فرق بين النداء والصيحة... الخ. وسنأتي الآن للبحث عن نداء سماوي يكون في شهر رجب أي مزامن لخروج السفياني وكذلك موافق لأمر الأئمة ص بالنهضة والرحيل عند خروج السفياني، حتى لا يكون تعارض مع قول الإمام ع: (اسكنوا ما سكنت السماء من النداء ...)، أي لابد أن تكون السماء والأرض عند خروج السفياني في رجب غير ساكنة، أو على الأقل لابد أن تكون أحدهما غير ساكنة إما السماء وإما الأرض. وفي الحقيقة أن أهل البيت ص، لم يتركوا هذا الأمر بلا مفتاح وعلامة هادية، وإن خفيت على كثير من الناس، فسنقرأ فيما يأتي أن هناك عدة نداءات في شهر رجب: النعماني: حدثنا محمد بن همام ([95])، قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ وعبد الله بن جعفر الحميري ([96])، قالا: حدثنا أحمد بن هلال ([97])، قال: حدثنا الحسن بن محبوب الزراد ([98])، قال: (قال لي الرضا ع: (إنه - يا حسن - سيكون فتنة صماء صيلم يذهب فيها كل وليجة وبطانة - وفي رواية: يسقط فيها كل وليجة وبطانة -، وذلك عند فقدان الشيعة الرابع من ولدي، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء، كم من مؤمن ومؤمنة متأسف متلهف حيران حزين لفقده، ثم أطرق، ثم رفع رأسه وقال: بأبي وأمي سمي جدي، وشبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور، يتوقد من شعاع ضياء القدس كأني به آيس ما كانوا، قد نودوا نداء يسمعه من بالبعد كما يسمعه من بالقرب، يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين. فقلت: بأبي وأمي أنت، وما ذلك النداء ؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب: أولها: ألا لعنة الله على الظالمين، والثاني: أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين، والثالث: يرون يداً بارزاً مع قرن الشمس ينادي: ألا أن الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين ([99])، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج، ويشفي الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم) ([100]). ورواه الخزاز القمي في كفاية الأثر بسنده عن محمد بن الحنفية عن أمير المؤمنين ع عن الرسول محمد ص هكذا: (... كأني بهم آيس ما كانوا نودوا بنداء يسمع من البعد كما يسمع من القرب يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على المنافقين. قلت: وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب: الأول ألا لعنة الله على الظالمين، الثاني أزفة الآزفة، الثالث يرون بدناً بارزاً مع قرن الشمس ينادي: ألا إن الله قد بعث فلان بن فلان حتى ينسبه إلى علي ع فيه هلاك الظالمين فعند ذلك يأتي الفرج ويشفي الله صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم ...) ([101]). إذن فهناك نداء في شهر رجب وهو عبارة عن ثلاث أصوات، ومما تقدم نعرف أن شهر رجب هذا هو رجب الذي يخرج فيه السفياني، وقد يكون قبله، ولكن أن يكون شهر (رجب الصيحة) بعد الذي يخرج فيه السفياني سنقع في مشكلة التعارض بين الروايات التي تحث وتأمر بالنفير عند خروج السفياني وبين الرواية التي تحث على السكون ما دامت السماء ساكنة من النداء. والرواية الآتية تبين لنا بكل وضوح بأن السنة التي فيها الصيحة قبلها السنة التي فيها آية في رجب: النعماني: أخبرنا محمد بن همام، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثني موسى بن جعفر بن وهب، قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن عباس بن عبد الله، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله ع أنه قال: (العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب. قلت: وما هي ؟ قال: وجه يطلع في القمر، ويد بارزة) ([102]). فقارن بين قول الرضا ع في الرواية التي تنص على وجود نداء في رجب بثلاث أصوات، وهو قوله: (... والثالث: يرون يداً بارزاً مع قرن الشمس ينادي: ألا أن الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين)، وبين الآية التي تكون في رجب: (ويد بارزة)، فاليد البارز هو الذي ينادي: (ألا أن الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين). فقول الصادق ع: (العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب)، أي في العام الذي قبل العام المحتوي على الصيحة تكون الآية في رجب، فالضمير الذي في (قبله) عائد على (العام الذي فيه الصيحة)، والظاهر أن المراد من الصيحة هنا هي صيحة شهر رمضان، ورجب المقصود هنا ليس رجب الذي قبل شهر رمضان من نفس السنة، بل رجب من السنة السابقة، والذي بينه وبين شهر رمضان الصيحة خمسة عشر شهراً تقريباً، وهي نفس مدة بقاء السفياني من أول خروجه في رجب إلى نهايته في رمضان. فالآية التي تكون في رجب (يد بارزة) هي نفسها في كلام الرضا ع: (يرون يداً بارزاً مع قرن الشمس ينادي ...)، أي النداء السماوي، ورجب هذا هو الذي يخرج فيه السفياني - حسب ما تبين - وهو الذي حث أهل البيت في روايات كثيرة على النفير فيه وشد الرحال وترك البلد والأهل...، فسبحان الله، ما أغمض روايات أهل البيت ص عن الإمام المهدي ع وما أوضحها عندما تضعها واحدة جنب الأخرى وتنظر لها بتأمل وبصيرة وإخلاص نية! فإذن قد عرفنا أن هناك نداء في شهر رجب قبل قيام القائم بمكة بثمانية عشر شهراً تقريباً ! والظاهر أن شهر رجب هذا صاحب أعاجيب ودواهي، فقد روي عن أمير المؤمنين ع أنه قال: عن الشعبي، قال: قال ابن الكوا لعلي صلى الله عليه: (يا أمير المؤمنين، أرأيت قولك "العجب كل العجب بين جمادي ورجب" ؟ قال: ويحك يا أعور ! هو جمع أشتات، ونشر أموات، وحصد نبات، وهنات بعد هنات، مهلكات مبيرات لست أنا ولا أنت هناك) ([103]). وفي خطبة له ع تسمى المخزون: (... يا عجباً كل العجب بين جمادي ورجب. فقال رجل من شرطة الخميس: ما هذا العجب يا أمير المؤمنين ؟ قال: ومالي لا أعجب وسبق القضاء فيكم وما تفقهون الحديث، ألا صوتات بينهن موتات، حصد نبات ونشر أموات، وا عجبا كل العجب بين جمادي ورجب. قال أيضاً رجل: يا أمير المؤمنين، ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه ؟ قال: ثكلت الآخر أمه، وأي عجب يكون أعجب منه أموات يضربون هام الأحياء ؟! قال: أنى يكون ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، كأني أنظر قد تخللوا سكك الكوفة وقد شهروا سيوفهم على مناكبهم، يضربون كل عدو لله ولرسوله وللمؤمنين، وذلك قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾([104])) ([105]). وعن أمير المؤمنين ع، في خطبة له: (ذلك أمر الله، وهو كائن وقتاً مريحاً، فيا بن خيرة الإماء، متى تنتظر، أبشر بنصر قريب من رب رحيم، فبأبي وأمي من عدة قليلة، أسماؤهم في الأرض مجهولة، قد دان حينئذ ظهورهم، يا عجباً كل العجب، بين جمادي ورجب، من جمع شتات، وحصد نبات، ومن أصوات بعد أصوات، ثم قال: سبق القضاء سبق) ([106]). وقول أمير المؤمنين ع: (ألا صوتات بينهن موتات)، ربما هو إشارة إلى النداء الذي في شهر رجب والذي فيه ثلاث أصوات، كما نصت عليه الروايتان السابقتان (ثلاثة أصوات في رجب). وأما قوله: (ومن أصوات بعد أصوات)، قد يدل على أن هناك صيحة أو صيحات قبل شهر رجب أيضاً، وقد يدل على توالي الصيحات في رجب.. والله العالم. وأما قول الإمام الرضا ع عن الصوت الثالث في رجب: (ألا أن الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين)، أو كما في رواية الحميري: (إن الله بعث فلاناً فاسمعوا له وأطيعوا)، فسيأتي الكلام عنه في مستقبل هذا البحث إن شاء الله تعالى. ونرجع إلى قول الإمام الصادق ع: (اسكنوا ما سكنت السماء من النداء...)، بأن السماء غير ساكنة عند خروج السفياني في رجب وهناك نداء بثلاثة أصوات، فيجب على المؤمنين الرحيل والنفير إلى أهل البيت ص وترك البلاد والأهل، بل قد تكون السماء غير ساكنة من النداء حتى قبل شهر رجب الذي يخرج فيه السفياني، كما تقدم من قول أمير المؤمنين ع (ومن أصوات بعد أصوات)، وكما قد يفهم من الرواية الآتية: عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر ع: (يا جابر، ألزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها: أولها اختلاف بني العباس، وما أراك تدرك ذلك، ولكن حدث به من بعدي عني، ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم صوت من ناحية دمشق بالفتح، وتخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن، ومارقة تمرق من ناحية الترك، ويعقبها هرج الروم، وسيقبل إخوان الترك حتى ينزلوا الجزيرة، وسيقبل مارقة الروم حتى ينزلوا الرملة، فتلك السنة - يا جابر - فيها اختلاف كثير في كل أرض من ناحية المغرب، فأول أرض تخرب أرض الشام ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه، ثم يقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق ...) ([107]). ولا يمكن القول بأن الإمام ع يريد لزوم تحقق كل العلامات التي ذكرها حتى يجوز الخروج للقتال؛ لأن منها ما هو متأخر عن خروج السفياني كالخسف، ومن المعلوم بأننا مأمورون بالخروج والنفير وعدم السكون عند خروج السفياني، إذن فتحقق أحد العلامات أو بعضها علامة للإذن بالخروج للقتال. والرواية نصت على أن أول العلامات هي اختلاف بني العباس ثم ثنَّت بالنداء السماوي، وظاهر هذه الرواية أن اختلاف بني العباس والنداء السماوي سابق على خروج السفياني، بل هناك روايات أخرى يستفاد منها تقدم اختلاف بني العباس حتى على بداية خروج السفياني، وبعد اختلافهم وتفرق كلمتهم وتشتت حالهم وطمع الجميع فيهم حينئذ يخرج عليهم السفياني ...