Subjects

-الإهداء

-المقدمة

-1-الامتحان والتمحيص الإلهي:

-2- حديث الفرقة الناجية في كتب المذاهب أو الفرق الإسلامية:

2-1/ حديث الفرقة الناجية من كتب الفرق أو المذاهب السنية:

2-1-1/ مبحث في ما هو المقصود بقوله ص: (السواد الأعظم والجماعة)

2-1-2/ مبحث في ما هو المقصود بقوله ص: (ما كان عليه الصحابة)

2-1-3/ مبحث في ما هو المقصود بقوله ص: (ما عليه اليوم أنا وأصحابي)

2-2/ حديث الفرقة الناجية من كتب مذهب الشيعة والفرق المتفرعة منه:

2-2-1/ مبحث في كون الولاية هي باب النجاة:

-3-الفرقة الناجية عند بعض الفرق المتفرعة عن مذاهب السنة ومذاهب الشيعة:

-4-مبحث في كون الجماعة هم أهل العلم ؟ فما هو العلم ؟ ومن هم العلماء؟

-5-القاسم المشترك بين حديث الفرقة الناجية وحديث التمسك بالخلفاء المهديين الراشدين من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله):

-6- القاسم المشترك بين حديث الثقلين وحديث الفرقة الناجية

-7-القاسم المشترك في الفرق الناجية من الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية):

-8-القاسم المشترك بين المشركين والفرق الهالكة التي قال الرسول (صلى الله عليه وآله) إنها في النار:

-9-القاسم المشترك بين الصراط المستقيم والفرقة الناجية:

-10-الآية الشريفة: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) فهل الخلافة والحكم من أمر الله أم من أمر الناس؟

-11-التأكيد في القرآن والسنة الشريفة وحديث العترة على طاعة ولي الأمر ... فهل ولي الأمر اختيار الله أم اختيار الناس؟

-12-الخلاصة:


Text

إصدارات أنصار الإمام المهدي ع/ العدد (114) حديث الفرقة الناجية حكمة محمدية عظيمة ومفتاح النجاة فيها بقلـم حيـدر طاهر الطبعة الأولى 1432 هـ - 2011 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org ﴿بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾([1]). أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، كما شهد الله لنفسه، وشهدت له ملائكته، وأولو العلم من خلقه، لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم. وأشهد أنّ محمّداً عبده المنتجب، ورسوله المرتضى، أرسله بالهدى ودين الحقّ، ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون. وأشهد أن أوصياءه هم الأئمّة الرّاشدون، المهديّون المعصومون، المكرمون المقرّبون، المتّقون الصّادقون، المصطفون المطيعون لله، القوّامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته، اصطفاهم بعلمه، وارتضاهم لغيبه، واختارهم لسرّه، واجتباهم بقدرته، وأعزّهم بهداه، وخصّهم ببرهانه، وانتجبهم لنوره وأيّدهم بروحه، ورضيهم خلفاء في أرضه، وحججاً على بريّته، وأنصاراً لدينه، وحفظةً لسرّه، وخزنةً لعلمه، ومستودعاً لحكمته، وتراجمةً لوحيه، وأركاناً لتوحيده، وشهداء على خلقه، وأعلاماً لعباده، ومناراً في بلاده، وأدلاّء على صراطه... اللهم صل على محمد وآل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة يأمن من ركبها ويغرق من تركها المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق... والحمد لله رب العالمين -الإهداء إلى سر الله في خلقه ... إلى صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى ... إلى مؤلف شمل الصلاح والرضا ... إلى الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء ... إلى المطالب بدم المقتول بكربلاء ... إلى المنصور على من اعتدى عليه وافترى ... إلى المضطر الذي يجاب إذا دعا ... إلى صدر الخلائق ذو البر والتقوى ... إليك يا سيدي ومولاي وإلى آبائك وإلى ذريتك الطيبين الطاهرين ... أتقدم لكم بهذه البضاعة المزجاة والتي لولا هداكم ما عرفت الهدى ولا خطت يدي حرفاً ولا كتاباً، فتقبلوا مني وتصدقوا عليّ بالدعاء فإن بيني وبين الله ( ذنوباً لا يأتي عليها إلا رضاكم، فبحق من ائتمنكم على سره واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته لمّا استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي إلى الله ... إن الله يحب المتصدقين. المذنب المقصر بحقكم حيدر شعبان/ 1431 هـ . ق -المقدمة: قال تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ﴾([2]). صدق الله سبحانه إذ أنقلب المسلمون بعد وفاة الرسول ص، لم ينقلبوا في العبادات ولم ينقلبوا في اعترافهم بالله أو بمحمد ص رسولاً ونبياً، وإنما انقلبوا على المنهج الذي أراده الله سبحانه سبيلاً للوصول إلى طاعته الحقيقية، والذي أمتحن الله فيه جميع الخلق منذ أن أوجدهم فكان من نتائج الامتحان والتمحيص الإلهي لأمة محمد أن تفرقت من بعد وفاة الرسول ص إلى عدة فرق. والْفِرَقُ فِي اللُّغَةِ جَمْعُ فِرْقَةٍ، وَالْفِرْقَةُ هِيَ: الطَّائِفَةُ مِنَ النَّاسِ ([3])، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: فرق السنة المختلفة (المالكي والحنبلي والشافعي والحنفي ...)، وفرق الشيعة المختلفة (الاثنى عشرية والإسماعيلية والزيدية والواقفية ...)، والعلوية والاباضية، المعتزلة، والسلفية (الوهابية) والخوارج والقدرية والأحمدية والبهائية وغيرها ... وقد يختلف البعض في عدد الفرق الإسلامية؛ لأنه لا يوجد تحديد متفق عليه في مفهوم الفرقة، ولكن وجود هذه الفرق المتعددة هو بحد ذاته إثبات كاف لنبوءة محمد ص في افتراق أمته من بعده، وإثبات لما جاء في حديث الفرق الناجية الذي وثقته معظم المذاهب والفرق الإسلامية في كتبها، حيث ادعت كل فرقة منها أنها هي الفرقة الناجية، وسنتناول في هذا الكتاب - بعون الله - أهم الأطروحات التي وضعتها الفرق الإسلامية في إثبات كونها هي الفرق الناجية، ونبحث ما سُرد من أدلة ونعرضها على القرآن والسنة الشريفة وحديث العترة الطاهرة. وتشمل هذه الأطروحات أن الفرقة الناجية هي من اتبع الجماعة أو أتبع السواد الأعظم أو أتبع العلماء أو الولاية، وسنبحث - بعون الله - أيضاً القاسم المشترك بين حديث الفرقة الناجية وأحاديث أخرى للرسول ص ذكر فيها طريق النجاة، مثل حديث الثقلين، وحديث الصراط المستقيم، وحديث الخلفاء المهديين، وسنبحث أيضاً القاسم المشترك بين المشركين والفرق الهالكة في النار. وسنبحث أيضاً - بعون الله - ما أشار إليه رسول الله ص في بداية حديثه عن الفرقة الناجية، إذ ضرب مثلاً لأولي الألباب في ما حصل مع الديانات الأخرى ليكون لهم إشارة يستدلوا منها على الفرق الناجية، فالفرق في الديانة اليهودية لم تختلف في الأيمان بالله وبموسى ع، والفرق في الديانة المسيحية لا تختلف في الأيمان بالله وبعيسى ع، وهكذا أيضاً فرق المسلمين فإنها لا تختلف في إيمانها بالله وبمحمد ص. * * * -1-الامتحان والتمحيص الإلهي: قال الله تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾([4]). ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾([5]). وجماع الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان ([6]) وأول امتحان إلهي عرفه الخلق هو ما جاء في كتاب الله، إذ امتحن الله خلقه في طاعة من أختاره سبحانه ليكون خليفته في أرضه، إذ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾([7]). والملائكة لا يختلف اثنان في طاعتهم وعبادتهم وإخلاصهم لله سبحانه وتعالى ومع ذلك امتحنوا في طاعة خليفة الله آدم ع. وامتحن الله آدم وحواء (عليهما السلام)، وامتحن هابيل وقابيل، وهكذا جرت سنة الله في الخلق ... لا بد من امتحان وتمحيص، والامتحان في الحياة الدنيا بمجمله كان ولا يزال في تذكر عالم الذر والإيفاء بالعهد الذي أخذ منهم لمن يختارهم الله، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾([8]). وحتى أنبياء الله المصطفين الأخيار ومنهم محمد ص خير خلق الله أجمعين امتحنه الله في هذا العالم في الرجوع إليه، إذ كان يتعبد في غار حراء ويتفكر في خلق الله حتى نزل عليه الوحي. قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾([9]). ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾([10]). وعجباً للناس في زماننا هذا إذ يظنون أنهم يعرفون كل شيء وأنهم على الصراط المستقيم، وإنهم نجحوا في الامتحان الإلهي، وقد أخذوا عقائدهم من آبائهم ! بينما دين الآباء والتمسك به كان حجة الذي ظلموا أنفسهم وأنكروا الأنبياء والرسل من قبل ... إذ قال تعالى: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾([11]). فلماذا يظن الناس من خلال كونهم ولدوا مسلمين يعرفون الله ويعرفون محمداً ص ويعرفون الكتاب (بمعرفة آبائهم) بأنهم أعز على الله من نبي الرحمة محمد ص، وأنهم اجتازوا الامتحان الإلهي ؟ وفي حديث للرسول ص في ذكر الفتنة الصماء من بعده أنه يأتي على الناس زمان يولدون على فتنة ويفتحون أعينهم وهم في خضمها ويشيبون على هذه فتنة التي تتداولها الأجيال حتى تصبح سنة، فإذا جاء الناس من ينذرهم ويبين لهم الباطل يقال "غيرت السنة". وهذا الحديث أخرجه الحاكم عن عبد الله بن مسعود: (كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير، ويربو فيها الصغير، ويتخذها الناس سنة، فإذا غُيرت قالوا: غيرت السنة ؟ قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا كثرت قراؤكم، وقلّت فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقلّت أمناؤكم، والتُمست الدنيا بعمل الآخرة) ([12]). وذكر الإمام علي ع نفس هذا المعنى في أحدى خطبه حيث قال: (إنما بدءُ وقوع الفتن أهواءٌ تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله، يتولى فيها رجالٌ رجالاً، إلا إن الحق لو خَلُصَ لم يكن اختلاف، ولو أن الباطل خلص لم يَخْفَ على ذي حجى، لكنه يؤخذ من هذا ضِغْثٌ ومن هذا ضغثٌ فيمزجان فيجللان معاً، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى. إني سمعت رسول الله ص يقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة، فإذا غير منها شيء قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكراً، ثم تشتد البلية، وتسبى الذرية، وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها، ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة) ([13]). وعن الرسول ص، قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) ([14]). وما فعلته الأمم قبلنا ماثل أمامنا في كتاب الله ... وقد أشار الرسول محمد ص إلى العنوان الرئيسي لموضوع الامتحان الإلهي من خلال حديث الفرقة الناجية، وبين سبيل النجاة، وطبعاً من يريد أن يتبع هواه وينحرف عن طاعة الله والرسول ص لن يصعب عليه إيجاد الحجة الواهية والتبرير لانحرافه باستغلال ما تشابه من كتاب الله سبحانه والسنة الشريفة ... ظناً منه أن هذا يحسب لصلاحه ولكنه لم يعرف إنما هي حجة عليه ولن يضر الله شيئاً، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾([15]). -2- حديث الفرقة الناجية في كتب المذاهب أو الفرق الإسلامية: روي حديث الفرقة الناجية بعدة طرق نذكرها كما جاءت في الكتب ومن ثم نضع عدة مباحث للتعرف على ما هو المقصود في هذه الحكمة المحمدية العظيمة، وسنورد الحديث في كتب الأحاديث من أكبر هذه الفرق والتي تشعبت منها معظم الفرق الأخرى. 2-1/ حديث الفرقة الناجية من كتب الفرق أو المذاهب السنية: المذهب السني يتضمن عدة مذاهب أو فرق، أهمها: الحنبلية والحنفية والشافعية والمالكية، وهنالك فرق تفرعت عنها نشأت من زمن ليس ببعيد، وهي الفرقة السلفية أو الوهابية وأتباعها معظمهم من المذهب الحنبلي. وهذه الفرق تعتقد أن النجاة في التمسك بالكتاب والسنة مع أن الكتاب والسنة لم يجمع هذه الفرق بمسار واحد كما هو حالهم اليوم ... وقد ورد الحديث الشريف عن الفرقة الناجية في كتب المسلمين بأكثر من طريق ([16]) نورد بعضها: عن عوف بن مالك الاشجعي، عن رسول الله ص أنه قال: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسبعين في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعين في النار وواحدة في الجنة، والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فواحدة في الجنة واثنتان وسبعين في النار. قيل: يا رسول الله من هم ؟ قال: هم الجماعة) ([17]). وعن عبد الله بن عمرو، إن رسول الله ص قال: (ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة. قالوا: ومن هي يا رسول الله ؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي)([18]). وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ص: (ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلا بمثل حذو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي مثله، إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة. فقيل له: ما الواحدة ؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي)([19]). وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ص: (تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهن في النار إلا واحدة. قالوا: وما تلك الفرقة ؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ([20]). وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: (إِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ) ([21]). وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ: (تفرقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة، وأمتي تزيد عليهم فرقة، كلها في النار إلا السواد الأعظم) ([22]). وعن معاوية، عن رسول الله ص أنه سمعه يقول: (أن أهل الكتاب قبلكم تفرقوا على اثنتين وسبعين فرقة في الأهواء، ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة في الأهواء، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة ...) ([23]). 2-1-1/ مبحث في ما هو المقصود بقوله ص: (السواد الأعظم والجماعة) ما جاء في مفهوم السواد الأعظم أنها صفة إمام عارف بالدين يتبعه الناس فتكون النجاة في إتباعه، وقد نقل هذا المفهوم ابن القيم حين قال: (وصدق والله؛ فإن العصر إذا كان فيه عارف بالسنة داع إليها، فهو الحجة وهو الإجماع وهو السواد الأعظم، وهو سبيل المؤمنين التي من فارقها واتبع سواها ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا). انتهى ([24]). ولكن جهل الأمة بمفهوم الإمام والحجة على الخلق جعلهم لا يتعرفون على منهج واضح في معرفة هذا الإمام، لذلك ذكرت بعض المصادر الإسلامية ([25]) إن السواد الأعظم هو رجل اسمه محمد بن أسلم، أما سبب كونه السواد الأعظم فهي: الفصاحة بالقرآن، والنحو، والزهد، والتبصر بالدين، وإتباعه أثر الرسول ص، لذلك نسأل من يعتقد بهذا ونقول له: إن محمد بن أسلم قد مات ؟ فماذا سيفعل المسلمين من بعده ؟؟؟ إن مشكلة الناس إنها ترى الحق ولا تميزه وذلك هو العمى والجهل بعينه ... ولو أنهم سألوا أنفسهم إن كان رسول الله ص جعل النجاة في إتباع رجل معين أي إن لهذا الإتباع منهج لا يزول إلى يوم الدين فأن مات الرجل استمر المنهج في من يأتي من بعده فأي منهج كان لمحمد بن أسلم، لازال باقياً إلى يومنا هذا ؟ هل إتباع الأثر أو الزهد أو التبصر بالدين أو الفصاحة بالقرآن والنحو منهج ؟؟؟ خصوصاً وإن الكثيرين يدعون العلم بالنحو والزهدن أما علمهم في القرآن فلا يزيد عن كونه تفسيره بآرائهم. وجاء في مفهوم السواد الأعظم أيضاً إنهم الجماعة والكثرة، وهذا أيضاً كان مفهوماً غير واضح، ولنعرف ما المقصود بالجماعة نورد ما جاء عن ابْنِ مَسْعُودٍ, قَالَ: (الْجَمَاعَةُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ, وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ)، وَفِي رواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: (الْجَمَاعَةُ أَهْلُ الْحَقِّ, وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ) ([26]). وقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: (الْجَمَاعَةُ : هُوَ الْحَقُّ, وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ) ([27]). وفي رواية عن رجل جاء إلى علي أمير المؤمنين ع فقال: (أخبرني عن السنة والبدعة، والجماعة والفرقة، فقال له أمير المؤمنين ع: السنة ما سن رسول الله، والبدعة ما أحدث من بعده، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلاً، والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيراً...)([28]). وعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ, قَالَ: (قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص, فَوَقَعَ حُبُّهُ فِي قَلْبِي, فَلَزِمْتُهُ حَتَّى وَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ بِالشَّامِ, ثُمَّ لَزِمْتُ أَفْقَهَ النَّاسِ بَعْدَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ, فَذُكِرَ يَوْماً عِنْدَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا, فَقَالَ: صَلُّوهَا فِي بُيُوتِكُمْ, وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً. قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: وَكَيْفَ لَنَا بِالْجَمَاعَةِ ؟ فَقَالَ لِي: يَا عَمْرُو بْنَ مَيْمُونٍ, إِنَّ جُمْهُورَ الْجَمَاعَةِ هِيَ الَّتِي تُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ, إِنَّمَا الْجَمَاعَةُ مَا وَافَقَ طَاعَةَ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ) ([29]). وذكر الطبري: (أَنَّ الْجَمَاعَةَ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى أَمِيرٍ، فَأَمَرَ ص بِلُزُومِهِ وَنَهَى عَنْ فِرَاقِ الْأُمَّةِ فِيمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ فِرَاقَهُمْ لَا يَعْدُو إِحْدَى حَالَتَيْنِ: إِمَّا لِلنَّكِيرِ عَلَيْهِمْ فِي طَاعَةِ أَمِيرِهِمْ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِ فِي سِيرَتِهِ الْمَرْضِيَّةِ لِغَيْرِ مُوجِبٍ، بَلْ بِالتَّأْوِيلِ فِي إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ فِي الدِّينِ، كَالْحَرُورِيَّةِ الَّتِي أُمِرَتِ الْأُمَّةُ بِقِتَالِهَا وَسَمَّاهَا النَّبِيُّ ص مَارِقَةً مِنَ الدِّينِ، وَإِمَّا لِطَلَبِ إِمَارَةٍ مِنِ انْعِقَادِ الْبَيْعَةِ لِأَمِيرِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهُ نَكْثُ عَهْدٍ وَنَقْضُ عَهْدٍ بَعْدَ وُجُوبِهِ) ([30]). فالجماعة كما يتبين لنا هي من تجتمع على الأمير والخليفة الحق، ولكن الإشكال الذي وقع فيه المسلمون هو كيف يتم اختيار هذا الخليفة الذي وصفت الفرقة بأنها الناجية ما دامت متبعة لهذا الأمير أو الخليفة ؟ والحق كل الحق في عرض مفهوم الكثرة على القرآن والاحتكام إليه ليتبين لنا بشكل واضح، إن الجماعة ليست الكثرة إذ يصف حال الكثرة من خلال ذمها ومدح القلة وبشكل إعجاز قرآني فريد، فلو بحثنا في القرآن من بدايته إلى نهايته لن نرى آية واحدة في كتاب الله تمدح الكثرة ولن نرى ما يذم القلة، بل على العكس يمدحها على الدوام وعسى أن يكون هذا الإعجاز الإلهي يكفي لمن يعتمد الكثرة كمنهج لمعرفة الحق... قال تعالى في ذم الكثرة: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾([31]). ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾([32]). ﴿... وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ﴾([33]). ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾([34]). ﴿... قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾([35]). ﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾([36]). وقال سبحانه في مدح القلة ﴿...اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾([37]). ﴿... وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً﴾([38]). ﴿... وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾([39]). ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ( وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾([40]). ولو تفكر الناس ونظروا حولهم لتبين لهم بشكل واضح خطأ معتقدهم في فهم مفهوم الجماعة والسواد الأعظم في ما نحن عليه الآن من سوء حال الأمة الإسلامية وتفرقها لإتباعها خطأ ما اعتقدت أنه الجماعة أو السواد الأعظم، وهذا الاعتقاد الخاطئ واضح في رأي وصلنا في كتب السابقين، إذ جاء عن أبي غَالِبٍ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ أَخْبَرَهُ: (أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَهَذِهِ الْأُمَّةُ تَزِيدُ عَلَيْهَا وَاحِدَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، قُلْتُ: قَدْ تَعْلَمُ مَا فِي السَّوَادِ الْأَعْظَمِ، وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَكَارِهٌ لِأَعْمَالِهِمْ، وَلَكِنْ عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ، وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ خَيْرٌ مِنَ الْفُجُورِ وَالْمَعْصِيَةِ) ([41]). إنه لعجيب أمر المسلمين إذ يتبعون فئة من الناس ويعتقدون أنها هي الفرقة الناجية ويكتشفون شيئاً فشيئاً سوء أفعال هذه الفئة ولكنهم يبررون فشلهم بالقول أن سوء أفعال هذه الفئة تحسب عليها (أي صاحب الفعل فقط)، وإن الطاعة لهذه الفئة مع سوء أفعالها نجاة، وإنها أفضل من مخالفتهم؛ لأن مخالتفهم معصية ! وهذا المفهوم يتكرر إلى يومنا هذا، حيث ترى من يتشدقون بالكثرة خنعوا لتسلط الجبابرة وسكتوا عن سوء أفعالهم، بل يحضرون موائدهم ويمدحون أفعالهم ويحسبون أنفسهم على منهج محمد ص وأنهم الفرقة الناجية بداعي أنهم يتسمون باسم الجماعة. ويعود السبب في عدم قدرتهم على ترك المنهج الذي يسيرون عليه رغم معرفتهم الخلل في هذا المنهج هو جهلهم بالكتاب والسنة الشريفة وتكاسلهم، إذ رضوا بما جاء به آباؤهم فتخبطوا وأتبعوا فقهاءهم الذين فسروا لهم القرآن بمفاهيم مشوهة وبإدراك ناقص، وهذا الجهل لم يترك لهم سوى خيار واحد إن تركوه وجدوا أنفسهم بالفراغ، لذلك قالوا ولا زالوا يقولون مثل قول أبي أمامة: (وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ خَيْرٌ مِنَ الْفُجُورِ وَالْمَعْصِيَةِ)، أي أنه يقصد أن السمع والطاعة لإمام أو حاكم فاجر أفضل من معصية الله في عدم طاعة ولي الأمر الذي أمره سبحانه بطاعته، ولم يتفكروا للحظة واحدة أن الله العزيز الحكيم ليس من حكمته أن يأمرهم بطاعة حاكم ممكن أن يخطأ أو فاجر فيقودهم إلى الجحيم. أما السنة الشريفة بمعنى الأحاديث كمنهج فهي لم تدون ولم تجمع إلا بعد سنوات طويلة من وفاة الرسول ص، والآن من يدعي أنها المنهج الذي ذكره الرسول ص في حديث الفرقة الناجية يكذبون بعضها ويصدقون البعض الآخر حسب هواهم، بل وضعوا مباحث في التحقق منها من خلال السند والمتن إلى آخره، وهذا اعتراف أن السنة كحديث منقول مختلف فيها وليست المنهج الذي قصده رسول الله ص، كما أن الكثير من الفرق التي تدعي أنها الفرقة الناجية لم تنكر السنة الشريفة بينما النجاة لفرقة واحدة فقط. 2-1-2/ مبحث في ما هو المقصود بقوله ص: (ما كان عليه الصحابة) وفي هذا المفهوم قالوا أنه يجب إتباع الصحابة ولكن أي صحابة ؟؟؟ من هؤلاء الصحابة؟؟؟ وهل كل من عاصر رسول الله ص يعتبر صحابياً جليلاً ؟ وما هو المنهج المستمر في هؤلاء الصحابة وقد ماتوا لكي تكون فيه النجاة إلى يوم الدين لمن يعاصرهم ويأتي بعدهم؟؟؟ ولماذا لم يُسمهم الرسول ص وقد ربطت النجاة من النار فيهم كما يقول البعض؟؟؟ البعض يحتج بهذه الآيات الكريمة: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾([42]). ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً﴾([43]). فكم ممن يسميهم الناس في وقتنا هذا صحابة قد بقى متمسكاً بالمنهج الذي رضيه الله لهم وابقوا على عهدهم مع الله ومع رسوله ص، لقد بينت آيات أخرى كثيرة في القرآن ما كان من خذلان الذين آمنوا بالله وبرسوله ص وبايعوه بعد أن فشلوا بالتمحيص الإلهي للمؤمنين، ويتبين لنا هذا في تصفح بسيط لكتب المسلمين سنجدها مليئة بمواقف لا يمكن أن تصدق لمن كانوا يوصفون بأنهم صحابة. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ ( وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾([44]). ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾([45]). فهل فرار بعض الصحابة من ساحات المعركة ورسول الله ص بينهم أبقاهم على العهد ؟ وهل استمروا في رضى الله سبحانه ؟؟؟ أترك الإجابة لأولي الألباب. ويقول البعض أن من الصحابة من بذل ماله وعمل من أجل الإسلام وأنار الطريق للآخرين ليدخلوا الإسلام ... نعم، ولكن هل بقي على إخلاصه، أم طلب مقابل ما قدمه علواً فانقطع عنه حبل الله سبحانه فأصبح مصداقاً لآيات الله إذ وصفتهم بمثل كمن أوقد ناراً ليضيء الطريق للآخرين ومن ثم هو نفسه ضل الطريق. قال تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ﴾([46]). وكيف يتناسب منطق الإتباع الأعمى لمسمى الصحابة مع ما جاء من أحاديث تقول بارتداد بعض الصحابة بعد وفاة الرسول ص، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً - ثُمَّ قَالَ -: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾([47]) - ثُمَّ قَالَ -: أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾([48])، فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ) ([49]). وبقوله ص: (إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ فَإِيَّاي لاَ يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ فَأَقُولُ فِيمَ هَذَا فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقًا) ([50]). وبقوله ص: (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلأُنَازِعَنَّ أَقْوَاماً ثُمَّ لأُغْلَبَنَّ عَلَيْهِمْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى أَصْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ) ([51]). فكيف يميز الناس هؤلاء الصحابة وما هي الميزة التي هي مستمرة إلى يومنا هذا ؟ فإذاً ليس المقصود بحديث الرسول ص التمسك بالصحابة وقد ماتوا، وإنما بمنهج بما كان عليه الصحابة في ذلك اليوم الذي كان رسول الله ص فيه وهو ص بينهم. 2-1-3/ مبحث في ما هو المقصود بقوله ص: (ما عليه اليوم أنا وأصحابي) للاستدلال على الحكمة في حديث الرسول ص يجب تحديد سبب الاختلاف الذي حدث بعد أن مضى رسول الله ص إلى جوار الرفيق الأعلى. ولا يختلف اثنان في أن سبب الاختلاف والفرقة هو ما كان في عهدة محمد ص في ذلك اليوم وتنازع عليه الناس من بعده ؟؟؟ كان في عهدته ص الحكم، فإضافة إلى كونه نبي ورسول كان خليفة الله في أرضه والحاكم والقاضي ولم يختلف الناس على ذلك ... وقد بين القرآن أن هنالك النبوة وهنالك الحكم. قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ﴾([52]). قد تجتمع في خليفة الله في أرضه كما كان في محمد ص وداوود ع أو حكم فقط كما حدث في زمن طالوت ع كان بين بني إسرائيل نبي والحكم كان لطالوت ع. قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً ... ﴾([53]). والرسول محمد ص الذي جاء يعلمنا الحكمة لم يغب عنه أن الحكم والسلطة كانت سبب الاختلاف والنزاع منذ زمن آدم ع، وفي زماننا هذا لازال الحكم سبب اختلاف أساسي لتمزيق الأمة الإسلامية، فكيف يترك رسول الله ص هذا الأمر (الحكم) بدون توضيح ليكون سبباً للنزاع من بعده ؟ وهل يعقل أن كتاب الله يبين أموراً مثل أحكام الوراثة لكي لا يختلف الأخ مع أخيه وأخته وأمه ويترك أمة بأكملها لتختلف على الحكم من بعد الرسول ص ؟؟؟ أن من يتدبر القرآن والسنة الشريفة يلمس بشكل واضح التأكيد المستمر على طاعة ولي الأمر طاعة مطلقة، إذ كونها قرنت طاعته بطاعة الله سبحانه وطاعة الرسول ص. ورسول الله ص الذي لا ينطق عن الهوى ما كان لينطق أحجية أو إخباراً في حديثه لا يستفيد الناس منه، إذاً فالحكمة تتطلب أن يكون هنالك فائدة من الكلمات التي ينطقها وخاصة عندما تصدر ممن جاء لكي يعلمنا الكتاب والحكمة، وهو ص لم يكن ليتحدث عن اسم الفرقة الناجية (التي قد يتسمى بها من جاء بعده)، وإنما يتحدث عن المنهج الذي تتبعه الفرقة الناجية وهو يجب أن يكون منهجاً مستمراً يتمسك به الناس إلى يوم الدين، واضح المعالم لمن يطلب الحق والنجاة، حيث قال ص: (ما عليه اليوم أنا وأصحابي)، إذاً النجاة في ما كان هو ص ... ماذا كان في ذلك اليوم على أرض الواقع ليضرب الرسول ص به مثلاً لأولي الألباب؟ كان الرسول محمد ص في ذلك اليوم خليفة من الله (أختاره الله) وحوله أصحابه يطيعونه ويتبعونه كخليفة وحاكم معين من قبل الله سبحانه، وهو نفس المنهج الذي ابتدأ به الله سبحانه الخلق إذ اختار آدم ع ليكون خليفته في أرضه وسمائه وأمر الخلق بطاعته، أي إن المنهج الذي فيه سبيل النجاة هو طاعة ولي الأمر والخليفة والحاكم الذي يختاره وينصبه الله سبحانه وتعالى، وهذا المنهج يتمثل في إمام ورجل وهو الهاد. قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾([54]). 2-2/ حديث الفرقة الناجية من كتب مذهب الشيعة والفرق المتفرعة منه: مذهب الشيعة كان أساسه هو التمسك بالخلفاء والأئمة من أهل البيت ص ولكن تفرع من هذا المذهب عدة فرق، فمع مجيء كل إمام كان هنالك امتحان ينتج عنه فرقة جديدة أو أكثر، ونورد هذه الأحاديث عن أهل البيت ص عن رسول الله ص والتي وردت في كتب المذهب الشيعي (وبالخصوص المذهب الاثني عشري) ونبحث في ما جاء فيها. عن محمد بن جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبو عبد الله ع، قال المجاشعي: وحدثنا الرضا ع، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد الله جعفر، عن آبائه ص، قال: (سمعت علياً ع يقول لرأس اليهود: على كم افترقتم ؟ فقال: على كذا وكذا فرقة. فقال علي ع: كذبت، ثم أقبل علي ع على الناس فقال: والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل القرآن بقرآنهم، افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة سبعون منها في النار وواحدة ناجية في الجنة وهي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى ع، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة إحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى ع، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي التي اتبعت وصي محمد، وضرب بيده على صدره ثم قال: ثلاثة عشر فرقة من الثلاث والسبعين فرقة كلها تنتحل مودتي وحبي، واحدة منها في الجنة وهم النمط الأوسط واثنتا عشرة في النار) ([55]). وعن أبي جعفر ع، قال: (إن اليهود تفرقوا من بعد موسى على إحدى وسبعين فرقة، منها فرقة في الجنة وسبعون فرقة في النار، وتفرقت النصارى بعد عيسى ع على اثنتين وسبعين فرقة فرقة منها في الجنة وإحدى وسبعون في النار، وتفرقت هذه الأمة بعد نبيها ص على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وفرقة في الجنة، ومن الثلاث وسبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا ومودتنا، اثنتا عشرة فرقة منها في النار وفرقة في الجنة، وستون فرقة من سائر الناس في النار) ([56]). وجاء عن أمير المؤمنين علي ع حيث قال: (سمعت رسول الله ص يقول: إنّ أمّة موسى افترقت بعده على إحدى وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية وسبعون في النار، وافترقت أمّة عيسى بعده على اثنتين وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية وإحدى وسبعون في النار، وإنّ أمتي ستفترق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة منها ناجية واثنتان وسبعون في النار)([57]). وفي خطبة لأمير المؤمنين ع إنه قال: (ألا إن هذه الأمة لابد مفترقة كما افترقت الأمم قبلها، فنعوذ بالله من شر ما هو كائن. ثم عاد ثانية وقال: إنه لابد مما هو كائن أن يكون، ألا وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، شرها فرقة تنتحلني ولا تعمل بعملي، وقد أدركتم ورأيتم، فالزموا دينكم واهدوا بهديي فإنه هدي نبيكم، واتبعوا سنته وأعرضوا عما أشكل عليكم حتى تعرضوه على القرآن، فما عرفه القرآن فالزموه وما أنكره فردوه، وارضوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، ومحمد نبياً، وبالقرآن حكماً وإماماً) ([58]). ومن كتاب للإمام علي ع إلى أهل الكوفة من الربذة قال فيه: (ألا إن هذه الأمة لا بد مفترقة كما افترقت الأمم قبلهم، فنعوذ بالله من شر ما هو كائن أن يكون. ألا وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاثة وسبعين فرقة, شرها فرقة تنتحلني ولا تعمل بعملي, فقد أدركتم ورأيتم فألزموا دينكم وأهدوا بهدي نبيكم ص, واتبعوا سنته, واعرضوا ما أشكل عليكم على القرآن, فما عرفه القرآن فألزموه, و ما أنكره فردوه, وارضوا بالله ( رباً, و بالإسلام ديناً, و بمحمد ص نبياً, وبالقرآن حكماً وإماماً) ([59]). وقد وجاء في بعض طرق الحديث أن النبي ص قال في جوابه لعلي ع الذي سأله من هي الفرقة الناجية ؟: (المتمسك بما تمسكت به أنت وشيعتك وأصحابك) ([60]). ولكن هل كل من تسمى بالمذهب الشيعي هو من شيعة علي ع ؟ وهل كل من تسمى بمسلم هو مسلم ؟ وأي شيعة وأمير المؤمنين ع يقول إن ثلاثة عشر فرقة من هذه الفرق تدعي ولايته واثني عشر فرقة منها في النار، وإحدى هذه الفرق الأثنى عشر من أشدها ضلالاً واستكباراً ... ولكن بالطبع التعصب الأعمى للمذاهب ودين الآباء لم يترك مجالاً لهذا الحديث ولن يأخذ بما جاء عن علي ع. قال تعالى: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾([61]). 2-2-1/ مبحث في كون الولاية هي باب النجاة: إن ولاية علي ع وخلافته للنبي ومن بعده الأوصياء من ذريته قضية دينية وسياسية وإيمانية من كل الوجوه، وقد أكد عليها النبي ص لأهميتها كمنهج في أحاديث كثيرة نورد بعضها: (علي بن أبي طالب باب حطة، من دخل منه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً) ([62]). وقوله ص: (علي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي) ([63]). وقوله ص لعلي أمام الصحابة: (يا علي، من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك يا علي فارقني) ([64]). وقوله ص: (أنا المنذر وعلي الهادي، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي) ([65]). وقول النبي لأصحابه: (أنا وهذا - يعني علياً - حجة على أمتي يوم القيامة) ([66]). وقوله ص: (مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخو رسوله)([67]). وقوله: (مكتوب على ساق العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي) ([68]). وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ( وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾([69]). ذكر تفسير الثعلبي: (وعندما رأى النبي ص علياً وهو يتصدق بخاتمه أثناء ركوعه في الصلاة، دعا محمد ربه بالدعاء الذي دعا فيه هارون ربه: "واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أشدد به ظهري..."، قال أبو ذر: فو الله ما أتم الرسول ص دعاءه حتى نزل عليه جبريل ومعه آية الولاية). وقد أجمع المفسرون على نزول الآية في علي ع ([70]). وعن أنس بن مالك، عن النبي ص أنه قال: (إن خليلي ووزيري وخليفتي وخير من أترك بعدي، يقضي ديني، وينجز موعدي، علي بن أبي طالب) ([71]). وقال رسول الله ص: (كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزأين، جزء أنا وجزء علي) ([72]). وقال رسول الله ص لعليّ ع: (يا علي، الناس من شجر شتّى وأنا وأنت من شجرة واحدة. ثمّ قرأ رسول الله ص: ﴿وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ﴾([73])) ([74]). وقال رسول الله ص: (أقدم أُمتي سلماً وأكثرهم علماً وأصحهم ديناً وأفضلهم يقيناً وأكملهم حلماً وأسمحهم كفاً وأشجعهم قلباً علي، وهو الإمام على أُمتي) ([75]). وقال رسول الله ص: (إن الله قد فرض عليكم طاعتي ونهاكم عن معصيتي، وفرض عليكم طاعة علي بعدي ونهاكم عن معصيته، وهو وصيي ووارثي، وهو مني وأنا منه، حبه إيمان وبغضه كفر، محبه محبي ومبغضه مبغضي، وهو مولى من أنا مولاه، وأنا مولى كل مسلم ومسلمة، وأنا وهو أبوا هذه الأمة) ([76]). وعن ابن مسعود، قال: (لما برز علي إلى عمرو بن عبدود قال النبي ص: "برز الإيمان كله إلى الشرك كله"، فلما قتله قال: "أبشر يا علي، فلو وزن عملك اليوم بعمل أُمتي لرجح عملك بعملهم") ([77]). وقوله ص: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) ([78]). وقوله ص: (من ناصب عليّاً الخلافة بعدي فهو كافر، وقد حارب الله ورسوله، ومن شكّ في عليّ فهو كافر) ([79]). وقوله ص: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في عزمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في زهده، فلينظر إلى عليّ ابن أبي طالب) ([80]). وعن سلمان وأبي ذر، قالا: أخذ رسول الله ص بيد عليّ ع فقال: (ألا إنّ هذا أوّل من آمن بي، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمّة، يفرّق بين الحقّ والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين) ([81]). وللأسف مع كل هذه الفضائل والوصايا التي ذكرها رسول الله ص في علي ع وأهل بيته ص لم تمنع الناس من أن يذهبوا إلى اختيار الخليفة بالشورى بعد أن قلبت مفاهيم القرآن والسنة الشريفة عندهم؛ لأنهم ارتضوا تأويلها بما يرضي نفوسهم، وأن النفس لأمارة بالسوء. والآن في هذا الزمان وعلي بن أبي طالب ع قد أنتقل إلى جوار ربه الأعلى والامتحان بعلي ع كخليفة من بعد الرسول محمد ص انتهى وفشل به الكثير من الناس كما فشلوا في معرفة حق من جاءه من بعده من الأوصياء إلا القلة التي أنعم عليها بفضله وعرفهم خلفائه في أرضه فما هو المنهج ؟ وكيف يمكن التبين أي هذه الفرق الشيعة الثلاثة عشر هي الفرقة الناجية؟ ولماذا كان هنالك فشل في الامتحان مع كل إمام من الأئمة الاثنا عشر؟ فكثيرون ممن كان يوالون علياً ع خذلوا الإمام الحسن ع من بعده، وكثير ممن كانوا يوالون علياً ع ويوالون الحسن ع خذلوا الحسين ع، وهكذا يتكرر الفشل مع كل خليفة لله في أرضه ومن خلال نفس الامتحان منذ أن خلق الله آدم ع. السبب الأساسي للفشل هو الإتباع الأعمى لدين الآباء دون التفكر والتبصر في المنهج الذي أرساه الرسول محمد ص لتحديد الخليفة من بعده في كونه اختيار الله وأوضح تكليف الناس تجاه هذا الخليفة (التفصيل في الفصل (10) من هذا الكتاب). إن فقهاء الضلالة ممن أدعوا التشيع لعلي ع صوروا للناس أن موالاة علي ع وأئمة أهل البيت ص ليس فيها أي تكليف سوى المحبة والموالاة باللسان والقلب، وتركوا العمل في تمكين خليفة الله في أرضه من المنصب الذي اختاره الله لهم، فأهل مكة والمدينة تركوا الإمام الحسين ع يخرج للمطالبة بحق الله وحاكميته واكتفوا بالطواف بالكعبة ليؤدوا مراسيم الحج، وأهل الكوفة تركوا الإمام الحسين ع على أطراف الكوفة يواجه الطاغوت وجنوده وركنوا إلى الدعاء والعبادة وتركوا علي بن الحسين ع حبيس بيته وارتضوا بحكم الطاغوت، وتركوا الإمام موسى الكاظم ع في سجن الطواغيت وارتضوا بالقعود عن نصرته وكأنه لا يوجد لديهم أي تكليف تجاه خليفة الله في أرضه، بل يرون أن لديهم حقوقاً واجبة التنفيذ على خليفة الله في أرضه، وهي أن يحقق لهم العدالة والأمان وينتصر لهم على الطواغيت الذين أكلوا حقوقهم وهم جالسون في بيوتهم. ولو تفكر من يقولون أنهم على الولاية في حديث الإمام الباقر ع إذ يقول: (لتُمحصنّ يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين، وإن صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها، وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا ويصبح وقد خرج منها) ([82]). لفهموا أن هنالك من يمسي مسلماً على شريعة ويصبح وقد خرج منها؛ لأن عقيدته اختلفت بين ليلة وضحاها؛ لأنه سار بمنهج مختلف مع أن لسانه يلقلق بالولاية وحب أهل البيت ع، وهذا واضح من خلال مثال بسيط في من يعتقد بولاية الإمام المهدي ص ليلاً كونه الخليفة والحاكم الذي أختاره الله فيصبح ويسير إلى مراكز الانتخابات والشورى لانتخاب حاكم يغتصب حق الإمام المهدي ع في الحكم الذي كان باختيار وأمر من الله سبحانه. وقد وصلوا إلى هذه النتيجة؛ لأنهم اتبعوا الفقهاء في دعوتهم للديمقراطية وجعلوا كلام أئمة أهل البيت ع خلف ظهورهم، وأصبحوا يستحسنون الديمقراطية والشورى في اختيار الحاكم، وأمسى الإمام المهدي ع بالنسبة لهم رمزاً لا وجود له في حياتهم إلا بالاسم، ونسوا ما قال لهم الإمام جعفر الصادق ع: (اتقوا الحكومة، فإنّ الحكومة إنّما هي للإمام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين لنبيّ أو وصيّ نبيّ) ([83]). وعنه أيضاً ع ينصح أحد أصحابه: (أياك والرياسة فما طلبها أحد إلا هلك. فقلت: قد هلكنا إذاً ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه، فقال: ليس حيث تذهب إنما ذلك أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال وتدعوا الناس إلى قوله) ([84]). فالولاية هي باب النجاة ومنهجاً صحيحاً ما دام الاعتقاد أن خلفاء الله في أرضه هم اختيار الله إلى يوم الدين وليس للناس أن ينصبوا ويختاروا حكومة كما بينت روايات الطاهرين ص. -3-الفرقة الناجية عند بعض الفرق المتفرعة عن مذاهب السنة ومذاهب الشيعة: ذهبت بعض الفرق في عدة اتجاهات متفرعة من مذاهب رئيسية ونقصد بهذه الفرق على سبيل المثال لا الحصر الأحمدية ([85])، إذ يتبين للمطلع على مبادئ هذه الفرقة أنه يوجد خلل واضح بالمنهج الذي تسير عليه هذه الفرقة، فهم يؤمنون بظهور الإمام المهدي ع في شخص مؤسس طائفتهم فإن كان هو المهدي فلماذا لم يسعَ لتحقيق العدالة ؟ بل بالعكس قال مؤسس هذه الفرقة بمنهج فصل الدين عن السياسة، والقرآن بيَّن أنه لا يمكن الفصل بين الدين والسياسة، فكثيرة هي الآيات التي تبين أن الله هو من يضع منهج الحكم من خلال جعل الخلفاء وبعث الملوك ومحمد ص كما كان النبي فقد كان هو خليفة الله وهو الحاكم. والمهدي ع كما ذكره الرسول ص منهجه كمنهج الرسول ص ومجيئه رحمة للعالمين يبين لهم ما اختلف عليه المسلمين في الدين ويجمع الطوائف والأديان ولا يهادن الطغاة ولا يرضخ لهم ولا يتنازل عن حقوق الضعفاء حتى يحقق العدالة. فأين هذه العدالة منذ 1889 م ولحد الآن، وأين هو المنهج في كونهم الفرقة الناجية بعد أن مات مؤسس هذه الفرقة ؟ وأين علوم الدين التي نشرها مؤسس الأحمدية، فدين الله لن ينتشر ويظهر على بقية الأديان من خلال مهادنة الطواغيت والاقتصار على مكاتب ترجمة لتفاسير وضعها الناس بآرائهم فقط، يجب أن يتبين للناس أولاً الانحراف الحاصل حالياً عن الدين الذي جاء به محمد ص وبعدها التصحيح ليتسنى للناس رؤية النور والدين الحقيقي، وعلى الأحمدية أولاً أن يفهموا القرآن كما جاء به محمد ص قبل أن ينشروه. أما البهائية ([86]) فهي قائمة على منهج استمرار ولاية الأمر من خلال الخط الوراثي ولكن كما تبين لنا إن آخر ولي أمر لهم توفي ولم يترك وريثاً (كان عقيماً) فانهار المنهج وآلت ولاية الأمر إلى ما يسمونه اليوم ببيت العدل الأعظم، وهو أشبه ما يكون بلجنة برلمانية، وهذا ينقض منهج الوصاية الذي وضعه عبد البهاء (عباس أفندي)، وهو أيضاً ما لم يذكره أي كتاب سماوي فجميع الكتب السماوية ذكرت إن الأنبياء والرسل والملوك هم اختيار الله، فعيسى ع كان وارث كرسي داوود ع كما بيَّن الإنجيل، والمهدي ع وصي محمد ص ووارث خلافة الله في أرضه كما بيَّن القرآن والسنة الطاهرة وروايات أهل البيت ص. أكتفي بهذا المقدار وأقول أن جميع الفرق الإسلامية التي تدعي أنها على نهج محمد ص يمكن التحقق ببساطة من كونها حق أو باطل من خلال عرض منهجها في الحكم على ما كان عليه منهج محمد ص، فالقرآن والسنة الشريفة بيَّنت أن من اختارهم الله واصطفاهم هم من آل إبراهيم وآل عمران هم خلفاء الله في أرضه إلى يوم الدين، فأين النص والأدلة في كون ميرزا غلام أحمد أو الميرزا حسين على أنهم مختارون ومصطفون من الله سواء من القرآن أو السنة الشريفة. -4-مبحث في كون الجماعة هم أهل العلم ؟ فما هو العلم ؟ ومن هم العلماء؟ جزم البخاري في (كتاب الاعتصام) من "صحيحه" أن الجماعة التي أمر النبي ص بلزومها هم أهل العلم ([87]). وهنا نقول: نعم، إن من يقود هذه الأمة للنجاة يجب أن يكون عالماً، وقال رسول الله ص: (العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء) ([88]). لكن من هؤلاء العلماء الذين ورثوا علم محمد ص وورثوا علم الأنبياء ؟ لنعرف من هم العلماء يجب أن نحدد أولاً ما هو العلم ؟ هل هو الكيمياء أو الفيزياء أو النحو أو الفلسفة أو العلم بالقرآن ؟؟؟ العلم الحقيقي هو الذي يوصلنا إلى الهدف الذي خلقنا من أجله وهو معرفة الله وعبادته من خلال المنهج الذي اختاره هو سبحانه وبينه في كتبه المقدسة، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾([89]). فالعلماء هم الذي عرفوا الله حق معرفته وخشوه فهم من يستطيع أن يدلوا الناس على الله بعد أن استدلوا عليه، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾([90]). وللأسف في زماننا هذا أصبح الناس ينظرون لكل من يتفقه بالدين ويلبس ملابس رجل دين على أنه عالم واجب الإتباع. ولمعرفة مدى علم هؤلاء المدعين للعلم نضعهم في ميزان القرآن وميزان الآية أعلاه بالتحديد لنعرف أن كان هؤلاء الفقهاء يخشون الله أكثر أم يخشون الحكام والملوك والناس ؟ ولا يختلف اثنان ممن لديه بصيرة أن الفقهاء غير العاملين يخشون الحكام أكثر من خشية الله، بل أنهم يدعون للطغاة ويسكتون على طغيانهم ويثبطون الناس عن المطالبة بحقوقهم. إذن من المؤكد أن الفقهاء غير العاملين ليسوا هم المقصودين بهذه الآية. ولو رجع الناس للقرآن لعلموا أن العلم أنما يأتيه الله من يشاء من عباده ليكونوا قادة ودليلاً يستدل بهم من تبعهم من خلقه. قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([91]). ﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً﴾([92]). ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾([93]). ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾([94]). ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([95]). ﴿وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾([96]). ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([97]). وهذا العلم لم يؤته الله فقط للأنبياء ص وإنما آتاه طالوت ع وهو من ذرية إبراهيم ع، وجعل الله هذا العلم هو المعيار الذي يميز بمن يختارهم ويصطفيهم دون عباده الآخرين؛ لأنهم أخلصوا لله سبحانه، قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾([98]). وهذا العلم الذي هبط به آدم ع يورثه الله لذرية آدم ع من الأنبياء والأوصياء والأسباط والملوك ص الذين يصطفيهم الله باختياره وقد طلب زكريا ع هذا لذريته، قال تعالى: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً﴾([99]). ويحيى ع لم يتعلم كل شيء من أبيه ع؛ لأنه كان صغيراً حين فارق أباه، فالعلم أتاه من الله كما آتاه الحكم، قال تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾([100]). ويوسف ع افترق عن أبيه وهو لازال صبياً ولكنه ورث علم يعقوب ع، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([101]). فهل انقطع هذا العلم عن الخلق بعد محمد ص ؟ ومن ورث علم الرسول محمد ص هل وزع علمه بين الصحابة كما يقولون ؟؟؟ أو وزع بين فقهاء عصرنا ؟ إذن ما حال الناس والعلم متفرق بين فقهاء متفرقين ومختلفين بالآراء وبالفتوى ؟؟؟ ألم يخبرنا الله سبحانه إن العلم يتوارث بين الأنبياء في ذرياتهم كما ذكر القرآن ؟ قال تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾([102]). فمن ورث علم الرسول محمد ص؟؟؟ إن قالوا لا ندري فتعساً لها من أمة أضاعت تراث وعلم نبيها. ورثة علم محمد ص هم ذريته وهم ذرية إبراهيم ع وقد بيَّن النبي ص لأمته مكان مستودع العلم وطريق الوصول إليه إذ قال: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب) ([103]). وقال لهم مرة ثانية: (أنا دار الحكمة وعلي بابها) ([104]). وقال لهم مرة رابعة: (علي باب علمي ومبين من لأمتي ما أرسلت به من بعدي ، حبه إيمان وبغضه نفاق) ([105]). وقال رسول الله ص: (نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد) ([106]). وقال أمير المؤمنين ع: (لا يقاس بآل محمد ص من هذه الأمة أحد، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً) ([107]). وعن الإمام جعفر الصادق ع أنه قال: (يَغْدُو النَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ، عَالِمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَغُثَاءٍ، فَنَحْنُ الْعُلَمَاءُ وَشِيعَتُنَا الْمُتَعَلِّمُونَ وَسَائِرُ النَّاسِ غُثَاءٌ) ([108]). وعن الإمام جعفر الصادق ع، قال: (لما انقضت نبوة آدم وانقطع أكله أوحى الله إليه: يا آدم، إنه قد انقضت نبوتك وأنقطع أكلك فأنظر إلى ما عندك من العلم والإيمان وميراث النبوة وآثار العلم والاسم الأعظم فاجعله في العقب من ذريتك عند هبة الله فإني لن أدع الأرض بغير عالم يُعرف به الدين ويُعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن يولد ما بين قبض النبي إلى ظهور النبي الآخر) ([109]). وعنه ع أنه قال: (إن العلم الذي هبط مع آدم لم يرفع، وإن العلم يتوارث، وما يموت منا عالم حتى يخلفه من أهله من يعلم علمه، أو ما شاء الله) ([110]). وعن الإمام علي ع: (يا كميل، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالمٌ رباني، ومتعلمٌ على سبيل نجاة، وهمجٌ رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق) ([111]). وعن الإمام علي ع: (إِنَّ النَّاسَ آلُوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص إلى ثَلَاثَةٍ، آلُوا إلى عَالِمٍ عَلَى هُدًى مِنَ اللَّهِ قَدْ أَغْنَاهُ اللَّهُ بِمَا عَلِمَ عَنْ عِلْمِ غَيْرِهِ، وَجَاهل مُدَّعٍ لِلْعِلْمِ لَا عِلْمَ لَهُمُ عْجَبٍ بِمَا عِنْدَهُ قَدْ فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا وَفَتَنَ غَيْرَهُ، وَمُتَعَلِّمٍ مِنْ عَالِمٍ عَلَى سَبِيلِ هُدًى مِنَ اللَّهِ وَنَجَاةٍ ثُمَّ هَلَكَ مَنِ ادَّعَى وَخَابَ مَنِ افْتَرَى) ([112]). فهل الفقهاء هم على هدى من الله، أم يحتاجون إلى هادٍ، وهل هم من أهل البيت ص الذين طهرهم الله ليكونوا منبع صافي للعلم ؟ وأي من الفقهاء أغناه الله بما علم عن علم غيره؟ إن لم يكونوا من آل محمد ص فقد كذبوا على الله ورسوله ص، فعن الإمام علي بن الحسين السجاد ع قال: (... وإنما صار سلمان من العلماء؛ لأنه امرؤ منا أهل البيت فلذلك نسبته إلى العلماء) ([113]). وقال أمير المؤمنين ع: (أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا، أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى) ([114]). وهؤلاء العلماء هم من وصفهم الكتاب بأهل الذكر الذين أمرنا بسؤالهم وإتباعهم، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾([115]). ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً ( رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِِ﴾([116]). فرسول الله ص هو الكتاب وهو الذكر، وأهل بيته ص هم أهل الذكر وهم أهل الكتاب الذين لديهم خبر الأولين ويحملون علم الأنبياء ص. للأسف تشوهت المفاهيم عند الناس بسبب تفسير القرآن بارآء غيرهم من الناس الذين ادعوا العلم زوراً وبهتاناً، مثال ذلك ما نقله القرطبي (متوفى 671 هـ) في تفسيره ([117]): (﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ يريد أهل التوراة والإنجيل الذين آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، قاله سفيان: وسماهم أهل الذكر؛ لأنهم كانوا يذكرون خبر الأنبياء مما لم تعرفه العرب، وكان كفار قريش يراجعون أهل الكتاب في أمر محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقال ابن زيد: أراد بالذكر القرآن، أي فاسألوا المؤمنين العالمين من أهل القرآن، قال جابر الجعفي: لما نزلت هذه الآية قال علي رضي الله عنه نحن أهل الذكر). مع أن القرطبي شطح وفسر القرآن برأيه فهل من المعقول أن أهل الذكر هم أهل الكتاب من الديانات الأخرى ؟ فهؤلاء ليس لديهم من أخبار الأولين إلا ما ذكرت كتبهم فلماذا لا نرجع إلى كتبهم وينتهي الأمر ؟ ولكنه نقل لنا قول الإمام علي ع حيث يقول نحن أهل الذكر ولكن المفسر للأسف نقلها ولم يعقلها. إن من عنده أخبار الأنبياء السابقين هم ورثة علم الأنبياء وهم محمد وآل محمد ص. قال ابن جرير الطبري (متوفى 310هـ) في تفسيره ([118]): (عن أبي جعفر: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ قال: "نحن أهل الذكر"). وأيضاً في نفس المصدر ([119]): (أحمد بن محمد الطوسي، قال: ثني عبد الرحمن بن صالح، قال: ثني موسى بن عثمان، عن جابر الجعفي، قال: لما نزلت: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ قال علي: "نحن أهل الذكر"). وعن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر ع، قال: (إن من عندنا يزعمون إن قول الله ( ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أنهم اليهود والنصارى، قال: إذاَ يدعونكم إلى دينهم، قال بيده إلى صدره: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون) ([120]). عن عقيل بن الحسين، قال: أخبرنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، قال: حدثنا عبدويه بن محمد بشيراز، قال: حدثنا سهل بن نوح بن يحيى أبو الحسن الحبابي، قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان عن وكيع، عن سفيان، عن السدي: عن الحارث، قال: سألت علياً عن هذه الآية: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ﴾، فقال: (والله إنا لنحن أهل الذكر، نحن أهل العلم، ونحن معدن التأويل والتنزيل، ولقد سمعت رسول الله ص يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه) ([121]). وعن الإمام الباقر ع في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ قال: (نحن أهل الذكر، ونحن المسئولون) ([122]). وعن الإمام الصادق ع في قول الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ قال: (الذكر محمد ص ونحن أهله ونحن المسئولون) ([123]). إن آل محمد ص حارت بهم عقول الناس وتفرقت بين محب وحاسد ومبغض والجميع لم يقدرهم حق قدرهم إلا من فتح الله له البصيرة ليرى الحق فيهم ومن خلالهم. روى ابن حجر الهيثمي، عن الإمام الشافعي أنه قال: يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن انزله كفاكم من عظيم القدر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له وهكذا اشتبه على الأمة السلامية مسمى العلماء وقد أوهم الكثير من فقهاء الضلالة الموجودين في كل عصر الناس على أنهم هم العلماء وأنهم هم أهل الذكر، فاتبعهم الناس دون أن يتبينوا الحق من الباطل، ولكنهم لو تبصروا قليلاً في ما قاله الرسول ص وأهل بيته ص فيمن يمتهن الدين لعرفوا الحق واستدلوا عليه. فقد حذَّر الرسول ص وأوصياؤه ص من بعده من الانجرار الأعمى خلف الفقهاء الذين يتصنعون التدين والزهد، فعن رسول الله ص قال: (ويل لأمتي من علماء السوء، يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم، لا أربح الله تجارتهم) ([124]). وواضح للجميع أن فقهاء زماننا يستلمون رواتب أو حقوقاً من المسلمين ليعتاشوا، فاتخذوا من الدين مهنة وتجارة، بينما كل الأنبياء والرسل والأوصياء كان يعملون بمهن وحرف بسيطة ولا يحترفون الدين. وعن رسول الله ص: (لست أخاف على أمتي غوغاء تقتلهم، ولا عدواً يجتاحهم، ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين إن أطاعوهم فتنوهم، وإن عصوهم قتلوهم) ([125]). وعن رسول الله ص في وصف حال الأمة وقد غاب عنهم الهاد بعد أن زهدوا فيه: (يا ابن مسعود،... علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة، ألا إنهم أشرار خلق الله، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾([126])) ([127]). وعن الصادق ع، عن أمير المؤمنين ع، عن الرسول ص إنه قال: (سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود) ([128]). وفي الينابيع ورد: (إذا خرج القائم ع فليس له عدوٍ مبين إلا الفقهاء خاصة، وهو والسيف أخوان، ولولا أن السيف بيده لأفتوا الفقهاء في قتله، ولكن الله يظهره بالسيف والكرم، فيطيعون ويخافون فيقبلون حكمه من غير أيمان بل يضمرون خلافه) ([129]). ولأولي الألباب أشارة واضحة في معرفة باطل الفقهاء غير العاملين من خلال ما يحدث اليوم من اختلاف بين هؤلاء الفقهاء غير العاملين في الفتوى وإن كانوا من نفس المذهب وعلى دين جاءهم من رب واحد ومن رسول واحد ومن كتاب واحد، وهذا ما بيَّنه الإمام علي ع في ذم اختلاف الفقهاء بالفتوى إذ قال: (... ترد على أحدهم القضية فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند إمامهم الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً، وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد. أفأمرهم الله بالاختلاف فأطاعوه، أم نهاهم عنه فعصوه، أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه، أم كانوا شركاء فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى، أم انزل الله ديناً تاماص فقصر الرسول في تبليغه ؟ والله يقول: ما فرطنا في الكتاب من شيء، وفيه تبيان كل شيء، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضاً، وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾([130])) ([131]). وكثيراً ما نسمع فقهاء هذا الزمان يتحججون بمستحدثات العصر التي يقولون أنه لم يذكرها القرآن والسنة الشريفة أو روايات أهل البيت ص (مثل المعاملات البنكية ووسائل النقل الحديثة وغيرها ...)، وهم بذلك إنما يريدون فتح باب الاجتهاد بالرأي وإيجاد ثغرة لسيدهم إبليس (لعنه الله) حتى ينفذ منها إلى عقول الناس فيضلهم بها. وفي تعليق للشيخ الجليل محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني صاحب كتاب (الغيبة) المتوفي سنة 360 هـ 971م على أصحاب الرأي والقياس والاجتهاد: (... ثم أعجب من هذا دعاء هؤلاء الصم العمى أنه ليس في القرآن علم كل شيء من صغير الفرائض وكبيرها ودقيق الأحكام والسنن وجليلها والله يقول: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾، ويقول: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾، ويقول: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾، ويقول: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا﴾، ويقول: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾، ويقول: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ﴾، فمن أنكر أن شيئاً من أمور الدنيا والآخرة وأحكام الدين وفرائضه وسننه وجميع ما يحتاج إليه أهل الشريعة ليس موجوداً في القرآن الذي قال الله فيه: ﴿تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾، فهو راد على الله قوله ومفتر على الله الكذب وغيره مصدق بكتابه) ([132]). وبعضهم جعل من انتسابه لنسل الرسول ص وسيلة لفتنة الناس وتضليلهم، ولو أن الناس رجعت إلى كتاب الله لتبصرت بما فيه من أمثال وقصص لعرفت أن ارتباط نسب أي شخص بالأنبياء ليس تزكية له، فابن نبي الله نوح ع أقرب ارتباطاً منهم بالأنبياء ولم ينفعه هذا النسب، وكذلك قابيل ابن سيدنا آدم ع. قال تعالى: ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾([133]). وقال الإمام علي ع: (إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به. ثمّ تلا ع: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾([134]). ثمّ قال: إنّ ولي محمّدٍ من أطاع الله وإن بعُدت لحمته، وإن عدوّ محمّدٍ من عصى الله وإن قرُبت قرابته ...) ([135]). وفي رسالة الإمام المهدي الحجة بن الحسن ع إلى محمد ابن عثمان العمري: (... فاعلم أنه ليس بين الله ( وبين أحد قرابة...) ([136]). وعن الإمام علي ع أنه قال: (يا كميل، لو لم يظهر نبي وكان في الأرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى الله مخطئاً أو مصيباً، بل والله مخطئاً حتى ينصبه الله لذلك ويؤهله له. يا كميل، الدين لله فلا يقبل الله من أحد القيام به إلا رسولاً أو نبياً أو وصياص. يا كميل، هي نبوة ورسالة وإمامة وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو عامهين مبتدعين، إنما يتقبل الله من المتقين) ([137]). فأين الفقهاء من حديث الإمام علي ع وقد حشروا أنفسهم حشراً بين من اصطفاهم الله ليرفعوا أنفسهم عن الناس الذين كانوا ولا يزالوا طبقة واحدة دون من اصطفاهم الله. فالله سبحانه كلف كل إنسان أن يتفقه بالدين ويعمل بما يعرف بدون الاجتهاد بالرأي والاستنباط العقلي الذي كان باب إبليس في تحليل الحرام وتحريم الحلال على لسان الفقهاء الذي امتهنوا الدين وجعلوه تجارة. لقد اتبع الناس فقهائهم إتباعاً أعمى من دون التبصر إلى أين أخذوهم، فمن خلال الشعارات التي يقولون بها وهي أن النجاة بالتمسك بالعترة الطاهرة ساقوهم إلى إتباع أحكام ظنية تستند إلى آرائهم، والأمر واضح إذ كيف يدَّعون التمسك بما جاء عن أهل البيت ص وهم يجتهدون بالرأي ويقولون بالاستنباط العقلي، وأهل البيت ص قد نهوا عن الاجتهاد بالرأي والاستنباط العقلي والقياس. فعن أبي بصير، قال: (قلت لأبي عبد الله ع: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها؟ قال: لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله () ([138]). وكذلك كان ولا زال فقهاء الضلالة يختطفون الناس عن الدين باستغلال رواية (فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه...) ([139]). أين وجوب التقليد الذي يقولون به واتخذوه سبباً في خطف الناس بعيداً عن التفقه بدينهم، وأي من هؤلاء الفقهاء صائن لنفسه وقد ارتضى أن يقعد عن محاربة الظلم خوفاً على نفسه، بل بعضهم أفتوا بما يرضي السلطان الحاكم، وهل سكوتهم هذا حفظ الدين وكرامة الناس التي انتهكت وتنتهك كل يوم ليقولوا إنها تقية كما كذبوا ويكذبون إلى يومنا هذا على الناس ؟؟ وبسكوتهم هذا سكوت على عن انتهاك محارم دين الله والظلم الذي وقع على الناس، وكونهم يدعون أنهم أولياء للأمر وهم فضلوا الحياة الدنيا على الآخرة ؟؟ وأي من هؤلاء الفقهاء مطيع لأمر مولاه وهم ليس لديهم اتصال بالمعصوم ؟ وعن أبي عبد الله ع، عن رسول الله ص، قال: (الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل له: يا رسول الله، وما دخولهم في الدنيا ؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم) ([140]). ولماذا أخذ هؤلاء الفقهاء برواية واحدة متشابهة لأهل البيت ص ليس فيها وجوباً وتركوا روايات أخرى فيها تحذير ووعيد لمن يترك التفقه بالدين، ففي وَصِيَّةِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ: (تَفَقَّهُوا فِي دِينِ اللَّهِ وَلَا تَكُونُوا أَعْرَاباً فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِ اللَّهِ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُزَكِّ لَهُ عَمَلاً) ([141]). وعن الصادق ع، قال: (إياكم والتقليد فإنه من قلد في دينه هلك، قال تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ﴾([142])، فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا ولكن احلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً فقلدوهم في ذلك فعبدوهم وهم لا يشعرون..) ([143]). وهكذا أصبحت الفرقة الناجية بالنسبة لهم هي محبة أهل البيت ص وتقليد غير المعصوم من الفقهاء الذين خالفوا أهل البيت ص في أعمالهم وفتاويهم، وأصبحت الولاية التي يدّعون أنها ركن من أركان الدين تتماشى مع الديمقراطية والشورى التي يقول الفقهاء بها الآن. وهناك من الفقهاء من يتشدق بإتباع القرآن وسنة الرسول ص ويستشهدون بأحاديث الرسول ص عن ضرورة التمسك بالقرآن بالسنة على أنها سبيل النجاة، مع أنهم يقولون أنه لا يعلم تأويل القرآن إلا الله. أما السنة فأخذوها من كتب لم تدوّن إلا بعد سنين كثيرة من وفاة الرسول ص ومن رواة كانت منافعهم الشخصية فوق مصلحة الدين، أما ما دوّن منها فأخذوا من أحاديث الرسول ص ما يواكب أهوائهم ويخدم مصالحهم وتركوا البعض الآخر وأضافوا لسنة الرسول ص ما يسمونه سنة السلف الصالح، فهل أن الرسول محمداً ص (وحاشاه) جاء بدين ناقص وتركه لما يسمونه بالسلف ليتمموه من بعده ؟ كتاب الله يجيب ويقول: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾([144]). ﴿... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾([145]). في ما تقدم أمثلة بسيطة للمسالك التي ابتدعها تجار الدين من الفقهاء غير العاملين ومن جميع المذاهب كان سببها أنهم تكبروا بإدعاء العلم، فلا يستطيعون أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون؛ لأن مكانتهم بالمجتمع والحضوة أكتسبوها من إدعائهم العلم والتدين، ومن الواضح أنهم فشلوا في ذلك؛ لأنهم عجزوا عن التصدي لأهم فريضة أوجبها الله وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أن بعضهم ادعى تطبيق هذه الفريضة من خلال ممارسات كان هدفها محدوداً، ويطبق على شريحة من الناس دون غيرهم وهم البسطاء والفقراء من المسلمين والنساء. أما الملوك والأمراء والحكام الذي اختاروهم فقد تم استثنائهم من هذه الفريضة الإلهية الواجبة فكان ذلك سبباً أساسياً في انتشار الظلم والاستبداد والفساد. قال رسول الله محمد ص ما معناه: (لتأمرون بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم ثم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم) ([146]). وقال علي بن أبي طالب ع: (.... لا تَتْرُكُوا الأمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ) ([147]). فهل التزم من حكم بعد الرسول ص بما جاء به الرسول ص، أم أنهم أحدثوا بعده وقالوا عن المحدثات أنها بدعة حسنة. والحديث الذي ورد عن الرسول ص واضح ولا يحتاج تأويلاً أو تفسيراً: (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) ([148]). وهكذا من خلال هؤلاء الفقهاء غير العاملين نجحت إستراتيجية إبليس (لعنه الله) في إبعاد الناس عن خالقهم، وهذا ما وصل إليه حال الناس في هذا الزمان، فما نلمسه في يومنا هذا أن كل فرقة إسلامية تدعي أنها الفرقة الناجية وتأتي بإسناد من القرآن والسنة من خلال أخذ بعض الكتاب وترك البعض الآخر وتأويل القرآن بآرائها. قال تعالى سبحانه: ﴿... أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾([149]). إما سبب إتباع الناس لهؤلاء الفقهاء وإعراضهم عن خالقهم كان ولا زال هو جهلهم في أمور دينهم وتقاعسهم عن تدبر أهم شيء خلقوا من أجله، فمنحوا الشيطان ويده الخبيثة وجنوده في هذا العالم وهم فقهاء الضلالة فرصة ليضعوا أنفسهم بين الخلق والخالق، فأغلقوا الأبواب عليهم، وثبطوهم عن البحث والتعلم في أمور الدين، وأصبح الدين مهنة واختصاصاً، فأركن الناس إليهم أمور الدين وائتمنوهم على أهم شيء خلقوا من أجله وهو معرفة الله والدين. قال تعالى: ﴿... وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾([150]). وفقهاء الضلالة وبعد أن تصدوا لشيء عظيم ليس لهم به علم (فما كان الله سبحانه ليأتيهم العلم والمعرفة بالدين بعد أن جعلوه مهنة يسترزقون منها) ابتكروا وابتدعوا ما أوهموا الناس بأنه علم مثل علم الكلام والفلسفة والنحو وغيرها من الأمور التي لا تغني ولا تسمن، وركنوا إلى جذب الناس من حولهم من خلال وضع الدين والامتحان الإلهي في إطار بسيط وهو إطار العبادات فقط وترك محاور الدين الأساسية الأخرى كنوع من ذر الرماد في العيون؛ لتبرير التقاعس عن أداء حقوق الله سبحانه والعمل بما أمر، وهكذا أصبحوا مصداق لآيات الله التي وصفت جدال الضالين والمضلين. قال تعالى: ﴿قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ﴾([151]). ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾([152]). وهذه الإستراتيجية ليست جديدة فمبتدعها إبليس (لعنه الله) الذي يأتي الناس من حيث لا يشعرون وقع بنفس الخطأ، فعبادته الطويلة غرَّته ولم تنفعه في امتحانه مع آدم ع، وقد بيّن الإمام علي ع ذلك في إحدى خطبه من خلال مثال ضربه لنا في كون العبادات لن تعفي الخلق من الامتحان الإلهي إذ قال ع: (ولو أراد الله أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار ضياؤه ويبهر العقول رواؤه، وطيب يأخذ الأنفاس عرفه لفعل، ولو فعل لظلت له الأعناق خاضعة، ولخفت البلوى فيه على الملائكة، ولكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزاً بالاختبار لهم، ونفياً للاستكبار عنهم، وإبعاداً للخيلاء منهم، فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة لا يدري أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة عن كبر ساعة واحدة. فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته ؟ كلا، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشراً بأمر أخرج به منها ملكاً) ([153]). وكان ولا زال في الخوارج ووصف عبادتهم لنا عبرة، فعَنِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أنه قَالَ: (بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ص وَهُوَ يُقْسِمُ قَسْماً إِذَا جَاءَهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اعْدِلْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص: وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدَلْ ؟ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ص: دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَاباً يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُوقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ - وَهُوَ الْقِدْحُ -، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، وَمَثَلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينَ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ص، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ، وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ، فَوُجِدَ، فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللهِ ص الَّذِي نَعَتَ) ([154]). فكم من الناس الآن يعبد من لا يعرف، مثلما فعل الخوارج ؟؟ -5-القاسم المشترك بين حديث الفرقة الناجية وحديث التمسك بالخلفاء المهديين الراشدين من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله): قال رسول الله ص: (فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) ([155]). يقول الرسول ص عضوا عليها بالنواجذ ألا يكفي هذا الوصف من الرسول ص ليبين لهم سبيل النجاة ؟؟؟ وهل كل من أسماه الناس خليفة راشداً هو المقصود بحديث الرسول ص، وكم عددهم ؟ لقد أخبرنا رسولنا محمد ص بعدد الأوصياء (الخلفاء) من بعده حيث نقل لنا محمد بن المثنى وقال: حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن عبد الملك: سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي ص يقول: (يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه يقول: "كلهم من قريش") ([156]). وحدث قتيبة بن سعيد، وقال: حدثنا جرير، عن حسين، عن جابر بن سمرة، قال: (قال: سمعت النبي يقول: ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، واللفظ له حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان، عن حصين، عن جابر بن سمرة، قال: دخلت مع النبي فسمعته يقول: "إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة". ثم تكلم بكلام خفي عليَّ فقلت لأبي: ما قال ؟ قال: كلهم من قريش) ([157]). أكتفي بهذه الأحاديث كمثال والكتب مليئة بالعشرات إن لم يكن المئات من الأحاديث لمن أراد المزيد. ومن عدد هؤلاء الخلفاء نستطيع أن نميز من هم هؤلاء الخلفاء، فأن لم يكن هنالك حكمة في ذكر العدد لماذا ذكره رسول الله ص ؟ وإن كان المقصود بهؤلاء الخلفاء كل من تولى الحكم بعد وفاة الرسول ص فالعدد أكثر من إثنا عشر بكثير ومعظمهم من قريش. فبعد الخلفاء الأربعة حكم بني أمية وبني العباس وهؤلاء كلهم من قريش، أما ما حدث في ظل هؤلاء الخلفاء فكتب التاريخ شاهد على ذلك، وإن قالوا إن الأربعة الأوائل كانوا راشدون فنسألهم هل كان حكم من جاء بعدهم هو حكم الله والرسول محمد ص ؟ وهل قصد الرسول ص بالخلفاء من بعده معاوية الذي تسبب بقتل المسلمين في حربه مع الإمام علي ع، أو ربما يظن البعض أنه ص كان يقصد يزيد (لعنه الله) الذي قتل سبط الرسول ص وخامس أصحاب الكساء، أم كان يقصد حكم بني أمية وبني العباس الذي إذ أزدهر في زمن حكمهم الفجور وسرقة بيت مال المسلمين الضعفاء ؟ بالتأكيد ليس هؤلاء من قصدهم الرسول ص بحديثه ولكن الناس تتبع هوى نفسها وتريد أن تصدق ما تشاء وإن كان بعيداً عن الحق. لم ينصف الناس الرسول ص ولم ينصفوا أنفسهم بالفهم الخاطئ لأحاديث الرسول ص. ونعود إلى حديث الرسول ص لنستشف منه حقيقة مهمة أخرى وهي (أن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة) فأي أمر ينقضي، وماذا يحدث بعد ذلك، ومن هم الخلفاء من بعد الأئمة الاثنى عشر، هذا ما بينه الرسول محمد ص في وصيته ليلة وفاته. فالقرآن أمر كل خلق الله الذين يؤمنون بالله بأن يتركوا وصاياهم إذا حضرهم الموت. قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾([158]). ورسولنا محمد ص من جاءنا بالكتاب هو أولى الخلق بكتاب الله وبترك وصيته حين حضرته الوفاة. وجاء في هذه الوصية: أن رسول الله ص قال: (في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي ع: يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة. فأملا رسول الله ص وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً، ... حتى انتهى إلى هذا الموضع، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد ص. فذلك اثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أول المؤمنين) ([159]). وحتى يتضح لنا أكثر مفهوم انقضاء الأمر نقرأ أحاديث الرسول محمد ص فيما يخص ظهور منقذ البشرية الإمام المهدي ع، إذ قال ص: ( أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلزال ...) ([160]). وقوله ص: (المهدي مني ... يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) ([161]). وعن عبد الله بن مسعود كما رواه أبو داود، عن النبي ص، قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني (أو من أهل بيتي)، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً) ([162]). أي إن انقضاء الأمر هو مجيء أمر الله ووعده في إنهاء الفتنة الصماء، وتوحيد الأمم والأديان، والقضاء على الظلم والجور ليكون ظهور دولة محمد وآل محمد ص التي يحكم فيها المهديون ص من آل محمد ص. وهذا يتبين بصورة أوضح في حديث الصادق ع إذ قال: (إن منا بعد القائم اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين ع) ([163]). عسى أن يكون هذا كافياً لمن يطلب الحق في معرفة من هم الخلفاء الرسول ص ووصفهم بالراشدين المهديين. -6-القاسم المشترك بين حديث الثقلين وحديث الفرقة الناجية: رسول الله محمد ص ترك للمسلمين حديث الثقلين ليبعدهم عن الضلال ويبقيهم على الصراط المستقيم، ولكن الطامة الكبرى هو أن يختلف الناس من بعد على مفهوم الثقلين، فالبعض يقول أن الثقلين هم القرآن والسنة، وطرف يقول القرآن والعترة الطاهرة، وكلا الطرفين لم يصل إلى المفاهيم العميقة التي أراد رسول الله محمد ص إيصالها للناس. فطرف يروي أن رسول الله ص قال: (إني قد خلفت فيكم ثنتين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) ([164]). ماهي السنة ؟ هل هي حديث الرسول ص فقط ؟ هل وصل إليهم كل ما تحدث به الرسول ص؟ وهل بقيت أحاديث السنة ملازمة للقرآن (الذي لا يدخله باطل) وقد دخل فيها من الأحاديث ما لم ينزل الله به من سلطان واختلف عليها الناس ؟؟؟ وهل ترك رسول الله ص للمسلمين سنة مدونة يعودوا إليها فلا يختلفوا فيها ؟ ومتى دونت السنة لتكون مرجعاً للمسلمين؟ لا يختلف اثنان من المسلمين على أن القرن الأول الهجري كاد أن ينتهي ولم يصدر أحد من الخلفاء أمره بجمع الحديث وتدوينه، بل تركوه عند الرواة والحفظة ومدونات متناثرة، وهؤلاء بشر يموتون وينسون ويختلفون، والبعض الآخر أحرق الأحاديث المدونة، فعن عائشة قالت: (جمع أبي الحديث عن رسول الله ص وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب كثيراً، قالت: فغمني فقلت أتتقلب لشكوى أو لوجع بلغك ؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها فدعا بنار فحرقها فقلت: لم أحرقتها ؟ قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون نقلت ذلك) ([165]). فإن كان الرسول ص قد أمرهم بإتباع السنة كثقل ثانٍ فلماذا أحرقها من جاء بعده ؟؟؟ فهل من الحكمة إرشاد الناس إلى إتباع شيء وبهذه الأهمية وهو غير مدوّن ومتناثر بين الناس لا يمكن الرجوع إليه من مصدر موثوق ؟ الحكمة تقول إن من لديه شيء ثمين يجمعه ويحفظه في مكان أمين، وهذا المكان يجب أن يكون طاهراً ولا يمكن أن يضيف أو ينقص من الأمانة التي تركها رسول الله محمد ص، وهو يجب أن يكون كالقرآن الذي لا يدخل الباطل بين دفتيه وعدلاً له، فقول الرسول ص الذي جاء يعلمنا الحكمة وفي حديثه كل الحكمة حيث يصف الثقلين بالحافظ من الضلال لمن تمسك بهما، وهذا يتطلب التمسك وإتباع اثنان لا يدخلهما الباطل وهما كتاب الله وهذا لا يختلف عليه اثنان من المسلمين، ولكن الثقل الثاني إن كان يقصد به الأحاديث المتناقلة، فهي مختلف في صحة أحاديثها، والمباحث في صحة الأحاديث أثبت أن كل الطوائف ترى أن هنالك أحاديث موضوعة، وإلا لماذا يبحثون في السند وصحة الأحاديث، (هذا إضافة إلى كون منهج تصحيح الأحاديث خدم أهداف البعض لإبطال ما لا يواكب آراءهم من أحاديث شريفة؛ لأنهم لا يريدون أن يتركوا ما وجدوا عليه آباءهم وإن كان بطلانه واضحاً) ليتيقنوا من الحق والباطل في أحاديث السنة الشريفة. السنة ليست فقط ما تحدث به الرسول ص؛ لأنه ليس هنالك من سمع كل من تحدث به الرسول ص، فالعلم الذي كان لدى الرسول ص ليس فقط ما تحدث به، بل إن السنة التي ذكرها الرسول ص هي المنهج الذي يستند على علم تركه الرسول ص لورثة طاهرين أمناء من ذريته، وهم ذرية إبراهيم ع، وهم العترة الطاهرة التي لا يدخلها الباطل بنص من الله سبحانه وتعالى، فهم منبع السنة الطاهرة التي لا شك ولا لبس فيها، قال تعالى: ﴿... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾([166]). قال رسول الله محمد ص: (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)، وفي حديث آخر: (أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيك ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) ([167]). فأهل البيت ص هم الحق الذي لا يشوبه الباطل، وعدل القرآن الذي لا يدخله الباطل بين دفتيه، وهنا يتبين لنا الحكمة من آية التطهير، فالله سبحانه يشير فيها للمسلمين إلى المنبع الطاهر الذي يجب أن يستقوا منه المعرفة بدينهم وسنة الرسول محمد ص، ويبدأ خلاف آخر هنا وهو من هم أهل البيت ص. وقد بيَّن رسول الله ص للمسلمين من هم أهل بيته وعترته ومن هم ذريته إذ قال ص: (إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي) ([168]). وهذا معنى قوله ص: (كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم) ([169]). وهذا معنى قوله ص أيضاً: (وأما أنت يا علي فأخي وأبو ولدي) ([170]). وقوله مشيراً لعلي: (هذا أخي وابن عمي وصهري وأبو ولدي) ([171]). وليس صدفة أن تنحصر ذرية النبي بولد فاطمة، وقد أحيطت الأمة علماً بذلك وعلمت علم اليقين أنه ليس للنبي ولد إلا ولد فاطمة، وطالما ردد ص أمام جموع المسلمين: هذا ابني الحسن، وهذا ابني الحسين، وإن الله سماهما باسميهما فهما سيدا شباب أهل الجنة في الجنة وريحانتاي من هذه الأمة. وعندما نزل قوله تعالى: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾([172])، فأن كتب الحديث أجمعت على أن هذه الآية نزلت على النبي ص في فاطمة والحسن والحسين ص ([173]). وذرية الرسول ص من عشيرة النبي ص والخلافة في قريش ([174])، وناصية قريش بالنص الشرعي هم بنو هاشم، وناصية هاشم هم بنو عبد المطلب، وناصية عبد المطلب هم محمد وأهل بيته ([175])، وهم ذرية إبراهيم ع، والذي جعلت الإمامة والخلافة في ذريته إلى يوم الدين وقد طهرهم الخالق ليكونوا منبعاً ومنهجاً مستمراً لدينه القويم وصراطه المستقيم، فإن قالوا إنها في النساء فأي منهج وضعته نساء الرسول ص ليأمر الرسول الناس بإتباعه ؟ وعن أبي بكر بني أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير واللفظ لأبي بكر، قال: حدثنا محمد بن بشر، عن زكرياء، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة: (خرج النبي ص غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾) ([176]). وعن ‏محمد بن مصعب، ‏قال: حدثنا ‏‏الأوزاعي،‏ ‏عن ‏شداد أبي عمار، ‏قال: (دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا علياً، فلما قاموا قال لي: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله ص؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمة (رضي الله عنها) أسألها عن علي قالت: توجه إلى رسول الله ص، فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله ص ومعه علي وحسن وحسين (رضي الله تعالى عنهم) آخذ كل واحد منهما بيده، فأدنى علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسناً وحسيناً كل منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساء، ثم تلا هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق) ([177]). السؤال هنا: أحق بماذا يا رسول الله؟ للأسف المسلمون بعد رسول الله ص أنطبق عليهم مثل بني إسرائيل عندما أمرهم موسى ع بذبح بقرة، فبدأوا يتحججون بلونها وشكلها، والمسلمون بعد رسول الله ص يتحججون ويقولون إن محمداً ص لم يذكر اسم الخليفة من بعده ولم يذكر صفاته، ويتحججون بقولهم لماذا لم يطالب هذا الخليفة بالحكم ؟ ولكنهم نسوا أنهم مفتونون لا محالة، وأن من نقل لهم التاريخ وأحداثه ودوّنه هم من اغتصب الخلافة. إذاً القاسم المشترك بين حديث الفرقة الناجية وحديث الثقلين هو: أن الثقل الثاني المتمثل بذرية محمد ص وهم ذرية إبراهيم ع وهم الخلفاء الذين اختارهم الله سبحانه ليحكموا الأرض بالعدل الذي ارتضاه الله لنفسه وأمر به. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾([178]). -7-القاسم المشترك في الفرق الناجية من الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية): قال رسول الله محمد ص: (افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة ، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة) ([179]). فما هو القاسم المشترك بين هذه الفرق الناجية ؟؟؟ جميع البحوث التي كتبت في موضوع الفرقة الناجية لم تتناول السبب والحكمة التي ذكرها الرسول ص في المثل الذي ضربه في افتراق أمة موسى ع من بعده وافتراق أمة عيسى من بعده ع ليكون لهم مفتاحاً في فهم الحكمة المحمدية. فالفرق في الديانة اليهودية لم تختلف في الإيمان بالله وبموسى ع، والفرق في الديانة المسيحية لم تختلف في الإيمان بالله وبعيسى ع، وهكذا أيضاً فرق المسلمين فإنها لا تختلف في إيمانها بالله وبمحمد ص، فأين اختلفت هذه الفرق ؟ وهل كانت الفرقة الناجية من اليهود والنصارى هي التي تبعت صحابة أنبياءها وسنتهم، أم كانت الكثرة والإجماع ؟ إن المثل الذي ضربه الرسول محمد ص كان أجد للمسلمين أن يتفكروا فيه ليحاولوا فهمه. فالقاسم المشترك يجب أن يكون واحداً، وأكيد هو ليس اسم فرقة وإنما منهج مستمر سارت عليه الفرق الناجية من اليهود والنصارى والمسلمين فحقق لهم النجاة. وهذا المنهج يجب أن يكون منهجاً مشتركاً للديانات الثلاث فأوصلها إلى النجاة ومرضاة الله سبحانه. وقد بيَّن الإمام ع هذا القاسم المشترك إذ قال: (... افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار وواحدة ناجية في الجنة، وهي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة، وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي التي اتبعت وصي محمد، وضرب بيده على صدره ثم قال: ثلاثة عشر فرقة من الثلاث والسبعين فرقة كلها تنتحل مودتي وحبي، واحدة منها في الجنة وهم النمط الأوسط واثنتا عشرة في النار) ([180]). وعن أنس بن مالك، قال: قلنا لسلمان: (سل النبي ص عن وصيه، فقال له سلمان: يا رسول الله، من وصيك ؟ قال: يا سلمان، من كان وصي موسى ؟ قال: يوشع بن نون. قال: فإن وصيي ووارثي، يقضي ديني، وينجز موعدي، علي بن أبي طالب) ([181]). إذاً هذه الفرق جميعاً لم تختلف على أنبيائها، وإنما اختلفت وافترقت في الامتحان بالأوصياء والأسباط الذين يختارهم الله بعد الأنبياء والرسل ص، وهم الأوصياء الأسباط من آل إبراهيم ص وآل عمران ص. قال تعالى: ﴿قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾([182]). ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾([183]). فما هو الغريب في أن يكون هنالك أوصياء وأسباط لمحمد ص حتى ينكرهم الناس ؟ ألم يسمعوا قول رسول الله ص: (حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحب حسيناً، الحسن والحسين من الأسباط) ([184]). فالقاسم المشترك بين الفرق الناجية في الديانات الثلاث هم الأوصياء والأسباط الذين أختلف فيهم الناس من بعد الأنبياء ص. -8-القاسم المشترك بين المشركين والفرق الهالكة التي قال الرسول (صلى الله عليه وآله) إنها في النار: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً﴾([185]). بيَّن لنا الله سبحانه وتعالى إنه يغفر الذنوب جميعاً إلا الشرك، والفرق الهالكة التي أشار إليها الرسول ص في حديث الفرقة الناجية إنما دخلت النار؛ لأن الله لم يغفر لها، أي إنها أشركت بالله من حيث تعلم أو من حيث لا تعلم، وهذا ما بيَّنته الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾([186]). قال رسول الله ص: (أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَأَخْبَرَنِي - أَوْ قَالَ بَشَّرَنِي - أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ) ([187]). وقال رسول الله ص: (مَنْ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى لا يُشْرَكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنَّةَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ: إِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ) ([188]). وقد يفهم الناس أن الشرك له وجه واحد وهو أن يعبد إلهاً آخر مع الله، ولكن هنالك أوجه أخرى وهي أن الناس قد يعبدون الرهبان والطواغيت بدون أن يشعروا بذلك، فعن قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ﴾ الآية. عن عدي بن حاتم، أنه سمع رسول الله ص يقرأ هذه الآية قال: (فقلت: يا رسول الله، لسنا نعبدهم. قال: أليس يحلون ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ؟ قال: قلت: بلى. قال: فتلك عبادتهم)([189]). وهنالك وجه آخر للشرك وهو الذي وقع فيه إبليس وهو من أعظم الشرك؛ لأنه أراد في اعتراضه على تنصيب آدم ع خليفة لله في أرضه أن يشترك مع الله في إرادته واختياره لآدم ع كخليفة لله في أرضه. فالله سبحانه ذكر في كتابه العزيز أنه لا يشرك في حكمه أحداً: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾([190]). ورد في التفسير الميسر لهذه الآية: ليس للخلق أحد غيره يتولى أمورهم، وليس له شريك في حكمه وقضائه وتشريعه، سبحانه وتعالى. قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾([191]). ورد في التفسير الميسر لهذه الآية: وربك يخلق ما يشاء أن يخلقه, ويصطفي لولايته مَن يشاء من خلقه, وليس لأحد من الأمر والاختيار شيء, وإنما ذلك لله وحده سبحانه, تعالى وتنزَّه عن شركهم. والله سبحانه بيَّن للعباد في آيات كثيرة أنه هو سبحانه من أتى الحكم والملك لمن أصطفى من عباده وفوضهم أن يحكموا بإرادة الله واختياره، فهم يمثلون حكم الله. قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([192]). ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾([193]). وهنالك من يزعم بأن الملك والحكم كان نص من الله فقط للأنبياء والرسل وكأنهم أخذوا من القرآن ما يوافق أهوائهم وتركوا الباقي خلف ظهورهم، فالله سبحانه آتى الملك لطالوت ع وأختاره ملكاً مع أنه لم يكن نبياً. قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾([194]). ومن يتصدى للحكم وهو ليس ممن اختياره الله سبحانه إنما يضع نفسه فوق قانون الله الذي بيَّنه في القرآن وهو أن الله يأتي ملكه من يشاء من عباده، ومن يضع نفسه فوق قانون الله فإنما هو طاغوت يعبد من دون الله. قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾([195]). والذين يرضون بحكم من نصب نفسه ملكاً أو حاكماً وإن آمنوا بالله وكتابه ورسله إنما ارتضوا حكم الطاغوت وأدخلوا أنفسهم بالشرك الذي نهاهم الله عنه. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾([196]). وفي حديثِ لرسول الله ص: (إنّ الله يرضَى لكم ثلاثاً ويسخَط لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصِموا بحبلِ الله جميعاً ولا تَفَرَّقوا، وأن تناصِحوا مَن ولاّه الله أمرَكم، ...) ([197]). يبيِّن لنا رسول الله ص أن منهاج النجاة هنا هو عدم الشرك والاعتصام بحبل الله ومناصحة من ولاه الله، وهي جميعها منهج واحد، فطاعة من يختاره الله هي التوحيد وهي الاعتصام بحبل الله سبحانه. من هنا يتبين لنا القاسم المشترك بين الفرق الهالكة في حديث الفرقة الناجية والمشركين، فمن لا يؤمن أن الحكم لمن يختارهم الله كأنما يريد أن يشترك مع الله في حكمه، وهو لا يعبد الله سبحانه وإنما يعبد الطاغوت. -9-القاسم المشترك بين الصراط المستقيم والفرقة الناجية: رَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ قَالَ: (خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللهِ خَطّاً، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللهِ"، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "هَذِهِ سُبُلٌ - مُتَفَرِّقَةٌ -، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيطَانٌ يَدْعُو إِلَيه"، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([198])) ([199]). خط رسول الله ص خطاً على الأرض بين نقطتين ليبين لأمته أن الصراط خط مستقيم يوصل بين نقطتين، فرسول الله ص هنا أيضاً يتحدث عن منهج وطريق لا عوج فيه ولا اختلاف فيه يجب أن يتعبه المسلمون من البداية إلى النهاية فيوصلهم إلى النجاة. ونورد بعض ما جاء من كتب التفاسير لمعنى الصراط المستقيم، مع ملاحظة أن هذه التفاسير كثيراً ما تنقل رأي الناس وليس رأي الرسول ص ومع ذلك نذكرهم بما ألزموا به أنفسهم: فقد ورد في تفسير ابن كثير في تفسير الآية ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾: (قَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير: أَجْمَعَتْ الْأُمَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل جَمِيعاً عَلَى أَنَّ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ هُوَ الطَّرِيق الْوَاضِح الَّذِي لَا اِعْوِجَاج فِيهِ، وَذَلِكَ فِي لُغَة جَمِيع الْعَرَب، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْل جَرِير بْن عَطِيَّة الْخَطْفِيّ: أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِرَاط إِذَا اِعْوَجَّ الْمَوَارِد مُسْتَقِيم، قَالَ: وَالشَّوَاهِد عَلَى ذَلِكَ أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَر، قَالَ: ثُمَّ تَسْتَعِير الْعَرَب الصِّرَاط فَتَسْتَعْمِلهُ فِي كُلّ قَوْل وَعَمَل وَوَصْف بِاسْتِقَامَةٍ أَوْ اِعْوِجَاج فَتَصِف الْمُسْتَقِيم بِاسْتِقَامَتِهِ وَالْمُعْوَجّ بِاعْوِجَاجِهِ). وورد في تفسير ابن كثير في تفسير الآية ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾: (الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، قَالَ أَبُو جَعْفَر: وَمَعْنَى قَوْله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ فِي هَذَا الْمَوْضِع عِنْدنَا: وَفِّقْنَا لِلثَّبَاتِ عَلَيْهِ, كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن عَبَّاس. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب, قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَوْق, عَنْ الضَّحَّاك, عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ جِبْرِيل لِمُحَمَّدٍ: "وَقُلْ يَا مُحَمَّد اِهْدِنَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم", يَقُول: أَلْهِمْنَا الطَّرِيقَ الْهَادِيَ ... الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: ﴿الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم﴾ قَالَ أَبُو جَعْفَر: أَجْمَعَتْ الْأُمَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل جَمِيعاً عَلَى أَنَّ الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم هُوَ الطَّرِيق الْوَاضِح الَّذِي لَا اِعْوِجَاج فِيهِ. وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي لُغَة جَمِيع الْعَرَب; فَمِنْ ذَلِكَ قَوْل جَرِير بْن عَطِيَّة الْخَطَفِيّ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِرَاطٍ إِذَا اِعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيمُ يُرِيد عَلَى طَرِيق الْحَقّ). وورد في تفسير ابن كثير: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا أَنْظَرَ إِبْلِيس"إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ" وَاسْتَوْثَقَ إِبْلِيس بِذَلِكَ أَخَذَ فِي الْمُعَانَدَة وَالتَّمَرُّد فَقَالَ: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطك الْمُسْتَقِيم﴾ أَيْ كَمَا أَغْوَيْتنِي، قَالَ اِبْن عَبَّاس: كَمَا أَضْلَلْتنِي، وَقَالَ غَيْره: كَمَا أَهْلَكْتنِي لَأَقْعُدَنَّ لِعِبَادِك الَّذِينَ تَخْلُقهُمْ مِنْ ذُرِّيَّة هَذَا الَّذِي أَبْعَدْتنِي بِسَبَبِهِ عَلَى "صِرَاطك الْمُسْتَقِيم" أَيْ طَرِيق الْحَقّ وَسَبِيل النَّجَاة، وَلَأُضِلَّنَّهُمْ عَنْهَا لِئَلَّا يَعْبُدُوك وَلَا يُوَحِّدُوك بِسَبَبِ إِضْلَالك إِيَّايَ، وَقَالَ بَعْض النُّحَاة الْبَاء هُنَا قَسَمِيَّة كَأَنَّهُ يَقُول فَبِأَغْوَائِك إِيَّايَ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطك الْمُسْتَقِيم). وقد تخبط الفقهاء في تفسير معنى الصراط؛ لأنهم فسروا القرآن بآرائهم فضلوا وأضلوا، فمرة يقولون أنه القرآن، ومرة أنه طريق (ولكن لم يحددوا معالم هذا الطريق)، ومرة يقولون الإسلام، ومرة يقولون السنة والصحابة. بينما المعلوم لدى الناس جميعاً أن إبليس ابتعد عن الصراط بسبب عدم سجوده وطاعته لخليفة الله آدم ع. لذلك كانت ولا زالت استراتيجية إبليس هي أن يُخرج الناس عن الصراط ويُبعدهم عنه بنفس الأسلوب إذ يأخذهم بعيداً عن طاعة خلفاء الله في أرضه؛ لأنهم هم الصراط المستقيم. ولو تفكروا بما ذكر لنا كتاب الله في حديث إبراهيم لأبيه عن الصراط المستقيم إذ قال تعالى: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾([200]). لا أريد أن أضع رأياً في تفسير هذه الآية ولكني أضع أسئلة، وهي: هل كان في حديث إبراهيم ع عن الصراط المستقيم ما يشير إلى الإسلام أو الصحابة أو الإجماع أو العبادات أو السنة ... ؟؟؟ كان إبراهيم ع يسأل أباه إتباعه وهو كان خليفة لله في أرضه أتاه الله وذريته الملك إلى يوم الدين وكان يحاجج النمرود بهذه الخلافة والملك. وقد بين الإمام جعفر الصادق ع مفهوم الصراط المستقيم في أنه الإمام الذي يهدي الأمة إلى سبيل الله إذ قال عن الصراط: (هو الطريق إلى معرفة الله (. وهما صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة؛ فأمّا الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة، مَن عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مَرّ على الصراط الذي هو جسر جهنّم في الآخرة) ([201]). وما يجمع بين الصراط المستقيم والثقلين هو أنه يتمثل في ما أودعه الله في عترة الرسولص. قال رسول الله ص: (أثبتُكم على الصراط أشدُّكم حبّاً لأهل بيتي) ([202]). وقال ص: (حبّي وحبّ أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهنّ عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب، وعند الميزان، وعند الصراط) ([203]). وهذا الصراط من شأنه أنه استمداداً من مادّة (صَرَطَ) اللغويّة؛ أن (يصرط) السائرين فلا يفكّهم حتّى يوصلهم إلى خاتمته ونهايته، فالصِّراط أوالسِّراط؛ مشتّقان من (صرط) و (سرط) بمعنى: ابتلع وازدرد ([204])، فمن يضع قدمه على الصرط يتلقفه الصراط ويوصله إلى نهايته، وهو المكان الذي أعده الله لمن تمسك بالصراط المستقيم. وهكذا يكون الصراط المستقيم والذي يجب أن يكون مستمراً ولا ينقطع إلى يوم الدين هو منهج مستمر، وحديث الفرقة الناجية أيضاً يتحدث عن منهج مستمر إلى يوم الدين، وليس عن اسم فرقة فتتسمى به أكثر من فرقة فيصبح من الصعب على الناس التمييز بين الحق وإتباع ما أمر به رسول الله ص. والطريق والمنهج الذي أراده رسول الله ص لأمته هو ما كان عليه هو ص في ذلك اليوم، حيث كان يحكم من اختاره الله، وبذلك يكون الخليفة مصداقاً لحكم الله في الأرض. فمصداق (لا حكم إلا لله) يتحقق بحالة واحدة: وهي عندما يكون الحاكم من اختياره الله سبحانه لينفذ حكم الله وإرادته سبحانه، ولكن الناس أمسكت بآية لا يعرفون تفسيرها تقول: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ فهل الخلافة والحكم من أمرهم، وتركوا ما جاء من آيات أخرى تبين لهم المنهج. -10-الآية الشريفة: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) فهل الخلافة والحكم من أمر الله أم من أمر الناس؟ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾([205]). ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾([206]). نستعرض أولاً ما جاء في كتب التفسير المعروفة والمعتمدة لدى فرق السنة: ورد في تفسير ابن كثير: (أي اتبعوا رسله وأطاعوا أمره واجتنبوا زجره، ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ وهي أعظم العبادات لله (، ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ أي لا يبرمون أمراً حتى يتشاوروا فيه ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها كما قال تبارك وتعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ الآية، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم....) ([207]). وورد في تفسير الجلالين عن تفسير آية الشورى: (﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ﴾ أجابوه إلى ما دعاهم إليه من التوحيد والعبادة، ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ أداموها، ﴿وَأَمْرُهُمْ﴾ الذي يبدو لهم ﴿شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ يتشاورون فيه ولا يعجلون، ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ أعطيناهم، ﴿يُنفِقُونَ﴾ في طاعة الله ومن ذكر صنف). وورد في تفسير الطبري عن تفسير آية الشورى: (... قال ابن زيد: وقرأ ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ قال: فبدأ بهم، ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ﴾ الأنصار، ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ وليس فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ ليس فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً... ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ يقول: وإذا حزبهم أمر تشاوروا بينهم. ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ يقول: ومن الأموال التي رزقناهم ينفقون في سبيل الله, ويؤدون ما فرض عليهم من الحقوق لأهلها من زكاة ونفقة على من تجب عليه نفقته). وورد في تفسير القرطبي عن تفسير آية الشورى: (أي يتشاورون في الأمور. والشورى مصدر شاورته; مثل البشرى والذكرى ونحوه. فكانت الأنصار قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم إذا أرادوا أمراً تشاوروا فيه ثم عملوا عليه، فمدحهم الله تعالى به، قاله النقاش. وقال الحسن: أي إنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون ..... وأول ما تشاور فيه الصحابة الخلافة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص عليها حتى كان فيها بين أبي بكر والأنصار ما سبق بيانه. وقال عمر رضي الله عنه: نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا). مع أن من وضعوا هذه التفاسير يؤمنون بمفهوم أن القرآن لا يعلم تأويله إلا الله، واستثنوا الراسخين بالعلم على أساس قواعد النحو، ومع ذلك وضعوا تأويلاً لكتاب الله وأنكروا التأويل لرسول الله ص، ففي كل ما ورد في التفاسير أعلاه لم يرد أي ذكر قال فيه رسول الله ص تشاوروا بالحكم، والعجيب أن بعض هذه التفاسير اعتمدت ما حدث بعد عهد الرسول من أفعال لآخرين حكموا من بعده ليجعلوها سنة واجبة الإتباع مع أنها محدثات لم يقم بها الرسول محمد ص وقد حذرهم الرسول محمد ص من هذه المحدثات. فعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ ص قال: (فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) ([208]). (وقد بينا في الفصل (5) من هذا الكتاب من هم الخلفاء الراشديين المهديين الذي التزموا بسنة الرسول ص). وقال رسول الله ص: (بعثت وأنا والساعة كهاتين) ، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) ([209]). وفي رواية للنسائي (رحمه الله) زيادة: (وكل ضلالة في النار) ([210]). وعنه ص: (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) ([211]). وكما هو واضح من حديث الرسول ص لا توجد بدعة حسنة وبدعة غير حسنة كما يدعي البعض، فكلام الرسول ص واضح (كل بدعة)، وكلمة (كل) هي (للعموم) ولم تستثن أي نوع من المحدثات ولم تتحدث عن بدعة حسنة أو غير حسنة، وكل من يتحدث عن بدعة حسنة يبرر محدثات أحدثت بعد الرسول ص بحجة عدم وضوح التأويل والتفسير لكتاب الله، والله سبحانه في كتابه العزيز يقول: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾([212]). فهل قصَّر الرسول في أداء رسالته ولم يعلمهم الكتاب وتركه لغيره ليقولوا فيه ما يشاؤون؟ أترك الإجابة للناس لعلهم يتفكرون. نعود الآن إلى ما جاء في كل التفاسير أعلاه وهي بالتأكيد لا تتكلم عن مشاورة الرسول ص في أمر الحكم، بل تحدثت التفاسير عن من جاء بعده من تشاور بالحكم واعتبرته سنة. فهل شاورهم الرسول ص بشيء يخص الحكم من بعده أو أثناء توليه للحكم ؟ ومثال واضح على ذلك أن الرسول ص لم يشاور الصحابة حتى عندما ولَّى أسامة بن زيد أمارة جيش المسلمين، فعن ‏إسماعيل، ‏‏عن‏ ‏مالك، ‏عن ‏عبد الله بن دينار، ‏عن ‏عبد الله بن عمر: (‏أن رسول الله ص ‏ ‏بعث بعثاً وأمر عليهم ‏ ‏أسامة بن زيد ‏فطعن الناس في إمارته، فقام رسول الله ‏ص ‏ ‏فقال: ‏إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إليً وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده) ([213]). وإن كان أمر الحكم شورى كما يقولون فلماذا لم يتبع أبو بكر - الذي أختاره مجموعة من الناس خليفة بعد الرسول ص - سنة الشورى في الحكم ؟ فمن اختاره الناس خليفة من بعد الرسول ص بالشورى لم يشاورهم وإنما هو اختار الخليفة من بعده وأوصى به رغم اعتراض الناس على اختياره. فعَنْ زُبَيْدٍ: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَسْتَخْلِفُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا عُمَرَ فَظّاً غَلِيظاً، فَلَوْ قَدْ وَلِيَنَا كَانَ أَفَظَّ وَأَغْلَظَ، فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ، وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِرَبِّي تُخَوِّفُونِي ؟ أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ...) ([214]). أمّا عمر بن الخطاب فابتكر طريقة أخرى في اختيار الحاكم والخليفة من بعده لم يذكرها القرآن ولا السنة المطهرة، فعن عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا حُضِرَ، قَالَ: اُدْعُوا لِي عَلِيّاً، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْداً، .... فَقَالَ: اُدْعُوا لِي صُهَيْباً، فَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ ثَلاَثاً، وَلْيَجْتَمِعْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطُ فَلِيَخْلُوا، فَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى رَجُلٍ، فَاضْرِبُوا رَأْسَ مَنْ خَالَفَهُمْ) ([215]). خليفة المسلمين يأمر بقطع رؤوس العباد المسلمين، خاصة مع علمه أنهم من صحابة الرسول إذا لم يجمعوا على رأي ؟؟؟ هذا للأسف ما يسميه البعض بدعة حسنة، فهل هذا منهج حكيم، وهل ورد هذا في كتاب الله وسنة رسوله ص؟! وهكذا أصبح منهج اختيار الخليفة من بعد الرسول ص هرجاً ومرجاً لا يعرف له منهج ولا يستقر على أمر يمنع خلاف الناس، بل زادهم هذا الهرج تفريقاً واختلافاً إلى يومنا هذا، وحتى عندما وصلت الخلافة إلى علي بن أبي طالب ع لم يبايع علياً ع عن علم مسبق أنه اختيار الله، إلا القليل من المسلمين الذين أدركوا هذا الأمر وعرفوه من القرآن والسنة المطهرة، بل بايعوه؛ لأن الظلم والحيف الذي لحقهم كان كبيراً وكانوا كالغريق الذي يريد أن يتشبث بأي شيء ولم يجدوا غير علي ع قادراً على رفعه عنهم والقيام بأعباء الخلافة لأمة مزقتها النزاعات، لذلك قال لهم ع بما معناه أذهبوا إلى غيري؛ لأنهم لم يكونوا يفقهون أن البيعة لخليفة الله في أرضه فيها تكليف، وهذا ما أثبتته الأحداث من بعد، فلم يطيعوا علياً ع وكانت بيعة أكثرهم أوهن من نسج العنكبوت. -11-التأكيد في القرآن والسنة الشريفة وحديث العترة على طاعة ولي الأمر ... فهل ولي الأمر اختيار الله أم اختيار الناس؟ إن التأكيد في القرآن والسنة الشريفة وأحاديث أهل البيت ص على طاعة أولياء الأمر يدعونا كمسلمين أن نتفكر في سبب هذا التأكيد وأهمية هذه الطاعة وارتباطها بحديث الفرقة الناجية، وهل يمكن أن تكون هنالك طاعة عمياء لكل من جلس على كرسي الحكم مهما كانت طريقة توليه للحكم ؟؟ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾([216]). ومن حديث حذيفة بن اليمان: قال رسول الله ص: (تسمعُ وتطيعُ للأمير، وإن ضُرب ظهرُك وأخذ مالك) ([217])، هل من الحكمة في هذا الحديث أن تكون الطاعة بهذه الصورة لكن من يحكم ؟ هل يمكن أن يكون ولي الأمر الذي جعلت طاعته مطلقة كطاعة الرسول ص وطاعة الله سبحانه موكولاً لاختيار الناس، والناس لا يستطيعون أن يميزوا الحسن من القبيح ويفشلون في اختيار أمور حياتية بسيطة ؟ قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾([218]). وإذا كان الله سبحانه لم يترك اختيار الخليفة للملائكة التي عرفت الله سبحانه في السماء أكثر من بني آدم فهل ترك هذا الاختيار لبني آدم ع ؟ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾([219]). للإجابة على هذه الأسئلة نرجع للثقل الأول وهو كتاب الله ونورد ما ذكر فيه من أن الله له الحكم ويؤتي الحكم (الخلافة والملك والإمامة) لمن يشاء من عباده دون أن نتطرق إلى التفسير، فالآيات واضحة لمن أراد الحق وسأكتفي بوضع علامات استفهام وأسئلة على بعض ما ورد في كتاب الله. قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾. ما هي الخلافة ؟ هل وجود الناس على الأرض معناها خلافة ؟. عن ابن مسعود وابن عباس: (إني جاعل في الأرض خليفة مني يخلفني في الحكم بين خلقي، وذلك الخليفة هو آدم ومن قام مقامه في طاعة الله والحكم بالعدل بين خلقه). ([220]) والنسفي في تفسيره يذهب إلى القول بأن آدم ع خليفة الله، وكذلك كل نبي، ويستشهد بقوله تعالى: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ﴾، وفيه دلالة جلية على أن الخليفة بمعنى الحاكم ([221]). والمفهوم الذي جرى عند الناس أنهم كلهم خلفاء لله في هذه الأرض ليعمروها، فإذا كان كل الناس خلفاء لله في أرضه فما معنى التخصيص في آية أخرى ذكرت الخلافة لداوود ع؟ قال تعالى: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾([222]). داوود ع اختاره الله خليفة ليحكم، فهل كل الناس حكام باختيار الله ؟ ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾([223]). إن كانت الإمامة لكل من هب ودب فلماذا وهبها الله لإبراهيم ومن اصطفى الله من ذرية إبراهيم ع ؟؟؟ ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾([224]). ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرائيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾([225]). ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([226]). ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً﴾([227]). أين هذا الملك العظيم ؟ هل أندثر ما وصفه الله العظيم بالملك العظيم ؟ وهل الملوك والحكام في عصرنا هذا أو من حكم بعد الرسول ص من ذرية إبراهيم ع ؟ لم تكن هذه الصفة إلا في علي ع ابن عم الرسول ص وهو من ذرية عبد المطلب ومن ذرية إبراهيم ع ومن بعده أئمة أهل البيت ص. قال تعالى: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ﴾([228]). ﴿وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾([229]). ﴿فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾([230]). ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([231]). ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾([232]). ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾([233]). ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ﴾([234]). ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾([235]). في ما تقدم من الآيات يذكر الله سبحانه أنه هو من يجعل الخلفاء وهو من آتى وهو من اصطفى من عباده الحكام والملوك والأئمة، فإن كان الناس يقولون بأن أمرهم شورى فأين ذكر لهم الله أنه ترك أمر الحكم ليتشاوروا فيه ؟؟؟ وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾([236]). ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾([237]). ﴿وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾([238]). ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾([239]). ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾([240]). إذا كان الله هو الذي يحكم ولا معقب لحكمه وهو الشاهد على حكم من اختارهم سبحانه وآتاهم الحكم، فهل من يحكم العباد الآن يمثل حكم الله ؟ ومن يشهد على حكمهم ويسددهم في الحكم ليكون حكمهم حكم الله سبحانه وتطبق عدالته التي أمر بها؟؟؟ ولكي تتضح لنا الصورة أكثر حول من هو صاحب الحق، وهل هو باختيار الله أم باختيار الناس، نستعرض ما حصل بين إبراهيم ع والنمرود لنعرف من منهم أوتي الملك وبإرادة من، الله أم الناس ؟؟ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾([241]). فإذا كان الفهم لدى الناس أن كل من جلس على كرسي الملك هو برضى الله سبحانه وأنه باختيار الله، فذلك يعني أن محاججة إبراهيم خليل الله باطلة (وحاشاه)؛ لأنه اعترض على اختيار الله، أو أن إبراهيم ع أراد الملك لنفسه وهذا الفهم مصيبة بأن يوصف خليل الرحمن بأنه كان يطمع في الحكم ... فالمقصود بـ ﴿آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ ...﴾ هو إبراهيم ع، وقد بيَّنها الله سبحانه وتعالى إذ قال: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً﴾([242]). وهل نقض تولي نمرود الملك أمر الله في أن يكون الملك لإبراهيم وآل إبراهيم ؟؟؟ وهل ترك إبراهيم ع لمدينته هو لتقاعس عن طلب ما أعطاه الله، أم هو فشل الناس في نصرة إبراهيم ع وتمكينه مما آتاه الله سبحانه ؟؟؟ وهل الذين اختارهم الناس من بعد الرسول ص من آل إبراهيم ع وقد طلب إبراهيم ع أن تكون الإمامة في ذريته فكانت في نسله إسحاق ع وإسماعيل ع ويعقوب ع ويوسف ع إلى أن وصلت إلى الرسول محمد ص وذريته من بعده ... إلى يوم الدين ؟؟؟ وقال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾([243]). وهذه الآية تحققت أمام أعيننا في من يغتصب الملك الآن، فهم لا يؤدون حقوق العباد ولم يؤتوهم من خيرات الله، إنما الله يمتحن الناس فترك لهم الاختيار في طاعة من يختاره سبحانه، فمن آمن لإبراهيم ومكنّه من الحكم جازاه الله الخيرات، ومن خذله وركن إلى حكم الطغاة والنمرود نموذجاً لهم فلن يضر الله شيئاً، ولكن الله سبحانه لم يخولهم اختيار الحاكم. قال تعالى: ﴿فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً﴾([244]). وللإجابة على سؤال (من يختار الخليفة والحاكم) من خلال السنة الشريفة نورد بعض أحاديث الرسول ص: فعن أبو أيوب الأنصاري (رضي الله عنه)، قال: (جئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله) ([245]). فمن هم أهل الدين غير الذين اصطفاهم الله لهذه المهمة العظيمة ؟ وقد بيَّن الإمام علي ع ذلك إذ قال: (يا كميل، لو لم يظهر نبي وكان في الأرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى الله مخطئاً أو مصيباً، بل والله مخطئاً حتى ينصبه الله لذلك ويؤهله له. يا كميل، الدين لله فلا يقبل الله من أحد القيام به إلا رسولاً أو نبياً أو وصياً. يا كميل، هي نبوة ورسالة وإمامة وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو عامهين مبتدعين، إنما يتقبل الله من المتقين) ([246]) . ونعود إلى حديث حذيفة بن اليمان في قول رسول الله ص: (تسمعُ وتطيعُ للأمير، وإن ضُرب ظهرُك وأخذ مالك). وحسب هذا الحديث الرسول ص لم يخصص ولم يقل أي أمير هذا، فهل يعقل أن يأمر الرسول ص بطاعة أي أمير وفي كل زمان، وهل يصح أن يطاع أي أمير طاعة عمياء وإن كان مفسداً فاسداً، أين الحكمة في ذلك ؟ هذا وقد ورد عن النبي محمد ص قوله: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله) ([247]). وقال ص في الحديثِ الذي أخرجَه البخاريّ ومسلم في صحيحيهما عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما، عن النبيِّ ص أنه قال: (مَن كرِه من أميرِه شيئاً فليَصبِر، فإنّ مَن خرجَ من السّلطان شِبراً مات مِيتةً جاهليّة) ([248]). وحسب المفهموم المعكوس للحديث من قبل من يَدْعون لطاعة الحاكم الذي يغتصب الحكم بالقوة أو من يختاره الناس نلمس تناقضاً واضحاً بين حديث الطاعة العمياء وعدم الطاعة في المعصية، وحاشا رسول الله ص أن يتناقض حديثه، وإنما هذه الأحاديث تخضع لمنهج واحد وهو عدالة الأمير دائماً، ولا تصدر العدالة إلا من العادل المطلق سبحانه لذلك يجب أن يكون الحاكم باختياره سبحانه ومسدد من الله ليحقق عدالة الله، أما أن تكون هذه الطاعة لأي أمير ينصب نفسه أو يختاره الناس فهذا المفهموم فيه إساءة للرسول ص واتهام له بعدم الحكمة (وحاشاه). وفي حديث آخر بنفس المعنى هو حديث أبي ذر إذ قال: (أمرني خليلي بأن أسمع وأطيع (يعني ولي الأمر) وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف مقطوع الأنف والأذن، فالواجب السمع والطاعة لما في السمع والطاعة من استتباب الأمن، وأداء ما أوجب الله، وترك ما حرم الله) ([249]). يحتج البعض بهذا الحديث ليقولوا بطاعة ولي الأمر وإن أخذ الحكم بالقوة ؟؟؟ نقول لهم: إذن لماذا لم يخضع الصحابي الجليل إلى حكم عثمان ومعاوية ويطيعهم حتى صدر أمرهم بنفيه إلى الربذة ؟ فقد ذكر ابن أبي الحديد: (واعلم، أن الذي عليه أكثر أرباب السيرة، وعلماء الأخبار والنقل: أن عثمان نفى أبا ذر أولاً إلى الشام، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة) ([250]). وقد ورد عن النبي ص في فضائل أبي ذر أنه قال: (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر) ([251]). وقوله ص: (رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده) فضرب الدهر من ضربته وسير أبو ذر إلى الربذة ([252]). إذن الخلل لم يكن في أبي ذر وإنما بالتأكيد في من نفاه. ونفس المنهج بيَّنه الرسول ص في نصحه للعرباض بن سارية، فقد بيَّن ص صورة واضحة لطريق النجاة، إذ يوصي أمته بالطاعة ولو لعبد حبشي ويأمر بإتباع السنة وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وأكد على أن الفرقة الناجية هي التي تطيع أولي الأمر من الخلفاء الراشدين المهديين وإن كان عبداً حبشياٌ. فعن عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا: (أتينا العرباض بن سارية، وهو ممن نزل فيه ﴿وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ﴾([253]). فسلمنا وقلنا: أتيناك زائرين، وعائدين، ومقتبسين. فقال العرباض: صلى بنا رسول الله ص ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فما تعهد إلينا ؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً، ....) ([254]). رسول الله ص يتحدث عن خليفة راشد مهدي وإن كان عبداً حبشياً يُأمَّر عليهم من قبل الباري (، وهذا بيِّنٌ وواضح في حديث آخر للرسول ص، إذ ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أمّر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا) ([255]). يقول رسول الله ص إن أمّر، أي إن من أختار العبد المجدع طرف ثالث لا رأي للناس مع رأيه. والسؤال الذي يساعدنا في فهم هذه الأحاديث بصورة أوضح هو: متى تختلف الأمة وتتنازع على خلافة عبد حبشي أو عبد مجدع ؟ فإذا كان اختيار الناس للعبد الحبشي أو العبد المجدع بالشورى فلماذا لا يطيعوه ؟ وهل يختار الناس عبداً حبشياً للخلافة بعد الرسول ص في زمن يعتبرون العبيد فيه مستوى متدنياً من الإنسانية ؟؟ وإن كان تسلط عليهم بالقوة فأين الحكمة في أن يأمر الرسول محمد ص المسلمين في طاعة من يتسلط عليهم ؟ وما الحكمة في هذه الأحاديث عن الرسول ص ؟؟؟ الرسول محمد ص أراد بهذه الأحاديث أن يبيِّن للأمة أن طاعة الأمير الحاكم هي مرضاة الله، وأن أمرهم بشيء يتنافى وعقولهم الناقصة، (فالعقل الكامل فقط للأنبياء) ليجنبهم الفشل في الامتحانات الإلهية كما حدث مع بني إسرائيل وطالوت ع، فطالوت ع أمرهم بعدم شرب الماء رغم أنهم كانوا مجهدين ومتوجهين لقتال الأعداء، وشرب الماء قد يساعدهم ويقويهم على أعدائهم، هذا هو المنطق والعقل كما يقولون ... ولكن الله أراد اختبارهم فمنهم من سمع لطالوت ع وأطاعه وهم القلة، ومنهم فشل في الامتحان وهو طاعة من يختارهم الله سبحانه ملوكاً وأمراء. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾([256]). أراد الرسول ص أن يجنب أمته أن ينظروا إلى من يختارهم الله حكاماً وملوكاً بمنظار معاييرهم العقلية الناقصة (المال، العشائرية، الحسب والنسب ... الخ) كما نظروا إلى طالوت ع كونه فقيراً وكانوا يعتبرون الفقر عيباً في الحاكم أو الملك. قال تعالى: ﴿وقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾([257]). للأسف المسلمون لم يرتقوا في مفاهيم طاعة الله إلى ما علمه بنو إسرائيل وعملوا به، فبنو إسرائيل لم يختاروا الملك بالشورى والانتخابات، وإنما رجعوا إلى الله ليختار لهم ملكاً، وحتى النبي الذي كان بينهم في ذلك الزمان لم يختر لهم بل نقل لهم اختيار الله لطالوت، وقال لهم أن الله بعث لكم، فهل تعلَّم المسلمون هذا الدرس، أم أن القرآن عندهم أساطير الأولين ؟؟؟ بالتأكيد حال الأمة الآن يقول لا لم يتعلموا ولم يفهموا الكتاب. عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: (دخلت على النبي ص أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحد الرجلين: يا رسول الله، أمِّرنا على بعض ما ولّاك الله (، وقال الآخر مثل ذلك، فقال: "إنا والله لا نُولِّي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه") ([258]). وقال النبي ص: (من ولي من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً وهو يجد أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين). وفي مورد آخر: (من استعمل رجلاً من عصابة وفى تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين) ([259]). والآن المسلمون يختارون حكاماً ويولونهم على رقاب المسلمين والرسول ص يقول من يتصدى لهذا الأمر ويولي رجلاً على المسلمين وهذا الرجل ليس أهلاً لذلك وهناك أصلح منه فقد خان الله سبحانه وخان الرسول ص وخان المؤمنين، فكيف يتصدى الناس لهذا الأمر العظيم وهم لا يعرفون ما في قلوب من يختاروهم ويأمروهم على الناس ؟؟؟ فالله وحده المطلع على القلوب، إضافة إلى أن أنفسهم أمارة بالسوء بنص كتاب الله سبحانه. أليس في هذا الحديث نهياً واضحاً بعدم التصدي لاختيار الحاكم ؟ وروي أن رسول الله ص قال لأبي ذر لما سأله الإمارة: (إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها) ([260]). هنا يبين لنا رسول الله ص مدى أهمية منصب الخلافة والحكم كأمانة إلهية، فهل يعطي الله سبحانه هذا المنصب العظيم لمن هب ودب من خلقه ؟ ووصف الرسول ص موت الإنسان مع عدم معرفة هذا الخليفة والحاكم والإمام وإتباعه بالموت ميتة جاهلية، إذ قال ص: (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية) ([261]). هنا يبيِّن لنا رسول الله محمد ص أن الدين بمجمله جاء ليضع أساساً صحيحاً للمجتمع من خلال معرفة وطاعة من يختارهم الله قادة وأئمة للمجتمع، وما دون ذلك ليس سوى جاهلية واختلاف وتنازع وفرقة ليست من الدين بشيء، واعتزال الناس أفضل من الدخول معهم في اختيار الحاكم، كما جاء في ما صَحَّ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ أنه كان يَقُولُ: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ ص عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ". قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ: "قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ". قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ: "نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا". قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ". قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ؟ قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ") ([262]). ونقف مرة أخرى مع حديث الرسول ص إذ قالَ: (إنّ الله يرضَى لكم ثلاثاً ويسخَط لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصِموا بحبلِ الله جميعاً، وأن تناصِحوا مَن ولاّه الله أمرَكم، ويَسخَط لكم قيلَ وقالَ وإضاعةَ المال وكثرةَ السّؤال...)([263]). ونسأل هل من جاء بعد الرسول ص وتصدى للخلافة هو من الذين ولاهم الله أمر الناس؟ إن قالوا إن كل شيء تقدير العزيز الحكيم واختيار الله نسألهم هل كان فرعون والنمرود اختيار الله وتنصيب الله سبحانه، هل الله ينصب الطغاة والكفرة ؟؟؟ وهل من يحكم الآن وينشر الفساد والطغيان ويقتل وينتهك الحرمات هم ممن ولاهم الله سبحانه ؟؟؟ وهل يأمركم الله بطاعتهم وأنتم تعانون الظلم والاضطهاد منهم وهم يسرقون خيرات البلاد وأنتم تعانون ضنك المعيشة ؟؟؟ عجباٌ والله كيف يصدق الناس الفقهاء وعاظ السلاطين وادعيائهم المنتفعين منهم والذين يقولون إن الله يأمرهم بطاعة هؤلاء الحكام الطغاة. لقد حرَّفوا معاني هذه الأحاديث وفسَّروها بعقولهم المريضة لتخدير وإسكات الناس على ظلم هؤلاء الطغاة بحجة طاعة أولي الأمر الذين أمر الله سبحانه بطاعتهم وقرنها بطاعته وطاعة رسوله ص وهي طاعة مطلقة لا يستحقها إلا نبي أو وصي. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾([264]). وبعد أن فارقهم الرسول ص كيف يردوه إلى الله وليس لهم اتصال معه سبحان، وكيف يردوه إلى الرسول ص وقد فارقهم ؟ هل تعطلت هذه الآية الكريمة ؟؟ اللهم إلا إذا كان من جاء من بعد الرسول ص هو من اختيار الله سبحانه وزاده بسطة في العلم، وما دون ذلك ما كان الله ليعهد لهم بالحكم. قال تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾([265]). ولنجيب على سؤال (من يختار الخليفة والحاكم الله أم الناس) من خلال حديث العترة الطاهرة، نورد بعض ما جاء في رواياتهم ص: عن الإمام جعفر الصادق ع: (... أما ترى الله يقول: ما كان لكم أن تنبتوا شجرها يقول ليس لكم أن تنصبوا إماماً من قبل أنفسكم تسمونه محقاً بهوى أنفسكم وأرادتكم. ثم قال ع: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاباً أليماً، من أنبت شجرة من لم ينبته الله، يعني من نصب إماماً لم ينصبه الله أو جحد من نصبه الله) ([266]). وعَنْ الإمام محمد الباقر ع قَالَ: (قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَأُعَذِّبَنَّ كُلَّ رَعِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ دَانَتْ بِوَلَايَةِ كُلِّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَعْمَالِهَا بَرَّةً تَقِيَّةً، وَلَأَعْفُوَنَّ عَنْ كُلِّ رَعِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ دَانَتْ بِوَلَايَةِ كُلِّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَنْفُسِهَا ظَالِمَةً مُسِيئَةً) ([267]). وعن أبي عبد الله ع: (اتقوا الحكومة، فإنّ الحكومة إنّما هي للإمام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين لنبيّ أو وصيّ نبيّ) ([268]). وعن الإمام جعفر الصادق ع ينصح أحد أصحابه: (إياك والرياسة فما طلبها أحد إلا هلك، فقلت: قد هلكنا، إذاً ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه، فقال: ليس حيث تذهب إنما ذلك أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال وتدعوا الناس إلى قوله) ([269]). وعن الإمام علي ع أنه قال: (يا كميل، لو لم يظهر نبي وكان في الأرض مؤمن تقي لكان في دعائه إلى الله مخطئاً أو مصيباً، بل والله مخطئاً حتى ينصبه الله لذلك ويؤهله له...)([270]). وعن حذيفة بن اليماني وجابر بن عبد الله الأنصاري، قال النبي ص : (الويل الويل لأمتي من الشّورى الكبرى والشّورى الصّغرى، فسئل عنهما فقال ص: أما الشّورى الكبرى فتنعقد في بلدتي بعد وفاتي لغصب خلافة أخي وغصب حق ابنتي. وأما الشّورى الصّغرى فتنعقد في الغيبة الكبرى في الزوراء لتغيير سنتي وتبديل أحكامي) ([271]). إن آيات كتاب الله ومعظم الأحاديث الشريفة التي نطق بها الرسول صلوات الله عليه وآله وروايات أهل البيت ص كانت ولا تزال تصب بنفس الاتجاه، وهو نفس ما أوردته الحكمة المحمدية في تبيان صفة ومنهج الفرقة الناجية، وهو أن الولاية والحكم والخلافة والملك بجميع مسمياتها لم يتركها الله للبشر وأن الطاعة المطلقة والتسليم لمن يختارهم الله هي سبيل النجاة. كما أن طلب خلفاء الله في أرضه للحكم ليس مطلباً دنيوياً، ومطالبتهم بالحكم لا يحتسب عيباً عليهم بل هو تكليف إلهي، وإن ترك الناس ليختاروا طيلة العقود الماضية إنما هو حكمة إلهية، فلا إكراه في الدين حتى يتبين للناس بأعينهم نتيجة ما اختاروا حتى يأتيهم اليوم الموعود في قيام دولة محمد ص وآل محمد ص. -12-الخلاصة: إن حديث الرسول ص بيَّن لنا أن الأمة سوف تختلف وتفترق، والافتراق حدث بالفعل بعد انتقاله ص إلى جوار الرفيق الأعلى، وكما تبيَّن لنا من خلال الأحاديث التي وردت أن الرسول ص لم يذكر اسم الفرقة الناجية ولو ذكرها بالاسم لكان الكثير من الفرق سعت للتسمي بهذا الاسم وبذلك يصعب على المسلمين التمييز بين الحق والباطل، ولو ذكر صفات مثل الإيمان وغيرها، فكل الفرق تتصنع الإيمان. لذلك بيَّن مدينة الحكمة أن الفرقة الناجية هي من تتبع منهجاً وهذا المنهج يجب أن يكون مستمراً إلى يوم الدين، وهذا المنهج نفسه الذي اتبعته الفرقتان الناجيتان من أمة موسى ع وأمة عيسى ع، فالفرق لم تختلف على أنبيائها وإنما على من جاء بعدهم من أوصياء يختارهم الله سبحانه، فهم المنهج للفرقة الناجية. وقد بيَّن الرسول ص في أحاديث أخرى كثيرة سبل النجاة، وهذه السبل بأجمعها لها قاسم مشترك؛ لأن سبيل النجاة واحد، وهي بأجمعها تشير إلى هذا المنهج وأصحابه الذين تمسكوا به، وهذا المنهج جعله الله سبيلاً لجمع شمل الناس وتحقيق العدالة، حيث الحكم لله ولمن يختارهم الله سبحانه. أما الشورى والديمقراطية فنتائجها ماثلة أمامنا وهو ما يحدث الآن على الساحة السياسة كل يوم. ليتبين لنا هل الشورى والديمقراطية حق أم باطل، وإن كانت الشورى والانتخابات قد جاءت لهم بالعدالة كما يقولون من بعد الرسول ص، ولماذا لا تجلب لهم نفس العدالة الآن، هل خلت الأرض من المؤمنين ؟ وكما بيَّنا في ما تقدم بأن نبينا محمداً ص لا ينطق عن الهوى وإنما هو وحي يوحى، جاء ليعلمنا الكتاب والحكمة، ومنتهى الحكمة أن يكون هناك فائدة من الكلمات التي ينطقها من جاء يعلمنا الحكمة. قال النبي ص: (إن الدين ما عليه اليوم أنا وأصحابي)، وكان رسول الله ص في ذلك اليوم خليفة باختيار الله سبحانه كما كان آدم ع خليفة لله سبحانه، استودعهم الله الحكم ليحققوا العدل والإحسان اللذين أمر الله بهما، وليرضى الله عن المسلمين بهذه الطاعة لخلفائه. قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾([272]). فإرادة الله في خلقه هي أن يسمعوا لمن اختاره الله ويطيعوه، لا أن يطيعوا أحد الرسل ويكفروا بالآخر. فلن يكونوا مسلمين لأمر الله إلا بطاعة كل من يختارهم الله، والذين وصفهم الله تعالى بالمؤمنين وصف فعلهم وقولهم بالتسليم لأمر الله ﴿وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ فالإسلام في أعلى معنى من معاني الإيمان هو التسليم. وورد في بيان كلمة الإسلام في اللغة هو الإخلاص، الاستسلام والخضوع لله ([273]). وعن الإمام علي ع قوله: (إنَّ الإسْلاَمَ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ اليَقِينُ، وَاليَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الإقْرَارُ، وَالإقْرَارُ هُوَ العَمَلُ، وَالعَمَلُ هُوَ الأدَاءُ. إنَّ المُؤْمِنَ لَمْ يَأْخُذْ دِينَهُ عَنْ رَأْيِهِ، وَلَكِنْ أَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ فَأَخَذَهُ) ([274]). فالتسليم هو دين الله الذي دان به كل من تبع خلفاء الله في أرضه، والتسليم هو الدين الذي أراده الله لعباده بغض النظر عن مسمى الديانه. فالآية تشير إلى أن الإيمان الحقيقي هو الطاعة، ومن يطع يكون تابعاً لأمر الله ولا يصدر الأمر منه، أي أنه دائماً متعلق بمن أوجب الله طاعتهم ولا يكون مؤمناً إلا إذا كان كما قال الله في المؤمنين: ﴿وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾، فلابد أن يسمعوا ويطيعوا، ونسأل هنا، يسمعون ممن ؟ هل يسمعون من أي شخص، أم ممن أوجب الله طاعتهم، بالتأكيد لا نجد أي موقف في القرآن يجيز فيه الله سبحانه طاعة من لم يُنص على طاعتهم، فالآية هنا تشير إلى أن المؤمنين يسمعون ممن أمر الله بطاعتهم وليس غيرهم، والقرآن حي ولا تجد فيه تبديل لسنّة من سنن الله، كما أن التكليف لا يتغير بل هو نفسه منذ آدم ع إلى يومنا هذا ... وهو الميثاق والعهد الذي أخذ من جميع الخلق. قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾([275]). فالتسليم هو الهداية وبعسكه يكون الإنسان قد ركن إلى نفسه وابتعد عن أمر الله سبحانه. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾([276]). وهنا الحواريون يشهدون لله بتسليم الأمر، وفي كلامهم إشارة إلى إيمانهم بالإسلام، وهذه إشارة واضحة إلى معنى الإسلام الذي أراده الله أن يكون دين عبادة، وهو التسليم لله ولأوليائه بالسمع والطاعة، وقد ينكر البعض أن يكون هذا التسليم لأولياء الله بل ينسبونه لله فقط، والذي يرد على مثل هذا القول، هو القرآن نفسه، قال تعالى: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ( إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾([277]). وهنا سليمان ع يطلب من قوم بلقيس التسليم لأمره، وأمره هو أمر الله؛ لأنه خليفة الله على الأرض، فطاعة الله هي طاعة أوليائه، والتسليم لله هو التسليم لمن أمر الله بطاعته، وكلما كان التسليم والانقياد لأمر الله صحيحاً كان الدين صحيحاً. فأمر الله هو ما يأتي به أولياؤه، وطاعة الله هي طاعة أوليائه، والتسليم لله هو التسليم لأوليائه، أو الدين كل الدين هو طاعة أوليائه، ولذلك جاء عنه صلوات الله عليه وآله في معنى الدين: (ما عليه اليوم أنا وأصحابي...). وعن الإمام الصادق ع: (إن أصل الدين هو رجل، وذلك الرجل هو اليقين وهو الإيمان وهو إمام أهل زمانه، فمن عرفه عرف الله ودينه، ومن أنكره أنكر الله ودينه، ومن جهله جهل الله ودينه، ولا يعرف الله ودينه وشرايعه بغير ذلك الإمام كذلك جرى بأن معرفة الرجال دين الله (، والمعرفة على وجهين معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين الله...) ([278]). وما جميع ما ورد من أحاديث للرسول الله ص في الفرقة الناجية صحيح، وهي منهج واحد، وهو أن يتبع العلماء والسواد الأعظم والصحابة الأبرار، الذين كانوا على نهج واضح وهو إتباع خليفة الله محمد ص كونه النبي والحاكم المطلق ومن بعده الخلفاء الهادون المهديون، وهم الصراط المستقيم وهم الثقل الثاني وعدل القرآن، وبذلك تكون الفرقة الناجية فرقة واحدة وبمنهج واحد وهي التي تتبع الخليفة أو الحاكم أو الملك الذي يختاره الله وهو أعلم الناس في زمانه؛ لأن من يختارهم الله للحكم يؤتيهم العلم، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([279]). فخلفاء الله في أرضه هم العلماء والمنبع الطاهر لعلم الأنبياء، وهم آل إبراهيم الذين آتاهم الله الملك وفيهم الوصاية إذ ذكرهم رسول الله ص في وصيته بالأسماء إلى وقت انقضاء الأمر، وهو وقت القيامة الصغرى حيث قيام دولة محمد ص وآل محمد ص، حيث يجدد الإمام المهدي ع - وهو من جمع فيه أرث إبراهيم ع وعمران ع ووصيه الإمام أحمد ع - ما محي من دين الله بسبب أباطيل فقهاء الضلالة وأتباعهم، وليظهر الإسلام على جميع الأديان. قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾([280]). وقال رسول الله ص: (إن الدين بدأ غريباً ويرجع غريباً فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي) ([281]). ولمعرفة من يختارهم الله خلفاء له في أرضه وسمائه في كل زمان ومكان لابد من أن يكون هنالك قانون أحكمه الله سبحانه، ذكره في كتابه وبينته السنة الشريفة وأحاديث أهل البيتص، هذا القانون بيّنه وصي الإمام المهدي ع وهو النص الالهي أو الوصية والعلم وراية البيعة لله ([282]). الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ... هذا ما علمني ربي على لسان عبده الصالح ع وأنصاره الذين أدخرهم الله لنصرة الحق ... فالحمد لله الذي وفقنا لمعرفة وإتباع الحق الذي جاء به يماني آل محمد ص، والذي لولاه ما خطت يدي حرفاً ولا كتبت كتاباً ... فهو سلام الله عليه من بيَّن لنا الحكمة في كتاب الله وفي حديث الرسول ص وفي أحاديث آل البيت الطيبين الطاهرين ص. والحمد لله وحده وحده وحده.
Footers

