Subjects
-الإهداء
-اعتقاد اليهود بالمسيح
-الروح وأثرها في تحقيق العلاقات
-الأحاديث التي وردت عن آل البيت تعرف الروح
-الروح ومريم ص
-رسالة نبي الله عيسى ع
-المرحلة الأولى
-الأسباب التي جعلت اليهود يعترضون على عيسى ع
-نبي الله عيسى ع يبكت اليهود
-عيسى ع يعترض على اليهود
-المسيح سر
-حكمة الله
-عيسى يتكلم بلسان المسيح ع
-حجر الزاوية هو المسيح
-عيسى ع نبي من الأنبياء
-المرحلة الثانية
-استدلال توما على أنه المسيح الذي صلب
-عودة إرساله مرة أخرى
عيسى ع يبعث بالجسد
-المعزي يرسله عيسى ع
-الرسالة إلى العبرانيين
-ساعة الظهور لا يعلمها إلا الأب
-علامات الظهور
-المسيح الدجال
-انتقام القائم (المسيح) يوم الظهور
-الخلاصة
Text
إصدارات أنصار الإمام المهـدي ع/ العدد (108) المسيحُ سِرُّ اللهِ دراسة في علاقة الإمام المهدي بالمسيح عليهم السلام الشيـخ صـادق المحمـدي الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org -الإهداء إلى أبي ... إلى من عرفني وهداني بعد أن كنت ضالاّ ... إلى من رسخ المعرفة في نفسي ... إلى الشريد الطريد ... إلى الذي لا يمنعه من الرجوع إلى الله إلا ما كلفه الله به هو هداية العباد. أعلم أن نفسك سيدي لا يقر لها قرار إلا أن تستقر على يمين عرش الله ... اسأل الله أن يمن عليك بالتمكين ويهيء الله لك أسبابه كما وعدك ويسر بك المؤمنين ويومئذ سيفرح المؤمنون لك سيدي أحمد الحسن صلى الله عليك وعلى آل بيتك الطاهرين. أقول عبدك، والعبد هو صورة سيده .. أم أقول خادمك، والخادم قريب من سيده، تصغر عند هذا الوصف نفسي لبعدها عنك ولا يليق بها إلا أن تكون المذنب العاصي راجياً صفحك وعفوك. صادق المحمدي 3/ ذي الحجة/ 1430 هـ . ق اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. كل دعوة من دعوات الأنبياء فيها خصوصية ويريد الله سبحانه وتعالى منها شيئاً يوصله إلى عباده، ولهذا أتى المسيح عيسى ع برسالته التي هي أهم رسالة قبل بعثة النبي الخاتم صلوات الله عليه وهي آخر مرحلة تمهيدية من طريق الأنبياء الذين أتوا من سلالة نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم ص. وأراد نبي الله عيسى ع أن يطرح المعاني الروحية ويسن الأساس لها ويقرب الفهم بالأمثال للناس من خلال رحلة تعليمه ونشر رسالته التي كلف بها، وهذا له دور مهم في حياة القائم المهدي صلوات الله عليه؛ لأن القائم المهدي يمثل أول رحلة العودة إلى الله سبحانه وتعالى، وهو منعطف الرجوع المتمثل بقوس الصعود أي القيامة الصغرى. والعودة تعتمد على السير على كل ما هو متمثل بالمعنى الروحي وهو التخلص من كل ما هو متنافي، وهي علقة الإنسان بالماديات والأجسام، ومن هذه العلاقات التي تحدد فيها هي: الصلات النسبية هذا أب وهذا ابن، وهذا أخ وغيرها، وهذه عادة يحددها واقع الإنسان، وكانت تفرض على الإنسان من أنها نتيجة حتمية حيث ينسب إلى أب وأم وهي من خصوصيات عالم الأجسام؛ لأن الإنسان عادة يولد من أبوين وهناك ترابط أسري مفروض عليه من خلال هذا الواقع، لكن هناك نسبة روحية وإن كانت غير منظور إليها من عموم البشر إلا من خصهم الله وأوقفهم على تلك المعاني الروحية، ومنهم الأنبياء كنوح ع عندما طلب من الله أن ينجي ابنه؛ لأنه عصاه، فكان نداء الله أنه ليس من أهلك وأنه عمل غير صالح. وهذه كما قلت كانت عند من خصهم الله بلطافة الروح؛ لأن فيها ينسب المرء أيضاً نسباً ولكن نسبتها نسبة حقيقية، أي تصبح لنا علاقتان يحدد العلاقات بين البشر، منها العلاقة الطبيعية التي هي من لوازم عالم الأجسام والمادة؛ لأن الإنسان كما قلت يولد من أبوين، وكذلك توجد علاقة أخرى وهي الحقيقية (العلاقة الروحية) أيضاً يتحصل منها نسبة الإنسان إلى آخر وتحدد علاقته به، وهذه العلاقة ظهرت بوضوح في دعوة نبي الله عيسى ع ووضح ذلك بصورة جليه من أنه وجد من غير أب وكان ينادي بتلك المعاني الروحية من أنه ابن وأن هناك أب له وأن الأب هو الذي أرسله وكثير من الأمور، وحتى هذه المعاني كانت في عهد نبي الله محمد ص من أنه أوجد المؤاخاة وجعل لكل مسلم من المهاجرين أخاً له من الأنصار وكان يقول: المؤمن أخ المؤمن لكي تترسخ هذه المعاني عند المسلمين، وهذه أيضاً كما قلت مرحلة تمهيدية لما سيقوم به القائم صلوات الله عليه. روي ان القائم ع يؤآخي بين الاخوة في الاظلة اي في عالم الذر او المجردات، كما روي عن الائمة ص: عن الصادق ع: (إن الله عز وجل آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام، فإذا قام قائمنا - أهل البيت - ورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة، ولم يورث الأخ من الولادة) ([1]). وعن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، قالا: (لو قد قام القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله: يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورث الأخ أخاه في الأظلة)([2]). لأن العلاقات تكون بحسب تلك المعاني الروحية وهي أول انطلاقات التوحيد في رحلة العودة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن فيها دفع المتنافيات، حيث تحل المعاني الروحية محل المعاني المادية التي هي سبب هلاك الناس والظلم للعباد؛ لأن الإنسان يكون أسير هذه القيود التي هي من لوازم المادة، وهي السجن كما عبر عنه الإمام أمير المؤمنين أن الدنيا سجن المؤمن. * * * لماذا لم يقبل بنو إسرائيل ما جاء به عيسى ع أليس هم كانوا ينتظرونه على أنه هو المخلص وهو المسيح الموعود؟ -اعتقاد اليهود بالمسيح إن اليهود عندهم أصل عقائدي ثابت بالمسيح الموعود وهم كانوا ينتظرونه وكانوا يعملون على أنهم يمهدون لظهوره، وأن هناك علامات ودلائل كانوا يعتقدون فيها وكانوا يستخدمونها كدليل عليه إذا أعلن ظهوره: 1- أنه من ذرية نبي الله داود ع. 2- مكان ظهوره وبعثته بيت لحم مدينة داود. 3- إنه يأتي بطريق غيبي أو إعجازي. 4- إذا بعث يبقى معهم إلى الأبد. 5- وإنهم يظنون إنه يرسخ ما موجود عندهم من اعتقادات ولا ينقض عليهم ما هم عليه. 6- إنه طرح بعض المفاهيم الروحية والقيم المقامية الملكوتية والتي كان يصعب على علماء بني إسرائيل تقبلها. 7- إنه ملك اليهود والمسيح الموعود. 8- الخوف من أن يظهروا إيمانهم خوفاً على دنياهم. هذه الأمور التي كانوا يعتقدونها فيما إذا أعلن المسيح الموعود عن ظهوره ويجب أن تتطابق مع ما سوف يدعيه وإلا سوف يحارب؛ لأن هذه الأمور ورثوها من شريعة نبي الله موسى ع، وهو جعل ذلك الأمر هو الحاكم على ما سيأتهم به المخلص، أي أنهم كما وصف الإنجيل أنهم يتبررون في الشريعة وجعلوها هي غاية اعتقادهم، لا أن يكون المسيح إذا ظهر هو غاية الاعتقاد؛ لأن هو الذي سوف يحكم. ويدل على ما تعني مداليل تلك النصوص التي وصلت إليهم؛ لأن كثيراً من العلامات لا يمكن القطع بمداليلها أو كيفية وقوعها أو أنها ربما واقعة تحت أمر البداء، هذه الأمور كلها بيده إذا ظهر المعني ومصداقها الحقيقي هو يدل عليها، أي أنهم يحاكمون الحجة بتلك النصوص، والحقيقة أن الحجة هو الذي يدل على العلامة أو الدليل عليه؛ لأنه هو يحكمها ويبرهن على أنها هي دالة عليه بالكيفية التي هو يقرها لا بحسب ما فهم منها من قبل العلماء أو ربما تعني المعنى الباطني وليس الظاهري. لكي نفهم شيئاً من المعاني الروحيه ودورها في تحقق الهداية ومعرفة الحق. -الروح وأثرها في تحقيق العلاقات ورد ذكر الروح في القران الكريم: قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾([3]). وقال تعالى: ﴿... فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً﴾([4]). قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾([5]). قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا... ﴾([6]). إن الروح لها دور مهم في تحديد العلاقات وتحديد المقامات، بل حتى الحجة الذي يحتج الله به على الخلق لا يكون إلا بعد أن يخصه الله بتلك الروح؛ لأن بها العلم والفهم والعصمة، حيث جميع الأنبياء ومن استخلفهم الله خصهم الله بروح القدس. وعند آل البيت روح القدس الأعظم وإن كل علاقة حقيقية هي مدارها الروح حتى معاني الأبوة والبنوة والأخوة الحقيقية يكون مدارها الروح؛ لأن بها تندفع المتنافيات عن صفحة وجود الإنسان وبها يحصل التقارب. قال تعالى: ﴿... إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾([7]). وإنّ كمال العبد وتقصيره إنما يحدد في معرفة الفرائض التي فرضها الله عليهم من أمره وروحه، ولهذا ورد عن الإمام زين العابدين ع وهو يخاطب جابر الجعفي قال: (قلت: يابن رسول الله، ومن المقصر ؟ قال: الذين قصروا في معرفة الأئمة وعن معرفة ما فرض الله عليهم من أمره وروحه. قلت: ياسيدي، وما معرفة روحه ؟ قال: أن يعرف كل من خصه الله تعالى بالروح، فقد فوض إليه أمره، يخلق بإذنه ويحي بإذنه ويعلم ما في الضمائر ويعلم ما كان ويكون إلى يوم القيامة، ذلك أن هذا الروح من أمر الله تعالى فمن خصه الله تعالى بهذا الروح فهو كامل غير ناقص، يفعل ما يشاء بإذن الله، يسير من المشرق إلى المغرب بإذن الله في لحظة واحدة، يعرج به إلى السماء وينزل به إلى الأرض يفعل ما يشاء وأراد. قلت: يا سيدي، أوجدني بيان هذا الروح من كتاب الله تعالى وإنه من أمر خصه الله تعالى بمحمد وأوصياءهص، قال: نعم، اقرأ هذه الاية: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا﴾([8]). وقوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾([9])) ([10]). وعرّف السيد أحمد الحسن ع تلك الروح: (روح القدس هو: روح الطهارة أو العصمة. فإذا اخلص العبد بنيته لله سبحانه وتعالى وأراد وجه الله أحبه الله ووكل الله به ملكاً يدخله في كل خير ويخرجه من كل شر ويسلك به إلى مكارم الأخلاق، ويكون الروح القدس واسطة لنقل العلم للإنسان الموكل به. وأرواح القدس كثيرة وليست واحداً والذي مع عيسى ع ومع الأنبياء دون الذي مع محمد ص وعلي ع وفاطمة ص والأئمة ص، وهذا هو الروح القدس الأعظم لم ينـزل إلا مع محمد ص وانتقل بعد وفاته إلى علي ع ثم إلى الأئمة ص ثم بعدهم إلى المهديين الأثني عشر. عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ﴾([11]). قال ع: (خلق من خلق الله عز وجل أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول اللهص يخبره ويسدده وهو مع الأئمة من بعده) ([12]). عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله ع عن قوله عز وجل: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾([13]). قال ع: (خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل (عليهما السلام)، كان مع رسول الله ص وهو مع الأئمة وهو من الملكوت) ([14]). وعن أبي حمزة، قال: (سألت أبا عبد الله ع عن العلم أهو علم يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرءونه فتعلمون منه ؟ قال ع: الأمر أعظم من ذلك وأوجب، أما سمعت قول الله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ﴾([15])، ثم قال: أي شيء يقول أصحابكم في هذه الآية، أيقرون أنه كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الأيمان ؟ فقلت: لا أدري جعلت فداك ما يقولون، فقال لي ع: بلى، قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الأيمان حتى بعث الله تعالى الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم وهي الروح التي يعطها الله تعالى من شاء فإذا أعطاها عبداً علمه الفهم) ([16]). فرسول الله محمد ص لما نزل إلى هذا العالم الجسماني ليخوض الامتحان الثاني بعد الامتحان الأول في عالم الذر حجب بالجسم المادي، فلما اخلص لله سبحانه وتعالى إخلاصاً ما عرفت الأرض مثله أحبه الله ووكل به الروح القدس الأعظم فكان الفائز بالسباق في هذا العالم كما كان الفائز بالسباق في الامتحان الأول في عالم الذر) انتهى كلام السيد ([17]). -أذكر شيئاً من الأحاديث التي وردت عن آل البيت تعرف بهذه الروح: حدثنا علي بن حسان، عن علي بن عطيه، يرفعه إلى أمير المؤمنين، قال: قال أمير المؤمنينع: (إن لله نهراً دون عرشه، ودون النهر الذي دون عرشه نور من نوره، وإن على حافتي النهر روحين مخلوقين روح القدس وروح من أمره، وإن لله عشر طينات خمسة من الجنة وخمسة من النار وخمسة من الأرض، وفسر الجنان وفسر الأرض، ثم قال: ما من نبي ولا ملك إلا من بعد جبله نفخ فيه من إحدى الروحين، وجبل النبي من إحدى الطينتين. قلت لأبي الحسن ع: ما الجبل ؟ قال: الخلق غيرنا أهل البيت، فإن الله خلقنا من العشر طينات جمعياً ونفخ فينا من الروحين جميعاً فأطيبها طينتنا) ([18]). عن الحسن بن جهم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ع، قال: (في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح: روح البدن وروح القدس وروح القوة وروح الشهوة وروح الإيمان، وفي المؤمنين أربعة أرواح: أفقدها روح القدس روح البدن وروح الشهوة وروح الإيمان، وفى الكفار ثلاثة أرواح: روح البدن وروح القوة وروح الشهوة. ثم قال: روح الإيمان يلازم الجسد ما لم يعمل بكبيرة، فإذا عمل كبيرة فارقه الروح، وروح القدس من سكن فيه فإنه لا يعمل بكبيرة أبداً) ([19]). عروه عن محمد بن عمران، عن بعض أصحابه، قال: (سألت أبا عبد الله ع فقلت: جعلت فداك، تسألون عن الشيء فلا يكون عندكم علمه، فقال: ربما كان ذلك. قال: قلت: كيف تصنعون ؟ قال: تتلقانا به روح القدس) ([20]). عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله ع سألته عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرخى عليه ستره. فقال: يا مفضل، إن الله تبارك وتعالى جعل للنبي ص خمسة أرواح: روح الحيوة فيه دب ودرج، وروح القوة فيه نهض وجاهد، وروح الشهوة فيه أكل وشرب وآتى النساء من الحلال، وروح الإيمان فيه أمر وعدل، وروح القدس فيه حمل النبوة، فإذا قبض النبي ص انتقل روح القدس فصار في الإمام، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يسهو، والأربعة الأرواح تنام وتلهوا وتغفل وتسهوا وروح القدس ثابت يرى به ما في شرق الأرض وغربها وبرها وبحرها. قلت: جعلت فداك، يتناول الإمام ما ببغداد بيده ؟ قال: نعم، وما دون العرش) ([21]). لذلك فإن العلم والمعرفة والفهم هو من الروح التي يهبها الله لمن يشاء من عباده بعد أن علم منهم الإخلاص له سبحانه. وهي إذن: 1- السبب الذي يهبه الله للإنسان لكي يحتج به على العباد. 2- بها يعصم الإنسان عن المعاصي. 3- تحدد العلاقات ونسبة الموجودات الحقيقية من الأبوة والبنوة والأخوة. قول رسول الله ص: (أنا وعلي أبوا هذه الأمة). 4- العلم والفهم الحقيقي يحصل بها. 5- الأعمال المعجزة والكرامات تكون من خلالها، كما هو في رواية جابر الجعفي، عن الإمام زين العابدين ع. -الروح ومريم ص: ورد في الإنجيل أن الروح قد حلت على مريم أثناء حملها بيسوع ع، وهذا النص موافق لما بينه القران الكريم. (فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ) ([22]). وأجاب السيد أحمد الحسن ع في سؤال وجه له عن الروح الذي تمثل لمريم ص ومعنى قول نبي الله عيسى ع أنه ابن وأنه مرسل من الأب، قال: (إن الذي تمثل لها بشراً سوياً هو الروح الأعظم، وهو مرتبة من الروح ومقام يشمل الرسول محمد والأئمة والمهديين ص، وكما قال أمير المؤمنين ع الروح واحد والصور مختلفة. عن الأصبغ بن نباته: (أن رجلاً سأل علياً ع عن الروح، قال: ليس هو جبرئيل، قال علي ع: جبرئيل من الملائكة، والروح غير جبرئيل. وكان الرجل شاكاً فكبر ذلك عليه فقال: لقد قلت شيئاً عظيماً وما أحد من الناس يزعم أن الروح غير جبرئيل. قال علي ع: أنت ضال تروي عن أهل الضلال، يقول الله لنبيه: ﴿أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾([23]). فالروح غير الملائكة، وقال: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾([24])، وقال: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا﴾([25])، وقال لآدم وجبرئيل يومئذ مع الملائكة: ﴿إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ( فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ﴾([26]) فسجد جبرئيل مع الملائكة للروح. وقال لمريم: ﴿فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا﴾([27])، وقال لمحمد ص: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى ( قَلْبِكَ﴾([28])، ثم قال: ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾([29]) والزبر الذكر، والأولين رسول الله ص منهم، فالروح واحدة والصور شتى. قال سعد: فلم يفهم الشاك ما قاله أمير المؤمنين ع غير أنه قال الروح غير جبرئيل) ([30]). أما بالنسبة إلى سؤال هل كان يستخدم عيسى ع كلمة الأب أو أبي ؟؟؟ نعم، إن نبي الله عيسى ع كان يستعمل هذه الكلمة الأب أو أبي أو أبوكم، وهذه الكلمة في التوراة أيضاً موجودة، بل إن عيسى ع ولد من غير أب؛ ليعرف الناس أن الأب الحقيقي والأصل الحقيقي لهم هو الله سبحانه وتعالى، وليعرفوا أن المطلوب منهم أن يتحلوا بصفات خالقهم وأبوهم، (فالخلق عيال الله) سبحانه وتعالى ليصبحوا صورة له سبحانه وتعالى "خلق الله آدم على صورته") انتهى كلام السيد ع. ومعنى خلق آدم على صورته: أن الله تعالى أن تكون له صورة ويحد بحد، لذلك يجب أن تؤخذ هذه العبارة على المعنى الباطني لها، وصورة الله وتجلي الله في الخلق هو محمد ص، وأن أمر الله إلى الخلق يتنزل منه سبحانه إلى محمد ص ثم إلى الخلق من أمور خلقية وتدبير تلك الأمور الخلقية، وورد في معنى الملائكة والروح المتنزله في ليلة القدر. وسئل أبو عبد الله عن ما يفرق في ليلة القدر، هل هو ما يقدر سبحانه وتعالى فيها ؟ قال: (لا توصف قدرة الله تعالى سبحانه؛ لأنه يحدث ما يشاء. وأما قوله: ﴿خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ يعني فاطمة، وقوله تعالى: ﴿َنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد، والروح روح القدس وهي فاطمة، ﴿مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ﴾ يقول: كل أمر سلمه حتى مطلع الفجر يعني حتى يقوم القائم ع) ([31]). وهذا يمثل أعلى مقام للروح ومصداق لها، وهي الزهراء صلوات الله عليها بعد مقام رسول الله ص، ومقام علي ع بمقامها فهو كفؤ لها سلام الله عليهم أجمعين. لكي تتضح الصورة أكثر فهماً يجب أن نبين شيئاً عن عالم الذر أو عالم الأنفس، والحقيقة أن له الأثر الأكبر في تحديد شخصية الإنسان وصفاته في هذا العالم الجسماني؛ لأن الإنسان أحياناً يكون في هذا العالم قبل ولادته، أو أنه ممكن أن يعود بعد موته، وهذه الأمور موجودة وصائرة من خلال الشواهد والآيات التي حدثت مع الأنبياء والمرسلين، ولا يمكن إنكارها لكن السبب الذي جعل الناس تستعظم هذا الأمر هو غفلتهم عن ذلك العالم، أي عالم الأنفس وأثره في وجودهم في العالم الجسماني. قال السيد أحمد الحسن ع: (عالم الذر عالم حقيقي وليس وهمياً ولا افتراضياً، وإنما نسيه الغافلون والمتغافلون ولم ينسه الأنبياء والمرسلون والأوصياء ص، بل هم يتذكرونه ويعرفونه ويعرفون أولياءهم فيه ويميزونهم في هذه الحياة الدنيا، فعلي بن أبي طالب سيد الأوصياء يقول ما معناه: (إني لا أعرفك)، لمن قال له: إني من شيعتك. فسبحان الله، الشيخ المفيد رحمه الله وأعلى الله مقامه الشريف يقول: (لو كان لما نسيناه). فها أنتم تغفلون عن المرآة إذا نظرتم إلى صورتكم فيها، سبحان الله إذا كنتم تغفلون عما بين أيديكم وأمام أبصاركم فلا ترونه فغفلتكم عن عالم الذر أولى وأحجى، ثم إن أهل البيت ص بالغوا في الحديث عن هذا العالم فلا أرى إنكاره إلا عن جهل داخل منكريه ويا ليتهم اعرضوا عن الحديث فيه لما اشتبه عليهم علمه، ويا ليتهم التفتوا إلى قوله تعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾([32])، فإنها في عالم الذر نزلت وإياه عنت. وحقيقة عالم الذر: أنه عالم الأنفس، وهو في هذه السماء الدنيا وتنزل منه إلى الأرض نطف بني آدم، فإذا نمت النطفة بعد أن أخذت طريقها إلى وعائها وتهيأت الصورة الجسمانية لولوج النفس إليها ولجت النفس في تلك الصورة الجسمانية وتعلقت بالنطفة التي نزلت منها، فإذا مات الإنسان خرجت منه تلك النطفة مرة أخرى من فمه أو من أي مكان آخر مع خروج نفسه من جسمه وبقيت هذه النطفة متعلقة بالنفس الإنسانية، فالنفس متعلقة بالنطفة والنطفة متعلقة بالنفس وهما من عالم واحد وهو عالم الذر أو عالم الأنفس، فإذا نزلت النطفة إلى الأرض تبعتها النفس، وإذا فارقت النفس الجسم تبعتها النطفة). انتهى كلام السيد ع ([33]). إذن وصول النطف المعنوية من عالم الذر بعدما تنفصل من النفس تحتاج إلى واسطة لكي تصل إلى مستقرها (رحم إلام) في هذا العالم الجسماني وهو الزوج في الحالات الطبيعية، لكن نبي الله عيسى ع كانت الواسطة هي الروح المرسلة وهو معنى النفخ المشار إليه في القرآن الكريم. ووضح السيد أحمد الحسن ع في حديثه عند إجابته على سؤال لأحد الإخوة، حيث قال: (النفخ: هو إيصال النطفة النفسية المتعلقة بالنفس إلى رحم مريم، وهي غير النطفة المادية ولا يحتاج إيصالها إلى الزواج، بل هي نطفة لطيفة منها تتشكل صورة الإنسان، ويمكن أن تدخل من أي مكان من الفم الأنف البطن، فهي ليست مادية ليعارض ولوجها المادة. عيسى ع ولد من أم ومن غير أب، أي إنه ع يختلف عن آدم ع الذي خلق من غير أب وأم، فعيسى ع خلقه الله في هذا العالم الجسماني من خلية كاملة أوجدها الله في رحم مريم ص وبالصورة الطبيعية، أي إنها بويضة وجاءت من المبيض ولكنها امتازت بأنها كاملة ولا تحتاج التلقيح، فقط تحتاج الاتصال بنطفة نفسية وقد بينتها في أكثر من موضع، والروح جاء بهذه النطفة النفسية وأوصلها إلى الاتصال بالخلية الكاملة التي خلق منها عيسى ع. فالحالة الطبيعية إن النطفة المادية الجسمانية متصلة بالنطفة النفسية والنفس تلحق النطفة النفسية وتتصل بها عند الشهر الرابع من الحمل تقريباً. أما في حالة عيسى ع فلم تكن هناك نطفة جسمانية ولذا جاء الروح بالنطفة النفسية ليوصلها بالبويضة المتكاملة (التي لا تحتاج التلقيح) ليتسنى بعد ذلك للنفس المتعلقة بهذه النطفة النفسية الاتصال بها وبالتالي الاتصال بهذا الجسم المخلوق الجديد. ومدة الحمل تسعة أشهر ولكن الله جعله حملاً خفيفاً فلم يكن ظاهراً بوضوح ليميزه الناس إلا في الساعات الأخيرة، ولذا خرجت من محرابها ومكان عبادتها وخلوتها بالله سبحانه ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً﴾([34])) انتهى كلام السيد ع ([35]). إن المعرفة للحجة لا تكون إلا بالروح. * * * -رسالة نبي الله عيسى ع ولذلك فإن رسالة نبي الله عيسى ع كانت تنصب على إيصال هذه المعاني من حيث أنه وجد من غير أب في هذا العالم الجسماني وكان دائماً ذاكراً للأب وأنه مرسل منه وأنه سيعود إليه. إن نبي الله عيسى ع اتصف بهذه الصفة - صفة البنوة - بعد أن تعمد وخرج من الماء حيث النداء من السماء بعد أن هبطت عليه تلك الروح. (3: 16 فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة واتيا عليه 3: 17 وصوت من السماوات قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت) ([36]). وأن الروح كما تقدم تمثل مقام لمحمد وآل بيته الأئمة والمهديين صلوات الله عليهم، وكذلك فإن إعلانه على أنه رسول من الأب وهذه الروح كما قلنا هي التي تحدد النسبة الحقيقية للبنوة أو الأبوة أو الأخوة، وأن هذه الروح حيث ورد في الإنجيل عن القديس بولس على أنها هي الرب. رسالة القديس بولس إلى كور نثوس3: (3: 17 وأما الرب فهو الروح وحيث روح الرب هناك حرية 3: 18 ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح). وإن الإنسان يعكس من تلك الروح بمقدار ما تجلت به تلك الروح، وهذا ما أراد أن يقوله بولس أن الإنسان كماله بمقدار ما عكس من تلك الروح حتى يكون الإنسان صورة لها. رسالة القديس بولس إلى كولوسي: (1: 12 شاكرين الاب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور 1: 13 الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته 1: 14 الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا 1: 15 الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة 1: 16 فإنه فيه خلق الكل ما في السماوات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين الكل به وله قد خلق 1: 17 الذي هو قبل كل شيء و فيه يقوم الكل). والروح حددت نسبة عيسى ع على أنه ابن وأن معنى الأبوة الذي يريده عيسى ع تعني إشارة إلى حجة الله على الخلق قاطبة وهو مقام الرسول الأعظم محمد ص، وبهم خلق الله الخلق ولأجلهم، وهذا الذي تكلم به بولس لا ينطبق إلا على من مثل تلك الحقيقة التي من أجلها خلق هذا العالم؛ لأن المعلوم مما تقدم أن الذي خلق الله الإنسان على صورته وأنه هو مصدر الفيض في عالم الخلق هم محمد وآل محمد صلوات الله عليهم، كما ورد في حديث الكساء اليماني: (ما خلقت سماء مبنية ولا أرضاً مدحية ولا شمساً مضيئة ولا قمراً منيراً) إلى آخر الحديث إلا من أجل هؤلاء الخمسة أصحاب الكساء. وإن رسول الله محمد ص ذكر شيئاً من هذا المعنى عندما احتج على النصارى على أنه هو النبي الخاتم وأشكلوا عليه عندما ذكر عيسى ع وأنهم نسبوا قوله الابن إلى الله المطلق، فقال: أنه يقصد الأب في تعليمه آدم أو نوح ص. وورد عن رسول الله ص في محاججته للنصارى: (فقال بعضهم لبعض وفي الكتب المنزلة: إن عيسى قال: "أذهب إلى أبي وأبيكم". فقال رسول الله ص: فإن كنتم بذلك الكتاب تعملون فإن فيه "أذهب إلى أبي وأبيكم" فقولوا إن جميع الذين خاطبهم عيسى كانوا أبناء الله كما كان عيسى ابنه من الوجه الذي كان عيسى ابنه، ثم إن ما في هذا الكتاب مبطل عليكم هذا الذي زعمتم أن عيسى من وجهة الاختصاص كان ابناً له؛ لأنكم قلتم إنما قلنا إنه ابنه لأنه اختصه بما لم يختص به غيره، وأنتم تعلمون أن الذي خص به عيسى لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى "أذهب إلى أبي وأبيكم"، فبطل أن يكون الاختصاص لعيسى؛ لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى، وأنتم إنما حكيتم لفظة عيسى وتأولتموها على غير وجهها؛ لأنه إذا قال: "أذهب إلى أبي وأبيكم" فقد أراد غير ما ذهبتم إليه ونحلتموه، وما يدريكم لعله عنى أذهب إلى آدم أو إلى نوح وأن الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم وآدم أبي وأبيكم