Subjects

Text

إصدارات أنصار الإمام المهدي ع/ العدد (71) دحض تقوّلات المعاندين ( الجزء الثاني ) رداً على كتاب ( السيف القاطع ) لمؤلفه المدعو محمد الجناحي بقلم عبد الرزاق الديراوي الطبعة الثانية 1433 هـ - 2012 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org يقول الجناحي: (أما النقاش في أصل المسألة ورجوعه هذا إلى الاستدلال بالروايات يستدعي منه أن يلاحظ عدة أمور، أبرزها الاطلاع على علم الرجال فضلاً عن علمي الحديث والدراية للتميز في درجة قوة الرواية من ضعفها والذي على ضوءه سيكون الابتناء في الاستدلال، خصوصاً أن هناك روايات يستكشف من متابعة منابعها ومدلولاتها أن فيها ما يشير إلى الدس والانحراف، وبملاحظة بسيطة وتأمل قليل نجد أن هذا ليس من عمل أي احد غير الفقيه. وكذلك عند تعارض الروايات "وما أكثره" والأخذ بما هو ظاهر أو أظهر، يحتاج منه الرجوع إلى علم الأصول لمعرفة نوع التعارض "وهذا أيضاً من عمل الفقيه"). أقول: لم يمنعك أحد من ملاحظة قوة الرواية وضعفها، ولكن عليك أن تختار المنهج الصحيح في التحقيق، أما اعتمادك على علم الرجال وملاحظة موثوقية هذا الراوي أو ذاك من عدمها فهو منهج قاصر لا يحقق مطلوبه. إذ غاية ما يدلك عليه تتبع أحوال الرواة هو الخروج بنتيجة هي: إن هذا الراوي أو ذاك عدل أو غير عدل، وبالنتيجة الثانية: إن في سند هذه الرواية أو تلك رواة كلهم أو بعضهم عدول أو كلهم غير عدول، ولكن هذه النتيجة ليست هي مطلوبك، فأنت إنما اتخذت هذا المنهج طريقاً للوصول إلى نتيجة هي إن هذه الرواية صحيحة الصدور أو غير صحيحة، ومعلوم أن هذه النتيجة لا تساوق القول بأن رواة هذه الرواية موثوقون كلهم أو بعضهم أو غير موثوقين، فالثقة كما هو معلوم يمكن أن ينسى ويسهو ... الخ، ويمكن بالتالي أن يخطأ في إيصال مضمون الرواية الصحيح، وكذلك فإن الكاذب (أي الذي عُرف عنه أنه يمكن أن يكذب) يمكن أن يجري على لسانه الصدق. أما قولك: إن هذا عمل الفقيه، فأقول: هو صحيح على الجملة غير أنه يستلزم بعض الإيضاح، فقد ولى الزمن الذي تضحكون فيه على عقول الناس، وتقنعوهم بأنهم لا طاقة لهم بمعرفة الروايات الصحيحة من غيرها والروايات المندسة من غيرها، فالفقهاء يعتمدون في ذلك على جهود العلماء المتقدمين وخصوصاً المحدِّثين وهم الذي غربلوا الروايات ومحصوها ودونوها في موسوعات حديثية، وهذه الموسوعات والروايات لا يتعسر على الكثير من الناس معرفتها وفهم ما جاء فيها. فإن قلت: إن ذلك يحتمل الخطأ من قبل الناس في معرفة ذلك. أقول: رغم ما في ذلك من المبالغة، فالخطأ حاصل حتى من قبل الذين تسمونهم فقهاء، وبسبب اجتهاداتهم واستحساناتهم وتعقيداتهم التي لا مبرر لها فقد وقعوا في مئات الأخطاء التي ربما لو تركوا المجال لغيرهم لما وقعوا فيها. فمحاولة تعقيد المسألة وحصرها بالفقيه هي عبارة عن استحمار للناس وحجر على عقولهم، ليأمنوا من النقد العلمي عند الخطأ، ولكي لا تنفضح عوراتهم العلمية. ثم إن الأئمة ص قد وضعوا ضوابط لمعرفة الروايات الصحيحة من غيرها، ولم يقولوا لنا إن فهم تلك الضوابط منحصر بالفقيه لا غير. فالفقيه هنا ينبغي أن يكون المقصود به كل متبحر بروايات أهل البيت ص لا من يركب رأسه كبعض الأصوليين القائلين بمنهج البحث الرجالي. ومثله القول بمسألة التعارض، ونزيد هنا أن حل التعارض لا يستلزم نظريات علم الأصول العقلية، فأهل البيت ص وضعوا قواعد كافية وافية في معرفة صحيح الحديث وحل المتعارضات، ولعل أشهر هذه الروايات رواية عمر بن حنظله رواها أئمة الحديث الثلاثة وغيرهم، فرواها الشيخ الكليني في باب اختلاف الحديث بسنده إلى عمر بن حنظله قال: (سألت أبا عبد الله ع عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة. أيحل ذلك ؟ قال ع: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتاً وإن كان حقاً ثابتاً له؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ﴾([1]). قلت: فكيف يصنعان ؟ قال: ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ليرضوا به حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رده، والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله. قلت: فإن كان كل رجل اختار رجلاً من أصحابنا فرضينا أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم ؟ قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر. قال: قلت: فأنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يتفضل واحد منهما على الآخر ؟! قال: فقال: ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكمنا به المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتبع، وأمر بيّن غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله ص: حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ الشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم. قلت: فأن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم ؟ قال: ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة، قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجد أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ ؟ قال: ما خالف العامة ففيه الرشاد. فقلت: جعلت فداك، فإن وافقهما الخبران جميعهما ؟ قال: ينظر إلى ما هم أميل، حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر. قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعاً ؟ قال: إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى، فأن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات) ([2]). ويوجد غيرها من الروايات. ويقول: (وفيما يلي سنستعرض أهم هذه الروايات، وهي روايات المهديين (علماً أن كل رواياتهم ضعيفة) وسنناقشها سنداً ودلالة إن شاء الله تعالى وسأضع خطاً تحت كل اسم ضعيف أو لم يثبت توثيقه في كتب الرجال). أقول: وهذه مجموعة من الأحاديث تنهي عن مسلك فقهاء آخر الزمان في تحقيق إسناد الروايات وصولاً - بزعمهم - إلى العلم بصدورها، وقد قام أحد الإخوة الأنصار بتحقيق إسنادها مبالغة منه في إتمام الحجة على أتباع منهج التحقيق السندي. عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا جعفر ع يقول: (والله إن أحب أصحابي إليّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا، وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم للذي (الذي) إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله اشمأز منه وجحده وكفَّر من دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا اسند، فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا) ([3]). 1- محمد بن يحيى العطار القمي: قال عنه النجاشي في رجاله ص353 رقم 946: (محمد بن يحيى أبو جعفر العطار القمي، شيخ أصحابنا في زمانه، ثقة، عين، كثير الحديث. له كتب، منها: كتاب مقتل الحسين ع، وكتاب النوادر، أخبرني عدة من أصحابنا، عن ابنه أحمد، عن أبيه بكتبه). 2- أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري: قال الشيخ الطوسي في الفهرست ص68: (... شيخ قم ووجهها وفقيهها غير مدافع ...). وقال العلامة الحلي في خلاصة الأقوال ص61: (وأبو جعفر شيخ قم ووجهها وفقيهها غير مدافع، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقي السلطان بها، ولقى أبا الحسن الرضا ع وأبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري (عليهما السلام)، وكان ثقة، وله كتب ذكرناها في الكتاب الكبير). وقال عنه المحقق الخوئي في معجمه: (أحمد بن محمد أبو جعفر: أحمد بن محمد بن عيسى: أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. روى عن الحسين بن سعيد، ... إلى أن قال: أقول: هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري الآتي .... إلى أن قال: 902 - أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي: أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الله الأشعري. ثقة، له كتب، ذكره الشيخ في رجاله: في أصحاب الرضا ع. وعده من أصحاب الجواد، قائلاً: أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. من أصحاب الرضا ع، ومن أصحاب الهادي ع، قائلاً: أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي. وقال النجاشي: أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك ابن الاحوص بن السائب بن مالك بن عامر الأشعري، من بني ذخران بن عوف ابن الجماهر بن الأشعر، يكنى أبا جعفر) ([4]). 3- الحسن بن محبوب: قال الشيخ الطوسي الفهرست ص96 رقم 162: (الحسن بن محبوب السراد، ويقال له: الزراد، ويكنى أبا علي، مولى بجيلة، كوفي، ثقة. روى عن أبي الحسن الرضا ع، وروى عن ستين رجلاً من أصحاب أبي عبد الله ع، وكان جليل القدر، ويعد في الأركان الأربعة في عصره). 4- جميل بن صالح: قال النجاشي في رجاله ص127 رقم 329: (جميل بن صالح الاسدي ثقة، وجه، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام). 5- أبو عبيدة الحذاء: قال النجاشي في رجاله ص170رقم 449: (زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذاء كوفي، ثقة، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ... ومات في حياة أبي عبد الله ع). عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط، قال: (قلت لأبي عبد الله ع: جعلت فداك، يأتينا الرجل من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه. فقال أبو عبد الله ع: يقول لك إني قلت الليل أنه نهار والنهار أنه ليل ؟ قلت: لا. قال: فإن قال لك هذا أني قلته فلا تكذب به فإنك إنما تكذبني) ([5]). 1- أحمد بن محمد بن عيسى: قال الشيخ الطوسي في الفهرست ص68: (... شيخ قم ووجهها وفقيهها غير مدافع ...). وقال العلامة الحلي في خلاصة الأقوال ص61: (وأبو جعفر شيخ قم ووجهها وفقيهها غير مدافع، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقي السلطان بها، ولقى أبا الحسن الرضا ع وأبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري (عليهما السلام)، وكان ثقة، وله كتب ذكرناها في الكتاب الكبير). 2- الحسين بن سعيد: وثّقه الطوسي في رجاله ص355، فقال: (... صاحب المصنفات ألأهوازي، ثقة). وقال الطوسي في الفهرس أيضاً: (... ثقة، روى عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث ص ... وله ثلاثون كتاباً وذكر أنه روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى). ووثقه العلامة الحلي في خلاصة الأقوال ص114، فقال: (ثقة، عين، جليل القدر). وورد في إسناد كتاب كامل الزيارات ص47 و ص128 وغيرهما. وورد في إسناد تفسير القمي ج1 ص107 وغيرها. 3- محمد بن خالد البرقي: وثقه الشيخ الطوسي في رجاله ص363، فقال: (ثقة، من أصحاب الرضا ع). ووقع في إسناد كامل الزيارات ص352 و ص319 وص318 وغيرها. وقال عنه المحقق الخوئي في المعجم ج17 ص69: (وقع في إسناد تفسير القمي، قوله تعالى: ﴿فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً﴾([6]). وكذلك في كامل الزيارات الباب الأول في ثواب زيارة الرسول ص والإمام الحسين ع). 4- عبد الله بن جندب: قال عنه الطوسي في رجاله ص340: (عربي، كوفي، ثقة). ووثقه العلامة الحلي، وأثنى عليه ثناءاً كثيراً كثيراً، راجع خلاصة الأقوال ص193. 5- سفيان بن السمط: قال عنه الشيخ الطوسي في رجاله ص220: (البجلي، الكوفي أسند عنه). وعلّق المحقق الداماد على كلام الطوسي قائلاً: (ويظهر من ذلك جلالته كما لا يخفى على المتبحر) ([7]). وهو من مشايخ ابن عمير الذي لا يروي إلا عن ثقة، راجع الكافي ج6 ص504، وأيضاً من مشايخ أحمد بن محمد بن أبي نصر البيزنطي، راجع الكافي للكليني ج2 ص380. وقد أكثر عنه النقل الثقة عبد الله بن جندب، وهذا قرينة واضحة على وثاقته كما لا يخفى على المطلع. الصفار: حدثنا محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن حمزة بن بزيع، عن علي السناني، عن أبي الحسن ع أنه كتب إليه في رسالة: (... ولا تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا هذا باطل وإن كنت تعرفه خلافه فإنك لا تدري لم قلنا وعلى أي وجه وصفة) ([8]). 1- الصفار: وثّقه النجاشي وغيره. 2- محمد بن الحسين: وثقه النجاشي ص334، وكذلك الشيخ الطوسي في رجاله ص79 و ص391، ووقع في إسناد كتاب كامل الزيارات ص63 و ص47 و ص210. 3- محمد بن إسماعيل بن بزيغ: وثقه النجاشي ص330 رقم 893. واعتبر العلامة الحلي أحد الطرق به صحيحاً حيث قال في كتاب مختلف الشيعة ج4 ص170: (ثقة، صحيح، كوفي...). 4- حمزة بن بزيغ: وثّقه العلامة الحلي في خلاصة الأقوال ص121. وقال آخرون بأنه واقفي وهذا لا يضر بالاعتماد على قول ما دام ثقة في نقل الحديث، كما نص على هذا الأئمة الأطهار ص وعلماء الرجال. 5- علي السائي: هو علي بن سويد السائي؛ لأنه هو نفسه الذي كاتب الإمام الرضا ع وأجابه برسالة من ضمنها هذا الحديث. وثقه الشيخ الطوسي في رجاله ص359 رقم 5320. وذكر توثيقه المحقق الخوئي في معجمه رجال الحديث ج13 ص58 رقم 8202. أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن إسماعيل، عن جعفر بن بشير، (عن أبي الحصين)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر ع أو عن أبي عبد الله ع، قال: (لا تكذبوا الحديث إذا أتاكم به مرجئي ولا قدري ولا حروري ينسبه إلينا فإنكم لا تدرون لعله شيء من الحق فيكذب الله فوق عرشه) ([9]). 1- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: قال النجاشي: (ثقة في نفسه يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل وصنف كتباً منها المحاسن ...). وروايته عن الضعفاء لا تضرنا في هذا الحديث؛ لأنه رواه عن محمد بن إسماعيل وهو ثقة. وذكر الطوسي نفس ما ذكر النجاشي، الفهرس ص62. وذكر المحقق الخوئي في المعجم ج2 ص15 رقم 383: (إنه وقع في إسناد تفسير القمي في تفسير قوله تعالى: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾([10]). ووقع أيضاً في إسناد كامل الزيارات لابن قولويه ص164 رقم 210 و ص256 رقم 384 و ص535 رقم 823. 2- محمد بن إسماعيل بن بزيغ: قال النجاشي ص330: (كان من صالحي الطائفة وثقاتهم كثير العمل له كتب منها كتاب ثواب الحج ... وقال محمد بن عمرو الكشي: كان محمد بن إسماعيل بن بزيغ من رجال أبي الحسن موسى وأدرك أبا جعفر الثاني ع). وقال الطوسي في رجاله ص364: (ثقة، صحيح، كوفي...). 3- جعفر بن بشير: قال النجاشي ص119: (أبو محمد البجلي الوشاء من زهاد أصحابنا وعبادهم ونساكهم وكان ثقة وله مسجد في الكوفة باقٍ في بجيلة إلى اليوم، وأنا والكثير من أصحابنا إذا وردنا الكوفة نصلي فيه مع المساجد التي يرغب في الصلاة فيها ومات جعفر رحمه الله بالأبواء سنة 208. كان أبو العباس بن نوح يقول كان يلقب فقحة العلم، روى عن الثقات ورووا عنه ...). وقال الطوسي في الفهرست ص92: (البجلي ثقة جليل القدر...). وقد وقع في إسناد كامل الزيارات ص 45 و ص66 و ص183 وغيرها، وكذلك في تفسير القمي ج2 ص256، بل قيل إنه لا يروي إلا عن الثقات، راجع معجم الخوئي ج1 ص68. 4- أبو الحصين الأسدي واسمه زهر بن عبد الله الأسدي: قال النجاشي ص167: (زهر بن عبد الله الأسدي ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله ص له كتاب...). وقال العلامة الحلي في خلاصة الأقوال ص153: (زهر بن عبد الله الأسدي ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله ص). 5- أبو بصير: غني عن التعريف بوثاقته. وللاختصار سأذكر بعض الروايات بدون التعرض للتحقيق السندي، ولأن الصحيح في علم الدراية هو: إن الخبر إذا كان موافقاً لأخبار صحيحة يعتمد عليه حتى لو كان ضعيف السند أو بلا إسناد أصلاً. وبهذا يؤخذ بكل الروايات الموافقة للروايات السابقة والتي أثبتنا صحة سندها، بل إن الموضوع الذي نحن بصدده يرقى إلى أقوى مراحل القطع واليقين، لتواتر الروايات وصحتها، فلا يمكن للمطلع على علم الدراية رد هذه الروايات أو التشكيك بها إلا إذا كان من المعاندين الذين يجادلون بلا برهان. عن النبي ص: (من رد حديثاً بلغه عني فأنا مخاصمه يوم القيامة، فإذا بلغكم عني حديث لم فقولوا: الله أعلم) ([11]). وعن النبي ص: (من كذب عليَّ متعمداً أورد شيئاً أمرت به فليتبوأ بيتاً في جهنم) ([12]). وعن أبي جعفر ع، قال: (يا جابر، حديثنا صعب مستصعب، أمرد ذكوان، وعر أجرد، لا يحتمله والله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو مؤمن ممتحن، فإذا ورد عليك يا جابر شيء من أمرنا فَلان له قلبك فاحمد الله، وإن أنكرته فرده إلينا أهل البيت، ولا تقل: كيف جاء هذا ؟ وكيف كان وكيف هو ؟ فإن هذا والله الشرك بالله العظيم) ([13]). وعن أبي عبد الله ع، قال: (ما على أحدكم إذا بلغه عنا حديث لم يعط معرفته أن يقول القول قولهم فيكون قد آمن بسرنا وعلانيتنا) ([14]). ملاحظة: إن القانون العام عند أهل البيت هو عدم رد الأحاديث بأي سبب كان وهذه هي الضابطة العامة، وعند التعارض هناك ضوابط هي: إذا كان الحديث معارضاً لمسلمات الكتاب والسنة يترك. عن أبي جعفر الثاني ع أنه قال: قال رسول الله ص في حجة الوداع: (... فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به ...) ([15]). إذا تعارض ما روي عن الشيعة وما روي عن العامة يؤخذ بما روي عن طرق الشيعة. عن الصادق ع: (... دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم ..) ([16]). إذا ورد مثلاً عن الإمام الصادق ع وورد حديثاً آخر عن نفس الإمامع معارضاً للحديث الأول في حالة عدم معرفتنا بمن هو الأول ومن هو الأخير نأخذ بأي منهما كما ورد عن الصادق ع حينما سئل عن تعارض الأخبار عنهم فأي خبر يؤخذ، فقال: (... فبأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم) ([17]). إذا ورد حديث عن الصادق ع مثلاً وورد حديث آخر عنه ع معارض للأول وعرفنا المتقدم من المتأخر نأخذ بالمتأخر. عن الصادق ع: (أرأيت لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قبل فحدثتك بخلافه بأيهما تأخذ ؟ قلت: آخذ بالأخير. فقال له الصادق ع: رحمك الله) ([18]). إذا جاء حديث عن الصادق ع مثلاً وورد حديثاً آخر معارضاً له عن الإمام المهدي ع نأخذ بحديث الأخير. عن الصادق ع حينما سئل: (إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم فبأيهما نأخذ ؟ فقال: بحديث الأخير) ([19]). إن أهل البيت ص وجهونا إلى الإيمان بحديثهم والتصديق به وهو من أعظم درجات اليقين والإيمان ويأكدون على التفقه في أحاديثهم: عن أبي عبد الله ع، قال: (تزاوروا فإن في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكراً لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم) ([20]). وعن الصادق ع: (الراوية لحديثنا يبثه في الناس ويسدده في قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد) ([21]). وعن رسول الله ص: (يا علي، إن أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجبتهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض) ([22]). وهناك الكثير من الروايات التي تمنع من رد الرواية وتؤكد على التسليم لها إلا ما خالف القرآن والسنة الثابتة، تركنا التعرض لها للاختصار، فمن أراد الإحاطة فعليه بمراجعة المطولات من كتب الحديث. وإليكم هذا البيان وهو مأخوذ من كتاب (الرد على منكري أصحاب الأئمة): بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين، ولعنة الله على أعداء آل محمد من الأولين والآخرين، ولعنة الله على أعداء المهديين الإثني عشر ومنكريهم إلى قيام يوم الدين. قبل فترة ليست بالبعيدة طلب مكتب السيد محمود الحسني في المجر من أنصار الإمام المهدي ع في المجر مناظرة علنية، فوافق الأنصار بشرط أن يأتي شخص يمثل السيد محمود الحسني ولديه تخويل رسمي منه، ولكن طلب مكتب السيد محمود الحسني في المجر التنازل عن هذا الشرط على أن يأتي شخص لديه تخويل من مكتب العمارة وهو يمثل مكتب محمود الحسني بالعمارة. وبالفعل جاء شخص يمثل مكتب العمارة وناظره الشيخ ناظم العقيلي (حفظه الله)، وأراد شيخ ناظم طرح أدلة دعوة السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي ع ولكن هذا الشخص اعترض ومنع الشيخ ناظم من طرح أدلة الدعوة مدعياً أن رواية السمري تنفي أصل الدعوة، فلما أفحمه شيخ ناظم العقيلي بالأدلة القطعية وسلم هذا الشخص بأن رواية السمري لا تنفي أصل الدعوة طرح هذا الشخص اعتراض مفاده إنه لم يثبت وجود الأوصياء المهديين في روايات الرسول ص والأئمة ص، مدعياً أن وصية رسول الله والروايات التي تثبت الأوصياء المهديين رواتها كلهم مجاهيل، وأقسم هذا الشخص بالله العظيم ثلاث مرات أن رواتها مجاهيل، وأخذ يصرخ في المناظرة وخرج عن الآداب العامة ثم انسحب من المناظرة بهذا الادعاء أي أنه لا يوجد مهديين وأن رواة روايات الأوصياء المهديين مجاهيل، ونحن نريد فقط أن نبين في هذا المختصر لمقلدي السيد محمود الحسني أن هؤلاء القوم يستحمرونكم ويستغفلونكم ويصرخون بكم الأصول الأصول ولا أنتم ولا هم يعلمون ما الأصول حقيقة وما يعمل بها، وها هم يعيدون الكرة مرة أخرى ويريدون وضعكم في خندق أعداء الإمام المهدي ع ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾([23]). ها هم يصرخون بكم مجاهيل .. مجاهيل، وهم لا يعرفون شيئاً عن سند الروايات ومن وقع في طريق سندها، وليت شعري من هو المجهول ؟ هؤلاء الجهلة الذين يصرخون بكم أم خيرة أصحاب الأئمة وخيرة علماء الشيعة الذين نقلوا روايات أهل البيت ص والتي نصت على الأوصياء المهديين الإثني عشر وهي كثيرة جداً، ومنها خمسة روايات وردت في كتاب الكافي نصت على المهدي الأول مع الأئمة الإثنا عشر ص وهي صحيحة السند بشهادة كثير من علماء الشيعة الذين حققوها في كتبهم، إضافة إلى روايات أخرى نصت على المهدي الأول مع الأئمة ص تعضدها ونحن نترك هذه الروايات للأستاذ ضياء الزيدي (حفظه الله) ليبينها في كتابه (المهدي والمهديين) الذي سيصدر قريباً ([24]). وروايات الأوصياء المهديين كثيرة ومحاولة إنكارهم من خلال الطعن في سند الروايات محاولة فاشلة لا تنهض ولا يتبناها إلا من ينصب العداء لآل محمد ص؛ لأن نصب العداء للمهديين من آل محمد ص هو بعينه نصب العداء للائمة ص. وإضافة إلى أن روايات المهديين الإثني عشر محققة السند عندنا ورواتها جلهم رواة شيعة روى عن شيعة وروى عنه الشيعة، وكثير منهم ممدوح في كتب الرجال، ومنهم (محمد بن الفضيل) الذي قال عنه الشيخ المفيد في رسالته العددية: (محمد بن الفضيل هو من الرؤساء والفقهاء الأعلام الذين يؤخذ عنهم الحلال). ومنهم (سعد بن عبد الله) قال عنه النجاشي: (سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي أبو القاسم هو شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجيهها). ومنهم (أبي بكر الحضرمي) قال عنه بن شهر آشوب في المناقب: (أبي بكر الحضرمي هو باب إمامة الصادق ع). ومنهم علي بن أحمد بن عمران الدقاق وهو من مشايخ الصدوق ذكره وقال: (رضي الله عنه). ومنهم أبو بصير صاحب الإمام الصادق ع وهو غني عن المدح والتعريف، ومنهم العالم الجليل أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري الذي روى عنه الشيخ الطوسي الوصية قال عنه النجاشي: (الحسين بن علي بن سفيان البزوفري: شيخ ثقة جليل). وهؤلاء فقط انتقيناهم من أربع روايات من روايات المهديين، هي: عن أبي عبد الله ع، عن آبائه، عن أمير المؤمنين ع، قال: (قال رسول الله ص في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع: يا أبا الحسن، احضر صحيفة ودواة، فأملى رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام، وساق الحديث إلى أن قال: وليسلمها الحسن عإلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد ص، فذلك إثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي، اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين) ([25]). عن الصادق ع: (إن منا بعد القائم ع إثنا عشر مهدياً من ولد الحسين ع) ([26]). عن أبي بصير، قال: (قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام: يا ابن رسول الله، إني سمعت من أبيك ع أنه قال: يكون بعد القائم إثنا عشر إماماً، فقال: إنما قال: إثنا عشر مهدياً، ولم يقل: إثنا عشر إماماً، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا) ([27]). وعن سعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله محمد بن أبي عبد الله الرازي الجاموراني، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أبيه سيف، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر ع، قال: (قلت له: أي بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله ( وحرم رسوله ص ؟ فقال: الكوفة يا أبا بكر هي الزكية الطاهرة، فيها قبور النبيين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين، وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين) ([28]). وقد تبين مما تقدم لمن يطلب الحق أن هذا الشخص الذي أقسم بالله العظيم ثلاث مرات أن رواة روايات المهديين كلهم مجاهيل كاذب ومفتري على الله ورسوله وصاحب كبيرة على رؤوس الأشهاد، (حيث أقسم يمين غموس فاجرة ثلاث مرات) ولا سبيل له على إنكارها وهي مصورة ومسجلة والكل قد شاهده يقسم هذا اليمين التي تبين مما تقدم أنها (يمين غموس فاجرة). وسينشر إن شاء الله كتاب مفصل فيه تحقيق سند لروايات المهديين، وهي في الحقيقة عشرات بعضها حتى لا يحتاج النظر في سندها كونها بينة الصدور من المعصوم ع، كدعاء الثالث من شعبان الموجود في مفاتيح الجنان والذي حدد فيه الإمام المهدي ع ولادة الإمام الحسين ع في الثالث من شعبان، ولا يزال الشيعة يحتفلون بهذا اليوم في كل عام معتمدين على هذه الرواية، وقد روى هذا الدعاء شيخ الطائفة الطوسي (رحمه الله) عن القاسم بن العلاء الهمداني وطريق الشيخ إلى القاسم بن العلاء هو الشيخ محمد بن النعمان المفيد والحسين بن عبيد الله الغضائري عن محمد بن أحمد الصفواني. فالشيخ الطوسي (رحمه الله) غني عن التعريف وكذا الشيخ المفيد غني عن التعريف والشيخ الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري من كبار علماء الشيعة (وهو صاحب كتب التسليم على أمير المؤمنين بإمرة المؤمنين، ومناسك الحج، وغيرها من كتب الشيعة)، وهو أستاذ الشيخ الطوسي وأستاذ النجاشي، والحقيقة أن الغضائري غني عن التعريف فالطوسي والمفيد كلاهما شيخ هذه الطائفة وفقيهها والغضائري أستاذهم. ومحمد بن أحمد الصفواني، قال عنه الخوئي (رحمه الله): (أبو عبد الله روي عن علي بن إبراهيم وروي عنه الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد بن القاسم العلوي المحمدي - مشيخة التهذيب. في طريقه إلى الفضل بن شاذان). وقد صحح السيد الخوئي (رحمه الله) الرواية عنه وترحم عليه حيث قال في المعجم: (... وروي محمد بن محمد بن النعمان، والحسين بن عبيد الله، عن محمد بن أحمد الصفواني (رحمه الله) قال: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمَّر مائة وسبع عشرة سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمد العسكريين (عليهما السلام) ... (الحديث)، والرواية صحيحة وهي مشتملة على ما يدل على جلالة القاسم بن العلاء واختصاصه بالإمام ع. وكونه مورد عنايته...) انتهى كلام الخوئي (رحمه الله). وقال الشهيد الأول (رحمه الله) في الذكرى عن الصفواني: (الشيخ الجليل ذو المناقب والمآثر أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني...)، والصفواني هو صاحب كتاب التعريف المشهور. فتبين أن طريق هذه الرواية هو هذا: الطوسي عن المفيد، والغضائري عن الصفواني، عن القاسم بن العلاء، عن الإمام المهدي ع، فالرواية رواها الشيخ الجليل الطوسي فقيه هذه الطائفة ورئيسها عن القاسم بن العلاء الهمداني صاحب الإمام الهادي ووكيل الإمام العسكري ووكيل الإمام المهدي ص، وقد مدحه الإمام المهدي ع بنفسه وقد سلم الشيخ الطوسي بصدور الدعاء عن الإمام ع وطريق الطوسي إليه هو فقهاء هذه الطائفة ورؤسائها المفيد والغضائري والصفواني. والرواية هي: (... اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته ... المعوض من قتله إن الأئمة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في أوبته، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته، حتى يدركوا الأوتار، ويثأروا الثار، ويرضوا الجبار، ويكونوا خير أنصار، صلى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار. اللهم فبحقهم إليك أتوسل وأسأل ...) ([29]). والمتن بين في النص على المهديين أوصياء الإمام المهدي ع وأنهم يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار. فهذه الرواية لا تحتاج إلى سند؛ لأن متنها يدل على قائلها وهو المعصوم ع ومع ذلك فقد بينا سندها وصحته. وأيضاً نختار من مفاتيح الجنان إضافة إلى دعاء الثالث من شعبان الصلاة على محمد وآل محمد يوم الجمعة التي رواها الضراب، وفيها ذكر المهديين والدعاء لهم ويسميهم الأئمة من ولد الإمام المهدي ع: (... والأئمة من ولده ...). واخترنا هاتين الروايتين من مفاتيح الجنان لتوفره لدى الجميع وسهولة الاطلاع عليها لكل شيعي لديه كتاب مفاتيح الجنان، وسند الرواية هذا: الشيخ الطوسي (شيخ الطائفة ورئيسها غني عن التعريف)، عن أحمد بن علي الرازي (قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين: الشيخ أحمد بن علي الرازي كان فاضلاً عالماً وفقيهاً روي عن ابن شهر آشوب)، عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري (قال الخوئي: هو ثقة، ووثقه النجاشي، وذكره العلامة وقال اعتمد على روايته)، عن يعقوب بن يوسف الضراب (فقيه من مشايخ الصدوق وهو يعقوب بن يوسف الفقيه شيخ أهل الري كما هو مذكور في أمالي الشيخ الصدوق)، عن الإمام المهدي ع. (اللهم صل على محمد سيد المرسلين ... وصل على وليك (أي الإمام المهدي ع) وولاة عهدك والأئمة من ولده ومد في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أقصى آمالهم ديناً ودنيا وآخرة ...) ([30]). وقال السيد ابن طاووس وهو من فقهاء الشيعة والذي التقى بالإمام المهدي ع عن هذه الصلاة: (وإن تركت تعقيب العصر يوم الجمعة لعذر من الأعذار فلا تترك هذه الصلاة أبداً لأمر أطلعنا الله ( عليه)، فأي سبيل لإنكارها وهذا هو سندها صحيح ونقلها كبار علماء الشيعة في مصنفاتهم ومدحها السيد ابن طاووس ومتنها دال على صدورها من المعصوم ع. ونكتفي في هذا البيان المختصر بهاتين الروايتين من مفاتيح الجنان المتوفر لدى معظم الشيعة لبيان الحق ودحض الباطل ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾([31]). ونحن بعد هذا البيان المختصر نطالب محمود الحسني ومكتبه بالخصوص ومكتب العمارة والمجر بالأخص بإصدار بيان رسمي مختوم يصرح فيه السيد محمود الحسني أو من يمثله مباشرةً بأن الاعتقاد بالمهديين اعتقاد باطل وأن الروايات التي نصت على المهديين الإثني عشر بعد الإمام المهدي ع روايات غير صحيحة ورواتها مجاهيل، وإذا لم يصدر هذا البيان يثبت لعامة الناس وبالخصوص إلى مقلدين محمود الحسني أن الروايات صحيحة ووكلاء السيد محمود الحسني يكذبون بل ويقسمون بالله العظيم مرات عديدة كذباً وزوراً وبهتاناً وطعناً بأصحاب الأئمة ص واحتقاراً لشأنهم، بل وتحقيراً لروايات أهل البيت ص حقداً على المهديين الذين هم من آل محمد، حيث إن قسم هذا الشخص بالله العظيم ثلاث مرات على أن رواة الأحاديث الدالة على أوصياء الإمام المهدي ع المهديين الإثني عشر كلهم مجاهيل، وكرر هذه الكلمة بقصد إستحمار مقلدي محمود الحسني واستغفالهم وسكوت مكتب العمارة على هذا القسم الكاذب يدل على موافقتهم له ورضاهم به. وبعد هذه المدة لا بد أن جمع من وكلاء محمود الحسني قد اطلعوا على هذا القسم الموثق والمصور، فلم يصدر من أحدهم اعتراض على إنكار هذا الجاهل للمهديين. فتبين أنهم يبيعون دينهم ويوافقونه، فإذا كان عن جهل فقد أزحناه وبيَّنا لهم الحق، وإذا كان عن علم وعناد ومكابرة فليعدوا أنفسهم للحساب وسيف المهدي ع لا يرحم الظالمين وأعداء أبناءه المهديين ص، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين ولعنة الله على منكري الأئمة والمهديين إلى قيام يوم الدين. ولتتم الفائدة من هذا المختصر نورد ما كتبه العلماء الأعلام الفقيه الجليل السيد المرتضى (رحمه الله) والفقيه الجليل السيد محمد محمد صادق الصدر (رحمه الله) حيث يثبتون الأئمة ومن بعدهم المهديين ... ومن أراد المزيد فليقرأ الرد الكامل في (الرد على منكر أصحاب الأئمة). أنصار الإمام المهدي (مكن الله له في الأرض) 3/ شعبان/ 1426 هـ . ق * * * ويقول: (سند الرواية: إن هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند حيث إنها مرسلة إذ ذُكرت عن جماعة وهذه الجماعة غير معروفة، وأيضاً إن الرواة المذكورة أسمائهم مجاهيل بمعنى أن كتب الرجال لم تذكرهم أو ذكرتهم ولم توثقهم، وهم كل من: علي بن الحسين، أحمد بن محمد بن الخليل، جعفر بن أحمد المصري، عمه الحسن بن علي، أبيه). أقول: بل إن هذه الرواية مسندة وغير مرسلة والصرخية كشفوا عن جهلهم عندما وصفوها بالإرسال، فالجماعة التي روى عنهم الشيخ الطوسي قد بين أسمائهم في مناسبات أخرى، وهما أحمد بن عبدون والحسين بن عبيد الله الغضائري، وهما من الثقاة؛ لأنهما من مشايخ النجاشي، وهاك ما كتبه صاحب كتاب دفاعاً عن الوصية: والدليل على أن الشيخ الطوسي ينقل عن كتاب الحسين بن علي بن سفيان البزوفري هو ما نقله عنه الحر العاملي من أنه يبتدأ في سند الروايات بذكر المصنف الذي أخذ الخبر من كتابه، ومن المعلوم أنه ابتدأ في رواية الوصية بالحسين البزوفري فيدل على أنه أخذه من كتابه، ثم ذكر طريقه إلى ذلك الكتاب حيث قال: (وما ذكرته عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري فقد أخبرني به أحمد أبن عبدون والحسين بن عبيد الله (الفضائري) عنه) ([32]). وإليك نص كلام الحر العاملي عن الشيخ الطوسي: (قال الشيخ الطوسي"قدس سره" في آخر (التهذيب) بعد ما ذكر أنه اقتصر من إيراد الأخبار على الابتداء بذكر المصنف الذي أخذ الخبر من كتابه، أو صاحب الأصل الذي أخذ الحديث من أصله: ونحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه الأصول والمصنفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار، لتخرج الأخبار بذلك عن حد المراسيل وتلحق بباب المسندات ...) ([33]). وإليك أيضاً هذا الاقتباس من نفس الكتاب: الفائدة الخامسة: والظاهر أن الشيخ الطوسي قد نقلها من كتاب الحسين بن علي بن سفيان البزوفري وهو من الثقات فيكون كتابه معتمد، وقد ذكر الشيخ الطوسي طريقه إلى هذا الكتاب كما نقله عنه الحر العاملي فقال: (وما ذكرته عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري فقد أخبرني به أحمد ابن عبدون والحسين بن عبيد الله، عنه) ([34]). والبزوفري قال عنه العلامة: (شيخ، ثقة، جليل، من أصحابنا وزاد العلامة:خاص) ([35]). وقال عنه النجاشي: (شيخ ثقة جليل من أصحابنا له كتب - ثم عد كتبه - روى عنه المفيد وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري وغيرهم ...) ([36]). وقد نقل السيد محمد الصدر في الموسوعة بأن البزوفري أحد وكلاء الإمام المهدي ع فقال: (الحسين بن علي بن سفيان: بن خالد بن سفيان. أبو عبد الله البزوفري. شيخ جليل من أصحابنا. له كتب، روى الشيخ في الغيبة عن بعض العلويين سماه. قال: كنت بمدينة قم فجرى بين إخواننا كلام في أمر رجل أنكر ولده. فأنفذوا إلى الشيخ (صانه الله) وكنت حاضراً عنده (أيده الله) فدفع إليه الكتاب فلم يقرأه، وأمره أن يذهب إلى أبي عبد الله البزوفري (أعزه الله) ليجيب عن الكتاب. فصار إليه وأنا حاضر. فقال أبو عبد الله: الولد ولده وواقعها في يوم كذا وكذا في موضع كذا وكذا فقل له فليجعل اسمه محمداً. فرجع الرسول وعرفهم، ووضح عندهم القول. وولد الولد وسمي محمداً) وقد نقلنا مضمون هذا الخبر فيما سبق. وهو يدل بوضوح على استسقاء هذه المعلومات من الإمام المهدي ع ولو بالواسطة. فيدل على أنه وكيلاً في الجملة. ومن هنا قال المجلسي في البحار تعليقاً على هذا الخبر: يظهر منه إن البزوفري كان من السفراء ولم ينقل ...) ([37]). فبربكم هل يتوقع من هكذا رجل غاية في الوثاقة والعدالة أن ينقل رواية ضعيفة أو موضوعة، أضف إلى ذلك أنه من أصحاب الكتب المعتمدة وقد نقل الشيخ الطوسي رواية الوصية من أحد كتبه، وطريقه إليه هو: أحمد بن عبدون والحسين بن عبيد الله الغضائري. وهما من الثقات؛ لأنهما من مشايخ النجاشي. ومن كتب البزوفري: كتاب الحج، وكتاب ثواب الأعمال، وكتاب أحكام العبيد، وكتاب الرد على الواقفة، وكتاب سيرة النبي والأئمة ...