Subjects
-المقدمة
-الفقر الممدوح
-الفقر يزيد من الإيمان
-الغنى الممدوح
-من هم الفقراء على مر التاريخ
-الفقراء في آخر الزمان
-أنصار الإمام المهدي ع والفقر
-القناعة
-تفاهة الدنيا وخستها (شيء يسير)
-الدنيا ممكن أن تسلك بها للآخرة
-أهل الجنة
-التوكل على الله
-أولياء الله
-الإسراف
-استبطاء الرزق
Text
إصدارات أنصار الإمام المهدي ع/ العدد (78) السلسلـة الأخلاقية (الغنى والفقر) الحلقة الثانية بقلم الشيخ حبيب السعيدي طبعة مصححة ومزيدة الطبعة الثانية 1432 هـ - 2011 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي : www.almahdyoon.org -المقدمة وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً. كتبت هذه الأسطر القليلة ونقلت الروايات عن أهل البيت ص؛ لكي أوقف المؤمنين على ما يقول أهل البيت في فضل الفقر, وليخفف أهل الدنيا والغنى من العروج على الدنيا، وليستأنس الفقراء، وليفرحوا بنعمة الفقر التي أتحفهم الله بها، وليحتج الفقراء على الأغنياء بكلام أهل البيت صإذا عيروهم بالفقر بأنه منقصة. وأسأل الله الرضا وولاية أوليائه. الفقر: هو الفاقة أو الحاجة أو العوز أو قلة ذات اليد، وهو نعمة من نعم الله تعالى على عباده ولكن لا يعرفها إلا أهلها، وليس كل فقر ممدوح، بل يوجد فقر مذموم من قبل أهل البيتص. -الفقر الممدوح: روي عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله ع، قال: (إن فقراء المسلمين يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً ([1]). ثم قال ع: سأضرب لك مثلاً على ذلك، إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر ([2])، فنظر في أحداهما فلم ير فيها شيئاً، فقال أسربوها، ونظر في الأخرى فإذا هي موقورة فقال أحبسوها) ([3]). والمفهوم من الحديث: أن هؤلاء الفقراء والأغنياء هم رجال طائعون ملتزمون, ولكن الفارق بينهم هو الغنى والفقر, ولو كان الفقراء يفوقون الأغنياء بطاعة من الطاعات غير الفقر لما كان هذا التفضيل, ولكان التفضيل بنفس الطاعة، فهم متساوون بالطاعة، والفارق بينهم هو الفقر ومعه صبر ورضا بما قدّر الله تعالى, ففي الحديث ما معناه: (فقر معه صبر جنة أو إلى الجنة)، والتأخير للأغنياء أربعين خريفاً في أي مكان وفي أي يوم ؟! في يوم يجعل الولدان شيباً، في مكان تنسى الأم ولدها, في يوم لا ينفع حميم حمياً، طبعاً إلا المؤمنين، فأي حال يكون فيه الأغنياء في هذا التأخير وهو في عرصات يوم القيامة, ولا يدري هل يفوز في هذا التحقيق أم لا ؟ ترانا نحن في حياتنا الدنيا إذا امتحنا بامتحان دراسي تافه كم وكم تهتم له؟ وهو من قبل أناس مثلك, فكيف الحال بين يدي الله تعالى وهذا العدد (أربعون خريفاً) إذا كان من أيام القيامة واليوم عند ربك بألف سنة مما تعدون، وأنت احسب! وهو هذا الغنى طبعاً من الحلال، وإذا كان من الحرام فعليه عقوبة وليس حساب فقط من أجل سؤاله، مثلاً من أين حصل على هذه الأموال، وأين أنفقها، وهل أعطيت رحمك أو جارك أو فقيراً أو مسكيناً أو عيالك... الخ. ثم هذا الغني كم كانت مدة عمره في الحياة، طبعاً يسيرة بالنسبة إلى أربعين خريفاً من أيام يوم الحساب، فما بال هذا الإنسان يلح ويتمنى الغنى على هذا الحساب الشديد بهذا المعنى ؟! يروى عن رسول الله ص ما معناه: أعطى علياً ع عدداً من الدراهم وأعطى أحد المسلمين أيضاً وأعطى آخر، وبعد فترة من الزمن جمعهم وأمرهم أن يصعدوا على صخرة محماة من حرارة الشمس وهم حفاة، طبعاً أراد النبي ص أن يضرب مثالاً عملياً واقعياً للمسلمين حتى يتجنبوا يوم الحساب، فسأل الإمام علي ع عن الدراهم، فقال: أخذتهن وأنفقتهن في سبيل الله، ونزل من الصخرة دون أن يشعر بحرارتها، وقام الثاني والثالث وأخذوا يعدون أشتريت بها كذا وكذا وصار كذا ... الخ، مثل حالنا, وأخذ يقول: يا رسول الله، أرحم حالي من حرارة الصخرة، ولكن هل رسول الله ص يريد أن يعذبهم بهذا ؟ طبعاً لا، ولكن ليبين لهم كيف يحاسب أهل المال القليل أي الفقراء، وكيف يحاسب الأغنياء. وعن سعدان، قال أبو عبد الله ع: (المصائب منح من الله، والفقر مخزون عند الله)([4]). وعنه رفعه إلى أبي عبد الله ع: (قال: قال رسول الله ص: يا علي، إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم، ومن أفشا الى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله، أما أنه ما قتله بسيف ولا رمح ولكنه قتله بما نكى ([5]) من قلبه) ([6]). فأي نعمة هذه وأي عطاء من الله للفقير والله يجعله أمانة من عنده، فإذا كانت الأمانة من شخص اعتيادي - إذا كنت مؤمناً - تهتم بها وتحافظ عليها، فإذا كانت من رب الأرباب كيف تكون أمانتك ؟! وهذه الأمانة تعادل المؤمن المخلص المقبول عمله والصائم نهاره والقائم ليله، وإضافة إلى ذلك الفقر راحة من كل عناء. يروى عن أبي ذر (رضي الله عنه): (إن قيماً كان لأبي ذر الغفاري في غنمه، فقال: قد كثر الغنم وولدت، فقال: تبشرني بكثرتها، ما قل وكفى منها أحب إلي مما كثر وألهى) ([7]). وأنظر بأن تخفي هذا الفقر لا أن تلوم وتصيح وتبكي بوجه فلان وفلان، قال تعالى: ﴿... يحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً...﴾([8])، ([9]). طبعاً الفقر فقر النفس لا فقر المال وغيره كما ورد في الحديث ما معناه: (إن الإمام المهدي ع إذا قام ملأ قلوب أو نفوس شيعتنا غنىً) ([10]). ويقول أحد السادة المؤمنين: انظر إلى الحديث يملأ نفوسهم لا جيوبهم, ففي زمن ما قبل الإمام حتى إن كانت الجيوب أو البيوت مملوءة، ولكن نفوس الناس فقيرة، وقد ورد في الدعاء: (وأجعل غناي في نفسي) ([11]). ويروى أن قوماً أتوا رسول الله ص وهم عشرة, فسألوا رسول الله ص أن يعطيهم فأعطاهم الرسول ص، ثم سألهم: هل بقي منكم أحد ؟ قالوا: نعم يا رسول الله، بقي شاب في جمالنا، فأرسل إليه الرسول ص فجاء الشاب فقال له ص: سل حاجتك. فقال: يا رسول الله ص، أُريد منك أن تدعو الله أن يرزقني غنى النفس، فدعا له رسول الله ص وأعطاه مثل ما أعطى أصحابه ثم ذهبوا، وبعد فترة من الزمن عاد القوم إلى الرسول فسألهم النبي عنه، فقالوا: يا رسول الله، إن الشاب لو أن الدنيا كانت كلها في مكان وقسمت بين الناس لما حضر هذا الشاب. والمعنى من القصة بأن الله رزقه القناعة بسبب دعاء رسول الله ص من طلب هذا الشاب، ونعم ما طلب ([12]). وبالمقابل الحديث يذكر بالغني الذي يأتي إليه الفقير ويفشي إليه فقره, وهذا الغني لا يقضي حاجة هذا الفقير المحتاج, فقد قتل الفقير بما نكى من قلبه وجعل فيه الألم وهضمه وأذله. * * * -الفقر يزيد من الإيمان: عن المفضل، قال: قال أبو عبد الله ع: (كلما أزداد العبد أيماناً أزداد ضيقاً في معيشته)([13]). فكلما ازداد العبد قرباً من الله تعالى ومن أوليائه أزداد فقراً وضيقاً في معاشه، ومن الواضح هنا أن الفقر يجلب للإنسان الخير، ففي الحديث عن أمير المؤمنين ع: (المال مادة الشهوات)([14]). فإذا كان عند الإنسان مال فيستطيع أن يعمل - والعياذ بالله - في هذه الأموال كثيراً من المعاصي، بسبب أمواله التي هيأت له الظروف، فترى كثيراً من أولاد الأغنياء يعبثون في الأرض فساداً، والفساد يذهب بالإيمان ويبعد عن الله وأوليائه. وفي الفقر الخير الكثير، فالإنسان متفرغ إلى الالتفات إلى نفسه؛ لأنه لا يجد من يلهيه، ولكن بشرط أن يكون قانعاً لا طامعاً، صابراً لا كافراً، فيستغل الوقت الثمين في الطاعات المختلفة، التي ليس لها حدود بفضل من الله تعالى، فطوبى للفقراء، فإذا كان الفقر يزيد من الإيمان فهل يوجد عاقل يختار زيادة على زيادة الأيمان ؟ وطبعاً بالفقر والجوع ترقى روح المؤمن وترتقي في السما،ء أو إلى كمالاتها الروحية التي خلق من أجلها. عن أبي عبد الله ع، قال: (قال رسول الله ص: طوبى للمساكين بالصبر وهم الذين يرون ملكوت السماوات والأرض) ([15]). * * * -الغنى الممدوح: روي عن أبي عبد الله ع: (ما أعطي عبد من الدنيا إلا اعتباراً، وما زوي عنه إلا اختباراً) ([16]). فكل شيء يعطيه الله للعباد، لابد أن يأخذ منه العبرة, ويستفيد منه بما يرضي الله تعالى. وفي الحديث ما مضمونه: (إن من عبادي من رأيت الغنى يصلحه فأغنيته)([17]). فلربما هذا العبد إذا افتقر يكفر، والعياذ بالله تعالى. وفي الحديث ما معناه: (فقر وصبر يكون إلى الجنة، وغنى وشكر يكون إلى الجنة). وفي الحديث: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) ([18]). فمحل الشاهد هو غناك قبل فقرك، فيستطيع الإنسان الذي أنعم الله عليه بالمال أن ينفق منه في مختلف الطاعات التي فتحها الله عليه، فلولا وجود فقير ومسكين ومحتاج فمن أين يحصل على أحد يأخذ منه الأموال وهو يحصل على ثواب جزيل ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؟ وفي الحديث عن زين العابدين ع أنه كان يقول إذا جاء فقير أو سائل: (مرحباً بمن يحمل زادي إلى الآخرة) ([19]). وعن شعيب العقرقوقي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شيء يروى عن أبي ذر رضي الله عنه أنه كان يقول: ثلاث يبغضها الناس وأنا أحبها: أحب الموت وأحب الفقر وأحب البلاء ؟ فقال: (إن هذا ليس على ما يروون إنما عنى الموت في طاعة الله أحب إليّ من الحياة في معصية الله والبلاء في طاعة الله أحب إليّ من الصحة في معصية الله والفقر في طاعة الله أحب إليّ من الغنى في معصية الله)([20]). وعن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال: يكون الموت أحب إليه من الحياة ، والفقر أحب إليه من الغنى، والمرض أحب إليه من الصحة. قلنا: ومن يكون كذلك ؟ قال: كلكم، ثم قال: أيما أحب إلى أحدكم ؟ يموت في حبنا أو يعيش في بغضنا ؟ فقلت: نموت والله في حبكم أحب إلينا، قال: وكذلك الفقر والغنى والمرض والصحة، قلت: إي والله)([21]). وفي الدعاء: (... وأعوذ بك من غنى يطغيني، وفقر ينسيني ...) ([22]). وعن أبي عبد الله ع أنه قال: (ما كان من ولد آدم مؤمن إلا فقيراً، ولا كافر إلا غنياً حتى جاء أبراهيم ع فقال: ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا. فصير الله في هؤلاء أموالاً وحاجة، وفي هؤلاء أموالا وحاجة) ([23]). أي ليس مستحيلاً أن يكون المؤمنون أغنياء ولكن قسم قليل جداً. عن مبارك غلام شعيب، قال: سمعت أبا الحسن موسى ع يقول: (إن الله ( يقول: إني لم أغن الغني لكرامة به عليّ، ولم أفقر الفقير لهوان به عليّ، وهو مما أبتليت به الأغنياء بالفقراء ولولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة) ([24]). سبحان الله، حتى إن دخول الأغنياء إلى الجنة متوقف على إعطاء الفقراء حقهم، فمالنا لا نعقل ؟ اللهم أخرج حب الدنيا وتوابعها من قلوبنا. عن علي ع: (أفضل الأموال أحسنها أثراً عليك) ([25]). وقال ع: (إن خير المال ما كسب ثناءً وشكراً وأوجب ثواباً وأجراً) ([26]). وقال ع: (إن خير المال ما أورثك ذخراً وذكراً وأكسبك حمداً وأجراً) ([27]). وقال ع: (خير أموالك ما كفاك) ([28]). وعن عيسى بن موسى، عن الإمام الصادق ع أنه قال: (قال: يا عيسى، المال مال الله ( جعله ودايع عند خلقه، وأمرهم أن يأكلوا قصداً، ويشربوا منه قصداً، ويلبسوا منه قصداً، وينكحوا منه قصداً، ويركبوا منه قصداً، ويعودوا بما سوى ذلك على الفقراء المؤمنين، فمن تعدى ذلك كان ما أكله حراماً، وما شرب منه حراماً، وما لبسه منه حراماً، وما نكحه منه حراماً، وما ركبه منه حراماً) ([29]). * * * -من هم الفقراء على مر التاريخ: أولاً: شيء من سيرة الأنبياء من يتتبع التاريخ وما في الأمم وسنن الأنبياء وحياتهم التي عاشوها، يجدها من أصعب الحياة، ففي الحديث: (أشد الناس بلاءً هم الأنبياء والأوصياء والأمثل فالأمثل) ([30]). وعن أبي الحسن موسى عليه السلام: (إن الأنبياء وأولاد الأنبياء وأتباع الأنبياء خصوا بثلاث خصال: السقم في الأبدان، وخوف السلطان، والفقر)([31]). وعن أبي عبد الله ع: (قال في مناجاة موسى ع: يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل مرحباً بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل ذنب عجلت عقوبته) ([32]). وروي: (أن عيسى ع اشتد به المطر والرعد يوماً فجعل يطلب شيئاً يلجأ إليه، فرُفعت له خيمة من بعيد فأتاها فإذا فيها أمرأة فحاد عنها، فإذا هو بكهف في جبل فأتاه فإذا فيه أسد فوضع يده عليه وقال: إلهي لكل شيء مأوى ولم تجعل لي مأوى، فأوحى الله تعالى إليه: مأواك في مستقر رحمتي، وعزتي لأزوجنك يوم القيامة مائة حورية خلقتها بيدي، ولأطعم في عرسك أربعة آلاف عام يوم منها كعمر الدنيا، ولآمرن منادياً ينادي أين الزهاد في الدنيا أحضروا عرس الزاهد عيسى بن مريم) ([33]). وعن أبي عبد الله ع، أن أمير المؤمنين ع قال: (أوحى الله ( إلى داود ع أنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئاً، قال: فبكى داودع أربعين صباحاً فأوحى الله ( إلى الحديد: أن لن لعبدي داود، فألان الله ( له الحديد، فكان يعمل كل يوم درعاً فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين درعاً فباعها بثلاثمائة وستين ألفاً واستغنى عن بيت المال) ([34]). وعن أمير المؤمنين ع في قول نبي الله موسى ع: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾([35])، قال ع: (والله ما سأله إلا خبزاً يأكله؛ لأنه كان يأكل بقلة الأرض، لقد كانت خضرة البقلة ترى من شفيف صفاق بطنه ...) ([36])، فإذا هذه حالته فما حالة فقره ؟ وهو كليم الله موسى ع ومن الخمسة أولي العزم ! وروي عن عيسى ع، قال: (خادمي يداي، ودابتي رجلاي، وفراشي الارض، ووسادي الحجر، ودفئي في الشتاء مشارق الارض، وسراجي بالليل القمر، وإدامي الجوع، وشعاري الخوف، ولباسي الصوف، وفاكهتي وريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش والأنعام، أبيت وليس لي شيء وأصبح وليس لي شيء وليس على وجه الأرض أحد أغنى مني) ([37]). وروي أيضاً عنه ع أنه قال لأصحابه: (... النوم على المزابل وأكل خبز الشعير كثير مع سلامة الدين) ([38]).. فإذا كان الأنبياء والرسل هذه حالتهم وعلى مر التاريخ وهم أولياء الله وأحباؤه، فعلينا النظر إلى أولياء الله والتأسي بهم والشكر على هذا التشبه والمساواة معهم. ثانياً: شيء من سيرة آل محمد ع في معاشهم يروى أن النبي محمد ص أنه كان يقول في دعاءه: (اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين) ([39]). ويروى عن الرضا، عن آبائه ص، قال: (قال أمير المؤمنين ع: كنا مع النبي ص في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ومعها كسيرة من خبز فدفعتها إلى النبي ص، فقال النبيص: ما هذه الكسيرة ؟ قالت: خبزته قرصاً للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة، فقال النبي ص: يا فاطمة، أما إنه أول طعام دخل جوف أبيك منذ ثلاث) ([40]). ويروى عن أحد أزواج رسول الله ص أنها قالت: (كان يمر بنا هلال وهلال ما يوقد في بيت من بيوت رسول الله ص نار. فقيل لها: فعلى أي شيء كنتم تعيشون ؟ قالت: على الأسودين: التمر والماء ) ([41]). وعن أمير المؤمنين ع أنه قال: (وقد أخبرني حبيبي رسول الله ص أن جبرئيل ع نزل إليه ومعه مفاتيح كنوز الأرض وقال: يا محمد، السلام يقرؤك السلام ويقول لك: إن شئت صيرت معك جبال تهامة ذهباً وفضة، وخذ هذه مفاتيح كنوز الأرض ولا ينقص ذلك من حظك يوم القيامة، قال: يا جبرئيل، وما يكون بعد ذلك ؟ قال: الموت، فقال: إذن لا حاجة لي في الدنيا، دعني أجوع يوماً وأشبع يوماً، فاليوم الذي أجوع فيه أتضرع إلى ربي وأسأله، واليوم الذي أشبع فيه أشكر ربي وأحمده، فقال له جبرئيل: وفقت لكل خير يا محمد) ([42]). ويروى عنه ص قال: (يا معشر المساكين، طيبوا نفساً وأعطوا الله الرضا من قلوبكم يثيبكم الله على فقركم فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم) ([43]). وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر ع: (إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك وتعالى مناديا ينادي بين يديه: أين الفقراء ؟ فيقوم عنق من الناس كثير، فيقول: عبادي، فيقولون: لبيك ربنا، فيقول: إني لم أفقركم لهوان بكم عليّ، ولكني إنما اخترتكم لمثل هذا اليوم تصفحوا وجوه الناس، فمن صنع إليكم معروفاً لم يصنعه إلا فيَ فكافئوه عني بالجنة) ([44]). أي بحيث هؤلاء الفقراء يخولهم الله أن يدخلوا أناساً الجنة هم من الأغنياء أو غيرهم صنعوا جميلاً للفقراء في الحياة الدنيا. وروي: (ما تجشأ رسول الله ص من شبع قط) ([45])، فإذا كان سيد الخلق ولا يدانيه من خلق الله في الفضل هذه حاله من الفقر والجوع, وهذا طبعاً إكرام من الله؛ لأن كل ما يحبه الله تعالى يجعله في أطوع خلقه إليه وهو محمد ص، فكل من شابه محمداً ص بهذه الصفة وهي الفقر ولو بمقدار قليل فهي كرامة له وهدية من الله ونعمة؛ لأن العطاء الذي أعطي منه محمد ص أعطاه لك أيها الفقير, فلماذا الحزن على الصفة التي شابهت بها سيد الكون محمداً ص, بل هذه تحتاج إلى شكر من الله تعالى فلا نكون منكوسين والعياذ بالله و الحقائق مقلوبة عندنا, ونرى الفضائل رذائل والرذائل فضائل، نسأل الله أن يرزقنا هوى كهوى أوليائه وحزناً كحزن أوليائه، و أن نشتهي ما يشتهون. روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع، قال: (لما وضع علي بن الحسين ع على السرير ليغسل نظر إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين)([46])، والفقراء والمساكين موضع اهتمام أولياء الله بعكس الأغنياء فهذا شرف آخر لهم. وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لفضيل: (يا فضيل لا تزهدوا في فقراء شيعتنا فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر)([47]). ثالثاً: شيء يسير مما روي عن أمير المؤمنين ع: روي أن علياً ع عند زواجه من سيدة النساء وهو سيد الخلق بعد محمد ص باع درعه, وكان فراشه من تراب في غرفة زواجه, ووسادة من تراب ناعم وجهة فيها فراش من جلد حيوان, وكان سلام الله عليه يقتفي آثار رسول الله ص بكل شيء, ويكفي في بيان فقره وجوْعه آيات القرآن في سورة الإنسان التي تتلى صباحاً ومساءً وتصف حالتهم؛ ثلاثة أيام لم يأكلوا قرص الشعير الذي الآن لا يفكر أحد أن يأكله، أو البعض لا يعرفه ([48]). وعن مجاهد، قال: قال علي ع: (جعت يوماً بالمدينة جوعاً شديداً، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدراً، فظننتها تريد بلة، فأتيتها فقاطعتها كل ذنوب على تمرة فمددت ستة عشر ذنوباً حتى مجلت يداي، ثم أتيت الماء فأصبت منه، ثم أتيتها فقلت: يكفي هكذا بين يديها - وبسط الراوي كفيه وجمعهما - فعدت لي ستة عشر تمرة، فأتيت النبي ص فأخبرته، فأكل معي منها) ([49]). تفكر، علي ع مسَّه جوع شديد، فكم يوماً لم يأكل وأيضاً رسول الله ص ؟ وكم حصل من القوت ؟ ستة عشر تمرة وأكلها مع رسول الله ص!! ويروى أن قريشاً كانوا يسمونه الفقير، وكانوا أيضاً يعيرونه بذلك، ورسول الله ص يملك أموالاً طائلة وعلي ع أيضاً عنده أموال ومزارع في المدينة، ولكن الكل كانوا ينفقونها لوجه الله لا يريدون جزاءً ولا شكوراً، ومعروف عنهم صلوات الله عليهم في مسكنهم وملبسهم، وفي كل توابع الدنيا هم فقراء، والله مغنيهم بفيوضاته، واكتفى أمير المؤمنين ع بطمرين وقرصين في الأيام التي يتوفر فيها قوته، قرص في الغداة وقرص في المساء. ويروى عن سويد بن غفلة أنه قال: (دخلت على علي ع فوجدته جالساً وبين يديه إناء فيه لبن أجد ريح حموضته، وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه وهو يكسره بيده ويطرحه فيه. فقال: أدن فأصب من طعامنا. فقلت: إني صائم. فقال ع: سمعت رسول الله ص يقول: من منعه الصيام من طعام يشتهيه كان حقاً على الله تعالى أن يطعمه من طعام الجنة ويسقيه من شرابها. قال: فقلت لفضة وهي بقرب منه قائمة: ويحك يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ، ألا تنخلين هذا الطعام من النخالة التي فيه ؟ قالت: قد تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاماً. قال: ما قلت لها ؟ فأخبرته، فقال: بأبي وأمي من لم ينخل له طعام ولم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام حتى قبضه الله تعالى. وكان ع يجعل جريش الشعير في وعاء ويختم عليه. فقيل له في ذلك فقال ع: أخاف هذين الولدين أن يجعلا فيه شيئاً من زيت أو سمن) ([50]). وكان يقول ع: (... وأكره أن يدخل في جوفي إلا طيب ...) ([51]). وفي أحد المرات مرَّ رجل سائل وهو في أحد بساتينه يعمل فأعطاه خبز شعير يابس، فأراد السائل أن يأكل هذا الخبز فلم يستطع لشدة يبوسته ورده إلى أمير المؤمنين ع الذي يكسر الخبز اليابس على ركبته ويأكله. وعن أبي عبد الله ع، قال: (قال أمير المؤمنين ع: الفقر أزين للمؤمن من العذار على خد الفرس) ([52]). * * * -الفقراء في آخر الزمان: عن أبي عبد الله ع أنه قال: (... أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا معلناً، ولا يخاصم بنا قالياً، ولا يجالس لنا عائباً، ولا يحدث لنا ثالباً، ولا يحب لنا مبغضاً، ولا يبغض لنا محباً. فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال: فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم، وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم. إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعاً. قلت: جعلت فداك، فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة ؟ فقال: اطلبهم في أطراف الأرض، أولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، أولئك الذين في أموالهم يتواسون، وفي قبورهم يتزاورون، ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان) ([53]). أوردت هذا الحديث؛ لأن فيه صفات أتباع أهل البيت ص، وبعض الحديث أو صدره ليس له تعلق بالموضوع وأردت من ذكره الفائدة ومحل الشاهد؛ لأن كلامهم نور يطرد الظلام من القلوب. والذي افهمه من الحديث: إنهم لا يسألون ولا يمدون أيديهم وإن ماتوا جوعاً. إذن هم متصفون بالفقر ولكن لا يظهرون الفقر، وإن أدى الجوع إلى نهاية الجسد، لا يقبلون بذِّلة الروح، فسأل السائل أين أجد هؤلاء ؟ فقال ع: تجدهم في أطراف الأرض في المناطق النائية والبعيدة، والذين هم عيشهم خفيف وميسور وبدون تكلف. فاليوم الذي يريد الغنى واليسر في حالنا هذا ماذا يفعل ؟ هل يوجد مصدر من حلال وبسهولة ؟ والجواب واضح؛ لا يوجد، كما يقول رسول الله ص: (أقل ما يكون في آخر الزمان أخ يوثق به أو درهم من حلال) ([54]). فمن يريد أن يعيش عيشاً يرضي الله والإمام ويتقي الحرام لا يجد عيشاً هنيئاً، ولا يستغني أبداً إلا قليل جداً، كما قال أمير المؤمنين ع: (ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيع)([55]). وكما قال ع: (إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني) ([56]). والفقراء في آخر الزمان هم الملتزمون بشريعة آل محمد ص؛ لأنهم إذا صاروا أغنياء فهم غير ملتزمين بالشكل الدقيق من كل الجوانب، فمَنْ مِنْ أولياء الله أبقى عنده أمواله الخاصة والزائدة عن حاجته كثيراً، وهناك فقراء جياع أو عراة، أو في العراء بدون سكن ؟ يروى عن رسول الله ص أنه جاءته سفانة بنت حاتم الطائي وهي أسيرة فطلبت من رسول الله ص إطلاق سراحها هي وقومها, فأطلقها رسول الله ص وأكرمها بحيث أعطاها على ما نقل في الرواية مواشي ما سدت بين جبلين. ثم قال ص: (ارحموا ثلاثاً، وحق لهم أن يرحموا: عزيزاً ذل من بعد عزه، وغنياً افتقر من بعد غناه، وعالماً ضاع ما بين الجهال) ([57])؛ لأنها بنت حاتم الطائي وكانت تظن أنه لا يوجد أكرم من أبيها، فقالت للرسول ص: هذا عطاء من لا يخاف الفقر. قال: (هكذا أدبني ربي). فالذي يعطي هكذا أو يريد أن يتشبه برسول الله ص، فهم يعطون كل ما يملكون كثيراً أو قليلاً، وعلى هذا هل يبقى لغني أموال وهو من الشيعة حقاً ؟ يروى عن أبي عبد الله الصادق ع أنه قال: (لولا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق منها) ([58]). وهل تنقص خزائن أكرم الأكرمين أن يغني عباده المؤمنين، فلماذا الله جل وعز يضيق عليهم فوق الفقر فقراً ؟ إذن الفقر عطاء وكرم من كرم الله الخاص, فيخص به عباده الذين يحبهم، فأنا وأعوذ بالله من الأنا أقول: على الأغنياء أن يسألوا الله أن يرزقهم بما يرزق الذين يحبهم وإن كان الفقر، والفقراء أن يسألوا الله أن يرزقهم الشكر على هذه النعمة، نعمة الفقر. وعن أبي عبد الله ع قال: (إن الله ( يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين تسبيحاً بالمعتذر إليهم فيقول: وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم عليّ وترون ما أصنع بكم اليوم، فمن زود أحدكم منكم في دار الدنيا معروفاً فخذوا بيده فأدخلوه الجنة. قال: فيقول رجل منهم: يا رب، إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء، ولبسوا الثياب اللينة، وأكلوا الطعام، وسكنوا الدور، وركبوا المشهور من الدواب، فأعطني مثل ما أعطيتهم، فيقول تبارك وتعالى: لك ولكل عبد منكم مثل أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا على أن أنقضت الدنيا سبعون ضعفاً) ([59]). وعن زين العابدين ع: (اللهم حبب إليّ صحبة الفقراء، وأعني على صحبتهم بحسن الصبر، وما زويت عني من متاع الدنيا الفانية فاذخره لي في خزائنك الباقية، واجعل ما خولتني من حطامها وعجلت لي من متاعها بلغة إلى جوارك ووصلة إلى قربك وذريعة إلى جنتك إنك ذو الفضل العظيم وأنت الجواد الكريم) ([60]). * * * -أنصار الإمام المهدي ع والفقر: قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾([61]). عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ع، قال: (نزلت في القائم وأصحابه) ([62]). ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ فمن هو الخائف ؟ فلو كان أنصار الإمام المهدي ع لهم أموال وأغنياء لأمكنهم أن يؤَمّنوا خوفهم بوسائل كثيرة، فكثير من الطغاة أو كل الطغاة لهم أعداء ولكن هؤلاء الطغاة بأموالهم يجندون الجنود ويعملون الوقايات وكل وسائل الأمن, وإن كان أمر الله يأتي بغتة ولا ينفعهم أي شيء، ولكن يصنعون الأمان لأنفسهم بسبب تمكنهم, أما الناس الفقراء فأي شيء يريدونه لا يتيسر لهم بسهولة, وأنصار الإمام المهدي سيرتهم كسيرة أصحاب رسول الله ص حيث عانوا ما عانوا من حالة الفقر والجوع في سبيل الله، والذي يأتي للدعوات الإلهية لا يأتي من أجل مال أو أي مطلب دنيوي، ولو كان فيها هذه المطالب من الأموال لدخلت في الدعوات الإلهية كل الناس. وقال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾([63]). وعن علي أمير المؤمنين ع في صفات أصحاب القائم ع وشروطه عليهم: (...ويلبسون الخشن من الثياب، ويوسدون التراب على الخدود، ويأكلون الشعير، ويرضون بالقليل، ويجاهدون في الله حق جهاده ...) ([64]). وعن الإمام الباقر ع أنه قال: (كأني أنظر إلى القائم ع وأصحابه في نجف الكوفة كأنه على رؤوسهم الطير قد فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم ...) ([65]). وعن أبي عبد الله ع أنه قال في وصف الشيعة حقاً: (... أولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة دارهم، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يعرفوا ...) ([66])، فماذا تعرف عن الخفيض عيشه أليس يكون أكله قليلاً ومسكنه بسيطاً ؟ وكفى الفقراء المؤمنين مفخرة أنهم اتصفوا بأحد صفات أنصار الإمام المهدي ع. ثم أليس أنصار الإمام المهدي ع هم من خيرة شيعة أهل البيت ص، فعن الصادق ع أنه قال: (ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلا القوت، شرقوا إن شئتم أو غربوا لن ترزقوا إلا القوت) ([67])، والمصاص هو مستخلص شيعتهم أي أصفى ما في شيعتهم يكون حصتهم في دولة الباطل القوت فقط، فمن هم اليوم ؟ خذ الحديث وطبقه، هل ينطبق على أهل العلم، أهل البيوت الفارهة والأموال الطائلة والترف الباذخ ؟ وعن الصادق ع (... فإن أولياء الله لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق الله آدمع) ([68]). قال الله تعالى في سورة الواقعة: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ ( فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ( وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ( إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾([69]). فحال المترفين ومصيرهم سموم وحميم. فطوبى للفقراء الأغنياء بولاية آل محمد الحقة اليوم، المتمثلة ببيعة وصي ورسول الإمام المهدي السيد أحمد الحسن ع. عن النبي ص: (ألا أخبركم عن ملوك أهل الجنة ؟ كل ضعيف مستضعف)([70]). وعنه ص: (أبغوني في الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)([71]). وعنه ص: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعفائها بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم)([72]). وكان النبي ص يستفتح ويستنصر بصعاليك المسلمين. فهذا الكلام والأحاديث خذها وطبقها مع الآية: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾([73]) وطبقها على صفات أنصار الإمام المهديع. وفي خطبة وصف المتقين للإمام علي ع قال: (... فالمتقون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء، ولولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى الثواب وخوفاً من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة ...)([74]). وعن الباقر ع: (إن أهل التقوى هم الأغنياء ما أغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة، إن نسيت الخير ذكروك، وإن عملت به أعانوك، أخروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم، وقدموا طاعة ربهم أمامهم، ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية أحباء الله فأحبوهم وتولوهم واتبعوهم)([75])، ([76]). -القناعة: عن عمرو بن سعيد بن هلال، قال أبو جعفر ع: (... إياك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك فكفى بما قال الله ( لنبيه :ص ﴿فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ﴾([77])، وقال: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا﴾([78])، فإن دخلك من ذلك شيء فاذكر عيسى رسول الله ع فإنما كان قوته الشعير، وحلواه التمر، ووقوده السعف إذا وجده) ([79]). وقول الإمام ع: (إياك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك) - على ما أفهمه - لا تطمح للذي فوقك في الأمور الدنيوية، أما إذا كان في مدارج الكمال أو القرب من الله فهذا مأمور به، قال تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾([80]) في طاعة حجة الله الذي فرضه عليكم. عن أبي عبد الله ع، قال: (قال رسول الله ص: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله)([81]). وحسب ما أعرف من الحديث يقول الرسول ص من يطلب مني أعطيه، ومن عفَّت نفسه وسأل الله ولم يسألني فإن الله يعطيه ويغنيه, لا كما أعطيه أنا عطاء فقط وإن كان عطاؤه ص من الله، أي قد يهيئ الله تعالى له حرفة تغنيه في حياته ولا يحتاج إلى السؤال. وعن أبي عبد الله ع، قال: (من رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله منه باليسير من العمل) ([82]). وعنه ع، قال: (مكتوب في التوراة: ابن آدم، كن كيف شئت، كما تدين تدان، من رضي من الله بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤونته وزكت مكسبته وخرج من حد الفجور) ([83]). وعنهم ص في قوله تعالى: ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾([84]) قال: (القنوع بما رزقه) ([85]). وعن أبي الحسن الرضا ع، قال: (من لم يقنعه من الرزق إلا الكثير لم يكفه من العمل إلا الكثير، ومن كفاه من الرزق القليل فإنه يكفيه من العمل القليل) ([86]). وعن أمير المؤمنين ع: (بالقناعة يكون العز) ([87]). وعن أبي عبد الله ع، قال: (كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ابن آدم، إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فإن أيسر ما فيها يكفيك، وإن كنت إنما تريد ما لا يكفيك فإن كل ما فيها لا يكفيك) ([88]). وعن أمير المؤمنين ع: (انتقم من حرصك بالقنوع كما تنتقم من عدوك بالقصاص)([89]). وعن أبي جعفر ع، قال: (قال رسول الله ص: من أراد أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يد غيره) ([90]). وعن علي ع: (من كان