، فنستفيد من الرواية المتقدمة وغيرها أن السماء غير ساكنة حتى قبل خروج السفياني في رجب، وقد تكون نداءات متعددة؛ منها قبل رجب، ومنها في رجب، ومنها في محرم ... الخ. نعم، وردت رواية تقول إن الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان، ولكن هذا معارض بروايات كثيرة، وسيأتي بيان الفرق بين الصيحة والنداء أو النداءات المتعددة وما هي أهمية صيحة شهر رمضان، إن شاء الله تعالى. والآن انتهى التعليق على الرواية التي تقدمت، وقد أسهبت في ذلك، فنأتي إلى رواية أخرى: عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، فقلت: جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه ؟ قال: لا ... الحديث) ([108]). ومن الواضح هنا إن الخروج غير مقيد بتحقق كل العلامات المذكورة، فإن منها مقتل النفس الزكية وهي قبل القيام بخمسة عشر ليلة، في حين أننا مأمورون بنصرة اليماني الذي يظهر ويخرج قبل ذلك بوقت طويل، فيتضح أن تحقق أي علامة من تلك العلامات المذكورة بعدها يكون الخروج جائزاً. ومن المعلوم أن اليماني من تلك العلامات في الرواية أعلاه، إذن فعند ظهور أو خروج اليماني يمكن الخروج للقتال بل يجب، فاليماني خارج عن قول السائل وجواب الصادق ع له: (إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه ؟ قال: لا ... )، أي إن اليماني ليس من ضمن الرايات المنهي عن اتباعها قبل تحقق أحد العلامات المذكورة في الرواية، فإذا ظهر اليماني علمنا تحقق علامة من علامات إعطاء الضوء الأخضر لثورة التمهيد المباركة، وإذا ظهر اليماني علمنا إننا مأمورون بطاعته ومنهيون عن معصيته والالتواء عليه، وإن رايته أهدى الرايات، وإنه يدعو إلى الإمام المهدي ع وإلى الحق وإلى طريق مستقيم. عن أبي بكر الحضرمي، قال: (دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله ع وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان، فقلنا: ما ترى ؟ فقال: اجلسوا في بيوتكم ! فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح) ([109]). لفهم هذه الرواية لابد من تذكر ما أسهبت في توضيحه سابقاً: إن المأمور بالنهوض إليه ونصرته هو رجل يظهر قبل قيام الإمام المهدي ع، وهو اليماني الموعود (إذا خرج اليماني فانهض إليه). هناك روايات كثيرة تنص على النفير والرحيل عند خروج السفياني، وقد تبين أنه لا يوجد منفور إليه في هذا الوقت غير اليماني الموعود. روي عن الباقر ع أنه قال: (السفياني والقائم في سنة واحدة)، وقد تقدم بيان أن الإمام المهدي ع، لا يجتمع مع السفياني في سنة واحدة، بل إن السفياني يخرج ويبقى خمسة عشر شهراً ويقضى عليه، وإلى الآن لم يقم القائم ع في مكة. فلا يوجد مصداق لهذا القائم غير اليماني الموعود، الموصوف بأنه أهدى الرايات، وأنه يكون في نفس سنة السفياني وأنهما يتسابقان كفرسي رهان. وعن أبي عبد الله ع قال: (... والسفياني يقاتل القائم ع)، وقد تبين أن السفياني الذي يخرج في رجب لا يقاتل القائم الحجة بن الحسن ع، بل الذي يقاتله هو اليماني الموعود. وكذلك ينبغي تذكر قول الصادق ع: (... فنحن نشهدكم إنا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا إلا مع من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه، إذا كان رجب فأقبلوا على اسم الله ( ...)، إذ تبين أنه ع يتكلم عن صاحب الرايات الممهدة، ثم وصفه بأنه يجتمع عليه بنو فاطمة ص، وقد اتضح سابقاً أن بني فاطمة لا يمكن أن يقصد بهم غير الأئمة ص في هذا المقام، وهذا شبيه إن لم يكن نفس كلام الصادق ع: (فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح). فقول الصادق ع: (إذا كان رجب فأقبلوا على اسم الله ()، يدل على وجود قائم لآل محمد ص في رجب مزامن للسفياني، وبسبب ذلك استظهر العلامة المجلسي من هذا الحديث إن خروج القائم ع في رجب، كما نقل عنه في هامش البحار، واليكم نص كلامه: (ظاهره أن خروج القائم ع في رجب ويحتمل أن يكون المراد أنه مبدأ ظهور علامات خروجه فأقبلوا إلى مكة في ذلك الشهر لتكونوا شاهدين هناك عند خروجه) ([110]). واحتمال المجلسي الأخير في غير محله؛ لأنه قد تقدم أن هناك روايات كثيرة تحث على الخروج إلى القتال والنفير، أضف إليها الروايات التي تأمر بالنهوض الى نصرة اليماني عند خروج السفياني... الخ، وإنَّ بين رجب هذا وبين قيام الإمام المهدي ع في محرم أكثر من خمسة عشر شهراً ! وينبغي أيضاً الالتفات إلى جواب الصادق ع للذين توهموا أن أبا مسلم الخراساني هو صاحب الرايات الممهدة، حيث قال: (... فضرب بالكتب الأرض، ثم قال: أف أف ما أنا لهؤلاء بإمام، أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني)، أي أما يعلمون أن صاحب الرايات إنما يقتل السفياني ؟! وقد تقدم التعليق على هذا الموضوع فلا أعيد. وبعد أن نبَّهتُ إلى تذكر هذه الأمور الستة، نأتي إلى مناقشة الرواية: (اجلسوا في بيوتكم ! فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح). لا يخفى أن الإمام ع في هذه الرواية يأمر بالجلوس في البيوت وعدم الاستجابة إلى من يدَّعي أنه صاحب الرايات إلا من يجتمع عليه أهل البيت ص. فإن قيل: بأن من يجتمع عليه أهل البيت ص هو الإمام المهدي ع لا شخص قبله. أقول: إذا كان كذلك، فنكون منهيين عن اتباع أي شخص قبل قيام الإمام المهدي ع، وهذا غير صحيح أبداً؛ لأنه ثبت بأننا مأمورون باتباع اليماني الموعود ونصرته، وهو يقيناً يظهر قبل قيام الإمام المهدي ع، بل حتى قبل السفياني الذي يخرج قبل قيام الإمام المهدي ع بأكثر من خمسة عشر شهراً، إذن فلابد من وجود شخص قبل قيام الإمام المهدي ع يجتمع عليه أهل البيت ص ويؤيدوه، وأكيداً أن هذا الشخص هو اليماني الموعود؛ لأنه أهدى الرايات، ويدعو إلى الإمام المهدي ع، والى الحق وطريق مستقيم. وكما قال رسول الله ص: (... حتى يتيح الله لنا راية تجيء من المشرق، من نصرها نصر، ومن يشاقها يشاق ...) ([111]). وهذه الراية هي راية آل محمد ص في كل زمان، وهاك وصفها على لسان أمير المؤمنين ع: (... لنا راية الحق من استظل بها كنته، ومن سبق إليها فاز، ومن تخلف عنها هلك، ومن فارقها هوى، ومن تمسك بها نجا ...) ([112]). وقال أيضاً ع: (... وخلف فينا - أي الرسول - راية الحق من تقدمها مرق ومن تخلف عنها زهق ومن لزمها لحق، دليلها مكيث الكلام بطيء القيام سريع إذا قام ...) ([113]). وعنه ع: (... معنا راية الحق والهدى، من سبقها مرق، ومن خذلها محق، ومن لزمها لحق ...) ([114]). وهذه الراية في آخر الزمان هي راية اليماني الموعود، والموصوفة بأنها أهدى الرايات، وصاحبها يدعو إلى الحق وإلى صراط مستقيم، والملتوي عليه من أهل النار، فهل تجدون فرقاً بين صفات راية أهل البيت ص، وبين صفات راية اليماني الموعود ؟ وهذه الراية تأتي من المشرق كما أخبر الرسول محمد ص لا من اليمن كما يتوهم البعض. قول الصادق ع: (... فانهدوا إلينا بالسلاح)، صريح الدلالة بأن الأمر هنا إلى الحرب وبسرعة (فانهدوا). (... فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل ...)