كما ذكرها النجاشي في رجاله ص34 وقال: أخبرنا بجميع كتبه أحمد بن عبد الواحد أبو عبد الله البزاز عنه. وبهذا تكون رواية الوصية منقولة من كتب الحديث المعتبرة التي ألفها ثقات الأئمة ص، وبذلك تكون قطعية الصدور بغض النظر عن وثاقة رجال سندها.كما صرح بذلك كبار العلماء. أضف إلى ذلك أيضاً أن الحسين بن علي المصري أحد رواة الوصية هو من أصحاب الكتب، فلابد أن تكون رواية الوصية أيضاً منقولة من كتبه والتي أحدها كتاب الإمامة، وهذا دليل آخر يضاف لصالح رواية الوصية، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى. إذن، فالرجل من أصحاب الكتب والأصول المعتمدة لوثاقته وجلالته ورواية الثقات عنه كالشيخ المفيد وابن الغضائري وابن عبدون، وهم أبرع من كتب في علم الرجال ولا يمكن بل لا يتوقع منهم أن يرووا عن كتاب أو أصل غير معتمد، وهم الذين يعيبون ويشنعون على من يفعل ذلك، بل يضعفون من يفعل ذلك من الرواة، وما دام أن الشيخ الطوسي قد نقل رواية الوصية من كتاب البزوفري الثقة الجليل المعتمد فهذا وحده كاف في إثبات صحة رواية الوصية، ولا حاجة إلى التطرق لرجال السند، وإثبات وثاقتهم، زيادة قرينة إلى القرائن الأخرى، ولا تتوقف عليه صحة الوصية،كما كررت ذلك مراراً. أقول: وسيأتي في مستقبل هذا البحث أن مضمون رواية الوصية متواتر من حيث المعنى، ولكن لا بأس هنا من التعريج قليلاً على المنهج الصحيح في تحقيق الروايات الذي يبني عليه أساطين علماء المذهب من قبيل الطوسي والعاملي وغيرهم، وهذا المنهج يقوم على تقسيم الأحاديث قطعية الصدور إلى نوعين: الحديث المتواتر، والحديث المحفوف بالقرائن المؤيدة. ولو تنزلنا جدلاً عن التواتر المعنوي لمضمون رواية الوصية فإن بالإمكان جمع الكثير من القرائن المؤيدة لصدور الرواية، وإليك بعض هذه القرائن منقولة عن كتاب (دفاعاً عن الوصية): قرائن صحة رواية الوصية: القرينة الأولى: موافقة رواية الوصية للقرآن الكريم، فقد اتفق الجميع على اختلاف مذاهبهم بوجوب الاعتماد على الرواية إذا كانت موافقة للقرآن الكريم حتى إذا احتوى سندها على ضعف، بل حتى إذا لم يكن لها إسناد أصلاً، وقد نصت الكثير من الروايات على ذلك، منها ما ورد عن الرسول ص: (أيها الناس، ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم (عني) بخلاف كتاب الله فلم أقله) ([38]). ومنها ما رواه ابن أبي يعفور، قال: (سألت أبا عبد الله ع عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به، قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله ( أو من قول رسول الله ص وإلا فالذي جاءكم به أولى به) ([39]). وشاهد الوصية من القرآن الكريم هو قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾([40]). فهذه الآية صريحة بوجوب الوصية عند الاحتضار، واكرر (عند الاحتضار) أي عندما يحضر الناس الموت. ولا يوجد أي نص لوصية الرسول صليلة وفاته غير الرواية التي نقلها الشيخ الطوسي والتي تنص على الأئمة والمهديين ص، فمن رد هذه الوصية أو شكك بها فقد حكم على الرسول ص بأنه خالف قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾([41])؛ لأن الرسول ص هو أول مطبق لشريعة الله تعالى ولا يقول ما لا يفعل فكيف يترك أمر الله تعالى بالوصية عند الموت وهذا لا يقول به إلا كافر بما أنزل على محمد ص. وقد حصل نقاش طويل بين الشيعة وأبناء العامة في هذه المسألة، فالسنة يقولون بعدم وجود وصية للرسول ص عند وفاته، والشيعة يقولون بوجود الوصية، والعجب أن بعض الشيعة اليوم رجعوا إلى مقالة أبناء العامة وأخذوا يشككون بوصية رسول الله ص ليلة وفاته، فإذا كذبوا هذه الرواية فليأتوا برواية أخرى تذكر نص وصية رسول الله ص ليلة وفاته ولن يأتوا بذلك؛ لأنها اليتيمة الوحيدة. وبذلك يثبت باليقين صحة رواية وصية رسول الله ص؛ لأنها المصداق الوحيد للآية السابقة، ومن ردها أو شكك بصحتها فهو راد على الله تعالى وعلى رسوله ص بل يتهم الرسول ص بأنه ختم عمله بمعصية (وحاشاه)؛ لأنه روي عنه ص بأنه من مات ولم يوص فقد ختم عمله بمعصية، وفي رواية أخرى مات ميتة جاهلية، فانظروا إلى أي نتيجة جركم الهوى والتعصب الأعمى، وكفى بذلك فضيحة وعاراً على من يشكك برواية وصية رسول الله ص. والشاهد الثاني لرواية الوصية من القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾([42]). وهنا إضافة إلى وجوب الوصية عند الموت أضيف شرط آخر وهو الإشهاد عليها باثنين من العدول عند الإمكان وإلا فمن غيرهما، وهذا ما فعله الرسول ص عندما أوصى بوصيته لعلي ابن أبي طالب ع في ليلة وفاته، فقد أشهد عليها سلمان الفارسي وأبا ذر الغفاري والمقداد ص، كما نص على ذلك أمير المؤمنين ع في محاججته مع طلحة وقد روى ذلك سليم ابن قيس الهلالي في كتابه المشهور. والشاهد الثالث قوله تعالى: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ( فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾([43]). حيث وصف الله تعالى أولئك الذين كذبوا الرسل وحاربوهم بأنهم لا يستطيعون توصية، أي لا يمهلهم الله تعالى وقتاً لكي يوصوا إلى أهليهم، ولا يخفى أن ذلك ذماً لهؤلاء وسوء عاقبة، ولا يخفى أيضاً أن الوصية التي نفاها الله تعالى عن هؤلاء المعذبين هي الوصية عند الموت بدليل سياق الآية التي تتحدث عن هلاكهم بصيحة واحدة بغتة فجأة، وما دام أن عدم التوفيق للوصية عند الموت يعتبر علامة من علامات المغضوب عليهم، فلا بد أن لا يتصف بذلك المؤمنون أي إن المؤمنين يستطيعون التوصية عند الموت أي يمهلهم الله تعالى إلى أن يوصوا إلى أهليهم ثم يقبض أرواحهم. وعلى ذلك لابد أن يكون الرسول ص قد أوصى ليلة وفاته، ولا يوجد أي نص لتلك الوصية غير رواية الوصية التي هي موضوع البحث، فيتعين بالقطع واليقين صحة رواية الوصية بغض النظر عن رجال السند بل حتى لو ثبت أن رجال سندها كلهم فاسقون (وحاشاهم)، بدليل قول الإمام الصادق ع لمحمد بن مسلم: (يا محمد، ما جاءك في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به، وما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به) ([44]). وموافقة رواية الوصية للقرآن الكريم قرينة قطعية على صحتها ولا حاجة إلى أي قرينة أخرى، وهذا ما نص عليه الرسول ص والأئمة ص ولكن سأذكر بعض القرائن الأخرى لزيادة الحجة على هؤلاء المرتابين الذين كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، كما ذمهم الله تعالى بقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ﴾([45]). أضف إلى كل هذا، فإنّ رواية الوصية موافقة للقرآن والسنة الصحيحة من جهات أخرى وكما يأتي: موافقة الوصية للقرآن والسنة الثابتة، حيث ثبت أن الإمامة في عقب الحسين ع إلى يوم القيامة لا تجمع في أخوين بعد الحسن والحسين، وإنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب من ذرية الحسين عإلى يوم القيامة. ومن المعلوم أن القيامة لا تقوم على الإمام المهدي ع، وقد دلت الروايات على بقاء التكليف بعد الإمام المهدي لفترة طويلة، فلا بد من وجود إمام؛ لأن الأرض لا تخلو من إمام، ولو خلت لساخت بأهلها كما تواتر عن أهل البيت ص. عن المفضل في خبر عن الإمام الصادق عقال: (قلت له: يا ابن رسول الله، فأخبرني عن قول الله (: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾([46]). قال: يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة ...) ([47]). وعن أمير المؤمنين ع، قال: قال رسول الله ص: (أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض كهاتين - وضم بين سبابتيه - فقام إليه جابر ابن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله، ومن عترتك ؟ قال: علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة) ([48]). وعن أبي عبد الله ع أنه قال: (لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً، إنما جرت من علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ﴾([49]). فلا تكون بعد علي بن الحسين ع إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب)([50]). وبهذا تكون الوصية موافقة للقرآن والسنة، فهي تتكفل ببيان تكليف الأئمة إلى يوم القيامة تجاه الأوصياء، وهذا وحده قرينة قطعية على صحتها، فقد ورد عن أهل البيت ص في كيفية الأخذ بالأخبار ما معناه (ما وجدتم له شاهداً في القرآن فخذوا به). القرينة الثانية: رويت هذه الرواية (الوصية) في أحد الكتب المعتمد عليها وهو كتاب الغيبة للشيخ الطوسي رئيس الطائفة العالم النحرير في الحديث وطرقه ورجاله، وقد تقدم كلامه وشهادته بصحة روايات كتبه وأنه لا يعمل ولا يستدل برواية غير معتبرة، وقد صرح الحر العاملي في خاتمة الوسائل بأن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي من الكتب المعتمد عليها، وبهذا تكون رواية الوصية مفروغ من صحتها؛ لأن الشيخ الطوسي استدل بها على إمامة الأئمة ص في كتابه (الغيبة) والكل تعترف بأنه من أوثق كتب الحديث وعليه المعول وإليه المرجع. والظاهر أن الشيخ الطوسي روى الوصية من أحد كتب الشيخ البزوفري الثقة الجليل بواسطة أحمد بن عبدون والغضائري، وكتب البزوفري تعتبر من الكتب المعتمدة كما سيأتي بيانه. القرينة الثالثة: نصت كثير من الروايات على مضمون رواية الوصية بلغت حد التواتر، حيث وردت الكثير من الروايات الصحيحة التي تنص على ذرية الإمام المهدي ع، وسأختصر على ذكر بعض الروايات؛ لأنني قد ذكرت الكثير منها في كتاب (الرد الحاسم)، وكذلك سردها الأستاذ ضياء الزيدي في كتاب (المهدي والمهديون)، فمن أراد الإحاطة فليراجع. 1- عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، في رواية صحيحة في ذكر الكوفة، قال: (... فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين) ([51]). 2- عن أبي بصير في رواية موثقة، قال: (قلت للصادق جعفر بن محمد ع: يا ابن رسول الله، إني سمعت من أبيك عأنه قال: يكون بعد القائم إثنا عشر إماماً، فقال الصادق ع: قد قال: إثنا عشر مهدياً ولم يقل إثنا عشر إماماً، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا) ([52]). 3- عن الإمام الصادق ع: (إن منا بعد القائم إثنا عشر مهدياً من ولد الحسين ع)([53]). 4- الحديث الصحيح عن أبي حمزة، عن الصادق ع في حديث طويل، قال: (... يا أبا حمزة، إن منا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ذرية الحسين ع) ([54]). 5- عن علي بن الحسين ع أنه قال: (يقوم القائم منا ثم يكون بعده إثنا عشر مهدياً)([55]). 6- الدعاء الوارد بسند صحيح عن الإمام الرضا ع: (اللهم أدفع عن وليك ... اللهم أعطه في نفسه وأهله وَوَلَدِه وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه ... اللهم صلِّ على ولاة عهده والأئمة من بعده ...) ([56]). وذكر الميرزا النوري (رحمه الله) أن هذا الدعاء ورد بعدة أسانيد معتبرة صحيحة، حيث قال: (روى جماعة كثيرة من العلماء منهم الشيخ الطوسي في المصباح والسيد ابن طاووس في جمال الأسبوع بأسانيد معتبرة صحيحة وغيرها عن يونس بن عبد الرحمن: أن الرضا ع كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر ع بهذا: ....) ([57]). 7- توقيع الضراب الوارد عن الإمام المهدي، قال فيه: (... اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه، وتسر به نفسه ... إلى قوله: وصلَّ على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده ...) ([58]). وقد وصف الميرزا النوري هذا التوقيع قائلاً: (وقد روي هذا الخبر الشريف في عدة كتب معتبرة للقدماء بأسانيد متعددة ... ولم يعين وقت لقراءة هذه الصلوات والدعاء في خبر من الأخبار إلا ما قاله السيد رضي الدين علي بن طاووس في جمال الأسبوع بعد ذكره التعقيبات المأثورة لصلاة العصر من يوم الجمعة قال: "... إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر فلا تتركها أبداً لأمر أطلعنا الله ( عليه". ويستفاد من هذا الكلام الشريف أنه حصل له من صاحب الأمر صلوات الله عليه شيء في هذا الباب ولا يستبعد منه ذلك كما صرح هو أن الباب إليه ع مفتوح ...)([59]). وغيرها الكثير من الروايات التي تنص على ذرية الإمام المهدي ع، وهذا هو مضمون الوصية حيث نصت على إثنا عشر إمام وإثنا عشر مهدياً من ذرية الإمام المهدي ع، وهذا المعنى فاق التواتر في الروايات، وهذا قرينة قطعية على صحة رواية الوصية، بل إن الخبر حتى لو كان ضعيفاً وعضده خبر صحيح السند بنفس مضمونه يحكم بصحته،كما نص على ذلك الشيخ الطوسي وغيره من العلماء، بل هو المشهور والمتفق عليه. وبهذا تكون رواية الوصية صحيحة ومتواتر معنىً، ولا يمكن الالتفات إلى نعيق البعض، الذين امتطتهم الشياطين وجعلتهم طريقاً وأداة لرد روايات أهل البيت، وبذلك يكونون خارجين عن ولاية أهل البيت ص. كما ورد في الخبر الصحيح عن الإمام الباقر ع. عن الباقر ع أنه قال: (والله إن أحب أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا، وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يعقله اشمأز منه وجحده وكفّر من دان به، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند، فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا) ([60]). القرينة الرابعة: عدم وجود أي رواية معارضة لنص الوصية، وهذه قرينة قطعية أيضاً بغض النظر عن أي شيء آخر، وقد ذكر هذه القرينة الحر العاملي في خاتمة الوسائل عند تعداد القرائن، فقال: (ومنها: عدم وجود معارض، فإن ذلك قرينة واضحة وقد ذكر الشيخ (الطوسي) أنه يكون مجمعاً عليه؛ لأنه لولا ذلك لنقلوا له معارضاً، صرح بذلك في مواضع: منها في أول الاستبصار، وقد نقله الشهيد في "الذكرى عن الصدوق وارتضاه") ([61]). وأتحدى كل شخص أن يأتي ولو برواية واحدة قطعية الدلالة تعارض رواية وصية الرسول ص في ليلة وفاته. القرينة الخامسة: عدم احتمالها للتقية، فإن الرواية إذا كانت مخالفة لأصل المذهب وموافقة لغيره من المذاهب يحتمل أن الإمام قد قالها تقية من أعداءه، وأما إذا كانت موافقة لأصل المذهب ومخالفة لغيره فينتفي هذا الاحتمال. ومن الواضح أن رواية الوصية قد نصت على أن الإمامة والخلافة بعد رسول الله ص في آل بيته الأئمة والمهديين، وقد سمى الرسول فيها الأئمة واحداً بعد الآخر إلى الإمام المهدي ثم ذريته من بعده وسمى أولهم وهو أحمد، وهذا غير موافق لأي مذهب من المذاهب المعاصرة للرسول ص أو الأئمة ص فلا يحتمل أبداً صدورها للتقية، وإذا بطل ذلك ثبت صدورها حقاً وأنها موافقة للمذهب وقد نصت عشرات الروايات على مضمونها وهذه القرينة أيضاً نص عليها الحر العاملي عند تعداده للقرائن، فقال: (ومنها عدم احتماله - الخبر - للتقية لما تقدم) ([62]). القرينة السادسة: مخالفة الوصية لعقائد أبناء العامة، فإن دواعي الوضع والكذب والتزوير في الأحاديث هي إقصاء الخلافة عن الإمام علي ع وذريته وإضفاء الشرعية على حكومة بني أمية وبني العباس، فإن كان مضمون الخبر مخالفاً لتلك الدواعي دل على أنه صحيح ولم تتدخل فيه أيدي الوضاعين والمزيفين للأحاديث لكي توافق مذاهبهم وإخفاء حق علي ع وذريته في خلافة رسول الله ص. ورواية الوصية مخالفة تماماً لعقائد أبناء العامة، بل هي ثورة في وجه الأول والثاني وحكومة بني أمية وبني العباس، حيث نص فيها رسول الله ص على أن الخلافة بعد وفاته لأمير المؤمنين ع ثم إلى ولده واحداً بعد واحد إلى يوم القيامة ونص على أسماء الأئمة ص وكناهم وأوصافهم. فبربكم هل يعقل أن يضع أتباع بني أمية أو بني العباس حديثاً ينسف عقيدتهم من الأساس ويبين للناس أنهم قد غصبوا الخلافة من