بيسير الدنيا لا يقنع لم يغنه من كثيرها ما يجمع) ([91]). وأيضاً عنهم ص قالوا: (من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس)([92]). وعن علي ع: (ثمرة القناعة الإجمال في المكسب والعزوف عن الطلب)([93]). وقال علي بن الحسين ع: (رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس ...) ([94]). وعن علي ع: (من أقتصر على بلغة الكفاف فقد أنتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة)([95]). وقال ع: (لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل ... يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع ...) ([96]). وقال ع: (ألهم نفسك القنوع) ([97]). وعن الحسن ع، قال: (اعلم أن مروة القناعة والرضا أكثر من مروة الإعطاء) ([98]). وعن الإمام الحسين ع: (القنوع راحة الأبدان) ([99]). وعن الصادق ع: (من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس) ([100]). وعنه أيضاً: (... انظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة، فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك ...) ([101]). * * * -تفاهة الدنيا وخستها (شيء يسير): من كلام لأمير المؤمنين ع: (أما بعد، فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع ...) ([102]). وفي شرح نهج البلاغة بمعنى أن الدنيا بتقلب أحوالها وبما نرى من طبيعتها فكل يوم في شكل من تغيراتها, فأول نظرة من كل إنسان عاقل إليها يحصل له اليقين بفنائها وانقضائها, وليس وراء الدنيا إلا الآخرة، فإن كانت الأولى وهي الدنيا مودعة فالآخرة مشرفة ومستقبلة، (وإن الآخرة قد أشرفت بإطلاع) أي جاءت إلينا فجأة. (ألا وإن المضمار اليوم) معنى المضمار الموضع والمكان الذي يكون فيه التدريب ومن ثم يكون بعد ذلك السباق. (والسباق غداً والسبقة الجنة) بمعنى بعد أن يفوز الإنسان بالسباق تكون جائزته الجنة. (والغاية النار أفلا تائب من خطيته قبل منيته ؟ الا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه ؟) أي قبل أن تشتد الحاجة وسوء الحالة مع الفقر من الأعمال الصالحة, ولا يستطيع أن يعمل صالحاً؛ لأنه يوم جزاء لا يوم عمل. (ألا وإنكم في أيام أمل) الأمل في البقاء واستمرار الحياة. (من ورائه أجل، فمن عمل في أيام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله ولم يضره أجله، ومن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضره أجله، ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة) أي اعملوا لله في السراء والرخاء كما تعملون له في الضراء، لا تصرفكم النعم والراحة عن خشيته والخوف منه. ثم قال ع: (... ألا وإني لم أر كالجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها، ألا وإنه من لا ينفعه الحق يضره الباطل ...) ([103])، أي النفع الصحيح كله في الحق، فإن قال قائل إن الحق لم ينفعه فالباطل أشد ضرراً له. (ومن لم يستقم به الهدى يجزيه الضلال الى الردى) أي ومن لم يستقم به الهدى المرشد إلى الحق، أي لم ينج به، أخذه الضلال إلى الردى والهلاك. (ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن) أي الرحيل عن الدنيا، وأمرنا به أمر تكوين رغماً عنا رضينا أم جزعنا كما في النهج. كما خلقنا الله خلق فينا أن نرحل عن حياتنا الأولى رحمة بنا لنستقر في الآخرة. وقال ع: (ودُللتم على الزاد)، والزاد الذي دلنا الله عليه هو العمل الصالح وترك السيئات. (وأن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل، تزودوا من الدنيا ما تحرزون أنفسكم به غداً) تحرزون أنفسكم أي تحفظونها ([104]). والله تعالى يقول: ﴿... وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ ([105]). ويقول أيضاً: ﴿... قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾([106]). ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ ([107]). ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾([108]). ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾([109]). وقال رسول الله ص: (الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله) ([110]). وعنهص: (ما لي وللدنيا، أنما مثلي ومثلها كمثل الراكب رفعت له شجرة في صائف فقال ([111]) تحتها ثم راح وتركها) ([112]). وعنه ص: (يا علي، ما أحد من الأولين والآخرين إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إلا قوتاً) ([113]). ويروى عنه ص: (... من عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه وكان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار ...) ([114]). وعن علي ع، قال: (لو عقل أهل الدنيا لخربت الدنيا) ([115]). وقال ع: (الدنيا سوق الخسران) ([116]). وعنه ع: (... إنما سميت الدنيا دنيا؛ لأنها أدنى من كل شيء ...) ([117]). وعنه ع: (... وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم فللآخرة خلقتم وفي الدنيا حبستم ...) ([118]). وعنه ع: (... وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى ...)([119]). وعنه ع: (إن الدنيا كالشبكة تلتف على من رغب فيها) ([120]). وعن الإمام موسى الكاظم ع: (... إن من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه...) ([121]). وعن الصادق ع، قال: ( إن سارة قالت لإبراهيم: يا إبراهيم، قد كبرت فلو دعوت الله ( أن يرزقك ولداً تقر أعيننا به فإن الله قد اتخذك خليلاً وهو مجيب لدعوتك إن شاء، قال: فسأل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاماً عليماً، فأوحى الله ( إليه أني واهب لك غلاماً عليماً ثم أبلوك بالطاعة لي، قال أبو عبد الله ع: فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ثم جاءته البشارة من الله (. وأن سارة قد قالت لإبراهيم: إنك قد كبرت وقرب أجلك فلو دعوت الله ( أن ينسئ في أجلك وأن يمد لك في العمر فتعيش معنا وتقر أعيننا، قال: فسأل إبراهيم ربه ذلك، قال: فأوحى الله ( إليه سل من زيادة العمر ما أحببت تعطه، قال: فأخبر إبراهيم سارة بذلك، فقالت له: سل الله أن لا يميتك حتى تكون أنت الذي تسأله الموت، قال: فسأل إبراهيم ربه ذلك، فأوحى الله ( إليه ذلك لك، قال: فأخبر إبراهيم سارة بما أوحى الله ( إليه في ذلك، فقالت سارة لإبراهيم: اشكر الله واعمل طعاماً وادع عليه الفقراء وأهل الحاجة، قال: ففعل ذلك إبراهيم ودعا إليه الناس، فكان فيمن أتى رجل كبير ضعيف مكفوف معه قائد له، فأجلسه على مائدته، قال: فمد الأعمى يده فتناول لقمة وأقبل بها نحو فيه فجعلت تذهب يميناً وشمالاً من ضعفه، ثم أهوى بيده إلى جبهته فتناول قائده يده فجاء بها إلى فمه، ثم تناول المكفوف لقمة فضرب بها عينه، قال: وإبراهيم ع ينظر إلى المكفوف وإلى ما يصنع !! قال: فتعجب إبراهيم من ذلك وسأل قائده عن ذلك، فقال له القائد: هذا الذي ترى من الضعف، فقال إبراهيم في نفسه: أليس إذا كبرت أصير مثل هذا، ثم إن إبراهيم سأل الله ( حيث رأى من الشيخ ما رأى، فقال: اللهم توفني في الأجل الذي كتبت لي فلا حاجة لي في الزيادة في العمر بعد الذي رأيت) ([122]). -الدنيا ممكن أن تسلك بها للآخرة: من كلام لأمير المؤمنين ع بالبصرة, وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده فلما رأى سعة داره قال ع: (ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا، أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة تقري فيها الضعيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها فإذاً أنت قد بلغت بها الآخرة. فقال له العلاء: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال ع: وما له ؟ قال: لبس العباءة وتخلى عن الدنيا، قال: عليَّ به. فلما جاء، قال: يا عُدي ([123])، نفسه لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك، أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها ؟! أنت أهون على الله من ذلك. قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك. قال: ويحك إني لست كأنت. إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ ([124]) بالفقير فقره) ([125]). وقال أبو عبد الله ع: (ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال ولا تحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أثق عن الله () ([126]). وعنه قال: (جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَغْنِيَاءَ لَهُمْ مَا يُعْتِقُونَ وَلَيْسَ لَنَا، وَلَهُمْ مَا يَحُجُّونَ وَلَيْسَ لَنَا، وَلَهُمْ مَا يَتَصَدَّقُونَ وَلَيْسَ لَنَا، وَلَهُمْ مَا يُجَاهِدُونَ وَلَيْسَ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: مَنْ كَبَّرَ اللَّهَ ( مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عِتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ سَبَّحَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ سِيَاقِ مِائَةِ بَدَنَةٍ، وَمَنْ حَمِدَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ حُمْلَانِ مِائَةِ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِسُرُجِهَا وَلُجُمِهَا وَرُكُبِهَا، وَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ النَّاسِ عَمَلًا ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا مَنْ زَادَ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ الْأَغْنِيَاءَ فَصَنَعُوهُ، قَالَ: فَعَادَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَلَغَ الْأَغْنِيَاءَ مَا قُلْتَ فَصَنَعُوهُ !! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) ([127]). فيمكن للأغنياء أن يجمعوا بين الدين والدنيا معاً ولكن هذا قليل، وفضل من الله يؤتيه من يشاء. وقال علي ع: (بالدنيا تحرز الآخرة) ([128]). وعن أبي بصير، قال: (ذكرنا عند أبي جعفر ع من الأغنياء من الشيعة فكأنه كره ما سمع منا فيهم، قال: يا أبا محمد، إذا كان المؤمن غنياً رحيماً وصولاً له معروف إلى أصحابه أعطاه الله أجره ما ينفق في البر وأجره مرتين ضعفين؛ لأن الله ( يقول في كتابه: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾([129])) ([130]). وذكر رجل عند أبي عبد الله ع أغنياء ووقع فيهم، فقال أبو عبد الله ع: (اسكت، فإن الغني إذا كان وصولاً لرحمه باراً بإخوانه أضعف الله له الأجر ضعفين؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾) ([131]). * * * -أهل الجنة: عن النبي ص: (ثلاثة أول من يدخل الجنة: الشهيد في سبيل الله، المملوك لم يشغله رقه عن طاعة ربه، وفقير ذو عيال متعفف) ([132]). وفي حديث آخر: (إن أول ثلة الجنة الفقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره) ([133]). وعنه ص: (إن أهل الجنة الشعث الغبر الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإذا خطبوا لم ينكحوا، وإذا قالوا لم ينصت لهم، حوائج أحدهم تتلجلج في صدورهم، لو قسم نورهم يوم القيامة على الناس لوسعهم) ([134]). وعنه ص: (ألا أدلكم على أهل الجنة، كل ضعيف مستضعف لو أقسم على الله لأبره...) ([135]). * * * -التوكل على الله: يروى أن النبي ص سأل جبرائيل ع: (... وما التوكل على الله (؟ فقال: العلم، بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الناس) ([136]). وقال ص: (لا تتكل إلى غير الله فيكلك الله إليه، ولا تعمل لغير الله فيجعل ثوابك عليه) ([137]). وروي عن الإمام علي ع: (الإيمان له أربعة أركان: التوكل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله () ([138]). وقال ع: (... والتوكل على الله نجاة من كل سوء وحرز من كل عدو ...) ([139]). وقال ع: (في التوكل حقيقة الإيقان) ([140]). وعنه ع: (التوكل: التبري من الحول والقوة وانتظار ما يأتي به القدر) ([141]). وعنه ع: (أقوى الناس إيماناً أكثرهم توكلاً على الله سبحانه) ([142]). وعنه ع: (... وإياك والإعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين ...) ([143]). وعن الإمام الصادق ع: (ليس شيء إلا وله حد. قلت: فما حد التوكل ؟ قال: اليقين. قلت: فما حد اليقين ؟ قال: أن لا تخاف مع الله شيئاً) ([144]). وعنه ع: (... وأدنى حد التوكل أن لا تسابق مقدورك بالهمة، ولا تطالع مقسومك، ولا تستشرف معدومك، فينتقض بأحدهما عقد أيمانك وأنت لا تشعر ...) ([145]). وعن الإمام الرضا ع سُأل عن حد التوكل فقال: (أن لا تخاف أحداً إلا الله) ([146]). * * * -أولياء الله: عن النبي ص: (ثلاث صفات من صفة أولياء الله: الثقة بالله في كل شيء، والغنى به عن كل شيء، والافتقار إليه في كل شيء) ([147]). وعن علي ع: (... وأخفى وليه في عباده، فلا تستصغرن عبداً من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم) ([148]). وعنه ع: (إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذ نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذ اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم وتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم) ([149]). -الإسراف: عن النبي ص: (وأما علامة المسرف فأربعة: الفخر بالباطل، ويشتري ما ليس له، ويلبس ما ليس له، ويأكل ما ليس عنده) ([150]). وقال ص: (إن من السرف أن تأكل كلما اشتهيت) ([151]). وقال ص: (لا خير في السرف ولا سرف في الخير) ([152]). وعن علي ع: (ويح للمسرف، ما أبعده عن صلاح نفسه واستدراك أمره) ([153]). وعنه ع: (أقبح البذل السرف) ([154]). وعن الصادق ع: (إن القصد أمر يحبه الله (، وأن المسرف يبغضه الله حتى طرحك النواة فإنها تصلح لشيء، وحتى صبك شرابك) ([155]). وعن أمير المؤمنين ع: (من كان له مال فإياه والفساد فإن إعطائك المال في غير وجهه تبذير وإسراف وهو يرفع ذكر صاحبه في الناس ويضعه عند الله ...) ([156]). وعن الإمام الحسن العسكري ع: (إن للسخاء مقداراً، فإن زاد عليه فهو سرف..)([157]). وسئل الكاظم ع: الرجل يكون له عشرة أقمصة أيكون ذلك من السرف ؟ فقال: (لا، ولكن أبقى لثيابه، ولكن السرف أن تلبس ثوب صونك ([158]) في المكان القذر ... )([159]). * * * -استبطاء الرزق: عن النبي ص: (من أنعم الله ( عليه نعمة فليحمد الله، ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله...) ([160]). وفي حديث آخر: (من استبطأ الرزق فليكثر من التكبير، ومن كثر همه وغمه فليكثر من الاستغفار) ([161]). وعن الكاظم ع: (ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه ولا يتهمه في قضائه)([162]). وفي الحديث القدسي: (ليحذر عبدي الذي يستبطئ رزقي أن أغضب فافتح عليه باباً من الدنيا) ([163]). وعنه ص: (الرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكين في السنام) ([164]). وعن أمير المؤمنين ع: (شاركوا الذين أقبل عليهم الرزق فإنه أخلق للغنى وأجدر بإقبال الحظ) ([165]). وعنه ع: (مواساة الأخ في الله ( تزيد في الرزق) ([166]). وعنه ع: (العسر يفسد الأخلاق، التسهل يدر الأرزاق) ([167]). وعنه ع: (... الرزق رزقان: رزق تطلبه، ورزق يطلبك، فإن أنت لم تأته أتاك..) ([168]). وعنه ع: (استنزلوا الرزق بالصدقة) ([169]). وعن الإمام الصادق ع: (... فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره ...) ([170]). وعنه ع: (إن الله تعالى وسع أرزاق الحمقى ليعتبر العقلاء ويعلموا أن الدنيا ليس ينال فيها بعلم ولا حيلة) ([171]). وقال ع: (... ومن حسن بره أهل بيته زيد في رزقه) ([172]). وعنه ع: (قال إبليس: خمسة ليس لي فيها حيلة وسائر الناس في قبضتي: من اعتصم بالله عن نية صادقة واتكل عليه في جميع أموره، ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره، ومن رضي لأخيه المؤمن ما يرضاه لنفسه، ومن لم يجزع على المصيبة حتى تصيبه، ومن رضي بما قسم الله له ولم يهم لرزقه) ([173]). وعن النبي ص: (... ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة آنسه الله ( بغير أنيس وأعانه بغير مال) ([174]). والحمد لله وحده وحده وحده.Footers
[1] - والخريف أي الفصل، والسنة أربعة فصول فالمراد أربعين سنة.