، من المعلوم أنَّ أهل البيت ص متوفون، وإنَّ الإمام المهدي ع غائب، فكيف يجتمعون على رجل، أي ما هو الطريق إلى اجتماعهم هذا، وبأي وسيلة ؟! في الحقيقة أن هناك طريقين لا اعتقد بوجود ثالث لهما: أ- اجتماعهم ص من خلال رواياتهم، أي إنهم مثلاً سموه ووصفوه ووصفوا دعوته ورايته ووصفوا أنصاره وأعداءه... الخ. ب- أن يكون اجتماعهم بالطرق الغيبية - إن صح التعبير - أي من خلال الرؤى الصادقة والمكاشفات وما شابه ذلك، وأظن إن هذا الوجه أقرب، وقد يكون اجتماعهم من كلا الطريقين أوفق. وأظن إن هناك علاقة بين الطريق الثاني وبين الرواية الآتية: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع عن الرؤيا فامسك عني ثم قال: (لو إنا أعطيناكم ما تريدون كان شرا لكم واخذ برقبة صاحب هذا الأمر) ([115]). والكلام كثير في هذا الموضوع أعرض عنه الآن، وأتركه إلى محله إن شاء الله تعالى. وأشرع بمناقشة رواية أخرى. عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: (والله لا يخرج واحد منا قبل خروج القائم ع إلا كان مثله مثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به) ([116]). هذه الرواية لا تدل على أن الذي يخرج قبل القائم ع مذموم، بل غاية ما تدل عليه أنه سوف يقتل، ولا يكون نصر ولا فتح أو تمكين إلا عند قيام القائم ع. وهذه الرواية لا تشمل اليماني الموعود أصلاً؛ لأنه مأمور بنصرته ومبشر به، ثم تبيَّن مما سبق أنه هو القائم الموصوف في بعض الروايات، وهو الذي يُمهِّد للقائم الأصل الحجة ابن الحسن سلام الله عليه وعلى آبائه. ويؤيد النقطة الأولى؛ إن هناك ثورات قام بها ثوار من آل محمد ص وشيعتهم، وهي ممدوحة كثورة زيد بن علي بن الحسين ع، وقد تقدم ذكر الروايات التي تُقدِّسها وتُقدِّس قائدها، وكثورة الحسين بن علي بن الحسن صاحب معركة فخ، الذي خرج في زمن الإمام الكاظم ع، في خلافة الهادي العباسي (لعنه الله) سنة 169 هـ، وأذكر هنا بعض ما جاء عن عظمة الرزية بهذه المعركة وعظمة قائدها ومن استشهد فيها: ذكر الشيخ علي النمازي الشاهرودي في ترجمة الحسين بن علي بن الحسن، في مستدركات علم رجال الحديث ج3 ص159، برقم 4499: (... وروى أبو الفرج الأصبهاني بأسانيده في حديث طويل أن موسى الكاظم ع لما رأى رأس الحسين قال: إنا لله وإنا إليه راجعون ! مضى والله مسلماً صالحاً صواماً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر. ما كان في أهل بيته مثله الخ...). وقال النمازي أيضاً: (وروى في عمدة الطالب ومعجم البلدان عن أبي جعفر الجواد ع أنه قال: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ). وقال النمازي أيضاً: (وروى أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين بإسناده عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما في حديث بكاء النبي ص لما مر بفخ ونزول جبرئيل، قال: يا محمد، إن رجلاً من ولدك يقتل في هذا المكان، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين. وبإسناده عن الصادق ع في حديث نزوله بفخ قال: يقتل هنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة. وروى أيضاً "عن زيد بن علي قال: انتهى النبي ص إلى موضع فخ فصلى بأصحابه صلاة الجنائز، قال: يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنة) انتهى. وقد رثاه وأصحابه دعبل الخزاعي أمام الإمام الرضا ع قائلاً: قبور بكوفان وأخرى بطيبة وأخرى بفخ نالها صلواتي وإليكم ما يروي الإمام علي ع عن وجود ثوار في البصرة قبل قيام الإمام المهدي ع، وإنهم شهداء ومن أولياء الله تعالى: (... والذي بعث محمداً ص وأكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة وعجل بروحه إلى الجنة لقد سمعت منه كما تسمعون مني أن قال لي: "يا علي، هل علمت أن بين التي تسمى البصرة والتي تسمى الأبلة أربعة فراسخ وسيكون التي تسمى الأبلة موضع أصحاب العشور، ويقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألفاً شهيد هم يومئذ بمنزلة شهداء بدر. فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وأمي ؟ قال: يقتلهم إخوان الجن، وهم جيل كأنهم الشياطين، سود ألوانهم، منتنة أرواحهم، شديد كلبهم، قليل سلبهم، طوبى لمن قتلهم، وطوبى لمن قتلوه، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء، تبكي السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها. ثم هملت عيناه بالبكاء ثم قال: ويحك يا بصرة ويلك يا بصرة من جيش لا رهج له ولا حس ...) ([117]). ونأتي الآن إلى مناقشة رواية أخرى: الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع، قال: (كل راية ترفع قبل قيام القائم ع فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله () ([118])، ([119]). تبين مما تقدم بأن الرايات الصادقة الأمينة والتي تدعو إلى آل محمد ص بصدق، والتي هدفها دفع جور الطغاة، لا تكون مشمولة بهذا الذم، ولا أريد التفصيل أكثر. تقدم أن راية اليماني الموعود هي راية أهل البيت ص ومأمور بطاعتها ومنهي عن مخالفتها، وإنها حق وهدى وتدعو إلى الإمام المهدي ع وإلى طريق مستقيم. فلا تكون مشمولة بهذه الرواية أصلاً. بيَّنت فيما سبق بأن اليماني الموعود قائم لآل محمد ع أيضاً، وإن رايته ودعوته هما راية ودعوة الإمام المهدي ع، فتكون هي الراية الموعودة والمنتظرة. ونأتي إلى رواية أخرى: عن إسماعيل بن مهران، عن ابن عميرة، عن الحضرمي قال: قلت: لأبي عبد الله ع كيف نصنع إذا خرج السفياني قال: (تغيِّب الرجال وجوهها منه، وليس على العيال بأس، فإذا ظهر على الأكوار الخمس - يعنى كور الشام - فانفروا إلى صاحبكم) ([120]). لا تختلف هذه الرواية عن بعض الروايات المتقدمة إلا في شيء واحد وهو قول الصادق ع: (فإذا ظهر على الأكوار الخمس - يعنى كور الشام - فانفروا إلى صاحبكم)، فهل هذا يدل على أن النفور إلى القائم ع محدد بملك السفياني للكور الخمس ؟ أقول: اتضح من خلال مناقشة الروايات السابقة أن النفير يكون عند بداية خروج السفياني في رجب أو بعد ذلك بشهر أو شهرين، ولا يعني ذلك النهي عن اتباع اليماني قبل ذلك؛ لأنه نصت رواية على أنه ظاهر قبل السفياني، ويأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى. إذن الرواية السابقة لا تعني تحديد الخروج عند تملك السفياني للكور الخمس، أي إنها لم تنص على النهي عن الخروج قبل ذلك، فلا تعارض الروايات السابقة، نعم نصَّت على النفور إلى القائم (صاحبكم) عند تملك السفياني وسيطرته على الكور الخمس، وهذا يستفاد منه التأكيد على النفير، أو يكون موجهاً إلى من هم قريبون عن حركة اليماني الموعود فلا يحتاجون إلى وقت طويل للسفر والرحيل. والتأكيد على النفير إلى قائم آل محمد ع عند تملك السفياني للكور الخمس يؤكد ما قلته سابقاً من أن السفياني لا يتوجه إلى العراق إلا بعد قتال ستة أشهر حتى يسيطر على الكور الخمس، وبعد ذلك تبدأ معركته وحركته ضد أهدى الرايات اليماني الموعود، فعند ذلك لا مجال للتسويف والتأجيل ولابد من الالتحاق الفوري بالجيش الإلهي لمواجهة جيوش الشيطان. قول الصادق ع: (... فانفروا إلى صاحبكم)، من المقصود بـ (صاحبكم) ؟، فقد علمنا مما تقدم، ومن روايات أهل البيت ص أن السفياني بعد تملكه الكور الخمس يبقى تسعة أشهر حتى يقضى عليه، وبعد ذلك لا يقوم الإمام المهدي ع بمكة إلا بعد أكثر من ثلاثة أشهر، فيكون مجموع الأشهر بعد تملك السفياني للكور الخمس هو (12) شهراً، أي سنة كاملة تقريباً، فكيف يأمر الإمام الصادق ع الناس بالنفير إلى الإمام المهدي ع قبل أن يقوم بسنة كاملة ؟! ولا يخفى أن كلمة (النفير) تستخدم غالباً أو دائماً للنهوض إلى القتال وبهمة دون تثاقل أو تأخير أو تردد. قال الله تعالى: ﴿انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾([121]). ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾([122]). ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً ( وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً﴾([123]). إذن لابد أنْ يكون النفور إلى اليماني الموعود صاحب أهدى الرايات الذي أمر أهل البيت ع بنصرته (إذا خرج اليماني فانهض إليه ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) فورياً وبدون تثاقل أو تسويف، ولا يخفى أن المواجهة بين السفياني واليماني تكون بعد تمّلك السفياني للكور الخمس، فيكون المقصود من قول الصادق ع: (فإذا ظهر على الأكوار الخمس فانفروا إلى صاحبكم)، أي انفروا إلى نصرة اليماني الموعود في مواجهة السفياني الملعون ... والله العالم. ولنكتفي بهذا القدر من التعليق، ونأخذ رواية أخرى: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع، قال: (إنه قال لي أبي ع: لا بد لنار من أذربيجان لا يقوم لها شيء، وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم، وألبدوا ما ألبدنا، فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبواً، والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد، على العرب شديد، وقال: ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب) ([124]). هنا الإمام الباقر ع يخبر عن حدوث فتنة أو حرب طاحنة أو ما شابه ذلك، تكون في أذربيجان، ويأمر شيعته أن يجلسوا في بيوتهم ولا يتدخلوا في ذلك، وأن يلبدوا ما لبد أهل البيت ص، ثم يقول: (فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبواً)، فمن هذا المتحرك يا ترى؟ إنْ قلنا إنَّ هذا المتحرك هو الإمام المهدي ع نفسه، فهذا يستلزم النهي عن اتباع أي شخص قبل قيام الإمام المهدي ع، حتى اليماني الموعود؛ لأن الباقر ع أمر شيعته بالسكون والجلوس وأعطاهم علامة لبداية السعي والتحرك وهي قوله: (فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه...)، وعلى هذا الفهم ترد نقطتان: أ- تقدمت روايات كثيرة تأمر الشيعة بالسعي والنفير بمجرد خروج السفياني، ومن المعلوم أن خروج السفياني قبل تحرك وقيام الإمام المهدي نفسه ع، بل تبيَّن أنه قبله بأكثر من سنة ونصف ! ب- وتقدم أيضاً بأننا مأمورون بنصرة اليماني والنهوض إليه، وإنَّ الملتوي عليه من أهل النار... الخ، ومن المعلوم أيضاً أنَّ خروج اليماني مزامن لخروج السفياني، أي إنه قبل قيام الإمام المهدي ع بكثير، بل ثبت أنَّ اليماني يظهر قبل خروج السفياني. فكيف يأمرنا أهل البيت ص بعدم التحرك حتى يتحرك أو يقوم الإمام المهدي ع، ومع ذلك يأمرونا بنصرة اليماني الموعود، ويتوعدون الملتوي عليه بالنار ؟! إذن فالمراد من قول الباقر ع: (فإذا تحرك متحركنا)، هو متحرك قبل قيام الإمام المهدي ع بمكة، وتبيَّن مراراً مما تقدم من هذا البحث؛ إنَّ هذا المتحرك والقائم والممهد هو اليماني الموعود (أهدى الرايات)، (يدعو إلى صاحبكم)، (فانهض إليه)، (لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه)، (الملتوي عليه من أهل النار)، (يدعو إلى الحق)، (يدعو إلى طريق مستقيم). بقي إشكال ربما ينقدح في أذهان من يقرأون هذه الرواية، وهو قول الباقر ع: (والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد، على العرب شديد ...)، فقد يقول البعض إنَّ هذا الكلام ظاهر في اختصاصه بالإمام المهدي الحجة ابن الحسن ع لتواتر الروايات بأنه يُبايَع بين الركن والمقام بمكة. أقول: أ- لا يمكن حصر البيعة بين الركن والمقام بالإمام المهدي ع نفسه، فقد تسبقها بيعة لمتحرك أهل البيت ص المأمور بنصرته. ب- قد تكون البيعة للإمام المهدي ع ولهذا المتحرك في نفس الوقت، باعتباره وزيره أو يمانيه... الخ، كما أنَّ الرسول ص نصب علياً ع كخليفة ووصي ووزير له في أول بعثته كما في حديث الدار. وقد جاء في خبر طويل بأن وزير المهدي يكون مرافقاً له واسمه المنصور، عن الباقر ع: (... ويهرب المهدي والمنصور منها... ويخرج الجيش في طلب الرجلين. ويخرج المهدي منها على سنة موسى خائفاً يترقب حتى يقدم مكة، ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء، وهو جيش الهملات خسف بهم فلا يفلت منهم إلا مخبر، فيقوم القائم بين الركن والمقام فيصلي وينصرف، ومعه وزيره ... معه عهد نبي الله ص ورايته، وسلاحه، ووزيره معه ...) ([125]). فقد تبايع الناس أيضاً وزير الإمام المهدي ع، كما بايعت الإمام المهدي ع، ويكون هو متحرك أهل البيت ص. ج- وقد يكون هذا المتحرك هو من يستلم البيعة نيابة عن الإمام المهدي ع، وتنسب البيعة للإمام المهدي ع؛ لأنه هو المقصود منها، فيصدق أنْ نقول عن هذا المتحرك بأنه يبايع له بين الركن والمقام، أي إنَّه يتولى استلام البيعة نيابة عن الإمام المهدي ع، وإلى هذا تشير بعض الروايات: في خبر طويل عن الباقر ع في مسيرة المهدي ع: (... حتى إذا بلغ إلى الثعلبية قام إليه رجل من صلب أبيه وهو من أشد الناس ببدنه وأشجعهم بقلبه، ما خلا صاحب هذا الأمر، فيقول: يا هذا ما تصنع ؟ فوالله إنك لتجفل الناس إجفال النعم، أفبعهد من رسول الله ص أم بماذا ؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة ([126]): والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك ...) ([127]). وهذا المولى الذي ولّي البيعة الظاهر هو المولى في الرواية الآتية: عن الباقر ع أنه قال: (يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب - وأومئ بيده إلى ناحية ذي طوى - حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه ...) ([128]). والظاهر أنَّ هذا المولى هو الذي يطلِّع على موضع القائم ع في الرواية الآتية: عن الصادق ع أنه قال: (إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، ويقول بعضهم: قتل، ويقول بعضهم: ذهب، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره) ([129]). وقد يكون هذا المولى هو المقصود أيضاً في الرواية الآتية: عن أبي عبد الله ع، قال: (له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضة، وراية لم تنشر منذ طويت، ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات الله أشد من الحجر.... إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر يمشون إلى المولى إرسالاً ([130])، بهم ينصر الله إمام الحق) ([131])، ([132]). وقوله: (يمشون إلى المولى إرسالاً)، أي أفواجاً فوج بعد فوج، وقد يكون ذلك من أجل البيعة والتسليم والاستعداد للنصرة. د- وقد يكون هذا المتحرك الذي يُبايَع بين الركن والمقام هو وصي الإمام المهدي ع، الذي نص عليه الرسول محمد ص بوصيته ليلة وفاته: (... فذلك إثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين) له ثلاثة أسامي أسم كاسمي وأسم أبي، وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين). وقول الرسول ص: (وهو أول المؤمنين) أي أول المؤمنين بالإمام المهدي ع في عصر الظهور، وأول المصدقين والناصرين له، كما كان الإمام علي ع إلى رسول الله ص، أي إنَّ وصي الإمام المهدي ع لابد أنْ يكون موجوداً قبل قيام الإمام المهدي ع، وللإحاطة بهذا الموضوع يرجى مراجعة كتاب الوصية والوصي. ولو تأملنا في أسماء وصي الإمام المهدي ع: (أحمد وعبد الله والمهدي)، لوجدناها عين الأسماء التي ذكرها الرسول محمد ص للذي يبايع بين الركن والمقام في الرواية الآتية: (يبايع بين الركن والمقام اسمه أحمد وعبد الله والمهدي فهذه أسماؤه ثلاثتها) ([133]). فلا إشكال سواء كانت بيعة هذا الوصي في نفس وقت بيعة الإمام المهدي ع، أو كانت في وقت آخر، أو استلم البيعة نيابة عن أبيه... الخ، ولا ننسى الروايات التي ذكرتها في بداية البحث، منها هذه الرواية: عن أبي عبد الله ع، قال: (إذا قلنا في رجل قولاً، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء) ([134]). إذا تأملنا في هذه الرواية: (... لا بد لنار من أذربيجان لا يقوم لها شيء، وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم، وألبدوا ما ألبدنا، فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبواً...) وغيرها مما تقدم، نجد التحذير واضحاً فيها من فتن أو رايات ترفع في عصر الظهور، وليس التحذير عن كل راية ترفع قبل قيام القائم ع، بل كثير من الروايات تفيد التحذير من رايات الضلال والحث على اتباع راية اليماني الموعود، وهي الراية الصادقة التي تدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم، بل نجد الحث على اتباع هذه الراية والتحذير عن محاربتها شديد اللهجة جداً. إذن فهي الراية الموعودة والتي حث الأئمة ص على انتظارها ونصرتها وحذروا عن الخروج مع غيرها، وصاحب هذه الراية هو متحرك أهل البيت ص، كما هو واضح مما تقدم. ولعل الرواية الآتية تشير إلى معنى غامض في قولهم ص: (إذا تحرك متحركنا): عن بريد، عن أبي جعفر ع في قوله: ("اصبروا" يعني بذلك عن المعاصي، "وصابروا" يعني التقية، "ورابطوا" يعني على الأئمة. ثم قال: أتدري ما معنى ألبدوا ما لبدنا، فإذا تحركنا فتحركوا...؟) ([135]). وإلى هنا أكتفي بهذا القدر، وأعرج على رواية أخرى: عن زر بن حبيش، قال: خطب علي ع بالنهروان: (إلى أن قال:... انظروا أهل بيت نبيكم فإن لبدوا فالبدوا، وإن استصرخوكم فانصروهم تؤجروا ولا تستبقوهم فتصرعكم البلية. ثم ذكر حصول الفرج بخروج صاحب الأمر ع) ([136]). هذه الرواية تأمر الشيعة بعدم سبق أهل البيت ص، أي السبق يتسبب في القتل والهلاك لا الضلال - كما تقدم - إذن لا يكون فتح وتمكين إلا مع راية أهل البيت ص. قوله ع: (وإن استصرخوكم فانصروهم تؤجروا)، يدل على أنَّ أهل البيت ص يخبرون عن صارخ وطالب للنصرة في عصر الظهور، ولا توجد راية أمر أهل البيت ص باتباعها وحرَّموا الالتواء عليها سوى راية اليماني، إذن فاليماني من أهل البيت ص ومع رايته الحق والهدى والتمكين. وبهذا المقدار أكتفي من مناقشة الروايات التي تحذر عن اتباع رايات الضلال قبل السفياني، وقد ناقشت أكثر الروايات وأهمها إنْ لم أقل كلها، وقد تبيَّن من مجموعها بأنها تصب في معنى مشترك تقريباً وهو نصرة رجل من آل محمد يظهر قبل قيام القائم، ورايته أهدى الرايات وهو من يُقاتل السفياني الملعون. وبهذا المقدار أيضاً أختم هذه الحلقة، ونكمل في الحلقة الآتية إن شاء الله تعالى. تم الانتهاء من تحرير هذه الأسطر بتاريخ: 1/ ربيع الثاني/ 1432 هـ 6/ 3/ 2011 م
Footers

