Subjects
-الإهداء
-تقديم
-المقدمة
-علامات زمن الظهور
-من أهم أسباب الظهور
اختلاف الشيعة
-إن الدين عند الله الإسلام
-موقف العلماء في زمن الظهور المقدس
-قولهم ص في الخطباء
-الممهد الرئيسي لزمن الظهور من خلال الروايات
-الأوصياء المنصوص لهم بالبيعة
-العلامات الفارقة بين أوصاف
-اليماني بين اللغة والشخصية
-تعدد اليماني
-يماني اليمن
-يمـاني الإمـام المهدي ع
-اليماني أول المهديين
-مطابقة الاسم
-حجة الله ورسول الله ص يأمر ببيعته ع
-الإمام لا يلي أمره إلا إمام
-عصمته
-الترتيب في القرب من الإمام ع
-وكلٌ له يماني
-أصحاب اليماني في القرآن
-الركن الشديد
-الركن اليماني
-نهر أصحاب طالوت
-حديث الكساء اليماني
-دعاء النور:
-دابة الأرض
-إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ
-أركان الإمام المهدي ع الأربعة
-وفي رؤيا يوحنا اللاهوتي الموجودة في الإنجيل هذا النص:
-إضاءة حول المهدي الأول وشبيه عيسى ع المصلوب
-إضاءة حول المهدي الأول في كتب السنة
-حركة اليماني من العراق إلى بيت المقدس
-الإرسال وبداية القيام
-ملخص البحث
-استعراض النسبة التي تنطبق عليهم مواصفات الممهد الرئيسي
-ملحقان
-مهدي آخر الزمان هو اليماني
-اليماني في التوراة والإنجيل:
Text
إصدارات أنصار الإمام المهـدي ع / العدد (42) اليماني الموعود حجة الله الشيعة في زمن الظهور بين اليماني والوصي تأليف الشيخ حيــدر الزيــادي مزيدة ومنقحة الطبعة الثالثة 1432هـ - 2011 م لمعرفة المزيد حول موضوع اليماني يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي: www.almahdyoon.org عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ص يكون فترة لا يعرف المسلمون فيها إمامهم … قال ع: (إذا كان ذلك فتمسكوا بالأمر الأول حتى يبين لكم الآخر) غيبة النعماني: ص161 قَالَ الإمام الصادق ع: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْإِيمَانَ كُلَّهُ فَلْيَقُلِ الْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَ مَا أَعْلَنُوا وَفِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وَفِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي) الكافي: ج1 ص391 -الإهـــداء إلى أمير المؤمنين ويعسوب الدين إلى المظلوم من شيعته قبل المنكرين إلى يماني الرسول الأمين إلى مكلم موسى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ إلى الأول … إلى الآخر … إلى الظاهر … إلى الباطن إلى والد الأبرار … إلى والد الأطهار …إلى والد خلفاء الجبار إلى نفس المصطفى المختار … إلى قسيم الجنة والنار إلى سيدي ومولاي علي بن أبي طالب ع في الأولين والآخرين. -تقديم الحمد لله رب العالمين والصلاة على أشرف الخلق محمد وآله الطيبين الطاهرين. أما بعد … تعتبر قضية الإمام المهدي ع المخاض الذي ينتهي إليه الخلق، ومن أجله بعث الله تعالى الأنبياء والرسل وأنزل الكتب وشرع الأحكام. قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾([1]). وقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾([2])، ولا يتحقق ذلك إلا في دولة العدل الإلهي بقيادة صاحب الزمان روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء. وكل من يؤمن بذلك يتمنى أن يكون من المساهمين في ذلك اليوم الموعود لكي يفوز بعاجل الدنيا وآجل الآخرة، ولكن أبى الله تعالى للدنيا إلا أن تكون دار بلاء وامتحان. قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾([3])، فلا بد من الغربلة والتمحيص قبل قيام القائم حتى لا يبقى من الذين يؤمنون بقيام القائم ع إلا كالكحل في العين أو الملح في الطعام كما أشارت إلى هذا المعنى مئات الروايات عن الرسول ص والعترة الطاهرة. ومن أهم المسائل التي تسبق قيام القائم ع هي مسألة الممهد الرئيسي اليماني الموعود الذي أخبر عنه الأئمة ص بأن المتخلف عنه من أهل النار، إذن فهو الحد الفاصل بين أهل الجنة وأهل النار، ويصدق عليه قسيم الجنة والنار في عصر الظهور، كما أن علي بن أبي طالب ع كذلك في كل العصور. وقد خاض الكثير من العلماء في هذا الموضوع، ولكن أكثر الأبحاث أما أن تكون مختصرة أو مبهمة لم يتمكن باحثوها من الجمع بين الروايات وحل الرموز بصورة صحيحة، لا لتقصير منهم ولكن حكمة الله اقتضت أن تكون مسألة اليماني مبهمة لحين مجيء أهلها لكي لا يدَّعيها كل أحد من الذين يدَّعون ما ليس لهم. وقد تعمَّد الأئمة ص طرح قضية اليماني بشكل رمزي ومبعثر في عشرات الروايات لإخفائها عن الأعداء أولاً، ولكي لا تدعى كذباً ثانياً، ولكي لا يعرفها إلا صاحبها ثالثاً، وغيرها من الأسباب التي غابت عنا الآن. وبعبارة أخرى تعتبر قضية اليماني عبارة عن صورة مقسمة إلى مئة جزء مثلاً، وكل جزء في كتاب، فيحتاج الباحث إلى جمع كل هذه الأجزاء من بطون الكتب لتكتمل عنده الصورة، وهذا أمر صعب وشاق يحتاج إلى تأييد وتسديد إلهي. وهذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ هو للشيخ حيدر الزيادي وقد خاض في هذا البحر العباب، وقد تمكن من حل الكثير من الرموز في مسألة اليماني الموعود، واستطاع أيضاً من الجمع بين كثير من الروايات التي ظلت مبهمة طوال مئات السنين. ولا ندعي انه حل كل الرموز وحل كل التعارضات بصورة لا يشوبها غموض، ولكنه برأيي القاصر انه أفضل وأدق وأوسع بحث كُتب في قضية اليماني الموعود. وقد اعتمد الكاتب الكريم الجرأة العلمية والدقة والموضوعية، فلذلك خرج بحثه هذا مكللاً بالنجاح، بادياً عليه لمسات التوفيق الإلهي، ولا أُبالغ عندما أقول من درس هذا الكتاب بموضوعية وحيادية يصل إلى 90% من حل قضية اليماني الموعود وتتضح عنده أكثر معالم الصورة اليمانية. ولكن من لم يجعل الله له نوراً فماله من نور. والحمد لله وحده وحده وحده. -المقدمة ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ( وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾([4]). مما لا خلاف فيه إلا من معاند مكابر مشمول بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً﴾ أخلده هواه إلى الجحيم، إننا وفي هذه الأيام العصيبة نعيش فترة الظهور المقدس لدولة العدل الإلهي، وذلك قرة عين كل الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين من أهل الدنيا والآخرة، ففي دولة العدل الإلهي تطبق شرائع الأنبياء التي جاءوا بها، وتتحقق الأهداف السامية التي كلفهم الله بتطبيقها على هذه الأرض. وشردوا وقتلوا ولاقوا ما لاقوا من أجل إقامتها وإقامة العدل، ووضع الشيء في موضعه وإقرار حاكمية الله في أرضه، ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾([5]). وقال (: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾([6]). وقال (: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾([7]). وكون ظهور خليفة الله في أرضه ليقيم مثل هذه الدولة (دولة العدل الإلهي) مرتقباً من قبل جميع الديانات الإلهية، والكل يُقر انه أمر لابد منه، فكل أهل ديانة يعتقدون إن حاكم الله وخليفته في الأرض هو منهم بناءاً على ما ذُكر في كتبهم التاريخية والسماوية. وكما هو معروف أن الكتب السماوية الموجودة الآن لا تخلوا من تحريف، ولكن لا يمكن تهميش ادعاء أهل كل ديانة، بل يمكن توجيه ادعاء الجميع إلى طرح يشمل الكل إجمالاً ويختلف تفصيلاً، كون العبارات الموجودة في هذه الكتب معظمها من الله فلا يكون الاختلاف في نصها ولكن في مصداقها. فإن اليهود ينتظرون نبي الله إيليا ع، ويعتقدون بظهوره في آخر الزمان ولهم قبله علامات. وأصحاب الديانة المسيحية ينتظرون عيسىع ، ويعتقدون بظهوره ولهم قبله علامات. والمسلمين ورغم اختلاف مذاهبهم فهم يعتقدون بظهور الإمام المهدي ع، ولهم قبله علامات. وتنقسم هذه العلامات إلى علامات غير حتمية أي يمكن أن يحصل بها البداء فتتغير أو لا تكون إطلاقاً، فلا يشترط تحققها قبل الإمام ع، بل هي علامات إذا تحققت دلت على قرب الفرج، وإن لم تتحقق لم تدل على بُعده. وعلامات حتمية أي هي ركيزة أساسية لقيام دولة العدل الإلهي كما ورد عن الأئمة ص، فعن الصادق ع: (قبل قيام القائم ع خمس علامات محتومات: اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء)([8]). وموضوع البحث هو الركن الرئيسي من بين هذه العلامات الخمسة، وهو اليماني الذي دلت الروايات على أنه هو خليفة المهدي، وفي رواية خليفة الله المهدي، والملتوي عليه من أهل النار، وما إلى ذلك من الروايات التي تؤكد على إتباعه. وهذا التأكيد على الإتّباع لم يرد على أي شخصية قبل الإمام إطلاقاً، فمن عرف شخص اليماني واستدل عليه واتّبعه فقد اتّبع إمام زمانه ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ( إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾([9]). وقد ورد من الروايات عن أهل بيت العصمة ص ما يكفي لمعرفة هذه الشخصية للباحث المنصف في حالة الادعاء، فلو ادعاها كاذب لما لبث إلا يسيراً حتى ينكشف أمره. وذلك لحكمة آل محمد اليمانية والربانية في كل أقوالهم، فلو تأملنا في كلامهم نرى أنهم يريدون أن يبينوا كل شيء لأوليائهم، وفي نفس الوقت لا يريدون أن يقولوا كل شيء خشية من أعداءهم. فلو نظر طالب الحق الباحث عن إمام زمانه في الروايات، لوجد تعارضاً في الظاهر، وليس بتعارض في حقيقة الأمر، ونحيل القارئ في هذا الخصوص إلى كتاب أيقاظ النائم لاستقبال القائم، وكتاب الرد الحاسم على منكري ذرية القائم، وكتاب المهدي والمهديين في القرآن والسنة. وعلى القارئ التركيز على كلام آل محمد ص كونهم القرآن الناطق وسبل النجاة من الحيرة، وباب الخروج من الفتن، لذلك قال رسول الله ص: (أيها الناس، إني قد خلّفت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، كتاب الله وأهل بيتي ألا وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)([10]). ومن هذا الكلام نفهم إن كل طريق غير طريق آل محمد تشوبه الظلمة، وكل ما خالف كلامهم ص فهو الضلال بعينه. فهم نواة القرآن وهم والقرآن طريق واحد، فمن خالفهم ورد كلامهم خالف الله، ومن أطاعهم وقبل كلامهم فقد أطاع الله. وقد صرح رسول الله ص بأنهم خلفاؤه وأوصياؤه، وفي لحظات وداعه ص عندما طلب ما يكتب به لأمته الأمان من الضلال، والمعروف أن المرء إذا حضرته الوفاة يوصي بأهم متعلقاته، وكان همه ص نجاة أمته من الضلال، ولكن اعترض عمر بن الخطاب وقال: إن الرجل يهجر. والحادثة معروفة للجميع، ثم بعدها انفرد المصطفى بأخيه ووزيره ويمينه وابن عمه وهارونه ووصيه علي بن أبي طالب ع وأوصاه بأهم ما تحتاج إليه الأمة من بعده، وهو تحديد خلفاء الله في الأرض وحجج الله على أهل كل زمان بزمانهم، لئلا تتبع الأمة من يسير بها إلى هاوية الجحيم، وكي تتبع الأمة من حاج الله به ملائكته، ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾([11]). فبعث الله تعالى الأنبياء خلفاءً له في أرضه ونصبهم بوحيه، ويوصي كل خليفة بالذي يليه، فكانت سيرة الأمم الفشل في انتظار خلفاء الله إلا القلة القليلة من الأولياء والصالحين ([12])، ولما ختم الله تعالى النبوة بمحمد ص كان خليفة الله من بعده الأئمة المعصومين الاثنا عشر ص، ومن بعدهم المهديين الاثنا عشر ص، وهم الذين تقام على أيديهم دولة العدل الإلهي من بعد أبيهم ع. وقد أوصى بهم رسول الله ص فذكر الأئمة في وصيته بأسمائهم وذكر أول المهديين من بعدهم باسمه بلفظ صريح، أما ذكره بالإشارة إليه فقد مُلئ الكتب دون أن يلتفت إليه أحد. ومنها شخصية اليماني ع وهو أحد العلامات الحتمية التي لابد من تحققها قبل ظهور الإمام ع، وكون شخصية اليماني أهم شخصية قبل ظهور الإمام، وكون التمسك بها هو التمسك بالإمام ع لأنه الممهد الرئيسي قبله ع. وأصحاب القائم ع وغيرهم يبتلون به كما ابتلى الله أصحاب طالوت بالنهر. عن أبي عبد الله ع، قال: (إن أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الذي قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾، وإن أصحاب القائم ع يبتلون بمثل ذلك)([13]). وهذا النهر من الجنة في باب آل محمد ص الذي كما ورد عنهم ص: (الركن اليماني بابنا الذي يدخل منه الجنة، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد) ([14]). لذلك قمت بكتابة وجمع ما مكنني ربي في هذا الموضوع، مستعيناً بالله وتسديده سبحانه ومستفيداً من توضيح بعض الأمور من السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي ع، وأسال الله تعالى التوفيق لبيان ما فيه من ملابسات لخدمة اخواني من المؤمنين لإظهار الحق لأهل الحق ولو كره الحاقدون الغاصبون الحاسدون لآل محمد. وأسال الله أن يلعن أعداء آل محمد وغاصبي حقوقهم من الأولين والآخرين، والحمد لله رب العالمين. -علامات زمن الظهور من ثوابت مذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية انتظار الفرج صباحاً ومساءاً، حيث إن أمر الظهور بغتة (فجأة)، لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فمن قال إن الإمام المهدي ع لا يظهر حتى تتم العلامات كلها وحتى وحتى، فقد شارك الله في قضائه ولم يؤمن بعقيدة أهل البيت ص الحقيقية وهذا واضح من قولهم ص: عن أبي عبد الله ع أنه قال: (أقرب ما يكون العباد من الله ( وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله (، فلم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجج الله (عنهم وبيناته) فعندها فتوقعوا الفرج صباحاً ومساء، وإن أشد ما يكون غضب الله تعالى على أعدائه إذا افتقدوا حجة الله فلم يظهر لهم، وقد علم أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون لما غيَّب عنهم حجته طرفة عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس) ([15]). قال المفضل بن عمر: سمعت الصادق جعفر بن محمد ع يقول: (من مات منتظراً لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان كالضارب بين يدي رسول الله ص بالسيف) ([16]). قال أبو عبد الله ع: (إذا أصبحت وأمسيت يوماً لا ترى فيه إماماً من آل محمد فأحبب من كنت تحب، وأبغض من كنت تبغض، ووال من كنت توالى وانتظر الفرج صباحاً ومساء) ([17]). وعلامات الظهور ما هي إلا دلالة على القرب أكثر فأكثر للفرج الموعود من الله سبحانه وتعالى. ونبدأ بحديثن طويلين فيهما ذكر مجمل لأغلب علامات آخر الزمان: عن رسول الله ص: (... إي والذي نفسي بيده يا سلمان إن عندها يليهم أمراء جورة ووزراء فسقة وعرفاء ظلمة وأمناء خونة. وسارع سلمان قائلاً: إن هذا لكائن يا رسول الله ؟ فقال ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان إن عندها يكون المنكر معروفاً والمعروف منكراً، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ويُصدق الكاذب ويُكذب الصادق. قال سلمان: إن هذا لكائن يا رسول الله ؟ فأجابه ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها إمارة النساء، ومشاورة الإماء، وقعود الصبيان على المنابر، ويكون الكذب ظرفاً، والزكاة مغرماً، والفيء مغنماً، ويجفو الرجل والديه، ويبر صديقه، ويطلع الكوكب المذنب. وانبرى سلمان قائلاً: إن هذا لكائن يا رسول الله ؟ فقال ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قيظاً ويغيظ الكرام غيظاً، ويحتقر الرجل المعسر، فعندها تقارب الأسواق، إذ قال هذا لم أبع شيئاً، وقال هذا لم أربح شيئاً، فلا ترى إلا ذاماً لله. وسارع سلمان قائلاً: إن هذا لكائن يا رسول الله ؟ قال النبي ص: إن هذا لكائن والذي نفسي بيده، يا سلمان فعندها يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوهم ليستأثروا بفيئهم، وليطؤون حرمتهم، وليسفكن دماءهم، وليملؤن قلوبهم رعباً فلا تراهم إلا وجلين، خائفين مرعوبين، مرهوبين. فقال سلمان: إن هذا لكائن ؟ فقال النبي ص: أي والذي نفسي بيده، يا سلمان إن عندها يؤتى شيء من المشرق، وشيء من المغرب يلون أمتي، فالويل لضعفاء أمتي منهم، والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيراً، ولا يوقرون كبيراً، ولا يتجاوزون عن مسيء، أخبارهم خفاء، جثثهم جثث الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين. فقال سلمان: إن هذا لكائن يا رسول الله ؟ فقال النبي ص: أي والذي نفسي بيده، يا سلمان، وعندها يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، ويركبن ذوات الفروج السروج فعليهن من أمتي لعنة الله. فقال سلمان: إن هذا لكائن يا رسول الله ؟ فقال النبي ص: إي والذي نفسي بيده، يا سلمان إن عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس، وتحلى المصاحف وتطول المنارات، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة، وألسن مختلفة. فقال سلمان: إن هذا لكائن ؟ فقال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها تحلى ذكور أمتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج ويتخذون جلود النمور صفاقاً. فقال سلمان: إن هذا لكائن؟ قال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها يظهر الربا ويتعاملون بالغيبة والرشا، ويوضع الدين وترفع الدنيا. فقال سلمان: هذا لكائن ؟ فقال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يكثر الطلاق فلا يقام لله حد ولن يضر الله شيئاً. فقال سلمان: إن هذا لكائن ؟ قال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها تظهر القينات والمعازف، ويليهم أشرار أمتي. فقال سلمان: إن هذا لكائن ؟ فقال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان، وعندها يحج أغنياء أمتي للنـزهة ويحج أوسطها للتجارة، ويحج فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله ويتخذونه مزامير، ويكون أقوام يتفقهون لغير الله، ويكثر أولاد الزنا، ويتغنون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا. قال سلمان: إن هذا لكائن ؟ فقال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان ذاك إذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، وسلط الأشرار على الأخيار، ويفشوا الكذب، وتظهر اللجاجة، وتفشوا الفاقة، ويتناهون في اللباس، ويمطرون في غير أوان المطر، ويستحسنون الكوبه والمعازف وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من الامَة ويظهر قراؤهم وعبادهم فيم بينهم التلاوم، فأولئك يدعون في ملك السماوات: الأرجاس والأنجاس! قال سلمان: إن هذا لكائن ؟ فقال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان فعندها لا يخشى الغنى إلا الفقر حتى أن السائل ليسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحداً يضع في يده شيئاً. فقال سلمان: إن هذا لكائن ؟ فقال النبي ص: إي والذي نفسي بيده يا سلمان عندها يتكلم الروبيضة، فقال سلمان: ما الروبيضة يا رسول الله فداك أبي وأمي، قال ص: يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى تخور الأرض خورة فلا يظن كل قوم إلا أنها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء الله، ثم ينكثون في مكثهم فتلقى لهم الأرض أفلاذ كبدها. قال: ذهباً وفضة، ثم أومأ بيده إلى الأساطين، فقال: مثل هذا فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة، فهذا معنى قوله: فقد جاء أشراطها) ([18]). وهذا الحديث قد كشف عما يحدث في آخر الزمان من ابتعاد المسلمين عن دينهم، وإصابتهم بكثير من التحلل والانحراف وفساد الأخلاق، وعندها تتحقق أشراط الساعة، وفي الميزان في تفسير القرآن ص394 - 396. أنها كناية عن خروج الإمام المنتظر ع. عن المفضل بن عمر، قال: سألت سيدي الصادق ع هل للمأمول المنتظر المهدي ع من وقت مؤقت يعلمه الناس ؟ فقال: (حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا، قلت: يا سيدي ولم ذاك ؟ قال: لأنه هو الساعة التي قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾…) ([19]). وعن الصادق ع قال: (… فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله، ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق، وأحدث ما ليس فيه ووجه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الإناء، ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحق، ورأيت الشر ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ورأيت الفسق قد ظهر، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ورأيت المؤمن صامتا لا يقبل قوله، ورأيت الفاسق لا يكَذب، ولا يرد عليه كذبه وفريته، ورأيت الصغير يستحقر الكبير، ورأيت الأرحام قد تقطعت، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه، ولا يرد عليه قوله، ورأيت الغلام يعطى ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوجن بالنساء، ورأيت الثناء قد كثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه، ورأيت الناظر يتعوذ بالله مما يرى فيه المؤمن من الاجتهاد، ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع، ورأيت الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن، مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد، ورأيت الخمور تشرب علانية، ويجتمع عليها من لا يخاف الله (، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا، ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا، ورأيت أصحاب الكيان يحقرون ويحتقر من يحبهم، ورأيت سبيل الخير منقطعا، وسبيل الشر مسلوكا، ورأيت بيت الله قد عطل، ويؤمر بتركه، ورأيت الرجل يقول: ما لا يفعله، ورأيت الرجال يتمنون للرجال والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره، ومعيشة المرأة من فرجها، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم، وتنوفس في الرجل، وتغاير عليه الرجال وكان صاحب المال أعز من المؤمن، وكان الربا ظاهرا لا يغير، وكان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس، وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن، ورأيت المؤمن محزونا محتقرا ذليلا، ورأيت البدع والزنا قد ظهر، ورأيت الناس يعتدون بشاهد الزور، ورأيت الحرام يحلل، والحلال يحرم، ورأيت الناس بالرأي، وعطل الكتاب وأحكامه، ورأيت الليل لا يستحى به من الجرأة على الله، ورأيت المؤمن لا يستطيع أن ينكر إلا بقلبه، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله (، ورأيت الولاة يقربون أهل الكفر، ويباعدون أهل الخير، ورأيت الولاة يرتشون في الحكم، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد، ورأيت ذوات الأرحام ينكحن، ويكتفى بهن، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنة، ويغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي، وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته، ويرضى بالدنئ من الطعام والشراب، ورأيت الأيمان بالله (كثيرة على الزور، ورأيت القمار قد ظهر، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له مانع، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمر بها لا يمنعها أحد أحداً، ولا يجترئ أحد على منعها، ورأيت الشريف يستذله الذي يخاف سلطانه، ورأيت أقرب الناس من الولاة يمتدح بشتمنا أهل البيت، ورأيت من يحبنا يزور، ولا تقبل شهادته، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه، ورأيت القرآن قد ثقل على النـاس استماعه، وخف على الناس استماع الباطل، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من لسانه، ورأيت الحدود قد عطلت، وعمل فيها بالأهواء، ورأيت المساجد قد زخرفت، ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب، ورأيت الشر قد ظهر والسعي بالنميمة، ورأيت البغي قد فشا، ورأيت الغيبة تستملح، ويبشر بها الناس بعضهم بعضا، ورأيت طلب الحج والجهاد لغير الله، ورأيت السلطان يذل للكافر المؤمنُ، ورأيت الخراب قد أديل من العمران، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان، ورأيت سفك الدماء يستخف بها ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لغرض الدنيا، ويشهر نفسه بخبث اللسان ليتقى، وتستند إليه الأمور، ورأيت الصلاة قد استخف بها، ورأيت الرجل عنده المال الكثير لم يزكه منذ ملكه، ورأيت الميت ينشر من قبره ويؤذى وتباع أكفانه، ورأيت الهرج قد كثر، ورأيت الرجل يمسي نشوان، ويصبح سكران، لا يهتم بما الناس فيه ورأيت البهائم تنكح، ورأيت البهائم تفرس بعضها بعضا، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلاه ويرجع وليس عليه شيء من ثيابه ورأيت قلوب الناس قد قست، وجمدت أعينهم، وثقل الذكر عليهم، ورأيت السحت قد ظهر، يتنافس فيه، ورأيت المصلي إنما يصلي ليراه الناس، ورأيت الفقيه يتفقه لغير الدين يطلب الدنيا والرئاسة، ورأيت الناس مع من غلب، ورأيت طالب الحلال يذم ويعير، وطالب الحرام يمدح ويعظم، ورأيت الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين عمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين، ورأيت الرجل يتكلم بشيء من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، ويقتدون بأهل الشر، ورأيت مسلك الخير وطريقه خالياً لا يسلكه أحد، ورأيت الميت يهزأ به فلا يفزع له أحد، ورأيت كل عام يحدث فيه من البدعة والشر أكثر مما كان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الأغنياء ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء ولا يفزع إليها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم لا ينكر أحد منكراً تخوفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله، ورأيت العقوق قد ظهر واستخف بالوالدين وكانا من أسوأ الناس حالا عند الولد ويفرح بأن يفترى عليهما، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على كل أمر لا يؤتى إلا ما لهم فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على والديه ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب الذنب العظيم من فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيباً حزيناً يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره، ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ويتقامر بها وتشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها ويوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك التدين به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ورياح أهل الحق لا تحرك، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر ورأيت المساجد محتشدة ممن لا يخاف الله مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق ويتواصفون فيها شراب المسكر، ورأيت السكران يصلي بالناس وهو لا يعقل ولا يشان بالسكر وإذا سكر أُكرم وأُتقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذر بسكره، ورأيت من أكل أموال اليتامى يحمد بصلاحه ورأيت القضاة يقضون بغير ما أمر الله، ورأيت الولاة يأتمنون الخونة للطمع، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة على الله يأخذون منهم ويخلونهم وما يشتهون، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى ولا يعمل القائل بما يأمر، ورأيت الصلاة قد استخف بأوقاتها، ورأيت الصدقة بالشفاعة لا يراد بها وجه الله ويعطى لطلب الناس، ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم، ورأيت أعلام الحق قد درست، فكن على حذر واطلب إلى الله ( النجاة وإنما يمهلهم لأمر يراد بهم، فكن مترقبا واجتهد ليراك الله ( في خلاف ما هم عليه فإن نزل بهم العذاب عجلت إلى رحمة الله وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت مما هم فيه من الجرأة على الله ( واعلم أن الله لا يضيع أجر المحسنين وأن رحمه الله قريب من المحسنين) ([20]). إلى هنا ينتهي بنا الحديثان عن بعض الأخبار التي ذكرت انهيار أخلاق الناس وتحللهم من جميع المبادئ والقيم التي يسمو بها الإنسان، وعودتهم إلى مآثم الحياة الجاهلية وشرورها، وهي من أمارات وعلائم ظهور الإمام المنتظر ع. لذا فلا بد للقارئ أن يسأل نفسه هل بقي غير العلامات الحتمية الخمسة التي تكون أغلبها متأخرة عن الظهور وملازمة للقيام ؟ بل إن بعضها بعده. وإذا تابعنا علامات الظهور نجد بعض ما تحقق منها يدل على ظهور أمر الإمام. قال رسول الله ص: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الآكلة على قصعتها، قال: قلنا: يا رسول الله، أمن قلة بنا يومئذ ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن ؟ قال: حب الحياة وكراهية الموت) ([21]). عن المفضل بن عمر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، قال المفضل: يا سيدي فالزوراء التي تكون في بغداد ما يكون حالها في ذلك الزمان، فقال: (تكون محل عذاب الله وغضبه والويل لها من الرايات الصفر ومن الرايات التي تسير إليها في قريب وبعيد والله لينزلن من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم … فالويل لمن اتخذ بها مسكناً…) ([22]). وها قد تداعت وتكالبت الأمم على العراق، ولم يسبق قبل هذا أن تقوم عشرات الدول باحتلال دولة واحدة. وقد جاءت الرايات إلى الزوراء من كل مكان، فالمحتل من جهة والناصبي من جهة. وللمتأمل اللبيب في هذه الرواية وما سبقها أعلاه، ما يكفي لمعرفة هل نحن في زمن الظهور المقدس أم لا. عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (… ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب فويل لمصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل لواسط كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر بخبر وعند ذلك خروج السفياني ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنزل، ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم…) ([23]). واليوم دار الملك بغداد وصارت الأمور شورى (الانتخابات) وما بقي إلا انتظار خروج السفياني للقتال … وهنا سؤال سيتضح جوابه فيما بعد … وهو إذا علمنا أن عيسى ع يخرج بعد المهدي بل يصلي خلفه في بيت المقدس، فمن عيسى الذي يسلم الراية للمهدي الهادي المهتدي ؟ ومن خطبة لأمير المؤمنين ع، قال: (… فكيف إذا رأيتم صاحب الشام ينشر بالمناشير، ويقطع بالمساطير، ثم لأذيقنه أليم العقاب، ألا فابشروا، فإلي يُرَدُّ أمر الخلق غداً بأمر ربي، فلا يستعظم ما قلت…) ([24]). إن ما يفعله النواصب هذه الأيام يوضح ما قاله أمير المؤمنين ع، فهم يقتلون الناس بالسيف رغم توفر أحدث الأسلحة، وهم أحد مصاديق السفياني، وأما قوله لأذيقنه…الخ، أي انه يفعل ذلك رجل من صلبه ع وهذا واضح. (بأبي من لا يأخذه في الله لومة لائم، مصباح الدجى، بأبي القائم بأمر الله، قلت: ومتى خروجه ؟ قال: إذا رأيت العساكر بالأنبار على شاطئ الفرات والضراة، ودجلة وهدم قنطرة الكوفة، وإحراق بعض بيوتات الكوفة فإذا رأيت ذلك فان الله يفعل ما يشاء، لا غالب لأمر الله ولا معقب لحكمه) ([25]). وعنه ص: (تكون في أمتي أربع فتن، يصيب أمتي في آخرها فتن مترادفة، فالأولى تصيبهم فيها بلاء حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف. والثانية حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف. والثالثة كلما قيل انقضت تمادت. والفتنة الرابعة تصيرون فيها إلى الكفر. إذا كانت الأمعة ([26]) مع هذا مرة ومع هذا مرة بلا إمام ولا جماعة، ثم المسيح، ثم طلوع الشمس من مغربها، ودون الساعة اثنان وسبعون دجالاً، منهم من لا يتبعه إلا رجل واحد) ([27]). (ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلا جاش منها جانب، حتى ينادي مناد من السماء أميركم فلان) ([28]). (ستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، إلا من أحياه الله بالعلم) ([29]). ومن المعلوم إن العلم المطلوب هنا هو علم آل محمد أي كلامهم الذي هو عدل القرآن، فقوله إلا من أحياه الله بالعلم أي أحيا قلبه وبصيرته واتبع سيرة أهل البيت ومنهجهم وميز قولهم من قول غيرهم (أي آراء الرجال) كما هو حال علماء أبناء العامة وأكثر علماء الشيعة اليوم (فهم يفتون بالرأي، وأضافوا العقل القاصر مصدراً للتشريع ومكملاً للثقلين، القرآن والسنة) ونسوا قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾([30]). أقول: الله سبحانه وتعالى أكمل دينه على يد رسوله ص وحدد الرسول ص الثقلين، القرآن والسنة فقط هما مصدرا التشريع، وتواترت الروايات على أن التشريع بالدليل العقلي مخالف لما جاء به محمد ص وأهل بيته ص، فكيف يعتبره علماء آخر الزمان مصدراً للتشريع؟!!… إنا لله وإنا إليه راجعون. (من أشراط الساعة سوء الجوار، وقطيعة الأرحام، وتعطيل السيف من الجهاد وأن تختل الدنيا بالدين) ([31]). المفردات: تختل الدنيا: أي تطلب بالحيلة والتظاهر بالدين. وعلق الشيخ الكوراني في معجم أحاديث الإمام المهدي ع: (وردت أحاديث في أبواب الجهاد، وفي تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ تدل على أن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، أو إلى نزول عيسى ع، وقد تقدمت أحاديث مواصلة فئة من أمة النبي ص الجهاد حتى يظهر المهدي ع وينزل عيسى ع. فيكون المراد من تعطيل الجهاد في الحديث الشريف تعطيله من قبل الحكام وأكثر الأمة إلا من عصم الله تعالى) ([32]). أقول: أما سوء الجوار وقطيعة الأرحام فهي متفشية في المجتمع وصارت أشهر من نار على علم، ولا تحتاج إلى تعليق، أما تعطيل الجهاد فهذا أحد الأمور التي تبناها علماء السوء فبدلاً من أن يوجِّهوا الناس إلى الآخرة وجهوهم إلى الدنيا، وأما ختل الدنيا بالدين فهذا ديدن العلماء غير العاملين (وهنا تسكب العبرات)، ومنهم تبدأ الحرب ضد الإمام المهدي ع. أسألكم بالله هل تعتقدون أن أمير المؤمنين ع إذا كان بيننا اليوم سيهادن الأمريكان أو يقبل بتنصيب اليزيدية والعلمانية والكفار من أجل إرضاء الكفار أو يقبل بتعطيل الجهاد، قطعاً لا: إذن أين انتم وهؤلاء العلماء من سيرة الأئمة، أم هل تعتقدون أن أمير المؤمنين ع قد مات فلا بد أن يموت منهاجه، ألا تؤمنون أن الإمام المهدي بين أظهركم، هل تعتقدون انه مات أم ماذا ؟! هل تعتقدون أن الله يخلي الأرض من حجة ؟ اسألوا أنفسكم ما هو اعتقادكم كلٌ فليسأل نفسه … ﴿أَلا لَعْنةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾. عن أبي عبد الله ع: (… إذا هدم حائط مسجد الكوفة مؤخره مما يلي دار عبد الله بن مسعود فعند ذلك زوال ملك بني فلان أما إن هادمه لا يبنيه) ([33]). عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر ع: (… متى يكون هذا الأمر ؟ فقال ع: أنى يكون ذلك يا جابر ولم تكثر القتلى بين الحيرة والكوفة …) ([34]). ومن أراد أن ينكر أو يتساءل هل هذا الأمر حصل أم لا فأقول له تذكر يوم عودة السيد السيستاني من لندن ماذا حصل ؟ وكما يقول المثل (الحبل على الجرار). أعتقد لم يحصل أي شيء ، فقط قامت الشرطة العراقية والحرس الوطني وقوات الاحتلال في مدينة النجف باستقبال سماحة السيد السيستاني فأطلقت النار على السيارات التي تلي سيارته مباشرة، ثم استمرت بقتل المواطنين من الظهر حتى المساء واستمر إطلاق النار على الناس العزل الذين وردوا من محافظات مختلفة حتى المساء وعلى جميع منافذ مدينة النجف، ولم يحرك سماحة السيد السيستاني أي ساكن بل على العكس، بعد أيام علقت لافتات من كلام سماحة السيد السيستاني في مداخل المدينة مضمونها انه يبارك عملهم ويدعو لهم في كل صلاة. وعن جعفر بن محمد ع: (… وأهل مدينة تدعى سجستان - أي سيستان - هم لنا أهل عداوة ونصب وهم شر الخلق والخليقة، عليهم من العذاب ما على فرعون وهامان وقارون. وأهل مدينة تدعى الري، هم أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أهل بيته، يرون حرب أهل بيت رسول الله ص جهاداً ومالهم مغنماً، لهم عذاب الخزي في الحيوة الدنيا والآخرة ولهم عذاب مقيم. وأهل مدينة تدعى الموصل، هم شر من على وجه الأرض وأهل مدينة تسمى الزوراء تبنى في آخر الزمان، يستشفون بدمائنا ويتقربون ببغضنا ويوالون في عداوتنا ويرون حربنا فرضاً وقتالنا حتماً، يا بني فاحذر هؤلاء ثم احذرهم فإنه لا يخلوا اثنان منهم بأحد من أهلك إلا هموا بقتله) ([35]). عن مسند أحمد، عن النبي ص: (يحكم الحجاز رجل اسمه على اسم حيوان إذا رأيته حسبت في عينه الحَول من البعيد وإذا اقتربت منه لا ترى في عينه شيء يخلفه له أخ اسمه عبد الله ويل لشيعتنا منه - أعادها ثلاثاً- بشروني بموته أبشركم بظهور الحجة) ([36]). وهذا هو فهد ملك السعودية على اسم حيوان وفي عينه الحول من بعيد وليس فيه شيء من القريب، وليس من السهل أن تجتمع هذه الصفات في شخص، وقد حكم بعده عبد الله فلم يبقَ من الرواية شيء سوى خبر موت عبد الله. فأين الممهد الذي يخرج قبل الإمام الحجة ع ؟ وقد ذكرت الروايات انه يخرج قبله بست سنوات تقريباً - هل سأل أحدكم نفسه عن ذلك ؟ – كلا؛ لأنكم مستغنون عن الإمام ع بزيد وعمر و… و…، ولن تستعدوا لاستقباله، كما انكم لم تستعدوا للقاء الله، فعمرتم دنياكم وخربتم أخراكم، وسودت وجوهكم الذنوب وحب الذات والأنا والمناصب الدنيوية الرذيلة و… فلم يسعكم الوقت أن تنتظروا الإمام ع بشكل جدي خالٍ من التعصب والميل العاطفي المنحرف. عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (من يضمن لي موت عبد الله، أضمن له القائم، ثم قال: إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله، ويذهب ملك السنين، ويصير ملك الشهور والأيام. فقلت: يطول ذلك ؟ قال: كلا) ([37]). ونرى أن حكم السنين قد ذهب بفضل الله وحكم الشهور والأيام عشناه وكل عراقي يشهد بذلك رغم انفه فكان مجلس الحكم في بداية استلامه الأمور يغير رئيس له كل ثلاثين يوماً، ثم بعد ذلك اتفقوا على شخص لمدة ثمانية أشهر !!! و… و… . وفي هذه الرواية أيضاً دلالة واضحة على إننا في زمن الممهد الرئيسي للإمام المهدي ع والذي يسبق الإمام ع بفترة قليلة، لأن عبد الله يحكم الحجاز حالياً وهو كبير السن وبعده لا يتبنى هذا الأمر دون القائم، ثم إن الإمام الصادق ع أكد على أن هذا الأمر لا يطول ... ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾([38]). والله لولا تعلقكم الشديد بالدنيا ونبذكم وعدم ثقتكم بأهل البيت ص، لكان في الحديثين السابقين ما يكفيكم لأن تبحثوا عن إمامكم بشكل جدي كما تبحثون عن لقمة العيش، ولكنكم أموات الأحياء. ولو قال لكم بوش الفاجر إن كنـزاً دفن في مدينة ما فمن وجده فهو له، لنبشتم تلك المدينة كلها وصدقتم الفاسق حباً بالمال، فمن أحب شيئاً أعشى بصره، وها أنتم تُكذبون آل محمد ص، حباً بالدنيا وتمنون أنفسكم بطول بقائكم بها ولكن هيهات هيهات. وعن أمير المؤمنين ع من خطبة له طويلة قال: (… وعقدت الراية لعماليق كردان، وتغلبت العرب على بلاد الأرمن والسقلاب، وأذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان، فتوقعوا ظهور مكلم موسى من الشجرة على الطور، فيظهر هذا ظاهر مكشوف، ومعاين موصوف…) ([39]). وتسليم الحكم لعماليق كردان أي إلى الأكراد من العلامات المتأخرة حيث بينها وبين الظهور المكشوف أي قيام الإمام ع بالسيف فترة قليلة، وارجوا أن لا تمر عبارة فتوقعوا ظهور مكلم موسى من الشجرة على الطور مرور الكرام على القارئ ولابد من تسائل من هو مكلم موسى ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً﴾([40]). وربما في ذلك إشارة ليماني الإمام ع. عن جابر بن عبد الله، فقال: (يوشك أهل العراق ألاّ يجئ إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذاك ؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذلك، ثم قال: يوشك أهل الشام ألا يجئ إليهم دينار ولا مدى. قلنا: من أين ذاك ؟ قال: من قبل الروم) ([41]). ومن خطبة طويلة لأمير المؤمنين ع يذكر علامات الظهور المقدس: (… الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها، وخسف يهلك فيه كثير من الأنام) ([42]). وعن كتاب عبد الله بن بشار (رضيع الحسين ع): (إذا أراد الله أن يظهر قائم آل محمد بدأ الحرب من صفر إلى صفر وذلك أوان خروج المهدي) ([43]). وعن رسول الله ص: (ظهور البواسير وموت الفجأة والجذام من اقتراب الساعة)([44]). وعن أمير المؤمنين ع في خطبة له قال: (… ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرقة على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون أثر نبي ولا يعتقدون بعمل وصي ولا يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب) ([45]). وعن أبي عبد الله ع أنه قال: (قدام القائم موتان: موت أحمر وموت أبيض حتى يذهب من كل سبعة خمسة، الموت الأحمر: السيف، والموت الأبيض: الطاعون) ([46]). وعن علي بن أبي طالب ع أنه قام إليه رجل حين تحدث بحديث طويل في آخر الزمان … فقال له: يا أمير المؤمنين، وكيف نصنع في ذلك الزمان ؟ فقال: (الهرب الهرب فإنه لا يزال عدل الله مبسوطاً على هذه الأمة ما لم يمل قراؤهم إلى أمرائهم، وما لم يزل أبرارهم ينهى فجارهم، فإن لم يفعلوا ثم استنفروا فقالوا لا إله إلا الله قال الله في عرشه كذبتم لستم بها صادقين) ([47]). لقد مال القراء إلى الأمراء وكادت تنحني ظهورهم من شدة الميل، وأفتوا بوجوب المشاركة في الانتخابات ونقضوا حاكمية الله وهي من ضروريات المذهب، والانتخابات هي بمثابة بيعة - ومن المعلوم البيعة لا تكون إلا للمعصوم - ولا يبالون إلى من تكون، المهم أن تكون السلطات راضية عنهم، بل قالوا إن الانتخابات أوجب من الصوم والصلاة !! والطامة الكبرى أنهم وجهوا الناس إلى اختيار قائمة تحتوى على نواصب ويزيدية وغيرهم من العلمانيين وأعداء الدين فاتبعتهم الهمج الرعاع وأوصلوا اليزيدية وغيرهم إلى كراسي الحكم وكان لرجال الدين الدور الأكبر في مثل هذه الأمور. عن أمير المؤمنين ع، قال: (… حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته اطلعت الفتنة ونزلت البلية والتحمت العصبية وغلا الناس في دينهم وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة والإمامة باطلة …) ([48]). إن مسألة إجماع العلماء على خلاف أمر الله (التنصيب الإلهي) بتأييدهم جميعاً لحاكمية الناس (الانتخابات) هو بمثابة بيعة لغير المعصوم، وهذا هو القول ببطلان تنصيب الله (الإمامة)، وذلك لترجيحهم الانتخابات على انتظار الحجة ع ويأسهم منه، بل ربما لا يعتقدون بوجوده إلا حبراً على ورق. إذن فهم أجمعوا على أن الإمامة باطلة بفعلهم وقولهم. (أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) ([49]). ومنها عن أمير المؤمنين ع: (ألا وإن لخروجه علامات عشر أولها تخريق الرايات في أزقة الكوفة، وتعطيل المساجد، وانقطاع الحاج، وخسف وقذف بخراسان، وطلوع الكوكب المذنب، واقتران النجوم، وهرج ومرج وقتل ونهب، فتلك علامات عشرة ومن العلامة إلى العلامة عجب فإذا تمت العلامات قام قائمنا) ([50]). عن أمير المؤمنين ع في حديث طويل وفيه: (ولذلك آيات وعلامات: أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق، وتخريق الروايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد أربعين ليلة، وكشف الهيكل، وخفق الرايات حول المسجد الأكبر تهتز، القاتل والمقتول في النار، وقتل سريع، وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين – الخبر) ([51]). وقد خرقت الرايات في سكك الكوفة وأزقتها من جهات مختلفة وحوصرت الكوفة في المعارك التي بدأت في 18 صفر 1425 هـ . ق، ثم بعد معارك جمادي ورجب والتي كان منها ما كان من علامات في مقبرة النجف الأشرف وتحقق قول أمير المؤمنين. أمير المؤمنين ع: (العجب كل العجب بين جمادى ورجب، فقام رجل وقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا العجب الذي لا تزال تتعجب منه ؟ فقال ع: ثكلتك أمك، وأي العجب أعجب من أموات يضربون كل عدو لله ولرسوله ولأهل بيته وذلك تأويل هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾) ([52]). والكل يعلم إن الكثير من المقاتلين من أتباع السيد مقتدى الصدر الموجدين آنذاك في مقبرة النجف الأشرف نقلوا حوادثاً كثيرة لأموات خرجوا من قبورهم وقاتلوا معهم ضد أعداء الله ورسوله وأهل بيته ص، وقد جحد وكذب بهذه الحوادث الكثير ممن كان لا يحبذ قتال المحتلين، كأن يكون متضرراً من أتباع السيد مقتدى أو مستفيداً من وجود المحتلين مادياً أو معنوياً، وهم حثالة المجتمع وخونة الأمة، ولم ينساهم أمير المؤمنين في الرواية أعلاه وهو يعلم بتكذيبهم فنهى ع تولي أعداء الله ومن اليأس من أصحاب القبور مستشهداً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾([53]). إن القادر على أن يبعثك يوم القيامة قادر على أن يحيي أمواتاً في الدنيا، خاصة وأن أمير المؤمنين أخبر بذلك مسبقاً … ولكن إذا كان القارئ ممن لا يؤمنون بيوم القيامة وبقدرة الله على ذلك، فأقول له ارمِ الكتاب من يدك فإني لم أكتبه لتقرأه القردة والخنازير. وتعطيل المساجد أربعين ليلة، أمر قد حصل وأُغلقت أبواب المساجد وخاصة مسجدي الكوفة والسهلة وعطلت الصلاة في الكوفة أكثر من أربعين يوم، وكنت في 13 شعبان 1426 هـ .ق، قد شاهدت باب مسجد الكوفة الكبير قد أغلق بناءاً بالطابوق وعندما سألت عن السبب قالوا هذا بأمر المرجعية !! علماً أن هذا الموقف لم يفعله صدام (لعنه الله)، ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾([54]). وأما الاختلاف بين الشيعة وعلماء الدين خاصة فهو من أهم علامات وأسباب الظهور المقدس ومن أوضح العلامات. * * * -من أهم أسباب الظهور اختلاف الشيعة: عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين ع لشيعته: (… أما إنكم لن تروا ما تحبون وما تأملون يا معشر الشيعة حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين وحتى لا يبقى منكم على هذا الأمر إلا كالكحل في العين والملح في الطعام، وهو أقل الزاد، وسأضرب لكم في ذلك مثلا وهو كمثل رجل كان له طعام قد ذرأه وغربله ونقاه وجعله في بيت وأغلق عليه الباب ما شاء الله ثم فتح الباب عنه فإذا السوس قد وقع فيه، ثم أخرجه ونقاه وذرأه ثم جعله في البيت وأغلق عليه الباب ما شاء الله، ثم فتح الباب عنه فإذا السوس قد وقع فيه وأخرجه ونقاه وذرأه ثم جعله في البيت وأغلق عليه الباب، ثم أخرجه بعد حين فوجده قد وقع فيه السوس ففعل به كما فعل مرارا حتى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر الذي لا يضره السوس شيئا، وكذلك أنتم تمحصكم الفتن حتى لا يبقى منكم إلا عصابة لا تضرها الفتن شيئاً) ([55]). عن الحسن بن علي ع: (لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتى يبرأ بعضكم من بعض ويلعن بعضكم بعضاً ويتفل بعضكم في وجه بعض، وحتى يشهد بعضكم بالكفر على بعض، قلت: ما في ذلك خير، قال: الخير كله في ذلك يقوم قائمنا فيرفع ذلك كله) ([56]). وهنا نرى إن مسألة خروج الإمام المهدي ع مرتهنة بمسالة اختلاف الشيعة؛ لأن أهل البيت ص هم الحق المطلق، فإذا اختلف من يمثل آل محمد بينهم فأين تجد الحق، ومن يركز في كلام أهل البيت ص، يجد منهم إشارة واضحة وتأكيد على أن اختلاف علماء آخر الزمان فيما بينهم هو فرج الشيعة واليك بعض الروايات عن عدد من الأئمة ص: عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جبلة، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله ع أنه قال: (لا يكون ذلك الأمر حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض وحتى يلعن بعضكم بعضاً وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين) ([57]). عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله ع أنه قال: (كيف أنتم إذا وقعت السبطة بين المسجدين فيأزر العلم فيها كما تأزر الحية في جحرها، واختلفت الشيعة بينهم وسمى بعضهم بعضاً كذابين ويتفل بعضهم في وجوه بعض، فقلت: ما عند ذلك من خير، قال: الخير كله عند ذلك، يقوله ثلاثاً يريد قرب الفرج) ([58]). عن أبي عبد الله الصادق ع: (… لا يقوم القائم ع إلا على خوف شديد، وزلازل، وفتنة، وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد بين الناس، وتشتت في دينهم وتغير من حالهم حتى يتمنى المتمني الموت صباحاً ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضاً وخروجه إذا خرج عند الإياس والقنوط، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره، والويل كل الويل لمن خالفه وخالف أمره وكان من أعدائه، ثم قال: يقوم بأمر جديد وسنة جديدة وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه إلا القتل ولا يستتيب أحداً ولا تأخذه في الله لومة لائم) ([59]). وعن الصادق ع: (أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال مات أو هلك في أي واد سلك، فقلت: وما استدارة الفلك ؟ فقال: اختلاف الشيعة بينهم) ([60]). عن عميرة بنت نفيل، عن الحسين بن علي ع يقول: (لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً، فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير ؟ فقال الحسين ع: الخير كله في ذلك الزمان يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله) ([61]). عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين ع: (يا مالك بن ضمرة، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا - وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض – فقلت: يا أمير المؤمنين، ما عند ذلك من خير، قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله ص فيقتلهم ثم يجمعهم الله على أمر واحد) ([62]). ومن كلام أهل البيت ص الذي سبق، نرى أن أهل البيت ص، قد أكدوا تأكيداً شديداً على أن خروج القائم من آل محمد ص، مقرون بمسالة اختلاف الشيعة بينهم، واختلافهم يبدأ من المراجع كون عبارة تشتت في دينهم، وقوله ع: (ويشهد بعضكم على بعض بالكفر)، هذا لا يكون إلا بأمر من مراجع التقليد، فهم أصحاب الفتوى بالتكفير والتفسيق وما إلى ذلك من أمور. أما سائر الناس فمن الذي يُعير لهم أهمية سواء أفتوا على غيرهم بالكفر أم لا، فهم غير متبوعين، فالمتبع هنا هو رجل الدين. وقوله بعد أن ذكر الاختلاف: الخير كله عند ذلك يا مالك، والسبب: عند ذلك يقوم قائمنا، فيستأصل رأس الفتنة وسبب الاختلاف فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله ص، وهم كبار رجال الدين الذين جعلوا الأمة طرائق قدداً، فلا تفترق الناس إذا كذب على الله ورسوله صاحب دكان خضار أو طبيب أو قمّاش أو… أو…، وذلك لأنهم غير متبوعين من قبل الناس، لذا قال: فيقتلهم، وبعد استئصال الداء المسبب في اختلاف الشيعة قال :ع يجمعهم الله على أمر واحد، وهو أمر الإمام وإتباع راية الهدى الوحيدة بلا تعددية ولا تفرقة قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([63]). حتى يخضع لهذه الراية الواحدة الموحدة الحقة العالم بأجمعه. -إن الدين عند الله الإسلام: من المعلوم أن الدين الإسلامي هو الدين الناسخ لكل الديانات وهو أصل كل الديانات فيما سبق حسب ما ورد عنهم ص ففي حديث طويل للمفضل بن عمر يسأل فيه الإمام الصادق ع: مسائل حول القائم ع في آخر الزمان، فقال ع: (فوالله يا مفضل، ليرفع الله عن الملل والأديان الاختلاف حتى يكون الدين كله واحد كما قال جل ذكره: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾([64])، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾([65]). قال المفضل: قلت يا سيدي ومولاي، والدين الذي في آبائه إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ومحمد ص هو الإسلام ؟ قال: نعم، يا مفضل هو الإسلام لا غير. قلت: يا مولاي أتجده في كتاب الله تعالى ؟ قال: نعم من أوله إلى آخره، ومنه هذه الآية: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾. وقوله تعالى: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾([66])، ومنه قوله تعالى في قصة ابراهيم وإسماعيل ص: ﴿وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَك﴾([67]). وقوله تعالى في قصة فرعون: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾([68]). وفي قصة سليمان وبلقيس حيث يقول: ﴿قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾([69])، وقولها: ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾([70]). وقول عيسى ع: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾([71]). وقوله (: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾([72]). وقوله تعالى في قص لوط: ﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾([73])، ولوط ع قبل إبراهيم ع،وقوله: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾([74])… الخ الحديث) ([75]). ولما تبين أن الدين الأوحد عند الله هو الإسلام فإننا نرى اليوم أن المسلمين متفرقون، فهل كلهم على حق ؟ كلا بلا نقاش … فقد أكدت الروايات على افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعون فرقة، ستون منها في النار بلا نقاش، وهم منكرو ولاية أمير المؤمنين ع، وثلاث عشر راية تنتحل مودة أمير المؤمنين ع - أي من الشيعة – اثنا عشر منها في النار وواحدة فقط هي التي في الجنة. وهذا بلاء ليس كمثله بلاء، فالذين نجوا من بلاء عدائهم لأمير المؤمنين ع فهم ممتحنون بالأئمة ص وبالمهديين ص من بعد، أي بالأوصياء المنصوص عليهم من قبل الله تعالى. عن أمير المؤمنين ع يقول لرأس اليهود: (على كم افترقتم ؟ فقال: على كذا وكذا فرقة. فقال علي ع: كذبت يا أخا اليهود، ثم أقبل على الناس فقال: والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل القرآن بقرآنهم. أيها الناس، افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار وواحدة ناجية في الجنة، وهي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى ع، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعين في النار، وواحدة في الجنة، وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى ع، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار، وفرقة في الجنة، وهي التي اتبعت وصي محمد ص، وضرب بيده على صدره، ثم قال: ثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين كلها تنتحل مودتي وحبي، واحدة منها في الجنة وهم النمط الأوسط، واثنتا عشرة في النار) ([76]). ومن خلال هذه الرواية نرى أن الفرقة الناجية هي التي تتبع الوصي فحسب. فأما أمة محمد ص فتكون ثلاثة عشر راية تتبع الأوصياء من بعد رسول الله ص ويكون هذا الانقسام بشكل تدريجي، فكلما جاء وصي ترسبت فرقة من هذه الأمة مدعين أنهم على منهاج الوصي الذي قبله، إلى أن يصل الأمر إلى الوصي الثاني عشر من الأوصياء فعنده يكون قد اتُـَُّبع من فرقة وترسبت على مسيرة الأوصياء أحد عشر فرقة كلها في النار، وعند مجيء الوصي الثالث عشر - وهو اليماني والمهدي الأول - تترسب عنه فرقة لا يؤمنون به، فيصبح عدد فرق النار اثنا عشر من منتحلين مودة أمير المؤمنين كلها في النار، وتبقى الفرقة الناجية التي اتبعت الوصي الثالث عشر. وهذه الفرق التي تنتحل مودة أمير المؤمنين لابد أنها تأتي بعد أمير المؤمنين ع، وبعد أمير المؤمنين ع أحد عشر إماماً، فإذا ترسبت عن كل واحد منهم فرقة يصبح عدد فرق النار إحدى عشر، بينما فرق النار التي تنتحل مودة أمير المؤمنين كما في الحديث اثنتي عشرة، فلا بد من وجود الوصي الثالث عشر (اليماني، المهدي الأول) لتترسب عنه الفرقة الثانية عشر من فرق النار التي تنتحل مودة أمير المؤمنين، فيمسي عدد فرق النار من أمة محمد ص اثنان وسبعون فرقة، وفرقة الجنة واحدة، على مدى مسيرة الأمة أي إن فرقة الجنة مواكبة لمسيرة الأمة، وعن كل وصي تترسب فرقة أو فرق من أهل النار، فعن علي ع ترسبت ستون فرقة ثم عن الحسن فرقة ثم عن الحسين فرقة وهكذا بقية الأئمة ص، فيكون عدد فرق النار المترسبة عنهم ص، إحدى وسبعون، فتبقى فرقة من فرق النار وهي التي تترسب عن وصي الإمام المهدي ع، إذاً فحديث الفرق يثبت وصي الإمام المهدي بل ويثبت ظهوره قبل قيام الإمام المهدي ع، فيثبت أن بعد رسول الله ص لابد من ظهور (12) وصياً هم الأئمة ص، ثم وصي الإمام المهدي فيكون عدد الأوصياء الذين تُمتحن بهم هذه الأمة (13) وصياً، وهذا المعنى دلت عليه روايات كثيرة، تنص على أن الأئمة اثنى عشر من ولد علي وفاطمة ص، أي إذا جمعنا معهم الإمام علي ع يصبحون ثلاثة عشر. قال رسول الله ص: (... وأن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختار منها رجلين أحدهما أنا فبعثني رسولاً، والآخر علي بن أبي طالب وأوحى أليً أن أتخذه أخاً وخليلاً ووزيراً ووصياً وخليفة... ألا وأن الله نظر نظرة ثانية فاختار بعدنا أثني عشر وصياً من أهل بيتي فجعلهم خيار أمتي واحد بعد واحد مثل النجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم...) ([77]). أما موسى ع فأوصياءه اثنا عشر، هارون وولده ص، ولكن أحد هؤلاء الأوصياء وهو هارون ع مات قبل موسى ع فيبقى بعد موسى ع في أمته أحد عشر وصي، ولذلك افترقت أمة موسى إلى إحدى وسبعون فرقة. أما أمة عيسى ع فأوصياء عيسى ع هم اثنا عشر، شمعون الصفا (سمعان بطرس) وأولاده ص وكلهم بعد رفع عيسى ع ولذا افترقت أمة عيسى ع اثنان وسبعون فرقة. ورد عن النبيص أنه قال: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا واحدة وتفترق الواحدة إلى اثنتي عشرة فرقة كلها هالكة إلا واحدة) ([78]). ومنها ما ورد عن عَلِيٍّ ع أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: (سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فِرْقَةٌ مِنْهَا نَاجِيَةٌ وَالْبَاقُونَ هَالِكُونَ، وَالنَّاجُونَ الَّذِينَ يَتَمَسَّكُونَ بِوَلَايَتِكُمْ وَيَقْتَبِسُونَ مِنْ عِلْمِكُمْ وَلَا يَعْمَلُونَ بِرَأْيِهِمْ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) ([79]). والواضح من رواية الفرقة الناجية أنه لا ينجو من هذه الفرق إلا من اتبع الوصي، ومن المعلوم أنه لكل حجة لله على الأرض لابد من وصي، ووصي الإمام المهدي ع هو أول المهديين؛ لأن الإمام المهدي ع آخر الأئمة الاثنا عشر وأبو المهديين الاثنا عشر. ومن الواضح لدى الجميع أن الفرق الثلاث والسبعون تكون قبل دولة العدل الإلهي، ولا ديانات أو فرق فيما بعد، كما في الرواية التي مرت علينا عن الإمام الصادق ع، فو الله يا مفضل، ليرفع الله عن الملل والأديان الاختلاف حتى يكون الدين كله واحد، وهو جامع الكلمة على التقوى كما ورد في دعاء الندبة، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾([80]). وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾([81]). وهو الذي يُقدم سبعين رجلاً ممن يكذبون على الله ورسوله فيقتلهم ويجمع الناس على أمر واحد كما هو في الروايات السابقة الذكر، علماً أن هؤلاء السبعين المعاصرين لزمن الظهور المقدس هم سبب تفرقة الأمة إلى اثنا عشر فرقة، فالفرقة الناجية هم الذين يتبعون وصي الإمام المهدي ع والذي هو أول المؤمنين به قبل ظهوره المقدس، كما كان وصي رسول الله ص أول من آمن به. ولرب قائل يقول: أليس وصيه بعده، وبعده لا تكون هناك فرق بل كلها فرقة واحدة. أقول: نعم لا فرق بعده، ولكن وصيه قبله كما في وصية رسول الله ص والتي أكد فيها ان أول المؤمنين بالإمام المهدي ع هو من ذريته ووصيه وهو أول المهديين الاثنا عشر. وأسماءه: المهدي كونه أول المهديين، وعبد الله، وأحمد، وهناك روايات عديدة تذكر مسكنه وصفاته، والله أرحم من أن يخفي كل صفاته؛ لأن الأمة ممتحنة به فقد بيَّن منها ما تحتاجه الأمة عن طريق الأئمة ص، لمن اتبعهم ولمن انتحل حبهم ص، علماً إن الأمة مهددة بالتفرقة إلى اثني عشر فرقة لا تستفيد من كلام أهل البيت ولا تتبع الوصي إلا واحدة هي الناجية من الضلالة والتابعة طريق الهدى الذي بيَّنه رسول الله ص في قوله خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، أي إن غير هذه الفرقة غير متمسكين بالكتاب والعترة أي لا يأخذون بكلام أهل البيت ص، وهذا ما موجود حالياً، فكثير من رجال الدين يرفضون ما لا يلائم أهوائهم من كلام أهل البيت ص، بحجة أنها ضعيفة السند أو رفضها علماؤنا السابقون أو اللاحقون أو كونها لا تلائم العقل كما يقولون أو …أو …، ولا أعلم كيف يقبل الوصي من لا يُسلِّم بكلام الموصي، أما مخالفو أهل البيت ص، فقد ضلوا الطريق من أوله، فكذلك فعلها الثاني ولم يسلم لكلام الموصي ص، ورغم ذلك اتُبع الثاني من قبل أكثر الأمة واتبع الوصي ع من قبل أربعة هم سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار وآخرون دونهم ( فخسر الانتخابات التي ابتدعوها. وكون المنصوص عليهم من قبل النبي ص أي بأمر الله اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً. عن الصادق ع أنه قال: (إن منا بعد القائم اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين ع)([82]). أما غيرهم نصبه الناس واختاروه بالانتخابات كما هو معروف لدى الجميع في سقيفة بني ساعدة ... ولسنا بهذا الصدد الآن. وإنما نريد أن نرى ماذا جرى لهذه الفرقة الناجية من بين الثلاث والسبعون فرقة وهل هي لازالت على مذهب أهل البيت لتبقى ناجية أم تفرقت إلى فرق متعددة حتى يكتملوا اثنا عشر فرقة كما ورد عنهم ص. ويبقى من هذه الفرقة الأندر الأندر.. وروي عن أبي عبد الله ع أنه قال: (والله لتمحصن والله لتطيرن يميناً وشمالاً حتى لا يبقى منكم إلا كل امرئ أخذ الله ميثاقه وكتب الإيمان في قلبه وأيده بروح منه وفي رواية أخرى عنهم ص حتى لا يبقى منكم على هذا الأمر إلا الأندر فالأندر) ([83]). عن عبد العزيز، كنا مع مولانا الرضا ع بمرو فاجتمعنا وأصحابنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة الاختلاف فيها، فدخلت على سيدي الرضا ع فأعلمته خوض الناس في ذلك، فتبسم ع ثم قال: (يا عبد العزيز، جهل القوم وخدعوا عن آرائهم إن الله تبارك اسمه لم يقبض رسوله ص حتى أكمل له الدين فأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شيء بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كاملاً فقال (: ﴿ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ﴾([84])، وأنزل عليه في حجة الوداع وهي آخر عمره ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً﴾([85]). وأمر الإمامة من تمام الدين لم يمض ص حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قول الحق، وأقام لهم علياً ع علماً وإماماً، وما ترك شيئاً يحتاج إليه الأمة إلا بينه، فمن زعم أن الله لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله وهو كافر، به هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم)([86]). ورغم ذلك كله لم يتحرج أصحاب المناصب الدينية اليوم من أن ينتحلوا مقامات لم ينصبهم بها الله تعالى ولا رسوله ص ولا والأئمة ص، أي من المعصومين ص، بل اعتمدوا على نزواتهم المتدفقة نحو الأنا وحب الدنيا بحجة (نحن نرى المصلحة في ذلك) حيث مزقوا مذهب أهل البيت ص، مزقه بعض أصحاب القيادات الدينية وفرَّقوه إلى فرق متعددة. وهذا هو الواقع الحالي الذي نعيشه اليوم. علماً إن هؤلاء المختلفين، اختلافهم دنيوي بحت؛ لأن ربهم واحد ونبيهم واحد وإمامهم واحد وصومهم وصلاتهم واحدة، لكنهم اختلفوا على الدنيا والقيادة الدينية طمعاً في المال والمنصب والإتباع. ونسوا وصايا الأئمة ص في النهي عن طلب الرئاسة الدنيوية والدعوة إلى الأنا، فكلهم يقول أنا أنوب عن الإمام الحجة ع، وعليه يجب اتباعي، وبدون أي تخويل أو إشارة من الإمام المهدي ع. ولكن هذا ما أخبره به شيطانه فنصب نفسه بديلاً عن الغائب حتى يعود؛ لأنه يظن أنه الأصلح لهذه الأمة، يظن فقط وليس لديه أي دليل. غير مبالين لنهي الله تعالى عن الظن وذمه، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾([87]). وقال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾([88]). وقال تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾([89]). وقال تعالى: ﴿أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾([90]). وقال تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾([91]). ولم يدخلوا أنفسهم في هذا المنعطف الضيق والعمل بالمذموم من الله تعالى ومن أهل البيت ص، وإجهاد أنفسهم في إيجاد تبريرات عقلية غير منصوص عليها في القرآن والسنة المطهرة بل وخاصة مسألة تنصيب أنفسهم نواب له ع حسب الظن المذموم، ما كان ذلك إلا طلباً للرئاسة المذمومة كما ورد عنهم ص، وإذا بهم يخرجون من حفرة فيقعون في أخرى. قال أبو عبد الله ع: (إياك والرياسة فما طلبها أحد إلا هلك، فقلت: قد هلكنا إذا ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما ذلك أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال وتدعو الناس إلى قوله) ([92]). وبعد، فإن اختلاف الشيعة الذي هو أحد أهم العلامات الرئيسية للظهور المقدس قد أصبح أشهر من نار على علم، وكون مذهب أهل البيت، الحق الوحيد على هذه الأرض، فإذا تسلل الباطل إلى ما تبقى من الحق فلا يبقى إلا الباطل، هذا على مستوى القيادات الدينية، أما على مستوى الأفراد فلا يخلو المجتمع من أفراد مخلصين غرباء في مجتمعهم، ولكنهم قلة محاربون محتقرون عند الناس، لخروج الكثير عن مذهب أهل البيت ص، ولا يكون ذلك إلا برفضهم لحجة الله دون أن يشعروا كما ورد عنهم. عن أبي جعفر ع أنه قال: (لتمحصن يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا ويصبح وقد خرج منها) ([93]). عن أبي عبد الله ع أنه قال: (والله لتكسرن تكسر الزجاج، وإن الزجاج ليعاد فيعود كما كان، والله لتكسرن تكسر الفخار، فإن الفخار ليتكسر فلا يعود كما كان، ووالله لتغربلن ووالله لتميزن ووالله لتمحصن حتى لا يبقى منكم إلا الأقل وصعر كفه) ([94]). عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع أنه قال: (مع القائم ع من العرب شيء يسير، فقيل له: إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير، قال: لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا وسيخرج من الغربال خلق كثير) ([95]). ونحن في زمن الظهور فهلا راجع كل منا نفسه، وعرف ما هو موقفه من هذا الغربال والتمحيص، فقد أخبرنا أئمتنا الصادقون ص أنه سيخرج من هذا الغربال الكثير لا القليل ودون أن يشعر فتدبر ذلك. وبما إن الدين عند الله الإسلام وما سواه ضلال، وحكمهم مخالف لحكم الله لعدم تنصيبهم من الله مالك الملك فهو حكم الطاغوت، وفي الإسلام الحق فقط في المذهب الذي يتبع المنصب من الله، وهو مذهب الإمامية الاثنا عشرية، فما سواه ينظم إلى ما سبق من ديانات، وحكمهم الطاغوت لعدم تنصيبهم من الله مالك الملك، وعدم عمل وفرض أصحاب القيادات الدينية وفقهاء مذهب الإمامية الاثني عشرية بحكم الله، يلحقهم بما سبق من ديانات ومذاهب من الظلم والجور والانحراف. ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. وكون المجتمع خالٍ من القيادة الدينية الصحيحة المخلصة لله والتي يجب أن توصل هذا المجتمع إلى الله. بسبب اختلافهم وتكالبهم على الدنيا، ولم يبق إلا أفراد متفرقين، أي إنهم غير قادرين على إصلاح هذا المجتمع بدون قيادة، هنا قد تحقق مصداق كلامهم ص (إذا ملئت الأرض...) فلا تصلح حتى يبعث الله القيادة التي تقود هذا المجتمع نحو الخلاص من الرذيلة التي يعيشون فيها، ولا تكون إلا باستئصال مواضع المرض الذي أردى هذا الدين الحق وأوصله إلى ما وصل إليه كما ورد عنهم ص. عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين ع: (يا مالك بن ضمرة، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا ؟ وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما عند ذلك من خير، قال: الخير كله عند ذلك، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله وعلى رسوله ص فيقتلهم ثم يجمعهم الله على أمر واحد) ([96]). أي إنه يبدأ من نقطة الحق الأخيرة، فيجمع الناس بعد استئصاله للداء المسبب في تفرقة أتباع الدين الحق إلى فرق متعددة، واستئصال الداء بقتل السبعين رجلاً، الذين يكذبون على الله ورسوله، ويؤثر هذا الكذب في المجتمع فيفرقه فرق متعددة (أي هم أصحاب مناصب دينية – مراجع -)، ثم بعد أن يقتل القائم ع هؤلاء السبعين الكذابين، أي يزيل داعي التفرقة بين الناس المتفقين عقائدياً أصلاً وأقصد مذهب أهل البيت ص، عندها يجمعهم الله على أمر واحد كما في الحديث. وبما أن الفرقة الناجية على الأرض هم من أتباع مذهب أهل البيت ص، (الشيعة) وقد وصل الفساد إلى علمائهم وهم في الظاهر النواة لهذا الدين الحق، فعندها لم يبق صالح، وقد ملئت الأرض بالفساد، فمثلهم كالملح، وكل شيء يفسد يصلحه الملح، ولكن إذا فسد الملح ما الذي يصلحه. ومادام التمحيص والبلاء في هذه الأمة كما في الأمم السابقة، والفرقة الناجية دائماً الفرقة التي تتبع الحجة أو الوصي، وكوننا منتظرين للإمام المهدي ع وسيكون بلاؤنا وامتحاننا بالوصي حالنا حال سائر الأمم، فلا سبيل لنا من النجاة إلا بمعرفة الوصي، وهو صاحب راية الحق الوحيدة من بين الرايات، وما بعد الحق إلا الضلال، وهو صاحب الفرقة الناجية فقط كما نصت روايات أهل البيت ص، علماً أن الوصي منصب من الله، أي منصوص على بيعته من قبل المعصومين ص. وهذا المقام لو ادعاه غير صاحبه لما لبث إلا قليلاً حتى يتبين زيفه، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾([97]). وقال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ( لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ( ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾([98]). ولابد لنا عند البحث عن هذا الوصي أن نعرف إن الفرقة الناجية التي كانت متبعة للوصي الذي قبله تفترق إلى اثنتي عشرة راية، وللنجاة من النار وغضب الجبار فلابد أن نميز راية الحق الوحيدة لأن ما سواها إلى النار، فالتمسك بالثقلين واتخاذهما السبيل إلى الهداية هو الطريق الوحيد الذي يربط بيننا وبين راية الحق. عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله ع: (… فقال لي: يا أبا عبد الله، إياكم والتنويه والله ليغيبن سبتا من الدهر... لترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي. قال المفضل: فبكيت، فقال لي: ما يبكيك ؟ قلت: جعلت فداك، كيف لا أبكي وأنت تقول ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي، قال: فنظر إلى كوة في البيت التي تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال: أهذه الشمس مضيئة ؟ قلت: نعم، فقال: والله لأمرنا أضوأ منها)([99]). وهنا قوله ع اثنتا عشرة راية مشتبهة دالة على أنهم شيعة اثني عشرية، فإنهم لو كانوا غير اثني عشرية لما كان في أمرهم أي اشتباه، أي يمكن الحكم ببطلانهم بسهولة للشيعي الاثني عشري، وإنما وقع الاشتباه لتشابه العقيدة، فالأمر الذي يتحدث عنه ع أمر عقائدي. ومن هذه النقطة لابد أن نعرف أن الحق واحد ما بين عدة رايات مشتبهة كلها تدعوا إلى النار، وتثنية الحق وتعدده أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة، وان الحق واحد فحسب وهو في راية آل محمد ص، فلابد أن نبحث عن حامل لواء آل محمد في زمن الظهور من خلال كلامهم ص. وكما لا يخفى على طالب الحق ان أهل البيت كما وصفوا الحق الوحيد بأنه موجود بين رايات متعددة، وصفوا أيضاً أن أهدى هذه الرايات هي راية اليماني. فعن الإمام الباقرع: (… وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) ([100]). ولكن من هو اليماني من بين اثنتي عشرة راية، هذا الأمر يحتاج إلى تحري عن هذه الشخصية من خلال الروايات، ثم بعد جمع الصفات والمعلومات الكاملة، وبعد أن يتضح الأمر من خلال الروايات، يمكننا أن نعرض أصحاب الرايات الموجودة في الساحة حسب كلام أهل البيت ص الذي أشاروا به إلى حامل لوائهم فمن اتصف بهذه الصفات كان صاحب راية الحق وإلا فلا، ولابد أن يكون مطابقاً تماماً، كون الحق واحد فقط وباقي الفرق إلى النار. * * * -موقف العلماء في زمن الظهور المقدس بما أن العلماء مصدر الرايات المشتبهة، وجهة من أهم الجهات التي تلعب دوراً كبيراً في حركة الظهور المقدس، ولكي نميز هذا الدور سلبياً أو إيجابياً، فلابد من التعرض للروايات التي تذكر موقف علماء آخر الزمان من حركة الظهور، ومن خلال الروايات يمكن تمييز هذا الموقف ليتبين للمكلف الباحث، هذا من باب ومن باب آخر بحثاً عن راية الحق - راية اليماني - لكي لا نبخس حق كل ذي حق، على الرغم من أن رواية الفرقة الناجية نستشعر منها تفشي الباطل بين العلماء، والسبب الرئيسي هو نبذ الكتاب وأحاديث أهل البيت ص، والعمل بالأهواء والآراء الشخصية. وكون القرآن حي إلى يوم القيامة، فقد وصف الله تعالى العلماء غير العاملين كما وصف أهل الكتاب من قبل، حين لم يعملوا بما بين أيديهم من كلام الله تعالى، قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً...﴾([101])، أي يحملون كلام الله ولم ينتفعوا به، فهم كالحمار الذي يحمل أثقالاً لا ينتفع بها، يحملها فقط، فلا بد أن تمر بنا سنة أهل الكتاب الذين حملوا التوراة ولكنهم لم يعملوا به. عن أمير المؤمنين ع في محاججته عمر وأبي بكر، قال عن رسول الله ص: قال سمعته يقول: (لتركبن أمتي سُنَّة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة، شبراً بشبر باعاً بباع وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحرا لدخلوا فيه معهم، وإنه كتب التوراة والقرآن ملك واحد في رق واحد وجرت الأمثال والسنن) ([102]). فالعلماء غير العاملين الذين عندهم القرآن ولا يعملون بما فيه هم مصداق لهذه الآية، أي ﴿مثلهم كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾. فالقرآن حي لا يموت إلى يوم القيامة، ولم ينـزل لأمة دون غيرها. وأرجو أن لا يعتقد عبدة الأوثان البشرية أني متحامل على العلماء، لا ولكني سأنقل كلام رسول الله وأهل بيته وكلامهم واضح بين يديك فأرجو أن لا تغمض عينيك، فقط اقرأ وإن شئت أن لا تصدق فالكلام لأهل البيت ص، ولا يضرهم كفر من كفر بهم، وأما أنا فقط واسطة أحاول سكب الماء على المتناوم، وأما غير المتناوم فلا يحتاج إلى سكب الماء، فهو يقظ أصلاً. والكلام على الراد لكلامهم ص فحسب. عن الصادق ع قال: (إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف ما يأخذ منها السيف وما يستعجلون بخروج القائم ؟ والله ما لباسه إلا الغليظ وما طعامه إلا الشعير الجشب وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف) ([103]). عن سدير الصيرفي... عن أبي جعفر ع في حديث يشير إلى السدنة في الكعبة: (...كيف بكم لو قد قطعت أيديكم وأرجلكم وعلقت في الكعبة ثم يقال لكم نادوا نحن سراق الكعبة …) ([104]). قال أمير المؤمنين ع: (بأبي ابن خيرة الإماء - يعني القائم من ولده ع- يسومهم خسفاً ويسقيهم بكأس مصبرة، ولا يعطيهم إلا السيف هرجاً، فعند ذلك تتمنى فجرة قريش لو أن لها مفاداة من الدنيا وما فيها ليغفر لها، لا نكف عنهم حتى يرضى الله)([105]). وفي هذا إشارة إلى المرجعية الدينية لقريش في زمن رسول الله ص، ومرجعية الأحناف اليوم، هم علماء النجف، وإشارة إلى قريش كونهم أصحاب القيادة. أما سراق الكعبة فهم سراق العتبات المقدسة في هذه الأيام. عن بشر بن غالب الأسدي، قال: قال لي الحسين بن علي ع: (يا بشر، ما بقاء قريش إذا قدم القائم المهدي منهم خمسمائة رجل فضرب أعناقهم صبراً، ثم قدم خمسمائة فضرب أعناقهم صبراً، ثم خمسمائة فضرب أعناقهم صبراً، قال: فقلت له: أصلحك الله، أيبلغون ذلك ؟ فقال الحسين بن علي ع: إن مولى القوم منهم. قال: فقال لي بشير بن غالب أخو بشر بن غالب: أشهد أن الحسين بن علي ع عد على أخي ست عدات أو قال ست عددات على اختلاف الرواية) ([106]). وعن رسول الله ص: من وصيته لابن مسعود: (… يا ابن مسعود، يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه مثل القابض على الجمر بكفه، فإن كان في ذلك الزمان ذئبا، وإلا أكلته الذئاب. يا ابن مسعود، علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة، ألا إنهم أشرار خلق الله، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾([107]). ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً﴾([108]). ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾([109]). ﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ ( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظ﴾([110]). ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ﴾([111]). ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾([112]). يا ابن مسعود، يدعون أنهم على ديني وسنتي ومنهاجي وشرائعي إنهم مني برآء وأنا منهم بريء. يا ابن مسعود، لا تجالسوهم في الملا ولا تبايعوهم في الأسواق، ولا تهدوهم إلى الطريق، ولا تسقوهم الماء. قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ﴾([113]). يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾([114]). يا ابن مسعود، ما بلوى أمتي منهم العداوة والبغضاء والجدال أولئك أذلاء هذه الأمة في دنياهم. والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير. قال: فبكى رسول الله ص وبكينا لبكائه وقلنا: يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال: رحمة للأشقياء، يقول الله تعالى: ﴿لَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾([115]). يعني العلماء والفقهاء) ([116]). قوله تعالى: ﴿لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾([117]). في غيبة النعماني، عن الصادق ع قول الله تعالى: ﴿عَذَابَ الْخِزْيِ﴾ ما هو عذاب خزي في الدنيا ؟ فقال ع: (أي خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وأصحابه وعلى إخوانه وسط عياله إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا فيقول الناس: ما هذا ؟ فيقال: مسخ فلان الساعة، فقلت: قبل قيام القائم ع أو بعده ؟ قال: لا، بل قبله) ([118]). والمسخ في العلماء كما مر في وصية رسول الله ص لابن مسعود، أما الخسف، أي قوله ص: (والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير). وفي قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ هذه الآية وردت في أحاديث أهل البيت ص، إنها في زمن الظهور وتأويلها في جيش السفياني الذي يخسف الله بهم الأرض، ولا أدري ما هي العلاقة بين العلماء وجيش السفياني ؟ ولو ربطنا بين كلام رسول الله ص وكلام الإمام الباقر ع في الرواية التالية، يتضح لنا ان هناك رابط وثيق بين العلماء وبين جيش السفياني الذي يقع به الخسف فهما مشمولان في نفس الآية القرآنية. أبي جعفرع: (يكون لصاحب هذا الأمر غيبة، وذكر حديثاً طويلاً يتضمن غيبته وظهوره، إلى أن قال: فيدعو الناس- يعني القائم - إلى كتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب ع والبراءة من عدوه، ولا يسمي أحداً حتى ينتهي إلى البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله فتأخذهم من تحت أقدامهم، وهو قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ( وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ ...﴾ يعني بقائم آل محمد ص ...) ([119]). وعن أبي بصير، عن الصادق ع، قال: قلت له: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾([120])، فقال ع: (أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون) ([121]). عن النبي ص قال: (أوحى الله إلى بعض أنبيائه، قل للذين يتفقهون لغير الدين ويتعلمون لغير العمل ويطلبون الدنيا لغير الآخرة، يلبسون للناس مسوك الكباش وقلوبهم كقلوب الذئاب، ألسنتهم أحلى من العسل وأعمالهم أمر من الصبر، إياي يخادعون وبي يستهزءون، لأتيحن لهم فتنة تذر الحكيم حيراناً) ([122]). وعن رسول الله ص قال: (الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا قال ص: إتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم عن دينكم)([123]). وعن الإمام الصادق ع قال: (إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلةِ الناس أشد مما استقبله رسول الله ص من الجاهلية، فقيل له: كيف ذلك ؟ فقال: إن رسول الله ص أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس كلهم يتأولون عليه كتاب الله، ويحتج عليه به ويقاتلونه عليه، أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر) ([124]). والصادقع يقول: (إذا خرج القائم ينتقم من أهل الفتوى بما لا يعلموا فتعساً لهم ولأتباعهم، أوَ كان الدين ناقصاً فتمموه، أم كان به عوجاً فقوموه، أم هَمَّ الناس بالخلاف فأطاعوه، أم أمرهم بالصواب فعصوه، أم هَمَّ المختار فيما أوحي إليه فذكروه، أم الدين لم يكتمل على عهده فكملوه، أم جاء نبياً بعده فاتبعوه) ([125]). وعن رسول الله ص قال: (لست أخاف على أمتي غوغاء تقتلهم، ولا عدواً يجتاحهم، ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين إن أطاعوهم فتنوهم، وإن عصوهم قتلوهم)([126]). وعن أبي عبد الله ع: (ورأيت الحرام يحلل، ورأيت الحلال يحرم، ورأيت الدين بالرأي وعطل الكتاب وأحكامه…) ([127]). وفي الينابيع ورد: (إذا خرج القائم ع فليس له عدوٍ مبين إلا الفقهاء خاصة، وهو والسيف أخوان، ولولا أن السيف بيده لأفتوا الفقهاء في قتله، ولكن الله يظهره بالسيف والكرم، فيطيعون ويخافون فيقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه) ([128]). وفي الفتوحات المكية قال: (… يقيم الدين وينفخ الروح في الإسلام، يعز الإسلام به بعد ذلة ويحيى بعد موته، يضع الجزية ويدع إلى الله بالسيف فمن أبى قُتل ومن نازعه خذل، يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله يحكم به، يرفع المذاهب من الأرض فلا يبق إلا الدين الخالص، أعداءه الفقهاء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم فيدخلون كرهاً تحت حكمه خوفاً من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه، يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم، يبايعه العارفون بالله تعالى من أهل الحقائق عن شهود وكشف وتعريف الهي) ([129]). وعن رسول الله ص قال: (يأتي على أمتي زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس عنه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت السماء منهم خرجت الفتنة واليهم تعود) ([130]). وعن رسول الله ص قال: (يخرج الناس من دين الله أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً)([131]). عن رسول الله ص قال: (سألت أخي جبرائيل: أتنزل بعد إلى الدنيا ؟ قال: نعم، أنزل عشر مرات وأرفع جواهر الأرض. قلت: وما ترفع ؟ قال: في المرة الأولى أرفع البركة من الأرض. وفي المرة الثانية أرفع الشفقة من قلوب العباد. وفي المرة الثالثة أرفع الحياء من النساء. وفي المرة الرابعة أرفع العدل من أولي الأمر. وفي المرة الخامسة أرفع المحبة من قلوب الخلائق. وفي المرة السادسة أرفع الصبر من الفقراء. وفي المرة السابعة أرفع السخاوة من الأغنياء. وفي المرة الثامنة أرفع العلم من العلماء. وفي المرة التاسعة أرفع القرآن من المصاحف ومن قلوب القراء. وفي المرة العاشرة أرفع الإيمان من قلوب أهل الإيمان) ([132]). وعن أمير المؤمنين ع في خطبة طويلة: (… فيا لله من تلك الأيام وتواتر شر ذلك العام وهو العام المظلم المقهر ويستعكمك هوله في تسعة أشهر، ألا وإنه ليمنع البر جانبه والبحر راكبه، وينكر الأخ أخاه ويعق الولد أباه ويذممن النساء بعولتهن وتستحسن الأمهات فجور بناتهن، وتميل الفقهاء إلى الكذب وتميل العلماء إلى الريب، فهنالك تنكشف الغطاء من الحجب وتطلع الشمس من الغرب، هناك ينادي منادٍ من السماء، اظهر يا ولي الله إلى الأحياء وسمعه أهل المشرق والمغرب فيظهر قائمنا المتغيب يتلألأ نوره يقدمه الروح الأمين وبيده الكتاب المستبين…) ([133]). -قولهم ص في الخطباء: الذين هم رأس البلية، كونهم الجهاز الإعلامي الذي يرتكز عليه (الفقهاء غير العاملين). عن رسول الله ص: (… أسعد الناس في الفتن كل خفي نقي، إن ظهر لم يعرف، وإن غاب لم يفتقد، وأشقى الناس فيها كل خطيب مصقع أو راكب مضوع. لا يخلص من شرها إلا من أخلص الدعاء كدعاء الغرق في البحر) ([134]). وعن علي بن إبراهيم في تفسير القمي: في قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾، نزلت في الخطباء والقصاص وهو قول أمير المؤمنين ع: (وعلى كل منبر خطيب مصقع يكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه)([135]). وعن أمير المؤمنين ع في خطبة طويلة قال: (… ثم أنتم أيتها العصابة، عصابة بالعلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة معروفة، وبالله في أنفس الناس لكم مهابة، يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه، ولا يد لكم عنده تشفعون بالحوائج إذا امتنعت من طلابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر. أليس كل ذلك إنما نلتموه لما يرجى عندكم من قيام بحق الله وإن كنتم عن أكثر حقه مقصرين واستخففتم بحق الأئمة. فأما حق الله وحق الضعفاء فضيعتم وأما حقكم بزعمكم فطلبتم فكنتم كحراس مدينة أسلموها وأهلها للعدو وبمنزلة الأطباء الذين استوفوا ثمن الدواء وعطلوا المرضى فلا مال بذلتموه للذي رزقه، ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله. ثم أنتم تمنون على الله جنته ومجاورة رسله والبراءة والفرار من أعدائه، والاستئثار بالكرامة من الله عند ملاقاة الملائكة. لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها، ومن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده تكرمون. وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لنقض ذمم آبائكم تفزعون، وذمة رسوله مخفرة والعمي والبكم والزمني في المدائن مهملون لا ترحمون وأنتم لا في منزلتكم تعملون، ولا من عمل فيها تعينون وبالادهان والمصانعة أراكم عند الظلمة تأمنون كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون. فأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليله من منازل العلماء لو كنتم تشعرون، وذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله في كتابه يكون هم الأمناء على حلاله وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سلبتم ذلك إلا بنفوركم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة. ولو صبرتم على الأذى، وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر، وإليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمة من أزمتكم وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم من الموت، وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد ومقهور، ومن بين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم إقتداء بالأشرار، وجرأة على الجبار. في كل بلد منهم على منبره خطيب مصقع والأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة وأيدي القادة عنهم مكفوفة، وسيوفهم عليهم مسلطة، وسيوفكم عنهم مسنمة والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعفة، شديد مطاع لا يعرف المبدئ المعيد. فيا عجباً ومالي لا أعجب والأرض مشحونة من غاش غشوم، ومتصدق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا. أللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا تنافساً في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلوم من عبادك ويعمل بفرائضك وسنتك وأحكامك. ألا إن لكل دم ثائراً يوماً، وإن الثائر في دمائنا والحاكم في حق نفسه وحق ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل الله الذي لا يعجزه ما طلب، ولا يفوته من هرب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) ([136]). * * * -الممهد الرئيسي لزمن الظهور من خلال الروايات وبعد أن تبيَّن لنا أن في زمن الظهور المقدس ترفع عدة رايات كلها باطلة والأمر بينها مشتبه إلا واحدة فهي الهدى وراية الحق المستقيم، فلا تكون تلك الراية المعصومة إلا راية الإمام الحجة ع، وراية الإمام ع متمثلة براية ممهده الرئيسي ألا وهو اليماني أو المولى الذي وليَّ البيعة للإمام المهدي ع. ولكي يتضح لنا جانب من الصورة لمعرفة شخصية اليماني الذي نصت روايات أهل البيت ص على بيعته، فلا بد أن نتعرض أولاً للروايات التي نصت على البيعة، لكون رسول الله ص وأهل بيته ص لا يطلبون البيعة لشخصين في آن واحد فالروايات التي تطلب البيعة تشير إلى شخص معين، هذا من باب ومن باب آخر، طلبهم للبيعة لابد أن يكون هو نص من الله لم ينص عليه رسول الله ص من تلقاء نفسه، وأهل بيته ص هم من ورثوا ذلك العلم عنه، فطلبوا البيعة لهذا الشخص في زمن الظهور للشخص المعين، ومن هنا يتضح أن الروايات التي تطلب البيعة كلها تشير إلى نفس الشخص، بشخصه أو أحد أتباعه. ومن خلالها يتضح لنا جانب من الصورة المطلوبة. والأمر الثاني: بعض الأوصاف التي تشير إلى القائم أو المهدي، ولا يقصد فيها الإمام المهدي ع، وذلك لعدم انطباقها أو تناقضها مع الصفات المعروفة للإمام المهدي ع. -الأوصياء المنصوص لهم بالبيعة من رسول الله ص وأهل بيته ص ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً﴾([137]). أمر البيعة ليس اختيار… والمعصوم لا يطلب البيعة لغير المعصوم: عن أبي عبد الله ع، عن آبائه، عن أمير المؤمنين ع، قال: قال رسول الله ص في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع: (يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة، فأملى رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الاثني عشر إمام ،وساق الحديث إلى أن قال: وليسلمها الحسن ع إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد ص فذلك اثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي، وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين ([138])) ([139]). عن إسماعيل بن عياش، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: سمعت رسول ص وذكر المهدي فقال: (إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبد الله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها) ([140]). وواضح من الرواية أعلاه أن المهدي الأول، أي ابن الإمام المهدي ع هو الذي يبايع بين الركن والمقام، كون الأسماء الثلاثة (عبد الله واحمد والمهدي) هي أسمائه كما في وصية رسول الله ص. أي هو المولى الذي يولى البيعة للإمام ع وتؤخذ البيعة له بعد أبيه الإمام المهدي ع. وقبل أن نستعرض الروايات الأخرى لابد من الالتفات إلى أن أوصياء رسول الله ص المنصوص لهم بالبيعة، هم أربعة وعشرون، كما مر في وصية رسول الله ص وهم اثنا عشر إماماً آخرهم الإمام المنتظر ع واثنا عشر مهدياً من ذرية الإمام المهدي ع، يحكمون دولة العدل الإلهي بعده ع، وأول خليفة للإمام المنتظر ع أي أول المهديين الاثنا عشر، هو ابنه أحمد، وهو وصيه، وهو أول المؤمنين بالإمام المهدي ع، في بداية ظهوره، وهو الذي يأخذ البيعة لأبيه ع، وهؤلاء هم حجج الله على العباد بعد محمد ص إلى يوم القيامة، فالروايات التي نص بها أهل البيت ص على البيعة في زمن الظهور، هي أما تشير إلى الإمام المهدي ع، أو إلى المهدي الأول ابنه ع، لعدم وجود غيرهم من الحجج الأربعة والعشرين ع المنصوص عليهم في زمن الظهور، كون الأئمة ص توفوا قبل الظهور المقدس، والمهديين الأحد عشر ص، يحكمون دولة العدل الإلهي بعد أبيهم ع، فلا يواكب أحداث الظهور إلا الإمام المهدي ع، وأول المهديين ص. عن أبي جعفرع، في حديث قال: (حتى إذا بلغ إلى الثعلبية قام إليه رجل من صلب أبيه، وهو من أشد الناس ببدنه، وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر، فيقول: يا هذا ما تصنع ؟ فوالله إنك لتجفل الناس إجفال النعم، أفبعهد من رسول الله ص أم بماذا ؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة ([141]): والله أو لأضربن الذي فيه عيناك. فيقول له القائم: اسكت يا فلان، إي والله إن معي عهدا من رسول الله، هات لي يا فلان العيبة – أو الزنجليفة – فيأتيه بها فيقرؤه العهد من رسول الله ص فيقول: جعلني الله فداك، أعطني رأسك أقبله فيعطيه رأسه، فيقبل بين عينيه، ثم يقول: جعلني الله فداك، جدد لنا بيعة، فيجدد لهم بيعة) ([142]). عن أبي الحسن ع قال: (كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات، حتى تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات) ([143]). (إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلج فإن فيها خليفة المهدي) ([144]). قال رسول الله ص: (يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا تصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلوهم قتالاً لا يقاتله قوم، ثم ذكر شاباً فقال: إذا رأيتموه فبايعوه فإنه خليفة المهدي) ([145]). ومن هذه الرواية نعرف أن صاحب البيعة أو خليفة المهدي ع، شاب، وكوننا نبحث عن خليفة المهدي وصاحب راية الحق لأن كل ما سواه باطل، أي لا داعي بعد هذه الرواية أن نبحث عن راية الحق في أصحاب الرايات الطاعنين في السن، أقول الشباب فقط، فإذا كان خليلك الخاص بك أيها القارئ سقط من أول الغربال، فلا تبتئس ولا تزعل وأجعل هدفك الله والإمام والحق الذي أشاروا إليه أهل البيت ص، وابحث بشكل جدي خالٍ من القيود والصنمية التي طوقت رقاب الكثير في هذه الأيام وسيطرت على أفكارهم وعواطفهم، فأمير المؤمنين ع يقول: (أعرفوا الرجال بالحق، ولا تعرفوا الحق بالرجال). قال رسول الله ص: (يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا تصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق... فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي) ([146]). ومن هذه الرواية نعرف أن أمير رايات المشرق هو المهدي صاحب البيعة (عبد الله، أحمد، المهدي)؛ لأن المشهور من الروايات أن الإمام المهدي ع، يقوم في مكة وليس بالمشرق. علماً أن الأمر يحتاج إلى بحث مفصل ربما سنتطرق له لاحقاً وإليك بعض الروايات التي تشير إلى بيعة رايات المشرق، والروايات بصيغ مختلفة. قال رسول الله ص: (يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تجئ الرايات السود فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم، ثم يجيء خليفة الله المهدي فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه فإنه خليفة الله المهدي) ([147]). قال رسول الله ص: (تجيء الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد، فمن سمع بهم فليأتهم فبايعهم ولو حبواً على الثلج) ([148]). قال رسول الله ص: (لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم الحق، وذلك حين يأذن الله ( له، فمن تبعه نجا، ومن تخلف عنه هلك، الله الله عباد الله، فأتوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله ( وخليفتي) ([149]). وأرجو أن يلتفت القارئ إلى أنه ليس كلما ذكر اسم (قائم) يكون المراد منه الإمام المهدي الحجة بن الحسن ع كما سيتضح ذلك من رواية قادمة في الفقرة (ب) إن شاء الله، والمراد من قائم الحق في الرواية أعلاه هو القائم الذي يقوم قبل الساعة والساعة هو الإمام المهديع. عن المفضل بن عمر، قال: سألت سيدي الصادق ع هل للمأمول المنتظر المهدي ع من وقت موقت يعلمه الناس ؟ فقال: (حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا، قلت: يا سيدي ولم ذاك ؟ قال: لأنه هو الساعة التي قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾([150]). وهو الساعة التي قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾([151]). وقال: ﴿ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ ولم يقل إنها عند أحد. وقال: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾([152]). قال: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾([153]). وقال: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً﴾([154]). ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾([155])) ([156]). أذن فقوله ص: لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم الحق، وبما ان الساعة هو الإمام ع أي لا يقوم الإمام المهدي (الساعة) ع بالقيام العسكري، حتى يقوم (قائم الحق) خليفة رسول الله كما قال ص: (فإنه خليفة الله ( وخليفتي) أي المهدي الأول - أول المؤمنين - الذي ذكر في الوصية، أي يقوم ممهداً للإمام المهدي ع، وهو الرجل الذي من أهل بيته - أي من ذريته - الذي يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر كما في الرواية: عن الهيم بن عبد الرحمن حدثني من سمع علياً ع يقول: (… ويخرج قبله رجل من أهل بيته بأهل الشرق ويحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر…) ([157]). وفي مخطوطة ابن حماد: (يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام، ويقتل من أهلها ستين ألفاً، ثم يمكث فيها ثمانية عشرة ليلة. وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون. ويخرج قوم من سواد الكوفة ليس معهم سلاح إلا قليل منهم، ومنهم نفر من أهل البصرة، فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة. وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي) ([158]). عن جابر، عن أبي جعفر ع، قال: (تنزل الرايات السود التي تقبل من خراسان الكوفة فإذا ظهر المهدي بمكة بعث بالبيعة إلى المهدي) ([159]). عن أبي جعفر ع، قال: (… ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله ص ورايته، وسلاحه) ([160]). عن أمير المؤمنين ع: (يخرج رجل من وراء النهر يقال له الحارث بن حراث على مقدمته رجل يقال له المنصور، يوطن أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله ص، وجب على كل مؤمن نصره، أو قال إجابته) ([161]). وهنا واضح قوله ع وجب على كل مؤمن، أو فأتوه إذا سمعتم به ولو حبواً، فكلها بصيغة الأمر بالبيعة والنصرة. عن أبي جعفر ع، قال: (قال لي يا أبا الجارود إذا دار الفلك ([162]) وقالوا مات أو هلك وبأي واد سلك وقال الطالب له أنى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه وإذا سمعتم به فأتوه ولو حبواً على الثلج) ([163]). -العلامات الفارقة بين أوصاف الإمام المهدي ع والمهدي الأول وقبل التعرض للمواصفات لابد أن نعرف أن الروايات التي ذكرت (القائم) غير محصورة في شخص الإمام المهدي ع، فتارة يكون المقصود منها الإمام ع، وتارة أخرى يكون المقصود منها شخص يقوم بأمر الإمام ع كما في الرواية التالية: عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع: (أن أمير المؤمنين ع حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم، فقال الحسين ع: يا أمير المؤمنين، متى يطهر الله الأرض من الظالمين، فقال أمير المؤمنين ع: ... ثم قال: إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كوفان والملتان وجاز جزيرة بني كاوان، وقام منا قائم بجيلان وأجابته الآبر والديلمان ... ثم يقوم القائم المأمول، والإمام المجهول، له الشرف والفضل وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله، يظهر بين الركنين في دريسين باليين...) ([164]). وكذلك الروايات التي تذكر أوصاف (المهدي)، فهي غير محصورة بالإمام المهدي ع فمرة يراد منها الإمام ع ومرة يراد منها المهدي الأول، أي أول المهديين الاثني عشر، كما مر في وصية رسول الله، وكون أولهم مزامن للإمام المهدي بل أول المؤمنين به وبقيامه وهو الممهد الرئيسي له. وهذا ما يحل التناقض الذي اعتقده بعض الباحثين في مواصفات الإمام المهدي كما سيمر علينا، فمرة تذكر الرواية انه أسمر، ومرة مشرب بحمرة، ورواية أخرى تذكر أنه أبيض مشرب بحمرة، ورواية تذكر أن حاجبيه متصلان، ورواية تذكر أنهما مفترقان فمرة تذكر الرواية أزج الحاجبين ومرة مشرف الحاجبين… ومن أراد المزيد فليراجع كتاب (أيقاظ النائم لاستقبال القائم). وهنا سنورد بعض الروايات التي تذكر أوصاف القائم أو المهدي أو صاحب هذا الأمر، والتي لا يمكن حصرها بشخص واحد فقط، لأن بعضها مناقضة تماماً للمواصفات المعروفة عن الإمام ع، مثل انه أبيض مشرب بحمرة وأنه أزج الحاجبين وأكحل العينين وبخده الأيمن خال و… و… والتي عرفت عند الشيعة من قصص اللقاءات، مثل لقاء علي بن مهزيار وغيره. ومن قصة لقاء علي بن مهزيار للإمام المهدي ع قال: (... وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان، سمح سخي تقي نقي، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدور الهامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، أقنى الأنف، سهل الخدين، على خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على رضراضة عنبر) ([165]). وما يناقض هذه الصفات ما وصفه به الصادق ع قال بأنه مشرف الحاجبين وليس أزج، وقال بوجهه اثر ولم يقل خال، والأثر غير الخال، فلابد أن يكون هذا غير ذاك وإليك الروايات التالية: عن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي جعفر الباقرع: (جعلت فداك إني قد دخلت المدينة وفي حقوي هميان فيه ألف دينار وقد أعطيت الله عهداً أنني أنفقها ببابك ديناراً ديناراً أو تجيبني فيما أسألك عنه، فقال: يا حمران، سل تجب ولا تنفقن دنانيرك، فقلت: سألتك بقرابتك من رسول الله ص أنت صاحب هذا الأمر والقائم به ؟ قال: لا، قلت: فمن هو بأبي أنت وأمي، فقال: ذاك المشرب حمرة الغائر العينين المشرف الحاجبين العريض ما بين المنكبين برأسه حزاز وبوجهه أثر رحم الله موسى) ([166]). (والحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة) ([167]). عن حمران بن أعين، قال: (سألت أبا جعفر ع فقلت له: أنت القائم ؟ فقال: قد ولدني رسول الله ص وإني المطالب بالدم ويفعل الله ما يشاء، ثم أعدت عليه، فقال: قد عرفت حيث تذهب صاحبك المبدح البطن ثم الحزاز برأسه ابن الأرواع رحم الله فلاناً) ([168]). عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر ع، أو أبو عبد الله ع - الشك من ابن عصام-: (يا أبا محمد، بالقائم علامتان، شامة في رأسه وداء الحزاز برأسه، وشامة بين كتفيه من جانبه الأيسر تحت كتفه الأيسر ورقة مثل ورقة الآس) ([169]). عن يحيى بن الفضل النوفلي، قال: (دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر ع ببغداد حين فرغ من صلاة العصر، فرفع يديه إلى السماء وسمعته يقول: أنت الله لا إله إلا أنت الأول والآخر والظاهر والباطن،... ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعجل فرج المنتقم لك من أعدائك، وأنجز له ما وعدته يا ذا الجلال والإكرام. قال: قلت: من المدعو له ؟ قال: ذاك المهدي من آل محمد ص. ثم قال: بأبي المنتدح البطن، المقرون الحاجبين، أحمش الساقين، بعيد مابين المنكبين، أسمر اللون، يعتوره مع سمرته صفرة من سهر الليل، بأبي من ليله يرعى النجوم ساجداً وراكعاً…) ([170]). سعد بن عبد الله القمي في حديث طويل منه أنه رأى الإمام المهدي ع وهو غلام قال: (… فما شبهت وجه مولانا أبي محمد ع حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعاً بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين ...) ([171]). عن أمير المؤمنين ع، قال: (... لو لم يخرج لضربت عنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكانها، وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا ويملا الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) ([172]). عن أبي عبد الله ع، قال: (إذا قام قائم آل محمد ص حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استبطنوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ( وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾) ([173]). عن أمير المؤمنين ع عندما سأله عمر عن اسم القائم فامتنع ... قال: فأخبرني عن صفته. قال: (هو شاب مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء) ([174]). وفي الرواية التالية المهدي أبيض مشرب بحمرة: فمن هو الأسمر في الروايات السابقة. عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده ص، قال: قال أمير المؤمنين ع - وهو على المنبر -: (يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون، مشرب بالحمرة، مبدح البطن عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان: شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي ص، له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد...) ([175]). أقول: الاسم وليس الشخص بجسمه، فقوله: اسم يعلن أي اسم الإمام محمد بن الحسن العسكري وهو اسم معلوم للجميع وقد أشار إليه أهل البيت ص ولم يخفوه، أما الذي يخفى فهو الاسم الذي يظهر به في أول ظهوره، وهو اسم وصيه، أي إن الإمام يظهر بوصيه في أول أمر ظهوره، وهو أحمد كما مر في وصية رسول الله ص (وهو أول المؤمنين)، أي أحمد ابن الإمام المهدي ع، علماً إن أهل البيت أشاروا إلى أن الأمر يظهر في الرجل أو في ولده فلا ينبغي إنكار ذلك، واليك الرواية التالية: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع، قال: (إن الله أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكراً سوياً مباركاً يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بأذن الله، وجاعله رسولاً إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي أم مريم فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى .... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى﴾ أي لا تكون البنت رسولاً، يقول الله (: ﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾، فلما وهب الله لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه. فإذا قلنا في الرجل منا شيئاً فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك) ([176]). محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله ع، قال: (إذا قلنا في رجل قولاً، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء) ([177]). عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (قد يقوم الرجل بعدل أو يجور وينسب إليه ولم يكن قام به، فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده، فهو هو) ([178]). والإمام المهدي ع وصفه أهل البيت ص باسمه وكنيته في أدعيتهم وفي رواياتهم. قال المفضل: يا مولاي! فكيف بدء ظهور المهدي ع وإليه التسليم ؟ قال ع: (يا مفضل، يظهر في شبهة ليستبين، فيعلو ذكره، ويظهر أمره، وينادي باسمه وكنيته ونسبه ويكثر ذلك على أفواه المحقين والمبطلين والموافقين والمخالفين لتلزمهم الحجة بمعرفتهم به على أنه قد قصصنا ودللنا عليه، ونسبناه وسميناه وكنيناه، وقلنا سمي جده رسول الله ص وكنيه لئلا يقول الناس: ما عرفنا له اسماً ولا كنية ولا نسباً. والله ليتحقق الإيضاح به وباسمه ونسبه وكنيته على ألسنتهم، حتى ليسميه بعضهم لبعض، كل ذلك للزوم الحجة عليهم، ثم يظهره الله كما وعد به جده ص في قوله (: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾) ([179]). كما أشارت روايات أخرى إلى أن المهدي لا يسمى ولا يكنى بل يحرم ولا يحل تسميته. عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى ص إني لأرجوك أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. فقال ع: (يا أبا القاسم، ما منا إلا قائم بأمر الله وهادي إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهر الله ( به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها عدلاً وقسطاً هو الذي يخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله ص وكنيه، وهو الذي تطوى له الأرض ويذل له كل صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاث عشر رجلا من أقاصي الأرض، وذلك قول الله (: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر أمره، فإذا أكمل له العقد وهي عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تبارك وتعالى) ([180]). عن محمد بن زياد الازدي، قال: سألت سيدي موسى بن جعفر ع عن قول الله :( ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ فقال: (النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب، فقلت له: ويكون في الأئمة من يغيب ؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا يسهل الله له كل عسير ويذلل له كل صعب ويظهر له كنوز الأرض ويقرب له كل بعيد ويبير به كل جبار عنيد، ويهلك على يده كل شيطان مريد ذاك ابن سيدة الإماء الذي يخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله ( فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)([181]). عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر ع يقول: سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ع فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه ؟ فقال: (أما اسمه فإن حبيبي ص عهد إليّ ألا أحدث به حتى يبعثه الله...) ([182]). ولا يتصور أحد أن في كلامهم ص تناقضاً بل الروايات في شخصين هما الإمام المهدي ع والمهدي الأول، فالذي وصف وسُميَّ وكُنيَّ وكثر ذكره على أفواه الناس فهو محمد بن الحسن العسكري صاحب الاسم الذي يعلن، أما الذي ذكره أهل البيت بقولهم لا يحل تسميته إلى أوان ظهوره أو حتى يبعثه الله فهو صاحب الاسم الذي يخفى وهو أحمد بن الإمام المهدي ع، وهنا تبين أن ليس هناك أي تناقض في كلام أهل البيت ص وهو واضح من قوله ع فإذا قلنا في الرجل منا شيئا فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك. عن أبي حمزة، قال: (دخلت على أبي عبد الله ع فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر ؟ فقال: لا، فقلت: فولدك ؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك ؟ فقال: لا، قلت: فولد ولد ولدك ؟ قال: لا، قلت: فمن هو ؟ قال: الذي يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً لعلى فترة من الأئمة يأتي كما أن النبي ص بعث على فترة من الرسل) ([183]). أي إن القائم يأتي وبينه وبين الأئمة فترة انقطاع، كما كان بين رسول الله ص وبين الرسل فترة انقطاع، وهذا الأمر لا يكون في الإمام المهدي ع؛ لأنه استلم أمر الإمامة بعد الحسن العسكري ع مباشرة ولم تكن بينهما أي فترة انقطاع وهو حجة على أهل الأرض منذ ذلك الزمن، ويتدخل في كثير من أمور الشيعة وحتى في تصحيح فتاوى المراجع أحياناً. وهو الحجة على أهل الأرض، والأرض لا تخلو من حجة ولو خليت لساخت بأهلها، فهل كانت فترة انقطاع رسول الله ص بهذا الشكل ؟ لا، بل كانت الأمم موعودة به ثم ولد، فاختلفوا فيه. والقائم الذي يأتي وبينه وبين الأئمة فترة هو المهدي الأول، فتختلف الأمة بين مقرة بالمهديين وبين جاحدة لهم. وعن أبي جعفر الباقر ع، يقول: (إن صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف، ابن أمة سوداء، يصلح الله له أمره في ليلة) ([184]). اتفقت الروايات على أن أم الإمام المهدي ع السيدة نرجس ص رومية وابنة قيصر الروم من ذرية شمعون الصفا وصي عيسى ع بيضاء اللون، فصاحب الأمر ابن الـ (أمَة سوداء) ليس الإمام المهدي ع، بل ما في الرواية يوافق صفة المهدي الأول وأنه أسمر اللون، كما أن مشابهة يوسف ع كونه يسجن تلائم المهدي الأول، أما الإمام المهدي ع فلا يسجن كما هو معلوم فالرواية أعلاه تتحدث عن المهدي الأول. ويجدر بنا ذكر إن هذا اللون الأسمر أو الأسود كما في الرواية يلائم أمر آخر ورد في نبوءة نوستر اداموس وهو يذكر فيها الوصي الرجل الأسود أو الأسمر الذي يجعل أمريكا تندم على احتلالها العراق واليك النبوءة. (تمتد يده أخيراً في الآلوس (الوصي) الدموي، سيكون عاجزاً عن حماية نفسه في البحر، سوف يخشى اليد العسكرية بين النهرين، وسيجعله الشخص الأسود الغاضب يندم على فعلته)([185]). * * * -اليماني بين اللغة والشخصية ولكي يتضح لنا من خلال كتب اللغة وكتب الحديث ما المراد من كلمة اليماني، هل البلد أم اليُمن أم القوة أم اليمين أم ماذا، وهل هي محددة بأهل بلاد اليمن اليوم أم أن هناك يمانية في البلاد الأخرى من حيث انتسابهم للموطن. ورد في كتاب مجمع البحرين ([186]): (ي م ن): قوله تعالى: ﴿ضَرْباً بِالْيَمِينِ﴾ أي بيمينه، وقيل القوة والقدرة. قوله تعالى: ﴿تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ﴾ قيل هي مستعارة لجهة الخير وجانبه، ومعناه (كنتم تأتوننا من قبل الدين فتزينون لنا ضلالتنا، فتروننا عن الحق والدين ما تضلوننا به). وقيل: إنها مستعارة للقوة والقهر؛ لأن اليمين موصوفة بالقوة، وبها يقع البطش. قوله تعالى: ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ قيل أي بالقوة والقدرة، وقيل لأخذنا بيمينه ومنعناه من التصرف… واليمين: القسم، والجمع أيُمن وأيمان، يقال سمي بذلك؛ لأنهم كانوا إذا حالفوا ضرب كل منهم يمينه على يمين صاحبه. وقيل هو مأخوذ من اليمين بمعنى القوة؛ لأن الشخص به يتقوى على فعل ما يحلف على فعله، وترك ما يحلف على تركه. وقيل هو مأخوذ من اليمن بمعنى البركة، لحصول التبرك بذكر الله،… وفي الحديث: (الحجر يمين الله، يصافح بها ما يشاء من عباده)، قيل: هذا تمثيل وتشبيه، والأصل فيه أن الملك إذا صافح أحداً قبل ذلك الرجل المصافح يده فكأن الحجر بمنزلة اليمين للملك، فهو يستلم ويلثم فشبهه باليمين. وإنما خص بذلك لأن الميثاق المأخوذ من بني آدم في قوله تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى﴾ - على ما نقل - قد جعله الله مع الحجر، وأمر الناس بتعاهده. ولذا جاء في الدعاء عنده: (أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، فاشهد لي عند ربك بالموافاة يوم القيامة). واليمين: يمين الإنسان وغيره. واليمنة: خلاف اليسرة. واليمن: بلاد العرب اليمن، من دول الجزيرة العربية بين البحر الأحمر والمملكة العربية وعدن. تلتحق بها بعض الجزر في البحر الأحمر. سكانها بين 4 و 5 ملايين، أرضها ساحل تهامة. تشرف عليه جبال اليمن والإنجاد الخصيبة الكثيرة المياه. ومنها سميت اليمن قديماً (بلاد العرب السعيدة). وعاصمتها (صنعاء)، والنسبة إليهم يمني، ويمان مخفف، والألف عوض عن ياء النسبة، فلا يجتمعان. وبعضهم يقول (يماني) بالتشديد نقلاً عن سيبويه. وفي الحديث: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية) قيل إنما قال ذلك؛ لأن الإيمان بدأ من (مكة) وهي في (تهامة)([187]) و(تهامة) من أرض (اليمن) ولهذا يقال (الكعبة اليمانية)، وقيل إنه قال هذا القول وهو بتبوك، ومكة والمدينة بينه وبين اليمن وأشار إلى ناحية اليمن، وهو يريد مكة والمدينة، وقيل أراد بهذا الأنصار؛ لأنهم يمانيون، وهم نصروا الأيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم. واليمن: البركة. وقد يمن فلان على قومه فهو ميمون: إذا صار مباركاً عليهم. وتيمنت به: تبركت به، وفي الخبر: (كان النبي ص يحب التيمن ما استطاع)، التيمن في اللغة المشهورة: التبرك بالشيء، من اليمن: البركة. والمراد البدأة بالأيمن… ومكة من تهامة من أرض اليمن وسكان مكة هم يمانيون أيضاً والرسول محمد ص كان من سكان مكة فهو يماني أيضاً كما ورد في الحديث: عن سليم بن قيس الهلالي، قال: (لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين ع نزل قريباً من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ … من نسل حواري عيسى بن مريم … قال: عندي إملاء عيسى بن مريم وخط أبينا … إن الله تبارك وتعالى يبعث رجلاً من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض يقال لها تهامة، من قرية يقال لها مكة، يقال له أحمد، له اثنا عشر اسماً، وذكر مبعثه ومولده ومهاجرته ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وما يعيش وما تلقى أمته بعده، إلى أن ينـزل عيسى ابن مريم من السماء وفي ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلاً من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله ومن أحب خلق الله إليه والله ولي لمن والاهم وعدو لمن عاداهم) ([188]). وينسب إلى أمير المؤمنين بيت الشعر التالي: أنا الغـلام القرشـي المؤتمـن الماجـد الأبلج ليث كالشـطن يرضى به السادة من أهل اليمن من ساكني نجد ومن أهـل عدن وهذا الأمر صريح لا يحتاج التوضيح: فنجد وعدن كلاهما من اليمن. وعن رسول الله ص في مدح اليمن: (وأن الإيمان يماني والحكمة يمانية ولولا الهجرة لكنت امرءاً من أهل اليمن). وفي حديث آخر قال النبي ص: (إن خير الرجال أهل اليمن، والإيمان يمان وأنا يماني، وأكثر قبائل دخول الجنة يوم القيامة مذحج). بيان: إنما قال ذلك؛ لأن الإيمان بدأ من مكة وهي من تهامة وتهامة من أرض اليمن ولهذا يقال: الكعبة اليمانية. قال الجوهري: اليمن بلاد العرب، والنسبة إليهم يمني، ويمان مخففة والألف عوض من ياء النسب فلا يجتمعان. قال سيبويه وبعضهم يقول: يماني بالتشديد. انتهى. أقول: قال الفيروز آبادي في قوله: أجد نفس ربكم من قبل اليمن: المراد ما تيسر له من أهل المدينة، وهم يمانون من النصرة والايواء . انتهى ([189]). وأبو عبد الله، حذيفة بن اليمان، واسم اليمان: حسل، أو حسيل وإنما سمى باليمان؛ لأنه أصاب دماً فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية([190]). وكما هو واضح أنه هرب إلى المدينة وليس إلى اليمن. ونصت بعض الروايات أن الكعبة تدعى بالقبلة اليمانية وبعض الروايات الكعبة اليمانية واليك بعض من هذه الروايات: ورد في كتاب مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب: ج1 ص133 من دعاء طويل نأخذ منه قدر الفائدة: (… الخلق يوم الحساب صاحب القضيب العجيب، والفناء الرحيب، والرأي المصيب، المشفق على البعيد والقريب محمد الحبيب. صاحب القبلة اليمانية، والملة الحنيفية، والشريعة المرضية، والأمة المهدية، والعترة الحسنية والحسينية. صاحب الدين والإسلام، والبيت…). وورد في بحار الأنوار - العلامة المجلسي: ج15 ص310. في دعاء أبي طالب قبل ولادة رسول الله ص: (… قائل لكم: وحق إله الحرم، وبارئ النسم، أني لأعلم عن قليل ليظهرن المنعوت في التوراة والإنجيل الموصوف بالكرم والتفضيل، الذي ليس له في عصره مثيل، ولقد تواترت الأخبار، أنه يبعث في هذه الإعصار، رسول الملك الجبار، المتوج بالأنوار، ثم قصد الكعبة وأتى الناس وراءه إلا أبا جهل وحده، وقد حلت به الذلة والصغار، والذل والانكسار، فلما دنا أبو طالب من الكعبة قال: اللهم رب هذه الكعبة اليمانية، والأرض المدحية، والجبال المرسيه، إن كان قد سبق في حكمك، وغامض علمك، أن تزيدنا شرفاً فوق شرفنا، وعزاً فوق عزنا بالنبي المشفع الذي بشر به سطيح فأظهر اللهم يا رب تبيانه، وعجل برهانه، واصرف عنا كيد المعاندين، يا أرحم الراحمين). وقال الجزري في الحديث: (الأيمان يمان، والحكمة يمانية). إنما قال ص ذلك؛ لأن الأيمان بدأ من مكة وهي من تهامة، وتهامة من أرض اليمن، ولهذا يقال: الكعبة اليمانية، وقيل: إنه قال هذا القول للأنصار لأنهم يمانون، وهم نصروا الأيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الأيمان إليهم. انتهى… ([191]). وقد علق العلامة المجلسي في مقدمة بحار الأنوار: ج 1 ص1: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي سمك سماء العلم، وزينها ببروجها للناظرين، وعلق عليها قناديل الأنوار بشموس النبوة وأقمار الإمامة لمن أراد سلوك مسالك اليقين، وجعل نجومها رجوما لوساوس الشياطين، وحفظها بثواقب شهبها عن شبهات المضلين، ثم بمضلات الفتن أغطش ليلها وبنيرات البراهين أخرج ضحاها، ومهد أراضي قلوب المؤمنين لبساتين الحكمة اليمانية فدحاها، وهيأها لأزهار أسرار العلوم الربانية فأخرج منها ماءها ومرعاها…). ومن المعلوم أن بحار الأنوار هو مجموعة روايات لأهل البيت فسمى العلامة المجلسي كلامهم ببساتين الحكمة اليمانية، أي أشار إلى أهل البيت بأنهم يمانية لنسبتهم للكعبة اليمانية ولجدهم اليماني محمد ص حسب ما ورد في الحديث ومن خلال ما ورد نفهم أن رسول الله ص يماني وإذا كان ذلك فإن آل بيته هم يمانيون أيضاً أينما كانوا في بلاد الله الواسعة. وفي مناجاة الله تعالى لعيسى ع في وصف النبي محمد ص: (… يا عيسى، دينه الحنفية وقبلته يمانية…) ([192]). فإن قال قائل اليماني من اليُمن والبركة فجدهم المصطفى هو الميمون وليس في الخلق من هو أحق منه، فقد ورد في الحديث أنهم يمين عرش الله ويُمن عالم الملك (الدنيا) لا يعد يمُن قياساً بعالم الملكوت (ملكوت السماوات) فلا ميمون ولا مبارك يصل يمنهم وبركتهم وهم العلماء الذين فضلهم الله على الأنبياء ص كما ورد الحديث فيهم ص: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل)([193])، ولا يتوهم بعض منتحلي مراكز آل محمد هذا الحديث في غير المعصومين ص. حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن جميل، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (يغدوا الناس على ثلاثة صنوف عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء) ([194]). أي إذا كان العالم من شيعتهم يصح القول فيه متعلم من حديثهم ص وإلا فهو غثاء وفي رواية أخرى همج رعاع. فالعلماء هم آل محمد ص وهم أفضل من أنبياء بني إسرائيل ص وهم يمين عرش الله. وإلا هل من عاقل يصدق أن شخصاً غير معصوم - واقصد الفقهاء الموجودين اليوم المتكالبين على الدنيا - هم أفضل من أنبياء الله وفيهم أولي العزم ؟!! والقول الفصل هو قوله ع: نحن العلماء، وخير ما يصل إليه المرء أن يكون من شيعتهم فيكون متعلماً منهم - أي بالتمسك فيما ورد عنهم من روايات - فلا يساويهم ص. وأما ما دون شيعتهم المتعلمين، فهم غثاء، أي الذين يشرعون بآرائهم وغيرهم من الجهال الذين يخوضون في مزابل العلم، فسماهم الإمام ع غثاء. وقيل سمي اليمن ليمنه والشام لشئمه ([195]). عن أبي سليمان راعي رسول الله ص، قال: سمعت رسول الله ص يقول: (ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل (: … يا محمد، إني اطلعت إلى الأرض إطلاعه فاخترتك منها … يا محمد، لو أن عبداً من عبادي عبدني حتى ينقطع يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم. يا محمد، تحب أن تراهم ؟ قلت: نعم يا رب، فقال: التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون، والمهدي في وسطهم كأنه كوكب دري بينهم، وقال: يا محمد، هؤلاء الحجج وهذا الثائر من عترتك. يا محمد، وعزتي وجلالي أنه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي) ([196]). وعن رسول الله ص: (… خلق الأشياء فكانت مظلمة فنورها من نوري ونور علي، ثم جعلنا عن يمين العرش، ثم خلق الملائكة فسبحنا وسبحت الملائكة، وهللنا وهللت الملائكة…) ([197]). وعنه ص: (أنا وعلي بن أبي طالب من نور الله عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة عشر ألف سنة) ([198]). ونستفاد من الكلام السابق ما المراد من شخصية اليماني الذي يأتي قبل الإمام، هل كونه من بلاد اليمن ؟ فإن ذرية محمد ص يمانية كما مر كونهم من مكة ومكة من تهامة وهي أراضي السهل الساحلي الضيق الممتد من شبه جزيرة (سيناء) شمالاً إلى أطراف اليمن جنوباً، وفيها مدن (نجران) و(مكة) و(جدة) و(صنعاء) كما مر في مجمع البحرين: ص583، وذرية رسول الله ص اليوم في بلاد الله الواسعة، ومن هذا نفهم أن اليماني غير محدد في بلاد اليمن أو غيرها، وإذا كان المقصود انتسابه لبلاد اليمن حصراً، فهل السفياني ينتسب إلى بلاد تسمى سفيان ؟!! وقول النبي ص: (… والإيمان يمان وأنا يماني). إذن لا يشترط انتسابه إلى بلاد اليمن حين ظهوره في هذه الحالة، بل ربما يشترط انتسابه إلى الرسول أو إلى أي قبيلة كانت تسكن تهامة في ذلك الحين كي يصدق عليه أنه يماني، وهنا لابد لنا من البحث على قرائن وعلامات أخرى للتعرف على شخصية اليماني، كون آخرتنا مرتهنة به في زمن الظهور المقدس، فراية الحق الوحيدة هي راية اليماني، والحق ضالة المؤمن الذي يخشى الله، ولا يريد أن يكون ملتوياً على اليماني، فالملتوي عليه من أهل النار، وكما كان الأولياء من اليمن كذلك كان الاخساء من اليمن. وإذا كان المقصود ليس البلد بل المراد من اليماني الميمون أي المبارك، فهنا لا يشترط المكان بل صفات الشخص نفسه وقربه من الله ومن الإمام المهدي ع، ومحمد وآله هم يمين العرش كما مر في الروايات، أما إذا كان الميمون أي الموفق، فهو ميموناً في قيادته لجيش الإمام المهدي ع، والأصح المطلوب في شخصية اليماني هنا هو يمين الإمام. واليمين: هي التي يصافح بها أولياءه ويقارع بها أعدائه، كما مر في الحديث: (الحجر يمين الله، يصافح بها ما يشاء من عباده)، قيل: هذا تمثيل وتشبيه، والأصل فيه أن الملك إذا صافح أحداً قبل ذلك الرجل المصافح يده فكأن الحجر بمنـزلة اليمين للملك، فهو يستلم ويلثم فشبهه باليمين ([199]). وجاء فيه هذا المعنى: (اليمين موصوفة بالقوة، وبها يقع البطش. قوله: ﴿لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ قيل أي بالقوة والقدرة …) ([200]). كما وأن لصاحب اليمين الفخر على صاحب اليسار كما ورد عنهم ص. فعن أبي محمد ع: كان سبب نزول قوله تعالى: (﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ…﴾([201])، ويقول في بعض ذلك جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ويفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي ع الذي هو أفضل من اليسار كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه بالخدمة وملك الموت الذي أقامه بالخدمة، وأن اليمين واليسار أشرف من ذلك، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم) ([202]). وباليمين يؤخذ العهد والميثاق كما في الحجر الأسود في الركن العراقي من الكعبة والذي تواترت الروايات على البدء باستلامه عند أداء مناسك الحج، وروي أنه الواسطة بين الله وعباده ويشهد لمن أدى البيعة، كما ان اليماني الذي يأتي قبل الإمام المهدي ع هو الواسطة بين الإمام ع وبين الناس وهو الذي يأخذ البيعة والعهد والميثاق من الناس، وهو بمنـزلة يمين الإمام وهو باب الجنة الذي يدخل منه العباد، والإمام هو الجنة، ويدخل الناس إلى الجنة عن طريق الباب. قال رسول الله ص: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها)([203])، فمن التوى على الباب أي أراد غيره بدلاً فهو سارق من أهل النار، لذا قال ع في الوصي اليماني: (الملتوي عليه من أهل النار)، كونه باب الجنة. وقد ورد في كتاب جامع السعادات: ج3 ص314: (ينبغي أن يتذكر عند استلام الحجر الأسود، أنه بمنـزلة يمين الله في أرضه، وفيه مواثيق العباد. قال رسول الله ص: (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة). ومراده ص بالركن: الحجر الأسود؛ لأنه موضوع فيه، وإنما شبه باليمين؛ لأنه واسطة بين الله وبين عباده في النيل والوصول والتحبب والرضا، كاليمين حين التصافح). وقال الصادق ع: (إن الله تبارك وتعالى لما أخذ مواثيق العباد، أمر الحجر فالتقمها، فلذلك يقال: أمانتي أديتها، وميثاقي عاهدته، لتشهد لي بالموافاة). وقال ع: (الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلقه الله منذ فتحه). وقال ع: (الركن اليماني بابنا الذي يدخل منه الجنة، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد). أقول: الحجر الأسود (اليماني) الذي التقم المواثيق ليشهد لمن أدى البيعة، هو على شاكلة المولى الذي ولي البيعة (اليماني) للإمام المهدي ع ويشهد لمن يؤدي الأمانة والعهد. قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾([204]). أما قوله: الركن اليماني باب من أبواب الجنة لم يغلق الله منذ فتحه - والذي يبين أن الركن اليماني والحجر يشيران إلى شخص اليماني - فمسألة اليماني، موجودة في كل الدعوات الإلهية، التي تمكنت من قيادة شعب أو أمة، على النطاقين الفكري والعسكري. وتجد مسألة الوصي وطاعته هي العقبة التي يسقط بها الكثير، ممن واكبوا الدعوات الإلهية، ومع ذلك يعصى الحجة في زمانه ويرغب الناس في غير وصيه ووصيته، وهو بمثابة التواء عن القبلة، وانتهاج دين آخر، كون الحجة هو القبلة أمام الناس، فهل رأيتم قائماً في الصلاة وقبلته خلفه ؟ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع، قَالَ: (نَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَا ثُمَّ يَنْفِرُوا إِلَيْنَا فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ وَيَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾) ([205]). والمقصود هنا أي ينفروا إلى الحجة في زمانه فيبايعوه ويعرضوا عليه ولايتهم ومودتهم ونصرتهم، وكان على مدى التاريخ وفي أغلب الدعوات الإلهية الامتحان بالوصي، وقطعاً من لا يقبل الوصي لا يقبل الموصي، وإن أظهر القبول، كما هو الحال مع هارون ع، أو مع أمير المؤمنين ع، فمن لم يقبل علياً علم يقبل محمداً ص، ومن لم يعرض على علي ع مودته ونصرته وبيعته، فليس له من حجه إلا الشقاء، فالحديث أعلاه يُصَّرح أن الحج هو قبول الحجة المنصب من الله ورسوله، وكل في زمانه، وإلا فالطواف بلا قبول البيعة طواف الجاهلية. وقد نصت روايات أهل البيت في زمن الظهور على بيعة اليماني، ولما هو ثابت من أحاديث رسول الله ص وأهل بيته ص عند العامة والخاصة من أهمية شخصية اليماني في التمهيد لولي الله الأعظم، فلا بد من التركيز والسؤال من هو يماني ويمين الإمام المهدي ع وهل يمكن أن نستدل عليه ونميزه من بين الشخصيات الكثيرة التي تسبق الإمام المهدي ع ؟ على أن يكون كلام أهل البيت ص نصب أعيننا والحبل الممدود من السماء إلى الأرض، والتمسك به أمان من الضلالة كما أشار رسول الله ص ووصف الثقلين بأنهما أمان من الضلالة لمن تمسك بهما، أما من أضاف إليهما وساوى بهما غيرهما أو من جعل الثقلين أربعة فقال القرآن والعترة والعقل والإجماع، فنعم الحكم الله ونعم الموعد القيامة لنرى هل قال رسول الله ثقلين أم أربعة. * * * -تعدد اليماني من خلال روايات أهل البيت ص يتبين أن شخصية اليماني ذُكرت مرات متعددة وبصيغ مختلفة وفي كل مرة نفهم جانباً من الصورة، ويتبين أن اليماني الذي يأتي من اليمن هو غير اليماني الخاص بالإمام الذي ذكره رسول الله ص والإمام الباقر ع وقال الملتوي عليه من أهل النار، والذي هو يمين الإمام المهدي ع وقائد جيوشه وهو المولى الذي يأخذ البيعة من الناس للإمام ع، ولهذا اليماني أيضاً قائد على جيوشه وهو يماني اليماني، كما أن ثورات آل محمد التمهيدية للقائم ع فهي ثورات يمانية؛ لأنهم يمانية بالنسب والسبب والقائد للثورة فهو يماني أيضاً نسبة لأهل البيت ص، كما أن المنسوب للسفياني فهو سفياني أيضاً. ومن هنا نفهم أن الثلاث مائة والثلاث عشر أنصار الإمام المهدي ع كلهم يمانية نسبة لقائدهم اليماني لأنه أولهم وصاحبهم فأي منهم يقوم بثورة تسمى ثورة اليماني. فلا يلتبس على أحد الأمر عند مروره بروايات تذكر عدة يمانية، أي اليماني متعدد القادة. إلا إن اليماني المخصوص بالبيعة، والملتوي عليه من أهل النار، هو حجة من حجج الله في أرضه، وهو معصوم. ولم يشر أي من الأنبياء على بيعة غير المعصوم، فكيف يطلب البيعة سيد المرسلين وحبيب إله العالمين لشخص غير معصوم. وقد مرت علينا الروايات التي تطلب البيعة والنصرة ممن سمع أو رأى داعي آل محمد ص اليماني. وجاء في كتاب عصر الظهور للشيخ الكوراني عدت احتمالات حول ثورة اليماني، وهذا نص ما قال: (ويحتمل أن تكون ثورة اليماني أهدى بسبب سياسته الحاسمة مع جهازه التنفيذي، سواء في اختياره من النوعيات المخلصة المطيعة فقط، ومحاسبته الدائمة والشديدة لهم، وهي السياسة التي يأمر الإسلام ولي الأمر أن يتبعها مع عماله كما في عهد أمير المؤمنين ع إلى عامله في مصر مالك الأشتر (، وكما ورد في صفات المهدي ع أنه شديد على العمال رحيم بالمساكين بينما لا يتبنى الإيرانيون هذه السياسة، ولا يعاقبون المسؤول المقصر أو الخائن لمصالح المسلمين على ملأ الناس، ليكون عبرة لغيره. فهم يخافون أن يؤدي ذلك إلى تضعيف الدولة الإسلامية التي هي كيان الإسلام. ويحتمل أن تكون راية اليماني أهدى في طرحها الإسلامي العالمي، وعدم مراعاتها للعناوين الثانوية الكثيرة والمفاهيم والمعادلات المعاصرة القائمة، التي تعتقد الثورة الإسلامية الإيرانية أنه يجب عليها أن تراعيها. ولكن المرجح أن يكون السبب الأساسي في أن ثورة اليماني أهدى أنها تحظى بشرف التوجيه المباشر من المهدي ع، وأنها جزء مباشر من خطة حركته ع، وأن اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه. ويؤيد ذلك أن أحاديث ثورة اليمانيين تركز على مدح شخص اليماني قائد الثورة وأنه، يهدي إلى الحق، ويدعو إلى صاحبكم، وأنه لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو إلى النار…). ثم أشار الكوراني إلى ثورة الإيرانيين وغيرها، التي تكون قبل الإمام ع وقال: ومثل هذه البداية المبكرة إنما تقوم على اجتهاد الفقهاء واجتهاد وكلائهم السياسيين، ولا تتوفر لها ظروف النقاء والنصاعة التي تتوفر لثورة اليماني الموجهة مباشرة من الإمام المهدي ع. ومنها حول احتمال أن يكون اليماني متعدداً، ويكون الثاني منهما هو اليماني الموعود. فقد نصت الروايات المتقدمة على أن ظهور اليماني الموعود مقارن لظهور السفياني، أي في سنة ظهور المهدي ع. ولكن توجد رواية أخرى صحيحة السند عن الإمام الصادق ع تقول: (يخرج قبل السفياني مصري ويماني) ([206]). أما وقت خروج هذا اليماني الأول، فقد حددت الرواية الشريفة أنه قبل السفياني فقط. وقد يكون قبله بمدة قليلة أو سنين طويلة. والله العالم. ومنها خبر (كاسر عينه بصنعاء) الذي رواه في البحار: ج52 ص245، عن عبيد بن زرارة، عن الإمام الصادق ع، قال: ذكر عند أبي عبد الله ع السفياني فقال: (أنى يخرج ذلك ولم يخرج كاسر عينه بصنعاء) وهو من الأحاديث الملفتة الواردة في مصادر الدرجة الأولى مثل غيبة النعماني ولعله صحيح السند. ويحتمل أن يكون هذا الرجل الذي يظهر قبل السفياني يمانياً ممهداً لليماني الموعود كما ذكرنا، ويحتمل في تفسير (كاسر عينه) عدة احتمالات أرجحها أنه وصف رمزي مقصود من الإمام الصادق ع لا يتضح معناه إلا في حينه…) انتهى ([207]). -يمــاني اليـمن إن أغلب الباحثين الذين تطرقوا إلى شخصية اليماني، تلك الشخصية التي ترتكز عليها خطة التمهيد لدولة العدل الإلهي، كان تركيزهم على أن بلاد اليمن الحالية هي نقطة انطلاق اليماني الموعود. ومعظمهم كان لا يفرق بين اليماني الذي يخرج من اليمن وبين يماني الإمام المهدي ع ووزيره الخاص المنصوص له بالبيعة، وعلى الرغم من أن آل محمد ص وصفوا يمانيهم بصورة دقيقة ولكن لحكمة هم أرادوها ص، ومن باب التقية خوفاً من أعداء حركة الظهور المقدس، لذلك كان الحديث أكثر عن يماني آخر غير اليماني الموعود، ووجه التعتيم فيه كونه من اليمن كما أشاروا في روايات أخرى إلى عدة شخصيات ممهدة ومعظمها إشارات إلى شخص واحد. واليماني الذي يخرج من اليمن يقاتل الأخوص (أي السفياني) فيخرج عليه الأخوص. عن أبي جعفرع، قال: (… ثم يسير إليهم منصور اليماني من صنعاء بجنوده وله فورة شديدة يستقبل الناس قتل الجاهلية، فيلتقي هو والأخوص، وراياتهم صفر، وثيابهم ملونة، فيكون بينهما قتال شديد، ثم يظهر الأخوص السفياني عليه…) ([208]). أما اليماني الموعود فهو الذي يهزم السفياني كما في أغلب الروايات: (… فيخرج الله على السفياني من أهل المشرق وزير المهدي فيهزم السفياني إلى الشام…) ([209]). ومن المعلوم أن يماني الإمام هو صاحب رايات المشرق… أما ما يخص يماني اليمن فهو من ولد زيد، وفي خبر اسمه حسن أو حسين إلا إن هذا الخبر ورد عن سطيح الكاهن: (… ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن، أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن …) ([210]). ولم يرد عن المعصومين إطلاقاً لا من قريب ولا بعيد، وسطيح هذا هو الذي توفي يوم ولادة رسول الله ص ويعد خبر وفاته من العلامات التي تذكر في فضائل يوم ولادة النبي ص، وهذا الكاهن كان يأخذ أخباره عن طريق الجن (أي قبل أن تحمى السماء من الذين يسترقون السمع) كما في قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ﴾([211])، ففيها الصحيح وفيها الخطأ، علماً أن أغلب الباحثين الذين تطرقوا لشخصية اليماني قالوا إن اليماني اسمه حسن أو حسين، بدون أي دليل بل قطعوا بذلك اعتماداً على خبر سطيح، وأخذوا خبر هذا الكاهن أخذ المسلمات ومنهم الشيخ علي الكوراني والشيخ محمد السند، واعتبروه ككلام الله لا يأتيه الباطل من بين يدية ولا من خلفه، أما كلام أهل البيت ص فلم يستمعوا له ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾([212])، ويقولون كلام أهل البيت ص فيه أخذ ورد، وضعيف وقوي و…و… إنا لله وإنا إليه راجعون، بئس القوم أنتم والله، تسلمون لكلام الكاهن وتبنون عليه اعتقادكم، وتتوجلون من كلام من قرن كلامهم بكتاب الله وقال فيهما رسول الله ص لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. ويماني الإمام ع هو المنصوص له بالبيعة كما في روايات أهل البيت ص، وهو من ولد الإمام المهدي ع وهو وصي وهو معصوم منصوص على بيعته من قبل رسول الله ص، وأمر له بالبيعة وحدد أنه من ذرية الإمام المهدي ع واسمه أحمد، ولم يرد أنه من ذرية زيد في وصية رسول الله ص ليلة وفاته، والمعصوم لا يخلفه إلا معصوم وهو خليفة أبيه ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾([213]). وكما ورد في الروايات: قال رسول الله ص: (يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا تصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلوهم قتالاً لا يقاتله قوم، ثم ذكر شاباً فقال: إذا رأيتموه فبايعوه فإنه خليفة المهدي) ([214]). عن أبي الحسن ع، قال: (كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات، حتى تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات) ([215]). أما الذي من ولد زيد: عن الصادق ع في حديث تعقيب صلاة الظهر في علامات الظهور، قال: (خروج راية من المشرق وراية من المغرب، وفتنة تظل أهل الزوراء، وخروج رجل من ولد عمي زيد باليمن…) ([216]). ظهور رايتي المشرق والمغرب، وهما اليماني والسفياني، غير راية الرجل من ولد زيد وقد ذكرت مستقلة، ولا مانع من أن يكون فيما بعد ممن يتبع ويبايع راية المشرق المنصوص ببيعة صاحبها (اليماني)، أو يخرج وينتهي أمره في أوانه وكأنه ذكر كعلامة من علامات الظهور. وأشارت بعض روايات أبناء العامة إلى أن يماني اليمن قحطاني. وفي قصص الأنبياء، عن كعب: (لابد من نزول عيسى ع إلى الأرض، ولا بد أن يظهر بين يديه علامات وفتن. فأول ما يخرج ويغلب على البلاد الأصهب، يخرج من بلاد الجزيرة، ثم يخرج من بعده الجرهمي من الشام، ويخرج القحطاني من بلاد اليمن، قال كعب الأحبار: بينما هؤلاء والثلاثة قد تغلبوا على مواضعهم بالظلم، وإذ قد خرج السفياني من دمشق ([217]). وقطعاً أن القحطاني الذي يخرج من بلاد اليمن هو ليس اليماني الموعود؛ لأنه أشارت له الرواية أعلاه بالظلم، فقال تغلبوا على مواضعهم بالظلم، وهذا لا يليق بيماني الإمام المهدي ع كونه معصوماً وبيعته فرض واجب، لا يدخل الناس بالباطل ولا يخرجهم من الحق. ومن باب آخر إن اليماني الموعود من ذرية رسول الله ص ومن ذرية الإمام المهدي بالخصوص، ورسول الله ص يرجع نسبه عدناني وليس قحطاني، فيماني رسول الله الذي من نسبه عدناني وليس قحطاني، وهذا وحده يكفي، وحتى الثائر من ذرية زيد فهو عدناني أيضاً وليس قحطاني. وهذا نسب رسول الله ص إلى عدنان، فهو ص أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، إلى هنا مجمع عليه وما بعده إلى آدم مختلف فيه ولا يثبت فيه شيء) ([218]). -يمـاني الإمـام المهدي ع إن من أهم الشخصيات التي يرتكز عليها التمهيد لدولة العدل الإلهي هو شخص اليماني الحامل لراية أهل البيت ص وصاحب راية الحق الوحيدة، ونظراً لتعدد هذه الشخصية كما هو واضح من روايات أهل البيت ص لابد من الالتفات إلى أن يماني الإمام هو وصيه، والوصي من المحتوم الذي أشارت إليه الروايات بأنه غير مشمول بالبداء، وهو أحد العلامات الخمسة الحتمية أما غيره، فهو مشمول بالبداء، والعلامات الحتمية الخمسة التي تسبق الإمام المهدي ع، هي التي تتحكم بخطة الظهور بل هي جزء من الظهور المقدس، وهي تكون قبل القيام بالسيف. عن أبي عبد الله ع، قال: (خمس قبل قيام القائم: خروج اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية) ([219]). ومما لا خلاف فيه أن اليماني يخرج قبل الإمام المهدي ع، وهو من علاماته المحتومة الغير مشمولة بالبداء كما ورد عنهم ص إلا ما شاء الله. عن أبي جعفر محمد بن علي ع: (… وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) ([220]). وبعد أن مررنا مسبقاً في الروايات التي تذكر عدداً من الرايات الضالة ([221])، وراية الهدي بينها واحدة فقط، وعند مرورنا بالرواية أعلاه، نجد راية الهدى الوحيدة والتي كل ما سواها باطل، فنرى قوله ع: ليس في الرايات أهدى من راية اليماني هي راية هدى، ثم بيَّن السبب قائلاً: لأنه يدعو إلى صاحبكم، أي يدعو إلى بيعة الإمام المهدي ع علناً وبدون أي لف أو دوران، أي تحت اسم حزب أو مرجعية أو حركة أو كيان سياسي، وأمر إعلان الدعوة إلى صاحب الأمر، على اليماني واجب، فقول الإمام الباقر ع يبين سبب الوجوب، أي قوله ع: ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، بالإضافة إلى الروايات الأخرى التي توجب بيعته. وبما أن الناس مبتلون باتباع اليماني وطاعته، والالتواء عليه يستوجب دخول النار، فلابد أن يكون اليماني صاحب دعوة علنية يقدم فيها ما يدل على صحة ما يدعيه، وغير مستتر تحت أي عنوان، كما يفعل بعض من يصطادون بالماء العكر هذه الأيام، وكل منهم ينوه إلى نفسه ولكنه لا يتجرأ أن يدعي أنه صاحب هذه الشخصية، ولكنه يتمنى ذلك، ومن الطبيعي أن يُكذِب مثل هؤلاء (حسداً) بدعوة صاحب الدعوة الحقيقي إذا ادعاها، بالإضافة إلى أن هذه الدعوى إذا ادعاها غير صاحبها، فلا يلبث إلا قليلاً، حتى يفضحه الله، قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ( لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ( ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾([222]). عن أبي عبد الله ع، قال: (إن هذا الأمر لا يدعيه غير صاحبه إلا تبر الله عمره)([223]). ثم بعد الدعوة، لفترة من الزمن والتي أشارت إليها بعض الروايات أنها اثنان وسبعون شهراً، أي ست سنوات تقريباً، بين خروج المهدي الأول (اليماني) الذي يمهد لأبيه الإمام المهدي ع، وفترة تمهيده للدعوة وخروجه للقتال وخروج الرايات التي تقاتل بين يديه، وخروج السفياني، وهو الذي يخرج في نفس الوقت الذي يخرج به اليماني والخرساني، واستمرار القتال بينهم طيلة فترة حكم السفياني، وهي ثمانية أشهر، إلى أن يسلم الأمر للإمام المهدي ع. عن ابن الحنفية، قال: (بين خروج الراية السوداء من خراسان وشعيب بن صالح وخروج المهدي وبين أن يسلم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهراً) ([224]). ثم قال ع في رواية خروج اليماني: فإذا خرج اليماني أي خرج لقتال السفياني فهما نظام كنظام الخرز، واليماني قائد جيوش الإمام المهدي ع، والسفياني ألد أعداء الإمام المهدي ع، وخروج اليماني للقتال هو خروج للإمام المهدي ع، عندها يَحرُم بيع السلاح على الناس وعلى كل مسلم: أي يَحرُم بيع السلاح ولابد أن يبذل مجاناً للمسلمين عند خروجهم للقتال (أي قتال أعداء الإمام ع)، كونك وما تملك ملك للإمام ع الذي هو خليفة الله المالك الحقيقي للعباد، فلا يبيع المخول على المالك الحقيقي، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُم﴾([225])، والإمام ع أولى منك بنفسك، أفلا يكون أولى منك بما تملك من سلاح أو مال، لذا يَحرُم بيع السلاح عليه بل يجب عليك القتال بين يديه وأن تبذل ما لديك من سلاح لإخوانك المجاهدين في صفوفه، وهذا أمر لا يحتاج إلى فتوى مرجع. أما البيع على أعداءه، فهذا أمر لا يحتاج إلى توضيح، لذا ورد في الحديث: فإذا خرج اليماني حُرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، فقضية السلاح مرتبطة بقضية الخروج للقتال، أما دعوته لصاحبكم فتسبق خروجه وهذا واضح من الرواية، ولابد من دعوة الناس لنصرة الإمام المهدي ع ولابد له (أي اليماني) أن يجمع القاعدة وأن يُبيِّن حجيته عليهم، فقوله ع: (ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم). يتبين لنا أن اليماني حجة الله على العباد والملتوي عليه من أهل النار، أي الخارج عن طاعته من أهل النار، وهذا لا يكون إلا في المعصوم، أي الملتوي عليه خارج عن ولاية آل محمد وعن طاعة الحجة منهم. عن علي بن موسى الرضا ع، عن موسى بن جعفر ع، عن جعفر بن محمد ع، عن محمد بن علي ع، عن علي بن الحسين ع، عن الحسين بن علي ع، عن علي بن أبي طالب ع، عن النبي ص، عن جبرئيل ع، عن ميكائيل ع، عن إسرافيل ع، عن اللوح، عن القلم، قال: يقول الله تبارك وتعالى: (ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمن ناري) ([226]). وقال الإمام الرضا ع: (سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص يقول: سمعت النبي ص يقول: سمعت الله ( يقول: لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي، قال: فلما مرت الراحلة نادانا: بشروطها، وأنا من شروطها) ([227]). فكون مجرد الالتواء على اليماني يوجب النار، أي لابد أن يكون الالتواء عليه خروجاً من هذا الحصن (أي الولاية)، لأنه خروج على حجة الله في زمانه. حيث أن حصن الله الذي يأمن من دخله العذاب هو (لا اله إلا الله) ولا يقولها الإنسان مخلصاً إلا إذا اتبع وأطاع حجة الله في زمانه لأنه منصب من الله، فالذي لا يقر تنصيب الله لا يقر أن لا اله إلا الله وإن قالها بلسانه، إذن فالإمام المهدي ع من شروطها وابنه المهدي الأول ع من شروطها وأبناءه المهديين ص من شروطها، فليس في الأرض حجة بعد الأنبياء والرسل والأئمة إلا المهديين من ولد الإمام المهدي ع. فلا بد لليماني (المهدي الأول) الذي هو أول المؤمنين، لابد له من دعوة قبل خروجه يبين بها أحقيته على غيره بالنصرة، وارتباطه بالإمام المهدي ع ومكانته منه ع. وكمثال: إن الأحزاب الإسلامية أيام نظام صدام (لعنه الله)، كل منها كان خارجاً عن طاعة الآخر، وكل منهم يرى ما لا يرى الآخر، لعدم إيمانه بعصمته وكل يجاهده بالطريقة التي يراها، فلا يعني التواء وعدم طاعة أحدهم الآخر أن أحدهم من أهل النار في ذلك الحين، وذلك لعدم حجة أحدهم على الآخر وكلاهما كان يجاهد. أما اليماني فالملتوي عليه من أهل النار؛ لأنه حجة منصب من الله، وعليه فإن رايات المشرق التي فيها اليماني بما فيها الخراساني وشعيب بن صالح وغيرهم أي الرايات التي تقاتل تمهيداً للإمام هي منطوية تحت راية اليماني، فإن لم تكن كذلك فهي من أهل النار، كما قال الإمام الباقر ع: (لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعوا إلى طريق مستقيم)، والطريق المستقيم هو صراط الله المستقيم. قال تعالى: ﴿قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾([228]). ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدىً مُسْتَقِيمٍ﴾([229])، والصراط المستقيم هو صراط الولاية صراط علي بن أبي طالب. قال تعالى: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾([230])، فهل من متبع لصراط علي ع. قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾([231]). ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾([232]). ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾([233])، والساعة هو الإمام المهدي ع كما مر في الروايات. ولا استقامة إلا من الله وممن يمثل الله، وقول المعصوم ع: في اليماني (أنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) هو يقصد الكلمة بكل معانيها وبلا مجاملة ولا مبالغة، ولا تكتمل معانيها إلا بحجة من حجج الله وشخص معصوم طاهر من الرجس من آل بيت النبوة ولا يوجد من أهل البيت وحجج الله في وقتها (أي في زمن ظهور اليماني) إلا الإمام المهدي ع وابنه ووصيه أول المهديين ع كما في الروايات ([234])، وكون اليماني هو ليس الإمام المهدي ع، إذن فهو أول المهديين فليس هناك وصي غيره، وبما أن الأحد عشر المهديين الباقين يأتون من ذرية الأول فلابد أن يكون المهدي الأول هو اليماني الذي قال فيه الإمام الباقر ع وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم. وطلب له البيعة رسول الله ص في روايات عديدة ([235]) ومنها: بإسناده عن ثوبان، قال: قال رسول الله ص: (تجئ الرايات السود من قبل المشرق، كأن قلوبهم من حديد، فمن سمع بهم فليأتهم فليبايعهم ولو حبواً على الثلج) ([236]). وهنا قول رسول الله ص: (فمن سمع بهم فليأتهم فليبايعهم) أي إنه ص يطلب لهم البيعة، وطلبه واجب على كل من سمع به، والمعصوم لا يطلب البيعة إلا لمعصوم منصب من الله، فرسول الله لم ينصب اليماني ويطلب له البيعة من تلقاء نفسه ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾([237]). ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾([238])، ولم يطلب أي نبي أو إمام أو وصي من الأولين والآخرين البيعة لشخص غير معصوم إطلاقاً، بل كان شعارهم البيعة لله والحكم لله والتنصيب لله، أما تنصيب الناس واختيارهم فذلك من مطالب الشيطان، كما أكد ع بشدة على هذه البيعة ولا عذر لأي شخص منها كبيراً كان أو صغيراً ذكراً كان أو أنثى فقال ع: فبايعوه ولو حبواً على الثلج. لعلمه بالمتخاذلين المحتجين بحجج واهية. فلم يجعل لهم عذراً إطلاقاً، وأرجو من الأخ القارئ أن يسأل نفسه هل هو من المتخاذلين أم لا ؟ فلا عذر… ولو حبواً على الثلج واثأر لله ولا تثأر لنفسك فتكون والشيطان سواء في الجحيم. ولما تبين لنا أن اليماني معصوم وهو حجة من حجج الله على خلقه، ومن المعلوم أن حجج الله المعصومين هم الأنبياء وختموا بمحمد ص والأئمة وهم أموات قبل هذا فلم يبقَ معصوم إلا الإمام المهدي ع ووصي الإمام المهدي ع في زمن الظهور، وبما أن اليماني ليس الإمام المهدي محمد بن الحسن ع، وبما أن اليماني من العلامات الحتمية التي قبل الإمام ع وفي روايات تذكر المهدي يخرج من المشرق والإمام ع يخرج من مكة بين الركن والمقام وليس من المشرق. إذن صاحب رايات المشرق الذي خُص بالبيعة من قبل الله ورسوله هو المهدي الأول (اليماني)؛ لأنه هو الوصي والممهد لأبيه ع، والوصي مخصوص بالعصمة ما دام خُص بالوصاية والبيعة الإلهية، وهذه الأمور خص بها اليماني كما مرَّ في الروايات. فلابد أن يكون هو نفس الشخص، فرسول الله ص وأهل بيته ص لا يطلبون البيعة لشخصين في نفس الوقت.(أي زمن الظهور). وقد ذكرت مسبقاً إن الحجج بعد رسول الله ص أربعة وعشرون، اثنان منهم موجودان في زمن الظهور، فقط هما الإمام وشخص الممهد له، أول المهديين. عن الصادق ع: (أن منا بعد القائم ع اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين ع)([239]). قال رسول الله ص: (إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبواً على الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي) ([240]). إذن فرايات المشرق فيها خليفة الله المهدي، والخلفاء المهديون من ولد الإمام المهدي ع اثنا عشر مهدياً، فلا إشكال أن يكون المهدي الأول منهم هو صاحب رايات المشرق، كما أن المهدي الأول حجة الله ومعصوم، ورايات المشرق لا يقودها إلا معصوم فالملتوي على صاحبها والخارج عن طاعته خارج عن الولاية ومن أهل النار، فلا يكون إلا معصوماً، وأكدت الروايات إن قائدها اليماني الوحيد الذي يهزم السفياني. كما أكدت الروايات إن فيها خليفة الله المهدي والمهدي ع ولا يكون منطوياً تحت راية أحد. ومن جانب آخر أكدت الروايات إن قائدها اليماني لا يحل لأحد أن يلتوي عليه فلا يكون إلا هو اليماني من ذرية محمد ص فمحمد ص يماني كما مر في الحديث ويصدق أن يقال كل أهل مكة يمانية لأن مكة من تهامة فذريته يمانية، ولكن المطلوب يماني الإمام ع. وقد مر مسبقاً أن الإمام ع يخرج من مكة ولا يخرج قبل السفياني ولا قبل اليماني، فهما من العلامات الحتمية التي تسبقه، إذن خليفة الله المهدي الموجود في رايات المشرق هو أول المهديين، ورايات المشرق هي رايات اليماني وهو وصي الإمام ووزيره وقائد جيوشه، ولكن هناك ما يوضح الأمر أكثر وان كان هذا كافياً، وهو أن اسم صاحب رايات المشرق واسم المهدي الأول من ولد الإمام المهدي ع هو واحد. * * * -اليماني أول المهديين عن أبي عبد الله ع، عن آبائه، عن أمير المؤمنين ع، قال: قال رسول الله ص في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع: (يا أبا الحسن، احضر صحيفة. ودواة فأملى رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الاثني عشر إمام، وساق الحديث إلى أن قال: وليسلمها الحسن ع إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد ص فذلك اثنا عشر إماما ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي، وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين) ([241]). والرواية معتبرة السند كما ذكر الميرزا النوري في النجم الثاقب، واضحة الدلالة لا تحتاج إلى تأويل، أي إن المهدي الأول هو ابن الإمام ع وأول أنصار الإمام وأول المؤمنين بدعوة ظهور الإمام المهدي ع؛ لأن المؤمنين بالله كثير والمسلمون أكثر، فقوله أول المؤمنين لا يكون إلا أول المؤمنين بالإمام ع في أوان دعوته للظهور؛ لأنه رسوله للناس كافة وهو وصيه الذي يحكم دولة العدل الإلهي بعد أبيه ع وأسماؤه (أحمد وعبد الله والمهدي) فأما عبد الله فهي صفة وأما المهدي فكونه أول المهديين الاثني عشر أبناء الإمام المهدي ع فلا يبقى من أسمائه إلا أحمد. -مطابقة الاسم: بعد أن تبين لنا أن المهدي الأول اسمه أحمد من خلال وصية رسول الله ص، ثم ننظر في الروايات التي تشير إلى اليماني وهي الروايات التي تخص الرايات السود وكنوز الطلقان ورايات خراسان ورايات المشرق لعدم ورود أي رواية تشير إلى تلك الرايات إنها خارجة أو ملتوية على راية اليماني ع، فالملتوي عليه من أهل النار بل كل الروايات تؤكد على أنها رايات تقاتل للتمهيد للإمام المهدي ع. وعن الباقر ع بالطريق المذكور يرفعه إلى جابر قال: (إن لله تعالى كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولا فضة، اثنا عشر ألفا بخراسان شعارهم:(أحمد أحمد) يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء، عليه عصابة حمراء، كأني أنظر إليه عابر الفرات، فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبواً على الثلج) ([242]). فهنا تُبيِّن الرواية اسم اليماني هو أحمد أيضاً، وهذا مطابق لاسم المهدي الأول ع، كما مرَّ في وصية رسول الله ص التي أشار فيها إلى وصي وخليفة الإمام المهدي ع. وقلت مسبقاً إن الرايات التي دعا إليها رسول الله وأكد على بيعتها ولو حبواً على الثلج هي رايات المشرق (أي رايات اليماني الموعود) التي لا يلتوي عليها أحد إلا كان من أهل النار، وكنوز الطلقان ممدوحون حسب الرواية، والشاب من بني هاشم الذي يقود كنوز الطالقان هو أحد قادة جيش اليماني؛ لأن كنوز الطالقان من رايات المشرق المنطوية تحت راية اليماني وشعارهم (أحمد أحمد) ومن المعلوم أن عبارة (أحمد أحمد) ليس شعاراً كشعاراتنا المعروفة بل هي إشارة إلى القائد العام والذي تدعو إليه جميع رايات الهدى المشرقية. أما قول الإمام ع وهو يتحدث عن كنوز الطالقان، كأني أنظر إليه عابر الفرات وكون الطالقان في إيران، فمن المعلوم أن الفرات لا يمر بأي منطقة حدودية لدولة إيران إلا محافظة البصرة بعد التقاء الفرات بدجلة ويدخلاها بشط العرب. أما عبوره من أي منطقة أخرى من مدن العراق غير البصرة، فليزمه أن يعبر دجلة وليس الفرات، إذن فهناك إشارة واضحة إلى علاقة اليماني بالبصرة، وهي أحد المحافظات الجنوبية في العراق التي يمر بها نهر الفرات، في مدينة الناصرية والتي كانت تسمى (فرات البصرة) كما تسمى محافظة ميسان (دجلة البصرة). عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (… ويخرج دجال من دجلة البصرة وليس مني وهو مقدمة الدجالين كلهم) ([243]). وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (… ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم ثم خروج الدجال من بعد ذلك يخرج الدجال من ميسان نواحي البصرة) ([244]). والبصرة بحدودها الحالية ليس فيها دجلة ولا فرات بل هما مجتمعان فيها بشط العرب فتكون دجلة البصرة ميسان وفراتها الناصرية كما هو واضح في الرواية الثانية عن أمير المؤمنين ع، أي إن ميسان من نواحي البصرة قديماً. وطلب أهل البيت ص من الناس اتباع عابر الفرات؛ لأن الفرات في العراق، فالحديث موجه لأهل العراق أولاً وغيرهم ثانياً، قال ع: (كأني أنظر إليه عابراً الفرات. فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبواً على الثلج) - ويقال حبا الرجل: مشى على يديه وبطنه ([245])- واللبيب بالإشارة يفهم، وهذا أمر صريح وليس مجرد إشارة للبيب أو غيره، ولا يلتوي إلا معاند مكابر كافر بآل محمد رافض لهم (من أعدائهم) أو عابد لغير الله - لأحد علماء الضلالة الخونة - الذي قال عنهم الناطق عن الله محمد ص: (فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء)، ويوهمون الناس وأنفسهم بأنهم أولياء الله. قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾([246])، ولم يستثنِ ص منهم، لضآلة النسبة المستثناة منهم وهم الذين لا يعتد بهم آنذاك ولا يؤثرون بذلك المجتمع العاصي المنحرف، وهم من المستضعفين قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾([247]). -حجة الله ورسول الله ص يأمر ببيعته ع: من الواضح من رواية المهديين أن الاثني عشر المهديين ص بعد الإمام المهدي ع هم من ذريته وهم أوصياء منصوص عليهم كما نصت وصية رسول الله ص على الأئمة الاثني عشر ص قبلهم، وهم بعد أبيهم الإمام المهدي ع حجج الله على العباد لئلا تخلو الأرض من حجة. قال تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾([248])، وقال تعالى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾([249]). عن أبي جعفر الباقر ع أنه قال: (والله ما ترك الله أرضه منذ قبض الله آدم إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله وهو حجته على عباده ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده)([250]). عن أبي عبد الله ع، قال: (لو بقي في الأرض اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه) ([251]). قال أبو عبد الله ع: (لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام وقال إن آخر من يموت الإمام لئلا يحتج أحد على الله ( أنه تركه بغير حجة لله عليه) ([252]). ومما لا خلاف فيه أن حجة الله لا يكون إلا معصوماً لتكون حجته كاملة ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ( إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾([253])، فإن الله يجعل من بين أيدي حججه ومن خلفهم رصداً رفعة لأقدارهم وتعظيماً لشأنهم، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولتكون حجة الله عليهم تامة غير ناقصة. ولما تبين لنا أن أول المهديين هو حجة من حجج الله ومعصوم وهو الوصي بعد أبيه وخليفته وأول المؤمنين به وهو الممهد الرئيسي والقائد للجيوش التي تقاتل قبل القائم تمهيداً لدولته. أما قائد الرايات السود المشرقية فهو خليفة المهدي، وبما إن الخليفة واحد، إذن فهو المهدي الأول نفسه، واليك هذه الرواية: (إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج فإن فيها خليفة المهدي) ([254]). وقلت مسبقاً إن اليماني هو قائد رايات المشرق وهو أيضاً حجة الله ومعصوم كما نصت الروايات على أنه الممهد الرئيسي للإمام ع. قال رسول الله ص: (يقتل عند كنـزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا تصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلوهم قتالا لا يقاتله قوم ثم ذكر شاباً فقال إذا رأيتموه فبايعوه فانه خليفة المهدي) ([255]). وهذا الشاب وهو اليماني، وبمجرد دعوة رسول الله ص له بالبيعة دليل على عصمته وحجيته كما أن قول الإمام الباقر ع: (الملتوي عليه من أهل النار) يؤكد حجية اليماني أكثر، وكون المهدي الأول وصي فعصمته وحجيته ثابتة، والرواية السابقة تصرح بأنه خليفة المهدي وخليفة المهدي واحد، فلا يكون إلا اليماني هو المهدي الأول، أما إذا قلنا ربما إن اليماني شخص غير المهدي الأول، أقول لابد أن يكون أحدهم حجة والآخر منطوي تحت رايته. فإذا قلت إن المهدي الأول هو الحجة، وهنا يصبح دور اليماني ثانوياً وهو منطوي تحت راية المهدي الأول، وهذا غير صحيح؛ لأن الروايات تصرح بأن اليماني هو الممهد الرئيسي للإمام ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ومن فعل ذلك فهو من أهل النار، ورسول الله ص يطلب له البيعة ولو حبواً على الثلج والروايات صريحة بأنه خليفة المهدي ع. أما إذا قلت إن اليماني هو الحجة فأقول إن رسول الله ص أشار بالوصية للمهدي الأول وقال: (وليسلمها إلى ابنه أول المهديين …الخ)، فهو منصوص على بيعته وهو وصي الإمام المهدي ع وخليفته بنص رسول الله ص فلا يكون منطوياً تحت راية أحد غير أبيه، ورسول الله ص لا يطلب البيعة إلى شخصين في نفس الوقت وهما في زمن واحد زمن الظهور لأن المهدي الأول أول المؤمنين بالإمام المهدي ع في أوان ظهوره، كما قال ص: (... وهو أول المؤمنين) واليماني هو قائد جيشه في أوان ظهوره إذن هما في زمن واحد، إذن طلب رسول الله ص البيعة في زمن الظهور لا يكون إلا لشخص واحد هو المهدي الأول (اليماني). -الإمام لا يلي أمره إلا إمام صرحت روايات المهديين (وصية رسول الله ص) بأن المهدي الأول هو وصي الإمام المهدي ع كما نصت روايات عديدة على أن صاحب رايات المشرق المنصوص على بيعته ولو حبواً على الثلج هو خليفة المهدي وفي روايات خليفة الله المهدي ([256])، ومن المعلوم أن الإمام المهدي ع يخرج بين الركن والمقام في مكة وليس من المشرق، ورايات المشرق أي رايات اليماني وغيرها من العلامات الحتمية التي تسبق الإمام، وصرحت الروايات أن المهدي أو خليفة المهدي هو في الرايات المشرقية التي تسبق الإمام المهدي ع، فمن هذا المهدي الذي هو من العلامات الحتمية ؟ أو من هذا الخليفة الذي يخلف الإمام المهدي ع إذا لم يكن معصوماً ؟ كما أن الروايات صريحة بأن الإمام لا يخلفه إلا إمام. وقد ذكر السيد المقرم في كتابه (زين العابدين) ص402 الأحاديث الدالة على أن الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله ([257]). والذي يوضح ما ورد في خبر المسيب حديث علي بن أبي حمزة حين سأل الرضا ع قال: (إنا روينا عن آبائك، أن الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله ؟ فقال له أبو الحسن الرضا ع: فأخبرني عن الحسين بن علي، كان إماماً أو كان غير إمام ؟ قال: كان إماماً. قال: فمن ولي أمره ؟ قال: علي بن الحسين. قال: وأين كان علي بن الحسين ؟ كان محبوساً في يد عبيد الله بن زياد. قال: خرج وهم لا يعلمون حتى ولي أمر أبيه ثم انصرف) ([258]). وعن سعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله محمد بن أبي عبد الله الرازي الجاموراني، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أبيه سيف، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر ع، قال: قلت له: أي بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله ( وحرم رسوله ص ؟ فقال: (الكوفة يا أبا بكر هي الزكية الطاهرة، فيها قبور النبيين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين، وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين) ([259]). وعلق الشريف المرتضى على الرواية أعلاه على عبارة القوام من بعده وعلى روايات المهديين الذين يخلفون الإمام المهدي ع. قال الشريف المرتضى ص في المجموعة الثالثة من رسائله 145: (ان قلنا بوجود إمام بعده خرجنا من القول بالاثني عشرية، وان لم نقل بوجود إمام بعده أبطلنا الأصل الذي هو عماد المذهب، وهو قبح خلو الزمان من الإمام… يجوز أن يبقى العالم بعده زماناً كثيراً، ولا يجوز خلو الزمان بعده من الأئمة ويجوز أن يكون بعده عدة أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله، وليس يضرنا ذلك فيما سلكناه من طرق الإمامة لأن الذي كلفنا إياه وتعبدنا منه أن نعلم إمامة هؤلاء الاثني عشر، ونبينه بياناً شافياً… ولا يخرجنا هذا القول عن التسمي بالاثني عشرية لأن هذا الاسم عندنا يطلق على من يثبت إمامة اثني عشر إماماً، وقد أثبتنا نحن ولا موافق لنا في هذا المذهب، فانفردنا نحن بهذا الاسم دون غيرنا) ([260]). كما دلت روايات تصل إلى حد التواتر قطعية السند والدلالة - أي تفيد الاعتقاد- تنص على إمامة اثني عشر من ولد علي وفاطمة ص، أي مع علي وفاطمة ورسول الله ص يصبح العدد خمسة عشر وهي إشارة واضحة إلى أول المهديين من ولد الإمام المهدي ع واليك منها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْعُصْفُورِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: (إِنِّي وَاثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَأَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ الْأَرْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا وَجِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اللَّهُ الْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ الِاثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَلَمْ يُنْظَرُوا)([261]). عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: (مِنْ وُلْدِيَ اثْنَا عَشَرَ نَقِيباً نُجَبَاءُ مُحَدَّثُونَ مُفَهَّمُونَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ يَمْلَأُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً) ([262]). أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ: (الِاثْنَا عَشَرَ الْإِمَامَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ مُحَدَّثٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَوُلْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَرَسُولُ اللَّهِ ص وَعَلِيٌّ ع هُمَا الْوَالِدَانِ) ([263]). مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ ص وَبَيْنَ يَدَيْهَا لَوْحٌ فِيهِ أَسْمَاءُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهَا فَعَدَدْتُ اثْنَيْ عَشَرَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ ع ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ عَلِيٌّ) ([264]). مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَشَّابِ، عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ: (الِاثْنَا عَشَرَ الْإِمَامَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص كُلُّهُمْ مُحَدَّثٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَمِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ، وَرَسُولُ اللَّهِ وَعَلِيٌّ ص هُمَا الْوَالِدَانِ…) ([265]). قال رسول الله ص لعلي ع: (يا علي، إني مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إليّ بعدك، وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة والشهداء المضرجون المقهورون في الأرض من بعدي والنجباء الزهر الذين يطفئ الله بهم الظلم ويحيي بهم الحق ويميت بهم الباطل، عدتهم عدة أشهر السنة أخرهم يصلي عيسى بن مريم ع خلفه) ([266]). عن الأصبغ، قال: (أتيت أمير المؤمنين عليا ع ذات يوم فوجدته مفكراً ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين تنكت في الأرض أرغبة منك فيها ؟ فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا ساعة قط ولكن فكري في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الذي يملاها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يكون له غيبة وحيرة، تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون. فقلت: يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ([267])، فقلت: وإن هذا لكائن ؟ قال: نعم، كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ؟ أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة) ([268]). قال يهودي لأمير المؤمنين ع: أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى ؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منـزلته في الجنة ؟ وأخبرني من معه في الجنة ؟ فقال له أمير المؤمنين ع: (إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني، وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن، وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وأمهم وجدتهم وأم أمهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد) ([269]). ومنها ما ورد عن أنس بن مالك، قال: (سئلت رسول الله ص عن حواري عيسى، فقال: كانوا من صفوته وخيرته، وكانوا اثنا عشر- إلى أن قال- فقلت: فمن حواريك يا رسول الله ؟ فقال: الأئمة بعدي اثنا عشر من صلب علي وفاطمة، وهم حواري وأنصاري، عليهم من الله التحية والسلام) ([270]). ما أخرجه الشيخ الخزاز، عن جنادة بن أبي أمية، قال: دخلت على الحسن بن علي بن أبي طالب ع في مرضه... إلى أن قال: (فقلت: يا مولاي مالك لا تعالج نفسك ؟ فقال: يا عبد الله بماذا أعالج الموت ؟ فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم التفت إليّ فقال: والله إنه لعهد عهده إلينا رسول الله ص إن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي وفاطمة ص ما منا إلا مسموم أو مقتول) ([271]). ومن هذه الأحاديث الدالة على إن الأئمة ص هم ثلاثة عشر إماماً مفترض الطاعة اثنا عشر من صلب علي وفاطمة، والحديث عن رسول الله ص قال: (ألا وإن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختار منهم رجلين: احدهما أنا فبعثني رسولاً ونبياً، والآخر علي بن أبي طالب، وأوحى إلي أن أتخذه أخاً وخليلاً ووزيراً ووصياً وخليفة. ألا وإنه ولي كل مؤمن بعدي، من والاه، والاه الله ومن عاداه، عاداه الله، لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. هو زر الأرض بعدي وسكنها، وهو كلمة الله التقوى وعروته الوثقى. ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾([272]). ألا وإن الله نظر نظرة ثانية فاختار بعدنا اثنا عشر وصياً من أهل بيتي، فجعلهم خيار أمتي واحداً بعد واحد، مثل النجوم في السماء، كلما غاب نجم طلع نجم. هم أئمة هداة مهتدون لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم. هم حجج الله في أرضه، وشهداؤه على خلقه، وخزان علمه، وتراجمة وحيه، ومعادن حكمته. من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله. هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض. فليبلغ الشاهد الغائب. اللهم اشهد، اللهم اشهد - ثلاث مرات - ) ([273]). قال رسول الله ص بعد عد الأئمة ص: (ثم يغيب عنهم إمامهم ما شاء الله ويكون له غيبتان إحداهما أطول من الأخرى، ثم التفت إلينا رسول الله فقال رافعا صوته: الحذر الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي) ([274]). ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتاب (المهدي والمهديين في القرآن والسنة) للأستاذ ضياء الزيدي وهو أحد إصدارات أنصار الإمام المهدي ع. -عصمته لدلالة الروايات على أن اليماني معصوم، والمهدي الأول معصوم، فلا مانع روائي أو غيره يمنع أن يكون شخص اليماني هو نفسه شخص المهدي الأول ع، أو أن شخص المهدي الأول هو نفسه شخص اليماني ع، بل لا يمكن فهم الروايات إلا بالقول باتحاد اليماني والمهدي الأول وعصمته. -الترتيب في القرب من الإمام ع نصت روايات المهديين على ان أول المؤمنين بالإمام المهدي ع هو وصيه كما إن هناك روايات تدل على أن الإمام المهدي ع لا يعلم بمكانه إلا المولى الذي يلي أمره أي (خليفته). عن أبي عبد الله ع، يقول: (إن لصاحب هذا الأمر غيبتين، تطول إحداهما حتى يقول بعضهم مات، وبعضهم ذهب، حتى لا يبقى امرؤ من أصحابه إلا نفر يسير. لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره) ([275]). عن أبي عبد الله الحسين بن علي ع، قال: (لصاحب هذا الأمر- يعني المهدي ع- غيبتان: إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات، وبعضهم ذهب لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره) ([276]). وهذه الرواية والتي قبلها صريحة دالة على أن الإمام المهدي ع لا يعلم بمكانه في زمن ظهوره حتى أولاده إلا المولى الذي يلي أمره ويأتي حكمه بعد حكم الإمام ع وهو الوصي بلا منازع ولا إشكال أي المهدي الأول. عن عبد الأعلى الحلبي، عن أبي جعفر ع- في حديث - قال: (حتى إذا بلغ إلى الثعلبية قام إليه رجل من صلب أبيه، وهو من أشد الناس ببدنه، وأشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الأمر، فيقول: يا هذا ما تصنع ؟ فو الله إنك لتجفل الناس إجفال النعم، أفبعهد من رسول الله ص أم بماذا ؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة: والله لتسكتن أو لأضربن الذي فيه عيناك. فيقول له القائم: اسكت يا فلان، إي والله إن معي عهدا من رسول الله، هات لي يا فلان العيبة – أو الزنفيلجة – فيأتيه بها فيقرؤه العهد من رسول الله ص فيقول: جعلني الله فداك، أعطني رأسك أقبله فيعطيه رأسه، فيقبل بين عينيه، ثم يقول: جعلني الله فداك، جدد لنا بيعة، فيجدد لهم بيعة) ([277]). أما اليماني فهو الذي يدعو الناس إلى بيعة الإمام المهدي ع كما نصت رواية الباقر ع وغيرها من الروايات (يدعوا إلى صاحبك)، وأُشير إليه أنه هو (خليفة المهدي)، وفي رواية أخرى أشير إليه بـ (خلف الخلف)، وفي رواية (خليفة الله المهدي) واليك الروايات: (إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج فإن فيها خليفة المهدي) ([278]). عن أمير المؤمنين ع، قال: (... حتى إذا غاب المتغيب من ولدي… ويحج حجيج الناس في تلك السنة من شيعة علي ونواصبه للتحسس والتجسس عن خلف الخلف فلا يرى له أثر ولا يعرف له خبر ولا خلف فعند ذلك سبت شيعة علي سبها أعداؤها وظهرت عليها الأشرار والفساق باحتجاجها..) ([279]). قال رسول الله ص: (يقتتل عند كنـزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا تصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق... فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي) ([280]). فمن هو الخليفة منهما المهدي الأول أم اليماني ؟ إذا لم يكونا شخصاً واحداً، فاليماني أمير رايات المشرق الذي طلب رسول الله ص له البيعة، والمهدي الأول وصي الإمام المهدي الذي نص رسول الله ص على بيعته في وصيته ليلة وفاته ص، فلا يكون الخليفة إلا نفس الشخص. عن أبي جعفر محمد بن علي ع أنه قال: (يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب، - وأومأ بيده إلى ناحية ذي طوى - حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه فيقول كم أنتم هاهنا فيقولون نحو من أربعين رجلاً فيقول كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم فيقولون والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه ثم يأتيهم من القابلة ويقول أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة فيشيرون له إليهم فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة التي تليها) ([281]). فالواضح من ظاهر الرواية أنّ الإمام المهدي ع يكون معه شخص هو الذي يدل أول مجموعة قادمة لنصرة الإمام المهدي المجموعة التي بايعت المولى الذي ولي البيعة، وهو الشخص الذي معه، ولا يمكن للناس معرفة الإمام من تلقاء أنفسهم، فمن كان يبحث عن الإمام ع فعليه أن يعرف المولى الذي معه وهو الواسطة بين الإمام والناس، ويكون شخصاً ظاهراً في دعواه للإمام، لذا يقول لنحو أربعين رجلاً، أشيروا إلى عشرة منكم، ولابد أن يكون الأربعين قد أُشير إليهم من بين عدد كبير أيضاً جاءوا للنصرة، وإلا ما معنى استعدادهم للقتال بغض النظر عن عدة وعدد العدو، وإذا قال قائل استعدادهم للقتال نابع من استعدادهم للشهادة وان قل عددهم، فأقول: وهل هم مستعدون أيضاً لتقديم الإمام للشهادة قبل أن ينجز مهمته، إذا كانوا فقط الأربعين دون أن يكون خلفهم أعداد تابعة. * * * -وكلٌ له يمـاني ومن خلال المرور بالأحداث عبر التاريخ، وخاصة الدعوات الإلهية، نرى أنه لابد لكل قائد من وزير وهو يمينه، وفي أكثر الأحيان هو وصيه وخليفته من بعده، وموضوعنا في البحث هو وزير ويماني القائد العالمي لدولة العدل الإلهي، وذلك لورود أكثر من يماني في الروايات وتداخل الروايات في هذه الشخصية وفي غيرها من الشخصيات التي تسبق الإمام ع. إن كل صاحب دعوة لابد له من شخص يعتمد عليه في كل أو أغلب الأحيان في مهامه الإدارية والعسكرية، وهو له بمثابة ذراعه الأيمن كأن يكون قائداً لجيشه أو وزيراً أو وصياً له، وأغلب الأحيان يكون الشخص الذي يجمع هذه الصفات هو واحد بالنسبة لأصحاب الدعوات الإلهية واليك بعض الأمثلة: هارون ع يماني موسى ع وهو الممهد له ووصيه وخليفته ووزيره ﴿وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾([282]). ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً﴾([283]). ﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾([284])، وكان هارون ع وقت غياب موسى ع هو الحجة المفترض الطاعة ودعاهم لطاعته التي هي طاعة الله فمن أطاعه نجا من فتنة العجل ومن عصاه وقع فيها ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً﴾([285]). ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ( هَارُونَ أَخِي ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾([286]). لقد منَّ الله على موسى ع وجعل له خليفة من أهله وهو هارون ع وقد مات هارون قبل موسى ع ولو كان موسى في زماننا لاعترض عليه بعض أولياء الشيطان بقولهم: كيف ينصب الله وصياً وخليفة ووزيراً لنبي، ثم يموت قبله، وهل فائدة الوصي إلا بعد النبي ؟ فاسال نفسك أيها القارئ هل كنت ستعترض معهم أم لا. واليوم يعترض أولياء الشيطان كيف يكون السيد أحمد الحسن وصياً ورسولاً للإمام المهدي ع ويأتي قبل قيام الإمام المهدي ع ويحكم بعده ؟ أقول: لقد جاء هارون قبل موسى ومهد له في مصر، وكان ذلك قبله بسنين عديدة ومن أراد المزيد فليراجع قصص الأنبياء. وكان أمير المؤمنين يماني رسول الله ووزيره ووصيه وقائد جيشه وصاحب لوائه وفي الحديث عن أمير المؤمنين ع قال: (… هل تعلمون إني كنت إذا قاتلت عن يمين رسول الله ص قال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ قالوا: اللهم نعم) ([287]). وعن رسول الله ص: (ولقد هبط حبيبي جبرئيل في وقت ولادة علي فقال لي: يا حبيب الله، الله يقرأ عليك السلام ويهنيك بولادة أخيك علي ويقول: هذا أوان ظهور نبوتك وإعلان وحيك وكشف رسالتك، إذ أيدتك بأخيك ووزيرك وصنوك وخليفتك ومن شددت به أزرك وأعليت به ذكرك فقمت مبادراً وجدت فاطمة بنت أسد أم علي وقد جاءها المخاض وهي بين النساء والقوابل حولها، وقال حبيبي جبرئيل يا محمد أسجف بينها وبينك سجفاً فإذا وضعت بعلي فتلقاه، ففعلت ما أمرت به ثم قال لي: امدد يدك يا محمد فإنه صاحبك اليمين، فمددت يدي نحو أمه فإذا بعلي مائلاً على يدي...) ([288]). أي أن الإمام علي ع هو يماني رسول أي إنه خليفته وقائد جنده. وعن أبو محمد ع، عن رسول الله ص يقول في بعض فضائل علي ع: (... جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ويفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي ع الذي هو أفضل من اليسار، كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه بالخدمة وملك الموت الذي أقامه بالخدمة، وأن اليمين واليسار أشرف من ذلك، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم) ([289]). أبي الفضل العباس ع يماني الإمام الحسين ع وحامل لوائه. والإمام المهدي ع خليفة الله في أرضه وقائد جند الله وهو يمين عرشه جل وعلا، فبه ينتقم من قتلة الحسين، وهو وآباؤه المعصومين وأبناؤه المهديين على يمين عرش الله جل وعلا، كما روى السيد ابن طاووس في كتاب المقتل… وقال: (إن الحسين لما سقط عن فرسه يوم الطف قالت الملائكة: ربنا يفعل هذا بالحسين وأنت بالمرصاد ؟ فقال الله لهم: انظروا إلى يمين العرش. فنظروا فإذا القائم قائما يصلي، فقال لهم: إني أنتقم لهذا بهذا من هؤلاء) ([290]). فإذا كان القائم يماني الله، وأنبياء الله ورسله ص هم يمانية الله ويمين عرشه، فما المانع من أن يكون رسول الإمام المهدي ع المولى الذي يأخذ البيعة والذي يلي أمره هو يمينه أيضاً... أقول: المانع هو أهل الخبرة كما يسميهم البعض، والعلماء غير العاملين على مدى التاريخ، الذين اغتصبوا مناصب خلفاء الله بشق الأنفس وبالسيف، فلا يعيدونها إلا بشق الأنفس وبالسيف، لذا يسقيهم القائم كأس مصبرة كما في الرواية: عن أمير المؤمنين ع: (بأبي ابن خيرة الإماء - يعني القائم من ولده ع - يسومهم خسفاً ويسقيهم بكأس مصبرة ولا يعطيهم إلا السيف هرجاً، فعند ذلك تتمنى فجرة قريش لو أن لها مفاداة من الدنيا وما فيها ليغفر لها لا نكف عنهم حتى يرضي الله) ([291]). فلو تجردنا من عبادة الأوثان البشرية وتعبدنا بقول الله وأنبيائه وأوصيائه، لما كان في البحث عن اليماني أي عناء، ولما احتاج الأمر إلى أهل الخبرة. فمن خلال كلام أهل البيت ص نعرف صفاته، فمثلاً في الروايتين التاليتين: عن حبة العرني، قال: خرج أمير المؤمنين ع إلى الحيرة فقال: (لتصلن هذه بهذه - وأومى بيده إلى الكوفة والحيرة - حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير، وليبنين بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عجل الله تعالى فرجه؛ لأن مسجد الكوفة ليضيق عنهم، وليصلين فيه اثنا عشر إماماً عدلاً، قلت: يا أمير المؤمنين، ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ ؟!! قال: تبنى له أربع مساجد مسجد الكوفة أصغرها وهذا ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب وهذا الجانب - وأومى بيده نحو البصريين والغريين - ) ([292]). وقال رسول الله ص: (يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا تصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلوهم قتالاً لا يقاتله قوم، ثم ذكر شاباً فقال: إذا رأيتموه فبايعوه فإنه خليفة المهدي) ([293]). الشاب خليفة الإمام المهدي ع هو وصيه، وهو يماني الإمام أيضاً، وقد أشار إليه المصطفى بالبيعة، علماً إن قتال هذه الرايات الثلاثة وطلوع الرايات السود من قبل المشرق قبل قيام الإمام المهدي ع، كما هو ثابت بالكثير من الروايات، بل الرايات السود من العلامات التي تسبقه ع، وأرجو أن يفهم ذلك أتباع بعض العلماء المسنين، فإنه لم يقل شيخاً بل قال شاباً، ومن اعترض على المصطفى فهو نظير من قال إن الرجل يهجر... ومن أراد اليوم أن يكون من أتباعه فليقل قوله وليفعل فعله. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِينا﴾([294]). وخليفة ويماني الإمام المهدي ع هذا الشاب، وهو صاحب الرايات السود المشرقية التي شعارها (أحمد أحمد)، والتي حث رسول الله ص على بيعتها ولو حبواً على الثلج، والتي تشير إلى اليماني. وكما قلنا مسبقاً إنه ص لا يطلب البيعة إلا لعلي ع وأبناءه المعصومين ص. وقد وردت روايات قوية السند تتعدى حد التواتر ([295]) ذكرتها سابقاً ([296]) تنص على أن المعصومين من غير محمد ص وعلي ع وفاطمة ص هم اثنا عشر إماماً (أي معهم يكون العدد خمسة عشر)، إشارة إلى أول المهديين، إذن خليفة المهدي من أبناء الإمام المهدي ع، (والذي يوضح ما ورد في خبر المسيب حديث علي بن أبي حمزة حين سأل الرضا ع قال: إنا روينا عن آبائك، أن الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله ؟ فقال له أبو الحسن الرضا ع: فأخبرني عن الحسين بن علي، كان إماماً أو كان غير إمام ؟ قال: كان إماماً. قال: فمن ولي أمره ؟ قال: علي بن الحسين. قال: وأين كان علي بن الحسين ؟ كان محبوساً في يد عبيد الله بن زياد. قال: خرج وهم لا يعلمون حتى ولي أمر أبيه ثم انصرف) ([297]). ومن خلال رواية المهديين نفهم أن خليفة المهدي هو أول المهديين ابنه أحمد كما قال رسول الله ص: (ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين) ([298]). ومن المعلوم أن خليفة الإمام المهدي ع هو واحد، وهذا ما يعزز قولنا إن اليماني والمهدي الأول وخليفة الإمام المهدي ع هو واحد، ثم يعزز ذلك ما روى عن بن حماد. روى ابن حماد: ص103 قال: ما المهدي إلا من قريش، وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلا ونسبا في اليمن، ورواه أيضاً في ص109 بسنده المذكور، وفي ص107 عن أرطأة: (فيجتمعون وينظرون لمن يبايعون، فبينا هم كذلك إذ سمعوا صوتاً ما قاله إنس ولا جان: بايعوا فلاناً، باسمه، وليس من ذي ولا ذو، ولكنه خليفة يماني…) ([299]). (ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك) ([300]). وهذا المهدي المذكور في هذه الرواية هو المهدي الأول (اليماني)؛ لأن الإمام المهدي ع لا يختفي من السفياني؛ لأن السفياني قبله ومن العلامات الحتمية الدالة على ظهور الإمام المهدي ع، والذي يختفي من السفياني يكون ظاهراً قبله، وهذا واضح من قوله: (فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي)، فالذي يختفي وقد ظهر قبل السفياني هو المهدي الأول (أول المؤمنين) الذي يمهد للإمام ويجمع القاعدة ويأخذ البيعة من الناس. والظهور ظهور الأمر، والخروج خروج للقتال. ويختفي بسبب خذلان الناصر أول الأمر، وقِلَّتَ من يبايعه. وهذا هو ديدن الناس مع آل محمد ص ومع أصحاب الدعوات الإلهية على مر العصور. * * * -أصحاب اليماني في القرآن وردة آيات قرآنية خاصة بأولياء الله تمدحهم وتبشرهم بالثواب الجزيل وتقسمهم درجات قال تعالى: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ أي الوقعة الثالثة كما ذكر في بيان السيد أحمد الحسن اليماني الموعود، قال في قوله تعالى: ﴿إِنَّها لإَِحدَى الْكُبَرِ﴾ أي القيامة الصغرى، والوقعات الإلهية الكبرى ثلاث هي: القيامة الصغرى والرجعة والقيامة الكبرى، والواقعة الثالثة القيامة الكبرى كما هو واضح، إلى أن قال تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً ( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ( وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ( فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ( وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾([301]). عن الإمام الصادق ع: (أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم ع، ويوم الكرة، ويوم القيامة) ([302]). وبعد أن نقرأ سورة الواقعة كاملة نجدها تتحدث عن درجات القيامة الكبرى، وتصنف الناس إلى ثلاث فئات، الفئة الثانية أصحاب الجنة أصحاب الميمنة، والفئة الثالثة أصحاب النار، أما الفئة الأولى فالسابقون أو المقربون وهم عدد أكبر من الأولين والقليل من الآخرين أي أنهم في آخر الزمان عدة قليلة، فأصحاب الميمنة هم الدرجة الثانية في سورة الواقعة، أما أصحاب اليمين في سورة المدثر، فهم غير الذين في سورة الواقعة، بل هم الذين استثناهم الله من الحساب عندما تكون كل نفس مرتهنة بما كسبت وما قدمست، قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ( إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾([303])، أي أنهم غير مرتهنين بأي ذنب وهم الدرجة الأولى، أي هم المقربون في سورة الواقعة، وهم خاصة أصحاب الحجج من آل محمد (يمين عرش الله)، خاصة أصحابهم، الاثنا عشر إماماً والاثنا عشر مهدياً، ومنهم أصحاب اليماني جيش الغضب الـ 313 وتذكر الروايات أنهم يحشرون يوم القيامة الكبرى فيقول الناس هذه الأمة كلها أنبياء. عن أبي عبد الله ع: (يقول إن صاحب هذا الأمر محفوظة له أصحابه لو ذهب الناس جميعاً أتى الله له بأصحابه وهم الذين قال الله (: ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ﴾([304])، وهم الذين قال الله فيهم: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ﴾([305])) ([306]). جاء في تفسير أهل البيت ص عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر ع في قوله (: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً﴾ قال: (يعني بهذه الآية إبليس اللعين خلقه وحيداً من غير أب ولا أم، وقوله: ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً﴾ يعني هذه الدولة إلى يوم الوقت المعلوم يوم يقوم القائم، ﴿وَبَنِينَ شُهُوداً﴾ إلى قوله: ﴿كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً﴾ يقول: معانداً للأئمة، يدعو إلى غير سبيلها ويصد الناس عنها، وهي آيات الله، وقوله: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً﴾ قال أبو عبد الله ع: صعود جبل في النار من نحاس يحمل عليه حبتر ليصعده كارهاً، فإذا ضرب بيديه على الجبل ذابتا حتى تلحقا بالركبتين، فإذا رفعهما عادتا، فلا يزال هكذا ما شاء الله. وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ( فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ قال: هذا يعني تدبيره ونظره وفكرته واستكباره في نفسه، وادعاؤه الحق لنفسه دون أهله، ثم قال الله تعالى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ إلى قوله: ﴿لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ﴾ قال: يراه أهل الشرق كما يراه أهل الغرب إنه إذا كان في سقر يراه أهل الشرق والغرب ويتبين حاله، والمعني في هذه الآيات جميعها حبتر. قال: قوله: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ أي تسعة عشر رجلاً فيكونون من الناس كلهم في الشرق والغرب. وقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً﴾ قال: فالنار هو القائم ع الذي أنار ضوءه وخروجه لأهل الشرق والغرب، والملائكة هم الذين يملكون علم آل محمد ص…، ثم قال الله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً﴾ قال: يريد كل رجل من المخالفين أن ينزل عليه كتاب من السماء، ثم قال تعالى: ﴿كَلَّا بَل لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ﴾ هي دولة القائم ع، ثم قال تعالى بعد أن عرفهم التذكرة أنها الولاية: ﴿كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ( فَمَن شَاء ذَكَرَهُ ( وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ قال: فالتقوى في هذا الموضع النبي ص، والمغفرة أمير المؤمنين ع) ([307]). وهم كذلك لكونهم من المقربين أما غير المقربين فهو مرتهن بذنبه ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾([308])، ففي سورة المدثر؛ لأنها تتحدث عن إحدى الكبر القيامة الصغرى وهي قيام القائم أي هي في الدنيا والآيات التي بعدها من نفس السورة توضح ذلك كقوله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ( كَلَّا بَلْ لا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ ( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ( وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾([309]). ولو كانت في القيامة الكبرى فكيف يريدون صحفاً منشرة ؟ وهل يطلبونها إلا للاستدلال بها أي في الدنيا ؟ وإلا فماذا يفعلون بها إذا انتهى أمرهم في جهنم! وكيف لا يخافون الآخرة إذا كانوا فيها ؟ وقوله تعالى: فمن شاء ذكره، إذا كان ذلك في القيامة الكبرى فما فائدة الذكرى ؟ ولكن هي كما قال السيد أحمد الحسن هي في قيام القائم وجدالهم إياه وطلبهم منه صحف منشرة أي أدلة ظاهرة وكلٌ يريد دليلاً على مزاجه الخاص، والذكرى تنفع الذي يستمع إليها ويتعظ منها. وقوله تعالى: ﴿لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ ( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾([310])، وللسائل عن التسعة عشر فليراجع بيانات السيد أحمد الحسن الصادرة في 1/ شوال/ 1424 هـ ق (النداءات). وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَة﴾ قال: فالنار هو القائم ع الذي قد أنار ضوءه وخروجه لأهل الشرق والغرب و(الملائكة) هم الذين يملكون علم آل محمد ص)([311]). ثم قال تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عشَرَ ( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾([312])، وقد ورد في قوله تعالى: ﴿فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾([313]). عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع، قَالَ: (قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَوْلُهُ ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾، فَقَالَ: مَنْ أَكْرَمَهُ اللهُ بِوَلَايَتِنَا فَقَدْ جَازَ الْعَقَبَةَ وَنَحْنُ تِلْكَ الْعَقَبَةُ الَّتِي مَنِ اقْتَحَمَهَا نَجَا، قَالَ: فَسَكَتَ، فَقَالَ لِي: فَهَلَّا أُفِيدُكَ حَرْفاً خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ؟ قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: قَوْلُهُ ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾، ثُمَّ قَالَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ عَبِيدُ النَّارِ غَيْرَكَ وَأَصْحَابِكَ فَإِنَّ اللهَ فَكَّ رِقَابَكُمْ مِنَ النَّارِ بِوَلايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ) ([314]). فالذين يقتحمون ولا يعثرون بهذه العقبة هم أتباع خليفة الله في أرضه وكلٌ في أوانه، وإن الإمام المهدي والمهدين هم عقبتنا فلنحذر تلك العقبة أما باقي الأئمة فإنا غير ممتحنين بهم الآن؛ لأننا وأقصد- محبي أهل البيت حالياً - جميعاً مقرين بإمامتهم فعقبتنا اليوم ما تبقى منهم وهو الإمام المهدي ع والمهديين ص من بعده، فالحذر الحذر من الفشل في انتظار ومعرفة حجة الله على خلقه. أما الذين يقتحمون هذه العقبة فوصفهم الله تعالى في الآيات التي تليها فقال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ( أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ( عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ﴾([315]). ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ( وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ( فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾([316]). عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع في معنى قوله (: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ قال: نزلت في القائم وأصحابه) ([317]). عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ قال: العذاب خروج القائم ع، والأمة المعدودة عدة أهل بدر وأصحابه) ([318]). عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع في قوله: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً﴾ قال: (نزلت في القائم وأصحابه يجتمعون على غير ميعاد) ([319]). عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع في قول الله (: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ قال: (هي في القائم ع وأصحابه) ([320]). -الركن الشديد: لقد ورد في القران الكريم في سورة (هود) ذكر آخر لأصحاب القائم ع، وكان لوط النبي ع عندما أقدم قومه إلى الاعتداء على ضيفه من الملائكة كان يتمنى في تلك اللحظات القائم من آل محمد وأصحابه، لأن الله سبحانه وتعالى اطلع أنبياءه على بعض غيبه ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ( إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾([321])، فكان ما تمناه لوط ع في تلك اللحظات قوله الله تعالى: ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾([322]). وقال أبو عبد الله ع: (ما كان يقول لوط ع لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ إلا تمنياً لقوة القائم ع، ولا ذكر إلا شدة أصحابه فإن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلاً وإن قلبه لأشد من زبر الحديد ولو مروا بجبال الحديد لقطعوها لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله () ([323]). فكانت القوة التي تمناها لوط ع هو القائم ع والركن الشديد هم أصحاب القائم. وقد يعترض ناصبي وربما من نواصب العصر الجدد الذين يميزون الأمور بعقولهم القاصرة مقتدين بنواصب التاريخ القديم على قول الإمام الصادق ع فيقول الركن فرد وأصحاب القائم مجموع. أقول: أصحاب القائم مجموع معرفون، ومجتمعون بقائد فرد وهو الركن الشديد للإمام المهدي ع، كما ذكره الإمام زين العابدين في دعاء عرفة: (... وانصره بركنك الأعز...). -الركن اليماني: ولما تبين أن للإمام ع ركن، كما هو واضح من النص القرآني ﴿آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ فلا بد من وجود أركان أخرى، والواضح من الروايات السابقة التي تحدثت عن أركان الكعبة في الحج فكان الركن اليماني هو أشد هذه الأركان ذكراً، وهو ركن الملك الذي يأخذ العهد والميثاق (البيعة)، وهو ركن آل محمد وهو بابهم إلى الجنة، باب المقربين، باب أصحاب اليمين، وهو نهر تلقى فيه أعمال العباد كما مر في رواية الإمام الصادق ع([324]). حيث قالع: (الركن اليماني بابنا الذي يدخل منه الجنة، وفيه نهر من الجنة تلقى فيه أعمال العباد). -نهر أصحاب طالوت: عن أبى عبد الله ع، قال: (إن أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الذي قال الله تعالى: ﴿مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَر﴾ وإن أصحاب القائم ع يبتلون بمثل ذلك) ([325]). واليماني هو النهر المبتلى به أصحابه، وهو كما مرَّ في الحديث: النهر الذي تلقى فيه أعمال العباد، أي من عبر هذا النهر لا يحاسب بعمل، أي نجح في اجتياز تلك العقبة، فهو غير مرتهن بذنب كما مرَّ ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ( إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾([326]). وقد مر ذكر أصحاب القائم عند المرور بقصة طالوت ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾([327]). -حديث الكساء اليماني: وقد أشار أهل البيت ص في روايات تؤكد على استحباب قراءة حديث الكساء اليماني، وذكر له من الفضائل ما لا يعد ولا يحصى، على الرغم من كثرة الأدعية الواردة عنهم ص، وحديث الكساء اليماني في ظاهر الأمر هو مجرد رواية كباقي الروايات التي تذكر حق آل محمد ص وفضلهم، فما السر في التأكيد على هذا الحديث، وما علاقة الحديث بيماني أهل البيت ص في آخر الزمان ؟ الكساء اليماني كان الوجه الظاهر لسر الوجود، وهم محمد ص وأهل بيته ص الموجودون آنذاك، بالإضافة إلى وحي الله الذي كان يبلغ رسالات السماء كان معهم تحت الكساء، فكان الكساء اليماني ظاهراً لهذا الأمر الباطن، وجامعاً وشاملاً، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً﴾([328])، ولا يظهر على الدين كله إلا في زمن القائم ع. ويظهر أمر القائم، في أوله باليماني أول المؤمنين ([329])، وزيره ووصيه وخليفته وأول أنصاره وأبو المهديين من بعده، فيكون اليماني أول أمر الإمام وآخره (أي بعد الإمام المهدي ع)،… فيكون هو الكساء اليماني، الذي كان باطنه ذلك السر الإلهي، ولا يعد هذا غريباً بعد أن نعرف إن أهل البيت هم الكعبة والقبلة وهم أحسن الأسماء وأحبها إلى الله، أفلا يكون سر التأكيد كان تأييد الله ورسوله، لمن يظهر به أمر الله. عن أبي عبد الله ع: (…ونحن كعبة الله، ونحن قبلة الله) ([330]). الشيخ أبو جعفر الطوسي ص بإسناده إلى الفضل بن شاذان عن داود بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله ع: أنتم الصلاة في كتاب الله ( وأنتم الزكاة وأنتم الحج ؟ فقال: (يا داود، نحن الصلاة في كتاب الله (، ونحن الزكاة ونحن الصيام ونحن الحج ونحن الشهر الحرام ونحن البلد الحرام ونحن كعبة الله ونحن قبلة الله ونحن وجه الله، قال الله تعالى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه﴾([331]) ونحن الآيات ونحن البينات…، فسمانا في كتابه وكنى عن أسمائنا بأحسن الأسماء وأحبها إليه وسمى أضدادنا وأعداءنا في كتابه وكنى عن أسمائهم وضرب لهم الأمثال في كتابه في أبغض الأسماء إليه وإلى عباده المتقين) ([332]). عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍع، قَالَ: (نَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَطُوفُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: هَكَذَا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا أُمِرُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهَا ثُمَّ يَنْفِرُوا إِلَيْنَا فَيُعْلِمُونَا وَلَايَتَهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ وَيَعْرِضُوا عَلَيْنَا نُصْرَتَهُمْ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾([333])) ([334]). ويمثل الكعبة أو بيت الله في الخلق هو خليفة الله في أرضه وكل في زمانه، حيث يكون هو قبلة الناس وتوجههم إليه ومن مال بوجهه عنه كمن مال بوجهه عن الكعبة واتخذ قبلة غيرها، أي إنه كفر. لذلك قال الباقر ع في ذكره لليماني ع ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه - أي يميل بوجهه عنه - فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، ولو كان الملتوي عليه له عهد عند الله وميثاق ولو كان في ذلك الحصن (حصن الولاية)([335]) لما كان من أصحاب النار. فمثل يماني أهل البيت ص كمثل الحجر اليماني في الكعبة الشريفة بل هو هو والكعبة في الناس هو الإمام المهدي ع فاليماني هو الذي يأخذ العهد والبيعة لخليفة الله في أرضه. (وقد مرت علينا رواية المولى الذي يولى البيعة). عن بكير بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله ع لأي علة وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه، ولم يوضع في غيره ؟ قال: (إن الله تعالى وضع الحجر الأسود، وهي جوهرة أخرجت من الجنة إلى آدم فوضعت في ذلك الركن لعلة الميثاق، وذلك أنه لما أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان، وفي ذلك المكان تراءى لهم، ومن ذلك المكان يهبط الطير على القائم ع فأول من يبايعه ذلك الطير، وهو والله جبرئيل ع وإلى ذلك المكان يسند القائم ظهره، وهو الحجة والدليل على القائم، وهو الشاهد لمن وافى ذلك المكان والشاهد على من أدى إليه الميثاق والعهد الذي اخذ الله على العباد) ([336]). عن أبي المفضل ( محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني بإسناده إلى أبي سعيد الخدري، قال: (حج عمر بن الخطاب في أمرته فلما افتتح الطواف حاذى الحجر الأسود ومر فاستلمه ثم قبله وقال: أُقبلك وأني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولكن كان رسول الله ص بك حفياً ولولا أني رأيته يقبلك لما قبلتك، قال: وكان في القوم الحجيج علي بن أبي طالب ع فقال: بلى والله إنه ليضر وينفع، قال: وبمَ قلت ذلك يا أبا الحسن ؟ قال: بكتاب الله تعالى. قال أشهد أنك لذو علم بكتاب الله تعالى، وأين ذلك من كتاب الله ؟ قال: حيث أنزل الله ( ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ شهدنا وأخبرك أن الله تعالى لما خلق آدم ع مسح ظهره فاخرج ذريته من صلبه نسماً في هيئه الذر فألزمهم العقل وقررهم أنه الرب وأنهم العبيد فاقروا له بالربوبية وشهدوا على أنفسهم بالعبودية والله يعلم ( أنهم في ذلك على منازل مختلفة وكتب أسماء عبيده في رق، وكان لهذا الحجر يومئذ عينان ولسان وشفتان فقال له افتح فاك قال ففتح فاه فألقمه ذلك الرق ثم قال له أشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة ([337]) فلما اهبط آدم ع اهبط الحجر معه فجعل في مثل موضعه من هذا الركن … فهو من حجارة الجنة وكان لما انزل في مثل لون الدر وبياضه وصفاء الياقوت وضيائه فسودته أيدي الكفار ومن كان يلتمسه من أهل الشرك سواهم. قال فقال عمر: لا عشت في أمة لست فيها يا أبا الحسن ع) ([338]). فهلا سألتم أنفسكم ما هذا الحجر الذي له عينان ولسان وشفتان، هل هو حجر كباقي الأحجار، أم هو إشارة إلى شخص أعظم وأعظم مما تتصورون، إلى شخص يشهد لمن له عند الله عهد من أول الخلق إلى آخره ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾([339]). وبعد أن تبين إن اليماني هو صاحب العهد والميثاق، فلابد من المرور على الرواية التي تنص على ظهور مكلم موسى، ونستعرض الآيات القرآنية الخاصة بالطور والى من تشير وهي كالآتي: من خطبة لأمير المؤمنين ع يذكر فيها علامات الظهور: (… وعقدت الراية لعماليق كردان، وتغلبت العرب على بلاد الأرمن والسقلاب، وأذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان، فتوقعوا ظهور مكلم موسى من الشجرة على الطور، فيظهر هذا ظاهر مكشوف، ومعاين موصوف …) ([340]). وعلق الحافظ رجب البرسي في كتابه مشارق أنوار اليقين. على ما يخص مكلم موسى من الشجرة، ما نصه: وأما قوله: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً، والتجلي إنما يكون من ذي الهيئة والجسم، والرب المعبود ليس بجسم، فالمراد تجلي نور ربه والنور الأول نور محمد وعلي المتجلي من كل الجهات، والله الأحد الحق المتجلي عن كل الجهات، فبنور صفاته في الأشياء تجلى وبجلال ذاته عن الجهات تجلى، وإليه الإشارة بقوله: أنا مكلم موسى من الشجرة: أن يا موسى أنا ذلك النور) ([341]). إذا كان الله جل وعلا هو مكلم موسى، فكيف يكون معاين وموصوف وظاهر ومكشوف. وعن أبى جعفر ع قال: (إن فيما ناجى الله موسى أن قال: … حيث قال موسى أنت أبو الحكماء) ([342]). وهل الله ( أب لأحد ليكون أبا الحكماء، ومن هم الحكماء، ومن هو أبوهم، ومن هو مكلم موسى من الشجرة على الطور، ومن هو المعاين الموصوف. والمعاين الموصوف جسم مادي ملموس، وهنا لابد من المرور بالآيات القرآنية التي تذكر الطور والطور الأيمن بالتحديد وما علاقته بالعهد والميثاق إذ إن عبارة الأيمن فيها إشارة إلى اليماني والبيعة والميثاق الذي هو مؤتمن عليه في السماوات قبل أن يكون في الأرض: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([343]). ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾([344]). ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً﴾([345]). ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً﴾([346]). ﴿يَا بَنِي إِسْرائيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾([347]). ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾([348]). ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾([349]). ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾([350]). ﴿وَالطُّورِ ( وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ( فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ﴾([351]). -دعاء النور: (بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الذي هو مدبر الأمور، بسم الله الذي خلق النور من النور، الحمد لله الذي خلق النور من النور، وانزل النور على الطور في كتاب مسطور في رق منشور…) ([352]). النور الذي لا ظلمة فيه هو الله سبحانه وتعالى، وهو الذي خلق النور من النور، فأرسل سبحانه حججه على الخلق خلفاءاً له، فكانوا ذرية بعضها من بعض. والأئمة والمهديون الحجج على الخلق هم نور من نور، والطور هو طور سيناء أو وادي السلام (النجف)، والكتاب المسطور هو وصية رسول الله التي نصت على الحجج من بعده، فيحتج بها النور الثاني عشر من الأئمة، والنور الأول من المهديين، وذلك في زمن الظهور المقدس، وأول ظهور دولة العدل الإلهي في النجف الأشرف (الكوفة) عاصمة العالم. وقد ورد في بعض الروايات أن طور سيناء والوادي المقدس طوى، اليوم هو مرقد أمير المؤمنين (النجف الأشرف). عن أبي جعفر ع أنه قال: (كان في وصية أمير المؤمنين ع أن أخرجوني إلى الظهر، فإذا تصوبت أقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنوني وهو أول طور سيناء) ([353]). عن أبي عبد الله ع أنه قال: (الغري قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليماً) ([354]). عن أبي عبد الله ع، قال: (يا مفضل، إن بقاع الأرض تفاخرت: ففخرت كعبة البيت الحرام، على بقعة كربلا، فأوحى الله إليها أن اسكتي كعبة البيت الحرام، ولا تفتخري على كربلا، فإنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة، وإنها الربوة التي أويت إليها مريم والمسيح وإنها الدالية التي غسل فيها رأس الحسين ع وفيها غسلت مريم عيسى ع واغتسلت من ولادتها وإنها خير بقعة عرج رسول الله ص منها وقت غيبته، وليكونن لشيعتنا فيها خيرة إلى ظهور قائمنا ع) ([355]). عن الإمام الصادق ع، قال: (إن القائم يهبط من ثنية ذي طوى في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، حتى يسند ظهره إلى الحجر ويهز الراية الغالبة) ([356]). والإمام القائم ع يهبط من ذي طوى ويسند ظهر إلى الحجر كما في الحديث فافهم جزاك الله ما أنت أهله ولا تتعجب. فربما هو مرقد أمير المؤمنين يماني رسول الله ص هو الحجر اليماني الذي يسند ظهره إليه (والحجر هو صاحب العهد والميثاق)، والله أعلم وربما هناك أمور ستتضح في أوانها على الظاهر الواضح لنا، وكل ذلك حفاظاً من الله على مظهر وفخر الدعوات الإلهية. وفي مخطوطة ابن حماد عن محمد بن علي أي الإمام الباقر ع قال: (سيكون عائذ بمكة يبعث إليه سبعون ألفا، عليهم رجل من قيس، حتى إذا بلغوا الثنية ([357]) دخل آخرهم ولم يخرج منها أولهم. نادى جبرئيل: يا بيداء يا بيداء - يسمع مشارقها ومغاربها- خذيهم فلا خير فيهم. فلا يظهر على هلاكهم أحد إلا راعي غنم في الجبل ([358])، ينظر إليهم حين ساخوا فيخبر بهم. فإذا سمع العائذ بهم خرج) ([359]). وللمزيد من الفائدة نذكر جواب السيد أحمد الحسن على السؤال التالي: سؤال: هل هناك سبب لولادة علي ع في الكعبة ؟ جواب: الكعبة أو بيت الله الحرام إنما هو تجلي وظهور للبيت المعمور الذي وضع في السماء لتطوف عليه الملائكة وتستغفر عن مجادلتها لله سبحانه وتعالى في أمر خليفته آدم ع ولما تعدى آدم ع على شجرة علم آل محمد ص وشجرة الولاية ﴿وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾([360])، أي على تحمل الولاية لآل محمد ص أنزل إلى الأرض وأمر بالطواف حول الكعبة ليغفر الله له تقصيره. ثم أن الله شرع الحج إلى بيته الحرام (الكعبة) ليعرض الناس على حجة الله في زمانهم ولايتهم ويعترفوا بالتقصير ويستغفروا عن تقصيرهم في حقه كما أن الله أمر المسلمين أن يجعلوا الكعبة قبلة لهم دون الأمم السابقة حيث كانت القبلة بيت المقدس. وهنا أمور: الكعبة مرتبطة بالولاية ارتباطاً وثيق حيث جعل الحج إليها للقاء الحجة، وعرض الولاية عليه من الناس والاستغفار عن التقصير في حقه. الكعبة قبلة الصلاة والسجود لله سبحانه وتعالى مع أن السجود قبلها كان لآدم ع خليفة الله وحجته بل أن السجود كان للنور الذي في صلبه وهو نور أمير المؤمنين علي ع فالقبلة الأولى التي ولى الملائكة وجوههم شطرها هي علي بن أبي طالب ع فالقبلة الحقيقية ليست الكعبة والأحجار إنما القبلة هي الجوهرة التي ولدتها الكعبة وهي ولي الله وحجته التامة علي بن أبي طالب ع ولهذا وضع الحجر الأسود في ركن الكعبة لأنه كتاب الميثاق الذي أخذه الله على الناس بولاية علي بن أبي طالب ع. فالذي يتوجه إلى الكعبة يعترف مقهوراً بولاية علي بن أبي طالب ع، بفعله وان كان كافرا بها بقوله وقلبه قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾([361]) طوعاً من أعترف بالولاية وكرهاً من لم يعترف بالولاية، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾([362]). فالذين يسجدون وحق عليهم العذاب هم الذين لا يعترفون بولاية علي ع، بقولهم ولا بقلوبهم ولكنهم مقهورون على الاعتراف بها بأفعالهم وسجودهم إلى الصدفة التي ولدت علي ع، وهي الكعبة. والله سبحانه وتعالى أهانهم بهذا السجود وسيكون حسرة عليهم ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ﴾([363]). ويبقى أن القبلة هي ما يتوجه به إلى الله وتعرف به الله سبحانه وتعالى، فالقبلة الحقيقية هي الإنسان الكامل فبه يعرف الله وهو وجه الله سبحانه وتعالى الذي واجه به خلقه، فالتوجه إليه توجه إلى الله والإنسان الكامل هو علي بن أبي طالب ع، سيد الأوصياء والأولياء وقد أخرجه الله من الكعبة ليقول للناس أن هذا الإنسان هو قبلتكم واليه حجكم وليقول الله سبحانه وتعالى أني ما خلقت الكعبة إلا لأجل علي ع، وليولد فيها علي ع، فلو كان لي ولد لكان الذي ولد في بيتي ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾([364]). فمن الأولى أن يتخذ قبلة الأحجار أم الذي قدس الأحجار بولادته فيها، قال عيسىع، ما معناه: (أنتم علماء السوء تقولون من حلف بالهيكل لا يلتزم بيمينه ولكن من حلف بذهب الهيكل يلتزم بيمينه فأيما أعظم أيها الجهال العميان الذهب أم الهيكل الذي قدس الذهب) ([365]). -دابة الأرض: التي تسم المؤمن والكافر قبل القيامة، قبل القيامة، أقول: قبل القيامة، ليس بعدها (قبل القائم) والقيامة الصغرى هي قيام الإمام المهدي ع، بالسيف، ودابة الأرض هو أمير المؤمنين ع، كما في الرواية. عن أبي عبد الله الجدلي، قال: (دخلت على علي بن أبي طالب فقال: ألا أحدثك ثلاثاً قبل أن يدخل عليّ وعليك داخل ؟ قلت: بلى. قال: أنا عبد الله وأنا دابة الأرض صدقها وعدلها وأخو نبيها، ألا أخبرك بأنف المهدي وعينيه ؟ قال: قلت: بلى. قال: فضرب بيده إلى صدره فقال: أنا) ([366]). فهل يخرج أمير المؤمنين ع في زمن القائم أم يخرج رجل منه هو دابة الأرض الذي يفرق بين الحق والباطل ويسم الناس هذا مؤمن بالقائم وهذا كافر . عن أمير المؤمنين ع: (…يفرق بين الحق والباطل، بخروج دابة الأرض وتقبل الروم إلى قرية بساحل البحر، عند كهف الفتية، ويبعث الله الفتية من كهفهم إليهم…) ([367]). والدابة هنا هو الممهد الذي يميز المؤمن من الكافر بالإمام المهدي ع، في زمن الظهور، وإقبال الروم هو إشارة إلى قوات الاحتلال التي دخلت من جهة الكويت (ساحل البحر) وكهف الفتية إشارة إلى البصرة التي قال فيها أمير المؤمنين إن أول أنصار القائم ع منها. روي أن أبا الطفيل قال: قلت يا أمير المؤمنين، قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أن الناس...﴾([368])، ما الدابة ؟ قال: يا أبا الطفيل، الهِ عن هذا (أي اترك وابتعد عن هذا). فقلت: يا أمير المؤمنين، أخبرني به جعلت فداك. قال: هي دابة تأكل الطعام وتمشي في الأسواق وتنكح النساء. فقلت: يا أمير المؤمنين، من هو ؟ قال: هو زر الأرض الذي إليه تسكن الأرض. قلت: يا أمير المؤمنين، من هو ؟ قال: صديق هذه الأمة وفاروقها ورئيسها وذو قرنها. قلت: يا أمير المؤمنين، من هو ؟ قال: الذي قال الله (: ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ﴾، والذي ﴿عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾، ﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ﴾، والذي ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ أنا. والناس كلهم كافرون غيري وغيره) ([369]). فعلي بن أبي طالب ع هو أول من صدق رسول الله ص فهو أول المؤمنين فيصدق قوله عن نفسه: (والناس كلهم كافرون غيري) أما الشخص الثاني الوارد في الحديث (… وغيره) فهو أول المهديين؛ لأنه أول المؤمنين بالإمام المهدي ع كما ورد في الوصية ([370])، ولا يصح أن المراد (بغيره) رسول الله ص حيث أن الضمير في (غيره) يرجع إلى دابة الأرض التي سأل عنها أبو الطفيل. عن علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع، قال: (انتهى رسول الله ص إلى أمير المؤمنين ع وهو نائم في المسجد وقد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحركه برجله ثم قال (له): قم يا دابة الأرض، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله ص أفيسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم ؟ فقال: لا والله ما هو إلا له خاصة، وهي الدابة التي ذكرها الله في كتابه: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾. ثم قال: يا علي، إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك) ([371]). ومن غير المعقول أن يكون أمير المؤمنين علياً ع بشخصه وشخصيته إلا في الوقعة الثانية (الرجعة) والحديث هنا عن الوقعة الأولى القيامة الصغرى (قيام القائم)، ودابة الأرض هنا تميز المؤمن من الكافر في زمن الظهور بالعصا والميسم، وقطعاً هو ليس الإمام المهدي ع؛ لأن الدابة قبله ومن علاماته، فلا يكون إلا شخص من ذرية أمير المؤمنين كما قال: (يفعله رجل مني). عن أمير المؤمنين ع: (لابنين بمصر منبراً، ولا نقضن دمشق حجراً حجراً، ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب، ولأسوقن العرب بعصاي هذه. فقال الراوي وهو عباية الأسدي: قلت له يا أمير المؤمنين، كأنك تخبر أنك تحيا بعد ما تموت ؟ فقال: هيهات يا عباية ذهبت غير مذهب. يفعله رجل مني - أي المهدي ع -) ([372]). ودابة الأرض هو الممهد الذي قيل فيه: (يدعوا إلى صاحبكم والى طريق مستقيم)، وقال فيه أمير المؤمنين ع في خطبتة: (… واعلموا أنكم إن أتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول ص فتداويتم عن العمى والصم والبكم وكفيتم مؤونة الطلب والتعسف ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق...) ([373]). وهو صاحب رايات المشرق وخليفة المهدي الذي أمركم رسول الله ص ببيعته ولو حبواً على الثلج، والذي يكفيكم مؤمنة طلب الإمام والبحث عنه. وللمزيد راجع بحث دابة الأرض، للأستاذ أحمد حطاب. -إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾: عن صالح بن ميثم، قال: قلت لأبي جعفر ع: حدثني قال: (أليس قد سمعت أباك ؟ قلت: هلك أبي وأنا صبي، قال: قلت فأقول: فإن أصبت سكت وإن أخطأت رددتني عن الخطأ، قال: هذا أهون، قال: قلت: فإني أزعم أن علياً دابة الأرض، قال: وسكت، قال: فقال أبو جعفر ع: وأراك والله ستقول إن علياً راجع إلينا، ﴿وقرأ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ﴾. قال: قلت: والله قد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنها فنسيتها، فقال أبو جعفر ع: أفلا أخبرك بما هو أعظم ([374]) من هذا ﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾، لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ص. وأشار بيده إلى آفاق الأرض) ([375]). ومن الواضح إن الأرض تملأ بالعدل قبل الرجعة أي في دولة العدل الإلهي وهي مصداق للمعاد المقصود هنا وينادى بكل أرض بـ (لا اله إلا الله، محمد رسول الله)، والرجعة لا تكون إلا بعد أن يرقى المجتمع إلى أسمى درجات التوحيد بعد أن ينشر الإمام المهدي ع 27 حرفاً من العلم الإلهي وفي ذلك الوقت قطعاً لا تبقى أرض إلا نودي فيها بكلمة التوحيد قبل الرجعة. عن أبي جعفر ع: (في قول الله (: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ﴾- فقال أبو جعفر ع: ما أحسب نبيكم ص إلا سيطلع عليكم إطلاعة) ([376]). أقول: هلا سأل أحد نفسه كيف يطلع النبي ص إطلاعة هل يظهر ثم يذهب أم ماذا ؟! لا، ولكن يظهر شخص منه ([377])، (أي القائم) يجدد شريعة النبي ص التي اندثرت وحُرفت وله دعوة إلهية كدعوة رسول الله ص فيتأول عليه علماء الضلالة كتاب جده ويحاجونه به، ويلاقي أشد مما لاقى رسول الله ص كما نصت على ذلك الروايات. وفي الرواية التالية إشارة واضحة على وجود رسول الله ص ووصيه علي بن أبي طالب ع قبل الرجعة، أي في زمن الظهور المقدس ويبنيان مسجد في الكوفة له ألف باب، ومما لا خلاف عليه عند أتباع أهل البيت أن هذا المسجد يبنيه الإمام المهدي ع كما سيتضح لاحقاً. عن أبي مروان، قال: سألت أبا عبد الله ع عن قول الله ( : ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ﴾ قال: فقال لي: (لا والله لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتى يجتمع رسول الله ص وعلي بالثوية فيلتقيان ويبنيان بالثوية مسجداً له اثنا عشر ألف باب يعني موضعاً بالكوفة) ([378]). ومن هنا يتضح أن المقصود برسول الله ص في الرواية أعلاه هو الإمام المهدي ع أما علي ع فهو إشارة واضحة لا تقبل الجدل المقصود منها وصي الإمام المهدي ع (أي ابنه أول المهديين)، واجتماعهما الظاهر يكون بعد فترة التمهيد، وقتال السفياني، وسيطرته على الكوفة وكثير من البلدان، فتوجهه للبناء والأمور الأخرى يكون بعد الاستقرار والظهور الشخصي. رواية المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (إذا قام قائم آل محمد ص، بنى في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب، واتصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلاء)([379]). عن أبي جعفر ع، قال: (إذا دخل المهدي ع الكوفة قال الناس: يا ابن رسول الله إن الصلاة معك تضاهي الصلاة خلف رسول الله وهذا المسجد لا يسعنا فيخرج إلى الغري فيخط مسجدا له ألف باب يسع الناس) ([380]). * * * -أركان الإمام المهدي ع الأربعة وغير الركن الشديد للإمام المهدي ع (الركن اليماني)، أركان أخرى هم عيسى ع، والخضر ع، وإيليا ع. واليك شيء من جواب السيد أحمد الحسن على سؤال امرأة مسيحية عبر الانترنت، مأخوذ من كتاب الجواب المنير عبر الأثير: ج1 ص19-20. قال السيد أحمد الحسن: (… والآن وقبل بحث مسألة الدليل على إرسالهم رسول عنهم يمثلهم لنبحث أمر هؤلاء الأربعة ص أي الخضر وإيليا وعيسى ومحمد بن الحسن المهدي ص، هل هو واحد أم أنهم مفترقين ؟ والحق إن أمرهم واحد وهم متحدون وغير مفترقين ولا اختلاف بينهم؛ لأن ربهم واحد ودينهم واحد وهو التسليم لله سبحانه وجميعهم يدعون لله وبأمره يعملون، والحق الذي يدعون إليه واحد وغايتهم واحدة وهي القيامة الصغرى وهدفهم وغرضهم واحد وهو نشر القسط والعدل والتوحيد وعبادة الله في هذه الأرض من حيث يريد سبحانه وتعالى، فهم متحدين لا اختلاف بينهم ويطلبون غاية واحدة وهدف واحد وربهم وإلههم واحد فلا بد أن يكون الرسول منهم جميعاً واحد وهو أيضاً رسول من الله لأنهم بأمر الله يعملون فمن يمثلهم يمثل الله ومن يخلفهم في الأرض يخلف الله سبحانه لأنهم خلفاء الله في أرضه) انتهى.. (يخرج على لواء المهدي غلام حديث السن، خفيف اللحية، أصفر، لو قاتل الجبال لهزها (لهدها) حتى ينـزل إيليا) ([381]). (…ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم…)([382]). في حديث عن كعب منه: (… يا كعب، من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم وهذه الحالة حالهم ؟ فقال كعب: أولئك كانوا في الضلال والارتداد والنكث، فبئس ما قدمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم، ووصي نبيهم، وعالمهم وفاضلهم وحامل اللواء، وولي الحوض، والمرتجى والرجا دون هذا العالم، وهو العلم الذي لا يجهل والحجة التي من زال عنها عطب، وفي النار هوى ذاك علي ورب الكعبة أعلمهم علماً، وأقدمهم سلماً، وأوفرهم حلماً. عجب كعب ممن قدم على علي غيره، ومن يشك في القائم المهدي الذي يبدل الأرض غير الأرض، وبه عيسى بن مريم يحتج على نصارى الروم والصين إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخلقاً وسيماء وهيئة، يعطيه الله ( ما أعطى الأنبياء، ويزيده ويفضله. إن القائم من ولد علي له غيبة كغيبة يوسف ورجعة كرجعة عيسى بن مريم ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الآخر وخراب الزوراء وهي الري وخسف المزورة وهي بغداد، وخروج السفياني، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمنية وآذربيجان. تلك حرب يقتل فيها ألوف وألوف، كل يقبض على سيف مجلى تخفق عليه رايات سود، تلك حرب يستبشر فيها الموت الأحمر والطاعون الأكبر) ([383]). قال أبو الحسن الرضا ع: (إن الخضر ع شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور، وإنه ليأتينا فيسلم فنسمع صوته ولا نرى شخصه، وإنه ليحضر ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلم عليه، وإنه ليحضر الموسم كل سنة، فيقضي جميع المناسك، ويقف بعرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته) ([384]). وما من هيكلية لأي بناء تقام إلا ولها أركان واقل الأركان ثلاثة والطبيعي أربعة وهو الحال في بناء دولة الإمام المهدي ع، وكون دولة آل محمد ص (دولة العدل الإلهي) هي آخر الدول التي تحكم الأرض فتمتد إلى ما شاء الله. لذلك أدخر الله سبحانه وتعالى لبقايا أصحاب الديانات الإلهية الكتابيين بالخصوص شخصيات هم ينتظرونها وقد أقروا مسبقاً باتصال تلك الشخصيات بالله وبإرسالهم من الله دون أي اعتراض على قراراتهم ولو قد خرجوا لهم واقروا أمام أقوامهم بأحقية صاحب هذا الأمر فلا يُعترض عليه وعليهم وكلٌ يعتقد بأحقية صاحبه وينتظره. وكل الديانات عند الله هي الدين الإسلامي كما مر في حديث الإمام الصادق ع: (... فو الله يا مفضل، ليرفع الله عن الملل والأديان الاختلاف حتى يكون الدين كله واحد كما قال جل ذكره: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ﴾([385]). وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾([386]). قال المفضل: قلت يا سيدي ومولاي، والدين الذي في آبائه إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ومحمد ص هو الإسلام ؟ قال: نعم يا مفضل هو الإسلام لا غير...) ([387]). ومن تلك الأقوام المسلمون اليوم وقد افترقوا إلى فئات حالهم حال الديانات السابقة، وهم ينتظرون المهدي على فئتين، السنة، والشيعة، ولا أقصد في كلامي منهم الفرق التي تعتقد أن المهدي قد ولد وقام وانتهى أمره بل اقصد المنتظرين له ع. فالسنة ينتظرون مهدي يولد في زمان ظهوره واسمه اسم النبي ص كما ورد في الحديث اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي وفي الحديث اسمه احمد وهو من ولد علي وفاطمة، والصيحة تكون باسمه كما في الحديث لا من ذي ولا ذو ولكنه خليفة يماني و…و… ويعتقدون بأحقيته وانتظاره ع. والشيعة ينتظرون الإمام المهدي ع محمد بن الحسن العسكري ع وهو مولود ع قبل وفاة الإمام الحسن العسكري ع بحوالي خمسة سنوات أي عام 255 هـ ق، ويعتقدون بأحقيته وانتظاره ع وعلى هذا فهو غير ما ينتظره السنة حسب بعض رواياتهم... وكل سابق من الديانات مذكور في كتب اللاحق ولكن كل يتأول الأحاديث والروايات على ما يعتقده دون أن يترك مجال لأحقية غيره، وكون المصدر الغيبي للروايات والأخبار واحد إذن موضع الاختلاف من صنع المخلوق لا من صنع الخالق إذن فالكل محق على الأقل في اغلب تفاصيل الأخبار والروايات ولكن الأمر لا يخلو من تحريف وهو موضع الاختلاف، وفي نفس الوقت هو السبب الرئيسي لقلب مفهوم الروايات والأخبار السماوية على غير وجهها، ولا يُحكِم ذلك ويدل على الوجه الصحيح منه إلا من كان من الله، أي المعصوم أو من ينوب عنه. كما إن الخالق بحكمته حينما أرسل الرسل لأقوامهم كانوا مبشرين بمن يأتي بعدهم من الرسل ومنذرين بالعذاب الذي يكون في آخر الزمان على يدي القائم ع، فما من أهل ديانة إلا وعندهم عنه خبر وفي كتبهم له ذكر. ومن أراد المزيد فليراجع جواب السيد أحمد الحسن على امرأة مسيحية عبر شبكة الانترنت تسأل عن ذكر شخصه في القرآن والتوراة والإنجيل وذلك موجود في كتاب (وصي ورسول الإمام المهدي في التوراة والإنجيل والقرآن). وكمثال لما ورد في القرآن: قال السيد أحمد الحسن في جواب على سؤال امرأة مسيحية: (... قال تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ( يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾([388]). وهذا الدخان عذاب والعذاب يسبق برسالة قال تعالى: ﴿وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾([389]). وأيضا هذا الدخان أو العذاب هو عقوبة على تكذيب رسول أرسل للمعذبين وهو بين أظهرهم كما هو واضح من الآيات ﴿ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾. وأيضا هذا الدخان أو العذاب يكشف لإيمان أهل الأرض بهذا الرسول بعد أن أظلهم كما أظل العذاب قوم يونس ع أو يونان. وأيضاً هذا الدخان أو العذاب مقارن للقيامة الصغرى بل هو البطشة الصغرى كما هو واضح في الآية فليس بعده إلا البطشة الكبرى والانتقام من الظالمين. إذن فالدخان من علامات قيام القائم وهذا ورد عن الأئمة ص وهو مقترن برسول بل هو بسبب تكذيب أهل الأرض لهذا الرسول فهو عقوبة لهم ﴿أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ﴾. فمن هو هذا الرسول ؟ ومن مرسل هذا الرسول ؟)([390]) انتهى. أقول: هذا الرسول هو المهدي الأول وهو أول المهديين الاثني عشر الذين يأتون بعد الأئمة الاثني عشر، فيكون عدد آل محمد ص هو أربعة وعشرين (اثنا عشر إماماً واثنا عشر مهدياً) كما في وصية رسول الله ص. عن أبي عبد الله ع، عن آبائه، عن أمير المؤمنين ع، قال: (قال رسول الله ص في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع: يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الاثني عشر إمام، وساق الحديث إلى آن قال: وليسلمها الحسن ع إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد ص، فذلك اثنا عشر إماماً ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين، له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين)([391]). -وفي رؤيا يوحنا اللاهوتي الموجودة في الإنجيل هذا النص: (1 رأيت بعد ذلك باباً مفتوحاً في السماء، وإذا الصوت الأول الذي سمعته يخاطبني كأنه بوق، يقول: "اصعد إلى ههنا، فسأريك ما لا بد من حدوثه بعد ذلك". 2 فاختطفني الروح لوقته، وإذا بعرش قد نصب في السماء، وعلى العرش قد جلس واحد، 3 والجالس على العرش منظره أشبه بحجر اليشب والياقوت الأحمر، وحول العرش هالة منظرها أشبه بالزمرد، 4 وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً، وعلى العروش جلس أربعة وعشرون شيخاً يلبسون ثياباً بيضاً وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب … يجثو الأربعة والعشرون شيخاً أمام الجالس على العرش، ويسجدون للحي أبد الدهور...) ([392]). فالأربعة وعشرون شيخاً الذين يجلسون حول العرش هم الأئمة والمهديون ص، وبهذا يحصل الجمع بين ما ورد في الإنجيل وما ورد في حديث رسول الله ص والأئمة ص، بل والقرآن أيضاً. وإذا بقيت الحياة سأكتب بحثاً مفصل عن هذا الأمر إن وفقت إن شاء الله. * * * -إضاءة حول المهدي الأول وشبيه عيسى ع المصلوب وردت روايات كثيرة عن أهل البيت ص تدل على أن كلامهم صعب مستصعب لا يحتمله ولا يقبله إلا من كان من شيعتهم حقاً، أما من كانت طينته خبيثة وفي قلبه عداء لآل محمد ص فتراه يثقل عليه كلامهم ويشمئز منه قلبه وينكره بل منهم من يقول صراحة هذا كفر، فالذين أنكروا واشمأزت قلوبهم من كلامهم ص أولئك هم أعداء آل محمد ص في الذر الأول وأن كانوا يدعون حبهم ص. روي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال يوما لحذيفة بن اليمان: (يا حذيفة، لا تحدث الناس بما لا يعلمون فيطغوا ويكفروا إن من العلم صعباً شديداً محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله، إن علمنا أهل البيت سينكر ويبطل وتقتل رواته ويساء إلى من يتلوه بغياً وحسداً لما فضل الله به عترة الوصي وصي النبي ص. يا ابن اليمان، إن النبي ص تفل في فمي وأمر يده على صدري وقال اللهم أعط خليفتي ووصيي وقاضي ديني ومنجز وعدي وأمانتي ووليي وناصري على عدوك وعدوي ومفرج الكرب عن وجهي ما أعطيت آدم من العلم، وما أعطيت نوحاً من الحلم، وإبراهيم من العترة الطيبة والسماحة، وما أعطيت أيوب من الصبر عند البلاء، وما أعطيت داود من الشدة عند منازلة الأقران، وما أعطيت سليمان من الفهم، اللهم لا تخف عن علي شيئاً من الدنيا حتى تجعلها كلها بين عينيه مثل المائدة الصغيرة بين يديه، اللهم أعطه جلادة موسى واجعل في نسله شبيه عيسى ع...) ([393]). فقول الرسول محمد ص ما معناه: اللهم اجعل في نسل علي بن أبي طالب ع شبيه عيسى (واجعل في نسله شبيه عيسى ع)، يدل على أن شبيه عيسى المصلوب هو أحد الأئمة أو المهديين ص كون عيسى ع رفع ولم يصلب، فالذي صلب بدل منه هو شبيهه، كما في قوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾([394]). وقد حددت روايات أهل البيت ص أن شبيه عيسى ع من نسل أمير المؤمنين ع، فأما أن يكون من الأئمة أو من المهديين. فأما الأئمة ص غير الإمام المهدي علم يصرح أو ينوه أحد منهم على أنه هو أو الذي قبله أو الذي بعده أنه شبيه عيسى الذي صلب بدلاً منه. أما الإمام المهدي ع فقد صرحت الرواية: (إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخلقاً وسيماء وهيئة، يعطيه الله ( ما أعطى الأنبياء، ويزيده ويفضله) ([395]). وتبين لنا سابقاً من البحث أن القائم صفة مشتركة مرة المراد منها الإمام المهدي ع، ومرة المراد منها قائم يقوم بأمره، أي وصي الإمام المهدي ع، وهو المهدي الأول، أو اليماني أو المولى الذي ولي البيعة، فشبيه عيسى ع الذي صُلب أما أن يكون الإمام المهدي ع أو المهدي الأول (اليماني) من ولد الإمام المهدي ع. وإذا رجعنا إلى ما قال رسول الله ص: (ينـزل عيسى ابن مريم ع عند انفجار الصبح([396]) ... يكسر الصليب ويقتل الخنـزير ويهلك الدجال ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف، وهو الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه، ويبسط في المغرب والمشرق الأمن من كرامة الحجة بن الحسن ع) ([397]). يتبين لنا من قول رسول الله ص إن شبيه عيسى ع المصلوب هو اليماني، حيث أن المراد من عيسى في الرواية هو شبيه عيسى ع وليس نبي الله عيسى ع: (وهو الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه). وأيضاً يتبين هذا من قوله ص: (ويمشي خلفه أهل الكهف) حيث أن أهل الكهف في زمن الظهور هم فتية من أهل البصرة كما تقدم في البحث. وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (… يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم …) ([398]). وبما أن الإمام المهدي هو الذي يأخذ الراية من عيسى (أي الشبيه الذي صلب)، فهو إذن ليس المقصود بشبيه عيسى، فلا يبقى إلا ابنه المهدي الأول المولى الذي يولى البيعة، وأول المؤمنين والذي يقود المعارك ضد السفياني ويسلم الراية إلى الإمام المهدي ع، أما الإمام المهدي ع وعيسى روح الله ع وإيليا ع والخضر ع يكون خروجهم وانكشاف أشخاصهم للناس بعد أن تسلم الراية للإمام المهدي ع، أي بعد حرب السفياني وتمكين دول العدل في بقعة واسعة من الأرض لتكون موطئ قدم لتحرير باقي الأرض والاحتجاج على أهل الديانات الأخرى بأنبيائهم وقتال الدجال. وللمزيد من الفائدة نورد جواب السيد أحمد الحسن من كتاب المتشابهات الجزء الرابع صفحة 143 - 150 على سؤال حول شبيه عيسى ع، وهذا نص السؤال والجواب: السؤال: ما هي قصة عيسى ع ؟ وكيف شبه لهم بقوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾([399]). الجواب: (بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين. عيسى ع في الليلة التي رفع فيها واعد حوارييه، فحضروا عنده، إلا يهوذا الذي دل علماء اليهود على عيسى ع فقد ذهب إلى المرجع الأعلى لليهود، وقايضه على تسليم عيسى ع لهم. وكان بعد منتصف الليل أن نام الحواريون، وبقي عيسى ع فرفعه الله، وأنزل (شبيهه الذي صلب وقتل)، فكان درعاً له وفداء، وهذا الشبيه هو من (الأوصياء من آل محمد) ص صلب وقتل وتحمل العذاب لأجل قضية الإمام المهدي ع. وعيسى علم يصلب ولم يقتل، بل رُفع فنجاه الله من أيدي اليهود وعلمائهم الضالين المضلين (لعنهم الله)، قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾. وفي الرواية في تفسير علي بن إبراهيم، عن أبي جعفر ع قال: (إن عيسى ع وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال إن الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي قال شاب منهم أنا يا روح الله قال فأنت هُوَ ذا ... ثم قال ع: إن اليهود جاءت في طلب عيسى ع من ليلتهم... وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ع فقتل وصلب) ([400]). فالإمام الباقر ع يقول: (اجتمع اثنا عشر)، بينما الذين جاءوا من الحواريين هم (أحد عشر)، فيهوذا لم يأتِ، بل ذهب إلى علماء اليهود ليسلم عيسى ع، وهذا من المتواترات التي لا تنكر، فالثاني عشر الذي جاء أو قل الذي نزل من السماء، هو الوصي من آل محمد ص، الذي صُلِبَ وقـُتِلَ، بعد أن شُبـِهَ بصورة عيسى ع. وكانت آخر كلمات هذا الوصي عند صلبه هي: (إيليا، إيليا لما شبقتني)، وفي إنجيل متى: (… صرخ يسوع بصوت عظيم إيلي إيلي لما شبقتني أي الهي، الهي لماذا تركتني. فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا، قالوا: انه ينادي إيليا… وأما الباقون فقالوا أترك لنرى هل يأتي إيليا يخلصه. فصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت …)([401]). انتهى. والحقيقة إن ترجمة الكلمات التي قالها هكذا: (يا علي يا علي لماذا أنزلتني)، والنصارى يترجمونها هكذا: (الهي، الهي لماذا تركتني) كما تبين لك من النص السابق من الإنجيل. والإنزال أو الإلقاء في الأرض من السماء قريب من الترك. ولم يقل هذا الوصي هذه الكلمات جهلاً منه بسبب الإنزال، أو اعتراضاً على أمر الله سبحانه وتعالى، بل هي سؤال يستبطن جوابه، وجهه إلى الناس: أي افهموا واعرفوا لماذا نزلتُ ولماذا صلبتُ، ولماذا قتلتُ، لكي لا تفشلوا في الامتحان مرة أخرى، إذا أعيد نفس السؤال، فإذا رأيتم الرومان (أو أشباههم) يحتلون الأرض، وعلماء اليهود (أو أشباههم) يداهنونهم، فسأكون في تلك الأرض فهذه سنة الله التي تتكرر، فخذوا عبرتكم وانصروني إذا جئت ولا تشاركوا مرة أخرى في صلبي وقتلي. كان يريد أن يقول في جواب السؤال (البيَّن لكل عاقل نقي الفطرة): صُلبتُ وتحملتُ العذاب وإهانات علماء اليهود، وقـُتلتُ لأجل القيامة الصغرى، قيامة الإمام المهدي ع، ودولة الحق والعدل الإلهي على هذه الأرض. وهذا الوصي عندما سأله علماء اليهود والحاكم الروماني: هل أنت مَلِك اليهود ؟ كان يجيب أنت قلت، أو هم يقولون، أو انتم تقولون، ولم يقل نعم، جواب غريب على من يجهل الحقيقة، ولكنه الآن توضح. فلم يقل: نعم؛ لأنه ليس هو مَلِك اليهود، بل عيسى ع الذي رفعه الله، وهو الشبيه الذي نزل ليُصلب ويُقتل بدلاً عن عيسى ع. وهذا نص جوابه - بعد أن الُقِيَ عليه القبض - من الإنجيل: (فأجاب رئيس الكهنة وقال له استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح. قال له يسوع: أنت قلت…) ([402]). (… فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت مَلِك اليهود. فقال له يسوع: أنت تقول…) ([403]). (… فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول…) ([404]). (… فقال الجميع أ فأنت المسيح فقال لهم انتم تقولون أني أنا هو…) ([405]). (…33 ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس أ لعلي أنا يهودي. اُمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أفأنت إذا مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق…) ([406]). وفي هذا النص الأخير بيَّنَ الوصي انه ليس من أهل الأرض في ذلك الزمان، بل نزل إليها لإنجاز مهمة وهي فداء عيسى ع، حيث ترى أن هذا الوصي يقول: (مملكتي ليست من هذا العالم)، (ولكن الآن ليست مملكتي من هنا)، (ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق). عن رسول الله ص قال: (ينـزل عيسى ابن مريم ع عند انفجار الصبح مابين مهرودين وهما ثوبان أصفران من الزعفران، أبيض الجسم، أصهب الرأس، أفرق الشعر، كأن رأسه يقطر دهنا، بيده حربة، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويهلك الدجال ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف، وهو الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه، ويبسط في المغرب والمشرق الأمن من كرامة الحجة بن الحسن ع) ([407]). وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (… ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب، فويل لمصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل لواسط كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر يخبر، وعند ذلك خروج السفياني، ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنـزل، ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم …) ([408]). وتوجد أحاديث كثيرة تدل على أن عيسى علم يصلب ولم يقتل، بل الذي صلب وقتل هو شبيه عيسى ع. عن أبي عبد الله ع قال: (رفع عيسى ابن مريم ع بمدرعة من صوف من غزل مريم ع ومن خياطة مريم، فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيسى بن مريم ألق عنك زينة الدنيا)([409]). وعن الرضا ع قال: (ما شُبـِهَ أمر أحد من أنبياء الله وحججه ص للناس إلا أمر عيسى بن كريم ع وحده، لأنه رفع من الأرض حيا وقُبض روحه بين السماء والأرض ثم رفع إلى السماء ورد إليه روحه وذلك قوله (: ﴿إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ﴾) ([410]). وعن النبي ص قال: (عيسى ع لم يمت وإنه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة) ([411]). والتَفتْ إلى: إن عيسى نبي مرسل وقد طلب من الله سبحانه وتعالى أن يُعفى ويُصرف عنه الصلب والعذاب والقتل، والله سبحانه وتعالى لا يرد دعاء نبي مرسل، فالله استجاب له ورفعه وأُنزل الوصي الذي صُلب وقـُتل بدلاً عنه، وفي الإنجيل عدة نصوص فيها دعاء عيسى ع بأن يُصرف عنه الصلب والقتل. وهي: (… ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس …) ([412]). (…ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شئ مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس …) ([413]). (… وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تـُجز عني هذه الكأس …) ([414]). وفي التوراة سفر إشعيا، وفي الإنجيل أعمال الرسل الإصحاح الثامن هذا النص: (… مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه…). وكل الأنبياء والأوصياء المرسلين تكلموا، لم يذهب أحد منهم صامت إلى الذبح، بل هم أُرسلوا ليتكلموا ويُبكتوا ويعظوا الناس، وعيسى ع بالخصوص كم بَـكـَّتَ العلماء والناس. وكم وعظهم فلا يَصدِقُ عليه انه ذهب إلى الذبح صامت. بل هذا الذي ذهب إلى الذبح صامت هو الوصي: (شبيه عيسى) الذي صُلب وقـُتل دون أن يتكلم، أو يطلب من الله أن يُصرف عنه العذاب والصلب والقتل، ودون أن يتكلم مع الناس. بل إذا الحوا عليه وسألوه بإلحاح من أنت، هل أنت المسيح، لم يكن يجيبهم إلا بكلمة، أنت قلت. وهكذا ذهب إلى العذاب والصلب والقتل صامتاً راضياً بأمر الله، منفذاً لما أُنزل له، وهو أن يُصلب ويُقتل بدلاً من عيسى ع. ولأنه أصلاً لم يكن وقته قد حان ليُرسل ويُبلغ الناس ويتكلم معهم، ذهب هكذا: مثل شاة سيق إلى الذبح، مثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه. أرجوا أن يستفيد كل مؤمن: يريد معرفة الحقيقة من هذا الموقف، فهذا الإنسان نزل إلى الأرض، وصُلب وقـُتل ولا احد يعرفه، لم يطلب أن يُذكر أو أن يُعرف، نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد إلى ربه صامتاً، هكذا:- إن أردتم أن تكونوا فكونوا) انتهى جواب السيد أحمد الحسن ([415]). * * * -إضاءة حول المهدي الأول في كتب السنة وردت روايات في كتب أبناء العامة تذكر المهدي الذي يخرج في آخر الزمان وهناك روايات كانت في ظاهرها مناقضة عقائدياً لما فهمه علماء المذهب الجعفري، فلم يأخذ بها، بل لم يروها الكثير من الفقهاء، مثل رواية أن المهدي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. قال رسول الله ص: (… بها كسر ألواح موسى، ومائدة سليمان ومنبره، وعصا موسى في غار من غاراتها، فما من غمامة شرقية ولا غربية ولا جنوبية ولا قبلية إلا إذا جاءت تلك الغار أرخت عليه من بركاتها لما فيه. أما أنه لا تذهب الأيام والليالي حتى يتولاها رجل من ولدي من عترتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، أشبه الناس بخلقي خلقاً وبخلقي خلقاً) ([416]). قال النبي ص: (اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي. هو من ولد ابنتي فاطمة، يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم ويتبعهم الناس راغباً "إليهم وخائفاً" منهم. قال: وسكن البكاء عن رسول الله ص فقال: معاشر الناس، أبشروا بالفرج فإغن وعد الله لا يخلف وقضاؤه لا يرد وهو الحكيم الخبير، وإن فتح الله قريب اللهم إنهم أهلي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، اللهم اكلأهم وأرعهم وكن لهم وأنصرهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنك على ما تشاء قدير) ([417]). فالمعروف عند أتباع مذهب أهل البيت ص أن الإمام المهدي هو (محمد بن الحسن بن علي …ص) وليس اسم أبيه ع (عبد الله) أو أحد آباء رسول الله ص من الأنبياء على الأمد البعيد، كقوله أنا ابن الذبيحين (عبد الله ([418]) وإسماعيل). قال رسول الله ص: (إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم الخليل ونعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب ع) ([419]). إذن فالرواية لا تنطبق على الإمام ع، ولكنها قد تنطبق على المهدي الأول، إذا كان اسم أبيه أحد آباء رسول الله ص من الأنبياء فيصدق عليه اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. ثم إن المهدي الأول ع أول المؤمنين بالإمام ع في زمن ظهوره، أي انه يولد في آخر الزمان، وهذا ملائم لما جاء في عقيدة أبناء العامة. أي أن أبناء العامة في عقيدتهم ينتظرون المهدي الأول، المهدي الذي يولد في آخر الزمان واسمه اسم رسول الله واسم أبيه أحد آباء رسول الله، فهذا لا ينطبق على الإمام المهدي ع بل ينطبق على المهدي الأول من ولد الامام المهدي ع. وكما إن الصيحة في روايات أبناء العامة باسم اليماني وانه هو الخليفة، فلا بد أن نسأل أنفسنا عن هذا الخليفة، هو خليفة لمن ؟ روى ابن حماد: ص103 قال: (ما المهدي إلا من قريش، وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلا ونسبا في اليمن). ورواه أيضا في ص109 بسنده المذكور. وفي ص107 عن أرطأة: (فيجتمعون وينظرون لمن يبايعون، فبينا هم كذلك إذ سمعوا صوتا ما قاله إنس ولا جان، بايعوا فلانا، باسمه، وليس من ذي ولا ذو، ولكنه خليفة يماني…) ([420]). فاليماني خليفة المهدي ع، وهذا أيضاً ملائم لما جاء عن أهل البيت ص. وبهذا يحصل الجمع بين الروايات التي رواها السنة والشيعة. * * * -حركة اليماني من العراق إلى بيت المقدس بشكل مختصر وإجمالي، تبدأ حركة الممهد الرئيسي للإمام المهدي ع بإرسال اليماني، وهو أول أنصار الإمام ع الثلاث مائة والثلاث عشر، وقد بينت خطبة أمير المؤمنين ع التي يذكر بها أصحاب القائم وبلدانهم، أن أولهم من العراق ومن البصرة بالتحديد، والبصرة أحد مدن العراق، فيتضح لنا في بادئ الأمر ان بداية الحركة اليمانية من العراق: عن أمير المؤمنين ع في خبر طويل فقال ع: (... ألا وإن أولهم من البصرة وأخرهم من الإبدال...) ([421]). اليماني أول المؤمنين بالإمام المهدي ع وهو يمينه ووزيره وخليفته والمولى الذي ولي البيعة، فيبدأ بطلب البيعة من الناس إلى الإمام المهدي ع معلناً عن اتصاله به وإرساله من قبله. وقد مر في رواية الإمام الباقر قوله انه أهدى الرايات؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم. علماً أن في زمن الظهور المقدس تكثر رايات الضلالة التي تدعوا إلى الإمام المهدي وغيره. واتضح لنا مما سبق أن اثنتا عشرة راية تدعوا لأهل البيت ص من تلقاء نفسها دون أمر من الإمام ع كلها في النار إلا واحدة، وهي رايتهم الحقيقية والمرسلة منهم وهي راية اليماني كونه الممهد الرئيسي لزمن الظهور والملتوي عليه من أهل النار. وتكون حركة اليماني الممهد للإمام المهدي ع قبل قيام الإمام المهدي ع بالسيف بحوالي ستة سنوات. عن ابن الحنفية، قال: (بين خروج الراية السوداء من خراسان وشعيب بن صالح وخروج المهدي وبين أن يسلم الأمر للمهدي اثنان وسبعون شهراً) ([422]). والراية السوداء هنا المقصود منها الرايات الضالة ([423]) التي تظهر في أول ظهور دعوة الإمام، وأما رايات الهدى المشرقية هي الرايات السود الصغار التي وصفتها الروايات ([424]) والتي تكون بعد أن يجمع المهدي الأول (اليماني) جيشه وتكثر أتباعه ويكون الأمر في أوله مجرد دعوة الناس لبيعته ويوضح لهم اليماني أمر اتصاله بالإمام المهدي ع ويثبت لهم أنه رسولاً رسمياً من الإمام بما يعطيه الإمام من أدلة لا يتعداها، ويدعو الناس بالتي هي أحسن، ومن أهم الأدلة التي يأتي بها لابد أن يكون الدليل القرآني بالنسبة للمسلمين، وبالتوراة والإنجيل بالنسبة لليهود والنصارى كما ورد في الرواية. عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يرجع في إحداهما إلى أهله، والأخرى يقال هلك في أي واد سلك، قلت: كيف نصنع إذا كان ذلك، قال: إن ادعى مدع فاسألوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله) ([425]). والعظائم هي الكتب السماوية، فعلى الرغم من التحريف إلا إن رسول الله كان له ذكر في الكتب السماوية التي قبله واحتج عليهم بما موجود في كتبهم، فإثبات أمر خليفة الله في أرضه لابد أن يكون محفوظاً في كل الكتب ولو علموا به قبله لحرفه أهل الباطل منهم، فلا يعرفونه حتى يأتي صاحبه. وقطعاً سيلاقي ما يلاقي من رجال الدين وأصحاب المناصب الدينية والدنيوية في زمانه شأنه شأن أي دعوة إلهية، فكل الدعوات الإلهية لاقت مواجهة من أصحاب المناصب الدينية والدنيوية، فلا يختلف الأمر على الإطلاق، ومن الواضح من رواية الفرقة الناجية أنها تكون منفردة مخالفة لكل الفرق أما باقي الفرق فتكون متفقة فيما بينها ولو ظاهرياً؛ لأن هدفها دنيوي، فلا بد أن تكثر العوامل المشتركة بينهم، لذلك قال اثنان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، أو قوله اثنا عشر راية - وهي من ضمن الاثنان وسبعون - في النار وواحدة في الجنة، أي لابد من الالتفات إلى هذا التفاتاً ملحوظاً لأنه ركيزة أساسية في معرفة راية الحق. ثم بعد الدعوة بالتي هي أحسن وفي الأشهر الأخيرة منها يكون خروجه للمواجهة العسكرية وخروج السفياني الخصم الرئيسي له في شهر رجب. عن معلى بن خنيس، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: (من الأمر محتوم، ومنه ما ليس بمحتوم، ومن المحتوم خروج السفياني في رجب) ([426]). علماً أن خروج السفياني من المبشرات لأتباع اليماني (شيعة آل محمد ص)؛ لأن وجود السفياني مزامن لوجود اليماني (المهدي الأول)؛ ولأن السفياني يبدأ قتاله بالذين ينافسونه على الدنيا (بني فلان) وهم أعداء أهل البيت وغاصبي حقوقهم، وإن كانوا في الظاهر يسمون أنفسهم شيعة، أي أصحاب الرايات الضالة الاثنا عشر، فمنهم من يبايعه ومنهم من يقاتله، وعند انشغاله بهم، تكون هناك جهات عديدة بعد أن أوجعها العذاب، وشعرت ببأس السفياني اللعين، بدأت تنظم إلى راية اليماني، التي طالما رُفضت من قبل طلاب الدنيا وعباد الأصنام البشرية (العلماء غير العاملين)، والبشرى واضحة في الرواية التالية: عن أبي جعفر الباقر ع، يقول: (… فأبشروا ثم أبشروا بالذي تريدون ألستم ترون أعداءكم يقتتلون في معاصي الله ويقتل بعضهم بعضاً على الدنيا دونكم وأنتم في بيوتكم آمنون في عزلة عنهم، وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم وهو من العلامات لكم مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم، فقال له بعض أصحابه: فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك ؟ قال: يتغيب الرجال منكم عنه فإن حنقه وشرهه إنما هي على شيعتنا، وأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى، قيل: فإلى أين مخرج الرجال ويهربون منه ؟ فقال: من أراد منهم أن يخرج، يخرج إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان، ثم قال: ما تصنعون بالمدينة وإنما يقصد جيش الفاسق إليها ولكن عليكم بمكة فإنها مجمعكم وإنما فتنته حمل امرأة تسعة أشهر ولا يجوزها إن شاء الله) ([427]). وهنا يتضح في الأمر هجرة كهجرة رسول الله ص في أول دعوته. عن أبي عبد الله ع، أنه قال: (السفياني لا بد منه ولا يخرج إلا في رجب، فقال له رجل: يا أبا عبد الله، إذا خرج فما حالنا ؟ قال: إذا كان ذلك فإلينا) ([428]). وهذا الأمر (أي الهجرة وعدم مواجهة السفياني) في بداية الأشهر الستة الأولى من خروج السفياني، أي محصور بين شهر رجب إلى ذي الحجة، ثم القيام في محرم. عن أبي عبد الله ع، قال: (يقوم القائم يوم عاشوراء) ([429]). عن أبي عبد الله ع أنه قال: (السفياني من المحتوم وخروجه في رجب ومن أول خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً ستة أشهر يقاتل فيها فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً) ([430]). وتتضمن هذه الأشهر الستة هجرة أصحاب اليماني وخاصته، وهجرة اليماني أيضاً إلى بلاد المشرق، والذي طال ما ذكرت الروايات إن أول خروج اليماني يبدأ من المشرق، ثم أكد أهل البيت ص على بيعة صاحب رايات المشرق ولو حبواً على الثلج، وقد ذكرت الروايات، اختفاء المهدي من السفياني في أول الأمر، والمقصود هنا هو اليماني (المهدي الأول) لكونه عدواً ظاهراً للسفياني، أما الإمام المهدي ع فهو ليس عدواً ظاهراً للسفياني ليختفي، وخروجه بعد قتال السفياني واليماني، وهما من العلامات الحتمية التي تسبقه ع. عن علي بن الحسين ع: (… ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك) ([431]). وبعد أن يختفي المهدي الأول أي الفترة التي تسبق قيامه، يبعث السفياني جيشاً، ليلقي القبض عليه، فيخسف الله بهم. عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله ص: (يبايع لرجل بين الركن والمقام كعدة أهل بدر، فتأتيه عصائب العراق وأبدال الشام، فيغزوهم جيش من أهل الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء يخسف بهم، ثم يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب فيلتقون فيهزمهم الله، فكان يقال: الخائب من خاب من غنيمة كلب) ([432]). من هذا الذي يغزو، ومن هو الذي من قريش ؟! حسني هذا أم حسيني ؟! علماً أن الذي من قريش غير صاحب الخسف وهو بعده لذا قال ص: (يخسف بهم، ثم يغزوهم رجل من قريش) ([433]). (يخسف بهم فلا ينجو منهم إلا رجلان من كلب اسمهما وبر ووبير، تقلب وجوههما في أقفيتهما) ([434]). أمير المؤمنين ع: (... وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب أميرها رجل من كلب...ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمد ص قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان حتى إذا توسطوا الصفايح البيض([435]) بالبيداء ([436]) يخسف بهم… فيومئذ تأويل هذه الآية: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾) ([437]). عن حذيفة بن اليمان (: أن النبي ص ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب وقال: (فبينا هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك، حتى ينزل دمشق. فيبعث جيشين جيشاً إلى المشرق، وآخر إلى المدينة، حتى ينـزلوا بأرض بابل من مدينة الملعونة (يعني بغداد) فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويغصبون أكثر من مئة امرأة ويقتلون بها ثلاث مئة كبش من بني ( فلان) العباس. ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها. ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى فتلحق ذلك الجيش، فيقتلونهم ولا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم. ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها. ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول: يا جبرئيل، اذهب فأبدهم. فيضربها برجله ضربة يخسف بهم عندها، ولا يفلت منهم إلا رجلان من جهينة) ([438]). عن أمير المؤمنين ع: (… يا معاوية، إن رسول الله ص قد أخبرني… وأن رجلاً من ولدك مشوم ملعون…، فيبعث جيشاً إلى المدينة فيدخلونها، فيسرفون فيها في القتل والفواحش، ويهرب منهم رجل من ولدي، زكي نقي، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وإني لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته، وهو من ولد ابني الحسين الذي يقتله ابنك يزيد، وهو الثائر بدم أبيه فيهرب إلى مكة. ويقتل صاحب ذلك الجيش رجلا من ولدي زكياً برياً عند أحجار الزيت، ثم يسير ذلك الجيش إلى مكة، وإني لأعلم اسم أميرهم وأسمائهم وسمات خيولهم، فإذا دخلوا البيداء واستوت بهم الأرض خسف الله بهم. قال الله (: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾. قال: من تحت أقدامهم فلا يبقى من ذلك الجيش أحد غير رجل واحد، يقلب الله وجهه من قبل قفاه. ويبعث الله للمهدي أقواماً يجمعون من الأرض قزعا كقزع الخريف، والله إني لأعرف أسماءهم واسم أميرهم ومناخ ركابهم، فيدخل المهدي الكعبة ويبكى ويتضرع) ([439]). وهذا الحديث يفيد أن قتل النفس الزكية يكون قبل الخسف بجيش السفياني، أي ما بين الخامس والعشرون من ذي الحجة وبين العاشر من محرم اليوم الذي يكون فيه القيام بالسيف، وربما يكون الخسف مابين 25 ذي الحجة إلى 10 محرم أو إلى رمضان، أي في فترة القيام الثمانية أشهر التي يكون فيها قتال السفياني واليماني، ثم تكون الصيحة في رمضان، وعندها يكون قد انتهى حكم السفياني واكتملت العلامات الحتمية، وهي نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً. عن أمير المؤمنين ع، قال: (ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان ؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: قتل نفس حرام، في يوم حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة، قلنا: هل قبل هذا من شيء أو بعده؟ فقال: صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها) ([440]). فإذا كانت صيحة شهر رمضان بعد مقتل النفس الزكية التي تقتل في ذي الحجة، إذن فالصيحة بعد ثمانية أشهر من مقتل النفس الزكية والأشهر هي (محرم، صفر، ربيع 1، ربيع 2، جمادي1، جمادي 2، رجب، شعبان) والقيام الذي يبدأ بمحرم وسبق ذلك خروج السفياني من رجب إلى ذي الحجة ستة اشهر، فانقضاء فترة السفياني كلها (خمسة عشر شهراً) وهذا يوافق تماماً في رمضان. وقرينة أخرى تؤكد أن الصيحة بعد القيام، هي إن الصيحة لا تكون إلا بعد قتل وقتال، كما في الرواية التالية: عن أبي عبد الله ع: (يشمل الناس موت وقتل حتى يلجأ الناس عند ذلك إلى الحرم، فينادي مناد صادق من شدة القتال فيم القتل والقتال ؟ صاحبكم فلان) ([441]). عن أبي جعفر ع، قال: (توقعوا الصوت يأتيكم بغتة من قبل دمشق، فيه لكم فرج عظيم) ([442]). عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله ع أنه قال: (النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، واليماني من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وكف يطلع من السماء من المحتوم، قال: وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها)([443]). عن الإمام الرضا ع، قال: (… كأني به آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمعه من بالبعد كما يسمعه من بالقرب، يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين، فقلت: بأبي وأمي أنت وما ذلك النداء ؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب، أولها ألا لعنة الله على الظالمين، والثاني أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين، والثالث يرون يداً بارزاً مع قرن الشمس ينادي ألا إن الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج ويشفي الله صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم) ([444]). عن أبي عبد الله ع أنه قال: (العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب، قلت: وما هي ؟ قال: وجه يطلع في القمر ويد بارزة) ([445]). علماً أن النداء متعدد وله مصاديق مختلفة، والروايات مختلفة المعاني فيها، فمنها تتحدث عن نفس الصيحة أو النداء ولكن، كل منها يبين جانب من الصورة: وهذا يحتاج إلى بحث مستقل: فمنها في رجب، ومنها في رمضان، ومنها في عالم الملك (عالمنا الحالي) كضجة الناس بخبر وانتشاره بينهم، ومنها في الملكوت (الرؤيا وغيرها)، ومنها ما هو إعجازي مثل صيحة رمضان، وهذا بعد التمحيص والغربلة والبلاء و… و… أما إذا كان النداء كما في الرواية التالية: الحق في علي وشيعته، فكيف يمكن تميز راية الحق من الرايات الشيعية المختلفة، فكل منهم يقول أنا صاحب الحق، وكلنا نعلم حتى قبل النداء أن الحق في علي وشيعته، ولكن من هم شيعته فعلاً ؟؟ والمعارك في العراق والاختلاف في العراق وفيه الشيعة غالبية عظمى، فلماذا لم يتوحدوا على إمامهم ويبايعوه إذا كانت الصيحة واضحة الدلالة عليه، وقبل القتال، ولماذا يقولون له ارجع يا ابن فاطمة و… و… أما إذا كان النداء باسم صاحب الحق، فرواية (الحق في علي وشيعته...) أي كناية عن صاحب الحق كما أن عبارة الحق في السفياني وشيعته هي كناية عن جهة الباطل المتبوع من قبل الضالين المضلين، ولا يتصور أحد أن الناس بكافة أصنافهم ومذاهبهم يتبعون الباطل أو يتركون الحق إذا كان النداء كما في الرواية نصاً حرفياً، وخاصة بعد التحذير من رسول الله وأهل بيته، ولكن هناك للتمحيص وبالبلاء الحصة الأكبر. قال تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾([446]). وهذا يعني إن أغلب الروايات تتحدث عن مجمل النداء وليس نصه، أو لها وجه تأويل أو… أو… لذا قلت أن الأمر يحتاج إلى بحث مفصل، علماً أن هناك بحث لأحد جوانب الصيحة للأستاذ أحمد حطاب في كتابه (فصل الخطاب في حجية رؤيا أُولي الألباب)، فيمكن للقارئ مراجعة ذلك. أما الرواية كالتالي: عن الفضل بن شاذان، عن أبي جعفر ع، قال: (... قتل النفس الزكية من المحتوم، وخروج القائم ع من المحتوم. فقلت له: كيف يكون (ذلك) النداء ؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن الحق في علي وشيعته، ثم ينادي إبليس (لعنه الله) في آخر النهار: ألا إن الحق في السفياني وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون) ([447]). وكما يقولون: إن الأشياء تعرف بأضدادها، فيمكننا أن نعرف ما المقصود من (علي وشيعته) في الصيحة من ملاحظة نداء إبليس (لعنه الله) (إن الحق في السفياني وشيعته) فالضد الوحيد الرئيسي للسفياني هو اليماني الموعود (صاحب راية الهدى) والذي يمثل جهة الحق، ضد جهة الباطل وهو السفياني وشيعته، فيتضح أن المقصود من ان الحق في علي وشيعته، أي في اليماني وشيعته، واليماني للإمام المهدي ع كما كان علي ع لرسول الله ص، فافهم ولا تكن من المعاندين. عن الحسين بن المختار، قال: حدثني ابن أبي يعفور قال: قال لي أبو عبد الله ع: (أمسك بيدك هلاك الفلاني اسم رجل من بني العباس وخروج السفياني وقتل النفس وجيش الخسف والصوت، قلت: وما الصوت أهو المنادي ؟ فقال: نعم، وبه يعرف صاحب هذا الأمر، ثم قال: الفرج كله هلاك الفلاني من بني العباس) ([448]). أقول: هل سأل أحد نفسه لماذا الإمام ع يقول الفلاني، ربما يقول قائل للتقية، فإذا كانت التقية فلماذا بعدها يقول من بني العباس، فممن التقية إذا أشار الإمام ع لبني العباس صراحة ؟! ولكن الفلاني: هو وزن لاسم كبير أصنام بني العباس في زمن الظهور (حنانيا العصر)، وهو بمثابة جمل عائشة الذي كان يشتد وطيس الحرب عنده، وكان القوم لعنهم الله يبذلون قصارى جهدهم في الدفاع عنه بلا شعور، ولكن عندما عُقِر، انتهت الفتنة وفزع النيام، وانتهت المعركة، والفلاني وجوده فتنة وهلاكه فتنة، ثم إن أهل الفتن لابد لهم من مطالبة (علي ع في زمن الظهور)([449]) بدم عثمان (في زمن الظهور) أيضاً. وقد روي عن أمير المؤمنين وهو يعد أصحاب القائم إنه قال ع: (... ألا وإن أولهم من البصرة وآخرهم من الإبدال، فأما الذين من البصرة فعلي محارب وطليق ومن قاشان عبد الله وعبيد...) ([450]). وإن الروايات التي تذكر الصيحة تشير إلى هذا الأمر، فصيحة الشيطان اليائسة هي لأصحابه الذين في قلوبهم مرض، والمرض هو عداوة أهل البيت ص، وقلت مسبقاً إن عثمان أو علي هو كناية، وليس اسم صريح، كما في الرواية. عن أبي عبد الله ع: (أشهد أني قد سمعت أبي ع يقول: والله إن ذلك في كتاب الله ( لبين حيث يقول: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ﴾([451])، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع وذلت رقبته لها فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء ألا إن الحق في علي بن أبي طالب ع وشيعته، قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض ثم ينادي ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته فإنه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه، قال: فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الأول ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض والمرض والله عداوتنا فعند ذلك يتبرءون منا ويتناولونا فيقولون إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت. ثم تلا أبو عبد الله ع قول الله (: ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ﴾([452])) ([453]). * * * -الإرسال وبداية القيام تبدأ بإرسال المهدي رسوله إلى أهل مكة، والتي قلت مسبقاً ربما المراد منها النجف. فكانت القبلة التي ولد بها حجة الله هي الكعبة وهي الصدفة التي أخرجت تلك الجوهرة، والجوهرة علي ابن أبي طالب ع والصدفة اليوم مرقده ع في النجف وهي ذي طوى والذكوات البيض. وعن الصادق ع: (… فيقوم رجل منه فينادي: أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله، قال: فيقومون، قال: فيقوم هو بنفسه فيقول: أيها الناس، أنا فلان بن فلان أنا ابن نبي الله أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله فيقومون إليه ليقتلوه فيقوم ثلاثمائة أو ينيف على الثلاثمائة فيمنعونه خمسون من أهل الكوفة وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضاً، اجتمعوا على غير ميعاد) ([454]). وفيه عنه ع يقول القائم لأصحابه: (يا قوم، إن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لاحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم، فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: امض إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة والخلافة ونحن ذرية محمد ص وسلالة النبيين وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا، ابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا ونحن نستنصركم فانصرونا، فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام وهي النفس الزكية، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا، فلا يدعونه حتى يخرج فيهبط عن عقبة طوى([455]) في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر حتى يأتي المسجد الحرام، فيصلي فيه عند مقام إبراهيم ([456]) أربع ركعات ويسند ظهره إلى الحجر الأسود ثم يحمد الله ويثني عليه ويذكر النبي ص ويصلي عليه ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس فيكون أول من يضرب على يديه ويبايعه جبرئيل وميكائيل ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين فيدفعان إليه كتاباً جديداً هو على العرب شديد، بخاتم رطب فيقولون: اعمل بما فيه ويبايعه الثلاثمائة وقليل من أهل مكة ثم يخرج من مكة حتى يكون في مثله الحلقة، قلت: وما الحلقة ؟ قال: عشرة آلاف رجل، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله، ثم يهز الراية الجلية وينشرها وهي راية رسول الله السحابة ودرع رسول الله السابغة ويتقلد بسيف رسول الله ذي الفقار)([457]). يطلب منهم البيعة كون المهدي الأول هو المولى الذي يأخذ البيعة. عن حذيفة، قال: سمعت رسول الله ص وذكر المهدي فقال: (إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبد الله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها) ([458]). وهو المهدي الأول (اليماني) ابن الإمام المهدي ع. ويكون اجتماع الناس إليه بعد أن خذلوه في بادئ الأمر وبعد أن قرء كتابان في البصرة والكوفة بالبراءة من علي ([459])، وهما من عوامل الهجرة، كون أعمال السفيانية في نفس الاتجاه يكمل بعضهم البعض وإن اختلفت شخصياتهم، علماً أن السفياني عدة أشخاص وليس شخصاً واحداً، وكتاب البراءة يقرأ وينشر بشكل علني في المناطق الأكثر تشيعاً والأكثر ولاءاً للحاكم آنذاك، وفي المناطق الجنوبية بالذات، فافهم جزاك الله خيراً. عن أبي عبد الله ع، قال: (… ولا يخرج القائم ع حتى يقرأ كتابان كتاب بالبصرة، وكتاب بالكوفة بالبراءة من علي ع) ([460]). (وعلي كناية عن الشخص الذي تكون الصيحة باسمه وهو الوصي)، أي يجتمع إليه الناس بعد أن يهدر دمه في العراق ([461]) وبالخصوص المناطق الجنوبية منه، وهي بمثابة رسالة له (ارجع يا ابن فاطمة) وبعد أن هاجر على سنة موسى خائفاً يترقب، من علماء آخر الزمان، وبعد عناء و… و… تكون عودته تقريباً في شهر ذي الحجة فيبعث رسوله من أهل بيته، وهو شاب من ذرية الإمام المهدي كما نصت الروايات اسمه محمد بن الحسن، يقتله بني فلان ([462])، ويكون ذلك بناءاً على فتوى علماء الضلالة. عن محمد بن خلف الحماد، عن إسماعيل بن أبان الأزدي، عن سفيان بن إبراهيم الجريري أنه سمع أباه يقول: (النفس الزكية غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد في عصبة لهم أدق في أعين الناس من الكحل، فإذا خرجوا بكى لهم الناس، لا يرون إلا أنهم يختطفون، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقا ألا إن خير الجهاد في آخر الزمان) ([463]). فإذا قتلوه سلط الله عليهم السفياني من المغرب والخرساني من المشرق، والخرساني هو أحد قادة جيش اليماني الذين يلتحقون به، وهو الذي يلتحق تائباً من تأخره وخذلانه لليماني طيلة فترة التمهيد، ويعتبر يماني أيضاً بعد انضمامه إلى لواء اليماني ومنهجه والانصياع لأوامره، كما يعتبر علماء الضلالة سفيانية، بعد انتهاجهم منهج أبو سفيان مع رسول الله ص. عن أمير المؤمنين ع في خبر طويل قال: (… وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير، مختوم في رأس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد ص تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأزفر يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم، فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني تستبقان كأنهما فرسي رهان، شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح، إذا نظرت أخذهم برجله باطنه فيقول: لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون، وهم الأبدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز: ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾([464]))([465]). ويكون إقبال خيل اليماني الذين لم يكونوا تحت طاعة الخرساني من قبل والخرساني متوجهين إلى الكوفة، لنصرة اليماني الذي سبقهم إليها، وفي نفس الوقت السفياني متوجهاً إليها أيضاً. أما قوله ع في الرواية: وهم الأبدال: أي هم الإبدال الذين ذكرهم الله في كتابه، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾([466]). روي عن النبي ص: (أنها لما نزلت ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾([467]) ضرب بيده على ظهر سلمان، فقال: هم قوم هذا يعني عجم الفرس) ([468]). عن أبي عبد الله ع أنه قال: (اليماني والسفياني كفرسي رهان) ([469]). عن الصادق ع: (خروج السفياني والخراساني واليماني في يوم واحد ليس فيهم أهدى من اليماني؛ لأنه يدعو إلى الحق) ([470]). ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾. عن أبي جعفر الباقر ع، قال: (لابد أن يملك بنو العباس، فإذا ملكوا واختلفوا وتشتت أمرهم خرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق، وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من ههنا وهذا من ههنا حتى يكون هلاكهم على أيديهما، أما إنهما لا يبقون منهم أحداً أبداً) ([471]). إن مجرد النظر في روايات راية الحق التي تشير إلى ظهورها من المشرق، تشير إلى آية توسم لإشراق الحق وإقباله وإشراق دولة العدل الإلهي، كما أن في ظهور السفياني من المغرب وكون السفياني عين الباطل إشارة إلي غروب دولة الظالمين وإدبارها وانقضاءها. والمهدي الأول (يماني الإمام) ابن الإمام المهدي ع وقائد رايات المشرق، هو الذي يقود المعارك التي تكون مع السفياني بعد أن يأخذ البيعة، لذلك وردت روايات تنص على رجل من أهل بيته ص يقاتل السفياني طيلة فترة حكمه (أي الثمانية اشهر المتبقية من الخمسة عشر شهراً) وهي من محرم إلى رمضان، وبعد ذلك يكون الأمر قد استتب للقائم وبدأت الناس تدخل في بيعة القائم بلا قتال، وعندها يتوجه إلى تحرير بيت المقدس، ثم بقاع الأرض الأخرى. عن علي ابن أبي طالب ع، يقول: (إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشاً يخسف به بالبيداء وبلغ ذلك أهل الشام قالوا لخليفتهم قد خرج المهدي فبايعه وأدخل في طاعته وإلا قتلناك، فيرسل إليه بالبيعة ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس وتقبل إليه الخزائن وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال حتى يبني المساجد بالقسطنطينية وما دونها، ويخرج قبله رجل من أهل بيته بأهل الشرق ويحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس…) ([472]). ولا يقال في الرجل الذي يقاتل السفياني ثمانية أشهر، من أهل بيت الإمام المهدي ع، إلا إذا كان من ذريته حصراً والإمام الحسن العسكري من ذريته الإمام المهدي فقط فلابد أن يكون الرجل من أهل بيته هو من ذرية الإمام المهدي ع وهو المهدي الأول والقائم بأمر أبيه ع. عن أبي عبد الله ع، قال: (لا يخرج القائم ع حتى يكون تكملة الحلقة، قلت: وكم (تكملة) الحلقة… ثم قال: يا أبا محمد، إنه يخرج موتوراً غضبان أسفا لغضب الله...، يجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً، فأول ما يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة وينادي مناديه: هؤلاء سراق الله، ثم يتناول قريشا، فلا يأخذ منها إلا السيف، ولا يعطيها إلا السيف…) ([473]). وقد نصت بعض الروايات على أن فترة معارك السفياني وحكمة خمسة عشر شهر ستة أشهر قبل استتباب الأمر إليه، منها التي يختفي بها المهدي الأول (اليماني)، وتسعة أو أقل فترة حكمه وسيطرته، ولو حسبنا الفترة من رجب إلى ستة أشهر يكون شهر ذو الحجة، الذي يقتل فيه النفس الزكية والذي يكون قتله قبل القيام بخمسة عشر يوماً تقريباً، ثم الخسف بجيش السفياني، ثم في العاشر من محرم الحرام يكون قيام القائم فيحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر وهي من المحرم إلى شهر رمضان وهنا قد انتهت فترة السفياني وقتل، وعندها يكون اليماني قد سيطر على الحجاز والعراق وبلاد فارس ولابد أن تكون هناك اضطرابات من الذين يخالفون مذهب أهل البيت ص حتى وان كان المهدي قد سيطر عليهم، ولكنهم أغلبهم على الأقل غير مطمئن بأنه المهدي، وبعد مقتل السفياني تكون الصيحة في شهر رمضان لتكون الحجة البالغة لله على جميع المذاهب والديانات ويكون وقتها المهدي يجمع أمره لتحرير بيت المقدس، وهنا تبين لنا أن العلامات الخمسة الحتمية نظام كنظام الخرز. إذن، فحركة الظهور تتكون من: ممثل الإمام أي (اليماني)، وعدوه أي (السفياني)، ومظلوميته أي (قتل شخص من ذريته النفس الزكية) وانتقام الله له من عدوه (بالخسف)، وتأييد الله له (بالصيحة) (فهذا أول الظهور وآخره). -ملخص البحث من خلال الروايات والواقع الذي نعيشه، إننا في زمن الظهور ولا سبيل لإنكار ذلك إلا من قبل الذين تيقنت أرواحهم الخبيثة أنهم أعداء الإمام المهدي، فأولئك لا يقرون بظهوره حتى يقطع رؤوسهم العفنة ويطهر الأرض منهم ومن أمثالهم. وكون زمن الظهور المقدس يحاط بطوفان من الفتن لكثرة الباطل كما أخبر عن ذلك رسول الله ص ودل على الأمان من الضلال فقال الثقلين (القرآن والعترة) ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً، وكان يؤكد على الأمان من الضلال لشدة تلك الفتن، فتن كقطع الليل المظلم يحتار فيها الحليم الذي يشق الشعرة بشعرتين، وقد سئل رسول الله ص عن المخرج من تلك الفتن، فقال ص: (… فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، وَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ، وَهُوَ الدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَى خَيْرِ سَبِيلٍ، وَهُوَ كِتَابٌ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَبَيَانٌ وَتَحْصِيلٌ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ وَلَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ، فَظَاهِرُهُ حُكْمٌ وَبَاطِنُهُ عِلْمٌ، ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لَهُ نُجُومٌ وَعَلَى نُجُومِهِ نُجُومٌ، لَا تُحْصَى عَجَائِبُهُ وَلَا تُبْلَى غَرَائِبُهُ، فِيهِ مَصَابِيحُ الْهُدَى وَمَنَارُ الْحِكْمَةِ وَدَلِيلٌ عَلَى الْمَعْرِفَةِ، لِمَنْ عَرَفَ الصِّفَةَ فَلْيَجْلُ جَالٍ بَصَرَهُ وَلْيُبْلِغِ الصِّفَةَ نَظَرَهُ يَنْجُ مِنْ عَطَبٍ وَيَتَخَلَّصْ مِنْ نَشَبٍ، فَإِنَّ التَّفَكُّرَ حَيَاةُ قَلْبِ الْبَصِيرِ كَمَا يَمْشِي الْمُسْتَنِيرُ فِي الظُّلُمَاتِ بِالنُّورِ فَعَلَيْكُمْ بِحُسْنِ التَّخَلُّصِ وَقِلَّةِ التَّرَبُّصِ) ([474]). قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: (الْقُرْآنُ هُدًى مِنَ الضَّلَالِ، وَتِبْيَانٌ مِنَ الْعَمَى، وَاسْتِقَالَةٌ مِنَ الْعَثْرَةِ، وَنُورٌ مِنَ الظُّلْمَةِ، وَضِيَاءٌ مِنَ الْأَحْدَاثِ، وَعِصْمَةٌ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَرُشْدٌ مِنَ الْغَوَايَةِ، وَبَيَانٌ مِنَ الْفِتَنِ، وَبَلَاغٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، وَفِيهِ كَمَالُ دِينِكُمْ وَمَا عَدَلَ أَحَدٌ عَنِ الْقُرْآنِ إِلَّا إِلَى النَّارِ) ([475]). ومن الثقلين وجدت روايات تدل على أن الأمم السابقة افترقت إلى عدة فرق وكانت كلها في النار إلا واحدة وهي الفرقة التي اتبعت الوصي وأمة محمد ص ستفترق إلى ثلاث وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة هي في الجنة وهي التي تتبع الوصي في كل زمن، وفي زمن الظهور توجد اثنتا عشرة راية مشتبهة كلها في النار إلا واحدة وهي التي تتبع الوصي وبها تتمة الثلاث وسبعون. ومن خلال الرواية كانت أهدى الرايات راية اليماني، أي راية آل محمد ص التي أشاروا إليها ص فتبين كل ما سواها باطل. وبما ان الرايات المشتبهة تخرج ومصدرها قيادات دينية، لذلك بحثت في الروايات التي تذكر العلماء في آخر الزمان فوجدتها لا تذكر العلماء بشيء مما يطيب له خاطرهم فكانت الروايات تذكر أن مواقف العلماء سلبية في زمن الظهور المقدس، ولم أجد أي رواية تشير إلى موقف مشرف مع الإمام المهدي ع من قبل العلماء، وذلك مما أغناني عن البحث الدقيق عن شخصية اليماني أو صاحب راية الهدى بين صفوف العلماء. ثم بعد البحث في الروايات للتعرف على شخصيته والتبين من صفاته وعلاماته والدلائل التي تدل عليه ما يكفي لحصر الأمر قدر المستطاع، وبعد أن نعرف هذه الصفات، عندها يمكننا أن نعرض العلماء واقصد أصحاب الرايات الموجودة حالياً، فان انطبق عليه كلام أهل البيت ص فهو ذا وإلا نبحث عن غيره حتى نرى على من تنطبق روايات أهل البيت ص واعلم أخي القارئ إن أهل البيت صلم يذكروا كل هذه الروايات سفهاً وإنما ذكرت دليلاً من العمى وطريقاً إلى الهدى ليستفاد منها شيعتهم ومحبيهم وكل طاهر مقر بكلام الأئمة الطاهرين ص ويكفر بها كل لعين على لسان الأنبياء والمرسلين والأئمة والمهديين، وهدفنا في البحث معرفة صاحب راية الحق الموصوف بروايات أهل البيت ص، ومجمل ما توصلت إليه من البحث واهم الصفات هو: إن اليماني من ذرية الحسين: عن الإمام الباقر ع: (... وإياك وشذاذ من آل محمد ص فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات فالزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه، فإغن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ثم صار عند محمد بن علي، ويفعل الله ما يشاء. فالزم هؤلاء أبداً، وإياك ومن ذكرت لك، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً، ومعه راية رسول الله ص عامداً إلى المدينة...) ([476]). وفي الرواية ثلاث مواريث، العهد والراية والسلاح: فأما عهد رسول الله ص: فهي الوصية التي جاء اسم ابن المهدي (أحمد) وهو ابن صاحب الوصيات. وأما راية رسول الله ص: فهي البيعة لله، أي البيعة لمن نصبه الله (صاحب العهد)، وهو عكس مفهوم الديمقراطية والانتخابات وإقرار تنصيب الناس وكما اقره سالفاً عمر وأبو بكر واتبعتهم الأمة يوم السقيفة، وقالوا إن الأمر شورى، أقره مؤخراً جميع علماء الشيعة واتبعتهم الأمة. وأما سلاح رسول الله ص: فهو القرآن، أي العلم به ومعرفته، فالذي يحمل سلاح رسول الله لابد أن يعرف محكمة من متشابهه وناسخه من منسوخه. وأسألكم بالله هل من العقل أن يعبث الطفل (الجاهل) بالسلاح، وإذا فعل ماذا تكون العاقبة ؟! يؤذي نفسه ويؤذي غيره، وإذا حمله من هو أهله، آمن نفسه وآمن غيره من الهلكة. فلا يحمل ويعرف ما في القرآن إلا أهل بيت النبوة. ورد في الروايات أنه شاباً ولم يقل شيخاً. إن أول المؤمنين بالإمام المهدي ع هو من ذريته، أي ولده، وهو خليفته من بعده واسمه أحمد وهو أول المهديين الاثنى عشر من بعد الإمام المهدي ع كما نصت وصية رسول الله ص ([477]). أول أنصار الإمام المهدي ع من البصرة، واسمه أحمد، وفي رواية سمي علي محارب، فأما علي فكونه الوصي في زمن الظهور كما أن علي ابن أبي طالب وصي رسول الله ص فسمي علي للمشابهة، ومحارب أي مقاتل لكونه يقود معارك جيش الإمام ع العقائدية والعسكرية. الإمام لا يعلم بمكانه إلا المولى الذي يلي أمره أي خليفته. الذي يحمل السيف على عاتقة ثمانية أشهر ويقاتل السفياني من أهل بيته (أي من ذرية الإمام) وذلك هو اليماني نفسه. اليماني حجة منصوص له بالبيعة معصوم والملتوي علية من أهل النار وكل الروايات التي أشارت إلى البيعة تشير إلى شخص واحد؛ لأن أهل البيت ص لا يطلبون البيعة لشخصين في آن واحد. اليماني اسمه أحمد كما هو مذكور في رواية كنوز الطلقان وهو شعارهم وكونه خليفة المهدي هو صاحب رايات المشرق. من صفاته والتي ذكرت بالروايات: المهدي أو صاحب الأمر أو القائم والتي لا يمكن أن تنطبق على الإمام المهدي ع لتعارضه مع روايات أخرى وصفت الإمام المهدي ع، ومن هذه الصفات: أسمر والإمام ع أبيض مشرب بحمرة، بخده الأيمن أثر والإمام ع بخده الأيمن خال، بشعره حزاز (أي القشرة)، مشرف الحاجبين والإمام ع أزج الحاجبين، غاير العينيين والإمام ع أعين أكحل العينين، أذيل الفخذين وفي رواية أحمش الساقين (أي هزيل) والإمام ع عريض الفخذين، جسمه إسرائيلي وبني إسرائيل يمتازون بطول القامة. اليماني يدعو إلى صاحبكم: أي يدعو إلى الإمام المهدي ع مباشرة من دون أي لف ودوران كالدعوة باسم مرجعية أو حزب أو أي كيان سياسي آخر، أي أنه لابد أن يصرح للناس بأنه هو اليماني الموعود الذي تبتلى به الناس في زمن الظهور ويقدم الأدلة على ذلك من خلال روايات أهل البيت. ليكون قد بلغ الناس بذلك فان آمنوا وإلا فالملتوي عليه من أهل النار، وليس كما يعتقد البعض إن اليماني يبقى ساكتاً، أقول هل ترضون أن تدخلوا جهنم ساكتين أيضاً، إنما قالوا هذا التبرير خشية أن يتركهم الناس عندما يسمعوا صوت الحق ويتضح لهم أمر صاحب راية الهدى الوحيدة، وقطعاً لا يتركهم إلا من يخشى على دينه، أما عبدة الأوثان فيبقون على أصنامهم عاكفين ﴿قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾([478])، وسيرجع موسى إن شاء الله بقطع رؤسهم، رحم الله موسى. ورد عن المعصومين ص: إذا ادعى مدع فاسألوه عن العظائم، والعظائم هي الكتب السماوية، وكون كتابنا القرآن فلابد للمدعي أن يبين لنا المحكم من المتشابه ولابد من علمه بأسرار القرآن كلام الله الثقل الأكبر. قال أبو عبد الله ع: (ينبغي لمن ادعى هذا الأمر في السر أن يأتي عليه ببرهان في العلانية قلت وما هذا البرهان الذي يأتي في العلانية قال يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويكون له ظاهر يصدق باطنه) ([479]). أقول: وأنى لهم أن يحلوا حلال الله وهم يكفر بعضهم البعض وكل يحل ما يشاء، والآخر يحرم ما أحله الأول، وكل ذلك بلا دليل من القرآن أو السنة وأقصد (المستحدثات) بالتحديد لعدم إحاطتهم بدليل شرعي لها فأفتوا كل حسب ما يرى، أي أحل حلاله هو وليس حلال الله وحرم حرامه هو وليس حرام الله، ومع ذلك فإن روايات أهل البيت كثيرة التي تنهى عن التشريع بالرأي. ثم هل الكل اقصد أصحاب الرايات الموجودة اليوم لهم ظاهر يصدق باطنهم ؟ لا. ولو تأملت القرارات التي تصدر عن أصحاب القيادات الدينية اليوم تراها خافضة رافعة ليس لهم قرار ثابت لعدم عصمتهم. وعليه: فالأمر محسوم لا يقبل الجدال إلا أن تردوا روايات أهل البيت ص وتكذبوا بها فتكونوا من الكافرين بهم. عن أبي عبد الله ع: (... الراد علينا كالراد على الله وهو على حد الشرك بالله) ([480]). وبما إن شخص اليماني أو خليفة الإمام المهدي هو صاحب راية الحق الوحيدة وهو من ذرية الإمام المهدي ع، فإذا ادعى هذا الأمر شخص هاشمي معروف النسب من ذرية الإمام الحسن ع أو الإمام الحسين ع فهو كاذب أو ادعى هذا الأمر أي شخص من عامة الناس ومن أي عشيرة معروف النسب فهو كاذب أيضاً، وذلك لأن ذرية الإمام المهدي ع غير معروفين النسب فلا بد أن يكون المدعي مقطوع النسب تماماً عندها يحتمل أن يكون من ذرية الإمام المهدي ع مادام ليس له أي سلسلة نسب تنقض هذا الاحتمال. ومن هنا لو عرضنا كل الموجودين في الساحة اليوم على هذا النقاط السابقة: تتساقط من الاحتمال الرايات غير الهاشمية والرايات الحسنية؛ لأن اليماني من ذرية الحسين، أي إن الأمر في ولد الحسين. عن أبي جعفر محمد بن علي ع: أنه سئل عن الفرج، متى يكون ؟ فقال: (إن الله ( يقول: ﴿فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾. ثم قال: يرفع لآل جعفر بن أبي طالب راية ضلال، ثم يرفع آل عباس راية أضل منها وأشر، ثم يرفع لآل الحسن بن علي ع رايات وليست بشيء، ثم يرفع لولد الحسين ع راية فيها الأمر) ([481]). كونه شاب تتساقط كبار السن ويبقى الأمر بين الشباب. وكونه من ذرية الإمام المهدي ع ولذلك يشترط أن يكون هذا الشاب مقطوع (غير معروف) النسب وهنا يتساقط الجميع إلا السيد أحمد الحسن؛ لأن كل الموجودين معروفين النسب إلى آدم ع فليس لهم من هذا الأمر مفر وأغلبهم من عوائل دينية معروفة. أما السيد أحمد الحسن فبعد أن ذهب وفد من الإخوة المؤمنين ومنهم من رجال الدين (المعممين) إلى شيخ عشيرته وسألوه عن نسبهم إلى من يعود، فقال: نسبنا مقطوع بعد الأب الرابع ولا نعرف إلى من يعود، ثم ذهب جماعة إلى نسابة من العشيرة التي هم متحالفين معهم منذ زمن بعيد، فسألوا ذلك الشيخ إلى من يرجع نسب هؤلاء القوم وهم معكم ؟ فقال: هم متحالفين معنا منذ عهد آبائهم وأجدادهم ولكنهم ليسوا من عشيرتنا ولا نعرف إلى من يعود نسبهم ولم نرَ منهم إلا خيراً. ومن أراد أن يتأكد فهم على قيد الحياة وعلى الأرض لم يصعدوا إلى القمر بعد، فاذهبوا إليهم واسألوهم، وابحثوا في كتب النسابة إن شئتم، اسألوا عن كل ما يخص إمامكم، أو ﴿اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾([482]). وأما الصفات والأمور الأخرى فأقول: السيد أحمد الحسن: اسمه أحمد، ومقطوع النسب، أسمر، بخده الأيمن أثر، بشعره حزاز (أي القشرة)، مشرف الحاجبين، غاير العينيين، أذيل الفخذين وفي رواية أحمش الساقين (أي هزيل)، طويل القامة ... فالصفات التي وصف بها القائم وهي ليس في الإمام المهدي موجودة في شخص السيد أحمد الحسن، وهو من كان مقصود بها، فهل يمكن أن تنطبق كل هذه الصفات على شخص مدعي زوراً، وكل ذلك صدفة ... ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾([483]). ينطبق عليه قولهم ع: (يدعوا إلى صاحبكم)، فرغم أنه متأكد من أن العلماء سيكذبونه ولكنه ذهب إليهم وأخبرهم أنه مرسل من الإمام المهدي ع وعرض عليهم أدلة عدة، منها أنه مستعد أن يناظرهم بالقرآن، وقال فليكن كل العلماء وطلابهم من جهة وأنا من جهة أو أسألهم سؤالاً واحداً من القرآن فإن أجابوه فلهم النصر. ثم دعاهم إلى المباهلة بعد أن لم يستجيبوا للمناظرة، ودعاهم إلى قسم البراءة، ودعاهم إلى القسم بأبي الفضل العباس ع، ودعاهم إلى أن يطلبوا منه معجزة على أن تكون من معاجز الأنبياء ليكون تكذيبهم له تكذيب للأنبياء و… و… وبعد ما ألقى الحجة عليهم كاملة وعدم استجابتهم لذلك توجه إلى عامة الناس ودعا الناس كما دعا رسول الله ص بالتي هي أحسن، واحتج عليهم بأن اسمه مذكور في روايات أهل البيت ص كما احتج رسول الله ص على أهل الكتاب بأن اسمه مكتوب في كتبهم، ثم بين السيد للناس ما جرى بينه وبين العلماء، وبهذا فهو أعلن عن نفسه لتكون الحجة لله بالغة على الناس في عدم إتباعهم راية الحق الذي قيل فيه يدعو إلى صاحبكم. أما الباقون فهم يمنون أنفسهم أن يكونوا هم أصحاب الحق ولا يمكنهم أن يصرحوا به كذباً فسرعان ما سينكشف أمرهم لذلك اكتفوا بالصمت أو التنويه إلى أشخاصهم دون التصريح وقام الهمج الرعاع بالتصريح بالنيابة عنهم. ثم بعد أن تحدى العلماء أن يسألوه عن العظائم فلم يفعلوا خشية أن يتضح أمرهم أصدر تفسيراً مختصراً لسورة الفاتحة وتحدى العلماء بالرد عليه علمياً لا تكذيباً عشوائياً، ثم أصدر بعد ذلك أربعة أجزاء يجيب على أسئلة موجهة له من القرآن ويكون رده أحاكماً للمتشابه وتبياناً له. وهذا الأمر شأن المعصومين ص وتحدى العلماء بالإشكال عليه ولم يرد على كتبة أي من العلماء ولو على سؤال واحد فقط. وأما قول الإمام أبي عبد الله ع: (ينبغي لمن ادعى هذا الأمر في السر أن يأتي عليه ببرهان في العلانية، قلت: وما هذا البرهان الذي يأتي في العلانية ؟ قال: يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويكون له ظاهر يصدق باطنه) ([484]). فإغن السيد أحمد الحسن في أول دعوته وقبل أن يعلن أنه مرسل من الإمام المهدي ع طالب أقطاب الجور في الحوزة بالعدالة المالية والتي كانت ومازالت مفقودة، علماً أنه لم يستلم أي راتب إطلاقاً من أي مرجع خلال سني تواجده في الحوزة في النجف، كما أنه كان يشهد بوثاقته وتدينه وورعه كل من عرفه، أما اليوم فكثر عليه الكذب والبهتان وإلصاق أنواع التهم وما إلى ذلك مما هو شأن بني أمية وبني العباس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وافتراءهم عليه بما لا يقبله العقل إطلاقاً كقولهم (أنه حرم الزواج) أو قولهم (أنه زوج ابنته إلى الإمام) وما إلى ذلك من افتراءات لا يعقلها إلا السذج، استصغاراً منهم لمستوى الناس الذهني واستحماراً للناس، وهذا يكفي دليلاً على عجزهم عن وجود أي ثغرة في شخصه أو قوله أو فعله مخالفة لما جاء به آل محمد ص مما ألجأهم إلى الافتراء عليه، ولو وجدوا ثغرة لما سكتوا ولما لجؤوا إلى الكذب. كما أن السيد أحمد الحسن منذ أول يوم دعوته إلى يومنا هذا أصدر عدة بيانات طوال سنوات الدعوة طبقاً للأحداث الموجودة وكانت بياناته مسددة مليئة بالحكمة وكانت هي الظاهر الذي يعبر عن باطن الرجل، قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾([485]). وهذا الأمر خلاف ما عليه أصحاب الرايات الأخرى، فكلما أصدروا بياناً، ناقضوه ببيان آخر، ثم إنهم نقضوا ما جاء به القرآن وما جاء به الأنبياء والمرسلون من الأولين والآخرين وهو حاكمية الله لا حاكمية الناس ولم يخالفهم في ذلك إلا السيد أحمد الحسن. ويوجد من رجال الدين من أقرّ حاكمية الناس واختيارهم إذا خرج المحتل، ثم بدأ بتناقضات كالسيل الجارف، فقال الدليل الشرعي والتاريخي والأخلاقي مخالف للانتخابات، ثم بعد فترة، أصدر بياناً: يجب شرعاً وأخلاقاً وتاريخاً وأدباً الانتخاب. وأوجب ذلك حتى على من لا يعترف به أو بالمذهب أو بالدين، فكانت والله أشبه بالمشهد المسرحي الكوميدي، فلو أوجب على باعة الخمر شربه، أو على… لكان أرجى في طاعته من أن يوجب على الديانات والمذاهب الأخرى ذلك. أما السيد أحمد الحسن: فقد أوضح جوهر الموضوع وقال: إن الحكم لله والخليفة يعينه الله وهذا ما اعترضت عليه الملائكة من قبل، وأنتم بقبولكم الانتخابات أقررتم تعيين أبي بكر وصاحبيه؛ لأن الإمام علي ع لم ينتخب من قبل الناس بل لم يحصل إلا على أربعة أصوات، فهل ترون اختيار الناس حق, و… وله في هذا المجال كتاب حاكمية الله لا حاكمية الناس، وتحدى العلماء بأن يردوا أي إشكال على هذا الكتاب المخالف لكل من أفتى بالانتخابات، فهلا دافعوا عن فتاواهم التي أوجبوا بها الحرام، أقول أوجبوه ولم يحللوه فقط بل منهم من فضله على الصوم والصلاة… آه… ثم آه لعن الله أمة أسرجت وألجمت وتنقبت لقتالك يا سيدي… اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وال محمد وآخر تابع له على ذلك… اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله … اللهم ألعنهم جميعاً. -استعراض النسبة التي تنطبق عليهم مواصفات الممهد الرئيسي من بين (12) راية ومعرفة راية الحق ولو فرضنا أن هناك عدة أشخاص مقطوعي النسب تماماً وأسماءهم أحمد، فكم تعتقد منهم من أهل البصرة ؟ ولنفرض 100 شخصاً مقطوعي النسب ويحتمل أن يكون نسبهم إلى الإمام المهدي ع وأسماؤهم أحمد، فكم من الـ 100 مشرف الحاجبين (أي غير ممزوج الحاجبين)؟ ولنفرض 80، فكم من الـ 80 شخصاً لونه عربي أسمر ؟ ولنفرض 60 شخصاً منهم لونهم عربي أسمر، لكثرة اللون الأسمر في البصرة، فكم من الـ 60 طويل القامة ؟ ولنفرض 30 شخصاً كلهم طوال القامة، فكم من هؤلاء الـ 30 في شعره حزاز (قشرة)؟ ولنفرض 20 شخصاً، فكم من الـ 20، شاباً مقارب الـ 32 ؟ ولنفرض 10 منهم شباباً، فكم من الـ 10 بخده الايمن أثر ؟ ولنفرض (3) فإذا تحققت كل هذه الصفات بـ (3) فكم منهم عرف بالتدين واستقامة الأخلاق لدى كل من عرفه، وكم منهم يدعى أانه مرسل من الإمام المهدي ع، وكم منهم مستعد أن يناظر علماء المسلمين بالقرآن ويناظر اليهود والنصارى بالتوراة والإنجيل، وكم منهم مستعد للمباهلة على صدق دعواه وكم منهم مستعد لقسم البراءة والقسم بأبي الفضل العباس ع، وكم منهم رأى به مئات من الناس من محافظات وبلدان مختلفة رؤيات بالمعصومين ع يشهدون بأنه حق، وهو من ذرية الإمام المهدي ع، وهو رسوله... الخ. فهل يصعب التمييز إذا كان الذي يبحث عن راية الحق يبحث بشكل صادق، وغير مقيد بعاطفة أو صنم محترم ينطق أو لا ينطق ليس هناك مشكلة… أو ينطق بمفسدة !! صنم جاثم على صدره، يمنعه من التفكير مهيمن على أفكاره !! وأخيراً أقول اللعنة على أصنام قريش التي حطمها وصي محمد المصطفى ص واللعنة على أصنام قريش آخر الزمان التي يحطمها وصي محمد بن الحسن العسكري ع. -ملحقـان المهدي وأهل السنة سيتفق السنة مع الشيعة في الإيمان بالمهدي ع، فقد روت كتبهم الكثير من الأحاديث الصحيحة في المهدي، وصرح الكثير من أعلامهم بتواترها، وممن أشار إلى ذلك: (الترمذي (ت297 هـ) في سننه ([486])، والعقيلي (ت322 هـ) في الضعفاء الكبير ([487])، والبربهاري (ت329 هـ) كما في الاحتجاج بالأثر ([488])، ومحمّـد بن الحسين الآبري (ت363 هـ) صرّح بتواتر أحاديث المهديّ كما في تذكرة القرطبي ([489])، والحاكم (ت405هـ)([490])، والبيهقي (ت458 هـ) كما في منار ابن القيّم ([491])، والبغوي (ت510 أو 516 هـ)([492])، وابن الأثير (ت606 هـ)([493])، والقرطبي المالكي (ت671 هـ)([494])، وابن منظور (ت711 هـ)([495])، وابن تيميّـة (ت728 هـ)([496])، والمـزّي (ت742 هـ)([497])، والذهـبي (ت748 هـ)([498])، وابن القيّم (ت751 هـ)([499])، وابن كثير (ت774 هـ)([500])، والتفتازاني (ت793 هـ)([501])، ونور الدين الهيثمي (ت807هـ)([502])، وابن خلدون (ت808 هـ) اعترف بصحّة بعض أحاديث المهديّ([503])، والجزري الشافعي (ت833 هـ)([504])، وأحمد بن أبي بكر البوصيري (ت840 هـ)([505]). وابن حجر العسقلاني (ت852 هـ)([506])، وشمس الدين السخاوي (ت902 هـ)([507])، والسيوطي (ت911 هـ)([508])، والشعراني (ت973 هـ)([509])، وابن حجر الهيتمي (ت974هـ)([510])، والمتّقي الهندي (ت 975 هـ) وفي كتابه (البرهان) بيانٌ لأربع فتاوىً لفقهاء المذاهب الإسلامية بشأن من أنكر ظهور المهديّ في آخر الزمان وكذّب بالأحاديث الواردة في هذا الشأن ([511])، والشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (ت1033 هـ)([512])، والبرزنجي (ت1103هـ)، والزرقاني المالكي ([513])، مفتي الشافعية (ت1304 هـ)([514])، والقنوچي البخـاري (ت1307 هـ)([515])، وشهاب الدين الحلواني المصري الشافعي (ت1308 هـ)([516])، والبلبيسي الشافعي (المتوفّى في بداية القرن الرابع الهجري)([517])، والآلوسي الحنفي أبو البركات (ت1317 هـ)([518])، وأبو الطيّب الآبادي (ت1329 هـ)([519])، والكتّاني المالكي (ت1345 هـ) وقد نقل القول بتواتر أحاديث المهديّ عن جمع من الحفّاظ([520])، والمباركفوري (ت1353هـ)([521])، والشيخ منصور علي ناصف (المتوفّى بعد سنة 1371 هـ)([522])، والشيخ محمّد الخضر حسين المصري (ت 1377 هـ)([523])، وأبو الفيض الغماري الشافعي (ت1380 هـ) الذي أثبت تواتر أحاديث المهديّ بأوضح الأدلة وأقواها ([524])، والشيخ محمّـد بن عبـد العزيز المانع (ت1385هـ)([525])، والشيخ محمّد فؤاد عبد الباقي (ت1388 هـ) ([526]). إلى غيرهم من عشرات العلماء المعاصرين ممّن لهم خبرة واسعة في علوم الحديث رواية ودراية، كالمودودي في البيانات: 166، والألباني في مقال حول المهديّ: 644 المنشور في مجلّة التمدّن الإسلامي لسنة 1371 هـ العدد 22، والشيخ صفاء الدين كما في مجلّة التربية الإسلامية العراقية السـنة 14 العدد 7 ص30، والشيخ عبـد المحسن العبّاد في محاضرته عن الإمام المهديّ منشورة في مجلّة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة لسنة 1388 هـ، وله محاضرة أُخرى نشرتها المجلّة نفسها سنة 1400 هـ حول الردّ على من كذّب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهديّ، والشيخ التويجري في كتابه (الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهديّ المنتظر)، والشيخ ابن باز كما في تصديره لكتاب (الاحتجاج بالأثر) المتقدّم، وتعقيبه على محاضرة الشيخ عبـد المحسن العبّاد، وغيرهم) ([527]). إذن الاعتقاد بالإمام المهدي ع يتفق عليه السنة والشيعة على حد سواء، ولكنهم بعد الاتفاق على أصل العقيدة يختلفون في تحديد المصداق. فالمهدي بالنسبة للشيعة هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت ص واسمه محمد بن الحسن ع، وهو مولود وغائب منذ زمن بعيد، بينما يرى السنة أن المهدي يولد في آخر الزمان، واسمه محمد بن عبد الله أو أحمد بن عبد الله. هذا الاختلاف كما أثبتت الدعوة اليمانية مصدره رؤية كل من الطرفين لجانب من الحقيقة، فالمهدي كما رأينا في كتاب (اليماني حجة الله) اسم ينطبق على الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن ع كما يقول الشيعة، وينطبق كذلك على ولده الذي يولد في آخر الزمان وهو أحمد. وسنحاول في هذه الصفحات تقديم بيان مختصر لهذه الحقيقة من خلال الروايات الواردة في المصادر السنية، وكما يلي: اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي: 1- الحديث الذي أخرجه ابن أبي شيبة، والطبراني، والحاكم، كلهم من طريق عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ص، أنه قال: (لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلاً يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي) ([528]). 2- الحديث الذي أخرجه أبو عمرو الداني، والخطيب البغدادي كلاهما من طريق عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ص أنه قال: (لا تقوم الساعة حتى يملك الناس رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي) ([529]). 3- الحديث الذي أخرجه نعيم بن حماد، والخطيب، وابن حجر، كلهم من طريق عاصم أيضاً، عن زر، عن ابن مسعود، عن النبي ص أنه قال: (المهدي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي) ([530]). 4- الحديث الذي أخرجه نعيم بن حماد بسنده عن أبي الطفيل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المهدي اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي) ([531]). هذه الروايات فهم منها أهل السنة بأن اسم المهدي هو (محمد بن عبد الله)، وعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقال بشأن هذه الأحاديث من جهة أن الأحاديث الثلاثة الأولى منها قد رواها كبار الحفاظ والمحدثين دون عبارة (واسم أبيه اسم أبي)، فقد روى الحديث أحمد في مسنده - وفي عدة مواضع – بعبارة: (واسمه اسمي) فقط ([532])، وكذلك الحال عند الترمذي فقد روى هذا الحديث من دون عبارة: (واسم أبيه اسم أبي)، وأشار إلى أن المروي عن علي ع، وأبي سعيد الخدري، وأم سلمة، وأبي هريرة هو (اسمه اسمي) فقط، وقال - بعد رواية الحديث عن ابن مسعود بهذا اللفظ - : (وفي الباب: عن علي، وأبي سعيد، وأم سلمة، وأبي هريرة. وهذا حديث حسن صحيح)([533]). وأخرج الطبراني الحديث عن ابن مسعود من طرق أخرى كثيرة، وبلفظ: (اسمه اسمي)، كما في أحاديث معجمه الكبير المرقمة: 10214 و 10215 و 10217 و 10218 و 10219 و 10220 و 10221 و 10223 و 10225 و 10226 و 10227 و 10229 و 10230. ومثله الحاكم في مستدركه أخرج الحديث عن ابن مسعود بلفظ: (يواطئ اسمه اسمي) فقط، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ([534]). وتابعه على ذلك الذهبي. وكذلك نجد البغوي في مصابيح السنة يروي الحديث عن ابن مسعود من دون (واسم أبيه اسم أبي) مع تصريحه بحسن الحديث ([535]). وقد صرح المقدسي الشافعي بأن تلك الزيادة لم يروها أئمة الحديث، فقال - بعد أن أورد الحديث عن ابن مسعود بدون هذه الزيادة - : أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم، منهم الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه، والإمام أبو داود في سننه، والحافظ أبو بكر البيهقي، والشيخ أبو عمرو الداني، كلهم هكذا ([536]) أي: ليس فيه: (واسم أبيه اسم أبي) ثم أخرج جملة من الأحاديث المؤيدة لذلك مشيراً إلى من أخرجها من الأئمة الحفاظ كالطبراني، وأحمد بن حنبل، والترمذي، وأبي داود، والحافظ أبي داود، والبيهقي، عن عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وحذيفة ([537]). هذا زيادة على ما مر من إشارة الترمذي إلى تخريجها عن علي ع، وأبي سعيد الخدري، وأم سلمة، وأبي هريرة، كلهم بلفظ: (واسمه اسمي) فقط. ولا يمكن تعقل اتفاق هؤلاء الأئمة الحفاظ بإسقاط هذه الزيادة (واسم أبيه اسم أبي) لو كانت مروية حقاً عن ابن مسعود مع أنهم رووها من طريق عاصم بن أبي النجود، بل ويستحيل تصور إسقاطهم لها لما فيها من أهمية بالغة في النقض على ما يدعيه الطرف الآخر. ولهذا نجد الأستاذ الأزهري سعد محمد حسن يصرح بأن أحاديث (اسم أبيه اسم أبي) أحاديث موضوعة ([538]). وقال الشافعي في البيان: (أخبرنا الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري في كتاب مناقب الشافعي ذكر هذا الحديث وقال فيه: وزاد زائدة في روايته لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً مني، أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. قلت: وذكر الترمذي الحديث ولم يذكر قوله واسم أبيه اسم أبي) ([539]). وقال في مشكاة المصابيح: (رواه الترمذي وأبو داود وليس فيه واسم أبيه إسم أبي، وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقلة الأخبار اسمه اسمي فقط، والذي رواه اسم أبيه اسم أبي فهو زائدة وهو يزيد في الحديث. والقول الفصل في ذلك أن الإمام أحمد مع ضبطه وإتقانه روى هذا الحديث في مسنده في عدة مواضع واسمه اسمي) ([540]). وقال السلمي في عقد الدرر: (أخرجه جماعة من أئمة الحديث في كتبهم منهم الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه، والإمام أبو داود في سننه، والحافظ أبو بكر البيهقي، والشيخ أبو عمرو الداني، كلهم هكذا، وليس فيه: واسم أبيه اسم أبي) ([541]). وأما الحديث الرابع، فهو ضعيف السند بالاتفاق إذ وقع فيه رشدين بن سعد المهري وهو: رشدين بن أبي رشدين المتفق على ضعفه بين أرباب علم الرجال من أهل السنة. فعن أحمد بن حنبل: أنه ليس يبالي عمن روى، وقال حرب بن إسماعيل: سألت أحمد بن حنبل عنه، فضعفه، وعن يحيى بن معين: لا يكتب حديثه. وعن أبي زرعة: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال الجوزجاني: عنده معاضيل، ومناكير كثيرة، وقال النسائي: متروك الحديث لا يكتب حديثه. وبالجملة فإني لم أجد أحدا وثقه قط إلا هيثم بن ناجة فقد وثقه وكان أحمد بن حنبل حاضرا في المجلس، فتبسم ضاحكا، وهذا يدلك على تسالمهم على ضعفه ([542]). أقول: على الرغم من كل هذا الذي قيل بشأن هذه الروايات، فإن بإمكاننا أن نرى أن ذهابهم إلى القول بالتضعيف والطعن فيها منشؤه في الحقيقة عدم إدراك المراد الحقيقي منها، ولا أدري حقاً لما فهم السنة، وغيرهم من هذه الروايات أن اسم المهدي هو (محمد بن عبد الله) ؟ فمن المعروف أن رسول الله ص اسمه (أحمد) أيضاً، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾([543]). وورد عنه ص قوله: (أنا ابن الذبيحين؛ يعني إسماعيل وعبد الله)([544]). وعليه يكون اسم المهدي هو (أحمد بن إسماعيل)، ويعضده ما أخرجه أبو صالح السليلي عن رسول الله ص، أنه قال: (الحقوا به بمكة فإنه المهدي وأسمه أحمد) ([545]). وفي هذا الصدد يقول الشيخ محمود أبو رية: (مما يبدو من مشكلات الرواية تلك الأحاديث المختلفة التي جاءت في كتب السنة المشهورة عند الجمهور عن "المهدي المنتظر" والتي تذكر أنه يخرج في آخر الزمان ليملأ الدنيا عدلاً - كما ملئت جوراً، وهو عند أهل السنة "محمد بن عبد الله" وفي رواية أحمد بن عبد الله) ([546]). الروايات السنية تشير إلى مهدييَّنِ اثنين أيضاً: يمكن بحمد الله إثبات وجود مهدييَّن في آخر الزمان من خلال ما روته الكتب السنية كما تم إثباته من خلال كتب الشيعة، فقد أخرج ابن أبى شيبة (37223), وأحمد (6/ 316/ 27224), وأبو داود (4286), وأبو يعلى (6901), والطبراني [في الكبير] (23/390/931) و (1153 الأوسط) عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي ص قال: (يكون اختلاف عند موت خليفة, فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة, فيأتيه ناس من أهل مكة, فيخرجونه وهو كاره, فيبايعونه بين الركن والمقام, ويبعث إليه بعث من الشام, فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة, فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق, فيبايعونه بين الركن والمقام, ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب, فيبعث إليهم بعثنا, فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب, والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب, فيقسم المال, ويعمل في الناس بسنة نبيهم ص ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض, فيلبث سبع سنين, ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون) ([547]). في هذه الرواية يظهر المهدي في مكة، كما هو واضح، فالمهدي يخرج من المدينة إلى مكة، وهناك يأتيه ناس ويبايعونه، ولكن إلى جانب هذه الرواية توجد روايات كثيرة نستدل منها أمراً آخر. فقد ورد عن عبد الله بن عمر، قال: (يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها واتخذ فيها طرقاً) ([548]). هذا الرجل من ولد الحسين الذي يخرج من قبل المشرق، سنعرف الآن أنه المهدي، الأمر الذي يتعارض مع الحديث أعلاه، ولا يمكن الجمع إلا بما قلناه من وجود أكثر من مهدي في عصر الظهور. وسنثبت الآن أن الرجل من ولد الحسين هو المهدي: فعن أبي جعفر، قال: (يخرج شاب من بني هاشم بكفه اليمنى خال من خراسان برايات سود، بين يديه شعيب بن صالح، يقاتل أصحاب السفياني فيهزمهم) ([549]). إذن الذي يخرج من قبل المشرق، أو خراسان - الشاب أو الرجل من ولد الحسين - يقاتل أصحاب السفياني ويهزمهم. وعن علي، قال: (تخرج رايات سود تقاتل السفياني، فيهم شاب من بني هاشم، في كتفه اليسرى خال، وعلى مقدمته رجل من بني تميم، يدعى شعيب بن صالح، فيهزم أصحابه) ([550]). من هذه الرواية نفهم أن هذا الرجل من ولد الحسين صاحب الرايات السود يكون على مقدمة جيشه رجل من شعيب يدعى شعيب بن صالح. وعن عمار بن ياسر، قال: (إذا بلغ السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمد خرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح) ([551]). إذن الفتى التميمي شعيب بن صالح يكون على لواء المهدي، ومنه يتضح أن المهدي المقصود هو صاحب الرايات السود، وهو غير المهدي الذي يخرج بمكة. ولكي نعزز هذه النتيجة أكثر أقول: أخرج أحمد في مسنده، عن أبي قلابة، عن ثوبان قال: قال رسول اللّه ص: (وإذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان، فأتوها فانّ فيها خليفة اللّه المهدي) ([552]). ونظير ذلك ما أخرجه ابن ماجة عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، قال: قال رسول اللّه ص: (يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلّهم ابن خليفة، ثمّ لا يصير إلى واحد منهم، ثمّ تطلع الرايات السود من قبل المشرق ويقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم - ثمّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنّه خليفة اللّه المهدي) ([553]). إذن خليفة الله المهدي يُقبل مع الرايات السود القادمة من خراسان أو المشرق. وعن عبد الله بن مسعود، قال: (بينما نحن عند رسول الله ص إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي ص اغرورقت عيناه وتغير لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه! فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤوها جوراً) ([554]). في هذه الرواية: الرايات السود يدفعونها إلى رجل من أهل بيت رسول الله ص وهو المهدي كما هو معروف. كما إنهم يوطئون للمهدي كما روي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله: (يخرج ناس من المشرق، فيوطئون للمهدي) ([555]). وهم أنصاره، كما ورد عن علي ع، قال: (ويحاً للطالقان، فإن لله عز وجل بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة، ولكنَّ بها رجالاً عرفوا الله حق معرفته، وهم أنصار المهدي آخر الزمان) ([556]). هنا نتساءل: ما معنى إنهم يوطئون للمهدي، كما تقول هذه الروايات، وما معنى إن المهدي فيهم ؟؟ من الواضح إن البعض قد يرى تعارضاً بين الروايات، ولكننا لو قرأنا الرواية التالية ينحل التعارض وتتضح الحقيقة: عن علي ع قال: (إذا بعث السفياني إلى المهدي جيشاً فخسف بهم بالبيداء وبلغ ذلك أهل الشام، قالوا لخليفتهم: قد خرج المهدي فبايعه وادخل في طاعته وإلا قتلناك فيرسل إليه بالبيعة، ويسير المهدي حتى ينزل بيت المقدس وتنقل إليه الخزائن وتدخل العرب والعجم وأهل الحرب والروم وغيرهم في طاعته من غير قتال، حتى تبنى المساجد بالقسطنطينية وما دونها. ويخرج قبله رجل من أهل بيته بأهل المشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر، يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس فلا يبلغه حتى يموت) ([557]). فالمهدي الذي يخرج من المشرق من أهل بيت المهدي محمد بن الحسن ع الذي يخرج في مكة، أي إنه أحمد أو المهدي الذي يولد في آخر الزمان. والحقيقة إن التفريق بين المهدي صاحب الرايات السود وهو المهدي الذي يولد في آخر الزمان واسمه أحمد، وأبيه الإمام المهدي محمد بن الحسن، يتيح لنا إيجاد الحل المناسب للكثير من الروايات التي تبدو متعارضة من قبيل ما ورد عن علي ع ([558])، يقول: (يفرج [الله] الفتن برجل منا, يسومهم خسفاً, لا يعطيهم إلا السيف, يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر, [هرجاً] حتى يقولوا: والله ما هذا من ولد فاطمة, لو كان من ولدها لرحمنا, يغريه الله ببني العباس وبني أمية) ([559]). هذا الحديث الذي يصور المهدي وهو يخوض الحروب يناقضه ما ورد عن أبي هريرة قال: (يبايع المهدي بين الركن والمقام, لا يوقظ نائماً, ولا يهريق دماً) ([560]). فالذي يخوض الحروب ويباشر الملاحم هو مهدي آخر الزمان الذي يُقبل مع الرايات السود، والمهدي الذي لا يهريق دماً هو الإمام المهدي محمد بن الحسن ع الذي يخرج في مكة. الإمام المهدي محمد بن الحسن ع: من المهم أن نذكر أن كثيراً من علماء السنة قد أقر بولادة الإمام المهدي محمد بن الحسن ع، وسنذكر هنا جملة منهم: 1- قال العلامة أبو سالم الشافعي في كتاب مطالب السؤول: (... فهو من ولد الطهر البتول، المجزوم بكونها بضعة من الرسول ... فأما مولده فبسر من رأى (سامراء) في ثالث وعشرين سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة وأما نسبه أباً وأماً ، فأبوه الحسن الخالص بن علي المتوكل، بن محمد القانع، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين الزكي، بن علي المرتضى أمير المؤمنين ...) ([561]). 2- وقال الشيخ محي الدين بن العربي في الفتوحات: (اعلموا أنه لا بد من خروج المهدي وهو من عترة رسول الله ص من ولد فاطمة (رضي الله عنها)، جده الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده الإمام حسن العسكري، ابن الإمام محمد التقي، ابن الإمام علي الرضا، ابن الإمام موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصادق، ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام زين العابدين علي، ابن الإمام الحسين، ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ...) ([562]). 3- وقال العلامة سبط ابن الجوزي: ( هو: محمد بن الحسن، بن علي، بن محمد، بن علي، بن موسى، بن جعفر، بن محمد، بن علي، بن الحسين، بن علي بن أبي طالب، وكنيته أبو عبد الله وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم والمنتظر والتالي، و هو آخر الأئمة، أنبأنا عبد العزيز بن محمود بن البزاز، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ص: "يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فذلك هو المهدي" و هذا حديث مشهور) ([563]). 4- ويقول ابن الصباغ: (ولد أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة، وأما نسبه أباً وأماً فهو: أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص، بن علي الهادي، بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين بن علي، بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، وأمه : أم ولد يقال لها نرجس ...) ([564]). 5- ويقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي في كتابه: (الإتحاف بحب الأشراف) في معرض حديثه عن الإمام الحسن العسكري ع: (ويكفيه شرفاً إن الإمام المهدي المنتظر من أولاده، فلله دُر هذا البيت الشريف، والنسب الخضم المنيف، ناهيك به فخاراً، وحسبك فيه من علوه مقداراً، فهم جميعاً في كرم الأرومة (الأصل)، متعادلون، ولسهام المجد مقتسمون قيل له من بيت عالي الرتبة، يامي المحلة، فلقد طال السمّاك عُلاً ونبلاً، وسما على الفرقدين منزلة ومحلاً، واستغرق صفات الكمال، فلا يستثنى فيه بِغيرٍ، انتظم في المجد هؤلاء الأئمة، انتظام اللآلئ، و تناسقوا الشرف، فاستوى الأول والتالي، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم، والله يرفعه، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شملهم، والله يجمعه، وكم ضيعوا من حقوقهم، ما لا يهمله الله، ولا يضيّعه، أحيانا الله على حبهم، وأماتنا عليه، وأدخلنا في شفاعة من ينتمون في الشرف إليه ص، وخلّف بعده (أي الحسن العسكري) ولده وهو الثاني عشر من الأئمة، أبو القاسم، محمد الحجة، ولد بسر من رأى، ليلة النصف من شعبان سنة (255) قبل موت أبيه بخمس سنين، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد، وستر أمره، لصعوبة الوقت، وخوفه من الخلفاء، فإنهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين، ويقصدونهم بالحبس والقتل، ويرون إعدامهم سلطنة الظالمين، وهو الإمام المهدي ع كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرم ص وأخبرَتْهم أن الإمام المهدي الموعود المنتظر ع يقطع دابر الظالمين، ويستولي على الدنيا، ولا يترك أحداً منهم في الأرضين. ثم قال بعد ذلك: وقد أشرق نور هذه السلسلة الهاشمية، والبيضة الطاهرة النبوية، والعصابة العلوية، وهم اثنا عشر إماماً، مناقبهم علية، وصفاتهم سنية، ونفوسهم شريفة أبية، وأرومتهم كريمة محمدية، وهم: محمد الحجة بن الحسن الخالص، بن علي الهادي، بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الإمام الحسين، أخو الإمام الحسن، ولدي الليث الغالب علي بن أبي طالب "رضي الله عنهم أجمعين")([565]). 