[2] - أي مثله اليوم هو الجمارك، الذي يأخذ من كل عشر حاجات حاجة.
[3] - الكافي: ج2ص260، باب فضل فقراء المسلمين.
[4] - الكافي: ج2 ص260، باب فضل فقراء المسلمين.
[5] - (نكيت في العدو نكاية، إذا قتلت فيهم وجرحت. قال أبو النجم: * ننكى العدا ونكرم الأضيافا *) صحاح الجوهري: ج6 ص 2515.
[6] - الكافي: ج2 ص260 – 261، باب فضل فقراء المسلمين.
[7] - مستدرك الوسائل - للميرزا النوري: ج 15ص229.
وروي ذلك أيضاً عن الرسول محمد / فقال: (إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، اللهم ارزق محمداً وآل محمد الكفاف) بحارالأنوار: ج69ص61.
وروي أيضاً عن رسول الله / أنه قال: (اللهم ارزق محمدا وآل محمداً ومن أحبهم العفاف والكفاف، وارزق من أبغض محمداً وآل محمداً المال والولد) بحار الأنوار: ج69 ص66.
[8] - البقرة: 273.
[9] - ومن كلام لأمير المؤمنين ( قال فيه: (... فإن الله تعالى أدب عباده المؤمنين العارفين أدباً حسناً فقال جل من قائل: َيحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً) بحار الأنوار: ج 75 ص8.
[10] - وروي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (، أنه قال: (إذا قام قائمنا أهل البيت نزع البخل والجبن عن قلوب شيعتنا، فيقتل الرجل منهم المائة فلا يبالي بهم، ويشرف أهل هذا الأمر، ويحفظ نسلهم حتى تنقضي الدنيا ...) شرح الأخبار: ج3 ص357.
[11] - مصباح المتهجد للشيخ الطوسي: ص143.
[12] - روي عن رسول الله / أنه قال في كلام طويل: (... وخير الغنى غنى النفس ...) الأمالي للشيخ الصدوق: ص576.
وقيل إن أمير المؤمنين (أنشد قائلاً:
ادفع الدنيا بما اندفعت واقطع الدنيا بما انقطعت
يطلب المرء الغنى عبثاً والغنى في النفس لو قنعت
وانشد أحد الشعراء قائلاً:
غنى النفس لمن يعقل خير من غنى المال
وفضل الناس في الأنفس ليس الفضل في الحال
[13] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص261.
[14] - نهج البلاغة: ج4 ص14رقم 58.
[15] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص263.
[16] - الكافي باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص261.
[17] - والحديث القدسي نصاً كاملاً كما يلي: (عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر ( قال: قال رسول الله /: قال الله (: إن من عبادي المؤمنين عباداً لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالغنى والسعة والصحة في البدن فأبلوهم بالغنى والسعة وصحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم، وإن من عبادي المؤمنين لعباداً لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فأبلوهم بالفاقة والمسكنة والسقم فيصلح عليهم أمر دينهم، وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر دين عبادي المؤمنين، وإن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظراً مني له وإبقاء عليه، فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه زارئ عليها، ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه حتى يظن أنه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم وأفنوا أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع درجاتي العلى في جواري ولكن فبرحمتي فليثقوا، وبفضلي فليفرحوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تداركهم، ومني يبلغهم رضواني، ومغفرتي تلبسهم عفوي، فإني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت) الكافي: ج2 ص60 – 61.
[18] - بحار الأنوار: ج78 ص173.
[19] - بحار الأنوار: ج46 ص98.
[20] - الكافي: ج8 ص222.
[21] - بحار الأنوار: ج69 ص40.
[22] - بحار الأنوار: ج91 ب40 ص240.
[23] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص262.
[24] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص265.
[25] - موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) - للشيخ هادي النجفي: ج10ح12408 ص118.
[26] - موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) - للشيخ هادي النجفي: ج10ح12410 ص118.
[27] - موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) - للشيخ هادي النجفي: ج10ح12411 ص118.
[28] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج4 ص2994.
[29] - بحار الأنوار: ج100 ص16.
[30] - الكافي, باب شدة ابتلاء المؤمن: ج2 ص252 – 253.
[31] - بحار الأنوار: ج69 ص46.
[32] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص263.
[33] - قصص الأنبياء - لنعمة الله الجزائري: ص471.
[34] - الكافي: ج5 ص74.
[35] - القصص: 24.
[36] - تفسير مجمع البيان - للشيخ الطبرسي: ج7 ص428.
[37] - قصص الأنبياء - لنعمة الله الجزائري: ص460.
[38] - علل الشرائع: ج2 ص467.
[39] - بحار الأنوار: ج69 ص49.
[40] - بحار الأنوار: ج16 ص225.
[41] - مسند أحمد: ج6 ص71.
[42] - بحار الأنوار: ج42 ص276.
[43] - الكافي: ج2 ص263، باب فضل فقراء المسلمين.
[44] - الكافي: ج2 ص263 – 264، باب فضل فقراء المسلمين.
[45] - نقل الحر العاملي عن: (الحسن بن محمد الديلمي في (الإرشاد) قال: كان النبي / يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار ويردف، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجة من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو، ويسلم على من استقبله من غني وفقير وكبير وصغير، ولا يحقر ما دعي إليه ولو إلى حشف التمر، وكان خفيف المؤنة، كريم الطبيعة جميل المعاشرة، طلق الوجه، بساماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، متواضعاً من غير مذلة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب، رحيما بكل مسلم، ولم يتجش من شبع قط، ولم يمد يده إلى طمع قط) وسائل الشيعة (آل البيت): ج5 ص55.
[46] - علل الشرائع: ج1 ص231.
[47] - بحار الأنوار: ج69 ص41.
[48] - ويروى: (أن أبا بكر قد خطب فاطمة من رسول الله /، فقال له: انتظر بها القضاء، فذكر ذلك لعمر فقال: ردك يا أبا بكر، فخطبها عمر فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال أهل علي لعلي (: اخطب فاطمة. فأتى رسول الله / فقال: ما حاجتك ؟ فقال: ذكرت فاطمة. فقال: مرحباً وأهلاً، فخرج وأخبر الناس بما قال، قالوا: قد أعطاك الأهل والمرحب، ثم قال له: ما تصدقها ؟ قال: ما عندي ما أصدقها، قال: فأين درعك الحطمية ؟ قال: عندي، قال: أصدقها إياه، فتزوجها فأهديت إليه ومعها خميلة ومرفقة من أدم حشوها ليف وقربة ومنخل وقدح ورحى وجرابان، ودخلت عليه وما لها فراش غير جلد كبش ينامان عليه بالليل ويعلف عليه الناضح بالنهار، وكانت هي خادمة نفسها، تالله ما ضرها ذلك) شرح إحقاق الحق - للسيد المرعشي: ج25 ص448.
[49] - بحار الأنوار: ج41 ص33.
[50] - جامع أحاديث الشيعة - للسيد البروجردي: ج23 ص269 – 270.
[51] - نهج السعادة - للشيخ المحمودي: ج2 ص45.
[52] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص265.
[53] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص210 – 211.
[54] - بحار الأنوار: ج74 ص157.
[55] - دراسات في نهج البلاغة - لمحمد مهدي شمس الدين: ص40.
[56] - نفس المصدر السابق.
[57] - شجرة طوبى - للشيخ محمد مهدي الحائري: ج2 ص400.
[58] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص261.
[59] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص261.
[60] - الصحيفة السجادية الكاملة من دعاءه ( في المعونة على قضاء الدين: ص155.
[61] - النور: 55.
[62] - كتاب الغيبة - للنعماني: ب13 ص247.
[63] - القصص: 5.
[64] - الملاحم والفتن - لابن طاووس: ب79 ص295.
[65] - بحار الأنوار: ج52 ص386.
[66] - الكافي, باب المؤمن وعلاماته وصفاته: ج2 ص238 – 239.
[67] - الكافي, باب فضل فقراء المسلمين: ج2 ص261.
[68] - المحاسن, باب خصائص المؤمن: ص158.