وكذلك نوح، بل ما أراد غير هذا) ([37]). وهذه إشارة من رسول الله ص أن الأب هو بمقام ادم ونوح ص؛ لأن الإرسال كما هو واضح مقام للروح الأعظم وأفضل من يمثله رسول الله ص والأئمة والمهديين ص، وأن كان في السابق يمثله الأنبياء ص منهم آدم ونوح ص؛ لأن الأنبياء ص هم على صورة محمد صلوات الله عليه وهم ممهدون للتبشير به وبقدومه وأهل بيته الأطهار لذلك كانوا قبل النبي يمثلون النبي محمد صلوات الله عليه. لذلك يتضح أن دليل معرفة حجة الله هو أن يعرف بالروح أو الآثار الدالة عليها بحسب الصفات التي تفيض على حجة الله الذي اصطفاه الله وخصه بهذه الروح، وهكذا كان استدلال نبي الله يحيى ع (يوحنا)، فإنه رأى الروح نازلاً على عيسى ع بعد أن تعمد وكان موصى على أنه الذي ينزل عليه تلك الروح هو المسيح المنتظر. إنجيل يوحنا: (1: 32 وشهد يوحنا قائلاً أني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه 1: 33 وأنا لم أكن اعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس 1: 34 وأنا قد رأيت و شهدت أن هذا هو ابن الله). لذلك لا توجد خصوصية ليسوع على أنه نال صفة البنوة بنزول تلك الروح والتي حلت عليه أو الذي جعل النصارى ينسبون له نسبة الإلوهية كما زعموا؛ لأنها قد حلت على غيره كما حلت عليه حيث أنها حلت على أمه الطاهرة مريم سلام الله عليها، وكذلك على أم نبي الله يحيى (يوحنا) اليصابات، وكذلك على زكريا ع وعلى التلاميذ الذين أرسلهم المسيح لإعلان البشارة بعد أن صلب وقام من بين الأموات، وكما تقدم أن هذه الروح هي التي تعطي الحجية للذي تحل عليه كما هو لخلفاء الله سلام الله عليهم. (فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ). إنجيل لوقا 1: 41: (فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ). إنجيل لوقا: (1: 67 وامتلا زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلاً 1: 68 مبارك الرب آله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه). وهذا الأمر حصل إلى التلاميذ الذي أرسلهم يسوع بعد أن قام من بين الأموات لإعلان البشارة، وهذا أثر الروح التي حلت على التلاميذ؛ لأنها هي التي تتكلم على ألسنتهم. إنجيل مرقس 13: 11: (فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، فَلاَ تَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلاَ تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذلِكَ تَكَلَّمُوا. لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ). إنجيل لوقا 11: 13: ( فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟). إنجيل لوقا 12: 12: (لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ). سفر أعمال الرسل 1: 8: (لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ). سفر أعمال الرسل 2: 4: (وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا). لذلك فإن الديانة النصرانية أو المسيحية لها مرحلتين: 1- مرحلة قبل إلقاء القبض على المسيح ع. 2- بعد إلقاء القبض على المسيح. -المرحلة الأولى: تمثلت بمحورين أساسين: المحور الأول: إعلان رسالته وتعليمه واعتراض اليهود عليه. المحور الثاني: بيان الحقائق الملكوتية التي أكد عليها وحاول أن يوصلها إليهم وبالخصوص تلامذته وهي المرحلة الثانية من الديانة المسيحية. المحور الأول: 1- إعلان رسالته وتعليمه: إن نبي الله عيسى ع بعد أن ولد وهبوط روح الله عليه ليعلم حجيته ويحتج بها على العباد من أنه خليفة الله وأخذ يعلم وينشر تلك المعاني الروحية والبحث عن من يستطيع أن يتحمل تلك المعاني ويدين بها، وكان يرشدهم من أنه ليس هو من يقوم بها، بل إنه يعمل بكل ما يسمعه من أبيه ويعمل بأمر أبيه الذي أرسله، ويؤكد على أنهم يعرفونه؛ لأن معرفته تعتبر معرفة أبيه الذي أرسله، وهذه تعتبر مرحلة إعداد وتهيئة لأمر عظيم سوف يلاقيه أنصاره في المرحلة الثانية وهي أهم مرحلة؛ لأن فيها تم الأمر بإرسال التلاميذ وإعلان البشارة التي من أجلها أتى نبي الله عيسى ع. إنجيل يوحنا: (5: 43 أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه 5: 44 كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه). هكذا كان عيسى ع كان يعلم ويعلن عما كلف به، وكان يرشد اليهود إلى مسألة مهمة وهي: أنكم تقبلون الشخص إذا أتى يدعوا إلى نفسه ويبين ذاته هو، وهذا يدل على أن منهج علماء بني إسرائيل كان فيه خصوصية وقيود هم وضعوها لكي يقبلوا من الشخص الآتي إليهم أو الذي يرشدهم إلى شيء معين إلا أن يكون أتى وفق المنهج المقر من قبلهم والسائد عندهم؛ لإثبات علميته، أو على أنه قريب من الله لكي يظهر نفسه على أنه مقدس؛ لينال الرضا من قبل اليهود ويشار إليه من قبلهم. إنجيل مرقس: (45:10 لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين). لأن علماء اليهود كانوا يطلبون العلم لتحصيل المناصب الدنيوية ليعيشوا على قوت الفقراء منهم ويكونوا عبيداً لهم ويقول لهم يجب عليكم إذا كنتم صادقين فيما تدعون هو أن تضحوا أنتم من أجل الفقراء لا أن تضحوا بهم من أجل شهواتكم. وكان أول من بدأ في مخالفة هذا النهج وكانت انعطافة في الديانة اليهودية هي مريم سلام الله عليها عندما دخلت المعبد وهي امرأة واتخذت من دونهم حجاباً، وكان كلهم تبرأوا منها إلا نبي الله زكريا ع. قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾([38])، قال تعالى: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾([39]). وبدأت تظهر علامات قرب الفرج على يدها من كرامات وآيات حتى أثارت استغراب نبي الله زكريا ع ووقف متسائلاً. قال تعالى: ﴿َتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾([40]). 2- اعتراض اليهود على عيسى ع عندما أعلن عن أنه المسيح الموعود. قبل أن ندخل في أسباب عدم قبول بني إسرائيل بعيسى ع على أنه هو المسيح الموعود نعرف المسيح. المسيح: الذي مسحه الله، كان الملك والكاهن والنبي في العهد القديم يمسحون بزيت خاص كعلامة على أن الله قد خصصهم لعمل معين. إن المسيح لفظ لا ينطبق فقط على عيسى ع، إن المسيح مفهوم كما في مفهوم المهدي فإنه ينطبق على الإمام المهدي محمد بن الحسن ع وكذلك على اثني عشر من ذريته. حيث ورد في العهد القديم أن المسيح كان يطلق على شاؤول أي الملك طالوت، وكذلك على نبي الله داود ع. الإصحاح الرابع والعشرون من كتاب العهد القديم والجديد ص468: (4 فقال رجال داود له هو ذا اليوم الذي قال لك عنه الرب هاأنذا أدفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك. فقام داود وقطع طرف جبة شاول سراً. 5 وكان بعد ذلك أن قلب داود ضربه على قطعه طرف جبة شاول. 6 فقال لرجاله حاشا لي من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر بسيدي بمسيح الرب فأمد يدي إليه لأنه مسيح الرب هو). وكذالك ص469: (10 هو ذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف وقيل لي أن أقتلك ولكنني أشفقت عليك وقلت لا أمد يدي إلى سيدي لأنه مسيح الرب هو. فلماذا لم تحرس سيدك الملك. لأنه قد جاء واحد من الشعب لكي يهلك الملك سيدك. 16 ليس حسناً هذا الأمر الذي عملت. حي هو الرب إنكم أبناء الموت أنتم لأنكم لم تحافظوا على سيدكم على مسيح الرب). (23 والرب يرد على كل واحد بره وأمانته لأنه قد دفعك الرب اليوم ليدي ولم أشأ أن أمد يدي إلى مسيح الرب. 24 وهو ذا كما كانت نفسك عظيمة اليوم في عيني كذلك لتعظم نفسي في عيني الرب فينقذني من كل ضيق. 25 فقال شاول لداود مبارك أنت يا ابني داود فإنك تفعل وتقدر) وكذلك ص483: (13 ثم قال داود للغلام الذي أخبره من أين أنت. فقال أنا ابن رجل غريب عماليقي. 14 فقال له داود كيف لم تخف أن تمد يدك لتهلك مسيح الرب). الإصحاح الثالث والعشرون: (1 فهذه هي كلمات داود الأخيرة. وحي داود بن يسى ووحي الرجل القائم في العلا مسيح إله يعقوب ومرنم إسرائيل الحلو. 2 روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني). إن اليهود كانوا يتبعون علماءهم ويقلدونهم فيما يعتقدون به في المسيح الموعود وبنوا مباني عقائدية من خلال فهمهم لما جاء في النصوص في شريعة موسى ع، وهذه الأمور العقائدية عندهم من المسلمات أصلاً وفهماً، ولذلك فإنهم يحاكمون كل من يدعى أنه هو المسيح من خلال هذه المفاهيم الاعتقادية التي هم بنوها من خلال فهمهم للنصوص، وأنهم ينظرون بعين المادة ولم يفتحوا مسامع قلوبهم لكي يدركوا هذه المعاني الروحية. إنجيل يوحنا: (12: 39 لهذا لم يقدروا أن يؤمنوا لأن اشعياء قال أيضاً 12: 40 قد أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم و يشعروا بقلوبهم ويرجعوا فاشفيهم 12: 41 قال اشعياء هذا حين رأى مجده و تكلم عنه). ولكن عندما أعلن نبي الله عيسى ع من أنه هو المسيح كانوا قد واجهوه بهذه الأمور والمفاهيم الاعتقادية ورفضوه ولم يقبلوا به واتهموه بالكفر والضلال. -الأسباب التي جعلت اليهود يعترضون على عيسى ع: 1- أنهم نسبوه خطأ إلى يوسف النجار. أنهم نسبوه خطأ إلى يوسف النجار الذي كان مأموراً برعاية مريم عندما حملت بعيسى ع والحفظ عليها. لوقا23:3 : (وكان يسوع في نحو الثلاثين من عمره عندما ابتدأ خدمته وكان الناس يظنون أنه ابن يوسف). ويوسف كان نجاراً ولكن اليهود كانوا يعتقدون أن المسيح يظهر من أشرافهم ومن علماءهم وليس من نجار بسيط، وكانوا يريدون أن يكون من بيوت علماءهم كحنانيا وغيره من العلماء والرؤساء حيث أنه المعروف عندهم أن المسيح يظهر من داخل الهيكل أو معابدهم، وأنه من ذرية نبي الله دود ع، وأن سبب نسبته إلى يوسف النجار هو أن يوسف النجار كان مأموراً أن يأخذ مريم ليحافظ عليها بالرؤيا التي رآها. إنجيل متى: (1: 18 أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس 1: 19 فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً 1: 20 ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس 1: 21 فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم 1: 22 وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل 1: 23 هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عما نوئيل الذي تفسيره الله معنا 1: 24 فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته 1: 25 ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع). إنجيل متى13: (55 أليس هو ابن النجار ؟ أليست أمه مريم أليس إخوته يعقوب ويوسف وسمعان ويهوذا 56 الآن تقيم جميع أخواته بيننا ؟ فمن أين حصل على كل ما لديه ؟ 57 فكان ذلك عائقاً يمنعهم من قبوله أما يسوع فقال لهم لا يكون نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته 58 فلم يعمل معجزات كثيرة هناك بسبب عدم إيمانهم). إنجيل يوحنا: (24:6 وقالوا أليس هو يسوع بن يوسف الذي نحن عارفون بابيه وأمه فكيف يقول إني نزلت من السماء). 2- مكان ظهوره وبعثته، أنهم كانوا يعتقدون أنه يظهر من مدينة بيت لحم مدينة نبي الله داود ع، ولكنه ظهر من الجليل من مدينة تدعى الناصرة ولهذا لقب بالناصري. إنجيل متى 2: (19 وبعد موت هيرودس ظهر ملاك الرب في حلم ليوسف في مصر 20 وقال له قم خذ الطفل وأمه وارجع إلى ارض إسرائيل لأن الذي كانوا يحاولون قتل الطفل ماتوا 21 فقام يوسف وأخذ الطفل وأمه وذهب إلى أرض إسرائيل 22 ولكن عندما سمع أن ارخيلاوس صار هو الملك في إقليم اليهودية مكان أبيه هيرودس خاف أن يذهب إلى هناك وبعد أن حذره الله في حلم ذهب إلى إقليم الجليل 23 وسكن في بلدة اسمها الناصرة حدث هذا ليتم ما قاله الأنبياء بأن المسيح سيدعى ناصرياً). إنجيل يوحنا: (7: 40 فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي 7: 41 آخرون قالوا هذا هو المسيح وآخرون قالوا ألعل المسيح من الجليل يأتي 7: 42 ألم يقل الكتاب أنه من نسل داود ومن بيت لحم القرية التي كان داود فيها يأتي المسيح 7: 43 فحدث انشقاق في الجمع لسببه 7: 44 وكان قوم منهم يريدون أن يمسكوه ولكن لم يلق أحد عليه الأيادي). 3- أن المسيح إذا أتى يأتي بطريق غيبي أو إعجازي ولكن عيسى ع عندما وجد في هذا العالم أنه معروف مولود وكان العلماء على علم بمولده إلى يوم إعلان نبوته. إنجيل يوحنا: (7: 25 فقال قوم من أهل أورشليم أليس هذا هو الذي يطلبون أن يقتلوه 7: 26 وها هو يتكلم جهاراً ولا يقولون له شيئاً ألعل الرؤساء عرفوا يقيناً أن هذا هو المسيح حقاً 7: 27 ولكن هذا نعلم من أين هو وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو 7: 28 فنادى يسوع وهو يعلم في الهيكل قائلاً تعرفونني وتعرفون من أين أنا ومن نفسي لم آت بل الذي أرسلني هو حق الذي أنتم لستم تعرفونه 7: 29 أنا أعرفه لأني منه وهو أرسلني). 4- إذا بعث يبقى معهم إلى الأبد. إنجيل يوحنا: (12: 34 فأجابه الجمع نحن سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد فكيف تقول أنت أنه ينبغي أن يرتفع ابن الإنسان من هو هذا ابن الإنسان 12: 35 فقال لهم يسوع النور معكم زماناً قليلاً بعد فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب 12: 36 ما دام لكم النور امنوا بالنور لتصيروا أبناء النور تكلم يسوع بهذا ثم مضى واختفى عنهم). إنجيل متى: (20: 17 وفيما كان يسوع صاعداً إلى أورشليم أخذ الاثني عشر تلميذاً على انفراد في الطريق وقال لهم 20: 18 ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت 20: 19 ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم). 