[1] - العنكبوت: 1 – 3.

[2] - الإرشاد: ج2 ص375، الغيبة للشيخ الطوسي: ص446 – 447، ح443.

[3] - الغيبة للنعماني: ص264 بـ 14 ح13.

[4] - الأمالي للشيخ الطوسي: ص661، وغيبة النعماني: باب 18 ح15 ص317.

[5] - كتاب الغيبة للنعماني: بـ 14 ح12ص262.

[6] - الكافي: ج8 ص224 – 225 ح285، غيبة النعماني: بـ 14 ح42 ص278.

[7] - بحار الأنوار: ج52 ص208.

[8] - وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست: ص 73، برقم 86، ووثقه النجاشي في رجاله: ص 94، برقم 233.

[9] - وثقه الشيخ النجاشي في رجاله: ص340 برقم 911.

[10] - وثقه الشيخ الطوسي وأثنى عليه كثيراً، في الفهرست: ص97 – 98 برقم 164.

[11] - أثنى عليه الشيخ النجاشي كثيراً في رجاله: ص117 – 118 برقم 302، حيث قال: " كان وجهاً في أصحابنا، قارئاً، فقيهاً، نحوياً، لغوياً، راوية، وكان حسن العمل، كثير العبادة و الزهد، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ..."، وذكره العلامة الحلي في القسم الأول من الخلاصة – قسم الموثقين والمعتمد عليهم – ونقل مدحه والثناء عليه، راجع خلاصة الأقوال: ص86، ونقل توثيقه المحقق الخوئي عن الكشي، راجع معجم رجال الحديث: ج4 ص316 – 320، وأيضاً نقل ما تقدم الشيخ علي النمازي الشاهرودي، ونفى عنه أي غمز، راجع مستدركات علم رجال الحديث: ج2 ص89 – 90 برقم 2362.

[12] - وثقه النجاشي في رجاله: ص296 برقم 803، ووثقه العلامة الحلي في الخلاصة: ص216 – 217، وقال عنه الشيخ علي النمازي في مستدركات علم رجال الحديث: ج6 ص153 برقم 11319: " عيسى بن أعين الجريري الأسدي: من أصحاب الإمام الصادق (. ثقة بالاتفاق ...".

ولا يقال بأنه قد يكون مشتركاً مع (عيسى بن أعين الشيباني أخي زرارة)، لأن أخا زرارة عدوه من أصحاب الباقر (، وعيسى بن أعين الجريري من أصحاب الصادق، بل إن أخا زرارة غير مشهور بل قال عنه المحقق الخوئي بأنه لا توجد له رواية أصلاً، واليكم نص كلامه: (... بقي هنا شيء، وهو أن الصدوق وإن كان ذكر في المشيخة، عيسى بن أعين من دون تقييده بالجريري، إلا أنه هو المراد جزماً، فإن الجريري هو المعروف والمشهور الذي له كتاب، وأما عيسى بن أعين الشيباني فلم نعثر له على رواية، بل أنكر بعضهم أصل وجوده، والله العالم) معجم رجال الحديث: ج14 ص196.

[13] - غيبة النعماني: بـ 18 ح1 ص310.

[14] - غيبة النعماني: بـ 18 ح13 ص316.

[15] - غيبة النعماني: بـ 18 ح7 ص313.

[16] - كتاب الغيبة للنعماني: بـ 18 ح2 ص310 – 311.

[17] - غيبة النعماني: بـ 18 ح1 ص310.

[18] - كتاب الغيبة للنعماني: بـ 14 ح36 ص275.

[19] - معاني الأخبار: ص346، بحار الأنوار: ج33 ص165.

[20] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص424.

[21] - الكافي: ج8 ح 509 ص331، بحار الأنوار: ج47 ص297.

[22] - كتاب الغيبة للنعماني: بـ 14 ح 55 ص283 – 284.

[23] - بحار الأنوار: ج52 ص375.

[24] - بحار الأنوار: ج47 ص351.

[25] - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية للشيخ المنتظري: ج1 ص232.

[26] - الغيبة للشيخ الطوسي: ص452 ح457، بحار الأنوار: ج52 ص217.

[27] - الملاحم والفتن: ص123.

[28] - الملاحم والفتن: بـ103 ص122 – 123، كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص190، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص396.

[29] - الملاحم والفتن: ص117، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج29 ص523، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص400.

[30] - الملاحم والفتن: بـ93 ص117- 118، كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص188، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج29 ص474، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص397.

[31] - سنن الترمذي: ج3 ص362 ح2371، مسند أحمد بن حنبل: ج2 ص365، المعجم الأوسط للطبراني: ج4 ص31، كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص122، كنز العمال: ج14 ص261 ح 38652، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج13 ص286.

[32] - الملاحم والفتن: بـ98 ص120، كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص189، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج29 ص411، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج3 ص270.

[33] - كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص190، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج29 ص471 وص472، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج3 ص78.

[34] - كنز العمال: ج14 ص588 ح 39667، كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص192، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج29 ص409، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج3 ص77.