[69] - الواقعة: 41 – 45.
[70] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص1704.
[71] - كنز العمال: ج3 ص173 ح6019.
[72] - كنز العمال: ج3 ص172 ح6017.
[73] - القصص: 5.
[74] - نهج البلاغة: ج2 ص160 – 161.
[75] - بحار الأنوار: ج75 ص165 – 166.
[76] - وأضيف بعض الروايات في مدح الفقر وأهله:
عن الرسول محمد / أنه قال: (الفقراء ملوك أهل الجنة، والناس كلهم مشتاقون إلى الجنة، والجنة مشتاقة إلى الفقراء) بحار الأنوار: ج69 ص49.
وقال /: (الفقر فخري) بحار الأنوار: ج69 ص49.
وعن أبي الحسن موسى (: (إن الأنبياء وأولاد الأنبياء وأتباع الأنبياء خصوا بثلاث خصال: السقم في الأبدان، وخوف السلطان، والفقر) بحار الأنوار: ج69 ص49.
وعنه /: (الفقر شين عند الناس وزين عند الله يوم القيامة) بحار الأنوار: ج69 ص49.
وعن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (: (أكرم ما يكون العبد إلى الله أن يطلب درهماً فلا يقدر عليه، قال عبد الله بن سنان: قال أبو عبد الله :(هذا الكلام وعندي مائة ألف وأنا اليوم ما أملك درهماً) بحار الأنوار: ج69 ص49 – 50.
وعن عباد بن صهيب، قال: سمعت جعفر بن محمد ( يقول: (قال الله تعالى: لولا أنني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يتوارى بها، إلا أن العبد إذا تكامل فيه الإيمان ابتليته في قوته، فإن جزع رددت عليه قوته، وإن صبر باهيت به ملائكتي فذاك الذي تشير إليه الملائكة بالأصابع) بحار الأنوار: ج69 ص50.
[77] - التوبة: 55.
[78] - طه: 131.
[79] - الكافي: ج8 ص168 ح189.
[80] - المطففين: 26.
[81] - الكافي, باب القناعة: ج2 ص138.
[82] - نفس المصدر السابق.
[83] الكافي, باب القناعة: ج2 ص138.
[84] - النحل: 97.
[85] - تفسيرالقمي: ج1 ص390.
[86] - الكافي, باب القناعة: ج2 ص138.
[87] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج3 ص2638.
[88] - الكافي, باب القناعة: ج2 ص138.
[89] - مستدرك الوسائل - للميرزا النوري, باب كراهة الحرص على الدنيا: ج12 ص62.
[90] - الكافي, باب القناعة: ج2 ص139.
[91] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج3 ص2639.
[92] - الكافي, باب القناعة: ج2 ص139.
[93] - ميزان الحكمة لمحمد الريشهري: ج3 ص2638.
[94] - الكافي, باب الاستغناء عن الناس: ج2 ص148.
[95] - نهج البلاغة: ج4 ح371 ص87.
[96] - نهج البلاغة: ج4 ح150 ص38.
[97] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج3 ص2636.
[98] - نفس المصدر السابق.
[99] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج3 ص2638.
[100] - الكافي, باب القناعة: ج2 ص139.
[101] - علل الشرائع: ج2 ص559 – 560 ب351.
[102] - نهج البلاغة: ج1 ح28 ص70.
[103] - نهج البلاغة: ج1 ح28 ص71.
[104] - الظاهر أن كل أو أغلب الشرح مأخوذ أو مستفاد من كلام الشارح محمد عبده، وقد أشار المؤلف إلى ذلك في بداية هذا الموضوع.
[105] - آل عمران: 185.
[106] - النساء: 77.
[107] - الأعراف: 51.
[108] - القصص: 79.
[109] - القصص:80.
[110] - مكارم الأخلاق للطبرسي في موعظة الرسول / لأبي ذر (: ص462.
[111] - (قال) من القيلولة وهو النوم عند منتصف النهار.
[112] - جامع أحاديث الشيعة - للبروجردي: ج14 ص32 ح1955.
[113] - من لا يحضره الفقيه, باب النوادر: ج4 ص363.
[114] - وسائل الشيعة (آل البيت): ج17 ح22302 ص181.
[115] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص922.
وعن الإمام الحسين (: (لوعقل الناس وتصوروا الموت بصورته لخربت الدنيا)، العقل والجهل في الكتاب والسنة لمحمد الريشهري: ص221 – 222. وربما يراد من ذلك أن أهل الدنيا لو عقلوا لخربت الدنيا أي لخربت الدنيا المذمومة، فلا بخل ولا حسد ولا بغض ولا حقد؛ لأن من عقل حقيقة الدنيا لما حرص عليها، ولما ابغض أخيه ولا حسد غيره من أجلها، ولاكتفى كل إنسان بما يسد حاجته وباعتدال، ولما كان هذا التفاوت في الثراء واللهث وراء الدنيا.
[116] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص895.
[117] - علل الشرائع: ج1 ح1 ب1 ص1 – 2.
[118] - الإرشاد: ج1 ص295 – 296.
[119] - نهج البلاغة: ج2 ح224 ص216 – 218.
[120] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص904.
[121] - مستدرك الوسائل - للميرزا النوري: ج12 ح13452 ص38.
[122] - علل الشرائع: ج1 ب36 ص38 – 39.
[123] - (عُدي) تصغير عدو.
[124] - أي يعظم عليه ألم الفقر.
[125] - نهج البلاغة: ج 2ح209 ص187 – 188.
[126] - الكافي, باب معنى الزهد: ج2 ص70 – 71.
[127] - الكافي: ج2 ص505، باب التسبيح والتهليل والتكبير.
[128] - ميزان الحكمة لمحمد الريشهري: ج2 ص890.
[129] - سبأ: 37.
[130] - علل الشرائع: ج2 ب385 ص604.
[131] - بحار الأنوار: ج100 ص2.
[132] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج1 ص436.
[133] - نفس المصدر السابق.
[134] - شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد: ج2 ص183.
[135] - نفس المصدر السابق.
[136] - معاني الأخبار: ص260 – 261.
[137] - مستدرك الوسائل - للميرزا النوري: ج11 ح12790 ص217 – 218.
[138] - الكافي, باب خصال المؤمن: ج2 ص47.
[139] - بحار الأنوار: ج75 ص79.
[140] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج4 ص3656.
[141] - مختصر بصائر الدرجات - للحسن بن سليمان الحلي: ص139.
[142] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج4 ص3659.
[143] - نهج البلاغة: ج3 ح53 ص82 – 108.
[144] - الكافي, باب فضل اليقين: ج2 ص57.
[145] - مستدرك الوسائل - للميرزا النوري: ج11 ح12794 ص218 – 219.
[146] - مستدرك سفينة البحار - للنمازي الشاهرودي, باب حد التواضع: ج10ص366.
[147] - مستدرك سفينة البحار - للنمازي الشاهرودي: ج8 ص29.
[148] - الخصال للشيخ الصدوق: ص209 – 210.
[149] - نهج البلاغة: ج4 ح432 ص101.
[150] - بحار الأنوار: ج1 ص122.
[151] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص1296.
[152] - مستدرك الوسائل - للميرزا النوري: ج15 ح18298 ص264.
[153] - مستدرك الوسائل - للميرزا النوري: ج15 ح18203: 5: 6 ص266.
[154] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص1294.
[155] - الكافي, باب فضل القصد: ج4 ص52.
[156] - الكافي, باب وضع المعروف موضعه: ج4 ص31.
[157] - بحار الأنوار: ج66 ص407.
[158] - ثوب الصون هو ثوب التجمل، فيكون المعنى: إن السرف أن تلبس ثوب التجمل في المكان القذر كمكان العمل والمهنة مثلاً.
[159] - بحار الأنوار: ج76 ص317.
[160] - بحار الأنوار: ج68 ص45.
[161] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص1072.
[162] - الكافي, باب الرضا بالقضاء: ج2 ص61.
[163] - بحار الأنوار: ج78 ص195.
[164] - الكافي, باب فضل إطعام الطعام: ج4 ص51.
[165] - نهج البلاغة: ج4 ح230 ص51.
[166] - بحار الأنوار: ج71 ص395.
[167] - ميزان الحكمة - لمحمد الريشهري: ج2 ص1073.
[168] - نهج البلاغة: ج3 ص37 – 55.
[169] - نهج البلاغة: ج4 ح137 ص34.
[170] - الكافي, باب فضل اليقين: ج2 ص57.
[171] - بحار الأنوار: ج100 ص35.
[172] - بحار الأنوار: ج66 ص408.
[173] - بحار الأنوار: ج66 ص378.
[174] - بحار الأنوار: ج72 ص359.