Subjects
-تقديم
-مقدمة
-من علامات آخر الزمان
1. موت الملك عبدالله
2. المهدي (عليه السلام) يجعل بمصر منبراً
3 . خلعت العرب أعنتها
4. احداث في محافظة الأنبار
-الرمزية في روايات الظهور
1. هل السفياني شخص واحد أم عدّة أشخاص؟
مامعنى كلمة سفياني ولماذا اطلق عليه هذه التسمية بالذات؟
من هم القوم من سواد الكوفة ومن اهل البصرة؟
2. تسمية السفياني
3. هل سفياني الكوفة هو نفسه سفياني الشام؟؟؟
4. السفياني ابن عم المهدي (عليه السلام)
5. هل ستلتحق قوافل من الذين يدعون التشيع بركب السفياني؟
6. السفياني أشقر أحمر أزرق !!!
7. هل يمكننا تمييز السفياني حال ظهوره؟
8. السفياني وحكم العراق:
9. اشراط الساعة
10. الخسف بالبيداء
-انصار الامام المهدي (عليه السلام) 313
-حتمية في خروج اليماني والسفياني
-يكون البأس من كل وجه
-وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني
-دواعي التعتيم على شخص اليماني
-الابتلاء وتمحيص الناس لتمييز الخبيث من الطيب
-لماذا سمي باليماني؟ وهل هو من اليمن؟ واين ستكون محور حركته؟
-اليماني يتحرك من الشرق
-خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد:
-حدود شخصية اليماني
-خروج اليماني قبل السفياني
-من هو الخراساني ؟
-دور الرايات السود المشرقية
-معركة اصطخر
-الموت الشديد والزلازل عندما يظهر المهدي (عليه السلام):
Text
إصدارات أنصار الإمام المهدي ع / العدد (191) السفياني على الأبواب فأين اليماني (ع) بقلم عادل السعيدي الطبعة الأولى 1434 هـ -2013 م لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن ع يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي: www.almahdyoon.org الإهداء إلى حاملة راية الدفاع عن حاكمية الله رغم سبيها ومصيبتها علا صوت الحق في فيها إلى فاضحة باطل السفيانيين في كل زمان إلى من دمعي عليها جاري إلى أخت الحسين (عليه السلام) شهيد كربلاء إلى زينب بنت علي ابن أبي طالب (عليهم السلام) إلى زينبيات هذا الزمان ناصرات الحق حاكمية الله في زمن عز فيه الناصر أهدي ما أسطر في هذا الكتاب وأسأل الله بحقهم أن يذكروا يماني آل محمد وأنصاره بدعائهم وأن يشفعوا لي يوم يقوم الحساب. -تقديم: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. الحمد لله كما هو أهله الذي من علينا بسليل العترة الطاهرة وسر أمه فاطمة (عليها السلام) الذي كشف الكثير من الخبايا والأسرار، ومن تلك الأسرار التي كشفها بشكل جلي (حركة السفياني) وما يرتبط بها، بعد تخبط الكثير ممن تصدى للكتابة فيها فوقف في وسط الطريق حائراً، فراح يقدم رواية على أخرى بلا موازين، بل واسقط بعضها وتبنى أخرى بلا ضوابط يمكن قبولها، هذا مضافاً إلى الأخطاء التي وقع فيها نتيجة التحليلات المبنية على تصورات مسبقة ككون اليماني من اليمن، وحصر السفياني بشخص واحد ويكون من الوادي اليابس، وكونه من ولد عتبة بن أبي سفيان وغير ذلك من الأمور الجزئية التي بُنيت على الرموز. وبطبيعة الحال إن لغة الرمزية إنما تكون لمن عرفها، فالرمزية إنما تأتي لإخفاء الأمر على السامع أو القارئ، وفي الوقت نفسه إفهام المعني بها، وهذا يعني هناك شخص معني بهذه الرموز، وإلا فيكون وجودها عبثاً لعدم فهم الناس لها. وبما أن هذه الرموز قد خرجت من صدور سادة الخلق، فيتعين أن يكون لها فقيه يعيها كما أرادوها، ألا وهو يمانيهم وقائمهم أحمد الحسن (عليه السلام). فقد انحسرت وعجزت الأقلام دون أن تصل لحقيقة هذه الروايات وبيان ترتيبها وتوظيفها بشكل تكشف عن عظمة قائلها وهم آل محمد (عليهم السلام)، ولعمري فلقد ابلغوا في البييان وأوضحوا الحقيقة بشكل يقطع المنصف بكونها صادرة منهم لعدم إمكان خروج تلك الحكمة إلا منهم، فمع اختلاف الروايات الصادرة زماناً وراوياً وقائلاً ولغةً، فمع كل ذلك واتحادها في الدلالة على شيء واحد بل ووقوع احدها مفسراً للأخرى بشكل خفي من جهة وواضح من جهات، فكل ذلك يكشف بشكل لا لبس فيه أحقية هذه الدعوة المباركة، وكون الوارث الحقيقي لآل محمد إنما هو السيد أحمد الحسن (عليه السلام) المعني بهذه الرموز والذي فتحها وبينها، بل وغيرها كثير. فبعد عجز الجميع عن كشف حقيقة السفياني، واليماني وغيرهما، وبيانه (عليه السلام) لهما بشكل جلي مستنداً لما ورثه من أجداده الطاهرين فمن السفه بمكان أن يشك بكونه ليس هو الوارث، فمع كل ما بينه من معارف حقه بعد أن أعيت كل من تعرّض لها يتعين أن يكون هو الحق صدقاً وحقاً، ولا يشك في ذلك منصف. وما جاء في هذا الكتاب فهو بفضله (عليه السلام)، فلولا أنه بيّن الخطوط العريضة لحركة الظهور وادوار الشخصيات المذكورة في الروايات وما إلى غير ذلك لما أصبح امتياز لهذا الكتاب عن غيره من الكتب التي تعرضت للفظ السفياني دون أن تعرف هويته. وسيجد القارئ ما يبين له الصورة الحقيقية للسفياني، ومدى خطورته على الأمة الإسلامية، وكونه عنواناً يشمل الكثير، كما ويتعرض لبعض ما يتعلق بالشخصيتين الاخرتين المواكبتين لحركة السفياني، اليماني والخراساني، ويتعرض لليماني باعتباره العاصم من الضلال والضياع وصاحب راية الهدى التي من استظل بها ظلته، وما إلى غير ذلك مما يتعلق بزمن الظهور. وقبل الختام اسأل الله أن يوفق الأستاذ عادل السعيدي لكل خير، وأن يجعل ما قدمه ذخراً شافعاً له، وصدقة جارية هادية لمن طلب الحق إنه سبحانه ولي المؤمنين. عبد العالي المنصوري الخامس عشر من شعبان المعظم 1434 هجرية -مقدمة: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً. عن الصادق (عليه السلام): (قبل قيام القائم (عليه السلام) خمس علامات محتومات؛ اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء) ([1]). صادق العترة (عليه السلام) وضح وبشكل قاطع بأن قبل القائم - محمد بن الحسن (عليهما السلام) - علامات محتومات، وابتدأ باليماني ومن ثم السفياني وهكذا بقية العلامات، ورغم أن أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) قد كتبوا وبحثوا دلالة ومضمون الصيحة وأشاروا إلى الكثير من العلماء الذي اختلفوا في مضمونها تارة وتوقيتها تارة أخرى، إلا أننا نجد القوم ولسنين عدة متمسكين بعلامة الصيحة دلالة على ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)؛ لأن هناك من يصرخ بالقوم أن هناك ملازمة حتمية ولا نقبل غيرها بأن الصيحة - بمفهومها المادي - هي التي تدلنا على الإمام المهدي (عليه السلام) !!! الرواية الآنفة الذكر تؤكد وبضرس قاطع إن الصيحة قبل القائم، وإن اليماني قبل القائم، وإن السفياني (لعنه الله) قبل القائم، فما بال هؤلاء لا يفقهون حديثاً، وكأني أجلس قبالة منبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يخطب خطبة طويلة: (.... فيا عجباً ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، وكل امرئ منهم إمام نفسه آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ، لا ينالون تقرباً ولن يزدادوا إلا بعداً من الله عز وجل، انس بعضهم ببعض، وتصديق بعضهم لبعض، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الأمي (صلى الله عليه وآله)، ونفوراً مما أدى إليهم من أخبار فاطر السموات والأرض، أهل حسرات وكهوف شبهات وأهل عشوات وضلالة وريبة، ... فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها.ووا أسفاً من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضاً ويقتل بعضها بعضاً. المتشتتة غداً من الأصل، النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته، كل حزب منهم آخذ بغصن، أينما مال مال معه ... إلى أن قال: لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى (بن عمران عليه السلام)، ولعمري ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ...) ([2]). نعم، المؤملة الفتح من غير جهته، فبعض مدعي العلم ينظّرون ويطرحون فكرة معرفة السفياني قبل اليماني، واليوم الكل يتحدث عن السفياني وأنه على الأبواب، وإن القتال الدائر في بلاد الشام علامة واضحة للتهيئة لجيش السفياني (لعنه الله) وإعداده العدة والعدد لقتال الإمام المهدي (عليه السلام)، ولا يتحدثون عن حامل راية الإمام المهدي يماني آل محمد (عليهما السلام). من هنا ارتأيت أن أكتب بحثاً عن السفياني مستعيناً بالله بعدما عرّفني الإمام أحمد الحسن يماني آل محمد (عليه السلام) وأشار لي إلى بعض روايات العترة الطاهرة صلوات ربي عليهم أجمعين التي تتحدث عن السفيانيين. فتوكلت على الله وسألته أن يوفقني لتعريف الناس بحقيقة هذه الشخصية المعادية على طول خط مسيرة التاريخ، والتي تتخذ أشكال وصفات مختلفة، وإن كان النهج واحداً هو العداء للمنهج الإلهي المتمثل بحاكمية الله قبال المنهج الإبليسي حاكمية الناس. واسأل الله أن يغفر لي فيما أخطأت وقصرت في فهم وإيضاح بعض الروايات، فما لا يدرك كله لا يترك كله. والحمد لله رب العالمين وبه نستعين. عادل السعيدي -من علامات آخر الزمان: القليل من الناس الذين يهتمون لآخرتهم قبل دنياهم الزائلة ويرتقبون ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) (المخلص والمنقذ العالمي) ويتطلعون في واقع الأحداث عن أي علامة أو إشارة لها علاقة بظهوره !!! باحثين عن كل ما يخص العلامات التي تشير إلى ظهوره !!! ومازالوا يبحثون عن أية علامة أو دلالة ذكرت في روايات الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) تبشر بظهوره !!! ولعل من بين تلك العلامات هي ظهور (السفياني)، حتى ورد أنه لا مهدي إلا بسفياني !!! وأن الإمام المهدي (عليه السلام) هو الذي يقضي على السفياني ودولته ويحرر العراق من سطوته ومن كل خائنٍ وظالم حتى تكون الكوفة عاصمة الدولة المهدوية ومركز انطلاق دين الله الحق إلى العالم كافة؛ قال تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ ([3]). ورب سائل يقول: إنكم تتحدثون عن آخر الزمان وربما هذه الأيام ليست هي المقصودة بل قد تكون بعد مئات السنين. نقول: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) حددوا لنا - بدقة لا تجعل مجالاً للالتباس أو الشك - أسماء حكام في الجزيرة العربية، وقالوا لنا إذا حكم هؤلاء فإنّ القائم سيظهر في فترة حكمهم، بل سيكون قيامه بوجودهم، وإليك هذه الروايات: 1. موت الملك عبد الله: عن الإمام الصادق (عليه السلام): (من يضمن لي موت عبد الله (أي يأتيني بخبر موته) أضمن له القائم. ثم قال: إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله، ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والأيام، فقلت: يطول ذلك ؟ قال: كلا) ([4]). تشير الرواية إلى أن آخر حكام الحجاز هو الملك عبد الله، ويذهب الملك الطويل الذي كان يدوم إلى سنين طويلة ويأتي ملك الشهور، وفي الروايات أنّ عبد الله يقتل ويكتمون خبر موته لكنه ينتشر بسرعة. فعن الإمام الباقر (عليه السلام): (يكون سبب موته أنه ينكح خصياً له فيقوم فيذبحه ويكتم موته أربعين يوماً، فإذا سارت الركبان في طلب الخصي لم يرجع أول من يخرج حتى يذهب ملكهم)([5]). وعنه (عليه السلام)، قال: (بينا الناس وقوفاً بعرفات إذ أتاهم راكب على ناقة ذعلبة، ويخبرهم بموت خليفة، عند موته فرج آل محمد وفرج الناس جميعاً) ([6]). وتعتبر هذه العلامة والعلامة التي في الرواية السابقة من العلامات البارزة التي تشير إلى حكم الإمام المهدي (عليه السلام) وليس كما فهم بعضهم ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، فأغلب الباحثين يشيرون إلى أنّ بعد موت الملك عبد الله سيظهر المهدي، وهذا خلاف قوله (عليه السلام) - ولم يتناه هذا الأمر (يعني الخلافة) دون صاحبكم (يعني المهدي عليه السلام). وللمعاندين الذين يقولون بأننا لسنا في آخر الزمان أقول إليكم الحديث الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذي يقول فيه: (يحكم الحجاز رجل اسمه اسم حيوان، إذا رأيته حسبت في عينه الحول من البعيد، وإذا اقتربت منه لا ترى في عينه شيئاً، يخلفه أخ له اسمه عبد الله. ويل لشيعتنا منه، أعادها ثلاثاً، بشروني بموته أبشركم بظهور الحجة) ([7]). حاكم الحجاز الذي اسمه اسم حيوان هو (فهد) ملك السعودية، وباستطاعة كل منكم معاينة صورة فهد للتحقق من علامة الحول في عينيه. وقد خلفه أخوه عبد الله وقد ذكرت الرواية بشروني بموت فهد وليس كما يظن البعض موت عبد الله، بل الرواية تتحدث عن حاكم الحجاز (فهد) فعند موته يظهر الإمام المهدي (عليه السلام) متمثلاً برسول من عنده وهو وصيه كما سيتبين من خلال البحث. شبهتان: وقد تثار هنا شبهتان: الأولى: أن يطعن البعض في سند الرواية. وفي الجواب أقول: إن تحقق مضمون الرواية على أرض الواقع يطيح كلياً بأي طعن في سندها، فطالما تحقق المضمون فالصدور مقطوع به، وإن كان الرواة من أكذب الناس؛ لأنّ تحقق المضمون يدل حتماً على أنهم قد صدقوا في هذه الرواية على الأقل. الثانية: أن يطعن في المصداق، بأن يقال لعل المراد حاكم آخر غير فهد سيأتي في زمن لاحق. وفي الجواب أقول: إنّ هذا الاعتراض ساقط بالضرورة؛ ذلك أنّ الرواية علامة وضعها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ليستدل الناس بها على قرب الظهور، شأنها شأن العلامات الأخرى، فلا بد أن يكون مصداقها واحداً؛ لأنه إن تعدد تستحيل العلامة لغواً والعياذ بالله؛ إذ لا يمكننا - والحال هذه - أن نحدد لها مصداقاً أصلاً؛ لاحتمال أن لا يكون هو المصداق المراد. فعلى سبيل المثال إذا طلب منك شخص أن تضع له علامة يستدل بها على منزل ما، وقلت له إنّ أمام منزله نخلة، وحين ذهب إلى المكان المحدد وجد أكثر من منزل أمامه نخلة، فهل تكون العلامة التي وضعتها مفيدة له، وهل تكون قد أرشدته حقاً، أم إنك قد زدته حيرة على حيرة ؟ لا شك إنك أذا أردت إرشاده ستختار له علامة فارقة لا تتكرر، وأنت تعلم أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) أراد إرشاد أمته إلى عصر الظهور وعليه لا يمكن أن يختار لهم علامة يمكن أن تتكرر. وتدلنا الرواية التالية عن الإمام الباقر (عليه السلام) على أنّ جزءً معتداً به من حكم عبد الله يقع في فترة الملاحم أو المعارك التي تمهد لظهور القائم (عليه السلام)، وأكثر من ذلك سيبقى حكم عبد الله قائماً حتى بعد أن تدخل قوات السفياني إلى العراق، وإليكم الرواية: (إذا ظهر السفياني على الأبقع وعلى المنصور والكندي والترك والروم، خرج وصار إلى العراق، ثم يطلع القرن ذو الشفا، فعند ذلك هلاك عبد الله) ([8]). 2. المهدي (عليه السلام) يجعل بمصر منبراً. وقد ورد ذلك في رواية عباية الأسدي، عن علي (عليه السلام)، قال: (سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مشتكي (متكٍ) وأنا قائم عليه قال: لأبنين بمصر منبراً، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً، ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب، ولأسوقن العرب بعصاي هذه ! قال: قلت: كأنك تخبر أنك تحيا بعد ما تموت ؟ فقال: هيهات يا عباية قد ذهبت في غير مذهب. يفعله رجل مني) ([9]). وعن علي (عليه السلام) في المهدي وأصحابه، قال: (ثم يسيرون إلى مصر فيصعد منبره فيخطب الناس، فتستبشر الأرض بالعدل، وتعطي السماء قطرها، والشجر ثمرها، والأرض نباتها، وتتزين لأهلها، وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرق الأرض كالأنعام، ويقذف في قلوب المؤمنين العلم، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم، فيومئذٍ تأويل الآية: "يغني الله كلاً من سعته")([10]). ويفهم من هاتين الروايتين أنه سيكون لمصر في دور إعلامي، خاصة بملاحظة تعبير (لأبنين بمصر منبراً)، وقد كانت أول مناظرات أنصار الإمام المهدي في مصر وقد شاهدها ملايين الناس، فكان حقاً منبراً يعبر عن راية الحق. وتعبير (ثم يسيرون إلى مصر فيصعد منبره) أي يسير المهدي (عليه السلام) وأصحابه إلى مصر، ولكي يصعد منبره الذي يكون اتخذه فيها كما وعد جده أمير المؤمنين (عليه السلام). والرواية أيضاً تشير إلى دمشق (سوريا) وما يحصل فيها من خراب، حتى إنّ العبارة تشير إلى تدمير الحجر، وهذا ما هو حاصل اليوم بهدم البنايات والمساجد وما أسسه السفيانيون الذابحون في دمشق. 3 . خلعت العرب أعنتها: عن يعقوب بن السراج، قال: (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): متى فرج شيعتكم؟ فقال: إذا اختلف ولد العباس، ووهى سلطانهم، وطمع فيهم من لم يكن يطمع، وخلعت العرب أعنتها،.....) ([11]). وهو تعبير مجازي عن الثورات التي تجري الآن في الكثير من الدول العربية، وقد ذكرت هذه الحالة الفريدة في التاريخ كعلامة بارزة من علامات الظهور. وهذه بعض الروايات التي تذكر هذه العلامة أيضاً: قال علي بن أبي طالب: (وسيأتي اليهود من الغرب لإنشاء دولتهم بفلسطين، قال الناس: يا أبا الحسن، أين تكون العرب آنذاك؟ قال: تكون مفكّكة القوى مفكّكة العرى غير متكاتفة وغير مترادفة .... حتى إذا أطلقت العرب أعنتّها ورجعت إليها عوازم أحلامها عندئذٍ يفتح على يدهم فلسطين وتخرج العرب ظافرة وموحدة) ([12]). يقول الإمام علي (عليه السلام) في خطبة له عن المهدي وعن أحداث البحرين: (علامة خروجه، تختلف ثلاث رايات: راية العرب، فيا ويل لمصر وما يحلّ بها منهم، وراية من البحرين من جزيرة (أوال) من أرض فارس، وراية من الشام فتدوم الفتنة بينهم سنة) ([13]). وقد ذكر الإمام علي (عليه السلام) الكثير من الأحداث المرافقة لأحداث البحرين ([14]). 4. أحداث في محافظة الأنبار. الأحداث الجارية اليوم في محافظة الأنبار العراقية وما تبعها من المحافظات التي تعتبر من ضمن الإقليم أو المثلث السني الذي يطالب بأن يرجع الحكم إليهم كما كان بيد صدام (لعنه الله)، لذلك ترى الشعارات الطائفية بأشدها وهي نتيجة مؤثرات ومجريات خارجية وأهمها الحاصلة في سوريا، أكد مجلس محافظة الأنبار عبر القنوات الإخبارية والفضائية أن تراجع المستوى الأمني في سوريا وتدهور الوضع بصورة عامة أثر بشكل مباشر على الأوضاع في الأنبار. وقال نائب رئيس مجلس الانبار سعدون عبيد الشعلان إن الانبار تشترك مع سوريا بحدود واسعة وكبيرة وما يحدث فيها من إرباك أمني وسياسي أثر بشكل مباشر على الأوضاع الأمنية في الانبار التي هي في الأصل تعاني من جيوب المسلحين في صحرائها. وأضاف "إن السبب المباشر في اتساع الخروقات الأمنية في الانبار يعود إلى تدهور الوضع الأمني والسياسي في سوريا القريبة. أنّ ما يدور في سوريا اليوم سيكون بكل تأكيد له امتداد وآثار في العراق، وأثره واضح من اختراق تنظيم القاعدة لأغلب المؤسسات الأمنية والسياسية في العراق وقد أعلن تنظيم جبهة النصرة مبايعته لتنظيم القاعدة في العراق وتعتبر جبهة النصرة وهي جبهة تمثل امتداد لتنظيم القاعدة الإرهابي التي تؤسس بنيانها في سوريا وفي العراق وتسعى في النهاية لمحاربة كل من يختلف معهم في العقيدة وان كان شعارهم محاربة التشيع إلا أنهم وحسب الواقع الذي تتداولها جميع القنوات الدولية والإنسانية تعتبر هذه الجماعات وهذه الحركات هي حركات سلفية سفيانية لا هم لهم إلا ذبح وقتل كل من يخالف عقيدتهم الباطلة فقد توالت الدول بوضع هذه الجبهة ضمن التنظيمات الإرهابية، فقد وضعت الحكومة الأسترالية جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سورية على قائمة الإرهاب، في ثاني إجراء من نوعه عالمياً ضد هذه المنظمة بعد الولايات المتحدة. يحتاج إعادة صياغة وقال السيناتور بوب كار، وزير الخارجية الأسترالي إنه "لا مكان للجماعات المتطرفة مثل جبهة النصرة، سواء في سورية أو أي مكان آخر"، مبيناً أن لجبهة النصرة "روابط مباشرة مع تنظيم القاعدة في العراق، الذي يمدها بالمقاتلين والأسلحة والمعدات". وأضاف إن "أستراليا قررت تصنيف جبهة النصرة كمنظمة إرهابية من أجل حرمانها من الدعم المالي"، مشيراً إلى أن "المنظمة التي تعد أكثر من 5 آلاف مقاتل أصولي، قامت بعمليات إرهابية ليس ضد الجيش السوري فقط بل ضد أهداف مدنية". وقد أدرجت الأمم المتحدة جبهة النصرة التي تقاتل النظام في سوريا على لائحة المنظمات المرتبطة بالإرهاب وكان زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني أعلن في نيسان / ابريل 2012 مبايعة زعيم القاعدة أيمن الظواهري ليؤكد بذلك العلاقة بين جبهة النصرة والقاعدة. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر طويل إلى أن يقول: (أي يوم للمخيبين بين الأنبار وهيت ([15])، ذلك يوم فيه صيلم الأكراد والشراة، وخراب دار الفراعنة، ومسكن الجبابرة، ومأوى الولاة الظلمة، وأم البلاء وأخت العار، تلك ورب علي يا عمرو بن سعد بغداد...) ([16]). فالرواية تربط ابتداء حدث في الأنبار يتبعه خراب بغداد، واليوم الكل يرى بأم عينه خراب بغداد بسبب القتل والتقتيل والسيارات المفخخة وانتحاريين وهابيين سفيانيين ذباحين يعيثون فيها الفساد. وإذا قرأنا رواية أخرى من روايات الطاهرين (عليهم السلام) نجد بأنّ قيام القائم مرتبط بعلامة تحرك الأنبار، ومن ورائها السفيانيون إلى بغداد والكوفة حتى يفجروا قنطرة (جسر) في الكوفة ويحرقوا بيوتات الكوفة. عن محمد بن بشير الأزدي، قال: حدثنا أحمد بن عمر بن موسى الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور القمي، عن أبيه محمد بن جمهور، عن يحيى بن الفضل النوفلي، قال: (دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) ببغداد حين فرغ من صلاة العصر - فرفع يديه إلى السماء - وسمعته يقول: أنت الله لا إله إلا أنت - الأول والآخر والظاهر والباطن - وأنت الله لا إله إلا أنت إليك زيادة الأشياء ونقصانها - وأنت الله لا إله إلا أنت - خلقت الخلق بغير معونة من غيرك ولا حاجة إليهم - أنت الله لا إله إلا أنت منك المشية وإليك البدء - أنت الله لا إله إلا أنت قبل القبل وخالق القبل - أنت الله لا إله إلا أنت بعد البعد وخالق البعد - أنت الله لا إله إلا أنت - تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب - أنت الله لا إله إلا أنت غاية كل شيء ووارثه - أنت الله لا إله إلا أنت لا يعزب عنك الدقيق ولا الجليل - أنت الله لا إله إلا أنت لا يخفى عليك اللغات - ولا تتشابه عليك الأصوات - كل يوم أنت في شأن لا يشغلك شأن عن شأن عالم الغيب وأخفى ديان الدين مدبر الأمور باعث من في القبور- محيي العظام وهي رميم - أسألك باسمك المكنون المخزون - الحي القيوم الذي لا يخيب من سألك به - أن تصلي على محمد وآله - وأن تعجل فرج المنتقم لك من أعدائك - وأنجز له ما وعدته يا ذا الجلال والإكرام - قال: قلت: من المدعو له ؟ قال: ذلك المهدي من آل محمد (صلى الله عليه وآله). قال: بأبي المنبدح المنفدح البطن - المقرون الحاجبين أحمش الساقين - بعيد ما بين المنكبين أسمر اللون - يعتاده مع سمرته صفرة من سهر الليل - بأبي من ليله يرعى النجوم ساجداً وراكعاً - بأبي من لا يأخذه في الله لومة لائم - مصباح الدجى بأبي القائم بأمر الله - قلت: متى خروجه - قال: إذا رأيت العساكر بالأنبار على شاطئ الفرات والصراة ودجلة، وهدم قنطرة الكوفة، وإحراق بعض بيوتات الكوفة، فإذا رأيت ذلك فإن الله يفعل ما يشاء - لا غالب لأمر الله ولا معقب لحكمه) ([17]). إذن، الأنبار سيحصل فيها حدث يخص سفياني الشام الذي لا يكون له همٌّ إلا التوجه إلى العراق، ولذا نرى أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) قد سطروا لنا ذلك في رواياتهم وربطوا أحداث الأنبار بظهور المهدي (عليه السلام). ولا يفوتني أن أنقل خبراً تداولته وسائل الإعلام قد يمر مرّ الكرام على أغلب الناس، ولكن حيثياته ومدلولاته تشير إلى أبعد من ذلك، (فقد سعت دولة العراق حفر خندق بهدف منع سفياني الشام واتباعه من التسلل إلى العراق خندق بطول 146 كيلو متر وبعرض يتراوح بين ثلاثة وأربعة أمتار بهدف منع سفياني الشام وجماعته من التسلل إلى العراق. وأنّ الحفر يبدأ من نقطة الحدود في مناطق جنوب ربيعة في الموصل وصولاً إلى النقطة الحدودية جنوب سنجار. وأنّ التراب المستخرج من هذا الخندق سيستخدم ساتراً ثانياً يضاف إلى الساتر السابق، فضلاً عن بناء عدد من مقرات الألوية ومقرات القيادة العامة لقوات الحدود في محافظتي الموصل والأنبار. وقد أعلنت قیادة عملیات الأنبار في اجتماع أمني ضم القیادات الأمنیة لقوات الجیش والشرطة والقوات الأمریکیة عن حفر خندق حدودي بین العراق وسوریا لمنع تدفق المسلحین الأجانب إلى العراق؛ علماً أنّ محافظة الأنبار، تربطها حدود مشترکة مع سوریا والأردن والسعودیة، فیما یصل طول حدودها مع الجمهوریة السوریة إلى نحو 600 کم) ([18]). هذا نزر يسير وغيرها الكثير من العلامات الدالة بضرس قاطع على أننا في آخر الزمان، بل إننا في زمان ظهور الإمام المهدي (عليه السلام). فهل يماري أحد بعد هذا البيان في أن عصرنا هذا هو عصر الظهور، وأن كل ما ورد من روايات تتعلق بعصر الظهور تجد مصداقها في عصرنا هذا ؟ أسئلة بحاجة لأجوبة: كثيرة هي الأسئلة التي تثار حول شخصية السفياني: هل السفياني شخص واحد أم عدّة أشخاص ؟ وهل هناك أكثر من مصداق واحد لمفهوم السفياني ؟ وهل سفياني الكوفة هو نفسه سفياني الشام ؟ وهل يمكننا تمييز السفياني حال ظهوره ؟ وهل ستلتحق قوافل من الذين يدعون التشيع بركب السفياني ؟ وما هي علاقة السفياني بالإمام المهدي (عليه السلام) ؟ وهل الخسف بجيش السفياني سيحصل بالنجف أم بصحراء المدينة ؟ وما هي علاقة السفياني باليماني ؟ وما هي علاقة السفياني بالخراساني ؟ وماذا بعد موت السفياني ؟ هذه مجمل الأسئلة التي سنجيب عنها في هذا البحث، وربما قد نكون غفلنا عن بعض الأسئلة المتعلقة بظهور السفياني ولكن على أقل تقدير ما لا يدرك كله لا يترك كله، فعلى الجميع أن يبحث بهكذا مواضيع خصوصاً من يريد نصرة الإمام المهدي (عليه السلام) والنجاة من فتنة السفياني لئلا يقع فيها فيصبح من أعداء الإمام ومناصري سلطة السفياني .. ويا لها من مصيبة عظيمة حينئذٍ .. أن تكون عدوا للإمام الذي يترقب المسلمون ظهوره منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة !!! -الرمزية في روايات الظهور: وردت روايات كثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام) تدل على أنّ كلامهم صعب مستصعب لا يحتمله ولا يقبله إلا من كان من شيعتهم حقاً، أمّا من كانت طينته خبيثة وفي قلبه عداء لآل محمد (عليهم السلام) فتراه يثقل عليه كلامهم ويشمئز منه قلبه وينكره، بل منهم من يقول صراحة هذا كفر، فالذين أنكروا واشمأزت قلوبهم من كلامهم (عليهم السلام) أولئك هم أعداء آل محمد (عليهم السلام) في الذر الأول وإن كانوا يدعون حبهم ومولاتهم (عليهم السلام). عن أبي جعفر (عليه السلام): (أما والله إنّ أحب أصحابي إليّ أورعهم وأكتمهم لحديثنا، وأن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يعقله ولم يقبله قلبه إشمأز منه وجحده وكفر بمن دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند فيكون بذلك خارج عن ولايتنا) ([19]). إنّ أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) والتي تخص عصر الظهور المقدس في مجملها تكون ذات دلالة رمزية فلا يمكننا حمل أغلبها على ظاهرها؛ وذلك لسبب بسيط هو أنّ القائد العسكري المحنك يوهم عدوه بخطته التي وضعها للانتصار على خصمه، هذا من جهة. ومن جهة أخرى يتكتم على أغلب التفاصيل الخاصة بحركته الميدانية وتوقيتاتها كي لا يعطي أي فرصة للعدو للانقضاض على حركته ومعرفة أسرارها. ورغم ذلك إنّ أهل البيت (عليهم السلام) لم يتركونا دون إشارات نستدل من خلالها على معرفة راية الحق والهدى المرتبطة بهم (عليهم السلام) من رايات الضلال الكثيرة التي تخالفهم ومن بينها راية السفياني. عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: (... إياك وشذاذ من آل محمد (عليهم السلام) فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات فالزم الأرض ولا تتبع منهم أحداً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين (عليه السلام) معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه، فإن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين، ثم صار عند محمد بن علي، ويفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء أبداً وإياك ومن ذكرت لك...) ([20]). فقد أوضح أهل البيت (عليهم السلام) ذلك من خلال رسم صورة كاملة لعصر الظهور وجزأوا هذه الصورة بعدة روايات وخطب متباعدة ووضعوا رموز ودلالات وأسماء مدن ووقعات وأحداث مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحركة الظهور، ومن خلال استنطاق النصوص ومعرفة المفاهيم وربطها بالمصاديق. وأيضاً من خلال جمع هذه الروايات والخطب مع الأحداث ترتسم لدينا صورة قريبة لما يدور في عصر الظهور، لذلك سوف نستقرأ هذه المدلولات والرموز والأحداث بطريقة ربط مفاهيم الرواية بمصاديقها الحقيقية من جهة وربطها بالأحداث الجارية من جهة أخرى ومن الله نستمد العون. 1. هل السفياني شخص واحد أم عدّة أشخاص ؟ قبل أن ندخل بتفاصيل شخصية السفياني يتوجب علينا معرفة لماذا سمي بالسفياني ؟ تشير بعض الروايات إلى انتسابه إلى عائلة الشر والخبث عائلة أبي سفيان .. وقيل إن اسمه عثمان، وقيل عبد الله وجده الأعلى هو أبو سفيان .. ولذلك سمي بالسفياني نسبة إلى جده الأعلى كما ينسب البعض للعلويين أو العباسيين أو غيرهم، وكل من ينهج طريقة أبي سفيان لعنه الله بمعاداة رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) يلقب بالسفياني حتى وإن ادعى موالاتهم .. وحركة السفياني حركة منحرفة واسعة النفوذ في داخل المجتمع المسلم وتمثل خط الانحراف والعدو المحارب للإمام المهدي (عليه السلام)، فتندرج تحته كل الحركات والعقائد المنحرفة التي تدعي الانتساب إلى الإسلام، وظهوره يكون بتسلم دولة بني العباس سلطتهم في العراق وتسلمهم زمام الأمور في الكوفة وبغداد كما عبّرت عنها أغلب الروايات. مامعنى كلمة سفياني ولماذا اطلق عليه هذه التسمية بالذات؟ الحقيقة أنّ هذه التسمية تعني أنّه من ذرية أبي سفيان أو أنّه يسير بسيرة آل آبي سفيان من محاربة الإسلام الحقيقي، ولعله جلي وواضح موقف أبي سفيان ومحاربته لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) ومن ثم موقف ابنه معاوية (لعنه الله) ومحاربته الإمام علي (عليه السلام)، وأكثر وضوحاً هو موقف يزيد بن معاوية (لعنه الله) حيث قتل الإمام الحسين (عليه السلام) سيد شباب أهل الجنة كما أخبر عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فموقف هذه العائلة من الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) وآل محمد (عليهم السلام) هو موقف عداء وبغض ومحاربة، وإذا كان محمد وآل محمد (عليهم السلام) يمثلون الحق عند المسلمين فإن أبا سفيان وآل أبي سفيان قد مثلوا الباطل بجدارة ووضوح تام، ويشهد لهذا ما روي من أن الإمام الحسين (عليه السلام) صاح في أهل الكوفة وغيرهم قائلاً: (ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان) ([21]). وهنا إشارة واضحة من الحسين (عليه السلام) لهؤلاء الذين يقاتلونه بأنهم شيعة آل أبي سفيان، وبالمقابل من كان مع الحسين (عليه السلام) هم من شيعة علي (عليه السلام) وهم قلة كما هو واضح لمن يعرف قصة مقتل الحسين (عليه السلام) وأصحابه. قال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ ([22]). وتتكرر نفس السُنة مع المهدي (عليه السلام) حينما يظهر حيث يقول له العلماء غير العاملين وأتباعهم في الكوفة ارجع يابن فاطمة لسنا بحاجة إليك إن الدين بخير !!! قال تعالى: ﴿اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾ ([23]). روى أبو الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل أنه: (إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلى الكوفة، فيخرج منها بضعة عشر ألف نفس يدعون البترية عليهم السلاح، فيقولون له: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم، ويدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب، ويهدم قصورها، ويقتل مقاتلتها حتى يرضى الله عز وعلا)([24]). فهل توجد أوضح من هذه الإشارة بأن أول من يحارب الإمام المهدي (عليه السلام) هم من شيعة آل أبي سفيان كما حاربوا أبيه الحسين (عليه السلام) وكما حارب أسلافهم جميع الأنبياء والمرسلين. قال تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ ([25]). قال تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ ([26]). وإذا ربطنا الرواية أعلاه مع ما موجود في مخطوطة ابن حماد تتضح الصورة أكثر. في مخطوطة ابن حماد: (يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام، ويقتل من أهلها ستين ألفاً، ثم يمكث فيها ثمانية عشرة ليلة. وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون. ويخرج قوم من سواد الكوفة ليس معهم سلاح إلاّ قليل منهم، ومنهم نفر من أهل البصرة، فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة. وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي) ([27]). فلنطالع بدقة العبارة: (فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون)، فهذه إشارة واضحة بأن أصحاب السفياني من يقطنون الكوفة، فهي سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً، فكما استطاع عبيد الله بن زياد (لعنه الله) جمع أكثر من ثلاثين ألف من أهل الكوفة لمحاربة الإمام الحسين (عليه السلام) سيجمع السفياني أعداد مضاعفة لمحاربة المهدي (عليه السلام). من هم القوم من سواد الكوفة ومن اهل البصرة؟ (ويخرج قوم من سواد الكوفة ليس معهم سلاح إلا قليل منهم، ومنهم نفر من أهل البصرة، فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة). تخبرنا الرواية أدناه وترشدنا إليهم: عن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه): أن النبي (صلى الله عليه وآله) ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب، وقال: (فبينا هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك، حتى ينزل دمشق. فيبعث جيشين جيشاً إلى المشرق، وآخر إلى المدينة، حتى ينـزلوا بأرض بابل من مدينة الملعونة (يعني بغداد) فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويغصبون أكثر من مئة امرأة ويقتلون بها ثلاث مئة كبش من بني (فلان) العباس. ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها. ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى فتلحق ذلك الجيش، فيقتلونهم ولا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم. ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها. ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول: يا جبرئيل، اذهب فأبدهم. فيضربها برجله ضربة يخسف بهم عندها، ولا يفلت منهم إلا رجلان من جهينة) ([28]). وراية الهدى الوحيدة التي تقاتل السفياني هي راية اليماني التي أخبر عنها الإمام الباقر (عليه السلام) وهو بكل تأكيد معه نفر قليل عدة قليلة مؤمنة أن لا قوة إلا بالله ينتصر الله بهم من السفياني الملعون وجيشه واتباعه. 2. تسمية السفياني: إنّ تسمية السفياني بعثمان أو باسم آخر وأنّه يخرج من الوادي اليابس في الشام وأنّه من ذرية أبي سفيان، وأنّه ينزل في هذا المكان ومن ثم ينزل في ذلك المكان، وتعدد الأدوار وتعدد الرايات كما أسلفنا سابقاً، هذه الأمور وما شاكلها لا يمكن تحديد مصداقها على شخص واحد وإطلاقها عليه، وشخصية السفياني الحقيقة تكون من الأمور المخفية عن الناس، فلو كانت معروفة للقاصي والداني لما تبعوه، ولما كانت كل هؤلاء الكثرة الكاثرة معه، بل قد تكون شخصية السفياني مخفية عن صاحبها نفسه ولن تظهر مثل هكذا علامات إلا على يد نفس الإمام المهدي (عليه السلام). وقد يصر أحدهم بقوله: لابد للسفياني أن يحمل نفس الاسم الذي ذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليه السلام) ! أقول: هذا الإصرار لا يعتد به؛ لأنّ الاسم في الحقيقة ليس هو مدار البحث عن شخصية السفياني، خصوصاً ونحن نعلم أنّه من الممكن أن يستخدم أهل البيت (عليه السلام) الاسم الذي يتداوله أهله غير المتداول والمعروف. إضافة إلى إمكان تغيير الاسم بكل سهولة لإخفاء حقيقة الشخص التي تدور حوله هذه المساحة من التهم. هناك عدّة روايات نجمعها مع بعض لتتكون لدينا صورة واضحة عن تعدد شخوص السفياني بل وتعدد أسمائه، وهذا ما لم يلتفت له أغلب الباحثين الذين تناولوا حركة السفياني أو حركة الظهور عموماً ولم يستطيعوا أن يرسموا صورة واضحة عن أهم وأبرز علامة من علامات الظهور ومن بين هؤلاء (الشيخ الكوراني) وغيره من الباحثين؛ إذ رسموا لنا صورة لشخص واحد يكون من بلاد الشام، فتخبطوا في الروايات بين الأخذ بها أو إسقاطها واحتاروا بتعارضها مما حدى بهم للوصول إلى نتائج غريبة عن المقدمات، وسنوضح ذلك بإذن الله. 3. هل سفياني الكوفة هو نفسه سفياني الشام؟؟؟ بينما تذكر بعض الروايات إن السفياني يقتل في الشام، تذكر طائفة أخرى من الروايات مقتله في الكوفة وبيد الإمام (عليه السلام). أ. سفياني الشام: روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في وصف متابعة الزحف المقدس للإمام المهدي (عليه السلام): (ثم يسير (ويقصد به القائم) حتى يأتي (العذراء) ([29]) هو ومن معه وقد الحق به ناس كثير، والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة. حتى إذا التقوا يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد، ويخرج أناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني فهم من شيعته حتى يلتقوا بهم، ويخرج كل أناس إلى رايتهم، وهو يوم الابدال. ويقتل يومئذٍ السفياني ومن معه حتى لا يدرك منهم مخبر. والخائب يومئذٍ من خاب من غنيمة كلب. ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله فيها) ([30]). وفي كلام للمفضل مع الإمام الصادق (عليه السلام): (قال المفضل: ثم ماذا يفعل المهدي سيدي ؟ فقال (عليه السلام): يثور سرايا على السفياني إلى دمشق فيأخذونه ويذبحونه على الصخرة...) ([31]). ومن خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: (… فكيف إذا رأيتم صاحب الشام ينشر بالمناشير، ويقطع بالمساطير، ثم لأذيقنه أليم العقاب، ألا فابشروا، فإلي يرد أمر الخلق غداً بأمر ربي، فلا يستعظم ما قلت،…) ([32]). إنّ ما يفعله النواصب الوهابيين الذباحين هذه الأيام يوضح ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فهم يقتلون الناس بالسيف رغم توفر أحدث الأسلحة، وهم أحد مصاديق السفياني، وأمّا قوله (لأذيقنه … الخ)، أي إنه يفعل ذلك رجل من صلبه وهو الإمام المهدي (عليه السلام) وهذا واضح. ب. سفياني الكوفة: عن أبي جعفر (عليه السلام): (ثم يدخل (يقصد القائم عليه السلام) الكوفة فلا يبقى مؤمن إلا كان فيها ... ثم يقول لأصحابه سيروا إلى هذا الطاغية فيدعوه إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) فيعطيه السفياني من البيعة سلماً، فيقول له كلب وهم أخواله: ما هذا ؟ ما صنعت ؟ والله ما نبايعك على هذا أبداً. فيقول: ما أصنع ؟ فيقولون: استقبله. فيستقبله ثم يقول له القائم صلوات الله عليه: خذ حذرك ... فيمنحهم الله أكتافهم ويأخذ السفياني أسيراً فينطلق به ويذبحه بيده...)([33]). وهنا تشير الرواية بأنّ السفياني يبايع الإمام المهدي (عليه السلام)، وتتحدث الرواية بأنّ هذه الأحداث تحصل بالكوفة كما تشير الرواية (ثم يدخل الكوفة ويقصد دخول القائم ع)، وهذه إشارة واضحة على أنّ سفياني الكوفة غير سفياني الشام. والنقطة المهمة الثانية في هذه الرواية هي: قول أهل الكوفة للسفياني: (ما هذا ؟ ما صنعت ؟ والله ما نبايعك على هذا أبداً)، وهذا دليل على أن أهل الكوفة يبايعون سفياني الكوفة، بل هم وراء تحريضه على قتال الإمام المهدي (عليه السلام)، وهنا إشارة واضحة على أن أتباع السفياني هم من الشيعة؛ لأنهم يبايعونه بطريقة الشورى (الانتخابات) كما فعلها أسلافهم في السقيفة !!! وإليك هذه الرواية التي تبين بيعة أهل الكوفة للسفياني: عن علي بن الحسين (عليه السلام): (يقتل القائم (عليه السلام) من أهل المدينة حتى ينتهي إلى الاجفر وتصيبهم مجاعة شديدة, قال فيصبحون وقد نبتت لهم غرّة يأكلون منها ... ثم يسير حتى ينتهي الى القادسية وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني...) ([34]). 4. السفياني ابن عم المهدي (عليه السلام) في رواية وردت عن أهل البيت (عليهم السلام) أن السفياني من ولد فاطمة (عليها السلام). عن أبي جعفر (عليه السلام): (إذا بلغ السفياني أن القائم قد توجه إليه من ناحية الكوفة فيتجرد بخيله حتى يلقى القائم فيخرج فيقول اخرجوا لي ابن عمي...) ([35]). وفي رواية إن نهاية السفياني في الحيرة فهذا الذي يُقتل في الحيرة ([36]) غير السفياني الذي يقتل في بلاد الشام !!! عن أبي جعفر (عليه السلام): (يهزم المهدي (عليه السلام) السفياني تحت شجرة أغصانها مدلاة في الحيرة طويلة) ([37]). إنّ تعدد النهايات التي تذكرها الروايات لشخص السفياني تدل أيضاً على نفس المطلب؛ أي تعدد السفيانيين. وتعدد الرايات التي يرفعها السفياني تدل أيضاً على نفس المطلب؛ وهو وجود أكثر من سفياني. عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (وخروج السفياني براية حمراء وأميرها رجل من بني كلب) ([38]). عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب) ([39]). فهنا الروايتين تشير إلى راية حمراء وراية خضراء وهذا دليل على تعدد السفيانيين وتعدد راياتهم وشخوصهم. هذا الموجز مما تيسر لنا من الروايات التي سلطت الضوء على أن هناك أكثر من سفياني، وهي تبين بما لا يقبل الشك أن المقصود بالسفياني ليس شخصاً واحداً بل هم مجموعة من السفيانيين، ولعل ما يقطع الشك باليقين هو ما ورد في الملاحم والفتن لابن طاووس ص50 فيما ذكره نعيم، قال: حدثنا الحكم بن نافع، عن جراح، عن ارطأة، قال: (في زمان السفياني الثاني تكون الهدة حتى يظن كل قوم انه ضرب ما يليهم). وهذه دلالة صريحة وواضحة لا تقبل الشك بأن هناك سفياني ثاني يختلف عنه بالشخصية والمكان، وأيضاً الروايات كثيرة الدالة على هذا المعنى لم نذكرها بغية الاختصار. وعن حذلم بن بشير، قال: قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): صف لي خروج المهدي وعرفني دلائله وعلاماته. فقال: (يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان فإذا ظهر السفياني إختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك) ([40]). وقول الإمام السجاد (عليه السلام) في نهاية الرواية: (فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يخرج بعد ذلك) حار في تفسيره كل العلماء والباحثين؛ لأنها لا تنطبق على الإمام المهدي (عليه السلام)؛ وذلك لأنّ هذه الرواية تفيد أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) يكون موجوداً قبل ظهور السفياني، وهذا مخالف للكثير من الروايات التي تنص على أنّ السفياني يخرج قبل قيام الإمام المهدي (عليه السلام) بخمسة عشر شهراً، وعلى أقل تقدير ثمانية أشهر أي إن السفياني علامة من علامات قيام الإمام المهدي أي قبل قيامه (عليه السلام) فكيف يكون الإمام المهدي ظاهراً قبل خروج السفياني ثم يختفي عند خروجه ثم يظهر بعد ذلك ؟ والحق أنّ هذا من الأمور التي أخفاها الأئمة (عليهم السلام) في طيات كلامهم على الناس لتكون دليلاً على أن المقصود بـ (المهدي) في هذه الرواية وأشباهها ليس الإمام الحجة محمد بن الحسن (عليه السلام)؛ لأنه يظهر بعد السفياني لا قبله، وإنما المقصود بذلك المهدي الأول من ذرية الإمام المهدي (عليه السلام) الذي ذكره الرسول (صلى الله عليه وآله) في وصيته ووصفه بأول المؤمنين وأول المهديين وهو الذي يستلم الوصية من الإمام المهدي (عليه السلام) عند وفاته. عن حذيفة بن اليمان، قال: (سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول وذكر المهدي: إنه يبايع بين الركن والمقام اسمه أحمد وعبد الله والمهدي فهذه أسماءه ثلاثتها) ([41]). وبهذا ينكشف الخفاء وينحل التعارض الظاهري بين هذه الرواية وباقي الروايات ويكون المقصود منها هو وصي الإمام المهدي (عليه السلام) وأول المهديين من ذريته الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) الذي يكون ظاهراً قبل السفياني ثم يختفي عند خروج السفياني ثم يظهر بعد ذلك ويقاتل السفياني وينتصر عليه ويمهد لقيام أبيه الإمام المهدي محمد بن الحسن (عليه السلام). 5. هل ستلتحق قوافل من الذين يدعون التشيع بركب السفياني؟ كما أشرنا سابقاً أن السفياني هو حركة منحرفة واسعة النفوذ في داخل المجتمع المسلم، وبما أننا أشرنا بأنّ هناك سفياني يخرج من الشام والآخر يخرج من العراق وسيكون من المتسلطين في العراق مما يعني أن طبقة واسعة من العراقيين تؤيد وتساند حكمه بالتأكيد، بل هي جزء من اتجاهه المنحرف عن خط الإسلام وهي التي سوف تقوي سلطانه ضد أهل الحق. وقد يقول قائل: إن تلك الطبقة هي من أهل سنة العراق فقط ربما وليسوا من الشيعة ؟ أقول: لنقرأ هذه الرواية التي تؤكد أن طائفة كبيرة من الشيعة ستكون مع السفياني لا ضده. عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (كأني بالسفياني (أو صاحب السفياني) قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه: من جاء برأسٍ من شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره ويقول: هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم. أما إن إمارتكم لا تكون يومئذٍ إلا لأولاد البغايا. وكأني أنظر إلى صاحب البرقع، قلت (يعني الراوي): ومن صاحب البرقع ؟ فقال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز بكم رجلاً رجلاً. أما إنه لا يكون إلا ابن بغي) ([42]). فهذه الرواية تشير وبوضوح أنّ الشيعة ينقسمون في عصر السفياني إلى قسمين، قسم مع السفياني وحكومته وهم القسم الأقوى .. والقسم الآخر سيقفون بوجهه وهم المستضعفون الذين سيطاردهم السفياني ويعطي جائزة لكل من يدله عليهم. وهؤلاء المستضعفون هم الذين سيحملون صفة التشيع الحقيقي؛ ولذا عبرت عنهم الرواية بـ (شيعة علي) على الرغم من أن الكوفة لا يسكنها غير الشيعة، وإلا فلماذا ينادي منادي السفياني إذن بهذا النداء إذا كان كل من يسكن الكوفة هم من الشيعة ؟!! وإن قلت: إن السفياني يحتل الكوفة !!! أقول: وما بال الجار يثب على جاره ويقول هذا منهم فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم ؟ ولعل ما يؤكد انقسام الشيعة إلى قسمين مختلفين ومتضادين قسم على الحق وقسم على الباطل هو قول الإمام (عليه السلام): (أما إن إمارتكم لا تكون يومئذٍ إلا لأولاد البغايا)، فتعبيره (إمارتكم) يعطي معنى دقيق يمكن فهمه ناتج عن وضوح أن الإمام يخاطب بقوله هذا خاصة شيعته وتأويل كلمة (إمارتكم) إلى سلطتكم أو حكمكم .. أي أن الحكم هو بيد الشيعة في تلك الأيام العصيبة!!! وإليك هذه الرواية التي تبين بأن الناس تتبع السفياني: دعن أبي عبد الله (عليه السلام): (يقدم القائم حتى يأتي النجف فيخرج اليه جيش السفياني واصحابه والناس معه...) ([43]). والحقيقة أن هذه النتيجة تعطينا تصوراً سيئاً آخر؛ وهو أن السفياني سيكون من الذين يدَّعون التشيع أيضاً ولكنه يحمل بداخله حقداً أعمى ضد أتباع الحق من شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله) الحقيقيين .. وذلك لوضوح أنّ عامة شيعة العراق لا تؤيد إلا الحاكم الشيعي وقد ثبت لنا أن تلك العامة هي من سينصر سلطة السفياني، ووجود هذا الكم من المؤيدين في حركة أو جيش السفياني يدل على أنّ تلك الحركة مسنودة من جهات مؤتمنة وكلمتهم لها تأثير على عامة الناس في داخل المجتمع العراقي وهم بكل تأكيد العلماء غير العاملين الذين دفعوا الناس الى الشورى (الانتخابات) التي تؤدي إلى أن يدخل في سلك السفياني جماعة من الغافلين. إنّ عماد حركة السفياني - كما تقدم - سترتكز على كثرة مدعي التشيع في الوسط العراقي حينئذٍ لانحرافهم عن خط أهل البيت (عليهم السلام). ولا عجب فلقد أثبت لنا التأريخ أنّ الجيش الذي جمعه عبيد الله بن زياد لعنة الله عليه وقوامه ثلاثون ألفاً على أقل التقادير في أرض كربلاء كان يضجُّ بالعراقيين ممن كانوا يدعون أنّهم من شيعة علي (عليه السلام) سابقاً، بل وبعضهم ممن قاتل مع علي (عليه السلام) في صفين ولكنهم قرّروا في كربلاء قتل ولده الحسين (عليه السلام) نصرة لابن ميسون يزيد (لعنه الله). ويبقى أن نلتفت أن جيش الباطل ربما تاب منه من سبقت له من الله الحسنى فحركة السفياني لا تخلو ممن يتوب ويلتحق بركب الإمام المهدي (عليه السلام) وخير شاهد تاريخي على ذلك الحر بن يزيد الرياحي وابنه وبعض من كانوا بجيش عبيد الله بن زياد لعنه الله، فقد التحقوا بركب الحسين (عليه السلام) بعد أن رأوا الحقيقة بأعينهم وتبين لهم كذب وزيف وخداع السلطة السفيانية في حينها. 6. السفياني أشقر أحمر أزرق !!! اشتبه أكثر الباحثين والمفسرين بما يقصده أهل البيت بأنّه أشقر أحمر أزرق وأخذوا الرواية يميناً وشمالاً، ومن بين هؤلاء الباحثين (الشيخ الكوراني) حيث قال في أحد اللقاءات التلفزيونية - في قناة الكوثر - بأنّ الزرقاوي ([44]) هو مصداق للسفياني؛ لأنّ الزرقاوي من مدينة الزرقاء، كما أنّ أحمر تشير للدماء، وأنّ أصفر تشير للفتنة !!! إلا أنّ موت الزرقاوي جعل الشيخ علي الكوراني يستدرك فيقول بأنّ الروايات تشير إلى ذلك وتبين بأنّ الزرقاوي ليس هو السفياني !!! ولم يقل بأنّه من فهم الروايات بطريقة خطأ أو على أقل تقدير بأنّ يقول لا يمكننا فهم روايات أهل البيت (عليهم السلام) في عصر الظهور؛ لأنّ أغلبها لها دلالات رمزية، بل وجهوا الناس إلى جهة خاطئة فزاغت الناس عن الطريق القويم. ولم تكن هذه الفلتة من الشيخ الكوراني المرّة الاولى بل كتب عن الرايات السود المشرقية والخراساني بأنّه السيد الخميني (رحمه الله) واتباعه، ثم ما لبث أن سحب ما كتبه بعد موت السيد الخميني (رحمه الله) !! والعجيب إنّ الناس ما زالت تسمع كلمته وتعتبره هو من يفهم روايات الطاهرين رغم كل الأخطاء التي يقع فيها عند تحليله وتفسيره للروايات. ولنعود إلى صلب الموضوع وبيان المقصود من كون السفياني أشقر أحمر أزرق. عن حماد، عن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): (إنك لو رأيت السفياني رأيت أخبث الناس أشقر أحمر أزرق يقول يا رب يا رب يا رب ثم للنار، ولقد بلغ من خبثه أنّه يدفن أم ولد له وهي حيّة مخافة أن تدل عليه) ([45]). ومعنى أشقر أحمر أزرق؛ أي متلون لا أمان له، ماكر ومخادع، وخير دليل على ذلك تركيز الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: (أخبث الناس) دلالة على المكر والخداع. ويؤكد مرّة ثانية الإمام (عليه السلام) حيث يقول: (ولقد بلغ من خبثه) وفي هذا التعبير إشارة إلى خبث السفياني، وهي تشير أيضاً إلى المكر والخداع. وأيضاً سيرته ستكون دموية وعصره سيكون عصر الفتن؛ ولذلك سيكون كل من يحمل هذه الصفات هو سفياني أو من أتباع السفياني فيمكن أن نطلق على الزرقاوي الذي قتله الأمريكان سفياني، بل نؤكد على أنّه أحد مصاديق السفيانيين الذي أشارت لهم روايات أهل البيت (عليهم السلام). وما تقدم لا يمنع من أن تكون أوصاف أحد السفيانيين يتصف بتلك الصفاة الجسدية أشقر أحمر أزرق. ولنعود إلى إحدى الخطب لأمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: (… فكيف إذا رأيتم صاحب الشام ينشر بالمناشير، ويقطع بالمساطير، ثم لأذيقنه أليم العقاب، ألا فابشروا، فإلي يرد أمر الخلق غداً بأمر ربي، فلا يستعظم ما قلت،…) ([46]). وما يفعله الوهابيون النواصب هذه الأيام يوضّح ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فهم يقتلون الناس بالسيف رغم توفر أحدث الأسلحة، والزرقاوي ومن خلفه ابن لادن لعنهم الله وأتباعه أحد مصاديق السفياني، فهو وأتباعه يقطعون الرؤوس بالسيوف وينشرون الأجساد ويقطعونها إرباً إرباً. ومن هنا نستدل على أنّ كل من يحمل صفات الخبث والمكر والخداع ويحارب كل من يوالي علي وأهل بيته (عليهم السلام) هو سفياني، وأنّ تسميته بالسفياني ناتجة عن تشابه صفاته مع صفات آل أبي سفيان؛ أي أنّه سفياني في فعله وقوله، فهو ماكر مخادع يدعي التدين وهو كذاب دجّال !!! وقد ورد هذا المعنى في مخطوطة ابن حماد ص75: (شديد الصفرة به أثر العبادة). وهنا إشارة واضحة إلى أنّ السفياني يدعي التدين ويأتي تحت ظل راية تدعي الحفاظ على الإسلام ظاهراً ليخدع الناس بمكره فيتبعه من هم مثله ويبايعه الناس ظناً منهم بأنّه المخلص الذي يخلصهم من شرور أعدائهم، فيقعون في التهلكة التي منها هربوا فتكون أفعالهم يوم القيامة حسرات ويودون لو أنّ لهم كرّة ثانية كي يتبرأوا من الذين اتبعوهم، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ ([47]). ومثال على ذلك اليوم حركة وتنظيم جبهة النصرة السلفية الوهابية (لعنهم الله) التي انضوت في بداية أمرها تحت لواء الجيش الحر الذي يقاتل نظام بشار في سوريا ولكنها اليوم تتفرد بقراراتها وأفعالها وكتائبها فقد وضعت اسم يزيد اللعين على أحدى كتائبها المقاتلة (كتائب يزيد بن معاوية بن أبي سفيان) فاستحقت أن تكون حقاً وصدقاً ممثلة سفياني الشام الذي يحارب المهدي (عليه السلام). وإطلالة عن قرب إلى ما تدعو له جبهة النصرة في موقعها الرسمي وفي بياناتها الدالة على صفة التكفير والوعد والوعيد بقتل الشيعة وكما يحلوا لهم أن يسموا إيران بالصفوية، ويرفعون شعار الدولة الإسلامية من بلاد الشام والعراق وإيران ويتوعدون بقتل الحرث والنسل ولا ينجو من عصبيتهم القبلية وحقدهم للموالين لأهل البيت (عليهم السلام) حتى الطفل الرضيع والمرأة الحامل وهم خير من يمثل أسلافهم السفيانيين أعداء محمد وآل محمد (عليهم السلام) في الأولين ولا يظن أحدهم وخصوصاً أبناء العامة (السنة) بأنّ هؤلاء لا همّ لهم إلاّ قتل الشيعة، بل إنّ كل من يخالفهم بالرأي يكفرونه استعداداً لقتله، وخير دليل على ذلك قتلهم للشيخ الدكتور السني البارز البوطي أبرز علماء المسلمين في وقتنا الحاضر في سوريا. وأين قتلوه ؟؟ قتلوه في مسجد من مساجد الله !!! فهؤلاء لا يتوانون أن يظهروا حقدهم الدفين وعداءهم القديم الموروث في دماءهم من أبي سفيان ومعاوية ويزيد لعنهم الله للدين الإسلامي وتشويهه وتدميره باسم الدين، وقد صدر عنهم بياناً يبين عداءهم المعلن لكل من يخالفهم بالعقيدة. جبهة النصرة لأهل الشام؛ هي منظمة سلفية ارهابية - باتفاق اغلب الدول الأوربية والعربية - تم تشكيلها أواخر سنة 2011 خلال أحداث سوريا وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من أبرز قوى القتل والتقتيل وأقساها لتمرسهم على القتل والقتال. تبنت المنظمة عدّة هجمات انتحارية في حلب ودمشق. لا يعرف بالضبط ما أصل هذه المنظمة غير أن تقارير استخبارية أمريكية ربطتها بتنظيم القاعدة في العراق. دعت الجبهة في بيانها الأول الذي أصدرته في 24 يناير/ كانون الثاني 2012 السوريين للجهاد وحمل السلاح في وجه النظام السوري. تقوم جبهة النصرة بنشر بياناتها وإصداراتها بشكل حصري من خلال مؤسسة المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي. جُلّ عناصر الجبهة عند تأسيسها كانوا من السوريين الذي قاتلوا سابقاً في ساحات انتحارية مثل العراق وافغانستان والشيشان وغيرها ممن لهم باع طويل في قتال الجيوش. وهي مطعمة كذلك بمقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين. ورغم أنّ الحكومة الأمريكية قامت بتصنيف جبهة النصرة على أنها جماعة إرهابية إلاّ أنّ الحكومة الأمريكية وبكل وقاحة تدعو لتسجيل هذه الجماعة الإرهابية بالاستخبارت الامريكية. فهي من يدير ويمول ويسلح تلك الجماعة من خلال السعودية مهبط الوهابيين السفيانيين الذباحين، وذيلها أمير قطر وزوجته موزة وراعي ركبهم الشيخ القرضاوي الذي يتفرّد اليوم باشعال الفتنة في كل مكان ويدعمها. 7. هل يمكننا تمييز السفياني حال ظهوره؟ أوصاف كثيرة للسفياني يمكن للانسان المؤمن تمييزها، فهناك إشارات وعلامات مميزة نستطيع من خلالها الاحاطة بشخصيته، فهو يظهر بمظهر التدين ويكون تحت ظل راية إسلامية تدعي الإسلام والمحافظة على الإسلام ظاهرياً وإنه أشقر أحمر أزرق، أي متلون لا أمان له ماكر مخادع، يكون عميلاً لأئمة الكفر الغربيين واليهود، لا همّ له إلاّ قتل ومطاردة شيعة علي (عليه السلام)، ويزداد القتل والدمار أثناء سلطته، وتكون السلطة بيده ويستقطب في سلطته أولاد الزنا والبغاء، وإليكم بعض ما ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام). أ. يتميز السفياني بأنّ سلطته وأتباعه جلهم من أولاد البغاء والزنا، ولا همّ له إلا قتل شيعة علي (عليه السلام): عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (كأني بالسفياني (أو صاحب السفياني) قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه: من جاء برأسٍ من شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره ويقول: هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم. أما إنّ إمارتكم لا تكون يومئذٍ إلا لأولاد البغايا. وكأني أنظر إلى صاحب البرقع، قلت (يعني الراوي): ومن صاحب البرقع ؟ فقال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز بكم رجلاً رجلاً. أما إنه لا يكون إلاّ ابن بغي) ([48]). ب. يتميز السفياني بأنّه عميل لبلاد الكفر الغربيين واليهود: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب) ([49]). الراية الخضراء الوحيدة اليوم وتحمل صفة إسلامية هي راية السعودية ففيها لفظ لا اله إلا الله وأيضاً وجود السيفيين دلالة على أن هؤلاء لا يفقهون من الدين إلا السيف والقتل وهم الممولون الرئيسيون للإرهاب والممول الرئيسي اليوم لجبهة النصر الإرهابية، وأما الصليب فهو إشارة إلى أنهم ينفذون أجندة النصارى وسيدهم الأكبر أمريكا والله العالم. ج. تتميز سلطة السفياني بكثرة القتل والتشريد والفساد ولا يكون للنساء أمان في دولته: عن حذيفة بن اليمان: (إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب، قال: فبينا هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشاً إلى المشرق وآخر إلى المدينة حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة (يعني بغداد) فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويفضحون أكثر من مائة امرأة ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العباس ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام، فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم، ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل....) ([50]). د. السفياني وحش ضخم بوجهه أثر الجدري: في كلام لأمير المؤمنين عن آخر الزمان فيقول: (يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس وهو رجل ربعة وحش الوجه ضخم الهامة بوجهه أثر جدري إذا رأيته حسبته أعور واسمه عثمان وأبوه عنبسة وهو من ولد أبي سفيان حتى يأتي أرضاً ذات قرار ومعين فيستوي على منبرها) ([51]). كثير من الروايات التي تشير إلى ما سيلاقيه المهدي (عليه السلام) من جبروت وطغيان سلطة السفياني ومن تبعه، وأيضاً هناك إشارة واضحة بأنّ المهدي (عليه السلام) يهدم ما بناه الذي قبله كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة، ففي هذا الزمان مكة هي النجف فمن هم الذين سيقفون بوجه المهدي (عليه السلام) ويحاربوه ؟ 8. السفياني وحكم العراق: وضحّنا فيما سبق من البحث بأنّ هناك أكثر من مصداق للسفياني؛ فهناك سفياني الشام، وهناك آخر بالعراق، وغيرهما من المصاديق التي ينطبق عليهم عنوان السفياني، وكيف يكون شكل الحكم في العراق الذي يواجه دعوة المهدي (عليه السلام). إنّ أغلب أحداث الظهور والوقائع تتحدث عن مدينة الزوراء (بغداد)، والكوفة (النجف)؛ وهي إشارة واضحة لسلطة بني العباس وسيكون ابتلاء أهل العراق بجور السلطان وبالقتل والقتال في جميع أنحاء العراق. عن محمد بن مسلم، عن الصادق (عليه السلام): (قال: قدّام القائم (عليه السلام) بلوى من الله، قلت: وما هو جعلت فداك؟ فقرأ (عليه السلام): ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾([52]). ثم قال (عليه السلام): الخوف من ملوك بني فلان (العباس) (وعبر عن حكّام العراق بالعباسيين؛ لأنهم يحكمون في عاصمتهم ويسيرون بسيرتهم) والجوع من غلاء الأسعار ونقص الأموال من كساد التجارات، وقلة الفضل فيها، ونقص الأنفس بالموت الذريع، ونقص الثمرات بقلة ريع الزرع وقلة بركة الثمار. ثم قال (عليه السلام): (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) عند ذلك بتعجيل خروج القائم عليه السلام) ([53]). 9. اشراط الساعة: روى ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشراط الساعة، قال: (حججنا مع رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) حجّة الوداع فجاء حتى أخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه وهو كالشمس في الضحية، ثم قال: ألا أخبركم بأشراط الساعة ؟ فقلنا: بلى يا رسول اللَّه. فقال: إنّ من اشراط الساعة إضاعة الصلاة، واتباع الشهوات، وتعظيم المال، وبيع الدين بالدنيا فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح في الماء، ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع إنكاره !!! فقال سلمان: وكل هذا كائن يا رسول اللَّه ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إي والذي نفس محمد بيده، فعندها يليهم من الأمراء الجور والوزراء الفسق، والعرفاء الظلم، والاُمناء الخيانة، فعندها يكون المنكر معروفاً والمعروف منكراً، ويصدَّق الكاذب ويكذَّب الصادق، وتتأمّر النساء وتشاور الإماء وتعلو الصبيان المنابر، ويكون الفجور طرفاً، والزكاة مغرماً والغي مغنماً، ويجفو الرجل والديه ويبرّ صديقه، ويطلع الكوكب المُذنَّب فعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قضا فإذا دخلت السوق فلا ترى إلّا ذاماً لربّه، هذا يقول: لم أبع شيئاً، وهذا يقول: لم أربح شيئاً، فعندها يملكهم قوم إن تكلّموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوهم، يسفكون دماءهم ويملؤون قلوبهم رعباً، فلا تراهم إلاّ خائفين مرعوبين، فعندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب، فالويل لضعفاء اُمّتي منهم والويل لهم من اللَّه، لا يرحمون صغيراً ولا يوقّرون كبيراً، قلوبهم قلوب الشياطين، فعندها يلتقي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلام كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وتعلو الفروج السروج، فعلى أولئك من اُمّتي لعنة اللَّه، فعندها تزخرف المساجد والمصاحف، وتعلى المنابر وتكثر الصفوف، قلوب متباغضة، وألسن مختلفة، فعندها تحلى ذكور اُمّتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج ويظهر الربا ويتعاملون بالرشوة، ويستعملون الغيبة، فعندها يكثر الطلاق، فلا يقام للَّه حدّ فعندها يحجّ ملوك أُمّتي للنزهة، وتحجّ أوساطهم للتجارة، وتحجّ فقراؤهم للرياء والسمعة، فعندها يتعلّمون القرآن لغير اللَّه ويتخذونه مزامير ويتفقهون للجدال، ويكثر أولاد الزنا ويعفون بالقرآن، ويتهافتون على الدنيا، فإذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، سلّط الأشرار على الأخيار، فهنالك يفشو الكذب، ويتهافتون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر، وينكرون الأمر بالمعروف في ذلك الزمان حتى يكون المؤمن أذلّ من الأمَة، وتُظهر قراؤهم فيما بينهم التلاوة والعداوة، أولئك يدعون في ملكوت السماء الأرجاس والأنجاس فهناك يخشى الغني من الفقير أن يسأله، ويسأل الناس في محافلهم فلا يضع أحد في يده شيئاً فعندها يتكلّم من لم يكن متكلِّماً فلم يلبثوا هناك إلّا قليلاً حتى تخور الأرض خورة حتى يظن كل قوم أنّها خارت في ناحيتهم ....) ([54]). تشير الرواية إلى أمور مهمة وفي غاية الخطورة لما يحصل في آخر الزمان، ولكننا نرى غفلة الناس وعدم التفاتهم أنهم في آخر الزمان، وبأن اشراط الساعة التي أخبر عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحقق أغلبها، فهاهم الناس يتهافتون على الدنيا، وهاهم الأشرار قد تسلطوا على رقاب العباد بما كسبت أيدي الناس. ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾([55]). وهذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحاديث غيرها تبين لنا وبشكل قاطع بأننا في آخر الزمان ولكن الناس غافلون عن كل هذه الآيات والعلامات التي نبهنا عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام). قال تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ ([56]). إن الناس لو اتبعوا كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) وابتعدوا عما نهوهم عنه وأدوا ما أوجبوه عليهم لما وصلوا إلى هذا الحال حيث تسلط عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم !!! أشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كلامه المتقدم إلى أمر مهم يحدث هذه الأيام في أغلب بلدان العالم، ولكن حدوثه في البلدان الإسلامية أكثر وضوحاً، وهذا الأمر هو الهزات الأرضية التي لم تعهدها بلاد ما بين النهرين، وأيضاً الجزيرة العربية المتمثلة بدول الخليج، فقد أشار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حيث قال: (فلم يلبثوا هناك إلّا قليلاً حتى تخور الأرض خورة حتى يظن كل قوم أنّها خارت في ناحيتهم)، وتخور الأرض دلالة على الهزات الأرضية والزلازل، وسأذكر في طيات هذا الكتاب ارتباط حدوث كثرة الزلازل بظهور المهدي (عليه السلام)، وإن هناك هزات وزلازل سوف تزداد حدتها؛ لأن الناس كذبت من أُرسل إليها، والله لا يعذب قوماً إلا بعد أن يرسل لهم رسولاً. قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ ([57]). وهذا ما يحصل خلال هذه الأيام وهذه الهزات هي تنبيه وتذكرة للناس لعلهم يرجعون ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ ([58]). إن الناس ما لم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتوالي ولي الله وتعادي أعداء الله فسيلحقهم العذاب أينما كانوا. لم يدر في خلد أي شخص بأن أرض الجزيرة وبلاد ما بين النهرين هي أرض ممكن أن يحصل فيها هزات أرضية أو زلازل؛ لأن الناس لم تتبع خطوات النبي الأمي القرشي (صلى الله عليه وآله) وآل بيته (عليهم السلام)، ولم تقرأ ما أخبروهم بما يكون حالهم آخر الزمان بل اتبعوا خطوات الشيطان. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ ([59]). وسوف نتتبع كلامهم (عليهم السلام) ونعرف بدقة ما أشاروا إليه وما يحصل عند ظهور المهدي (عليه السلام) وما ستتبعه من أحداث متلاحقة، ومثلما أثبتنا في الصفحات السابقة بأن هناك أكثر من سفياني، وأثبتنا أيضاً بأن اسم وصفة المهدي (عليه السلام) لا تختص بشخص محمد بن الحسن (عليه السلام) بل تمتد لتشمل أبناءه الذين يخلفونه في الأرض، كذلك سنبين من خلال البحث وتتبع كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) بأن هناك أكثر من خسف سيحصل بالظالمين المحاربين للمهدي (عليه السلام) نبينها خلال هذا البحث بإذن الله ومنه نستمد العون. إن أغلب المسلمين ورغم اختلاف مذاهبهم يعتقدون بظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ولظهوره عندهم علامات. وتنقسم هذه العلامات إلى علامات غير حتمية أي يمكن أن يحصل بها البداء فتتغير أو لا تكون إطلاقاً، فلا يشترط تحققها قبل ظهور الإمام (عليه السلام)، بل هي علامات إذا تحققت دلت على قرب الفرج. وان لم تتحقق لم تدل على بُعده. وعلامات حتمية تعبر عن اقتراب الوعد الحق لقيام دولة العدل الإلهي كما ورد عن الأئمة، فعن الصادق (عليه السلام): (قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء) ([60]). 10. الخسف بالبيداء: البيداء؛ المفازة التي لا شيء فيها، وهي هاهنا اسم موضع مخصوص لمكان حصول الخسف بجيش السفياني، فإذا نزلوا بالبيداء بعث الله تعالى جبرئيل فيقول: يا بيداء أبيدي بهم، فيخسف بهم أي أهلكيهم. ويعلق الشيخ علي النمازي حيث يقول - بيد: وكأنها من الإبادة بمعنى الإهلاك، فإنه يهلك فيه السفياني وجنده يخسف بهم الأرض، وفيهم نزلت قوله تعالى: ﴿أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض﴾ ([61]). ومن وصايا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ابن مسعود حيث يقول: (يا ابن مسعود، ما بلوى أمتي منهم العداوة والبغضاء والجدال أولئك أذلاء هذه الأمة في دنياهم. والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير. قال: فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبكينا لبكائه وقلنا: يا رسول الله، ما يبكيك ؟ فقال: رحمة للأشقياء، يقول الله تعالى: ﴿لَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾) ([62]). والمسخ في العلماء غير العاملين كما مر في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابن مسعود، أما الخسف، أي قوله (صلى الله عليه وآله): (والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير). وفي قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ هذه الآية وردت في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) إنها في زمن الظهور وتأويلها في جيش السفياني الذي يخسف الله بهم الأرض، وهنا إشارة واضحة إلى العلاقة بين العلماء غير العاملين وجيش السفياني، ولو ربطنا بين كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكلام الإمام الباقر (عليه السلام) في الرواية التالية يتضح لنا أن هناك رابط وثيق بين العلماء غير العاملين - علماء الضلال - وبين جيش السفياني الذي يقع به الخسف، فهما مشمولان في نفس الآية القرآنية: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾. عن أبي جعفر (عليه السلام): (يكون لصاحب هذا الأمر غيبة. وذكر حديثاً طويلاً يتضمن غيبته وظهوره، إلى أن قال: فيدعو الناس - يعني القائم - إلى كتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) والبراءة من عدوه ولا يسمي أحداً حتى ينتهي إلى البيداء فيخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله فتأخذهم من تحت أقدامهم، وهو قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ …﴾ يعني بقائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) …) ([63]). وعن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: (أوحى الله إلى بعض أنبيائه قل للذين يتفقهون لغير الدين ويتعلمون لغير العمل ويطلبون الدنيا لغير الآخرة يلبسون للناس مسوك الكباش وقلوبهم كقلوب الذئاب ألسنتهم أحلى من العسل وأعمالهم أمر من الصبر إياي يخادعون وبي يستهزءون لأتيحن لهم فتنة تذر الحكيم حيراناً) ([64]). وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: (الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا قال (صلى الله عليه وآله) إتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فأحذروهم عن دينكم) ([65]). وعن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: (إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلةِ الناس أشد مما استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الجاهلية. فقيل له: كيف ذلك ؟ فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة وان قائمنا إذا قام أتى الناس كلهم يتأولون عليه كتاب الله، ويحتج عليه به ويقاتلونه عليه، أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر) ([66]). وعن الحسين بن المختار، قال: حدثني ابن أبي يعفور، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): (أمسك بيدك هلاك الفلاني من بني العباس وخروج السفياني وقتل النفس وجيش الخسف والصوت. قلت: وما الصوت أهو المنادي ؟ فقال: نعم، وبه يعرف صاحب هذا الأمر. ثم قال: الفرج كله هلاك الفلاني من بني العباس) ([67]). أقول: هل سأل أحد نفسه لماذا الإمام (عليه السلام) يقول الفلاني ؟ ربما يقول قائل للتقية، فإذا كانت التقية فلماذا بعدها يقول من بني العباس، فممن التقية إذا أشار الإمام (عليه السلام) لبني العباس صراحة ؟!! ولكن الفلاني: هو وزن لأسم كبير أصنام بني العباس في زمن الظهور (حنانيا العصر) وارث حنانيا الذي هو كبير علماء اليهود الغير عاملين الذين حاربوا عيسى (عليه السلام)، وهو بمثابة جمل عائشة الذي كان يشتد وطيس الحرب عنده، وكان القوم يبذلون قصارى جهدهم في الدفاع عنه بلا شعور، ولكن عندما عُقِر، انتهت الفتنة وفزع النيام، وانتهت المعركة، والفلاني وجوده فتنة وهلاكه فتنة. وعن أبي بصير، عن الصادق (عليه السلام)، قال: قلت له: (﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، فقال (عليه السلام): آما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم ولكن احلوا لهم حراماً وحرمواً عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون)([68]). وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): (إذا خرج القائم (عليه السلام) فليس له عدوٍ مبين إلا الفقهاء خاصة..) ([69]). وعن أم سلمة، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يبايع لرجل بين الركن والمقام كعدة أهل بدر، فتأتيه عصائب العراق وأبدال الشام، فيغزوهم جيش من أهل الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء يخسف بهم، ثم يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب فيلتقون فيهزمهم الله، فكان يقال: الخائب من خاب من غنيمة كلب) ([70]). وفي مخطوطة ابن حماد: (يخسف بهم فلا ينجو منهم إلا رجلان من كلب اسمهما وبر و وبير، تقلب وجوههما في أقفيتهما) ([71]). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (... وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب أميرها رجل من كلب .... ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله) قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان حتى إذا توسطوا الصفايح البيض بالبيداء يخسف بهم.. فيومئذٍ تأويل هذه الآية:﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾) ([72]). وهي الآية التي ذكرها أهل البيت (عليهم السلام) في جيش السفياني الذي يخسف بهم، فالآية واحدة والزمن واحد (زمن الظهور) إذن فالتأويل واحد، وقد أشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أحد أماكن الخسف كما هو مبين أدناه: روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: (تبنى مدينة بين دجلة ودجيل، وقطربل والصراة ([73])، تجبى إليها خزائن الأرض، يخسف بها - يعني بغداد -...) ([74]). وهنا إشارة واضحة إلى مكان الخسف بجيش السفياني، فدجلة والفرات هي بلاد ما بين النهرين ولا تمت بصلة إلى مكة والمدينة، والإشارة الأكثر وضوحاً بأنها تجبى إليها خزائن الأرض. -انصار الامام المهدي (عليه السلام) 313 عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: (الزم الأرض لا تحركن يدك ولا رجلك أبداً حتى ترى علامات أذكرها لك في سنة، ويبعث بعثاً إلى المدينة، فيقتل بها رجلاً ويهرب المهدي والمنصور منها، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم، لا يترك منهم أحد إلا حبس ويخرج الجيش في طلب الرجلين. ويخرج المهدي منها على سنة موسى خائفاً يترقب حتى يقدم مكة، و يقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء، وهو جيش الهملات خسف بهم فلا يفلت منهم إلاّ مخبر، فيقوم القائم بين الركن والمقام فيصلي وينصرف، ومعه وزيره. فيقول: يا أيها الناس إنا نستنصر الله على من ظلمنا، وسلب حقنا، من يحاجنا في الله فأنا أولى بالله ومن يحاجنا في آدم فأنا أولى الناس بآدم.... ويجئ والله ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون إمرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضاً، وهي الآية التي قال الله ﴿أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير﴾) ([75]). وهنا إشارة واضحة بأنّ المهدي (عليه السلام) يستنصر الناس ويطلب منهم النصرة إلا أنّ الناس لا تلبي نداءه فتزوغ الناس عنه ولا يلتحق به في أول الأمر إلا (ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة) يتبع بعضهم بعض، وهي دلالة على التحاقهم بالمهدي (عليه السلام) بالتعاقب وليس كما صورها أغلب الباحثين بأنهم يلتحقون به في ليلة واحدة وفي يوم واحد، وهذا خلاف ما يحصل بجميع الرسالات الإلهية، فأصحاب الأنبياء والمرسلين يتبع بعضهم بعض بالالتحاق بالدعوات الإلهية، وسُنة الله لن تتبدل ولن تتغير: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾([76]). وتشير الرواية إلى أن المهدي (عليه السلام) وأصحابه يلاقون الويلات من دولة بني العباس، فمنهم من يقتل ومنهم من يشرّد ومنهم من يحبس وهو ما حاصل اليوم !!! وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: (يأتي على أمتي زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس عنه مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت السماء منهم خرجت الفتنة واليهم تعود) ([77]). ويقول محيي الدين بن عربي في الفتوحات المكية قال: (... يقيم الدين وينفخ الروح في الإسلام يعز الإسلام به بعد ذلة ويحيى بعد موته، يضع الجزية ويدع إلى الله بالسيف فمن أبى قُتل ومن نازعه خذل، يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله يحكم به يرفع المذاهب من الأرض فلا يبق إلا الدين الخالص أعداءه الفقهاء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم ....) ([78]). عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (… أسعد الناس في الفتن كل خفي نقي، إن ظهر لم يعرف، وإن غاب لم يفتقد، وأشقى الناس فيها كل خطيب مصقع أو راكب مضوع. لا يخلص من شرها إلاّ من أخلص الدعاء كدعاء الغرق في البحر) ([79]). وعن علي بن إبراهيم، عن تفسير القمي: في قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾، نزلت في الخطباء والقصاص وهو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (وعلى كل منبر خطيب مصقع يكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه) ([80]). إذن، سفياني العراق يأخذه المهدي (عليه السلام) بعد الخسف بجيشه وبعد هزيمته ويقتله بالحيرة وهي منطقة من مناطق النجف، بينما سفياني الشام يقتله المهدي (عليه السلام) على صخرة في بلاد الشام، وإليك هذه الرواية: عن أبي جعفر (عليه السلام): (يهزم المهدي (عليه السلام) السفياني تحت شجرة أغصانها مدلاة في الحيرة طويلة) ([81]). وبهذا أثبتنا أن هناك خسفاً بجيش سفياني العراق وبمن تبعه وسينتصر رب محمد (صلى الله عليه وآله) على أعداء محمد وآل محمد (عليهم السلام) ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ ([82]). -حتمية في خروج اليماني والسفياني: ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) قولهم: (النداء من المحتوم، والسفياني من المحتوم، واليماني من المحتوم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، وكف يطلع من السماء من المحتوم، قال وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم، وتفزع اليقظان، وتخرج الفتاة من خدرها) ([83]). وعن زياد القندي، عن غير واحد من أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه قال: (قلنا له: السفياني من المحتوم ؟ فقال: نعم، وقتل النفس الزكية من المحتوم، والقائم من المحتوم، وخسف البيداء من المحتوم، وكف تطلع من السماء من المحتوم، والنداء من السماء من المحتوم. فقلت: وأي شيء يكون النداء ؟ فقال: مناد ينادي باسم القائم واسم أبيه عليه السلام) ([84]). تشير الروايتان إلى أنّ أمر اليماني (القائم) ([85])، كما هو أمر السفياني من المحتوم، وقد تتبعنا حركة السفياني وعرفنا من روايات أهل البيت (عليهم السلام) صفة وشكل وحركة السفياني وأتباعه، ووجدنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته عرّفونا وبدلالات وعلامات واضحة على شخص السفياني الذي يمثل جهة الظلام كي نحذر من أن نقع في فخه وفخ أتباعه، فنكون من الظالمين، وبالمقابل أن اليماني من المحتوم وهو يمثل جهة النور التي أمرنا أهل البيت (عليهم السلام) بالالتحاق بها، ولكن هل بينوا لنا ذلك ؟ وكيف ستكون حركته ؟ ومن هم أتباعه ؟ وما هي علاقته بالمهدي (عليه السلام) ؟ عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: (خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، نظام كنظام الخرز، يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كل وجه ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رأيته راية هدى ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) ([86]). تشير الرواية إلى رايات ثلاث سيكون لها أدوار حاسمة في أحداث زمن الظهور. أمّا راية السفياني فهي راية ظلم وجورٍ وضلال كما أوضحنا ذلك، وأما الرايتان الاُخريتان فهما رايتا إصلاح إجمالاً، إلا أنّ إحداهما هي راية الهدى المهدوية المباركة، ولم يأتي أمر الالتحاق إلا براية واحدة هي أهدى الرايات، وهي راية اليماني. فراية الخراساني ستكون داعية إلى أئمّة الهدى (عليهم السلام)، وسترفع شعار التشيّع، إلا أنّها ترى أنّ الدعوة لنفسها ستحقّق هذا الطموح، فراية الخراساني تدعو لأهل البيت (عليهم السلام) عن طريق الدعوة لنفسها، أمّا الراية الأخرى فهي راية اليماني الذي سيدعو إلى الحقّ ويدعو إلى صاحبكم - الإمام المهدي (عليه السلام) - دون شائبةٍ تخالط هذه الدعوة؛ لذا دعى أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) إلى متابعتها ونصرتها، بل تحريم خذلانها. إن راية اليماني هي راية هدى؛ لأنه (يدعو إلى صاحبكم)، هذه العبارة تعطي ميزة مهمة جداً لليماني، فبالإضافة إلى كونه يهدي إلى الحق، فهو يقوم بالتمهيد للإمام المهدي (عليه السلام) تمهيداً حقيقياً واقعياً .. وانفراده بهذه الميزة تدل على أن كل الرايات المعاصرة لحركته تفتقر إلى هذه الميزة - وإن ادعتها - كما ويدل ذلك بالنتيجة إلى أن نوايا غيره من الدعاة إلى الإمام المهدي (عليه السلام) نوايا غير حسنة أو تشوبها الشوائب. وهذا يوضح لنا أنه سيكون ممهداً للإمام المهدي (عليه السلام)، وليس ممهداً كلامياً أو إرشادياً فقط بل الملاحم تكون كلها على يده وبتوجيه مباشر من الإمام المهدي (عليه السلام)، وهذه الخصلة المهمة هي ما ميزه عن غيره ممن قد يدعي التمهيد في زمن الظهور. كما أنّ الرواية تشير إلى أمر مهم؛ وهو الالتحاق براية اليماني وأنّه أهدى الرايات وأن الملتوي عليه من أهل النار !!! وهنا يحق لنا التساؤل: إذا كانت هذه الراية بهذه الأهمية فهي تدخل النار بالإعراض عنها والأمر واضح بالنهوض إليه فلماذا لم يرد فيها أي تفصيل ؟ فلا نعرف لليماني اسماً ولا وصفاً ولا مكاناً لظهوره ولا أي شيء إلا أننا إذا التوينا عليه ندخل النار، في حين إنّ شخصيات عصر الظهور الأخرى يوجد فيها تفاصيل كثيرة، فها هي الكتب التي تتحدث عن الإمام المهدي (عليه السلام) تجد فيها شروح كثيرة عن أهم شخصيات عصر الظهور إلا شخصية اليماني فهي مبهمة مع أنها الأهم !!! فلم هذا التكتم على هذه الشخصية ؟ سنبدأ بتحليل الرواية ومن ثم نعرج على شخصية اليماني، فنقول: الرواية فيها عدّة أمور يجب التوقف عندها وتحليلها بدقة لنستطيع تحديد بعض الخصائص أو السمات المهمة لحركة اليماني: قبل البدأ بتفاصيل الرواية يجب الالتفات إلى أمر مهم؛ وهو الفرق بين الخروج والظهور: الظهور: هي مرحلة إعداد وجمع الأفراد وتهيئتهم لمرحلة الخروج. الخروج: هي مرحلة حمل السلاح والشروع بالقتال. أوضحت هاتين النقطتين - الظهور والخروج – لأهميتهما، فالقوم ينتظرون الخروج والخسف والصيحة وهي من العلامات الحتمية ولم يلتفتوا إلى ما قبلها من الأمور التي تهيئ لهذا الخروج، فهل يخفى على عاقل أن جمع أكثر من عشرة آلاف مقاتل يحتاج إلى وقت طويل خصوصاً في دعوة إلهية كدعوة المهدي (عليه السلام) التي تأتي لنسف ما قبلها من التحريف في الدين الإلهي وأعدائها حكام يخافون على مناصبهم الدنيوية، وعلماء غير عاملين يخافون على مناصبهم الدينية الباطلة، وقنوات إعلامية موجهة لحرف الناس عن الحق ؟؟ -يكون البأس من كل وجه: ويقصد بقوله (كل وجه) كلاً من السفياني والخراساني واليماني، ثم يؤكد ذلك بما لا يدع في المسألة من شكٍّ بقوله (ويل لمن ناواهم) !! سيواجه اليماني خطر تحدّيات السفيانيين، وسيعزم اليماني على مواجهتهم والتصدّي لهم، خصوصاً سفياني العراق الذي أسس قواعد الظلم في العراق ليُحدث الدمار والخراب في الدين والدنيا، ومن ثم يقوم سفياني العراق بملاحقته الشديدة لشيعة عليّ (عليه السلام) أي أتباع اليماني، وهذا يدفع اليماني للتحرّك للدفاع عن الدين وحماية أتباع أهل البيت (عليهم السلام) المتمثلين بالفئة القليلة الذين يسيرون بمنهج أهل البيت (عليهم السلام) وهو حاكمية الله سبحانه التي استشهد من أجلها الحسين (عليه السلام)، وستكون بينهما ملاحم دامية. عن محمد بن خلف الحماد، عن إسماعيل بن أبان الازدي، عن سفيان بن إبراهيم الجريري أنه سمع أباه يقول: (النفس الزكية غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر، ولا في الأرض ناصر، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد في عصبة لهم أدق في أعين الناس من الكحل، فإذا خرجوا بكى لهم الناس، لا يرون إلا أنهم يختطفون، يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقا ألا إن خير الجهاد في آخر الزمان) ([87]). والنفس الزكية وهو شاب من ذرية الإمام المهدي (عليه السلام) كما نصت الروايات اسمه محمد بن الحسن، يقتله بنو فلان والمقصود (بنو العباس) (الذي وصفتهم بعض الروايات أنهم أيضاً جيش السفياني)، فإذا قتلوه سلط الله عليهم السفياني من المغرب والخراساني من المشرق، والخراساني هو أحد قادة جيش اليماني الذين يلتحقون به في نهاية المطاف، وهو الذي يلتحق تائباً من تأخره وخذلانه لليماني طيلة فترة التمهيد، ويعتبر يماني أيضاً بعد انضمامه إلى لواء اليماني ومنهجه والانصياع لأوامره، كما يعتبر علماء الضلالة سفيانية، بعد انتهاجهم منهج أبي سفيان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله). عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (اليماني والسفياني كفرسي رهان) ([88]). عن الصادق (عليه السلام): (خروج السفياني والخراساني واليماني في يوم واحد ليس فيهم أهدى من اليماني لأنه يدعو إلى الحق) ([89]). وهذه إشارة واضحة بأن الرايات الثلاث المتمثلة بالسفياني والخراساني واليماني ليس فيهم راية هدى إلا راية اليماني، ولذلك سيأتي الخراساني تائب لعدم نصرته اليماني طول فترة منازلة اليماني للسفياني لوحده. عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر طويل قال: (… وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير، مختوم في رأس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله) تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأزفر يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم، فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني تستبقان كأنهما فرسي رهان، شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح، إذا نظرت أحدهم برجله باطنه فيقول: لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون، وهم الأبدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز "إنّ الله يحب التوابين ويحب المتطهرين") ([90]). وقوله (عليه السلام) في الرواية: (وهم الأبدال)، أي هم الإبدال الذين ذكرهم الله في كتابه، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ ([91]). روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنها لما نزلت هذه الآية ضرب بيده على ظهر سلمان، فقال: (هم قوم هذا يعني عجم الفرس) ([92]). ورد عن رسول الله عندما نزل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ ([93]). فسأله أصحابه: ومن هؤلاء يا رسول الله الذين يستبدلنا الله بهم ؟ وكان سلمان الفارسي (المحمدي) يجلس إلى جنب رسول الله، فضرب رسول الله على كتف سلمان الفارسي وقال: لو كان الإيمان في الثريا لتناوله قوم من فارس يضربونكم على الدين فيدخلونكم فيه في آخر الزمان كما تضربونهم وتدخلونهم فيه في أول الزمان). أخرج البخاري ومسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة عنه قال: (كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم). قال: قلت: من هم يا رسول الله فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً وفينا سلمان الفارسي وضع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يده على سلمان ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء. ورواية للترمذي: قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله إن تولينا استبدلوا بنا ثم لم يكونوا أمثالنا قال وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان وقال: هذا وأصحابه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس). وفي حديث ابن عمر عند الحاكم في المستدرك: قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): («رأيت غنما كثيرة سوداء دخلت فيها غنم كثيرة بيض». قالوا: فما أولته يا رسول الله ؟ قال: «العجم يشركونكم في دينكم وأنسابكم». قالوا: العجم يا رسول الله؟ قال: «لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجال من العجم وأسعدهم به الناس. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه). وعند أبي يعلى في مسنده من حديث قيس بن سعد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجال من أبناء فارس). ففي بلاد فارس كنوز الطالقان وهم كما قال رسول الله في وصفهم كنوز لا من ذهب ولا من فضة ولكنهم رجال قلوبهم كزبر الحديد لو حملوا على الجبال لأزالوها، وهؤلاء الكنوز هم من أصحاب القائم (اليماني). -وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني: اليماني من المحتوم الذي لابدّ منه، كما نصّت على ذلك الروايات، فلا يتخلّف ولا يتأخّر كما هو الحال في السفياني، ممّا يعني أنّ هناك خطّان متقابلان من المحتوم، أحدهما يمثّل الظلم والجور والفساد، وهو الخطّ الذي يمثّله السفياني، والآخر يمثّل خطّ الإصلاح والعدل والقسط وهو الذي يمثّله اليماني. روى الحاكم في مستدركه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: (أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به ولا سكتنا إلا ابتدأنا، حتى مرَّ فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه، فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وأنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبواً على الثلج، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً). الحديث عن الرايات المشرقية وقائد الرايات المشرقية هو صاحب أهدى الرايات الذي ذكر في صحيحة الباقر (عليه السلام)، فقد ورد في الرواية عن الباقر(عليه السلام): (وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار،لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم). رواية اليماني تشير إلى أنه - أي اليماني - رايته راية هدى، ويأمرنا أهل البيت بالالتحاق بها، وأيضاً في رواية رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعو الناس لالتحاق بشخص من أهل بيته يرفع راية هدى وهي راية ترفع من المشرق ولا توجد راية ترفع من المشرق إلا راية اليماني، بالنتيجة الروايتان تتحدثان عن شخصية واحدة ولا تكون راية هدى إلا مع إمام معصوم وحجة من حجج الله؛ لأنه لا يخرج الناس من حق ولا يدخلهم باطل. وعبارة: (ولو حبوا على الثلج) تشير إلى غاية في الدقة بالالتحاق بركبه مهما كنت صعوبة العقبات. حدثنا الوليد عن يزيد بن سعيد، عن يزيد بن أبي عطاء، عن كعب، قال: (فيظهر اليماني ويقتل قريش ببيت المقدس وعلى يديه تكون الملاحم) ([94]). وقريش مصطلحٌ يُطلق على التوجهات المقابلة والتي تحمل بين طياتها الحقد والبغضاء والحسد لأهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم وإن أظهرت محبتهم أمام الناس والتظاهر بالسير على خطى ونهج أهل البيت (عليهم السلام)، وقريش الأمس فقهاء الأحناف الذين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أجئتنا لتغير ما ألفينا عليه آباءنا من قبل آلاف السنين، وكذلك فقهاء قريش اليوم يقولون للقائم (اليماني) نحن نتبع آثار آباءنا. ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ ([95]). -دواعي التعتيم على شخص اليماني: إنّ سبب التعتيم في الروايات على شخصية اليماني هو على الأقل يعود لسببين رئيسين وهما: 1. حتى يحفظ صاحبها من أعدائه الكثيرون في عصر الظهور، فلو كانت سهلة التمييز لأجهزوا عليه قبل إكمال عدته، ولكنهم لا يأبهون به في البداية لتكذيبهم إياه حتى يكون ذا قوة وقادراً على حماية نفسه. 2. حتى لا يسهل ادعائها على كل مدع كاذب، وبالتالي التشويش على الناس. عن مالك الجهني، قال: (قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إنا نصف صاحب الأمر بالصفة التي ليس بها أحد من الناس, فقال: لا والله لا يكون ذلك أبداً حتى يكون هو الذي يحتج عليكم بذلك ويدعوكم إليه) ([96]). هذه الرواية تبين وبوضوح أن صاحب الأمر الإلهي هو من يحتج على الناس بالتعريف بشخصه ويدعو الناس إليه ولا يكون الاحتجاج على الناس إلا لأنهم ينكرونه. وقد يعترض أحدهم بقوله: بأن هذه الرواية تخص صاحب الأمر وهو الإمام المهدي (عليه السلام) وليس اليماني ؟ نقول: عبارة صاحب الأمر هي مرتبطة ارتباط وثيق بالإمام المهدي (عليه السلام) ومن يخلفه ومن يقوم بالأمر معه، وسنثبت من خلال البحث بأن اليماني سيخلف الإمام المهدي (عليه السلام)، بل هو المهدي الأول من المهديين الاثني عشر الخلفاء بعد المهدي محمد بن الحسن (عليه السلام)، فهو صاحب الأمر؛ لأنه يقوم بأمر الله ويأخذ توجيهه المباشر من الإمام المهدي (عليه السلام)، ولا يمكن لأهل البيت (عليهم السلام) أن يأمروننا بأن نلتحق باليماني وننصره وأن الملتوي عليه من أهل النار إلا أن يكون صاحب راية إلهية وحجة من حجج الله كما سيتضح لنا ذلك. وللتأكيد على كون اليماني خليفة من خلفاء الله إليك بعض الروايات: جاء في الفتن لنعيم بن حماد: (على يدي ذلك الخليفة اليماني وفي ولايته تفتح رومية) ([97]). والرواية واضحة بأن اليماني خليفة المهدي (عليه السلام)، بل هو من يفتح رومية في ولايته، وهي إشارة واضحة بأنه والي من الولاة وخليفة من خلفاء الله في أرضه. فيما ذكره أبو صالح السليلي في كتاب الفتن من فتوح المهدي (عليه السلام)، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: أخبرنا عصام بن داود بن الجراح العسقلاني، قال: أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري، قال: حدثنا المنصور بن المعتز، عن ربعي بن خراش، قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان رأس الخمسين والثلاثمائة - وذكر كلمة - نادى منادي من السماء ألا يا أيها الناس إن الله قد قطع مدة الجبارين والمنافقين وأتباعهم ووليكم الجابر خير أمة محمد (صلى الله عليه وآله) الحقوه بمكة فإنه المهدي واسمه أحمد بن عبد الله) ([98]). وقال عمران بن الحصين: (صف لنا يا رسول الله هذا الرجل وما حاله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إنه رجل من ولدي، كأنه من رجال بني إسرائيل، يخرج عند جهد من أمتي وبلاء، عربي اللون ابن أربعين سنة، كأن وجهه كوكب دري يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يملك عشرين سنة، وهو صاحب مدائن الكفر كلها قسطنطينية ورومية، يخرج إليه الأبدال من الشام وأشباههم، كأن قلوبهم زبر الحديد، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، وأهل اليمن حتى يأتونه فيبايعونه بين الركن والمقام، فيخرج من مكة متوجها إلى الشام، يفرح به أهل السماء والأرض والطير في الهواء والحيتان في البحر) ([99]). وفي كتاب الملاحم والفتن للسيد بن طاووس الحسني ص27: (قال: أمير الغضب ليس من ذي ولا ذهو لكنهم يسمعون صوتاً ما قاله إنس ولا جان بايعوا فلاناً باسمه ليس من ذي ولا ذهو ولكنه خليفة يماني). وفي الملاحم والفتن للسيد بن طاووس الحسني ص80: (فيجتمعون وينظرون لمن يبايعونه فبيناهم كذلك إذا سمعوا صوتاً ما قال إنس ولا جان بايعوا فلاناً باسمه ليس من ذي ولا ذه ولكنه خليفة يماني). وروى الشيخ علي الكوراني في كتاب معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) ج1 ص299: (ما المهدي إلا من قريش، وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلاً ونسباً في اليمن). وفي قوله (ليس من ذي ولا ذهو) إشارة في غاية الأهمية، وهي إشارة إلى بلاد اليمن؛ لأنهم يستعملون ذي وذه أداة تعريف بدل اللام، وفي الرواية إذن إشارة إلى أن اليماني ليس من اليمن؛ لأنه يقول ليس من ذي ولا ذه. -الابتلاء وتمحيص الناس لتمييز الخبيث من الطيب: الابتلاء هو الامتحان الذي يمتحن به الله عباده، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾([100]). والتمحيص هو لتمييز الناس، قال تعالى: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ([101]). ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): (إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال، فانبذوه إليهم نبذاً، فمن أقره به فزيدوه، ومن أنكر فذروه. إنه لابد أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتى يسقط من يشق الشعرة بشعرتين، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا) ([102]). والمقصود من شيعة محمد وآل محمد (عليهم السلام) في عصر الظهور هم خصوص الـ (313) والعشرة آلاف، فالمعروف أن الشيعة في كل العصور هم سبعون ألفاً. والفتنة التي تبقي هذا العدد وتميزه عن جمهور مدعي التشيع لابد أن تكون دعوة لا يقبلها إلا من أخذ الله ميثاقه في عالم الذر كما ورد عنهم (عليهم السلام). فعن أبي عبد الله (عليه السلام): (أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ... إلى قوله: فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة، الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال: فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل) ([103]). فهؤلاء الذين يدعون أنهم شيعة يقع فيهم التمحيص حتى لا يبقى منهم إلا الأندر فالأندر كما ورد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): (والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم، حتى تمحصوا، وتميزوا، وحتى لا يبقى منكم إلا الأندر فالأندر) ([104] (. أقول: وقد يتوهم بعضهم فيرى أن التمحيص هو ما جرى على الشيعة منذ بداية الغيبة الكبرى إلى يوم الظهور، وهذا صحيح على الجملة، ولكنه لم ينتج سقوط الغالبية العظمى، وخروجهم من نظام الإمامة، بل الواقع يشير إلى تزايد عدد المتشيعين، فعليه لابد أن يكون التمحيص الذي يشير إليه حديث الإمام الرضا (عليه السلام) حدث فريد (دعوة إلهية) يُمتحن به الناس. أقول: هذا مصداق لقولهم (عليهم السلام): (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله)، أي إن أعداداً قليلة تتبعه. وأعلم أنّ حديثي هذا تشمئز منه القلوب، ولكن ما حيلتي والروايات تتحدث عن عشرة آلاف هم كل جيش القائم، بينما الشيعة اليوم يعدون بالملايين ! -لماذا سمي باليماني؟ وهل هو من اليمن؟ واين ستكون محور حركته؟ يقول الشيخ السند واصفاً خروج اليماني من اليمن: (كما إن هناك علامة أخرى تشير إليها الرواية وهي كون خروجه من بلاد اليمن، وهو وجه تسميته باليماني) ([105]). ويقول الشيخ الكوراني: (أما في منطقة الخليج فمن الطبيعي أن يكون لليمانيين الدور الأساسي فيها مضافاً الى الحجاز، وإن لم تذكر ذلك الروايات) ([106]). يبدو من حديث الشيخين، وسواهم أن السبب في نسبتهم اليماني لبلاد اليمن أمران؛ أولهما لغوي وهو عائدية النسبة من اليماني إلى بلاد اليمن، والثاني روائي ويتمثل بورود جملة من الروايات تتحدث عن ظهور رجل من اليمن في الفترة التي تسبق الظهور. وفي صدد مناقشة الأمر الأول أقول: إنّ النسبة من لفظ اليماني يمكن أن تعود إلى اليمن، ويمكن أن تعود إلى اليُمن (بمعنى البركة)، ويمكن كذلك أن تعود إلى اليمين بالقدر نفسه، فما الذي يرجح احتمالاً على غيره ؟ وعلى فرض عائدية النسبة إلى بلاد اليمن، فليس معنى ذلك إنه من قاطني هذه البلاد بالضرورة. فمن المعروف الذي لا ينكره أحد أن كثيراً من الناس ينتسبون إلى منطقة، ومحل سكناهم منطقة أخرى، فصهيب رومي، وبلال حبشي، وكلاهما عاشا وماتا في بلاد العرب، ومثلهما السيد الخوئي الذي ينتسب إلى مدينة (خوء)، وغيره الكثير. كما أن المنصوص عليه في معاجم البلدان إن مكة من تهامة، وتهامة من اليمن. أقول: إنّ مكة هي موطن أهل البيت (عليهم السلام) فهم جميعاً يمانيون، وقد ورد عن ابن حماد: (ما المهدي إلاّ من قريش، وما الخلافة إلاّ فيهم، غير أن له أصلاً ونسباً في اليمن) ([107]). وبالنسبة للأمر الثاني؛ فقد وردت بعض الروايات كان لها الأثر في توليد الشبهة لدى الكثيرين، فقد روى الطوسي في الغيبة عن محمد بن مسلم: (يخرج قبل السفياني مصري ويماني) ([108]). وعن عبيد بن زرارة، قال: (ذكر عند أبي عبد الله السفياني، فقال: أنى يخرج ذلك ولما يخرج كاسر عينيه في صنعاء) ([109]). وعن أبي جعفر (عليه السلام): (... وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن) ([110]). وفي بحار الأنوار، عن سطيح الكاهن: (... ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن، أبيض كالقطن، إسمه حسين أو حسن) ([111]). من يتأمل هذه الروايات يخرج بنتيجة حتمية مفادها تعدد شخصية اليماني؛ بمعنى إن ثمة أكثر من شخص ينطبق عليه لقب اليماني. فقد علمنا فيما تقدم أن خروج اليماني والسفياني يتم في يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة، بينما تنص الرواية المنقولة عن الطوسي على تقدم المصري واليماني على السفياني. الأمر الذي يدل على أن اليماني المذكور فيها شخص آخر غير اليماني الموعود. والأمر نفسه يقال بالنسبة للرواية الواردة عن عبيد بن زرارة، فهي تؤكد على أن خروج السفياني لابد أن يسبقه خروج رجل من صنعاء. ويعلق الشيخ الكوراني في كتاب عصر الظهور ص115 على هذه الرواية قائلاً: (ويحتمل أن يكون هذا الذي يظهر قبل السفياني يمانياً ممهداً لليماني الموعود). والآن إذا كان ثمة أكثر من يماني، فأيهم المقصود برواية (وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن) ؟ فالإشارة إلى اليمن لا تعني أنه سيخرج من بلاد اليمن. وعن ابن عمر، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نفر من المهاجرين والأنصار ... إلى أن قال: فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد العباس وبيد علي، فقال: سيخرج من صلب هذا فتى يملأ الأرض جوراً وظلماً، وسيخرج من هذا (أي علي عليه السلام) فتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى اليمني فإنه يقبل من المشرق وهو صاحب راية المهدي) ([112]). وهذا الحديث قد نص بصراحة على مجيء الفتى اليمني (اليماني) من المشرق وليس من اليمن ومادام هذا الفتى قد أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) بطاعته ووصفه بأنه صاحب راية المهدي، إذاً لابد أن يكون هو اليماني نفسه الذي أمر الأئمة (عليهم السلام) بوجوب طاعته وحرمة خذلانه، وأنه أهدى الرايات أي إنه هو صاحب راية المهدي كما نصت الرواية السابقة. وقد حرّف ابن حجر هذا الحديث فجعل مكان (الفتى اليمني) الفتى التميمي وتبعه على ذلك الشيخ علي الكوراني في (معجم أحاديث الإمام المهدي) وإن كانت بعض المصادر تذكر بأنه الفتى التميمي لكننا من خلال القرائن الواضحة والدالة التي سنوردها سيتبين على أنه فتى حسيني ويماني وليس تميمي: إن صاحب راية المهدي (عليه السلام) والمأمور بإتباعه دون سواه هو رجل حسيني النسب كما مر ذكره في عدة روايات: (ولا تتبع منهم أحداً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين)، (أتاح الله رجل منّا أهل البيت)، (يخرج رجل من ولد الحسين (عليه السلام) من قبل المشرق)([113])، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: (المهدي أقبل جعد بخده خال يكون مبدؤه من قبل المشرق وإذا كان ذلك خرج السفياني)([114])، (ثم يرفع لولد الحسين (عليه السلام) راية فيها الأمر)، بينما شعيب بن صالح رجل تميمي أي ليس علوياً أصلاً وبذلك فلا يمكن أن يكون هو صاحب أهدى الرايات أو الممهد الرئيسي للإمام المهدي (عليه السلام). -اليماني يتحرك من الشرق: تكون حركة اليماني في الشرق (خراسان) وليس من اليمن؛ لأمرين: أولاً: الرواية تقول إنّ الفتى اليمني يقبل من المشرق، والمعروف إنّ حركة اليماني تستهدف الوصول الى الكوفة، فقد ورد (اليماني والسفياني يستبقان الى الكوفة كفرسي رهان)، ومن ينطلق من اليمن تكون الكوفة إلى جهة المشرق بالنسبة له، ويكون مجيئه لها من قبل المغرب لا المشرق كما نصت الرواية، فيتحصل أن الفتى اليمني لا ينطلق من بلاد اليمن. وأيضاً الحركة في الرواية تشير إلى سباق فرسي رهان ولا يمكن أن يتسابقا إلا إذا كانا في مكان واحد أو متقارب كي يصح أن يقال عنهما فرسي رهان. ثانياً: إطلالة بسيطة لكل من له معرفة بحركة الجيوش وقتالها سيرفض رفضاً قاطعاً بأنّ اليماني سيكون باليمن متوجهاً إلى الكوفة؛ لأنّ الطريق الوحيد الذي سيسلكه بجيوشه هو عبر الأراضي السعودية (الوهابية السفيانيين الذباحين) فعليه أن يقطع آلاف الكيلو مترات ليصل إلى الكوفة مقاتلاً جيوش مدججة بالسلاح ومدعومة من أمريكا. وأيضاً عليه مقاتلة معارضيه في اليمن، وهذا لا يتم إلا بالخيال، ونحن نتكلم عن واقع أرضي وليس افتراضي. ومن يقول بأنه سيتوجه عن طريق السفن أيضاً سيكون الجواب عليه أن يقضي على الحكم في اليمن وأن يتسلط على الشواطئ، هذه أولاً. وثانياً: عليه أن يعبر كل أساطيل القوات الأمريكية وحلفاءها كي يصل إلى العراق، وهذا أيضاً محال. وأما الرواية التي تذكر بأنّ اليماني اسمه (حسين أو حسن)؛ فيكفي في ردها أنها لم ترد عن أهل البيت (عليهم السلام)، وإنما عن كاهن (سطيح الكاهن) وقد هلك قبل البعثة النبوية، ولعل الترديد في الاسم دليل على تخليطه. إن الذين يحرفون الكلم عن موضعه يذكرون في أقوالهم وكتبهم بأن اسم اليماني (حسين أو حسن)، وإن هذا الاسم ورد عن أهل البيت (عليهم السلام)؛ ليخدعوا الناس ويحرفونهم عن الجهة الحقيقة المتمثلة بالقائم اليماني من آل محمد (عليهم السلام). وحتى لو كانت هناك روايات تنص على أن اليماني من اليمن فهي إشارة إلى أصله، فالأئمة (عليهم السلام) انتهجوا سبيل التعريض والإشارة فيما يخص نهضة القائم (عليه السلام)، وذلك حفاظاً على نجاح نهضته وعدم كشفها للأعداء، ولسد الطريق أمام المدعين، وهذا بعكس الإشارة إلى حركة السفياني التي فصلت في أمره بقصد كشفه للشيعة. وبغض النظر عن كل شيء، ففي كلام الإمام الباقر (عليه السلام) القول الفصل في إمكان حدوث البداء في حديثهم (عليهم السلام)، وما على شيعتهم إلا التسليم، وإلا فالعار والنار أعاذنا الله تعالى. فعن الباقر (عليه السلام): (... إذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، تؤجروا مرتين)([115]). أقول: إذا كان اليماني ينهض بدعوة كما ثبت، فلماذا لم يتبعه أحد من أهل اليمن، إن كان هو من أهل اليمن كما يزعمون ؟ نعم، لا يتبعه أحد من أهل اليمن؛ لأنه لا يباشر دعوة في تلك الأنحاء، فعن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): (يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم) ([116]). هل ترون بين هؤلاء المبايعين أحد من أهل اليمن ؟ فلا يبقى إلا أن دعوته تتم في العراق. ولا أدري هل كان الشيخ الكوراني يدرك المأزق الذي أوقع نفسه فيه حينما لفق دوراً طويلاً عريضاً لأهل اليمن ؟ وهل كان يدرك مقدار إرتعاشة قلمه وهو يواجه حقيقة إن حركة اليماني تدور في المسرح العراقي دون سواه، وهو الأمر الذي أوجد ثغرة في طرحه، لاسيما بعد أن خذلته الروايات في إيضاح الكيفية التي انتقل بها مع عسكره من اليمن إلى العراق ؟ ويزداد المشهد غرابة إذا علمنا أن الشيخ الكوراني وسواه يحددون خروج اليماني بالأشهر الأربعة التي تسبق الظهور. وأود أن أقول: إن جملة من الروايات دلت على أن ثمة يماني يخرج من بلاد اليمن يتميز بالانحراف عن خط أهل البيت (عليهم السلام). فعن أبي جعفر (عليه السلام): (... ثم يسير إليهم منصور اليماني من صنعاء بجنوده، وله فورة شديدة يستقبل الناس قتل الجاهلية، فيلتقي هو والأخوص، وراياتهم صفر، وثيابهم ملونة، فيكون بينهما قتال شديد، ثم يظهر الأخوص السفياني عليه) ([117]). وقوله: (يستقبل الناس قتل الجاهلية) يدل على أن يماني صنعاء يخوض في دماء الناس دون وازع من دين أو إيمان. وينقل الشيخ حيدر الزيادي في كتابه الموسوم (اليماني حجة الله) وهو أحد إصدارات أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) ينقل عن (شرح إحقاق الحق) الرواية الآتية: (ويخرج القحطاني من بلاد اليمن، قال كعب الأحبار: وبينما هؤلاء الثلاثة قد تغلبوا على مواضعهم بالظلم، وإذ قد خرج السفياني من دمشق). وأنقل الرواية من مصدر آخر: (لا بد من نزول عيسى (عليه السلام) إلى الأرض، ولا بد أن يظهر بين يديه علامات وفتن، فأول ما يخرج ويغلب على البلاد الأصهب، يخرج من بلاد الجزيرة، ثم يخرج من بعده الجرهمي من الشام، ويخرج القحطاني من بلاد اليمن، قال كعب الأحبار: بينما هؤلاء الثلاثة قد تغلبوا على مواضعهم وإذا قد خرج السفياني من دمشق من واد يقال له اليابس...) ([118]). فيماني اليمن، أو القحطاني بحسب هذه الرواية يتوسل الظلم في الوصول إلى غاياته. -خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد: وعلى هذا - والقول لهم - فإذا كان اليماني ظاهراً لابد أن يكون السفياني والخراساني كذلك فهل لكم أن تدلونا عليهما ؟؟ هذا الإشكال أو هذه الشبهة في الحقيقة لا تتم إلا بافتراض أمرين، وكما يلي: 1. لابد من افتراض أنّ معنى الخروج الذي تتحدث عنه الرواية هو الظهور. فمعنى خروجهم أي ظهورهم. أما إذا كان معنى الخروج شيئاً آخر غير الظهور، كأن يكون المراد من الخروج هو التعبير عن الحركة العسكرية مثلاً فالشبهة تسقط من رأس؛ لأنّ من الواضح أن المستشكل يبني شبهته على أساس أن مجرد وجود اليماني كعنوان أو كدعوة وبالتالي كظهور فإن الآخرين لابد أن يكونا مرافقين له أو ظاهرين كما هو ظاهر. 2. لابد من افتراض أن هذا الخروج (أو الظهور بحسب افتراضهم) هو أول خروج للثلاثة، بمعنى أنه لم يسبقه خروج أو ظهور لأي منهم؛ لأنّه إذا ثبت أن للسفياني - مثلاً - خروج يسبق هذا الخروج يصبح من الممكن أن يكون لأي من الآخرَين أي اليماني أو الخراساني خروج أيضاً حتى لو لم تذكره الروايات. أمّا لماذا لم تذكره الروايات، فهذا بحث آخر لا علاقة له بنفس إمكانية وجوده، وإنما هو متعلق بالحكمة من عدم ذكره، فمن الواضح أنّ السفياني مثلاً جهة باطل لابد من كشفها وتعريف الناس بها لكي لا يقعوا فريسة لتضليله. أمّا اليماني؛ فهو جهة حق ومن باب الحرص على نجاح حركته يتم التكتم على تفاصيلها. بالنسبة للأمر الأول: الخروج مأخوذ من خرج أي كان في مكان أو حال وصار إلى غيره، فيقال خرج من البيت أي كان في البيت وصار الآن في مكان آخر غير البيت. ويقال كذلك خرج عن هدوئه أي كان على حالة الهدوء وصار في حال الغضب. ولو نظرنا في الرواية لعلمنا أن الخروج فيها لا يراد منه الظهور وإنما يراد منه التوجه إلى القتال أو الحركة العسكرية. فالرواية تصور خروجهم بالشكل التالي: (خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناواهم) وفي الرواية كذلك) لا بد لبني فلان من أن يملكوا، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم، وتشتت أمرهم، حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من هنا، وهذا من هنا، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنهم لا يبقون منهم أحداً) ([119]). ومن الواضح أن هذه الأجواء هي أجواء حرب وقتال، وبالتالي فالخروج المذكور في الرواية يقصد منه الحركة العسكرية وليس مجرد الظهور. بل الظهور لابد أن يكون سابقاً للحركة العسكرية فلابد من تجهيز الجيش وإعداده نفسياً وعسكرياً وما إلى ذلك. وبهذا تسقط شبهتهم، فهذه الحركة العسكرية لم تقع لكي يطالبنا صاحب الشبهة بتحديد فلان أو علان. أما الأمر الثاني: وهو افتراض أنّ هذا الخروج هو أول خروج للثلاثة ولم يسبقه خروج لأي منهم، فيكفي في إبطاله أن الخروج أو الحركة العسكرية إن الرواية تصف حركة باتجاه الكوفة، فالرواية طويلة وتصور تفاصيل كثيرة، يقول: (أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: (إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهردي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد (عليهم السلام) إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم ... إلى أن يقول: ولن يخرج القائم ولا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان فيما بينهم، فإذا كان كذلك طمع الناس فيهم واختلفت الكلمة وخرج السفياني. وقال: لا بد لبني فلان من أن يملكوا، فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم، وتشتت أمرهم، حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق، وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان، هذا من هنا، وهذا من هنا، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنهم لا يبقون منهم أحداً. ثم قال: عليه...) ([120]). إذن، هذه الحركة العسكرية تستهدف الكوفة، فالثلاثة يتحركون أو يتسابقون باتجاه الكوفة. وإذا علمنا أن السفياني لا يتوجه إلى العراق والكوفة في العراق كما هو معلوم إلا بعد أن يسيطر على الكور الخمس ويخوض معارك أخرى يتضح لنا أن للسفياني خروجاً أو حركة عسكرية قبل هذه الحركة التي يتوجه فيها نحو الكوفة، وبالتالي يمكن أيضاً أن يكون لليماني وللخراساني حركات قبل حركتهم نحو الكوفة، وبذلك تسقط الشبهة تماماً ولا يبقى لها أثر أبداً. والآن لنثبت أن للسفياني حركة عسكرية قبل توجهه نحو العراق، وسأقرأ هذه الروايات: عن الإمام الباقر (عليه السلام): (ثم يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني، فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون فيقتله السفياني ومن تبعه، ثم يقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسياء، فيقتتلون بها فيقتل بها من الجبارين مائة ألف، ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً ...) ([121]). والابقع والأصهب يتقاتلان في الشام؛ ورد عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: (الزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك، وما أراك تدرك ذلك: اختلاف بني العباس، ومناد ينادي من السماء، وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة. واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض، حتى تخرب الشام ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني) ([122]). وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): (إذا ظهر السفياني على الأبقع وعلى المنصور والكندي والترك والروم، خرج وصار إلى العراق) ([123]). وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: (إذا ظهر الأبقع مع قوم ذوي أجسام فتكون بينهم ملحمة عظيمة، ثم يظهر الأخوص السفياني الملعون فيقاتلها جميعاً فيظهر عليهما جميعاً ... ثم يسير إلى العراق وترفع قبل ذلك اثنتا عشرة راية بالكوفة معروفة منسوبة) ([124]). وعن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: (... فيفاجئهم السفياني في عصائب أهل الشام، فتختلف الثلاث رايات، رجال ولد العباس هم الترك والعجم، وراياتهم سوداء، فيقتل فيما بينهم ستون ألفاً، فيغلب السفياني وإنه ليعدل فيهم حتى يقول القائل والله ما كان يقال فيه إلا كذب، والله إنهم لكاذبون، لو يعلمون ما تلقى أمة محمد منه ما قالوا ذلك ... فيجيش جيشين: جيش إلى المدينة وجيش إلى المشرق، فأما جيش المشرق فيقتلون بالزوراء سبعين ألفاً، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة، ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقاً) ([125]). -حدود شخصية اليماني: في معرض سؤال وجه إلى السيد أحمد الحسن (عليه السلام) عن شخصية اليماني، أجاب: [يجب أولاً: معرفة إن مكة من تهامة، وتهامة من اليمن. فمحمد وآل محمد (عليهم السلام) (كلهم يمانية). فمحمد (صلى الله عليه وآله) (يماني)، وعلي (عليه السلام) (يماني) والإمام المهدي (عليه السلام) (يماني)، والمهديون الإثنا عشر (يمانية)، والمهدي الأول (يماني)، وهذا ما كان يعرفه العلماء العاملين الأوائل (رحمهم الله)، ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾ ([126])، وقد سمى العلامة المجلسي (رحمه الله) في البحار كلام أهل البيت (عليهم السلام) (بالحكمة اليمانية)، بل ورد هذا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما وسمى عبد المطلب (عليه السلام) البيت الحرام بالكعبة اليمانية. أمّا بالنسبة لحدود شخصية اليماني: فقد ورد في الرواية عن الباقر (عليه السلام): (وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار؛ لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم)، وفيها: أولاً/ (لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار): وهذا يعني أن اليماني: (صاحب ولاية إلهية)، فلا يكون شخص حجة على الناس، بحيث إن إعراضهم عنه يدخلهم جهنم، وإن صلوا وصاموا، إلا إذا كان من: خلفاء الله في أرضه، وهم أصحاب الولاية الإلهية من الأنبياء والمرسلين والأئمة والمهديين. ثانياً/ (إنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم): والدعوة إلى الحق، والطريق المستقيم، أو الصراط المستقيم تعني: (أن هذا الشخص لا يخطأ فيُدخل الناس في باطل أو يخرجهم من حق)، أي إنه: (معصوم منصوص العصمة)، وبهذا المعنى يصبح لهذا القيد أو الحد فائدة في تحديد شخصية اليماني، أما افتراض أي معنى آخر لهذا الكلام (يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) فإنه يجعل هذا الكلام منهم (عليهم السلام) بلا فائدة، فلا يكون قيداً ولا حداً لشخصية اليماني وحاشاهم (عليهم السلام) من ذلك. النتيجة مما تقدم في أولاً وثانياً: إن اليماني: (حجة من حجج الله في أرضه ومعصوم منصوص العصمة)، وقد ثبت بالروايات المتواترة والنصوص القطعية الدلالة إن الحجج بعد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) هم: الأئمة الإثني عشر (عليهم السلام) وبعدهم المهديين الإثني عشر، ولا حجة لله في الأرض معصوم غيرهم، وبهم تمام النعمة، وكمال الدين، وختم رسالات السماء. وقد مضى منهم (عليهم السلام) أحد عشر إمام، وبقي الإمام المهدي (عليه السلام) والإثنى عشر مهدياً، واليماني يدعو إلى الإمام المهدي (عليه السلام) فلابد أن يكون اليماني أول المهديين؛ لأن الأحد عشر مهدياً بعده هم من ولده: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ ([127])، ويأتون متأخرين عن زمن ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، بل هم في دولة العدل الإلهي، والثابت أن أول المهديين هو: (الموجود في زمن ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، وهو أول المؤمنين بالإمام المهدي (عليه السلام) في بداية ظهوره وتحركه، لتهيئة القاعدة للقيام)، كما هو في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله). المهدي الأول بيَّنت روايات أهل البيت (عليهم السلام) اسمه وصفاته ومسكنه بالتفصيل، فاسمه أحمد وكنيته عبد الله - أي إسرائيل - أي إن الناس يقولون عنه إسرائيلي قهراً عليهم، ورغم أنوفهم. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اسمي أحمد وأنا عبد الله اسمي إسرائيل فما أمره فقد أمرني وما عناه فقد عناني). والمهدي الأول هو أول الثلاث مائة وثلاثة عشر، وهو: (من البصرة)، و(في خده الأيمن أثر)، و (في رأسه حزاز)، و (جسمه كجسم موسى بن عمران عليه السلام)، و (في ظهره ختم النبوة)، و (فيه وصية رسول الله صلى الله عليه وآله)، و (هو أعلم الخلق بعد الأئمة بالقرآن والتوراة والإنجيل)، و (عند أول ظهوره يكون شاباً)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (... ثم ذكر شاباً فقال: إذا رأيتموه فبايعوه فإنه خليفة المهدي) ([128]). عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (عليه السلام): يا أبا الحسن، احضر صحيفة ودواة. فأملى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام، وساق الحديث إلى أن قال: وليسلمها الحسن (عليه السلام) إلى ابنه م ح م د المستحفظ من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فذلك اثنا عشر إماماً ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين) ([129]). عن حذيفة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكر المهدي فقال: (إنه يبايع بين الركن والمقام، اسمه أحمد وعبد الله والمهدي، فهذه أسماؤه ثلاثتها) ([130]). وعن الصادق (عليه السلام) إنه قال: (إن منا بعد القائم اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين عليه السلام) ([131]). وعن الصادق (عليه السلام)، قال (إن منا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين عليه السلام) ([132]). وفي هذه الرواية القائم هو المهدي الأول وليس الإمام المهدي (عليه السلام)؛ لأن الإمام (عليه السلام) بعده إثنى عشر مهدياً. وقال الباقر (عليه السلام) في وصف المهدي الأول: (... ذاك المشرب حمرة، الغائر العينين المشرف الحاجبين العريض ما بين المنكبين برأسه حزاز و بوجهه أثر رحم الله موسى) ([133]). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر طويل: (... فقال (عليه السلام): ألا وأن أولهم من البصرة وآخرهم من الأبدال ...) ([134]). وعن الصادق (عليه السلام) في خبر طويل سمى به أصحاب القائم (عليه السلام): (… ومن البصرة … أحمد …) ([135]). وعن الإمام الباقر (عليه السلام) إنه قال: (للقائم اسمان اسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد). وأحمد هو اسم المهدي الأول، ومحمد اسم الإمام المهدي (عليه السلام) كما تبين من وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله). وعن الباقر (عليه السلام): (إن لله تعالى كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولا فضة، اثنا عشر ألفاً بخراسان شعارهم: (أحمد أحمد) يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء، عليه عصابة حمراء، كأني أنظر إليه عابر الفرات. فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبوا على الثلج). وأحمد هو اسم المهدي الأول. وفي كتاب الملاحم والفتن: (قال أمير الغضب ليس من ذي ولا ذهو لكنهم يسمعون صوتاً ما قاله إنس ولا جان بايعوا فلاناً باسمه ليس من ذي ولا ذهو ولكنه خليفة يماني). وفي الملاحم والفتن للسيد بن طاووس الحسني: (فيجتمعون وينظرون لمن يبايعونه فبيناهم كذلك إذا سمعوا صوتاً ما قال إنس ولا جان بايعوا فلاناً باسمه ليس من ذي ولا ذه ولكنه خليفة يماني). وروى الشيخ علي الكوراني في كتاب معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): (ما المهدي إلا من قريش، وما الخلافة إلا فيهم غير أن له أصلا ونسبا في اليمن). وبما أن المهدي الأول من ذرية الإمام المهدي (عليه السلام) فلابد أن يكون مقطوع النسب؛ لأن ذرية الإمام المهدي (عليه السلام) مجهولون، وهذه الصفات هي صفات اليماني المنصور وصفات المهدي الأول؛ لأنه شخص واحد كما تبين مما سبق. وإن أردتَ المزيد، فأقول: إن اليماني ممهد في زمن الظهور المقدس ومن الثلاث مائة وثلاث عشر ويسلم الراية للإمام المهدي، والمهدي الأول أيضاً موجود في زمن الظهور المقدس وأول مؤمن بالإمام المهدي (عليه السلام) في بداية ظهوره وقبل قيامه، فلا بد أن يكون أحدهما حجة على الآخر وبما أن الأئمة والمهديين حجج الله على جميع الخلق والمهدي الأول منهم فهو حجة على اليماني إذا لم يكونا شخص واحد وبالتالي يكون المهدي الأول هو قائد ثورة التمهيد فيصبح دور اليماني ثانوي بل مساعد للقائد، وهذا غير صحيح؛ لأن اليماني هو الممهد الرئيسي وقائد حركة الظهور المقدس، فتحتم أن يكون المهدي الأول هو اليماني واليماني هو المهدي الأول، وبهذا يكون اليماني (اسمه أحمد، ومن البصرة، وفي خده الأيمن أثر، وفي بداية ظهوره يكون شاباً، وفي رأسه حزاز، وأعلم الناس بالقرآن وبالتوراة والإنجيل بعد الأئمة، ومقطوع النسب، ويلقب بالمهدي، وهو إمام مفترض الطاعة من الله، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، ويدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم، ويدعو إلى الإمام المهدي (عليه السلام) و … و …، وكل ما ورد من أوصاف المهدي الأول في روايات محمد وآل محمد (عليهم السلام) فراجع الروايات في كتاب غيبة النعماني وغيبة الطوسي وإكمال الدين والبحار، وغيرها من كتب الحديث. ويبقى إن كل (أتباع اليماني) من الثلاث مائة والثلاثة عشر أصحاب الإمام (عليه السلام): (هم يمانيون)، باعتبار انتسابهم (لقائدِهم اليماني)، ومنهم (يماني صنعاء) و (يماني العراق)] ([136]). انتهى كلام السيد أحمد الحسن. وإذا دققنا في خبايا الرواية أدناه سيتضح لنا أمر مهم: عن الباقر (عليه السلام): (إن لله تعالى كنزاً بالطالقان ليس بذهب ولا فضة، اثنا عشر ألفاً بخراسان شعارهم: (أحمد أحمد) يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء، عليه عصابة حمراء، كأني أنظر إليه عابر الفرات. فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبوا على الثلج). وأحمد هو اسم المهدي الأول ([137]). إن اتخاذهم اسم (أحمد) شعاراً، يدل على منـزلة خاصة يعرفونها له. وقوله: (يقودهم شاب من بني هاشم) إشارة إلى أن (أحمد) هو نفسه المذكور في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو من يمثله ويعضده الأمر بالمسارعة إليه ولو حبواً على الثلج، فأمر هذا شأنه لا يمكن للمعصومين أن يلزموا الناس به إلا إذا كان الشاب الذي يشيرون إليه حجة مفترض الطاعة، ولا حجة إلا الإمام المهدي (عليه السلام) وولده أحمد، فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): (كل راية ترفع قبل القائم فصاحبها طاغوت) ([138]). ومعنى ذلك إن جميع الرايات باستثناء راية القائم هي رايات ضلال وإن كان بنسبة معينة، وحيث أن راية الـ (شاب من بني هاشم) ممدوحة من قبل المعصومين، بل إننا مأمورون بالمسارعة إليها ولو حبواً على الثلج، فلابد أن تكون رايته هي راية القائم نفسها وبالمقابل فقد أمرونا أهل البيت (عليهم السلام) بالالتحاق بركب اليماني، وإن الملتوي عليه من أهل النار، ولا مخرج من ذلك إلا بتعدد الصفات ولكن الشخص واحد. وبذلك يكون اليماني والمهدي الأول والقائم صفات لشخص واحد مذكور بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) اسمه أحمد. عن الإمام الباقر (عليه السلام): (… وإياك وشذاذ من آل محمد (عليهم السلام) فإن لآل محمد وعلي راية ولغيرهم رايات، فالزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه، فإن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين ثم صار عند محمد بن علي، ويفعل الله ما يشاء. فالزم هؤلاء أبداً، وإياك ومن ذكرت لك، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً، ومعه راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) عامداً إلى المدينة...)