أهلها الذين نص عليهم رسول الله ص، وما هذا إلا قول شطط لا يصدر إلا من سفه نفسه ووصل به العناد إلى إنكار الشمس في رائعة النهار، وهكذا شخص لا يرد عليه إلا بـ (سلاماً .. سلاماً) جواب الجاهلين. وبعد أن تبين كما هو واضح مخالفة رواية الوصية لعقائد أبناء العامة، ومع ملاحظة سائر القرائن تصبح من أصح الروايات وأثبتها. وقد أمر الأئمة ص بالأخذ بما خالف العامة وإن الرشد في خلافهم، حيث ورد عنهم ص: (دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم) ([63]). بل حتى لو كانت الرواية واردة عن طرق أبناء العامة ومخالفة لعقائدهم أومتضمنة لفضائل الأئمة ص وجب الأخذ بها ويكون ذلك قرينة على صدق الخبر كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي - كما تقدم ذكره - وكذلك الحر العاملي في وسائل الشيعة، حيث قال: (كون الراوي غير متهم في تلك الرواية، لعدم موافقتها للاعتقاد أو غير ذلك، ومن هذا الباب رواية العامة للنصوص على الأئمة ومعجزاتهم وفضائلهم فإنهم بالنسبة إلى تلك الروايات ثقات وبالنسبة إلى غيرها ضعفاء)([64]). فحتى لو كان رواة الوصية كلهم من أبناء العامة أو من أي مذهب آخر فيعتبرون في هذه الرواية ثقات؛ لأن الرواية تضمنت النص على الأئمة واحداً بعد الآخر وهي مخالفة تماماً لكل مذاهب أبناء العامة .. وبعد هذا هل يبقى عذر لمن يريد أن يناقش في رجال سند الوصية، فهذه هي قواعد الحديث عندكم، وهذه آراء كبار العلماء تنص على أن الروايات المتضمنة للنص على حق آل محمد تكون صحيحة بغض النظر عن سندها. وأعمى الله عين من لا يرى في المنخل. القرينة السابعة: استدلال بعض كبار العلماء والمحدثين برواية الوصية يدل على اعتبارها وصحة الاعتماد عليها؛ لأنها لو كانت ضعيفة فلا يمكن أن يستدل بها هؤلاء العلماء الكبار، ومن هؤلاء الشيخ الطوسي في الغيبة كما تقدم بيانه، والمحدث الميرزا النوري في النجم الثاقب عند الاستدلال على ذرية الإمام المهدي ع حيث استدل برواية الوصية ووصفها بأنها معتبرة السند، إذ قال: (روى الشيخ الطوسي بسند معتبر عن الإمام الصادق ع خبراً ذكرت فيه بعض وصايا رسول الله ص لأمير المؤمنين ع في الليلة التي فيها وفاته ومن فقراتها أنه قال: "فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين ... إلى آخره") ([65]). وكما تقدم بيانه أن الرواية المعتبرة من خلال القرائن أقوى من صحيحة السند، بل إذا تعارض المعتبر المحفوف بالقرائن مع صحيح السند يقدم المعتبر الذي دلت القرائن على صدقه؛ لاحتمال كون صحيح السند قد اشتبه أو سهى بعض رجاله بدون قصد وهذا لا يخل بعدالتهم أو وثاقتهم، فيكون الحديث صحيح السند غير معتبر المتن، وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى مزيد من البيان، وقد تقدم نقل كلام الشيخ جعفر سبحاني بهذا الصدد، فراجع. ومن الذين استدلوا بهذه الرواية هو السيد الشهيد الصدر (رحمه الله) في كتاب تاريخ ما بعد الظهور ص640، وله كلام طويل في الاستدلال على ثبوت ذرية الإمام المهدي ع وأنهم هم الحاكِمونَ بعد أبيهم ص .. فمن أراد التفصيل فليراجع المصدر المذكور. ومن العلماء الذين قالوا بصحة مضمون رواية الوصية، السيد المرتضى في تعليقه على الرواية القائلة عن الكوفة: (... وفيها يكون قائمه والقوام من بعده)، فقال: (إنا لا نقطع بزوال التكليف عند موت المهدي ع، بل يجوز أن يبقى بعده أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله، ولا يخرجنا ذلك عن التسمية بالإثني عشرية؛ لأننا كلفنا أن نعلم إمامتهم وقد تبين ذلك بياناً شافياً، فانفردنا بذلك عن غيرنا) ([66]). وكذلك صاحب مستدرك سفينة البحار الشيخ علي النمازي، معلقاً على رواية تذكر المهديين من ذرية القائم ع إذ قال: (هذا مبين للمراد من رواية أبي حمزة ورواية منتخب البصائر ولا إشكال فيه وغيرها مما دل على أن بعد الإمام القائم ع إثنى عشر مهدياً وإنهم المهديون من أوصياء القائم والقوام بأمره كي لا يخلو الزمان من حجة) ([67]). وكذلك الشهيد السيد محمد باقر الصدر في كتاب المجتمع الفرعوني وهو عبارة عن تقرير لمحاضرات ألقاها، حيث قال: (... ثم بعده - أي المهدي ع - يأتي إثنا عشر خليفة، يسيرون في الناس وفق تلك المناهج التي وضعت تحت إشراف الحجة المهدي ع، وخلال فترة ولاية الإثني عشر خليفة يكون المجتمع في سير حثيث نحو التكامل والرقي ...) ([68]). وهذه القرينة مع أخواتها تنتج القطع بصحة الوصية وأنها رواية معتبرة ولا يسوغ لأحد التشكيك بها إلا من قبل أتباع الأول والثاني الذين اعترضوا على كتابتها في ليلة وفاة الرسول ص وقال الثاني: (حسبنا كتاب الله أن محمداً يهجر) وحاشاه بالأمس وحاشاه اليوم أن يهجر أو أن ينطبق كلامه على غير مصداقه الذي قصده. قال تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾([69]). القرينة الثامنة: وهي من أقوى القرائن وأشرفها، وهي شهادة الله تعالى في المنام على صحة رواية الوصية وانطباقها على السيد أحمد الحسن (ومن أعظم من الله شهادة) .. ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ...﴾([70]). حيث رأى الأنصار مئات الرؤى بالرسول ص والإمام علي ع وفاطمة الزهراء وباقي الأئمة، وكلها تؤكد على أن السيد أحمد الحسن رسول الإمام المهدي ع حقاً وأنه من ذريته وأنه اليماني الموعود. وقد يستخف بهذه القرينة من سفه نفسه من الذين طردوا من ساحة الملكوت فهو جاهل به ومن جهل شيئاً عاداه، وقد تواترت الروايات والقصص في اعتبار الرؤى وإنها طريق المعرفة والاهتداء إلى الحق عند اشتباه السبل واختلاط الحق بالباطل، وقد مدح الله تعالى المصدقين بالرؤيا في عدة مواطن في القرآن الكريم وذم المكذبين للرؤيا ﴿بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ﴾([71]). وما أكثرهم في عصرنا اليوم، والداهية العظمى أنهم وصل بهم الانحراف إلى أن زعموا أن الشيطان يستطيع أن يتمثل بالنبي ص وآل بيته ص ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾([72]). وهؤلاء لا دليل لهم سوى الهوى الذي أهلك الذين من قبلهم، وقولهم هذا يدل على استخفافهم بحقيقة الرسول ص وآل بيته ص وإن قلوبهم انطوت على معاداة الرسول وآله ص وإن أظهروا حبهم وموالاتهم. فدليل حجية الرؤيا هو القرآن والسنة وسيرة المتشرعة والواقع والوجدان والمنكرون لا برهان لهم .. عن سليم بن قيس، قال في حديث: (... فإن رسول الله ص قال: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي في النوم ولا في اليقظة ولا بأحد من أوصيائي إلى يوم القيامة ...) ([73]). وعن الإمام الرضا ع أنه قال: (حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه ع، أن رسول الله ص قال: من رآني في منامه فقد رآني؛ لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءاً من النبوة) ([74]). وفي أمالي الشيخ الطوسي عن المفيد ... عن أحمد بن يحيى، عن مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن محمد المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن علي ع، قال: ("ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقباً"، قال أحمد بن يحيى: فرأيت الحسين ع في المنام، فقلت: حدثني مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عنك أنك قلت: "ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقباً" قال: نعم. قلت: سقط الإسناد بيني وبينك) ([75]). وقول أحمد بن يحيى للإمام الحسين ع: (سقط الإسناد بيني وبينك) أي أصبح الحديث مباشرة منك ولا حاجة إلى رواة السند. وأعتقد أن هذه القصة لا تحتاج إلى تعليق أكثر، فهل من مدكر ؟ وغيرها العشرات من الروايات والقصص التي تثبت حجية الرؤيا وقد عمل بها الكثير من العلماء الأجلاء، منهم الشيخ الصدوق (رحمه الله) ونص على أنه ألّف كتابه (كمال الدين) بسبب رؤيا رآها بالإمام المهدي ع، وإن شئت التأكد راجع مقدمة (كمال الدين). وقد أكدت كثير من الروايات على علاقة الرؤيا بقيام الإمام المهدي ع وبآخر الزمان، وأنها وحي، ولا تكاد تكذب، نترك ذكرها إلى مناسبة أخرى لضيق المقام، ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة كتاب (فصل الخطاب) للأستاذ أحمد حطاب وهو أحد إصدارات أنصار الإمام المهدي ع، وكذلك كتاب دار السلام للميرزا النوري (رحمه الله)، وهل بعد الحق إلا الضلال المبين. وبهذا المقدار أكتفي من ذكر القرائن على صحة رواية الوصية، وقد ذكرتها باختصار وبدون مناقشة الإشكالات، ومن أراد التفصيل فعليه بمراجعة كتاب (الوصية والوصي) - مخطوط - فانتظر واغتنم ([76]). واجتماع هذه القرائن دليل قطعي على صحة رواية الوصية بغض النظر عن السند، بل اجتماع قرينتين كاف لذلك،كما نص على ذلك الحر العاملي في خاتمة الوسائل، هذا لمن طلب الحق، وأما المعاند فلا يكتفي بِشيء حتى تأتيه سنة المكذبين إما العذاب وإما سيف القائم ع وهذا هو العار والخزي في الدنيا والآخرة. ويقول: (دلالة الرواية: أما من ناحية الدلالة فإن الرواية تنص على أن أول المؤمنين يستلم من الإمام المهدي ع عندما تحضره الوفاة، أي بعد ظهوره وحكمه، وهذا ما لا يقول به أحمد بن الحسن نفسه، إذ إنه يدعي أنه رسول الإمام ع.كما أن متن الرواية لا يخلو من الخدشة الواضحة اعرضنا عنها للتسهيل على القارئ ولكفاية ما أوردناه في المقام في إبطال هذه الرواية). أقول: لو أنك تأملت الرواية بعين الموضوعية، وبعيداً عن نظرة التعصب الأعمى لعلمت أن المقصود من: (فإذا حضرته الوفاة فليسلمها ... الخ) هو تسليمه منصب الإمامة الكبرى لا نفس الوجود في عصر الغيبة، وكذلك لا تعلق له بما يناط له من مسؤولية في عصر الظهور من قبيل التمهيد وجمع الأنصار وتثقيفهم والارتقاء بهم، بل إن قوله ص: (وهو أول المؤمنين) إشارة ينبغي أن تكون واضحة إلى أن (أحمد) المذكور في الوصية هو أول الأصحاب الـ (313) وهو سيدهم، فالأولية هنا زمنية وهي تستلزم الأولية الرتبية كما في حالة أمير المؤمنين ع، بل إن الأولية الرتبية مندكة في الأولية الزمنية، فالوصي كما هو معروف أول الناس إيماناً بالحجة المتقدم عليه. أما الخدشة الواضحة التي تزعمها فاعرضها علينا لنرى مقدار علمك !! وإلا فإن إشارتك لها ليست بنظرنا سوى محاولة لخداع الأتباع. ويقول: (الرواية الثانية: في البحار: مما رواه السيد عبد الحميد بإسناده عن الصادق ع (إن منّا بعد القائم إثنا عشر مهدياً). وهذه الرواية أسوء من سابقتها من ناحية السند، إذ أنها مرسلة فضلاً عن دلالتها فهي لا تفيد المدعي إذ أنها تنص بعد القائم ،ومن الطريف أن أحمد ... يدعي أنه هو القائم والقائم (حسب مدعاه) غير الإمام المهدي ع البحار ج53 ص148). أقول: إن روايات المهديين من الكثرة بحيث فاقت حد التواتر المعنوي، والحديث المتواتر يُقطع بصدوره بغض النظر عن الإسناد، وإليك بعض الروايات التي تؤكد هذا المعنى: والإنطلاقة الرئيسية لإثبات أن الوصية ستستمر بعد الإمام المهدي ع لذريته المهديين ع هي وصية الرسول محمد ص ليلة وفاته التي ذكرتها سابقاً وسأذكرها الآن باختصار: عن ... عن الإمام علي ع، قال: (قال رسول الله ص في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع: يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة، فأملا رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي إثنا عشر إماما ًومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام ... وساق الحديث إلى أن قال: فإذا حضرته الوفاة (الحسن العسكري) فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد ص فذلك إثنا عشر إماماً ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين) له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين) ([77]). وهذا بيان واضح وجلي ولا يحتمل أي لبس من الرسول محمد ص يثبت بأن الوصية ستنتقل بعد الإمام المهدي ع إلى ذريته المهديين ص والذين سيكونون أئمة الأمة بعد أبيهم الإمام المهدي ع: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾([78]). وليس وصية الرسول ص وحدها التي تثبت ذلك بل هناك الكثير من الروايات المتواترة معنىً تؤكد على أن أوصياء الإمام المهدي ع هم ذريته، منها: ما جاء في الدعاء المشهور المعتبر عن الإمام المهدي في كيفية الصلاة على محمد وآل محمد إلى أن يصل إلى نفسه فيقول ع: (... اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه وتسر به نفسه ... إلى قوله ع: وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده ومدّ في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أقصى آمالهم دنيا وآخرة...) ([79]). وما جاء في دعاء الإمام الرضا ع - الصحيح - للإمام المهدي في عصر الغيبة: (... اللهم أعطه في نفسه وأهله وَوَلـَدِه وذريته وأمته وجميع رعيته ما تقر به عينه وتسر به نفسه وتجمع له ملك المملكات كلها ... إلى أن يقول: اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده وبلغهم آمالهم، وزد في آجالهم، وأعز نصرهم ...) ([80]). وعن الصادق ع أنه قال: (إن منّا بعد القائم ع إثنا عشر مهدياً من ولد الحسين ع) ([81]). وعن أبي بصير، قال: (قلت للصادق جعفر بن محمد ع: يا ابن رسول، إني سمعت من أبيك ع أنه قال: يكون بعد القائم إثنا عشر إماماً. فقال: إنما قال: إثنا عشر مهديا ًولم يقل إثنا عشر إماماً ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا) ([82]). وهنا لا يريد الإمام الصادق ع نفي مطلق الإمامة عن ذرية الإمام المهدي ع بل أراد أن يبيّن أنهم ليس أئمة كإمامة آبائهم الإثني عشر ص بل بمرتبة أدنى، وإلا فهم أئمة يقودون الناس بعد أبيهم الإمام المهدي ع بدليل قول الإمام المهدي في الدعاء السابق أيضاً: (... اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده ...). وعن حبة العرني، قال: خرج أمير المؤمنين ع إلى الحيرة فقال: (لتصلن هذه بهذه - وأومى بيده إلى الكوفة والحيرة - حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير، وليبنين بالحيرة مسجداً له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عجل الله فرجه؛ لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم، وليصلين فيه إثنا عشر إماماً عدلاً ... الحديث) ([83]). فمن هو خليفة القائم، ومن هؤلاء الإثنا عشر إمام الذين يصلّون بهذا المسجد الذي يبنى في دولة القائم ع، فهل يصدق هذا على غير ذرية الإمام المهدي ع الإثني عشر المهديين ص كما نصت الروايات عليهم. وعن أبي جعفر وأبي عبد الله ص في ذكر الكوفة، قال: (... فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وصلى فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين) ([84]). وعن الإمام السجاد ع، قال: (يقوم القائم منا ثم يكون بعده إثنا عشر مهدياً) ([85]). وفي الدعاء الوارد عن الحسن العسكري ع بمناسبة ولادة الإمام الحسين ع قال فيه: (... وسيد الأسرة (الحسين)، الممدود بالنصرة يوم الكرة، المعوض من قتله أن الأئمة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في أوبته، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته، حتى يدركوا الأوتار، ويثأروا الثار، ويكونوا خير أنصار) ([86]). فهذا الكلام لا يمكن حمله على غير ذرية الإمام المهدي ع؛ لأن الإمام العسكري ع قال: (والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته) أي إن الأوصياء بعد الإمام المهدي وغيبته هم من ذرية الإمام الحسين ع وهم من ذرية القائم ع آخر التسعة من ذرية الحسين ع، فكلمة (بعد قائمهم وغيبته) دليل قاطع على أن المقصود هم ذرية الإمام المهدي ع الأوصياء المهديون ص. وأخرج الشيخ الطوسي في غيبته عن أبي عبد الله ع أنه قال لأبي حمزة في خبر طويل: (... يا أبا حمزة، إن منّا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين) ([87]). والمقصود بالقائم في هذه الرواية هو أول المهديين من ذرية الإمام المهدي ع، فهو الذي بعده أحد عشر مهدياً، وأما الإمام المهدي ع فبعده إثنا عشر مهدياً، ولا تعارض بين الروايات حيث يصح تسمية كل واحد من ذرية الإمام المهدي ع بالقائم بعد ملاحظة قول الإمام الصادق ع عنهم في الرواية السابقة الذكر: (وفيها يكون قائمه والقوام من بعده) فهم قوام بعد القائم على أمر الأمة. وجاء في الحديث القدسي عن أبي عبد الله ع، قال: (قال الله (: افترضت على عبادي عشرة فرائض إذا عرفوها أسكنتهم ملكوتي وأبحتهم جناني: أولها: معرفتي. والثانية: معرفة رسولي إلى خلقي والإقرار به والتصديق له. والثالثة: معرفة أوليائي وأنهم الحجج على خلقي من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني وهم العلم فيما بيني وبين خلقي ومن أنكرهم أصليته ناري وضاعفت عليه عذابي. والرابعة: معرفة الأشخاص الذين أقيموا من ضياء قدسي وهم قوام قسطي. والخامسة: معرفة القوام بفضلهم والتصديق لهم ... الحديث) ([88]). فالفريضة الأولى في الربوبية وهي معرفة الله تعالى، والثانية في الرسالة وهي معرفة الرسول ص، والثالثة في الإمامة وهي معرفة الأئمة الإثني عشر أوصياء الرسول ص، وأما الرابعة فلا يمكن انطباقها إلا على الهداية وهم المهديون من ذرية الإمام المهدي ع وهم قوام قسط الله حيث عبر عنهم الإمام الصادق كما سبق بـ (القوام) من بعد الإمام المهدي ع. وعن الصادق ع قال في أحد الأدعية المشهورة: (اللهم كن لوليك القائم بأمرك محمد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ومؤيداً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طولاً