5- وإنهم يظنون أنه يرسخ ما موجود عندهم من اعتقادات ولا ينقض عليهم ما هم عليه. إنجيل يوحنا 10: (10: 34 أجابهم يسوع أليس مكتوباً في ناموسكم أنا قلت أنكم آلهة 10: 35 إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله ولا يمكن أن ينقض المكتوب 10: 36 فالذي قدسه الاب وأرسله إلى العالم أتقولون له أنك تجدف لأني قلت أني ابن الله 10: 37 إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي 10: 38 ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فامنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا إن الاب فيّ وأنا فيه). 6- إنه طرح بعض المفاهيم الروحية والقيم المقامية الملكوتية والتي لم تلقي تقبلاً عند علماء بني إسرائيل. أخذ عيسى ع يعلّم الناس ويرشدهم إلى الملكوت وكيفية ذلك، وهذا هو جوهر تعليمه وتبشيره من أنه لا يمكن إخضاع الكون وبالخصوص عالم الملكوت إلى موازين وضوابط عالم الملك، وابتدأ التعليم منذ ولادة عيسى ع بطريق غير متعارف في هذا العالم وطرقه وأسلوب حياته ومعاملته مع اليهود وغيرهم من أنه كان يمثل فيض عالم الملكوت بما حمل من أسرار تلك العوالم وبالحقيقة والنور الذي كان يتكلم بلسانه. إنجيل يوحنا: (6: 60 فقال كثيرون من تلاميذه إذ سمعوا أن هذا الكلام صعب من يقدر أن يسمعه 6: 61 فعلم يسوع في نفسه أن تلاميذه يتذمرون على هذا فقال لهم أهذا يعثركم 6: 62 فإن رأيتم ابن الإنسان صاعداً إلى حيث كان أولاً 6: 63 الروح هو الذي يحيي أما الجسد فلا يفيد شيئاً الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة 6: 64 ولكن منكم قوم لا يؤمنون لأن يسوع من البدء علم من هم الذين لا يؤمنون ومن هو الذي يسلمه 6: 65 فقال لهذا قلت لكم أنه لا يقدر أحد أن يأتي إلي إن لم يعط من أبي 6: 66 من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه). إنجيل يوحنا: (6: 40 لأن هذه مشيئة الذي أرسلني إن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير 6: 41 فكان اليهود يتذمرون عليه لأنه قال أنا هو الخبز الذي نزل من السماء). إنجيل يوحنا: (6: 43 فأجاب يسوع وقال لهم لا تتذمروا فيما بينكم 6: 44 لا يقدر أحد أن يقبل إلي إن لم يجتذبه الاب الذي أرسلني وأنا أقيمه في اليوم الأخير 6: 45 إنه مكتوب في الأنبياء ويكون الجميع متعلمين من الله فكل من سمع من الاب وتعلم يقبل إليّ 6: 46 ليس أن أحداً رأى الاب إلا الذي من الله هذا قد رأى الاب 6: 47 الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية 6: 48 أنا هو خبز الحياة). 7- على أنه الملك عليهم والمسيح الموعود. إنجيل لوقا31:1: (31 وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسميه يسوع 32 وسيكون عظيماً وسيدعى ابن الله العلي وسيعطيه الرب الإله عرش أبيه دود 33 وسيحكم بيت يعقوب إلى الأبد ولن ينتهي ملكه أبداً). عند اليهود كعقيدة: أن المسيح هو الملك الذي يملك بني إسرائيل، ولكن بظهور عيسى ع وكان ظهوره مخالفاً لما كانوا يعتقدون من بساطته ونسبته إلى يوسف النجار، ولم يكن له أي شيء من مسببات الملك التي كانوا يظنون أنه سوف يأتي بها أو يخرج من بيت له مكانه عالية من الجاه والمال ليكون سبباً في إلزام اليهود على أنه الملك، ولكنه صعب عليهم الإقرار بملك شخص كان الزهد شعاره، وكان يقف على الضد في كل المعاني المادية التي عادة الإنسان الذي يطلب الملك يتمسك بها ويسعى إليها؛ لأن بدونها لا يمكن أن يتحقق صفة الملك، وكان حالهم واعتراضهم عليه كما اعترضوا من قبل على ملك طالوت عندما اصطفاه الله ملكاً عليهم، ولكن عيسى ع كان يقول: قال عيسى: (خادمي يداي، ودابتي رجلاي، وفراشي الأرض، ووسادي الحجر، ودفئي في الشتاء مشارق الأرض، وسراجي بالليل القمر، وادامي الجوع، وشعاري الخوف، ولباسي الصوف، وفاكهتي وريحانتي ما انبتت الأرض للوحوش والأنعام، أبيت وليس لي شيء وأصبح وليس لي شيء، وليس على وجه الأرض أحد أغنى مني) ([41]). إذا كان هذا شعار شخص يطلب الملك من هؤلاء الذين انغمسوا في المادة من كبراء اليهود فكيف يقرون له بملكيته. عندما ألقي القبض على المسيح سألوه: هل أنت الملك ؟ كان يجيب على أسئلتهم باستفهام ويقول لهم: أنتم تقولون ذلك؛ لأنه ليس ملكهم حقيقة، وهذا زادهم في طغيانهم في أن يفعلوا به ما فعلوا من صنوف العذاب لكي يبرروا للناس على أنهم حريصون على معتقدات بني إسرائيل وينزهوا أنفسهم ويدينوا ولي الله وحجته عليهم؛ لأنه أتاهم بما يخالف أهوائهم، ويبين فساد ما هم عليه والانحراف الذي حصل عند الأمة بسببهم، وأن هناك أمراً كان كما سيتضح في البحث أن المسيح الذي صلب كان يعترض على كل من يدعوه ملك اليهود وهذا أيضاً مما يجعل اليهود يشككون في أنه هو الملك عليهم الذي ينتظرون. إنجيل مرقس 15: (15: 1 وللوقت في الصباح تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله فأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه إلى بيلاطس 15: 2 فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول 15: 3 وكان رؤساء الكهنة يشتكون عليه كثيراً 15: 4 فسأله بيلاطس أيضاً قائلاً أما تجيب بشيء انظر كم يشهدون عليك 15: 5 فلم يجب يسوع أيضاً بشيء حتى تعجب بيلاطس). وهناك شيء مهم هو أن عيسى ع في رحلة تعليمه وإعلان رسالته وإعداد التلاميذ لم يقل أنه هو المسيح، وكان يوجه هذا السؤال للتلاميذ ماذا يقول الناس عني من أنا، وكانوا ينقلون له ما يقول الناس عنه، وعندما يقرون هو المسيح ينهرهم ويطلب منهم أن لا يذكروا ذلك. إنجيل يوحنا: (10: 23 وكان يسوع يتمشى في الهيكل في رواق سليمان 10: 24 فاحتاط به اليهود وقالوا له إلى متى تعلق أنفسنا إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهراً 10: 25 أجابهم يسوع إني قلت لكم ولستم تؤمنون الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي). بينما عيسى ع في مرحلة قبل إلقاء القبض كان يجيب على من يسأله على أنه أنت المسيح، وكان أيضاً يجيب أنتم من تقولون بنفس أسلوب المسيح الذي صلب بشكل مبهم، وهذا أيضاً جعلهم محتاريين في أنه هو المسيح الموعود. إنجيل مرقس: (8: 27 ثم خرج يسوع وتلاميذه إلى قرى قيصرية فيلبس وفي الطريق سأل تلاميذه قائلاً لهم من يقول الناس أني أنا 8: 28 فأجابوا يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون واحد من الأنبياء 8: 29 فقال لهم وأنتم من تقولون أني أنا فأجاب بطرس وقال له أنت المسيح 8: 30 فانتهرهم كي لا يقولوا لأحد عنه). ولكن عندما ألقي القبض على المسيح وسألوه هل أنت الملك ؟ لم يجبهم، ولكن عندما سألوه هل أنت المسيح ؟ أجاب بنعم. إنجيل مرقس14: (14: 60 فقام رئيس الكهنة في الوسط وسأل يسوع قائلاً أما تجيب بشيء ماذا يشهد به هؤلاء عليك 14: 61 أما هو فكان ساكتاً لم يجب بشيء فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال له أأنت المسيح ابن المبارك 14: 62 فقال يسوع أنا هو وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة واتيا في سحاب السماء). وهذه من الأمور المهمة التي يجب الالتفات لها من أن عيسى ع لم يعلن لا للتلاميذ ولا لليهود أنه هو المسيح، ولكن كان يترك ذلك الأمر لهم للحكم عليه، وكان كما قلت عندما يقول له أحد التلاميذ أنه هو المسيح ينهرهه بشده ويطلب منه أن لا يذكر ذلك مرة أخرى، ولكن المسيح الذي صلب أقر ذلك لليهود عندما سألوه هل أنت المسيح قال لهم نعم واعترف بذلك، وهذا الأمر يراد به شيء ونستنتج منه أنه لو كان هو عيسى ع الذي ألقي عليه القبض لكان أولى أن يجيب، كما كان يرد على التلاميذ في تلك الفترة التي كان يتحرك فيها بحرية قبل أن يلقى عليه القبض، ولكن هذا الشخص (الشبيه) الذي ألقي عليه القبض كان يريد أن يعرفهم بهذه الحقيقة التي كان لا صلة تربطه معهم؛ لأنه أنزله الله ساعة دعاء نبي الله عيسى ع أن يرفع عنه العذاب، وينطبق عليه أيضاً صفة المسيح التي أعلنها لهم حيث عندما سألوه هل أنت المسيح أجابهم أنا هو، ولكن قال إنه ليس ملكهم الذي كانوا ينتظرون؛ لأن مليكهم هو نبي الله عيسى ع. 8- الخوف من أن يظهروا إيمانهم خوفاً على دنياهم. إنجيل يوحنا 12: (12: 42 ولكن مع ذلك آمن به كثيرون من الرؤساء أيضاً غير أنهم لسبب الفريسيين لم يعترفوا به لئلا يصيروا خارج المجمع 12: 43 لأنهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله). -نبي الله عيسى ع يبكت اليهود: احتج عيسى ع على علماء اليهود فيما يعتقدون به، وبيّن لهم أنهم لم يفهموا معتقدهم بصورة صحيحة، مما ورد إليهم من تلك النصوص وهو يقول لهم إنكم أنكرتم على دعوتي واتهمتموني بما آتاكم من النصوص من أن المسيح ابن نبي الله داود ع ولكن داود ع يدعوا المسيح رباً له وهذا مذكور عندكم كيف تدفعون ذلك من أنه ورد إليكم على أنه ابن له، ومرة إن داود يقول عليه رباً وكان هذا الأمر يسر كثيرين من بني إسرائيل؛ لأنه مذكور لديهم، ولم يلتفتوا إليه هذه من الأساليب التي كان يستخدمها لهدم مفاهيمهم العقائدية ويحتج عليهم بمفاهيم لم يعرفوا لها مصداقاً أو معنى، وهذا الأمر يسر كثيراً من الناس الذين يرون علمائهم لا يستطيعون أن يردوا على ذلك ويبان عجزهم، وبالخصوص للذين عرفوا التناقض في أفعال هؤلاء العلماء. إنجيل مرقس: (12: 35 ثم أجاب يسوع وقال وهو يعلم في الهيكل كيف يقول الكتبة أن المسيح ابن داود 12: 36 لأن داود نفسه قال بالروح القدس قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك 12: 37 فداود نفسه يدعوه رباً فمن أين هو ابنه وكان الجمع الكثير يسمعه بسرور). وورد ذلك الأمر على لسان أحد الرسل في إعلان البشارة من أن داود ع كان ينظر إلى المسيح على أنه رباً له. وورد في أعمال الرسل 2: خطبة بطرس: (2: 25 لأن داود يقول فيه كنت أرى الرب أمامي في كل حين أنه عن يميني لكي لا أتزعزع 2: 26 لذلك سر قلبي وتهلل لساني حتى جسدي أيضاً سيسكن على رجاء 2: 27 لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فساداً 2: 28 عرفتني سبل الحياة وستملاني سروراً مع وجهك). -عيسى ع يعترض على اليهود في كيفية استدلالهم على الحق: إن اليهود بحسب عقيدتهم وما كان متعارفاً عندهم كمعتقد أنهم كانوا لا يعتقدون بشخص إلا إذا أتى بحسب ما يدينون به أو يعتقدون؛ لأن إثبات أعلمية شخص أو قدسيته تكون بطريق مرسوم، فهم يخرجون العلماء والمقدسيين بحسب مناهج يعتقدون أنها حق، وبحسب ما كان يطرحوا معلمو الشريعة، ولهذا فإن عيسى ع عندما أتى بما يخالف منهجهم لذلك فكان هذا سبباً لأن يرفضوه؛ لأنهم إن قبلوه شهدوا على أنفسهم بالضلال، وإن قبلوه كان يجب أن يتخلوا عما هم عليه من مناصب دنيوية مستفادة من تلبسهم بالمعاني القدسية لجلب الناس إليهم والانتفاع منهم من ما يصل من حقوق شرعية، كالعشر الذي كان واجب عليهم، وكذلك النذور التي تأتي إلى الهيكل الذين نصبوا أنفسهم خدماً له، وأول شيء طرحه لهم هو شهادة الذي أرسله وهو الذي أيضاً يشهد لنفسه بحسب الحجة والأدلة التي قدمها دليلاً على صدق دعواه، وها هو يقول لهم إذا كنتم فعلاً تدعون القرب من الله فالله يخبركم عني وهذا يصدقني في دعوتي إليكم. إنجيل يوحنا 5: (5: 43 أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه 5: 44 كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم من بعض والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه 5: 45 لا تظنوا إني أشكوكم إلى الاب يوجد الذي يشكوكم وهو موسى الذي عليه رجاؤكم 5: 46 لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني 5: 47 فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك فكيف تصدقون كلامي). إنجيل يوحنا 8: (8: 13 فقال له الفريسيون أنت تشهد لنفسك شهادتك ليست حقاً 8: 14 أجاب يسوع وقال لهم وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق لأني اعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب وأما أنتم فلا تعلمون من أين آتي ولا إلى أين أذهب 8: 15 أنتم حسب الجسد تدينون أما أنا فلست أدين أحداً 8: 16 وإن كنت أنا أدين فدينونتي حق لأني لست وحدي بل أنا والاب الذي أرسلني 8: 17 وأيضاً في ناموسكم مكتوب أن شهادة رجلين حق 8: 18 أنا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الاب الذي أرسلني 8: 19 فقالوا له أين هو أبوك أجاب يسوع لستم تعرفونني أنا ولا أبي لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً). وإن الأمر الآخر الذي يجب أن يتبعوه في معرفة الحق والاهتداء إليه هو أن يرجعوا إلى فطرتهم وهي الطريق الوحيد الذي يربطهم بالملكوت الذي هو الأمر الأساس في معرفة صاحب الحق، وأخذ يضرب لهم الأمثلة في ذلك من أنهم يجب أن يكونوا كأطفال في فطرتهم وأن معرفة الحق لا تعتمد في قيمة مادية أو قيمة علمية لشخص معين اكتسبها من