[1] - هود: 86.

[2] - آل عمران: 144.

[3]  كتاب لسان العرب.

[4] - العنكبوت: 2.

[5] - العنكبوت: 3.

[6] - تهذيب اللغة: ج14ص297 – 299 (باختصار).

[7] - البقرة: 30.

[8] - الرعد: 20.

[9] - الشورى: 52.

[10] - الأعراف: 168.

[11] - الزخرف: 22.

[12] - المستدرك للحاكم النيسابوري ج4 ص514 – 515، وأخرجه الدارمي - سنن الدارمي: ج1 ص64 بلفظ مقارب، وصححه الألباني في كتابه (صلاة التراويح) ط2- المكتب الإسلامي - ص5، حيث قال: (رواه الدارمي ج1 ص60) بإسنادين: أحدهما صحيح والثاني حسن ... .

[13] - الكافي بسند صحيح: ج8 ص54.

[14] - صحيح البخاري: كتاب الاعتصام (7320)، صحيح مسلم: كتاب العلم (2669) عن أبي سعيد الخدري نحوه.

[15] - آل عمران: 7

[16] - روي حديث افتراق الأمة – مع اختلاف الألفاظ – عن عدة من الصحابة ذكر منهم ثلاثة عشر صحابياً، كما نص عليهم السخاوي في الأجوبة المرضية: ج2 ص569، حيث قال: (جاء عن عدة من الصحابة منهم أنس بن مالك، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وعوف بن مالك، وعمرو بن عوف المزني، ومعاوية بن أبي سفيان، وواثلة بن الأسقع، وأبي الدرداء، وأبي أمامة، وأبي هريرة).

[17] - كتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم: ص32 ح63، سنن ابن ماجة: ج2 ص1322 ح3992، مسند الشاميين للطبراني: ج2 ص100 – 101 برقم 988، المعجم الكبير للطبراني: ج18 ص70 باختصار بعض الألفاظ، الدر المنثور للسيوطي: ج2 ص62، كنز العمال للمتقي الهندي: ج11 ص114 ح30834، تهذيب الكمال للمزي: ج14 ص180 – 181، النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير: ج1 ص29، وقال عنه: (وإسناده لا بأس به)، مجموع الفتاوى لابن تيمية: ج3 ص345، وقال عنه: (الحديث صحيح مشهور في السنن والمسانيد) ثم قال بعد أن ذكره: (... وفي رواية قالوا: يا رسول الله، من الفرقة الناجية ؟ قال: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي". وفي رواية قال: "هي الجماعة، يد الله على الجماعة")، الأجوبة المرضية للسخاوي: ج2 ص571 – 572، وقال عنه: (ورجاله موثقون)، السلسلة الصحيحة للألباني: ج3 ص480 برقم 1492، وقال عنه: (وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات معروفون غير عباد بن يوسف وهو الكندي الحمصي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات ووثقه غيره، وروى عنه جمع. وللحديث شواهد تقدم بعضها برقم 302) ، صحيح سنن ابن ماجة للألباني: ج3 ص306 برقم 3241، وقال عنه: (صحيح)، صحيح الجامع الصغير وزيادته: ج1 ص245 برقم 1082، عن عوف بن مالك، وليس فيه (قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: هم الجماعة)، وقال عنه: (صحيح).

[18] - سنن الترمذي: ج4 ص135 بـ 18 ح2779، وقال عنه: (هذا حديث حسن غريب مفسر)، الجامع الصغير للسيوطي: ج2 ص444 – 445 ح7532، كنز العمال للمتقي الهندي: ج11 ص115 ح30837، صحيح سنن الترمذي للألباني: ج3 ص53 – 54 برقم 2641، وقال عنه: (حسن)، صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني: ج2 ص943 – 944 برقم 5343، وقال عنه: (صحيح)، وقد حذف منه جملة: (حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك)، ظناً منه بأنها غير صحيحة، وقد تراجع عن ذلك واعترف بأنه كان مخطأ، وأن الجملة صحيحة، راجع السلسلة الصحيحة للألباني: ج3 ص335 تحت رقم 1348.

[19] - الدر المنثور للسيوطي: ج2 ص62، المستدرك للحاكم النيسابوري: ج1 ص128 – 129، كنز العمال للمتقي الهندي: ج1 ص211 ح1060، سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: ج10 ص159 – 160.

[20] - مجمع الزاوئد للهيثمي: ج1 ص189، المعجم الأوسط للطبراني: ج8 ص22.

[21] - كتاب السنة لابن أبي عاصم: ص32 برقم 64، ظلال الجنة في تخريج السنة للألباني: ص32 – 33 برقم 64، وقال عنه: (حديث صحيح. ورجاله ثقات على ضعف في هشام بن عمار، لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجة (3993) بإسناد المصنف هذا، وصححه البوصيري ! والحديث صحيح قطعاَ؛ لأن له ست طرق أخرى عن أنس، وشواهد عن جمع من الصحابة، وقد استقصى المصنف رحمه الله الكثير منها كما يأتي، ومضى قبله من حديث عوف ابن مالك، وقد خرجته في "الصحيحة" (203) من حديث أبي هريرة و (204) من حديث معاوية، وسيذكرهما المصنف. وقد ضل بعض الهلكى من متعصبة الحنفية في ميله إلى تضعيف هذا الحديث مع كثرة طرقه لمخالفته هوى في نفسه، وقد رددت عليه في المصدر المذكور آنفا، فليراجعه من شاء)، صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني: ج1 ص409 برقم2042، عن أنس، مع زيادة في صدره، وقال عنه: (صحيح)، وراجع أيضاً السلسلة الصحيحة للألباني: ج1 ص402 برقم 203.

[22] - المعجم الأوسط للطبراني: ج7 ص175 – 176، المعجم الكبير للطبراني: ج8 ص268، نحوه، كتاب السنة لابن أبي عاصم: ص34 ح68، مع اختلاف في المتن، مجمع الزوائد للهيثمي: ج7 ص258 – 259، وقال عنه: (رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحو وفيه أبو غالب وثقه ابن معين وغيره، وبقية رجال الأوسط ثقات وكذلك أحد إسنادي الكبير)، الأجوبة المرضية للسخاوي: ج2 ص574، وقال عنه: (ورواته موثقون)، الأجوبة المرضية للسخاوي: ج2 ص574، وقال عنه: (ورواته موثقون).

[23] - كتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم: ص7 ح2، مسند أحمد: ج4 ص102، المستدرك للحاكم النيسابوري: ج1 ص128، وقال: (هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث)، سنن أبي داود: ج2 ص390 ح4597، المعجم الكبير للطبراني: ج19 ص376 – 377، مسند الشاميين للطبراني: ج2 ص108 ح1005، كنز العمال للمتقي الهندي: ج11 ص114 ح30835، النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير: ج1 ص29، وقال عنه: (إسناده حسن)، الصحيح المسند من دلائل النبوة للوادعي: ص577 – 578، وقال عنه: (الحديث حسن لغيره)، صحيح سنن أبي داود للألباني: ج3 ص115 – 116 برقم 4597، وقال عنه: (حسن)، صحيح الترغيب والترهيب للألباني: ج1 ص129 برقم 51، وقال عنه: (حسن صحيح)، صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني: ج1 ص515 برقم 2741، وقال عنه: (صحيح)، ظلال الجنة في تخريج السنة للألباني: ص7 – 8 برقم 2، وقال عنه: (حديت صحيح بما قبله، رجاله ثقات غير أن ابن مصفى واسمه محمد الحمصي القرشي صدوق له أوهام، وكان يدلس، لكنه قد صرح بالتحديث. ومثله بقيه وهو ابن الوليد ولكنه صرح بالتحديث عند أبي داود في "سننه " رقم (4597): ثنا عمرو بن عثمان، ثنا بقية قال: حدثني صفوان، وتابعه أبو المغيرة قال: ثنا صفوان به. أخرجه أبو داود وأحمد (4/102)، فالإسناد صحيح)، وقصد صححه الألباني أيضاً في السلسلة الصحيحة: ج1 قـ 1 ص404 – 414 برقم 204، وأطال الكلام في تخريجه وتصحيحه، وتصحيح ذيله: (كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة)، ورد على من حاول تضعيفها.

[24] - موسوعة كتب ابن القيم: ج63 ص 5.

[25] - ورد في سير أعلام النبلاء: ج12 ص197، عن مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الطُّوْسِيِّ خَادِمِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يَقُوْلُ فِي حَدِيْثٍ: (إِنَّ اللهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ / عَلَى ضَلاَلَةٍ، فَإِذَا رَأًيْتُمُ الاخْتِلاَفَ، فَعَلَيْكُم بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ، مَنِ السَّوَادُ الأَعْظَمُ؟ قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ وَأَصْحَابُهُ، وَمَنْ تَبِعَهُ. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: لَمْ أَسْمَعْ عَالِماً مُنْذُ خَمْسِيْنَ سنَةً كَانَ أَشَدَّ تَمَسُّكاً بِأَثَرِ النَّبِيِّ / مِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ: وَسَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْبَ المَرْوَزِيَّ بِبَغْدَادَ، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ صَحِبْتَ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، أَيُّهُمَا كَانَ أَرْجَحَ وَأَكبَرَ وَأَبْصَرَ بِالدِّيْنِ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لِمَ تَقُوْلُ هَذَا؟ إِذَا ذَكَرْتُ مُحَمَّداً فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، فَلاَ تَقْرُنْ مَعَهُ أَحَداً: البَصْرُ بِالدِّيْنِ، وَاتِّبَاعُ الأَثَرِ، وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَفَصَاحَتُهُ بِالقُرْآنِ وَالنَّحْوِ).

[26] - المفصل في تخريج حديث افتراق الأمة ص14 - كتاب الكتروني - نقلاً عن الْفَقِيهُ وَالْمُتَفَقِّهُ لِلْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ.

[27] - المفصل في تخريج حديث افتراق الأمة ص14 - كتاب الكتروني - نقلاً عن الْفَقِيهُ وَالْمُتَفَقِّهُ لِلْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ.

[28] - معاني الأخبار ص154 – 155.

[29] - المفصل في تخريج حديث افتراق الأمة ص13 - كتاب الكتروني - نقلاً عن شرح أصول الاعتقاد..

[30] - المفصل في تخريج حديث افتراق الأمة ص14 - كتاب الكتروني -.

الحرورية: طائفة من الخوارج نُسبوا إلى حروراء: اسم قرية يُمَد ويقصر، كان أول مجتمعهم بها، وتحكيمهم فيها.

[31] - البقرة: 100.

[32] - يونس: 36.

[33] - التوبة: 8.

[34] - النحل: 83.

[35] - النحل: 101.

[36] - المؤمنون: 70.

[37] - سبأ: 13.

[38] - النساء: 83.

[39] - النساء: 142.

[40] - الواقعة: 13 – 14.

[41] - هذا الاعتقاد الخاطئ عن أبي غالب في رواية من كتاب المفصل في تخريج حديث افتراق الأمة ص10 - كتاب الكتروني - نقلاً عن كتاب السُّنَّةُ لِلْمَرْوَزِيّ.

[42] - التوبة: 100.

[43] - الفتح: 18.

[44] - الانفال: 15 – 16.

[45] - الرعد: 25.

[46] - البقرة: 17.

[47] - الأنبياء: 104.

[48] - المائدة: 117.

[49] - صحيح البخارى- ج5 ص191 – 192، وصحيح مسلم ج8 ص157.

[50] - صحيح مسلم ج7 ص67.

[51] - صحيح مسلم ج7 ص68.

[52] - الأنعام: 89.

[53] - البقرة: 247.

[54] - الرعد: 7.

[55] - كتاب سليم بن قيس الهلالي -ـ سليم بن قيس الهلالي: ص416 و435, الامالي ‏للطوسي: المجلس الثامن عشر ص523 – 524.

[56] - كتاب روضة الكافي: ص128.

[57] - سفينة البحار - الشيخ عباس القمي: ج2 ص359، والميزان - للسيد الطباطبائي: ج3 ص379.

[58] - الفصول المهمة في معرفة الأئمة: المجلد 1 ص15، تاريخ الطبري: ج5 ص185، وج3 ص494 طبعة أخرى، والكامل في التاريخ: ج3 ص115.

[59] - تاريخ الطبري: ج3 ص494.

[60] - إحقاق الحق: ج7 ص185.

[61] - الزخرف: 22.

[62] - كنز العمال للمتقي الهندي ج11 ص603 برقم 32910، سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ج11 ص297.

[63] - رواه الترمذي في صحيحه ج5 ص299 – 300 برقم 3803، والنسائي في السنن الكبرى ج5 ص45 برقم 8147، وابن ماجة في سننه ج1 ص44 ح119، وأحمد بن حنبل في مسنده ج4 ص165، والطبراني في المعجم الكبير ج4 ص16، والسيوطي في الجامع الصغير ج2 ص177 ح 5595، والمتقي الهندي في كنز العمال ج11 ص603 ح 32913، وغيرهم.

[64] - المستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص123 – 124، وقال عنه: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وأيضاً في الجزء الثالث ص 146 / مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص135، وقال عنه: " رواه البزاز ورجاله ثقات".

[65] - نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص90، كنز العمال ج11 ص620 برقم 33012.

[66] - كنز العمال للمتقي الهندي ج11 ص620 برقم 33013، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج2 ص86، تاريخ مدينة دمشق ج42 ص309، سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ج11 ص292.

[67] - انظر: مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص111، المعجم الأوسط للطبراني ج5 ص343، كنز العمال للمتقي الهندي ج11 ص624 برقم 33043.

[68] - انظر: مجمع الزوائد ج9 ص121، المعجم الكبير للطبراني ج22 ص200، كنز العمال للمتقي الهندي ج11 ص624، شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص293.

[69] - المائدة: 55 – 56.

[70] - جاء في هامش كتاب نظرية عدالة الصحابة لأحمد حسين يعقوب: ونقل هذا الاجماع غير واحد كالإمام القوشجي في مبحث الإمامة من شرح التجريد وراجع تفسير الإمام أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي الذي قال عنه ابن خلكان في وفياته إنه أوحد زمانه في علم التفسير . وراجع على سبيل المثال شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج1 ص161 ومناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص311 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ج 328 و250 ، وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري الشافعي ص88 و102 والمناقب للخوارزمي الحنفي ص187 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج2 ص409 وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص123 و108 والدر المنثور للسيوطي ج2 ص293 وفتح القدير للشوكاني ج2 ص 53، والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ص181 والكشاف للزمخشري ج1 ص649 وتفسير الطبري ج6 ص288 - 289، وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي الحنبلي ج2 ص383 ، وتفسير القرطبي ج 6 ص 216 ، والتفسير المنير لمعالم التنزيل للجادي ج1 ص210 وفتح البيان في مقاصد القرآن ج3 ص51 وأسباب النزول للواحدي ص148، والباب المنقول للسيوطي بهامش تفسير الجلالين ص213 وتذكرة الخواص للسبط الجوزي الحنفي ص18 وص208 وتفسير الرازي ج12 ص26 و20 وتفسير ابن كثير ج2 ص 71 . . الخ وهنالك 36 مرجعا لم تذكر .

[71] - شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص489، تاريخ مدينة دمشق ج42 ص57.

[72] - فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل – دار ابن الجوزي - تحقيق وصّي الله بن محمد عباس – ط2 – 1420 هـ - 1999 م - ج2 ص823 – 824 ح1130 / الرياض النضرة للمحب الطبري المتوفي684 هـ – تصحيح السيد محمد بدر الدين النعساني الحلبي – ج2 ص164 / تذكرة الخواص للعلامة سبط ابن الجوزي المتوفي 654 هـ - تقديم السيد محمد صادق بحر العلوم - ص46، وذكره بسند أخر صحيح / مناقب علي بن أبي طالب (ع) وما نزل من القرآن في علي (ع) لأبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الأصفهاني المتوفي 410 هـ - ص 285 ح450 / وانظر: المناقب للموفق الخوارزمي ص145 ح169 وح170 / ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج1 ص47 ح8، و ج2 ص307 ح876 / تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج42 ص67 / كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب (ع) للحافظ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي – دار احياء تراث أهل البيت (ع) – ط3 – 1404 هـ - بـ 87 ص 314 - 315 / نظم درر السمطين لمحمد بن يوسف الزرندي الحنفي المتوفي 750 هـ - ص79 / فرائد السمطين للمحدث الكبير ابراهيم بن محمد بن المؤيد الجويني الخراساني المتوفي 730 هـ - تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي - مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر – بيروت – لبنان – ط1 – 1398 هـ - 1978 م - ج1 بـ2 ص42 – 43 ح6 – 7.

[73] - الرعد: 4.

[74] - الحاكم في المستدرك على الصحيحين: ج2 ص241.

[75] - القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: ج1 ص202 ب 13ح5.

[76] - القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: ج1 ص369 ب41 ح3.

[77] - القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: ج1 ص281 ب23 ح2.

[78] - البخاري في صحيحه: ج4 ص208.

[79] - ابن المغازلي في مناقب عليّ بن أبي طالب: ص45 و46 الرقم 68.

[80] - القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: ج1 ص363 ب40ح1.

[81] - انظر: المعجم الكبير للطبراني ج6 ص269، فيض القدير للمناوي ج4 ص472، تاريخ مدينة دمشق ج42 ص41.

[82] - غيبة النعماني: ص214.

[83] - الوسائل: ج27 ص17، أبواب صفات القاضي ب3 ح3.

[84] - ابن عساكر في تاريخ دمشق، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (: ج42 ص41، الرقم 8368.

[85] - الجماعة الأحمدية (بالأردو: أحمدیہ) قيل عنهم: طائفة إسلامية نشأت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في شبه القارة الهندية، مؤسسها هو ميرزا غلام أحمد القادياني، نسبة إلى بلدة قاديان، في إقليم البنجاب في الهند، حيث وضع أسس جماعته عام 1889، عندما صرح أنه هو المهدي المنتظر ومجدد زمانه، يعيش الأحمديون في كل البلدان التي يوجد بها مهاجرون من شبه القارة الهندية، وبعد وفاة مؤسسها انقسمت الجماعة إلى فرعين: الحركة الأحمدية في لاهور، وجماعة المسلمين الأحمدية. ويعد الأحمديون أنفسهم مسلمين، يؤمنون بالقرآن وبأركان الإيمان جميعها: بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث والحساب وبأركان الإسلام كلها، وبأن من غيّر شيئاً فيها فقد خرج من الدين.

يعتقد الأحمديون أن مؤسس جماعتهم هو "الإمام المهدي"، جاء مجدداً للدين الإسلامي، ومعنى التجديد عندهم هو إزالة ما تراكم على الدين من غبار عبر القرون، ليعيده ناصعاً نقياً كما جاء به محمد رسول الإسلام الذي يؤمنون بأنه "عبد الله ورسوله وخاتم النبيين". كما ادعى ميرزا غلام أحمد أن مجيئه قد بشر به محمد ونبوءات أخرى في مختلف الأديان، وأنه هو المسيح المنتظر، حيث يفسرون أن المسيح المنتظر ليس هو نفسه عيسى ابن مريم الذي يعتقدون أن لم يمت على الصليب. وتعتبر الجماعة الأحمدية نفسها جماعة دينية غير سياسية وهدفها التجديد في الإسلام وتقول بأنها تسعى لنشر الدين بوسائل سلمية عن طريق ترجمة القرآن إلى لغات عدة بلغت بحسب مصادر الجماعة 52 لغة عبر العالم. وتؤكد مصادر الجماعة الأحمدية أنها لا علاقة لها بالسياسة وتتعمد إبعاد الدين عن السياسة، كما تؤكد أيضاً أنها وأتباعها لن تقود أو تشارك في أي خروج على حكومة أي بلد تواجدت فيها.