وعرضاً وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين) ([89]). وروى علي بن بابويه دعاءً عن الإمام الرضا ع وفيه ذكر المهديين ص قال: (هذا ما نداوم به معاشر أهل البيت ... إلى أن قال: اللهم صل عليه وعلى آله من آل طه ويس واخصص وليك ووصي نبيك وأخا رسولك ووزيره وولي عهده إمام المتقين وخاتم الوصيين لخاتم النبيين محمد ص، وابنته البتول، وعلى سيدي شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وعلى الأئمة الراشدين المهديين السالفين الماضيين، وعلى النقباء الأتقياء البررة الأئمة الفاضلين الباقين، وعلى بقيتك في أرضك القائم بالحق في اليوم الموعود، وعلى الفاضلين المهديين الأمناء الخزنة...) ([90]). والدعاء واضح وصريح في ذكر المهديين من ذرية الإمام المهدي ع، حيث ذكر الرضا ع أولاً الأئمة الماضين قبله ثم الأئمة الباقين بعده ثم القائم المنتظرص ثم أردفه بذكر المهديين ص. وهناك روايات كثيرة تنص على ذرية الإمام المهدي ع أعرضت عن ذكرها مراعاة للاختصار، ومن أراد الإحاطة فعليه بمراجعة كتاب (المهدي والمهديين في القرآن والسنة)، وكتاب (المهديين في حديث أهل البيت ص)، وكتاب (الرد الحاسم على منكري ذرية القائم)، وغيرها من إصدارات أنصار الإمام المهدي ع. وهذه الروايات متواترة معنىً بل تفوق حد التواتر وكلها تؤكد على أن الوصاية بعد الإمام المهدي ع لذريته المهديين ص فلا يمكن رد هذه الأخبار بحال بل الرد عليها يعتبر خروجاً عن الولاية وكفراً ورداً على الله تعالى كما نصت على ذلك الروايات السابقة الذكر. هذه الروايات كلها تثبت مضمون وصية الرسول ص في ليلة وفاته، حيث شاركتها في النص على ذرية الإمام المهدي ع وكلها مؤيدات وقرائن على صحة الوصية وبها تكون رواية الوصية متواترة معنىً ومحفوفة بقرائن ترفعها إلى مستوى القطع بصدورها، وإذا رُفض هكذا خبر مع كل هذه المؤيدات والقرائن فلا تثبت لنا عقيدة ولا فقه ولا تاريخ ولا ... ولا... !!! ويقول: (الرواية الثالثة: بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج53 ص145: عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: "قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): يا ابن رسول الله ص، سمعت من أبيك ع أنه قال: يكون بعد القائم إثنا عشر مهدياً فقال: إنما قال: إثنا عشر مهدياً ولم يقل إثنا عشر إماماً، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا، ومعرفة حقنا". سند الرواية: الأسدي: يروي عن الضعفاء وكان يقول بالجبر والتشبيه. النخعي: مجهول الحال لم يذكر له توثيق. النوفلي: لم يرد فيه توثيق وقال فيه جماعة من القُميين إنه غالى في آخر حياته. علي ابن أبي حمزة: واقفي، قال ابن الغضائري إنه أصل الوقف أشد الخلق عداوة للولي الرضا ع، وعن الإمام الرضا ع: "لعن الله الواقفة، عاشوا حيارى وماتوا زنادقة"). أقول: الصرخية لديهم ولع ووله في رد روايات أهل البيت ص، بينما نجد روايات متواترة تنص على حرمة ذلك، بل بعض الروايات تنص على أن الراد لحديث من أحاديثهم يكون خارجاً عن الولاية، ومنها نصت على أن ذلك على حد الشرك. والمصيبة أن الكاتب في تحقيقه السندي المضحك قد تعمد حذف بعض تراجم رجال الرواية السابقة أي حذف نص التوثيق وخصوصاً في ترجمة (الأسدي)، وهذا يعتبر من الخيانة العلمية التي تنم عن بشاعة ضمير الكاتب !!! وعلى أي حال فالصرخية جهلة في كل شيء، ولتتأكدوا بأنفسكم أذكر لكم التحقيق السندي المنصف لرجال الرواية السابقة: محمد بن جعفر الأسدي الكوفي: رجال النجاشي- النجاشي ص373: ([1020] محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي أبو الحسين الكوفي، ساكن الري. يقال له محمد بن أبي عبد الله، كان ثقة، صحيح الحديث، إلا أنه روى عن الضعفاء. وكان يقول بالجبر والتشبيه - وكان أبوه وجهاً روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى -. له كتاب الجبر والاستطاعة. أخبرنا أبو العباس بن نوح، قال: حدثنا الحسن بن حمزة، قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي بجميع كتبه، قال: ومات أبو الحسين محمد بن جعفر ليلة الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. وقال ابن نوح: حدثنا أبو الحسن بن داود، قال: حدثنا أحمد بن حمدان القزويني عنه بجميع كتبه) انتهى. أقول: الرواية عن الضعفاء لا تستلزم التضعيف وخصوصاً إذا كانت الرواية عن ثقة، وأما تهمة الغلو فقد تم تفنيدها من قبل محققين كبار وخصوصاً إذا كان منشأ التهمة القميون فهم كانوا يعدون من ينقل الروايات التي تبين عظمة مقام آل محمد ص يعتبرونه من الغلاة، وإليكم كلام أحد علماء الرجال في مناقشة هذا الأمر عند دفاعه عن أحد الرواة، وبه يتبين اضطراب وخواء ضوابط علماء الرجال في الجرح والتوثيق: تهذيب المقال للسيد محمد على الأبطحي ج4 ص427: 4- تهمة وضع الحديث إليه، قال ابن الغضائري فيما حكاه العلامة الحلي عنه في القسم الثاني من الخلاصة بعد ذكره ما ذكره في المتن، وحكاه القهپائي عنه أيضاً في مجمع الرجال: جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى بن سابور، مولى مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري، أبو عبد الله، كذاب، متروك الحديث، جملة. وكان في مذهبه ارتفاع. ويروي عن الضعفاء والمجاهيل، وكل عيوب الضعفاء مجتمعة فيه. وقال أيضاً في الحسين بن مسكان: لا أعرفه، إلا أن جعفر بن محمد بن مالك روى عنه أحاديث، وما عند أصحابنا من هذا الرجل علم. قلت: ليست تهمة وضع الحديث، مبنية على إقرار المتهم، كي يؤخذ ويلزم عليه بأشق الأحوال. كما أنه ليس أمراً محسوساً تصح الشهادة عليه ويحكم به بأدلة حجية البينات. كما أن رواية أمر باطل لا تصحح نسبة الوضع إلى الراوي. وليست رواية الكذب، وإن كانت ذنباً، كذباً، ولا وضعاً. وإنما يحكم ببطلان الحديث، إذا كان مخالفاً لصريح الكتاب والسنة المقطوعتين. بل ورد الأمر بضرب مثله على الجدار، والحكم بأنه باطل زخرف، وقد وردت في الروايات عن المعصومين ص: (ما خالف قول ربنا لم نقله). وإن قدر أولياء الله محمد وآله الطاهرين ص ومنزلتهم، لا تعرف إلا من الله ورسوله ومنهم ص. والعجب أن ابن الغضائري لم تطب نفسه بنسبة الوضع إليه فحسب، حتى قال مؤكداً: (يضع الحديث وضعاً). انتهى. تهذيب المقال للسيد محمد على الأبطحي ج4 ص428- 434: 5- دفع تهمة الغلو ووضع الحديث يظهر من كلام الشيخ والنجاشي وابن الغضائري، إن تهمة كون جعفر بن محمد الكوفي الفزاري كذاباً، مرتفعاً، غالياً، وضاع الحديث وضعاً ضعيفاً في الحديث، قد نشأت من رواياته في مولد الإمام القائم ع، عن رواة مجاهيل. وقد أكثر ابن الغضائري في تضعيفه بهذه الروايات والرواة. وحيث إن الإهمال ربما يوجب الغرور، والاستعجال والتبعية بلا دليل فيستتبع الشرور والندامة يوم النشور، فالحري بالتحقيق النظر والتفتيش في رواياته، ثم في مشايخ حديثه ومن رواها عنهم. فهل تصح نسبة رواية الأعاجيب، في مولده ع ؟! وهل ما رواه فيه أعاجيب ؟ أو إن من رواها عنهم مجاهيل ؟ وهل يسد له بذلك كل باب إلا باب الرمي بوضع الحديث وضعاً، ولا يحتمل فيه معرفته بوثاقتهم حينما أخذ عنهم ؟! وهل ليس للعمل الغير الصحيح وجهاً إلا فساد المذهب والعقيدة ؟! وهلا يمكن خطأ من ضعفه ، واستثنى رواياته فيمن استثنى من روايات جماعة من مشايخ محمد بن أحمد بن يحيى ؟! وكيف يصح للصدوق وغيره ترك تبعية شيخه في تضعيف محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني من هؤلاء وغيره ؟! ولا يصح لنا ترك التحقيق والإسراع في التبعية والتضعيف، كما أن أعيان مشايخ الشيعة من أهل عصره قد اخذوا عنه ورووا عنه هذه الروايات وغيرها، فنقول وبالله الاستعانة فإنه ولي التوفيق والسداد: إن ما رواه جعفر بن محمد الفزاري، الكوفي، البزاز، وزعم ابن الغضائري وغيره أنها أعاجيب وموضوعات، وارتفاعات وغلوات، وأفيكات ومكذوبات، رواها عن المجاهيل، ليست في خصوص ولادة الإمام الغائب ع أصلها أو كيفيتها أو زمانها أو مكانها، فلم أظفر برواية له فيها، وإنما الواصل منها إلينا روايات عن غيره، ينتهي سندها إلى حكيمة بنت الإمام وأخته وعمته (سلام الله عليهم أجمعين). وقد خلت هذه الروايات الواصلة إلينا عن ذكر آيات الله وكراماته على أوليائه وعلى الأئمة الطاهرين من آل محمد ص من الأعاجيب التي هي أعاجيب للقاصرين، وكيف تكون أعاجيب ولقد قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾([91])، وقد وصلت إلينا في مواليد المعصومين ص روايات كثيرة، فيها آيات عظيمة لهم أعظم من هذه. والظاهر من ألأعاجيب في ولادة الإمام ع مطلق ما رواه وجمعه الأصحاب، كالكليني والصدوق والشيخ والنعماني وغيرهم، في أبواب مولد الإمام. ونشير إلى بعض مارووه عنه في أمر الإمام الغائب ع، وتفصيله في (أخبار الرواة) ........... إلى أن قال: وبهذا نكتفي، لئلا يطول، ونشير إلى مواضع رواياته في الإمام الحجة ع عند ذكر مشايخه في الرواية. وقد ظهر من ذلك أن ما رواه في الإمام الحجة (أرواحنا له الفداء)، قليل جداً ويسير حقاً مما ورد من طريق غيره فيه، وأن ما رواه مما تواترت عليه الأخبار، أو تعاضدت وتظافرت به، وتشهد بصحتها آيات الكتاب، بل إن معرفة الخلافة والولاية والإمامة الإلهية التي جعلها الله تعالى في آل إبراهيم ص إلى يوم القيامة، وكون الأئمة كلمات الله العليا، تسهل الخضوع لأكثر من ذلك. انتهى. طرائف المقال للسيد علي البروجردي ج1 ص197: 1118- أبو الحسين الأسدي رضي الله عنه وأبو الحسين الأشعري، هما واحد كما صرح به في أسانيد الفقيه، وإن الاسم محمد بن جعفر، والظاهر أنه محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي الذي يقال له محمد بن أبي عبد الله أيضاً ، وهو أحد الأبواب. انتهى. طرائف المقال للسيد علي البروجردي ج1 ص213: 1261- محمد بن جعفر بن محمد بن عون، هو محمد بن جعفر الأسدي الرازي أبو الحسين الكوفي ساكن الري، يقال له محمد بن أبي عبد الله، ثقة صحيح الحديث، إلا أنه روى عن الضعفاء وكان وجهاً، روى عنه ابن محمد بن عيسى. انتهى. سماء المقال في علم الرجال لأبي الهدى الكلباسي ج1 ص252: (محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي، أبو الحسين الكوفي، ساكن الري، يقال له: محمد بن أبي عبد الله، كان ثقة، صحيح الحديث، إلا أنه يروي عن الضعفاء، وكان يقول بالجبر والتشبيه). وأما ذكره (من القول بالجبر والتشبيه) فالظاهر أنه غير وجيه، والظاهر أنه من الأجلة كما هو على الخبير غير ستير. ولقد أجاد جدنا السيد العلامة، في استظهاره أنه من الثقات، والأجلاء المعتمدين. انتهى. تهذيب المقال - السيد محمد على الأبطحى ج4 ص460: 12- محمد بن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن عون الكوفي، أبو الحسين الأسدي، الثقة، الذي قال النجاشي فيه (ر 1023): (كان ثقة صحيح الحديث). فروى الصدوق في الخصال حديث الحقوق للإمام زين العابدين ع، وهو رسالته إلى بعض أصحابه في الحقوق، عن شيخه علي بن أحمد بن موسى، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري. انتهى. أقول: الصرخية تعمدوا حذف توثيق الأسدي وهو قول النجاشي: (كان ثقة صحيح الحديث) وأبقوا ما توهموا أنه تضعيف، وهو: (أنه يروي عن الضعفاء، وكان يقول بالجبر والتشبيه). وهذا أمر بل مرض عجيب في ستر الحقائق والضحك على الناس، بل هم يضحكون على أنفسهم وتبين زيفهم وعدم أمانتهم !!! موسى بن عمران النخعي: - معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج20 ص65: 12847- موسى بن عمران: روى عن الحسين بن يزيد، وروى عنه موسى بن عمران. تفسير القمي: سورة النحل، في تفسير قوله تعالى: (أمر ربي ألا تعبدوا إلا إياه). وروى عن الحسين بن يزيد النوفلي، وروى عنه محمد بن أبي عبد الله. الكافي: الجزء 4، كتاب الحج 3، باب استطاعة الحج 30، الحديث 5. ثم إنه روى الكليني، عن محمد بن أبي عبد الله، عن موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن عيسى بن عبد الله، عن علي بن جعفر. الروضة: الحديث 141. كذا في المرآة أيضاً، والظاهر أن فيه تحريفاً، فإن الحسين بن عيسى بن عبد الله لا يكون عماً لموسى بن عمران، بل عمه الحسين بن يزيد بقرينة ساير الروايات، والصحيح: موسى بن عمران، عن عمه الحسين، عن عيسى ابن عبد الله، والله العالم. أقول: هذا متحد مع من بعده. 12848- موسى بن عمران النخعي: روى عن الحسين بن يزيد، وروى عنه محمد بن أبي عبد الله الكوفي. كامل الزيارات: الباب، في الدلالة على قبر أمير المؤمنين ع، الحديث 7. وروى عن الحسين بن يزيد عمه، وروى عنه محمد بن أبي عبد الله الأسدي. مشيخة الفقيه: في طريقه إلى يحيى بن عباد المكي. وروى عنه محمد بن أبي عبد الله الكوفي. الفقيه: الجزء 4، باب الوصية من لدن آدم ع، الحديث 457، وباب نوادر المواريث، الحديث 718. وروى عن الحسين بن يزيد النوفلي عمه، وروى عنه محمد بن جعفر الأسدي أبو الحسين. الفقيه الجزء 3، باب الرهن، الحديث 909. وروى عنه محمد بن أبي عبد الله الكوفي. مشيخة الفقيه: في طريقه إلى ما كان فيه من حديث سليمان بن داود عليهما السلام. ثم إنه روى الشيخ بسنده، عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه علي بن الحسين بن يزيد النوفلي. التهذيب: الجزء 7، باب الرهون، الحديث 785، والاستبصار: الجزء 3، باب ربح المؤمن على أخيه المؤمن، الحديث 233، إلا أن فيه: موسى بن عمرو النخعي، عن عمه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، والظاهر وقوع التحريف فيهما، والصحيح: موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، كما تقدم عن الفقيه، تحت رقم 909، من الجزء الثالث آنفاً. انتهى. أقول: إن وقوع الراوي في إسناد تفسير القمي دليل على وثاقته، لشهادة علي بن إبراهيم القمي بأنه روى تفسيره عن الثقاة فقط، وهذه القرينة اعتمد عليها المحقق الخوئي في توثيق الرواة الذين لم يرد توثيقهم في كتب الرجال. وكذلك وقوع الراوي في إسناد كتاب كامل الزيارت لابن قولوية يعتبر دليلاً على وثاقته؛ لأنه شهد بأنه روى الكتاب عن الثقاة، وهذه القرينة أيضاً اعتمد عليها المحقق الخوئي في معجمه، وإليك نص كلامه: معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج1 ص49: التوثيقات العامة: قد عرفت فيما تقدم أن الوثاقة تثبت بإخبار ثقة، فلا يفرق في ذلك بين أن يشهد الثقة بوثاقة شخص معين بخصوصه وأن يشهد بوثاقته في ضمن جماعة، فإن العبرة هي بالشهادة بالوثاقة، سوء أكانت الدلالة مطابقية أم تضمنية. ولذا نحكم بوثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم الذين روى عنهم في تفسيره مع انتهاء السند إلى أحد المعصومين ص. فقد قال في مقدمة تفسيره: (ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا، ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم ...) فإن في هذا الكلام دلالة ظاهرة على أنه لا يروي في كتابه هذا إلا عن ثقة، بل استفاد صاحب الوسائل في الفائدة السادسة في كتابه في ذكر شهادة جمع كثير من علماءنا بصحة الكتب المذكورة وأمثالها وتواترها وثبوتها عن مؤلفيها وثبوت أحاديثها عن أهل بيت العصمة ص أن كل من وقع في إسناد روايات تفسير علي بن إبراهيم المنتهية إلى المعصومين ص، قد شهد علي بن إبراهيم بوثاقته، حيث قال: (وشهد علي بن إبراهيم أيضاً بثبوت أحاديث تفسيره وأنها مروية عن الثقات عن الأئمة ص). أقول: أن ما استفادة (قدس سره) في محله، فإن علي بن إبراهيم يريد بما ذكره إثبات صحة تفسيره، وأن رواياته ثابتة وصادرة من المعصومين ص، وإنها انتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من الشيعة. وعلى ذلك فلا موجب لتخصيص التوثيق بمشايخه الذين يروي عنهم علي بن إبراهيم بلا واسطة كما زعمه بعضهم. وبما ذكرناه نحكم بوثاقة جميع مشايخه الذين وقعوا في إسناد كامل الزيارات أيضاً، فإن جعفر بن قولويه قال في أول كتابه: (وقد علمنا بأنا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم ...). فإنك ترى أن هذه العبارة واضحة الدلالة على أنه لا يروي في كتابه رواية عن المعصوم إلا وقد وصلت إليه من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله، قال صاحب الوسائل بعد ما ذكر شهادة علي بن إبراهيم بأن روايات تفسيره ثابتة ومروية عن الثقات من الأئمة ص: (وكذلك جعفر بن محمد بن قولويه، فإنه صرح بما هو أبلغ من ذلك في أول مزاره). أقول: إن ما ذكره متين، فيحكم بوثاقة من شهد علي بن إبراهيم أو جعفر ابن محمد بن قولويه بوثاقته، اللهم إلا أن يبتلي بمعارض. وممن شهد بوثاقة جماعة - على نحو الإجمال- النجاشي، فانه يظهر منه توثيق جميع مشايخه. قال (قدس سره) في ترجمة أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن الجوهري: (رأيت هذا الشيخ وكان صديقاً لي ولوالدي وسمعت منه شيئاً كثيراً، ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئاً، وتجنبته...). وقال في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن البهلول: (وكان في أول أمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ... رأيت هذا الشيخ، وسمعت منه كثيراً، ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه). ولا شك في ظهور ذلك في أنه لا يروي عن ضعيف بلا واسطة فيحكم بوثاقة جميع مشايخه. هذا وقد يقال: إنه لا يظهر من كلامه إلا أنه لا يروي بلا واسطة عمن غمز فيه أصحابنا أو