محيطه. إنجيل لوقا 18: (18: 15 فقدموا إليه الأطفال أيضاً ليلمسهم فلما رآهم التلاميذ انتهروهم 18: 16 أما يسوع فدعاهم وقال دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله 18: 17 الحق أقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله). ويسوع مع الرجل الغني عندما أمره أن يبيع كل ما يملك ويوزع ثمنه على الفقراء لكي يتخلص من المانع الذي يمنعه من ينصر الحق. إنجيل لوقا 18: (18: 22 فلما سمع يسوع ذلك قال له يعوزك أيضاً شيء بع كل ما لك ووزع على الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني 18: 23 فلما سمع ذلك حزن لأنه كان غنياً جداً 18: 24 فلما رآه يسوع قد حزن قال ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله 18: 25 لأن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله 18: 26 فقال الذين سمعوا فمن يستطيع أن يخلص 18: 27 فقال غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله 18: 28 فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك 18: 29 فقال لهم الحق أقول لكم أن ليس أحداً ترك بيتاً أو والدين أو إخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل ملكوت الله 18: 30 إلا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية). إنجيل يوحنا 3: (3: 1 كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيس لليهود 3: 2 هذا جاء إلى يسوع ليلاً وقال له يا معلم نعلم أنك قد أتيت من الله معلماً لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه 3: 3 أجاب يسوع وقال له الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله 3: 4 قال له نيقوديموس كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ العله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد 5:3 أجاب يسوع الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله 3: 6 المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح). وهنا إشارة مهمة هي أن من أراد أن يدخل الملكوت يجب عليه أن تكون ولادته شبيهة بولادته ع من أنه كان سبب ولادته هو الروح، وتأكيده على هذا المعنى في تعليمه إلى التلاميذ والناس في المجتمع من أنه يجب عليكم أن تولدوا من جديد، وولادتكم تكون بإتباع وصاياه وتعاليمه الشريفة لتنالوا البر والإخلاص التي غايته الروح التي تفاض عليكم وتتكفل بإفاضتها ولادة جديدة لكم وحياة جديدة. وأخذ اليهود يرفضون هذه الفكرة عندما تجلت لهم شيئاً فشيئاً، وكانت مطابقة لما بشر به الأنبياء من قبل، وأخذوا يلعنون كل من يؤمن بعيسى ع. إنجيل يوحنا 8: (ورجع الحرس إلى رؤساء الكهنة والفريسين فقال لهم هؤلاء لماذا ما جئتم به ؟ فأجاب الحرس ما تكلم إنسان من قبل مثل هذا الرجل فقال لهم الفريسيون أخدعكم أنتم أيضاً ؟ أرأيتم واحد من الرؤساء والفريسين آمن به ؟ أما هؤلاء العامة من الناس الذين يجهلون الشريعة فهم ملعونون). وأخذوا يطردون كل من يقول أن يسوع هو المسيح كما تقدم. إنجيل يوحنا 9: (لأن هؤلاء اتفقوا على أن يطردوا من المجمع كل من يعترف بأن يسوع هو المسيح). وإن خطأ بني إسرائيل في عدم الإيمان أنهم جعلوا شريعتهم هي الغاية في المعرفة، حتى أنهم أخذوا يحاكمون ولي الله بها، لم يجعلوها طريقاً ودليلاً في معرفة ولي الله، وهذا مفهوم جداً دقيق ولا يفوت الحكيم الذي نور الله قلبه بالإيمان، والإيمان فقط هو الذي يهدي الإنسان أما الشريعة وحدها فغير كافية للاستدلال على ولي الله ومعرفته، لننظر حالهم ومع أنهم يدعون العمل بشريعة موسى هل كانوا مصداقاً حقيقياً لها ؟؟ أبداً هم يقرؤون تلك الشريعة ويعلمونها جيداً لكن أهواءهم ودنياهم تمنعهم من أن يصدقوا بما جاء به عيسى ع. رسالة القديس بولس إلى رومة9: (فماذا نقول ؟ نقول أن الأمم الذين ما سعوا إلى البر تبرروا لكن بالإيمان أما بنو إسرائيل الذين سعوا إلى شريعة غايتها البر فشلوا في بلوغ غاية الشريعة ولماذا ؟ لأنهم سعوا إلى هذا البر بالأعمال التي تفرضها الشريعة لا بالإيمان فصدموا حجر العثرة كما يقول الكتاب ها أنا أضع في صهيون حجر عثرة في طريق الشعب وصخرة سقوط فمن آمن به لا يخيب). المحور الثاني: بيان الحقائق الملكوتية التي أكد عليها وحاول أن يوصلها إليهم وبالخصوص تلامذته. -المسيح ســر: وهذا الأمر المهم في تعليم نبي الله عيسى ع والدور الذي أداه في إعداد التلاميذ والرسل في إعلان البشارة من بعده، وهذا ما قام به الرسل عندما أمروا بالتبليغ من بعد الصلب، ونلاحظ ذلك من أقوالهم التي كانوا يبشرون بها في أقطار الأرض، وهذه الحقيقة العظيمة التي لم تكن خاصة على عهد بعثة نبي الله عيسى ع وإنما هي أصل قديم كان له دور مع الأنبياء من قبل، وإن الأنبياء أيضاً كانوا ممتحنين به ومنهم من طلب من الله سبحانه وتعالى أن يكشف له هذه الحقيقة لكن لم يكشف له أو كشف له بشكل جزئي؛ لأنها حقيقة أعدت لزمان ولأهل سوف تظهر بشكل جلي؛ لأن لهم القدرة على تحمل ذلك الأمر العظيم. إنجيل لوقا10: (10: 24 لأني أقول لكم أن أنبياء كثيرين وملوكاً أرادوا أن ينظروا ما أنتم تنظرون ولم ينظروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا). لأن الحقيقة ومعرفتها هي ما أبتلي به الإنسان عموماً من أنبياء وغيرهم، ولهذا يتفاوت الأنبياء في مقاماتهم بمقدار ما انكشف لهم من تلك الحقيقة، لذلك يتفاخر الأنبياء بهذا وهذا ما بينه النص السابق للإنجيل. وذكر القديس بولس في رسالته إلى كنيسة أفسس أن المسيح سر لم يكشف من قبل للأنبياء والرسل، وكشفه له ومن بعده لرسله وأنبيائه القديسين. رسالة بولس3 إلى كنيسة أفسس: (3: 1 بسبب هذا أنا بولس أسير المسيح يسوع لأجلكم أيها الأمم 3: 2 إن كنتم قد سمعتم بتدبير نعمة الله المعطاة لي لأجلكم 3: 3 إنه بإعلان عرفني بالسر كما سبقت فكتبت بالإيجاز 3: 4 الذي بحسبه حينما تقرأونه تقدرون أن تفهموا درايتي بسر المسيح 3: 5 الذي في أجيال أخر لم يعرف به بنو البشر كما قد أعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح 3: 6 إن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده في المسيح بالإنجيل 3: 7 الذي صرت أنا خادماً له حسب موهبة نعمة الله المعطاة لي حسب فعل قوته 3: 8 لي أنا أصغر جميع القديسين أعطيت هذه النعمة أن أبشر بين الأمم بغنى المسيح الذي لا يستقصى 3: 9 وأنير الجميع في ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح). وهذا يتضح من قصة إيمان بولس بالمسيح بعد أن كان من أشد المعاندين والمحاربين لدعوته والقبض على أنصار المسيح والمؤمنين به إلى أن ظهر له المسيح وتجلى له بذلك النور، وهنا يقصد أنه قد ظهر له ما لم يظهر للأنبياء. رسالة القديس بولس إلى رومة 16: (16: 25 وللقادر أن يثبتكم حسب إنجيلي والكرازة بيسوع المسيح حسب إعلان السر الذي كان مكتوماً في الأزمنة الأزلية 16: 26 ولكن ظهر الآن وأعلم به جميع الأمم بالكتب النبوية حسب أمر الإله الأزلي لإطاعة الإيمان 16: 27 لله الحكيم وحده بيسوع المسيح له المجد إلى الأبد آمين). وهنا يسمي القديس بولس هذا السر حكمة وهي ليست عند الناس حكمة، وإن المؤمن بها له ما لا عين رأت ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر. رسالة القديس بولس إلى كورنثوس 2: (ولكن هناك حكمة نتكلم عليها بين الناضجين في الروح وهي غير حكمة هذا العالم ولا رؤساء هذا العالم وسلطانهم إلى زوال بل هي حكمة الله السرية الخفية التي أعدها قبل الدهور في سبيل مجدنا وما عرفها أحد من رؤساء هذا العالم ولو عرفوها لما صلبوا رب المجد). -حكمة الله: وإن القديس بولس يريد أن يبين في تبشيره أن الله سبحانه سوف يأتي بأنبيائه ورسله على غير الطريق المعروف في ذلك الزمان، والغاية من ذلك التمحيص والاختبار للعباد. قال في رسالته إلى كنيسة كورنثوس3: (فلا يخدع أحد منكم نفسه من كان منكم يعتقد أنه رجل حكيم بمقاييس هذه الدنيا فليكن أحمق ليصير في الحقيقة حكيماً لأن ما يعتبره هذا العالم حكمة هو في نظر الله حماقة). وقال أيضاً في رسالته إلى كورنثوس 1: (ألا أن الله اختار ما يعتبره العالم حماقة ليخزي الحكماء وما يعتبره العالم ضعفاً ليخزي الأقوياء). إنجيل لوقا 10: (10: 21 وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الاب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال نعم أيها الاب لأن هكذا صارت المسرة أمامك). وقال بولس: أن موسى ع لم يكشف ذلك السر. رسالة القديس بولس إلى كنيسة كورنثوس 3: (3: 13 وليس كما كان موسى يضع برقعاً على وجهه لكي لا ينظر بنو إسرائيل إلى نهاية الزائل 3: 14 بل أغلظت أذهانهم لأنه حتى اليوم ذلك البرقع نفسه عند قراءة العهد العتيق باق غير منكشف الذي يبطل في المسيح 3: 15 لكن حتى اليوم حين يقرأ موسى البرقع موضوع على قلبهم 3: 16 ولكن عندما يرجع إلى الرب يرفع البرقع 3: 17 وأما الرب فهو الروح وحيث روح الرب هناك حرية 3: 18 ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح). -عيسى يتكلم بلسان المسيح ع إن عيسى ع كان أحياناً في تعليمه أنه يتكلم باسم تلك الحقيقة المعنى الروحي الكامل الذي يذكره ويصفه عيسى أنه الاب أو الرب، الذي كان الهدف من بعثته أن يرسخ هذه المفاهيم كعقيدة عند اليهود ويقيم عليهم الحجة، وكانت حقيقة ذلك التبشير تبدأ بتجليها عندما يرفع ابن الإنسان وهو يشير إلى مصير الصلب الذي سيتعرض له المسيح ويكون هذا داعياً للتساؤل عند الناس عموماً ليجدوا حلاً وترابطاً بين ما مذكور في شريعتهم التي أتت من نبي الله موسى ع، وبين تحقق الواقع من صلب المسيح بدل من أن يملك وعندما يملك يبقى معهم إلى الأبد، وهذا الذي أقرته الشريعة حيث ثبت لديهم أن المسيح إذا أتى فإنه يملك إلى الأبد ولكن الواقع مغاير، حيث رفع عيسى ع واقعاً وصلب المسيح الموعود الذي ذكر عندهم أنه يأتي بطريق غيبي غير معروف بالنسبة لليهود، ولهذا لم يتحقق النص بحسب ما ورد إليهم أن المسيح يملك وملكه يدوم، وهذا الأمر في الحقيقة مؤجل إلى أن يبعث المسيح الموعود الملك المعنى عندهم في تلك النصوص (الملك إلى الأبد) المذكور عندهم أن ملك بني إسرائيل ليس الذي صلب وإن الذي صلب هو الشبيه، أو يكون المعنى أن الذي يملك ويحقق العدل الإلهي هو الشبيه الذي يبعث في آخر الزمان، وهذا ينطبق عليه النصوص الشرعية باعتبار أنه أيضاً يطلق عليه صفة المسيح؛ لأنه هو المصلوب. إنجيل يوحنا 8: (8: 26 إن لي أشياء كثيرة أتكلم وأحكم بها من نحوكم لكن الذي أرسلني هو حق وأنا ما سمعته منه فهذا أقوله للعالم 8: 27 ولم يفهموا أنه كان يقول لهم عن الاب 8: 28 فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئاً من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي). إنجيل يوحنا 8: (8: 54 أجاب يسوع إن كنت أمجد نفسي فليس مجدي شيئاً أبي هو الذي يمجدني الذي تقولون أنتم إنه إلهكم 8: 55 ولستم تعرفونه وأما أنا فاعرفه وإن قلت إني لست أعرفه أكون مثلكم كاذباً لكني أعرفه وأحفظ قوله 8: 56 أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح 8: 57 فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد أفرأيت إبراهيم 8: 58 قال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن 8: 59 فرفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا). إن عيسى ع يبين الحقائق الغيبية ويكشف شيئاً من تلك الحقيقة في رحلة إعلان رسالته، منها: أنه كائن قبل النبي إبراهيم، وهذا الكون لتك الحقيقة التي تجلى بها هو وأصبح صورة لها وإلا كيف يصدق عليه ذلك وهو مولود في زمان معين، ويذكر ذلك في مورد آخر على أنه بعد الرفع سيكون هناك نور ويبقى ذلك النور ويأمر أتباعه بإطاعته والسير فيه لكي لا تدركهم الظلمة. إنجيل يوحنا 12: (12: 34 فأجابه الجمع نحن سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد فكيف تقول أنت أنه ينبغي أن يرتفع ابن الإنسان من هو هذا ابن الإنسان 12: 35 فقال لهم يسوع النور معكم زماناً قليلاً بعد فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب 12: 36 ما دام لكم النور امنوا بالنور لتصيروا أبناء النور تكلم يسوع بهذا ثم مضى واختفى عنهم). وإن عيسى ع تكلم بلسان ذلك النور الذي أوصاهم أن يتمسكوا به بعد أن يرفع. إنجيل يوحنا 8: (8: 12 ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة). الذي مع عيسى ع وهو مخلوق منذ القدم وكان مع الأنبياء روحاً. رسالة القديس بطرس الرسول الأولى: (1: 10 الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلكم 1: 11 باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم إذ سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها 1: 12 الذين أعلن لهم أنهم ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أخبرتم بها أنتم الآن بواسطة الذين بشروكم في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها). رسالة القديس بطرس الرسول الأولى: (وإذا كنتم تدعون الله أباً وهو الذي يدين من غير محابات كل واحد على قدر أعماله فعيشوا مدة غربتكم في مخافته عارفين أنه