([139]). وفي الرواية ثلاث مواريث؛ العهد والراية والسلاح: أ. فأما عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله): فهي وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي جاء بها اسم ابن المهدي (أحمد)، وهو ابن صاحب الوصيات، وصاحب الوصيات هو الإمام المهدي (عليه السلام). عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال: (كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات، حتى تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات) ([140]). ب. وأما راية رسول الله (صلى الله عليه وآله): فهي البيعة لله، أي البيعة لمن نصبه الله (صاحب العهد)، وهو عكس مفهوم الديمقراطية والانتخابات وإقرار تنصيب الناس وكما يقره السنة حيث قالوا إن الأمر شورى، وأقره مؤخراً جميع علماء الشيعة واتبعهم الناس دون تدبر، فأضلوا الناس عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام). ج. وأما سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله): فهو القرآن، أي العلم به ومعرفته، فالذي يحمل سلاح رسول الله لابد أن يعرف محكمة من متشابهه وناسخه من منسوخه. فلا يحمل ويعرف ما في القرآن إلا أهل بيت النبوة؛ لأنهم عدل القرآن، وهما الثقلان ولا يفترقان هم (عليهم السلام) والقرآن حتى يردا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحوض كما في الحديث عنه (صلى الله عليه وآله). -خروج اليماني قبل السفياني: من ينتظر السفياني قبل اليماني فليطالع معي هذه الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، يقول: (يخرج قبل السفياني مصري ويماني) ([141]). وعند مقارنة هذه النصوص مع ما تقدم يتضح جلياً إن هذا الداعي اليماني الموعود (ملبياً دعوة الداعي)؛ لأنّ هذا الداعي واجب النصرة، ويدعو إلى الإمام المهدي (عليه السلام) (لأنه يدعو إلى صاحبكم)، (لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم)، (ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد)، (واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول)، (وتقبل رايات من شرقي الأرض... يسوقها رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، (فيها خليفة الله المهدي)، (فعليكم بالفتى اليمني يقبل من المشرق وهو صاحب راية المهدي)، (وأقبل رجل من المشرق برايات سود صغار قتل صاحب الشام فهو الذي يؤدي الطاعة إلى المهدي عليه السلام)، (يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق لو استقبلته الجبال لهدها واتخذها طرقاً)، (ولا تتبع منهم أحداً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين)، (أتاح الله رجل منّا أهل البيت)، (يخرج رجل من ولد الحسين (عليه السلام) من قبل المشرق)، (ثم يرفع لولد الحسين (عليه السلام) راية فيها الأمر). فهذا الشخص هو أحمد المذكور بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو شعار كنوز طالقان، وبالجمع بين كل هذه الروايات يتضح جلياً بأنّ صاحبها هو أحمد اليماني (عليه السلام). -من هو الخراساني ؟ وردت جملة من الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) ينص بعضها صراحة ويكتفي بعضها الآخر بالإشارة إلى القائم أنه (عليه السلام) يدخل العراق من جهة المشرق، الأمر الذي حير أفهام القوم أيما حيرة، لاسيما وأنهم لا يفرقون بين القائم بالسيف والإمام المهدي (عليه السلام) ويحسبونهما شخصاً واحداً. لقد رأى هؤلاء القوم في الأحاديث المشار إليها تناقضاً صارخاً مع ما هو راكز في أذهانهم من أن الإمام المهدي (عليه السلام) يدخل العراق من جهة الحجاز، وكان الحل الأسهل الذي لجأوا إليه هو تضعيف روايات الدخول من المشرق، مع إنّ هذا التضعيف لا يستند إلى حجة شرعية، ولا يعدو في حقيقته عن كونه قصوراً في فهم المراد من هذه الأحاديث، ولجأ بعضهم إلى تأويل هذه الأحاديث الواضحة لتتفق مع المفهوم الذي يحمله عن مسألة الظهور، وكل ذلك كان يتم - للأسف الشديد - على حساب الحقيقة. لقد غفل هؤلاء عن المنهج الصحيح الذي ينبغي لطالب الحق إتباعه، والمتمثل بإعطاء العقل دور الخادم لا دور السيد المتصرف بالنصوص، فإذا كان الفهم المرتكز في أذهانهم مصدره النصوص فإن الفهم الآخر مصدره النصوص أيضاً، ومن المؤكد أن النصوص لا تتناقض كما يتخرصون، وإنما يقع التناقض نتيجة الآليات المصطنعة التي لفقوها على حساب التسليم لأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) فصاروا هم أئمة الكتاب، لا إن الكتاب إمامهم. وسأقتبس هنا فقرة من كتاب (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي) للشيخ علي الكوراني، كأنموذج لطريقة القوم في التعامل مع حقائق النصوص، يقول الشيخ: (إنما فسرنا (مبدؤه من قبل المشرق) ويقصد ظهور المهدي (عليه السلام) بأنه مبدأ أمره، لأن ظهوره (عليه السلام) من مكة قطعي، فلابد أن يكون معناه مبدأ أمره وحركة أنصاره من جهة المشرق)([142]). هذا التفسير متهافت لدرجة تثير الاستغراب، حتى لو التزمنا بمجمل التصور الذي يلتزم به الشيخ لحركة الظهور، لأمور منها: 1. إن أكثر الأحاديث التي تقع ضمن إطار الموضوع تنص صراحة على أن القائم نفسه يبدأ حركته من المشرق، لا إن أصحابه فقط ينطلقون من هناك. 2. إن اليماني - وهو قائد الأصحاب بنص الروايات، وسفير للإمام كما ترجح للشيخ - يبدأ حركته من اليمن برأي الشيخ وليس من المشرق، ومعنى هذا إنه حتى على وفق تصور الشيخ لا يستقيم ما ذهب إليه في تفسيره على إطلاقه. 3. إن منشأ التعارض بين الأحاديث وهمي، إذ يمكن دفعه بالقول إن القائم الذي يشرع بحركته من المشرق شخص آخر غير الإمام المهدي (عليه السلام). ويذكر الشيخ الكوراني في كتابه عصر الظهور عن دور الخراساني فيقول: (ومع أن دور الإيرانيين في التمهيد للمهدي (عليه السلام) دور واسع وفعال، ولهم فضل السبق والتضحيات حيث يبدأ أمر المهدي (عليه السلام) بحركتهم ..... فما هو السبب في أن ثورة اليماني ورايته أهدى من ثورة الإيرانيين ورايتهم) ؟ فيعلق الكوراني قائلاً: (يحتمل أن يكون السبب في ذلك أن الأسلوب الإداري الذي يستعمله اليماني في قيادته السياسية وإدارة اليمن أصح وأقرب إلى النمط الإداري الإسلامي في بساطته وحسمه. بينما لا تخلو دولة الإيرانيين من تعقيد الروتين وشوائبه، فيرجع الفرق بين التجربتين إلى طبيعة البساطة والقبيلة في المجتمع اليماني، وطبيعة الوراثة الحضارية والتركيب في المجتمع الإيراني انتهى كلام الكوراني) ([143]). ويحق لنا التسائل: هل من عاقل يصدق هذا الكلام ؟ فهل إدارة اليمن هي من النمط الإسلامي ؟ وهل هي دولة متطورة مثل دولة الخراساني (إيران) ؟ وهل يعتقد الكوراني بأنّ اليمن هي دولة خالية من التعقيد والروتين وشوائبها ؟ وهل بلاد فارس لا تمتلك حضارة مثلما تمتلكها بلاد اليمن ؟ وهل البساطة والقبلية في المجتمع اليمني هي السبب لان يقود اليماني العالم من خلالها ؟ أترك الإجابة إلى الإخوة والأخوات فهذا هو التخبط بعينه !!! فالشيخ الكوراني وقع في مأزق تحليله بأن اليماني يظهر من اليمن فأراد أن يحل هذا المأزق فدس مقدمة غريبة بأن التجربة في إيران تمثل الروتين والتعقيد، فخلص إلى نتيجة أغرب منها بأن البساطة والقبلية في المجتمع اليمني هي السبب وراء نجاح ثورة اليماني الذي يشير إلى ظهوره من اليمن !!! ومثل ما يقول المثل الدارج: (أراد أن يكحلها فأعماها). إنّ الباحث المنصف لا يضع آرائه الشخصية مقابل النص الصريح المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، فجميع روايات أهل البيت تحدد لنا علائم الظهور والخروج ولم يتركوا صغيرة أو كبيرة إلا وأشاروا أو نصوا عليها بحيث تتضح في وقتها كالشمس في رابعة النهار، ومع ذلك يأتي بعض الكتّاب ليحرف الجهة الحقيقية التي أمرنا أهل البيت (عليهم السلام) بالالتحاق بها. لقد أشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى كنوز تخرج من بلاد فارس تنصر ولده المهدي (عليه السلام)، ولم يذكر لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) أي دور لجيوش اليمن أو قادة من اليمن ينصرون المهدي (عليه السلام) حال ظهوره، بل حتى حال خروجه، فكيف تسنى للشيخ الكوراني ولغيره التركيز على اليمن لمجرد ورود لفظ اسم اليماني فأخذوا الناس يميناً وشمالاً فضلوا وأضلوا من اتبعهم. -دور الرايات السود المشرقية: ولنستعرض بعض الروايات التي تشير إلى دور الخراساني ودور الرايات السود القادمة من بلاد المشرق والتي تنطلق من هناك لمحاربة السفياني القابع في العراق، إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي (أي لمبايعته) فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر (منطقة في جنوب إيران)، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه ([144]). وستجد بحث معركة اصطخر في نهاية طيات هذا الكتاب، فانتظر. ومعنى: (فيلتقي هو والهاشمي) يلتقي الإمام المهدي (عليه السلام) والهاشمي الخراساني قائد قوات الإيرانيين كما تنص الرواية أعلاه. أي أنّ جماهير الإيرانيين يخرجون في طلب الإمام المهدي (عليه السلام) لكي يبايعوه. وفي رواية أخرى: إنّ على مقدّمة جيش المهدي رجلاً من تميم ضعيف اللحية يقال له شعيب بن صالح ([145]). وفي مخطوطة ابن حماد ص84 عن محمد بن الحنفية، قال: (تخرج رايات سود لبني العباس، ثم تخرج من خراسان أخرى قلانسهم سود وثيابهم بيض، على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح من تميم، يهزمون أصحاب السفياني، حتى ينزل ببيت المقدس فيوطئ للمهدي سلطانه). عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر طويل، قال: (… وتقبل رايات من شرقي الأرض غير معلمة، ليست بقطن ولا كتان ولا حرير، مختوم في رأس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، تظهر بالمشرق وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأزفر، يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم، فبينما هم على ذلك إذ أقبلت خيل اليماني والخراساني تستبقان كأنهما فرسي رهان، شعث غبر جرد أصلاب نواطي وأقداح، إذا نظرت أحدهم برجله باطنه فيقول: لا خير في مجلسنا بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون، وهم الأبدال الذين وصفهم الله في كتابه العزيز "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين") ([146]). وخطاب أمير المؤمنين (عليه السلام) صَدَرَ من الكوفة أي من العراق، يقول (عليه السلام) تظهر الراية بالمشرق، وهذا يعني في بلاد فارس (إيران)؛ لأنها تمثل جهة الشرق بالنسبة للكوفة، ثم يشير أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن ريحها يظهر بالمغرب، وهي إشارة إلى بلاد الشام مما يدل على وجود أنصار للإمام المهدي (عليه السلام) في بلاد الشام وهم أبدال الشام. ظهور رجل من قم يدعو الناس إلى الحق يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد، لا تزلهم الرياح والعواصف لا يملون من الحرب ولا يجبنون وعلى الله يتوكلون والعاقبة للمتقين ([147]). وهناك روايات كثيرة من كتب أبناء العامة (السُنة) تشير على أن الخروج يبدأ من الشرق، ولم تُشِر إلى جهة اليمن لا من بعيد ولا من قريب، وإليكم هذه الرواية: (المهدي مبدأه من المشرق) مسند أحمد، وسنن الترمذي، والبيهقي في الدلائل. أي تبدأ عملية الظهور من المشرق، من قبل بلاد فارس. (تخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء القدس) ([148]). وهي تشير إلى أن الجيش الذي ينطلق مع الإمام يبدأ تحضيره في إيران، ويكون هو الجيش الذي يتوجه مع الإمام إلى الكوفة ومن ثم إلى القدس. وردت في شرح إحقاق الحق الرواية الآتية: (... فيخرج الله على السفياني من أهل المشرق وزير المهدي، فيهزم السفياني إلى الشام) ([149]). على ضوء هذا الكلام وغيره يتبين أن الذي يقاتل السفياني ويهزمه هو وزير الإمام المهدي (عليه السلام)، وهذا الوزير هو قائد المشرقيين. أقول: معلوم أن منصب الوزارة من نصيب الأوصياء، فهارون كان وزيراً لموسى، وأمير المؤمنين كان وزيراً لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، والإمام المهدي (عليه السلام) وزيره (أحمد) ولده ووصيه بنص وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله). ويؤكده ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الهيم بن عبد الرحمان، حدثني من سمع علياً (عليه السلام) يقول: (… ويخرج قبله (يقصد الإمام المهدي) رجل من أهل بيته بأهل الشرق ويحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر …) ([150]). فهذه الرواية نصت على أن وزير الإمام المهدي هو رجل من أهل بيته، في إشارة واضحة إلى ولده (المهدي الأول). وعن السيد ابن طاووس في ملاحمه: (إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج، فإن فيها خليفة المهدي) ([151]). ويوجد هذا الحديث في الملاحم والفتن بلفظ (خليفة الله المهدي) حسب نسخة معجم مكتبة أهل البيت (عليهم السلام)، ولكنه موجود في بعض كتب العامة، ومنهم من ذكره بلفظ (خليفة الله المهدي) ومنهم من ذكره بلفظ (خليفة المهدي)، وذكر باللفظ الأخير في كل من: ميزان الاعتدال للذهبي ج3 ص128 نقلاً عن مسند احمد، والموضوعات لابن الجوزي ج2 ص39، وغيرها مع اختلاف في باقي النص ولكن المضمون واحد. هذه الرواية أضافت تفصيلاً جديداً على المشهد، اتضح من خلاله أنّ وزير المهدي، والرجل من أهل بيته هو خليفته، أي وصيه (فخليفة المهدي) كما تعلمون لا يأتي بالانتخابات الديمقراطية، وإنما وفق مبدأ التنصيب الإلهي، ومعلوم أن بعد الحسن والحسين لا تجتمع الإمامة في أخوين، وإنما هي في الأولاد. ومثل الحديث المتقدم ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا تصير الى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونهم قتالاً لا يقاتله قوم، ثم ذكر شاباً فقال: إذا رأيتموه فبايعوه فإنه خليفة المهدي) ([152]). وقد وردة كلمة شاب بلفظ (شيئاً) وكذلك في بشارة الإسلام في موضع آخر بلفظ (شيئاً) والظاهر أنها مصحفة، وعلى أي حال فالشيء لابد أن يكون إنساناً لكي تصح بيعته فلا بيعة للجماد. أقول: كما أشرت للمصادر أعلاه فقد وردت لرواية (خليفة المهدي) صورة أخرى في ذيلها (فإنه خليفة الله المهدي)، وهذه الصورة لا تغير في الأمر شيئاً، إذ طالما كان المقطوع به هو خروج الإمام المهدي (عليه السلام) من مكة، فلابد إذن من حمل تعبير (خليفة الله المهدي) على غير الإمام المهدي (عليه السلام)، وهو أمر لا يحتار فيه المتتبع، بعد أن تكفلت وصية رسول الله ببيان حقيقة أن (أحمد) له ثلاثة أسماء أحدها (المهدي). ولكي يتضح هذا الأمر أكثر أنقل الرواية الآتية عن غيبة الطوسي ص464، عن عمار بن ياسر ... إلى قوله: (ثم يخرج المهدي (عليه السلام) على لوائه شعيب بن صالح ،... الخ). وذكر نعيم بن حماد في مخطوطته من علامات وصول السفياني إلى الكوفة. قال: أخبرنا نعيم، حدّثنا الوليد ورشدي، عن أبي لهيعة، حدّثني أبو زرعة، عن أبي رزين، قال: (إذا بلغ السفياني الكوفة وقتل أعوان آل محمد (صلى الله عليه وآله) خرج المهدي (عليه السلام) على لوائه شعيب بن صالح). ولو تساءلنا الآن: أي مهدي تقصده الرواية ؟ تجيبنا الرواية الآتية؛ عن محمد بن الحنفية، قال: (تخرج راية سوداء لبني العباس، ثم تخرج من خراسان سوداء أخرى قلانسهم سود، وثيابهم بيض، على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح، أو صالح بن شعيب من بني تميم يهزمون أصحاب السفياني، حتى تنزل بيت المقدس توطئ للمهدي سلطانه، يمد إليه ثلاث ماية من الشام، يكون بين خروجه وبين أن يسلم الأمر للمهدي إثنان وسبعون شهراً) ([153]). هذه الرواية تصرح بأن شعيب بن صالح، والرايات السود، يوطئون للمهدي سلطانه، ويسلمونه الأمر بعد اثنين وسبعين شهراً. إذن، فالمهدي الذي تشير له الرواية الأولى الذي يأتي مع الرايات السود، مهدي آخر. ويوضحه أكثر الرواية الآتية الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (... حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون. فمن أدركه منكم، أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي، ولو حبواً على الثلج، فإنها رايات هدى، يدفعونها الى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما) ([154]). فالرسول (صلى الله عليه وآله) يصف قائد الرايات السود بأنه (إمام أهل بيتي)، وهو غير الإمام المهدي الذي يدفعونها له. أي إن قائد الرايات السود هو إمام، وهو من أهل البيت، وهو غير الإمام المهدي، فلا شك إنه وصي الإمام المهدي (عليه السلام)، وولده (أحمد عليه السلام). أقول: وهذه الرواية توضح ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): (كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا، ولا يدفعونها إلاّ الى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر) ([155]). (فصاحب هذا الأمر) الذي تشير له الرواية هو نفسه (إمام أهل بيتي)، أي إنه (المهدي الأول) أو اليماني. وقوله: (لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر) إشارة إلى ضرورة أتباع اليماني. -معركة اصطخر: اصطخر؛ اسم لمنطقة حدودية بين العراق وإيران، وبالتحديد جنوب العراق، وهي بوابة بحرية محاذية بين حدود البصرة في العراق وحدود جنوب إيران، واقترن اسمها بمعركة تحصل بين جيش السفياني وخيوله وبين أهل خراسان (إيران)، وإصطخر مدينة قديمة في جنوب إيران في منطقة الأهواز، كانت عامرة في صدر الإسلام، وما زالت آثارها قرب مدينة (مسجد سليمان). والأهم في هذه المعركة حضور الإمام المهدي (عليه السلام) وقت نشوب هذه المعركة. جاء في مخطوطة ابن حماد ص86: عن علي (عليه السلام)، قال: (إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح. فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني. فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه). واصطخر معركة أشبه ما تكون بأنها معركة بحرية، أو بمعنى آخر تبدأ المعركة بقتال تقوده أساطيل بحرية، ولا حاجة للتدقيق بالأمر فأساطيل الدجال الأكبر أمريكا وحلفائها يحشدون السفن الحربية والفرقاطات المقاتلة وحاملات الطائرات والغواصات في منطقة الخليج، وما المناورات البحرية الضخمة التي جرت في المحيط الأطلسي بين القوات البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية تحت عنوان (عملية بريمستون)، والتي تدربت خلالها قوات الحلفاء على تنفيذ حصار بحري متوقع ضد إيران إلا دليل على الإقدام على هذه المعركة، فقد توجهت الأساطيل المشاركة في المناورات إلى مياه الخليج، في ما يوحي بإجراء محتمل ضد دولة إيران. وتقود الأساطيل البحرية حاملة الطائرات التي تعمل على الطاقة النووية (يو أس أس تيودور روزفل) والتي، إلى جانب الطائرات الثمانين التي تنقلها عادة، أضافت عدداً من طائرات (رافال) المقاتلة الفرنسية التي كانت تعمل على حاملة الطائرات (شارل ديغول) التي تخضع حالياً لعملية صيانة دورية في فرنسا. كما توجهت إلى مياه الخليج الحاملة (يو أس أس رونالد ريغان) التي تعمل على الطاقة النووية أيضاً، والحاملة (يو أس أس أيو جيما)، وحاملة الطائرات البريطانية (أتش أم أس أرك رويال) إلى جانب عدد من القطع البحرية الفرنسية بما فيها الغواصة النووية (أميتيست) بالإضافة إلى الحشود والقطعات البحرية المتواجدة وفور وصول هذه الأساطيل إلى مياه الخليج، ستنضم إلى حاملتي الطائرات العاملتين في المنطقة وهما (يو أس أس أبراهام لينكولن) و (يو أس أس بيليليو)، وبين فترة وأخرى تبدل حاملة طائرات بأخرى، وقطعات بحرية بأخرى، ولكن العدد بتزايد ووتيرة شحن المواقف السياسية ضد إيران تزداد طردياً مع تزايد تلك القطعات. إذن، العدد يتزايد يوم بعد يوم، فأمريكا علت في الأرض وجعلت أهل الأرض شيعاً كما علا فرعون من قبل. ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾([156]). من جهة أخرى تحرك القطعات البريطانية لتتخذ لها مواقع على حدود شط العرب الفاصل بين البصرة وحدود إيران، وهي سابقة وخطوة لم تقدم عليها قوات التحالف طيلة مرحلة الاحتلال المستمر ولستة أعوام، وكيف يتسنى لها ذلك دون إعداد مسبق، ولندقق في بعض الجوانب التي ربما خفت عن بعضهم: 1. إثارة الفتن في العراق للتهيئة لتلك المعركة وهذا لا يحتاج منا بيان. 2. تجييش الجيوش في هذه المنطقة وإعداد الترسانة العسكرية القادرة على محاصرة إيران من كل الجوانب الحدودية البرية والبحرية ابتداءً من أفغانستان والخليج العربي والعراق. 