ضعفوه. ولا دلالة فيه على أنه لا يروي عمن لم يثبت ضعفه ولا وثاقته، إذا لا يمكن الحكم بوثاقة جميع مشايخه، ولكنه لا يتم. فإن الظاهر من قوله: (ورأيت جل أصحابنا...). أن الرؤية أخذت طريقاً إلى ثبوت الضعف، ومعناه أنه لا يروي عن الضعيف بلا واسطة، فكل من روى عنه فهو ليس بضعيف، فيكون ثقة لا محالة. وبعبارة واضحة أنه فرع عدم روايته عن شخص برؤيته أن شيوخه يضعفونه. ومعنى ذلك أن عدم روايته عنه مترتب على ضعفه، لا على التضعيف من الشيوخ، ولعل هذا ظاهر. وهذا الذي ذكرناه هو المهم من التوثيقات العامة، ويأتي عن النجاشي في ترجمة عبيد الله بن أبي شعبة الحلبي: (إن آل أبي شعبة بيت بالكوفة وهم ثقات جميعاً)، وفي ترجمة محمد بن الحسن بن أبي سارة: (إن بيت الرواسي كلهم ثقات)، ويأتي عن الشيخ في ترجمة علي بن الحسن بن محمد الطائي: (إن من روى عنه علي بن الحسن الطاطري في كتبه يوثق به وبروايته). انتهى. وإن قيل بأنه تراجع مؤخراً عن رأيه في كتاب كامل الزيارات واقتصر على مشايخ ابن قولويه الذي يروي عنهم بلا واسطة. وهذا التراجع بعينه يدل على مدى اضطراب اجتهادات علماء الرجال ومدى المجازفة في إتباعهم في رد روايات أهل البيت ص، فهنا الخوئي يثبت وثاقة رواة كتاب كامل ولعلهم بالمئات، ثم يتراجع عن ذلك !!!!! وهذا أكبر دليل على ضعف علم الرجال والاعتماد عليه فأغلبه عبارة عن اجتهادات واستحسانات ما أنزل الله بها من سلطان !!!!! وعلى أي حال، فالنخعي وقع في إسناد تفسير القمي وهذا كافٍ في توثيقه. الحسين بن يزيد النوفلي: رجال النجاشي- النجاشي ص 38: 77- الحسين بن يزيد بن محمد بن عبد الملك النوفلي نوفل النخع مولاهم كوفي أبو عبد الله. كان شاعراً أديباً وسكن الري ومات بها، وقال قوم من القميين إنه غلا في آخر عمره والله أعلم، وما رأينا له رواية تدل على هذا. له كتاب التقية، أخبرنا ابن شاذان عن أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي به، وله كتاب السنة. انتهى. الفهرست- الشيخ الطوسي ص114: [234] 31- الحسين بن يزيد النوفلي. له كتاب، أخبرنا به عدة من أصحابنا، عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عنه. انتهى. معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج7 ص122: 3715- الحسين بن يزيد: قال النجاشي: (الحسين بن يزيد بن محمد بن عبد الملك النوفلي - نوفل النخع - مولاهم كوفي، أبو عبد الله، كان شاعراً، أديباً، وسكن الري، ومات بها، وقال قوم من القميين، إنه غلا في آخر عمره، والله أعلم، وما روينا له رواية تدل على هذا، له كتاب التقية، أخبرنا ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسين ابن يزيد النوفلي به، وله كتاب السنة ". وقال الشيخ: " الحسين بن يزيد النوفلي: له كتاب، أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عنه ". وعده في رجاله من أصحاب الرضا ع قائلا: " الحسين بن يزيد النخعي، يلقب بالنوفلي، وكذلك ذكره البرقي ". روى عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، وروى عنه إبراهيم بن هاشم. كامل الزيارات: الباب 30، في دعاء الحمام ولعنها على قاتل الحسين ع، الحديث 1. وروى عن إسماعيل بن مسلم، وروى عنه موسى بن عمران. تفسير القمي: سورة النحل، في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾([92])...... انتهى. معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج4 ص23: ورابعاً: إنه لو سلم وجود التضعيف في الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري، فإنه لا أثر له، لعدم ثبوت أن الكتاب له. وكيف كان، فطريق الشيخ كطريق الصدوق إليه صحيح، وإن كان فيهما الحسين بن يزيد النوفلي؛ لأنه ثقة على الأظهر، لأنه وقع في إسناد علي بن إبراهيم بن هاشم في التفسير: على ما يأتي، ويأتي طريق الصدوق إليه في إسماعيل بن مسلم. انتهى. معجم رجال الحديث - السيد الخوئي ج4 ص98: 1440- إسماعيل بن مسلم ........ وهو ابن أبي زياد السكوني الكوفي، من أصحاب الصادق ع، رجال الشيخ. وطريق الصدوق إليه: أبوه، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما)، عن سعد ابن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل ابن مسلم السكوني. والطريق صحيح كما تقدم. روى عن أبي عبد الله ع، وروى عنه الحسين بن يزيد. تفسير القمي: سورة النحل، في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى....﴾([93]).... انتهى. علي بن أبي حمزة البطائني: أقول: كون علي بن أبي حمزة من الواقفة لا يمنع من الاعتماد على ما يرويه إذا كان من الثقاة في النقل، وهذا هو المشهور بين القوم، ولذلك وثقه الشيخ الطوسي في العدة وغيره من العلماء: عدة الأصول (ط . ق) - الشيخ الطوسي ج1 ص381: (ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره، وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران، وعلي بن أبى حمزة، وعثمان بن عيسى، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال وبنو سماعة والطاطريون وغيرهم، فيما لم يكن عندهم فيه خلافه). المعتبر - المحقق الحلي ج1 ص94: (لا يقال: علي بن حمزة واقفي، وعمار فطحي، فلا يعمل بروايتهما؛ لأنا نقول: الوجه الذي لأجله عمل برواية الثقة قبول الأصحاب، وانضمام القرينة؛ لأنه لولا ذلك، لمنع العقل من العمل بخبر الثقة، إذ لا وثوق بقوله، وهذا المعنى، موجود هنا، فإن الأصحاب عملوا برواية هؤلاء كما عملوا هناك، ولو قيل: فقد رد رواية كل واحد منهما في بعض المواضع، قلنا: كما ردوا رواية الثقة في بعض المواضع متعللين بأنه خبر واحد، وإلا فاعتبر كتب الأصحاب فإنك تراها مملؤة من رواية علي المذكور، وعمار، على إنا لم نر من فقهائنا من رد هاتين الروايتين، بل عمل المفتين منهم بمضمونها). أقول: إضافة إلى وقوع علي بن أبي حمزة في إسناد تفسير القمي الذي شهد مؤلفه بوثاقة جميع رواته. ويقول: (بعد أن أبطلنا دليل أحمد .... في وجود روايات المهديين والآن نعطي دليلاً على أن هذه دعوى تشير إلى مذهب آخر تواترت روايات المذهب الإثني عشري على بطلانه وهذا المذهب هو مذهب أربعة وعشريني، إذ أن أحمد بن الحسن صاحب المذهب يدعي أن الأئمة أربع وعشرون لا إثنا عشر ولكن بصورة مزوقة، حيث يقول إثنا عشر وإثنا عشر، وبذلك فإن كل رواية تشير إلى الأئمة بأنهم إثنا عشر فهي تشير بالدلالة الالتزامية على أنهم ليسوا ثلاثة عشر أو أربعة عشر أو أربعة وعشرين كما يدعي أحمد بن الحسن وبالخصوص الروايات التي تشير إلى أن آخر الأئمة هو الإمام محمد بن الحسن العسكري (عليهما السلام)، وإليك عزيزي القارئ بعض هذه الروايات التي تزيد على عشرات الروايات .. ونذكر على سبيل المثال هذه الرواية عن زرارة، عن أبي جعفر ع: (نحن إثنا عشر إماماً منهم حسن وحسين ثم الأئمة من ولد الحسين ع). ولا نحتاج هنا إلى صحة سند؛ لأن هذا المعنى متواتر والتواتر يفيد اليقين بصدور هذا المعنى من أهل البيت. وعن الرسول الأكرم ص: "الأئمة من بعدى إثنا عشر أولهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله ( على يديه مشارق الأرض ومغاربها"). أقول: من السفه أن تقول إنكم أبطلتم دعوة الحق، فأين أبطلتموها، وبأي شيء، أبهذا الهراء الذي تنفثه أقلامكم الموتورة ؟ أما عن عدد الأئمة، فنحن نقول بأن عددهم إثنا عشر، أما المهديين فليس لهم المقام نفسه الذي للأئمة الإثني عشر ص، نعم أولهم وهو أحمد له مقام الإمامة ولذلك يذكر مرة في جملة الأئمة وأخرى في جملة المهديين. وكان عليك قبل تلفيق الأكاذيب أن تراجع كتب الدعوة المباركة لتعرف حقيقة ما تقول في هذه المسألة. أما الروايات التي تستشهد بها يا من تنتحل لقب (آية الله) زوراً وبهتاناً فهي صحيحة، ولكن ما قولك بتلك التي تدل على وجود الإمام الثالث عشر، وهي من الكثرة بحيث تفوق حد التواتر. أقول: كيف تجمع بين الطائفتين من الروايات سوى بما قلته لك. وإليك بعض الروايات ([94]): قال أبو جعفر ع: (الإثنا عشر الإمام من آل محمد ص كلهم محدث من رسول الله ص ومن ولد علي، ورسول الله وعلي ع هما الوالدان). وعن أبي جعفر ع، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: (دخلت على فاطمة ص وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت إثني عشر آخرهم القائم ع، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي). وعن أبي جعفر ع، قال: (إن الله أرسل محمداً ص إلى الجن والإنس، وجعل من بعده إثني عشر وصياً، منهم من سبق ومنهم من بقي، وكل وصي جرت به سنة. والأوصياء الذين من بعد محمد ص على سنة أوصياء عيسى وكانوا إثني عشر وكان أمير المؤمنين ع على سنة المسيح)، علي هنا خارج عن جردة حساب الإثني عشر إذ هو على سنة عيسى وهم ص على سنة أوصيائه. عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر ع يقول: (نحن إثنا عشر إماماً منهم حسن وحسين ثم الأئمة من ولد الحسين ع). وعن أبي جعفر ع، قال: (قال رسول الله ص: إني وإثني عشر من ولدي، وأنت يا علي زر الأرض، يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الإثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا). وعن أبي جعفر ع، قال: (قال رسول الله ص: من ولدي إثنا عشر نقيباً، نجباء، محدثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحق يملاها عدلاً كما ملئت جوراً). ولكي تفهم الدلالة أقول: إن أمير المؤمنين ع ليس من ولد رسول الله ص وإنما هو أخوه وابن عمه. ويقول: (المناظرة وعدم الرد: ويلاحظ عليه أنه قد خصصهما في التفسير وهذا خلاف السيرة المعروفة عن أهل البيت ص، وأوضح دليل على أن المناظرة تكون بغير التفسير مناظرة الإمام الجواد ع، حيث كانت مناظرة فقهية مع من ناظرهم في مورد الفقه. ويلاحظ عليه أيضاً عدم إبداء ضابطة موضوعية للتمييز بين مصاديق المناظرة، ولماذا لا تكون المناظرة بالعقائد أو بالتوحيد أو بالعرفان أو بالفقه والأصول ؟ والثابت عقلاً وشرعاً أن الأولوية تكون للفقه والأصول، هذا لو صحت لغيرهما؛ لأنهما الحجة أمام الله، وما يبرئ الذمة أمام الله سبحانه وتعالى في يوم الحشر لا التفسير ولا التاريخ ولا غيره وإنما هو الفقه والأصول؛ لأنه هو الباب الوحيد الذي يبين الموقف العملي أمام ما يريده الباري ( من تشريعات ومن أحكام، والشخص الوحيد الذي يمكنه كفاية المكلف من هذه المؤونة هو الفقيه لا غيره، والذي يجب أن يكون عالماً بالأصول والفقه كي يبرئ ساحة المكلف من أحكام وتكاليف لا يعرف عنها شيئاً). أقول: المناظرة التي دعا لها السيد أحمد الحسن ع محددة بالثقلين؛ القرآن والسنة. والسيد ع في هذا يتبع آباءه ص والفقه والتفسير والعقائد متضمنة في القرآن والسنة، ولكن ليست هذه المسألة، المسألة أنكم تريدون المناظرة بالأصول وهذا ما يرفضه السيد أحمد ع، فالسيد لا يقبل المناظرة بعلومكم الباطلة. أما قولك: (والثابت عقلاً وشرعاً أن الأولوية تكون للفقه والأصول، هذا لو صحت لغيرهما؛ لأنهما الحجة أمام الله، وما يبرئ الذمة أمام الله). فما أقبحه من قول، يا لكم من جهلة، هل الأصول الباطلة أولى من العقائد ؟ هل الفقه أولى من العقائد ؟ يا أيها المتبجحين بالفكر المتين، أما تعلمون أن من لا يوالي علياً ع لا يذوق الجنة وإن صلى الدهر وصامه ؟!! أقول: وأما حديثه عن المتشابهات فلا يعدو عن كونه لغواً بلا طائل ولا نتيجة تترتب عليه. وعلى أي حال، إذا كان يريد القول إن احتجاج السيد أحمد الحسن ع بإحكام المتشابهات ليس بدليل. فأقول: إن إحكامها يدل حتماً على أن السيد أحمد الحسن ع من أهل البيت الراسخين بالعلم وإنه ينهل من النبع الصافي، وإليك الدليل: ورد عن الإمام الصادق ع يحاجج أبا حنيفة، قوله: (يا أبا حنيفة، تعرف كتاب الله حق معرفته، وتعرف الناسخ والمنسوخ ؟ قال: نعم. قال: يا أبا حنيفة، لقد ادعيت علماً، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا ص، ما ورثك الله من كتابه حرفاً) ([95]). ويقول: (إذ يطلب المدعي أحمد الحسن اختيار أي معجزة مادية يطلبها المكلف ويكتبها على ورقة بيضاء وسيكون أحمد الحسن ملزماً بالإتيان بها لإثبات أحقيته، فلا بأس إذن أن نطلب منه الإتيان بمعجزة تمثل إمكانيته وأحقيته في علم الأصول والفقه وخصوصاً إذا اُخذ بنظر الاعتبار أن السيد أحمد يدعي أنه الأعلم بالقرآن ومستعد للمناقشة بعلومه ونحن لا نريد تكليفه أكثر من طاقته، فنطلب منه أن يقدم بحثاً أصولياً أو يدفع الإشكالات التي تُثار على مباني السيد محمد باقر الصدر (قدست نفسه) وإن كانت هي ليست بمعجزة؛ لأنها من نتاج بشري، إلا أننا نرضى بهذا المستوى البسيط من الإعجاز كما يدعي، وإن اعترض على أن الفقه والأصول شيء آخر، نقول كلا إنها مغالطة، إذ أن الأصول والفقه نابع من تقرير ونتاج القرآن الكريم وسنة أهل البيت ص التي هي مفتاح لذلك القرآن الصامت، إضافة إلى أن دعوى أحمد .... هي إبطال عمل الفقهاء والأصوليين، فلو أنه ادعى إبطال عمل الأطباء (مثلاً) لطالبوه بمعجزة طبية، فلو قال على الأطباء أن لا يعالجوا مريضاً أنا أكفيه بدعاء أو ما شابه لقالوا له شافي لنا المريض الفلاني والفلاني مثلاً، وكذا لو ادعى إبطال عمل المهندسين قائلاً ليتوقفوا عن رسم الخرائط والإشراف على البناء لأني أنا سأكفيهم ذلك لقالوا له أتي لنا بمعجزة في هذا المجال، ورغم أن الأصول تبقى جهود ناتجة من مخلوقات غير معصومة، فمن البساطة إذن أن يأتي أحمد الحسن بإثبات في الرد عليها لإثبات دعواه. كما أنه قد ورد عن أهل البيت ص أن الدجال يأتي بمعجزات لتغرير الناس وخداعهم، فحينما نسمع بشخص يدعي المعجزات يظهر في هذا الزمن المنبئ بقرب ظهور الإمام ع فأول ما ينسبق إلى الذهن تلك الروايات المذكورة والمشهورة، وللتمييز بين المعجزة الكاذبة الخادعة وبين الإعجاز الحقيقي الذي لا يمكن رده نسلك الدليل العلمي، وهو عين ما ذكره أحمد الحسن معتمداً على قول الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) من أنه لابد لكل إنسان أن يحفظ سؤالاً يسأل به المهدي كي يميزه عن غيره من أصحاب الدعوات الباطلة، ونحن لا نخرج عن هذه الدائرة ونلزمه بما ألزم به نفسه ونكرر طلبنا بتقديم معجزته بالفقه والأصول. وأما المعجزات المادية فيمكن أن تصدر من الدجالين كما حدث مع السامري الذي صنع عجلاً له خوار، وفي الروايات هذا المعنى: إن موسى ع عندما رجع ووجد العجل له خوار كلم الله سبحانه وتعالى: إلهي، السامري صنع العجل، لكن من الذي أخاره ؟ فقال له الله: أنا يا موسى الذي أخرته، لكي اختبرهم وافتتنهم، وكذلك هذه السنة تتكرر مع الدجال للاختبار وللفتنة، وإليك عزيزي القارئ بعض هذه الروايات). أقول: قبح الله الكذب والكاذبين، فالسيد أحمد الحسن ع لم يقل يوماً اطلبوا معجزة مني واكتبوها لي وأنا أنفذها، وأما المعجزة المادية التي أبدى السيد أحمد الحسن ع استعداده للإتيان بها فيما لو طلبها منه خمسة من فقهاء الشيعة حدد بيان السيد أسماءهم. أقول: إن السيد ع حدد المعجزة بوضوح بالقول إنها من المعاجز التي جاء بها الأنبياء ص، فهل برأيكم يا من سرقتم لقب آية الله معاجز الأنبياء ص دليل على صدقهم أم لا ؟ أما قولك: (وهو عين ما ذكره أحمد الحسن معتمداً على قول الشهيد الصدر الثاني قدس سره) فليس بصحيح أبداً، فمن استدل بما ذكرت هو أحد الأنصار. وحول حديثه عن الرؤيا، أقول: يكفيه تأمل هذا المقال عنها: الرؤيا: في مطلع هذا البحث أود أن أشير إلى حقيقة تتعلق بدعوة السيد أحمد الحسن ع، هي أن عشرات بل مئات الأشخاص شاهدوا رؤى بأهل البيت خصوصاً، كلها تخبرهم بأن السيد أحمد الحسن صادق في ما يدعيه، علماً أن بعض هؤلاء الأشخاص ممن لم يدخلوا في الدعوة المباركة أصلاً، على الرغم من أن الدليل قد أخذ بأعناقهم ؟! ولكن لا غرابة فقد ورد أن هذا الأمر لا يثبت عليه إلا من أخذ الله ميثاقه في الذر الأول. علماً أن الأشخاص المشار إليهم من مناطق مختلفة، ومدن متعددة، فلم يسبق أن التقوا أو تعارفوا بأية صورة من الصور، بل إن الكثير منهم كانت الرؤيا سبباً في دخوله إلى الدعوة المباركة. وبشأن الأدلة على حجية الرؤيا، أقول: قد وردت بهذا الخصوص الكثير من الآيات القرآنية الكريمة، والكثير من الأحاديث عن أهل البيت ص. فمن الآيات رؤيا إبراهيم ع بشأن ذبح ولده إسماعيل ع، ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾([96])، هذه الرؤيا لم يتردد إبراهيم ع قيد أنملة في النظر إليها على أنها حجة ملزمة له، بل بادر إلى شحذ سكينه وعزم على مباشرة الفعل ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾([97])، فإبراهيم ع نظر إلى الرؤيا على أنها أمر إلهي واجب التنفيذ، ومن هنا استحق ثناء الله (﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([98])، بل إن إسماعيل ع وهو يواجه مصير الذبح ويرى سكين أبيه تقترب من رقبته لم يصدر منه سوى قوله: ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾([99]). فالرؤيا أمر إلهي واجب التنفيذ، وحجة على رائيها (إبراهيم) وغيره (إسماعيل). وعلى الرغم من وضوح الدلالة في هذه الآيات على حجية الرؤيا، إلا أننا لا نعدم من المعاندين من يعترض على هذه الدلالة الواضحة، ويحاول الالتفاف عليها زاعماً أن الرؤيا حجة على الأنبياء دون سواهم ! وليت أنه يبرز دليلاً على مدعاه ولكنه يتبجح بما يزعمه تبجح المستكبرين ! ولمناقشة هذا الاعتراض، أقول: لو أن الرؤيا بحد ذاتها، أي بصرف النظر عن رائيها؛ نبياً كان أو غير نبي، كانت فاقدة الحجية، هل كان يمكن لإبراهيم ع أن يجد فيها حجة ؟ الجواب طبعاً لا يمكنه ذلك؛ لأن فاقد الشيء لا يُعطيه، إذن طالما وجد فيها إبراهيم حجة فلابد أن تكون هي بحد ذاتها حجة. وعلى سبيل المثال: لو أن حجراً لا ماء فيه فهل يمكن لأحد أن يعثر فيه على ماء ؟ طبعاً لا يمكنه؛ لأن الحجر بحد ذاته لا ماء فيه، ولو افترضنا أن شخصاً سلط قوة ضغط كبيرة على هذا الحجر، وأخرج منه ماء، ألا نفهم من ذلك أن الحجر هو بحد ذاته فيه ماء ؟ ثم لو قلنا إن الرؤيا حجة على النبي دون سواه، أليس يقتضي ذلك أن يُعلمُه الله سلفاً بذلك ؟ وإذا كان ذلك، فهل أن إبراهيم ع قد امتثل للرؤيا نتيجة معرفته المسبقة بحجيتها، أم أن الأمر كان ينطوي على اختبار له استطاع اجتيازه بنجاح ؟ الواضح أن استحقاق إبراهيم لثناء الله يدل على أنه خضع لامتحان ونجح فيه، ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([100]). قد يقال: إن إبراهيم كان يعلم من الله أن الرؤيا حجة، والثناء الذي حصل عليه كان بسبب امتثاله للطلب الصعب الذي تنطوي عليه الرؤيا، لا لأنه صدق نفس الرؤيا، بما هي طريق للمعرفة بين العبد وخالقه ؟ أقول: هذا التوجيه مردود؛ لأن الآية صريحة في أن الثناء كان لأنه صدق نفس الرؤيا (صدقت الرؤيا...)، وعلى أية حال لو كان الثناء متعلقاً بامتثال أمر الذبح، لما قيل له (صدقت)، بل أطعت، أو سلّمت. أما الأحاديث فقد ورد منها الكثير، وحسبك أن تراجع كتاب (دار السلام) للميرزا النوري لتجد الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت ص. ويمكن للقارئ أيضاً مراجعة كتاب الأخ أحمد حطاب (فصل الخطاب في حجية رؤيا أولي الألباب)، وهو من إصدارات أنصار الإمام المهدي ع. ولا يسعني في هذه العُجالة سوى الاكتفاء بإيراد جملة من الأحاديث كما يأتي: عن الرضا ع، قال: (حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه، إن رسول الله ص قال: من رآني في منامه فقد رآني؛ لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم. وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة) ([101]). ينص هذا الحديث على أن الشيطان لا يتمثل بصورة أحد من أهل البيت ص، الأمر الذي يُسقط اعتراض المعاندين، إذ إن القول بعدم حجية الرؤيا يقتضي بالضرورة القول بقدرة الشيطان على التمثل بصورهم. ومع عدم قدرته على التمثل بصورهم، يتضح أن الرؤيا من الله تعالى، وهذا ما دلت عليه كثير من الروايات الواردة عن أهل البيت ص. فعن رسول الله: (لا نبوة بعدي إلا المبشرات. قيل: يا رسول الله، وما المبشرات ؟ قال: الرؤيا الصالحة) ([102]). فالرؤيا بحسب هذه الرواية نبوة، والنبوة لا أظن أحداً لا يقول بحجيتها. وعن الصادق ع: (رأي ورؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة) ([103]). ومعنى هذا إن الرؤيا وحي من الله (. وفي كتاب الغايات لجعفر بن أحمد القمي، قال رسول الله ص: (خياركم أولوا النهى. قيل: يا رسول الله، ومن هم أولوا النهى ؟ فقال ص: أولوا النهى أولوا الأحلام الصادقة) ([104]). سبحان الله، أصحاب الرؤى هم خيار المسلمين، ومع ذلك يسخر المنكوسون منا قائلين: بسبب رؤيا تؤمنون بأحمد الحسن ؟ نقول: نعم، ونحمد الله على نعمة الإيمان. وما قولكم بالأخبار الواردة عن أهل البيت التي يعلّمون بها شيعتهم أعمالاً معينة ليُرزقوا برؤيا، هل هذه التعاليم لغو وعبث لا سمح الله ؟ نعم، هي تكون عبثاً لو أن الرؤيا لا حجية لها، كما تزعمون. وأسألكم بالله إذا لم تكن الرؤيا حجة، فبأي شيء تبشر المؤمن ؟ إن عدم كونها حجة يعني أنها لا تكشف عن واقع خارجي أو حقيقة خارجية، وإذا لم يكن ثمة واقع خارجي تكشف عنه الرؤيا أو تبشر به فهي وهم لا طائل وراءه. وعن عبد الله بن عجلان، قال: (ذكرنا خروج القائم ع عند أبي عبد الله ع، فقلت: كيف لنا نعلم ذلك ؟ فقال ع: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة، اسمعوا وأطيعوا) ([105]). من هذه الرواية يتضح أن من أهم الطرق للعلم بخروج القائم هو الرؤيا، وهذا معنى الصحيفة التي يجدها الإنسان تحت رأسه. وعن البيزنطي، قال: (سألت الرضا ع عن مسألة الرؤيا، فأمسك، ثم قال: إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم، وأُخذ برقبة صاحب هذا الأمر) ([106]). في هذا الحديث يربط الإمام الرضا ع بين الرؤيا وصاحب الأمر، وينص صراحة على أن معرفة كل أسرار الرؤيا ينتج عنها الأخذ برقبة صاحب الأمر. فكيف لا تكون حجة ؟ وأود تذكير القارئ بأن السيدة نرجس ص أم الإمام المهدي ع قد جاءت إلى العراق بعد أن عرضت نفسها للأسر بسبب رؤى، فما لكم أنى تؤفكون ؟ وكلكم تعلمون بأن وهب النصراني قد نصر الإمام الحسين ع بسبب رؤيا رأى فيها عيسى ع يأمره فيها بنصرة الحسين ع، وكانت سبباً في نيله أرفع الدرجات، فيا لبؤس منكوسي هذا الزمان. وهل أشهر من الرؤيا التي رآها أبو عبد الله الحسين ع وحاجج بها ابن عباس حين أراد أن يُثنيه عن الذهاب إلى الكوفة بحجة أن أهلها قد خذلوا أباه علياً ع وأخاه الحسن ع، فأجابه من بين ما أجابه به إنه رأى رسول الله ص في المنام، وقد أمره بالمسير إلى العراق، وإنه سيقتل. أليست هذه الرؤى قد كشفت للمؤمنين الحقيقة والواقع الخارجي، فماذا تريدون أكثر من هذا دليلاً على حجيتها ؟ وسأُجيب فيما يلي من سطور عن الإشكالات، والاعتراضات التي أثارها المعاندون على دليل الرؤيا، وكما يأتي: 1- نسمع بعض الأشخاص يقولون إننا طلبنا رؤيا من الله ولكننا لم نرزق بها، ويستشف من كلامهم أنهم يرمون إلى القول: أنتم تقولون إن الرؤيا دليل على الدعوة، ولكننا لم نرى رؤيا، فأي شيء يبقى من دليلكم ؟! وعلى الرغم من سذاجة هذا الاعتراض، إلا أننا نجيب عنه قائلين: إن الرؤيا دليل وحجة بكل تأكيد، والدليل مرتكز هنا على الرؤى الحاصلة فعلاً، ونحن لا نقول إن كل من يطلب رؤيا فنحن نضمن له الحصول عليها، هذا أولاً. أما ثانياً: فقد ورد عن أهل البيت ص: (الرؤيا بمنزلة كلام يكلم به الرب عبده) ([107])، وعلى هذا إذا لم تروا رؤيا أو لم يكلمكم الرب فعليكم أن تسألوا أنفسكم عن السبب. 2- يقول البعض إن الرؤيا حجة على صاحبها فقط. أقول: وهذا القول مغالطة واضحة، فالرؤيا - بحسب الواقع الذي تخبر عنه - قسمان؛ فإذا كان واقعها ذاتياً أي متعلقاً بالشخص الرائي فقط، مثل أن يرى شخص رؤيا تحذره من السفر بسيارته؛ لأن سيارته ستحترق، فالرؤيا في هذه الحالة لا تخص أحداً غيره، وهي حجة عليه دون سواه. أما إن كان واقعها موضوعياً، أي غير محدد بشخص الرائي فإنها حجة على الجميع. فعلى سبيل المثال لو رأى شخص رؤيا تُنبأه بوقوع حريق في سوق المدينة، فلاشك أنه هو وأي شخص آخر غيره مشمول بهذه الرؤيا. وبخصوص دعوة السيد أحمد الحسن ع، فمن الواضح أنها دعوة تشمل الجميع، والرؤيا المتعلقة بها إذن رسالة تخص الجميع، وإن كان رائيها شخص واحد، أو عدة أشخاص. 3- قال بعضهم: إن إدامة التفكير في أهل البيت ص ينتج عنه أن يرى الإنسان رؤى بهم ص، فالقضية إذن قضية نفسية، ولا علاقة لها بعالم الغيب ! سبحان الله، أعدوا لكل حق باطلاً، ولكل عدل مائلاً، لقد كان على المستشكل أن يسأل نفسه؛ هل إن صورة المعصوم الذي نراه (النبي أو الإمام) هي نفس صورته أم أن شيطاناً قد تمثل بصورته ؟ فإن قال إن الشيطان تمثل بصورة المعصوم، نقول له: إن رسول الله ص يقول: إن الشيطان لا يتمثل بصورتي، ولا بصورة أحد من أوصيائي، ولا بصورة أحد من شيعتنا. وإن قال: هي نفس صورة المعصوم، نقول له: إذن إدامة التفكير في المعصوم لا تقدح في الرؤيا ولا في حجيتها، بل يحسُن بكم أن تديموا التفكير بهم عسى الله أن يرحمكم. هذا وقد روي عن الإمام الكاظم ع، قوله: (من كانت له إلى الله حاجة وأراد أن يرانا وأن يعرف موضعه من الله، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنه يرانا، ويُغفر له بنا، ولا يخفى عليه موضعه ...) ([108]). وقد علّق المجلسي على هذا الحديث، قائلاً: (قوله ع: يناجي بنا، أي يناجي الله تعالى بنا، ويعزم عليه، ويتوسل إليه بنا أن يرينا إياه، ويعرف موضعه عندنا. وقيل: أي يهتم برؤيتنا، ويُحدث نفسه بنا ورؤيتنا ومحبتنا، فإنه يراهم) ([109]). 4- ورد في بعض الروايات، عن حماد بن عثمان بن زرارة، قال: (قال أبو عبد الله ع: أخبرني عن حمزة أيزعم أن أبي آتيه ؟ قلت: نعم. قال: كذب والله ما يأتيه إلا المتكون، إن إبليس سلط شيطاناً يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء، إن شاء في صورة صغيرة وإن شاء في صورة كبيرة، ولا والله ما يستطيع أن يجيء في صورة أبي ع) ([110]). هذه الرواية استدل بها البعض على أن الرؤى التي يراها الأنصار يمكن أن تكون من الشيطان، ويرد عليه أن الأنصار يستدلون بالرؤى التي يشاهدون فيها المعصومين ص حصراً، والرواية واضحة في أن الشيطان (المتكون أو غيره) لا يستطيع التمثل بصورهم ص، والإمام الصادق ع يُقسم على هذا. أما بأي صورة كان الشيطان المتكون يأتي حمزة المشار إليه في الرواية فهذا ما لا تنص عليه الرواية، وهو على أي حال لا أهمية له بعد أن علمنا أنه لا يتمثل بصور المعصومين. وعن بريد بن معاوية العجلي، قال: (كان حمزة بن عمارة الزبيدي (البربري) لعنه الله يقول لأصحابه: إن أبا جعفر ع يأتيني في كل ليلة ولا يزال إنسان يزعم أنه قد رآه، فقدر لي أني لقيت أبا جعفر ع فحدثته بما يقول حمزة فقال: كذب عليه لعنة الله، ما يقدر الشيطان أن يتمثل في صورة نبي ولا وصي نبي) ([111]). 5- يعترض البعض - ومنهم الشيخ بشير النجفي - قائلاً: من منكم رأى النبي أو الإمام حتى يتأكد أن من يراه هو المعصوم نفسه ! أقول: هذا الكلام غريب ومنكر، فَمَن من أصحاب الإمام الصادق ع قد رأى النبي ص حتى يقول لهم افعلوا كذا وكذا من أعمال عبادية وسترون النبي في منامكم ؟ ثم هل يعتقد المعترض أننا إذا لم نكن قد رأينا المعصوم فإن الشيطان سيتمكن من التمثل بصورته !؟ وهل برأيه أن السبب في عدم تمثل الشيطان بصورهم هو معرفتنا أو مشاهدتنا لصورهم، أم أنه نفس صورهم المقدسة ﴿مَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾([112]). وسأختم برواية تنص على حجية الرؤيا، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والرواية واردة عن الإمام الرضا ع وهي طويلة سأختصرها. عن أبي الحسن ع، قال: (إن الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق ..... فأحدث الله بينهم الأحلام فأتوه فأخبروه بما رأوا أو ما أنكروا من ذلك فقال: إن الله أراد أن يحتج عليكم بهذا ...) ([113]). فالرؤى إنما أحدثها الله لتكون حجة على الخلق، والحمد لله وحده. أما الاستخارة فإليك هذا المقال عنها. الاستخارة: من طرق معرفة الغيب؛ الاستخارة، وعليها سيرة المتشرعة منذ أبعد العهود، وسيرة المتشرعة حجة لديهم كما هو معلوم. ومن يراجع كتاب (ما وراء الفقه) للسيد الصدر يجد بحثاً ممتازاً في حجية الاستخارة، يقول في فقرة منه ما مضمونه: (إن الإنسان المؤمن إذا ما استنصحه أخاه المؤمن فإنه لا يغشه، فكيف بالله تعالى) ؟ أقول: أم لعلكم تخافون أن يحيف الله بكم ؟ هذا وقد وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت ص بشأن الاستخارة، إليكم البعض منها: عن أبي عبد الله ع: (صلِّ ركعتين واستخر الله، فو الله ما استخار الله مسلم إلا خار له البتة) ([114]). وعنه ع: (من استخار الله راضياً بما صنع خار الله له حتماً) ([115]). وهذا الحديث يؤكد شرطاً ضرورياً من شروط الاستخارة، وهو أن يضمر المستخير الرضا بالنتيجة، أياً كانت. وعنه ع: (كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن، ثم قال: ما أبالي إذا استخرت على أي جنبي وقعت) ([116]). وقوله: (ما أبالي .. الخ) دليل على ثقة كبيرة بالاستخارة. وأكثر من ذلك وردت أحاديث في النهي عن مخالفة الاستخارة وعصيانها، أو التوجه إلى أمر والدخول فيه دون الاستخارة عليه. فعن أبي عبد الله ع: (من دخل أمراً بغير استخارة ثم ابتلي لم يؤجر) ([117]). وعنه ع: (قال الله (: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال فلا يستخيرني) ([118]). وعنه ع وقد سأله بعض أصحابه: (من أكرم الخلق على الله ؟ قال: أكثرهم ذكراً لله وأعملهم بطاعته. قلت: من أبغض الخلق إلى الله ؟ قال: من يتهم الله. قلت: وأحد يتهم الله ؟ قال: نعم، من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فسخط لذلك، فذلك الذي يتهم الله)([119]). وقد أثار بعض المعاندين شبهة مؤداها: إن الاستخارة لا يُلجأ إليها في الأمور العقائدية، وإنما في الأمور الفرعية فقط. وفي الجواب أقول: إن صفوان الجمال، وهو من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام) قطع على إمامة الرضا ع في فتنة الواقفية من خلال الاستخارة. فعن علي بن معاذ، قال: (قلت لصفوان بن يحيى: بأي شيء قطعت على علي - أي الرضا ع - قال: صليت ودعوت الله، واستخرت وقطعت عليه) ([120]). إذن صفوان الجمال قطع بإمامة الرضا ع بالاستخارة، وهي من المسائل العقائدية، فمن أين لأهل العناد تقييد الاستخارة بالموارد التي حددوها، والروايات ظاهرة في الإطلاق ؟ وإذا كانوا يصححون الاستخارة في الموارد الفرعية، كما يصفونها فهذا يعني أن الاستخارة كطريق في الكشف عن المغيب طريق صحيح ومستوف لشروط الحجية في هذه الموارد، وهنا نسأل: لماذا لا تكون الاستخارة طريقاً صحيحاً ومنتجاً في الموارد الأخرى ؟ علماً أن الاستخارة في الحالتين واحدة من جهة كونها طريقاً في الكشف عن المغيب، والاختلاف الوحيد بين الموردين هو في موضوع الاستخارة، والموضوع كما هو معلوم أمر خارجي عن نفس الاستخارة، بوصفها طريقاً. أقول: أيكون السبب بخلاً في ساحة الله، نعوذ بالله من قول السوء، فيتسع كرمه في الموارد الجزئية، ويقصر في الموارد المتعلقة بالعقيدة ؟ وهذه النتيجة تلزمهم حتماً، إذ طالما كانت الاستخارة كطريق ناهضة، ومحققة لمطلوبها في بعض الموارد (الموارد الجزئية) فتخلفها في البعض الآخر منشؤه شيء آخر غير نفس كونها طريقاً؛ لأن القصور لو كان في الطريق للزم التخلف في كل الموارد، فهل ترتضون لنفسكم القول بالنتيجة التي ذكرتها، وتتهمون الله ؟ تعالى عن ذلك علواً كبيراً. أما قولك إن أتباع السيد أحمد الحسن ع لا يقبلون الاستخارة على صحة دينهم فهذا ينبغي أن يكون واضحاً، ولكنكم قوم لا تعقلون، فليس هذا من موارد الاستخارة بعد أن دل الدليل الشرعي عليها. ويقول: (يستدل أحمد ..... وأصحابه بسيرة الأنبياء والصالحين على أحقية دعواه حيث أنها حوربت ولم تتبع ببساطة وهذا أمر مشابه لقضيته أن هذه الأعراض لا تكشف عن ذاتية القضية وما تحمله من معنى فليس كل من كذب وطرد يعني أنه صاحب حق وهو مرسل من المصلح في آخر الزمان، فإن هذه القضية قد جرت وتجري على الصالحين والفاسقين وحتى على المجانين في مذهبنا وديننا وأديان العالمين). أقول: يا سفيه، إن هذا الدليل لا يناقش وحده فهو يستمد دلالته من ارتباطه بالأدلة الأخرى، فالأدلة التي دلت على صدق الدعوة المباركة يعضدها هذا الدليل من خلال كشفه عن جريان سنة الأنبياء والأوصياء وأنصارهم على أنصار يماني آل محمد السيد أحمد الحسن ع. ويقول: (المباهلة بمعنى الدعاء، ويدعي أحمد بن الحسن للوهلة الأولى أنه سيحرق من يباهله فوراً؛ لأنه معصوم، ودعاء المعصوم لا يرد، وربما تسأل لماذا يعرض الجميع عن قبول مثل هذه المباهلة ؟ أقول: إن المباهلة مع شخص يدعي ادعاءات معلومة الكذب لا يكون لها ذلك الحافز، كما لو أن شخص بريء وتقول له تعال احلف فإنه سيحاول أن يبتعد عن هذه القضية إذا كان هناك حل آخر، ففي دعوى أحمد بن الحسن هناك أدلة كثيرة على بطلانها فلماذا المباهلة، إلا إذا انحصر إبطال الدعوى عليها، علماً أنهم عندما تريد المباهلة وعندما يجد الجد يقولون قد التطف بك الله سبحانه ولم يحرقك، وهذا ما حدث مع أحد وكلائه في مدينة عفك وهو ما يسمى بالسيد طالب، إذ بعد أن حججته بالدليل تعصب وقال أنا سأحرقك الآن قم وباهل، فقمت - بعد إلحاح من أتباعه الذين يريدون أن يكتشفوا آخر ورقة عنده في تلك الجلسة - وتوضأت وصليت ركعتين، قلت له أنا مستعد ولكن إذا لم تحرقني فإن دعوتك باطلة، فقال: لا؛ لأن الله قد يلتطف بك، وقس على ذلك). أقول: السيد أحمد ع لم يقل أحرق من يباهلني، وأتحدى هذا الكذاب أن ينقل كلمة للسيد بهذا المعنى، نعم نقول إن المباهلة لابد أن تترتب عليها الآثار، ونتحدى من يباهل السيد أحمد بالقول إنه لن ينجو من عذاب الله تعالى، والله سبحانه هو من يحدد موعد العذاب. يروي الطوسي في غيبته عن أبي علي بن همام، قال: (أنفذ محمد ين علي الشلغماني العزاقري إلى الشيخ الحسين بن روح - وهو أحد سفراء الإمام المهدي ع - يسأله أن يباهله، وقال: أنا صاحب الرجل وقد أمرت بإظهار العلم، وقد أظهرته باطناً وظاهراً، فباهلني. فأنفذ إليه الشيخ رضي الله عنه في جواب ذلك: أينا تقدم صاحبه فهو المخصوم، فتقدم العزاقري فقتل وصلب)([121]). هذه الحادثة تبين؛ أولاً إن المباهلة تجري حتى مع من هو معلوم البطلان، نعم يتم إعلامه بالحقيقة قبل المباهلة فإذا أصر على باطلة يُباهل وهذا هو حال العزاقري، وتبين كذلك أن العذاب ينزله الله تعالى، ولكن من يتقدم صاحبه يكون هو المخصوم. أقول: فمن أي كناسة لملم الخايكاني كلماته ؟ أقول أخيراً: أما كتبكم التي تزعم أنها تعارض الدعوة فشأنها شأن السهى قالت للشمس ضوؤك حائل، ثم يا مدعي العلم وأنت الجاهل ليس هذا هو المقصود بعدم وجود معارض للدعوة، أسأل سيدك الذي جعل منك مقلداً له رغم زعمه بكونك مجتهداً هل كلامك صحيح وراجعنا.
Footers