افتداكم من سيرتكم الباطلة التي ورثتموها من آبائكم لا بالفاني من الفضة أو الذهب بل بدم كريم دم الحمل الذي لا عيب فيه ولا دنس دم المسيح وكان الله اختاره قبل إنشاء العالم ثم تجلى من أجلكم في الأزمنة الأخيرة وهو الذي جعلكم تؤمنون بالله الذي أقامه من بين الأموات ووهبه المجد فأصبح الله غاية إيمانكم ورجائكم). رسالة القديس بولس إلى كورنثوس 10: (فلا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة أن آبائنا كانوا كلهم تحت السحابة وكلهم عبروا البحر وكلهم تعمدوا لموسى في السحابة وفي البحر وكلهم أكلوا طعاماً روحياً واحداً وكلهم كانوا يشربون شراباً روحياً واحداً من صخرة روحية ترافقهم وهذه الصخرة هي المسيح ومع ذلك فما رضي الله عن أكثرهم فسقطوا أمواتاً في الصحراء). * * * -حجر الزاوية هو المسيح: رسالة القديس بولس إلى كنيسة أفسس: (2: 19 فلستم إذاً بعد غرباء ونزلاً بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله 2: 20 مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية 2: 21 الذي فيه كل البناء مركباً معاً ينمو هيكلاً مقدساً في الرب 2: 22 الذي فيه أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح). رسالة القديس بطرس: (2: 3 إن كنتم قد ذقتم أن الرب صالح 2: 4 الذي إذ تأتون إليه حجراً حياً مرفوضاً من الناس ولكن مختار من الله كريم 2: 5 كونوا أنتم أيضاً مبنيين كحجارة حية بيتاً روحياً كهنوتا مقدساً لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح 2: 6 لذلك يتضمن أيضاً في الكتاب هاأنذا أضع في صهيون حجر زاوية مختاراً كريماً والذي يؤمن به لن يخزى 2: 7 فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة وأما للذين لا يطيعون فالحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية 2: 8 وحجر صدمة وصخرة عثرة الذين يعثرون غير طائعين للكلمة الأمر الذي جعلوا له). * * * -عيسى ع نبي من الأنبياء: إن يسوع المسيح ع نبي من الأنبياء وهذا بشهادة كل الذين آمنوا به ورأوا الآيات والمعجزات التي أتى بها. فالمعلوم لدى كل عاقل أن من الأمور تكون أوثق كلما كان النقل أقرب إلى زمان الحدث، فكيف بالذين عاشوا في صلب الحدث ومنهم الذين عاصروا دعوة يسوع المسيح ع، فهم أدرى وأعلم من الذين آمنوا بيسوع بعد زمان بعيد عن زمان ظهوره، أن أؤلئك لم ينسبوا إلى يسوع أي صفة من الصفات التي ظهرت متأخرة مثل أنه إله متجسد، واذكر نصوصاً من الإنجيل تبين أن اؤلئك كانوا ينظرون إلى يسوع على أنه نبي من الأنبياء. إنجيل متى 21: 11: (فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: "هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ"). إنجيل متى 21: 46: (وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ، خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ). إنجيل مرقس 6: 4: (فقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: "لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ"). إنجيل مرقس 6: 15: (قَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ إِيلِيَّا». وَقَالَ آخَرُونَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ أَوْ كَأَحَدِ الأَنْبِيَاءِ إنجيل مرقس 8: 28: (فَأَجَابُوا: "يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ. وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ: وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ"). إنجيل لوقا 7: 39: (فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلاً: "لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ"). إنجيل لوقا 9: 19: (فَأَجَابُوا وَقَالوا: "يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ. وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ: إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَامَ"). إنجيل لوقا 24: 19: (فَقَالَ لَهُمَا: "وَمَا هِيَ ؟" فَقَالاَ: "الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ). إنجيل يوحنا 6: 14: (فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: "إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ" !). إنجيل يوحنا 7: 40: (فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هذَا الْكَلاَمَ قَالُوا: "هذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ"). سفر أعمال الرسل 3: 22: (فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ). سفر أعمال الرسل 7: 37: (هذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ). بالإضافة إلى ذلك إن يسوع قال إني ذاهب إلى إلهي وإلهكم أنتم، أي لا فرق بيني وبينكم حيث إلهنا واحد، فهو ينسب الإلوهية إلى غيره وهو صاعد إليه كما في النص الآتي: إنجيل يوحنا 20: 17: (قَالَ لَهَا يَسُوعُ: "لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ"). إنجيل يوحنا 1: 12: (وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ). * * * -المرحلة الثانية: بعد إلقاء القبض على المسيح ع وقيامته من بين الأموات. وهذه المرحلة مهمة؛ لأن فيها ملابسات كثيرة واختباراً حقيقياً للذين آمنوا بنبي الله عيسى ع؛ لأنه سبق أن أخبرهم أن المسيح سيلقى القبض عليه وسيصلب ويقوم من بين الأموات وحيرة التلاميذ بذلك الأمر؛ لأن المنصوص إن المسيح يبقى معهم فكيف يرفع ؟ وما هو المعنى من ذلك باعتبار هو المسيح الموعود ؟ ولذلك فإن التلاميذ كانوا قد أنكروا معرفة المسيح بعد أن قام من بين الأموات ولم يتعرفوا عليه، وهذا إنما يدل على أن الذي قام من بين الأموات والذي ألقي القبض عليه هو غير عيسى ع، وبدليل عدم معرفتهم له في ظهوره المتكرر من قبلهم إلا بعد أن يخبرهم هو أو يعمل عملاً يذكّرهم بما كان عيسى ع يؤدية في تعليمه، وإن جل أمر عيسى ع في الأيام القلائل التي أعلن فيها رسالته يريد أن يبين شيئاً من تلك الحقيقة التي قال وأمر التلاميذ بإتباعها، والتي أطلق عليها النور الذي يبقى بعد أن يرفع، وكان صعب على التلاميذ أو الذين آمنوا به قبول ذلك فضلاً عن علماء اليهود، لذلك فهم لم يتعرفوا عليه عندما قام من بين الأموات. لو قلنا أنهم لم يتعرفوا عليه من أثر ما لاقى من التعذيب، وإن هناك أموراً حصلت غيرت من ملامحه، نلاحظ أن الذين أنكروا عليه ولم يتعرفوا عليه هم التلاميذ أي الحواريين، ومنهم وصيه سمعان بطرس، وإن عيسى ع كان في تعليمه في المرحلة الأولى قبل إلقاء القبض على المسيح كان يعلمهم المعاني الروحية، ولهذا كان يجب أن لا ينكروا على المسيح الذي صلب معرفته وإلا فإنهم سيفشلون في أبسط اختبار وهو معرفة ولي الله الذي يكون أثره واضحاً عند من أخذ أبسط المبادئ الروحية وعمل بها. وكان من تعليم عيسى ع ما أخبر به تلاميذه من أنهم سوف يرونه بعد صلبه حياً وتنكشف لهم حقيقة المسيح ع. إنجيل يوحنا 14: (14: 18 لا أترككم يتامى إني آتي إليكم 14: 19 بعد قليل لا يراني العالم أيضاً وأما أنتم فترونني إني أنا حي فأنتم ستحيون 14: 20 في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم فيّ وأنا فيكم 14: 21 الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي). إنجيل مرقس 14: (14: 27 وقال لهم يسوع إن كلكم تشكون في هذه الليلة لأنه مكتوب إني أضرب الراعي فتتبدد الخراف 14: 28 ولكن بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل). وكان أول ظهور له بعد الصلب بعد ثلاثة أيام لمريم المجدلية، وأن مريم لم تعرفه وأنكرت في بادئ الأمر إلا أنه بين لها أنه هو المسيح. إنجيل يوحنا 20: (20: 11 أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجاً تبكي وفيما هي تبكي انحنت إلى القبر 20: 12 فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحداً عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعاً 20: 13 فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين قالت لهما إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه 20: 14 ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفاً ولم تعلم أنه يسوع 20: 15 قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين من تطلبين فظنت تلك أنه البستاني فقالت له يا سيد إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه 20: 16 قال لها يسوع يا مريم فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلم 20: 17 قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم 20: 18 فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وأنه قال لها هذا). إنجيل مرقس 16: (16: 12 وبعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لأثنين منهم وهما يمشيان منطلقين إلى البرية 16: 13 وذهب هذان وأخبرا الباقين فلم يصدقوا ولا هذين). نفس المعنى ينقله لوقا ولكن بتفصيل أكثر: من أن التلاميذ لم يتعرفوا عليه ساعة ظهوره لهم. إنجيل لوقا 24: (24: 13 وإذا اثنان منهم كانا منطلقين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة عن أورشليم ستين غلوة اسمها عمواس 24: 14 وكانا يتكلمان بعضهما مع بعض عن جميع هذه الحوادث 24: 15 وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما 24: 16 ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته 24: 17 فقال لهما ما هذا الكلام الذي تتطارحان به وأنتما ماشيان عابسين 24: 18 فأجاب أحدهما الذي اسمه كليوباس وقال له هل أنت متغرب وحدك في أورشليم ولم تعلم الأمور التي حدثت فيها في هذه الأيام 24: 19 فقال لهما وما هي فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب 24: 20 كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت وصلبوه 24: 21 ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل ولكن مع هذا كله اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك 24: 22 بل بعض النساء منا حيرننا إذ كن باكراً عند القبر 24: 23 ولما لم يجدن جسده أتين قائلات إنهن رأين منظر ملائكة قالوا إنه حي 24: 24 ومضى قوم من الذين معنا إلى القبر فوجدوا هكذا كما قالت أيضاً النساء وأما هو فلم يروه 24: 25 فقال لهما أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء 24: 26 أما كان ينبغي إن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده 24: 27 ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب 24: 28 ثم اقتربوا إلى القرية التي كانا منطلقين إليها وهو تظاهر كأنه منطلق إلى مكان أبعد 24: 29 فألزماه قائلين امكث معنا لأنه نحو المساء وقد مال النهار فدخل ليمكث معهما 24: 30 فلما اتكأ معهما أخذ خبزاً وبارك وكسر وناولهما 24: 31 فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما 24: 32 فقال بعضهما لبعض ألم يكن قلبنا ملتهباً فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب 24: 33 فقاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم 24: 34 وهم يقولون إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان 24: 35 وأما هما فكانا يخبران بما حدث في الطريق وكيف عرفاه عند كسر الخبز 24: 36 وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم 24: 37 فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً 24: 38 فقال لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم 24: 39 انظروا يدي ورجلي إني أنا هوجسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي 24: 40 وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه 24: 41 وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبين قال لهم أعندكم ههنا طعام 24: 42 فناولوه جزءاً من سمك مشوي وشيئاً من شهد عسل 24: 43 فأخذ و أكل قدامهم 24: 44 وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير 24: 45 حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب 24: 46 وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث). -استدلال توما على أنه المسيح الذي صلب: عندما ظهر يسوع إلى التلاميذ الأحد عشر كان توما أحد التلاميذ لم يكن موجوداً، وعندما أخبروه إن المسيح كان عندهم وظهر لهم، فقال: أصدق إذا رأيت أثر المسامير في يديه. إنجيل يوحنا20: (20: 24 أما توما أحد الاثني عشر الذي يقال له التوام فلم يكن معهم حين جاء يسوع 20: 25 فقال له التلاميذ الآخرون قد رأينا الرب فقال لهم إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن 20: 26 وبعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضاً داخلاً وتوما معهم فجاء يسوع والأبواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم 20: 27 ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً 20: 28 أجاب توما وقال له ربي وإلهي 20: 29 قال له يسوع لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا). وظهر يسوع مرة أخرى إلى سبعة من تلاميذه وأيضاً ما عرفوه. إنجيل يوحنا21: (21: 4 ولما كان الصبح وقف يسوع على الشاطئ ولكن التلاميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع 21: 5 فقال لهم يسوع يا غلمان ألعل عندكم إداماً أجابوه لا 21: 6 فقال لهم القوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا فألقوا ولم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك 21: 7 فقال ذلك التلميذ الذي كان يسوع يحبه لبطرس هو الرب فلما سمع سمعان بطرس أنه الرب اتزر بثوبه لأنه كان عرياناً وألقى نفسه في البحر 21: 8 وأما التلاميذ الآخرون فجاءوا بالسفينة لأنهم لم يكونوا بعيدين عن الأرض إلا نحو مأتي ذراع وهم يجرون شبكة السمك 21: 9 فلما خرجوا إلى الأرض نظروا جمراً موضوعاً وسمكاً موضوعاً عليه وخبزاً 21: 10 قال لهم يسوع قدموا من السمك الذي أمسكتم الآن 21: 11 فصعد سمعان بطرس وجذب الشبكة إلى الأرض ممتلئة سمكاً كبيراً مئة وثلاثاً وخمسين ومع هذه الكثرة لم تتخرق الشبكة 21: 12 قال لهم يسوع هلموا تغدوا ولم يجسر أحد من التلاميذ أن يسأله من أنت إذ كانوا يعلمون أنه الرب 21: 13 ثم جاء يسوع وأخذ الخبز وأعطاهم وكذلك السمك 21: 14 هذه مرة ثالثة ظهر يسوع لتلاميذه بعدما قام من الأموات). وظهر آخر مرة قبل رفعه وهذا الرفع للمسيح الذي صلب. إنجيل مرقس 16: (16: 14 أخيراً ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام 16: 15 وقال لهم اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها 16: 16 من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن 16: 17 وهذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بالسنة جديدة 16: 18 يحملون حيات وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون). ثم بعد هذه المشاهدة التي كانت آخر ظهور له. مرقس 16: (16: 19 ثم إن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله 16: 20 وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة آمين). وهذا ما ذكر في إنجيل يوحنا ولوقا وإنجيل مرقس، أما إنجيل متى ذكر ذلك؛ لأن التلاميذ كانوا قد وعدهم المسيح أنه سيلقيهم في الجليل، وأمرهم بالذهاب إلى هناك ولكن لما رأوه سجدوا له وعندهم شكوك في أنه هو المسيح. متى 28: (وذهب الأحد عشر تلميذاً إلى الجليل الذي أخبرهم يسوع أن يذهبوا إليه 17 وعندما رأوه سجدوا له مع أنه كانت لذي بعضهم شكوك). لذلك فأن الأناجيل مجمعة على أن المسيح من بعد أن قام من بين الأموات لم يتعرفوا عليه التلاميذ إلا أن يخبرهم هو أو يعمل لهم آية تذكرهم بما كان يفعل عيسى ع قبل أن يلقى القبض على المسيح ع. أذكر شيئاً من ما كتبه السيد أحمد الحسن ع ويوضح حقيقة المصلوب ومعنى صرخته الأخيرة قبل أن يسلم الروح: (وعيسى ع لم يصلب ولم يقتل، بل رُفع فنجاه الله من أيدي اليهود وعلمائهم الضالين المضلين (لعنهم الله)، قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾. وفي الرواية في تفسير علي بن إبراهيم، عن أبي جعفر ع، قال: (إن عيسى ع وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً، فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال إن الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي ؟ قال شاب منهم: أنا يا روح الله قال فأنت هُوَ ذا … ثم قال ع: إن اليهود جاءت في طلب عيسى ع من ليلتهم … وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ع فقتل وصلب) ([42]). فالإمام الباقر ع يقول: (اجتمع اثنا عشر)، بينما الذين جاءوا من الحواريين هم (أحد عشر)، فيهوذا لم يأتي، بل ذهب إلى علماء اليهود ليسلم عيسى ع، وهذا من المتواترات التي لا تنكر، فالثاني عشر الذي جاء أو قل الذي نزل من السماء، هو الوصي من آل محمد ص، الذي صُلِبَ وقـُتِلَ، بعد أن شُبـِهَ بصورة عيسى ع. وكانت آخر كلمات هذا الوصي عند صلبه هي: (إيليا ، إيليا لما شبقتني)، وفي إنجيل متى: (… صرخ يسوع بصوت عظيم إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي، إلهي لماذا تركتني. فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا، قالوا: إنه ينادي إيليا … وأما الباقون فقالوا أترك لنرى هل يأتي إيليا يخلصه. فصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت… )([43]) انتهى. والحقيقة إن ترجمة الكلمات التي قالها هكذا: (يا علي يا علي لماذا أنزلتني)، والنصارى يترجمونها هكذا (إلهي، إلهي لماذا تركتني) كما تبين لك من النص السابق من الإنجيل. والإنزال أو الإلقاء في الأرض من السماء قريب من الترك. ولم يقل هذا الوصي هذه الكلمات جهلاً منه بسبب الإنزال، أو اعتراضاً على أمر الله سبحانه وتعالى، بل هي سؤال يستبطن جوابه، وجهه إلى الناس: أي افهموا واعرفوا لماذا نزلتُ ولماذا صلبتُ، ولماذا قتلتُ، لكي لا تفشلوا في الامتحان مرة أخرى إذا أعيد نفس السؤال، فإذا رأيتم الرومان (أو أشباههم) يحتلون الأرض، وعلماء اليهود (أو أشباههم) يداهنونهم، فسأكون في تلك الأرض فهذه سنة الله التي تتكرر، فخذوا عبرتكم وانصروني إذا جئت ولا تشاركوا مرة أخرى في صلبي وقتلي. كان يريد أن يقول في جواب السؤال (البيَّن لكل عاقل نقي الفطرة): صُلبتُ وتحملتُ العذاب وإهانات علماء اليهود، وقـُتلتُ لأجل القيامة الصغرى، قيامة الإمام المهدي ع، ودولة الحق والعدل الإلهي على هذه الأرض. وهذا الوصي عندما سأله علماء اليهود والحاكم الروماني: هل أنت مَلِك اليهود ؟ كان يجيب: أنت قلت، أو هم يقولون، أو أنتم تقولون، ولم يقل: نعم، جواب غريب على من يجهل الحقيقة، ولكنه الآن توضح. فلم يقل: نعم؛ لأنه ليس هو مَلِك اليهود، بل عيسى ع الذي رفعه الله، وهو الشبيه الذي نزل ليُصلب ويُقتل بدلاً عن عيسى ع) انتهى كلام السيد أحمد الحسن ع ([44]). * * * -عودة إرساله مرة أخرى عيسى ع يبعث بالجسد: يجب أن نفهم بعد ما تبين أن هناك شخصيتين قد تجسدت في زمان رسالة عيسى ع، هو عيسى ع المولود في ذلك الزمان والأخرى المسيح الذي صلب ع الذي كان يقول إني لست من هذا العالم سيأتي في زمانه، أي زمان حجيته وتكليفه ويبعث مرة أخرى ليكون أنصاره حوله كما ذكر، وكذلك عودة إرسال عيسى ع التي هي من المتواترات في المعتقدات الإسلامية وكذلك النصرانية، ففي المعتقد الإسلامي أنه يرجع بجسده، وفي المعتقد النصراني أنه لا يرجع بجسد وإنما يبعث روح القدس عنه. والنصارى يعتقدون أنه نال مقام اللاهوت المطلق فله كل ما لله من حقيقة، ويستدلون بعدة أمور، منها: أنه يحي الموتى، ويشفي المرضى، ويبعد الشياطين، وغيرها من الآيات التي أتى بها عيسى ع، وهذه الأمور هي عادة مرافقة لكل دعوة نبي ولا تكاد تخلو منها أي دعوة لنبي من الأنبياء. لذلك فإن ادعاءهم أنه هو اللاهوت المطلق بهذه الأدلة ثابت البطلان بنصوص الإنجيل الواضحة التي لا تقبل التاؤيل. منها: أنه يأتي بالجسد في عودة إرساله مرة أخرى، بل إن كل من لم يؤمن بأنه يأتي بالجسد فهو دجال. رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية: (ففي العالم كثير من المضللين وفيهم من لا يعترف بمجيء يسوع المسيح في الجسد هذا هو المضل والمسيح الدجال، فكونوا على حذر لئلا تخسروا ثمرة أعمالنا بل لتنالوا ثواباً كاملاً، ومن تطاول وما ثبت على تعليم المسيح فلا يكون الله له، ومن ثبت على تعليم المسيح فله الاب والابن معاً، إذا جاءكم أحد بغير هذا التعليم فلا تقبلوه عندكم ولا تقولوا له السلام عليك من سلم عليه شاركه في أعماله السيئة). وهذه إشارة واضحة على بعثه بحسده وبطلان زعمهم على أنه إله، وأنه سيبعث لهم رسولاً منه وهذا الرسول وصفه مرة على أنه ابن الإنسان كما في النص الآتي: إنجيل مرقس 8: (38 لأن كل من يخجل بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ سيخجل به ابن الإنسان حين يأتي في مجد أبيه مع ملائكته المقدسين). فكلام عيسى ع واضح في أن (ابن الإنسان) غير عيسى بن مريم، وإنه يأتي في مجد أبيه، أي داعياً وطالباً لمجد أبيه لا مجده هو. -المعزي يرسله عيسى ع: إنجيل يوحنا 26: (26: 14 وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم). إنجيل يوحنا 14: (14: 16 وأنا أطلب من الاب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد 14: 17 روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم). هناك أدلة تدل على عودة يسوع المسيح الذي صلب مرة ثانية، وكان هذا من الأمور العقائدية في تلك الفترة، بحيث أخذ هذا المعنى يترسخ عند الناس من خلال تعليم عيسى ع وكذلك ما جرى للشبيه وعلاقته مع عيسى ع أثناء تعليمه وتبشيره بيسوع المسيح الرب، الرب الذي سدد عيسى ع وهو مقام كان يمثله الشبيه، وأبو الرب هو الذي يكون الشبيه من نسله والذي أرسل يسوع المسيح مخلصاً، فهم يعتقدون بأن المسيح هو المخلص لكنهم وقعوا في شبهة، هل أن هذا الذي على الصليب هو المقصود - أي المخلص - أم لا ؟ -الرسالة إلى العبرانيين وكما أن مصير البشر أن يموتوا مرة واحدة وبعد ذلك الدينونة، فكذلك المسيح قدم نفسه مرة واحدة ليزيل خطايا الكثير من الناس، وسيظهر ثانية لا لأجل الخطيئة، بل لخلاص الذين ينتظرونه. أعمال الرسل3: (أنا أعرف أيها الإخوة أن ما فعلتم أنتم ورؤساؤكم بيسوع كان عن جهل فأتم الله ما أوحى إلى جميع أنبيائه وهو أن مسيحه سيتألم فتوبوا وارجعوا تغفر خطاياكم فتجيء أيام الفرج من عند الرب حين يرسل إليكم المسيح الذي سبق أن عينه لكم أي يسوع الذي يجب أن يبقى في السماء إلى أن يجيء زمن تجديد كل شيء مثلما أعلن الله من قديم الزمان بلسان أنبيائه الأطهار). إنجيل مرقس13: (وفي ذلك الحين يرى الناس ابن الإنسان آتياً في السحاب بكل عزة وجلال فسيرسل ملائكته إلى الجهات الأربع ليجمعوا مختاريه من أقصى الأرض إلى أقصى السماء). رسالة القديس بولس إلى رومة: (وقال أشعيا سيظهر فرع من أصل يسى يقوم ليسود الأمم وعليه يكون رجاء الشعوب). وهذا النص يدل على نسبة النسبية للقادم أنه له أصول وجذور تربطه بيسى الذي هو أبي نبي الله داود، ويحكم العالم ويحقق أمل الشعوب ويرفع عنهم الاصار والظلم الذي ألمّ بهم. رسالة القديس بولس إلى فيلي 3: (إن هناك جماعة كثيرة تسلك في حياتها سلوك أعداء صليب المسيح هؤلاء عاقبتهم الهلاك وإلههم بطنهم ومجدهم عارهم وهمهم أمور الدنيا أما نحن فوطننا في السماء ومنها ننتظر بشوق مجيء مخلصنا الرب يسوع المسيح فهو الذي يبدل جسدنا الوضيع فيجعله على صورة جسده المجيد بما له من قدرة يخضع بها كل شيء). * * * -ساعة الظهور لا يعلمها إلا الاب إنجيل متى 24: (24: 36 وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلا أبي وحده 24: 37 وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان 24: 38 لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك 24: 39 ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان). ولكن هناك علامات يمكن أن يستدل بها على الظهور. -علامات الظهور: إنجيل متى 24: (24: 3 وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين قل لنا متى يكون هذا وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر 24: 4 فأجاب يسوع وقال لهم انظروا لا يضلكم أحد 24: 5 فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين 24: 6 وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب انظروا لا ترتاعوا لأنه لابد أن تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد 24: 7 لأنه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن 24: 8 ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع 24: 9 حينئذ يسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الأمم لأجل اسمي 24: 10 وحينئذ يعثر كثيرون ويسلمون بعضهم بعضاً ويبغضون بعضهم بعضاً 24: 11 ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين 24: 12 ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين 24: 13 ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص). أولاً: نجاسة الخراب أمريكا ومن العلامات التي أخبر عنها يسوع ع أمريكا عندما تسود العالم ويظهر فسادها فيه ويعم الخراب العالم من جراء أعمالها. إنجيل متى 24: (24: 15 فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس). والمكان المقدس هي مقدسات الإسلام ومحورها النجف وكربلاء، وهو المشرق بالنسبة إلى مقدسات الإسلام الأخرى كالمسجد الحرام والمسجد النبوي في السعودية وبيت المقدس في فلسطين. يكون أول الظهور في المشرق ثم يعم النور ليشمل الجهات الغربية من تلك المقدسات الإسلامية في رحلة إقامة دولة العدل الإلهي. إنجيل متى 24: (24: 27 لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان). ثانياً: الصيحة في السماء وورد في معنى الصيحة وكيفية وقوعها من أن الملائكة تنادي بالظهور، الغاية منها إلى اجتماع الأنصار من الملائكة والإنس والجن وكمال الحلقات لنصرة القائم. إنجيل متى 24: (24: 29 وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع 24: 30 وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير 24: 31 فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السماوات إلى أقصائها). وفي ذلك إشارة إلى الصيحة السماوية قبل إعلان