6- ويقول الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي في كتابه تاريخ الخميس: (الثاني عشر (من الأئمة) محمد ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا يكنى أبا القاسم ... ولد في سر من رأى في الثالث والعشرين من رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين هـ) ([566]). 7- ويقول الشيخ المحدث الفقيه محمد بن إبراهيم الجويني الحمويني الشافعي في فرائد السمطين، قال: (وأما شيخ المشايخ العظام أعني حضرات: شيخ الإسلام أحمد الجامي النامقي، والشيخ عطار النيسابوري، والشيخ شمس الدين التبريزي، وجلال الدين مولانا الرومي، والسيد نعمة الله الولي، والسيد النسيمي، وغيرهم ذكروا في أشعارهم في مدايح الأئمة من أهل البيت الطيبين (رضي الله عنهم) مدح المهدي في آخرهم متصلاً بهم فهذه أدلة (واضحة) على أن المهدي ولد أولاً ... ومن تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عياناً) ([567]). 8- ويقول الشيخ أبو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه: (اليواقيت والجواهر): (وهو (المهدي) من أولاد الإمام حسن العسكري، ومولده ع ليلة النصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم ع فيكون عمره إلى وقتنا وهو سنة (958 هـ) سبعمائة وست وستين سنة) ([568]). 9- ويقول الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي، في كتابه (الصواعق المحرقة): (ولم يخلِّف (أي الإمام الحسن العسكري) غير ولده (أبي القاسم محمد الحجة) وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله الحكمة ويسمى القائم والمنتظر، قيل: لأنه سُتر وغاب) ([569]). وهناك جمع غفير من علماء المسلمين ذهبوا إلى أنه قد ولد في الخامس عشر من شهر شعبان عام 255 هـ، وحيث لا مجال لذكر كل أقوالهم فنكتفي بذكر أسمائهم ومحل حديثهم: 10- سيد مؤمن الشبلنجي في كتابه نور الأبصار. 11- سيد علي الخواص في إسعاف الراغبين لأبو العرفان: ص35. 12- الشيخ شمس الدين محمد بن طولون، وابن الأزرق في تاريخ (ميّافارقين) في كتاب ابن طولون – الأئمة طبع بيروت 1958 م. 13- الشيخ شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي الرومي البغدادي في معجم البلدان: ج6 ص175 طبع مصر 1324 هـ . 14- الشيخ العارف فريد الدين العطار في كتابه مظهر الصفات. 15- الشيخ جلال محمد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي، ذكر ذلك في ديوانه الكبير. 16- الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي، في كتابه شرح الدائرة. 17- الشيخ جمال الدين بن علي بن مهنّا، في كتابه عمدة الطالب: ص186 طبع النجف 1323 هـ . 18- الشيخ أبو عبد الله بن عفيف الدين اليافعي اليمني المكي الشافعي، في كتابه مرآة الجنان: جزء رقم (2) ص107 – 172 طبع إيران 1328 هـ . 19- الشيخ شهاب الدين والدولة أبادي في كتابه هداية السعداء. 20- الشيخ شمس الدين بن أحمد الذهبي الشافعي، في كتابه دولة الإسلام: جزء (1) ص122 طبع حيدر آباد 1377 هـ . 21- الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطل على بركة الرطل بمصر. 22- الشيخ نور الدين بن احمد بن قوام الدين المعروف بجاني الشافعي الشاعر المعروف، في كتابه شواهد النبوة. 23- الشيخ نور عبد الرحمن مؤلف كتاب مرآة الأسرار. 24- الشيخ مير خواند، المؤرخ المشهور في كتابه روضة الصفا: ج3. 25- الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي، في كتابه معراج الوصول إلى فضيلة آل الرسول. 26- الشيخ حسين بن معين الدين الميبدي، في شرح الديوان: ص123 - 371. 27- الشيخ الجليل عبد الكريم اليماني ذكر ذلك في شعره (راجع ينابيع المودة الطبعة القديمة: ص466). 28- الشيخ عبد الرحمن البسطامي في كتابه درة المعارف. 29- الشيخ سعد الدين الحموي (راجع الينابيع الطبعة القديمة: ص477). 30- الشيخ صدر الدين القونوي (راجع الينابيع: ص468). 31- العلامة أبو المجد عبد الحق الدهلوي البخاري في كتابه المناقب. 32- العلامة الشيخ حسن العدوي الحمزاوي، مشارق الأنوار. 33- العلامة ابن الأثير، في تاريخ الكامل: ج7 ص90. 34- العلامة أبي فداء إسماعيل بن محمود الشافعي، في كتابه تاريخ أبي الفداء: ج2 ص52. 35- الشيخ محمد أمين البغدادي أبو الفوز السوري، في كتابه سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: ص77 باب6. 36- الشيخ علي الهروي القاري، في كتابه الموافاة في شرح المشكاة. 37- الشيخ موفق الخوازمي الحنفي، في المناقب. 38- الشيخ عامر البصري، في قصيدته المسماة بذات الأنوار. 39- الشيخ جواد الساباطي، في كتابه البراهين الساباطية. 40- الشيخ نظر بن علي الحظمي النصري. 41- الشيخ حسين بن علي الكاشفي، مؤلف جواهر التفسير. 42- الخليفة العباسي الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بنور الله. 43- العلامة الشيخ أحمد الفاروقي النقشبندي المعروف بالمجدد. 44- العلامة أبو الوليد محمد بن شحنة الحنفي، في كتابه روضة المناظر. 45- القاضي فضل بن روزبهان، شارح الشمائل للترمذي. 46- الشيخ بن همدان الحصيني. 47- العلامة شمس الدين التبريزي، أستاذ المولوي الرومي. 48- العلامة الشيخ أبو الفتح بن أبي الفوارس، في أربعينه. 49- العلامة الشيخ عماد الدين الحنفي. 50- الشيخ وليُّ الله الدهلوي في النزهة. 51- الشيخ رشيد الدين الدهلوي الهندي، في كتابه إيضاح لطافة المقال. 52- الشيخ مير خواند المؤرخ المشهور محمد بن خاوند شاه بن محمود في كتابه (روضة الصفا): الجزء الثالث، وغيرهم. والحق إن إنكار وجود الإمام المهدي ع لا يستند على دليل غير التحكم والأهواء، وتنقضه الأحاديث الكثيرة المتواترة الواردة من طريق أهل البيت وغيرهم، ومنها الأحاديث التي تنص على إثني عشر أميراً أو خليفة وهي لا تنطبق إلا على الأئمة من أهل البيت ص وتقتضي بالنتيجة ولادة الإمام الثاني عشر وإنه ولد العسكري ع، ويؤكده حديث الثقلين الذي يقتضي عدم افتراق القرآن والعترة في زمن من الأزمان، فلابد في كل زمان من عدل للقرآن من العترة الطاهرة. ومن هذه الأحاديث: أ - روى مسلم، عن جابر بن سمرة، أنّه سمع النبي يقول: (لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش). وفي رواية: (لا يزال أمر الناس ماضياً ...). وفي حديثين منهما: (إلى اثني عشر خليفة ...). وفي سنن أبي داود: (حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة). وفي حديث: (إلى اثني عشر) ([570]). وفي البخاري، قال: سمعت النبيّ ص يقول: (يكون اثنا عشر أميراً)، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: قال: (كلّهم من قريش). وفي رواية: ثمّ تكلّم النبيّ ص بكلمة خفيت عليّ، فسألت أبي: ماذا قال رسول الله ص ؟ فقال: (كلّهم من قريش) ([571]). وفي رواية: (لا تضرّهم عداوة من عاداهم) ([572]). ب - وفي رواية: (لا تزال هذه الأُمّة مستقيماً أمرها، ظاهرة على عدوّها، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش، ثمّ يكون المرج أو الهرج) ([573]). ج - وفي رواية: (يكون لهذه الأُمّة اثنا عشر قيّماً لا يضرّهم من خذلهم كلّهم من قريش)([574]). د - (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً) ([575]). هـ - وعن أنس: (لن يزال هذا الدين قائماً إلى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها) ([576]). و - وفي رواية: (لا يزال أمر هذه الأُمّة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر كلّهم من قريش)([577]). ز - وروى أحمد والحاكم وغيرهما واللفظ للأول عن مسروق، قال: (كنّا جلوساً ليلة عند عبد الله (ابن مسعود) يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمّة من خليفة ؟ فقال عبد الله: ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك، قال: سألناه فقال: "اثنا عشر عدّة نقباء بني اسرائيل") ([578]). ح - وفي رواية، قال ابن مسعود: قال رسول الله: (يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى) ([579]). قال ابن كثير: وقد روي مثل هذا عن عبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس ([580]). ولست أدري هل قصد من رواية ابن عباس ما رواه الحاكم الحسكاني عن ابن عباس أو غيره. نصّت الروايات الآنفة أنّ عدد الولاة اثنا عشر وأنّهم من قريش، وقد بيّن الإمام عليّ ع في كلامه المقصود من قريش، وقال: (إنّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم ولا يصلح الولاة من غيرهم) ([581]). وقال: (اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلاّ تبطل حجج الله وبيّناته ...) ([582]). نستخلص ممّا سبق: أنّ عدد الأئمة في هذه الأُمّة اثنا عشر على التوالي. فقد ورد في الحديث الأوّل: (لا يزال هذا الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة...). وفي الحديث الثامن: حصر عددهم باثني عشر بقوله: (يكون بعدي من الخلفاء عدّة أصحاب موسى). * * * -مهدي آخر الزمان هو اليماني تذكر الروايات شخصية مهمة من شخصيات عصر الظهور تسميها اليماني، وأحياناً القحطاني، ويظهر من قراءة الروايات أن ثمة أكثر من شخصية واحدة تُطلق عليها هذه التسمية، وبعضها قد تكون منحرفة، والمرجح بقوة إن الرواة قد خلطوا بين هذه الشخصيات فجاءت رواياتهم عنها على شيء كبير من التداخل وعدم التمييز. روي نعيم بن حماد قال: (حدثنا بقية وعبد القدوس عن صفوان، عن شريح بن عبيد، عن كعب، قال: ما المهدي إلا من قريش وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلاً ونسباً في اليمن) ([583]). فالمهدي بحسب هذه الرواية له أصل ونسب في اليمن، والمقصود من هذا إن أصله الذي ينتهي إلى رسول الله ص، وأهل بيته ص يعود به إلى مكة ومكة من تهامة وتهامة من اليمن. قال النووي في شرح مسلم: (... وفى رواية: جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة، الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية وفى رواية أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوباً وأرق أفئدة، الفقه يمان والحكمة يمانية ... فإنه يقال أن مكة من تهامة وتهامة من أرض اليمن، والثاني أن المراد مكة والمدينة فإنه يروى في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو بتبوك ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة فقال: "الإيمان يمان" ونسبهما إلى اليمن لكونهما حينئذ من ناحية اليمن، كما قالوا الركن اليماني وهو بمكة لكونه إلى ناحية اليمن، والثالث ما ذهب إليه كثير من الناس وهو أحسنها عند أبي عبيد أن المراد بذلك الأنصار؛ لأنهم يمانيون في الأصل، فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره) ([584]). وروى ابن حماد: (حدثنا الوليد بن مسلم، عن جراح، عن أرطاة، قال: أمير الغصب ليس من ذي ولا ذو ولكنهم يسمعون صوتاً ما قاله إنس ولا جان بايعوا فلاناً باسمه ليس من ذي ولا ذو ولكنه خليفة يماني) ([585]). قال ابن منظور في لسان العرب: (وفي صفة المهدي: قرشي يمان ليس من ذي ولا ذو أي ليس نسبه نسب أذواء اليمن، وهم ملوك حمير، منهم ذو يزن وذو رعين، وقوله: قرشي يمان أي قرشي النسب يماني المنشأ) ([586]). والصوت الذي ما قاله إنس ولا جان هو الصوت من السماء، فعن الزهري قال: (يخرج المهدي [من مكة] بعد الخسف, في ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً, عدة أهل بدر, فيلتقي هو وصاحب جيش السفياني, وأصحاب المهدي يومئذ جنتهم البراذع, يعني تراسهم, [كان يسمى قبل ذلك يوم البراذع], ويقال إنه يسمع يومئذ صوت من السماء مناديا ينادي: ألا إن أولياء الله أصحاب فلان,- يعني المهدي - فتكون الدبرة على أصحاب السفياني, [فيقتتلون] لا يبقى منهم إلا الشريد, فيهربون إلى السفياني فيخبرونه, ويخرج المهدي إلى الشام, فيتلقى السفياني المهدي ببيعته, ويتسارع الناس إليه من كل و جه, و تملأ الأرض عدلاً [كما ملئت جوراً]) ([587]). والصوت الذي ينادي في السماء وليس هو صوت الإنس ولا الجان لابد أن يكون صوت الملائكة، وهذا الصوت ينادي باسم المهدي، وهذا المهدي تصفه الرواية السابقة عن نعيم بن حماد بالخليفة اليماني. ومن الواضح من الرواية أعلاه أن هذا المهدي ليس هو المهدي الذي لا يهريق دماً وإنما هو المهدي الذي تجري على يديه الملاحم. بل إن النداء أو الصيحة السماوية تسمي المهدي باسمه وهو أحمد، فعن رسول الله ص إنه قال: (إذا كان رأس الخمسين والثلاثمائة - وذكر كلمة - نادى مناد من السماء: ألا يا أيها الناس إن الله قد قطع مدة الجبارين والمنافقين وأتباعهم، وولاكم الجابر خير أمة محمد، ألحقوه بمكة فإنه المهدي، واسمه أحمد بن عبد الله) ([588]). ولعل اليماني أو مهدي آخر الزمان هو المقصود من الروايات التالية: روى نعيم في الفتن، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سيكون من أهل بيتي رجل يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ثم من بعده القحطاني، والذي بعثني بالحق ما هو دونه) ([589]). وروى نعيم أيضاً: (حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لا تذهب الأيام والليالي حتى يسوق الناس رجل من قحطان. حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ثور بن زيد الدئلي، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه" ... حدثنا الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن أرطاة بن المنذر، عن حكيم بن عمير، عن تبيع، عن كعب، قال: على يدي ذلك اليماني تكون ملحمة عكا الصغرى وذلك إذا ملك الخامس من أهل هرقل. حدثنا الوليد، عن يزيد بن سعيد، عن يزيد بن أبي عطاء، عن كعب، قال: فيظهر اليماني ويقتل قريش ببيت المقدس وعلى يديه تكون الملاحم) ([590]). وورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: (يا معشر اليمن تقولون إن المنصور منكم، والذي نفسي بيده إنه لقرشي أبوه، ولو أشاء أن أسميه إلى أقصى جد هو له لفعلت) ([591]). يريد أن منصور، الذي هو اليماني، قرشي النسب، وما انتسابه إلى اليمن إلا من باب (له أصل ونسب في اليمن)، أي باعتبار مكة من تهامة وتهامة من اليمن. وثمة روايات كثيرة من طريق الشيعة والسنة تنص على أن أبناء المهدي يلون الحكم من بعده، منها ما جاء في عيون الأخبار لابن قتيبة: (حدثني محمد بن عبيد قال: حدثنا أبو أسامة، عن زائدة، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه كان إذا سمعهم يقولون: يكون في هذه الأمة إثنا عشر خليفة، قال: ما أحمقكم. إن بعد الاثني عشر ثلاثة منا: السفاح، والمنصور، والمهدي، يسلمها إلى الدجال "قال أبو أسامة" تأويل هذا عندنا أن ولد المهدي يكونون بعده إلى خروج الدجال) ([592]). وقال ابن حجر: (... فقال أبو الحسين بن المنادي في الجزء الذي جمعه في المهدي يحتمل في معنى حديث يكون اثنا عشر خليفة، أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان فقد وجدت في كتاب دانيال إذا مات المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر ثم خمسة من ولد السبط الأصغر، ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر، ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر ملكاً كل واحد منهم إمام مهدي... وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس: المهدي اسمه محمد بن عبد الله وهو رجل ربعة مشرب بحمرة يفرج الله به عن هذه الأمة كل كرب ويصرف بعدله كل جور، ثم يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلاً ستة من ولد الحسن وخمسة من ولد الحسين وآخر من غيرهم، ثم يموت فيفسد الزمان) ([593]). وعلى الرغم من عدم صحة توجيه ابن المنادي لمعنى حديث الإثني عشر خليفة الوارد عن رسول الله ص باعتبار أنه ص قال إنهم يكونون من بعده لا من بعد المهدي، إلا أن في الخبر نص واضح على وجود إثنا عشر يلون الحكم بعد المهدي، وإذا كان ما ورد هنا يتعارض مع ما ورد عن ابن قتيبة من كونهم من أبناء المهدي، فإن بالإمكان رفع التعارض بالقول إنهم من أبناء المهدي وهو من ذرية الحسين. -اليماني في التوراة والإنجيل: وردت البشارة في العهدين؛ القديم والجديد بالمنقذ أو المخلص الذي يظهر في آخر الزمان، فقد ورد في سفر حجى: (وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ، فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْدًا، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ)([594]). وفي سفر إشعياء: (26 فَيَرْفَعُ رَايَةً لِلأُمَمِ مِنْ بَعِيدٍ، وَيَصْفِرُ لَهُمْ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ، فَإِذَا هُمْ بِالْعَجَلَةِ يَأْتُونَ سَرِيعًا. 27 لَيْسَ فِيهِمْ رَازِحٌ وَلاَ عَاثِرٌ. لاَ يَنْعَسُونَ وَلاَ يَنَامُونَ، وَلاَ تَنْحَلُّ حُزُمُ أَحْقَائِهِمْ، وَلاَ تَنْقَطِعُ سُيُورُ أَحْذِيَتِهِمُِ. 28 الَّذِينَ سِهَامُهُمْ مَسْنُونَةٌ، وَجَمِيعُ قِسِيِّهِمْ مَمْدُودَةٌ. حَوَافِرُ خَيْلِهِمْ تُحْسَبُ كَالصَّوَّانِ، وَبَكَرَاتُهُمْ كَالزَّوْبَعَةِ. 29 لَهُمْ زَمْجَرَةٌ كَاللَّبْوَةِ، وَيُزَمْجِرُونَ كَالشِّبْلِ، وَيَهِرُّونَ وَيُمْسِكُونَ الْفَرِيسَةَ وَيَسْتَخْلِصُونَهَا وَلاَ مُنْقِذَ. 30 يَهِرُّونَ عَلَيْهِمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ كَهَدِيرِ الْبَحْرِ. فَإِنْ نُظِرَ إِلَى الأَرْضِ فَهُوَذَا ظَلاَمُ الضِّيقِ، وَالنُّورُ قَدْ أَظْلَمَ بِسُحُبِهَا) ([595]). وفي (إنجيل يوحنا: 14): (26 وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ. سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ. 28 سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي. 29 وَقُلْتُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ. 30 لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضاً مَعَكُمْ كَثِيراً، لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ. 31 وَلكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ، وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هكَذَا أَفْعَلُ. قُومُوا نَنْطَلِقْ مِنْ ههُنَا). وفي (يوحنا:15): (26 وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي. 27 وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ). والنصوص كثيرة يغنينا عن تتبعها واقتباسها شهرتها الواسعة واتفاق الأديان جميعها على مسألة المنقذ الذي يأتي في آخر الزمان، ولكن يهمنا هنا بيان أن المنقذ هو الإمام المهدي الذي يظهر في آخر الزمان. ولعل خير ما يمكن أن نبدأ به في هذا الصدد هو ما ورد في سفر دانيال، ففي الإصحاح السابع منه: (أجاب دانيال وقال كنت أرى في رؤياي ليلاً وإذا بأربع رياح السماء هجمت على البحر الكبير * وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك * الأول كالأسد وله جناحا نسر * وكنت أنظر حتى أُنتتف جناحاه وانتصب على الأرض وأوقف على رجلين كانسان وأعطي قلب إنسان * وإذا بحيوان آخر ثان شبيه بالدب فارتفع على جنب واحد وفي فمه ثلاث أَضلُع بين أسنانه فقالوا له هكذا قم كل لحماً كثيراً * وبعد هذا كنت أرى وإذا بآخر مثل النمر وله على ظهره أربعة أجنحة طائر. وكان للحيوان أربعة رؤوس وأعطي سلطاناً * بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جداً وله أسنان من حديد كبيرة. أكل وسحق وداس الباقي برجليه. وكان مخالف لكل الحيوانات الذين قبله. وله عشرة قرون * كنت متأملاً بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان في هذا القرن وفم متكلم بعظائم * كنت آري أنه وضعت عروش وجلس القديم الأيام لباسه ابيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي وعرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة * نهر نار جرى وخرج من قدامه. ألوف ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامه. فجلس الدين وفتحت الأسفار * كنت انظر حين أذن من أجل صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن. كنت أرى إلى أن قتل الحيوان وهلك جسمه ودفع لوقيد النار * أما باقي الحيوانات فنزع عنهم سلطانهم ولكن أعطوا طول حياة إلى زمان ووقت * كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه * فأعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض * أما أنا دانيال فحزنت روحي في وسط جسمي وأفزعتني رؤى رأسي * فاقتربت إلى واحد من الوقوف وطلبت منه الحقيقة في كل هذا. فأخبرني وعرفني تفسير الأمور * هؤلاء الحيوانات العظيمة التي هي أربع ملوك يقومون على الأرض * أما قديسوا العلي فيأخذون المملكة ويمتلكون المملكة إلى الأبد وإلى أبد الآبدين * حينئذ رمت الحقيقة من جهة الحيوان الرابع الذي كان مخالفاً لكلها وهائلاً جداً وأسنانه من حديد وأظفاره من نحاس وقد أكل وسحق وداس الباقي برجليه * وعن القرون العشرة التي برأسه وعن الآخر الذي طلع فسقطت قدامه ثلاثة وهذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره أشد من رفاقه * وكنت أنظر وإذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم حتى جاء القديم الأيام وأعطي الدين لقديسي العلي وبلغ الوقت فأمتلك القديسون المملكة * فقال هكذا أما الحيوان الرابع فتكون مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك فتأكل الأرض كلها وتدوسها وتسحقها * والقرون العشرة من هذه المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن أنه يغير الأوقات والسنة ويسلمون ليده إلى زمان وأزمنة ونصف زمان * فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلى المنتهى * والمملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطى لشعب قديسي العلي. ملكوته ملكوت ابدي وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون * إلى هنا نهاية الأمر). والأسد وله جناحان يرمز إلى الإمبراطورية الإنجليزية التي قامت في أوربا وشعارها هو الأسد وله جناحان وأما الدب فهو شعار السوفيت واكل لحماً كثيراًً أي قتل كثير من الناس ...... أما الحيوان الرابع الذي من الحديد فهو الإمبراطورية الأمريكية التي داست الآن كل الأرض وهيمنت على كل الأرض بالسلاح والمال ([596]). من المهم هنا أن نشير إلى أن الفقهاء المسيحيين والمسلمين قد أجمعوا على أن الممالك المقصودة هي: المملكة البابلية، والفارسية، واليونانية، والرومانية، وفسروا تعبير (ابن الإنسان) الوارد في الرؤيا على أنه عيسى بالنسبة للمسيحيين، ومحمد ص بالنسبة للمسلمين، ومن الواضح أن الفريقين كليهما فشل في تفسير الرؤيا. فإذا كانت الرؤيا تؤكد على أن نهاية المملكة الرابعة ستكون على يد (ابن الإنسان)، فإن المملكة الرومانية لم تنتهي لا على يد عيسى ع ولا على يد محمد ص، كما هو معروف. ولعل هذا الأمر يتبين بصورة أجلى من خلال ما ورد في نصوص أخرى تبين أن مجيء ابن الإنسان ومختاريه سيرافقه إلقاء رجسة الخراب إلى وقيد النار وتأسيس دولة العدل الإلهي، أي المملكة التي يحكم فيها المختارون. ففي رؤيا يوحنا ما يؤكد أن كل ما وصفته رؤى سفر دانيال سيقع في زمن لاحق لزمن عيسى ع، وبالنتيجة لا يمكن أن تكون رجسة الخراب هي الدولة الرومانية كما ذهب له المفسرون، فقد ورد في الإصحاح الرابع: (بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً: اصعد إلى هنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد هذا)([597]). فالأحداث التي تسردها رؤيا يوحنا - وهي الأحداث ذاتها التي صورتها رؤى دانيال - ستقع في زمن لاحق لزمن الرؤيا نفسها وهي متأخرة زمنيا عن عيسى ع كما هو معلوم. وللتدليل على أن الأحداث هنا وهناك واحدة نقتبس من الرؤيا ما يلي: (12 وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ لَمْ يَأْخُذُوا مُلْكاً بَعْدُ، لكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ سُلْطَانَهُمْ كَمُلُوكٍ سَاعَةً وَاحِدَةً مَعَ الْوَحْشِ. 13 هؤُلاَءِ لَهُمْ رَأْيٌ وَاحِدٌ، وَيُعْطُونَ الْوَحْشَ قُدْرَتَهُمْ وَسُلْطَانَهُمْ. 14 هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ) ([598]). وورد في سفر دانيال: (31 أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنْتَ تَنْظُرُ وَإِذَا بِتِمْثَال عَظِيمٍ. هذَا التِّمْثَالُ الْعَظِيمُ الْبَهِيُّ جِدًّا وَقَفَ قُبَالَتَكَ، وَمَنْظَرُهُ هَائِلٌ. 32 رَأْسُ هذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. 33 سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ. 34 كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ، فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. 35 فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعاً، وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ، فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلاً كَبِيراً وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا. 36 هذَا هُوَ الْحُلْمُ. فَنُخْبِرُ بِتَعْبِيرِهِ قُدَّامَ الْمَلِكِ. 37 أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَلِكُ مُلُوكٍ، لأَنَّ إِلهَ السَّمَاوَاتِ أَعْطَاكَ مَمْلَكَةً وَاقْتِدَاراً وَسُلْطَاناً وَفَخْراً. 38 وَحَيْثُمَا يَسْكُنُ بَنُو الْبَشَرِ وَوُحُوشُ الْبَرِّ وَطُيُورُ السَّمَاءِ دَفَعَهَا لِيَدِكَ وَسَلَّطَكَ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا. فَأَنْتَ هذَا الرَّأْسُ مِنْ ذَهَبٍ. 39 وَبَعْدَكَ تَقُومُ مَمْلَكَةٌ أُخْرَى أَصْغَرُ مِنْكَ وَمَمْلَكَةٌ ثَالِثَةٌ أُخْرَى مِنْ نُحَاسٍ فَتَتَسَلَّطُ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. 40 وَتَكُونُ مَمْلَكَةٌ رَابِعَةٌ صَلْبَةٌ كَالْحَدِيدِ، لأَنَّ الْحَدِيدَ يَدُقُّ وَيَسْحَقُ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَالْحَدِيدِ الَّذِي يُكَسِّرُ تَسْحَقُ وَتُكَسِّرُ كُلَّ هؤُلاَءِ. 41 وَبِمَا رَأَيْتَ الْقَدَمَيْنِ وَالأَصَابِعَ بَعْضُهَا مِنْ خَزَفٍ وَالْبَعْضُ مِنْ حَدِيدٍ، فَالْمَمْلَكَةُ تَكُونُ مُنْقَسِمَةً، وَيَكُونُ فِيهَا قُوَّةُ الْحَدِيدِ مِنْ حَيْثُ إِنَّكَ رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطًا بِخَزَفِ الطِّينِ. 42 وَأَصَابِعُ الْقَدَمَيْنِ بَعْضُهَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ، فَبَعْضُ الْمَمْلَكَةِ يَكُونُ قَوِيّاً وَالْبَعْضُ قَصِماً. 43 وَبِمَا رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطاً بِخَزَفِ الطِّينِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِطُونَ بِنَسْلِ النَّاسِ، وَلكِنْ لاَ يَتَلاَصَقُ هذَا بِذَاكَ، كَمَا أَنَّ الْحَدِيدَ لاَ يَخْتَلِطُ بِالْخَزَفِ. 44 وَفِي أَيَّامِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ، يُقِيمُ إِلهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَداً، وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ، وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هذِهِ الْمَمَالِكِ، وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. 45 لأَنَّكَ رَأَيْتَ أَنَّهُ قَدْ قُطِعَ حَجَرٌ مِنْ جَبَل لاَ بِيَدَيْنِ، فَسَحَقَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ. اَللهُ الْعَظِيمُ قَدْ عَرَّفَ الْمَلِكَ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ هذَا. اَلْحُلْمُ حَقٌّ وَتَعْبِيرُهُ يَقِينٌ) ([599]). إذن المملكة الرابعة في نص الرؤيا السابق هي نفسها المملكة الحديدية في هذه الرؤيا، والمملكة التي تحل بدلاً منها هي مملكة القديسين، أو مملكة العدل الإلهي التي تبسط سيطرتها على كل المعمورة: (أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلاً كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا). من هنا يتبين أن ما قيل تفسيراً للرؤيا الواردة في سفر دانيال، من أن المقصود بالمملكة الحديدية هي دولة الرومان، أمر واضح البطلان، فمملكة الله لم تقم بعد دولة الرومان، والظلم لا زال إلى يوم الناس هذا يعمّ الأرض. وفي رؤيا يوحنا: (12 وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ لَمْ يَأْخُذُوا مُلْكاً بَعْدُ، لكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ سُلْطَانَهُمْ كَمُلُوكٍ سَاعَةً وَاحِدَةً مَعَ الْوَحْشِ. 13 هؤُلاَءِ لَهُمْ رَأْيٌ وَاحِدٌ، وَيُعْطُونَ الْوَحْشَ قُدْرَتَهُمْ وَسُلْطَانَهُمْ. 14 هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ) ([600]). وأيضاً: ( 7 لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. 8 وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ. 9 وَقَالَ لِيَ: اكْتُبْ: طُوبَى لِلْمَدْعُوِّينَ إِلَى عَشَاءِ عُرْسِ الْخَرُوفِ ... 11 ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ) ([601]). إذن ابن الإنسان أو المسيح المنتظر أو الخروف سيحارب ملوك الأرض وسيغلبهم. ومما يدل على أن المملكة الرابعة (المملكة الحديدية أو رجسة الخراب) هو ما ورد في رؤيا يوحنا اللاهوتي: (1 ثُمَّ بَعْدَ هذَا رَأَيْتُ مَلاَكاً آخَرَ نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ، لَهُ سُلْطَانٌ عَظِيمٌ. وَاسْتَنَارَتِ الأَرْضُ مِنْ بَهَائِهِ. 2 وَصَرَخَ بِشِدَّةٍ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْعَظِيمَةُ! وَصَارَتْ مَسْكَناً لِشَيَاطِينَ، وَمَحْرَساً لِكُلِّ رُوحٍ نَجِسٍ، وَمَحْرَساً لِكُلِّ طَائِرٍ نَجِسٍ وَمَمْقُوتٍ) ([602]). الطائر النجس كما قال السيد أحمد الحسن هي الطائرات الحربية الأمريكية ([603]) و: (بابل تشير إلى العراق؛ لأن بابل كانت عاصمة العراق في ذلك الزمن. فكل الملاحم والفتن تجري في العراق وعلى أرض العراق. وخراب بغداد ذكروه بالرايات التي تأتيها من دول العالم وبالفتن. قال الصادق عن بغداد: (… في لعنة الله وسخطه تخربها الفتن وتتركها جماء، فالويل لها ولمن بها كل الويل من الرايات الصفر، ورايات المغرب، ومن يجلب الجزيرة، ومن الرايات التي تسير إليها من كل قريب أو بعيد. والله لينزلن بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم المتمردة من أول الدهر إلى آخره، ولينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله ولا يكون طوفان أهلها إلا بالسيف، فالويل لمن اتخذ بها مسكناً فإن المقيم بها يبقى لشقائه، والخارج منها برحمة الله. والله ليبقى من أهلها في الدنيا حتى يقال: إنها هي الدنيا، وإن دورها وقصورها هي الجنة، وإن بناتها هن الحور العين، وإن ولدانها هم الولدان وليظنن أن الله لم يقسم رزق العباد إلا بها، وليظهرن فيها من الافتراء على الله وعلى رسوله ص، والحكم بغير كتابه، ومن شهادات الزور، وشرب الخمور و [إتيان] الفجور، وأكل السحت وسفك الدماء ما لا يكون في الدنيا كلها إلا دونه، ثم ليخربها الله بتلك الفتن وتلك الرايات، حتى ليمر عليها المار فيقول: ههنا كانت الزوراء) ([604]) .انتهى كلام السيد أحمد الحسن ([605]). وقد ورد التعبير عن أمريكا في بعض الروايات الإسلامية بكلمة (الدجال)، ففي الحديث الذي يصف دخول الدجال إلى العراق من جهة جبل سنام المعروف في البصرة، قال رسول الله: (أول ما يردُه الدجال سنام؛ جبل مشرف على البصرة هو أول ما يردُهُ الدجال) ([606]). ومعروف أن القوات الأمريكية دخلت العراق قادمة من دولة الكويت من جهة الجبل المذكور المحاذي لها. ويوجد نص لعيسى عليه السلام يتحدث فيه عن العلامات التي تسبق ظهور المنقذ: (3 وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا ؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ ؟ 4 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْظُرُوا ! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5 فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 6 وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوب وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. 7 لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ. 8 وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. 9 حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. 10 وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً. 11 وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 12 وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. 13 وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. 14 وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.15 فَمَتَى نَظَرْتُمْ رِجْسَةَ الْخَرَابِ الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ 16 فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، 17 وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئاً، 18 وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. 19 وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ! 20 وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ، 21 لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. 22 وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. 23 حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَ ذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 24 لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً. 25 هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26 فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 28 لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ. 29 «وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30 وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31 فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32 فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33 هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 35 اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. 36 وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. 37 وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 38 لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، 39 وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 40 حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. 41 اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.42 اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. 43 وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 44 لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ. 45 فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ ؟ 46 طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! 47 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. 48 وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ. 49 فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى. 50 يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، 51 فَيُقَطِّعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ) ([607]). وفي قوله: (فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ)، إشارة واضحة لوجود رسول يسبق ظهور السيد أو الإمام المهدي، ومهمة هذا الرسول إعداد المختارين وإعطائهم العلم أو الطعام كما عبر النص. أما المكان الذي يظهر فيه هذا العبد الأمين الحكيم، فقد حدده نص آخر قاله عيسى ع، هو التالي: (27 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضاً مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ)([608]). عيسى هنا يشير إلى أن ظهور ابن الإنسان أو المنقذ يبدأ من جهة المشرق، والمشرق نسبة لمكان عيسى هو العراق، والبرق الذي خرج من المشرق وظهر في المغرب هو إبراهيم، الذي خرج من العراق وظهر في الأرض المقدسة ([609]). أما قول عيسى: (23 حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا). فهو لا يتفق ظاهرياً مع قوله: (42اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. 43 وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 44 لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ. 45 فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ ؟ 46 طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا ! 47 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ) ([610]). فكيف يتفق قوله لهم اسهروا وترقبوا مجيء ابن الإنسان، وفي الوقت ذاته يقول لهم لا تصدقوا من يقول لكم: (هو ذا المسيح هنا أو هناك) ؟ من الواضح إنه يريد أن يقول لهم أن المسيح المنتظر أو المنقذ ليس هو من تظنون، أي عيسىع، وإنما هو شخص آخر، وهذا ما يتفق مع السهر والترقب، فالسهر يراد منه هنا اليقظة والتنبه والبحث وعدم الركون إلى ما ألفه الإنسان من مسبقات فكرية قد تكون مغلوطة تماماً ([611]). وقد سبق لعيسى سمى يوحنا المعمدان بإيليا: (11 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. 12 وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَم يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ. 13 حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ) ([612]). إن تسميته يوحنا بإيليا يراد منه أن يوحنا هو شبيه إيليا، فكما أن إيليا يمهد للمنقذ في آخر الزمان، فكذلك يوحنا مهد لعيسى ع. وهكذا في الحقيقة وردت تسمية المنقذ في بعض الروايات الإسلامية بعيسى ويراد منه شبيه عيسى الذي صلب بدلاً منه: فقد ورد في مستدرك الحاكم وغيره حديث: (لا مهدي إلا عيسى) ([613]). وهذا الحديث لا يمكن أن نفهمه إلا إذا قلنا إنه عبر بعيسى وأراد شبيهه، إشارة منه للحقيقة التي ذكرناها آنفاً. وروى العجلوني في كشف الخفاء قال: رواه المالقي في أربعينه عن أنس بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزداد الأمر إلا شدة، والدنيا إلا إدباراً ، والناس إلا شحاً، لا مهدي إلا عيسى بن مريم، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، وفي لفظ لغيره: لا يأتيكم عام بدل زمان)([614]). عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبع: (يعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب ... إلى أن يقول: ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى ابن مريم) ([615]). وورد في إلزام الناصب عن عليع ... قال ع: (بعد ذلك يموت المهدي ويدفنه عيسى بن مريم في المدينة بقرب قبر جده رسول الله ص، يقبض الملك روحه من الحرمين وكذلك يموت عيسى ويموت أبو محمد الخضر ويموت جميع أنصار المهدي ووزراؤه وتبقى الدنيا إلى حيث ما كانوا عليه من الجهالات والضلالات وترجع الناس إلى الكفر فعند ذلك يبدأ الله بخراب المدن والبلدان ....) ([616]). عيسى بن مريم المذكور في هذه الرواية هو وصي الإمام المهدي محمد بن الحسن الذي يتكفل غسله ودفنه. وعن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله ص يقول: (ليهبطن الله عيسى ابن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يجد من يأخذه، وليسلكن الروحاء حاجاً أو معتمراً، أو يدين بهما جميعاً) ([617]). وروى الشيخ النعماني في كتاب الغيبة، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الدينوري، قال: حدثنا علي بن الحسن الكوفي، عن عميرة بنت أوس، قالت: حدثني جدي الحصين بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده عمرو بن سعد، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع أنه قال يوماً لحذيفة بن اليمان: (يا حذيفة، لا تحدث الناس بما لا يعرفون فيطغوا ويكفروا، إن من العلم صعباً شديداً محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله، إن علمنا أهل البيت سينكر ويبطل، وتقتل رواته، ويساء إلى من يتلوه بغياً وحسداً لما فضل الله به عترة الوصي وصي النبي ص. يا بن اليمان، إن النبي ص تفل في فمي وأمر يده على صدري، وقال: اللهم أعط خليفتي ووصيي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي وأمانتي، ووليي وناصري على عدوك وعدوي، ومفرج الكرب عن وجهي ما أعطيت آدم من العلم، وما أعطيت نوحاً من الحلم، وإبراهيم من العترة الطيبة والسماحة، وما أعطيت أيوب من الصبر عند البلاء، وما أعطيت داود من الشدة عند منازلة الأقران، وما أعطيت سليمان من الفهم، اللهم لا تخف عن علي شيئاً من الدنيا حتى تجعلها كلها بين عينيه مثل المائدة الصغيرة بين يديه، اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسى) ([618]). أي إن شبيه عيسى بحسب هذه الرواية من نسل علي ع. وعن أبي سعيد الخراساني، قال: قلت لأبي عبد الله ع : لأي شيء سمي القائم ؟ قال: (لأنه يقوم بعدما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه). وعن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر ع يقول: (مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه). وعن مؤذن مسجد الأحمر، قال: سألت أبا عبد الله ع هل في كتاب الله مثل للقائم ع ؟ فقال: (نعم، آية صاحب الحمار أماته الله (مائة عام) ثم بعثه). هذه الروايات التي نقلها الطوسي في غيبته ([619])، تدل على أن القائم يقوم بعدما يموت، أي يبعثه الله كما ورد في رواية الشيخ النعماني: عن أبي جعفر ع، وقد سُئل عما إذا كان هو صاحب الأمر، فقال: (.. لا والله ما أنا بصاحبكم، ولا يشار إلى رجل منا بالأصابع، ويمط إليه بالحواجب إلا مات قتيلاً، أو حتف أنفه. قلت: وما حتف أنفه ؟ فقال: يموت بغيظه على فراشه حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته. قلت: ومن لا يؤبه لولادته ؟ فقال: انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا، فذاك صاحبكم) ([620]). وبخوص كون قائم آل محمد هو المصلوب اقتبس جواب الإمام أحمد الحسنع على سؤال وُجه له حول الآية الكريمة ([621]): ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾([622]). فأجابع : (عيسى ع في الليلة التي رفع فيها واعد حوارييه، فحضروا عنده، إلا يهوذا الذي دل علماء اليهود على عيسى ع، فقد ذهب إلى المرجع الأعلى لليهود وقايضه على تسليم عيسى ع لهم. وكان بعد منتصف الليل أن نام الحواريون وبقي عيسى ع فرفعه الله وانزل (شبيهه الذي صُلب وقتل)، فكان درعاً له وفداء، وهذا الشبيه هو من (الأوصياء من آل محمد) ص، صلب وقتل وتحمل العذاب لأجل قضية الإمام المهدي ع. وعيسى ع لم يصلب ولم يقتل، بل رُفع فنجاه الله من أيدي اليهود وعلمائهم الضالين المضلين (لعنهم الله)، قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾([623]). وفي الرواية في تفسير علي بن إبراهيم، عن أبي جعفر ع، قال: (إن عيسى ع وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال إن الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي ؟ قال شاب منهم أنا يا روح الله، قال فأنت هُوَ ذا … ثم قال ع: إن اليهود جاءت في طلب عيسى ع من ليلتهم … وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ع فقتل وصلب)([624]). فالإمام الباقر ع يقول: (اجتمع اثنا عشر)، بينما الذين جاءوا من الحواريين هم (أحد عشر)، فيهوذا لم يأت، بل ذهب إلى علماء اليهود ليسلم عيسى ع، وهذا من المتواترات التي لا تنكر، فالثاني عشر الذي جاء أو قل الذي نزل من السماء، هو الوصي من آل محمد ص الذي صُلِبَ وقـُتِلَ، بعد أن شُبـِهَ بصورة عيسى ع. وكانت آخر كلمات هذا الوصي عند صلبه هي: (إيليا، إيليا لما شبقتني)، وفي إنجيل متى : (… صرخ يسوع بصوت عظيم إيلي إيلي لما شبقتني أي الهي، الهي لماذا تركتني. فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا، قالوا: إنه ينادي إيليا … وأما الباقون فقالوا أترك لنرى هل يأتي إيليا يخلصه. فصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت…)([625]). والحقيقة إن ترجمة الكلمات التي قالها هكذا: (يا علي يا علي لماذا أنزلتني)، والنصارى يترجمونها هكذا: (الهي، الهي لماذا تركتني) كما تبين لك من النص السابق من الإنجيل. والإنزال أو الإلقاء في الأرض من السماء قريب من الترك. ولم يقل هذا الوصي هذه الكلمات جهلاً منه بسبب الإنزال، أو اعتراضاً على أمر الله سبحانه وتعالى، بل هي سؤال يستبطن جوابه، وجهه إلى الناس: أي افهموا واعرفوا لماذا نزلتُ ولماذا صلبتُ، ولماذا قتلتُ، لكي لا تفشلوا في الامتحان مرة أخرى، إذا أعيد نفس السؤال، فإذا رأيتم الرومان (أو أشباههم) يحتلون الأرض، وعلماء اليهود (أو أشباههم) يداهنونهم، فسأكون في تلك الأرض فهذه سنة الله التي تتكرر، فخذوا عبرتكم وانصروني إذا جئت ولا تشاركوا مرة أخرى في صلبي وقتلي. كان يريد أن يقول في جواب السؤال (البيَّن لكل عاقل نقي الفطرة): صُلبتُ وتحملتُ العذاب وإهانات علماء اليهود، وقـُتلتُ لأجل القيامة الصغرى، قيامة الإمام المهدي ع، ودولة الحق والعدل الإلهي على هذه الأرض. وهذا الوصي عندما سأله علماء اليهود والحاكم الروماني: هل أنت مَلِك اليهود ؟ كان يجيب أنت قلت، أو هم يقولون، أو أنتم تقولون، ولم يقل نعم، جواب غريب على من يجهل الحقيقة، ولكنه الآن توضح. فلم يقل: نعم، لأنه ليس هو مَلِك اليهود، بل عيسى ع الذي رفعه الله، وهو الشبيه الذي نزل ليُصلب ويُقتل بدلاً عن عيسى ع. وهذا نص جوابه - بعد أن الُقِيَ عليه القبض - من الإنجيل: (فأجاب رئيس الكهنة وقال له استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح. قال له يسوع: أنت قلت...) ([626]). (... فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت مَلِك اليهود. فقال له يسوع: أنت تقول ...) ([627]). (... فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول ...) ([628]). (... فقال الجميع أفأنت المسيح فقال لهم أنتم تقولون أني أنا هو ... ) ([629]). (33 ... ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس أ لعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أ فأنت إذاً مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق …) ([630]). وفي هذا النص الأخير بيَّنَ الوصي أنه ليس من أهل الأرض في ذلك الزمان، بل نزل إليها لإنجاز مهمة وهي فداء عيسى ع، حيث ترى أن هذا الوصي يقول: (مملكتي ليست من هذا العالم)، (ولكن الآن ليست مملكتي من هنا)، (ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق). عن رسول الله ص قال: (ينزل عيسى ابن مريم ع عند انفجار الصبح مابين مهرودين وهما ثوبان أصفران من الزعفران، أبيض الجسم، أصهب الرأس، أفرق الشعر، كأن رأسه يقطر دهناً، بيده حربة، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويهلك الدجال ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف، وهو الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه، ويبسط في المغرب والمشرق الأمن من كرامة الحجة بن الحسن ع)([631]). وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (… ويعود دار الملك إلى الزوراء وتصير الأمور شورى من غلب على شيء فعله، فعند ذلك خروج السفياني فيركب في الأرض تسعة أشهر يسومهم سوء العذاب فويل لمصر وويل للزوراء وويل للكوفة والويل لواسط، كأني انظر إلى واسط وما فيها مخبر يخبر، وعند ذلك خروج السفياني ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنـزل، ثم يخرج المهدي الهادي المهتدي الذي يأخذ الراية من يد عيسى بن مريم … ) ([632]). وتوجد أحاديث كثيرة تدل على أن عيسى ع لم يصلب ولم يقتل، بل الذي صلب وقتل هو شبيه عيسى ع. عن أبي عبد الله ع، قال: (رفع عيسى ابن مريم ع بمدرعة من صوف من غزل مريم ص ومن خياطة مريم، فلما انتهى إلى السماء نودي يا عيسى بن مريم ألق عنك زينة الدنيا) ([633]). وعن الرضا ع، قال: (ما شُبـِهَ أمر أحد من أنبياء الله و حججه ص للناس إلا أمر عيسى بن مريم ع وحده؛ لأنه رفع من الأرض حياً وقُبض روحه بين السماء والأرض ثم رفع إلى السماء ورد إليه روحه وذلك قوله عز وجل: ﴿إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ﴾) ([634]). وعن النبي ص، قال: (عيسى ع لم يمت وإنه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة) ([635]). والتَفتْ إلى: إن عيسى نبي مرسل وقد طلب من الله سبحانه وتعالى أن يُعفى ويُصرف عنه الصلب والعذاب والقتل، والله سبحانه وتعالى لا يرد دعاء نبي مرسل، فالله استجاب له ورفعه وأُنزل الوصي الذي صُلب وقـُتل بدلاً عنه، وفي الإنجيل عدة نصوص فيها دعاء عيسى ع بأن يُصرف عنه الصلب والقتل. وهي: (… ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس…) ([636]). (…ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شئ مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس …) ([637]). (… وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلا يا أبتاه إن شئت أن تـُجز عني هذه الكأس …) ([638]). وفي التوراة سفر إشعيا وفي الإنجيل أعمال الرسل الإصحاح الثامن هذا النص: (… مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه … ). وكل الأنبياء والأوصياء المرسلين تكلموا، لم يذهب أحد منهم صامت إلى الذبح، بل هم أُرسلوا ليتكلموا ويُبكتوا ويعظوا الناس، وعيسى ع بالخصوص كم بَـكـَّتَ العلماء والناس. وكم وعظهم فلا يَصدِقُ عليه أنه ذهب إلى الذبح صامتاً. بل هذا الذي ذهب إلى الذبح صامتاً هو الوصي: (شبيه عيسى) الذي صُلب وقـُتل دون أن يتكلم، أو يطلب من الله أن يُصرف عنه العذاب والصلب والقتل، ودون أن يتكلم مع الناس. بل إذا الحوا عليه وسألوه بإلحاح من أنت، هل أنت المسيح، لم يكن يجيبهم إلا بكلمة أنت قلت. وهكذا ذهب إلى العذاب والصلب والقتل صامتاً راضياً بأمر الله، منفذاً لما أُنزل له، وهو أن يُصلب ويُقتل بدلاً من عيسى ع. ولأنه أصلاً لم يكن وقته قد حان ليُرسل ويُبلغ الناس ويتكلم معهم، ذهب هكذا: مثل شاة سيق إلى الذبح، مثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه. أرجو أن يستفيد كل مؤمن يريد معرفة الحقيقة من هذا الموقف، فهذا الإنسان نزل إلى الأرض، وصُلب وقُتل ولا أحد يعرفه، لم يطلب أن يُذكر أو أن يُعرف، نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقُتل صامتاً، وصعد إلى ربه صامتاً، هكذا: إن أردتم أن تكونوا فكونوا). انتهى جواب السيد أحمد الحسن ع. وأختم بكلمات تشير إلى أن المنقذ هو أحمد: يقول الأنبا أثناسيوس: (إن لفظ بارقليط إذا حرف نطقه قليلاً يصير بيركليت ومعناه الحمد أو الشكر وهو قريب من لفظ أحمد) ([639]). ويقول صاحب كتاب (الكتاب المقدس تحت المجهر): (عند مراجعتي لأحد الأناجيل الإسكندنافية المتداولة اليوم، والتي طبعت قبل حقبة من الزمن بالنرويجية، وجدت أن كلمة أحمد لا زالت موجودة بالشكل التالي (amat) وهذا الاسم لا زال يستعمل إلى يومنا هذا من قبل الأمريكيين نرويجيي الأصل، ويكتب بالشكل التالي: Amodt، وهذه الكلمة موجودة في نفس الإصحاح المذكور أعلاه بالنرويجية) ([640]). وبخصوص ما ورد في سفر زكريا: (7 وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ، فَأَمْلأُ هذَا الْبَيْتَ مَجْداً، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ)([641]). يقول الدكتور عبد الأحد داود - وهو قس مسيحي أسلم لاحقاً - يقول: في اللغة العبرية (في يا فو حِمْدَه كُول هاجوييم) أي (وسوف يأتي حمده لكل الأمم) ([642]). وحمده تعني أحمد. والحمد لله رب العالمينFooters
[1] - التوبة: 33.