[35] - لقد أطلت الكلام في الحلقة الأولى من هذا البحث، عن ذيل هذه الرواية (فلا يبلغه حتى يموت)، وذكرت وجوهاً في بيان معناها، ولكن الآن وجدت وجهاً آخر ربما يكون هو الأقوى، وهو أني وجدت هامشاً للشيخ مهيب بن صالح بن عبد الرحمن البوريني - محقق كتاب عقد الدرر - على هذه الجملة بالذات، ونص الهامش هو: (في [أ] فلا يقتله أحد)، أي إن هذه الرواية في أحد النسخ الخطية لكتاب عقد الدرر جاءت بلفظ: (... فلا يقتله أحد حتى يموت)، وهذه المخطوطة التي رمز لها المحقق بـ (أ)، هي أحد النسخ الخطية التي اعتمد عليها في تحقيق كتاب عقد الدرر، وقال المحقق عنها في مقدمته ما نصه: ( 1- نسخة مكتبة البلدية بالاسكندرية، ومصورتها في معهد المخطوطات برقم 165 توحيد. وكتبت بخط نسخي جيد سنة 1106 هـ. كتبها يوسف بن محمد الشهير بابن الوكيل الملوي. وتقع في 144 صفحة ومسطرتها 23 × 10. وخطها دقيق، وهي نسخة (أ) ). انتهى.

فيكون معنى الرواية؛ إن هذا الرجل الممهد المشرقي الذي من أهل بيت الإمام المهدي (، لا يقتله أحد في تمهيده وقتاله وتوجهه نحو بيت المقدس، حتى يموت بأجله الذي كتبه الله له، أي إنه لا يقتل في مهمة التمهيد للإمام المهدي ( .. والله العالم.

والرواية في كتاب عقد الدرر: ص197، للشيخ العلامة يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي السلمي؛ من علماء القرن السابع الهجري، طبع ونشر وتوزيع مكتبة المنار، الأردن، الزرقاء، الطبعة الثانية؛ 1410 هـ – 1989 م.

والمؤلف أورد الرواية مختصرة هكذا: (وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق، يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل، ويتوجه الى بيت المقدس، فلا يبلغه حتى يموت".

[36] - الملاحم والفتن: بـ133 ص139، كنز العمال: ج14 ص589 ح 39669، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج13 ص313، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج3 ص119.

[37] - الملاحم والفتن: بـ109 ص126، شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي: ج29 ص529، معجم أحاديث الإمام المهدي(: ج1 ص422.

[38] - الملاحم والفتن: ص136، كنز العمال: ج14 ص590 ح39673، شرح إحقاق الحق للمرعشي: ج29 ص411.

[39] - الملاحم والفتن لابن طاووس: بـ60 ص272، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص401.

[40] - الغيبة للنعماني: ص265.

[41] - كمال الدين وتمام النعمة: ص651 – 652.

[42] - ذكر الشيخ النعماني عدة أسانيد لهذه الرواية تنتهي الى الحسن بن محبوب، أذكر أحدها مع توثيق رجاله:

النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد عن محمد بن المفضل وسعدان بن إسحاق بن سعيد واحمد بن الحسين بن عبد الملك ومحمد بن احمد بن الحسن جميعاً عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (.

وهذا السند يحتوي خمسة وسائط:

الأولى: أحمد بن محمد بن سعيد، وهو ثقة بالإجماع، وقد تقدم توثيقه في هوامش هذا البحث.

الثانية: تحتوي على أربعة رجال، ويكفي توثيق أحدهم، ومنهم محمد بن المفضل، وقد تقدم توثيقه في هوامش هذا البحث، ومنهم أحمد بن الحسين بن عبد الملك؛ وقد وثقه النجاشي في رجاله ص80 برقم 193، ووثقه أيضاً الشيخ الطوسي في الفهرست: ص67 برقم 71.

الثالثة: الحسن بن محبوب؛ ثقة بالاتفاق، وراجع توثيقه في فهرست الشيخ الطوسي: ص96– 97، برقم 162.

الرابعة: عمرو بن أبي المقدام؛ ذكره العلامة في القسم الأول من خلاصة الأقوال - قسم المعتمد عليهم - ص212، وذكر توثيقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج 6 ص 23، برقم 10721، أضف إلى ذلك انه وقع في إسناد تفسير القمي وكامل الزيارات، - الذين اعتبرهما الخوئي دليلا على وثاقة الرواة – راجع ترجمة عمرو بن أبي المقدام في معجم رجال الحديث ج14 ص80 – 81، برقم 8863 .

الخامسة: جابر بن يزيد الجعفي، ثقة جليل القدر، قال عنه المحقق الخوئي عنه في معجم رجال الحديث ج4 ص336 – 345 برقم 2033: (...أقول: الذي ينبغي أن يقال: أن الرجل لابد من عده من الثقات الأجلاء لشهادة علي بن إبراهيم، والشيخ المفيد في رسالته العددية وشهادة ابن الغضائري، على ما حكاه العلامة، ولقول الصادق عليه السلام في صحيحة زياد إنه كان يصدق علينا، ولا يعارض ذلك، قول النجاشي إنه كان مختلطا، وإن الشيخ المفيد، كان ينشد أشعارا تدل على الاختلاط، فإن فساد العقل - لو سلم ذلك في جابر، ولم يكن تجننا كما صرح به فيما رواه الكليني في الكافي: الجزء 1، كتاب الحجة 4، باب أن الجن يأتون الأئمة سلام الله عليهم ، فيسألونهم عن معالم دينهم 98، الحديث 7 - لا ينافي الوثاقة، ولزوم الأخذ برواياته، حين اعتداله وسلامته ... (إلى قوله): الدالة على صدقه في الأحاديث المؤيدة بما تقدم من الروايات الدالة على جلالته ومدحه، وأنه كان عنده من أسرار أهل البيت سلام الله عليهم ...).

[43] - غيبة النعماني: بـ 14ح66 ص288 – 289.

[44] - بحار الأنوار: ج52 ص207 – 208، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص327 – 328.

[45] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج3 ص275.

[46] - كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص173 – 174، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج3 ص275 – 276.

[47] - شرح إحقاق الحق – للسيد المرعشي: ج29 ص566 – 572.

[48] - ثقة بالاتفاق، وقد تقدم ذكر توثيق النجاشي والطوسي له في هوامش هذا البحث.

[49] - اعتبره المحقق الخوئي متحداً مع (أحمد بن يوسف مولى بني تيم الله، الثقة، واستدل على اتحاده بكلام طويل، راجع معجم رجال الحديث: ج3 ص162 – 163، برقم 1026، ورقم 1027، ورقم 1029.

وأحمد بن يوسف مولى بني تيم الكوفي، وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست ص351 برقم 5205.

وذكره النجاشي في رجاله في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة، وانه في طريقه إلى كتاب الحسن بن علي بن أبي حمزة (فضائل القرآن)، راجع رجال النجاشي: ص336 - 37، برقم 73. وأيضاً ذكره في كثير من طرقه الى الكتب والأصول.

وهو من أصحاب الأصول كما صرح الشيخ النعماني في نفس الرواية حيث قال: (حدثني احمد بن يوسف ... من كتابه) وبما أن الشيخ النعماني اخذ من هذا الكتاب واعتمد عليه فهو كتاب معتمد ومن الأصول المعول عليها لدى الشيعة، وهذا إن لم يشعر بوثاقة صاحب الكتاب فهو يشير إلى اعتبار الكتاب نفسه.

بل صرح النجاشي في ترجمة جميل بن دراج بأن أحمد بن يوسف بن يعقوب صاحب كتاب، حيث قال في ص126 - 127، برقم 328: (وله - يقصد جميل بن دراج - كتاب اشترك هو ومحمد بن حمران فيه، رواه الحسن بن علي ابن بنت إلياس عنهما أخبرنا محمد بن جعفر التميمي عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه وأصله في رجب سنة تسع ومائتين قال: حدثنا الحسن بن علي ابن بنت إلياس عنهما به) انتهى.

إذن فالرجل من أصحاب الأصول والكتب المعتمدة من قبل المعترف بوثاقتهم من الرجال.

وأيضا ذكر كتابه أو أصله آقا بزرگ الطهراني في الذريعة: ج2 ص140 برقم 520، فقال: ( (أصل) أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، قال النجاشي في ترجمة جميل بن دراج إنه ( يروي ابن عقدة أحمد بن محمد بن سعيد الذي ولد سنة 249 وتوفي 333 - عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه وأصله في رجب سنة تسع ومئتين ...) انتهى.

وقال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: ج3 ص215: (أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي: قال البهبهاني في تعليقته على منهج المقال: روى عن محمد بن إسماعيل الزعفراني وقال النجاشي في ترجمة جميل بن دراج في طريقه إليه عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه وأصله وهو يدل على أن له كتاباً وأصلاً وأنه من مشايخ الرواية. انتهى).

[50] - وثقه النجاشي في رجاله: ص26- 27، برقم 49، ووثقه الشيخ الطوسي في الفهرست: ص46، برقم 32، ووثقه العلامة الحلي في خلاصة الأقوال: ص54 – 55.