3. تصريحات دول الخليج المتكررة الجوفاء بأن إيران الشيعية تعبث في بلدانهم، وما تحريك دولة الإمارات على الجزر ومن بينها جزيرة أبو موسى ورفع صوتهم عالياً بعد أن صمتوا دهراً إلا بدفع من أسيادهم أيضاً كدليل على تهيئة المنطقة للقادم وتحميل دول الخليج أعباء شن الحرب على إيران. 4. الضرب على وتر حساس، وهو أنظمة الطرد المركزي في المفاعلات النووية التي تملكها إيران لتخصيب اليوراينيم، وهو حق مشروع لإيران بأن تعتمد على نفسها بإنتاج الطاقة وتسخيرها لخدمة شعبها بشكل خاص وشعوب المسلمين بشكل عام، وهذا مما لا يقبله الأمريكان وعملائهم. 5. محاولة تغيير الوضع بين أعداء إسرائيل المفترضين الذين ممكن أن يعكروا صفو المنطقة في حال تم ضرب إيران جوياً وعن طريق البحر، وهذا ما حصل في سورية وقد نجح الأمر، وما هي إلا مسالة وقت حتى يتسلق سفياني الشام إدارة دفة الحكم ويكون بيد أمريكا، وبهذا يتم تحجيم مساعدات النظام السوري إلى حزب الله، وللحد من قوة حزب الله في لبنان بعد انتهاء النظام الحاكم في سوريا. 6. خروج تنظيم القاعدة الغريب بظهور علني في شاشات التلفاز على أنهم يهددون الصين بعمليات انتحارية تستهدف جميع منشآتهم، وذلك لإذلالهم المسلمين في بلادهم بسبب الاولمبيات، وهذه حركة مفبركة ومضحكة وواضحة من المخابرات الأمريكية؛ لتأليب الرأي العام الصيني أولاً، والرأي العام العالمي على الإسلام وأنه دين الإرهاب. وبنفس الوقت جعل الصين تقف جنباً إلى جنب لمحاربة الإسلام أو على الأقل السكوت حين يضرب المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها. 7. وصول أساطيل بحرية إلى الخليج العربي وإلى العراق لم تعهد المنطقة لمثلها حتى أثناء حرب الخليج الأولى والثانية، ولمن له دراية عسكرية يعلم جيداً بأن تحرك قطعات برية بسيطة يرصد له تكلفة كبيرة، فكيف والحال أساطيل بحرية من حاملات الطائرات والفرقاطات وغواصات التي تعمل بالطاقة النووية. ونعود إلى الرواية المذكورة في مخطوطة ابن حماد، حيث فيها مرتكز وهو حضور الإمام المهدي (عليه السلام) الواضح في هذه المعركة؛ لأن الناس يتمنوه ويطلبونه لما لاقوه من ويلات من الدجال الأكبر أمريكا وعملائها الخونة المتلبسين بلباس الدين أخزاهم الله. ولعل قائل يقول المقصود بـــ (فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني. فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه). يتمنى الناس المهدي ويطلبونه والتمني كناية عن الدعاء بطلب ظهور المهدي (عليه السلام) .... وهل يطلب الناس رجلاً غير ظاهر !!! ونقول: ماذا عن خروج أهل خراسان في طلب المهدي، (ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح)، وهل يخرج الناس إلا للحوق بالمطلوب !!! ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه. ومعنى: (فيلتقي هو والهاشمي) يلتقي المهدي (عليه السلام) والهاشمي الخراساني قائد قوات الإيرانيين كما تنص الرواية أعلاه. أي أن جماهير الإيرانيين يخرجون في طلب المهدي (عليه السلام) لكي يبايعوه. عن أبي جعفر، قال: (يبث السفياني جنوده في الآفاق بعد دخوله الكوفة وبغداد, فيبلغه [فزعة] من وراء النهر من أهل خراسان [فيقبل أهل المشرق عليهم قتلا ويذهب بجيشهم فإذا بلغه ذلك بعث جيشا عظيما إلى اصطخر] عليهم رجل من بني أمية , فيكون لهم وقعة [بقومس], ووقعة [بدولات] الري ووقعة بتخوم زريح, فعند ذلك [يأمر السفياني بقتل أهل الكوفة و أهل المدينة, ثم ذلك تقبل الرايات السود من خراسان, على جميع الناس شاب من بني هاشم , بكفه اليمنى خال يسهل الله أمره وطريقه) ([157]). وتذكر رواية أخرى في مخطوطة ابن حماد ص86 أن السفياني في غزوه العراق (يبث جنوده في الآفاق) وهو إشارة إلى سعة نشر قواته في العراق وعلى الحدود العراقية الإيرانية، وهذا مما يدل على وجود قوات بحرية للسفياني وحلفائه الروم في الخليج، وهنا بيت القصيد تجمع كل هذه القوافل البحرية للاستعداد لمعركة اصطخر القادمة لا محال والله العالم. ولكن مع وجود هذه العوامل، توجد روايات تتحدث عن معارك لقوات السفياني في العراق تخوضها هذه المرة مع القوة الموحدة للإمام المهدي (عليه السلام)، حيث يعين شعيب بن صالح قائداً عاماً لقواته (عليه السلام) المتكونة في معظمها من قوات الإيرانيين واليمانيين، (واليمانيين لا تعني بأنهم من أهل اليمن، بل تعني انتسابهم إلى قائدهم اليماني صاحب لواء الإمام المهدي عليه السلام). وهناك روايات تؤكد حصول هذه المعركة؛ لأنها بداية انتصار الإمام المهدي على الدجال الأكبر وأعوانه المتلبسين بلباس الدين المتمثلين بالفقهاء الخونة والسلاطين الطغاة الذين أعانوا الدجال الأكبر؛ ليعلو في الأرض، وبما أن المعركة ستكون بحرية وعلى ضفاف البحر فمن تمسك بلواء المهدي (عليه السلام) نجى وسلم، وهلك من تبع فرعون وجنوده. ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ ([158]). فهلاك فرعون وهامان وقارون قريب بإذن الله، والبداية هي اصطخر، ولا ينجو من فرعون وجنوده إلا من وفى بعهد الله واتبع الحق ورفض دستور وانتخابات أمريكا، ومن يهرول خلفها ومن قبلها، والنجاة لمن قتل وشرد واضطهد ودافع عن الحق وعن الصراط المستقيم المتمثل بحجة الله الإمام المهدي (عليه السلام). ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ ([159]). فهذه دعوة لكل المسلمين بأن يطلبوا المهدي ويلتحقوا بركبه؛ لأنه هو النجاة ولا نجاة بغيره، وسيرث الله الأرض للذين استضعفوا والذين صبروا وجاهدوا لإعلاء كلمة الحق (حاكمية الله) لا (حاكمية الناس)، وقبول من نصبه الله لا من نصبه الناس بانتخابات وديمقراطية أمريكا المستوردة ومن كان عون لهم من العلماء غير العاملين ومن لف لفهم بإجبار الناس على قبول دستور وضعي وضع أسسه نوح فليدمان يهودي أمريكي ([160]) !! ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ ([161]). -الموت الشديد والزلازل عندما يظهر المهدي (عليه السلام): ذكر لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) روايات كثيرة عن حدوث الزلازل بآخر الزمان، وهي من العلامات الواضحة الحاصلة بين يدي الإمام المهدي (عليه السلام)، ونبهنا الله في كتابه الكريم، حيث قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ ([162]). تحدث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) عن آخر الزمان، ومن جملة ما قال: عن سلمة بن نفيل السكوني، قال: كنا جلوساً عند النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يوحى إليه، فقال: (إني غير لابث فيكم ولستم لابثين بعدي إلا قليلاً، وستأتوني أفناداً يفني بعضكم بعضاً وبين يدي الساعة موت شديد وبعده سنوات الزلازل) ([163]). الرواية تشير إلى نقطتين أساسيتين عن اقتراب الساعة: 1. موت شديد: وانظر من حولك واقرأ الصحف وانظر من على شاشات التلفاز هل ترى إلا الموت الشديد الذي يفتك بالناس، وأوضح صورة له ما يحصل في العراق من موت شديد؛ لأنّ العراق أول من يكذب المهدي (عليه السلام) بقولهم: ارجع يا بن فاطمة لسنا بحاجة إليك إن الدين بخير. 2. سنوات الزلازل: تتحدث الرواية بأن بعد الموت الشديد ستكون سنوات فيها زلازل، وهذا ما يحصل الآن في العراق، فأرض الرافدين لم تكن يوماً من الأيام وعبر العصور منطقة زلازل !!! أما الآن فقد حصلت هزات أرضية كثيرة لم يعهدها الناس من قبل، وستحصل زلازل كثيرة وستكون أوضح من سابقتها؛ لأنّ الله يمهل ولا يهمل، لعل الناس تعود إلى فطرتها السليمة وتسأل نفسها لماذا كل هذا العذاب النازل بنا مع كل هذا الفساد والإفساد في مشارق الأرض ومغاربها أكثر وأوضح مما هو في بلدنا، ونقول لهم السبب ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ ([164]). قد أرسل لكم رسول ينذركم ويدعوكم للالتحاق بالإمام المهدي (عليه السلام) ولكنكم كذبتم به، فالعذاب لا ينزل إلا بتكذيب الرسل والقادم أكبر لو كنتم تعلمون. قال عيسى (عليه السلام): (سآتي أيضاً وآخذكم). (ليكن احقاؤكم ممنطقة, وسرجكم موقدة, وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم حتى يرجع من العرس, حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت طوبى لهؤلاء العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين ...) ([165]). طوبى للساهرين الذين احقاؤكم ممنطقة، وسروجهم موقدة، ينتظرون سيدهم فقد قرع الأبواب، وصدح بدعوة الحق، ومد يد لكل الناس لانتشالهم من الضيم والظلم والقهر، ومد يد لقتال السفياني لعنه الله الذي أصبح على الأبواب، وقد قرع طبول الحرب فهل من مجيب. ﴿لَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ ([166]). والحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.Footers
[1] إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج2 ص119.
[2] روضة الكافي: ح22.
[3] - التوبة: 33.
[4] - بحار الأنوار: ج52 ص210.
[5] كمال الدين وتمام النعمة: ص655
[6] بحار الأنوار: ج52 ص240
[7] - مئتان وخمسون علامة: ص122.
[8] - كتاب الفتن - لنعيم بن حماد: ص184، كنز العمال - للمتقي الهندي: ج11 ص277 برقم 31511، معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): ج3 ص275.
[9] - بحار الأنوار: ج53 ص59 – 60.
[10] - بشارة الإسلام: ص71.
[11] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص278.
[12] - مائتان وخمسون علامة: ج1 ص115.
[13] - المصدر إلزام الناصب: ج2 ص171.
[14] ماذا قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن آخر الزمان - السيد علي عاشور.ينابيع المودة: ج1 ص213 ح17.
[15] - الأنبار: مدينة تقع على نهر الفرات غربي بغداد، بناها سابور ذو الأكتاف. وجدّدها أبو العباس السفاح، وأقام فيها حتى مات، وسميت الأنبار لأنها موضع أنابير الحنطة والشعير (معجم البلدان: ج1 ص367).
و (هيت): مدينة أيضاً تقع على الفرات فوق الأنبار (معجم البلدان: ج4 ص 997).
[16] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص150. وجاء في هامش الكتاب ص150 شرح لبعض المفردات: (الصيلم: الداهية. المراد من الشراة الخوارج الذين زعموا أنهم يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله).
[17] - بحار الأنوار: ج83 ص81.
[18] - أقرأ ما جاء في الرابط التالي: http://www.aljewar.org/print-9330.aspx
[19] - بحار الأنوار: ج65 ص176.
[20] - إلزام الناصب: ص296.
[21] - بحار الأنوار: ج45 ص51.
[22] - الأحزاب: 23.
[23] - فاطر: 43.
[24] - الإرشاد - الشيخ المفيد: ج2 ص384.
[25] - الأحزاب: 62.
[26] - الفتح: 23.
[27] - عصر الظهور- الشيخ الكوراني: ص125.
[28] - بحار الأنوار: ج52 ص186.
[29] - العذراء: سهل قرب دمشق دفن فيه معاوية (لعنه الله) حجر بن عدي وأصحابه أحياء لأنهم يوالون علياً (عليه السلام).
[30] - بحار الأنوار: ج52 ص224؛ إلزام الناصب: ص176.
[31] - الرجعة - للاسترآبادي: ص100.
[32] - مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي: ص264.
[33] - بشارة الإسلام: ص305.
[34] - بشارة الإسلام: ص334؛ بحار الأنوار: ج52 ص387.
[35] - بشارة الإسلام: ص335.
[36] - مدينة من مدن النجف في العراق.
[37] - بحار الأنوار: ج52 ص 386.
[38] - بحار الأنوار: ج52 ص272.
[39] - بحار الأنوار: ج53 ص81.
[40] - كتاب الغيبة - للطوسي: ص294.
[41] - كتاب الغيبة - للطوسي: ص305 وص299 وص454 وص470؛ بحار الأنوار: ج52 ص291؛ معجم أحاديث الإمام المهدي - للشيخ الكوراني: ج1 ص453؛ الخرائج والجرائح - لقطب الدين الراوندي: ص1149.
[42] - بحار الأنوار: ج52 ص215.
[43] - بشارة الإسلام: ص335.
[44] - أبو مصعب الزرقاوي أو أحمد فاضل نزال الخلايلة. (قاد معسكرات تدريب لمسلحين في افغانستان. اشتهر بعد ذهابه إلى العراق لكونه مسؤولا عن سلسلة من الهجمات والتفجيرات في العراق. أسس ماسمي بتنظيم "التوحيد والجهاد" في التسعينيات والذي ظل زعيمه حتى مقتله في يونيو 2006. كان الزرقاوي يعلن مسؤوليته عبر رسائل صوتية ومسجلة بالصورة عن عدة هجمات في العراق بينها تفجيرات انتحارية، وإعدام رهائن. عرف لاحقا بزعيم تنظيم مايسمي "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" الذي هو فرع تنظيم القاعدة في العراق، بعد أن "بايعت" جماعة "التوحيد والجهاد").
[45] - بحار الأنوار: ص205 ج52 باب25 - علامات ظهوره صلوات الله عليه.
[46] - مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي: ص264.
[47] - البقرة: 167.
[48] - بحار الأنوار: ج52 ص215.
[49] - بحار الأنوار: ج53 ص81.
[50] - بحار الأنوار: ج52 ص187.
[51] - الخرائج والجرائح: ج3 ص1150.
[52] - البقرة: 155.
[53] - بحار الأنوار: ج52 ص203.
[54] - بحار الأنوار: ج6 ص307 ح6.
[55] - الروم: 41.
[56] - الأنبياء: 2.
[57] - الإسراء: 15.
[58] - الأعراف: 174.
[59] - النور: 21 .
[60] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج2 ص119.
[61] مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي: ج1 ص454.
[62] - مكارم الأخلاق - الشيخ الطبرسي: ص450 - 451.
[63] إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري: ج2 ص106.
[64] - بحار الأنوار: ج1 ص224؛ عدة الداعي: ص70.
[65] - أصول الكافي: ج1 ص46؛ بحار الأنوار: ج2 ص110.
[66] - بحار الأنوار: ج52 ص363.
[67] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص258.
[68] - البرهان: ج10 ص120؛ أصول الكافي باب التقليد: ج1 ص53 ح1.
[69] ينابيع المودة: ج3 ص 215.
[70] - معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) - الشيخ الكوراني: ج1 ص442.
[71] - كلب قبيلة مسيحية معروفة، فربما المراد بالناجين - الذين وصفوا بأنهم من قبيلة مسيحية - إنهم من الأمريكان الدجال الأكبر.
[72] مختصر بصائر الدرجات: ج1 ص207.
[73] - قطربل: بالضم ثم السكون ثم فتح الراء، وباء موحدة مشددة مضمومة، ولام، وقد روي بفتح أوله وطائه، وأما الباء فمشددة مضمومة في الروايتين، وهي كلمة أعجمية: اسم قرية بين بغداد وعكبرا ينسب إليها الخمر، وما زالت متنزها للبطالين وحانة للخمارين، وقد أكثر الشعراء من ذكرها، معجم البلدان: ج4 ص371. والصراة: (لصراة: بالفتح، قال الفراء: يقال هو الصرى والصرى للماء يطول استنقاعه، وقال أبو عمرو: إذا طال مكثه وتغير، وقد صري الماء، بالكسر، وهذه نطفة صراة، وهما نهران ببغداد: الصراة الكبرى والصراة الصغرى،...) معجم البلدان: ج3 ص399.
[74] - بحار الأنوار: ج18 ص113.
[75] - بحار الأنوار - العلامة المجلسي: ج52 ص222.
[76] - الأحزاب: 62.
[77] - بحار الأنوار: ج52 ص190 ح21.
[78] - الفتوح المكية: ج3 ص327.
[79] - كنـز العمال - المتقي الهندي: ج11 ص 144.
[80] - بحار الأنوار: ج69 ص223.
[81] - بحار الأنوار: ج52 ص 386.
[82] - إبراهيم: 47.
[83] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص262.
[84] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص265.
[85] - لقد أثبتت إصدارات أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) وحدة شخصية اليماني والقائم (عليه السلام)، فراجع.
[86] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص264.
[87] بحار الأنوار: ج52 ص217.
[88]
[89] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص317.
- الصراط المستقيم - النباطي العاملي: ج2 ص250.
[90] بحار الأنوار: ج52 ص272.
[91] - محمد: 38.
[92] - جامع البيان - الطبري: ج5 ص431.
[93] - محمد:38.
[94] كتاب الفتن نعيم بن حماد المروزي: ج1 ص237. http://islamport.com/d/1/akh/1/50/376.html
[95] - الزخرف: 23.
[96] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص220.
[97] - الفتن - نعيم بن حمّاد: ص301 الحديث 1155 .
[98] - كتاب الملاحم والفتن – لابن طاووس.
[99] - كتاب الملاحم والفتن، سنن أبي داود: ج4 ص106 – 107 ح4282؛ مسند أحمد: ص622 ح3563 و ص710 ح4087.
[100] - الملك: 1 - 2.
[101] - الأنفال: 37.
[102] كتاب الغيبة - للنعماني: ص210.
[103] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص211.
[104] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص211.
[105] - فقه علائم الظهور: ص28.
[106] عصر الظهور: ص113.
[107] - معجم أحاديث الإمام المهدي - الشيخ الكوراني: ص616.
[108] - معجم أحاديث الإمام المهدي - الشيخ الكوراني: ص620.
[109] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص277.
[110] - كمال الدين - الشيخ الصدوق: ص331.
[111] - بحار الأنوار: ج51 ص162.
[112] - المهدي المنتظر الموعود: باب 2 ص107.
[113] - وعن عبد الله بن عمر، قال: (يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق لو استقبلته الجبال لهدها واتخذها طرقاً) الملاحم والفتن: باب75.
[114] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص316.
[115] - الكافي: ج1 ص416.
[116] - معجم أحاديث الإمام المهدي - الشيخ الكوراني: ص349.
[117] شرح إحقاق الحق: ج29 ص515.
[118] - لوامع الأنوار البهية: ج2 ص79.
[119] - بشارة الإسلام: ص93 نقلا عن كتاب الغيبة للنعماني؛ بحار الأنوار: ج52 ص210.
[120] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص262 – 265.
[121] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص288 – 289.
[122] - الإرشاد - الشيخ المفيد: ج2 ص372 – 373.
[123] - معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): ج3 ص275.
[124] كتاب الفتن لنعيم بن حماد: ص173 – 174؛ معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): ج3 ص275 – 276.
[125] شرح إحقاق الحق - للسيد المرعشي: ج29 ص566 – 572.
[126] - مريم: 59.
[127] - آل عمران: 34.
[128] - بشارة الإسلام: ص30.
[129] - كتاب الغيبة - للطوسي: ص150؛ وفي بحار الأنوار: ج36 ص260؛ وبحار الانوار: ج53 ص148؛ مختصر بصائر الدرجات - للحلي: ص39؛ مكاتيب الرسول – للميانجي: ج2 ص96.
[130] - كتاب الغيبة - للطوسي: ص454.
[131] - بحار الأنوار: ج 53 ص148؛ البرهان: ج3 ص310؛ كتاب الغيبة - للطوسي: ص385.
[132] - بحار الأنوار: ج53 ص145؛ ومختصر بصائر الرجات: ص49.
[133] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص215. (والحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة)؛ بحار الأنوار: ج 51 ص 40.
[134] - بشارة الإسلام: ص148.
[135] - بشارة الإسلام: ص181.
[136] كتاب المتشابهات - أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي (عليه السلام) 21/ ربيع الثاني/ 1426 هـ: ج4 سؤال رقم 144.
[137] منتخب الأنوار المضيئة: ص343.
[138] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص115.
[139] - بحار الأنوار: ج52 ص223.
[140] - الإرشاد - الشيخ المفيد: ج2 ص 376.
[141] - بحار الأنوار: ج52 ص210.
[142] - المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي: ص595 – 596.
[143] اليمن ودورها في عصر الظهور: http://www.alameli.net/books/?id=2162
[144] مخطوطة ابن حماد: ص86.
[145] - ابن حماد: ص86.
[146] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: ج2 ص103.
[147] بحار الأنوار: ج6 ص296.
[148] - الملاحم والفتن: ص43.
[149] شرح إحقاق الحق: ج29 ص620.
[150] الملاحم والفتن - السيد بن طاووس: ص66.
[151] - الملاحم والفتن: ص52.
[152] بشارة الإسلام: ص30.
[153] - المعجم الموضوعي: ص594؛ كتاب الفتن - نعيم بن حماد: رقم الحديث884.
[154] - المعجم الموضوعي: ص597.
[155] - كتاب الغيبة - للنعماني: ص281.
[156] - القصص: 4.
[157] كتاب الفتن - نعيم بن حماد المروزي: ص١٩٢.
[158] - البقرة: 50.
[159] - البقرة: 49.
[160] تخرّج من كلية الحقوق جامعة هارفارد وعمل أستاذاً للقانون في جامعات مرموقة مثل Yale و New York Law School و Harvard حاصل على الدكتوراة في “الفكر الإسلامي” من جامعة أوكسفورد، إنضم لكتلة المحافظين الجدد (بقيادة ديك شيني وجورج بوش الأصغر) وبعد غزو العراق تم تعينه مستشاراً للحاكم الأمريكي بول بريمر. برغم من عدم وجود أي دور رسمي له، إلا أنه توجد قناعة لدى جميع الأكاديمين والسياسيين أنه هو المهندس الحقيقي للدستور العراقي الجديد. كما أن جميع الأصابع تشير له كصاحب فكرة المحاصصة في العراق (شيعة، سنة، وأكراد). وهي أمور لم ينفها فيلدمان نفسه وإن لم يؤكدها أيضا. ولكن ما حدث من هيكلة سياسية ودستورية في العراق هي نسخة كربونية من كتابات فيلدمان المنشورة، بحيث يستحيل نفي أن يكون له دور أساسي فيها. للدكتور فيلدمان كتابات عديدة في الفكر والتاريخ والحاضر السياسي في العالم العربي والإسلامي، لكن أهم هذه الكتابات على الإطلاق هو كتاب (سقوط وصعود الدولة الإسلامية) سنة ٢٠٠٨. The Fall and Rise of the Islamic State
[161] - الأعراف: 137.
[162] - الحج:1.
[163] - صحيح ابن حبان: ج15 ص180.
[164] - الإسراء: من الآية 15.
[165] - لوقا:12 (25 – 37).
[166] - الأعراف: 52 – 53.