[2] - الذاريات: 56.
[3] - العنكبوت: 2 – 3.
[4] - المعارج: 6 – 7.
[5] - البقرة:30.
[6] - صّ: 26.
[7] - آل عمران: 26.
[8] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج2 ص119.
[9] - المدثر: 38 – 39.
[10] - الاحتجاج: ج1 ص70.
[11] - البقرة: 30.
[12] - راجع كتاب فشل المنتظرين من إصدارات أنصار الإمام المهدي(.
[13] - الغيبة للنعماني: ص316.
[14] - جامع السعادات: ج3 ص314.
[15] - كمال الدين وتمام النعمة: ص337.
[16] - كمال الدين وتمام النعمة: ص338.
[17] - كتاب الغيبة للنعماني: ص158.
[18] - مشارق أنوار اليقين للبرسي: ص111، حياة الإمام المهدي (- باقر شريف القرشي: ص254 – 258.
[19] - بحار الأنوار: ج53 ص1.
[20] - الكافي: ج8 ص37 – 42.
[21] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ علي الكوراني: ج1 ص78.
[22] - بشارة الإسلام: ص143.
[23] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص134.
[24] - مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي: ص264.
[25] - بحار الأنوار – العلامة المجلسي: ج83 ص81.
[26] - الأمعة: الذي يقول إنما أنا مع الناس حيثما كانوا أكون !!!
[27] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص87 .
[28] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص88 .
[29] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص99.
[30] - المائدة: 3.
[31] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص100.
[32] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص100.
[33] - البحار: ج52 ص210.
[34] - بحار الأنوار: ج52 ص209.
[35] - الفصول المهمة: ج3، الحر العاملي: ص263.
[36] - كتاب مائتان وخمسون علامة: ص122.
[37] - بحار الأنوار: ج52 ص210.
[38] - يونس:35.
[39] - مشارق أنوار اليقين – الحافظ رجب البرسي: ص265.
[40] - مريم: 52.
[41] - شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي: ج29 ص323.
[42] - شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي: ج29 ص344.
[43] - الصراط المستقيم: ج2 ص258.
[44] - بحار الأنوار: ج52 ص269.
[45] - بشارة الإسلام: ص62.
[46] - منتخب الأنوار المضيئة - السيد بهاء الدين النجفي: ص313.
[47] - الغيبة للنعماني: ص249.
[48] - الغيبة للنعماني: ص144.
[49] - معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص92.
[50] - الشيعة والرجعة: ج1 ص148.
[51] - نفس الرحمن في فضائل سلمان - ميرزا حسين النوري الطبرسي: ص304.
[52] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج1 ص90.
[53] - الممتحنة: 13.
[54] - الطلاق: 3.
[55] - الغيبة للنعماني: ص26.
[56] - بحار الأنوار: ج52 ص210.
[57] - الغيبة للنعماني: ص206.
[58] - الغيبة للنعماني: ص160.
[59] - الغيبة للنعماني: ص235.
[60] - بحار الأنوار: ج52 ص288، غيبة النعماني: ص157.
[61] - الغيبة للنعماني: ص206.
[62] - الغيبة للنعماني: ص206.
[63] - الأنعام:153.
[64] - آل عمران: 19.
[65] - آل عمران:85.
[66] - الحج: 78.
[67] - البقرة: 128.
[68] - يونس: 90.
[69] - النمل: 38.
[70] - النمل: 44.
[71] - آل عمران: 52.
[72] - آل عمران: 83.
[73] - الذاريات: 36.
[74] - البقرة: 136.
[75] 0- بحار الأنوار: ج53 ص4.
[76] - الأمالي- الشيخ الطوسي: ص524.
[77] - بحار الأنوار: ج22 ص148.
[78] - الصراط المستقيم: ج2 ص101.
[79] - وسائل الشيعة: ج6 ص49 باب عدم جواز القضاء و الحكم بالرأي.
[80] - الفتح: 28.
[81] - التوبة: 33، الصف:9.
[82] - بحار الأنوار: ج53 ص148، البرهان: ج3 ص310، الغيبة للطوسي: ص385.
[83] - الغيبة للنعماني: ص27.
[84] - الأنعام: 38.
[85] - المائدة: 3.
[86] - الغيبة للنعماني: ص217.
[87] - الأنعام: 116.
[88] - الأنعام: 148.
[89] - يونس: 36.
[90] - يونس: 66.
[91] - النجم: 28.
[92] - وسائل الشيعة: ج27 ص127.
[93] - الغيبة للنعماني: ص207.
[94] - الغيبة للنعماني: ص207.
[95] - الغيبة للنعماني: ص204.
[96] - غيبة النعماني: ص206.
[97] - النساء: 82.
[98] - الحاقة: 44 – 46.
[99] - الغيبة للنعماني: ص152.
[100] - الغيبة - محمد بن ابراهيم النعماني: ص264.
[101] - الجمعة: 5.
[102] - غاية المرام: ج5 ص321.
[103] - الغيبة للنعماني: ص239.
[104] - الغيبة للنعماني: ص237.
[105] - الغيبة للنعماني: ص229.
[106] - الغيبة للنعماني: ص236.
[107] - البقرة: 18.
[108] - الإسراء: 97.
[109] - النساء: 56.
[110] - الملك: 7.
[111] - الأنبياء: 100.
[112] - الحج: 22.
[113] - هود: 15.
[114] - الشورى: 20.
[115] - سبأ: 51.
[116] - مكارم الأخلاق- الشيخ الطبرسي: ص450 – 451.
[117] - فصلت: 16.
[118] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج2 ص106.
[119] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري: ج2 ص106.
[120] - التوبة: 31.
[121] - البرهان: ج10 ص120، أصول الكافي باب التقليد: ج1 ص53 ح1.
[122] - بحار الأنوار: ج1 ص224، عدة الداعي: ص70.
[123] - أصول الكافي: ج1 ص46، بحار الأنوار: ج2 ص110.
[124] - بحار الأنوار: ج52 ص363.
[125] - إلزام الناصب: ج2 ص200.
[126] - إلزام الناصب: ج1 ص196.
[127] - بحار الأنوار: ج52 ص257.
[128] - ينابيع المودة: ج3 ص215.
[129] - بشارة الإسلام: ص297.
[130] - بحار الأنوار: ج52 ص190 ح21.
[131] - الملاحم والفتن: ص133.
[132] - عقائد الإمامية.
[133] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج2 ص195.
[134] - كنـز العمال – المتقي الهندي: ج11 ص144.
[135] - بحار الأنوار: ج 69 ص223.
[136] - المعيار والموازنة - أبو جعفر الإسكافي: ص274.
[137] - الأحزاب: 36.
[138] - أول المؤمنين أي بالإمام المهدي ( في أوان ظهوره (أي أول الثلاث مائة والثلاث عشر).
[139] - بحار الأنوار: ج53 ص148، ج36 ص260، والغيبة للطوسي: ص150، غاية المرام: ج2 ص241، مختصر بصائر الدرجات- للحلي: ص39، مكاتيب الرسول- للميانجي: ج2 ص96.
[140] - غيبة الطوسي: ص454 – 470، بحار الأنوار: ج52 ص291، معجم أحاديث الإمام المهدي للكوارني: ج1 ص453، الخرائج والجرائح للراوندي: ص1149.
[141] - الذي يأخذ البيعة للإمام المهدي (.
[142] - كتاب المهدي المنتظر( – الحاج حسين الشاكري: ج2 ص436.
[143] - الإرشاد - الشيخ المفيد: ج2 ص376.
[144] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص52.
[145] - بشارة الإسلام: ص30.
[146] - غاية المرام - السيد هاشم البحراني: ص108.
[147] - بحار الأنوار: ج51 ص83.
[148] - بحار الأنوار: ج51 ص84.
[149] - دلائل الإمامة الطبري: ص452، بحار الأنوار: ج51 ص65.
[150] - الأعراف: 187.
[151] - النازعـات: 42.
[152] - محمد: 18.
[153] - القمر: 1.
[154] - الأحزاب: 63.
[155] - الشورى: 18.
[156] - بحار الأنوار – العلامة المجلسي: ج53 ص1.
[157] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس: ص66.
[158] - عصر الظهور- الشيخ الكوراني: ص125.
[159] - كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي: ص198.
[160] - بحار الأنوار: ج52 ص223.
[161] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الكوراني: ج 1 ص 394. وذكر الشيخ علي الكوراني مايلي: المفردات: وراء النهر: يطلق على ما وراء نهر جيحون من سمرقند وبخاري وغيرهما، وقد يراد به ما وراء نهر دجلة والفرات. الحارث بن حراث، وفي رواية: الحارث حراث: قد يكون معنى اسمه بالعربية وقد يكون تعبيراً عن خبرته بعمله كخبرة الحراث بحرثه.
[162] - سبق وإن مر في ص37 رواية أن استدارة الفلك هو اختلاف الشيعة بينهم.
[163] - الغيبة للنعماني: ص154.
[164] - الغيبة للنعماني: ص283، وبشارة الإسلام: ص41.
[165] - الغيبة- الشيخ الطوسي: ص265.
[166] - الغيبة للنعماني: ص215.
[167] - بحار الأنوار: ج51 ص40.
[168] - الغيبة للنعماني: ص216.
[169] - الغيبة للنعماني: ص216.
[170] - بحار الأنوار – العلامة المجلسي: ج83 ص81.
[171] - كمال الدين وتمام النعمة- الشيخ الصدوق: ص457.
[172] - كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني: ص215.
[173] - الإرشاد - الشيخ المفيد: ج2 ص386.
[174] - الغيبة- الشيخ الطوسي: ص470.
[175] - كمال الدين وتمام النعمة- الشيخ الصدوق: ص653.
[176] - بحار الأنوار: ج52 ص120، الكافي: ج1 ص535.
[177] - الكافي: ج1 ص535.
[178] - الكافي: ج1 ص535.
[179] - بحار الأنوار: ج53 ص3.
[180] - كفاية الأثر- الخزاز القمي: ص281.
[181] - بحار الأنوار – العلامة المجلسي: ج51 ص150.
[182] - الإرشاد - الشيخ المفيد: ج2 ص382.
[183] - الغيبة للنعماني: ص187.
[184] - الغيبة للنعماني: ص163.
[185] - تنبؤات نوستر اداموس: القرن السادس – النبوءة الثالثة والثلاثون.
[186] - مجمع البحرين – الشيخ الطريحي: ج4 ص582.
[187] - تهامة - بكسر التاء- : هي أراضي السهل الساحلي الضيق الممتد من شبه جزيرة (سيناء) شمالاً إلى أطراف اليمن جنوباً، وفيها مدن (نجران) و(مكة) و(جدة) و(صنعاء). تبوك: مدينة في طريق الحج من دمشق إلى المدينة. اشتهرت بالغزوة العظيمة التي قام بها النبي صلى الله عليه وآله لإخضاع عرب الشمال. فهي واقعة على شمال مكة والمدينة. انتهى. مجمع البحرين: ج4 ص581.
[188] - الغيبة للنعماني: ص74.
[189] - مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي: ج1 ص601.
[190] - الاحتجاج: ج1 ص185.
[191] - بحار الأنوار: ج22 ص137.
[192] - الكافي: ج8 ص139.
[193] - بحار الأنوار: ج2 ص22.
[194] - بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار: ص28.
[195] - تاج العروس: ج9 ص371.
[196] - الطرائف - السيد ابن طاووس الحسني: ص173.
[197] - غاية المرام: ج1 ص48.
[198] - غاية المرام - السيد هاشم البحراني: ج1 ص27.
[199] - مجمع البحرين: ج4 ص583.
[200] - مجمع البحرين: ج4 ص582.
[201] - البقرة: 97.
[202] - الاحتجاج: ج1 ص47.
[203] - عيون أخبار الرضا (: ج2 ص210 – 211، كنز العمال: ج13 ص148.
[204] - الإسراء: 34.
[205] - الكافي: ج1 ص392.
[206] - بحار الأنوار: ج52 ص210 عن غيبة الطوسي.
[207] - كتاب عصر الظهور- الشيخ الكوراني: ص146 – 148.
[208] - شرح إحقاق الحق: ج29 ص515.
[209] - شرح إحقاق الحق: ج29 ص620.
[210] - بحار الأنوار: ج51 ص162.
[211] - الحجر: 18.
[212] - الأنعام: 25.
[213] - آل عمران:34.
[214] - بشارة الإسلام: ص30.
[215] - الإرشاد - الشيخ المفيد: ج2 ص376.
[216] - مستدرك سفينة البحار: ج 7 ص47، فلاح السائل: ص170 – 171.
[217] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ علي الكوراني: ج1 ص483. شرح إحقاق الحق: ج29 ص530.
[218] - المجموع - محيى الدين النووي: ج1 ص7.
[219] - الإمامة والتبصرة: ص128.
[220] - الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني: ص264.
[221] - روايات تفترق الأمة ثلاث وسبعين فرقة والتي مر ذكرها في ما مضى من هذا الكتاب تحت عنوان أهم أسباب الظهور، ومن أراد المزيد من المصادر لهذه الروايات: النص والاجتهاد: ص95، كتاب سليم بن قيس: ص169، كمال الدين: ص662، وسائل الشيعة: ج27 ص50، كنز الفوائد: ص297، ويكاد لا يخلوا منها مصدر من مصادر الشيعة والسنة.
[222] - الحاقة:44 – 46.
[223] - معجم أحاديث الإمام المهدي (- الشيخ علي الكوراني العاملي: ج3 ص28، الكافي: ج1 ص373 ج 5، ثواب الأعمال وعقابها: ص255 ج4. وبهذا الإسناد (أبي رحمه الله، عن سعد بن عبد الله) عن محمد بن الحسين عن ابن سنان، عن يحيى أخي أديم، عن الوليد بن صبيح، قال: سمعت أبا عبد الله ( يقول: - كما في الكافي، وفيه (بتر بدل تبر). بحار الأنوار: ج25 ص112، ب 3 ج9 - عن ثواب الأعمال.
[224] - كتاب الفتن- نعيم بن حماد: ص165، معجم أحاديث الإمام المهدي: ( ج1 ص397.
[225] - الأنعام: 94.
[226] - الأمالي: ص306.
[227] - عيون أخبار الرضا (: ص145.
[228] - الإحقاف:30.
[229] - الحج:67.
[230] - الحجر:41.
[231] - الملك:22.
[232] - الشورى:52.
[233] - الزخرف:61.
[234] - الوصية، ورواية ابن صاحب الوصيات، ورواية رجل من أهل بيته… الخ، ذكرت في موضوع الأوصياء المنصوص لهم بالبيعة من هذا الكتاب.
[235] - ذكرت في موضوع الأوصياء المنصوص لهم بالبيعة من هذا الكتاب.
[236] - غاية المرام: ج7 ص104.
[237] - ص: 27.
[238] - النجم: 3.
[239] - بحار الأنوار: ج 35 ص 148، مختصر بصائر الدرجات: ص 38.
[240] - غاية المرام - السيد هاشم البحراني: ج7 ص103.
[241] - بحار الأنوار: ج53 ص147، والغيبة للطوسي: ص150، غاية المرام: ج2 ص241.
[242] - منتخب الأنوار المضيئة: ص343.
[243] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس: ص134 .
[244] - نفس المصدر.
[245] - القاموس: ج4 ص455.
[246] - الكهف: 103 – 104.
[247] - القصص: 5.
[248] - النساء: 165.
[249] - الأنعام: 149.
[250] - الغيبة للنعماني: ص138.
[251] - الغيبة للنعماني: ص140.
[252] - الغيبة للنعماني: ص140.
[253] - الجـن: 27.
[254] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص53.
[255] - بشارة الإسلام: ص30.
[256] - راجع الروايات فيما تقدم من البحث.
[257] - كتاب الإمام الحسين (- الحاج حسين الشاكري: ص202.
[258] - الإمام موسى الكاظم (- للحاج حسين الشاكري: ص421.
[259] - كامل الزيارات: ص76.
[260] - هامش كتاب الرجعة - محمد مؤمن الأسترابادي: ص99.
[261] - الكافي: ج1 ص535.
[262] - الكافي: ج1 ص535.
[263] - الكافي: ج1 ص534.
[264] - الكافي: ج1 ص533.
[265] - الكافي: ج1 ص532.
[266] - غيبة النعماني: ص58.
[267] - لابد للجاحد أن يسأل نفسه هل غيبة الإمام المهدي ( ستة أيام أو ستة أشهر أو ستة سنين، وهل أمير المؤمنين يعلم ذلك أم لا، أم أن أمير المؤمنين يتحدث عن شخص يخرج من ظهر الحادي عشر من ولده أي الإمام المهدي (، ويمهد هذا الشخص لأبيه الحادي عشر من ولد علي ( حوالي72 شهر أي ستة سنين كما في الروايات ويتخفى من طواغيت ذلك الزمن، السفياني واشباهه.
[268] - لمعرفة مصادر هذا الحديث انظر دلائل الإمامة - محمد بن جرير الطبري (الشيعي): ص529، وفي كتاب (المهدي المنتظر) - الحاج حسين الشاكري: ج1 ص180، وروى الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي وغيرهم بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة، الاختصاص للمفيد: ص209 الحاشية 4 - 5 - 6، وصاحب كتاب قد يكون الإمام المعصوم غائبا - مركز المصطفى : ص94، عنه إثبات الهداة: ج3 ص510 ح329، وفي البحار: ج52 ص112ح23 عنه، وعن غيبة النعماني: 208 ح16 - بإسناده عن محمد بن منصور الصيقل. وفي منتخب الأثر: ص314 ح1، وعن كمال الدين: 346 ح32 - بإسناده عن منصور مختصرا نحوه. وأخرجه في البحار: ج52 ص111 ح20 عن الكمال، ورواه في الكافي:ج1 ص370 ح6. قد يكون الإمام المعصوم غائبا - مركز المصطفى ص98.
[269] - الكافي للشيخ الكليني ج1 ص532، الغيبة للطوسي ص135 أشار المحقق إلى صحة السند فراجع تحقيق عبد الله الطهراني واحمد ناصح، المناقب: ج1 ص256، بحار الأنوار: ج20 ص108، ج36 ص381، معجم أحاديث الإمام المهدي: ج3 ص158.
[270] - كفاية الأثر عن ما جاء عن انس بن مالك، وكتاب لمحات- للشيخ الصافى: ص220.
[271] - كفاية الأثر في باب ما جاء عن الحسن (، كما أخرجه الصراط المستقيم: ج2 ص128، والإنصاف: ص121، ولمحات- الشيخ لطف الله الصافى: ص220.
[272] - الصف: 8.
[273] - كتاب السقيفة- لسليم بن قيس: ص380.
[274] - بحار الأنوار: ج52 ص380.
[275] - منتخب الأنوار المضيئة - السيد بهاء الدين النجفي: ص155.
[276] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج1 ص298.
[277] - المهدي المنتظر ( - الحاج حسين الشاكري: ج2 ص436.
[278] - الملاحم والفتن- السيد بن طاووس الحسني: ص52.
[279] - الغيبة للنعماني: ص144.
[280] - غاية المرام - السيد هاشم البحراني: ج7 ص108.
[281] - الغيبة للنعماني: ص182.
[282] - الأعراف: 142.
[283] - مريم: 53.
[284] - طـه: 90.
[285] - الفرقان: 35.
[286] - طـه: 29 – 31.
[287] - نهج الإيمان: ص531.
[288] - روضة الواعظين- الفتال النيسابوري: ص83.
[289] - الاحتجاج: ج1 ص47.
[290] - مشارق أنوار اليقين – الحافظ رجب البرسي: ص341.
[291] - الغيبة للنعماني: ص229.
[292] - تهذيب الأحكام – الشيخ الطوسي: ج3 ص253.
[293] - بشارة الإسلام: ص30.
[294] - النساء: 38.
[295] - عند علماء الأصول قاعدة مفادها أن العقيدة لا تبنى إلا على روايات مسندة متواترة.
[296] - ذكرت في ص123 – 127 من هذا الكتاب.
[297] - الإمام موسى الكاظم (- للحاج حسين الشاكري: ص421.
[298] - بحار الأنوار: ج53 ص147.
[299] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( للشيخ علي الكوراني: ج1 ص299.
[300] - الغيبة - الشيخ الطوسي: ص444.
[301] - الواقعة: 7 – 14.
[302] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( الشيخ الكوراني: ج5 ص192.
وانظر أيضاً: مختصر بصائر الدرجات: ص18، تأويل الآيات: ج2 ص576 ح3 وفيه "أيام الله المرجوة ثلاثة. المحجة ص108، وفي ص203 - كما في تأويل الآيات، البرهان: ج2 ص305 ح3 - كما في مختصر بصائر الدرجات بتفاوت يسير، وفي: ج4 ص 168 ح3 - عن تأويل الآيات، بحار الأنوار: ج53 ص63 ب 25 ح53 - عن مختصر بصائر الدرجات، ينابيع المودة: ص428 ب71.
[303] - المدثر: 38 – 39.
[304] - الإنعام: 89.
[305] - المائدة: 54.
[306] - الغيبة للنعماني: ص316.
[307] - بحار الأنوار: ج24 ص325 – 326.
[308] - الزلزلة: 7 – 8.
[309] - المدثر:52 – 56.
[310] - المدثر: 28 – 30.
[311] - تأويل الآيات - شرف الدين الحسيني: ج2 ص735.
[312] - المدثر:31.
[313] - البلد:11 – 12.
[314] - الكافي: ج1 ص430.
[315] - البلد:17 – 20.
[316] - الواقعة:88 – 91.
[317] - الغيبة للنعماني: ص240.
[318] - الغيبة للنعماني: ص241.
[319] - الغيبة للنعماني: ص241.
[320] - الغيبة للنعماني: ص241.
[321] - الجـن: 26 – 27.
[322] - هود:80.
[323] - كمال الدين: ص673.
[324] - مرت الرواية ص94 من هذا الكتاب.
[325] - الغيبة للنعماني: ص316.
[326] - المدثر: 38 – 39.
[327] - البقرة: 249.
[328] - الفتح: 28.
[329] - كما في وصية رسول الله .
[330] - مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب: ج2 ص297.
[331] - البقرة: 115.
[332] - بحار الأنوار– العلامة المجلسي: ج24 ص303.
[333] - ابراهيم: 37.
[334] - الكافي: ج1 ص392.
[335] - الحديث: (ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمن ناري) الأمالي: ص306، مر ذكر الحديث.
[336] - بحار الأنوار: ج52 ص299.
[337] - وربما المراد بالقيامة هنا قيام القائم (القيامة الصغرى)، ثم بعدها القيامة الكبرى.
[338] - مختصر بصائر الدرجات- الحسن بن سليمان الحلي: ص226 .
[339] - يّـس: 12.
[340] - معجم أحاديث الإمام المهدي (- الشيخ علي الكوراني العاملي: ج3 ص27.
[341] - مشارق أنوار اليقين- الحافظ رجب البرسي: ص304.
[342] - تفسير العياشي: ج2 ص29.
[343] - البقرة: 63.
[344] - البقرة: 93.
[345] - النساء: 154.
[346] - مريم: 52.
[347] - طـه: 80.
[348] - القصص: 29 – 30.
[349] - القصص: 46.
[350] - المؤمنون: 20.
[351] - الطور: 1 – 3.
[352] - مفاتيح الجنان: ص159.
[353] - بحار الأنوار- العلامة المجلسي: ج31 ص219.
[354] - بحار الأنوار- العلامة المجلسي: ج31 ص219.
[355] - بحار الأنوار- العلامة المجلسي: ج53 ص11.
[356] - مناظرات في العقائد - الشيخ عبد الله الحسن: ج1 ص471.
[357] - كامل الزيارات- جعفر بن محمد بن قولويه: ص85 (…عن أبي الحسن (: … فإذا انتهيت إلى الذكوات البيض والثنية أمامه فذلك قبر أمير المؤمنين ().
وللموضوع علاقة بموضوع الخسف والمسخ الذي يحل بالعلماء الذي ذكره رسول الله في وصيته لأبن مسعود، راجع ص56 من هذا الكتاب.
[358] - والجبل هو ما يعلو الوادي (وادي السلام)، وهو موضع قبر أمير المؤمنين.
[359] - عصر الظهور- الشيخ علي الكوراني: ص134.
[360] - طـه: من الآية 115.
[361] - الرعد: من الآية 15.
[362] - الحج: 18.
[363] - الحج: من الآية 18.
[364] - الزخرف:81.
[365] - المتشابهات – السيد اليماني أحمد الحسن: ج3 ص58.
[366] - تأويل الآيات - شرف الدين الحسيني: ج1ص404، بحار الأنوار: ج39 ص243.
[367] - بحار الأنوار- العلامة المجلسي: ج53 ص85.
[368] - النمل: 82.
[369] - كتاب سليم بن قيس- تحقيق محمد باقر الأنصاري: ص130.
[370] - وصية رسول الله عند وفاته بالأئمة والمهديين وقد مر ذكرها.
[371] - مختصر بصائر الدرجات: ص43.
[372] - البحار: ج53 ص60، عصر الظهور: ص67.
[373] - الكافي: ج8 ص63.
[374] - (وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الزخرف: 48. … إذن دابة الأرض آية وما هو أعظم منها أمر الإرسال الذي في الآية التي تلتها في الرواية (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً). فمن هذا المرسل.
[375] - بحار الأنوار: ج53 ص113.
[376] - بحار الأنوار: ج53 ص113.
[377] - مر ذكر الروايات في موضوع سابق: ص79 – 80 من هذا الكتاب نحو مضمون (فإذا قلنا في الرجل منا شيئا فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك).
[378] - بحار الأنوار: ج53 ص113.
[379] - الإرشاد- الشيخ المفيد: ج2 ص380.
[380] - بحار الأنوار: ج97 ص385.
[381] - معجم أحاديث الإمام المهدي (- الشيخ الكوراني: ج1 ص397.
[382] - الملاحم والفتن- السيد بن طاووس الحسني: ص134.
[383] - بحار الأنوار: ج52 ص225.
[384] - كمال الدين: ص390.
[385] - آل عمران: 19.
[386] - آل عمران:85.
[387] - مر الحديث في ص33 – 34 من هذا الكتاب.
[388] - الدخان: من 10 – 16.
[389] - الإسراء: 15.
[390] - الجواب المنير عبر الأثير: ص20 – 21.
[391] - بحار الأنوار: ج53 ص148، ج36 ص260، والغيبة للطوسي: ص150، غاية المرام: ج2 ص241، مختصر بصائر الدرجات- للحلي: ص39، مكاتيب الرسول- للميانجي: ج2 ص96.
[392] - الكتاب المقدس- مجمع الكنائس الشرقية: ص807.
[393] - غيبة النعماني: ص144- 145.
[394] - النساء: 157.
[395] - مرت الرواية في موضوع أركان الإمام المهدي ( الأربعة.
[396] - وانفجار الصبح إشارة إلى الفجر المقدس، فجر ظهور الإمام المهدي (.
[397] - غاية المرام السيد هاشم البحراني: ج7 ص92.
[398] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص134.
[399] - النساء: 157.
[400] - قصص الأنبياء للجزائري: ص473.
[401] - إنجيل متى إصحاح: 27.
[402] - إنجيل متى إصحاح: 26.
[403] - إنجيل متى إصحاح: 27.
[404] - إنجيل مرقس إصحاح: 15.
[405] - إنجيل لوقا إصحاح: 22.
[406] - إنجيل يوحنا إصحاح: 18.
[407] - غاية المرام السيد هاشم البحراني: ج7 ص92.
[408] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص134.
[409] - قصص الأنبياء نعمة الله الجزائري.
[410] - قصص الأنبياء وعيون الأخبار.
[411] - قصص الأنبياء.
[412] - متى: 26.
[413] - مرقس: 14.
[414] - لوقا: 22.
[415] - المتشابهات: ج4 ص143 – 150.
[416] - شرح الأخبار- القاضي النعمان المغربي: ج3 ص386.
[417] - المناقب- الموفق الخوارزمي: ص62.
[418] - عبد الله أبو رسول الله مرت به سنة إسماعيل (.
[419] - عيون أخبار الرضا ( الشيخ الصدوق: ج1 ص34.
[420] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( للشيخ الكوراني: ج1 ص299.
[421] - بشارة الإسلام: ص148.
[422] - كتاب الفتن- نعيم بن حماد: ص165، معجم أحاديث الإمام المهدي (: ج1 ص397.
[423] - وهي الرايات التي دخلت في بداية سقوط الطاغية صدام (رايات بني العباس).
[424] - قال رسول الله : (تخرج من المشرق رايات سود لبني العباس ثم يمكثون ما شاء الله ثم تخرج رايات سود صغار تقاتل رجلاً من ولد أبي سفيان وأصحابه من قبل المشرق يؤدون الطاعة للمهدي) كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي: ص190، معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ الكوراني: ج1 ص396، عصر الظهور: ص228.
[425] - الغيبة للنعماني: ص173.
[426] - الغيبة للنعماني: ص300.
[427] - الغيبة للنعماني: ص301.
[428] - الغيبة للنعماني: ص302.
[429] - بحار الأنوار: ج52 ص297.
[430] - الغيبة للنعماني: ص300.
[431] - الغيبة- الشيخ الطوسي: ص444.
[432] - معجم أحاديث الإمام المهدي (- الشيخ الكوراني: ج1 ص442.
[433] - الجيش الذي يخسف به ربما هو جيش يمثل العلماء غير العاملين (علماء آخر الزمان) فقد ذكر رسول الله في وصيته لأبن مسعود، بعد أن توعدهم بالمسخ والخسف وقال وهو تأويل الآية: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ)، وهي الآية التي ذكرها أهل البيت هي في جيش السفياني الذي يخسف بهم، فالآية واحدة والزمن واحد (زمن الظهور) إذن فالتأويل واحد.
[434] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ الكوراني: ج3 ص277، ابن حماد: ص90.
[435] - الصفايح البيض: وربما هي إشارة إلى (الذكوات البيض) عن الإمام الصادق (… قال المفضل: قلت يا سيدي، فأين تكون دار المهدي، ومجتمع المؤمنين؟ قال (: (دار ملكه الكوفة، ومجلس حكمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين).
[436] - بيد: وكأنها من الإبادة بمعنى الإهلاك، فإنه يهلك فيه السفياني وجنده يخسف بهم الأرض، وفيهم نزلت قوله تعالى: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ) مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي: ج1 ص454.
[437] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ الكوراني: ج5 ص356.
[438] - بحار الأنوار: ج52 ص186.
[439] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( – الشيخ الكوراني: ج5 ص358.
[440] - بحار الأنوار: ج52 ص234.
[441] - معجم أحاديث الإمام المهدي (– الشيخ الكوراني: ج3 ص445.
[442] - بحار الأنوار- العلامة المجلسي: ج52 ص298.
[443] - الغيبة للنعماني: ص252.
[444] - الغيبة للنعماني: ص181.
[445] - الغيبة للنعماني: ص252.
[446] - الأنعام: 9.
[447] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( – الشيخ الكوراني: ج3 ص277 ح811.
[448] - الغيبة للنعماني: ص258.
[449] - واقصد المهدي الأول: كونه يماني ووصي الإمام المهدي ( كما كان علي ابن أبي طالب ( يماني ووصي رسول الله ، والوصي هو محط الابتلاء دائماً، فهل من متعظ.
[450] - مجمع النورين- الشيخ أبو الحسن المرندي: ص331.
[451] - الشعراء: 4.
[452] - القمر: 2.
[453] - الغيبة للنعماني: ص261.
[454] - بحار الأنوار: ج52 ص306.
[455] - ذي طوى: وربما المقصود بها النجف .
[456] - مقام إبراهيم ( موجود في النجف أيضاً، في مسجد السهلة بالتحديد.
[457] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري: ج2 ص256.
[458] - الغيبة- الشيخ الطوسي: ص454.
[459] - الوصي في زمن الظهور.
[460] - معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ الكوراني: ج3 ص 386 ح940.
[461] - وهذا ما قام به مرجع يمسمى بالحائري، وذلك عن طريق مكتبه في النجف، وهو بمثابة أفتاء لقتل النفس الزكية أيضاً. وسأورد صورة لنص فتوى مكتبه في آخر الكتاب إن شاء الله.
[462] - (الذي وصفتهم بعض الروايات انهم أيضاً جيش السفياني).
[463] - بحار الأنوار: ج52 ص217.
[464] - البقرة: 222.
[465] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج2 ص103.
[466] - محمد: 38.
[467] - محمد: 38.
[468] - جامع البيان – الطبري: ج5 ص431.
[469] - الغيبة للنعماني: ص317.
[470] - الصراط المستقيم ج2 النباطي العاملي: ص250.
[471] - كتاب الغيبة للنعماني: ص259.
[472] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني: ص66.
[473] - معجم أحاديث الإمام المهدي (- الشيخ الكوراني: ج3 ص386 ح940، غيبة النعماني: ص307 – 308.
[474] - الكافي: ج2 ص599.
[475] - الكافي: ج2 ص601، تفسير البرهان: ج1 ص8.
[476] - بحار الأنوار: ج52 ص223.
[477] - بحار الأنوار: ج53 ص148، ج36 ص260، والغيبة للطوسي: ص150، غاية المرام: ج2 ص241، مختصر بصائر الدرجات للحلي: ص39. مكاتيب الرسول للميانجي: ج2 ص9 – 96، النجم الثاقب للميرزا النوري، وغيرها.
[478] - طـه: 91.
[479] - الغيبة للنعماني: ص114.
[480] - الكافي: ج1 ص67.
[481] - شرح الأخبار- القاضي النعمان المغربي: ج3 ص356.
[482] - المؤمنون: 108.
[483] - يونس: 35.
[484] - غيبة النعماني: ص114.
[485] - النساء: 82.
[486] - سنن الترمذي: ج4 ص505 – 506 ح2230 – 2233.
[487] - الضعفاء الكبير: ج3 ص253 ح1257.
[488] - الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهديّ المنتظر: ص28.
[489] - التذكرة: ص701، وقد نقل القول بتواتر أحاديث المهديّ عن الآبري وارتضاه.
[490] - مستدرك الحاكم: ج4 ص429 و 450 و 457 و 464 و 465 و 502 و 520 و 553 و 554 و 557 و 558.
[491] - المنار المنيف: ص130 ح 225، وانظر: الاعتقاد ـ للبيهقي ـ : ص127.
[492] - مصابيح السُـنّة: ص488 ح4199، وص492 – 493 ح4210 و 4211 و 4212 و 4213 و 4215.
[493] - النهاية في غريب الحديث: ج 1ص290، ج2 ص172 و 325 و 386، ج4 ص33، ج5 ص254.
[494] - التذكرة: ص701 و 704.
[495] - لسان العرب: ج15 ص59 مادّة (هَدِيَ).
[496] - منهاج السُـنّة: ج4 ص211.
[497] - تهذيب الكمال: ج25 ص146 – 149 رقم 5181 في ترجمة محمّـد بن خالد الجنـدي.
[498] - تلخيص المستدرك: ج4 ص553 و 558.
[499] - المنار المنيف: ص130 – 133 ح326 و 327 و 329 و 331، و ص135.
[500] - النهاية في الفتن والملاحم: ج1 ص55 و 56.
[501] - شرح المقاصد: ج5 ص312، وشرح عقائد النسفي: ص169.
[502] - مجمع الزوائد: ج7 ص313 – 317.
[503] - تاريخ ابن خلدون: ج1 ص564 و 565 و 568، الفصل 52.
[504] - أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب: ص163 – 168.
[505] - مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة 3|263 رقم 1442.
[506] - تهذيب التهذيب: ج9 ص125 رقم 201 في ترجمة محمّـد بن خالد الجندي، وفتح الباري: ج6 ص385.
[507] - كما في: نظم المتناثر من الحديث المتواتر ـ للكتّاني ـ : ص226 رقم 289، حكى عنه القول بتواتر أحاديث المهديّ.
[508] - الجامع الصغير: ج2 ص672 ح 9241 و 9243 و 9244 و 9245، و ج2 ص438 ح 7489، وحكى عنه البلبيسي في العطر الوردي: ص45 أنّه قال بتواترها في بعض 7489، وحكى عنه البلبيسي في العطر الوردي: ص45 أنّه قال بتواترها في بعض كتبه.
[509] - اليواقيت والجواهر: ج2 ص143.
[510] - الصواعق المحرقة: ص162 ـ 167.
[511] - البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان: ص177 – 183.
[512] - راجع: الإمام المهديّ (عند أهل السُـنّة: ج2 ص23.
[513] - الإشاعة لاَشراط الساعة: ص87، وهو من القائلين بالتواتر.
[514] - الفتوحات الإسلامية: ج2 ص211، وهو من القائلين بالتواتر.
[515] - الإذاعة: ص112 و 114 و 128، وقد صرّح بتواتر أحاديث المهديّ، ونقل عن الأئمّة الحفّاظ القول بتواترها، فراجع.
[516] - القطر الشهدي في أوصاف المهديّ: ص68.
[517] - العطر الوردي: ص44 و 45.
[518] - غالية المواعظ: ص76 – 77.
[519] - عون المعبود شرح سنن أبي داود: ج11 ص361.
[520] - نظم المتناثر: ص225 – 228 ح289.
[521] - تحفة الاحوذي: في شرح الحديث رقم 2331، باب ما جاء في المهديّ.
[522] - التاج الجامع للأصول: ج5 ص341.
[523] - نظرة في أحاديث المهديّ ـ مقال نشرته مجلّة (التمدن) لسنة 1370 هـ للشيخ المذكور، في ص831.
[524] - إبراز الوهم المكنون: ص443 وما بعدها، والمهديّ المنتظر: ص 5 – 8، وكلاهما لأبي الفيض.
[525] - كما في الاحتجاج بالأثر: ص299.
[526] - كما في محاضرة الشيخ العبّاد (عقيدة أهل السُـنّة والأثر في المهديّ المنتظر) نشرت في العدد 46 من مجلّة الجامعة الإسلامية السعودية لسنة 1400 هـ.
[527] - تطبيق المعايير العلمية على ما اختلف وتعارض من أحاديث المهدي بكتب الفريقين. السيد ثامر هاشم العميدي: ص11 وما بعدها.
[528] - المصنف لابن أبي شيبة: ج15 ص198 ح19493 ، المعجم الكبير للطبراني: ج10ص163 ح10213 و ج10 ص166 ح10222، مستدرك الحاكم: ج4 ص442، وأورده من الشيعة المجلسي في بحار الأنوار: ج51 ص82 ح21، عن كشف الغمة للأربلي: ج3 ص261، والأخير نقله عن كتاب الأربعين لأبي نعيم .
[529] - سنن أبي عمرو الداني: ص94 – 95، تاريخ بغداد: ج1 ص370 ولم يروه أحد من الشيعة.
[530] - تاريخ بغداد: ج5 ص391 ، كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ج1 ص367 ح1076 و 1077 وفيه يقول ابن حماد: وسمعته غير مرة لا يذكر اسم أبيه، وأخرجه في كنز العمال: ج14 ص268 ح38678 عن ابن عساكر، ونقله السيد ابن طاووس في التشريف بالمنن: ص156 ح196 و 197 باب 163 عن فتن ابن حماد، كما أورده ابن حجر في القول المختصر: ص40 ح4 مرسلاً.
[531] - الفتن لنعيم بن حماد: ج1 ص368 ح1080، وعنه السيد ابن طاووس في التشريف بالمنن: ص257، 200.
[532] - مسند أحمد: ج1 ص376 و 377 و 430 و 448.
[533] - سنن الترمذي: ج4 ص505 ح2230.
[534] - مستدرك الحاكم: ج4 ص442.
[535] - مصابيح السنة: ص492 ح4210.
[536] - عقد الدرر: ص51 باب 2.
[537] - عقد الدرر: 51 – 56 باب 2.
[538] - المهدية في الإسلام الأستاذ الأزهري سعد محمد حسن: ص69.
[539] - البيان: ص482.
[540] - مشكاة المصابيح: ج3 ص24.
[541] - عقد الدرر: ص27.
[542] - انظر: تهذيب الكمال: ج9 ص191 ح1911، وتهذيب التهذيب: ج3 ص240 بشأن رشدين بن أبي رشدين .
[543] - الصف: 6.
[544] - انظر: تفسير أبي السعود - أبي السعود: ج7 - دار إحياء التراث العربي - بيروت دار إحياء التراث العربي – بيروت. ص200، وتفسير الثعالبي – الثعالبي: ج4 - الدكتور عبد الفتاح أبو سنة، الشيخ علي محمد معوض، والشيخ عادل أحمد عبد الموجود الأولى 1418 دار إحياء التراث العربي – بيروت دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي - بيروت – لبنان: ص24، وتفسير ابن كثير - ابن كثير: ج4 - تقديم: يوسف عبد الرحمن المرعشلي 1412 – 1992م دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان: ص21، وتفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي: ج7 - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، شارك في التحقيق 1) د.زكريا عبد المجيد النوقي، 2) د.أحمد النجولي الجمل الأولى 1422 – 2001 م لبنان/ بيروت - دار الكتب العلمية: ص356.
[545] - أبو صالح السليلي: كتاب الفتن من فتوح المهدي.
[546] - أضواء على السنة المحمدية: ص232.
[547] - العرف الوردي: الحديث رقم 16.
[548] - ابن حماد: ج1 ص372، ومثله وعنه تلخيص المتشابه: ج1 ص407، وبيان الشافعي: ص513، وعقد الدرر: ص127، والقول المختصر: ص15.
[549] - ابن حماد: ص84، وعنه عقد الدرر: ص128 ، والحاوي: ج2 ص68.
[550] - ابن حماد: ج1 ص314، وعنه الحاوي: ج2 ص69، وجمع الجوامع: ج2 ص103.
[551] - ابن حماد: ج1 ص314، والحاوي: ج2 ص68.
[552] - صحيح مسلم: ج8 ص171 باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض من كتاب الفتن، مسند أحمد: ج5 ص277.
[553] - سنن ابن ماجة: ج2 ص1376 برقم 4084، وانظر أيضاً الحديث النبوي: ج20 ص5 وقال في الزوائد: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، والمهدي المنتظر ( في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة - دكتور عبد العليم عبد العظيم البستوي - ص203: وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: "هذا سند جيد رجاله كلهم ثقات، وله شواهد كثيرة". وكذلك في تعليقاته على مشكاة المصابيح. وقال في صحيح الجامع الصغير: "صحيح". النتيجة : إسناده حسن .
[554] - سنن أبي داود: ج4 ص107، والروض الفسيح: ج4 ص2، وكشف الغمّة: ج2 ص473. والعَرف الوردي: ص48 ح59.
[555] - رواه ابن ماجة: ج2 ص1368، ومثله الطبراني في الأوسط: ج1 ص200 بتفاوت يسير، وعنه بيان الشافعي: ص490، وقال: هذا حديث حسن صحيح روته الثقاة والإثبات، وعقد الدرر: ص125، وتذكرة القرطبي: ص699، وفرائد السمطين: ج2 ص333، وخريدة العجائب: ص257، وتحفة الأشراف: ج4 ص307، والمنار المنيف: ص145، وفتن ابن كثير: ج1 ص41، والحافظ المغربي: ص555، وقال: الحديث صحيح، ومحمد بن مروان ثقة ما نقله الطاعن (ابن خلدون) عن يحيى بن معين وأبي داود وابن حبان على اختلاف عبارتهم وتنوعها في توثيقه. وقول أبي زرعة غير مقبول، إذ لم يبين سببه مع ثبوت العدالة التوثيق له من غيره، بل ممن هو أشد منه في الرجال وهو يحيى بن معين، وكذا ترك عبد الله بن أحمد الرواية عنه، وأما قول البزار لا نعلم أنه تابعه عليه أحد فإن كان مراده المتابعة التامة عن شيخه فيمكن، وإن كان مراده مطلق المتابعة فغير مسلم ما ادعاه فقد توبع على ذلك..الى آخر كلامه.
[556] - انظر الحاوي للسيوطي: ج2 ص82، وكنز العمال: ج7 ص262، وفي رواية ينابيع المودة: ص449: (بخٍ بخ للطالقان).
[557] - ابن حماد: ج1 ص349، وعنه عقد الدرر: ص129، والحاوي: ج2 ص70، وجمع الجوامع: ج2 ص103، والمغربي: ص579.
[558] - العرف الوردي: حديث رقم 130.
[559] - الزيادة من (الفتن).
[560] - العرف الوردي: حديث رقم 170.
[561] - مطالب السؤول: ج2 الباب12 .
[562] - مشارق الأنوار - للشيخ حسن الحمزاوي: ص112 طبع 1307 هـ .
[563] - تذكرة الخواص: ص363 طبع 1964 م النجف.
[564] - الفصول المهمة: الباب الثاني عشر.
[565] - الإتحاف بحب الأشراف: ص 178 ، طبع مصر 1316 هـ.
[566] - تاريخ الخميس: ج2 ص321.
[567] - فرائد السمطين .
[568] - اليواقيت والجواهر: ص142 ط مصر 1307 هـ .
[569] - الصواعق المحرقة: ص127 ط مصر 1308 هـ .
[570] - صحيح مسلم: ج3 ص1453 ح1821 بباب الناس تبع لقريش من كتاب الإمارة. واخترنا هذا اللفظ من الرواية؛ لأنّ جابراً كان قد كتبها، وفي صحيح البخاري: ج4 ص165 كتاب الأحكام، وسنن الترمذي، باب ما جاء في الخلفاء من أبواب الفتن، وسنن أبي داود: ج3 ص106 كتاب المهدي، ومسند الطيالسي: ح767 و1278، ومسند أحمد: ج5 ص86 – 90 و92 – 101 و 106 – 108، وكنز العمال: ج13 ص26 – 27، وحلية أبي نعيم: ج4 ص333.
وجابر بن سمرة بن جنادة العامري ثمّ السوائي، ابن أخت سعد بن أبي وقاص، وحليفهم، مات في الكوفة بعد السبعين، وروى عنه أصحاب الصحاح 146 حديثاً، ترجمته بأُسد الغابة. وتقريب التهذيب. وجوامع السيرة: ج277.
[571] - فتح الباري: ج16 ص338، ومستدرك الصحيحين: ج3 ص617.
[572] - فتح الباري: ج16 ص338.
[573] - منتخب الكنز: ج5 ص321، وتاريخ ابن كثير: ج6 ص249، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: ص10، وكنز العمال: ج13 ص26، والصواعق المحرقة: ص28.
[574] - كنز العمال: ج13 ص27، ومنتخبه: ج5 ص312.
[575] - صحيح مسلم بشرح النووي: ج12 ص202. والصواعق المحرقة: ص18، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: ص10.
[576] - كنز العمال: ج13 ص27.
[577] - كنز العمال: ج13 ص27 عن ابن النجار.
[578] - مسند أحمد: ج1 ص398 و 406. قال أحمد شاكر في هامش الأول: إسناده صحيح. ومستدرك الحاكم وتلخيصه للذهبي: ج4 ص501، وفتح الباري: ج16 ص339 مختصراً، ومجمع الزوائد: ج5 ص190، والصواعق المحرقة لابن حجر: ص12، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: ص10، والجامع الصغير له: ج1 ص75، وكنز العمال للمتقي: ج13 ص27.
وقال: أخرجه الطبراني ونعيم بن حمّاد في الفتن، وفيض القدير في شرح الجامع الصغير للمناوي: ج2 ص458، وأورد الخبرين ابن كثير في تاريخه عن ابن مسعود، باب ذكر الأئمة الاثني عشر الّذين كلّهم من قريش: ج6 ص248 – 250.
[579] - ابن كثير: ج6 ص248، وكنز العمال: ج13 ص27، وراجع شواهد التنزيل للحسكاني: ج1 ص455 ح626.
[580] - ابن كثير: ج6 ص248.
[581] - نهج البلاغة: الخطبة 142.
[582] - ينابيع المودّة للشيخ سليمان الحنفي في الباب المائة: ص523، وراجع إحياء علوم الدين للغزالي: ج1 ص54، وفي حلية الأولياء: ج1 ص80 بإيجاز.
[583] - الفتن: ص231.
[584] - شرح مسلم – النووي: ج2 ص30 – 33.
[585] - كتاب الفتن - نعيم بن حماد المروزي: ص66 .
[586] - ج15 ص452.
[587] - العرف الوردي: حديث رقم 148.
[588] - أبو صالح السليلي: كتاب الفتن من فتوح المهدي.
[589] - ص238.
[590] - ص237.
[591] - ابن حماد: ج1 ص120، وعنه السيوطي في الحاوي: ج2 ص9.
[592] - ج1 ص302.
[593] - فتح الباري: ج13 ص184، وانظر المناوي في فيض القدير: ج2 ص582، وعمدة القاري للعيني: ج24 ص282.
[594] حجى: 2 – 7.
[595] إشعياء: 5.
[596] - هكذا فسرها السيد أحمد الحسن في كتاب وصي ورسول الإمام المهدي في القرآن والتوراة والإنجيل.
[597] رؤيا يوحنا: 4 – 1.
[598] رؤيا: 17.
[599] - دانيال: 2.
[600] - رؤيا: 17.
[601] - رؤيا: 19.
[602] - رؤيا يوحنا اللاهوتي: 18.
[603] - انظر رسالة الهداية: ص16.
[604] - بحار الأنوار: ج53 ص14 .
[605] - رسالة الهداية: ص18.
[606] - الفتن - ابن حماد: ص150، معجم أحاديث الإمام المهدي: ج2 ص63.
[607] متى: 24، وانظر: مرقس: 13.
[608] - متى: 14.
[609] - انظر: وصي ورسول الإمام المهدي في التوراة والإنجيل والقرآن: السيد أحمد الحسن (: ص31.
[610] متى: 24.
[611] - انظر كتاب شبيه عيسى من إصدارات أنصار الإمام المهدي.
[612] متى: 17.
[613] مستدرك الحاكم: ج4 ص440 نقلاً عن: معجم أحاديث الإمام المهدي ( - الشيخ علي الكوراني العاملي: ج1 ص563، وأخرجه ابن ماجه أيضاً.
[614] كشف الخفاء – العجلوني: ج2 ص122 – 123.
[615] الملاحم والفتن - ابن طاووس: ص266.
[616] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري: ج2 ص128.
[617] جامع البيان - إبن جرير الطبري: ج3 ص396.
[618] - كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني: ص144 – 145.
[619] الغيبة للطوسي: ص422 – 423.
[620] - الغيبة للنعماني: ص172.
[621] - المتشابهات: ج4 ص144 وما بعدها.
[622] - النساء: 157.
[623] - النساء: 157.
[624] - قصص الأنبياء للجزائري: ص473 .
[625] متى: 27.
[626] - متى: 26.
[627] - متى: 27.
[628] - مرقس: 15.
[629] -لوقا: 22.
[630] -يوحنا: 18.
[631] -غاية المرام: ج7 ص92.
[632] الملاحم والفتن: ص134.
[633] -بحار الأنوار: ج14 ص338.
[634] -قصص الأنبياء للجزائري : ص474، نقلاً عن عيون الأخبار.
[635] -بحار الأنوار: ج14 ص344.
[636] متى: 26.
[637] -مرقس: 14.
[638] -لوقا: 22.
[639] تفسير يوحنا الانبا اثناسيوس: ص119 نقلاً عن حجازي: المصدر نفسه ج2 ص272.
[640] الكتاب المقدس تحت المجهر - عودة مهاوش: في هامش ص43.
[641] زكريا: 2.
[642] محمد كما ورد في كتاب اليهود والنصارى – عبد الأحد داود: ص37.