الظهور. ثالثاً:الرؤيا وكذلك من علامات آخر الزمان الرؤى، وهي لها علاقة بالصيحة وعلاقة وثيقة بالظهور؛ لأنها أحد الطرق الموصلة إلى المعرفة بولي الله، وهي شهادة مقدسة من عالم الملكوت الذي لا يمكن أن يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه؛ لأنه لا وجود للشيطان في تلك العوالم. أعمال الرسل: خطبة بطرس: (وما هذا إلا ما قاله النبي يوئيل قال الله في الأيام الأخيرة أفيض من روحي على جميع البشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً وعلى عبيدي رجالاً ونساء أفيض من روحي في تلك الأيام فيتنبأون كلهم وأعمل عجائب فوق في السماء ومعجزات تحت في الأرض يكون دم ونار ودخان كثيف وتصير الشمس ظلاماً والقمر دماً قبل أن يجيء اليوم البهي العظيم يوم الرب). رابعاً: فساد العالم ودماره (21: 20 ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فحينئذ اعلموا أنه قد اقترب خرابها 21: 21 حينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال والذين في وسطها فليفروا خارجاً والذين في الكور فلا يدخلوها 21: 22 لأن هذه أيام انتقام ليتم كل ما هو مكتوب 21: 23 وويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام لأنه يكون ضيق عظيم على الأرض وسخط على هذا الشعب 21: 24 ويقعون بفم السيف ويسبون إلى جميع الأمم وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل أزمنة الأمم 21: 25 وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم وعلى الأرض كرب أمم بحيرة البحر والأمواج تضج 21: 26 والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة لأن قوات السماوات تتزعزع). من العلامات الأخرى للظهور هي أن يعاني كل من ينادي باسم القائم (المسيح) من بغض الناس له وكرههم ويقتلون ويشردون ويسجنون، وهذه سنة جرت على الأنبياء وتعود في زمان الظهور. إنجيل يوحنا 7: (أنتم لا يبغضكم العالم ولكنه يبغضني لأني أشهد على فساد أعماله). وظهور رجل المعصية (ابن الهلاك) والفساد العقائدي، ومن إفرازات ذلك الانحراف العقائدي أن يظهر من يدعي الإلوهيه ويحاول إثبات ذلك إلى الناس. رسالة القديس بولس إلى تسالونيكي 2: (لا يخدعكم أحد بشكل من الأشكال فيوم الرب لا يجيء إلا بعد أن يسود الكفر ويظهر رجل المعصية ابن الهلاك والعدو الذي يرفع نفسه فوق كل ما يدعوه الناس إلهاً أو معبوداً فيجلس في هيكل الله ويحاول أن يثبت أنه إله). إنجيل يوحنا 16: (قلت لكم هذا الكلام لئلا يضعف إيمانكم وسيطردونكم من المجامع بل تجيء ساعة يظن فيها من يقتلكم إنه يؤدي فريضة لله وهم يعملون ذلك لأنهم لا يعرفون أبي ولا يعرفوني أقول لكم هذا حتى إذا جاءت الساعة تتذكرون إني قلته لكم). -المسيح الدجال سييظهر المسيح الدجال وأنبياء كذبة في زمن الظهور، ولكن كيف سيعرف الناس ويميزون بين الروح التي من الله والروح التي لا تكون من الله وهي روح المسيح الدجال ؟ إنجيل يوحنا 4: (أيها الأحباء لا تصدقون كل روح بل امتحنوا الأرواح لتروا هل هي من الله لأن الكثير من الأنبياء الكذابين جاؤوا إلى العالم وأنتم تعرفون روح الله بهذا وكل روح يعترف بيسوع المسيح أنه جاء في الجسد يكون من الله وكل روح لا يعترف بيسوع لا يكون من الله بل يكون روح المسيح الدجال الذي سمعتم أنه سيجيء وهو الآن في العالم. يا أبنائي أنتم من الله وغلبتم الأنبياء الكذابين لأن الله الذي فيكم أقوى من إبليس الذي في العالم هم يتكلمون بكلام العالم فيسمع لهم العالم لأنهم من العالم نحن من الله فمن يعرف الله يسمع لنا وبذلك نعرف روح الحق من روح الضلال). رسالة القديس يوحنا الرسول الثانية: (ففي العالم كثير من المضللين وفيهم من لا يعترف بمجيء يسوع المسيح في الجسد هذا هو المضل والمسيح الدجال فكونوا على حذر لئلا تخسروا ثمرة أعمالنا بل لتنالوا ثواباً كاملاً ومن تطاول وما ثبت على تعليم المسيح فلا يكون الله له ومن ثبت على تعليم المسيح فله الاب والابن معاً إذا جاءكم أحد بغير هذا التعليم فلا تقبلوه عندكم ولا تقولوا له السلام عليك من سلم عليه شاركه في أعماله السيئة). وكذلك ورد في معنى الدجال الذي ينكر أن يسوع هو المسيح: رسالة يوحنا 2: (يا بني، إنها الساعة الأخيرة. سمعتم بأن مسيحاً دجالاً آت وكثير من المسحاء الدجالين حاضرون الآن. من ذلك نعرف إن هذه الساعة هي الأخيرة. من عندنا خرجوا ولم يكونوا منا فلو كانوا منا لأقاموا معنا. ولكن حدث ذلك لكي يتضح أنهم جميعاً ليسوا منا. أما أنتم فقد قبلتم المسحة من القدوس وتعرفون جميعاً لم أكتب إليكم أنكم لا تعرفون الحق بل أنكم تعرفونه وأنه ما من كذبة تأتي من الحق. من الكذاب إن لم يكن ذاك الذي ينكر أن يسوع هو المسيح ؟ هذا هو المسيح الدجال ذلك الذي ينكر الاب والابن. كل من أنكر الابن لم يكن الاب معه. من شهد للابن كان الاب معه). نهاية الأمر الملك إلى القائم (المسيح). -انتقام القائم (المسيح) يوم الظهور لذلك من علائم الظهور أن الممهد الذي سيعلن الظهور هو المسيح الذي صلب، أي شبيه عيسى ويكون رسولاً من عيسى ع، وهو الذي يهيئ ويمكن له في الأرض ويجمع الأنصار الذين وعدوا أن يظهروا معه في ذلك الزمان، وهو الموعود بالنصر من الله العلي القدير. رسالة القديس بولس إلى تسالونيكي: (حتى إننا نفتخر بكم في كنائس الله لما أنتم عليه من الصبر والإيمان في كل ما تتحملونه من الاضطهاد والشدائد وفي ذلك دليل على حكم الله العادل أن تكونوا أهلاً لملكوت الله الذي في سبيله تتألمون فمن العدل عند الله أن يجازي بالضيق الذين يضايقونكم وأن يجازيكم معنا بالراحة على ما تتحملونه الآن من الضيق عند ظهور الرب يسوع من السماء مع ملائكة جبروته في نار ملتهبة لينتقم من الذين لا يعرفون الله ومن الذين لا يطيعون بشارة ربنا يسوع فيكون عقابهم الهلاك الأبدي). وبذلك سوف يقوم بنهاية المطاف بتسليم المُلك - بعد أن يمكن له - إلى أبيه الإمام محمد بن الحسن ع، الذي وصف في هذا النص الله الاب، والمقصود به هنا هو خليفته في أرضه، وهو الذي يعكس كل كمالات الله سبحانه حتى أصبح الله في خلقه، وهذا ما وضحه السيد أحمد الحسن ع في المتشابهات في بيان مقولة اعرف الله بالله، حيث قال ع: (أي اعرف الله سبحانه وتعالى بالله في الخلق، وهو الإمام المهدي ع فهو صلوات ربي عليه تجلي وظهور الله في الخلق، أي تجلي وظهور مدينة الكمالات الإلهية في الخلق، وبعبارة أخرى تجلي وظهور أسماء الله سبحانه في الخلق، فهو صلوات ربي عليه وجه الله سبحانه وتعالى الذي يواجه به خلقه، فمن أراد معرفة الله سبحانه لابد له من معرفة الإمام المهدي ع) ([45]). وهذا ما سيقوم به المهدي الأول حيث سيبيد الممالك الظالمة من على وجهة الأرض، وهذا ما وضحته رسالة بولس كما هو في الإنجيل: رسالة القديس بولس إلى كورنثوس الأولى 15: (لكن الحقيقة هي أن المسيح قام من بين الأموات هو بكر من قام من رقاد الموت فالموت كان على يد إنسان وعلى يد إنسان تكون قيامة الأموات وكما يموت جميع الناس في آدم فكذلك هم في المسيح سيحيون ولكن كل واحد حسب رتبته فالمسيح أولاً لأنه البكر ثم الذين هم للمسيح عند مجيئه ويكون المنتهى حين يسلم المسيح الملك إلى الله الاب بعد أن يبيد كل رئاسة وسلطة وقوة فلا بد له أن يملك حتى يضع جميع أعدائه تحت قدميه والموت آخر عدو يبيده فالكتاب يقول إن الله أخضع كل شيء تحت قدميه وعندما يقول أخضع كل شيء فمن الواضح أنه يستثني الله الاب الذي أخضع كل شيء للمسيح ومتى خضع كل شيء للابن يخضع هو نفسه لله الذي أخضع له كل شيء فيكون الله كل شيء في كل شيء). وهنا وصف على أنه هو الرب وهو الذي سيحاسب الناس؛ لأنه هو الذي يبكت العالم على بر وعلى دينونة كما تقدم في المعزي عندما سيرسل، وهي التي تمثل القيامة الصغرى؛ لأنها أول منعطف في رحلة رجوع العالم إلى الله سبحانه وتعالى. رسالة القديس يهوذا: (وأنبأ عنهم أخنوخ سابع الآباء من آدم حين قال انظروا جاء الرب مع ألوف قديسيه ليحاسب جميع البشر ويدين الأشرار جميعاً على كل شر فعلوه وكل كلمة سوء قالها عليه هؤلاء الخاطئون الفجار هم يتذمرون ويشتكون ويتبعون أهوائهم ويتفوهون بالكلمات الجوفاء ويتملقون الناس طلباً للمنفعة). * * * -الخلاصة يتضح مما تقدم أن عيسى النبي الذي ختم النبوة لبني إسرائيل وكان آخر الأنبياء الذين أتوا من سلالة نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم ص، وهو الذي أتى ليمهد لأمر عظيم ويؤسس الأساس والبناء الروحي الذي سيلعب دوراً مهماً في ظهور الإمام المهدي ع؛ لأن البشر عموماً انغمسوا بالماديات ولا يروا غير المادة، وحتى أنهم صعب عليهم الاهتداء إلى الحق بسبب تأثير هؤلاء الذين تسلطوا على عموم البشر ووضعوا معتقدات وفق مفاهيم مادية وقوانين مستفادة من نظام هذا العالم الجسماني، حتى الأحاديث الشريفة من الآيات للكتب السماوية أخضعوها لهذه المفاهيم المادية مما جعلهم يجردونها من أي معنى روحي. وعمل نبي الله عيسى كان يمثّل نقلة للناس عموماً ونقطة تحول إلى ربط العالم بالملكوت الذي تخلى الناس عنه بسبب الضلال الذي نشره علماء الضلالة، وسوء الفهم لكثير من الأحاديث الشريفة للأنبياء والأوصياء، ولهذا كان جل اهتمامه هو أن يوضح هذه المعاني الملكوتية برموز من هذا العالم المادي ويضرب لهم الأمثال، حتى احتج عليه من كثرة ما يضرب الأمثال لهم؛ لأنه يريد أن يخاطب عموم الناس لتتضح لهم الرسالة التي أتى من أجلها وهي التبشير بمن سيملئ الأرض قسطاً وعدلاً. والأمر الآخر هو: توضيح حقيقة الشبيه وبيان اللبس الذي حصل لبني لليهود، سواء الذين آمنوا به أو من لم يؤمنوا به من خلال ما ورد في الإنجيل، وإن هناك تناقضاً في النصوص التي وردت فيه، والحقيقة أنه لا يوجد تناقض في الواقع ولكن كما قلت هو سوء الفهم الذي أراد نبي الله عيسى أن لا يقعوا فيه من بعد رفعه، ونبه على ذلك ولكن الكثيرين لم يفهموا أو التبس عليهم الأمر، وكذلك الذين أتوا من بعد التلاميذ وضياع النسخة الأصلية من الإنجيل لذلك اعتمد على تدوين الإنجيل على ما فهمه التلاميذ، والذين كتبوا الإنجيل وطرحت المعاني الروحية بما هي بمداليها المادية، لذلك وقع النصارى في الخطأ، وهو ادعائهم أن يسوع المسيح هو الله المطلق تعالى الله علواً كبيراً عن ذلك، وقالوا بالأقانيم الثلاثة، وكما بينا أن الاب له معنى متجسد وكذلك الابن وكذلك روح القدس، وكما بينا أن العلاقات التي بينها وقال بها نبي الله عيسى ع ترمز إلى أقرب الخلق لله وأعظم ما خلق الله وهم محمد وال محمد صلوات الله عليهم، وأن روح القدس هي الرابطة التي تبين النسبة الحقيقية للأبوة والبنوة، وكذلك العلم والعصمة إذا حلت هذه الروح على شخص. وكذلك اتضح أن معنى الأبوة في زمان الظهور على من ينطبق، الذي هو تجلي الله في الخلق والذي يمثل الغيب، وأن جميع الأمم تهيئ له وتستعد لقدومه، وإن كان المصداق مختلفاً حسب المعتقد لتلك الأمم، وهو الإمام محمد بن الحسن ع والممهد لظهوره هو المسيح الذي صلب وهو المهدي الأول السيد أحمد الحسن من آل محمد صلوات الله عليهم. لذلك تظهر شخصيتان في زمن الظهور، وهم عيسى ع والمهدي الأول السيد أحمد الحسن ع الذي يولد في آخر الزمان، والإمام المهدي محمد بن الحسن ع بالإضافة إلى ظهور إيليا ع والخضر ع. نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمسايرة قائم آل محمد صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه، وأن يمكّن له في أرضه كما وعده الله، وإن الله لا يخلف الميعاد. الشيخ صادق المحمدي 3/ ذي الحجة/ 1430Footers
[1] - الهداية – الشيخ الصدوق: ص343.
[2] - الخصال – الشيخ الصدوق: ص169.
[3] - الاسراء: 85.
[4] - مريم: 17.
[5] - الشورى: 52.
[6] - القدر: 4.
[7] - الحجر: 47.
[8] - الشورى: 52.
[9] - المجادلة: 22.
[10] - إلزام الناصب: ص64.
[11] - الشورى: 52.
[12] - الكافي: ج1 ص273 ح1.
[13] - الإسراء: 85.
[14] - الكافي: ج1 ص273
[15] - الشورى: 52.
[16] - الكافي: ج1 ص274
[17] - المتشابهات – للسيد أحمد الحسن (: ج3 السؤال 118.
[18] - بصائر الدرجات – محمد بن الحسن الصفار: ص466.
[19] - بصائر الدرجات – محمد بن الحسن الصفار: ص467.
[20] - بصائر الدرجات – محمد بن الحسن الصفار: ص417.
[21] - بصائر الدجات – محمد بن الحسن الصفار: ص474.
[22] - انجيل لوقا1: 35.
[23] - النحل: 1 – 2.
[24] - القدر: 3 – 4.
[25] - النبأ: 38.
[26] - ص: 71 – 72.
[27] - مريم: 17.
[28] - الشعراء: 193 – 194.
[29] - الشعراء: 194 – 196.
[30] - الغارات: ج1 ص108.
[31] - الزام الناصب في اثبات الحجة الغائب – الشيخ علي اليزدي الحائري: ج1 ص99.
[32] - الحشر: 19.
[33] - المتشابهات – للسيد أحمد الحسن (: ج2 السؤال 63.
[34] - مريم: 22.
[35] - الجواب المنير – السيد أحمد الحسن (: ج2 السؤال 77.
[36] - انجيل متى.
[37] - الاحتجاج – الشيخ الطوسي: ج1 ص19.
[38] - آل عمران: 44.
[39] - آل عمران: 37.
[40] - آل عمران: 37.
[41] - قصص الانبياء – الجزائري: ص460.
[42] - قصص الأنبياء للجزائري: ص473.
[43] - إنجيل متى إصحاح: 27.
[44] - المتشابهات: ج4 السؤال 179.
[45] - المتشابهات: ج1 السؤال 1.