[51] - نقل توثيقه وتضعيفه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج2 ص434 – 435، برقم 3688 قائلاً:

(الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني: واسم أبي حمزة سالم، من وجوه الواقفية، كذاب ملعون قاله علي بن الحسن بن فضال على ما نقله كش عن محمد بن مسعود، وله كتب، وكان أبوه قائد أبي بصير. ونقل العلامة المامقاني عن العلامة المجلسي الأول: أن الطعون باعتبار مذهبه الفاسد، ولذا روى عنه مشايخنا لثقته في النقل. انتهى.

واستبعد العلامة النوري في (المستدرك: ج3 ص588) كونه كذاباً أي في غير ما يرجع إلى مذهبه لرواية البزنطي عنه الذي لا يروي إلا عن ثقة، وهو من أصحاب الإجماع، وكذا رواية الأجلاء عنه، وعد منهم سبعة، وتلقي الأصحاب رواياته بالقبول. وذكره الصدوق في مشيخة الفقيه في صواحب الأصول المعتمدة التي استخرج منها كتابه، وروى كتابه إسماعيل بن مهران. وهو راوي تفسير النعماني الملخص في أول تفسير القمي، والسيد علم الهدى اختصره، ويعرف برسالة المحكم والمتشابه، والشيخ الجليل سعد بن عبد الله، ثم قال: إن صوبنا راميه فلا بد من توجيهه في كذب دعواه في مذهبه.

أقول: ويشهد على ذلك قول راميه علي بن الحسن بن فضال: رويت عنه أحاديث كثيرة. وبالجملة له كتب منها: كتاب الدلائل، وكتاب الفضائل، وكتاب فضائل القرآن، وغير ذلك ...) انتهى.

أقول: إن الطعن الموجه إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة هو لوقفه، لا لأنه غير معتمد في الرواية، وتوهم البعض انه لضعف روايته، ولذلك نجد انه قد روى عن الثقاة ورووا عنه، بل روى عنه أصحاب الإجماع الذين قال عنهم الشيخ الطوسي بأنهم لا يروون إلا عن ثقة، فقد روى عنه البزنطي وغيره من الثقاة، وما يؤكد ذلك أمور منها:

أ- إن الشيخ الطوسي ذكره من أصحاب الكتب والأصول ولم يتعرض لذمه أو تضعيفه أصلاً، راجع الفهرست: ص101، برقم 178.

ب- وقع في إسناد روايات تفسير القمي وكامل الروايات، اللذان شهد مؤلفاهما بأنهما لا يروون فيهما إلا عن الثقاة، ونقل ذلك الخوئي عن الحر العاملي وارتضاه، بل جعله دليلا على توثيق من لم يوثق، ولكن الخوئي في الحسن بن أبي حمزة تردد في توثيقه في كلام طويل انتهى بعدم توثيقه، والمهم انه اعترف بوقوعه في إسناد تفسير القمي وكامل الزيارات، راجع معجم رجال الحديث: ج6 ص19 – 20.

ج- كلام الميرزا النوري ودفاعه عن وثاقته في النقل، على ما نقله الشيخ علي النمازي كما تقدم.

د- توثيق العلامة المجلسي الأول له على ما نقله الشيخ النمازي كما تقدم وهو كالآتي:

(أن الطعون باعتبار مذهبه الفاسد، ولذا روى عنه مشايخنا لثقته في النقل).

هـ - اعتماد الشيخ الصدوق (رحمه الله) على كتاب الحسن بن علي بن أبي حمزة في كتاب من لا يحضره الفقيه، ومن المعلوم أن الشيخ المفيد اعترف جازماً في مقدمة كتابه بأنه يعتمد فقط على الكتب المعتبرة التي إليها المرجع وعليها المعول، واليكم نص كلامه مختصراً:

(... وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستاني وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي ... إلى قوله: إلي وغيرها من الأصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي - رضي الله عنهم - وبالغت في ذلك جهدي، مستعينا بالله، ومتوكلا عليه، ومستغفرا من التقصير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وهو حسبي ونعم الوكيل) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص2 – 4.

وقد ذكر في مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه طريقه إلى كتاب (الحسن بن علي بن أبي حمزة) قائلاً:

(وما كان فيه عن الحسن بن علي بن أبي حمزة فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه عن عمه محمد بن القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص518.

وبعد كل ما تقدم يكون الحسن بن علي بن أبي حمزة موثقا في النقل والرواية ومعتمداً عليه وان كان واقفياً، فكم من واقفي أو فطحي أو ما شابه يعتمد عليه القوم، وعلى ذلك يكون حديثه من صنف (الموثق) وهو حجة ومعمول به على المشهور المنصور، حسب قواعد القوم.

[52] - هنا الواسطة مشتركة بين (علي بن حمزة البطائني) وبين (وهيب بن حفص) ويكفي توثيق أحدهما، وبما أن البطائني واقفي والكلام فيه طويل فاترك الخوض في ترجمته تجنبا للإطالة وان كان ثقة، واختار توثيق (وهيب بن حفص): فقد وثقه النجاشي في رجاله: ص431، برقم 1159، ووثقه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث: ج20 ص236 – 237، برقم 13235.

[53] - ثقة بالاتفاق، وهو يحيى بن القاسم الأسدي، ومن أشكل باشتراك غيره معه بكنية (أبي بصير)، فيجيبه المحقق الخوئي بقوله: (... ولكنا ذكرنا في ترجمة يحيى بن القاسم، أن أبا بصير عندما أطلق، فالمراد به هو: يحيى بن أبي القاسم، وعلى تقدير الاغماض فالأمر يتردد بينه وبين ليث بن البختري المرادي، الثقة، فلا أثر للتردد، وأما غيرهما فليس بمعروف بهذه الكنية، بل لم يوجد مورد يطلق فيه أبو بصير، ويراد به غير هذين) معجم رجال الحديث: ج22 ص52.

وأيضاً يجيبه الشيخ علي النمازي الشاهرودي بقوله: (... فتعين أن إطلاق أبي بصير في روايات الباقرين صلوات الله عليهما منصرف إلى الثاني والثالث والرابع وكلهم ثقات أجلاء) مستدركات علم رجال الحديث: ج8 ص341.

[54] - الغيبة للنعماني: ص264 باب 14 ح13.

[55] - هذه الرواية التي ينقلها الشيخ الطوسي عن الفضل بن شاذان، قد رويت في كتاب مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان - تحقيق السيد هاشم باسم الموسوي - الحديث رقم 17. وبهذا لا يهمنا إلا إثبات وثاقة ما بعد الفضل بن شاذان، وكلهم ثقات أثبات، كما يأتي في الهوامش الآتية. مع أن هناك عدة طرق للشيخ الطوسي الى الفضل بن شاذان منها الصحيح المعتبر، وصرَّح انه قد روى به كتب الفضل بن شاذان ورواياته، وعد منها كتاب إثبات الرجعة، راجع ترجمة الفضل بن شاذان في فهرست الشيخ الطوسي: ص197- 199 برقم 563.

وكتاب (مختصر إثبات الرجعة) هو عبارة عن اختصار لكتاب (إثبات الرجعة) للفضل بن شاذان، انتخبه بعض فضلاء المحدثين، راجع كتاب الذريعة: ج22 ص367 برقم 7472، وأيضاً ج1 ص93 برقم 450.

[56] - متفق على جلالته ووثاقته وعلو مقامه، راجع توثيقه في رجال النجاشي: ص306 – 307 برقم 840.

[57] - وثقه النجاشي: ص 189، برقم504، ووثقه الشيخ الطوسي في الفهرست: ص140، برقم 333.

[58] - وثقه النجاشي: ص 108، برقم 273، ووثقه الخوئي في معجم رجال الحديث: ج4 ص260.

[59] - الغيبة للشيخ الطوسي: ص446 – 447.

[60] - الغيبة للنعماني: ص310.

[61] - الغيبة للنعماني: ص316.

[62] - كمال الدين: بـ57 ح11 ص651 – 652.

[63] - غيبة النعماني: بـ 14ح66 ص288 – 289.

[64] - بحار الأنوار: ج52 ص210 عن غيبة الطوسي.

[65] - عصر الظهور: ص148.

[66] - غيبة النعماني: بـ 22 ح1 ص336.

[67] - تهذيب الأحكام – للشيخ الطوسي: ج6 ح372 ص180.

[68] - شرح إحقاق الحق – للسيد المرعشي: ج29 ص566 وما بعدها.

[69] - هود: 40.

[70] - الأعراف: 16.

[71] - الكافي: ج8 ص264 – 265.

[72] - قال العلامة المجلسي كما جاء في هامش البحار ج52 هامش ص302: (ظاهره أن خروج القائم ( في رجب ويحتمل أن يكون المراد أنه مبدأ ظهور علامات خروجه فأقبلوا إلى مكة في ذلك الشهر لتكونوا شاهدين هناك عند خروجه).

[73] - الكافي: ج8 ص264.

[74] - الكافي: ج1 ص401، بصائر الدرجات للصفار: ص45.