[86] - الدين البهائي، قيل عنه: هو دين عالمي مستقل ينسبه البعض للإسلام رغم إصرار أتباعه على أنه دين سماوي مستقل، له رسوله ومبادئه وأحكامه وهيئاته الإدارية المستقلة استقلالاً تاماً عن الإسلام، أسسه الميرزا حسين علي النوري الملقب بهاء الله في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي. والدين البهائي معترف به رسمياً في العديد من دول العالم، وفي عام 1992 (الذكرى المئوية الأولى لوفاة بهاء الله) أتم الدين البهائي انتشاره في كل دول العالم باستثناء دولة الفاتيكان، وله تمثيل غير حكومي في منظمة الأمم المتحدة منذ بداية نشأتها وكذلك في الأوساط العلمية والدينية والاقتصادية في العالم، ورغم أنَّ ولاية الأمر كما تمَّ رسمها مؤسسة تخضع لنظام وراثي وأنَّ وصايا حضرة عبد البهاء قد جعلت في الإمكان استمرار الخط الوراثي هذا من بعد وليّ الأمر الذي عيّنه حضرة عبد البهاء، فقد تُوُفِّيَ حضرة شوقي أفندي دون أنْ يترك وريثاً يخلُفه. وهو لم يعيّنْ أحداً من أفراد عائلته ليخلفه لانتفاء الشروط التي وضعها حضرة عبد البهاء لمثل ذاك التعيين. ومع ذلك فإنّ ولاية الأمر مستمرة في حيويتها ودوام أثرها الخيّر، فقد ترك حضرة شوقي أفندي في آثاره الكتابية كنزاً لا يفنى من صنوف الهداية والإرشاد. إنّه ميراث غنيّ تركه وليّ أمر الدين البهائي للجامعة البهائية وكان حصيلة سنوات ولايته الحافلة بالأحداث من عام ١٩٢١ إلى عام ١٩٥٧. ومما يساعد على تقدير هذا الميراث الغني حقَّ قدْره أنْ نستعرض بالتفصيل أوجه النشاطات العديدة التي قام بها وليّ أمر الدين البهائي لنموّ الجامعة البهائية وتطويرها، وعن الارتباط الوثيق القائم بين ولاية الأمر وبيت العدل الأعظم، فوصفهما قائلاً (شوقي أفندي): "إنّ كُلاًّ من هذين العمادين التوأمين لنظام دين حضرة بهاء الله الإداري إلهيّ من حيث الأصل، جوهريّ من حيث العمل، ومتمّم أحدهما للآخر من حيث الغاية والمطلب. (شوقي أفندي، دورة بهاءالله: ملحق الإدارة البهائية، الإسكندرية، المحفل الروحاني المركزي للقطر المصري والسودان، ١٩٤٧، ص٦١- العالم البهائي – موقع الجامعة البهائية على النت).

[87] - صحيح البخارى ج8 ص156.

[88] - الجامع الصغير للسيوطي ج2 ص191 برقم 5703، ميزان الحكمة: ج3 ص2067.

[89] - الذاريات: 56.

[90] - فاطر: 28.

[91] - البقرة: 31.

[92] - الكهف: 65.

[93] - طه: 114.

[94] - النمل: 15.

[95] - يوسف: 22.

[96] - الانبياء: 74.

[97] - القصص: 14.

[98] - البقرة: 247.

[99] - مريم: 5 – 6.

[100] - مريم: 12.

[101] - يوسف: 22.

[102] - النمل: 16.

[103] - رواه الحاكم النيسابوري بثلاثة أسانيد: ج3 ص126 – 127، ورواه الطبراني في المعجم الكبير: ج11 ص55، ورواه السيوطي في جامع الأحاديث: ج2 ص193 برقم 4783، ورواه المتقي الهندي في كنز العمال: ج13 ص147 – 148 برقم 36463 ، والهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 ص114.

[104] - كذلك فقد ورد هذا النص بعشرات المراجع منها: صحيح الترمذي: ج5 ص301 ح3807، الجامع الصغير للسيوطي ج1 ص415 برقم 2704، كنز العمال للمتقي الهندي ج11 ص600 برقم 32889.

[105] - سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ج11 ص293.

[106] - كنز العمال للمتقي الهندي ج12 ص104 ح34201 / ذخائر العقبى لأحمد بن عبد الله الطبري ص17 / سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ج11 ص7 / ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج 2 ص 68 ح61 ، و ص114 ح322 / فرائد السمطين للمحدث الكبير ابراهيم بن محمد بن المؤيد الجويني الخراساني المتوفي 730 هـ - تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي - مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر – بيروت – لبنان – ط1 – 1398 هـ - 1978 م - ج1 بـ2 ص45 ح10 / فردوس الأخبار للديلمي المتوفي 509 هـ – دار الكتاب العربي – ط1 – 1407 هـ - 1987 م - ج5 ص34 ح7094 .

[107] - ينابيع المودة للقندوزي ج1 ص82 – 83 ، نهج البلاغة: ص30.

[108] - الكافي: ج1 ص51.

[109] - علل الشرائع: ص195، بحار الأنوار: ج23 ص19، وروى البرقى في المحاسن: ج1 ص235، إثبات الهداة: ح1 ص189عن المصادر، ورواه الطبري في دلائل الامامة: ص231.

[110] - بصائر الدرجات: ص134.

[111] - أمالي الطوسي، المجلس الأوّل: ص20ح 23، بحار الأنوار: ج1 ص188، تحف العقول: ص113.

[112] - الكافي: ج1 ص51.

[113] - الكافي: ج1 ص401، وبصائر الدرجات: ص45.

[114] - نهج البلاغة: ج2 ص27.

[115] - الأنبياء: 7.

[116] - الطلاق: 10 – 11.

[117] - تفسير القرطبي: ج11 ص272.

[118] - جامع البيان ج14 ص145.

[119] - جامع البيان: ج17 ص8.

[120] - الكافي: ج1 ص237.

[121] - الحاكم الحسكاني - شواهد التنزيل: ج1 ص432.

[122] - بصائر الدرجات: ص60.

[123] - بصائر الدرجات: ص60.

[124] - العلم والحكمة في الكتاب والسنة: ص453.

[125] - إلزام الناصب: ج1 ص196.

[126] - البقرة: 18.

[127] - مكارم الأخلاق: ص450.

[128] - الكافي ج8 ص307 – 308.

[129] - ينابيع المودة: ج3 ص215.

[130] - النساء: 82.

[131] - نهج البلاغة - كلام الإمام علي ( في ذم اختلاف الفقهاء في الفتيا.

[132] - رأي محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني في الاجتهاد بالرأي ورد في كتابه - الغيبة غيبة النعماني: ص56.

[133] - هود: 46.

[134] - آل عمران: 68.

[135] - نهج البلاغة: الخطبة 92 ج5 ص373 من شرح ابن أبي الحديد.

[136] - غيبة الطوسي: ص198.

[137] - تحف العقول - ابن شعبة الحراني: ص175.

[138] - الكافي: ج1 ص77.

[139] - الاحتجاج: ج2 ص510 ح337.

[140] - أصول الكافي: ج2 ص96.

[141] - بحار الأنوار: ج1 ص214 عن المحاسن للبرقي.

[142] - التوبة: 31.

[143] - كتاب تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد: ص73 ، الكافي - الشيخ الكليني: ج1 ص53 (باب التقليد).

[144] - النحل: 89.

[145] - المائدة: 3.

[146] - الكافي: ج5 ص56.

[147] - نهج البلاغة – وصية علي ( لولديه الحسن ( والحسين (.

[148] - سنن أبي داود ج2 ص393.

[149] - البقرة: 85.

[150] - الحديد: 27.

[151] - الأعراف: 38.

[152] - الأحزاب: 67.

[153] - نهج البلاغة: الخطبة 192 المعروفة بالقاصعة.

[154] - صحيح البخارى ج7 ص111، و صحيح ابن حبان: ج15 ص140 ح6741،

الرصاف: جمع رصفة وهو مدخل النصل في السهم، القدح: خشب السهام حين تنحت وتبرى وتسوى، القذذ: جمع قذة وهى ريش السهم، النضى: السهم بلا نصل ولا ريش أو ما بين نصل السهم وريشه.

[155] - سنن أبي داود ج2 ص393.

[156] - صحيح البخاري ج8 ص127.

[157] - صحيح مسلم ج6 ص3.

[158] - البقرة: 180.

[159] - وردت الوصية المقدسة لرسول الله وذكرها في هذه المصادر: الغيبة للطوسي: ص151 طبعة مؤسسة المعارف الإسلامية, بحار الأنوار: ج53 ص147،غاية المرام: ج2 ص241، النجم الثاقب: ج2 ص41، الشيخ الحرالعاملي في إثبات الهداة: ج1 ص549 ح376، الشيخ الحر العاملي کتاب الإيقاظ من الهجعة: ص393.

[160] - مسند أحمد ج3 ص37.

[161] - سنن أبو داود: ج2 ص310.

[162] - انظر: سنن أبي داود ج2 ص309.

[163] - مختصر بصائر الدرجات ص49، بحار الأنوار ج53 ص148.

[164] - ميزان الاعتدال ج2 ص302.

[165] - تذكرة الحفاظ: ج1 ص5.

[166] - الأحزاب: 33.

[167] - صحيح مسلم: ج7 ص122 – 123، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب (.

المستدرك على الصحيحين: ج3 ص148.

[168] - انظر : مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص172، المعجم الكبير للطبراني ج3 ص43 – 44 برقم 2630، الجامع الصغير للسيوطي ج1 ص262 برقم 1717.

[169] - انظر: المعجم الكبير للطبراني ج3 ص44 برقم 2631، الجامع الصغير للسيوطي ج2 ص278 برقم 6294.

[170] - راجع المستدرك للحاكم: ج3 ص217.

[171] - كنز العمال للمتقي الهندي ج5 ص291 برقم 12914.

[172] - آل عمران: 61.

[173] - صحيح مسلم ج7 باب من فضائل علي (رض) ص120 – 121، الإمام احمد بن حنبل في مسنده ج1 ص185، الترمذي في سننه – صحيحه - ج4 ص293 – 294 ح 4085، وشهد بصحته. وكذلك روى رواية مسلم بطولها في ج5 ص301 – 302 ح 3808، وأيضاً شهد بصحتها، الحاكم النيسابوري في المستدرك ج3 ص150 ح4719، وشهد بصحته على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك، فقال: على شرط البخاري ومسلم، البيهقي في السنن الكبرى ج7 ص63، ونص الألباني على صحة هذا الحديث على ما نقله الترمذي موافقاً لحديث مسلم، راجع: صحيح وضعيف سنن الترمذي للألباني حديث رقم 3724.

[174] - كنز العمال: ج12 ص25 نقله عن أحمد في مسنده، وعن الطبراني في الكبير، والبيهقي في السنن، وعن الحاكم في المستدرك، وقد روى قرابة مائة حديث تفيد أن الأمر في قريش، وقد روى هذه الأحاديث كل أصحاب السنن راجع الأحاديث: ح33789 – 33890 ج12 من الكنز.

[175] - كنز العمال: ج2 ص43 نقله عن الحاكم في مستدركه، وعن البيهقي في سننه، وعن الطبراني في الكبير، وعن ابن عساكر فراجع: ج12 ص43 و 58 من الكنز للمتقي الهندي.

[176] - صحيح مسلم ج7 ص130.

[177] - مسند أحمد ج4 ص107.

[178] - آل عمران: 33 – 34.

[179] - سنن أبي داود ج2 ص390.

وروي عن النبي / من وجوه متعددة رواها أهل السنن والمسانيد كأحمد بن حنبل والترمذي وغيرهم أنه قال: (ستفترق هذه الأمة على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة)، وفي رواية: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، مجموعة فتاوى ابن تيمية: ص370.

[180] - كتاب سليم بن قيس الهلالي لـ سليم بن قيس الهلالي: ص416 و 435, الامالي ‏للطوسي: المجلس الثامن عشر ص523 – 524.

[181] - شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص99.

[182] - البقرة: 136.

[183] - الأعراف: 160.

[184] - صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني: ص601 – 602 برقم 3146، وحسَّنه، وأخرجه في السلسلة الصحيحة: ج3 ص228 برقم 1227، بدون ذكر الحسن (.

[185] - النساء: 48.

[186] - يوسف: 106.

[187] - صحيح البخاري ج5 ص69.

[188] - الآحاد والمثاني للضحاك ج3 ص23.

[189] - انظر: السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص116، المعجم الكبير للطبراني ج17 ص92.

[190] - الكهف: 26.

[191] - القصص: 68.

[192] - يوسف: 22.

[193] - البقرة: 251.

[194] - البقرة: 247.

[195] - آل عمران: 26.

[196] - النساء: 60.

[197] - صحيح ابن حبان ج8 ص182 - 183، مسند أحمد: ج2 ص367.

[198] - الأنعام: 153.

[199] - انظر: سنن الدارمي ج1 ص67، المستدرك للحاكم النيسابوري ج2 ص318، مجمع الزوائد للهيثمي ج7 ص22، صحيح ابن حبان ج1 ص180 – 181.

[200] - مريم: 43.

[201] - بحار الأنوار: ج24 ص11 ح 3.

[202] - ينابيع المودة للقندوزي ج2 ص70.

[203] - روضة الواعظين: ص271، وأمالي الصدوق: ج18 ص3، والخصال: ص360 ح49، وبشارة المصطفى: ص17– 18، وجامع الأخبار: ص513 ح1441، وكفاية الأثر: ص108.

[204] - القاموس المحيط مادة (سرط) و(صرط).

[205] - الشورى: 38.

[206] - آل عمران: 159.

[207] - تفسير ابن كثير ج4 ص127: (أي اتبعوا رسله وأطاعوا أمره واجتنبوا زجره، "وأقاموا الصلاة" وهي أعظم العبادات لله عز وجل، "وأمرهم شورى بينهم" أي لا يبرمون أمراً حتى يتشاوروا فيه ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها كما قال تبارك وتعالى: "وشاورهم في الأمر" الآية، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم، وهكذا لما حضرت عمر بن الخطاب رضي الله عنه الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر، وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فاجتمع رأي الصحابة كلهم رضي الله عنهم على تقديم عثمان عليهم رضي الله عنهم، "ومما رزقناهم ينفقون" وذلك بالإحسان إلى خلق الله الأقرب إليهم منهم فالأقرب).

[208] - سنن أبي داود ج2 ص393.

[209] - صحيح مسلم ج3 ص11.

[210] - سنن النسائي ج3 ص188 – 189.

[211] - سنن أبي داود ج2 ص393.

[212] - آل عمران: 164.

[213] - صحيح البخاري ج5 ص145.

[214] - انظر: المصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج8 ص574.

(استخلف: اختار من يخلفه وينوب عنه وحدده، الاستخلاف: اختيار ولي الأمر لمن يخلفه وينوب عنه في غيابه أو بعد موته، النافلة: ما كان زيادة على الأصل الواجب).

[215] - مصنف ابن أبي شيبة ج8 ص577.

[216] - النساء: 59.

[217] - صحيح مسلم ج6 ص20.

[218] - البقرة: 216.

[219] - البقرة: 30.

[220] - جامع البيان - ابن جرير الطبري: ج1 ص289.

[221] - تفسير النسفي: ج1 ص36.

[222] - ص:26.

[223] - البقرة: 124.

[224] - مريم: 12.

[225] - الجاثية: 16.

[226] - يوسف: 22.

[227] - النساء: 54.

[228] - الانبياء: 79.

[229] - الانبياء: 74.

[230] - الشعراء: 21.

[231] - القصص: 14.

[232] - البقرة: 247.

[233] - البقرة: 251.

[234] - المائدة: 20.

[235] - آل عمران: 26.

[236] - الرعد: 41.

[237] - المائدة: 50.

[238] - اقصص: 88.

[239] - القصص: 70.

[240] - الأنبياء: 78.

[241] - البقرة: 258.

[242] - النساء: 54.

[243] - النساء: 53.

[244] - النساء: 55.

[245] - قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، المستدرك على الصحيحين للحاكم: ج4 ص515.

[246] - تحف العقول - ابن شعبة الحراني: ص175.

[247] - مسند أحمد ج1 ص131، وغيره من المصادر.

[248] - انظر: صحيح البخاري ج8 ص87، صحيح مسلم ج6 ص21 – 22.

[249] - انظر: صحيح مسلم ج6 ص14.

[250] - تاريخ اليعقوبي: ج2 ص162، ومروج الذهب: ج2 ص240، وشرح النهج: ج1 ص240 و242 و ج2 ص356.

[251] - المستدرك على الصحيحين: ج3 ص342.

[252] - المستدرك على الصحيحين ج3 ص50 – 51.

[253] - التوبة: 92.

[254] - سنن أبي داود ج2 ص393 برقم 4607.

[255] - انظر: صحيح مسلم ج4 ص80.

[256] - البقرة: 249.

[257] - البقرة: 247.

[258] - صحيح مسلم: ج6 ص6، صحيح البخاري: ج8 ص107 بلفظ مقارب.

[259] - المستدرك للحاكم النيسابوري ج4 ص92 – 93.

[260] - صحيح مسلم ج6 ص6 – 7.

[261] - روي هذا الحديث عن معاوية بن أبي سفيان، وعن ابن عمر، وعن أبي هريرة بأربعة ألفاظ، معناهما واحد الأول ما في المتن أعلاه، والثاني هو: (من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية)، والثالث هو: (من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية)، والرابع هو: (ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية)، وروي عن معاوية بجميع الألفاظ إلا الأخير، وإليكم ذكر بعض مصادره ومن صححه:

مسند أحمد: ج4 ص96 عن معاوية، حلية الأولياء لأبي نعيم: ج3 ص224 بسنده عن ابن عمر، وقال عنه: "هذا حديث صحيح ثابت ..."، صحيح ابن حبان: ج10 ص434 عن معاوية، مسند أبي داود الطيالسي: ص259 عن ابن عمر، جمع الجوامع للسيوطي: ج10 ص197 برقم 4759/ 23255 عن معاوية، ج10 ص199 برقم 4762/ 23258 عن ابن عمر، المستدرك للحاكم النيسابوري: ج1 ص77 – 78 عن ابن عمر وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك، المعجم الكبير للطبراني: ج19 ص388 عن معاوية، مسند الشاميين للطبراني: ج2 ص437 – 438 ح1654 عن معاوية، كنز العمال للمتقي الهندي: ج1 ص103 ح464 عن معاوية، ج6 ص65 ح14863 عن ابن عمر، مجمع الزوائد للهيثمي: ج5 ص218 عن معاوية، الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين لمقبل الوادعي: ج4 كتاب الإمارة ص451، وقال عنه: "هذا حديث حسن"، كتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم: ص503 ح1057 عن أبي هريرة ومعاوية بلفظ: (من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية)، وعلق الألباني على كتاب السنة في كتابه ظلال الجنة في تخريج السنة: ص503 – 504، قائلاً: "إسناده حسن، ..."، ورواه الطبراني في المعجم الأوسط: ج6 ص70، ونقله عنه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال عنه: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه العباس بن الحسن القنطري ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح"، وهذا وهم وخطأ من الهيثمي، فالطبراني لا يوجد في سنده (العباس بن الحسن القنطري) بل الموجود هو (العباس بن الحسين القنطري)، والأخير من رجال من شيوخ البخاري، كما قال ذلك الألباني في تعليقه على كلام الهيثمي، وهذا نصه: "... لا سيما وقد أعاد ذكره في موضع آخر ج5 ص225 باللفظ الأول، وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه العباس بن الحسن القنطري ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح". قلت: الظاهر أنه العباس بن الحسين - مصغراً - القنطري، وهو ثقة من شيوخ البخاري ، فلا أدري هل تحرف "الحسين" في نسخة "الطبراني" فلم يعرفه الهيثمي أم ماذا ؟" راجع ظلال الجنة في تخريج السنة ص503 – 504 برقم 1057، ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده: ج13 ص366 ح7375، وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد: ج28 ح16876 ص88 – 89، حيث قال: "حديث صحيح لغيره ..."، وصححه أيضاً حمزة أحمد الزين في تعليقه على مسند أحمد: ج13 ص188 ح16819، فقال: "إسناده صحيح، وأبو بكر هو ابن عياش وعاصم هو ابن بهدلة القارئان المشهوران فيهما كلام من جهة حفظهما ولكنهما موثقان، وهو عند الطبراني في الكبير: ج19 ص388 رقم 900، والأوسط: ج1 ص417 وقال عن إسنادي الطبراني في المجمع: ج5 ص218 ضعيفان ولم يشر إلى أحمد، والحديث عند ابن أبي عاصم في السنة رقم 1057".

والنتيجة أن الحديث صححه كل من ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وأبي نعيم، وشعيب الأرنؤوط، وحمزة أحمد الزين. وحسَّنه الألباني، ومقبل الوادعي.

[262] - صحيح البخارى ج4 ص178.

[263] - صحيح ابن حبان ج8 ص182 – 183.

[264] - النساء: 59.

[265] - البقرة: 124.

[266] - تحف العقول: ص325.

[267] - الكافي: ج1 ص376.

[268] - الوسائل: ج27 ص17 أبواب صفات القاضي ب3 ح3.

[269] - وسائل الشيعة: ج18 ص93.

[270] - تحف العقول - ابن شعبة الحراني: ص175.

[271] - مناقب العترة، وكتاب مائتان وخمسون علامة للطباطبائي: ص130.

[272] - البقرة: 285.

[273] - التوحيد – للمانزيدي: ص395.

[274] - أمالي الصدوق:‌ ص 211، أُصول‌ الكافي:‌ ج‌2 ص 45، البرقي‌ّ في‌ المحاسن:‌ ج1 ص 222 ح 135، شرح‌ نهج‌ البلاغة:‌ ج2 ص165.

[275] - المائدة: 7.

[276] - آل عمران: 52.

[277] - النمل: 29 – 31.

[278] - مختصر بصائر الدرجات - الحسن بن سليمان الحلي: ص82، خاتمة المستدرك - الميرزا النوري: ج4 ص118، بحار الأنوار - العلامة المجلسي: ج42 ص290.

[279] - يوسف: 22.

[280] - التوبة: 33.

[281] - سنن الترمذي: ج4 ص129 – 130.

[282] - كتاب الجهاد باب الجنة للإمام أحمد الحسن (ع)