[1] - النساء: 60.

[2] - أصول الكافي: ج1 ص88.

[3] - الكافي: ج2 ص223، مختصر بصائر الدرجات: ص98، وسائل الشيعة (آل البيت): ج27 ص87، مستدرك الوسائل: ج1 ص80، الكافي: ج2 ص223، بحار الأنوار: ج2 ص186.

[4] - معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي: ج3 ص9، 85.

[5] - مختصر بصائر الدرجات - للحسن بن سليمان الحلي: ص76، وفي طبعة أخرى: ص234، بحار الأنوار: ج2 ص211.

[6] - النساء: 54.

[7] - إثنا عشر رسالة: ج7 ص28.

[8] - بصائر الدرجات - لمحمد بن الحسن الصفار: ص558، الكافي: ج8 ص25، بحار الأنوار: ج2 ص209.

[9] - المحاسن - لأحمد بن محمد بن خالد البرقي: ج1 ص230، علل الشرائع: ج2 ص395.

[10] - الرحمن: 72.

[11] - بحار الأنوار: ج2 ص212.

[12] - بحار الأنوار: ج2 ص212.

[13] - بحار الأنوار: ج2 ص208.

[14] - مختصر بصائر الدرجات - للحسن بن سليمان الحلي: ص76.

[15] - بحار الأنوار: ج2 ص225.

[16] - الكافي: ج1 ص23.

[17] - الكافي: ج1 ص23.

[18] - الكافي: ج1 ص87.

[19] - مختصر بصائر الدرجات: ص221.

[20] - الكافي: ج2 ص215.

[21] - بصائر الدرجات: ص16.

[22] - كمال الدين وتمام النعمة - للصدوق: ج1 ص273، إلزام الناصب: ج1 ص310.

[23] - التوبة: 32.

[24] - صدر بالفعل قبل مدة ليست بالقصيرة.

[25] - بحار الأنوار: ج53 ص147، الغيبة للطوسي: ص150، غاية المرام: ج2 ص241، تاريخ ما بعد الظهور - للسيد محمد الصدر: ص640.

[26] - بحار الأنوار: ج35 ص148، مختصر بصائر الدرجات: ص38.

[27] - كمال الدين وتمام النعمة - للشيخ الصدوق: ص358.

[28] - كامل الزيارات: ص76.

[29] - مفاتيح الجنان في أعمال الثالث من شعبان: ص215.

[30] - مفاتيح الجنان: ص83.

[31] - الأنبياء: 18.

[32] - خاتمة الوسائل: ص30.

[33] - خاتمة الوسائل: ص2.

[34] - خاتمة الوسائل: ص30.

[35] - خاتمة الوسائل: ص177.

[36] - هامش خاتمة الوسائل: ص23.

[37] - الغيبة الصغرى: ص524.

[38] - تفسير البرهان: ج1 ص73.

[39] - تفسير البرهان: ج1 ص72.

[40] - البقرة: 180.

[41] - البقرة: 180.

[42] - المائدة: 106.

[43] - يس: 49 – 50.

[44] - تفسير البرهان: ج1 ص73.

[45] - يونس: 39.

[46] - الزخرف: 28.

[47] - معاني الأخبار: ص126.

[48] - معاني الأخبار: ص91.

[49] - الأنفال: 75.

[50] - الكافي: ج1 ص316.

[51] - كامل الزيارات: ص76.

[52] - كمال الدين وتمام النعمة: ص358.

[53] - بحار الأنوار: ج53 ص148.

[54] - غيبة الطوسي: ص309، بحار الأنوار: ج53 ص145.

[55] - شرح الأخبار: ج3 ص400.

[56] - مفاتيح الجنان: ص116.

[57] - النجم الثاقب: ج2 ص456.

[58] - غيبة النعماني: ص186، جمال الأسبوع - لابن طاووس: ص301.

[59] - النجم الثاقب: ج2 ص469.

[60] - الكافي: ج2 ص223، السرائر: ج2 ص591.

[61] - خاتمة الوسائل: ص95.

[62] - خاتمة الوسائل: ص246.

[63] - الكافي: ج1 ص23.

[64] - خاتمة الوسائل: ص95.

[65] - النجم الثاقب: ج2 ص72.

[66] - بحار الأنوار: ج53 ص148.

[67] - مستدرك سفينة البحار: ج10 ص517.

[68] - المجتمع الفرعوني: ص175.

[69] - الأنفال: 17.

[70] - الأنعام: 19.

[71] - الأنبياء: 5.

[72] - الكهف: 5.

[73] - دار السلام: ج1 ص59.

[74] - من لا يحضره الفقيه: ج2 ص585.

[75] - دار السلام: ج1 ص169.

[76] - صدر كتاب (الوصية والوصي أحمد الحسن) بالفعل، وهو أحد إصدارات الدعوة اليمانية المباركة.

[77] - غيبة الطوسي: ص107 – 108.

[78] - آل عمران: 34.

[79] - غيبة الطوسي: ص186، جمال الأسبوع: ص301.

[80] - مفاتيح الجنان: ص618.

[81] - مختصر بصائر الدرجات: ص49.

[82] - كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص358.

[83] - التهذيب: ج3 ص253، معجم أحاديث الإمام المهدي: ج3 ص112.

[84] - وسائل الشيعة الإمامية: ج3 ص524.

[85] - شرح الأخبار: ج3 ص400.

[86] - المصباح - للكفعمي: ص543، مصباح المتهجد - للشيخ الطوسي: ص682.

[87] - غيبة الطوسي: ص309.

[88] - بحار الأنوار: ج66 ص13، مستدرك سفينة البحار: ج7 ص174.

[89] - بحار الأنوار: ج49 ص349.

[90] - فقه الرضا: ص403، وأغلب كتب الأدعية.

[91] - الكهف: 9.

[92] - النحل: 90.

[93] - النحل: 90.

[94] - المصدر الكافي: ج1 ص531 – 534.

[95] - علل الشرائع: ج1 ص89.

[96] - الصافات: 102.

[97] - الصافات: 103.

[98] - الصافات: 103 – 105.

[99] - الصافات: 102.

[100] - الصافات: 104 – 105.

[101] - دار السلام: ج4 ص272.

[102] - بحار الأنوار: ج 58ص193.

[103] - دار السلام: ج1 ص18.

[104] - فصل الخطاب في حجية رؤيا أولي الألباب: ص15.

[105] - كمال الدين وتمام النعمة: ص654.

[106] - بحار الأنوار: ج25 ص110.

[107] - دار السلام - للميرزا النوري: ج4 ص236.

[108] - الاختصاص - للشيخ المفيد: ص90.

[109] - بحار الأنوار: ج53 ص328.

[110] - اخيار معرفة الرجال (رجال الكشي) - للشيخ الطوسي: ج2 ص589.

[111] - المصدر نفسه: ج2 ص593.

[112] - الأنعام: 91.

[113] - بحار الأنوار: ج6 ص243.

[114] - الكافي: ج3 ص470 ح1.

[115] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج8 ص63، باب صلاة الاستخارة.

[116] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج8 ص67، باب صلاة الاستخارة.

[117] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج8 ص79، باب كراهة عمل الأعمال بغير استخارة.

[118] - المصدر نفسه.

[119] - المصدر نفسه.

[120] - غيبة الطوسي: ص54.

[121] - غيبة الطوسي: ص307.