[75] - عيون أخبار الرضا (: ج2 ص225 – 226.

[76] - الإسراء: 5.

[77] - الكافي: ج8 ح250 ص206.

[78] - الحج: 78.

[79] - عيون أخبار الرضا (: ج2 ص225 – 226.

[80] - عيون أخبار الرضا (: ج2 ص226.

[81] - عيون أخبار الرضا (: ج2 ص228.

[82] - ذكر توثيقه الشيخ الطوسي في رجاله: ص431 برقم 6184، ووثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج5 ص152 برقم 8962، قائلاً: (عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي أبو القاسم: ثقة بالاتفاق ...).

[83] - وثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث راجع: ج6 ص495 – 496 برقم 12863، و ج6 ص500 برقم 12884، ووثقه السيد الخوئي في معجم رجال الحديث: ج16 ص183 برقم 10423، فراجع.

[84] - وثقه النجاشي في رجاله: ص334 برقم 897، ووثقه الشيخ الطوسي في الفهرست: ص215 برقم 607، وكذلك وثقه الشيخ الطوسي في رجاله: ص379 برقم 5615.

[85] - وثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج7 ص121 – 122 برقم 13477، قائلاً: ( محمد بن سنان أبو جعفر الزاهدي الخزاعي: عدوه من أصحاب الكاظم والرضا والجواد صلوات الله عليهم. ثقة جليل صاحب الأسرار والمعضلات والغرائب المعظمات، وفاقا لعدة كثيرة، منهم الشيخ المفيد في الإرشاد حيث عده من خاصة الكاظم ( وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته الذين رووا النص على الرضا صلوات الله عليه. ومنهم المجلسيان، والشيخ الحر في الوسائل، والسيد ابن طاووس، والحسن بن علي بن شعبة، والعلامة في المختلف..).

[86] - ثقة بالاتفاق كما قال عنه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج7 ص366 برقم 14691، وثقة السيد الخوئي في معجم رجال الحديث: ج19 ص35 برقم 12019، ووثقه النجاشي في رجاله: ص359 برقم 963.

[87] - وثقه الكشي راجع اختيار معرفة الرجال: ج2 ص601 ح566، ووثقه العلامة الحلي في الخلاصة راجع: ص172، ووثقه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث: ج10 ص163 – 164 برقم 5976، ونص على حسنه وكماله الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج4 ص281 – 282 برقم 7173، فراجع.

[88] - وثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج8 ص373، برقم 16852، قائلاً: (أبو خالد الكابلي: اسمه وردان وكنكر. من خواص أصحاب السجاد والباقر والصادق صلوات الله عليهم. وهو من ثقات السجاد (، كما عده الصادق (. ومن حواريه، كما عده الكاظم ().

[89] - كتاب الغيبة للنعماني: بـ 16 ح2 ص299 – 300، الغيبة للطوسي: ح278 ص333.

[90] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج15 ص52.

[91] - كتاب الغيبة للنعماني: ص317 – 318.

[92] - كتاب الغيبة للنعماني: ص311 – 312.

[93] - كتاب الغيبة للنعماني: ص313.

[94] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج15 ص54 – 55.

[95] - (محمد بن همام): ثقة وجليل بالاتفاق، وثقه النجاشي والطوسي وغيرهم، راجع: الفهرست للشيخ الطوسي: ص217 برقم 612، رجال الطوسي: ص 438 – 439 برقم 6270، رجال النجاشي: ص379 برقم 1032، مستدركات علم رجال الحديث: ج6 ص376 برقم 12306 و ج7 ص362 برقم 14663 و ج7 ص251 برقم 14106، معجم رجال الحديث للخوئي: ج15 ص244 برقم 9992 وج18 ص341 – 342 برقم 11988.

[96] - (أحمد بن مابنداذ وعبد الله بن جعفر الحميري) هذه الواسطة مكونه من رجلين وتوثيق أحدهما يكفي:

(عبد الله بن جعفر الحميري): ثقة جليل بالاتفاق، كما قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث: ج4 ص503 برقم 8155، ووثقه النجاشي والطوسي وغيرهما راجع معجم رجال الحديث للخوئي: ج11 ص148 برقم 6766.

[97] - (أحمد بن هلال): مذموم إلا أنه ثقة في الرواية كما برهن عليه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث: ج3 ص149 وما بعدها برقم 1008، وأيضاً تعرف وثاقته في الرواية رغم ذمه ممن ترجمة النجاشي له: ص3 برقم 199، حيث قال: (أحمد بن هلال ... صالح الرواية يعرف منها وينكر وقد روي فيه ذموم من سيدنا أبي محمد العسكري ()، وعلق الخوئي على كلام النجاشي هذا بأنه يستفاد منه توثيقه في الرواية وإن كان فاسد العقيدة، حيث لا تلازم بين فساد العقيدة والضعف في الرواية. وذكر الخوئي بأنه وقع في إسناد تفسير القمي مما يؤيد وثاقته أكثر.

[98] - (الحسن بن محبوب): وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست: ص96 – 97 برقم 162 قائلاً: (الحسن بن محبوب السراد،...، ثقة. روى عن أبي الحسن الرضا (، وروى عن ستين رجلاً من أصحاب أبي عبد الله (، وكان جليل القدر، ويعد في الأركان الأربعة في عصره).

[99] - وفي رواية الشيخ الطوسي عن الحميري بهذا اللفظ: (إن الله بعث فلاناً فاسمعوا له وأطيعوا).

[100] - الغيبة للنعماني: بـ 10 ح 28 ص186، الغيبة للطوسي: ص439 – 440 ح431.

[101] - بحار الأنوار: ج51 ص108 – 109.

[102] - الغيبة للنعماني: بـ14 ح10 ص261.

[103] - بحار الأنوار: ج53 ص59.

[104] - الممتحنة: 13.

[105] - بحار الأنوار: ج53 ص77 – 81.

[106] - ينابيع المودة للقندوزي: ج3 ص434، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج3 ص101.

[107] - الغيبة النعماني: بـ 14 ح67 ص288 – 289، غيبة الطوسي: ص441 – 442 ح434.

[108] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج15 ص52.

[109] - بحار الأنوار: ج52 ص138 – 139.

[110] - بحار الأنوار: ج52 هامش ص302.

[111] - دلائل الإمامة للطبري (الشيعي): ص445.

[112] - الخصال للصدوق: ص633.

[113] - نهج البلاغة: ج1 ص193.

[114] - كتاب سليم بن قيس: ص259.

[115] - مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص104.

[116] - الكافي: ج8 ص264.

[117] - بحار الأنوار: ج32 ص254 – 255.

[118] - لا يوجد من يناقش فيه في سند هذه الرواية إلا الحسين بن المختار، وقد وثقه الشيخ المفيد وابن عقدة وجزم المحقق الخوئي بوثاقته وكذلك وثقه الشيخ النمازي الشاهرودي في مستدركاته، راجع معجم رجال الحديث للخوئي: ج7 ص93 برقم 3653، ومستدركات علم رجال الحديث: ج3 ص199، وأيضاً جزم الميرزا النوري بوثاقته وساق أدلة كثيرة، راجع خاتمة المستدرك: ج4 ص257.

وأما بقية رجال سند هذه الرواية فكلهم من الثقاة الأجلاء المشهورين.

[119] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج15 ص52.

[120] - بحار الأنوار: ج52 ص272.

[121] - التوبة: 41.

[122] - التوبة: 38.

[123] - النساء: 71 – 72.

[124] - الغيبة للنعماني: بـ11 ح1 ص200.

[125] - بحار الأنوار: ج52 ص222 – 225.

[126] - المولى في هذه الرواية؛ فيه كلام آخر قد يأتي في وقته إن شاء الله تعالى.

[127] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج5 ص26 – 29.

[128] - كتاب الغيبة للنعماني: ص187.

[129] - الغيبة للشيخ الطوسي: ص162.

[130] - لعلها (أرسالاً) بالفتح وليس بالكسر، و (أرسالاً) يعني أفواجاً فوج بعد فوج، ومفردها (رَسَل) بفتحتين، راجع الصحاح للجوهري، وتاج العروس للزبيدي، مادة: رسل.

[131] - كلمة المولى تستعمل في معان عديدة: (الأولى بالشيء) و (الذي يلي أمر شخص ما ويقوم بقضاء حوائجه) و (الناصر) و (ابن العم) و (المحب) و (مالك الرق كما يملك المولى عبده) و (المولى المعتق من الرق) و (العاقبة) و (ما يلي الشيء مثل خلفه، وقدامه )... الخ.

[132] - بحار الأنوار: ج52 ص307 – 308.

[133] - الغيبة للطوسي: ص454 ح463 و ص70 ح486.

[134] - الكافي: ج1 ص535.

[135] - بحار الأنوار: ج24 ص218.

[136] - جامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي: ج13 ص73.